آخر 10 مشاركات
يوميات العبّادي .. * مميزة * (الكاتـب : العبادي - )           »          سيدة الشتاء (1) *مميزة* , *مكتملة*..سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          قساوة الحب - أروع القصص والمغامرات** (الكاتـب : فرح - )           »          303 – عنيدة- فلورا كيد - روايات احلامي (الكاتـب : Just Faith - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          بين أزهار الكرز (167) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          والروح اذا جرحت (2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة في الميزان (الكاتـب : um soso - )           »          [تحميل] عاشق يريد الانتقام،بقلم/ *نجاح السيد*،مصريه (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          At First Sight - Nicholas Sparks (الكاتـب : Dalyia - )           »          [تحميل] مهلاً يا قدر ،للكاتبة/ أقدار (جميع الصيغ) (الكاتـب : Topaz. - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي اجمل قصة في الرواية؟ (اختار اكثر من قصة)
وليد-شيرين-معاذ 128 28.64%
مؤيد-رتيل 111 24.83%
مصعب-نورين 292 65.32%
مالك-سمية 123 27.52%
مازن-ياسمين 55 12.30%
قصي-سهر 54 12.08%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 447. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree7315Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-09-21, 06:11 PM   #4021

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


**شكرا جدا على التفاعل ان شاء الله ارجع لها مرة ثانية..
**لا تنسو التصويت للقصص في الرواية بأعلى الصفحة.. الجراء التصويت على أكثر من خيار


الفصل الثالث والعشرون

كزّ وليد على أسنانه بغيظ..
تظن لو رحلت للعاصمة وطلبت الطلاق منه فإنه سيحررها وينساها.. لا والله أبدًا لن ينساها بل ستظل هي الوحيدة هدفه كأنه لم يعرف سواها..
تلك البلهاء تظن أن سبب سكوته وعدم اتخاذه أي ردة فعل جدية حتى الآن سوى تلك الرسائل بسبب خوفه من تهديدات وُجهاء القرية.. لكن ما لا تعرفه هو أنه غارق بمصيبة أخرى خطيرة جدًّا تأخذ منه كل وقته وذهنه وتفكيره وبُعده عنها..
أطلق وليد نفسا عميقا مُجهدًا وهو يعود بذاكرته للماضي..
بعد تخرّجه من كلية المحاماة واجه الكثير من المشاكل في عمله عرقلته، كسيطرة المكاتب الدولية على السوق، وصعوبات تحصيل الأتعاب مِمّا جعله ناقمًا على هذه المهنة ويفكر في تركها قبل أن يستطيع أحد المحامين المخضرمين في المجال أن يكتشفه ويدعوه ليكون من بعده محامي عائلته لما رأى منه من ثقافة، خبرة، إدراك، سعة ذاكرة، قوة الشخصية وطلاقة اللسان.. والأهم من كل هذا أنه ينحدر من عشيرة غنية ومعروفة ربّته على الشبع والأصول ولن يدفعه الجشع أو المال يوما أن يغدر بهم..
فاكتفى بالعمل كمحامي لدى تلك العائلة الثرية التي جعلته حامي حماها، وحافظ أسرارها، والواجهة عنها أمام القانون، ووكيلها الناطق في جميع شؤونها المالية، والعارف بكيفية تصريف حقوقها، وميراثها، وتوريثها..
كان أفراد العائلة من جانبهم، يأمنون جانبه، ويطمئنون إلى إجراءاته، وينامون رغدًا وهو السّاهر على ممتلكاتهم، والمدافع عن كرامتهم إنْ تعرّضوا لأي مشكلة، أو لظلم، أو حاول أحد النّيل منهم..
وبعد ثلاثة سنوات استيقظت هذه العائلة على فجيعة اتهام ابنتهم بجريمة قتل خطيبها..
كان واضحا أن الاتهام ملفق وأن الحقيقة هي أن الابنة ضحية مهووس كان يلاحقها ولا يجد منها إلا الصدّ فتألمت كرامته وقام بنفسه بقتل خطيبها ثأرًا منها وتلفيق التهمة إليها..
ولأن هذا المهووس هو ابن عائلة كبيرة.. عائلة من حيتان البلاد استطاع والده باستخدام نفوذه رمي سهام الاتهام نحوها..
بالطبع قامت العائلة بالطلب من وليد أن يكون على واجهة فريق الدفاع لتبرئة ابنتهم المكتوية بنار الاتهام.. وكان هو طوق نجاتهم بعد الله سبحانه وتعالى..
فوضع كل تركيزه وطاقته ووقته على هذه القضية حتى يكون عند حسن ظن هذه العائلة التي وثقت فيه منذ البداية..
بدأت رسائل التهديد بالقتل والأذى تأتيه كما باقي المحامين المشاركين في الدفاع عن براءة الابنة في هذه القضية والذين استجابوا للتهديدات المثيرة للذعر خوفًا على أنفسهم وأموالهم وعائلاتهم ونفضوا أيديهم عنها قبل أن ينالهم أي سوء لا يُحمد..
إلا هو قد كان مُصرًا على الدفاع عن هذه الابنة حتى آخر رمق..
ليس هو من يجدي معه نفعًا أسلوب التهديد.. حتى لو كلفه الأمر حياته..
حتى أخيرا اكتشف والد المهووس أن هناك طرق أخرى بعيدة عن الترهيب والتهديد يمكنه من خلالها أن يأخذ وليد لصفه بل ويكون ورقته الرابحة في هذه القضية.. بإغرائه بالمنصب والشهرة والمكانة وإتاحة فرصة لتقدمه المهني في عمله..
لم يطل الأمر كثيرا حتى وافق وليد على عرضه المغري والانسحاب كمحامي دفاع عن ابنة العائلة قبل أول مرافعة ثم الانضمام لفريق الدفاع عن الشاب المهووس مستغلا كل ما يعرفه من معلومات خاصة وسرية عن تلك العائلة..
كان هو السبب الأول والرئيسي في فوز فريق الدفاع عن الشاب المهووس وزجّ ابنة العائلة في السجن بتهمة القتل لسنوات طوال ظلمًا وبهتانًا بسبب ما كان يعرفه من معلومات وأسرار عن تلك العائلة..
وبعد أن اشتهر اسمه واكتسح مجال المحاماة أنشأ مكتبه الخاص وبدأ يتهافت على الترافع فقط في القضايا ذات الصيت أو ذات مقابل مادي مجزي دون تحري الحقيقة فيها رغم أنه كان مكتفٍ ماديا..
لم يأبه لحقيقة أن دفاعه عن بعض موكليه يزهق الحق ويؤيد الباطل، بل كان يعمل بكل الوسائل الممكنة على استصدار الحكم لصالحه ظلما وزورا، مع الحرص على عدم ارتكاب مخالفات قانونية ظاهرة يمكن أن يحاسب عليها مهنيا أو يؤاخذ عليها أخلاقيا واجتماعيا..
ليقول في النهاية بصرف النظر عن وجه الحق وبكل افتخار أنه لم يعتد خسارة أي قضية يتولاها، ويعتبرَ الفوز في القضايا دليلا قاطعا على كفاءته وحسن سمعته كمحامي..
فشوّه الصورة المشرقة عن مهنة المحاماة واتبع كل أشكال الابتزاز، واللف والدوران، والاستنزاف ماليّا، والمساومات غير النظيفة، وتزوير أوراق وتقارير، صور قيود، هويات وتدليس الحقائق وما شَابه ذلك للتحايل على القضاء لمصلحة موكّله..
كان كل شيء يسير على خير ما يرام، حتى شعر بوخزة تؤنب ضميره عندما وصله خبر قتل ابنة تلك العائلة في السجن على أيدي بعض البلطجية من النزيلات معها..
لكن لم يعرف أن الأمر قد يُسبب له قلق بالغ إلا عندما سمع عن مقتل ذاك الشاب المهووس من قبل شقيق ابنة تلك العائلة المغدورة والذي ما يزال حتى الآن هاربًا من أيدي العدالة..
وعندما وصلت له رسالة تهديد هو الآخر بأنه سيكون التالي على قائمة الانتقام فهو سبب الزّج بأختهم في السجن وقتلها بغدره لعائلتهم ونذالته، أدرك آنذاك بأنه في خطر حقيقي..
فإذا كان الشاب المهووس ابن الرجل المعروف بصيته ونفوذه قد قُتل بكل إقدام فأين هو كي يختبئ من نيران انتقام تلك العائلة!
انتشل وليد نفسه من دوامات الماضي وهو يذكر نفسه بأنه أمضى وقته في الأيام الفائتة كلها بنقل أمواله وممتلكاته وتجهيز أوراقه للسفر للخارج خوفا على نفسه..
عليه أن ينجو بحياته ويبدأ في مكان آخر يكون أكثر أمانًا له..
لكن قبل كل شيء عليه أن يحاول استرداد شيرين، عليه أن يلجأ لأي طريقة مهما كانت ليحوز على رضاها وقبولها التام العودة له حتى يسافر معها للخارج بلا عودة إلى هنا..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-21, 06:12 PM   #4022

