آخر 10 مشاركات
عيون الغزلان (60) ~Deers eyes ~ للكاتبة لامارا ~ *متميزة* ((كاملة)). (الكاتـب : لامارا - )           »          93- رجل من ورق - كارول مورتمر - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )           »          خلاص اليوناني (154) للكاتبة: Kate Hewitt *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          شريكها المثالي (50) للكاتبة: Day Leclaire *كاملة* (الكاتـب : Andalus - )           »          حقد امرأة عاشقة *مميزه ومكتملة* (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          عزيزتى لينا (61) للكاتبةK.L. Donn الجزء4من سلسلة رسائل حبLove Letters كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ألـمــــاســة الفــــؤاد *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          عزيزى مافريك(60)للكاتبةK.L. Donn الجزء3من سلسلة رسائل حب Love Letters .. كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          سلسلة رسائل حب Love Letters للكاتبة K.L. Donn (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هو تقييمك لمستوى الرواية ؟
جيد جداً 85 88.54%
جيد 11 11.46%
سيء 0 0%
المصوتون: 96. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree9707Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-06-22, 11:26 PM   #531

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
Icon26


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورهان الشاعر مشاهدة المشاركة
الفصل الحادي عشر.....
طيوبة جدا ألمتي سمحت المتعجرف هادي بسرعة من أجل شرحه لها، و هو يطوقها بحنانه الشديد، ههه حتى تطاير الدرس مع الهواء و ظل الشوق يغلفهما، المجنونة لم تتوقف عن شم عطره حتى أنها ضمت حقيلتهت إليها و هي تراجع كي تستنشق رائحته.
المسكينة وقعت و لا حد سمى عليها.
و لأكون صريحة هدهد أستاذ رياضيات ماهر ربما لو كنت وجدته قديما لحلت مشكلتي و عشقت الرياضيات من أجل عيونه، ليس كأساتذتي في هذه المادة البغيضة و التي لطالما حلمت بقتلهم و تنكيل بجثتهم، بإستثناء أستاذ واحد كان غالي جدا عليه درسني في المرحلة الإعدادية و وقتها أحببت الرياضيات معه، كان ذا روح طيبة مرحة و معطاءة من بين الأشخاص القليلين جدا الذي ترك بصمة لا تمحى أبدا أذكر قوله يوما " أنا اريد كسر الصورة النمطية عن أساتذتي الرياضيات ، فهم دائما قساة تعاملهم جاف، أريد أن تحبوا المادة معي"، و قد حدث ذلك حقا، كما أتذكر قوله جيدا و هو يأتي لتدريسين حتى لو كان مريضا "لا تحلموا بأن تتخلصو متي حتى لو كنت أحتضر سأتي إلى هنا و اكمل درسي ثم أموت أنا أخشى الله" و كان عند عهده فتوفي باكرا جدا تاركا وراءه أثرا لا يمحى
و بعد صعودي للمرحلة الثانوية صدمت و أنا ارى قسوة و عجرفة اساتذة هذه المادة حتى بغضتها من كل قلبي فلم أفهما بعده رحمها. آسفة حبيبتي لا أعرف كيف جرني الحديث كله بسبب المادة البغيضة.
حسنا كان يحق لألمى أن تسعد و قد إفترق للمرة الأولى دون حروب و بقبلة على الجبين.
و في الصباح كانت الجميلة ترقص فرحا و قد حلت الإمتحتن بنجاح بفضل الله و فضله، و فضحت نفسها امام صديقتها و هي المجنونة تخبرهم بأمر العطر. فأدركت الإثنين أن الجميلة غرقت في الحب قبل أن تقع به، و المسكينة ميار تبتهل الله لتحصل بدورها على حبيب، ذكريني هل لازال هناك من رجلنا أعزب نزوجه لها؟!
امم للآسف لم يظهر بعد فجميع الرجال متزوجون و إن ظهر أحد أولى به فاتن و إيمان، لكن فقط يظهر و لا تأكلي هم نحن سنزوج و نلاقي.
هدهود حبيبي كان يستحق هذه المرة عزومة على الغذاء من ألماسته بعد أن كان له الفضل بجعلها تتفوق في المادة البغيظة، فهل ينظر كم الأنثى رقيقة و طيبة فقط القليل من الإهتمام يجعلها تغفر و تغرق بحبها، مثلي أنا مثلا فقط الفصل السابق كنت أدعي عليه و ها أنا الأن أتغزل به، إذهب يا هادي قلبي راض عليك.
هههه أضحكني رد فعله لما دعته على مطعم سباكتي، هي نفس ردة فعل أبي، فهو يستنكر تماما إن أخبرناه يوما برغبتنا بها، فهو لا يعتبرها طعاما و بسببه نحن محرمون منها.
لم يكن هذا الإتصال الوحيد منها، فقد تبعه إتصال أخر بطلته العباءة، بينما الهدف الحقيقي لها هو رؤية حبيبها، و قد مرت الخرجة جميلة جدا مع أسرة طيبة مليئة بالود، هههه اه من عفرتة الذكور لنا واحد في البيت أخرج عقولنا. الله يستر و حسب.
و بعد كل هذا ألا تحبه؟!
على الضفة الأخرى المجنونة شهد العينين لازالت تجنن المسكين سامي، اممم لحظتي سامي هو مذكر سامية فليتركها عنه و يأتي إلي طيوبة أنا.
ههه ها هو ياخذ حقه منها و يتجاهلها تماما و يغرقها في بروده.

اختي الغالية نورهان .....اولاً طمنينا عن صحتك كيف اصبحت الآن؟؟!..وكيف الدراسة؟!


سررت انك رضيتِ عن هادي لكن اود ان اقول لكِ لا تتسرعي هههه ..!!

انا اتفق معك بشأن الرياضيات هههه ويوجد نقطة مهمة بالفعل وهي مدى تأثير شخصية المعلم على فهم المادة....فكلما أحب الطالب معلمه كلما استفاد من علمه وتعلّق بالموضوع وعندما يبغضه لن يأخذ منه الا القليل وسيكره الموضوع ....الكثير من المعلمين مستواهم التعليمي عالي ويحملون عقولاً كبيرة لكنهم فاشلون بايصال المعلومة للطالب ولا أسلوب لديهم وبسببهم يضيع الطلاب وهذا ظلم...المستوى العالي ليس كافي وبرأيي معلم بسيط يوصل المادة بسلاسة أفضل بكثير من حامل شهادات عليا لا تنفع الغير....

رحم الله معلمك الفاضل وجعل ما قدمه في ميزان حسناته.....يا ليت يعلم كل معلم أنه بيده ترك بصمة جميلة لا تنسى في مشوار طلابه ليقدّم ما لديه بتفاني واخلاص......
لكن معلمك هذا لو كان عندنا مهما كان طيبا لشتموه ان لم يغب هههههه.....أفضل معلم عند الطلاب هو كثير الغياب ههههه

حبيبتي على العكس استمتع بقراءة كلامك ..تحدثي بما تشائين دون قيود او حدود.....

أما ميار وبطلها سترين لاحقاً ان شاء الله هههه.....فاتن وايمان تزوجتا العطاء وحب الخير والوفاء للوطن.......

اضحك الله سنك....اضحكتني وانت ترضين عن هادي هههههه


السباغتي يبدو انه عدو الرجال وحبيب النساء ههههه....لديّ شقيق لو تجرأت زوجته واكتفت بطبخ سباغتي وحتى لو بوصفة فيها لحوم سيسكبه على رأسها ههههه ومع الأسف ثلثي الولد لخاله فهذا حال ابني لا يعتبره طعاماً رئيسياً......الرجال يعتبرون هذا اكل البنات وخداع للمعدة هههههههه اما انا هو من اكلاتي المفضلة......

الله يحفظ شقيقك

هههه دنيا وسامي ...من سيتغلّب على الآخر؟!.....
رزقك الله بزوج افضل من سامي هههه ويا بخته بيكِ....


شكراااا حبيبتي على متابعتك للفصول ...استمتع جدا جدا بقراءة ما تخطين ولكني اخشى انك ترهقين نفسك في التعليق عليهم.....ربي يسعدك يا نوارة


ألحان الربيع متواجد حالياً  
التوقيع
((---لاجـــــــــ في سمائها ـــــــــئ---))

https://www.rewity.com/forum/t484164.html


اللهم كلّما ابتعدنا عنك ردنا إليك رداً جميلاً
رد مع اقتباس
قديم 24-06-22, 01:14 AM   #532

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكن احلى اخوات😍

اشتقتلكن😘
هيكون بكرا فصل بعد مشيئة الله 🌹

يااارب انه يعجبكن ...خايفة ما يكون حلو🤦‍♀️...لساتني بكتب فيه بس ضايل شوي🏃‍♀️ ......في مشهد بده تزبيط بالمشاعر والله وكيلكن ضاعت المشاعر ههههه🥲زهقت ومطلعش معاي شي قلت بفضفض لزوجي وبشكيله همي قام بارك الله فيه اعطاني الحل وفتح ذهني...بكل بساطة قلي ...(ركبي الابطال بسفينة وغرقيهم بالبحر واكتبي ومات الابطال ومات المشاهدون جميعا )...شايفة ما اسهلها...هيك بتتريحي🙊🙉🙈....

شكلي بدي ارد عليه 🤣🤣🤣

تركته وجيت احكيلكن عشان اخفف من الضغط بلكي طلع معاي شي🙃

المهم .....ان شاء الله تتحملني بفصل بكرا.😅..خايفة يكون ضعيف رغم انه في حدث من احدى النقاط المهمة اللي لازم تصير قبل الفصل الجاي الأهم باذن الله❤

ادعينلي وحياتكن .....صرت اخبص بالحكي....مخي قفل 🤯🤣

سلامات😘


ألحان الربيع متواجد حالياً  
التوقيع
((---لاجـــــــــ في سمائها ـــــــــئ---))

https://www.rewity.com/forum/t484164.html


اللهم كلّما ابتعدنا عنك ردنا إليك رداً جميلاً
رد مع اقتباس
قديم 24-06-22, 01:20 AM   #533

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8x ( الأعضاء 6 والزوار 2)
‏ألحان الربيع, ‏رسوو1435, ‏نورهان الشاعر+, ‏بيكهيون, ‏أم علووش, ‏اذكر الله يذكرك


منورات صبايا 🤩🌺❤


ألحان الربيع متواجد حالياً  
التوقيع
((---لاجـــــــــ في سمائها ـــــــــئ---))

https://www.rewity.com/forum/t484164.html


اللهم كلّما ابتعدنا عنك ردنا إليك رداً جميلاً
رد مع اقتباس
قديم 24-06-22, 01:34 AM   #534

نورهان الشاعر
 
الصورة الرمزية نورهان الشاعر

? العضوٌ??? » 477398
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,761
?  نُقآطِيْ » نورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ألحان الربيع مشاهدة المشاركة
اختي الغالية نورهان .....اولاً طمنينا عن صحتك كيف اصبحت الآن؟؟!..وكيف الدراسة؟!


سررت انك رضيتِ عن هادي لكن اود ان اقول لكِ لا تتسرعي هههه ..!!

انا اتفق معك بشأن الرياضيات هههه ويوجد نقطة مهمة بالفعل وهي مدى تأثير شخصية المعلم على فهم المادة....فكلما أحب الطالب معلمه كلما استفاد من علمه وتعلّق بالموضوع وعندما يبغضه لن يأخذ منه الا القليل وسيكره الموضوع ....الكثير من المعلمين مستواهم التعليمي عالي ويحملون عقولاً كبيرة لكنهم فاشلون بايصال المعلومة للطالب ولا أسلوب لديهم وبسببهم يضيع الطلاب وهذا ظلم...المستوى العالي ليس كافي وبرأيي معلم بسيط يوصل المادة بسلاسة أفضل بكثير من حامل شهادات عليا لا تنفع الغير....

رحم الله معلمك الفاضل وجعل ما قدمه في ميزان حسناته.....يا ليت يعلم كل معلم أنه بيده ترك بصمة جميلة لا تنسى في مشوار طلابه ليقدّم ما لديه بتفاني واخلاص......
لكن معلمك هذا لو كان عندنا مهما كان طيبا لشتموه ان لم يغب هههههه.....أفضل معلم عند الطلاب هو كثير الغياب ههههه

حبيبتي على العكس استمتع بقراءة كلامك ..تحدثي بما تشائين دون قيود او حدود.....

أما ميار وبطلها سترين لاحقاً ان شاء الله هههه.....فاتن وايمان تزوجتا العطاء وحب الخير والوفاء للوطن.......

اضحك الله سنك....اضحكتني وانت ترضين عن هادي هههههه


السباغتي يبدو انه عدو الرجال وحبيب النساء ههههه....لديّ شقيق لو تجرأت زوجته واكتفت بطبخ سباغتي وحتى لو بوصفة فيها لحوم سيسكبه على رأسها ههههه ومع الأسف ثلثي الولد لخاله فهذا حال ابني لا يعتبره طعاماً رئيسياً......الرجال يعتبرون هذا اكل البنات وخداع للمعدة هههههههه اما انا هو من اكلاتي المفضلة......

الله يحفظ شقيقك

هههه دنيا وسامي ...من سيتغلّب على الآخر؟!.....
رزقك الله بزوج افضل من سامي هههه ويا بخته بيكِ....


شكراااا حبيبتي على متابعتك للفصول ...استمتع جدا جدا بقراءة ما تخطين ولكني اخشى انك ترهقين نفسك في التعليق عليهم.....ربي يسعدك يا نوارة








حبيبتي الغالية.....
كله فداك. شكرا جزيلا على سؤالك يا طيبة، الحمدلله على كل شيء، أفضل حالا رغم أنني لم أستعد قوتي بعد، لكنني أمضي هكذا، الإمتحانات تمر جيدة بعون الله رغم انها تستنزفني تماما، أنتظر اللحظة التي أنهي فيها كل شيء.
هههه فعلا لا أجمل من غياب الأستاذ هههه أمر ينعش القلب،.
أذكر أنه رحمه الله كان يقول لنا مازحا، بماذا تشعرون حين يغيب أستاذكم فنجيبه ضاحكين سعادة لا توصف، و يسأل بنفس روحه المليئة بالدعابة و حب المرح، و إن تأخر كثيرا، ثم بعد كدتم تذهبون جاء، نجيبه، تلك أكبر خيبة أمل.
لكن معه كان الأمر مختلفا تماما نحن لا نحب أن تنتهي الحصة معه أبدا، أكثر التلامذة شغبا و تمردا كانو لديه كالحمل الوديع، له طاقة غريبة في ترويض القسم بطريقة مدهشة دون أن يفعل شيئا غير معاملته المتواضعة، كان يهتم بنا كما لو كنا أولاده فيعرف جميع نقاطنا في كل المواد الأخرى، و إن رأى تراجعا منا في أحدى المواد يكلمنا بإنفراد لتفادي إحراجنا، و إن علم أن أي أحد في مشكل يقف معه حتى يحله، كل ذلك و أعمال خيرية كثيرة كان يقوم بها بالخفاء و لم نعلمها إلا بعد وفاته، فرغم انني كنت غادرت الاعدادية الا ان ابي رئيس جمعية الاباء هناك. أذكر أنه في أحد الأيام كان هناك اجتماع لاساتذة الرياضيات فتغيب مضطرا، كم مر اليوم ثقيلا حينها و حزنا كلنا، رحمه الله كان إنسانا فريدا، أحييت ذكراه عندي.
ههههه السباغتي و الله لا أفهم ابدا بما يرونها أكلة خفيفة، رغم أن امي تطبخها باللحم و الصوص الثقيلة و الجبن الأحمر و الله أنا حين أكله أشعر بالشبع الشديد لم أفهم ابدا ماذا يرونه فيها، عموما هذا قدرنا مع الرجال.
هههه بالنسبة لهادي فأنا أظن نفسي كألمى سأشتمه و أقتله قتلا في خيالي حين يسيء و لكن حين يتعامل بحنان أغفر له كل شيء.، فلا شيء يضعفني بحجم الحنان. ضعيفة جدا قربه، و متمردة مع الجفاء ههه هكذا انا اكون مصرة على مخاصمة الشخص فأجد نفسي من بسمة أغفر كل شيء،
هههه أظن أنني قبل انتهائي من الرواية سأكون قد تزوجت كل أبطالك 🤣🤣. رزقك الله كل ما تتمنين و أسعد قلبك يا أحلى لحن يطرب الروح.
روايتك و الحديث معك هو الذي يريحني من تعبي يعني ما في تعب ابدا


نورهان الشاعر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-06-22, 01:39 AM   #535

نورهان الشاعر
 
الصورة الرمزية نورهان الشاعر

? العضوٌ??? » 477398
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,761
?  نُقآطِيْ » نورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ألحان الربيع مشاهدة المشاركة
السلام عليكن احلى اخوات😍

اشتقتلكن😘
هيكون بكرا فصل بعد مشيئة الله 🌹

يااارب انه يعجبكن ...خايفة ما يكون حلو🤦‍♀️...لساتني بكتب فيه بس ضايل شوي🏃‍♀️ ......في مشهد بده تزبيط بالمشاعر والله وكيلكن ضاعت المشاعر ههههه🥲زهقت ومطلعش معاي شي قلت بفضفض لزوجي وبشكيله همي قام بارك الله فيه اعطاني الحل وفتح ذهني...بكل بساطة قلي ...(ركبي الابطال بسفينة وغرقيهم بالبحر واكتبي ومات الابطال ومات المشاهدون جميعا )...شايفة ما اسهلها...هيك بتتريحي🙊🙉🙈....

شكلي بدي ارد عليه 🤣🤣🤣

تركته وجيت احكيلكن عشان اخفف من الضغط بلكي طلع معاي شي🙃

المهم .....ان شاء الله تتحملني بفصل بكرا.😅..خايفة يكون ضعيف رغم انه في حدث من احدى النقاط المهمة اللي لازم تصير قبل الفصل الجاي الأهم باذن الله❤

ادعينلي وحياتكن .....صرت اخبص بالحكي....مخي قفل 🤯🤣

سلامات😘


الله عودة ميمونة يا لحونة رغم اني لم اصل له، هههه ما شاء الله زوجك ظل خفيف، عايز راحتك و أعطاك أسهل حل، خصوصا انه مؤخرا قعلا صارت موضى في المسلسلات الحلقة الأخيرة يموت كل الأبطال بقدرة قادر، سواءا هجوم عصابة، حوادث.الى اخره.
بس و اياك أن تطعيه في هذه يا قلبي هههه لن نكون ودودين حينها


نورهان الشاعر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-06-22, 11:21 PM   #536

بيكهيون

? العضوٌ??? » 459193
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 242
?  نُقآطِيْ » بيكهيون is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ألحان الربيع مشاهدة المشاركة
السلام عليكن احلى اخوات😍

اشتقتلكن😘
هيكون بكرا فصل بعد مشيئة الله 🌹

يااارب انه يعجبكن ...خايفة ما يكون حلو🤦‍♀️...لساتني بكتب فيه بس ضايل شوي🏃‍♀️ ......في مشهد بده تزبيط بالمشاعر والله وكيلكن ضاعت المشاعر ههههه🥲زهقت ومطلعش معاي شي قلت بفضفض لزوجي وبشكيله همي قام بارك الله فيه اعطاني الحل وفتح ذهني...بكل بساطة قلي ...(ركبي الابطال بسفينة وغرقيهم بالبحر واكتبي ومات الابطال ومات المشاهدون جميعا )...شايفة ما اسهلها...هيك بتتريحي🙊🙉🙈....

