آخر 10 مشاركات
[تحميل] مهلاً يا قدر ،للكاتبة/ أقدار (جميع الصيغ) (الكاتـب : Topaz. - )           »          At First Sight - Nicholas Sparks (الكاتـب : Dalyia - )           »          مهلاُ يا قدر / للكاتبة أقدار ، مكتملة (الكاتـب : لامارا - )           »          وكانت زلة حياتي(111)-قلوب شرقية[حصريا]للكاتبةفاطمةالزهراء عزوز*الفصل14ج1**مميزة* (الكاتـب : Fatima Zahrae Azouz - )           »          عروس دراكون الهاربة(157)للكاتبة:Tara Pammi(ج3من سلسلة آل دراكون الملكيين)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          إِفْكُ نَبْض (2) *مميزة & مكتمله* .. سلسلة عِجَافُ الهوى (الكاتـب : أمة الله - )           »          Wed for the Spaniard's Redemption by Chantelle Shaw (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          صدمة الحمل(32)للكاتبة:Lynne Graham(الجزء الأول من سلسلة طفل دراكوس) *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          سحر الانتقام (13) للكاتبة المُبدعة: بيـــــان *كاملة & مميزة* (الكاتـب : ورد احمر - )           »          أزهار قلبكِ وردية (5)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree626Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-02-21, 05:24 PM   #51

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


جمعة مباركة💕.. روايتك جميلة جدا ومشوقة قريتلك الوعم وكانت رووعة.. القفلة الاخيرة مرعبة مسكينة صفاء برغم انها الضحية لكن الكل حيحملها المسؤولية للاسف😢 واولهم ابوها واهل جوزها ومحسن كمان مع انه السبب في كل الي حصل بس حيطلع نفسه مجتمع غريب للاسف.. كريم حاسة انه حيخذل مرام بس الي متاكدة منه ان مرام مش حتسامحه هو مراهن علي، حبها ليه اتمنى انه يكون عاقل ومايضيع من ايده جوهرة زي مرام عشان وحدة تافهة سابته قبل.. عمار عاجباني شخقيته انسان حنون ونيرمين ماتستاهلوش، مش عاجبها الي، بيسال وبيهتم بيها الافضل يسيبها ويدور على الي بتحبه.. رقيه الست الحنونة ع الكل وخصوصا زوجات اولادها بس جوزها مختار لايمت للرجولة بصلة انسان همجي، ومتخلف.. لينا المسكينة ياترى حيجرالها ايه، وهل ختقبل مراة ابوها ان تكون هي البديلة الي تربي ولاد تسنيم، وخصوصا انهم متعلقين بيها.. الاحدات مشوقة بس انا حاسة الي، جاي، ل مرام وصفاء ولينا اهوال، الله يستر.. ابدعتي حبيبتي ربنا يوفقك ودمتي بخير😚

زهرورة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-21, 11:29 PM   #52

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
1111

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شوشو العالم مشاهدة المشاركة
فصل ناري بدأت الأحداث تسخن.. مش متفائلة بكريم باين حيضعف ويكسر مرام َ.. محسن وصفاء فضيحة كبيرة بانتظارهم كيف حيتصرف
لينا باين مستنيها ايام سودة بسبب مرة ابوها
الرواية جميلة جداً ابدعت ❤️❤️
كريم حيواجه اختبار قوي معاك حق، صفاء فعلا الجاي صعب جدا ، تسلمي اسعدتيني برأيك حقيقي❤❤


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-21, 11:38 PM   #53

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرورة مشاهدة المشاركة
جمعة مباركة💕.. روايتك جميلة جدا ومشوقة قريتلك الوعم وكانت رووعة.. القفلة الاخيرة مرعبة مسكينة صفاء برغم انها الضحية لكن الكل حيحملها المسؤولية للاسف😢 واولهم ابوها واهل جوزها ومحسن كمان مع انه السبب في كل الي حصل بس حيطلع نفسه مجتمع غريب للاسف.. كريم حاسة انه حيخذل مرام بس الي متاكدة منه ان مرام مش حتسامحه هو مراهن علي، حبها ليه اتمنى انه يكون عاقل ومايضيع من ايده جوهرة زي مرام عشان وحدة تافهة سابته قبل.. عمار عاجباني شخقيته انسان حنون ونيرمين ماتستاهلوش، مش عاجبها الي، بيسال وبيهتم بيها الافضل يسيبها ويدور على الي بتحبه.. رقيه الست الحنونة ع الكل وخصوصا زوجات اولادها بس جوزها مختار لايمت للرجولة بصلة انسان همجي، ومتخلف.. لينا المسكينة ياترى حيجرالها ايه، وهل ختقبل مراة ابوها ان تكون هي البديلة الي تربي ولاد تسنيم، وخصوصا انهم متعلقين بيها.. الاحدات مشوقة بس انا حاسة الي، جاي، ل مرام وصفاء ولينا اهوال، الله يستر.. ابدعتي حبيبتي ربنا يوفقك ودمتي بخير😚
شكرا حبيبتي حقيقي أسعدتيني برأيك ❤❤وأتمني الجاي يعجبك إن شالله، مبسوطة إن الوهم عجبتك، فعلا صفاء حتدفع ثمن كبير جدا أما عمار فهو شخص محوري في الجاي هو شخصيته رجل بيحب المراعاة والدعم والتدليل للنساء وده له أسباب ترجع لنشأته حتبان الفصول الجاية وطبيعة نرمين مختلفة تماما عنه وبتعتبر طباعه سيطرة مش اهتمام.


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-02-21, 12:52 AM   #54

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 15 ( الأعضاء 4 والزوار 11)
‏hollygogo, ‏user0001n, ‏نوره ام عبدالمجيد, ‏duaa.jabar


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-02-21, 09:35 PM   #55

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس من الفصل الخامس
قلبه ينتفض بخوف عليها، صوت أنينها المتألم الذي يصدر منها يثير فزعه، أسرع يقول يحاول تهدئتها: تحملي حبيبتي دقائق ونصل للمشفى.
سمع صوت بكائها الخافت فزاد من سرعة السيارة ليقلل من المسافة المتبقية، ود لو يطير بالسيارة في هذه اللحظة ليختصر الطريق، يتابعها بقلق عبر المرآة، انزلقت الطرحة السوداء التي تغطي بها وجهها منذ خروجها من البيت عن عينها، لحظة واحدة تلاقت فيها عيناهما، قبل أن تعود لتغطي وجهها بسرعة خزيا وخجلا من نفسها.
أو ليست العين مرآة الروح.
لقد رأي روحها المنكسرة في هذه اللحظة عبر مرآة السيارة.
سؤال ضج برأسه فأرعبه
هل تجبر الروح بعد الكسر؟


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-02-21, 02:49 AM   #56

duaa.jabar
 
الصورة الرمزية duaa.jabar

? العضوٌ??? » 395763
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » duaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond repute
افتراضي

فصول اكثر من رائعه ثلاث نساء مرام وماضيها المؤلم وخذلان الاهل ياترى هل بأمكانها تحمل خذلان كريم خصوصا مع شخص سطحي نرجسي مثل سلمى
لينا كره زوجة والدها نابع من غيرتها من والدة لينا وهذا السبب في اغلب حالات العنف لزوجات الاباء لكن هل من المنصف للينا ان تكون بديله لتسنيم خصوصا مع الحب الواضح لعلي تجاه زوجته اتمنى ان هذه الفكره تكون بعيده عنها
صفاء والاكيد معاناتها ستكون الاسوء بسبب خطأ زوجها وضعف رفضها للموقف الخاطيء ككل
رقية شخصيه هادئه حنونه مراعيه تصرفها مع زوجات ابنائها دليل على اخلاقها لكن زوجها على النقيض ياترى موقفهم كيف سيكون ...
سلمت اناملك وبأنتظار القادم ان شاءالله


duaa.jabar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-02-21, 07:26 PM   #57