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

المدينة.. مكان عمل مؤيد.. داخل مكتبه..
امتقعت ملامح دموع الجالسة أمام منضدة المكتب وهي ترى مؤيد ينفجر ضاحكًا بصخب لم تألفه..
كتفت ذراعيها ثم قالت بصوتٍ مغلول وهي ترفع إحدى حاجبيها
((لماذا تسخر مني يا مؤيد؟ هل قلت شيئا مثيرا للضحك؟))
تدريجيا خفت ضحك مؤيد والتقت عيناها بعينين مظلمتين قاسيتين ترمقانها باستحقار تألفه ثم قال مُتهكمًا بقتامة
((كأنك تُلمحين أنك بانتظار أن أطلب يدك أو أتزوجك عرفي؟ لم تقوليها مباشرة لكن
هكذا فهمت!))
اتسعت عينا دموع بإشعاع مخيف ومشاعر مريعة تتصارع داخلها تسطع ببشاعة على وجهها وهي تقول بغل
((لا لم أكن ألمح لك أن تتزوجني، لكن حتى لو كنت ألمح فما الخطأ؟ ماذا ينقصني لتطلب ودّي والزواج مني! متوفر بي كل صفات فتاة أحلامك مستعدة أن أتزوج منك عرفي ولن أطلب منك الإنجاب))
حدّق مؤيد في عينيها للحظاتٍ طويلة فتلاشت الابتسامة عن شفتيها تدريجيًا حتى اختفت تمامًا وبادلته النظر بتجهم وارتباك.. وقهر.. فزعق فيها بلا تصديق
((هل أنتَ مجنونة أيتها الح-ث-ا-ل-ة؟ بل هل أنتِ واعية لما تطلبينه مني؟ تريدين مني أنا مؤيد ابن يعقوب الكانز كبير القرية التي أنحدر منها أن أتزوج امرأة مثلك؟))
أجفلت من زعيقه بها حتى أن رأسها قد تراجع للخلف قليلًا بصدمة وتسّمرت مكانها ناظرة إليه بفم فارغ.. كانت تبادله النظر دون أن يرف لها جفن.. قبل أن تقول بحرقة وقهر
((وما العيب بي لتتحدث بهذا الشكل يا مؤيد عني؟))
لوى فمه باستهانة لسؤالها وفاضت مقلتاه المتكبرتان بالاشمئزاز منها وهو يرميها بكلماته المستحقرة لها
((أنا لو أردت الزواج ثانية سأتزوج من فتاة لم يسبق وأن خرجت أو تحدثت معها.. لست ديوثا لأقبل أن أتزوجك والله أعلم كم خرجت أو تحدثتِ مع رجال قبلي))
رفعت له عينان تقدحان بالشّرر وهي تقول بكبرياء قاتم مُحذرة
((إيّاك أن تتحدث بهذا الشكل عني، أنا لا أسمح لك.. لم يسبق وأن تحدثت أو خرجت مع رجل قبلك.. ولم يكن بيننا أي شيء إلا بعض الخروجات لأماكن عامة ومحادثات على الإنترنت فالزم حدودك، كله إلا المسّ بشرفي وسمعتي..))
كانت تسمع أنفاسه الصاخبة بالغضب رغم انحنائه على سطح المكتب يضع عليه يديه الاثنين كأنه يحجم نفسه من نوبة غضب همجية بينما يقاطعها هاتفًا
((أين كان شرفك أو سمعتك عندما قبلت أن تخرجي معي أنا وصديقي بعد منتصف الليل لإحدى الحفلات الماجنة؟ أين كانت سمعتك وشرفك عندما قبلت أن أتحدث معك بأمور حميمية بين الزوج وزوجته على "الفيس بوك"!؟))
نظرت في عينيه مجيبة بثقة وبرود
((هل كنت أفعل هذا وحدي؟ ألم تكن معي وقتها يا شيخ مؤيد صاحب الدين والالتزام!))
لم ترتبك ملامحه حرجًا.. بل على العكس ارتسم على وجهه الاستياء والاستنكار وهو يرد قاطعًا بامتعاض شرس
((أنا رجل لا يعيبني شيء مهما فعلت، خروجاتي معك كانت للتسلية وتقضية بعض الوقت مع امرأة جميلة مقابل أن أنفق عليها من أموالي بسخاء.. أما ذاك الكلام المبتذل فقد كتبته في لحظة ضعف بعد استدراجك لي عما أحُبه في العلاقة الزوجية))
أغمض مُؤيد عينيه للحظات يحاول الحفاظ على رباطة جأشه ثم قال
((أنتِ يا دموع عاقلة لست بحاجة أن أختلق الكثير من الأعذار لأقطع علاقتي معك وأنهيها))
ارتعش جسد دموع غضبًا وتأثرا بنظراته الداكنة وقلبها يخفق حتى كاد يغادر صدرها.. أسبلت أهدابها الطويلة وهي تنهج انفعالا ووجلًا.. ثم قالت بصوتٍ مغلول
((لأني فقط طلبت منك يا مُؤيد أن نتزوج تخبرني بأنك تريد مني أن أخرج من حياتك!))
رفع مُؤيد كفه في الهواء ناويًا الهتاف بعنفٍ وغيظ.. إلا أنه في اللحظة الأخيرة تمالك نفسه وهو يضم قبضته ضاغطًا على أسنانه هامسًا بشراسةٍ
((وهل قليل طلبك بأن أنزل من نفسي وأتزوج امرأة مثلك!؟ هل يعقل أن أكون متزوجا من أم أولادي أم فهد ابنة الحسب والنسب القارورة المُصانة سيدة بيتها وملكة العفة، ثم أنزل من مكانتي ومكانة عائلتي وأتزوجك أنتِ التي كنت متاحة لرجال من قبلي لتمضية وقت تسليتهم؟ هل أنتِ مجنونة يا امرأة!؟))
احمّرت عيناها من نبرته المحقّرة لها وهو يُضرم بكلامه عن زوجته رتيل نار الحسد والغيرة بشرايينها بشيطانية..
لكنها شمّخت بذقنها بعنفوان وواجهته متحديّة.. صلبة..
ليخرج صوتها المشحون حقدًا
((سأنتقم منك يا مؤيد.. سأنتقم منك وانتقامي سيكون في قارورة منزلك المصانة.. أو كما تعتقد أنتَ..))
قاطعها مُؤيد بنبرة قاصفة
((اغربي عن هنا ولا تريني وجهك، ولسانك هذا أقطعه لو جلب سيرة زوجتي الدرة المصونة المستورة بحيائها والملتزمة بأخلاقها.. اذهبي ما أنتِ إلا غفلة استيقظت منها ونزوة شيطانية كانت تحاول جرّي للرذيلة..))
لم تستجب له.. بل أجبرت قدميها على الانغراس بالأرض وعدم الهرب وهي ما تزال تحتفظ بشموخ وقفتها رغم الارتجاج الذي زلزل خافقها.. حافظت على جمود محياها وهو يقترب منها ببطء.. حتى توقف على بعد مسافة معقولة وقال بخفوت خَطر
((هيا اغربي عن وجهي بدلا من أن أنادي البواب، وهذا ما لا أرغبه فقط لأنك امرأة.. هيا ارحلي))
ألقت دموع نظراتها الأخيرة بعينيها اللتان تشعان سوادًا على ملامحه ثم استدارت على عقبيها مغادرة..
أما مُؤيد فعاد خلف مكتبه يتكئ بمرفقيه إلى سطح الطاولة وهو يسند رأسه الثقيل المشحون بكفيه يقطع عهدًا على نفسه بأنه لن يخرج أو يتحدث مع أي امرأة لا تحل له مرة أخرى لغير الضرورة حتى لا يَعلق مع امرأة كهذه يصل بها الحال أن تَعرض عليه الزواج منها وتجمّله.. فإذا استطاع التخلص من دموع بسهولة فقد لا ينجح مجددًا مع أخرى..
.
.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-21, 06:14 PM   #4023

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي



في الخارج بعدما غادرت دُموع من المكان صاغرة وذاكرتها تأبى إلا أن تنغزها لتتذكر كل كلمة مستحقرة نطق بها نحوها.. أمّا كرامتها المهدورة تئن بالانتقام منه..
طلبت رقمًا سريعًا وسرعان ما جاءها رد صديقتها لتهتف بصوتٍ مغلول مشبع بالانتقام وملامح شيطانية
((غُنوة.. غُنوة.. أرسلي لي الآن صور قرة ابن الكانز المصونة المتواجدة في هاتفك حتى أسحبها، وبالتأكيد لك مقابل مادي محترم عن كل صورة ترسلينها لي))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-21, 06:15 PM   #4024

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في وقت راحة الجميع دخلت نجوم المطبخ مستغربة من صوت الجلبة فيه وهي تهتف بفضول((من هنا في المطبخ؟))
كَسَى وجهها احمرارًا وهي تقول بصوتٍ خافت خجول
((هذا أنتَ يا سيد مازن؟))
تطلع لها مازن وما إن رآها حتى ابتسم لها بود وتأسّف لها بصدق
((أعتذر بشأن ما قلت في ذاك اليوم، أرجوكِ انسيه إذا تسبب بشعورك بأيّ ضيق مني))
بلهفة سارعت تنفي نجوم وهي تلوح بيدها
((لا تقلق لم يحدث شيء.. هل أساعدك بما تفعله؟ هل هذه حلوى شوكولاتة؟))
تطلعت باهتمام لما يقوم به بانهماك تام من تزيين لطبق يشبه حلوى الشوكولاتة الهلامية بينما يجيبها
((لا بل هي بالونات أخذتها من صغار البيت وملأتها بالماء والآن أقوم بتزيينها بالشوكولاتة وسـأقدمها لزوجتي العزيزة))
اتسعت عيناها بذهول وهي لا تفهم مقصده تمامًا بينما هو بدأ يبحث بعينيه عن شيء ما هادرًا
((أين هي علبة المشروب التي قمت بخضّها لعشر دقائق))
وجد العلبة فأخذها بحماس وقال وهو يغادر
((إنها مقالب بياسمين))
ظلّت نجوم مذهولة حتى مغادرته! هل حقا يخطط أن يقوم بهذه المقالب الطفولية بزوجته!
هو وزوجته ياسمين لا تتناسب شخصيتهما معًا أبدًا..
فياسمين ليست من النوع الذي يختلط بالجميع سريعًا.. دائمًا هناك مسافة هائلة بينها وبين الذين تضطر إلى رؤيتهم كل يوم..
أما هو فحتى لو كان يوحي الانطباع الأول عنه بأنه لا يُطاق..
لكنه على العكس تمامًا يحمل داخله مرح ودهشة لا ينقطعان..
غادر مازن المطبخ في نفس وقت دخول منال التي قالت لابنتها في تساؤل
((ماذا كان يعمل السيد مازن هنا؟))
تلعثمت نجوم في البداية فأكملت منال بامتعاض
((الحاجة زاهية طلبت مني أن تبتعدي لمدة من هنا، وتذهبي عند العائلة حيث إخوتي يسكنون طبعا ستمكثين هناك مع دفع أجرة لك، حظك مبهر يا بنت))
أما نجوم فاتسعت عيناها لما تسمعه دون أن تجد تفسيرا لأمر الحاجة زاهية هذا!
.
.
تركت ياسمين المشغولات التي كانت تقوم بتطريزها ثم أراحت جسدها على ظهر السرير لتكتف ذراعيها وهي تصغي بوجوم لعتاب مازن الذي يضع أمامها طبق حلوى هلامية -كما يظهر لها- شهيّ المنظر
((لقد تعبت في إعداد هذا الشيء المغلف بالشوكولاتة لك، خذي الشوكة وكلي قطعة واحدة منها ولا تكسري بخاطري.. اعتبريه عربون تصالح عن كل الكلام الفظّ الذي قلته لك))
قالت برفض باتر وهي تبعد الشوكة التي يمدها لها عنها
((لن آكل شيئا مما تحضره، لا أثق بك أبدًا ولا في أي شيء تُحضره))
تنهّد مازن بحزن مصطنع ثم أبعد طبق الحلوى -كما يظهر لها- وأمسك عبوة المشروب الغازي ومدّها لها يقول برجاء
((حسنا على راحتك، لكن على الأقل خذي عبوة المشروب الغازي الذي جلبته لك))
لوت ياسمين فاهها وملامحه لا تطمئنها.. لكنها هَدَرت
((حسنا سآخذه بما أنه مغلق ولا احتمال أن تكون قد وضعت شيئا فيه))
تناولت العبوة منه وبدأت تفتحها بهدوء لكن وبمجرد أن فُتحتها حتى فار المشروب الغازي كله في وجهها كأنه انفجر من فوهة بركان بسرعة كبيرة..
شَهَقت بصوتٍ عالي وتساءلت أمام قهقهته العالية بقهر
((هل قمت بتحريك العبوة ورجّها قبل أن تعطيها لي؟))
ظلّ مازن يضحك بصوتٍ عال دون أن يجد قدرة على الإجابة..
في هذه الأثناء دخلت هدى ابنتهما للداخل وهي تقفز مكانها نحوهم وتقول
((أمي أريد أن أخرج مع..))
عقدت حاجبيها وهي تناظر باستغراب منظر أمها الملطخ بالمشروب ثم أخفضت بصرها إلى الطبق الذي يمسكه والدها وتساءلت بانبهار يكاد يسيل لعابها
((لمن هذه الحلوى الهلامية المغلفة بالشكولاتة يا أمي؟ تبدو لذيذة؟))
خفتت ضحكات مازن وهو يمد الطبق لابنته هادرًا
((إنها لك يا جميلتي، خذي الشوكة واقتطعي جزءًا منها))
بلهفة تناولت هدى الطبق منه وغرزت الشوكة سريعا في طبق الحلوى الهلامية لينفجر طبق الحلوى بها..
أخذ الأمر منها لحظات حتى تفقدت هذه الحلوى المنفجرة واكتشفت بأنها بالون ممتلأ بالماء كان مغلفا بالشوكولاتة لتقول بصوتٍ منذر بالبكاء
((إنها ليست حلوى))
ضحك مازن بخفوت على ابنته وملامحها، فهتفت ياسمين الغاضبة به وهي تكاد تنفجر غيظًا
((انظر كيف قمت بإهدار كميات كبيرة من الشوكولاتة من أجل مقلب سخيف طفولي! لا احترام لديك لنعم الله..))
هزّ مازن كتفه بتردد لصحة ما تقوله لكنه قال وهو يشير لملائة السرير البيضاء
((لا تنسي أن تبدلي هذه الملاءة فقد غرقت بالمشروب الغازي والماء))
بمجرد أن غادر الغرفة مستمتعًا بما فعله بهما حتى ناظرت هدى والدتها تقول
((أنا لا أحبه أبدًا))
وافقتها ياسمين القول
((ولا أنا أحبه يا هدى))=


