06-06-21, 11:06 PM
| #94 | ||||||||||
 
|   الجزء الثاني / من الفصل السابع أمسكت معدتها بتوتر، تنفي برأسها ودموعها تروي وجنتيها، لا...ليس هذا ما كانت تريده، هي لا تريد ترك إلياس...لا تريد أن يبعدوها عنه ليس بعد أن ... أن أجبروها...لا!!! .. لقد أجبروها على الزواج منه والآن يريدون تطليقها!! راحتها، حريتها، كل شيء سيتلاشى...!! تلك الليلة في الشقة على السرير لم تنم شروق رغم أن أمها نهرتها لترتاح أكثر من مرة حيث هي افترشت فراشا أرضيا جوار السرير. أمسكت وجهها وانكبت على وجهها تبكي على الوسادة حيث رائحة إلياس...مدركة الحقيقة الخطيرة التي كانت مدفونة، حقيقة اختفاء حضنها الآمن. .~.~.~.~. في الغد في المحكمة استقامت شروق وهي ترى إلياس يدخل يجاوره حارسين وهو مكبل اليدين، أمسكت أمها ذراعها تريد إجلاسها ولكنها رفضت ولم تلتفت لها حتى. عينيها مركزتين عليه و معه لكل حركة يقوم بها، ثم دق قلبها بقوة جعل ضلوعها تهتز وهي تراه يبحث بعينيه حتى إلتقت بعينيها وجرت عليها بالكامل بنظارته المتفقدة التي تعرفها جيدا، ثم ابتسم لها مطمئنا كعادته، ارتجفت شفتاها بابتسامة مشتاقة و ترقرقت عيناها و همست " إلياس.." نظرت لها محاميتها بغير رضى، أما الخبيرة الاستشارية فقد نظرت لها بشفقة مدركة التعلق والحب الذي تكنُّه الفتاة شروق للمدعو إلياس حتى لو كانت هي نفسها لا تعلم. كانت لتقع في حبه أيضا لو كانت مكان شروق، فبعد كل ذلك الحديث عنه وعن تصرفاته معها كيف لها ألَّا تقع في حبه. وإلتفت الجميع لصدر القاعة عندما ضرب القاضي بالمطرقة يعلن فتح الجلسة. .~.~.~. " أقسم أن أقول الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة" على المقعد المخصص له ردد إلياس خلف المدعي الذي تولى الأمر بطلب من منظمة حماية الطفولة ضد إلياس في القضية " هل شعرت يوما بالشهوة اتجاهها؟" بقي إلياس للحظات لم يستوعب السؤال حتى إستوعب أنه يقصد شروق فاستقام من مجلسه مرعوبا يستنكر صائحا " يا الله، إنها طِفلة كيف سأنظر لها بـ .. بشهوة؟!!" ضرب القاضي بالمطرقة فعاد للجلوس يرمق الرجل باستنكار وصدره يشتعل غضبا مما قاله " اذا أفهم من كلامك أنك لم تنظر لها يوما و لم تأتيك رغبة بها " " أقسم بذلك... إنها صغيرة كيف يعقل أن أفعل ذلك؟!" رد يقسم بكل جوارحه ثم نظر للقاضي ونظر لشروق وعاد يسمع باقي كلام المُدعي الذس كانت نبرة صوته معبئة بالإتهام نحو إلياس " طبقا لتقرير الطبيب الشرعي كانت هناك كدمات على جسدها.." قاطعه محامي الدفاع " اعتراض سيدي القاضي، التقرير كذلك أكد أن الكدمات جديدة وسببها المتهم صهيب حمادي" " اعتراض مقبول" قال القاضي ثم هذه المرة من تكلمت هي محامية شروق وهي تجاور المدعي في الوقوف قائلة للقاضي بنبرة باردة عملية " سيدي القاضي رغم كل حسن النية التي رأينها من الزوج ولكنه يبقى متزوجا من قاصر لذا " وأكمل خلفها المعدي بنفس النبرة " وهو لم يبلِّغ عن ذلك، حتى لو تم ارغامه على الزواج بإسم معالجة