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة duaa.jabar مشاهدة المشاركة
فصول اكثر من رائعه ثلاث نساء مرام وماضيها المؤلم وخذلان الاهل ياترى هل بأمكانها تحمل خذلان كريم خصوصا مع شخص سطحي نرجسي مثل سلمى
لينا كره زوجة والدها نابع من غيرتها من والدة لينا وهذا السبب في اغلب حالات العنف لزوجات الاباء لكن هل من المنصف للينا ان تكون بديله لتسنيم خصوصا مع الحب الواضح لعلي تجاه زوجته اتمنى ان هذه الفكره تكون بعيده عنها
صفاء والاكيد معاناتها ستكون الاسوء بسبب خطأ زوجها وضعف رفضها للموقف الخاطيء ككل
رقية شخصيه هادئه حنونه مراعيه تصرفها مع زوجات ابنائها دليل على اخلاقها لكن زوجها على النقيض ياترى موقفهم كيف سيكون ...
سلمت اناملك وبأنتظار القادم ان شاءالله
أسعدتيني بكلماتك دعاء🌹🌹وأتمني الجاي يعجبك ، معاك حق في كلامك عن زوجة والد لينا بالفعل هي بتسقط غيرتها علي شكل معاملة سيئة للينا وعدم تقبلها في حياتها وكأنها عاوزة تمحي اي أثر لزواج زوجها قبلها، وطبعا هي نموذج غير سوي لأن في زوجات أب بينجحوا يكونوا أمهات لاولاد أزواجهم، صفاء فعلا منتظرها أيام صعب في مجتمع يلقي باللوم دايما علي المرأة حتي لو كانت ضحية.


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-02-21, 01:15 AM   #58

Rere4040

? العضوٌ??? » 345623
?  التسِجيلٌ » Jun 2015
? مشَارَ?اتْي » 428
?  نُقآطِيْ » Rere4040 is on a distinguished road
افتراضي

مساء الخير يا جميلة في فصل اليوم

Rere4040 متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-02-21, 01:19 AM   #59

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rere4040 مشاهدة المشاركة
مساء الخير يا جميلة في فصل اليوم
مساء الخير حبيبتي آه بنزله حاليا ثواني وينزل


hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-02-21, 01:20 AM   #60

hollygogo

كاتبة بمنتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 460860
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 657
?  نُقآطِيْ » hollygogo is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الخامس

قبض بيديه على المكتب ما إن سمع هتاف عمار المندهش باسم سلمي، كان العطر يغرق أنفه رامياً إياه في ذكريات تبتلع إرادته، ازدرد ريقه بصعوبة وهو يشعر بخوف من الاستدارة، يخاف من نفسه ومن تلك الدوامة التي ابتلعته بها رائحة العطر، تصلب جسده وهو يسمع ردها بصوتها الأنثوي المغناج الذي طالما فتنه" نعم سلمي عمار، كيف حالك؟، كيف حالك كريم؟"
لا مفر من الاستدارة هكذا حدث نفسه مشجعا، وما إن استدار حتى ندم، ليته ما استدار فإن كان العطر سحبه إلى عالم الذكريات، فرؤيتها نقلته عبر الزمن، لأيام الجامعة والانطلاق، لصخبهم وجنونهم معا، لم يستطع أن يحرك عينيه من عينيها، كانت تجذبه لسحرها الذي طالما غرق به سنوات الجامعة، كانت كما هي نفس الهيئة والملابس بل ترتدي نفس الطقم الذي طالما أحب رؤيتها به.
عمار هو من قطع دوامة غرقهم وهو يسأل سلمي: خيراً سلمي أي رياح طيبة ألقت بك إلينا، لم نتقابل ثم أردف مشدداً على حروفه ليفيق هذا التائه بجانبه منذ رؤيتها: منذ زواجك.
انتفض كريم مع الكلمة كالملسوع متذكراً، ولكن ردها سمره كما سمر عمار: لقد اشتقت إليكم عمار، كان أول شيء فعلته بعد انتهاء عدتي أن جئت لأراكم، فلقد مررت بفترة نفسية سيئة بعد طلاقي.
فهم عمار رسالتها، لقد جاءت تخبر كريم بطلاقها، ومن صوتها وهيئتها أدرك أن سلمي لن تترك كريم لشأنه، ما أفزعه هو هيئة كريم، لقد بدا كالمسحور بجنية البحر، انقبض قلب عمار وهو يتذكر مرام، تساؤل سيطر على عقله، هل سيستطيع كريم مقاومة سحر سلمي وقصة حبهما القديمة أم سيتوه في بحارها كما كان يفعل قديماً محطماً قلب مرام الذي يعلم بمدي عشقها لكريم.
راقبها بقلق وهي تقترب من كريم الذي لم ينطق منذ دخولها، فقط كان مسمراً بمكانه، سمعها بوضوح تخبر كريم بهمس غير عابئة بوجوده: اشتقت إليك كريم.
راقب ارتباك كريم وتراجعه خطوة للخلف وقوله لها: كيف حالك سلمي أنرت المكتب، تفضلي بالجلوس.
راقب جلوسها بتحفز وقولها لكريم: كنت أحتاجك في موضوع خاص كريم.
باستفزاز كان هو من رد عليها قبل كريم: هل تريدين استشارة في البناء سلمى، أو ربما سمعت عن عبقرية مرام زوجة كريم بالتصميم وقصدت مكتبنا لهذا السبب.
شدد على كلمة زوجة يذكرها ويذكر كريم بمرام، لم يبد على سلمي أي تأثر بكلمات عمار وقد فهمت مقصده جيداً، ردت عليه ببرود: لا ولكن كنت أرغب بتأجير شقة صغيرة لي ثم أضافت بمسكنة مصطنعة: أرغب بالاستقلال في المعيشة عن أهلي، منذ طلاقي أبي وأمي وأخوتي يضيقون على الخناق كثيراً، أرغب في مساحة من الحرية، وأعلم أن كريم لن يتأخر عن مساعدتي.
كان كريم مرتبكاً فتولي عمار الرد ببرود: في الحقيقة لسنا مكتب سمسرة xxxxات سلمي لقد فهمت خطأ، نحن مكتب هندسي كما ترين، لا أظن أن كريم يستطيع مساعدتك، ثم أردف ساخراً: وكيف ستستقلين في المعيشة سلمي، لسنا في أوروبا، نحن في مصر إذا كنت قد نسيت.
تطلعت إليه بضيق، دوما كان عمار يعاملها بهجوم، يبدو أنها لن تستطيع الحديث مع كريم وهو موجود، لا بأس، ستكتفي بالتأثير الذي أحدثته علي كريم اليوم، قالت لعمار: لا تنس إنني عشت بفرنسا عدة سنوات، لماذا لا أتطبع بطباعهم، ثم التفتت إلي كريم مردفه: ولكنني أثق أنني إذا احتجت شيئا كريم لن يتأخر عن مساعدتي، أليس كذلك كريم؟
كان كريم قد بدأ يستجمع نفسه فرد عليها بمجاملة: بالتأكيد سلمي.
ابتسمت في وجهه سالبة دقة من قلبه، قامت وقد علمت أن زيارتها أدت الدور المطلوب، تقول لهم: سأستأذن الآن ولكن سأتصل بك مرة أخري كريم.
تحركوا ناحية باب المكتب، انعقد حاجبا عمار بقلق وهو يلمح دخول مرام من باب المكتب، كانت عينيها تبدو شديدة الاحمرار وكأنها كانت تبكي، تأمل الموقف بقلق الحبيبة القديمة والزوجة معا في نفس الغرفة، لمح تفاجؤ مرام فور رؤيتها لسلمي وشحوبها، تساءل بقلق داخلي" هل تعرف مرام سلمي؟ هل تعرف بقصة حبها وكريم؟".
كانت سلمي من قطعت حبل الصمت وهي تسأل كريم بميوعة: ألن تعرفني كريم؟ هل هي زميلتك؟
كانت تعرف أنها زوجته، لقد بحثت حتى وجدت صورتها على الانترنت، استمعت لرده: أعرفك مرام زوجتي.
رفعت حاجبها تتأمل مرام باستهانة وهي تبتسم ابتسامة صفراء بوجه مرام: حقا! لقد تفاجأت، أنا سلمي صديقة كريم المقربة.
قالتها مخاطبة مرام التي ازدادت شحوبا على شحوبها وهي تعي نظرات سلمي، كانت نظرات متحدية واثقة، عالمة بمدي فتنتها وأن جمالها الهادئ لن يصمد في مقارنه معها.
راقبتهم باختناق وسلمي تسلم علي كريم، لمحت كيف شددت علي يد كريم بنعومة، رأت ارتباك كريم الجلي والتماع عينيه الذي لم تراه يوما وهو ينظر إليها، بل لم تراه منذ سنوات الجامعة، راقبت كيف انصرفت تتمايل في مشيتها بعد أن هزت رأسها لعمار المتجهم الوجه بتحية فاترة، رأت نظرتها المستهزئة لها وهي ترمقها بنظرة مطولة من أسفلها لأعلاها وكأنها تخبرها أنها لا تلائم كريم.
لمحت نظرات زوجها المشوشة بعد انصرافها، نظرت لملامحه المرتبكة وتهربه وهو يقول بتعجل: لدي عمل هام يجب أن أنهيه، رأت انصرافه لمكتبه وقلبها منقبض بألم، لم يلحظ كريم عيونها الحمراء من البكاء، لم ينتبه لأول مرة منذ زواجهم لبكائها، شعور بالضياع غمرها وهي تشعر لأول مرة منذ زواجها أنها غير مرئية لكريم، التمعت دمعة بعينيها جاهدت حتى لا تسقط وهي تعيش مشاعر لم تشعر بها منذ معرفتها بكريم، مشاعر طالما رافقتها في طفولتها وصباها وشبابها، أنها هواء لمن حولها، غير مرئية.
انتبهت على سؤال عمار القلق: مرام هل أنت بخير؟
تألم قلبه وهي ترفع عينيها إليه ترد عليه: أنا بخير عمار.
سألها باهتمام: هل كنت تبكين؟ ماذا حدث؟
ردت بخفوت: فقط كلمت لينا وتأثرت من بكائها، سأذهب لأكمل عملي.
راقب انصرافها بقلق، كان يعلم أنها تكذب وأن هناك شيء يضايقها، نظر بغضب إلى الحجرة متوجهاً إليها عازماً على إفاقة كريم فما رآه اليوم لم يعجبه، كريم مازال يتأثر بسلمي، ومرام لا تستحق منه ذلك أبداً.
ما إن دخل الحجرة حتى لمح كريم الساهم بمكانه، بدا وكأنه بملكوت آخر، انتفض كريم علي صوت عمار الذي قطع استغراقه يسأله: ماذا تريد منك سلمي كريم؟
بوجه ساهم أجابه: لا أعرف لقد بدأت بمراسلتي منذ شهر تقريباً ولكني كنت لا أرد عليها وأحظر الأرقام التي ترسل لي منها.
عاتبه عمار: ولم تحك لي شيئاً.
زفر بحرارة: لم أرد أن أضخم الموضوع وإعطائه أكبر من حجمه.
تأمل ملامح صديقه بتمعن، كريم متأثر للغاية بهذا اللقاء، سأله بدون مواربة: بماذا شعرت عندما رأيتها كريم؟ هل مازال في قلبك شيئا لها؟ ماذا عن مرام كريم؟ لقد صُدمت برؤيتها وشحب وجهها ألم تلاحظ؟
التفت إليه كريم بقلق يسأله: ومن أين ستعرف مرام سلمي؟ إننا لم نتعرف علي مرام إلا بعد زواج سلمي، بالتأكيد لا تعرفها.
قلب عمار أخبره أن مرام تعرفها، بل وتعرف قصة حب كريم لها، لا يعرف كيف ولكنه قلبه كان قلقاً للغاية على صديقيه الذي يحبهم كأشقاء له.
أما سلمي فقد كانت منتشية بما حدث، ابتهجت برؤيتها لمرام، علمت أن مرام لن تكون أبدا منافس لها، تنهدت وهي تتذكر كريم، لقد زاد وسامة وجاذبية، لطالما أحبته وكان بنظرها الرجولة المجسدة بقامته الطويلة وجسده الرياضي، بحاجبيه الكثين وعيونه السوداء الواسعة المظللة بأهداب كثيفة، ابتسمت وهي مدركة النتيجة الحتمية التي ستؤول لها الأمور، كريم لن يصمد، وهي لن تترك ما انتوت عليه.