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-21, 06:16 PM   #4025

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

تمدّدت رتيل فوق سريرها وقد أضناها التفكير وآرّقتها الأفكار المتعلقة بمؤيد..
أرهفت لهسيس صوت رنين هاتفها الخافت الذي يعلن وصول رسالة ما..
شكّت رتيل أنها من غنوة والتي عرفت شيئا عن دُموع ومُؤيد فانتفضت مكانها تلتقط هاتفها وتفتح الرسالة..
جحظت عينا رتيل بصدمة وهي تقرأ فحوى الرسالة..
هناك رقم مجهول أرسل لها الكثير من صورها في بيت غنوة ويطلب منها مبالغ كبيرة خيالية مقابل ألّا يرسل هذه الصور لكل من يعرفها!
لم يكن هناك شيء يعيب صورها هذه إلا أنها تظهر فيها كاشفة الشعر وترتدي في بعضها تنانير قصيرة تصل لركبتها!
هل عليها أن تتصل بالشرطة الإلكترونية؟
لأنه لو وصلت هذه الصور لمُؤيد بطريقة أو بأخرى سيفتضح سرّها!
ارتجفت يد رتيل الممسكة بالهاتف وتصاعدت وتيرة تنفسها وشحب وجهها..
من هذا المرسل الذي يهددها؟
ومن أين حصل على هذه الصور لها؟
عقدت حاجبيها وهي تنتبه للقاسم المشترك بين كل هذه الصور وهو أنه تم التقاطها جميعا من هاتفها أو طلبت من غنوة التقطاها لها! فكيف يمكن أن تصل لمخلوق آخر على وجه هذه الأرض!؟
عند تردد كلمة "غنوة" في عقلها اهتزت حدقتي رتيل!
شَرَدت بنظرها وبدأت تستعيد مشاهد سريعة من تلك الليلة.. تحاول استيعاب الغموض الذي حصل معها..
غنوة هي من كانت قد اقترحت عليها أن تذهب لذاك المهرجان دون أن تخبرها طبيعته رغم معرفتها بأن قدمها لا يمكن أن تطأ هكذا أماكن!
مُؤيد الذي يعمل في مدينة أخرى كان متواجدا في العاصمة وتحديدا في ذاك المهرجان في نفس الوقت بصدفة عجيبة!
عندما حاولت المغادرة من طريق آخر غُنوة ألحت عليها أن تسلك الطريق الذي يتجه حيث يقف مؤيد مع صديقه ودُموع!
لم تكن غنوة قد شاهدت مُؤيد أو حتى المرأة التي تقف بجانبه ومع ذلك عرفت شكلها واسمها.. بل وبثوان حصلت على حسابها ورقمها السرّي!
والآن هذه الصور!
شعرت رتيل بحُمقها وغبائها بينما إدراكها يصفعها مرةً تلو أخرى..
رفعت رتيل أصابعها تعبث بخصلاتها الناعمة بعُنف تحاول إخراج الغضب الذي تملّكها..
كَسَى الاحمرار عينيها التي تطايرت منهما شرارات الغلّ والوعيد وهي تطلب رقم غنوة..
ثم تقول بصوتٍ مبحوح وعينين مخيفتين بمجرد أن فُتح الخط
((غنوة سوف آتي عندك في الغد، هناك أحد يهددني بصوري ولا أحد أمامي ليخرجني من هذه الورطة غيرك أنتِ.. علينا أن نُسكت المُهدد حتى لو ترتب عليّ أن أدفع كل ما أملكه من أموال أو حتى أن أسرق من زوجي!))
وصلها صوت غنوة بصدمة مصطنعة وهي تقول
((لا أصدق ما تقولينه يا رتيل! من هذا ال-ن-ذ-ل الذي قد يفعل أمرًا كهذا بك؟))
أجابتها رتيل دون أن تنحسر ملامحها الجامدة القاسية
((مجرد ن-ذ-ل كما سبق وقلتي.. المهم توقعي زيارتي في الأيام القادمة))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-21, 06:16 PM   #4026

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

خرجت ياسمين من القصر إلى الحديقة ومعها مشغولات الخياطة حتى تقوم هي وحماتها بالتطريز كما هي العادة الجديدة بينهما..
لم تجد أحدا يجلس عند الطاولة إلا يزيد الذي كان يذاكر وجدته ليست معه..
استغربت ياسمين لكنها سمعت صوت جلبة من الحديقة الخلفية فمضت بطريقها تتبع الصوت لتفاجئ بالحاجة زاهية تشّد على ثوبها وتصرخ بمنال بوجه محتقن انفعالًا وتوترًا
((ألم تجدي يا منال غير مازن كي يتسلق الشجرة ويقطف الليمون! الآن من سيقنعه أن ينزل!))
دهشت ياسمين ورفعت نظرها عاليًا إلى مازن لتجده يجلس على أحد أغصان شجرة الليمون شاهقة الطول ضاحكًا..
استقام مازن واقفا على الغصن العالي برشاقة ليقول مشاكسا
((أمي أنا أقطف الليمون وحسب، لم أبدأ بالشقلبة مثل القرد بعد!))
ذعرت الحاجة زاهية ما إن وقف مازن وزجرت ابنها بانفعال أكبر
((انزل يا مازن من الشجرة، يكفي ما التقطته من ليمون، هيا انزل!))
بلحظة انتبهت الحاجة زاهية على اقتراب ياسمين مذهولة فصرخت بها
((اتركي يا ياسمين يا لوح الثلج مشغولات الخياطة ونادى على زوجك حتى ينزل))
ما إن انتبه مازن على وجود ياسمين حتى تأرجح فوق الغصن بحركة بهلوانية خطرة جعلت قلب الحاجة زاهية يقفز من مكانه ثم قال بشقاوة متأصلة فيه
((أمي انتظري قليلا، هناك ليمونة على طرف آخر الغصن، لن أنزل قبل أن أقطفها من أجل ياسو الجميلة))
بهت لون الحاجة زاهية وصرخت بياسمين
((أخبريه أنك لا تريدين ليمونًا واجعليه ينزل))
ضيّقت ياسمين عينيها وتطاير الشرًّر منها! إنه يوقع المشاكل بينها وبين أمه التي لا تحبها من الأساس!
اتسعت ابتسامة مازن لأنه نجح في إغاظة زوجته التي لا يملك إلا استفزازها..
أعطت ياسمين صندوق مشغولات الخياطة لنجوم ثم اقتربت من الشجرة أكثر ورفعت رأسها تهتف عاليا بحزم
((انزل يا مازن ولا تثر المشاكل لو سمحت))
أبدى مازن تعابير التظلم على وجهه ليقول وهو يتحرك على الغصن الرفيع العالي
((أتعب نفسي لأجلب الليمون من أجلكم يا ياسو وتتهميني بإثارة المشاكل! ثم..))
بتر مازن كلامه وشهق عندما تعثر في خطواته وبدأ يميل قليلا فصرخت والدته التي خطف لونها
((انتبه.. يا إلهي يا مازن كنت ستقع..))
استعاد مازن توازنه وكان يريد أن يطمئنها لكن ياسمين صرخت به بصرامة
((ارحم قلب أمك يا مازن وانزل من الشجرة))
رفع مازن كفه ليضعها على أعلى صدره بحركة تأثر مصطنعة وهو يرقّق صوته عن عمد ويهدر
((لوح الثلج صارت حنونة وتخاف على أمي أكثر مني))
رفعت نجوم يدها تكتم ضحكاتها على مازن بينما الحاجة زاهية تشدد من إمساك ثوبها وتقول بصوتٍ واهن من الذعر
((أنا لن أتحمل رؤيته هناك أكثر سأذهب ليزيد وما أن ينزل أخبريني))
غادرت الحاجة زاهية الحديقة ولحقتها منال حتى تتأكد من أنه لن يحدث شيء لها بينما قالت ياسمين وهي تكاد تنفجر غيظا
((حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا مازن، انزل بدل أن تقع على رأسك وتموت))
لم يظهر مازن أي استجابة بأنه سينزل من الشجرة فتطلعت ياسمين للخلف تتأكد من أن حماتها غادرت ثم أمسكت ساق الشجرة تبدأ بهزّها وقد فاض كيلها من سخافته وطفوليته.. فصرخ بها مازن بجدية وهو يتشبث جيدا في الغصن حتى لا يقع
((ما الذي تفعلينه أيتها المجنونة!؟ توقفي عن هزّ الشجرة! سأقع))
تلاشت ابتسامة نجوم وشعرت بقلبها يقف بينما ترى مازن يتمايل ويكاد يفقد توازنه فرمت صندوق الخياطة من يدها وهرعت تمسك ياسمين من كتفيها وتبعدها عن ساق الشجرة هاتفة
((أرجوك اتركي الشجرة يا سيدة ياسمين، سيقع زوجك))
وما إن نجحت في إبعادها حتى شعرت كل من ياسمين ونجوم بشيء من خلفهم يسقط من الشجرة إلى الأرض..
ببطء وحذر استدارت ياسمين للخلف مخطوفة اللّون ونبض قلبها يخفق بجنون وهي تجد مازن مسجى على الأرض بلا حراك مغمض العينين..
بدأ صدر ياسمين يعلو ويهبط برعب بينما تهرول نحوه هاتفة بصوتٍ مرتجف
((مازن! مازن ماذا حلّ بك؟))
جثت ياسمين على ركبتيها جوار جثة مازن وأفلتت من نجوم شهقة بكاء قائلة
((هل مات؟))
جحظت عينا ياسمين! هل يعقل أن يكون قد مات!
لكنها هزّت الشجرة فقط حتى تخيفه وينزل منها ليتوقف عن أفعاله الطفولية!
ثم وسط ذعرها الداخلي انحنت بأذنها إلى صدره لتسمع نبضات قلبه بوضوح.. تنفست الصعداء متمتمه بكلمات الحمد ثم التفتت لنجوم هاتفة
((توقفي يا نجوم لم يحدث شيء له، توقفي وأحضري عطرا ذا رائحة قوية))
استجابت نجوم لها وهرولت لداخل القصر لتحضر لها ما تريده وهي تولول..
ناظرت ياسمين وجه مازن وقامت بصفع وجهه بخفة بينما تردد بصوتٍ باكي مرتجف
((مازن أرجوك استيقظ، أرجوك يا مازن))
وعندما لم يستجب تحلت بشيء من القوة والصلابة ووضعت فمها على فم مازن تبثه أنفاسا سريعة قبل أن تقوم بالضغط على قلبه بصورة مستمرة ومتكررة لإنعاشه..
قررت أن تعيد إجراءات الإسعاف الفموي مرة أخرى فوضعت فمها بفمه تبثه الأنفاس قبل أن تشعر بشيء غريب.. كأنه مستيقظ.. بل ويستجيب لها!
حاولت أن تبتعد عنه فشعرت به يمسك رأسها بقوة رهيبة ويمنع ابتعادها حتى يتمكن من تقبيلها بعمق..
أخيرا استطاعت أن تحرر نفسها مبتعدة عنه لاهثة مقطوعة الأنفاس لتسمعه يقول من بين ضحكاته المبحوحة
((لقد كدتِ تصابين بأزمة قلبية من الخوف))
تراجعت ياسمين للخلف شاحبة الوجه، مصدومة بأعصابها التالفة وهي تحدق به ببلاهة..
فتح مازن عينيه ببطء وصوت ضحكاته المجهدة في تزايد..
وما إن أدركت ياسمين مقلبه بها حتى هبّت واقفة على قدميها وهي تركله بقدمها هامسة بغيظ
((أيها التافه، أنا أكرهك، أكرهك، أساسا كنت متأكدة من أنه مقلب، فقد وقعت بعد أن توقفت عن هزّ الشجرة))
امتقعت ملامح مازن وتأوّه بألم هامسا
((توقفي عن ركلي، لقد وقعت حقا ولم أتعمد ذلك ولو لم أمسك بآخر غصن لثوان قبل أن أقع على الأرض لتهشمت كل عظامي))
حضرت نجوم أخيرًا لاهثة وهي تمسك بخاخ للتنظيف برائحة قوية نفاذة.. لكن تهلّلت أساريرها براحة عندما رأت مازن مفتوح العينين لكن ياسمين سحبت منها بخاخ التنظيف بخشونة وقامت برشقه على وجه مازن بكل غل وحقد مما جعله يهتف وهو يغطي وجهه بكلتا يديه
((توقفي، توقفي يا مجنونة كلها مواد كيميائية مضرة، سأختنق))
رمت ياسمين البخاخ أرضًا بغيظ وغضب ثم استدارت راحلة ولم تعرف أن دموعها أخذت تسيل دون وعي منها وكل خلية فيها ترتجف..
التافه حقا أوقع قلبها وتخيلت نفسها تتصدر أولى صفحات الجريدة المحلية كزوجة قتلت زوجها بعد أن تسببت بوقوعه عن الشجرة!
اعتدل مازن شبه جالسًا مُتأوها فأسرعت نجوم تعطيه منديلا ليمسح آثار مادة التنظيف بينما تقول بكلمات متناثرة وهي تشيح بوجهها حتى لا يرى أثر دموعها التي نزلت ذُعرًا عليه
((ألف سلامة عليك يا سيد مازن))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-21, 06:19 PM   #4027