وإصلاح أمور عائلية، لذا بإسم المنظمة أطلب تحرير الفتاة من هذا الزواج وانزال العقوبة على الزوج وتغريم الشاهدين عليه" ختم كلامه وعاد كلٌ منهما الى مكانه نطق القاضي " المحكمة تستدعي الزوجة" استقامت شروق بقدمين ترتعشين وعينيها تلاحق وجود إلياس تطلب دعمه حتى وقفت في مكانها المخصص عندها نطق القاضي مجددا " اسمك شروق سعد زوجة شرعيا فقط، للمتهم إلياس حمادي" " أجل " ردت بحروف شجاعة رغم ارتعادها الداخلي خوفا من الموقف الذي هي فيه وخوفا من ابتعادها عن أمانها فالآن يقف بينه وبينها الكثير من الحواجز، وخوفها الاكبر أن يسجن وتعود هي للقرية، أخرجها القاضي من سهوها اللحظيْ وهو يسأل " أخبرينا بمطالبك كون هذه المحكمة لن تؤجل لأن كل الأطراف حاضرة ومستعدة" " لا أريد الطلاق" تردد صوتها في القاعة وسُمع للبعض فصمتوا بعد الأحادث القصيرة. فجأة انهارت تردد ببكاء " لا أريد الطلاق يا سيدي أرجوك..." قالتها فتردد صوتها مجددا في أرجاء القاعة التي صمتت تماما من أحاديث الحضور فقولها ألجم الجميع... حرفيا الجميع !!! عدى الخبيرة فقد كانت متأكدة من ذلك. وخصوصا عندما نزلت من المنصة وتقدمت بخطوات سريعة اتجاه وجود إلياس حتى وصلت اليه، يفرق بينهما الباب الخشبي الصغير وهمست وهي تمد يديها ليمسكها فلبى طلبها فتشبثت به كعادتها. مد الشرطي يده ليبعدها عنه في تزامن مع حديثه معها لترجع لمكانها ولكن القاضي أوقفه برفع يده فتوقف في مكانه، بينما شروق لم تبالي بالشرطي وهي تقول لإلياس " إلياس أنت تعرف ماذا سيحدث لي لو حدث الطلاق لن يرحموني...لا تتركني أرجوك...* التفتت خلفها تنظر للقاضي المراقب بصمت* سيدي القاضي أرجوك لا تجبره على تطليقي، أعلم انكم تبحثون عن مصلحتي ولكنها مع الياس... سيدي هناك المئات من القضايا غيري وستنسون امري ما ان أخطو خارج القاعة.. هم سوف يزوجونني رأسا لأنني أصبحت مطلقة عندها سيسارعون في تزويجي اتقاءا للفضائح.. وأنا أعلم أنه لا يوجد شخص مثل إلياس لو جبتَ العالم بحثا.. سيدي أرجوك * شهقت تبكي بحرقة وتتشبثت اناملها بيدي إلياس المقيدتين وعادت تقول * لديكم التقرير الطبي الذي يقول أني سليمة سواء جسديا أو نفسيا لست حالة ستوكهولم أو مهما كان اسمها.. أنا أريد البقاء زوجة لإلياس... أنا أستطيع الاختيار أنا كبيرة كفاية... لقد رردوها كثيرا لي ولكنهم الآن يقولون أني صغيرة ويريدون اعادتي.. *تدافع عن نفسها بقوة رغم بكاءها الذي لم يتوقف * سيدي القاضي لا تحكم علي بالموت أرجوك... لدي دراسة لأكملها ولدي حياة هنا في المدينة، إن تطلقت فسوف أعود للقرية وسأتوقف عن الدراسة... انا يا سيدي أرجوك..." وصمت رجاءها الحارق عندما مد إلياس يده ليدير رأسها اليه بوجه متأثر رغم محاولته لجعله هادئا وبنفس الابتسامة المتوترة التي تحفظها شروق جيدا قال " مهما حدث هنا.. أنا لن أتوقف عن مساندتك حتى من داخل السجن سأتصل على العديد من المعارف هنا وهم سـ....." قاطعته تنفي برأسها تبكي من بين كلامها " لا....