****************

تأوهت منال بتعب وهي تتسحب من حجرة الصغيرة التي أتعبتها حتي استغرقت في النوم، دخلت المطبخ تعد لنفسها كوبا من القهوة حتي تستفيق لتكمل مهام يومها، تناولت هاتفها تتصفح آخر الاخبار حتي تنتهي القهوة، ابتسمت علي صورة صديقتها مريم التي تنشر صورة لأمرأه منكوشة الشعر بثمان أيدي تحتها تعقيب ساخر منها " أريد عشرة أيدي لا تكفي ثمانية"، ضحكت بمرح وهي تقرأ تعقيب لمياء صديقتهم المشتركة علي الصورة" الزواج عمره ما كان راحة"، وضعت وجه يضحك علي الصورة، ظلت تتنقل بين المشاركات، صبت قهوتها واتجهت للخارج ولكنها تسمرت وهي تري الصورة التي نشرتها صفاء، صورة عارية مشار لمحسن زوجها بها، شهقت بصدمة والفنجان يقع علي الأرض ناشرا السائل الساخن علي يديها لكنها لم تهتم بالألم وهي تشرع بالاتصال بصفاء، رنين بلا إجابه، عاودت الاتصال ولكن لم تتلقي رد، كان قلبها يختض بفزع وهي تقول بخوف" أجيبي يا صفاء أجيبي".
بعد تسع محاولات أيقنت أن هناك شيء خاطئ، تذكرت والد مروان وعصبيته، خشت أن يكون حدث لها شيئا، أسرعت للاتصال بمروان، ما إن أتاها صوته القلق من تكرار اتصالها رغم إغلاقه المكالمة" هل هناك شيء منال؟ هل أنت والصغيرة بخير".
ردت عليه وهي مازالت تطلع إلى الصورة مذهولة: هل فتحت صفحتك الشخصية اليوم مروان؟
رد: تعلمين ليس عندي وقت بالعمل منال، أنا مشغول الآن، هل هناك شيء مهم.
-هناك كارثة يبدو أن أحدهم سرق حساب صفاء، منشور لها صورة... صمتت لم تستطع أن تكمل، ولكن قلقها وصل لمروان ففتح هاتفه باحثا عن حساب صفاء، ما إن رأي الصورة حتى هب من مكانه، يقول لزميله في الغرفة بعجله، هناك أمر طارئ للغاية عثمان، أنا مضطر للخروج الآن، أخبرهم في الإدارة.
سألها وهو يجري تحت أنظار زملائه المندهشة" هل اتصلت بها؟"
-أكثر من عشر مرات لكنها لا ترد.
ركب سيارته وهو يديرها يخبرها بتوتر: حاولي الاتصال برقية أو مروة حتى يذهبوا إليها وأنا سأتحرك الآن للقرية.
أغلق المكالمة متحركا بالسيارة يكاد يطير من فرط سرعته وعقله يتساءل" كيف تصور صفاء نفسها هذه الصور العارية؟ من له مصلحة بنشر صورها بهذا الشكل؟ من سرق حسابها ويرغب بإيذائها؟
زاد من سرعة السيارة وهو يتذكر والده وعصبيته، يدعو الله أن يصل قبل أن يري الصور.