شكلي بدي ارد عليه 🤣🤣🤣

تركته وجيت احكيلكن عشان اخفف من الضغط بلكي طلع معاي شي🙃

المهم .....ان شاء الله تتحملني بفصل بكرا.😅..خايفة يكون ضعيف رغم انه في حدث من احدى النقاط المهمة اللي لازم تصير قبل الفصل الجاي الأهم باذن الله❤

ادعينلي وحياتكن .....صرت اخبص بالحكي....مخي قفل 🤯🤣

سلامات😘
شكله فصل مليان نكد 🙄 يا ستر يا ربي


بيكهيون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-06-22, 04:26 AM   #537

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
Elk

السلام عليكم...


اعتذر جدااا جدااا على تأخري الذي كان دون ارادتي!!......حدث ظرف مما اضطررت للتوقف عن مراجعته مع امي قبل النشر ثم عدنا لمراجعته بشكل سريع قبل الفجر....لذا سامحوني بأخطائي وهفواتي !!


دقائق قليلة وسيكون منشور بإذن الله


ألحان الربيع متواجد حالياً  
التوقيع
((---لاجـــــــــ في سمائها ـــــــــئ---))

https://www.rewity.com/forum/t484164.html


اللهم كلّما ابتعدنا عنك ردنا إليك رداً جميلاً
رد مع اقتباس
قديم 25-06-22, 04:28 AM   #538

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل طويل من 78 صفحة تقريبا لذا سأقسمه على مشاركتين ان شاء الله...

أتمنى أن ينال اعجابكم .....


ألحان الربيع متواجد حالياً  
التوقيع
((---لاجـــــــــ في سمائها ـــــــــئ---))

https://www.rewity.com/forum/t484164.html


اللهم كلّما ابتعدنا عنك ردنا إليك رداً جميلاً
رد مع اقتباس
قديم 25-06-22, 04:33 AM   #539

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السادس والعشرون (( الغرفة 216 ))




" أريد التحدثُ معك في موضوع هام إن كنتِ شاغرة ..!!"

من قال لهم ليعطوني هذه المهمة الشاقّة؟!...الأمر ليس هيّناً ابداً....أنا مضطربٌ ومتوترٌ بشدّة...لا استطيع قراءة ردود افعالها وكيف سأتصرّف معها !!....لكني مجبرٌ....عليّ القاء ما على عاتقي وبعدها لنرى ماذا سيحدث؟!!...الموضوع أثقلني ويضغط على صدري... يجعلني غير قادرٌ على التنفس!!.....مددْ من القوة والصبر يا الله...!!....

ما إن قلتُ جملتي حتى عدّلت جلستها باستعداد وتأهب.. تحدّجني بفضول وهمست:
" أقوم بحل وظائفي فقط !!...أي موضوع ؟!.."

زفرتُ أنفاسي على مهلي بينما كنتُ أبعد أرضي عن مواجهة سمائها.!!....لغة العيون تكشف الكثير !!....مؤكد ستفضح توتري..لذا تنصّلت من تلاقي النظرات.....امتحاني صعب !!.... نابضي ينبض بشدة !!!....ما بالي قلقٌ لهذه الدرجة؟؟!....اهدأ يا هادي....اهدأ.....هذا لا يساوي شيئاً عند ما ينتظرني في المستقبل القريب....بل اقرب مما اتصوّر!!....هناك بالضبط سيكون القلق الحقيقي....وموت قلبي!!....

قلت متهرّباً لأشتت انتباهها وهي تتفحصني كبرج المراقبة في ساحة السجن :
" كيف هي أمور دراستك؟!..هل كل شيء على ما يرام ؟!.."

ضيقت عينيها بتفحّص وقالت بدهاء بعد ان كانت مركّزة معي تربّت برتابة بالقلم على شفتيها الورديتين الساحقتين:
" وجهك يوحي بكلام لا يمتّ بصلة لسؤالك أم أنني مخطئة؟!.."

حككتُ مؤخرة عنقي وتنحنحتُ أجلي صوتي فتابعتْ بذكائها الذي يعود اليها من حين لآخر مع ابتسامة ماكرة لا تشبه براءتها قبل أن اتفوّه بحرف:
" قرأتُ يوماً عن لغة الجسد وكانت احداها أن لمس العنق يدلّ إما على توتر صاحبه أو محاولة الهروب من موقف ما أو الكذب....أيّ حالة منهم أنت؟ّ!.."

أجبتها بابتسامة مائلة بعد أن استعنتُ بالشجاعة قبل أن أُهزم امامها:
" وتدلّ ايضاً على وجود ناموسة متطفلة لدغتني !!...ألا يمكن ذلك؟!.."

تبسّمت تكشف عن لؤلؤها الناصع بين شفتيها وقالت:
" الجو بارد ..من أين سيخرج الناموس؟!."

احنيتُ ظهري نحوها لأقرّب وجهي لوجهها الساحر ..غمزتها وهمست:
" لأن الجو بارد ...أرادت المتطفلة دمي الحامي....الحامـــي يا زوجتي!.......ليت الآخرون يشعرون بدمائي الحامية"

أشاحت وجهها جانباً مع ابتسامة خجولة وتمتمت:
" غليظ!.."
ثم سرعان ما مسحت ابتسامتها تعود للجدّية سائلة وهي تقوم من مكانها متكئة بيدها على الطاولة:
" أجل اخبرني... ما هو الموضوع الهام ؟!.."
ومع انتهاء سؤالها كانت قد جلست جانبي تلتفت بإمعان نحوي !!....

برأيي أن محاولاتي لقمع القلق سيضاعفه ....ربما هذه مجرد مخاوف تافهة تهيج أعصابي عبثاً!!...
تنحنحتُ مجدداً وقلت وانا اتكئ بذراعيّ على فخذيّ وأطبق كفيّ على بعضهما دون النظر اليها :
" ما هي اخبار خالتك؟!.."

تطلّعتُ عليها مستمراً بوضعي وتابعت بهدوء:
" هل كلمتيها اليوم؟!.."

رفعت حاجباً بتساؤل وبهُتَ لون وجهها قليلاً وقالت:
" ليلة البارحة سألتني ...ما بك تسأل الآن؟!...أهناك شيء؟!.."

هززتُ رأسي رافضاً بتهرّب وأجبت:
" كل خير ان شاء الله !...فقط اردت الاطمئنان !!.."

مدّت يدها تمسك معصمي وهمست بصوت بدا مهتزاً بينما دقات قلبها آخذه بالتسارع:
" يـ...يامن اشعر أن بفمك كلام غير هذا....!!.."

عليّ أن انطلق نحو الحرية بعيش اللحظة وإطلاق سراح الحقائق مهما كانت مؤلمة وقاسية ....إلى متى سأداري؟!....سوف نجد الطريق الى الراحة في همسات الواقع الذي نواجهه ....هي ضربة واحدة ستؤلم...وستأتي ساعة ويزول ألمها.....الهمها الصبر والسلوان يا كريم يا رحمن....!!
سحبتُ انفاسي ثم زفرتها بتمهّل واسندتُ ظهري لظهر الأريكة مع امالة بسيطة نحوها ثم حاصرتُ كفّ يسراها بين كفيّ علّني استعين بسحر اللمسات الدافئة وقلت ناظراً لعينيها:
" أتعلمين لمَ ذهبتا الى ألمانيا ؟!.."

رغم انها كانت متأكدة الّا أن جوابها اختبأ خلف شحوب بشرتها:
" بالطبع...ستشاركان في مؤتمر خاص بشؤون اللاجئين والذي سيمتد لأيام !!.."

ابتلعتُ ريقي وابعدتُ حدقتيّ عنها هارباً الى البعيد هامساً بهدوء :
" لم تذهبا لمؤتمر..."

لم اعطها المجال لأي استفسار عندما تابعتُ بنبرة أضعف بعد أن غدرتني حبالي الصوتية وكأنها تسعى لـ ألّا تسمعني :
" ذهبتا للعلاج..."

استلّت كفها من بين يديّ وهتفت مستنكرة :
" علاج؟؟!!...أي علاج؟؟!...لِمن؟!.."

انها تقف أمام مفترق يأخذها لأحد السبيلين ....سبيل الجزع والقنوط.....أو سبيل الصبر والإيمان....!!...يارب اختر لها ولا تخيّرها....

أجبت باختزال:
" لخالتك.."

هبّت واقفة تطالعني بنظرات ضائعة قاطبة الحاجبين:
" لقد انتهت خالتي من مسألة أكياس الماء منذ فترة ...وهي تتمتع الان بصحة جيدة....لا بد أنك فهمت بشكل خاطئ!!...مع من تحدثت ؟!..."

رفعتُ رأسي أرنو إليها بعطف ثم مددتُ يمناي أمسك يسراها قائلاً بلطفٍ وحنوٍ:
" ستتحسن بإذن الله ....لا تقلقي....فقط ادعي لها..."

نفضت يدها لتحررها من قبضتي وعلا صوتها بحدّة :
" تتحسن من ماذا؟!....هي تحسنت بالفعل!..."

اخفضتُ رأسي أرضاً وتابعتُ بهدوء ظاهرياً عكس الانتفاضة في باطني:
" لديها ورم......ورم سرطاني في دماغها وذهبت لاستئصاله ومتابعة العلاج الكيماوي !...و...هي في مرحلة متقدمة من المرض....شفاها الله وعافاها"

ضحكة خفيفة في البداية ثم اطلقت العنان لأخرى وعيناها تسيل دموعاً من شدة الضحك ...استمرت تضحك وتضحك دون سيطرة كأن ذبذبات صوتي اوصلت لها كلماتي بمعنى آخر وبعد انتهاء هذه الوصلة تحوّل وجهها للوجوم كأن تياراً صعقها وضاقت أنفاسها ثم قالت:
" أتعلم أن هذه أقبح مزحة أتلقّاها من أحد ؟!...."

عادت للضحك وقالت وهي تحرّك يدها أمامي تنهاني عمّا تفوّهتُ به بينما أنا كنتُ أراقب كل حركة وردة فعل لها مصدوماً من أثرِ صدمتها:
" أرجوك لا تعيدها....دمها ثقيل ولا مزاح بهذه الأشياء..!"

ولمّا رأتني لم اغيّر شيئاً من ملامحي ولم أنطق أي حرف واستمرّيتُ على حالي بدأت تخفف من حركاتها وكأنها بدأت تعود لوعيها ...تسمّرت مكانها تضيّق عينيها بتركيز دون أن تزيحهما عني لتقتنص ضحكتي او لتستمع لاعترافي بمزحتي متشبثة ببقايا أمل من النكتة التي اطلقتها عليها....ليتها نكتة يا (ألمى) بالفعل!!.. وعندما لم تجني أي بصيص من رجائها ارتجّت حدقتيها داخل عينيها وعادت الغيوم تتجمع في سمائها ثم جثت أرضاً أمامي تمسكني من ياقتي تحاول هزّي بينما الكلمات تخرج منها مرتجفة بعشوائية :
" أنـ..أنت تكذب !!.."
" تكذب ..!!.."
" هذا غير صحيح "
"" قل لي ....أنك تمزح"

بقيتُ على حالي أنظر لعينيها مستسلماً تاركاً لها المجال لتفعل بي ما تشاء ...أريدها أن تفضفض ...أن تفرغ غضبها...وأن تصرخ....ولتكسر...أجل تكسر رأسي لن اعترض...سأفديها به المهم أن ترتاح ....لتفعل أي شيء ...اي شيء يخفف عنها...أي شيء لا يقتلها ويقتلني معها .....لها كامل الحرية الآن..!!....

احتقن وجهها وصارت تطالعني بنظرات حارقة تحرقني وكأنني مذنب لكنها تابعت بهدوء:
" خالتي ليست مريضة....أتفهم؟!!.."

تهزني بصورة أقوى وأعنف وتكمل بصوت خفيض مغاير لحركتها :
" هذا كذب...لا يمكن ...مستحيل..."

ارخت يديها وحرّكت رأسها يمنة ويسرة تبحث عن أماني وآمالٍ سقطت على الأرض وتاهت منها...تبحث عن حقيقة لا تريد سواها وهي أن هذا كذب....وقفت بتباطؤ ووهن ....جالت مرةً أخرى بزرقاوتيها المحروقتين في ارجاء الغرفة....اغلقت اذنيها بكفيها وبدأت تهز رأسها بجنون متمتمة:
" مستحيل ...مستحيل....خالتي لن تتركني !!.."

دقيقتان وسكنت حركتها الجنونية ثم عادت للجلوس أرضاً مثلما كانت أثناء دخولي وأمسكت القلم المرتجف مع ارتجاف يدها لتتابع حل واجباتها وهي تطأطئ رأسها في دفترها بينما تهمس بخفوت:
" لن تموت خالتي ....لن تتركني وحدي!!....كذب"

لكن خلاياها العصبية خانتها ولم تتح لها المجال لتثبيت يدها لتكمل فألقت القلم بغل على الطاولة ووثبت كالملسوعة شاتمة بحنق:
" اللعنة...اللعنة على كل شيء!!.."

وبدأت تجول في أرجاء الغرفة مثل الفرس الهائجة التي تحتاج لترويض وتشدّ قبضتيها جانباً تغرز اظافرها بباطن كفيها مستطردة بحنقها:
" اللعنة....اللعنة على هذه الحياة الكريهة.."

وقفتُ بغضب منزعجاً من كلامها ونهرتها بحزم :
" هــيه ألمى...لا تلعني الحياة....الحياة والموت من الله ...لا تتعدّي حدودك وانتبهي لما تتفوهين به...عليكِ أن تصبري وتحتسبي لأي بلاء يصيبك !!...ما بكِ فقدتِ عقلك ؟!....استغفري وحوقلي "

...كانت ثائرة...ثورة غضب...ناقمة حد الجنون ...مشتعلة وتنفث لهباً ....وتتحرك بعدوانية دون سكون !!..تمتمت بكلمات لم أتمكن من فهمها ....لا بد أنها شتائم وماذا سيكون غير هذا ؟َ!..... ...اقتربت منها من خلفها وحاصرتها بذراعيّ فبدأت بهياج أكبر تحاول تحرير نفسها وبقبضتيها الصغيرتين تضرب يديّ المكبلتين لها على بطنها ....احنيتُ رأسي لأقترب هامساً بأنفاسي في اذنها:
" اهدئي ...لن تتركك ألمى......ستشفى بإذن الله ....اهدئي فقط..."

علا صوتها درجة وازدادت همجية بحركاتها ...تركلني مرة بقدميها وتحاول ضربي مرة بيديها :
" لن اهدأ ...اتركني....اتركني....لا استطيع التنفس انت تخنقني !!.."

لم الحظ أنني كنتُ احاصرها بقوة لدرجة ضغطتُ على رئتيها ...ارخيت يديّ ثم أدرتها نحوي وامسكتها قرب كتفيها وقلت بهدوء وانا اهزّها بخفة ووجهي يقابل وجهها وانفاسنا تختلط ببعضها:
" هذا كله لا ينفعك ولا ينفعها ...اهدئي !!...بالله عليكِ اهدئي."

بكفيها ابعدت يديّ عنها ثم تابعت بنبرة حادّة دون بكاء فالمياه تبخّرت من جسدها ثم دفعتني من صدري لتكمل بضربات عليه بقبضتيها:
" لن اهدأ...أنت كاذب....لا يمكن لخالتي ان تتركني....هي وعدتني بعد وفاة امي أنها ستكون معي طول العمر....خالتي لا تنكس وعدها....ذهبت لمؤتمر وستعود....هل سمعت؟.....أتفهم؟.."

هي تضرب ثابتة بقوة وانا احاول السيطرة قائلاً:
" هذا أمر الله ليس بيدك او بيدها ..."

مسكتها من رسغها ومشيتُ خطوة مردفاً:
" تعالي لنغسل وجهك ولتشربي الماء عسى أن تستكيني وتسترخي ونتكلم براحة..!!.."

حررت نفسها مني باحتدام وقالت:
" اتركني...لا اريد ان أشرب ولا أن اعمل أي شيء !!.....مزاحك ثقيل لا يطاق !!.."

أغمضتُ عينيّ متنهداً وتمتمتُ مستغفراً ربي ثم استدرتُ مواجهاً لها بصلابة كي اضع حداً لجنونها....عليها أن تصدّق شاءت ام أبت ...يكفي!...وصرختُ بها بحدّة:
" يكفي.!!....افهمي ما اقول لكِ.....أنت لستِ صغيرة.....جنونك هذا لا يأتيك بنتيجة ولا يغير أي حقيقة !......أنا قلتُ لكِ هي مريضة وكلنا معرّضون لهذا....لم اقل ستتركك ...لم اقل ماتت !.....عليكِ أن تكوني أقوى من أجلها !!...اذا انهرتِ هي ستنهار...قوّي ايمانك.!!.."

اذناها معي وجسدها مرتعش....قلبها يحتضر وروحها تصرخ....أنفاسها متعاقبة بالكاد تكابد للصمود.....نظرت اليّ....نظرات لوم وعتاب....نظرت اليّ بتيه وضياع....نظرات ضعف واحتياج....شفتاها تهتزان تحاول عضهما كي يستكينان...فكاها يصطكان تفقد السيطرة عليهما....غربت الشمس عن سماءيها واحتلّتهما السُحب المثقلة بأمطار كانون....حركة صدرها مضطربة...تلهث...تلهث...ثم ولتني ظهرها راكضة صاعدة السلالم هاربة من الحقيقة الى كهفها لتحتجب عن دنياها المريرة...دنياها التي تأخذ منها كل شيء تحبه منذ طفولتها..!!