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

العاصمة..
شركة القاني..
بدأت شيرين تذرع المكان ذهابا وإيابا بجسد متصلب..
لقد حزمت جميع أغراضها بالفعل وانتقلت لشقة أخرى في العاصمة بعد أن تم نقلها لفرع القاني في العاصمة..
وبدل أن تتشّمت بما سيحصل لقصي ذاك المخادع المؤذي ها هي تنصاع لرجاء وإلحاح سهر في محاولة معرفة مصير قصي والسؤال إذا ما كان سيدفع المال كشيء من التعويض لشركة القاني قد يقلل الجزاء الذي سينزل عليه!
رفعت مساعدة نائب المدير التنفيذي لشركة القاني وجهها لشيرين تقول بحنق
((يا سيدة شيرين توقفي عن المشي أنتِ تشتتينني عن عملي))
استدارت شيرين نحوها وقالت بإحراج
((أنا آسفة سأجلس))
زمّت المساعدة شفتيها ثم قالت
((لو أردت نصيحتي وفّري ما تبقى من وقتك وغادري فالسيد يوسف أخذ حديثا منصب نائب المدير التنفيذي لفرع شركة القاني وهو إنسان مشغول دائما رغم أنه يظل في مكتبه لما يزيد عن اثني عشرة ساعة، ولا أتوقع بأنه سيقبل استقبالك بعد عودته من اجتماعه خاصة وأنك لم تأخذي موعدا مسبقا))
عقدت شيرين حاجبيها بحزم ثم قالت بإصرار
((مع ذلك أنا مُصّرة على انتظاره فأنا لن أشغل الكثير من حيزه المهم.. هي فقط بضع دقائق قليلة..))
قاطعتها المساعدة تقول متنبهة وهي تنظر للممر
((ها قد جاء السيد يوسف))
نظرت شيرين نحو هذا الرجل المدعو يوسف غزوان.. نائب المدير التنفيذي لشركة القاني بعينين مشدوهتين..
بدا وأنه في أواخر العشرينات أو حتى في بداية الثلاثينات.. المهم أنه يصغرها.. وهذا الأمر هالها أن يصل لهذا المركز على الرغم من أنه ليس من عائلة القاني!
فما هذه الكفاءات أو المهارات التي يتمتع بها حتى تسمح له أن يتولى هذا المركز!
بدا وأن هناك هالة مغناطيسية جاذبة له بينما تراه يمسك عدة ملفات يطالعهم بانشغال أثناء سيره نحو مكتبه.. لكن جاذبية مكتسبة وكأنّه تعلمها واكتسبها مع الزمن.. لا تلك الكاريزما الفطرية.. كهبة إلهية..
هزّت شيرين رأسها تنتشل نفسها من تفكيرها التحليلي السخيف ثم تقدمت منه بهدوء ورزانة تقول
((مرحبا سيد يوسف))
رفع يوسف وجهه لها وأمسك بيده نظارته الطبية بإطارها الأسود وهو يتساءل بعملية
((مرحبا يا سيدة، هل لديك موعد مسبق معي؟))
لم ينتظر إجابتها وهو يلتفت نحو مساعدته على الفور يلقي عليها وابلا من أوامره
((قومي على الفور بطباعة عدة نسخ لهذه الأوراق واجلبي لي الملفات التي أخبرتك عنها في الصباح من الأرشيف حالا))
همّ بالمغادرة نحو مكتبه دون أن ينتظر إجابة شيرين فهرولت تقاطع طريقه تقول بشيء من الارتباك
((سيد يوسف أعتذر أني لم أحجز موعدا مسبقا قبل أن آتي ولكن أنا..))
تسرب الامتعاض لملامحه وهو يقاطعها بوضوح
((يمكنك حجز موعد من مساعدتي بعدها قابليني للتحدث))
تمتمت بابتسامة متشنجة وهي تكز على أسنانها غيظًا منه ومن نفسها ومن الموقف برمته
((لكن مساعدتك رفضت أن تحجز لي موعدا عندك لأني..))
كشّر بوجهها وهو يقاطعها بصوتٍ باتر
((هذا يعني بأن مشكلتك مكانها ليس عندي وعليك أن تذهبي للقسم المعني))
تجاوزها يوسف ودخل إلى مكتبه الواسع الفخم فعادت شيرين تعترض طريقه وتقول
((أنا أعتذر منك لا أقصد أن أكون وقحة لكن لن آخذ من وقتك أكثر من دقائق قليلة))
لكنه أغلق الباب خلفه لا يكلف نفسه وقتا للحديث معها.. فتفاجأ من شيرين تفتح باب مكتبه متجاوزة حدودها.. تطلع لها بتعجب وخرجت نبرته عن طورها وهو يقول بصرامة
((كيف تتجرئين على الدخول إلى مكتبي بهذا الشكل؟ من أنتِ وهل تعملين هنا في شركة القاني؟))
وقفت شيرين مكانها تواجهه بثبات وهي تقول
((أنا اسمي شيرين.. سبق وشغرت منصب مشرفة في قسم الموقع الإلكتروني الذي سبق وتم سحبه من فرع شركة القاني الثاني..))
وضع يوسف الأوراق والملفات التي بيده على الطاولة ثم أخذ نفسا عميقا قبل أن يقاطعها بعملية
((نعم الفرع تم سحبه بالفعل وأيٌّ استفسار يخص هذا الموضوع سواء كان بشكوى على المنصب والقسم الجديد الذي انتقلت له أو غير ذلك فمكانه ليس عندي يا سيدة شيرين))
أغمضت شيرين عينيها بغيظ أكبر للحظات..
إنه عجول جدًّا ومتسرع ولا يترك لها أي مساحة أو فرصة لتتحدث ولن يفعل إلا إذا دخلت مباشرة بصلب الموضوع دون مقدمات.. فهدرت على الفور
((سيد يوسف أنا أريد أن أسال عن الموظف قُصي سامح الذي تسبب بسحب توكيل القسم من شركة القاني، ماذا سيحل به، وإذا ما كان بإمكاني التواصل مع الفريق القانوني للشركة لمعرفة مصيره وكم قد يلزمه أن يدفع ليخرج من هذه الورطة؟))
تغضّن جبينه بالضيق وبدا مستاءً من الموضوع الذي فتحته قبل أن يجيب بنفس عمليته
((مثل هذه الأمور تتم بالسّر ولن تقبل الشركة ولا حتى وكيل الموقع الإلكتروني من شركتنا أن يعرف أحد تفاصيل إجراءات السّحب))
فغرت شيرين شفتيها قليلا لما قاله قبل أن يتجه نحو الباب ويفتحه قائلا بهدوء
((الآن يا سيدة شيرين.. فأنا مشغول جدًّا.. لقد سمحت لك بالتحدث معي دون موعد ومقاطعة عملي المهم.. ونظرًا إلى أنك سبق وكنتي مشرفة في قسم مهم في الفرع الثاني من شركة القاني فأنا سأتجاوز عما فعلته، لكن وقتي ثمين ولا أستطيع الاستغناء عنه أكثر، وعليّ أن أطلب منك الرحيل.. فهل يمكنك ذلك؟))
قوست حاجبيها تقول بانزعاج
((لا.. ليس بعد..))
اتسعت عيناه مرددًا
((ماذا قلت؟))
تنحنحت شيرين بحرج قبل أن تقول
((أنا آسفة.. أقصد أني فقط أريد أن أعرف من هو القسم المعني في القضية؟ وكيف يمكنني التحدث مع..))
انخفضت نبرة شيرين في آخر كلماتها ثم بلعت ريقها بصعوبة وقد استشفت الصرامة والغضب في ملامح يوسف..
لقد فعلت ما بوسعها لتحاول مساعدة قصي من أجل سهر وليس من المعقول أن تخسر وظيفتها من أجل ذاك المخادع! فما كان منها إلا أن هزّت رأسها بطاعة وقالت بإحراج
((حسنا سأرحل بهدوء))
استدارت شيرين نحو الباب لتتسع عينيها وهي تواجه آخر شخص توقعت أن تراه.. قُصي...!!
كان يرتدي ملابس سوداء شبابية يغلبها اللون الأسود تضفي على مظهره شيئًا من الغموض وبعيدة كل البعد عن الملابس الرسمية التي تلزمها الشركة على موظفيها أثناء فترات الدوام..
وضع قُصي يديه في جيبي بنطاله الجينز الغامق وهو يزم شفتيه.. ثم تساءل
((شيرين ماذا تفعلين هنا؟))
تسمرت شيرين مكانها وتفرقت شفتيها لكن لم تعرف ماذا تقول ولم يخرجها من تخشّبها إلا صوت يوسف من خلفه يتساءل بذهول
((هل تعرفها يا سيد قُصي!؟))
تطلع قصي له بملامح عادية ليقول يوسف بتوتر كمن تذكر شيئا
((أوه.. صحيح سبق وأخبرتني بأنها كانت مشرفة للقسم الذي كنت فيه بفرع شركة القاني الثاني))
لفّت الدهشة شيرين وهي ترى قُصي يتجاوزها وهو يكمل طريقه لداخل مكتب يوسف حتى جلس على الكرسي واضعا قدما فوق قدم بعدم تهذيب وهو يتحدث مع يوسف
((حسنا في الحقيقية ليس هناك سبب لقدومي هنا لكن قلت في نفسي ما المانع بما أني متواجد فلأدخل عليك للدردشة معك أثناء احتساء فنجان قهوة))
بدا على يوسف الانفعال من تصرف قصي الخالي من الذوق والاحترام إلا أنه ردّ على الفور بنبرة تجلى فيها مدى حرص يوسف على تملقه وهو يقول
((فنجان قهوة! أوه حسنا سأطلب من مساعدتي إعداد قهوتك كما تحبها.. حلوة ها؟))
ردًّ عليه قصي بترفع وفظاظة كمن يعامل خادمًا عنده
((أريدها سادة يا يوسف.. لكن مع قطعة شوكولاتة تخفف من مرارتها))
تمتمت مساعدته بحنق وانزعاج
((وهل مكتبنا بوفيه مفتوح؟))
اتسعت عينا يوسف وهو يحدجها بنظرات صارمة ثم يتمتم
((ششش اخفضي صوتك.. إنّه السيد قُصي))
أشار يوسف لشيرين برأسه حتى تبتعد خارجا عن عتبة مكتبه ليغلق عليها تاركًا إيّاها بوجه باهت.. مصدوم.. وعقلها مليء بمئات الأسئلة الحائرة..
توجه يوسف عند طاولة مكتبه يقوم بلملمة أوراقه بينما يسأله قصي بنبرة مستفزة
((هل تشعر بالسّخط يا يوسف لأني قاطعت وقتك المهم؟))
ابتسم يوسف له بتملق وقال
((وهل هناك يا سيد قصي أهمّ منك؟))
حرك قُصي قبعته السوداء الأمريكية للخلف بتهكُم جرّد الآخر من كرامته
((أنتَ منافق بارع.. أمي محقة بكلامها عنك أنتَ مستعد لتلعق حذاء عمي حتى يرضى عنك دائما))
ازدرد يوسف غصة مسننة عالقة في حلقه ثم توجه نحو قصي يبادله النظر وهو يقول بلهجة مقهورة مشوبة بالتوتر
((سيد قصي كلامك قاسي جدًّا، بغض النظر عن كل الخلافات بيننا أتمنى أن يظلّ الاحترام له مكان بيننا مهما حدث))
استحالت ملامح قصي لأخرى غير مألوفة فيه وهو يهتف بانفعال
((ومن أين سيأتي الاحترام بعد أن أخبرني عمي بقراركم بعد هذا الاجتماع؟))
ازدرد يوسف ريقه مُجددا قبل أن يقول وهو يمنع التواصل البصري بينهما
((قرار مثل هذا لا يؤخذ من قبل شخص واحد أو إثنين، بل كان بإجماع أصحاب الأسهم في شركات القاني.. أنا رفضت التصويت وكذا الأمر للسيد فارس وكنا محايدين.. يمكنك التأكد من ذلك فلا يمكن لي أو لعمك السيد فارس أن نقف مع قرار يلزمك بعدم العمل في شركات القاني بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الأبد))
ضرب قصي الطاولة بيده باحتدام وقال بنبرة خطيرة
((إذا كان عمي قد استغل وفاة أبي بسرقة حقي وحق أخي وكل ما يحق لنا من أسهم في هذه الشركة فلماذا لن يكون هو من حرّض الباقي على اتخاذ قرار كهذا!))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-21, 06:21 PM   #4028