لا أريد أي شيء من أي أحد أريد البقاء في الشقة.. أريد البقاء انتظرك لتعود" قاطع ذلك الجو الحزين المقطع لطيات القلب ضربة القاضي بمطرقته وصوته العمليْ " شروق سعد عودي لمكانك" مسح إلياس دمعة واحدة من دموعا و تركته وعادت تمتثل لقول القاضي " رفعت الجلسة لعشر دقائق و بعدها نطق بالحكم" قال القاضي ووقف ليتبعه من سيتشاور معهم، اعادوا إلياس إلى غرفة حجز قريبة بينما البقية غادروا القاعة للرواق حتى عودة القاضي. .~.~.~.~. في تلك الأثناء اقتربت شروق من سليم والبحث الذي اجرته على الانترنت وقول المرأة الاستشارية يدور في عقلها " سليم" نادت باسمه فنظر لها بعينيه الهائمتين متساءلا " لقد بحثت عن الموضوع واستشرت السيدة المستشارة هناك.." نظر سليم بعينين متسائلتين أكثر عن مقصدها فأكملت " أريد تقديم طلب رخصة زواج قاصر للقاضي" صمت سليم تماما وكأنه كان يتحدث أصلا.. لحظة و لحظتين ثم ردد خلفها " طلب رخصة زواج قاصر؟!" نظرت شروق اتجاه أمها وعاودت النظر له وهي تهمس " الأمر سيكون مسموح إذا تقدم بالطلب ولي الأمر والمعني أي *القاصر*، وسيكون قانوني ومع دراسة الجوانب وسماع الأطراف احتمال كبير ان يعطي القاضي الرخصة " أبعد سليم بصره لوالدته التي قدمت اتجاههما ثم لاحظ كيف نظرت له شروق باستنجاد ان يصمت فلبى طلبها والفكرة تبلورت حقا في عقله، فهكذا لن تعود شروق لتلك البؤرة مجددا.. مجددا سيعتمد على إلياس في إنقاذ شروق ومرت الدقائق فخرج حارس من الباب ونادى عليهم كان القاضي سيبدي كلامه ولكن شروق قالت " سيدي القاضي هل تسمح لي بقول شيء" نظر لها المحامي بغضب رغم أنه في صفها ولكنه يشعر بها تكرهه، هو قد عيّنته المنظمة لمساعدتها ولكنها لا تساعدته وتساعد نفسها " تفضلي" أشار القاضي لها، فاستقامت من مجلسها ونظرت لسليم فاومأ لها موافقا تشحعت أكثر، ثم نظرت للمرأة فأومات لها فتشجعت، ولكنها كانت مترددة وخائفة وذلك زال وهي تلتف نحو إلياس الذي كان ينظر لها أيضا بتساءل " أريد تقديم طلب لرخصة زواج لقاصر" ألقت القنبلة وكانت مدوية أكثر من قولها السابق بعدم رغبتها في الطلاق، ولكن القاضي لم يكن بصدمة الآخرين بسبب عمله فاستفسر أكثر " تقصدين أنك تقدمين طلب أن تأذن لك المحكمة بجعل الزواج قانونيا؟؟" " سيدي إن موكلتي لا تعرف ما تتحدث عنه.." نطقت محامية شروق تعترض " بلى أعرف ما أقول ويمكنك سؤال الطبيبة النفسية فتخبرك أني في كل قواي العقلية" ردت شروق بحدة على المحامية وعادت تنظر للقاضي تنتظر رده. من جهة فتحتْ أعين إلياس تفاجآ وهو يستوعب كلام شروق، إنها تريد أن تكون زوجته رسميا. و زال ذلك و محاميه يهمس في أذنه أنها تشاورت مع شقيقها سليم وهم يفعلون ذلك من أجلها حتى لا تعود للقرية وتستطيع إكمال دراستها. نظر إلياس ناحية سليم فكان ينظر إليه وكأنه يحدثه، وهو فهم عنه، ثم نظر لشروق التي تنظر إليه باستنجاد. حسنا هذا صادم نوعا ما..!! ماذا عساه يفعل أو يقول الآن..!؟ " إلياس حمادي.." استقام إلياس على نطق القاضي باسمه " ماذا تقول في قول الفتاة شروق سعد؟" نظر إلياس نحوها ثم عاد ينظر للقاضي و رد " إن كان هذا ما تريده هي، فأنا لا أمانع" بعض الأصوات استهجنت رده واعتبروه وغدا حقيرا... أعرض القاضي بمطرقته فساد الصمت مجددا، واقتربت رؤوس من يجلسون جوار القاضي لبعضها ثم دقائق و قال " نطق بالحكم" وقف الجميع في مكانه استعدادا وكلٌ قلبه وجِلٌ بمخاوفه " حكمت المحكمة بخمس سنوات حبس للمتهم إلياس حمادي....و بعد الدراسات تراجعت المحكمة عن قرارها وأسقطت سنة على المتهم بناء على عدم إيذاء الضحية وتوفيره لها كل وسائل الراحة مع المعاملة الحسنة وعدم الاستغلال الجسدي فتحكم عليه المحكمة بأربع سنوات، وسيتم سحب رخصة التعليم منه، و أيضا بناء على طلب الفتاة شروق سعد والنظر للتقرير الطبي والذي يؤكد عدم وجود خطب نفسي أو جسدي تعرضت له من قِبله، هنا المحكمة تنظر في طلبها في عدم الطلاق وتقضي بعدم الحكم بذلك ويبقى ذلك مترتبا على الزوجين وفي ما يخص طلبها في طلب رخصة زواج لقاصر فذلك تحوله المحكمة للجهات المعنية... رفعت الجلسة.... التالي" تنفست شروق براحة وصرخت بفرح " شكرا سيدي القاضي " أشار لها القاضي بضجر بيده لتخرج ليستأنف عمله من هذه الدراما التي حدثت قبل قليل والتي طوال عمله قاضيا لعشرين سنة لم يشهد مثلها. كانت ستركض اتجاه إلياس ولكنهم منعوها آخذينه للسجن. تجمدت تنظر للباب الذي أغلق خلفه حتى جذبتها أمها خلفها وهي واسعة العينين فاغرت الشفتين بعدم تصديق، فالآن فقط قد زالت الصدمة عنها وأدركت أنه سيدخل السجن وستعود خالية الظهر لا سند يقف أمامها ولا خلفها . بينما أسند عثمان وعز الدين عبد الله ليخرج بخطوات يشعر بالأرض تجذبه إليها، مدركا أن إلياس من تحمل الأمر وحده مجددا. صحيح قد تم تغريم عائلته وعائلة كِنته شروق ولكن سجن إلياس قسم ظهره. .~.~.~.~.~.~.~. دخلت شروق الشقة ببطء حزين وخلفها دخلت أمها وشقيقها عنترة، فبعد خرجوهم من المحكمة كانوا سيأخذونها للقرية ولكن بعض أفراد منظمة حماية الطفولة أجبروهم على التراجع لأنها ستبقى في بيت زوجها لحماية مستقبلها الدراسي وبهذا اتفقت العائلتين ببقاء أمها وأخيها معها الى أجل غير مسمى. توجهت مباشرة الى غرفة الياس مغلقة الباب خلفها ووصلت للسرير ثم انكبت فوقه تغرق فمها في ملائته وأجهشت في بكاء وكأن دموعها توقفت أصلا. خارجا وقفت أمها تنظر لأنحاء الشقة بتفحص كما يفعل ابنها الواجم. وبعد تجولها في الشقة كاملة قررت صنع شيء ما للعشاء فدخلت المطبخ. أما عنترة فقد جلس أمام التلفاز يتساءل كم سيدوم نقل أوراق جامعته الى الجامعة في هذه المدينة. .~.~.~.~.~.~.~.~.~.~.~.~.~.~.