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

علاقتهما ساكنة وجميلة ....متفاهمان لأبعد الحدود كأنهما خلقا ليكملا بعضهما...مرّ أكثر من عام على خطوبتهما دون السماح لأي مشكلة صغيرة كانت او كبيرة أن تؤثر على سير حياتهما...قسوة الزمان والمعاناة التي مرّت بها بطفولتها سواء من فقد أب الى فقر وهجرة لم يصنعا منها الّا فتاة خلوقة...قنوعة..مطيعة...مُحبّة ...عزيزة نفس كأمها ...متواضعة دون أن يُخدش كبرياؤها...رزقها الله رجلاً يضعها في عينيه ويخبئها في جبّ قلبه ..عشقه لها يجري في دمائه....مخلص لامرأته...متدّين يخاف ربه بأهله وبها ...لديه فائض من الحنية ولا يقل عنها بعزة نفسه وكبريائه....منذ عقد قرانه عليها ومصاهرته للعائلة أقسم أن يكون داعماً وعوناً وعضُداً لهذه الأرملة وابنتيها...لا يفرّق بين أهله وبينهن....يرى نفسه المسؤول عن الجميع...لا يتذمر ولا يشكو...يهب بحب وعطاء غير آبه لتعبه...ضحكات أهله وخطيبته تنسيه أي مجهود يقوم به...رجل في زمن قلّ به الرجال!!....في البداية استأجر شقة لأهله وأخرى لأهلها وبعد أن استقر في عمله وطوّر وضعه المادي اكثر اشتراهما لتصبحان ملكه ليتبعهما لاحقاً شراؤه لشقته الخاصة التي سيبني بها حياته مع من أنارت له حياته وتعمّد ان تكون بنفس البناية ايضاً كي لا يبتعدا عنهم لأنه هو السند الوحيد من بعد الله لأهليهما وهي روحها في الدنيا أمها واختها وكذلك لتهتم باهله في غيابه...!!
دعاها لتناول الغداء معاً في أحد مطاعم مدينتنا الجبلية بعد انتهاء دوامها من الجامعة !!...يغرقها بدلاله ...كيف لا وهو يسعى دوماً لتعويضها عن البؤس الذي لازمها في بدايات عمرها ؟!.....
بينما هما جالسان ينتظران وجبتيهما أخرج من جيبه علبة ذهبية صغيرة ومدّها نحوها مبتسماً والحقول الخضراء في عينيه تفيض عشقاً وهياماً وتشعرها ان حياتها معه هي ربيع في كل الفصول...هكذا هي علاقتهما فعلاً...لا اعاصير الشتاء ولا نيران الصيف ولا تقلّبات الخريف....فقط ربيع مزهر يشرح الصدر ويبهج الروح!!...فتح العلبة أمام نظرها وقال بصوت رخيم وهو يتأمل تقاسيم وجهها :
" تفضلي حبيبتي هذا الخاتم لكِ ...أتمنى ان يعجبك!.."

لمعت عيناها الدعجاء بحياء وحُب وهمست دون ان تمد يدها:
" ما المناسبة بلال؟!...لمَ تكلّف نفسك؟!...الشهر الماضي اهديتني اسوارة ثمينة..."

أسدلت اهدابها تداري خجلها وأردفت:
" زفافنا بعد اشهر ان شاء الله وانت تحتاج لكل قرش...لقد اغرقتني بهداياك ....حقاً ما من داعي لهذا حبيبي!.."

رد عليها بحنوٍ:
" ذهبتُ لشراء دولارات للشركة من محل الذهب لأن المصرف كان مغلقاً فوقع نظري عليه واعجبني.."

مدّ يمناه يمسك يسراها برفق وتابع:
" اردتُ ان اراه يحيط اصبعك.....لا يغلى عليكِ شيئاً يا شمس حياتي!.."

أخرجه من العلبة والبسها اياه ثم مطّ جسده نحوها قليلاً ورفع يدها يقبّلها بكل رقة وأضاف هامساً:
" مبارك حبيبتي.."

تورّدت وجنتيها وسحبت يدها تضعها بتوتر على حجرها من حيائها وهي تنظر يمنة ويسرة هامسة بدلال:
" بلااال ...نحن لسنا وحدنا...ماذا تفعل؟!.."

ضحك وأعاد ظهره للخلف يسنده....هذه المشاكسة تكاد تفقده عقله !!...حياؤها في الخارج يذيبه وجرأتها بغنج وهما لوحدهما يقتله !...كم يعشق رؤية لون الورد الذي يزيّن وجهها واللمعة التي تضيء سواد عينيها....كم يهيم بدفء أنفاسها والرقة في صوتها .؟!....يعدّ الثواني متلهّفاً لليوم الذي ستكون به تحت سقفه وبين احضانه....يا الله ..لا ينفك من شكر ربه في العشيّة والابكار على الهبة التي وهبها له...انفطر قلبه وهو يبحث عن فتاة تكون سكناً له وتؤازره في الاعتناء بأهله...فوالده ضعيف الجسد ذبحه مرض السكري وشقيقته تحتاج لشقيقة ترشدها ووالدته امرأة امضت حياتها لخدمة زوجها دون كلل وهي ليست منفتحة في امور الحياة فهو من تحمّل مسؤوليتهم في عمر صغير...أنعمَ عليه الكريم بهذه البريئة النقيّة...الرقيقة البهيّة.... لم يعد يتحمل المزيد !!...متى سيغلّفها في حضنه ؟!.....حبه لها يتضاعف ورغبته بها تنمو بكثافة !....لديه وفرة من العشق ويريد أن يفرّغه بالمكان الصحيح وللوحيدة التي تستحق...حبيبته ( سلمى) فقط ...لا أنثى سواها!....
جلب النادل السلطات ووجبتيّ الطعام وشرعا يتناولانه بكل هدوء لتمضي دقائق قليلة وتكسر خطيبته حاجز الصمت هاتفة بتردد:
" بلال.!!."

" ماذا حبيبتي ؟!.."

سعلت تستعيد صوتها المرتبك وقالت:
" أنت تعلم أن هذه الفترة بدأنا بشراء لوازم الجهاز !!..

والدتها تعمل من حين لآخر في بيع المعجّنات والحلويات للمناسبات وقد فتح الله عليها هذا الباب من الرزق...لكن له مواسمه وليس على مدار السنة ومن عملها البسيط تدخر المال لأجل جهاز ابنتها لتشعر انها قدّمت ولو أقل القليل لها حفاظاً على ماء وجهها أمام خطيبها ...والسبب عزة نفسها التي لا ولن تتخلّى عنها مهما كانت ومهما وصلت!!..

ردّ واثقاً بمودّة:
" أجل!....وقلتُ لكِ سنذهب معاً لاختيار ادوات الكهرباء ولدفع المبلغ المطلوب !!.."

" لكن ادوات الكهرباء مسؤولية العروس !!.."

" نحن لا نشبه البقية حبيبتي ولا تعنينا هذه العادات....بيتنا واحد وجيبنا واحد...أليس كذلك؟!.."

سكتت دون ان تجيب ثم ابتعلت ريقها بعد برهة وقالت:
" أنا....يعني أقصد....لا اريد أن تدفع أنت ما يخص جهازي !!.."

تغيّر لون وجهه الأسمر واصبح قاتماً بعض الشيء وضيّق عينيه قائلاً:
" ما هذا الهراء سلمى؟....قلت لك جيبنا واحد !.."

رمقته بنظرة خارجها القوة وداخلها الخوف وقالت بنفسٍ عزيزة :
" جيبنا واحد عندما نتزوج بلال....أنت لستَ مجبراً على تحمل كافة تكاليف البيت والزواج وأهلك وأهلي .....يكفي أنك أصرّيت على دفع اقساط جامعتي بعدما رفضتَ أن يقوم بهذا أخي هادي ومصاريف بيتنا انت تهتم بها ...هذا كثير!"

" سلمـى....لا أحد مسؤول عنكم غيري !.. "

ردّ عليها ثم نهرها بجدّية وتابع:
" لمَ تفتحين هذا الموضوع الآن ؟!...ما يخص جامعتك منتهي وبالنسبة للجهاز والتكاليف لم اشكُ لكِ ولا اسألك ان كنتُ مجبراً او لا ....كل شيء متفق عليه ...انت تعلمين ان والدتك كانت مصممة على بيع قطعة الأرض في قريتكم وأنا منعتها ومع هذا هي تعمل في صنع الحلويات وغيرها رغم أنني اعترضتُ من اجلها لأني اريد راحتها الّا انها تصرّ لأنها ترى بهذا منفساً لها!!..سلمى ....فضل الله علينا كبير ووضعنا فوق الممتاز الحمد لله ....لا نحتاج لبيع أراضي ولا لغيره وأعيد وأكرر يقع كامل المسؤولية عليّ..!!."

" أنا غير موافقة...أنت لستَ مجبراً...أريد أن اعمل!!.."

" ماذا؟!.."

سألها مصدوماً وأضاف مستنكراً بغيظ:
"تعملين ؟؟!...أين وكيف وأنت ما زلت في سنتك الثانية ؟!.."
واستأنف ساخراً بقهر ومستنكراً:
" لستَ مجبراً...هذه جديدة!.."

أطرقت رأسها لحجرها ودقات قلبها اصبحت غير منتظمة رهبةً واجابت:
" دنيا.!!....يعني عندما أخبرتُ دنيا أنني ارغب بالعمل أشارت لي على محل بيع اكسسوارات وهدايا يقع بين حيّنا وحيّهم...اسمه ( روميو وجولييت) يضعون اعلاناً لطلب عاملة تعمل فترة المساء!....وقالت يدفعون مبلغاً مرتفعاً على الساعة...لأنها ساعات المساء !!...حتى أن صاحب المحل سألها إن كانت ترغب بذلك لكنها رفضت لأنها حامل."

" سأعتبر أنني لم اسمع هذا !."

انفعلت قليلاً فارتفع صوتها رغماً عنها :
" ستسمع بلال...هذا ظُلم...من حقي أن يكون لي استقلاليتي وقراراتي ....لا أرغب ان اكون عبئاً على أحد!.."

احتقن وجهه وأحنى جذعه اتجاهها قليلاً وهمس من بين اسنانه باحتداد:
" اخفضي صوتك ولا تتكلمين بسخافة!!....من قال انك عبئاً على أحد؟!.."

سخنت دماؤها غيظاً ومع الغيظ خوفاً من غضبه وقالت:
" انا اقول عن نفسي ...لا احد يقول !...انا جادّة بالموضوع وعليك ان تفهمني ...اريد ان اعمل من أجل جهازي فقط حتى نتزوج ...لم اقل سأستمر لبعد ذلك.."

وجم وجهه اكثر والسخط يتعاظم داخله وقال وهو يلقي الشوكة من يده بعنف مصدرةً رنيناً في طبقه بعد أن سُدّت شهيته وعاد للخلف جالساً بشكل جانبي:
" لا قبل ولا بعد.....انتهينا من الموضوع!....هذا ما ينقصنا ان ترتمي في محل لغريب يلقي اوامره عليك كيفما شاء والله اعلم ما هو سلوكه وطباعه ...على جثتي!!... لن تعملي "

هي حانقة وغاضبة أجل....لكنها (سلمى) الرقيقة الحنونة التي لا تنام دون ان تطمئن على اكله وشربه ونومه لأنها تعلم كم انه مهمل في نفسه ولا يكترث لصحته عندما يكون غارقاً في اعماله ومسؤولياته لذا قالت بهدوء بعدما رأت توقفه عن الأكل:
" بلال نحن نتكلم...لمَ أنت تكبّر الموضوع لهذه الدرجة ؟!....لطفاً تابع طعامك وسنتكلم لاحقاً!.."

رمقها بنظرة دون مغزى ثم اشاح عينيه عنها وقال بصوت أجش:
" لا اريد أن أتسمم...لم يعد لي رغبة بذلك....تابعي انتِ!.."

انتصبت واقفة وقالت بصوت مختنق وهي تغالب دموعها:
" وأنا كذلك....أريد العودة الى البيت من فضلك!.."

هبّ من مكانه وأخرج محفظته من معطفه ثم ألقى عدة ورقات من المال على الطاولة وظلّ واقفاً للحظات حتى سارت أمامه ليتبعها محاولاً كظم غيظه الى أن وصلا سيارته ومرّت دقائقهما في السيارة على صوت انفاسهما الثائرة ولسانيهما الصامتين ولما وصلا موقف العمارة بقي هو على مقعده خلف المقود يشدّ بقبضتيه عليه عاقداً الحاجبين منتظراً نزولها دون ان ينطق حرفاً فقالت بصوتها الرقيق المستعد للبكاء:
" ما بك لم تطفئها ؟!...الى اين انت ذاهب؟!.."

" انزلي انت!...هذا من شأني ليس من شأنك!.."

ابتلعت ريقها تسقي غصة جافة وافتها وهمست بوهن ونبرة متحشرجة:
" ليس من شأني يا بلال ؟!.....حسناً كما تريد !....لكن اعلم أنني مصممة على العمل"