**********

يقف مختار في أرضه متطلعا إليها بفخر، هو فلاح يفتخر بهذا، يأكل من خير أرضه، حافظ علي ميراث أجداده بل وأزاده، ينظر إلى الأراضي الممتدة حوله يستنشق رائحتها فيثمل، تطلع إلى ولديه يتحركون بخفة يشرفون على العمال، كانت الشمس قد بدأت تحمي في الأفق رغم الشتاء، موعد استراحتهم اليومية فهم يعملون من بعد الفجر مباشرة، اقترب منه مصطفي يقول: هيا بنا أبي نحن.
أومأ برأسه: انتظر أخيك.
كان محمود يتصل برقية، طلب منها فور فتحها المكالمة أن تكوي له طقماً لأنه سيخرج مباشرة فور عودته، سمع ردها بصوت خافت فسألها بغلظة: هل كنت نائمة كعادتك، دوماً نائمة
نفت وهي تخبره: لا والله لست نائمة، فقط لا أريد أن أرفع صوتي فتستيقظ صفاء.
عقد حاجبيه وهو يسألها: هل أتت صفاء؟ ألم تكن عندنا منذ يومين، اغلقي الآن وافعلي ما آمرتك به.
تحركت رقية لشقتها بالأعلي لتنفذ ما يريد ونست هاتفها على الأريكة.
اقترب من أبيه ومصطفي يخبرهم: صفاء عندنا بالبيت ونائمة، هل ستأتي كل يوم، أليس عندها مسئولية بيت، يجب أن تشد عليها أبي دلالها هذا لن ينفع.
زفر مصطفي بضيق من كلمات أخيه، حاول تلطيف الجو فقال لأبيه: إنها صغيرة أبي لم تكمل حتى التاسعة عشر، ستعتاد على المسئولية مع الوقت.
بغلظة قال أبيه: ليست صغيرة، كانت أمكم في نفس هذا العمر معها طفلين وتحمل مسئولية بيت مكون من عشرة أفراد، لي كلام معها عندما نذهب للبيت.

تصلب قدم سعاد من الجلوس فترة طويلة دون تحريكه، ولكنها رغم ذلك لم تتحرك وظلت تربت على رأس صفاء المستغرقة في نومها، كانت تشعر بانقباض لا تدري مصدره، قلبها ارتجف وهي تدعو الله في سرها أن يحفظ أبناءها وزوجاتهم.
في ذلك الوقت كانت مروة تتصل برقية التي نست هاتفها بالأسفل وصعدت لشقتها، ومروة التي غفت بجوار صغيرها ولم تشعر بالهاتف، اتصلت بهم عدة مرات ولكن لا رد، دعت بخوف أن يمرر اليوم علي خير.

***********

مشي مصطفي بجوار أخيه وأبيه، اقترح عليهم قائلاً: تعالوا لنجلس قليلا بالمقهي، الجو دافئ اليوم على غير العادة.
أراد ترك مساحة لصفاء مع أمه، يعرف عندما يعود والده للدار سينهال بالتوبيخ عليها.
استحسن أبيه الفكرة وهو يمشي مع أبنائه ليجلسوا في المقهي قليلاً، كانت مقهى صغيرة يجتمع بها الأهالي يروحوا بها عن أنفسهم، كانت ممتلئة بذلك الوقت الذي يستريح فيه الجميع بعد يوم عمل طويل بالأرض.
جلسوا على الطاولة، تنهد محمود بتعب وهو يرجع بظهره للوراء، طلبوا مشروبهم، لاحظ مختار الهمسات من حوله فسأل أولاده متعجبا: ما الذي يحدث؟ لم الجميع يتهامسون بهذا الشكل؟
ضحك مصطفي وهو يرد على أبيه: تعرف عادتهم يا أبي، يحبون الحديث، لا بد من أنها شائعة جديدة، سيتكلمون عدة أيام ثم يتجاوزوها لشائعة جديدة.
تطلع مختار بغرابه للناس من حوله، كانوا يتهامسون وينظرون إليه من آن لآخر، سمع همسة ورائه: عائلتها دوما كانت محترمة، لا أعلم ما الذي دهاها لتفعل ذلك، ستنكس رأس أهلها في التراب بفعلتها.
انعقد حاجباه وهو يسأل مصطفي، بينما محمود منشغل بهاتفه: هناك شيء حدث في القرية، لكن لا أدري ما هو، أشعر بالناس تنظر إلينا.
- لماذا سينظر الناس إلينا أبي، بالتأكيد تتهيأ.
تابع محمود حوارهم دون أن رد مكتفياً بالعبث بهاتفه ورؤية آخر الأخبار على صفحته.
ارتفع رنين هاتف مصطفي، نظر إلى الشاشة فوجده مروان، فتح الهاتف يرد على أخيه بترحيب ولكن صدمه صوت مروان القلق: مصطفي اذهب إلي صفاء الآن، أنا بالطريق.
سأله بقلق: ماذا هناك مروان، هل حدث شيء.
- لا وقت للشرح مصطفي، أسرع الآن إليها، أنا أمامي خمسة عشر دقيقة وأصل.
قام بالفعل ليتحرك قائلاً: إنها عندنا بالبيت، قال محمود أنها نائمة.
انتفض علي صوت محمود وهو يهب من مكانه ووجهه مسوداً من الغضب، يقول من بين أسنانه" تلك الساقطة"، وبخه أبوه: هل هذه طريقة أفزعتنا!
قال لوالده بغضب: أتعرف لماذا كانت الناس تنظر إلينا، أنظر للفضيحة التي جلبتها ابنتك لنا، ابنتك صورتها عارية على الانترنت، بالتأكيد رآها الجميع.
اقترب مصطفي من الهاتف يري ما يريه محمود لأبيه، شهقته سمعها مروان بوضوح الذي لم يكن أنهي المكالمة بعد، جعلته يزيد السرعة للحد الأقصى، بينما احتقن وجه مختار بغضب وهو يري صورة ابنته العارية، الآن عرف سر الهمزات واللمزات والنظرات بالمقهي، لم ير سوي لون الدم أمامه، بدا صوت مصطفي بعيداً لأذنيه وهو يردد بذعر: بالتأكيد حسابها سرق.
لم يكن رجلا يعرف التكنولوجيا ولا الحسابات ولا سرقتها، لم يكن يفقه في هذه الأشياء، كان رجلا حراً رأي صورة ابنته عارية على هاتف شقيقها، هب واقفاً يتحرك بسرعة مما دفع ولداه للهرولة خلفة، حاول مصطفي أن يوقفه ويشرح له، ولكنه دفعه وهو يمشي بخطوات أقرب للعدو، حاول ولداه مجاراته في سرعته فلم يستطيعوا، فقد كان مسيراً بطاقة الغضب معمياً بما رآه عازماً أن يطهر شرفه من الدنس الذي ألحقته به ابنته العاهرة.

***********

كان يجري وراء أبيه يتحدث وهو يلهث بعنف: أبي انتظر، بالتأكيد سرق حسابها الشخصي.
لم يرد أبيه بل محمود هو من تولي الرد بوجه مسود: ولماذا تلتقط لنفسها صور بهذا الشكل؟ هل هي عاهرة!
كان الناس يتطلعون بفضول لهم، فتوسل مصطفي أبيه: أبي منظرنا ملفت للغاية الناس يتطلعون إلينا، إننا نسئ لنفسنا بهذا الشكل.
عاود محمود الرد: وكأن الإساءة لم تحدث، صورتها منشورة على صفحتها الشخصية، لا بد أن البلد كلها رأت صورتها الآن.
كلماته أشعلت مختار أكثر، طاقة الغضب بداخله حركته بما لا يتناسب مع عمره، دخل الشارع الذي به بيتهم، اشتعل أكثر وهو يري خضرة، تلك المرأة التي يكرهها الجميع بالقرية ورغم ذلك يستمعون لأحاديثها بشغف، ناقلة الأخبار والفضائح بقريتهم، إذا رأيتها بمكان فاعرف أن هذا المكان يحوي على فضيحة، كانت تتهامس أمام بيته مع جارتهم، علم أن الهمس عنه، عن بيته، عن عرضه، عن ابنته، فتح الباب بعنف وأولاده يجرون وراءه، وكان مظهرهم يجرون هكذا متتالين يثبت أركان الفضيحة التي تتلون بالأفق.