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

ردد يوسف بانضباط انفعالي
((سيد قصي أنت لم تعمل منذ تخرّجك من الجامعة في أي مهنة إلا مؤخرا هنا كموظف بسيط وتسببت بكل تلك الخسارة للشركة وخسارة قسم كامل.. ربما الأفضل أن تطالب بحقك المهدور في ورثتك أنتَ وشقيقك دون الحاجة أن تعمل هنا))
استقام قصي من مكانه بعنف ليقول بغضب بعد لحظات صمت
((ما فعلته كان بسببكم أنتم، عندما أخبرني عمي قبل ثلاث سنوات أن أبدأ العمل في شركة القاني كموظف بسيط ومن ثم هو سيقوم بترقيتي تدريجيا حتى أصل للمنصب الذي أستحقه كوريث لأسهم شركة القاني فعلت ذلك وبدأت عملي باجتهاد لكن بعدها بدأت ألاحظ بأني لا أتزحزح من مكاني ولا أترقى أدركت بأنه سيظل على تسويفه وإبر تخديره لي وبأنه يخطط ألا يعطيني ولا شيء من حقوقي، لهذا بدأت أعمل بإهمال واستهتار..))
ظل يوسف للحظات يبادل قصي النظر قبل أن يقول
((ما الذي تريد أن تصل إليه يا سيد قصي الآن معي؟ تعرف أني كأيّ مجرد موظف هنا لا حول لي ولا قوة؟))
ضيَق قُصي عينيه وهو يجيبه بجدية
((الذي أريد أن أصل له هو أني لن أهتم بقرار أصحاب الأسهم هنا.. أنا حتى وإن كان ليس هناك ما يثبت ذلك، أَرثُ مع شقيقي من أبي جميع أسهمه التي سلبها عمي منا مكتفيا بأن يتكفل بمصروفنا الشهري.. لذلك سأعود للعمل في الشركة، لكن في منصب يليق بي أنا قصي القاني.. ومكانك هذا لا تعتاد عليه فلن تظل به كثيرًا فهو حق أحد أبناء القاني))
رمقه قصي بنظرات تصغره وتحقر من شأنه قبل أن يستدير على عقبيه مغادرا مكتبه.. تقبضت يد يوسف بغيظ بالغ وغمغم بنبرة مشحونة
((أولاد القاني الأغبياء من أكبرهم لأصغرهم))
.
.
خرج قصي من مكتب يوسف بفظاظة وظلّ يمضي قُدما بطريقه في الممر قبل أن يشهق بتفاجئ وهو يخرج يديه من جيبي بنطاله بحركة تلقائية للتي ظهرت أمامه بملامح متجهمة..
التقط قصي أنفاسه يستعيد رباطة جأشه قبل أن يقول
((أفزعتني يا شيرين.. أعطي تنبيها قبل أن تقفزي أمامي بهذا الشكل))
ضيقت شيرين عينيها بنبرة تفحصيه..
فالرجل الذي دخل كملك له هيبته مكتب يوسف مختلف عن الواجهة المستهترة الودودة التي يظهر بها أمامها.. فسألته باختصار
((لماذا أنتَ مُهم؟))
رفع قصي حاجبيه يردد
((من هو المهم؟))
قطبت حاجبيها بغضب وتساءلت مكررة
((لا تدعّي البلاهة! ومن مهم غيرك!))
هز قصي كتفيه يجيب ببراءة
((أنا لست مُهمًا!))
أشارت شيرين بسبابتها نحو الاتجاه الذي يوصل إلى مكتب يوسف ثم قالت وهي تتحرر من صبرها
((بل مهم وإلا لماذا عاملك السيد يوسف غزوان بذاك الشكل؟ بدا كأنه يهابك ويخشى غضبك!))
مرّ شبح ابتسامة على وجه قصي دون أن يجيبها، فاحتلت الصرامة وجهها قبل أن تقول
((قصي سامح.. من أنتَ؟ أرجوك صارحني وبدون أكاذيب يا منبع الكذب))
هزّ كتفه مجددا وهو يقول باستمتاع
((أنا هو أنا.. كما تعرفيني))
رفعت شيرين يديها تدلك جبينها بإنهاك وهي تتمتم بخفوت كمن تحدث نفسها
((هل تعرف يا قصي أن الكذب يُعتبر واحدًا من أسوء الصفات التي من الممكن أن يتصف بها الإنسان؟ الرجل الكاذب هو شخصٌ مكروه وغير جدير بنيل ثقة من حوله حتى المقربين إليهِ))
تنهد ثم قال كمن أخذ على خاطره
((شكرا على ذمّي))
تطلعت له بغضب ورددت
((أنا لا أذمك وحسب بل أعريك أمام نفسك.. أنتَ كاذب يا قصي.. بل منبع للكذب.. يا أخي لماذا تحب أن تكذب؟ ما الممتع بالكذب وأن ينعتك الناس بلقب كاذب! الكذب يسقط الهيبات وهو أصل الرذائل، الشخص الكاذب تُبغضه الناس وتحتقره ولا يُقِيمون له وزنًا ولو صدَق يومًا فإنهم لا يصدقونه لأنهم لَم يتعوّدوا منه إلا الكذب.. ويسقُطُ مِن أعينهم))
أغمضت شيرين عينيها للحظات ثم قالت بنبرة حازمة جدية وهي تضع عينيها بعينيه
((سأسألك للمرة الأخيرة وكن رجلا صادقا فالحقيقة العارية أفضل من أجمل كذبة لباسًا.. من أنتَ يا قُصي؟))
ظل يبادلها تلك النظرات للحظات طويلة قبل أن يجيب بجمود
((حسنا أنا هو ابن أخ صاحب شركات القاني بفرعيها.. أنا قصي القاني.. وهذه هي شركة عائلتي))
لم تنحسر ملامح شيرين السابقة وهي تسأله بهدوء
((هل تعرف ماذا قال أدولف هتلر؟))
قال قصي بملامح مترددة مستغربة
((ماذا قال؟))
أجابت شيرين بنفس الهدوء
((قال "اكذب كذبة كبيرة ثم حاول تبسيطها وكررها، في النهاية ستصدقها" وهذا ما يحدث معك.. لم تدع أحدا لم تحاول الكذب عليه بشأن عملك في منصب كبير في شركة عائلتك حتى نفسك صدقت كذبتك..))
كتّف قصي ذراعيه ثم قال لها بضيق
((هذه هي الحقيقية وليست كذبة.. نسبيًّا.. فأنا لا أعمل في منصب مهم في شركة عائلتي لكني أعمل بها..))
أخرجت شيرين ضحكة ساخرة خالية من أي مرح وهي تقول تحتقره
((أنا كنت سأصدقك هذه المرة لو لم أرَ بنفسي معلومات سيرتك الذاتية يا قصي سامح يا منبع الكذب! من أين جلبت عائلة القاني لاسمك فجأة؟))
هزّ قصي كتفيه كمن يترك لها حرية التصديق أو لا وظل يسير للأمام إلى آخر الردهة وهي تسير خلفه بحذر وتصوب نظرها له بتوجس..
قبل أن تتوقف مكانها تناظر الرجل السّتيني الذي خرج من المصعد برفقة مرافق له شاب..
فتوقفت مكانها أمام هيبة هذا الرجل وملامح وجهه القاسي وقد عرفت هويته.. السيد فارس القاني.. المدير التنفيذي لشركة القاني..
بدأ السيد فارس يُناظر قصي هادرًا بهدوء صوته الرّخيم الخشن
((قُصي ماذا تفعل هنا؟))
ابتسم قصي تلك الابتسامة المستفزة له وهو يقول
((كنت عند يوسف قبل قليل وتحدثنا قليلا! لكن لم نصل لشيء لذا سنتابع حديثنا في البيت يا عمي))
سأله فارس وهو يصوب نظراته لشيرين بعنف مخيف
((من هذه التي معك يا قصي؟ هل هي خطيبتك سهر؟))
أجابه قصي بهدوء
((لا إنها شيرين.. كانت تعمل مشرفة لنفس القسم الذي كنت أعمل به.. وسمعت بأنه تم نقلها لتعمل في هذا الفرع))
رمى فارس بنظرات قاتمة لقُصي يعلمه من خلالها بأن حديثهم لم ينتهي بعد وسيكمله في وقت ومكان لاحق.. ثم مضى الطريق أمامه بتلك الهيبة الفطرية..
فقالت شيرين بتردد لقصي
((إنه السيد فارس القاني.. صحيح؟))
أجابها قصي ببساطة ((نعم))
كبّلت الصّدمة لسان شيرين وهذا اليوم يرفض التوقف عن رميها بالمفاجآت..
أما قُصي تفهم ما تمر به فدعاها لتجلس مقابله على المقاعد الموضوعة بالبهو حيث يمر من هنا قلة من الموظفين تبعا لأن الطابق هذا مخصص فقط لقاعات الاجتماعات ومكاتب أصحاب المناصب الكبيرة في الشركة..
بصعوبة تحركت شيرين تجلس على إحدى المقاعد ونظرت لقصي تقول بذهول يلفها مغمغة
((رباه.. رباه.. لكن كيف يعقل هذا؟ أنتَ قصي سامح لا قصي القاني))
هزّ قصي كتفيه وقال
(("القاني" هو اسم عشيرتي لكن في دفتر العائلة اسمي الرابع هو سامح.. كل عائلتنا نفس الشيء.. حتى عمي اسمه في هويته المدنية فارس سامح))
هامت شيرين وهي تشرد بعينيها للماضي محاولة استجماع الخيوط
((إذن لقد كنت صادقًا! نوعا ما! لقد كنت أظنك تدعي بأنك شخص آخر غني وتخفي حقيقة أنك موظف بسيط فاشل ليتضح بالنهاية أنك أكبر وأغنى مما حتى كنت تدعّي! لا أظن أن عائلة سهر الغنية تضاهيك شيئا! والمسكينة سهر كانت تقوم بتجميع كل المجوهرات التي أهديتها لأمها حتى ترجعها لك لعلها تنقذك من الورطة التي وقعت بها))
ثم نظرت له تقول عاقدة الحاجبين
((لا تلومني على تكذيبي إيّاك فمن كثرة أكاذيبك لم يعد هناك أحد يصدق كلمة تخرج من فمك))