~. من أيام ولا يزال حمزة في كل مرة يُخرج الورقة من جيبه و يقلِّبها في يده محتار ماذا سيرد عليها، ابتسامة تراقصت على شفتيه تفضح سعادته وعشقه لصاحبة الخط على الورقة وهو يعيد للمرة المئة ما كتبت " في هذه اللحظة بالذات، لا ادري كيف أبدأ وكيف أنسق الموضوع ليكون صريحا، ولذا سأبدأ مباشرة، سأبدأ بالأمور التي أريد أن أعتذر عنها. : أريدك أن تعلم أنني كل مرة أتحدث معك فيها بقسوة، كانت من تعبي ومن الحياة التي لم تُنصفني كما كنت أريد. : كان غضبي يطغى على الرحمة التي في قلبي. : بداية زواجنا لم تكن سعيدة، ولكنني سأحاول نسيانها، لأنني رأيت منك في هذه السنوات الأخيرة ما جعل الأولى تبهت فكلانا أخطأ في حق الآخر. : لن أقول تجاوزت الأمر بل دعنا نحاول معا تجاوز كل الأذى الذي سببناه لبعضنا. أكتب لي ردك في الرسالة. كانت رسالة مباشرة، بدون تنمق، حتى شعر بالارتباك من طريقة الرد. يشعر أنه يريد تخطي كل شيء ويكتب مباشرة انا أحبك، وضع اصبعيه على شفتيه محدقا بالورقة وردد بحروف متقطعة " ما الذي علي فعله؟" فمن شدة الفرحة التي غمرت قلبه والحماس في عروقه لم يكتب حرفا واحدا. رفع رأسه لسماء مساء ما بعد العصر، حيث الشمس أخذت طريقها للأسفل لتختفي، طيور السنونو كانت تحلق بسعادة، حدَّق في الكمِّ الهائل كيف تلهو بطريقتها تخفق بأجنحتها و تطلق أصوات تجلب السعادة أو كما يطلقون عليها زغردات ناعمة. مثل قلبه الذي يزغرد من الفرح، ضحك ينزل عينيه بخجل داخلي من تفكيره والبسمة السعيدة وُزعت على وجهه بالكامل. رفع وجهه للسنونو مجددا أثناء تأملها فكر أن قلبه متعلق بسلمى كما تعلقت طيور السنونو بجبال المنطقة هنا، لا تستطيع الهجرة و لا تريد ذلك، تماما كما حال قلبه. قرّب الورقة لفمه حامدا الله على الفرصة الجديدة التي اعطاه إياه بفتح قلب سلمى ناحيته، رغم الجور والظلم الذي عاملها بهما في بداية زواجهما ها هي بدأت تحاول تصليح ما بينهما، عندما أدرك أنها لم تكن تريده وعايرته ليلة زفافهما بعِلَّته، كانت معيشتهما بعدها مع بعض مُرَّة. ولكنه أفاق فجأة من ذلك الكرب الذي سببه لكلاهما، على جملة سمعها خلسة قالتها سلمى لجارتهم وهي ترى جارهم الآخر يساعد زوجته الحامل في ركوب السيارة. " ليت كل الأزواج بهذه الرقة، يا الله ان كان الطلاق مستحيلا لي فأنا لا أطلب أن أكون مدللة أو أميرة ولكن أطلب الكلمة الطيبة والعِشرة الهانئة، لا أريد أكثر من هذا" " اللهم آمين " كان رد جارتها، وكانت تلك وكأنها نور شع في قلبه ليدرك أنه كان وغدا غليضا، وهذا كله بسببه تلعثمه الخلقيْ ليس ذنبه أنه وُلد هكذا و هو الآن لم يعد ساخطا، بل ذنبه أنه أذى الفتاة التي عشقها وكان يتوقع الرد على عشقه بعشقٍ مثله، وصَدْمَتُهُ فيها كانت الضربة الأخيرة، ليُنزل عليها كل القسوة التي يكنُّها للقرية بسبب معايرته الدائمة في وجهه من أقرانه، وفي ظهره من الأكبر سنا و الأصغر سنا. عاد بعينيه الحزينتين من الذكريات السيئة الى الورقة وقد عزم أمره. أخرج الدفتر الذي سيخط فيه الرسالة ثم ينقلها لورقتها هي. .