دخل بهياج، مسك مصطفي ذراعه يحاول أن يوقفه، ولكنه دفعه بقوه معميا بطاقة الغضب، تأوه مصطفي وظهره يصطدم بالجدار، ثانية واحدة ثم وقف، ثانية كانت أكثر من كافية ليسحب مختار صفاء من شعرها يصفعها بقوة، ثم يرميها بداخل حجرته مغلقا الباب ورائه بالمفتاح.

***************
استفاقت صفاء من نومها على ألم مبرح في رأسها، كانت مشوشة وهي تشعر بالألم يزداد، فتحت عينيها فوجدت أبيها يسحبها من شعرها، أغلقت عينيها وهي تردد بالتأكيد هذا حلم، ولكن الصفعة التي تلتها أفاقتها بشكل كامل، شعرت برأسها يدور، لم تفهم شيئا مما يدور حولها وهي تري أبيها يسحبها من شعرها إلى حجرة نومه ليقذفها على الأرض بقوة، تأوهت وهي تنزل بثقلها كله على ذراعها، ألم عنيف امتد في ذراعها، رجعت للوراء تزحف على الأرض مرتعبة من منظر والدها الذي أغلق الباب بالمفتاح، سألته بهلع: ماذا هناك أبي؟
لكن الرد أتاها وهو يمسك رأسها يضربها بالجدار من خلفها بقوة حتى شعرت برأسها يرتج من مكانه، كان يصرخ بها: تنشرين صورتك كالعاهرات عارية، سأقتلك.
لم تفهم شيء من قوله ولكن الضربة الشديدة التي تلقتها على رأسها أفقدتها الوعي، كانت أمها تصرخ تنادي علي زوجها وهي تطرق الباب بشدة وقلبها ملتاع من صرخات صفاء" افتح مختار، بحق روح والدتك الطاهرة افتح".
صرخ مصطفي بمحمود وهو يلقي بثقله على الباب محاولا كسره" تعال معي ساعدني لنفتح الباب"
قال محمود بحقد: بل اتركه يؤدبها، لقد فضحتنا في القرية كلها.
كان مصطفي يصرخ فيه وهو مازال يحاول كسر الباب: اللعنة عليك محمود ستموت في يده ساعدني.
تحجر محمود في مكانه ولم يتحرك، صوت صرخات صفاء ترضيه، أخته نكست رأسه بالتراب وتستحق التأديب، بل تستحق الموت، كانت رقيه ومروة نزلتا علي صوت الصراخ المفزع، وقفتا ترتجفان لا تفهمان ما يحدث، في هذه اللحظة وصل مروان فأوقف السيارة بتهور أمام البيت ونزل بسرعه غير مهتم حتى بإغلاقها، صوت الصراخ المنبعث من البيت سمره وقد أدرك أنه وصل بعد فوات الأوان، منظر الناس المتجمهرين حول البيت بسبب الصراخ أعلمه أن الفضيحة قد حدثت وانتهي الأمر، فتح البيت بمفتاحه وأغلقه بوجه المتجمهرين بعنف، أسرع إلي مكان الصراخ، فوجد الجميع متجمعين أمام حجرة والديه ومصطفي يحاول كسر الباب وأمه تصرخ باسم أبيه، أسرع يزيحها وهو يعاون مصطفي لكسر الباب، حاولا ولكن الباب كان متينا قوياً كقوة غرسهم في أرض قريتهم، ارتجف وهو يسمع صوت أبيه يصرخ: سأقتلك قسما بالله سأقتلك.
صوت صدمات متتالية وصله وصوت صفاء يصرخ بألم، دفع بطاقة من الغضب في عروق الأخوين وبضربة أخيرة فتحوا الباب ليصدمهم المنظر الماثل أمامهم.

*****************
تطلع عمار بقلق إلي كريم ومرام وهم يستقلون سيارة الأخير، كان الاثنين واجمين، شعر بالقلق وهو يلعن سلمي في سره، استقل سيارته هو الآخر، أراح رأسه للوراء وهو يفكر في نرمين، لقد قرر أن أوان المواجهة قد حان، هو رجل لا يحب أنصاف الحلول والأوضاع المائلة، وضعه مع نرمين مائل إما يقومه أو يهدمه، لقد سئم، أمسك هاتفه، لم يتصل هذه المرة بل أرسل رسالة" اتصلي حالاً وإلا ستجديني الآن عندك في البيت"
لم يتحرك بسيارته بل انتظر وكما توقع بعد عشر دقائق كانت تتصل، بلهجة جافة كانت تحدثه دون حتى تحية: أنا لست بالبيت عمار، أخبرتك أني مشغولة هذه الفترة.
بهدوء حدثها محاولاً تمالك أعصابه: عملك إنتهى منذ نصف ساعة، أريد أن أتحدث معك لأمر عاجل.
بنزق أخبرته: أنا لست في البيت أخبرتك، أنا اليوم كنت اجازة ذهبت أنا وصديقتي إلى مدينة وذكرت له اسم المدينة الساحلية التي تبعد ساعتين عن مدينتهم.
سألها وقد بدأ هدوءه يغادره: ذهبت هكذا دون أن تخبريني، وكأنك لست مخطوبة.
أجابته بجفاف: أنا لن آخذ إذن منك ما زلت ببيت أبي، لم سأستأذن منك؟
بعصبية أخبرها: وهل قلت لك خذي الإذن مني، أقول لك فقط اخبريني أنا خطيبك، لو أخبرتني أمس كنت فرغت نفسي وأوصلتك أنت وصديقتك بدل من التعب بالمواصلات.
بعصبية مماثلة قالت: وهل تراني طفلة لا أستطيع الذهاب بمفردها، لقد سئمت أسلوبك وتفكيرك المتخلف هذا.
تصلب مع جملتها، تصلب واهتاج، سألها بغضب: متخلف؟
انتبهت لما قالته، لم تكن تريد أن تهينه ولكنه يثير حنقها بتفكيره، قبل أن تضيف شيء، جاءها صوته غاضباً: أخبري والدك أني سأكون بعد ساعة عنده.
سألته بتهكم: هل ستذهب لتشكوني لأبي سيد عمار؟
قبض على كفه بغضب يحاول تمالك أعصابه، يرد عليها: بل سأذهب لأخبره أن كل شيء نصيب.
شيء بداخلها فرح ولكن جزء آخر كان يعاتبها بأنها أهانته، وجزء متمرد دفعها للرد بتهور: لا حاجة للذهاب، أنا سأخبره، كف عن تلك الأفكار الحجرية التي تعشعش برأسك.
بغضب صاح بها وقد انفلتت أعصابه: أنا رجل واتفقت معه وأنا من سينهي الأمر.
ثم أردف بجفاف: اتصلي بوالدك وأخبريه وأكدي على الموعد برسالة، لا أريد سماع صوتك مرة أخري. ثم أغلق الخط بفظاظة دون تحية.
أرجع رأسه للخلف وهو يقبض على كفيه بقوة، كان غاضب حانق متألم، لماذا؟ ما الذي أخطأ فيه، لماذا أهانته هكذا، لقد كررت نفس كلمات ثريا خطيبته السابقة، هل هكذا يراه النساء ذو عقل حجري متخلف، ورغماً عنه كان هناك جزء يتضعضع داخله، ثقته بنفسه تهتز وهو لطالما كان واثقاً بنفسه، فكرة داخلية بدأت تتشكل داخله أنه رجل لا يعجب النساء.