لم يتطلّع عليها ورغم غضبه من اصرارها الّا أن قلبه يتمزّق من الحشرجة التي بصوتها ولكنه لن يضعف ويضمّها وعليها ان تفهم انه غير راضٍ بتاتاً عن قرارها الغبي..وأعاد في سره مغتاظاً..."..تريد أن تعمل ؟..هذا ما ينقص!!...لا ومصممة ايضاً"..
لمّا لم يعِر كلماتها أيّ اهتمام استدارت منكسرة تغلق الباب بهدوء ومشت خطوات عديدة بصعوبة بعد أن تضاعف وزنها فوق الأرض من ثقل همها حتى وصلت مدخل البناية ثم التفتت لسيارته التي ما زالت مكانها كما عوّدها فهو هكذا لا يذهب قبل ان يطمئن على دخولها البناية خوفاً وحرصاً عليها ليس لوجود اعداء او ما شابه بل لأنه يجاهد لتغليفها بعشقه الأخّاذ حتى لا تمسّها نسمة هواء ولا قطرة ماء دون رضاها ...لقد اعتادت ان يكون (بلال) هو اباها الحنون وأخاها الغيور ...صديقها الوفي وحبيبها المتيّم والابن المتعلّق بها....رجل يحمل كل الأدوار في حياتها ....لأنه لم يعاملها الا بهذه الصفات حسب الموقف الذي تحتاجه به ولم يتخلّف يوماً عن مهمته معها !!....اعادت وجهها للدرجات القليلة أمامها وصعدت وهي تمسح دمعة خرجت كعصارة قهر من صميم فؤادها..!!

~~~~~~~~~~~~~~~~~~

ما إن اختفت عن بصري حتى تحركتُ مسرعاً الحق بها خائفاً عليها ....كان ما يؤرقني هو عدم صراخها ...هذه ليست ردود فعل طبيعية لها...اشعر انها تخنق نفسها بابتلاعها صرخاتها....وصلتها ووجدتها تكمل سيرها العاصف في الغرفة من غير هدى وهي تفرك قبضتيها ببعضهما فهمستُ منادياً لأطمئن انها ما زالت في دنياي وليست بعالم آخر :
" ألمى.."

توقفت مكانها وانا مكاني ثم بدأت تجرّ قدميها ببطء متجهة نحوي...وجهها مصعوق وبدأ صدرها يهتز بعنف من محاولتها لاستنشاق الهواء بعد أن أضاعت أنفاسها أما عيناها توحي بأن السماء انقرضت عن الوجود...لا أثر لها... لقد اختفى لونها من تفجر ينابيع ظلّت محاصرة داخلها وهمست بتوسل ورجاء كانت كطعنات موجهة لخافقي وأنا ارى شفتيها ترتجفان وتضم يديها الى صدرها:
" أرجوك ...اخبرني انها مزحة...قل لي أنني اعيش كابوساً...قلبي لا يتحمّل...ارجوك ارأف بحالي!...ارحني بكلمة تعيدني الى الحياة..."

" ألمى...لمَ تهولين الأمور لهذه الدرجة ؟!...كل شيء مقدّر ومكتوب !!...علينا ان نرضى بما كتب الله لنا..."

اتسعت عيناها تنذر عن غضب قادم اليّ...اكفهرّ وجهها وتعاقبت أنفاسها وهتفت بصوت مختنق باكي لم تتعمده :
" قلت ارحني...لمَ تصمم على كلامك....لــــمَ؟؟!.."

لاذت بالصمت تمرر ثواني وهي تحاول ادراج الكلام الى عقلها وما إن استوعبت الأمر حتى شرعت بقبضتها ضرب صدرها عدة مرات بينما كان قلبي من يتلقّاها لا قلبها وروحي تئن على اوجاعها وهي تقول:
" تباً لقلبي اللعين....لماذا يحب ؟..لماذا؟؟...حبه قاتل ....ما إن يحب أحداً حتى أفقده...يتلذذ في عذابي بأخذ أحبتي مني!...ماذا فعلت وما ذنبي ؟!.."

واتجهت بعدوانية الى طاولة الزينة ثم بحركة عنيفة عاصفة أزاحت كل ما كان عليها من عطور وصندوق يحوي على اكسسوارات وادوات تجميل وتابعت باكية بنشيج يمزق الكبد:
" الجميع يريد قتلي بتركي وحيدة وقبلهم قلبي...!!"

اقتربتُ منها لأضمها لصدري هاتفاً بحنوٍ:
" اهدئي ألمى!!...لن يتركك أحد"

فدفعتني بقوة وهتفت بزعيق:
" لن اهدأ... ابتعد عني!.."

وأكملت بهستيرية وهي تحاول ابعاد ياقتها التي تخنقها عن عنقها تارة ثم تحرّك أطرافها ورأسها في كل الاتجاهات تارة أخرى بينما لم تتزحزح من مكانها كأنها تضلّ عنوانها :
" لا استطيع التنفس...كل الدنيا تجثم على صدري.....اشعر اني اريد الصراخ وفقط الصراخ.. احتاج ان اصرخ حتى يخرج وجعي....حتى يعتقني كي أتنفس...فقط أتنفس.."

قلت بهدوء:
" إن كان هذا سيريحك..اصرخي كما شئتِ.."

فأطلقت أول صرخة من عمق القهر في جوفها والتي صداها شق روحي بينما هي تتهالك تدريجياً أرضاً حتى وصلَتها بركبتيها جاثية على حطام زجاج العطور ومخلّفات ما ألقت على الأرض من اغراضها وكأنها تجثو على حطام فؤادي ووجّهت وجهها لفوق كي توصل صرختها للأعلى :
" آآآآآآآه.."

ثم انحنت بانكسار تخبط بقبضتيها البلاط غير مهتمة للشظايا التي تجرحها فقرفصت من فوري امسك يديها لأمنعها هاتفاً بحزم قلقاً على حالها:
" توقفي...ألمى....توقفي ...لقد آذيتي نفسك....انظري لجروحك...."

ردّت من قعر الألم والوجع ولم تجد هذه اللحظة سوى شلالها الليلي ليحتضن وجهها:
" عندما تصبح جروحنا كثيرة سنفقد حاسة الألم...وبهذا سأجعل ألمي غير أليم.....وأنا تألمت بما فيه الكفاية.....لا اريد المزيد ...لا اريـــد....آآآه..!!.."

استقمتُ قاصداً المنضدة لجلب مناديل ورقية متمتماً:
" يا مجنونة.."
ثم عدتُ اليها لأمسح قطرات دمائها النازفة التي شعرتُ بها تنزف من عروقي وبعدها ساعدتها على الوقوف فابتعدت عني خطوة وقالت بوهن:
" انا متعبة جدا.."

ماذا عني يا سمائي ؟!...أنا متعب أضعاف تعبك...متعب منكِ وعليكِ...أنتِ صرختِ مرة بينما آلاف الصرخات تحارب للخروج مني.....آآه يا ألمتى آآه....سأواسيك وأنا ابتغي من يواسيني....سأعطيك السلام وأنا أرتجيه....سأحملك على كفوف الراحة وأنا المرهق...سأعمّر حصوناً تحميكِ وأنا الواقف على خط الخطر.....سأبني لكِ بيتاً وأنا لا بيت لي لأني المشرّد اللاجئ...لاجئ يا ألمى ...لاجئ في سمائك...!!

همستُ لها فاتحاً ذراعيّ عسى أن أكون بلسماً لفؤادها:
" تعالي اليّ لأحمل عنكِ تعبك.....تعالي الى حضني....هو ملكك وحدك....تعالي الى بيتك لترتاحي.!!"

كانت نظراتها ضعيفة واهية والسماء ما زالت مختفية من عينيها ....لم تقوَ على التقدّم ولم تجرؤ للاستسلام....وربما لا تصدّق كلامي وأني أعلن عن حضني بيتاً لها !!
فلم أصبرُ حتى تعطيني قرارها بل أقبلتُ نحوها احيطها بذراعيّ واشد باحتضانها وهمست بحرارة أنفاسي قرب اذنها بعد أن زمّلتُ وجهها بصدري قرب نابضي وقبّلتُ رأسها برفق بينما كنتُ بيدي أمسد شلالها الليليّ:
" سيمضي كل شيء ...فقط اهدئي وارتاحي.."

عادت تبكي بنحيب يرجف اوصالها واوصالي معها وتقول بصوتٍ مبحوح وهي مستكينة ضعفاً بين يديّ:
" لا يمضي سوى الزمن .."

تابعتُ بهمساتي الدافئة لها أنثر الأمل:
" كلا....والألم سيمضي....كل سوء سيمضي بإذن الله.."

قالت وهي تسكب عبراتها واليأس يستحوذها:
"الدنيا مثل السم تقتلنا بالبطيء.."

شددتها اليّ أكثر كأني اريد أن اخبئها بقلبي من عذاب الدنيا وأنا المُعذّب وهمست بنغمة عاطفية جارفة:
" إن كانت الدنيا سمّ عندك...اسمحي لأكون أنا الترياق لكِ.."

هتفت بصوت مهتز هزّ اركاني:
" سأموت......سأموت معها..."

" لا تفعلي المى....لا تقوليها..."

قلتها بحدّة وحزم وأنا احتضر من اوجاعها!! ....الموت حق.. أجل...لكن مجرد عبور طيف ذكريات الأحبة الذين خطفهم الموت يخنقني ....ولا أريدها أن تكون ضمنهم لا أتخيل!!....جعل الله يومي قبل كل أحبتي ....صعب عليّ أن أتشرّب حسرتهم..!!

ارتخت شيئاً فشيئاً بين أحضاني بينما ضربات قلبها تكابر لا تهدأ...تتمرّد لترهقها زيادة....تقف ضدها لا معها!!....وكأن كل الكون اتفق ليكون عدواً لها!!.....طاقتها أُستُنزفت وجوارحها شلّت فسلّمت اوراقها للسقوط من يديّ كالماء المنساب من اناء مثقوب لكني لقفتها وحملتها بخفة على ذراعيّ احميها بصدري ودنوتُ من سريرها أضعها عليه بكل رقة ولطف.!!...لم تتحمّل ابتعادي عنها بعد شعورها بالسكينة والأمان الذي أمَدّها به جسدي فهمستْ من غير ادراك وهي تتشبث بعنقي وتجذبني لها أكثر وعيناها تحاربان للهروب الى النوم لكنها تأبى الخنوع لهما:
" حبيبي!!...ابقَ معي وضمني....لا تذهب "

لم تلبث أن نطقت جملتها حتى لبيّتُ رجاءها بطاعة بعد أن خلعتُ حذائي هامساً بحنية وكأنني كنت أنتظر هذه الدعوة!!...فكلمتها تلك داعبت قلبي وسط الألم ...وطلبها أنعش روحي ...:
" من عينيّ ...لكِ ما تشائين.."

اسندتُ ظهري لظهر السرير وسحبتها لحضني لتتوسد صدري....صدري الذي رسمتُ حدوده وطناً لها لتكون السلطانة بل الملكة التي تحكمه وتتربّع على عرش قلبه !!..مليكة قلبي أنا.....كنتُ احيطها بذراعٍ ويدي الأخرى أرفعها أداعب وجنتها بأناملي مداعبة دافئة بينما هي تضغط عليّ بتملك متابعة ترثي حالها:
" لمَ نعيش المآسي..؟!.. لمَ كل شيء في الحياة ضدي ؟!...على ما سأحبها؟!....أنا لا ارى غير الآلام....طريقي مسدود دائماً...لقد ضاق الفؤاد من الأحزان...!!"

أجبتها بهدوء وعيناي تسرح بالفراغ أمامي:
" لو غديتِ مكسورة الجناح لا تجعلي شيئاً يعيقك للتحليق في هذه الحياة...سلّمي شراعك في البحر مع تيار المياه لتصلي بأمان...لا تنقمي على حظك أو تعاندي بحماقة كي لا تغرقي في أعماق اليأس والقنوط..... املئي فؤادك بالأمل...هناك نور لا ينطفئ....نور من الله يضيء ظلمة الفؤاد...!!.."

بنبرة حزينة وعينين منطفئتين وقلبٍ مكلوم سألت:
" كيف؟!..هل من خلاص ؟!.."

" اسلكي طريق القرب الى الله سيذهب كل ما تشعرين به....بالقرآن نهتدي ...ولا يردّ القدر الا الدعاء....بالصلاة راحتنا وانشراح صدورنا...بها تنار حياتنا وتنجلي عنا الهموم.!!....كل ما دون ذلك هو ضلالة وظلام...وسنين عمرنا ستكون مجرد ركام ...الجئي الى بارئك الذي بعينه يحرسك ولا ينام.....سبحانه من أعزّنا بالإسلام "

استطردت وما زال اليأس يستولي عليها ويغزوها:
" لقد احترق كل شيء داخلي وما زال يحترق...و... وسيحترق من جديد...وسأصبح رماداً.."

تنهدتُ مشفقاً عليها محترقًا معها وهمستُ من لبّ قلبي وأنا احتضنُ وجهها بكفي وأحرّك ابهامي على خدّها بحنان:
" سأرمم ما احترق منك ..وسأخمد الذي ما زال يحترق.. ولن أسمح لاحتراقك من جديد بإذن الله ....وإن لم أفعل !!....حينها سأرمي نفسي معك في النار لنشتعل معاً...ولنتحول كلانا الى رماد لربما هذه النهاية التي ستجمعنا مع بعضنا دون بعد وخصام......كوني أكيدة....ألمى يا حبيبتي !!.."

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

ساعة من الزمن قضاها متجوّلاً في سيارته بين أزقة الحارات دون مستقر لأي عنوان.!!...تائه في أفكاره وما حدث بينهما قبل قليل...نيران تشتعل في صدره...ليس معتاداً على تعنتها واصرارها معه لهذه الدرجة ...هو يعشقها حتى النخاع ولا يريد حرمانها من أي شيء....حتى وإن رغبت بالعمل في المستقبل داخل نطاق دراستها لن يرفض بل سيشجعها ....لكنه لا يتقبّل فكرة تواجدها في محل يملكه رجل غريب كي تعمل من أجل بضعة قروش لا تسمن ولا تغني من جوع وفقط عناداً تحت مسمّى كبرياؤها وعزة نفسها !!....هل أنقص عنها يوماً شيئاً ؟ هل طلب منها يوماً شيئاً؟!...كلا...انه مستعد لنزع قلبه من اجل ان يهديها اياه...هو لم ولن يشعرها ولو للحظة بأنه يصرف عليهم...!!....من أين خرجت له بهذا الموضوع الآن وباقي شهور قليلة على زفافهم ؟؟!....لمَ لا تستوعب ان علاقتهما من الأساس لا تشبه أحد لتاتي الآن وتضع نفسها كأي عروس طبيعية تحمل هم ومسؤولية الجهاز وتوابع بيت الزوجية ؟!...ارتبط بها حاملاً عهداً ووعداً على نفسه بأن يفعل المستحيل ليكون ابناً واخاً وصهراً واباً لهذه العائلة الصغيرة ولن يكون مجرد رجل يسد فراغ .!!...وهو معها في المطعم تلاشى تعبه لملقاها أما الآن الارهاق نهش جسده وأصبح منهكاً أضعاف أضعافاً .....زفر لهيباً ينبئ عن النار المضرمة داخله خارجاً من براكين أفكاره وضرب بقبضته المقود بسخط متمتماً..."...لن تعملي يا عنيدة حتى لو اضطررت لتأجيل زواجي.."....أدار سيارته بحنق بعد أن استدلّ على عنوان ...لعلّ وعسى أن يريّح باله...!!
×
×
×

كتم ضحكاته الساخرة ورسم الملامح الجدية على وجهه ثم أذِن للطارق بالدخول....فدلف يرفع يده لجبينه بتحية السلام العسكري هاتفاً:
" احترامي سيدي.....السيد بلال يريد مقابلتك إن كنت متفرغاً."

نظر بتوجس للجالس مقابلاً له دون النطق بحرف !!...ليس من عادة صديقه أن يزوره لعمله دون ان يكلمه هاتفياً اولاً..!!....ثم أعاد عينيه الجادتين بهيبة ورزانة لعنصره وقال بايجاز:
" ليدخل..!!..."

ولَج بوجهه المكفهرّ من غيظه وحاجباه يكادان يلتصقان ببعضهما من كشرته وألقى السلام كإسقاط واجب ثم ارتمى بجسده على الكرسي الآخر بنزق دون ان ينتظر رد التحية ليقول له مستضيفه بسخرية وكل برود وهو على مقعده يحركه يميناً وشمالاً بتسلية :
" ما به بلبلنا أكرمنا بزيارة وهو عاصف ؟!..."

وأشار بيده للآخر مردفاً بلا مبالاة هازئاً منه ومادحاً نفسه بتصنع:
" هذا الغراب المنحوس يحترق منتظراً الرد على طلبه في تلك البلاد لذا يأتي اليّ كي يستفيد من خبراتي بما أنني متخصص بالصبر على ما يخص أمور الخطوبة والزواج وترويض العقول الصغيرة وأنت ما لك ؟!..من نتفَ لك ذيلك.."

انتبه (بلال) لكلامه ولم يعره اهتماماً بل وجّه سؤاله لصاحب الشأن بصوت جدّي:
" صحيح أحمد....لقد تخطيّت الأسبوع والنصف دون جديد ؟!...ألا أخبار لديك ؟!..ماذا حصل ؟!..ابشِر يا صديقي."

ردّ بهدوء بينما داخله ثورة من التوتر والترقب :
" في الأمس هاتفني شقيقها قصيّ...واعتذر عن تأخرهم بالرد وطلب مني الصبر يومان آخران لأن والده سيسافر لمدينة جده ليشاوره في المسألة احتراماً له فهو كبير العائلة ولا يفعلوا شيئاً دون رضاه........وها أنا عليّ الانتظار !!..."
وأضاف بنشوة وابتسامة خفيفة تزينها لمعة الحب في عينيه:
" يبدو أن الحصول على ابنة كمال زيدان ليس بالسهل !!..."

قال (بلال) ليناصره ويخفف من حدّة قلقه:
" عساه خير...كل تأخيرة فيها الخيرة بإذن الله....ثم ستكون المتعة أكبر بعد جهد وطول انتظار....اسأل الله لك هداة البال والزوجة الصالحة !!.."

أمّنَ خلفه وتبعه الغليظ مثله ثم أضاف الأخير:
" أجل وأنتَ ما بك دخلت وكأن الشياطين تتراقص أمامك ؟!.."

تنهّد بعمق وأرخى ظهره للخلف وأجابه محركاً رأسه برفض :
" تشاجرتُ مع خطيبتي !!..."

" لااا....مؤكد أصبتما في العين !!.ماذا جرى ؟!..."

واستطرد واثقاً بشموخ وتعجرف مصطنع:
" طبعاً لستُ أنا من حسدك......قبل أن تتهمني!."

أجابه ناظراً للأرض بانزعاج:
" أنت تعلم أن الشخصية الهادئة عادةً اذا غضبت مرة تغضب بقسوة والشخصية المطيعة إن عاندت تعاند بحماقة واصرار ومن حظي أن خطيبتي المطيعة جاءتها حالة العناد النادرة اليوم وتصمم على العمل من أجل جهاز البيت !!....وطبعا أنا لا اريد ..."

كان (أحمد ) ناصتاً لهما دون تدخّل فهو ما زال يفتقد الخبرة بهذه الأمور وسينتظر حتى يعيش اللحظة أما سيادة (العقيد) لم يرق له هذا الكلام وخصوصاً أن تلك مربوطة بزوجته وتأثيرهما كبير على بعضهما لذا قال في الحال:
" ايّاك أن تقبل حتى لو ضربت رأسها بصخرة....ها أنت مثل الباب وواجبك تلبية حاجياتها ...اعاننا الله على عقولهن الصغيرة !!.....أساساً ما هو العمل الذي ستعمله وهي ما زالت تدرس ؟!.."

أجاب بغيظ وازدراء :
" محل لبيع الهدايا .!!...زوجتك من ارشدتها عليه لأن صاحبه سألها إن كانت ترغب بالعمل عنده وهي رفضت لأنها حامل!!.."

كان يصغي له بكل هدوء وببرود ولما أنهى جملته اتسعت عيناه بصدمة وقال باستنكار وامتعاض طارقاً بكفه سطح مكتبه :
" يا سلاام....هل يريد أن تعمل لديه ضفدعتي أنا؟!...أنا ؟َ ...أنا سامي أسمح لزوجتي العمل عند الغرباء ؟!...."

وأردف بتمقّط واستهجان من بين اسنانه بعد أن تأججت شرارة غيرته:
" لا والله كثّر الله خيرها .. ماذا ؟!..رفضت لأنها حامل.!!....جميل....حقاً جميل يا ابنة الشامي....سأكون ممتناً لابني اذاً....ما اسم المحل ؟!.."

" (روميو وجولييت ) الواقع بين الحارتين.."

سأل مشدوهاً :
" تقصد المحل الذي يصبح لونه أحمراً بأحمر بذاك اليوم من شهر شباط ويؤدي لأزمة مرور خانقة بسبب توافد المراهقين والحمقى والحمقاوات عليه لشراء هدايا حبهم الكاذب المزعوم؟!.. "

ردّ باقتضاب:
" تماماً...هو!."

تطلّع الى ساعته الفاخرة التي تحيط معصمه وهتف ببرود:
" اوه لقد انتهى دوامي منذ ربع ساعة ...سأبدّل ملابسي وأنت اسبقني لسيارتك لنذهب بزيارة سلميّة ونجعله يغيّر اسم محله لـ ( هتلر) طوعاً ..لا كرهاً أكيد......قال (روميو وجولييت) قال!!..."
تنهّد مستطرداً بخباثة:
" نحن قادمون سيد روميو لنغرقك بالأحمر!!.."
قال (أحمد) بهدوء وعقلانية بعد قرار صديقه الذي لم يستسغه:
" أأنت جاد سامي ؟!...ليس من حقك هذا ...هو طلب عاملة والقرار لكما تسمحا لهما بالعمل أم لا وبدلاً من أن تهددا ما لا ذنب له امنعا خاصتكما....لأن هذه بلطجة !!.."
وأكمل ضاحكاً بسخرية:
" أم انكما لا تقويا عليهما وستخرجان غلّكما بالمسكين؟؟!...لم أعهدكما خِرافاً أصدقائي!.."

" من يتكلم ؟!....سلاماً على القهوة سلاماً....بأي نكهة كانت حينها أخبرني يا شيخ أحمد ؟!...."
وتابع متحدياً باستهزاء:
" سنراك قريباً ان شاء الله مع ابنة زيدان وهي تجرّك بالميدان لتضمك مع باقي الخراف....لا تتبجّح بكلام أكبر منك يا أحمق!.."
وأردف متفاخراً:
" سأبقى الأسد بينكم جميعاً...لا يوجد عندي امرأة تتحكّم بي.."

قطع وصلة العظمة خاصته رنين هاتفه فرأى أنه اتصال من زوجته!!...لقد وقع في الفخ !!....لم ينتهِ بعد من تبجحه وإن رد على الفور سيسخران منه لذا قرر أن ينتظر قليلاً حفاظاً على هيبته بينما عيناه تنجذبان لا ارادياً لاسمها...انتهى الرنين ثم عاد من جديد فقرر الردّ ..تنحنح مستأذناً:
" تعلمان....أخشى أن يكون شيئاً مهماً..!."

اومآ بابتسامة..!!

قال بعد رد التحية ومعاتبتها له:
" اتصال واحد فقط لم أرد عليه يا حبيبتي لأني منشغل قليلاً.."
"..."
كرر باستعطاف وهدوء:
" واحد فقط والمرة الثانية أجبتُ في الحال دُنيتي!!.."
"..."
" أجل ما زلتُ في المركز !!."
"..."
" زارني صديقاي لذا تأخرت..!"
"..."
" لديّ مشوار صغير فقط وسآتي بعدها إن شاء الله.."
"..."
" كلا ...لن اتأخر على العشاء بإذن الله..."
"..."
" دنياا...قلت لن اتأخر حبيبتي!.."
"..."
" حسناً سأكلمك لاحقاً أو ابعثي ما تريدين برسالة نصية!...سلام حُبي.."

رفع رأسه فوجد زوجين من العيون يحدّجانه فقال وهو يتنقل بنظراته بينهما:
" ما بكما تنظران اليّ ببلاهة..؟!...أهناك شيء على وجهي ؟!.."

فقال (أحمد) وهو يسند ظهره للخلف ويضع ساقاً فوق الآخر بأريحية:
" سلامتك..... أردنا فقط أن نستفيد ولو القليل من دروسك يا ...أسدنا!!.."

وأضاف (بلال):
" نصيحة لوجه الله ...لا تخرج فترة عيد الأضحى.."
وغمز مستأنفاً بضحك:
" فهمك كفاية!!."

وما إن انتهى من كلامه حتى ألقى على أحدهما محفظته والآخر لوحة مكتبه الأسمية شاتماً بحنق:
" اغربا عن وجهي ايها المغفّلان..!!....أسد رغماً عنكما "
×
×
×
افترق (أحمد) عنهما وتوجّها معاً الى هدفهما ولما وصلا دلفا المحل يدّعيان أنهما من الزبائن...كان (سامي) يمرر عينيه على كل شيء متأهباً وبنظرات ثاقبة لا تليق الّا برجل شرطة!!...المحل كبير ومبهِر وحتى للحظة شدّتهما البضاعة الراقية فيه!!....ربما يعودان في ظروف أخرى ويشتريان للدجاجة والضفدعة من هنا لكن الآن ليس وقته !!...وقع نظرهما على زاوية توضع بها طاولة المحاسبة ومن خلفها فتاة غير محجّبة ترتدي ملابساً ضيّقة !!...وبينما هما يتجوّلان بين الرفوف لفتَ انتباههما وجود فتاة أخرى محجبة بملابس عصرية ضيقة...تبدو زبونة !!...و..جميلة.!!...وتزامناً مع اقترابها للمحاسبة خرج رجل أربعينيّ من غرفة داخلية كان متوسط الطول دون لحية وشعره أسود كثّ...يظهر أنها صبغة !! ..واستقرّ بجوار فتاة المحاسبة يمثّل التفتيش بأوراق أخرجها من الدرج!!......حسناً هما لم يأتيا لمصاهرته ...ولا يريدان نقد شكله !!...اكتفيا بالمراقبة بخباثة وهما يحملان اغراضاً يتفحصانها بعبث وعشوائية دون تركيز!!....ذو النظرات الثاقبة أي سيادة (العقيد) وظيفته قراءة الأعين ولغة الجسد....لمح عينيّ الرجل تمسح بصفاقة جسد الزبونة...بدأ الدم يغلي في عروقه !!...كزّ على أسنانه هامساً للذي بجانبه:
" أرأيت كيف ينظر اليها ذاك الدنيء؟!.."

أمسك (بلال) بذراعه مجيباً:
" رأيت يا صديقي رأيت!!...اصبر لنرى ماذا بعد .."

اقتربا أكثر كي يتمكّنا من سماع الحديث....ليس بنية استراق السمع إنما ليعرفا نواياه أكثر فأكثر..!!....سألت الزبونة بنعومة عن سعر سماعات أذن لا سلكية من الإصدارات الأخيرة فردّت الفتاة:
" هذه الحديثة أي آخر انتاج....سعرها ثلاثمئة !!.."

" يا الهي سعرها غالي...ألا يمكنك تخفيضه قليلاً !!.."

" آسفة يا آنسة....لا تخفيضات على الجديد !!."

لوت فمها بانهزام وفشل ووضعتها على الطاولة بيأس هامسة:
" حسناً ...لا نصيب!....سعرها مرتفع جداً!."

وقبل أن تستدير تبسّم الرجل هاتفاً بصوت رخيم ابتدعه:
" عفواً آنستي...لا يمكنك الخروج من عندنا وأنتِ غير راضية!...ضعي السعر الذي ترغبين به !.."

ضحكت وقالت مازحة:
" إذاً سآخذها بلا شيء..!!.."

ضحك برياء قائلاً بمزاح:
" مقدمة لكِ آنستي....لا يغلى على زبائنا الطيبين شيء!!.."

تبسّمت قائلة:
" شكراً...أنا امزح بالطبع.."

وأخرجت من محفظتها ورقة من فئة المئتين وأردفت:
" هل تكفي هذه ؟!.."

أخذها بلباقة ورقيّ تصنّعه ومجيباً بهدوء مع ابتسامة خبيثة:
" تكفي يا آنسة...المهم أن ترضي عن محلنا!...ومؤكد لا نرغب بخسارة زبونة محترمة مثلك "

بعد خروج الزبونة اتفق (سامي) مع (بلال) أن يأخذ نفس النوعية من السماعات ويذهب للمحاسبة واستمر هو بالمراقبة وعند سؤاله عن سعرها أجابت الفتاة بنفس إجابتها للزبونة وعند محاولة صديقنا المفاوضة على السعر قال الرجل كلمته الأخيرة بتباهٍ وغرور بينما كان يتخطّاهما عائداً أدراجه لغرفته:
" عفواً يا سيد...هذا سعر نهائي لا يمكننا التلاعب به ...تستطيع أن تذهب لأي مكان آخر ولن تجد أرخص منه !!.."

أنهى (بلال) مسرحيته مدّعي القبول والاقتناع ثم أعاد ما بيده لمكانه وعاد للآخر بعد أن اختفى ذاك الرجل عن الأنظار ليأتي دور (العقيد) الذي توجّه للغرفة مستشيطاً غضباً بسبب تلاعب البغيض بالسعر حسب أهوائه وصِنف زبائنه إذ أنه استنتج بعقله أن للنساء معاملة خاصة هدفها المعاكسة والتحرش والوقاحة وفتح الباب من غير استئذان وتبعه صديقنا وما إن تعمّقا الى داخلها أكثر حتى هالهما ما رأيا أمامهما .!!....
كانت غرفة صغيرة فيها مكتب من الخشب الفاخر خلفة كرسي جلديّ وثير يتناسق مع التصميم وعلى المكتب حاسوب نقال وزاوية على يسارهما تحتّلها جلسة من الجلد الأسود الأصلي الثمين ويعلّق على احد الحيطان شاشة كبيرة مقسّمة لمربعات عديدة تظهر اركان المحل من آلات المراقبة الخاصة ....ولكن ليس هذا ما صدمهما !!...إنما وقفا بذهول أمام شاشة أخرى مقابلة للجلسة كالسينما تُقسم لنصفين أحدهما لآلة مراقبة تسلّط فقط بكل وضوح مقصود وحقارة على مفاتن العاملة لديه من الخلف والأخرى من الأمام على منطقة الصدر ليستمتع على راحته بالنظر لأجساد العاملات لديه والذي يختارهن بدقة وفق جمالهن ذلك المريض !!....الى هنا طفح الكيل والذي زاد اشتعاله اشتعالاً وهو يتخيّل أن زوجته وصلت الى هنا ببراءة لتشتري وكان هذا يتفحّصها بوقاحة وسفاهة بل يعرض عليها العمل لديه.!!...برزت عروقه وتهدّجت أنفاسه وبخفة توجّه للذي كان مكانه يصرخ معترضاً على اقتحامهما خصوصيته واجتثّه بغل عن كرسيه ثم لكمه عدة لكمات وهو يستجوبه عمّا رآه ولولا تدخّل (بلال) لفضّ النزاع لاستمرّ حتى ورّم له وجهه اكثر وافقده أسنانه وكسر أنفه ومعه أطرافه !!..كان ذاك البغيض يستغيث وهو يلهث بعد أن حرره ليسقط أرضاً وشرع بالمناداة بوهن على الفتاة للاتصال بالشرطة ظناً أن هذان قاطعا طريق او رجال عصابات فقتل له (سامي) آماله ونداء الاستغاثة بعد أن أخرج بطاقته الخاصة بتعريفه كشرطيّ برتبة عقيد وألصقها في وجهه ثم تبعها بهاتفه الخاص بالعمل للاتصال بالمركز لإرسال دورية تقبض على المتهم من أجل مباشرة التحقيق معه فيكفي هنا شهادة رجل شرطة نزيه!!... وخلال انتظارهم طلب (سامي) من (بلال) الدخول الى نظام الآت المراقبة في الحاسوب لفحص باقي التسجيلات المرئية والتأكد من افعاله المشينة لأخذها ايضاً كأدلة موثوقة !!....جريمة التحرّش شائعة وليس بالضرورة أن تكون فقط ايذاء جسدي فهي ممكن أن تكون اشارات وايحاءات مشبوهة أو تلفّظاً جريئاً ودنيئاً وتلميحات حد الابتذال أو أفعالاً اتجاه شخصاً آخراً والتي تمسّه بشكل خاص وتخدش حيائه والعقاب قانونيا يختلف بدرجاتها ..!!....وعلى النساء أخذ الحيطة والحذر وأن لا يأمنَّ لأيٍّ كان والأهم أن لا يصمتن إن اشتبهن بمثل اولئك المرضى حفاظاً على أنفسهن وبنات أمّتهن...فالتغاضي عن مثل هذه الأمور يوصلنا لنتائج وخيمة جميعنا بغنى عنها..!!
×
×
×
بعد أن اطمأنا على استلام رجال الشرطة للمتهم وحتى الفتاة لاستجوابها وقاموا بإغلاق المحل عاد الصديقان للسيارة وفي طريقهما قال (سامي) بهدوء:
" تذهب وتأخذ دجاجتك لترى بعينيها أن المحل أغلق والأهم هو أن تقصّ لها ما حدث بالضبط لتستوعب أين كانت ستقع ولتفهم أن خوفك عليها دائماً هو لمصلحتها وليس مجرد سيطرة ذكورية كما تعتقد اولئك المخلوقات !!.."

تبسّم (بلال) بانتصار وهتف:
" أكيد....هذا ما سأفعله بإذن الله !!.."

عبس مجددا مرتاباً :
" وماذا إن خرجت لي بمكان آخر؟!..لأنها كانت جادة جدا ومصممة ؟!.."

تنهّد وأرخى جسده لظهر الكرسي بعد أن أمالها قليلاً للخلف وأجاب بمكر وهو شارد بالطريق:
" أنا أعرِف...النساء مثل طائر نقار الخشب ينقرن بالرأس حتى يحصلن على ما يردن .."

استدار نحوه وارتسمت ابتسامة ثعلبية على مبسمه متابعاً بكلامه:
" لذا عليك يا صديقي أن تجلب الكرة الى ملعبك ولتضع اللعبة وفق قوانينك أنت لأنها لا تحلّ عنك بطلبها ولن تقف عن الزنّ بأذنك!!.."

رمقه بنظرة عابرة قبل أن يعيد عينيه الخضراء الى الأمام وسأل بفضول:
" كيف هذا؟!..ماذا تقصد؟!."

وضع ذراعيه تحت رأسه وزفر بتمهّل وأجاب ضاحكاً:
" عيّنها مساعدة خاصة لك في الشركة !!.."

قطب حاجبيه برفض وهتف مستنكراً:
" هل أنت جاد ؟!...لا تعلم شيئاً عن سيرورة العمل!!...ماذا تهذي يا صاحبي؟!."

" وهل أنت ستنتظر لتعلم شيئاً؟! ما لكَ وعلمها؟!.ليس هذا الهدف!....اولاً هكذا تكون تحت نظرك...دلل نفسك يا أحمق !!...لن تعمل عند غريب وثانياً وهو الأهم لا تعطها المجال لتتنفس !!...اي ارهقها بطلبياتك وخاصة المراجعات البيتية كي لا تجد وقتاً للدراسة او حتى الترفيه وهكذا ستسأم وحدها من اول اسبوع وستندم على اللحظة التي فكرت فيها بالعمل !!....هل تعتقد المدللات أن العمل يأتي بسهولة وبساطة مثلما يشاهدن البطلات في مسلسلاتهن اثناء قيامهن بعملهن وهن آخر شياكة ودلال وراحة ؟!....اجعلها تعيش الواقع المتعب والحقيقة المرة!!....وعليك أن تكون جاداً وصارماً يا بلبل في العمل يعني أرجو الّا تخدعك دجاجتك وتوقعك أسير قفصها ...احذّرك ....لا تقل سامي لم يقل لي!!.."

تهلل وجهه بابتسامة رضا ماكرة بعد أن راقت له الخطة وقرر تنفيذها بعد عودته الى البيت كي يقطع عليها الطريق....والأهم من ذلك انشرح صدره لأنه سيصلح الوضع بينهما فهو لا يقوى على زعلها والابتعاد عنها !!...لا ينام قبل أن يأخذ جرعات من صوتها الرقيق وهي تغرقه بهمساتها الحنونة على الهاتف وطبعاً إن كان متواجداً عندها يسرق قبلة من ثغرها الذي بات يدمنه منذ أن أذاقته اياه بنفسها ورضاها حين اضطرت لإسكاته هروباً من توبيخه لها في الماضي....!!

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~



يتبع...


ألحان الربيع متواجد حالياً  
التوقيع
((---لاجـــــــــ في سمائها ـــــــــئ---))

https://www.rewity.com/forum/t484164.html


اللهم كلّما ابتعدنا عنك ردنا إليك رداً جميلاً
رد مع اقتباس
قديم 25-06-22, 04:39 AM   #540

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي


الهدوء والطمأنينة اللذان أحلّا علينا ونحن نحتضن بعضنا أرسلانا الى عالم آخر بعيداً عن الفواجع التي عشناها ...فبعد نعتي لها بحبيبتي ورغم انتفاخ جفونها اثر ما مرّت به من بكاء وآلام رفعت رأسها دون كلام ورمتني بنظرة وابتسامة كفيلتان بإيقاعي شهيداً في سبيل عينيها وغريقاً في رحيق شفتيها فما كان مني الّا ان اشكرها بقبلة سريعة كالبرق... دافئة كشمس الصباح... ناعمة كالماء... قبلة بصمتها على باب مقبرتي وكأني اخبرها بها....انتظري قريبا احتضان جثتي لأني سأموت عشقاً معك وحدك أنتِ....وحدك يا روحي وجنتي ...!!
×
×
×
لم أعِ عن حالي الّا وأنا استيقظ من نومي قبل أذان العشاء بساعة فوثبتُ من مكاني عن فراشها الخالي منها وتنقلتُ بعينيّ باحثاً عنها ليثبت بصري في النهاية على طقم المخمل في الزاوية الخاصة للتلفاز في غرفتها حيث وجدتها تجلس هناك و.....قرآن ؟!!....قرآن بين يديها تقرأ منه بصمت !!!....كيف هذا؟!..ماذا تفعل المجنونة ؟!...أليس من المفروض أنها ما زالت في فترة الحيض؟!!...يا الهي !!...ألا تعلم أنه لا يمكنها مس المصحف الشريف دون طهارة؟!...نهضتُ بطلاقة متجهاً نحوها فرفعت سماءيها في اللحظة التي وصلتها وسحبته منها بأدب وسط اندهاشها وقلت معاتباً برفق:
" ألمى كيف تحملين القرآن وأنتِ لديك عذر ؟!..."
وسمّيتُ تالياً بتجويد:
"..{{ إِنَّه لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ . فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ . لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُون}}.."


ردّت باستغراب مختلط بحياء وهي تمدّ يدها:
" أعلم أنه لا يمكنني مسّه اثناء الدورة...لكني انتهيتُ منها اليوم واستحممت!!....هاته!!."

غضنت جبيني بتساؤل وقلت:
" استحممتِ؟!.."

وأضفتُ مشيراً ليديها:
" هل اكتفيتِ باستحمام عادي ودون ازالة طلاء الأظافر ؟!.."

تطلّعتْ ببلاهة لأنامل يديها ثم مدّت قدميها تنظر لأناملها الأخرى المطلية بالوردي وأعادت سماءيها لأرضي هامسة بقلة ادراك:
" ما دخل طلاء الأظافر ؟!...وماذا تقصد باستحمام عادي !!؟.."

تبسّمتُ بحنوٍ وهززتُ رأسي نافياً لجهلها بأبسط أمور الدين....تنهدتُ ثم وضعتُ المصحف على الطاولة ودنوتُ منها أجلس جوارها بهدوء ....استدرتُ اليها وأمسكت يديها الرقيقتين برفق وهمست بودّ:
" ألا تعلمين شروط الاغتسال ؟!.."

اومأت برأسها اشارة (لا) فأكملتُ:
" الغسل واجب للمرأة بعد انتهائها من فترة الحيض او النفاس ومن شروطه أن يعمّ الماء الطاهر كافة البدن دون وجود حائل.."
واستطردت:
" طبعاً يوجد ايضا الغسل من الجنابة !!.."

قالت:
" ماذا يُقصد به ؟!.."

غمزتها وأجبت مبتسماً ابتسامة خطيرة بتسلية:
" ذاك سأشرحه لكِ لاحقاً.....انسي الآن"

ثم رفعتُ احدى يديها وحسستُ على اظفرها باسماً ببراءة وأضفت بينما هي مصغية لي كالطفلة المطيعة:
" مثلاً طلاء الأظافر يعتبر حائلاً لأنه يعيق وصول الماء الى الظفر وبهذا لم يتحقق شروط الاغتسال مهما أغرقت نفسها المرأة في الماء وحينها لن تكون طاهرة لا للصلاة ولا لقراءة القران والصوم..."

أطرقت رأسها ناظرة لأناملها التي تلعب بهم على فخذيها وهمست بخفوت:
" لم أكن أعلم هذا!...ظننتُ أن الاستحمام وحده يكفي !"

آه سيدة (فاتن) شافاكِ الله....كيف غفلتِ عن نقاط مهمة مثل هذه ؟!...أم أن همومك كانت أكبر ؟!....لن أظلمك فالله وحده يعلم ما كنتِ تعانين في بيت العنكبوت !!....ويبدو أن واجبي الآن ارشادها لأسس ديننا من الصفر.....لربما اصطفاني الله من أجل هذه المهمة !!....
يا رب اجعل كل حرف سأعلّمها اياه صدقة جارية عني وعن والديّ...

قلت بحُب:
" عليك الآن اعادة الاغتسال بالطريقة الصحيحة....سأكتب لكِ على ورقة كيفية الغسل...ضعيها في الحمام حتى تحفظينها !!.."

ثم فززتُ من مكاني متجهاً الى طاولة الزينة وقبل أن اوصلها التفتّ اليها وحرّكتُ سبابتي بمزاح وهتفت:
" لكن علينا اولاً ازالة الطلاء عن أناملك يا صغيرة .."

ظلّت مكانها ترمقني بنظرات كأنها تحاول سبر أغواري !!...وصلتُ غايتي ...فتّشتُ درجها وأخرجت مزيل الطلاء مع قطع من القطن ولمّا عدتُ اليها وقفتُ مقابلاً لها ..تطّلعتُ عليها بعين قلبي ورسمتُ ابتسامة رمز حبي ثم جثوتُ أمامها ...وضعتُ من السائل المزيل على القطن وبرقة لا متناهية اسندتُ احدى كفيها على بطن كفي بعد أن سحبتها بلمسات ساحرة وما إن شرعتُ لإزالته حتى جذبت يدها لصدرها رافضة بشهقة اعتراض خجلا قائلة بعد أن أدركت الموقف الذي هي به:
" ماذا تفعل ؟!...اعطني انا سأمسحه!!.."

اهديتها ابتسامتي الحنونة مع لمعة عينيّ العاشقة وهمست بحنوٍ وصوتٍ رخيم دافئ وأنا اعيد يدها ليدي:
" كلا ألمتي...أنا من سيزيله....سأزيله لأطهّرك....وسأساعدك لتزيلي ذنوبك وذنوبي معك بإذن الله....ومثله سأزيل الآمك رويداً رويداً لنزرع مكانها وروداً تُزهر في حديقة سعادتنا.....سعادتنا أنا وأنتِ!......فقط اسمحي لي ولا تعاندي..."

رمشت خاضعة مستسلمة...ولمّا انتهيتُ من يديها ...رفعتُ احداها وقرّبتها لشفتيّ أقبلها بتحنن ولين بينما عيناي تحكي لعينيها قصة خيانة قلبي من اجلها فارتعشَ جسدها ضائعاً بين النظرات واللمسات ليتبع الرعشة رجفات وقشعريرة هزّت بدنها عندما انحنيتُ قليلاً وأمسكتُ قدمها الحليبيّ الناعم ووضعته على فخذي لأتابع مهمتي بمسح الطلاء فكمشت اناملها لشعورها بالدغدغة وفشلت بسحب ساقها وغمغمت هاتفة محتجة وهي تكاد تنصهر خجلاً:
" كلا يامن.....أنا سأكمل رجاءً....حقاً هذا غير لائق بحقك"

" ششش....استرخي فقط ...لا اريد شكاوي....أنا أفعل لزوجتي ليس لغريبة ألمى.."

اتكأت للخلف صاغرة ثم سرعان ما شدّت رجلها مرةً أخرى بعد أن داعبتُ قاع قدمها برؤوس أناملي لأثيرها وهتفت متغنجة:
" يامـــن!!....يا الله.... لا تفعلها مجدداً..."

حتى قدمها شهية مثل كل شيء يخصها ...بدت لي مثل قرص الجبن !!....من يراها لا يظن انها تسير بها على الأرض...كل النعومة موضوعة فيها !!....آآه فقط لو الظرف مناسب يا حبيبتي....لأريتُكِ ماذا سأفعل بكِ بعد عذابي وصيامي عنك شهور وسنين !!....كم كنتُ أحمقاً وأنا أهدد وأندد... أتوعد وأتبجّح ...أحمق...تباً لحماقتي التي كانت ستضيعك من يدي..!!...حتى لو تخلّيتِ عني يوماً سأعيش من بعدك ساعة على ذكرى طعم الشهد من شفتيكِ ...ذكرى ليلتنا القريبة التي سأذوب بها بين يديكِ!!...وبعدها سأسلّم روحي لترقد في سكون ما بعده سكون...!!
فأنتِ من ربحتِ الحرب على قلبي يا حمامة السلام....أنتِ من أطلقتِ الورد لعقلي من بندقية الانتقام...!!

تمّت مهمتي ضد الطلاء بكل حب ومهارة ....تنهّدتُ واغلقت علبة المزيل وبينما كنتُ منشغلاً بلملمة الفوضى التي احدثتها همستْ بعذب صوتها:
" يـ...يامن!"

همهمتُ مجيباً رافعاً نظري اليها:
" ها؟!."

عضّت باطن شفتها باستحياء وقالت:
" شكراً .....يا حنون.."

بابتسامة حانية ورمشة عينين خفيفة اومأت راضياً من كلمتها ثم قُلت:
" آن الأوان لأنفذ كلمتي التي اعطيتك اياها في احد الأيام.."

تطلّعت بفضول تضيّق مقلتيها فأردفتُ:
"اغتسلي واستعدّي لأعلمك الصلاة.....قلت لك منذ مدة اثناء جولتنا مع الأصدقاء أني سأعلّمك اياها لاحقاً.....وقد تأخرنا كثيراً.....المهم...لن يفيدنا الندب الآن!...فأن تصل متأخراً خير من ان لا تصل ابداً..."

تهللت أساريرها وبرقت عيناها بسعادة شقت طريقها من بين أوجاعها لترسم شعاعاً يضيء بالأمل كتربيتة أم على قلبها...!!
وهمست بطاعة:
" حاضر...من عينيّ....سأستعدّ حالاً.."
×
×
×
عدتُ اليها بعد أن توجهتُ الى غرفتي للوضوء وصلاة المغرب وكنتُ قد كتبت لها عن كيفية الغسل ....كانت ترتدي منامة دافئة بلون فيروزي تنافس السماء في عينيها..!!....هل أصبحت أكثر بهاءً أم أنني أراها كذلك بعد أن زيّنتها الطهارة ؟!....اقتربتُ منها وهمست راسماً ابتسامة تعبّر عن انشراح صدري بها :
" نعيماً.."

أسدلت أهدابها تهرب من نظراتي التي تكاد تلتهمها وردّت بينما كانت تعبث بياقة منامتها كالطفلة وتستدير مكانها يمنة ويسرة بنصف استدارة :
" أنعَمَ الله علينا وعليك.."

" هل لديكِ شيئاً ترتدينه للصلاة ؟!.."

حرّكت رأسها نافية محرجة وتمتمت:
" كلا..لا يوجد عندي.."

وضعتُ كفي على جبيني شارداً أفكّر بحل وقلت:
" سأرى إن تركت خالتي خلفها أسدال صلاة !!"

ووليّتها ظهري مدبراً لغرفة أهلي المتواجدة في نفس الطابق ولما دخلتها كانت قد لحقت بي....لم أجد أسدال على المشجب فقلت:
" سأرى إن كان هناك شيء في الخزانة."

كانت فارغة تقريباً الّا من بضع قطع لن تفيدنا!!....
" ممم...يبدو أنني حصلتُ على شيء أخيراً.."

أخرجتها وهتفت وأنا افردها لأتفحّصها:
" هذه عباءة بيتية قديمة.."

نظرتُ لـ(ألمى) ثم اعدت نظري لما بين يديّ قائلاً:
" حسناً ستكون واسعة عليك لكنها تفي بالغرض حاليا ريثما نشتري اسدال صلاة لك.."
مدّت يدها مبتسمة توافقني وارتدتها أمامي...كانت واسعة كثيراً...ضحكتُ فتمتمتْ عابسة:
" لا تضحك سيد يامن!!.."

وضعتُ يداً على فمي اكبتُ ضحكتي وأخرى رفعتها أمامها هاتفاً:
" حسناً حسناً....آسف لن اضحك.."

فتّشتُ عن حجاب او أي غطاء للرأس ولمّا لم أجد سألتها:
" ألديكِ وشاح يمكنك لفّه كحجاب؟!.."

رفعت حاجبيها اجابة بكلا وردّت:
" لا استعمل الأوشحة الرقيقة...لديّ فقط من الصوف والريش ..صعب استخدامهما للشعر!!.."

فكرت وفكرت حتى اهتديت لحل خطَر في بالي....لا حل سواه...لن يؤثر!!....طلبت بودّ:
" اذهبي لغرفتك سآتي في الحال .."

ثم تركتها صاعداً السلالم بخطى واسعة قاصداً غرفتي لأتناول ما جاء ببالي...غادرتها نازلاً ودلفتُ الى غرفتها ...وجدتها تنتظر واقفة بشرود ولمّا مددتُ ما بيدي غضنت جبينها وهي تمسك به وقالت :
" ما هذا ؟!...يشبه الوشاح الخاص بالثوار...كنتُ قد رأيتُ جدي يرتدي مثله في صوره عندما كانت ...خـ...خالتي.."

وأكملت بصوت خفيض متحشرج:
" كانت تخرج الألبوم... لتروي لي عن بطولاته.."

نجحت بإمساك نفسها عن بكاء قاهر كان سيخرج منها لكنها لم تستطع منع بضع قطرات انسابت على وجنتيها!!...اقتربت منها أكثر ومسحتُ بلطف بابهاميّ الدموع ثم أخذته مجدداً منها ووضعته على كتفي قائلاً بينما كنتُ استدير خلفها لأربط شعرها على شكل كعكة:
" أجل يشبه وشاح الثوار...اشتريته من اجل رحلات الصيد في الشتاء...لألثم وجهي من صفعات البرد.."

واكملتُ في سري.." وصفعات الغدر والخيانة.." ...
وبعد ان نجحتُ بلف شعرها الغزيز الناعم أدرتها ازائي وبهدوء أسدلتُ الوشاح على رأسها لأحجب شعرها...وأنفاسي ترتطم بجبهتها بينما هي صاغرة ترفع عينيها تتأمل تقاسيم وجهي ولمّا ثبّتّه عليها...أمسكتُ احد طرفيه بعفوية ولثّمتها فسطعت سماءها الزرقاء الصافية من وسط ثلوج وجهها المحاط بليل وشاحي الحالك...لتصعقني مجدداً بسحرها وتأسرني في فتنتها....تباً...أنا أدمنتها!!..بل إني احترق شوقاً....تمهّل يا قلبي واصبر قليلاً....قسماً ما عدتُ استطيع حرمانك ولا حرماني قربها....فقط ايام قليلة أداوي بها جرحها ثم سنغرق في بحري وبحرها لنطفئ لهيب النار المشتعلة من حبنا....صبرٌ جميل والله المستعان...!!....أملتُ ظهري قليلاً وقبّلت لها عينيها كتصبيرة أسدّ بها جوعي إلى حين موعد أكلها والتهامها ....أجل التهامها !!....كلها على بعضها...!!.
×
×
×
باشرتُ بتعليمها الصلاة ولا داعي أن اقول أن تلميذتي ذكية استيعابها سريع فانا من اول يوم عرفتها اكتشفتُ نباهتها ...والإرادة فعلت المستحيل...فهي حقاً كانت تريد...ألمتي لأول مرة ترغب بالصلاة عن قناعة وكان السبب مرض خالتها....ألم يجعل الله لكل شيءٍ سببا ؟!.... وبالطبع كل شيء سار على ما يرام لأننا أخذنا دروسنا متباعدين.. ...فهكذا لم تَضِع هائمة في عطري كدروسها الجامعية!!...
صلّت العشاء من خلفي وبعدها طلبتُ منها ارتداء ملابس الخروج لنتعشّى في المطعم..!!