~. كانت سلمى تدندن لحنا ما لا تفقه كلماته وهي تشرب فنجان الحليب بالقهوة التي تحب شربها عصرا تنظر للخارج من نافذة المطبخ حيث افترشت السطح الأملس للعمل تؤرجح قدميها بملامح هادئة ونفسٍ ساكنة. رغم الترقب العظيم لرد حمزة ولكنها واثقة في حبه لها، هي لا تستطيع أن تنسى ولكنها تسامح و تتناسى كما حال جميع النساء. قرأت مرة أثناء بحثها على الأنترنت عن حلول في فديوهات موثوقة عند دكاترة واستشاريين أُسريين، أن المرأة لا تنسى بل تسامح. وهذا شجعها للمضيْ، فهي كانت تعتقد نفسها أنها تهين نفسها بذلك، و الآن هي تدرك نعمة الله في ذلك على المرأة. سمعت خطوات قوية خلفها وصوت سلفتها كما تراه هي عالٍ حتى أفسد صورتها كمرأة وكشخص محترم. " لماذا تجلسين حتى الآن ولم تبدأي في اعداد العشاء؟" بنفس النبرة الآمرة خاطبتها ولكن سلمى لم ترد عليها ولم تنظر لها حتى. " سلمى انا أحدثك لماذا لم تبدأي في تحضير العشاء فاليوم دورك أنتِ" بنبرة هادئة بدت أنها كسولة لسلفتها " وقد قُلتِها، دوري أنا، لذا لا تتدخلي" تميزت الأخرى غيضا من التصرفات الجديدة لسلمى، تراها وكأنها أصبحت أقوى، تراها شوكة قد كبرت وستصبح علَّة في طريق سيطرتها على المنزل. لذا بصوت آمر محتقر تعودت على مخاطبتها به وما زاد الطينة بلة على ذلك أنها زوجة المتلعثم، * القلِّيل تاع الدار* " انهضي وابدئي الآن بتحضير العشاء فأنا لا أريد أن يوبخني زوجي على تأخر العشاء بسببك فألملم خلفكِ" نزلت سلمى من جلوسها و وضعت الفنجان ثم فردت كتفيها بذقن مستقيم ويد على الخصر واليد الأخرى أشارت بها مبسوطة بدعوة متحدية في لغة الجسد " أخبريني مرة واحدة لملمتِ عملي من خلفي.. فأنتِ أكيد تمزحين.. لأنني أنا من لملمتُ خلفكِ دوما، و أحضر العشاء لزوجكِ مئات المرات وأنت نائمة أو على الهاتف، أحضر له القهوة، بل مرات قد غسلتُ حتى ثيابه وثيابكِ أنتِ الداخلية، كل هذا وأنا أسكت، لا تقولي أني " هانة " لا كلمة لي ولكني فقط أستركِ..لذا أنتِ تمزحين أكيد" كانت ملامحها كما تدربت عليها باردة بدون تعبير محدد سوى رفعت حاجبها عدة مرات ثم أنهت ببسمة باردة. تزعزعت نظرات سلفتها للحظة فوثِقت سلمى أكثر بنفسها. تقدمت سلفتها منها بنية سيئة بعد أن تلجلج الكلام من نفسها. وابتسمت سلمى بانتصار وهي ترى يد سلفتها ترتفع لتصفعها فتراجعت بسرعة للخلف ونظرت لحمزة الذي وقف خلف سلفتها بملامح مصدومة وسرعان ما تحولت الصدمة الى غضب ودخل للمطبخ وجذب الأخيرة للخلف وكاد أن يصفعها رافعا ذراعه عاليا لو لم يتحكم في نفسه في آخر. وبصوت جهوري غاضب رغم تلعثمه هدر فيها " الزمي حدك راضية لا رضى الله عنكِ أقسم بالله العظيم لو لم يكن قدر أخي عندي لصفعتك حتى سقطت عند الأقدام" أثناء جلوس سلمى على النافذة رأت حمزة قادما، ولم يفته مرآها هناك فابتسم لها فردت له الابتسامة فسارع يتجه لباب المنزل وكانت تلك الاشارة لترد على سلفتها وهذه كانت النتيجة. ابتسمت بانتصار ثم وضعت يدها على ظهره قائلة " أحسنت بعدم صفعها يا حمزة فهي لا تستحق أن تتشاجر وتَصْغُر في عين أخيك بسببها" اليد الداعمة التي طبطبتْ بها على ظهره كانت المياه التي أطفأت فتيل غضبه الهائل، و أعطته بكلامها حكمة