آخر 10 مشاركات
السرقة العجيبة - ارسين لوبين (الكاتـب : فرح - )           »          رواية المخبا خلف الايام * متميزه و مكتملة * (الكاتـب : مريم نجمة - )           »          لعـ زواج ـــبة (2) "الجزء 2 من سلسلة لعبة الصديقات" للكاتبة المبدعة: بيان *كاملة* (الكاتـب : monny - )           »          دموع زهرة الأوركيديا للكاتبة raja tortorici(( حصرية لروايتي فقط )) مميزة ... مكتملة (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          سافاير(138)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء2من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          مذكرات مغتربات "متميزة ومكتملة " (الكاتـب : maroska - )           »          60 - العريس لا أحد - ربيكا ستراتون (الكاتـب : فرح - )           »          130-كلمة السر لا-أحلام قديمة (الكاتـب : Just Faith - )           »          85 - عنيد - آن ميثر - ع.ق ( مكتبة زهران ) (الكاتـب : pink moon - )           »          كاثرين(137)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء1من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي اجمل قصة في الرواية؟ (اختار اكثر من قصة)
وليد-شيرين-معاذ 128 28.64%
مؤيد-رتيل 111 24.83%
مصعب-نورين 292 65.32%
مالك-سمية 123 27.52%
مازن-ياسمين 55 12.30%
قصي-سهر 54 12.08%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 447. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree7315Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-09-21, 06:30 PM   #4121

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


الفصل الرابع والعشرون



ترّجلت رتيل من سيارة الأجرة التي أوصلتها أمام العنوان المنشود بهيئتها الفوضوية ووجهها الشاحب الملطخ بدموعها..

رفعت عباءتها تهرول باتجاه القصر بينما تنظر من خلفها بين كل ثانية وأخرى وأنفاسها تصدر منهكة من صدرها..

شهقت بذعر ما إن لمحت مُؤيد يصل بسيارته بعد أن استطاع اللحاق بها!

انتبه عليها مؤيد فهرول هو الآخر يلحقها بخطوات مترنحة بسبب ألم قدمه دون أن يهتم بإغلاق الباب خلفه أو سحب المفتاح حتى..

انكمشت ملامح رتيل الناعمة بذعر وهي تزيد من سرعة ركضها.. تركض بأقصى سرعة.. وبكل ما أوتيت من قوة.. دون أن تنظر خلفها أبدًا..

قلبها يكاد يقع بين قدميها كأنها هاربة من شيطان لا إنسان.. والذعر تعشش في كل أنحاء جسدها يتفاقم من صخب خفقات فؤادها المكلوم..

رباه.. لم تره يومًا بهذه العصبية والجنون!

ماذا سيفعل بها الآن عندما يدركها؟

دفعت باب القصر شبه المفتوح لتركض للداخل بقوة مثيرة الجلبة والتساؤلات لكل من يراها..

حتى أن حماتها رأتها وتعجبت لمرآها فصرخت رتيل دون أن تتوقف عن الركض

((إنه خلفي.. سيلحقني الآن.. لن أستطيع التوقف!))

أطلقت رتيل صرخة مرتعبة عندما سمعت صوت زعيقه وهو يدلف وراءها.. فدخلت جناح والديّ مُؤيد الذي كان أقرب لها من جناحها وأغلقت الباب خلفها بإحكام..

اتسعت عينا زاهية ثم تطلعت للخلف لمُؤيد الذي توقف مكانه مُتأوهًا بألم يُلامس قدمه قبل أن يعتدل واقفا ويتقدم للأمام بينما يجر قدمه الأخرى جرًا متحاملا على ألمه بخطوات ثائرة بطيئة.. يهتف عاليًا

((لقد رأيتك يا رتيل.. لا تختبئي.. افتحي الباب))

بهُت وجه زاهية مغمغمه مكانها

((يا إلهي ما هذه الصدفة الفظيعة!))

خرج الحاج يعقوب من غرفة الضيوف ووقف عند زوجته متسائلا

((أين كان كل من رتيل ومؤيد وماذا يحصل معهما؟ لم يصرخان؟))

شعرت زاهية بالتوتر وإذا ما كان عليها اللحاق بابنها أو الشرح لزوجها الذي عاد يهتف بقلق وامتعاض

((ماذا حدث يا حاجة زاهية؟ هيا أجيبِ))

تنهدت الحاجة زاهية ببؤس وضيق ثم قالت بعجل

((أخبرتني رتيل بأن حالة عمتها خطرة وطلبت مني أن تغادر لساعات قليلة لتفقّد حالها، وتوسلت كثيرا أمامي ألَّا أخبر ُمؤيد فلو عرف سيغضب، وأنا ضعفت أمام توسلاتها وسمحت لها بالخروج))

تغضَّنت ملامح الحاج يعقوب وهو يحثها على الإكمال فضربت زاهية كفا بكف وقالت

((الذي حدث على ما يبدو أنها وصلت تزامنا مع عودة مؤيد المفاجئة إلى هنا ففرت هاربة.. سأذهب عند ابنك لأخبره بأني كنت محاطة علما بخروجها ليخفف من اهتياجه هذا، لذا أرجوك لا تتدخل يا حاج واترك لي أنا احتواء الأمر))

رغم استياء الحاج يعقوب مما يسمعه إلا أنه ترك لزوجته حل هذا الأمر وهو يقول بغضب

((نعم اذهبي وأخبري ابنك هذا صلب الرأس وقليل الإدراك بأن عليّه أن يفهم أن الأمور لا تحل بهذا الشكل، وأنَّ زوجته لو لم تكن موقنة بأنه إنسان ظالم وغير متفهم لما خرجت وطلبت منك ألا تخبريه.. هيا أسرعي واردعي ابنك عن حماقته، صراخه وصل إلى هنا.. هل صارت عيادة العمة المريضة هي خطيئة!))

دمدمت زاهية له وهي تهم بالمغادرة

((ها أنا ذاهبة.. هداه الله))

عاد يعقوب لداخل الغرفة يجلس بين أحفاده.. فلو تدخل لن يترك ابنه دون زجره بقسوة..

بطريق الحاجة زاهية جاءتها حفيدتها دارين راكضة تقول بملامح تنذر بالبكاء

((بسرعة يا جدتي.. بسرعة.. زوجة عمي داخل جناحك وعمي يكاد يكسر الباب عليها لأنها ترفض فتحه له))

هدرت زاهية بصدمة وهي تسرع الخُطى باتجاههم

((المجنون سيفضحنا أمام من هنا بصراخه))

مسح مُؤيد بيده جبينه الذي تفصد بالعرق البارد وتحامل على تعبه وإجهاده وهو يعود لدفع الباب بكتفه بكل ما أوتي من قوة هاتفًا لها أن تفتحه..

آخر دفعة من مُؤيد نحو الباب جعلت جزءً من القفل يتحطم فاستطاع كسر الباب..

إلا أنه تفاجأ بها قد دخلت للغرفة المرافقة وأغلقت أيضًا الباب خلفها فشتم عاليًا وهو لا يصدق أن أمامه بابا آخر ليكسره قبل أن يصل إليها..

وصلته شهقة والدته المصدومة بينما تتقدم منه هاتفة بعصبية

((ما الذي كسرته يا مؤيد؟ يا قليل العقل الأمر ليس كما تعتقد، لقد طلبت الإذن مني قبل خروجها))

تطلَّع مؤيد بملامحه المظلمة نحو والدته هاتفا

((طلبت إذنك؟ حقا يا أمي؟ وما الذي قالته لك لتذهب هناك؟))

وقفت زاهية أمامه بصرامة تقول

((عمتها مريضة جدًّا بل تحتضر وكان عليها الذهاب لقرية عائلتها))

انفلتت أعصاب مُؤيد في هذه اللحظة ليقول هاتفًا وهو يلوح بيديه بجنون

((أمي رتيل لم تكن في قرية عائلتها بل في المدينة، في نفس المدينة التي أعمل فيها.. جاءتني امرأة ف-ا-س-ق-ة تناولني صورها وتخبرني أن زوجتي الآن في بيت عشيقها كما هي معتادة بين الحين والآخر على زيارته أثناء غيابي))

كادت أن تخرج عيني زاهية من محجريها وهي تقول بصوتٍ باهت مصدوم

((مـ مـستحيل!! لا أبدًا.. لا أصدق!! مؤيد كيف..))

قاطعها مُؤيد صارخًا وهو يخرج الصور المجعدة من جيب قميصه الداخلي

((لقد ذهبت قبل قليل إلى البيت ووجدتها هناك.. لو لم يوقف لها معاذ سيارة أجرة ويهرّبها مني لكنت قضيت عليها في نفس اللحظة..))

ازدردت زاهية ريقها بصعوبة وتزايدت دقات قلبها ثم أخفضت بصرها إلى حيت يمسك مؤيد صور مجعدة بقبضتيه فتساءلت

((ما هذه الصور؟))

قذف مؤيد الصور أرضًا وهو يجيب عاليًا بجنون

((هذه الصور لها في نفس البيت الذي وجدتها فيه.. واحزري ماذا أيضًا؟ دراجة مصعب النارية التي تم سرقتها كانت هناك.. الشخص الذي سرقها فعلها بأمر من رتيل بعد أن دلّته على مكانها!))

هزت زاهية رأسها تقول بنفي

((لا أصدق.. هناك سوء فهم.. لا بدَّ أن هناك سوء فهم..))

كان مُؤيد كالمجنون وهو يدور عاجزًا حول نفسه على وشك الانفجار.. قبل أن يقاطعها بصراخ يصم الآذان

((إذن اطلبي منها الخروج أمامي الآن لتشرح ماذا كانت تفعل هناك لأنه لو نفذ صبري سأكسر الباب وأقتلها بدم بارد دون أن يرف لي جفن..))

لم تجد زاهية التي كانت لا تصدق أي شيء مما تسمعه إلا أن تخفض جسدها وتلتقط الصور من الأرض لتنفي ما يقوله لكن ما إن طالعتها حتى شحب وجهها تماما..

بدأ مؤيد يتنفس بقوة موجعة.. وصوت أنفاسه المتحشرجة كدوران الرحى بينما يقول بعينين زائغتين

((أنا الآن مشوش بل حتى بدأت اشك في حقيقة كل مرة خرجت من هنا بذريعة زيارة عائلتها إذا ما كانت قد ذهبت هناك فعلًا أم لا..))

رفع أصابعه يغرسها في خصلات شعره يكاد أن يقتلعها بعصبية غير قادرًا على تصديق الكابوس الذي يعيشه منذ ساعات..

فاسترسل بقهر نابع من صميم رجولته

((رباه! ارحمني))

سيفقد عقله.. والله سيفقده ولن يتحمل لوقت طويل قبل أن يقتل نفسه بعدما يقتلها!

انهمرت دموع دارين في هذه اللحظة بخوف على زوجة عمها ولم تستطع أن تكتم شهقاتها كلها..

فاتسعت عينا زاهية مرة أخرى كأنها أدركت أو تذكرت شيئا فنظرت لحفيدتها بغتة هاتفة

((دارين.. دارين ألم تكوني دائما تهددين بإفشاء سر زوجة عمك أمامي.. قولي لي ما هو هذا السر؟ ما هو يا دارين؟))

تطلعت دارين لجدتها بصدمة وازدردت ريقها قبل أن تقول بحنق طفولي

((عندما كنت ألمح لك كنت تزجرينني في وجهي وتخبريني ألا أقلل من احترامها فهي بمقام والدتي والذي يفشي الأسرار شخص سيء ولم تأخذيني على محمل الجد.. الآن تطلبي مني وبكل بساطة أن أبوح!))

انتفض مُؤيد مكانه وتطلع لدارين ثم اتجه نحوها وأخفض جسده..

أمسك كتفيها ليهزها بقوة.. صارخًا عليها بصوت حارق

((دارين تعرف سرا عن رتيل؟ قولي ما هو؟ قوليها يا بنت الأمر لا يتحمل عناد طفولي))

عقدت دارين حاجبيها تردد بصوتها الباكي

((لا أريد أن أقول))

صمت مُؤيد قليلًا يمسد ساقة التي تذبحه ألمًا.. ثم تحشرج صوته المخيف قبل أن يصرخ بجنون عليها

((دارين هيا تحدثي أخرجي الكلمات من جوفك، لا صبر لدي على مداراة مراهقة مثلك))

أخذت دارين تهز رأسها بلا هستيرية وهي تقول هامسة

((عمي مؤيد توقف عن الصراخ، أنت تخيفني جدًّا وأنا لا أريد أن أقول شيئا))

صرخ مُؤيد بها بصوتٍ منفعل بخطورة

((سأخيفك وأجلدك أيضًا إن لم تتحدثي.. هيا قولي قبل أن أفعلها لأول مرة في حياتي وأشبع فتاة ضربًا))

زاد نحيب دارين والدُّموع المتدفقة منها وهي تبوح بكل شيء خوفا من عنف عمها

((لقد سمعتها أكثر من مرة تتحدث مع صديقتها غنوة وتقول بأنها نجحت في الكذب عليك وإقناعك أنها ذاهبة للمبيت عند عائلتها في القرية المجاورة في حين أنها ستذهب عندها في المدينة لتحظى بالحرية والمتعة معها))

أظلمت عينا مؤيد بتعبير لم تدركه بينما الغضب الأسود تصاعد فيه بشعاع متوحش كاد أن يحرقه هو نفسه..

أمَا دارين فشعرت بالندم والضيق فهي لم تكن تريد قول أي شيء قد يتسبب بإيقاع زوجة عمها بالمشاكل.. صحيح أنها كرهتها في وقت من الأوقات لأنها تفعل ما تفعله من خلف ظهر عمها.. لكن لم تكن لديها نية سابقا بالبوح بسرها وإيذائها وبالتأكيد ليس الآن..

فركضت للخارج نحو جدّها..