***********

تتأمل بإشفاق زوجة أبيها، نعم لا تحمل لها مشاعر سوي الاشفاق، ليست ملاكاً تعترف هي تكرهها، ولكن جانبها الإنساني أشفق عليها، تراقب حمزة وهي يلح عليها لتأكل شيئاً ولكنها تهز رأسها برفض، لم تأكل شيئاً منذ الصباح، لم تشرب حتى قطرة ماء، لم تتحدث، لم تغادر سريرها، لا تبكي فقط صامتة شاردة.
سأل حمزة لينا بقلق: لا أدري ما بها؟ كانت أحسن حالاً في الأيام الماضية.
تأملتها لينا بشفقة وهي ترد عليه: أظنها أدركت أن تسنيم ماتت، أيام العزاء الأولي كانت بمرحلة صدمة وعدم استيعاب.
سمعوا صوت الباب يغلق فقاموا ليجدوا أبيهم عاد من العمل، كان وجهه شاحباً هو الآخر حزيناً، سألهم: لماذا تقفون هكذا؟ لماذا ترتدي ملابسك لينا ألم تخبريني إنك أجازه لآخر الأسبوع.
ردت عليه: سأذهب لملك ومالك أبي، اتصلت خالتي إكرام وأخبرتني أنها تريدني بأمر هام.
اومأ برأسه متفهما، فأسرع حمزة يقول له بقلق: أبي أمي منذ الصباح لم تتحدث ولم تأكل شيئا أنا قلق عليها.
-أذهب مع أختك حمزة حتى لا تكون بمفردها.
سأله بقلق: وأمي؟ أنا قلق عليها.
زفر بحرارة بحزن بألم يخبره: أنا موجود، اتركنا بمفردنا بني علنا نخفف عن بعضنا.
أومأ حمزة برأسه موافقا وتحرك مع لينا ليخرجوا، بينما تحرك عبد الله بخطوات متثاقلة لغرفته، ما إن لمحها جالسة ساهمة مغيبة عما حولها حتى هربت دمعة من عينه، كانت زوجته مرحة ثرثارة مبهجة دائمة الضحك، وورثت تسنيم صفاتها فكانت نسخة منها طباعاً وشكلاً، أما الآن فكانت منطفئة شاحبة شاردة كأنها شخص آخر، اقترب وجلس بجوارها على السرير يهمس باسمها.
لم تلتفت إليه، بنفس وجومها وشرودها قالت: هل أتيت يا عبد الله.
ثم أردفت بصوت مخنوق: لقد ماتت تسنيم يا عبد الله
- أعرف
-لن أراها مرة أخري يا عبد الله.
-أعرف
- لقد تيتم ملك ومالك يا عبد الله
- أعرف
والتتمة بكاء جنائزي وهي تقول بصوت مبحوح: اشتقت إليها يا عبد الله.
ولم يستطع أن يرد، لم يقوى علي قول كلمة أعرف هذه المرة، هو الآخر بكي، احتضنها وصمت، كان ألمهما واحد وجرحهما واحد وفقدهما واحد.

**********
اندفع مروان يخلص صفاء من ذراعي أبيه الذي كان يضرب رأسها بقائم السرير المدبب، بينما طوق مصطفي أبيه من الخلف يحاول فصله عن صفاء، ولكن أبيه بدا خارج السيطرة، بدا كمصارع فقد تحكمه بنفسه من الغضب، كانت قوته جبارة، صرخ مصطفي بمحمود المتفرج: تعالى ساعدني سيقتلها بين يديه.
كان مختار متشبت بشعر صفاء لا يستطيعون تخليصه من بين يديه، بدا محمود مكفهرا ضائقا وهو يعاون مصطفي وكأن موتها أفضل له من حياتها، خلصوها أخيرا من بين يديه، كانت وجهها غارقا بالدماء، لا يعرفون مكان الجرح ولكن جبهتها وأنفها وفمها كلهم يندفع منهم الدم، وضعها مروان علي السرير بحرص ملتاعاً من مظهرها، جلست أمها بجانبها تبكي وهي تهزها علها تستفيق، بينما أسرعت مروة تحضر بعض المناشف النظيفة لتمسح وجهها أما رقية فكانت مسمره لا تستوعب ما يجري حولها، ظل مروان يضرب وجهها برفق وهو يردد بهلع: صفاء أفيقي حبيبتي، هيا افتحي عينيك.
لم يرد على أبيه الذي يصرخ من خلفه: أتمنى أن لا تفتح عينيها، أن أدفنها اليوم لأغسل عاري.
كانت مروة تمسح الدماء ويديها ترتجف، انتبهت على تورم يدها الشديد فقالت لمروان: يبدو أن يدها قد كسرت.
بغضب كان محمود يقول من خلفها: عسي أن تكون رقبتها قد كسرت وليس ذراعها.
فتحت صفاء عينيها أخيرا، ألم شديد هو ما شعرت به، كل عظمة في جسدها تؤلمها، حتى روحها كانت تؤلمها، لم تضرب قط في حياتها، أبيها رغم عصبيته لم يمد يده عليها قط، لم تكن تستوعب ما يجري، اهتاج مختار ما إن رآها فتحت عينيها، حاول الهجوم عليها مرة أخري ولكن مصطفي ومحمود طوقاه ومنعا حركته بصعوبة،
بكت بقهر وهي تسأل: ماذا فعلت أنا حتى تضربني وتتمني موتي.
كان أبيها يصرخ باهتياج: أو تسألين! تقوليها بلا خجل، تنشرين صورتك كالعاهرات وتفضحيني، أنا من عشت عمري كله رافعاً رأسي عالياً تحنيها الآن بفعلتك.
كان سؤالا مذعورا جماعيا انطلق من أفواه النساء معا: أي صور!
تدخل مروان وهو يري حالة صفاء السيئة وتورم ذراعها ووجهها، قام ليحملها يقول بجفاف وغضب مشتعل: يجب أن تذهب للطبيب، سآخذها لأقرب مشفي.
كانت صيحة مصطفي من أوقفته: انتظر مروان لنحاول أولا الدخول لحسابها ربما الرقم السري لم يتغير، أين هاتفك صفاء.
بغباء مازال يتلبسها سألتهم بخوف: ماذا يحدث أنا لا أفهم شيئا، لا أعلم أين هاتفي.
لم يرد عليها مصطفي، بل قال لمروان: جرب من هاتفك الدخول لحسابها مروان، أعطيه رقم دخولك السري، وإيميلك ربما نستطيع استعادة الحساب.