~~~~~~~~~~~~~~~~~~

مع اشراقة يومنا التالي لم تذهب للجامعة بل زارت بيت العنكبوت لتعطيهم الخبر الأليم قبل توجه والدها لشركته وقد ظنّت أنها ستجد التعاطف والشفقة على خالتها على الأقل منه !!...مؤكد لم تنتظر دمعة سخية من الأفعى!!... لكن ظنونها خابت بعد أن أنهت حديثها وهم يجتمعون على مائدة الفطور عندما نفض يديه ناهضاً من مكانه عاقد الحاجبين ناظراً لساعته سائلاً باستياء:
" هل أصبح زوجك أقرب لها منا كي يكون أول من يعلم عن مرضها ؟!.."

ردّت بحزن:
" لأن هدفها كان أنا...اخبرته ليعلمني بطريقته ...قلت لك وضعها صعب وخشيت من ردة فعلي!...أنت تعلم ماذا تعني لي وماذا أعني لها !!...اختارت زوجي لتوصيه عليّ ابي."

غمغم غير مهتم بحالتها إنما غروره المسيطر:
" حسناً حصل ما حصل..!!....لكن تصرفها لم يعجبني ليكن بعلمك وعلمها.!!...سنين تعيش تحت سقفي وتأكل من خبزي وفي النهاية تنكر الجميل وتعاملنا كالأغراب !!...على كلٍّ...لا يوجد شيء بوسعي افعله غير تمنياتي لها بالشفاء.....من أجلك أميرتي لوما....فقط من أجلك لأنه لا يوجد كائنٍ من كان على هذه الأرض يهمني غيرك يا صغيرتي!!.."

أنهى كلامه القاسي دون مراعاة لعشرة عمر قضاها مع شقيقة زوجته الأولى ولا مراعاة لمشاعر زوجته الحالية التي كانت تستمع لاعترافه الصريح الدنيء الذي يؤكد به أنها لا تعني له شيئاً سوى صفقة خاسرة ...صفقة خاسرة خسر هو بها منصباً لطالما انتظره ومالاً كرشوة دفعه وهي بالذات خسرت كرامتها وانوثتها ....خسرت كيانها وحياتها....لِكم تفنن بإذلالها ؟!...وآخرها اكتشافها خيانته لها والتي لم تجرؤ على مواجهته بها!...فهي تعلم علم اليقين أن مصيرها سيكون....مشرّدة متسوّلة في الشارع ابتغاء لقمة تسد رمقها!!....إذاً لتصمت مهما تُهان ...من أجل ابنها !!...لأنها بالنهاية هي أم حتى لو كانت أفعى!!...

بعد أن أتمّ كلماته لابنته وجّه أوامره لزوجته قائلاً بتأكيد وبساطة :
" بعد شهر ونصف سنعود الى البلاد للاستقرار هناك !!....بدأتُ ارتب اوراقي ....ليكُن الجميع على علم !!..."

شهقت ابنته مصدومة من قراره وقالت باستعطاف :
" أبــي!!....وأنا؟!....كيف ستبتعد عني ؟!...لمَ هذا القرار؟."

ردّ بصوته الخشن:
" أميرتي أنتِ الآن لديك زوج مسؤول عنك وأصبحتِ تابعة له !!.....أما أنا قررتُ ترشيح نفسي للانتخابات القادمة من أمام الكواليس وليس من خلفها كالسابق...فأنا واثق من النجاح هذه المرة ...فقد كثُرَ حلفائي وداعمي الحزب وهم من أكبر رجال الأعمال والسياسيين!!...."

وأردف بنبرة مغايرة خافته أخرجها بحنوٍ بعد أن رفع يده يربّت على كتفها:
" ثم متى اشتقتِ لي تعالي وزوريني....لن يمانع ابن الهاشمي !!...وسأحاول اقناعه لاحقاً هو ووالده ليقفا في صفي.....ربما حينها سيأتي ويستقر هو الآخر في الوطن!!....خصوصاً إن اغريته بمنصب ما في الحكومة.....لا تدري!."

بل هو لم يكن يدري أن هذه أضغاث أحلام...وأوهام بأوهام....فلينتظر كابوسه الحقيقي القادم إليه بإذن الله....!!

ومن قال أن فاقد الشيء لا يعطيه ؟!....لقد عانقته بدلال وكل حنان....الحنان الذي رغم انها تفتقده وخاصة حنانه الابوي الّا أنها لديها فائض منه ما يكفي جميع احبائها لكل العمر ثم همست برقة صوتها:
" حبيبي أبي...اشتاق لك دوماً يا أغلى رجل في الوجود..!.."