مسح مُؤيد بكفه على وجهه الرمادي الشاحب قبل أن يرجع رأسه للخلف هاتفا بصوتٍ مرتعش رغم قوته وغضبه

((لقد كانت طوال السنين الماضية تستغفلني وتذهب إلى مكان آخر غير الذي تخبرني عنه.. ربَّاه..))

في هذه اللحظة دخل الحاج يعقوب عليهم هاتفًا

((مؤيد كيف تجرأت على الصراخ في ابنة أخيك بهذا الشكل وتهديدها؟، أكسر يدك لو تجرأت ورُفعت على أحد أحفادي))

استقام مُؤيد من مكانه شاعرًا أن وقوفه يثقله والأرض تميد أسفل قدميه.. اتكأ على الجدار وزاغ البصر أمامه وهو يقول بصوتٍ أجوف أقرب للموت

((جميعكم اشهدوا أن زوجتي طالق.. لقد طلقتها وهي من هذه اللحظة لم تعد تعنيني))

شهقت رتيل التي كانت تقف خلف الباب الآخر ما إن وصلها صوته ورفعت يدها إلى فمها غير قادرة على تصديق الكابوس الذي تعيشه هي الأخرى وشعور الخزي يلفها.. لكنها أغمضت عينيها باستسلام يمزق نياط القلب لما ينتظرها.. قبل أن تفتحهما فجأة على صوت حماها يصرخ بزوجها بشراسة ومقت

((أيها الأرعن أخذتك عزتك بالإثم فطلقت زوجتك لأمر تافه كهذا! تبا لك يا مُؤيد أنتَ لا تتغير بل يوما عن يوم تصير شخصا أكثر ظلما وتجبّرا.. لم أربيك أنا بهذا الشكل.. أبدًا لم أربيك))

أنهى يعقوب ما يقوله حتى يهبط بيده على وجه ابنه بصفعة مدوية.. جعلت الدُوار الذي كان يشعر به مُؤيد يزداد.. فتشوشت رؤيته قبل أن يقول بهذيان صوته المختنق ألما

((ساقي.. ساقي.. الألم فيها لا يطاق))

نسي الحاج يعقوب كل ما يدور من حوله واقترب منه يسأله بقلق بالغ

((مؤيد.. مؤيد.. ماذا يحدث لك؟))

لكنه لم يرد عليه وقد تبدل ما يراه وغشي السَّواد عينيه واختل توازنه..

سارع يعقوب هو وزوجته يمسكانه قبل أن يسقط مغشيا عليه على الأرض الرخامية..

ولولت زاهية برعب على ابنها في حين جَرَّه يعقوب إلى مقعد قريب ورفع يده يضرب وجنته بمحاولة يائسة لإيقاظه.. عندما يأس من ردة فعله غادر الغرفة هادرًا

((سأذهب على الفور لأتصل بالإسعاف))

في هذه الأثناء استغلت رتيل التي كانت بحالة يُرثى لها انشغالهم حتى تخرج بهدوء وتسير بخفة على أطراف أصابعها نحو جناحها هي..

تناول يعقوب هاتفه وهاله كمّ الاتصالات الهائلة من أبنائه.. خاصة معاذ..

لكنه اتصل على رقم الإسعاف يدلهم على عنوانه وبمجرد أن أنهى المكالمة حتى كان معاذ يتصل به مجددا.. ردَّ عليه فورا فجاءه صوت معاذ المستاء الغاضب

((أخي مؤيد وصل عندكم يا أبي؟ هل هو هناك؟ أين زوجته؟))

ردَّ يعقوب على ابنه بشيء من الارتباك

((نعم إنه هنا.. ماذا حدث؟))

قال معاذ من بين أنفاسه اللاهثة مستنكرا

((هل يعقل يا أبي؟! أن أتصل على أرقام جميع من في القصر والعاملين فلا يرد عليّ أحد إلا إخوتي والذين هم أساسا بعيدين عن القصر رغم أنهم اتصلوا بك دون فائدة))

هتف يعقوب والقلق يستفحل بصوته

((أرعبتني يا معاذ قل ماذا هناك؟))

صمت معاذ لثوان يأخذ أنفاسه المسروقة ثم تساءل

((في البداية كيف حال مؤيد؟ هل وصلت زوجته إلى هناك أم لا؟))

أجابه الحاج يعقوب بنفس النبرة

((نعم وصلا الاثنين وأخيك وقع مغشيا عليه بينما يهذي بأن ساقه تؤلمه وطلبت له الإسعاف))

ردَّ معاذ عليه بصوته المجهد

((أنا من الأساس مستغرب بأنه وصل عندكم وهو على قيد الحياة.. لقد خرج من السيارة مرتين دون أن أوقفها وضرب قدمه عمدا بإطار السيارة وركض كثيرًا عليها.. وأثناء عودتنا إلى هنا شتتني أثناء القيادة فاصطدمت برجل وعندما أوقفت السيارة وترجلت منها حتى أتأكد من إصابة الرجل حلَّ مكاني خلف المقود وأكمل القيادة للقرية دون أن يعبأ بقدمه المصابة.. بالي انشغل في أن يكون قد تسبب بحادث وتأذى أو آذى غيره أثناء ذلك))

سأله يعقوب بصدمة

((وكيف حال ذاك الرجل الذي اصطدمت به يا معاذ؟))

ردّ عليه معاذ مطمئنا إيَّاه

((لا تقلق يا أبي إنه بخير.. بضع رضوض فبالكاد لامسته السيارة قبل أن تتوقف.. المهم أين زوجة أخي؟ هل هي بالقصر؟))

وعند ذكر هذا السؤال باغته صوت زاهية من الخلف تقول بعصبية

((يا حاج.. يا حاج زوجة ابنك فرت هاربة بحقيبتها للخارج))

التفت لها يقول بخشونة

((سنحل أمرها مع زوجها لاحقا، أهمُ شيء هو قدوم الإسعاف))

أخذت دارين الهاتف الذي تركه جدّها على الفور تقول لأبيها قبل أن يغلق الخط

((أبي هل هذا أنتَ؟))

قال معاذ بنزق وعجل

((دارين سأغلق الخط وسنتحدث لاحقا))

سارعت دارين تقول بصوتها المتهدج

((أبي عمي مُؤيد عنفني بشدة قبل قليل وهددَّ بضربي.. أنا أكرهه ولن أتحدث معه بعد اليوم))

رد عليها مُعاذ بصوتٍ يخبئ خلفه انفعالًا يهدد بفقدان السيطرة

((دارين ليس الآن وقت مشاكلك الطفولية، أنا لست متفرغا لك، سأغلق الخط))

تقوست شفتا دارين للأسفل بإحباط وخيبة أمل بينما تسمع جدتها تقول ما إن صدح صوت الإسعاف

((دارين اعتني بأولاد عمك جيدا سنذهب أنا وجدك إلى المشفى، فقد أرسلت نجوم عند عائلة والدتها))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-21, 06:31 PM   #4122

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


كان يراقب مالك منزل سمية الصغير حتى خرجت منه فتتبعها من بعيد على بعد أمتار.. أوشك أن يفقد أثرها أكثر من مرة لكن كان حدسه يعيده إليها..

لطالما اعتاد ومنذ مراهقته عندما يراها تخرج مضطرة في وقت الغروب لتتسوق لكونها الابنة الوحيدة أن يتتبعها هكذا من بعيد ويتأكد من ذهابها ووصولها لبيتها بأمان..

فطرق قريتهم في هذا الوقت تكون شبه فارغة والسير على الأقدام فيها يكون خطر على فتاة وحيدة.. وبعد زواجهما وربط يزيد بينهما كان يأمرها بلهجة صارمة ألا تخرج أبدًا للتسوق بعد العصر، وإذا ما اضطرت لذلك أن تطلب منه هو إحضار ما تريده لها.. وكانت تصغي له..

خرج مالك من شروده عندما توقفت خطواتها فجأة لتتوقف خطواته هو الآخر..

وصله صوتها المحمل بالجفاء وهي تسأله دون أن تستدير له

((لماذا تسير خلفي يا مالك؟))

ابتلع ريقه بصعوبة وشوقه لها يلفه لفا..

موجوع ومضطرب.. يفتقدها.. يموت إلى جرعته المعتادة من صوتها.. ضحكتها.. حتى تجهمها ونكدها.. يحن إلى وجودها في الأرجاء حوله.. تنهد قبل أن يقول

((أنا سأدخل للمتجر لأبتاع بعض الأشياء))

أنهى كلامه ومضى قُدما أمامها نحو المتجر الضخم بهدوء فشعرت بقلبها ينخلع من مكانه وهي تخفض بصرها بحزن خالص..

تكذب إن أنكرت أنها في الماضي كانت تعرف بإحساسها الذي لا يخيب أنَ مالك غالبا ما يتتبعها في سيرها.. وربما هذا ما كان يجعلها تسير في أمان..

فبسبب عملها الذي ينتهي في وقت متأخر في البستان كانت لا تجد وقتا للتسوق لحاجيات المنزل إلا في المساء..

تابعت سيرها نحو المتجر ودخلت لتنذهل بمالك الذي كان يجهز له أحد الموظفين في المتجر كل ما طلبه..

كانت أمامها أكياس كثيرة لا تعد بسهولة وممتلئة بالفواكه والخضروات والأجبان والمرطبات..

لفتها الدهشة وهي تسمعه يقول

((تعالي وأخبريني ما ينقص بيتك الآن حتى أبتاعه أيضًا))

استاءت ملامحها وهي تسمعه يتحدث معها كأن أخْذها لهذه الأكياس أمر مفروغ منه فغمغمت

((مالك ما الذي تفعله؟ أنت تجبرني أن أفقد آخر ذرات عقلي بما تفعله))

أخرج مالك من محفظته حفنة من المال يقدمها للبائع ثم ناظرها ليجيب هامسا

((لقد أوقفك أبي عن العمل في الحديقة بسبب زواجنا الذي كان يفترض أن يُعقد قبل أسابيع ومنذ تلك اللحظة وأنتِ لا تتقاضين راتبًا منه.. ولغبائي لم أفكر في هذا الأمر إلا عندما لاحظت بأن ما ترسليه لي إلى الفندق أقل من المعتاد))

عقدت حاجبيها تقول بحزم

((حتى لو لم أكن أتقاضى راتبًا الآن فلدي الكثير من النقود التي كنت أذخرها.. سبق وأخبرتك أني كنت أقبل منك تلك الأموال الطائلة لأني كنت أنفقها على يزيد وأجلب له كل ما يريد رافضة أن أسمح لكبريائي أن يحرمه من رفاهية التمتع بأموال أبيه، لكن طالما أن يزيد ليس عندي لا يمكن أن أقبل منك أي شيء))

عقب مالك بهدوء يخبأ خلفه انفعالًا يهدد بفقدان السيطرة

((هل انتهيت من ثرثرتك الكفاحية هذه؟ سأحمل كل هذه الأكياس إلى بيتك وإذا ما صدر منك أي اعتراض فلن أتردد بجعلها فضيحة مدوية غير عابئ بشيء أنتِ خطيبتي وسرعان ما سنتزوج بعد أن يرضى أبي عنا..))

ردت عليه بانزعاج

((كم أكره أسلوبك هذا في الابتزاز))

برقت خضرة عينيه بقوة وقال بجمود

((بعض ما عندكم.. تعلمته منك))

فجأة اختفى النور أمام مالك وهو يجد أحد ما يقف خلفه ويعصب عينيه بيديه..

رفع مالك أصابعه يحاول التخلص من هذه اليد بقوة وعدوانية هادرًا من بين أسنانه بالكاد يمسك نفسه ألا يثير جلبة في هذا المتجر

((من هذا الو-ق-ح معدوم الذوق الذي يغطي عينيّ))

سمع مالك صوت ضحكات خافتة مكتومة من الرجل الذي يغطي عينيه فانفلتت أعصابه ليهدد الرجل الذي يقف خلفه

((للمرة الأخيرة أقول حرّر عيني قبل أن تجد قبضتي في منتصف معدتك))

لم يستجب الرجل الذي خلفه فرفع مالك إحدى قدميه للخلف وركله مما جعل الآخر تلقائيا يتأوه متألما ويسحب يديه هادرا بصوتٍ مخنوق متوجع

((توقف يا مالك.. لا يستدعي ما فعلته كل هذا الغضب حتى لو كنت شخصا غريبًا))

عقد مالك حاجبيه وهو يناظر الذي يقوم بتمسيد ساقه وهو يغمض عينيه وسرعان ما لفته الدهشة والذهول هاتفًا

((مازن!؟ هل هذا أنت!؟ متى عدت إلى هنا يا مازن؟ لماذا لم يخبرني أحد!؟))

تطلعت ياسمين التي كانت تقف بجانب مازن هادرة

((سمية هل هذه أنتِ؟ ماذا تفعلين هنا؟))

هدر مالك بخشونة معقبا

((ما الذي تفعلاه أنتما هنا، هذا هو السؤال؟))

ابتسم مازن ببشاشة وهو ينتصب واقفا ويرفع ذراعه حول كتفي زوجته يضمها له ثم قال

((قررت أن أخرج مع زوجتي الحبيبة للخارج حتى نعيد التعرف على بعضنا، بالتأكيد الاغتراب طوال تلك السنين غيَّر الكثير فينا، واتضح أن ياسو لا زالت تلك المرأة المرحة البشوشة التي طالما عرفتها))

رفعت ياسمين عينيها إليه لتصفعه بنظرة غضب وتهمس

((لا تناديني ياسو أمامهم ولا تعانقني بهذا الشكل.. اخجل قليلا يا مازن))

اختلق مازن العبوس وهو يقول متذمرا بنفس الهمس

((كل مرة لا تقدرين تفاخري بامتلاك امرأة مثلك أشعر بقلبي يكاد ينخلع من صدري))

ثم نظر أمامه لأخيه يقول بنبرته المرحة

((المهم يا مالك لقد أخبرتني ياسمين عن زواجك السَّابق من سمية وإنجابك منها، لا تصدق كم أنا فخور بك، في الماضي كان أبي هو من يقول لي أن أصبح مثلك.. لكن سمعت مؤخرًا بأن الحال انعكس وبدأ يعايرك لأنك لست مثلي))

ردد مالك باقتضاب

((لا ليس إلى هذا الحدّ يا مازن))

لكزه مازن بضربة رجولية وهو يقول بنفس النبرة المرحة

((كيف تنكر كلامي! أنا ولا حتى بأكثر رغباتي جُموحا لم أفكر في الزواج من خلف ظهر أهلي بل والإنجاب))

حدجه مالك بغضب وتمتم

((مازن لا تتدخل وحسب))

عقب مازن باستياء

((انظر لنفسك كيف تعبس بوجه توأمك الذي لم تَرَه منذ وقت طويل!))