صرخ مروان مهتاجا: هل سنتركها هكذا تنزف ونفتح حسابها.
كانت والدتها تبكي وهي لا تفهم شيئا مما يدور حولها فقط تبكي وهي تحتضن جسد صفاء، تطلعت إلى ابنها مصطفي الذي تولي دفة الأمو، لطالما كان مصطفي أعقل أبناؤها، نجي من ميراث عصبية عائلة أبيه، كان دوما عقلانيا يفكر بهدوء ولا يندفع، سمعته يخاطب مروان بحسم: كل لحظة الصورة موضوعه فيها على الانترنت كارثة، فقط محاولة لن نخسر شيئا، ثم أردف بعتاب غاضب موجههاً كلامه لصفاء: كيف تصورين نفسك هذه الصور صفاء؟
بدأت الخيوط تتجمع داخل رأسها، أسرعت تخطف الهاتف من يد مروان تدخل من صفحته على صفحتها الشخصية، ما إن رأت صورتها العارية حتى فهمت ما يحدث من حولها، صرخت برعب بفزع بقهر بخجل بخزي بانهيار ترد على مصطفي: كان محسن يطلب مني يا أخي أقسم لك.
اهتاج والدها مع كلامها فسبها ببذاءة وهو يصرخ بها: ولماذا توافقين؟ لماذا تسمعين كلامه؟ هل أنت عاهرة حتى ترسلي صورك عارية له، لماذا لم تأت وتخبريني.
هب مروان يصرخ في وجه أبيه باشتعال مماثل لاشتعاله: وماذا كنت ستفعل إذا أخبرتك، هيا أخبرني، كنت ستكسر رأسها وتخبرها أن تطيع زوجها وترسل له ما يشاء.
ترك مصطفي أباه الذي كان يمسكه من ساعة دخوله، تجاهلهم جميعا، تحدث مع صفاء بهدوء: أخبريني حبيبتي ما كلمة السر لحسابك.
أخبرته وهي تنتحب تغطي وجهها خزيا منه، شتم وهو يجد الكلمة قد تغيرت، عاد فسألها: سنرسل رسالة أنك نسيت الرقم السري، هل تتذكرين الرقم السري لايميلك.
انعقد حاجباه مع ردها، أخبرته أن الحساب مسجل على ايميل محسن، اتصل بمحسن، عدة مرات متتالية والهاتف يعطيه نفس الرد، الهاتف الذي تطلبه مغلق، صرخ بغضب " اللعنة"، هز رأسه بيأس وهو يشعر بقلة الحيلة فعرض شقيقته مباح على الانترنت ولا شيء في يده يفعله لينقذها.
دفعه مروان وهو يحاول حمل صفاء يقول بخشونة: كفي مصطفي لنسعفها أولاً ثم نفكر في هذه الكارثة وكيف نستعيد صفحتها.
بحسم رد مصطفي: انتظر، ثم التقت إلي مروة: هاتي لي عباءه واسعه وغطاء للرأس.
ضغط علي يد مروان الذي يصرخ فيه بعصبيه: هل أصبحت عديم الرحمة مثلهم، اتركني لأحملها وأسعفها.
-هل تدرك لو خرجت هكذا أمام الناس ماذا سيقولون مروان، سأغطي وجهها، سأحملها وأقول أن مروة تعرضت للإغماء وأني أصحبها للمشفي.
ضرب مروان الحائط بقبضته: وهل سيصدق الناس؟ بعد الفضيحة وصراخ أبيك.
ساعدت مروة صفاء علي ارتداء العباءة وغطت وجهها بإحكام وسط تأوهات صفاء المتألمة، قامت أمها وهي تقول بلهفه: سآتي معكم.
صوت مختار الحاسم الغاضب أوقفها: إذا عتبت قدمك خارج الدار فأنت طالق بالثلاثة.
نوبة تمرد هاجمتها كادت أن تخرج وتعصي أمره، ولكن قبضة مروان أوقفتها ضمها بحنان هامسا في أذنها: ابقي حبيبتي انت، سأتصل بك وسأطمئنك.
بكت بقهر بقلة حيلة بحزن، همست لابنها: حلفتك بالله لا تعيدها إلى هنا سيقتلها لو أعدتها.
بوعد أخبرها: لا تقلقي لن أعيدها، ستبقي عندي معززة مكرمة.
حملها مصطفي بحنان وهو يهمس لها: كل شيء سيحل يا صفاء أعدك.
سمع بكائها فآلمه قلبه، أسرعت رقيه لمروان تناوله هاتف صفاء: لقد وجدت هاتفها يا مروان ربما تحتاجونه.
وضع مروان الهاتف بجيبه وهو يسرع لفتح الباب ليخرج مصطفي الذي يحمل صفاء، ما إن فتح الباب حتى علم أن سمعة أخته أصبحت مضغة، النساء في الشرفات يتطلعن لبيتهم بفضول، تجمع صغير من النساء بجوار بيتهم، فتح السيارة بغضب ليدخل مصطفي صفاء، قبض على يديه بقوه وتلك المرأة التي لا يطيقها خضرة تقترب منه تسأل مصطفي بفضول، من تحمل يا مصطفي، خيرا.
ببرود رد مصطفي: مروة متعبة وسأذهب بها للطبيب.
وبسرعة أدار مروان السيارة يهرب من القرية بمن فيها.
أوقف السيارة بعد عدة أمتار من البيت ملتفتاً إلى مصطفي يقول: إرجع أنت مصطفي.
باستنكار سأله: أعود! ماذا تقول؟
زفر مروان بحرارة يخبره: لو بقيت أمك مع أبيك ومحمود أقسم لن يطلع عليها النهار، اذهب وخفف عنها يا مصطفي، إنها تحتاجك، لا تقلق أنا سأطمئنك أولا بأول.
هز مصطفي رأسه موافقا ثم سأله قبل أن ينزل من السيارة: ماذا سنفعل هل تعرف أحدا يفهم في هذه الأشياء ليستعيد الحساب.
هز مروان رأسه نفياً يقول: لا أعرف، سأطمئن أولا علي صفاء ثم سأتركها مع منال بالبيت وأذهب لكريم بالتأكيد سأجد عنده حلا أو يعرف أحداً.
نزل مصطفي من السيارة، راقبها تبتعد وغصة في قلبه تؤلمه، ورغبة في الصراخ، مسح وجهه وهو يتحرك عائدا للبيت، شتم وهو يأخذ الطريق الخلفي للقرية حتى لا يراه الناس، سيتسلل لبيته من بابه الخلفي كأنه يسرق، لعن محسن وأبيه في سره على الفضيحة التي سببوها والتي لا يعلم للآن كيف ستحل؟