اتكئ برأسه للخلف وهو يقول بنبرة محبطة
((على كل حال، لقد عقد مجلس الإدارة اجتماعهم ووصلوا إلى نتيجة واحدة وهي أني لن أعمل هنا مجددا.. صحيح بأنه تأذى الكثير من الموظفين بسبب انفعالي وفقدوا وظائفهم لكن صدقيني شركة القاني لم تخسر شيئًا غدا سيأتي عملاء أهّم بقسم أفضل للشركة.. لكن عمي استغل الأمر وحرضهم ضدي بعد إقناعهم أن وجودي هنا قد يسبب المزيد من الكوارث لشركة القاني.. عمي فارس إنسان جشع، استغل وفاة أبي حتى يخون الأمانة ويسلب حقنا أنا وأخي وما ورثناه منه))
ترققت ملامحها وهي تقول
((وضعك معقد جدًّا..))
أكمل لها بما يجلي الكثير من الغموض الذي يلفه
((أمي وبعد وفاة أبي بذلت جهدها لتحارب عمي لاستعادة حقي وحق أخي المهدور، لكن عمي أقنعها أن تتزوج منه وتتوقف عما تقوم به فوافقت وأقنعتنا أن ندعمها بعد أن أخبرتنا أن الزواج منه هو الطريقة الوحيدة لاستعادة حقنا.. ثم أنجبت منه أخي وبعدها لم تعد تهتم بأحد غير هذا الأخ))
((غريب أمر أمك، ألستم جميعا أولادها!))
((يمكنك القول بأن أولاد عمي من مطلقته الأولى علاقتهم منتهية به.. وأولاده من مطلقته الثانية وهي والدة يوسف نفسها فقدهم.. وابن عمي والذي هو نفسه أخي الغير شقيق هو ما تبقى له.. لهذا أمي توقفت عن النضال من أجلنا فهي ترى أن أموال وثروة عمي في النهاية ستكون لابنهما))
((يوسف ابن مطلقة عمك؟ لهذا استطاع أن يصل إلى منصب كهذا وهو في هذا العمر اليافع!))
((يوسف رغم بغضي له لكنه إنسان مجد ومجتهد لكن عمي أيضًا السبب بكل ما وصل له ويعيش في ظله.. عمي ال-ن-ذ-ل مستعد أن يفضل يوسف علينا نحن أبناء أخيه الراحل بل على أولاده ذاتهم..))
صمت قصي قليلا يظل سارحا بشروده قبل أن يكمل
((أنا لم أهتم كثيرا بورثتي المنهوبة لأن عمي فارس ومنذ وفاة أبي وهو من يتكفل بكل احتياجاتي المالية.. ثمن مدرستي وجامعتي.. نشاطاتي وسفري.. وهو من شجعني على عيش حياتي كما أرغب وعدم أخذها بشكل جدّي عن طريق إمدادي ماليا بكل ما أحتاجه.. وأنا كشخص غير مسؤول لا يحب غير البحث عن متعته كنت راضيًا بذلك بل ممتنًا))
رفعت حاجبيها وهي تسأله
((لماذا قررت أن تغير هذا الأسلوب؟))
ناظرها وهو يجيب
((الحقيقة بعد استقراري هنا شعرت بحاجة للزواج وأمضيت الكثير من الوقت في البحث عن فتاة مناسبة لاهتماماتي وما أحبه وبالصدفة فقط تعرفت على سهر من بعيد وحاولت التقرب منها ونيل إعجابها هي وأمها قبلها، لكن خفت أن ترفضني عائلتها بعد أن تعرف أني فعليا لا أملك أي شيء وأعتمد ماليًا على عمي، ومتى ما سحب عمي دعمه المالي فلن يبقَ شيء لي، وقتها عرفت أهمية امتلاك وظيفة وأمان مالي وطلبت من عمي أن يوفر لي بشركة العائلة منصب مرموق حتى أستطيع التقدم لعائلة سهر مرفوع الرأس، لكنه وضعني بذاك المنصب البسيط مع وعد بترقيتي متى ما رأى أن الوقت مناسب فضلا عن تسجيل إحدى فلل والدي التي نهبها بإسمي سريعًا، فذهبت وحيدا إلى عائلة سهر وكذبت عليهم بمعظم الأشياء على أمل أن عمي سينفذ وعوده خلال أشهر ولم أظن أن الأمر سيستغرق منه ثلاث سنوات ثم سينقض الوعد بعد كل هذا))
قالت شيرين باعتراض
((هذه الحقيقة ليست مخزية، ولو أخبرتها لهم لم تكن لترفضك عائلة سهر!))
تنّهد قصي ثم قال شارحا
((والد سهر يعرف حقيقتي.. عرفها عندما تقدمت لسهر وسأل عني، وأخبرني بأنه سيوافق على عقد القران لكن لن أتزوج سهر قبل أن يثبتني عمي بمنصب مرموق وثابت ويسجل بإسمي أحد الفلل التابعة لهم أو يفتح لي مشروع يدر عليّ دخل جيد فهو لن يزوج ابنته من رجل ليس هناك شيء مضمون فيه إلا اسم عائلته، وكان هو الآخر يوبخني في كل مرة أحضر هدية باهظة لزوجته، يوبخني مع تأكيد بأني لن أتزوج سهر وأنا أعيش بهذا الشكل من الترف غير المقبول))
هزّت شيرين رأسها بإدراك ثم قالت
((حسنا لا بأس المهم عليك أن تخبر سهر بالحقيقية.. أي شيء أفضل من أن تظنك مجرد كاذب.. أعنى أنتَ لست صادق في كل الأحوال.. لكن على الأقل نصف كاذب ولم تكن تخدعها بمشاعرك ولم تكن تحاول أن تترقى بنفسك بزواجك منها ولم تكن طامعا بثروة عائلتها! بل كان عليك أن تخبرها كل شيء منذ البداية وهي بلا شك لم تكن لتعترض فهي حقا لا تهتم بواجهتك المالية أو الاجتماعية))
اعترض قصي وهو يقول بصوتٍ يشوبه الغضب وخيبة الأمل
((في البداية كنت أظنها نسخة من أمها الجشعة، وكنت أقول حقها أن ترغب بابن عائلة ذات صيت وغنية فهي جميلة ومشابهة للعبة الباربي، لكن لاحقا عندما بدأت أقع في حبها وأعرف شخصيتها عن كثب وبدأت تشبعني بكلام مشابه بأنها لا تهتم بالوضع المالي للرجل الذي تحبه كنت سأبوح لها بكل شيء لكني كنت وصلت بالكذب لنقطة لا يمكن التراجع عنها وقررت ألّا أكشف شيئا لها حتى يصبح كذبي حقيقة، لكن كما رأيتِ فهي وبمجرد أن ظنت بأني فقير معدم حتى طلبت الفسخ فورًا، صدمني تصرفها العُدواني تجاهي.. اتضح بأنها لم تكن تحبني إلا من أجل واجهتي المادية بعدما أغرقتني بكلام مشابه بأن فقر أو ثراء الشخص الذي تحبه لا يشكل عندها أيّ فرق))
نظرت له شيرين بغير تصديق ثم قالت بحدة
((هل أنتَ مجنون؟ وضعك المادي لا يشكل أي فرق عند سهر بالطبع.. لكن هل تريد منها أن تأخذك بالأحضان بعد ما عرفته عنك من كذب وخداع؟ أي فتاة عاقلة في محلها كانت لتفعل ذلك.. إنها تظن بأنك كنت تدّعي حب السفر والحياة وتستميل أمها بالهدايا الباهظة حتى تحوز على حبها وتتزوجها ومن ثم ترتقي بنفسك! هل تعرف بأنها من أجبرتني أن أذهب للشركة وأتواصل مع أي شخص مسؤول وأعرف ما قد يحول دون دخولك للسجن بسبب تلك المشكلة التي قمت بها!))
تساءل قصي بفطنة
((لهذا كنت عند يوسف؟))
أومأت شيرين له بجدية فانتصب قصي واقفا يقول بنبرة بائسة
((أتمنى فقط ألا تخبري شيئًا مما عرفتيه اليوم لسهر))
رفعت رأسها تُطمئنه
((لا تقلق.. لن أبوح لها بشيء ولن أتدخل بينكما إلا إذا كان الموقف يستدعي مني ذلك))
قال قصي ((لا أريد أن أطيل السيرة.. لكن ربما تكون هذه المرة هي الأخيرة لنا تحت سقف إحدى شركات القاني لذا وداعًا وأتمنى لك كامل التوفيق في حياتك المهنية والأسرية مع زوجك.. إلى اللقاء يا شيرين))
أظلمت ملامح شيرين وغمغمت بفتور
((سأتطلق من زوجي لذا لا تذكّرني به))
تأسّت ملامح قصي وقال
((الحقيقة أنا لست بارعا أبدًا في المواساة وحياتك يا شيرين بائسة وحزينة أكثر مما يتحمله قلبي المفعم بالحياة وبهجتها.. بل أنا أعجز عن فهم كيف لسهر أن تلازمك طوال تلك السنوات الماضية دون أن تنقلي لها عدوى الكآبة.. فأنا لا أحب النّكد والبؤس.. ما لهذا خُلقنا..))
ابتسمت شيرين له ولوحت له بيدها تودعه فبادلها قصي الابتسامة بامتنان، ثم وضع يديه في جيبي بنطاله يستعد للمغادرة قبل أن يقف مكانه فجأة كمن تذكر شيئا ليلتفت لشيرين قائلا
((قبل أن أنسى بالنسبة لقريب سهر الذي يعيش في الخارج والذي أقنعه زوجك أن يتبرع بجزء من كبده لوالد سهر.. أو بالأصح ابتزه عدتُ أنا للتواصل معه.. والشاب كان خلوقا ومتعاونا جدًّا معي، ووافق أن يتبرع لوالد سهر رافضا أي مقابل مادي أو معنوي.. وأكد لي أن هذه هي نيته من البداية لكن ذاك المدعو وليد الكانز كان يبتزه ويهدده مما جعله يبدي رد فعل عكسي لما يريده في الحقيقة))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-21, 06:25 PM   #4029

