آخر 10 مشاركات
نقد مقال بوابات الجحيم التي فتحت فوق سيبيريا عام 1908 لغز الانفجار الكبير (الكاتـب : الحكم لله - )           »          صدمات ملكية (56) للكاتبة: لوسي مونرو (الجزء الأول من سلسلة العائلة الملكية) ×كــاملة× (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          [تحميل] مكيدة زواج ، للكاتبة / سلمى محمد "مصرية " ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          مـــا أصعب الإبتعاد عنها *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : عيون الرشا - )           »          مرت من هنا (2) * مميزة *,*مكتملة*..سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          حرمتني النوم يا جمان/بقلمي * متميزه و مكتملة * (الكاتـب : esra-soso - )           »          أحزان نجمة ( تريش جنسن ) 446 ـ عدد جديد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          الوصية ـ ربيكا ونترز ـ 452 ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          533 - مطلوب زوجة وام - بربارة ماكماهون - قلوب عبير دار النحاس ( كتابة - كاملة ) (الكاتـب : samahss - )           »          الأقصر بلدنا ( متجدّد ) (الكاتـب : العبادي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree12256Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-07-22, 11:59 AM   #471

Nour fekry94

? العضوٌ??? » 461550
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 339
?  نُقآطِيْ » Nour fekry94 is on a distinguished road
افتراضي


وبعد ما خلصت الفصول اللي عليا ❤
حرفيا مروة بتعمل عظمة والله العظيم ❤
مش معقول الجمال والابداع ده تسلم ايدك مستنية الجاي بشوق 🥳❤❤❤❤


Nour fekry94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-07-22, 04:36 PM   #472

قلوب نابضة بالإيمان

? العضوٌ??? » 484184
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 67
?  نُقآطِيْ » قلوب نابضة بالإيمان is on a distinguished road
افتراضي

فصل رائع سلمت يمناك في انتظار الفصل الجديد

قلوب نابضة بالإيمان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-07-22, 07:17 PM   #473

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
1111 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السادسة عشرة: القسم الأول

القصاصة السادسة عشر
(أحلام صغيرة)



أما عن الأحلام، فهي قطرات الندى التي تهبط مع بزوغ الفجر لتضيء عتمة الحياة وتبذر السعادة في صحاريها..
والحلم في بداية العمر يكون واضحا للغاية ولا حدود له.. صافيا وصادقا كماء النهر.. ضرويا وأساسيا كالتنفس.. حاسما وملهما كنبوءة مخلصة في زمن الكذب..
والصغار حين يحلمون، لا يعترفون بالمنطق ولا يكترثون للواقع.. فتكون أحلامهم الصغيرة هي الحياة نفسها..