قلبه ينتفض بخوف عليها، صوت أنينها المتألم الذي يصدر منها يثير فزعه، أسرع يقول يحاول تهدئتها: تحملي حبيبتي دقائق ونصل للمشفي.
سمع صوت بكائها الخافت فزاد من سرعة السيارة ليقلل من المسافة المتبقية، ود لو يطير بالسيارة في هذه اللحظة ليختصر الطريق، يتابعها بقلق عبر المرآة انزلقت الطرحة السوداء التي تغطي بها وجهها منذ خروجها من البيت عن عينها، لحظة واحدة تلاقت فيها عيناهما قبل أن تعود لتغطي وجهها بسرعة خزيا وخجلا من نفسها.
أو ليست العين مرآة الروح!
لقد رأي روحها المنكسرة في هذه اللحظة عبر مرآة السيارة.
سؤال ضج برأسه فأرعبه.
هل تجبر الروح بعد الكسر؟

**********
استمع لينا وحمزة بقلق لإكرام التي تحكي لهم عن كلام ملك بالأمس.
قال حمزة لخالته: يا إلهي كيف تفكر طفلة بهذه الطريقة.
-لقد فزعنا بالأمس من كلامها يا حمزة، لم يرد عليها أحد، لذلك اتصلت بلينا أنا لا أجد رد يقنع الطفلة، ثم نظرت إلى لينا تكمل: بالتأكيد عندك رد.
هزت لينا رأسها نفيا وهي ترد: صدقيني لا أعرف رد مناسب، ولكني سأبحث على الانترنت أو سأذهب إلي أحد المستشارين ليرشدني.
صوت الصخب القادم من عند الباب قطع حديثهم، وصلهم بكاء مالك فقامت لينا بفزع تقترب منه تسأله: مالك حبيبي، لماذا تبكي؟
ارتمي في حضنها يبكي يخبرها: لا أريد الذهاب للروضة مرة أخري، محمد ويس سخروا مني وأخبروني أني لا أعرف كيف أتكلم.
قال كلماته بتعثر ولعثمة آلمت قلبها، فحضنته بحنان تحاول تهدئته، استكان في أحضانها فحملته وجلست على الأريكة تمسح على شعره، لمحت ملك تدخل بوجه متجهم وهي تعقد يديها وعلي يدخل كالتائه ووجهه شاحب، سألته إكرام بقلق: ماذا هناك بني؟
أشار برأسه لملك دون كلام، ففهمت أنه لا يريد أن يتحدث أمامها، جلست ملك جوار خالها الذي مازحها ولكنها لم ترد عليه، كتفت ساعديها وجلست كالكبار بفم مزموم غاضب، سألتها لينا بحنان: من أغضبك ملك.
أجابتها ملك بحزن طفولي قطع قلبها: أنا لم أسرق شيئا خالتي، الأقلام وقعت في حقيبتي.
قطبت لينا حاجبيها لا تفهم أبعاد الموقف ولكنها ردت عليها بتأكيد: بالطبع أنت لست سارقة حبيبتي.
تهلل وجه الطفلة وهي تقوم لتجلس جوار خالتها: أنت تصدقيني خالتي، ثم انكمش وجهها بحزن تردف: ولكن المعلمة لا تصدقني قالت لأبي إنني سارقة.
لفت لينا ذراعها حولها تضمها إليها وداخلها يشتعل من تلك المدرسة الغير التربويه التي آذت نفسية الطفلة، همست لملك تطمئنها: أنا سأذهب إليها وأخبرها أن ملك لا تأخد أبدا شيئا ليس ملكها.
ارتباك وجه الطفلة أعلمها أن هناك شيء تخفيه، التفتت إلي علي فوجدته واجم يتأمل طفليه بضياع، علمت أن عنده تتمة الحكاية، التفتت لملك تسألها: أخبريني هيا ما أجمل شيء حدث اليوم في الروضة؟
-قالت الطفلة بحماس: لقد كتبت اليوم حرف ال أ بمفردي، قالت المعلمة أن كتابتي هي الأجمل وصفق لي جميع أصحابي.
صفير انطلق من فم حمزة فرفعت الطفلة وجهها بفخر طفولي وقد تناست ما أحزنها، خبطت لينا يدها المضمومة بيد ملك المضمومة مما أبهج قلب الصغيرة وهي تسمع كلمات خالتها المشجعة، ثم التفتت لينا إلي ملك الساكن بحضنها تسأله نفس السؤال، فأجابها بدون حماس: كانت رسمتي هي الأجمل اليوم، لقد علقت المعلمة لوحتي على الحائط.
صفير أخر صدر من فم حمزة أبهج ملامح الطفل قليلاً، سألته خالته بهمس: هل كانت لوحتك أفضل من لوحة محمد ويس؟
أومأ الطفل برأسه وهو يجيبها: نعم علقت المعلمة لوحتي فقط، ثم أشرقت ملامحه وهو يسأل خالته: لقد قالوا لي أني لا أعرف الكلام لأنهم غاروا مني خالتي أليس كذلك؟ لأن لوحتي معلقة ولوحتهم لا.
هزت لينا كتفها وهي تبتسم له ترد عليه: ما رأيك أنت مالك؟
ابتسم الطفل وقد ابتهجت ملامحه، فأسرعت لينا تخبرهم: هيا اذهبوا وبدلوا ملابسكم، واذهبوا للحمام اغسلوا وجوهكم.
اندفع الأطفال ينفذون كلام خالتهم، التي التفتت إلي علي تسأله: ماذا حدث يا علي؟
تنهد علي بقلة حيلة يخبرها: أخبرتني المعلمة أن ملك أخذت أدوات زملائها وأخفتها في حقيبتها، وعندما واجهتها المعلمة أنكرت وقالت أنها لم تأخذها، حكت المعلمة لي عند وصولي لأخذهم اليوم.
سألته لينا بغضب: هل قالت لها بالفعل أنها سرقت أم أن هذا خيال ملك.
-قالت هذا بالفعل للصغيرة وأنا وبخت المعلمة أنها قالت هذا الكلام أمام الطفلة.
هبت لينا بغضب تقول: أي معلمة تلك، تعلم ظروف الطفلة ووفاة والدتها، ثم كيف تقرن تصرفها بالسرقة الأطفال في هذه السن لا يعرفون بالأساس معني الملكية، هذه المعلمة غير تربوية علي، كان يجب أن تكون أكثر احتواء لوضع الطفلة، ربما يجب أن نفكر بالبحث عن روضة أخري أكثر انتقاء لمعلميها.
بحيرة تغمره قال: أنا لا أعرف تسنيم أخبرتني أن هذه الروضة جيدة، أنا لا أفهم في هذه الأشياء، إذا كنت تعرفين روضة أفضل أخبريني وسأذهب لأسجلهم.
-سأسأل أنا عن روضة أفضل وأخبرك
حمزة كان يتابع الحوار بقلق، يشعر أن علي وخالته إكرام يحملون لينا مسئولية ليست مسئوليتها، نعم يعرف الوضع يجب أن يتعاون الجميع، ولكنه يشعر أنهم يحملوها المسئولية كاملة وهذا يقلقه سيتحدث مع لينا اليوم يجب على علي أن يتحمل مسئولية أطفاله.
قامت إكرام تخبرهم أنها ستذهب لإحضار الغذاء، مشت خطوتين وهي تشعر بألم في كتفها الشمال يزداد، قاومت ولكن الألم كان رهيبا ثم خطوة أخري وانهارت علي الأرض بل حراك وسط صرخاتهم.

**********
بقلق ينظر إلي الطبيب الذي يعاين صفاء، كان يخيط جرح جبهتها، ما إن انتهي حتى التفت إلى الممرضة يخبرها أنها بحاجة لأشعة حتى يطمئن علي حالة يدها المتورمة، التفت إلي مروان يصيح به بغضب: هل أنت زوجها؟ أقسم إنني لن أصمت هذه المرة سأحرر محضراً، لقد سئمت من سلوككم الهمجي.
صفاء من تولت الرد تخبر الطبيب: ليس هو من ضربني، إنه أخي وليس زوجي.
بغضب رد عليها الطبيب: أشتكي ذلك الحيوان الذي ضربك لماذا تتحملين.
مروان تولي الرد: أبوها من أوصلها لهذه الحالة ليس زوجها.
قال الطبيب بغضب: لقد سئمت أقسم بالله، حجم النساء المعنفات التي يأتي يوميا للمشفي صادم، لقد سئمت من أشباه الرجال، وكل النساء لا تحرر محضرا، تكتفي بالصمت.
زفر مروان بمرارة يراقب الممرضة تأخذ صفاء للأشعة، التفت للطبيب يسأله: ما حالتها؟
-سيئة للغاية كما تري، على الأغلب كسرت ذراعها ولكن الأشعة ستجزم، سأعطي لك مسكنات للألم قوية فكدماتها شديدة للغاية، جرح جبهتها احتاج إلي ست غرز، يجب مراقبتها فربما أصيبت بارتجاج بالمخ، سنجري أشعة أيضا لنطمئن.
شكره مروان بخفوت وهو يتحرك لحجرة الأشعة التي تمت بالفعل وأخبره الفني أن اليد بحاجة للتجبير.
بعد ساعة
نظر إليها بشفقة وهي تتحرك بصعوبة بجوراه بعد أن رفضت أن يحملها، أنهت تجبير ذراعها، كانت مازالت تغطي وجهها وكأنها تختبأ عن العالم، قال لها بحنان: اكشفي وجهك حبيبتي.
هزت رأسها نفيا، ماذا تقول له، هل تقول إنها لا تستطيع النظر إلي وجهه بعد أن رأي عريها، أخيها الذي كانت تخجل أن تجلس أمامه ببنطال ضيق رآها عارية، جلست في السيارة بعد أن فتح لها الباب، تأوهت بخفوت وهي تجلس، شعرت بالرعب سيرجعها الآن إلي القرية، كيف ستواجه نظرات الناس، كيف ستعيش بينهم مرة أخري، أمسكت كفه تتوسل له: لا تعدني إليهم مرة أخري مروان، ليتك تركت أبي يقتلني.
بوعد وحمائيه أخبرها: لن أعيدك لهم ستبقي في بيتي مع منال ونور.
سألته بذعر: والصور؟
رد عليها: لا تقلقي سأوصلك للبيت ثم سأحل الأمر. وعد سأنهي هذا الأمر اليوم.
بألم سألته: ومحسن هل سيستطيع النظر في وجهي بعد أن رآني الجميع...
صمتت لم تقدر على لفظ الكلمة، لكن مروان فهم فرد عليها بغضب: فليحترق محسن وأهله هو السبب بالأصل فيما حدث.
صمتت ولكن أفكارها كانت صاخبة تشعر بكسر في قلبها وخوف من القادم.
صمتا حتى وصلا لشقته، عاونها على صعود السلم، ما إن فتحت منال الباب حتى شهقت برعب من منظر وجه صفاء المتورم، سألتهم بفزع: ماذا حدث؟
لم يرد مروان ولكنه عاون صفاء علي الاستلقاء بحجرة الضيوف، أعطي كيس الأدوية لمنال يسألها: أنا بحاجة للنزول، هل ستستطيعين رعاية صفاء؟
بسرعة ردت عليه: بالطبع في عيني.
أغلقت صفاء عينيها بعد أن أخذت الدواء، تهرب منهم من العالم من الواقع المحيط، من الفضيحة.
أما مروان فنزل لشقة كريم يطلب عونه.

انتهى الفصل

أتمني تشاركوني بآرائكم في الفصل، دمتم بخير.🌹🌹🌹🌹





hollygogo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:33 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.