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

طالعت رتيل بفخر غرفة يزيد التي جهزتها في الأيام السابقة وقامت بتنسيقها بنفسها.. لقد اهتمت بتفاصيلها بشكل واضح وجعلتها ملائمة ومناسبة لاحتياجاته والحفاظ على أغراضه من الضياع.. وبألوانه المحببة..
ولم تنسَ أن تملأها من تلك الرسوم التي تخص إحدى شخصيات الأبطال الخارقين التي باح يزيد إليها بحبه لها..
كما قامت بتوفير أماكن مناسبة له لتوفر له المساحة الكافية للعب وقضاء يوم ممتع..
هدر الحاج يعقوب بيزيد الذي يضعه بحُنو فوق حجره
((هل تحب جدك يا يزيد؟))
هزّ يزيد رأسه إيجابًا بصمت وسعادته الطفولية تلفه جراء الشكل النهائي لغرفته فعاد الجد يسأله وهو يمسح بيده فوق شعره الأسود المموج
((هل لا زلت غاضبا من جدك على ردة فعله غير المقصودة في ذلك اليوم؟))
هز يزيد رأسه نافيا فابتسم الحاج يعقوب برضا ثم قال بحنو
((أحسنت فجدك يحبك ولا يتحمل حزنك منه.. أنتَ غالي هنا يا يزيد))
كان الحاج راضيا تماما عن تغاضيه عن مسألة تسلل رتيل ودارين بين الحين والآخر بيزيد لأمه.. فقد توقف الصغير عن البكاء والسؤال عن أمه جزئيا رغم تباطئ تكيفه وتأقلمه هنا..
لكن بغض النظر عن أي شيء آخر فهو لا يريد إلا أن يعتاد حفيده مكانه الأصلي هنا..
أنزله الحاج يعقوب أرضا ثم اعتدل واقفا وهو يقول بصوته الرخيم بينما يناول رتيل ظرفا مليئا بالنقود
((رتيل يا ابنتي أكرمك الله اذهبي للتسوق مع هذا الصغير واشتري أي شيء تقع عينيك عليه.. واشتري أيضًا لفهد وباسم بالمثل فهم لا يقلان غلاوةً عندي منه))
أومأت رتيل له فغادر الحاج يعقوب الغرفة بهدوء..
ناظرت رتيل يزيد الذي جلس أرضا مع ابنيها فهد وباسم يشاركهم اللعب في المكعبات الملونة..
أخفضت رتيل جسدها تسأل يزيد بمرح
((هل أنتَ سعيد يا يزيد بعد أن كُشفت الحقيقة؟ هل أنتَ سعيد لأنك ستعيش هنا وأصبحت أكثر فرد مدلل هنا؟))
أجابها يزيد بحزن لمع في عينيه
((قليلا.. فقد اختفى أبي من حياتي وأمي لم أعُد أراها إلا خفية.. لو كنت أعرف أن هذا ما سيحدث لم أكن لأتمنى أن تكشف الحقيقة وأعيش هنا))
تفاعلت رتيل مع حزن الصغير وشعرت بقلبها يذوب حزنا عليه..
ربما عليها أن تجعله يرى والدته خفية أكثر من ذلك..
جفلت على دخول الحاجة زاهية حاملة "حلة" يتصاعد منها البخار للغرفة..
فهرولت رتيل لتحملها عنها وتضعها فوق المفرش على الطاولة..
نظرتْ زاهية بفرحة ليزيد وقالت وهي تجذب يده نحوها
((أنتَ تحب هذا الحساء الشهي، أعددته لك بالمطبخ بنفسي))
بدأت تسكب زاهية الحساء وتضع أول طبقٍ ليزيد تحت أنظاره وتقول
((سأصنع لك رغيف الزبدة والسكر الساخن أمام الفرن في وقت لاحق وستحبه صدقني))
لاحظت رتيل جيدا لهفة حماتها وهي تبذل جهدها في صنع ما يحبه يزيد وتقف أمام النار وتطبخ فقط من أجل أن تنال حبه وودّه..
إنها تحاول جاهدة أن تربط ذكراها عند يزيد بما طاب ولذ من الأطعمة والهدايا علها تبدد صورتها القديمة بعقله..
مالت برأسها لابنها فهد هامسة
((هل تشعر بالغيظ من اهتمام جدتك بيزيد؟))
أجابها فهد محتارا ((أحيانا فقط))
قالت له بنفس الهمس
((حسنا لا بأس، لكن صدقني أنه وضع مؤقت.. سيعود جدّيك للاهتمام بك كالسابق بمجرد أن يمر بعض الوقت أما بالنسبة لعمك مالك فقد اتضح بأنه والده ومن حقه أن يغرقه باهتمام أكبر من اهتمامه بك.. فالعتب ليس عليه بل على والدك..))
صدح رنين وصول رسالة لهاتفها فجأة فبترت رتيل كلامها ورفعته بتوتر وسرعان ما ارتسمت ملامح الفجيعة عليها وهي تقرأ محتواها حتى أن حماتها انتبهت لملامحها وتساءلت بتوجس
((ماذا هناك؟ هل هي رسالة من أحد نعرفه يا رتيل؟))
زاغت عينا رتيل وهي تعي أن التهديدات التي تُرسل لها بغية الابتزاز باتت أكثر جدية وخطورة..
فالمبتز الآن يهددها بفضحها بصور أكثر خصوصية لها إذا لم ترسل له المال في وقت ويوم معين!
ماذا يقصد بأكثر خصوصية؟
لا تذكر بأن غنوة سبق والتقطت لها صورا بملابس فاضحة أو أماكن مشبوهة حتى!
جحظت عينا رتيل وهي تخشى أن تكون غنوة قد فعلتها أثناء نومها في بيتها!
كيف يا ترى هي وضعية هذه الصور؟
لا وقت لديها ولا يمكن أن تؤجل موضوع غنوة أكثر..
عليها الآن.. الآن أن تذهب عندها وتبرحها ضربا وتلقنها درسا لن تنساه..
رفعت رتيل وجهها الشاحب شحوبا يحاكي الموتى لحماتها تقول بصوتٍ واهن
((إنها عمتي.. متعبة جدًّا.. مريضة وطريحة الفراش))
عقدت الحاجة زاهية حاجبيها بحيرة وتساءلت
((عمتك من؟ لم تخبريني مؤخرًا عن مستجدات عائلتك))
استقوت نبرة صوت رتيل وعيناها تومضان بدموع أبية منيعة لترد
((عمتي هذه إنسانة غالية عليّ وعلى كل أفراد عائلتي بلا استثناء.. وأمي تطلب مني القدوم للمنزل لرؤيتها الآن فهي تقطن عندنا))
أظهرت زاهية الاستياء وهي تقول مستنكرة
((تريدين الذهاب؟ لكنك فقط عدت منذ يومين يا رتيل.. أنا لا يعجبني وضعك أبدًا.. ليس هناك امرأة في القرية تبيت عند عائلتها بقدر ما تفعلين يا رتيل))
انهارت ملامح رتيل وخرجت الكلمات مخنوقة منها وهي تقول بتوسل
((حماتي أرجوكِ أنا بحاجة حقا للمغادرة الآن.. الآن.. عمتي ليست مريضة بل تحتضر.. دعيني أراها في آخر ساعات عمرها.. أعدك بأنها ستكون آخر مرة أذهب بها للمكان الذي سأتوجه إليه.. بعدها لن اطلب أبدًا.. أبدًا الخروج من البيت.. أرجوكِ))
مع آخر كلمة قالتها صدرت شهقة منها لم تكن شهقة بقدر ما كانت صرخة مكتومة بعذاب خوفا من القادم..
هال الحاجة زاهية ما تراه وقالت لها وهي تربت على كتفها
((لا تبكي هكذا يا رتيل، هل أنا بالنسبة لك امرأة لا تخاف الله حتى أحرمك من رؤية عمتك التي تحتضر.. اذهبي بسرعة وتفقديها وسأدعو أن يكتب الله لها الشفاء.. سأخبر مؤيد أنا لا تقلقي))
انتفضت رتيل تقول بجزع
((لا.. أرجوكِ لا تخبري مؤيد))
قالت زاهية بحزم
((لا يصح يا رتيل.. الرجل عليه أن يعرف بكل خطوة تخطوها زوجته للخارج.. كما أنه من النوع الذي يدقق))
أمسكت رتيل كفي حماتها تقول بتوسل
((مؤيد سيغضب كثيرًا إن عرف بأني ذهبت مرتين في الأسبوع عند عائلتي.. أرجوك دعيني أغادر فقط لأربع أو خمس ساعات وسأعود باكرا.. لكن أرجوك لا تحيطيه علما بخروجي))
سحبت زاهية كفيها بانزعاج وقالت على مضض
((أنتِ تعرفين أني لا أحب أن أفعل شيئا من خلف أحد أولادي لكن حسنا اذهبي لا بأس وليغفر الله لنا))
شكرتها رتيل بعرفان وامتنان قبل أن تبارح الغرفة مهرولة
((شكرا لك يا عمتي لن أنسى لك هذا المعروف))
.
.
في منزل غنوة..
وضعت غنوة المشط الذي كانت تصفف به شعرها فوق الطاولة ثم قالت على عجل بالهاتف
((هناك من يطرق الباب، لا بد أن رتيل وصلت لتتحدث معي بشأن الشخص الذي يهددها.. سنتحدث لاحقا يا دُموع))
تنحنحت غنوة تجلي صوتها ثم سارعت ترسم ملامح القلق والحزن على وجهها لاستقبال رتيل التي ستكون الآن بلا أي شك منهارة..
فتحت غنوة الباب قائلة مباشرة
((رتيل الغالية الحبيبة كيف حالك؟ لقد اشتقت لك وكم تمنيت لو كان سبب حضورك إلى هنا للاستمتاع بوقتك بدلا من تلك المصيبة التي حلّت علينا نحن الاثنتين فمشاكلك هي مشاكلي))
اندفعت رتيل للداخل ولم تغلق الباب حتى وهي تمسك مقدمة قميص غنوة بعنف صارخة باحتدام
((أنتِ المصيبة التي حلت عليّ يا غنوة الم-ن-ح-ط-ة هل تظنين أني غبية ولم أعرف بأن الرقم المجهول الذي يستمر بابتزازي بفضح صوري تابع لك؟ من عساه غيرك يصل إلى هذه الصور التي كنت ألتقطها فقط بهاتفي أو هاتفك؟ أخبريني ما هذه الصور الخاصة التي هددتني بها قبل ساعتين؟ هيا تحدثي قبل أن تقضي نحبك على يدي))
احتقن وجه غنوة وهي تلتقط أنفاسها بشق الأنفس فقالت بصوتٍ مخنوق متوسلة أن تحررها رتيل
((اهدئي يا رتيل.. لا أستطيع التنفس.. أرجوكِ توقفي أنا أختنق.. بالتأكيد استطاع هذا الشرير اتباع طرقه الخاصة للحصول على الصور من أحد هاتفينا))
هتفت بها رتيل قبل أن تلكُمها في وجهها وتبرحها أرضا
((توقفي عن خداعي أيتها الم-ن-ح-ط-ة، هل تريني إنسانة غبية؟))
تألمت غنوة وهي تسقط على ظهرها لكنها لم تكن تهتم إلا بالتقاط أنفاسها وهي تلهث بصعوبة..
وقفت رتيل هي الأخرى بأنفاسها اللاهثة تقول باشمئزاز
((لقد ربطت كل ما حدث تلك الليلة وتوصلت إلى حقيقة أن دُموع ما هي إلا صديقة لك))
ثم سارعت دون أن تترك لغنوة وقتا للراحة بالانخفاض إلى مستواها ثم معاجلتها بلكمة أخرى على أنفها..
أمسكت غنوة أنفها النازف بغزارة وقد ارتعبت من منظر رتيل والتي هجمت عليها مجددًا تسحبها من مقدمة قميصها حتى أوقفتها على قدميها ثم ضربتها مجددًا لترتمي فوق الطاولة الخشبية ثم تسقط أرضا..
هدرت غنوة من بين نحيبها وألمها الفظيع
((ارحميني أرجوكِ، توقفي يا رتيل))
زاد لُهاث رتيل وبدأت تترنح قليلا بمكانها من القوة التي بذلتها..
لكنها رمقتها بنظرات نارية مستعرة بالغضب وهي تقول بصوتٍ متقطع
((وهل رحمتني أنتِ ودموع وأنتما تتكالبان ضدي؟ ما الذي فعلته معك حتى أستحق منك هذا؟ لم أبخل عليك بأموال قط وكنت مستعدة أن أعطيك المزيد لو طلبتي.. بدلا من أن تكوني ممتنة لي تطعنيني في ظهري؟))
عادت رتيل تمسك تلابيب قميصها ولم تكن ترى في هذه اللحظة
سوى غشاءً أحمر يحجب عن عينيها أي شيء غير تلقين هذه الأفعى الرقطاء درسًا لن تنساه على غدرها بها غير آبهة لكلماتها المتألمة والمتوسلة
((ستزهقين حياتي.. أرجوكِ سامحيني... أرجوكِ يا رتيل))
.
.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-21, 06:32 PM   #4030