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

لم ينم ليلاً ولا نهاراً السيد (سليم الأسمر)..المهمة شبه منتهية ....والترشيح للانتخابات على الأبواب....يحرص على ادارة كل شيء بإتقان دون ترك هفوة تعيدنا عقوداً الى الوراء....جالساً على كرسيه الوثير منهمكاً لا يشعر بالراحة....كيف سيرتاح والقلق يتضاعف مع اقتراب الموعد ؟!..موعد استقبال الوغد (عاصي رضا) على أرض الوطن ولكن سيكون استقبالاً حافلاً بالأدلة الاجرامية....أجل!!...وثائق مصوّرة للاختلاسات التي قام بها من خزائن الدولة وبيعه للوطن والتجارة بالأسلحة الممنوعة دولياً من تحت الطاولة ...أصبح كله بين يديه الآن...وكذلك الشريحة التي تحمل تسجيلاً مصوراً لغدر رجل شريف بتكتيك إجرامي!! ...والملف الخاص بالمشفى !!....
لقد استطاع صديقي (سامي) مع نخبة من المحققين اثبات صحة الموجود بالملف الطبي بعد بلوغهم لملفات الأرشيف الخاص بالمشفى القديم وبعدما تمكّنوا من الوصول لمسؤول المختبر الذي اقرّ معترفاً اثر موجة اجتاحته من تأنيب الضمير.... فقد أخبرهم انه فعل هذا تحت التهديد ولم ينكر انه قبض المال من أجل التزييف ووافق على ادلاء أقواله أمام المحكمة بعد فتح القضية ليشهد أن (عاصي رضا) هو مجرم.. !!..ولكن الأمر سيظلّ سرياً حالياً وبحذر شديد حتى وقت كشف الحقائق..!!...فكان هذا الملف الذي حصلتُ عليه من خزنته دون تخطيط بمثابة كنز يحمل نسختين من المشرحة...احداها مزورة يثبت فيها أن موت (صبحي ياسين النجار) والد السيدة (فاتن) كان نتيجة سكتة قلبية تعرض لها..!!... والأخرى أصليه تقرّ وتثبت دون أدنى شك أن الموت كان نتيجة نقص الأوكسجين بسبب اختناق متعمّد بفعل فاعل!!...

~~~~~~~~~~~~~~~~~

مرّ يومان من بعد معرفتها عن مرض خالتها....واظبت بهما على أداء الصلاة بتشجيع مني!!....لكني انشغلتُ عن الاهتمام بها هي نفسها قليلاً بسبب أعمال متراكمة عليّ.!!...وفي هذين اليومين استجمعت قواها وكلّمت خالتها هاتفياً ...كنتُ اترك لها الخصوصية ولكن قلبي كان دوماً يرافقها فقد كنتُ أنتبه لها دون أن تحسّ أنها تجاهد بكل مشقّة كي لا تبكي معها وأظهرت لها دعمها وقوتها الزائفة مع أنها تعيش داخلها حروباً وثورات تكاد تزهق روحها وكانت فور اغلاقها للهاتف تنهار باكية بحرقة وتغرق بين عبراتها...كان نحيبها يمزّقها ولا يرحمني معها !!....
في عصر هذا اليوم وبينما أنا منهمكٌ في أعمالي داخل مكتبي البيتيّ جاءتني بزيارة مفاجأة بوجهٍ شاحب وعينين بدتا لي ناقمتين وكأنها تحوّلت ...حتى ظننتُ لربما حالة الانفصام التي تكتسحني بدأت تكتسحها ايضاً.!!..لقد كنا متفقين ومتحابّين ...ما بها تطالعني كأني سرقتُ منها ثروتها أو قتلتُ لها احداً ؟!...نطقت أخيراً بحدقتيها المهتزّتين بجزم:
" أريد السفر لخالتي !!.."

بكل هدوء أجبت وأنا اسلّط نظري عليها من مكاني:
" لا داعي...أنتِ تكلمينها متى شئتِ وأي وقت فأنا مشغول جداً لا يمكنني السفر!.."

بحدّة وعتوٍّ قالت:
" لم اطلب منك مرافقتي....استطيع الذهاب وحدي!.."

بنفس الهدوء همست وأنا اخفض نظري للأوراق أمامي:
" سنتكلم لاحقاً بالموضوع...اذهبي الآن لأني مشغول!!.."

بخطوتين اقتربت من مكتبي وطرقت بكفيها الطاولة وقالت حانقة دون رفع صوتها:
" سأحجز عن طريق الهاتف....اهتم انت بعملك لن اشغلك وسأدفع من بطاقة أبي!....أنا اريد رؤية خالتي....لا يمكنك منعي من الذهاب!.."

القيتُ القلم من يدي مستغفراً ثم مددتُ جسدي نحوها ممسكاً بمعصميها وقلت من بين أسناني بخفوت ولم أنتبه وأحس أني آلمتها:
" تكلّمي معي بأدب...ولا تهددي...تمام؟!...وإياك ثم إياك ان تحجزي تذكرة من ورائي ولا تتبجحي بمال والدك...عندما أموت اذهبي وخذي منه ما تشائين!!!.."

انكمشت تقاسيم وجهها وأنّت هامسة:
" أنت تؤلمني....حرام عليك!...اترك يديّ!!..."

حررتُ معصميها مستاءً من نفسي...لم أقصد ايلامها!!...لكنها استفزّتني بأسلوبها وذكرها للحقير الآن!!...وتمتمت دون النظر اليها :
" اعتذر.."

عادت للخلف خطوة بينما كانت تمسّد بكفها احد معصميها وتنتقل للآخر وهمست بأسى:
" كيف تصبح هكذا قاسياً؟!....نفسي أن أفهمك !!....أين الحنية التي تغرقني بها ؟!...."

انتصبت ترفع كتفيها بشموخ وأضافت بثقة بينما أنا مصغٍ لها:
" أتعلم ؟!...كنتُ اقول عنك منفصماً بسبب تقلّباتك...لكني غيّرت رأيي...لا يمكن لإنسان مريض مضطرب أن يحمل كل الحنان والأمان الموجود على الأرض داخل حضنه.!!...أنت حقيقتك مغايرة لما تظهره لي من قسوة أنا متأكدة أنك تخفي شيئاً خلف قسوتك!!...تهرب من حقيقة !!....ربما تحمل سراً كبيراً!!.....تحيّرني !!...عقدت صفقة مع والدي بإرادتك وارتبطت بي....لكني لا أراك متفق معه وحتى....حتى واثقة أنك لا تحبّه...الاحظ تكهربك عند ذكري له !!....ولا أعلم السبب حقاً !!....كم تمنيتُ أن اجمعكما معاً في قلبي ؟!...لكن لا محالة....تأبى شخصياتكما أنتما الاثنان أن تساعداني على ذلك !!.."

تقدّمت نحوي مجدداً وانحنت لتقترب مني أكثر وقالت:
" كن قاسياً كما شئت.....لكن قلبي يخبرني أن حقيقتك الوحيدة هي التي أجدها في حضنك...في الأمان الذي أعيشه على صدرك...الطمأنينة التي التمسها بين يديك......لذا مهما عاملتني بفظاظة وخشونة بقشرتك الزائفة هذه... لا يمكنني الّا مسامحتك!!.."

ثم ولّتني ظهرها بهدوء واختفت من أمامي بثبات ولم استطع اللحاق بها لأن كلماتها جففت دمائي وشلّت أطرافي...!!....أيا ترى حدسها جعلها تنطق بهذا أم نباهتها ؟!.....اوف....يارب انزل سترك عليّ وامدّني بالقوة من عندك !!.....لأني بتّ أخشى أن تكشفني !!.....ظهر لي أنها ليست سهلة!!..
×
×
×
في ساعات المساء على طاولة العشاء تناولنا طعامنا وصمت رهيب بيننا ...كلٌ سارح بعالمه وأفكاره فوردني اتصال كنتُ انتظره ..فتحت هاتفي مجيباً:
" أجل....ماذا جرى معك؟!.."
"..."
" حسناً...أشكرك....رجاءً ارسل لي التفاصيل برسالة نصية!."

انهيتُ المكالمة...وابتسمتُ ناظراً للتي أمامي تأكل بهدوء وببطء دون شهية وعيناها على طبقها شاردة ..فاجأتها هامساً بعطف ومحفّزاً:
" انهضي وجهّزي حقيبة السفر!.."

رفعت رأسها ترنو اليّ واتسعت عيناها بصدمة وسألت بتعجّب:
" الى المانيا؟!!...وافقت على سفري لألمانيا؟؟!.."

اتكأتُ بمرفقيّ على الطاولة شابكاً أناملي وتطلعتُ عليها مرسلاً من عينيّ اشعاعات عشقي وقلت:
" بل سأسافر معك وسنصل قبل دخولها الى عمليتها بإذن الله!!...طائرتنا في الثانية بعد منتصف الليل!!....هيا استعدّي!.."

نهضت بحماس غير آبهة للكرسي الذي وقع خلفها من قوة دفعها له وبكل عفوية وتلقائية استدارت تعانقني من ظهري مع انحناءة بجذعها لتقبّل خدّي هامسة:
" ألم اقل لك حنون؟!....شكرا...شكرا لك!."
×
×
×

في الثامنة صباحاً كنا في الفندق بألمانيا بعدما استقلينا سيارة اجرة وعند طاولة الاستقبال سألت بشفافية مستغربة بعدما علمت بحجزي لغرفتين منفصلتين مقابلتين لبعضهما :
" لمَ حجزتَ غرفتين؟!...كانت تكفي غرفة مشتركة!."

تبسّمت بوهن من قلة نومي وأجبت:
" لتأخذي راحتك....أنا سأتابع اشغالي من هنا ولا افرّق الليل عن النهار فيما يخص العمل!...لذا حجزت اثنتين لأني لا اريد ازعاجك!.."

اومأت على مضض وقد لاحظت الانزعاج البادي على وجهها ....فحياتها لا تعيشها أي زوجة في الوجود...!!....بقي القليل يا زوجتي!.....وعدٌ مني سأعوضك!...فأنا نفذ صبري أكثر منك!... أولاً سأعطيكِ دروس في فنون الحُب...ومن ثم سأتمّم زواجي منك لأختم عليكِ براءة عشقي...!!
×
×
×

توجهنا الى المشفى المتخصص بالأورام السرطانية بمدينة فرانكفورت وهناك استقبلتنا السيدة (ايمان) بعد اتفاقنا معها ....دخلت (ألمى) بخطى حذرة وجلة...مرتبكة من لقاء سيجمعها مع خالتها بعد غياب عدة أيام ولكن غياب ليس كسابقيه....فكان هذا الغياب الأشدّ ألماً وقهراً مرّ عليها وكأنه دهر..!!....كانت السيدة(فاتن) مستلقية على سريرها شاردة في السماء الملبّدة بالغيوم من النافذة الكبيرة في غرفتها ولمّا أحسّت بالحركة التفتت لتقع عيناها على صغيرتها فتفتّحت أساريرها وكأنها عادت الى الحياة من بعد موت!!...كم كان تأثيرها ايجابياً عليها هذه الساحرة؟!...فهي عاشت وصمدت من أجلها ...عاشت صابرة فداءً لها....تحمّلت كي لا ترى دمعاً في عينيها.....فتحت ذراعيها المربوطين بأجهزة ومحاليل استعداداً للعملية للتي تتقدّم ببطء ترفع قدميها بتثاقل عن الأرض من شدة اضطرابها وقلبها يخفق وجعاً وشوقاً...تعلّقاً ورهبةً....شعرت أن الطريق لنبع الحنان طويـــل لا نهاية له...ارتمت في حضنها اخيراً بعد ان وصلتها مجهشةً بالبكاء ...تعتصر خالتها بذراعيها الصغيرين ..تحاول ادخالها الى جوفها لتحميها من الخطر...تخشى عليها من الزوال!...وانهارت في هذه اللحظة حصون القوة التي كانت تظهرها لنا السيدة (فاتن) وهي تقابل نحيب ابنة شقيقتها ببكاء مضاعف وكأنها تخرج ألمها الذي حصرته داخلها ايام وشهور ...ألماً استطاعت السيطرة عليه لليالي طوال وهي تدّعي القوة والعزيمة!...هذه الحصون التي بنتها لتحمي صغيرتها غدت هشّة ...هُدمت بعد رؤيتها لها منهارة..هزيلة...شاحبة...لا نور ولا ضياء ينير وجهها!!....قطعت هذا الوصال الأليم من كانت تقف محايدة جواري تسكب دموعها عليهما وهمست بمزاح بعد أن مسحت وجهها:
" كفاكما بكاءً ....جعلتماني أبكي أمام السيد يامن وأضعتما هيبتي وشخصيتي!!"

كنتُ مكتّفاً يديّ ومتكئاً على الحائط فقلت:
" اتركيهما سيدة ايمان ...لا ضرر من البكاء....عسى أن ترتاحا..!!.."

اومأت مبتسمة توافقني بصمت وبعد لحظات بالكاد ابتعدتا عن بعضهما ثم شرعت تمسّد على رأس خالتها من فوق الحجاب الذي يحيط وجهها بعشوائية وهي تسألها عن أحوالها وإن كان شيء يؤلمها فأجابتها بحنانها المعهود:
" كنتُ بخير والآن أصبحت بأفضل حال بعد رؤيتي لكِ صغيرتي!!.....لا أصدق هذه المفاجأة ولم اتوقعها لأني أعلم انشغال زوجك!!.."

ثم أطلّت برأسها تنظر اليّ لأن صغيرتها تحجب بيننا وهمست بامتنان:
" مهما قلت ..لا أستطيع شكرك يا يامن....عزيز والله....لن أنسى أفضالك عليَ ومعي!!.."

تبسّمتُ بلطف رجولي هامساً:
" الفضل لله وحده....وعلى الرحب والسعة سيدة فاتن...آمل أن أخدمك بالأفراح وظروف أجمل من هذه..!"

استأذنتُ خارجاً لأتيح المجال لهن بأخذ راحتهن قبل الافتراق للعملية فشرعتا بقصّ عليها ما قدّمتُه من مساعدات للسيدة (فاتن) مثل مكالمة صديقي ليرافقهن وليتكفّل بجميع الاجراءات من مشفى وسفر وفندق وكل شيء يخصها بسبب اختلاف اللغة!!....وكيف أنني سعيتُ مستعيناً به لإيجاد أطباء أكفّاء ومن أمهر الموجودين في ألمانيا من أجلها..!!...وبعد أن انتهيتا من اخبارها نظرت الى الباب وسألت بخفوت متفاجئة:
" لمَ لم يخبرني بكل هذا؟!.."

أجابتها خالتها:
" هذه الشهامة بنيتي....كي لا تشعري يوماً أنه يمنّ عليك....يفعل الخير بالخفاء والمهم أن تفهمي وتقدّري هذا!!..."

تبسّمت ممتنة بمحبة:
" كنتُ أظنه مغروراً وحائطاً بلا احساس في البداية....لكنه فعل أفضل ما يفعله لي....وهو الاهتمام بكِ حبيبتي خالتي...!!..."
×
×
×


في الحادية عشر قبل الظهر جاء الممرضون لنقل السيدة (فاتن) لغرفة العمليات ولحقنا بها ثلاثتنا حتى وصلنا الباب الرئيسي الواسع وهي ما زالت متشبثة بيد خالتها لا تقوى على تركها وافلاتها وكانت تبكي وتهمس متوسّلة راجية فدنوتُ منها لأزيحها لأنها تعرقل عملهم وضممت كتفيها بذراعي امنعها من اللحاق بهم ولأحاول احتواء ارتجافة جسدها!!......أُغلِق الباب بإحكام ليبقى في الداخل الأطباء والممرضون والمعدّات الطبية مع مريضة سلّمت نفسها لهم متوكلة على الله ليبدأ مشوار طويل وساعات كثيرة من مهمة صعبة لأمانة كبيرة توضع بين ايديهم وعلى صوتِ نغمات الأجهزة يجاهدون لإثبات مهارتهم وتفانيهم لأسمى مهنة انسانية وبجو لا يخلو من التوتر بسبب عملية مصيرية لجزء مهم وحسّاس بل ألأهم وهو دماغ الانسان...!!
×
×
×
انتهت العملية بعد ساعات شاقة قضيتها بمواساة (ألمى) التي كانت تبكي بنشيج وأنا احثّها على الدعاء لها في هذه الأوقات ولم أنسَ مواساة السيدة الصامدة (ايمان) والتي آزرتني لنخرج زوجتي من حالتها المهزومة ...!!....
ولمّا قابلنا الأطباء كانت المفاجأة الكبيرة لنا جميعنا....عندما نطق قائدهم باللغة الانجليزية وبثقة كبيرة :
" حقيقة كانت معجزة لنا ....تبيّن أن الورم ليس كما ظهر بالصور الاشعاعية....لقد كان بحجم أصغر واستطعنا استئصاله دون مسّ خط الخطر....وبعد أن تستجمع السيدة قواها سنباشر بالعلاج عن طريق الأشعة اولاً وثم ننتقل للعلاج الكيماوي...."

وانهى المقابلة هاتفاً:
" استطيع الآن تهنئتكم بسلامتها مبدئياً لأن الأربعة وعشرون ساعة القادمة تكون في حالة غير مستقرة.."

وأضاف ضاحكاً بمزاح:
" لقد قضيتم هنا ساعات طويلة ووقتاً صعباً....يمكنكم الذهاب لترتاحوا .."

كانت الفرحة لم تسعنا حينها وأكثرنا كانت هي التي ارادت أن تصرخ بسعادة والاحتفال بمهرجانات لا نهاية لها ....نسينا كل التعب من خبر جميل كان بلسماً لنا وأنار الظلام في افئدتنا ولأننا لم نأكل شيئاً قمتُ بدعوة السيدة (ايمان) معنا لتناول العشاء في أحد المطاعم القريبة الراقية احتفاءً بسلامة السيدة (فاتن) رغم معارضتها بالبداية لأنها لا تريد تركها .....انتهت ليلتنا بعودتها لصديقتها حيث تمكث كمرافقة لها بالمشفى ونحن عدنا ادراجنا لفندقنا.....!!
×
×
×
يومين آخرين امضتهما في المشفى معهما تذهب وتجيء بينما انا كنتُ اتابع اعمالي في الفندق ....في صباح اليوم الثالث رافقتُها للاطمئنان على خالتها التي بدأت تستعيد صحتها رويداً رويداً بعد ان تجاوزت مرحلة الخطر وضُبطت قيمها.!!...ولكنهم ما زالوا يمنعونها عن ترك السرير نظراً لحساسية العملية !!...
توجهنا الى مقهى المشفى نتناول مشروباً دافئاً انا وهي فقلت:
" استعدّي للسفر صباحاً.."

هبّت معترضة:
"مستحيل....لن اتركها....سافر انت!!.."

بدأت موجة العناد وهي مصرّة أن تبقى معها لأيامٍ أخرى فقلت بحزم:
" لا تستطيعين التغيب عن الجامعة.....كما ان مشوار خالتك في العلاج طويل....ستمكث اشهراً هنا ومعها السيدة ايمان.."

ردت منفعلة:
" السيدة ايمان لديها اعمالها وأنا اولى لأكون مع خالتي....هي ليست مجبرة.."

قلت:
" اطمئني....السيدة ايمان رتبت كل شيء قبل قدومهما وهي تتابع عملها من هنا.....لا حجة لديك!!.."

انهينا كلامنا دون أن نرسو على قرار ودون رضا من كلينا....عدتُ الى الفندق وهي توجّهت اليهما حانقة ولمّا انتبهتا لحالتها ومزاجها المكهرب سألتاها عن سبب عبوسها فحكت لهما أسبابها...!!..لم تؤيدا قرارها وعارضتاها.....جاهدت خالتها لإخراج صوتها المبحوح من حلقها الجاف تحسم المسألة:
" ألمى!!...انتهى الكلام...ستعودين الى بيتك مع زوجك !!

غضنت جبينها وزمّت شفتيها بضيق دون أن ترد فقالت السيدة(ايمان):
" لقد ترك أعماله وتفرّغ من أجلك وأجل خالتك....عليك ان تكوني ممتنة لا ان تغضبيه.....لا تكوني طماعة صغيرتي.....وستتواصلين معنا أولاً بأول..!!.."

استسلمت بالنهاية هاتفة بملل:
" حسناً ...كما تريدان!.."

وبّختها السيدة(فاتن) بحنية:
" كما يريد زوجك وليس كما نريد نحن....أصبحتِ كبيرة وصاحبة بيت وما زلتِ تجهلين مسؤولياتك وواجباتك أمام زوجك حبيبتي!.."

ردّت بدلال:
" خالتــــي...لا تقولي هكذا!!.."

ربّتت السيدة (ايمان) على كتفها حيث كانت تجلس مجاورة لها وهمست ترشدها:
" هيا أخرجي ألمى وأخبريه بقرارك بالعودة معه ليرتاح باله !!.."
×
×
×
زفرتُ أنفاسي براحة كبيرة وكأنني أزلتُ حملاً عني بعد أن هاتفتني بالعدول عن رأيها....لم أكن سأجبرها على ذلك ...لكن الحقيقة أنني لم أرغب بالعودة بدونها !!....كيف سأمضي أيامي في البيت وهو خالي منها ومن أنفاسها ؟!...من أين سيأتي النور إليّ وسماءيها غائبتان عن أرضي ؟!!......الحمد لله ...ستعود معي ألمتي !!....اطمأن قلبي فاتخذتُ قراري ....قراراً لا محيص فيه ولا إدبار !!... فأنا أعلم ميعاد عودتها للفندق يكون عادةً في الثامنة مساءً!!...والآن نحن في الظهر !!...أي لديّ الوقت الكافي والحرية الكاملة!!......رفعتُ هاتفي متصلاً بصديقي (آرثر)....لبدء التنفيذ...!!...

~~~~~~~~~~~~~~~~~

دخلت غرفتها لتستحم وتزيل آثار رائحة المشفى عنها ولتستعيد طاقتها من أجل تحضير أغراضها للسفر في صباح يومنا التالي!!. ...دنت من طاولة الزينة وخلعت معطفها الطويل الذي يصل تحت ركبتيها والوشاح الصوفيّ الذي كان يعانق عنقها ووضعتهما على الكرسيّ الخاص بها ...بدأت تخلع اكسسواراتها فوقع نظرها على انعكاس الخزانة في غرفتها ليلفت انتباهها غطاء الملابس بلونٍ اسود معلّق عليها...غضنت جبينها بحيرة وتساؤل ثم التفتت للوراء لتتأكد مما ترى!! ....زلفت متمهّلة ثم امسكت بطرفه مستغربة وجود شيء لا يخصها وقد علمت من الغطاء انه سيكون قطعة من الملابس ...لوهلة!!...ظنت أن خطأ ما حصل من طاقم الفندق....استدارت لتتجه للهاتف على المنضدة جانب سريرها كي تكلّم اصحاب الشأن فوجدت صندوقاً فاخراً خاصاً بالهدايا يوضع ارضاً ....ازدادت حيرتها وغلبها فضولها....قرفصت تفتحه فاتسعت عيناها بانبهار من الحذاء الفضي اللامع المرصّع بحبيبات كريستال ناعمة مدفون ببتلات من الورد الأحمر....اخرجت احداهما تتفحّصه وتمتمت وهي تشعر بالغبطة دون أن تسمح لنفسها بانتعاله!!... :
" يا ترى من صاحبة الحظ التي تحظى برجل له ذوق رفيع يهتم بها ويفاجئها هكذا ؟؟"

انبهارها بالحذاء جعل فضولها يزداد لتلقي نظرة على الملابس المكسوّة بالغطاء والتي باتت متأكدة انه سيكون فستاناً لا غير فانتصبت واقفة مستديرة ودنت منه بحماس مبتسمة ومسرورة لأجل غيرها!!.....فتحت السحّاب ومعه فغرت فيها بذهول وجحظت عينيها وارتدّت للخلف خطوة تمعن النظر به هامسة:
" يا ويلي ....ما هذا الجمال؟!.."