ثم اندفع مازن نحوه يُعانقه بقوة قبل أن يَلثم جبينه مما جعل مالك يدفعه عنه على الفور ويغمغم بغضب وهو يشد على نواجذه

((ابتعد عني.. ابتعد عني أيها الأحمق.. كم من مرة عليّ أن أنبهك ألا تقّبل جبيني.. الرجال لا يتعانقون ويقبلون بعضهم بهذا الشكل!))

كتم الثلاثة ابتسامتهم على ما حدث أمَّا مالك فانخفض يمسك نصف الأكياس ويأمر أخاه بجلافة

((رغم أن السير معك الآن أضحى شبهة لكن أنا مضطر أن أقول لك بأني بحاجة لمساعدتك في حمل هذه الأكياس معي إلى البيت..))

أخرج مازن مفتاح السيارة من جيبه وقال بزهو

((معي سيارة والدي.. سأوصلك لتضع فيها الأغراض ثم سأوصلك إلى الفندق الذي تمكث فيه فقد سمعت بأن والدي طردك من المنزل.. كم أنتَ محظوظ يا مالك لطالما بصغري كنت أحسد أصدقائي الذين يُطردون من منازلهم كعقاب، فوالدي يتبع الحبس في المنزل كعقاب، وعندما قرر أن يطبق العكس أخيرًا كنت أنت من نلت هذا الشرف!))

تجاهل مالك كلامه وسأله باهتمام

((هل اتصل بك مُعاذ بشأن شيء يخص مُؤيد؟))

أجاب مازن بعفوية

((نعم اتصل بي لكننا بالخارج كما ترى، سنعود الآن ونعرف ما حدث))

.

.


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-21, 06:32 PM   #4123

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

استقلوا جميعا السيارة مع مازن..

مالك يجلس بجانبه وسمية وياسمين بالخلف..

أوصلهم مازن للقصر

في البداية أوصل سمية إلى بيتها الصغير القريب من قصرهم وأنزل مالك كل الأكياس عندها..

ثم أوصل مازن أخاه إلى حيث يمكث هذه الأيام..

وفي أثناء عودتهم في الطريق مجددا إلى القصر جلست ياسمين بجانبه وقالت بامتعاض تقاطع دندنته بصوته المزعج

((لقد أحرجتنا أمام أخيك، رغم تشابهكما بالشكل إلا أن شخصياتكما مختلفة تماما، تماما.. هو هادئ وراكز ورزين، أما أنتَ فمنزوع الهيبة لا يعمل أحد أمامك أي حساب وتصرفاتك تشير لتصرفات غير ناضجة))

نظر مازن إليها بجانبه لثانية وقال وهو يعود للتركيز في الطريق أمامه

((بعيدا عن مدحك الجميل هذا فمعك حق مالك وأنا لنا شخصيات واهتمامات مختلفة، حتى أنه لا يقبل أن يصادق إلا من يشبهونه في الهدوء، أما أنا فكنت أحب أن أعقد صداقات مع كل من هبَّ ودبَّ خاصة أصدقاء السوء، أحب أصحاب المشاكل والمغامرات ومن يجعلونني أقضي معهم وقتا ممتعا.. لكن مع ذلك كله يظل مالك تؤامي وأقرب لي من كل إخوتي))

للحظة اتسعت عيناها وهي تدرك بأنها كانت تصغي له باهتمام فاستعادت برودها وسيطرتها لترد عليه

((حسنا قلل من الحديث وركز في القيادة لنعد بسلام))

حاول مازن تغيير الموضوع وهو يقول

((هل أعجبتك نزهة اليوم إلى متاجر القرية؟ أين نذهب في المرة المقبلة؟))

عَبَست ياسمين وقالت

((لا أريد أن أذهب مرة أخرى، وافقت أن أخرج معك لأجرب شعور الخروج من المنزل لأول مرة بعد زواجي بك))

اتسعت عينا مازن ونظر جانبه لأكثر من مرة لها قبل أن يقول مستهجنا ببلاهة

((هل تقصدين بأن الشّمس لم تطل وجهك منذ أن تزوجنا؟ ألهذا هو ذابل أيتها المسكينة!))

زمًت شفتيها ثم قالت

((بالتأكيد كنت أخرج لحديقة المنزل والشرفة لكن لا لم يسبق لي وأن خرجت من أسواره وذهبت لزيارة أحد لهذا استجبت لإصرارك اليوم للخروج حتى أرى أرجاء القرية..))

قال لها بحمية وجدية

((لا تقلقي من اليوم أنا لن يكون عندي عمل أو أحد يشغلني عن إخراجك إلى هنا وهناك..))

قاطعته تقول باستخفاف وازدراء

((شكرا لعرضك لكن بعد تجربة اليوم فلا أريد.. ليس هناك شيء ممتع في الخروج من البيت.. أفضل حبس نفسي في غرفتي والاستمتاع بالخياطة أو مشاهدة التلفاز أو تصفح الإنترنت))

امتعضت ملامحه وتمتم قبل أن يركن سيارته في مصف العائلة

((محطمةٌ للمتعة أنتِ))

============================================

انزلقت دمعة من عين سهر على وجنتها رغم ابتسامتها الكبيرة مسحتها بكفها المرتجف وهي تقول بحنو

((أنا متأكدة يا أبي بأنك ستعود بصحة أفضل.. المهم أن تنتبه على نفسك))

طبطب والد سهر بيده الخشنة فوق يد ابنته الناعمة وهدر بصوتٍ أجش

((اهتمي جيدا بنفسك يا سهر، لن أتأخر بعودتي))

قالت سهر له برجاء وهي تهم بإغلاق باب السيارة عليه

((أبي أنتَ من عليك الاهتمام بنفسك.. ربما ألحق بكم في الأسبوع المقبل))

أمسكت تمارا مرفق ابنتها وجرتها للخلف وهدرت لزوجها

((سأتحدث معها لدقيقة ثم سأجلس بجانبك لينطلق بنا السائق يا عزيزي))

طالعت تمارا ابنتها بامتعاض وهدرت وهي تهز مرفقها

((تعالي إلى هنا، لا تأتي إلينا، سينهي والدك عمليته الجراحية على خير وسنعود على الفور.. أبقي هنا واهتمي بإجراءات الفسخ.. أصرى أكثر على قُصي.. لأننا لو عدنا وعرفت بأنه لم يفسخ الخطبة معك لن تكون ردة فعلي حميدة خاصة أني سأكون متفرغة له))

أغمضت تمارا عينيها وهي تخرج نفسًا عميقا ثم دمدمت بصوتٍ خفيض

((سنقول للجميع بأنك لم تتفقي معه وفسختي خطبتك وهكذا سيكون الأمر بمثابة إعلان بأنك عدت عازبة حتى أقدر على استقبال الخطاب من جديد لك..))

عقبت سهر بحنق بالغ

((أمي هذا ليس وقت التحدث عن علاقاتي المستقبلية.. دعينا ننتهي من قُصي أولا.. ثم أنا لن أرتبط برجل من اختيارك كما تعلمين عندي مواصفات كثيرة لن أتنازل عنها في الرجل الذي سأتزوجه، وأنا لا أرى أن عشرة عصافير في اليد لا تساوي عصفورا على الشجرة، مادام هذا العصفور هو هدفي واختياري))

ردّت تمارا بترفع

((هراء كل العصافير مثل.. أقصد كل الرجال مثل بعضهم.. لذا أهم شيء أن تأخذي يا سهر من يضمن لك حياة فارهة لا تقل عن هذه التي تعيشينها عند والدك الآن..))

ثم رمقت ابنتها بنبرة محقرة وهي تسترسل بحسرة

((كان مراد يريد تطليق زوجته قبل سنين وكان أمامك فرصة لتتزوجي منه لكن أنتِ من ضيعتها))

ضربت سهر يدها بجبينها بيأس ثم قالت وهي تتميز غيظا

((الحمدالله أني ضيعتها.. الحمدالله أني أطلعت والدة مراد على كل مصائبي التي تخص ماضيَّ المخزي إلى الحد الذي جعلتها هي وابنها يشمئزا مني))

ردت تمارا بقهر

((أيتها الحمقاء نحن لم..))

قاطعتها سهر التي انفلتت أعصابها

((أمي كل ما أعانيه بسببك أنتِ.. لهذا قررت أني سأكون بحاجة لفترة راحة بعيدة عنك وعن كلامك الذي تستمرين بتقريعي به.. بما أن شيرين غادرت للعاصمة فأنا لا أرى فائدة من بقائي هنا، سأذهب عند إحدى صديقاتي وأبيت عندها))

شهقت والدتها بصدمة وقالت محذرة

((سهر إذا تجرأت وقمت بمغادرة هذا البيت سأقوم الآن بتعطيل كافة بطاقاتك الائتمانية وأتركك هنا بلا أي سيولة))

ضيقت سهر عينيها وهي تقول بإقدام

((لا يهم سأذهب للعمل في أحد المطاعم التي كنت أعمل فيها بالماضي.. ابقي هنا لربع ساعة ريثما أخرج من هنا مع أغراضي))

اندفعت سهر لداخل المنزل تحقق وعيدها فهزّت تمارا الأرض بقدمها وقالت

((فقط انتظري عودتي يا سهر من سفري هذا وسترين ردة فعلي معك))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-21, 06:33 PM   #4124

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

استقلوا جميعا السيارة مع مازن..

مالك يجلس بجانبه وسمية وياسمين بالخلف..

أوصلهم مازن للقصر

في البداية أوصل سمية إلى بيتها الصغير القريب من قصرهم وأنزل مالك كل الأكياس عندها..

ثم أوصل مازن أخاه إلى حيث يمكث هذه الأيام..

وفي أثناء عودتهم في الطريق مجددا إلى القصر جلست ياسمين بجانبه وقالت بامتعاض تقاطع دندنته بصوته المزعج

((لقد أحرجتنا أمام أخيك، رغم تشابهكما بالشكل إلا أن شخصياتكما مختلفة تماما، تماما.. هو هادئ وراكز ورزين، أما أنتَ فمنزوع الهيبة لا يعمل أحد أمامك أي حساب وتصرفاتك تشير لتصرفات غير ناضجة))

نظر مازن إليها بجانبه لثانية وقال وهو يعود للتركيز في الطريق أمامه

((بعيدا عن مدحك الجميل هذا فمعك حق مالك وأنا لنا شخصيات واهتمامات مختلفة، حتى أنه لا يقبل أن يصادق إلا من يشبهونه في الهدوء، أما أنا فكنت أحب أن أعقد صداقات مع كل من هبَّ ودبَّ خاصة أصدقاء السوء، أحب أصحاب المشاكل والمغامرات ومن يجعلونني أقضي معهم وقتا ممتعا.. لكن مع ذلك كله يظل مالك تؤامي وأقرب لي من كل إخوتي))

للحظة اتسعت عيناها وهي تدرك بأنها كانت تصغي له باهتمام فاستعادت برودها وسيطرتها لترد عليه

((حسنا قلل من الحديث وركز في القيادة لنعد بسلام))

حاول مازن تغيير الموضوع وهو يقول

((هل أعجبتك نزهة اليوم إلى متاجر القرية؟ أين نذهب في المرة المقبلة؟))

عَبَست ياسمين وقالت

((لا أريد أن أذهب مرة أخرى، وافقت أن أخرج معك لأجرب شعور الخروج من المنزل لأول مرة بعد زواجي بك))

اتسعت عينا مازن ونظر جانبه لأكثر من مرة لها قبل أن يقول مستهجنا ببلاهة

((هل تقصدين بأن الشّمس لم تطل وجهك منذ أن تزوجنا؟ ألهذا هو ذابل أيتها المسكينة!))

زمًت شفتيها ثم قالت

((بالتأكيد كنت أخرج لحديقة المنزل والشرفة لكن لا لم يسبق لي وأن خرجت من أسواره وذهبت لزيارة أحد لهذا استجبت لإصرارك اليوم للخروج حتى أرى أرجاء القرية..))

قال لها بحمية وجدية

((لا تقلقي من اليوم أنا لن يكون عندي عمل أو أحد يشغلني عن إخراجك إلى هنا وهناك..))