فعلته وتبعات ما سيفعله الآن. مع دخول أخيه و والدته الجزعان من صراخه قال لهما " زوجتك يا أخي كانت تريد ضرب زوجتي لو لم أدخل، وقد امتنعت عن لمسها احتراما لك واحتراما لنفسي، ولكن المرة القادمة التي توجه فيها يدها الى سلمى لا تلمني، وأنت أكثر من يعلم بأني لا أتحكم في غضبي" رغم حروفه المبعثرة والمتلعثمة، القول القوي كان الأكثر تأثيرا من حاله. " حماتي قد قسَّمت أيام عمل المطبخ بيننا، لذا لا أريدها أن تتدخل في يومي في المطبخ، وأنا لن أتدخل في أعمالها من الآن وصاعدا" كان قول سلمى وكأنه شرط أضافته فوق كلام حمزة الحاسم، فنظر شقيق حمزة لزوجته ثم جذبها للخارج بدون رد، بينما والدته نظرت قليلا لهما ثم خرجت أيضا بدون كلمة. التفت حمزة لسلمى ففاجأته بتعلقها في رقبته في عناق مشدود ثم همست " شكرا لكَ.. أنت بطلي" ان كان يظن قلبه سابقا زغرد مثل السنونو، أما الآن لم تعد زغردات ناعمة، بل هزيمُ رعدٍ يقصف أنحاء صدره، رد لها العناق يلجم نفسه حتى لا يجعله حميميا بل قويا فقط مثل عناقها هي، فالحواجز منذ فقدا طفلهما الأول لم تزل بالكامل بل كان يشيد بينهما كل فترة. تراجعت عنه تذهب ناحية الثلاجة لتبدأ في تحضير العشاء، أخرج هو الظرف من جيبه ووضعه على السطح الأملس وغادر. بقلب يدق على غير العادة وضعت سلمى رأسها داخل المبرد حيث الجليد لتبرد الحرارة التي اكتسحت وجهها، تدرك تصرفها الغبي ولكنها تركت رأسها هناك للحظات. فبعد النصائح التي سمعتها بأن تنظر للأمور الجميلة في زوجها، كان عناقه هو الشيء الذي يجعلها تشعر بنفسها أنثى، لا تدري كيف يفعل ذلك؟ ولكن ذراعيه عندما يكونان حولها تشعر بنفسها كأنها الكون بالنسبة إليه. و ردها كان تعبيرا لما شعرت به وهو يدعهما ربما للمرة الأولى على الإطلاق، لأنها كانت غافلة، أن تعبِّر عمَّا تشعر به بصدق كان من النصائح التي اعتمدت العمل بها. ويبدو أنها أتت بثمارها، فوصفها له بالبطل شعر بتأثيره على عناقه. .~. في الخارج كان حمزة صدر حمزة متضخما من وصفها له. مرَّ بباب غرفة المعيشة حيث يجلس والده، راقب الأخير بتفاجأ ملامح السعادة التي خرج بها إبنه رغم صراخه المفزع قبل قليل. اليوم لن تكون قفلة شريرة رحمة بي و بكم حبيت أوضح مصطلحين عاميين لدينا استعملتهما " القلِّيلْ " عندنا هو قليل الشأن، كما حالة حمزة " الهانة" عندنا هي المرأة التي لا يوضع ميزان لها أو لكلامها قراءة ممتعة~~ التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 08-06-21 الساعة 12:20 PM | ||||||||||
|  |
|
07-06-21, 05:18 PM
| #98 | |||||||||||
| اقتباس:
يسلم عمرك..أهم شي ولكن راحت عليه المسكين  أستسلم من حظ إلياس  | |||||||||||
|
| |
|
07-06-21, 05:18 PM
| #99 | |||||||||||
| اقتباس:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته  | |||||||||||
|
| |
 |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
18Likes
.png)
.gif "Eh S(7)")
.png)
العرض العادي