ضحكت وتمتمت هازئة من وضعها:
" للحظة توهّمت أن الهدية تخصني من حائطي ...لكن مع رؤيتي لهذا تأكدت انها ليست لي لأنه مستحيل ان يشتري لي فستاناً عارياً لهذه الدرجة..."

اقتربت منه مجدداً لتغلق السحّاب وبينما هي منشغلة بتوضيبه جيداً داخل الغطاء وقعت منه بطاقة فانحنت بسرعة لتلتقطها وما إن قرّبتها لعينيها صُدمت من الكلمات المكتوبة عليها :
[ سأكون ممتناً لو تكرّمتِ عليّ بارتدائه من أجلي يا سمائي.......زوجك يامن]

عادت قراءته مرة ومرتان...لا تصدّق أرادت أن تتأكد أنها لا تحلم !!....لم تسمع مني يوماً وصف عينيها بالسماء وهي تعلم الآن أنني اقصدهما!!.....بدأ قلبها ينبض بشدة متأثراً......أصدر هاتفها نغمة ورود رسالة ما...ظلّت ممسكة البطاقة بيسارها وخطت تأخذ الهاتف عن سريرها فوجدت:
[ انا بانتظارك لنخرج...اخبريني في حال انتهائك وارتدي معطفك الطويل فوق الفستان واغلقيه جيداً....ولا تنسي الكعب..]

ارتسمت بسمة جميلة على ثغرها وحرّكت رأسها يمنة ويسرة هامسة للفراغ بضياع:
" هل يعاني من الحمى؟!...منذ متى يسمح لي بالخروج بهذه التصاميم؟!..."

تنهّدت بعمق وأردفت متمتمة:
" صدقاً لا افهم نيتك ولا هدفك !!....أمرك محيّر يا زوجي!!.....الى أين ستأخذني يا ترى؟! .."

وأضافت بلا مبالاة:
" حسناً لنفعل ما تريد ونرى.....فالفستان يستحق مهما كانت المغامرة !!.."

بعد أن استحمت ارتدت الفستان والحذاء ومررت يديها من فوق لتحت على سائر جسدها بإعجاب وخيلاء وهي تتطلع على صورتها بالمرآة وهمست:
" يا الهي كم هو ساحر.....و مغري!!....لم أرتدي مكشوفاً لهذه الدرجة سابقاً.....أنا خجلتُ من نفسي !!......ما به جنّ زوجي؟؟.."

لوت فمها وهي تنظر لطاولة الزينة وقالت في نفسها ..." ماذا لو كان سمح لي بجلب عطري من اجل هذا الفستان!؟...سامحه الله ...أيعقل هذه الروعة دون عطور ؟!..".....حاولت جاهدة أن تسرّح شعرها وترفعه للأعلى بما يناسب تصميم الفستان وبعد ان أتمت مهمتها بوضع لمسات خفيفة من زينة الوجه...حملت هاتفها وخرجت قاصدة غرفتي ....طرقتان خفيفتان لتجدني أمامها افتح الباب بلهفة اخفيتها تحت ملامح الوقار والرزانة ....جُلتُ في عينيّ على تقاسيمها الفاتنة راسماً ابتسامة حُب بينما كانت هي تتفحّصني بين الاستغراب والضياع والإعجاب من هيأتي بلباسي الرسميّ والذي كان عبارة عن بنطال أسود مع قميص أسود دون جاكيت!!...حسناً سأسمح بمدح نفسي.!!...لقد كنتُ في كامل الأناقة ....وأل....وسامة!!....ثبّتت سماءيها على وجهي ثم أسدلت اهدابها وسحبت نفساً لتسرق رائحة عطري وما إن أوشكت على الزوال من الوجود حتى فتحتهما بثانية محرجة متوهّجة الوجه عندما انحنيتُ هامساً بأنفاسي الدافئة قرب أذنها:
" لا تتركي نفسك الآن.. ما زال الوقت باكراً....احتاجك بوعيك...لأنه علينا الذهاب لمكان ما !!.."

سحبتُ الهاتف منها فور انتهائي من كلماتي وأدخلته الى غرفتي فقالت باستغراب وهي تاركة يدها بنفس وضعية مسكها له:
" لمَ أخذته ؟!...لربما يأتينا اتصال مهم !.."

غمزتها ضاحكاً وهمست بلهو:
" ستفهمين لاحقاً..."

ثم اغلقت الباب ووضعت البطاقة في جيبي فقالت:
" أين جاكيتك ؟؟...الجو بارد!!"

لم اجبها...اكتفيتُ برسم بسمة ومددتُ يدي أمسك يدها بتملّك وشعرتُ بالرعشة الطفيفة التي اجتاحتها....تنحنحتْ وهمستْ بصوتٍ أبح من اختناقها بينما كنا نسيرُ بتمهّل في رواق الطابق:
" إلى أين سنذهب؟"

تبسّمتُ وأجبتُ بنبرة هادئة :
" ستعرفين بعد قليل ...مشوارنا قريب!!.."

صعدنا الى المصعد وضغطتُ على زر يوصلنا لطابق علويّ فقالت باستغراب:
" ألن نخرج من الفندق؟؟"

" كلا.."

" هل يوجد احتفال ما في الطابق العلوي؟!.."

" أجل.."

لما وصلنا كان الهدوء يعمّ في المكان واضاءة خفيفة بين الغُرف الشاغرة...سألت بتوجس:
" أأنت متأكد أنه يوجد احتفال هنا؟....ما هذا الهدوء؟...لا يوجد أي أثر لبشر أو لموسيقى!!.."

وقفتُ أمام غرفة مرقّمة بـ (216) ...أدرتها نحوي من كتفيها وهمستُ بصوتٍ رخيم وروحٍ هيمانة وقلبٍ ولهان بخطاب إما يكون خطاباً للوداع أو يأخذنا الى عالم كله عشق وضياع:
" اسمعيني ألمى..."

حجبتْ سماءيها عني مسدلة الستائر عليهما بحياء بينما دقات قلبها ترسل سلاماً معظّماً لقلبي من شدّتها وهمهمت:
" ها؟!.."

تابعتُ بصوتي العاشق مشيراً لباب الغرفة:
" لكِ القرار ....وسأرضى به مهما كان!!....سأفتح الباب الآن وأمدّ يدي ....إن أمسكتِ بها ستدخلين معي الى بحرٍ لجيّ مليء بالأمواج من فوقه ومن تحته....أمواج لطيفة تدغدغنا مرة وأمواج عاتية تسحبنا للأعماق مرة أخرى...أعماق نجهلها كلانا لكن سنتقبّلها دون جزع أو سخط دون عتاب أو ملامة...سنعوم داخلها بقناعة منّا دون تأثير من أحد!!...القرار قرارنا وحدنا !!....وحدنا يا ألمى!!...وإن أعرضتِ عن مسك يدي ...سأغلق الباب وأدفن البحر للأبد كي لا أسمح لنفسي الانغماس فيه!!....وسأعيدك الى حيث تنتمين !!...سأعيدك كما استلمتُكِ...هذا وعدي!.."

أخرجتُ البطاقة الخاصة بهذه الغرفة وفتحته نصفه ثم خطيتُ خطوة واحدة والتفتّ إليها مادّا يدي برفق شابكاً عيناي بعينيها هامساً بهمس اشبه بالرجاء:
" هل تقبلين أن تغوصي معي في بحري الذي يخبئ تحته براكين قابلة للانفجار من الممكن أن تحرقنا نيرانها معاً بعدلٍ وانصاف دون أن تفرّق بيننا أو أن ترحم احدنا؟!.."

لا أعلم إن كان الزمن توقف بي فعلاً وأنا انتظر قرارها ...!!...أتريد أن تعذّبني ؟!..أتريد أن ترديني قتيلاً في غربة فوق غربتي ؟!...كنتُ سارحاً سابحاً في زرقة عينيها بينما أجراس الخطر ترنّ في قلبي !!....شعرتُ أن أعمال شغب انتشرت في سائر جسدي !!....كل حواسي تتمرّد لتحدث انقلاب على مشاعري ....جميع شعيراتي تجاهد لإسقاط منصب الحُب في ميدان تحرير روحي....امشِ يا زمن وامضِ نحو الحرية قبل حدوث ثورة تزعزع خلايا مخي !!...حرية تزرعها في فناء قلبها وتسطّرها في دفتر حُبها....حرية تحميني من الأسقام والجنون... تنشلني بها من جحيم الأرض لأطير واحلّق في سماءيها ....اعتبريني طائراً جريحاً حبيس قفص ضيق ويرجو الانطلاق ليرفرف في الهواء الطلق !!...حرريني في حبك ولا تحرريني منه !!....امسكي بيدي لنكسر قيود الحرب والانتقام ولننطلق معاً نحو الحرية..!!..بعيداً عن الجميع!!.....مشاعر ثقيلة جمّة راودتني وجثمت على صدري....تلاشت بلمح البصر لحظة لامست يدها يدي هامسة:
" سأغوص معك في البحر لأنك طوق نجاتي ...سأمشي معك على الجمر لأني أثق أن النهاية ستكون أمان.!!...الأمان الذي أجده في حضنك حين تضمد لي حروقي وكل جراحي ..."

بابتسامة حانية جذبتها لتدلف معي فتسمّرت مكانها مما ترى!!.....كانت الغرفة واسعة مليئة بالشموع الصناعية ويوزّع على زواياها ورود منسّقة بعدة أشكال واحجام وغطاء السرير ناصع البياض في منتصفه منشفتان بيضاءتان مصممتان على شكل بطتيّ الحُب تحيطهما بتلات الجوري الحمراء....وجهاز كهربائي صغير على طاولة الزينة يصدر اضاءة خافتة هادئة تتبدّل الوانها من دقيقة لأخرى بين الأزرق والأحمر والبرتقالي وتنتشر منه أبخرة برائحة الأناناس التي أعشق..!!...وعند بابها الزجاجي أريكة العشق وجوارها طاولة دائرية متوسطة ينتصفها شمعدان فضي يزيّن مائدة العشاء ويحمل شمعة طويلة تعطي نوراً ناعماً يريح الأعصاب!! ....وفي منتصف الغرفة حوض استحمام بلونه الأبيض وجوانبه من خشب الصندل مع درجتين...كان محاطاً بشموعٍ حقيقية ملونة ذات رائحة خفيفة ومليء بالماء والصابون وعلى سطحه تطفو بتلات منوّعة من الورود...!!....سحبتها ممسكاً بيدها الساخنة بسبب ما رأت من مفاجآت...كانت مضطربة ونبضاتها تتسارع.....وقفتُ بها أمام المرآة ووقفتُ خلفها ملتصقاً بها ...لحظات نتأمل أنفسنا لتخفض بعدها رأسها باستحياء متهرّبة من نظرات عينيّ.....أدرتها برقة ازائي ولم تتجرأ على مواجهة وجهي ....لقد علمت أنه آن الأوان !!....حررتُ زنار معطفها ثم شرعتُ بفك أزراره واحداً تلو الآخر بكل هدوء وثبات وأنفاسها الحارة تلسعني...ولما ازلتُه عنها عدتُ خطوتين للخلف منبهراً مسحوراً بصنع الخالق......حورية امتلكت كل الفتنة التي على الأرض.!!.....جلبتُ العذاب لنفسي بنفسي لأحترق بنار حُبها فوق احتراقي بفضل هذا الفستان الذي زادها اثارة فوق اثارة!!....كان سماوياً ضيقاً يصل لمنتصف فخذيها ...يكشفُ نحرها وعلى صدره حبات كريستال شبيهة باللتي على الحذاء لترسل وميضاً وتصهرني معها !!....واكتافه تحتضن عنقها بكل اجرام ....أما ظهرها كان مشاعاً لا يحجبه أي قماش دخيل ..فاسحاً المجال لقبلاتي الظمآنة المتعطشة للمسها.!!...دنوتُ من طاولة الزينة وحملت علبة من المخمل الكحلي وهي فقط تراقب بتوتر كل حركاتي...فتحتها لأخرج اسوارة فاخرة من الألماس مع خاتمها هدية قبولها لي....ألبستها اياهما وهي مستسلمة مع ابتسامة سرور تشرق في ليلتي على مبسمها....رفعتُ يدها وقبّلتها بينما عيناي ترسل ومضات هائمة بها الى عينيها وهمست:
" أعلم أن الألماس يغار من جمالك ...لكني أحببتُ أن أهديه لكِ .."

حررت يدها من يدي وهمست بصوتها العذب ووجنتيها المتوهجتين:
" سلمتَ يامن.."

شبكتُ أناملها بأناملي واتجهت بها نحو مائدة الطعام ...لا بد انها لم تأكل شيئاً وهي منشغلة مع خالتها !!....ولمّا انتهينا من الطعام قامت من كرسيها ومرّت من جانبي فبحركة مني مع همسة أضحت جالسة على حجري:
" الى اين تذهبين ؟!.."

بصوت مرتبك خجلاً:
" سأغسّل يديّ وفمي....اتركني"

" لا تتأخري..!!"

برقة شلّتني قالت:
" حاضر.."

لمّا عادت إليّ قمتُ من مكاني واتجهت الى المنضدة واخرجتُ من درجها عطراً ودنوتُ منها فهتفت متعجّبة:
" عطري؟!....كيف؟!.."

ضحكت وأجبتها بينما كنت أنثر رذاذه عليها:
" طلبته من هنا ....هل هو حكر لك سيدة ألمى ؟!.."

ألقيتُه على السرير من ورائي بعدم اهتمام ثم اقتربتُ منها وحررتُ شلالها ...ضممته بيدي وقرّبته لأنفي استنشقه بوَله ثم تركته بغلّ عاشق ولهان وحاوطتُ خصرها من خلف ظهرها ودفنتُ وجهي بين عنقها وشعرها وهمست:
" فاتنتي الصغيرة.."
".ماذا فعلتِ بي؟!."
." ما هذا الجمال الساحق ؟!"

أدرتها نحوي وقبّلت عنقها ثم انتقلتُ لوجنتيها وهي صاغرة بينما حركة صدرها وأنفاسها تفضح رغبتها وعند باب مقبرتي التي تحتلُ ثغرها أدليتُ باعترافي قبل السقوط في حفرتها مسلّطاً أرضي على سمائها:
" آه لو تعلمين يا مدمّرتي ما وضع قلبي منذ أن عرفك..!!...اختلّت نبضاته !!...خانني من أجلك...تمرّد عليّ....وكتب في أعماقه حُبك!!....بتّ أعشق وجودك في كل أوقاتي ....حبك يتغلغل بين حنايا الروح كالماء الذي يشقّ طريقه بين الصخور....عشقي لكِ فاق الجبال وعدد ذرّات الرمال....كل يوم جديد يولد بي الحب من أجلك...يتكاثر ولا يموت!!....أشتاق لكِ في كل لحظة ....لو تكلّم القمر ونطقت النجوم لوَشت عني كم اخبرتها عن مدى حبي لكِ....لو أصبح للسماء لسان لفضحت مناجاتي لها في الليل والنهار عنكِ....أنت يا من تسكنين قلبي أحبك.....وحبي لكِ ...يفوق عمر يامن!!....قسماً بمن رفع السماء يا سمائي..!!..."

وانهيتُ كلامي دامجاً ثغري بثغرها متلذذاً برحيق الحُب من شفتيها مستمرّا باحتراقي واحراقها دون أن نعدّ الثواني وبين الفينة والأخرى اعطي لها المجال لتتنفس ثم أعود بحُب أعنف وأقوى....أخرج شوقي لها دون خوف من شيء يكسر ليلتنا ثم حملتُها على ذراعيّ بحركة أذابتها ووضعتها على السرير برقة ثم همست ووجهي يعانق وجهها:
" سلميني نفسك يا حبيبتي ولا تقاومي....لأهديك ليلة من أجمل ليالي العُمر.."

اومأت بقبول جريء وهي تعانقني وتجذبني نحوها ثم قبّلت شفتيّ قبلة خفيفة وهمست:
" أنا لكَ يا حبيبي....افعل ما تشاء !.."

فعدتُ لأقطع أنفاسي بأنفاسها وهي تتجاوب معي بهيام ذائبة بين يديّ لنغوص معاً في بحر حبنا نشفي غليل شهور وسنين ....نختمها في هذه الغرفة التي جمعتنا بعيداً عن كل الحقائق في مكان غير وطني وبلادها تلك وعلى فراش الهوى والغرام بكل شغف ولوعة لنسجّل أول يوم في حياتنا الزوجية الحقيقية دون أن نبالي بأي نتائج سنحصل عليها من بعدها ..!!
×
×
×
تختبئ تحت اللحاف تشدّه بقبضتيها عليها وأنا احاول رفعه ضاحكاً بصوت مرتفع أتسلّى بها من خجلها بينما كانت تشتم بكلمات عشوائية...فجذبتها نحوي وجعلتها تتوسد صدري العاري وبعد أن هدأت من حيائها...عبثت بإصبعها تمرره على صدري وهمست بشجن:
" يامن.."

" روح يامن!!."

بعبوس طفولي وصوت رقيق قالت:
" هل أصبحنا حقاً زوجين ولن تقسو علي مجدداً ..؟!.."

داعبتُ وجنتها بإبهامي وقبلت أعلى شعرها وقلت:
" أقسو على نفسي قبل أن أقسو عليكِ...!!.."

تابعت سائلة:
" هل ستتخلّى عني يوماً..؟؟!.."

" أتخلّى عن عمري ولا أتخلّى عنك!.."

وأضفتُ بتوجس وريبة:
" وأنتِ ...هل يأتي يوماً وتتركيني؟!.."

لاذت بالصمت شاردة...ثم رفعت وجهها لترى وجهي...أرسلت شهباً من سماءيها وأجابت واثقة وهي تضربني بإصبعها على أنفي:
" إن لم تعطني سبباً عظيماً .....لن أتركك "

**********( انتهى الفصل السادس والعشرون )*********



قراءة ممتعة بإذن الله.....


استغفرك ربي وأتوب إليك


ألحان الربيع متواجد حالياً  
التوقيع
((---لاجـــــــــ في سمائها ـــــــــئ---))

https://www.rewity.com/forum/t484164.html


اللهم كلّما ابتعدنا عنك ردنا إليك رداً جميلاً
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:52 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.