قاطعته تقول باستخفاف وازدراء

((شكرا لعرضك لكن بعد تجربة اليوم فلا أريد.. ليس هناك شيء ممتع في الخروج من البيت.. أفضل حبس نفسي في غرفتي والاستمتاع بالخياطة أو مشاهدة التلفاز أو تصفح الإنترنت))

امتعضت ملامحه وتمتم قبل أن يركن سيارته في مصف العائلة

((محطمةٌ للمتعة أنتِ))

******

انزلقت دمعة من عين سهر على وجنتها رغم ابتسامتها الكبيرة مسحتها بكفها المرتجف وهي تقول بحنو

((أنا متأكدة يا أبي بأنك ستعود بصحة أفضل.. المهم أن تنتبه على نفسك))

طبطب والد سهر بيده الخشنة فوق يد ابنته الناعمة وهدر بصوتٍ أجش

((اهتمي جيدا بنفسك يا سهر، لن أتأخر بعودتي))

قالت سهر له برجاء وهي تهم بإغلاق باب السيارة عليه

((أبي أنتَ من عليك الاهتمام بنفسك.. ربما ألحق بكم في الأسبوع المقبل))

أمسكت تمارا مرفق ابنتها وجرتها للخلف وهدرت لزوجها

((سأتحدث معها لدقيقة ثم سأجلس بجانبك لينطلق بنا السائق يا عزيزي))

طالعت تمارا ابنتها بامتعاض وهدرت وهي تهز مرفقها

((تعالي إلى هنا، لا تأتي إلينا، سينهي والدك عمليته الجراحية على خير وسنعود على الفور.. أبقي هنا واهتمي بإجراءات الفسخ.. أصرى أكثر على قُصي.. لأننا لو عدنا وعرفت بأنه لم يفسخ الخطبة معك لن تكون ردة فعلي حميدة خاصة أني سأكون متفرغة له))

أغمضت تمارا عينيها وهي تخرج نفسًا عميقا ثم دمدمت بصوتٍ خفيض

((سنقول للجميع بأنك لم تتفقي معه وفسختي خطبتك وهكذا سيكون الأمر بمثابة إعلان بأنك عدت عازبة حتى أقدر على استقبال الخطاب من جديد لك..))

عقبت سهر بحنق بالغ

((أمي هذا ليس وقت التحدث عن علاقاتي المستقبلية.. دعينا ننتهي من قُصي أولا.. ثم أنا لن أرتبط برجل من اختيارك كما تعلمين عندي مواصفات كثيرة لن أتنازل عنها في الرجل الذي سأتزوجه، وأنا لا أرى أن عشرة عصافير في اليد لا تساوي عصفورا على الشجرة، مادام هذا العصفور هو هدفي واختياري))

ردّت تمارا بترفع

((هراء كل العصافير مثل.. أقصد كل الرجال مثل بعضهم.. لذا أهم شيء أن تأخذي يا سهر من يضمن لك حياة فارهة لا تقل عن هذه التي تعيشينها عند والدك الآن..))

ثم رمقت ابنتها بنبرة محقرة وهي تسترسل بحسرة

((كان مراد يريد تطليق زوجته قبل سنين وكان أمامك فرصة لتتزوجي منه لكن أنتِ من ضيعتها))

ضربت سهر يدها بجبينها بيأس ثم قالت وهي تتميز غيظا

((الحمدالله أني ضيعتها.. الحمدالله أني أطلعت والدة مراد على كل مصائبي التي تخص ماضيَّ المخزي إلى الحد الذي جعلتها هي وابنها يشمئزا مني))

ردت تمارا بقهر

((أيتها الحمقاء نحن لم..))

قاطعتها سهر التي انفلتت أعصابها

((أمي كل ما أعانيه بسببك أنتِ.. لهذا قررت أني سأكون بحاجة لفترة راحة بعيدة عنك وعن كلامك الذي تستمرين بتقريعي به.. بما أن شيرين غادرت للعاصمة فأنا لا أرى فائدة من بقائي هنا، سأذهب عند إحدى صديقاتي وأبيت عندها))

شهقت والدتها بصدمة وقالت محذرة

((سهر إذا تجرأت وقمت بمغادرة هذا البيت سأقوم الآن بتعطيل كافة بطاقاتك الائتمانية وأتركك هنا بلا أي سيولة))

ضيقت سهر عينيها وهي تقول بإقدام

((لا يهم سأذهب للعمل في أحد المطاعم التي كنت أعمل فيها بالماضي.. ابقي هنا لربع ساعة ريثما أخرج من هنا مع أغراضي))

اندفعت سهر لداخل المنزل تحقق وعيدها فهزّت تمارا الأرض بقدمها وقالت

((فقط انتظري عودتي يا سهر من سفري هذا وسترين ردة فعلي معك))



*****




رش قُصي عطره الباهظ على قميصه بعد أن أنهى ارتداء ملابسه واستحمامه..

تناول هاتفه من على المنضدة وتصفح الرسائل التي وصلته ولفت انتباهه رسالتان الأولى من شيرين

"لقد قالت سهر لي بأن والديها سافرا بالفعل لكنها تشاجرت مع أمها، وقررت الخروج من المنزل والمبيت في بيت إحدى صديقاتها بعد أن طردتها أمها والعمل في أحد المطاعم"

والرسالة الثانية من والد سهر

"قُصي لقد نجحت في منع سهر من القدوم معي.. هذه هي فرصتك أولًا للاعتراف لها بحقيقتك وثانيا للاستقرار في وضع مرضي والاتفاق مع عائلتك الكريمة.. لقد راعيتك بما فيه الكفاية لأني وجدت فيك الرجل الوحيد الذي يناسب ابنتي فلا تتأخر أكثر ولا تخيب ظني بك.. تحياتي لك"

وضع قصي الهاتف في بنطاله والغيظ يتجلى بملامحه..

سهر ستعمل في مثل هكذا وظيفة؟

حسنا سبق وأخبرته في الماضي عن شغورها أعمال كثيرة كهذه كل مرة تشاجرت فيها مع أمها، لكن لا يمكن الآن أن يسمح لها أن تعود لمثل هذه الوظائف..

صدح صوت طرقات فوق باب غرفته فسمح للطارق بالدخول ليظهر أنها والدته روزانا.. سيدة المجتمع اللبقة والراقية تطلب منه بهدوء

((عمك يريدك يا قُصي الآن فتعال بسرعة))

أومأ لوالدته بهدوء ثم تبعها لينزل درجات السلم الذي ينصف الصالة نحو مكتب عمه فارس القاني..

دلف قصي إلى غرفة عمه حيث كان يتناقش بشيء يخص العمل مع يوسف كالعادة، وما إن انتبه يوسف له حتى جفل وهمس له بتهذيب أقرب للذل

((لقد جاء السيد قصي يا سيد فارس، أستأذنك بالخروج))

على عجل أغلق يوسف الجهاز اللَّوحي الذي يمسكه وأطرق رأسه وهو يغادر المكان متجنبا أي التقاء بصري بينه وبين قصي..

مالت زاوية فم قصي بابتسامة ساخرة..

لا بد أن يوسف فعل شيئا له يستوجب سخطه لهذا يبدي توترًا أكثر من العادة عندما رآه..

فمن يصدق بأن هذا الأبله المجتهد الذي يُحظى بمنصب عالي في الشركة يلفه الارتباك لفًا ما إن يرى أحد من عائلة القاني أمامه!

تجاهله قصي وجلس على أريكة أمام عمه ووضع ساقًا فوق الأخرى يقول بعدم احترام لوجه عمه الوقور والمتجهم بالفطرة

((تبدو في غاية الغضب يا عمي))

كان قصي يظهر تلك الواجهة الباردة الصلبة أمامه والبعيدة كل البُعد عن شخصيته التي تطّبع فيها أثناء عمله في الشركة ذلك الشاب الودود المستهتر..

وبعيدة حتى عن تلك الواجهة التي يظهر فيها في كل أوقاته مع سهر حيث يظهر أمامها بقصي العاشق المنطلق والمحب للحياة..

تنهَّد قصي بصوتٍ عال ثم أضاف

((لقد سمعت بأنكم استطعتم التعاقد مع شركة خاصة أخرى بدلًا من شركة الموقع الإلكتروني الذي سحبوه من عندنا.. وهذا يعني أولًا بأن ضميري أخيرًا يمكن أن يرتاح فبالرغم من الرواتب المتدنية في الشركة للموظفين العاديين إلا أن هذه الوظيفة كانت كل ما لديهم كمصدر رزق.. أما ثانيا حتى تراجع أنتَ وباقي أصحاب الأسهم بالشركة قرار فصلي النهائي..))

قاطعه فارس بصرامة لا يقبل كلمة تمس شركته التي دفع ثمنها دمًا لتصل إلى ما وصلت إليه الآن

((بالتأكيد حللنا المصيبة التي افتعلتها فالكل يتطلع للعمل مع شركة القاني لأن شركتنا معروفة أنها تعمل على تمكين أداء عملائها من خلال توفير مختلف خدمات الإسناد والدعم في قطاع حلول الاتصال الذكية وتوفر عناصر البنى الأساسية المعتمدة على أحدث وأرقى ما توصلت إليه التكنولوجيا في هذا المجال التي توفرها لعملائها من كبرى الشركات في المنطقة))

ازداد انعقاد حاجبي فارس ثم استرسل بهدوء

((على كل حال أنا طلبتك هنا يا قُصي كرئيس مجلس إدارة شركة القاني لا بصفة عمك.. فشركة القاني التي أسستها عائلتي أنا من قررت قبل سنوات أن أتوسع بها لتغطي محافظة أخرى.. لا زلت أذكر كيف أعلنت بنفسي عن بدء تقديم خدمات شركة القاني في الفرع الثاني الذي أرسلتك لتعمل به))

تجلت ملامح الازدراء على وجه قصي وهو يستمع لعمه يتحدث عن إنجازاته وانتصاراته في تطوير شركة القاني وما حققه من نجاحات تخصها بزهو وافتخار واعتزاز ومسحة من الغرور.. بينما يتابع

((لقد حاولت يا قصي على مدار سنوات أن أجعل شركة القاني تتم كافة استعداداتها لإطلاق عملياتها والمباشرة بتقديم حلولها عبر شبكتها المتطورة والمتكاملة من مراكز الاتصال))

كان فارس منتبها لتنهدات قُصي المتتابعة دليل على ملله فحاول التحلي بصبر ليس من شيمه وهو يدخل في صلب الموضوع

((كان سبب آخر لإطلاقنا الفرع الثاني هو نابع من حس وطني لمساعدة الطلبة والشباب أبناء تلك المحافظة وتوفير فرص عمل لهم ودخولهم لسوق العمل إلى جانب تأمين دخل متوسط..))

قاطعه قُصي هاتفًا بانفعال

((ليس دخلا متوسطا بل متدنيا جدًّا.. لذا عمي توقف عن إظهار تفاصيل شركتنا العظيمة التي لا مثيل لها.. سبب النجاحات التي حققتها وازدهارها واستقطابها المزيد من الشركات هو السعر الرخيص على حساب استغلال البطالة المتفشية في بلادنا واستغلال حاجات الشباب المستعدين للعمل بأي راتب مهما كان متدني.. ودون توفير عقود للكثير منهم))

مالت روزانا لقصي هامسة بتأنيب وهي تسحب يديها على تنورتها الضيقة

((قصي لا تصرخ على عمك))

انتصب قُصي واقفا من مكانه هاتفا

((بل سأصرخ فقد سبق وعملت أنا هناك لثلاث سنوات ومعي مئات الموظفين في استقبال مكالمات لشركات خاصة نجيبُ من خلالها على استفسارات العملاء في معضلاتهم ومشاكلهم مقابل رواتب متدنية جدًّا، جدًّا))

تحرك صدر قصي بانفعال وهو يكمل ويُعري حقيقة عمه المُخزية

((تتبجح بمؤتمراتك الصحفية عن كونك ترفض الخروج والاستثمار خارج البلد رغم كل المغريات لأن هدفك بمشاريعك هو توظيف أكبر عدد من العاطلين عن العمل في البلاد والتقليل من البطالة لكن الحقيقة هي غير ذلك تماما، فهذه البلاد هي جنة بالنسبة لرجل جشع من أمثالك! فمن أين ستجد بلد مثل بلدنا تسمح لمليونير مثلك أن يحتكر السوق ويستغل شباب مثل الورود ليعاملهم كعبيد بدون حقوق عمل ومقابل مرتبات زهيدة! من أين ستجد في الخارج بلد مثل بلدنا يسمح لك بالتلاعب في عقود الموظفين وجعلهم يعملون في الإجازات الرسمية والعادية وطردهم متى ما انعدمت الحاجة لهم))

أظلمت عينا فارس بينما يقول

((لهذا كنت أول الموقعين على تلك العريضة مع باقي الموظفين ضد إدارة الشركة؟))

اتسعت عينا روزانا باستنكار تقول

((ما الذي فعلته قصي؟))

أجابها فارس باستياء بالغ

((كان هناك أحد الموظفين يقوم بتجميع تواقيع وأسماء من الموظفين لتحريضهم على رفع قضايا جماعية ضد شركتنا وابنك لم يتوانى عن التوقيع عليها))

عَدَّل قصي من ساعته الثمينة التي يرتديها بيده اليسرى مُعقبا بصوت هزلي ساخر

((لم أخطئ بشيء.. أنتَ فعلا تتلاعب بالقوانين التي تنصها وزارة العمل فكان عليّ أن أتضامن مع باقي الموظفين))

نجح قصي أخيرا في جعل عمه ينفعل ويستقيم واقفا له

((ألا تعرف أيها الأحمق وزارة العمل هي كابوس بالنسبة لشركتنا؟ ثم ما شأنك بهم وأنت تأخذ مصروفك وثمن سفراتك ودعواتك لأصدقائك وسيارتك مني أنا))

انمحت السخرية من ملامح قُصي وحلّ محلها صرامة غريبة وهو يقول

((لا تتصرف كأنك تمن عليّ بما تعطيه لي من مصروف.. إنه حقي وحق أخي من ورثة أبي المنهوبة))

ظلّ فارس يناظر ابن أخيه للحظات صامتًا بملامح خالية من التعابير ثم قال بصوت فاتر أجوف

((ورثة والدك؟ ها قد عدنا مجددا لفتح الدفاتر القديمة؟ إذن ها هو القانون أمامك.. إذا استطعت أثبت أن لك حقا عندي.. وحتى ذلك فلا فلس سأنفقه عليك.. وأما شركة القاني فلم يكن قراري بفصلك وحدي بل قرار الأغلبية، حتى كعامل نظافة فلن تحلم في العمل بها يا قصي))

قَسَت ملامح قصي وهو يقول

((عمي فارس، أنا لست كابنك وابنتك اللذين رميتهما خارج ظلك ومأواك يصارعان الفقر والحاجة دون سؤال وأسكت فأنا مختلف عنهما، أنا هنا لن أتنازل عن فلس من حقي وعن حياة الرفاهية))

لم يرد فارس وبدا شارد الذَهن يعيد التفكير بشيء ما.. شيء يثير ألمه هو الرجل الصلب المعتدّ بنفسه.. ثم قال أخيرًا بصوتٍ صارم جاف

((اخرج الآن من قصري بهذا الشكل واللبس دون أن تأخذ شيئا من هنا.. أين الحرس؟))

هتف عاليًا عند آخر جملة ليدخل الحرس الغرفة حالا بانتظار إشارة تأكيد أخرى من سيّدهم..