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في هذه الأثناء..
وبمجرد أن عرفت دموع من غنوة أن رتيل وصلت عندها حتى هرعت تقود سيارتها إلى مكان عمل مؤيد حتى تنفذ خطتها..
رغم أن ما ستفعله الآن سيجعلها تخسر هي وغنوة ممول مالي أساسي لهما لكن لم يهمها في هذه اللحظة سوى الانتقام من مؤيد ونظراته المحقرة تجاهها بما أنه لن يتزوجها..
حتى لو أن ما ستفعله قد يؤذي غنوة نفسها!
أخذت دُموع نفسا عميقا تحاول استعادة رباطة جأشها ودلفت للداخل حيث كان مؤيد يجلس مع رجل آخر يقول حاثا له
((أنا مُصر يا معاذ على عدم مغادرتك قبل أن ترتشف كأس شاي معي.. لا تحاول الاعتراض.. طلبته الآن دقائق حتى يأتي به الصبي..))
شهق مؤيد في نهاية حديثه وانتفض واقفا من مكانه لدخول دُموع ليصرخ بها بغضب وعنف
((ما الذي تفعلينه هنا يا دموع؟ من سمح لك بالدخول هنا أخبريني!))
حافظت دُموع على هدوئها وهي تقول
((على رسلك.. جئت لأخبرك بأني نادمة على عرضي الذي قدمته لك في المرة السابقة))
خشي مؤيد أن تتحدث بشيء وتفضحه أمام أخيه فصرخ بها بفظاظة وقوة
((لا أريد ندمك ولا شيء إلا أن تغربي بوجهك بعيدا عني))
أظهرت دموع المسْكنة وهي تقول
((لكن هناك ما أنا بحاجة أن أريه لك))
تطلع مؤيد بخشية للخلف إلى حيث يجلس معاذ بتوجس من الموقف الذي يحدث أمامه فقال له برجاء
((أخي غادر المكان، ودعني أنتهي منها وأجعلها تفكر ألف مرة قبل أن تخطو قدمها عتبة هذا المكان ثم سنتحدث في هذا الموضوع))
انتصب معاذ واقفا من مكانه وناظر دُموع وهو يسألها بملامح صارمة دبت الخوف في قلبها
((من أنتِ يا امرأة وماذا تريدين من مؤيد؟))
ازدردت دُموع ريقها وهي تحث نفسها على التماسك ثم قالت بملامح حزن خبيثة تدعي القهر والظلم
((أنا فتاة مسكينة أحبها أخاك وأحببته بعنف وتطورت الأمور بيننا إلى حدّ جعلت عَلاقتنا كعلاقة الأزواج ورأى مني ما يرى الزوج من زوجته مع الاحتفاظ بعُذريتي وبعدَ كل هذا خانَني ومضَى في حياته كأنّ شيئًا لم يكن، وعندما طلبت منه أن يصحح خطأه ويتزوجني بدأ يحدثني كأني جسد، بل وأنّه سيشعر بالقرَف مني لو تزوجته..))
كانت ملامح مُؤيد تزداد صدمة مما يسمعه مع كل كلمة تخرج منها حتى أن لسانه انعقد للحظات قبل أن ينتفض مكانه ويتهجم عليها مما جعلها تصرخ وتهرب للخلف لولا قبض مُعاذ عليه بقوة وتكبيله..
صرخ مُؤيد بأخيه
مدافعا عن نفسه
((كاذبة.. أقسم لك يا أخي كاذبة.. والله لم يحصل شيء بيننا إلا بضع خروجات وبعض المحادثات العادية على الإنترنت..))
هتفت به صارخة باعتراض يشوبه التهكم
(("عادية"؟ وهل تسمي تلك المحادثة التي كنت تخبرني فيها عما تفضله في فتاة أحلامك أثناء العلاقة الزوجية هي محادثات عادية؟))
بَهُت وجه مُؤيد وهدأ قليلا مكانه وبدا موقفه واهنًا وهو يقول لأخيه بتأكيد
((مرة واحدة.. فقط مرة واحدة يا مُعاذ وهي من استدرجتني حتى أتحدث وآخذ راحتي في الحديث معها بمثل تلك الأمور المُشينة.. فلا تأخذ كلامها بمحمل الجد لأني سأتخلص منها الآن..))
كزّ مؤيد على أسنانه يحاول التنصل من قبضة أخيه والفتك بدموع لولا أن معاذ صرخ به بغضب
((اهدأ يا مؤيد..))
ثم تقدمه بجسده المهيب وهو يسألها بصرامة
((وأنتِ ما الذي تريدينه الآن؟))
أطرقت دموع وجهها ثم قالت بازدراء
((لا أريد شيئًا منه، حتى الزواج لم أعد أريده.. لا يشرفني أن أتزوج من رجل تقوم زوجته بامتلاك عشيق يعوضها عن غيابه وتواجده في المدينة))
ما إن جلبت سيرة زوجته وكلامها عنها حتى زأر بها كأسد غاضب مجنون وكل ذرة من تعقله تذهب أدراج الرياح
((اخرسي أيتها *-*-*- و*-*-* أنتِ امرأة *-*-*- إياكِ أن تذكري زوجتي الطاهرة الصالحة على لسانك أيتها *-*-*- زوجتي امرأة صالحة متدينة تخاف الله))
كان مُعاذ بالفعل يبذل جهدا جبارا وهو يمسك مُؤيد ويردعه عنها فنظر أثناء معافرته بدموع يصرخ بها
((بارحي المكان فورا فأنا لن أستطيع الإبقاء عليه بعيدا عنك طويلًا))
نظرت دموع بملامح شر إلى مؤيد وهتفت وهي تخرج صور عديدة من حقيبتها
((حسنا سأغادر.. ولكنك تبدو رجل محترم لذا أرجوك اذهب واستر زوجة أخيك التي تستغل غياب زوجها عنها في زيارة عشيقها في المدينة.. عنوان منزل عشيق رتيل يبعد مسافة عشر دقائق من هذا المكان..))
وضعت دموع ورقة العنوان والصور على الطاولة وهي تضيف
((وهذه بعض من صورها في منزل عشيقها.. أنا أعرف عشيقها جيدا وهو من أخبرني كل هذا عنها.. كان مؤيد يتبجح أمامي بأنّ زوجته قارورة صالحة ولا يمكن أن يتزوج من امرأة سبق وأقام معها علاقة فنَصرني ربي وبيّن له حقيقة قارورته ال-ف-ا-س-ق-ة! الحمد الله))
عندما استطاع مؤيد شبه أن يفلت نفسه من قبضة أخيه صرخت دموع مذعورة وهي تركض بسرعة للخارج إلى حيث تركن سيارتها..
أما مُؤيد اللاهث توقف مكانه عند الباب وهو لا يجد طائل من اللحاق بها وقد شغلت محرك سيارتها بالفعل..
قال مُعاذ بخشونة لأخيه
((انظر للصور والأوراق التي تركتها))
اتجه مُؤيد نحو الطاولة يقول بإصرار لا يحتمل ذرة شك وهو يجعد الصور والورق
((لن أنظر لشيء أنا، زوجتي لا يمكن أن أشّك بها هي أهل الشرف والطهارة ولن..))
توقف مؤيد عن الحديث تماما واتسعت عيناه حتى كادتا أن تخرجا من محجريهما عندما زلت طرف عينه لتقع على إحدى الصور..
كالمجنون بدأ يتفقد الصور جميعا والتي كانت فعلا لرتيل من بعيد وقريب في منزل غريب..
لم تكن وضعيات رتيل توحي بشيء مشين لكنها كانت بملابس قصيرة جدًّا لا يسمح لها بارتدائها حتى أمامه.. تمتم بوجهه الشّاحب
((إنها صور رتيل.. لا يمكن.. ربما.. أنا سأذهب حالا لهذا المكان))
تناول معاذ الورقة التي كتب عليها العنوان وقال وهو يتوجه للخارج
((أعطني الورقة وسأقود أنا السيارة إلى هناك.. لم أقتنع بشيء مما قالته لكن أخشى أن تكون زوجتك هناك بخطر فقد بدت هذه المرأة واثقة جدًّا من كلامها))
قاد مُعاذ السيارة بسرعة صاروخية نحو العنوان وما إن وصل أمام البيت المنشود حتى فتح مؤيد الباب يترجل من السيارة قبل أن يوقف أخاه السيارة حتى..
كان يخطط لكسر الباب لكنه وجده مفتوحا فيما تصدح من الداخل صرخات امرأة هاتفة
((أنقذوني يا عالم.. أنقذوني يا بشر.. أنا أموت))
وعلى الفور دلف للداخل هناك ليجد زوجته تجلس بمظهر أغبر فوق امرأة أخرى وتُبرحها ضربًا بغل..
قبل أن تتوقف فجأة وتنظر إليه ويزداد وجهها شُحوبًا وينهار جسدها ارتجافًا وهي تتمتم بذعر
((مؤيد.. ماذا تفعل؟))
بالكاد استطاعت غنوة الاعتدال جالسة وهي تدفع رتيل بإعياء عنها.. فتراجعت رتيل للخلف دون أن تقدر أن تباعد تواصلها البصري المرعب مع مُؤيد..
سألها مُؤيد بشراسة من بين أنفاسها اللاهثة المخيفة المظلمة
((أين هو عشيقك؟ أين هو؟))
هتفت غنوة وهي تشير إلى النافذة بيدها وهي بالكاد تمتلك قوة جسدية أو نفسيه بعد كل هذا الضرب الذي تلقته
((لقد رحل من تلك النافذة المفتوحة بعد أن أشبعني ضربًا هو وزوجتك))
اتسعت عينَا رتيل لما سمعته أما مُؤيد فركض على الفور ثم قفز من النافذة التي تطل على الشارع الآخر..
كانت غُنوة تشعر بالتيه والتشوش لكنها هرعت تعتدل جالسة من مكانها وتهرول مترنحة نحو الخارج تنجو بحياتها..
انتبهت رتيل على دخول رجل آخر للمنزل ليتبين لها أنه ليس إلا شقيق زوجها الذي صُدم لرؤيتها وسألها صارخًا
((ما الذي تفعلينه هنا؟))
تجمّد الدم في عروق رتيل وهي تجيبه بكلمات متذبذبة جزعا تكاد لا تكون مفهومة
((أقسم لك بأن الأمر ليس كما تظن يا شقيق زوجي.. أرجوك صدقني))
تقبضت يدا معاذ بعنف ثم أمرها صارخا وهو يفتح الباب على مصراعه
((الحقيني فورًا سأوقف لك سيارة أجرة قبل يأتي أخي، عودي للقصر.. إياك أن تذهبي إلى مكان آخر بمظهرك هذا وسأهدأ مُؤيد قبل أن نعود ونسمع منك شرح ما حصل))
أوقف معاذ أول سيارة أجرة مرت بينما أسرعت رتيل تستقل المقعد الخلفي..
دفع معاذ للسائق أجرته وأخبره عن المنطقة التي يجب عليه أن يوصلها لها..
ثم هرع لداخل المنزل ما إن شعر بصراخ أخيه المهتاج
((أين هي رتيل؟ أين هي؟))
منعه معاذ بقوة من الخروج من البيت وهو يهتف به
((أنا من أخبرتها أن تبارح المكان حالا بعد أن أوقفت لها سيارة أجرة))
كان يكفي أن ينهي مُعاذ جملته حتى يقول مؤيد هنا لتعقله السلام مودعًا.. فصرخ به باستنكار وجنون وهو يسدد اللكمات لصدره
((كيف تفعل هذا وتجعلها تغادر؟ إلى أين ستذهب الآن؟))
أبعد مُعاذ يديه عنه وهتف بعنف قابضا على تلابيب قميصه صارخًا عله يُهدأ من هيجانه
((اسكت وهدئ من روعك فلا شيء مما يحدث مترابط، دعنا نعود للقرية ونفهم منها ما حصل.. هل يعقل أن تجلب لك امرأة فاسقة صور لزوجتك وتخبرك عنها بعض الأمور وتسارع في تصديقها؟))
زَفر مؤيد بغضب يستعر بداخله استعارا ضاربا بقبضته الجدار وهو يقول بجنون
((قالت بأنها متواجدة الآن في هذا البيت وهذا ما كان بالفعل عندما جئنا هنا يا معاذ))
هتف معاذ به صارخا
((جئنا ووجدنا فعلا زوجتك هنا لكن أين العشيق الذي تحدثت عنه تلك المرأة؟ هل رأينا هنا أو في الأرجاء ما يدل على وجود رجل آخر؟ ما الذي يؤكد لنا صحة كلامها؟ لا بد أن هناك أمرًا اضطر زوجتك أن تأتي من أجله هنا فجأة.. دعنا نستمع لها وتشرح لنا موقفها))
عبر مؤيد بملامحه المعذبة المتشنجة وهو يكاد يجن حقا
((وما هذا الأمر الذي جعلها تغادر القصر وتأتي هنا إلى هذا المنزل الغريب دون إعلامي؟))
أخرج مؤيد الصور من داخل جيب قميصه وهو يجعدها بقوة لا يعي بها مردفا بقهر
((وهذه الصور.. من أين جاءت هذه الصور المختلفة لها؟))
جحظت عينا مُؤيد وهو يناظر المكان فجأة فتساءل معاذ بوجل
((ما بك؟))
همس مؤيد بهذيان الجنون
((صورها هنا مأخوذة في نفس هذا المكان.. من أصحاب هذا البيت؟ عليّ أن أتأكد))
عاد يناظر صورها بنفس الجنون وهو يقول
((تضع الكثير من زينة الوجه وترتدي ملابس قصيرة وتظهر الكثير منها.. كيف سمحت لنفسها بارتداء مثل هذه الملابس بل من هو الذي سمحت له بالتقاط مثل هذه الصور لها؟ كيف وصلت إلى دُموع؟))
اتجه مؤيد إلى الخارج حيث عجلة السيارة الخلفية.. يركلها بشدة.. ينفس عن غضبه فشد معاذ فوق كتفه هادرا
((اهدأ يا مؤيد.. سأحاول معرفة من صاحب هذا المنزل))
لكن مؤيد صرخ بشدة وهو يضرب العجلة بكل قوة حتى أحس بأصابع رجليه تئن ألمًا..
حاول ألا يظهر شيئا من ألمه فالموقف لا يحتمل التفكير بشيء آخر..
لكنه بمجرد أن وضع ثقله على رجله حتى أحس بألم.. فظيع..
أخفض مؤيد جسده وهو يشد على أسنانه يكتم الألم كان بحالة يرثى لها قبل أن ينتبه لدراجة مركونة أمام المنزل ومثبتة بقيد حديدي..
وسرعان ما أشار لها بصدمة
((انظر للدراجة.. انظر يا معاذ.. أليست هذه هي دراجة مصعب التي سرقت!؟))
اتسعت عينا مُعاذ ولفَه الذهول وهو يقترب من الدراجة ويتفقدها ليغمغم
((إنها دراجة مصعب فعلا.. تلك التي قال بأنه تم سرقتها منذ سنة أو أقل!))
ببطء التفت كل واحد منهما للآخر يبادله النظر.. وعقل مؤيد المتخبط يعيث في روحه فسادًا وشكوكًا..




انتبه لدراجة مركونة أمام المنزل ومثبتة بقيد حديدي..
وسرعان ما أشار لها بصدمة
((انظر للدراجة.. انظر يا معاذ.. أليست هذه هي دراجة مصعب التي سرقت!؟))
اتسعت عينا مُعاذ ولفَه الذهول وهو يقترب من الدراجة ويتفقدها ليغمغم
((إنها دراجة مصعب فعلا.. تلك التي قال بأنه تم سرقتها منذ سنة أو أقل!))










انتهى الفصل.

يارب الفصل يكون عند حسن ظنكم.. بانتظار ردودكم وانطباعكم عن الفصل بأحر من الجمر



**راح ارجع ان شاء الله ابعت تكملة المشهد لكل الي بعلقوا..



نزل الفصل السابق 22 يوم الاثنين على هذا الرابط..
https://www.rewity.com/forum/t481203-396.html



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 08-09-21 الساعة 11:43 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
قلبك منفاي، في قلبك منفاي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:10 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.