احتدمت ملامح قصي ونظر لوالدته هاتفًا

((أمي هل تسمعين زوجك ماذا يقول لي؟))

بهدوء متأصل فيه هتف فارس بزوجته

((روزانا إذا علمت بأنك قمت بإقراضه ولو فلس واحد فلا تلومي إلا نفسك))

هتف قصي له بفظاظة

((لن تستطيع فعل ذلك بي))

أضحت مقلتي فارس أكثر عمقا وقتامة وهو يقول بفتور

((إذا كنت قد فعلتها في أولادي من صُلبي فلما قد لا أفعلها بك يا قصي يا ابن أخي؟))

حدق قصي بوالدته ثم هتف بها وهو يلوح بيده

((أمي الآن وفي هذه اللحظة عليك أن تختاري واحدا منا.. أنا ابنك بكرك حبيبك.. أم هو شقيق زوجك السابق الذي جعل أخاه يعاني في حياته وموته، وسرق حق أولاده وابتزّك للزواج منه))

توترت ملامح روزانا ثم نكست وجهها لا تعرف كيف تتعامل مع هذا الموقف، فاتسعت عينا قصي وهو يقول باستهجان

((أمي هل أنتِ جادة؟ هل حقًا محتارة من تختاري؟))

أعطى فارس كلمته الباترة

((أيها الحرس الآن!))

أمسك كل واحد من الحارسين الشخصيين لفارس يد قصي بغية جرّه للخارج لكنه صرخ وهو ينفضهم عنه بانفلات أعصاب

((أنا سأخرج بنفسي، ابتعدوا عني))

غادر قصي المكان كله وصدره يعلو ويهبط بانفعال واحتدام..

بمجرد أن غادر قصر عائلته حتى هدأت انفعالاته المتفجرة ورفع رأسه ببطء يحاول أخذ نفسا عميقا..

الاختناق يلفه.. والخيبة تعتمل بروحه.. والقهر يسكن جنباته..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-21, 06:37 PM   #4125

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي




في قصر يعقوب الكانز..

كانت زاهية جالسة في مجلسها بعد أن عادت هي وزوجها من المشفى وبقي مُؤيد هناك ليتابعوا حالته..

رغم أنه لم يكن هناك في ساقه ما يستدعي القلق إلا أنه لم يهدأ بالها من أي قهر وعذاب بسبب ما عرفته اليوم عن زوجة ابنها رتيل..

كنّتها المفضلة التي اختارتها بنفسها من بين عشرات الفتيات ومن اعتمدت عليها في كل شيء وتفصيله في حياتها هنا.. يخرج منها كل هذا!

إلى الآن لا تصدق ما حدث! تكاد تقسم بأغلظ الأيمان بأنها لا تصدق أي شيء مما حدث!

لكن ماذا عليها أن تفعل الآن؟

لأنها لو أخبرت عائلة رتيل فلن ينتهي اليوم قبل أن يقتلوها دون حتى محاولة التأكد من صحة الكلام!

فهنا كل شيء إلا شرف وسمعة المرأة! لا يسمح لها أبدًا حتى أن تخدش!

دخلت نورين المجلس واتجهت إلى حيث تجلس حماتها وطالعت وجهها والانكسار المتجلي على مُحياها المجهد لتقول لها بابتسامة رقيقة

((لقد طلبت من منال أن تعد لك كوب عصير طازج يا عمتي بعد قليل))

خرجت زاهية من شرودها ثم نظرت لمُصعب الذي جاء هو وزوجته قبل ساعة هنا فبادلته الابتسامة بعد يوم طويل متحاملة على الألم الذي تشعر به..

مدّ مصعب يده يلامس كتف أمه وهو يقول باهتمام وقلق عليها

((أمي وجهك شاحب للغاية، كل هذا من أجل إصابة مؤيد؟ ألم يقل لكم الطبيب أنه سيكون بخير؟))

((دعك مني يا مُصعب.. هل سلمت على أخيك مازن؟))

أجابها مصعب بهدوء

((بالطبع يا أمي.. سبب زيارتي هنا كان رؤيته والتسليم عليه وعليك قبل أن أسافر))

سألته زاهية باهتمام

((كم ستطول مدة سفرك من أجل ذلك المؤتمر الذي تم اختيارك لتذهب إليه بعد مدة؟))

عقد مصعب حاجبيه قبل أن يقول

((أمي لن تزيد المدة عن أسبوعين، صحيح أن المؤتمر سيكون لثلاثة أيام فقط لكن سأحتاج لأسباب أخرى لتمديده لأسبوعين، لا داعي للقلق عليّ فهو بمدينة أخرى غير مدينتنا لا بلد آخر))

اعترضت زاهية بصوتها الواهن الأبحّ

((أسبوعين لن تزورنا فيهم ولن نزورك.. كثير يا مصعب))

تدخلت نورين في هذه اللحظة لتقول بحنق بالغ

((نعم أمك معها حق يا مصعب، أسبوعين هما مدة طويلة وإذا كنت مضطرا للذّهاب له فدعني أبقى هنا))

حدجها مصعب بنظرات صارمة وهو يقول بصوتٍ يشوبه الغضب

((إذا بقيت هنا فكيف سأدبر أموري لأسبوعين وحيدا؟ من سيكوي ملابسي وُيعد الطعام لي هناك؟ من سيوقظني على المواعيد؟))

استغربت الحاجة زاهية ما يدور بين هذين الاثنين وناظرت نورين التي كتفت ذراعيها بحنق.. تشيح وجهها عنه.. وتهمس بغيظ

((لكن ألا يكفي أننا انتقلنا بناء على رغبتك وإصرارك من بيت العائلة لبيت آخر مستقل أصغر ولا نأتي إلى هنا إلا مرة كل أسبوع! والآن تريد مني السفر معك لأسبوعين))

عادت الحاجة زاهية تنظر جهة مصعب بنفس الاستغراب وهو يرد بصوتٍ يعلو قليلا

((يكفي يا نورين ضغطًا عليّ، هل أنا ذاهب هناك للاستجمام والراحة؟ سيمر الأسبوعين بسرعة لو كففت عن التذمر))

طالعت نورين مكشره الجبين حماتها وقالت برجاء وهي تعقد حاجبها

((قولي شيئا يا عمتي وتدخلي أرجوكِ))

تنحنحت الحاجة زاهية تجلي صوتها قبل أن تقول بوقار مشوب بالحزم

((بماذا تريدين مني التدخل يا نورين! ابني محق في كل كلمة قالها، أنتِ زوجته وعليك أن تتواجدي أينما يذهب، الرجال لا يستطيعون تدبر كل شيء لوحدهم))

قالت نورين باختناق عبراتها

((ولكن أنا..))

قاطعتها زاهية بصرامة مشوبة بالحنية

((بدون لكن يا نورين، يفترض أن تتصرفي كامرأة ناضجة وصالحة وتطيعي زوجك في كل كلمة يقولها وبكل قرار يتخذه))

طالعت زاهية الحزن الخالص الرقيق المتجلي على ملامحها فعادت تحثها مسترسلة

((لطالما عرفتك هادئة ورزينة فظلي عند حسن ظني للنهاية))

تَفَتت ملامح الحزن والضيق من على ملامح نورين لترفع وجهها وهي تقول مبتسمة برضا

((حسنا معك حق))

ابتسمت زاهية برضا وهي تومئ وجهها لها في حين قال مصعب لزوجته وهو ينتصب واقفا

((هذا جيد الآن هيا يا نورين علينا المغادرة اسبقيني))

أطاعته نورين بهدوء وهي تعتدل واقفة وتغادر المجلس بعدما ودعت حماتها..

أما مصعب فلثم جبين أمه ثم همس لها بامتنان باسمًا

((كم أحب يا أمي حكمتك وطريقة إقناعك للكل، فليحفظك الله لنا))

ضحكت زاهية بخفوت أشرق وجهها الوضاء متحاملة على ما تشعره من آلام في داخلها بينما تسلم مودعة ابنها وداعية له..

ثم تنهدت ومدت يدها تداعب شعر يزيد الذي كان يجلس بجانبها.. فهي لا تبعده عنها طوال وجوده هنا..

كان مشغولا في اللعب على الجهاز اللوحي يلهي نفسه فيه لينسى شوقه العارم لأمه..

قاطعت منال الهدوء وهي تطرق باب المجلس

((تفضلي يا حاجة زاهية هذا الكأس))

غمغمت لها زاهية بشكر وهي تتناول منها كأس عصير برتقال طازج

((شكرا لك يا منال))

ثم كسى صوت منال الألفة والود وهي تناظر يزيد وتقول له بمرح

((وكأس الحليب الصغيرة هذه لك يا يزيد))

ناظرها يزيد باستغراب مألوف عليه مؤخرا ثم قال برفض مهذب

((لكن أنا لست ظمآن.. لا أريده يا خالة منال))

قالت منال له بحزم ممزوج بالحنان وهي تمسك الكأس وتمده له

((لا يجوز يا يزيد أن ترفض، عليك المداومة على شرب الحليب الطازج يوميا))

كان يزيد إلى الآن يستغرب معاملة منال وباقي من يعملن في هذا القصر وتغير معاملتهن معه!

فحتى عندما قام مالك بطردهن في الماضي بسبب سوء معاملتهن له، عدن للعمل وزاد بغضهن في معاملتهن معه!

لكن الآن مجرد أن عُرف بأنه حفيد سيد هذا القصر حتى اختلف كل شيء من جذوره في كل شيء!

آثر يزيد الاستجابة لإلحاحها وأخذ الكأس منها متمتمًا بعبارات الشكر..

رسمت منال له ابتسامة عريضة وهي تقول بصدق ظاهري

((صحتين على قلبك يا حبيبي الصغير))

وبمجرد أن غادرت منال المجلس نحو المطبخ ثم إلى حجرتها في الطابق السفلي حتى كشّرت عن وجهها وأظهرت واجهة الاشمئزاز..

لا تصدق أن هذا الصغير الذي كانت تعامله كابن للخدم تزجره وتوبخه حينًا.. وتعنفه حينا آخر مضطرة الآن لتعامله كابن أسيادها!

فجأة خفت الحقد والكره المشع في عينيها وهي تلاحظ فتح باب حجرتها فلفها الذهول..

من قد يكون اقتحم حجرتها في غيابها؟

ابنتها نجوم تمكث هذه الأيام في بيت عائلتها!

استدارت على عقبيها تهم بالمغادرة لتبلغ عن وجود أحد يملك مفتاح حجرتها دون علمها لولا أن سمعت صوت حركة وجلبة ما من داخل الخزانة..

شهقت وهي تتوجه نحو الخزانة وتفتح بابها لتتفاجأ بابنتها جالسة داخلها ومتكومة على نفسها..

جحظت عينيها وهي تحيط برسغها وتجرها للخارج..

وما إن أبصرت نجوم المرتجفة الضوء ووضحت لها ملامحها..

حتى صرخت منال بروع كالملسوعة وهي تحدق بمنظر ابنتها وآثار ضربات ودم ظاهر على وجهها وشعرها الأشعث.. وكأنها.. تعرضت.. لاعتداء غاشم!

بدأت تتجدد الدموع المتساقطة على وجنتي نجوم والدماء تنسحب منها وروحها تهوي بذاك الإعياء لتردد بصعوبة

((أنا أتمنى.. الموت.. يا أمي..))

.

.

بينما يسيران في الخارج متجهين نحو سيارته أحاط مصعب بذراعه كتفيّ نورين التي كانت على شفتيها ضحكة تطربه وتسعد قلبه..

فابتسم وقال بحزم مزيف

((اخفضي صوت ضحكتك الرنانة في الأرجاء، ستفضحيننا))

خفتت ضحكات نورين ورفعت رأسها تقول بدلال عابث

((لا أصدق يا مصعب كم أنتَ مخادع ماكر، لوهلة كدت أصدق تمثيلك))

ضيّق مصعب عينيه بابتسامة جانبيه وهدر

((تتحدثين أيتها الخبيثة كأنك الأخرى لم تتقني دورك، للحظة شعرت بك ستبكين من فرط حنقك وقهرك))

قالت نورين بنظراتٍ مشاكسة وضيقت عينيها بابتسامةٍ صغيرة

((هذا لأني تدربت جيدا على الدور الذي طلبت مني أداءه، لم أرد أن أخيب ظنك))

ضحكة صادحة انطلقت منهما الاثنين قبل أن يزمّ مصعب شفتيه بلا ندم على المسرحية التي قدمها قبل قليل ثم يقول

((أحب عائلتي لكن أكره اعتراضهم والتحكم في قرارات ومجريات حياتي حتى أنهم قد ظنوا أنه حق يكفله الشرع والقانون لهم.. لو عرفت أمي أو أبي أو حتى أخي مؤيد وزوجته بأننا ذاهبان لأسبوعين للبحر في مدينة أخرى للاستجمام فلن نتخلص من كلامهم وامتعاضهم، سيذلوننا على هذه السفرة لآخر حياتنا))

سألته بلهفة وحماس

((هل سنبقى هناك لأسبوعين؟))

غمز وهو يجيبها

((نعم لكن أول ثلاثة أيام ستكون للمؤتمر الذي كلفت للذهاب إليه ورابع يوم فعليًا ستبدأ فيه عطلتا))

قالت وهي تلامس ظاهر يده

((أنا متحمسة جدًّا ستكون هذه أول عطلة وسفر لنا منذ زواجنا))

أخفض ذراعه وطوق خصرها يضمها له أثناء مشيهما وهو يقول بصوتٍ أبح

((وأنا أيضًا متحمس للتحدي الذي وضعته لنفسي بتعليمك السباحة خلال هذه الأيام))

ذهلت نورين وهي تسأله

((ما الذي تقصده؟))

وضع عينيه في عينيها وقال بشقاوة

((ألم تخبريني في أول مرة ذهبنا بها للبركة بأنك تتمنين تعلم السباحة بعد أن فشل والدك في تعليمك إياها في صغرك؟))

توقفت نورين مكانها وابتعدت عنه لتنظر له جيدا بينما تسأله والدهشة تلف ملامحها الناعمة

((هل تقول الصدق يا مُصعب؟))

ابتسم تلك الابتسامة الخلابة وهو يؤكد

((وصدق الصدق، لا تتصورين كم بذلت مجهودا ليتم اختياري أنا للذهاب لذاك المؤتمر بعد أن عرفت بأنه سيقام في المدينة الوحيدة في بلادنا التي يتواجد فيها البحر، ثم بذلت مجهودا أكبر ليوافقوا على إجازتي بعدها))

برقت عيناها بحب جارف وهي تردد بعذوبة من أعماق قلبها

((أنا أحبك جدًّا يا أميري))

مد مصعب يده يمسك يديها الناعمتين بكفيه وقال بتهديد مصطنع

((قولي كلمة "أميري" وسأتراجع عن كل هذا))

اتسعت ابتسامتها برضا أنثى ممتلئة بالثقة وهي تعقب بمشاغبة

((بل أنتَ أميري، أنتَ تحب هذه الكلمة لكنك تكابر))

ردد بحنق ظاهري

((لا لا أحبها كلمة "أميري" هذه! فهي تقال لابن السابعة لا لي))

لم ترد بل رفعت كفه التي تضم يدها تنوي لثمها إلا أنه سحبها بقوة وهو يرفعها لثغره ويقبلها جاعلا قلبها يقرع طربًا قبل أن يأخذها بين ذراعيه بقوة..

هدرت وهي تبادله الاحتضان بنفس القوة واللهفة

((بل تحبها أنا متأكدة))

ابتعد عنها قبل أن يراهما أحد وهما واقفان في مدخل القصر ثم تابع المشي نحو سيارته المركونة متشابكي اليدين..

للحقيقة نعم هو لا يحب أن تنعته بهذه الكلمة لأنه لا يشعر معها بأنه أمير.. بل ملك..

منذ استقلالهم في بيتهم الصغير ذاك وهو يخرج تقريبا في الصباح وفي صدره دفء كبير لها..

يفكر فيها طوال فترة الدوام ومن شدة شوقه لا يقبل أي دعوة من أي صديق أو زميل للخروج بعد العمل فقط ليعود ويراها..

يعرف أن لا امرأة قادرة أن تثير اهتمامه فيها فهو رجل مشبع.. مشبع جدًّا بزوجته التي يعود من العمل إلى البيت ليجدها قد حضرت وجبة الطعام وتستقبله بابتسامة جميلة وثوب مبهج ورائحة عبقة..

وليلًا في غرفة نومهم تنهي وضع لمساتها الأنثوية الرومانسية ليقضيا ليالي ساخنة تدفئ الأجواء الباردة..

يشعر بها في دمه وفي كل ذرة من كيانه..

رباه كم هو شعور الاستقرار رائع!

لم يتخيل ولو لمرة في حياته بأنه قد يرزق بزوجة مثلها، يشكل وجودها في حياته فارقًا عظيمًا في قلبه وتوازنه وخطواته واستقامته واستقراره..

استقل مصعب سيارته دون أن يعرف أن أخيه مازن الذي كان يقف أمام نافذة غرفة نومه المُطلة على الحديقة الأمامية كان يراقبهما لوهلة قبل أن يعي على نفسه ويغض بصره..


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-21, 06:37 PM   #4126

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

اغلق مازن النافذة ومن ثم الستائر بعنف بالغ ينفس فيه عن الحسرة والسخط الذي يعتمل في داخله!

لا يكاد يصدق بأن أخاه مصعب الهادئ.. الغامض.. يتعامل بهذا الشكل مع زوجته!

فمصعب من النوع.. الذي لا يسهل عليه أن يعبر عن نفسه بسبب الصبغة الرجولية الكتومة التي تتسم بها شخصيته!

لم يكن هكذا أبدًا مع زوجته السابقة رشا ولا حتى بدرجة واحد في المئة..

لا بد أن زوجته هذه نجحت في مشاركته همومه واستخراج المشاعر الدفينة بداخله ليصل به الأمر أن يتصرف بهذا الود معها!

تنهد مازن ببؤس..

فقط لو تفهم لوح الثلج التي عنده بأنه مخلوق حساس وإن تستر خلف الاستهتار.. بل هو كتلة من المشاعر الجياشة تحتاج للرعاية..

في السابق والماضي لم يكن يهتم إلا بأن يحظى في جل وقته مع رفقة وأصدقاء ممتعين..

لكن الآن وهو في نهاية العشرينات من عمره لم يعد يرَ أصدقاؤه كافيين لإشباع ذلك الفراغ في قلبه.. لكن كل ما يتملكه هو حرمان داخلي لكل هذا وحسب..

دلف مازن إلى داخل غرفة نومه ليجد ياسمين جالسة تستمع إلى ثرثرة هدى المحببة إلى قلبها وهي تقول لها بصوتها الحزين الطفولي

((أمي بقيت دارين تبكي كثيرًا لأنّ عمي مؤيد عنفها وكان يريد أن يضربها.. هل تصدقين ذلك؟ أنا أحب عمي مُؤيد أكثر من أبي ولا أصدق بأنه قد يفعل ذلك))

وضع مازن كفيه داخل بنطاله القطني يقول بصوتٍ عال

((عرفت يا ياسو بأن ساق مؤيد كُسرت لذلك ذهبوا به للمشفى.. وعادوا جميعا باستثنائه.. أيضًا جاء مصعب قبل قليل لزيارتي مع زوجته، لماذا لم تستقبليهما معي؟ أحرجتني))

طالعته ياسمين هاتفة بفتور

((لست صديقة لأحد هنا.. ثم لا تقلق لن يعتب عليّ أحد فالجميع هنا يعرف طبعي))

دمدم مازن بغيظ وهو يفتح صندوق ما ويخرج معداته منه

((لوح ثلج أنتِ حقا))

هتفت هدى بذهول وهي تتجه نحوه متسائلة

((ما هذا الذي تقوم به يا أبي؟))

أوصل مازن الأسلاك بالمقبس وأجاب

((لا شيء أجهز معداتي لأقضي بعض الوقت بألعاب البلايستيشن))

عقبت ياسمين بازدراء وهي تراقبه يجلس أمام شاشة التلفاز الضخمة عقب أن شغلها

((ألا زلت مدمنا على ألعاب الفيديو؟))

قفزت هدى مكانها بطفولية وقالت بحماس

((أريد أن ألعب معك.. أرجوك أرجوك))

تجلى الضجر على وجه مازن لكنه استسلم أمام لهفة ابنته وأعطاها يد تحكم عن بعد وبدأ يشرح لها وظائف الأزرار قبل أن يبدآ جولتهما سويا..

أخرجت ياسمين عدة خياطتها ثم عقبت عندما رأت اندماج مازن في اللعب

((مازن ما دمت وافقت على اللعب معها دعها تفوز عليك أو ستبكي لو خسرت))

تهكّم مازن على كلامها ثم غمغم بامتعاض

((هراء لست أنا من أسمح لأحد أن يفوز عليّ حتى لو كانت ابنتي.. لكن سأحاول ألا ألعب باحترافية شديدة))

كان كل تركيز مازن متجها إلى لعبته عندما سألته ياسمين مجددا

((الآن بما أنك قررت العودة إلى هنا فماذا ستعمل؟ ومتى ستبدأ هذا العمل؟))

أجابها ببساطة وهو يدخل مع ابنته في الجولة الثانية بعد أن ربح الأولى

((لن أعمل، سأشترك في الضمان الاجتماعي وسأطلب من والدي أن يدفعه لي شهريا وحتى أخرج للتقاعد فهو من سينفق عليّنا))

كتفت ذراعيها وهي تقول موبخة

((ألا تخجل من أن تصل إلى هذا السّن وتأخذ مصروفك من والدك يا مازن؟))

لوح مازن بيده بحركة الانتصار الحماسية عندما فاز في الجولة الثانية ثم عقب على كلام ياسمين

((لا أعرف أين الخطأ في مساعدة عائلتي لي! أعني أين الحكمة في تضييع أجمل سنين شبابي في الكد في العمل لادخار النقود بينما أبي يستطيع الإنفاق عليّ وعلى متعتي وطعامي وملبسي.. سن العشرين يا ياسو هو أجمل سنوات الإنسان))

غمغمت ياسمين باستهانة واستياء

((لماذا لا تصبح أستاذ مثل أخيك؟ أنتَ درست اللغة الإنجليزية مثله.. انظر له.. لم يكمل الثلاثين وصار إداريا بالإضافة إلى كونه مُدرسًا))

فاز مازن في جولة ثالثة ثم بادل ياسمين النظر وقال

((هذا بسبب وساطة أبي هل رأيت إداريا شابا في أي مدرسة في هذا العالم غير هنا؟))

عقدت حاجبيها هادرة

((إذن دعه يتوسط لك أيضًا واعمل مثله))

شدت هدى ذراع مازن متسائلة بأمل كاذب طفولي

((أبي هل ما يظهر على الشاشة معناه أني فزت يا أبي؟))

نظر مازن لابنته ببرود وقال ببطء

((بل معناه أنك خسرت ثلاث جولات متتاليات بدقيقتين وهذا الطبيعي لطفلة لا تفهم قوانين اللعب هذه))

تقوست شفتي هدى بعبوس منذر بالبكاء وقالت باعتراض

((لا أريد أن ألعب مجددا معك))

دمدمت ياسمين بازدراء كمن تكلم نفسها وهي تنتصب واقفة

((ما أصغر عقلك!))

خطت ياسمين نحو منضدة الزينة تمسك المشط وتسرح شعرها استعدادا للنوم عندما انتبه مازن لها وقال وهو منشده تماما لجمال شعرها الفاتح الطويل

((ألن تسمحي لي بلمس شعرك الخلاب يا ياسو؟ وربما صنع ضفائر؟))

نظرت له تحذره بعدائية

((اغرب عن وجهي، لا أحب أن يلمس أحد شعري))

ابتسمت هدى وقالت بترحيب وهي تشد ذراع أبيها مجددا

((يمكنك أن تجدل شعري أنا يا أبي.. لكن برقة فأمي تؤلمني أثناء تصفيفه))

رمق مازن شعر ابنته بنظرة عدم إعجاب ثم قال بازدراء

((لا شكرا فشعرك قصير.. ومجعد قليلًا.. ورثته من أمك قبل أن تملس شعرها، فشعورنا هنا كلها ناعمة))

اضطربت ملامح هدى وارتبكت إلا أنها تحكمت بها بإباء طفولي وقالت لوالدتها وهي تنظر له بجفاء

((تصبحين على خير يا أمي سأذهب للنوم))

ابتسمت ياسمين لابنتها بينما تترك شعرها مجدولا بارتخاء فوق كتف واحد ومتدليا بدلال فوق صدرها بطريقة مدغدغة لأعصاب مازن الذي عاد يحدق به..

أغلقت ياسمين إضاءة الغرفة إلا من المصابيح الخافتة وتمددت على السرير دون أن تغفل عن عينيه البراقتين تقنصان كل حركة تقوم بها بنظرات صقرية قوية تنتظر لحظة الانقضاض على فريستها بفارغ الصبر..

وبمجرد أن انتصب مازن مكانه وهو يتجه نحوها بانشداه كأنه مسير لا مخير حتى هتفت باستياء واضح

((ابتعد يا مازن ليس اليوم أيضًا.. ألا تشبع؟))

اتسعت عيناه لما قالته ورفع حاجبيه مرددا

((نعم أنا لا أشبع، هل لديك اعتراض؟))

غمغمت من بين أسنانها بتهكم

((لا ليس لدي اعتراض.. لكن بعد أن عرفنا بأنك لم تكن متزوجا فهل تريد الآن إقناعي بأنك وطوال غربتك لم تنجر ولو لمرة واحدة للحرام؟ كيف استطاع شخص مثلك شهواني أن يتحمل))

نظر إليها نظرة طويلة باهتة.. خالية من أي مشاعر.. وهو يقول

((أنا لست شهواني.. لو كنت كذلك لما صبرت الأيام السابقة على الفتات الذي أقتاته منك! تجلسين معي كأنك في مهمة وعليك إنهائها))

صرخت في وجهه بهمجية

((هذا صحيح ولا أكذب إن وضحت مدى السوء الذي أشعر به كلما اقتربت مني لأني أرضخ لك بدافع الواجب فقط.. أشعر بالنفور تلقائيا كلما اقتربت مني.. ليس ذنبي أني لا اشعر برغبة بك وعاطفتي نحوك معدومة))

كان يستمع إلى صراخها جامد الملامح بعينين داكنتين خاليتين من المشاعر وحتى من الغضب.. ثم قال أخيرا بصوتٍ فاتر

((توقفي عن كلامك المسموم.. لقد كنت ضحيتهم مثلك، جعلوني أحجز تلك الغرفة بإسمي ليوقعوني مثلك.. خطأي الوحيد كان معرفتي بأنهم يدبرون لشيء ضدك وسكوتي عليه حتى لا يسببوا لي المتاعب.. لذا أنا لا أسمح لك أن تعاقبيني أكثر))

ضغطت على شفتيها بقوة وهي تنظر إليه بكرهٍ.. وعينين قاسيتين..

فهو المجرم الوحيد من بينهم الذي سمح لها القدر الانتقام منه حتى لو كان أقلهم ذنبا..

همست باختناق نابع من غلها وحقدها

((بسبب خطأك هذا ها أنا خسرت كل شيء وسأظل أعاني للأبد.. ومن العدل أن تعاني معي.. وسأحرص طوال فترة تواجدك هنا أن أغرقك في البؤس والشقاء حتى تغادر مجددًا وتقرّ بأن الغربة أرحم لك، هكذا قلت لي بحماس فياض قبل سنوات عندما اقترح والدك الدراسة في الخارج))

ابتسم مازن ابتسامة باهتة ساخرة قبل أن يقول

((هل تعرفين ماذا؟ سُدت نفسي عن رؤيتك حتى.. أنا سأذهب لأنام على الأريكة وسأعتزلك للأبد.. ولن يفرق شيئا عليّ قربي منك أو هجرانك فكله سيّان بالنسبة لي))

تمدد على أريكة جانبية غير مريحة فانتشر احمرار طفيف على بشرة ياسمين الخمرية.. احمرار الغضب والشعور بالإهانة لما تسمعه من كلام مرير قاسي ينطقه مازن..

لكن الذي لا يعرفه هو أن هؤلاء الفاسدين لم يكونوا يخططون للنيل من سمعتها وحسب بل أكثر من ذلك..

ففي ذلك اليوم عندما استيقظت في الصباح وجدت نفسها عارية تماما.. والله أعلم ماذا فعلوا بها قبل ذلك..

لكن بالتأكيد لن تبوح بسر كهذا أمامه..

فربما لو عرف ذاك المازن الغبي سيتملكه من الاشمئزاز ما يجعله يرفض حتى أن تبقي على ذمته ولو بالاسم فقط!

وهي بحاجة أن تكمل حياتها هي وابنتها هدى هنا..

فالحياة هنا أهون عليها من حياة الجحيم عند عائلتها التي قاطعتها تماما لذنب لم تقترفه!

تنهدت ياسمين وابتسامة جانبية مريرة ترتسم على وجهها..

على الأقل نجحت في جعله يعتزلها وتخلصت من لمساته الكريهة المقيتة وجعلته يقرر من تلقاء نفسه أن يهجرها وينأى بنفسه على الأريكة خلال مدة قصيرة جدًّا من مجيئه..

عليها الاستمرار على هذا المنوال وتجرعه البؤس والتنغيص على حياته لتنجح في جعله يقرر من تلقاء نفسه الابتعاد عنها..

مجرد تخيل الفكرة جعلت الراحة والبهجة تتسلل لقلب ياسمين..

أغمضت عينيها ولا تذكر ما الذي جعل ذاكرتها تستحضر تلك الليلة التي تزوجت بها مازن..

كانت قد دخلت هذا القصر وهي ترتدي ثوبا أبيضا مبهجا قليلا يناقض البؤس والخوف من القادم الذي كان يلفها..

خاصة ووجه والدة مازن الواجم الذي لا يصدق دخولها عليهم مع زوجها وابنها الذي كان يحمل حقيبة صغيرة لها..

بقيت جالسة على هذا الفراش محاوطة جسدها بذراعيها كطفلة صغيرة مرتعبة.. كانت حقا طفلة وبالكاد قد أكملت الثمانية عشر من عمرها..

لم تكن تعلم أكان اختيارها صحيحًا أم لا..

هل بقاءها مع عائلتها الذين تفننوا في تجرعيها شتى ألوان وأنواع العذاب أهون أم زواجها من شاب لا تعرف عنه شيئا إلا صداقته بتلك العصابة!

آنذاك قال مازن لها بأدب أن تنام هي على السرير وهو سينام على الأريكة ببسمةٍ صغيرة ودودة..

لتتمدد على السرير وهي تضم كتفيها بكفيها تفركهما في محاولة لإعطائهما الدفء..

قبل أن تشعر به يدثرها بغطاء سميك..

كان في الأيام الأولى لها يتعامل معها في منتهى الحذر واللطف وهي كانت تتقبل ما يقوم به بخوف.. بخشية.. بخجل..

ورويدا، رويدا خلال أسابيع بدأت تتكيف على المكان وتعي ما حدث لها وأنها متزوجة من شخص كان السبب الرئيسي فيما حدث لها..

وأن تقبلها لما يفعله ليس صحيحا..

فليس من المنطقي أن يكون سببا بتحطيم حياتها ثم يتزوجها وتتقبله كزوج طبيعي!

هنا وبدون خوف أو خجل بدأت تدرجيا تصب سخطها وانتقامها عليه..

لكن بنفس الوقت كانت مضطرة أن تدعي بأنها بخير معه أمام عائلته.. وتنام معه تحت سقف غرفة واحدة.. تسمح له بالاقتراب منها بل وحمل طفله في أحشائها..

وأيّ شيء آخر يسمح لها بالبقاء في هذا المكان.. لا حبًا فيه.. بل لقلة وشح الخيارات الأخرى المتاحة لها..

وبعد مرور أشهر على زواجهما جاء والده يقترح عليه إكمال دراسته في الخارج وهنا لم يتردد مازن أبدًا بالخروج بل فاض حماسا لفكرة العيش وحيدا في الخارج بمكان مختلف عما هو مألوف لديه..

فتحت ياسمين عينيها فجأة وخرجت من شرودها على صوت مازن وهو يقوم من مكانه ويقفز فوق السرير..

فاعتدلت شبه جالسة تناظره وتقول باعتراض

((ألم تقل بأنك ستنام على الأريكة؟))

تشدق بحسم وهو يقول

((صحيح لكن اكتشفت بأن هذا يسعدك لذلك غيرت رأيي، سأنام كل ليلة على السرير ملتصقا بك كأني قابع فوق قلبك))

أطفأ مازن المصباح الموضوع فوق المنضدة الملاصقة للسرير من جهة اليسار..

ثم مال نحو مصباحها يهم بإطفائه إلا أنها هتفت معترضة

((لا ابتعد عن مصباحي.. دعه مضاء))

تجمدت يداه أمام المصباح فدفعته للخلف تبعده عنه ليردد

((ألا زلتي تحبين النوم في مكان مضيء؟))

قالت له بعناد وحنق

((نعم، كل واحد منا له مصباح وله حق التحكم به، دع مصباحي وشأنه))

رفع مازن إحدى حاجبيه بانزعاج ثم تمتم وهو يريح ظهره فوق الفراش

((تتصرفين كطفلة.. طفلة مدللة.. لكن لا بأس، أظن بأن أمورنا ستكون على خير ما يرام إذا ما عاملتك كطفلتي المتطلبة))

زمّت شفتيها قبل أن تقول متهكمة

((بل أنا أظن بأن أمورنا ستكون على خير ما يرام لو عاملتك كطفلي المعتوه))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-21, 06:38 PM   #4127

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

في مشفى القرية..

جلست الحاجة زاهية على كرسي قريب من سرير مؤيد ثم قالت لمصعب بصوتٍ متحشرج

((رضي الله عليك يا مصعب على اهتمامك بأخيك، أعود للبيت كل يوم مطمئنة عليه لتواجدك هنا معه ومؤازرتك له))

تشتت نظر مصعب بحرج من فيض دعاء أمه له ولإخوته هذه الأيام ثم تمتم بخفوت

((أمي توقفي عن الرضى عليّ في كل ثانية، أعني نعم ارضي عليّ لكن لا داعي أن تبدو لهجتك كأني فعلت شيئا غير واجبي تجاه أخي الكبير))

تطلع مؤيد بوجهه المُتعب لمصعب يقول بابتسامة شاحبة

((بل مشكور يا مصعب، فأنا أرى بوضوح كيف تبقى هنا أكثر من ساعات عملك اللازمة من أجلي، لم يبقَ طبيب أو ممرض في المشفى مَعنى بحالتي لم تطلب منه أن يهتم بي، حتى أنك تحرص على شراء وجبات الطعام الرئيسية والخفيفة المفضلة لدي ولا تتركني آكل من طعام المشفى.. سأرد جميلك هذا بعد خروجي من المشفى))

قطب مصعب حاجبيه ولكز كتف مؤيد هادرًا

((لا تبالغ يا أخي بكلامك.. ثم إني لا أتحمل هذا الشخص الباهت أمامي بل معتاد على مؤيد العصبي الغير مراعي.. خاصة وأن إصابة قدمك عادية وكل الأطباء أجمعوا أن مشكلتك فقط مشكلة نفسية))

ابتسم معاذ وقال ببشاشة

((نعم أنتَ محق يا مصعب، في الأيام المقبلة سأجلب عكازا له وسأجبره على مغادرة المشفى مشيا، فكسر قدمه لا يستدعي بقاءه هنا!))

ضحك مصعب بخفوت وكان يريد المغادرة لولا أن قال معاذ مبشرا كمن تذكر شيئا

((مصعب هناك شيء نسيت أن أقوله لك منذ مدة عن دراجتك النارية! لقد وجدتها))

لف الاستغراب وجه مصعب وتساءل بهدوء

((أين وجدتها؟))

قال له معاذ بصوتٍ مازح

((وما همك بالتفاصيل، المهم أني وجدتها وسأعيد دراجتك الحبيبة المفقودة لك))

خرج صوت مصعب واجما وهو يقول

((ولكن لقد اشتريت بدلا منها أخرى أفضل))

استشف معاذ بعينيه ملامح أخيه المريبة وقال معترضا

((حتى ولو، تبقى هذه هي دراجتك الأولى ولها ذكرى مميزة داخلك.. ثم يا أخي لم لا تبدو متحمسا لما أقوله؟ كأن الدراجة التي سرقت ليست لك!))

رفع مصعب يده يفرك رقبته ثم قال بشيء من التردد والإحراج

((معاذ لا تفهمني خطأ، لكن هل كنت تعرف من أخذ دراجتي من البداية وهل كنت تحاول استردادها منه طوال الفترة السابقة؟))

صمت معاذ قليلا يناظر أمه ومؤيد ثم سأله بتيقظ

((لا أفهم ما ترمي له يا مصعب))

تنهد مصعب قبل أن يقول

((الحقيقية وفي نفس اليوم الذي سُرقت فيه دراجتي وجدت مبلغا تقريبا بسعرها في ظرف داخل سيارتي، وأنت تعرف بأن مصف العائلة لا يستطيع أحد دخوله إلا أحد أفراد عائلتنا أو العاملين في المكان))

أدرك معاذ بأن زوجة أخيه مؤيد هي من وضعتها..

إذن لقد صدقت غنوة بما أقرت به لاحقا!

مسح معاذ وجهه ثم قال بصوتٍ مجهد

((لا أدري كيف أشرح لك يا مصعب ما حدث، لكن حتى لا أسبب الحرج لأحد فاعتبر أن أحد أفراد هذا القصر قال أمام شخص غير مؤتمن أين تركن هذه الدراجة وذاك الشخص قام بسرقتها، والآن فقط استطعنا استرجاعها..))

لم يحاول مصعب أن يرضي فضوله ويسأله عن التفاصيل واكتفى بالقول

((حسنا، سأبيع الدراجة القديمة التي معك وأزيد عليها الدنانير لأعيد نفس مقدار المال الذي وجدته في الظرف في سيارتي ثم أعطيه لهذا الشخص))

رد عليه معاذ ملوحا

((إنسَ ذلك يا مصعب، النقود من حقك فقد سُرقت الدراجة منك منذ سنة، إلى اللقاء الآن لا نريد أن نشغلك عن عملك أكثر))

أومأ مصعب له قبل أن يلقي السلام ويغادر مغلقا الباب خلفه..

فسارع مؤيد يسأله

((أخبرني يا معاذ كيف عرفت سارق الدارجة؟ هل أفشت تلك المدعوة غنوة بهويته؟))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-21, 06:40 PM   #4128

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

أجابه معاذ وهو ينظر له

((نعم يا مؤيد عرفت منها اسمه وقبضت عليه واستجوبته ليخبرني عن الطرق التي سلكها بالتفصيل في ذلك اليوم وشكله مشابه لهيئة الشخص الذي صورته الكاميرات.. أقرت غنوة أن زوجتك من أخبرتها عن مكان دراجة مصعب فاستأجرت هي أحد الرجال أصحاب السوابق لسرقتها))

غمغمت الحاجة زاهية بغضبها وغلها المنفلت

((إذن تلك ا-ل-ح-ق-ي-ر-ة رتيل هي من أخبرتها عن مكانها، ألا يكفي أنها خائنة ولا تصلح أن تكون زوجة تُستر في البيوت، وأيضا سارقة))

التفت مؤيد إلى أمه يحاول تهدئة انفعالها قائلًا بخفوت رغم حاجته هو أكثر للتهدئة

((أمي لا تنعتيها بهذا الشكل، لقد أخبرك أخي أنها كانت تذهب هناك لترفه عن نفسها ولم يكن لديها عشيق كما ادعت تلك المنحلة غنوة))

لكن الحاجة زاهية كانت تغلي بالغضب وهي ترد عليه بغيظ تعاني في كبحه

((وما الذي قد يجعلنا نصدق تلك الأخرى غنوة السارقة؟))

تنهد معاذ وهو يحاول التربيت على كتف أمه ليقول بصوته الرخيم

((أمي أنتِ تعرفين بأني وطوال الأيام الماضية أهملت كل شيء من حولي، عملي وزملائي وواجباتي فقط لأتولى قضية غنوة.. سبق وأخبرتك أني استجوبتها أنا ورجالي لأيام وصدقيني جعلناها تعترف بكل شيء فعلته حتى قبل أن تلتقي بزوجة مؤيد))

رفعت زاهية وجهها لبكرها الذي تابع يقول

((لقد سألتُ أيضًا الجيران وأكدوا عليّ جميعا بأن غنوة ورغم سمعتها السيئة في الحي إلا أنها لم يسبق وأن جلبت رجلا لبيتها، وغنوة نفسها التي كانت تحاول إيقاع زوجة أخي وتدبير مكيدة ضدها اعترفت لي بأن زوجة أخي لم يسبق وان تحدثت أو رفعت نظرها على رجل، بل كانت تأتي عندها لترفه عن نفسها وتخرج معها للمتاحف والحدائق والمعارض فهي مولعة بالأدب والتاريخ والفن))

قال مؤيد لأمه بانفلات أعصابه التالفة منذ أيام

((هل سمعتي يا أمي مجددا؟ أرجوكِ توقفي عن اتهام زوجتي بتلك التهمة الباطلة أو سأقتل نفسي أمامك.. لقد طلقت رتيل وانتهى امرنا لكن من المستحيل أن أقبل أن يمس أحد أم أولادي بسوء))

ثم تطلع مؤيد لأخيه بعينيه وملامحه الخشنة يتوسل له بصمت أن يساند كلامه أكثر..

تفهم معاذ الندم الذي يحيط بأخيه لأنه باح بكل شيء لأمه بلحظة انفعال وفقدان سيطرة فسارع يلتفت لأمه هادرا

((أمي صدقيني بنفسي رأيت كل المحادثات بين غنوة وصديقة ابنك دموع من رسائل تحتفظ بها بينهما، قرأت كل كلامهما وسمعت المكالمات التي كانا يخططان فيها من البداية لإيقاع كل من البنك المركزي أخي مؤيد حتى تتزوج منه دموع))

تجهم مؤيد وأطرق رأسه شاعرا بالخزي والعار لأنه كان لعبة بين يدي امرأتين مثلهما بينما يكمل معاذ كلامه

((بل حتى عرفت أن غنوة كانت تبتز رتيل بإرسال تلك الصور لمؤيد لو لم تحول لها سيولة كبيرة من الأموال عن طريق رقم مجهول.. وللصراحة فرغم خباثة كل من هاتين المرأتين إلا أنهما صاحبتا تفكير بسيط وأخرق من أن يستدعي قلقنا، لذلك تركتهما بعد كتابة تعهد بأنهما لن يتصلا أو يلتقيا بزوجة أخي حتى لا تواجها عواقب وخيمة))

لم تنفرج ملامح زاهية المتصلبة وهي تقول بغل واشمئزاز

((وما همنا أن التقت واحدة منهن برتيل أو حتى ناسبتها؟ رتيل لم تعد تعني لنا شيئا، لقد طلقها أخوك وليس لها عندنا لا زوج ولا ولد..))

عضت زاهية طرف شفتها تمنع نفسها البكاء قهرا وهي تستطرد

((لقد خاب ظني بنفسي، زوجة أخوك التي أعتبرها كنتي المفضلة وابنة صديقتي المحترمة التي تنحدر من أسرة متدينة ومعروفة بأصلها الطيب ما هي إلا امرأة ف-ا-س-د-ة، رتيل هي كنتي الوحيدة التي اخترتها بنفسي من بين عشرات البنات هن من زينة بنات القرى.. لكن اتضح الآن بأنها لا تساوي ربع باقي زوجات إخوتك.. والله لست منزعجة على حظ مالك بالزواج من البستانية كما أنا منزعجة على حالك وحظك العاثر الذي أوقعك بامرأة مثلها يا مؤيد))

امتعضت ملامح مؤيد مما يسمعه من أمه فأطبق على شفتيه يكتم دواخله وفقط عيناه ما تنطقان بالألم المبرح!

لكن ماذا يقول وكيف يعترض وكيف يبرر حقيقة أن زوجته كانت منذ سنوات تكذب عليه وتخون ثقته وتذهب لتبيت في بيت تلك المرأة المنحلة!

قطب مؤيد حاجبيه على صوت أمه العدواني وهي تعلمه بصرامة

((مؤيد من الآن سأذهب لأبحث لك عن عروس محترمة ابنة عائلة محترمة لتتزوج منها وتربى فهد وباسم تربية صالحة، فامرأة مثل رتيل لا خير يرجى فيها أو في تربيتها))

تخصر معاذ وهو يزفر أنفاسه بقوة ثم قال موجها كلامه لأخيه

((أنا فعلت يا مؤيد ما عليّ واثبتُ لك بالرسائل والصور والمحادثات وكلام الجيران أن زوجتك ليست كما قذفتها دموع وغنوة بشرفها، أما مسألة طلاقك أو عودتك لها فهذا الأمر خاص بك أنتَ لتقرر إذا كان باستطاعتك مسامحتها بعد أن خانت ثقتك ونامت في بيت غريب بغير إذنك أو لا.. وإلى هنا ينتهي دوري))

كأن معاذ صب الزيت على النار دون أن يشعر ليفاجئ بأمه تزجره بعينين تقدحان شررا

((أي مسامحة هذه التي تتحدث عنها بعد كل ما عرفنا أن زوجة أخيك كانت تفعله؟ تلك ا-ل-ف-ا-س-ق-ة كانت وطوال السنوات الماضية تخدعنا والله فقط من يعلم إذا كانت بريئة من اتهامات تلك المدعوة غنوة كما توصلت يا معاذ أم لا))

في البداية أغمض مؤيد عينيه كأنه ينقل نفسه إلى مكان آخر معزول لا يسمع فيه شيء لكنه لم يتحمل ففتحهما يقول بصوتٍ مثقل ومنهك

((أنا أعرف رتيل يا أمي أكثر منكم جميعا كما أعرف بأن قذفها بشرفها هو باطل بل كل ما قالته دموع هو حبكة ق-ذ-ر-ة لا تُصدق رغم أنها تمكنت مني في البداية.. رتيل كذبت عليّ وخرجت من دون إذني ولكن أبدًا لا يمكن أن تخونني ولو بنظرة.. أنا توصلت إلى هذه الحقيقة بعد ساعات تفكير وقبل أن يطلعني عليها معاذ.. وصورها تلك التي أعطتها دموع لي ليس بها ذاك الشيء المشين))

تجلى المقت على وجه زاهية وهي تقول بازدراء

((لقد كانت تطلب إذنك للمبيت عند عائلتها لأيام وفي المقابل تذهب لغنوة.. ومهما أكد لي أخوك بناء على أقوال تلك المدعوة غنوة بأنها لم تكن تذهب لأماكن مشبوهة أو تقابل رجال غريبين إلا أنك لا تستطيع أن تكون متأكدا مئة بالمئة))

غمغم مؤيد بإعياء ونفاذ صبر من بين أسنانه المطبقة

((يكفي أمي))

عقب معاذ لأمه برجاء

((أمي دعينا نغادر أرجوكِ، أخي منهك جسديا ونفسيا))

بنفس الملامح ردت زاهية وهي تعتدل واقفة

((سأغادر الآن فأنا أشعر بالاشمئزاز من النظر لأخيك العرّة، والله كنت أعتقد بأني سأعاني في سبيل إقناعه أن يهدئ ولا يتسبب بفعل شي لامرأة مثل رتيل قد يجعله يهدر حياته بالسجن لأفاجئ به يفكر كرجل ديوث))

اتجهت الحاجة زاهية نحو الباب تنوي المغادرة لكنها تسمرت مكانها عندما هتف مؤيد يناديها.. ليكمل بعد لحظات بصوتٍ مثقل

((أمي احذري أن تبوحي بسر زوجتي لأحد آخر حتى لو كان أبي، لأني لو اكتشفت بأن هناك من عرف عما كانت تفعله رتيل سأقتل نفسي أمامك))

أخرجت الحاجة زاهية صوتًا متهكمًا ممتعضًا قبل أن تبارح المكان في حين تطلع مؤيد بوجهه المضطرب لأخيه مستطردا

((وأنت يا معاذ نبّه على ابنتك أن تحتفظ بسر زوجتي حتى مماتها، إياك أن تتصرف دارين بطفولية خرقاء وتُخرجَ هذا السر لأحد))

قطب معاذ حاجبيه وقال بصرامة
((لا تقلق من ناحية دارين أبدًا فقد نبهت عليها جيدا، أساسا في كل مرة أخرج معها تنهار باكية أمامي لأنك يا مؤيد ضغطتَ عليها أن تبوح لك بما تعرفه عن زوجتك، فهي تحبها ولم تقبل على نفسها أن تضرها))


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-21, 06:42 PM   #4129

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-09-21, 06:43 PM   #4130

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي






اعتدلت شيرين واقفة والخوف يجتاحها.. وزعت نظرها في المكان وتقدمت ببطء وتردد للخارج..

تقدمت خطواتها أكثر لتفاجئ بأن شرفة القسم مفتوحة..

هتف وليد مجددا بانفعال مشوب بالقلق يسألها

((هيا أجيبِ يا شيرين ماذا حدث!))

شعرت جُمان بتوتر فوقفت خلف وليد تطالع النظر في شاشة الهاتف قالت شيرين بصوتها المرتجف

((هناك أحد في شرفة القسم والتي أساسا يمنع فتحها أو الخروج منها.. لكن المشكلة أن القسم كامل مطفأ الأنوار ويمنع الدخول له دون إذن))

هتف وليد بها بجدية منفعلة

((شغلي الكاميرا الخلفية.. شغليها هيا وسيري ببطء للأمام دعينا نرى ما تريه))

ازدردت شيرين ريقها وفعلت كما أمرها وهي مستمرة بالخروج نحو الشرفة وهدرت

((حسنا شغلتها))

كان كل من وليد وجمان يناظران الكاميرا بتركيز شديد رغم التوتر الذي يلفهما..

بمجرد أن شعرت شيرين بصوتٍ خطوات شخص خارج من الشرفة حتى هتفت بثبات ظاهري

((من هناك؟ من الذي وقع..))

وقف الشخص متسمرا مكانه يعطي ظهره لشيرين وهو لا يصدق بأنها رأته..

تدريجيا استدار للخلف يطالع شيرين بوجهه الشاحب والدموع تتجمع في عينيه وقد بدا في حالة انهيار كامل فهتفت شيرين بقوة

((من أنتَ؟ هيا قل من.. لحظة.. هل أنتَ فائق؟ ما الذي تفعله هنا في هذا القسم؟ وما الذي أوقعته من الشرفة؟))

هز فائق رأسه يمينًا ويسارًا يكاد لا يصدق ما حدث بينما يهدر بتوسل يائس حتى الموت

((أنا لم أوقع طه لم أقصد شيء.. كنت أقصد دفعه لأنه أجبرني أن أخرج من الشرفة وأنا أردت التدخين))

تراخت تعابير الصدمة عن وجه شيرين قليلا وهي تقول عاقدة الحاجبين

((طه! ماذا تقصد يا فائق..))

بترت كلماتها وكادت أن تخرج عينيها من محجريهما ما إن ربطت كلماته غير المترابطة بالصوت الذي خرج مدويًا قبل قليل وهي تتمتم

بصوتٍ شديد الخفوت أقرب للارتجاف

((يا إلهي.. يا إلهي))

من هول ما فكرت به شيرين وقع الهاتف منها أرضا دون أن تعي وهرعت مهرولة على الفور نحو الشرفة..

استندت لسياج الشرفة الموجودة بالطابق الثاني تناظر جثة طه المسجة أرضًا.. بينما يهرول ثلاث أشخاص حول جثته..

لم تكن تعرف أحد من الثلاث أشخاص الذين وقفوا أمامه إلا معتز الذي هتف بصدمة

((إنه شاب.. الشخص الذي سمعنا صوت ارتطامه على الأرض هو شاب.. من أين وقع؟ شيريــــــــن؟))

عند آخر كلمة قالها معتز بصدمة أشد وطئا وهو يرفع رأسه للأعلى نحو الشرفة هتفت له

((لحظة وسأنزل يا معتز.. لحظات))

استدارت للخلف تخرج من هذا القسم نحو الأسفل..

ولم تشعر أو تفكر بفائق المرتعب الذي أظلمت عيناه قليلا والتقط هاتف شيرين يخبئه بجيبه ومن ثم يغادر المكان خلسة وبسرعة..

.

.

في الأسفل..

هتفت شيرين اللاهثة وهي تركض إلى حيث جسد طه قد سقط

((هل هو على قيد الحياة؟ ابتعد، ابتعد دعني أراه..))

وحيث كان الموظفين حوله لا أحد يجرؤ الاقتراب منه تقدمت وجلست أمامه تمد أصبعين تتفقد نبضه رغم الخوف الذي يقيدها لتتمتم بامتنان وصوت متحشرج

((لا زال يتنفس.. هناك نبض.. اتصل بالإسعاف الآن))

كانت تناظر معتز وتأمره عندما تغضنت كل ملامحه بشراسة وهو يصرخ بها

((لماذا قذفتيه من الشرفة؟ هل جننت يا شيرين؟ مهما كان الشجار الذي حدث بينكما لم يكن عليه أن يحدث أثناء تواجدكم في هذه الشرفة التي يمنع أن يدخلها أحد!))

اتسعت عيناها ناظرة له وترددت طويلا قبل أن تقول بارتجاف وفجيعة

((ماذا تقصد؟ أنا لم أفعل شيئا! إنه.. إنه فائق))



*****


انتهى الفصل.


بانتظار تعليقاتكم وانطباعكم عن الفصل على احر من الجمر..
**ايضا لا تنسو التصويت اعلى الصفحة على القصة المفضلة في الرواية.. (ارجاء اختيار اكثر من خيار)





Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
قلبك منفاي، في قلبك منفاي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:15 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.