مرت بضع سنوات وكبر الصغار
في شقته بحي مدينة نصر، كان عبد المنصف الحلواني وزوجته فايزة وابنتهما أمواج يستقبلان أسرة شقيقه القبطان عبد الجليل الحلواني مع زوجته لطيفة وأبنائه نادر ونبيل والصغيرة شادن، وكذلك أسرة فاطمة شقيقة فايزة، والتي حضرت من السويس مع زوجها المهندس عدنان الديب وابناهما بحر المراهق وفرات الصغير الذي يبلغ من العمر خمس سنوات، حيث تجمع الحشد في حفلٍ عائلي بسيط بمناسبة حصول وحيدة أبويها على الشهادة الإعدادية..
ظلت فايزة تسعى أكثر من مرة للإنجاب مجددا بعد ولادتها لأمواج لكن الحمل لم يكن يتم بتلك المحاولات، إلى أن ارتضت قضاء الله واكتفت بابنتها الوحيدة، التي أشبعت احتياجها للأشقاء من خلال شادن ابنة عمها وبحر ابن خالتها المقاربين لسنها، فكلاهما قد نجحا في الصف الأول الإعدادي، كما أن علاقتها بزهو صديقة شادن جيدة، بالإضافة بالطبع لمرح وشذى ابنتي خالتها الدكتورة فريال واللتين تكبرانها ببضع سنوات، وتقيمان مع والديهما في الخليج، حيث تحرص على مراسلتهما عبر برنامج المحادثة الإلكترونية "Hotmail Messenger" وكذلك موقع التواصل الاجتماعي الوليد "Hi 5"، كما تستخدمهما أيضا لمراسلة بحر الذي تتبادل والدتها مع والدته الزيارات من وإلى السويس مرة شهريا على الأقل..
لكن الجميع لم يتوقع أبدا الخبر الذي كان عبد المنصف يستعد لإعلانه.. فقد استغل تجمع الصغار في غرفة المعيشة للعب (الأتاري)، بينما جلس الكبار وبرفقتهم نادر الذي وصل للسنة الخامسة في كلية الطب ونبيل الذي انضم قبل نحو عام للكلية الحربية، ليلتقط هو طرف الحديث ويقول: "لقد جاءني عرض للسفر إلى عمان والتدريس الجامعي هناك بعقدٍ مجزٍ.. في الحقيقة هذا العقد قد جاءني قبل عام، ولكنني أرجأت الموافقة عليه حتى تنهي أمواج دراستها الإعدادية.. وحاليا أفكر في قبول الأمر لكي تحصل على شهادتها الثانوية هناك ثم نعود قبل التحاقها بالجامعة.. ما رأيكم؟"
كان عبد الجليل هو أول من رد، وقال: "طالما أنك تتحدث معنا بالأمر يا منصف، فهذا معناه أنك تميل للموافقة بالفعل.. صحيح؟"
أومأ عبد المنصف برأسه، ثم قال: "لقد أصبح التدريس حاليا في الجامعة هنا أمرا رتيبا واعتياديا.. أظن أنني أحتاج لتحدٍ جديد.. كما أن فايزة ستقوم بعمل (حفظ وظيفة) لكي تصبح وظيفتها في مصلحة الضرائب متاحة لها إذا قررنا العودة.. فهي أيضا وجدت عملا من خلال إحدى شركات المحاسبة هناك.. أظنها فرصة جيدة"..
قالت فاطمة لأختها بقنوط: "ستغادرين أنتِ أيضا يا فايزة مثل فريال وتتركانني بمفردي"..
اقتربت فايزة من أختها وعانقتها بحب، ثم قالت: "لبضع سنوات فقط.. صدقيني لن نطيل الغربة.. سيمر الوقت سريعا ونعود.. كما أننا سنحضر بالتأكيد في العطلات السنوية، وسنمضيها معا بأكملها"..
ردت فاطمة بنبرة معاتبة: "هذا ما قالته فريال، وقد شارفت على إكمال عشر سنوات كاملة بالغربة.. أتعلمين؟ لقد جاءت لعدنان فرص كثيرة للسفر للخارج لكنني أنا من رفضت.. لا أطيق الغربة"..
ابتسمت فايزة وقالت ممازحة: "لكنكِ ركضت معه إلى السويس عندما تزوجتما"..
ضحك عدنان هذه المرة وقال ممازحا محاولا تلطيف الأجواء التي غلب عليها الشجن: "أين سأعمل كمهندس للتعدين هنا يا فايزة هانم؟ هل أقوم بالتنقيب أسفل منزلنا؟"
ضحك الجميع على مزحته، ثم مسحت فاطمة الدموع التي انسالت على وجنتيها، وقالت: "لا بأس.. لكن لا تطيلي الغيبة"..
رد عبد المنصف: "أنا نفسي لا أحب الغربة.. أظننا سنعود مع التحاق أمواج بالجامعة.. الله المستعان"..
في تلك الأثناء، كانت فريال وابنتاها مرح وشذى تحزمان أغراضهم في منزلهما بدبي التي انتقلا إليها قبل بضع سنوات واستقرا فيها.. لكن يبدو أن هناك رحلة أخرى أمام عائلتهم التي تستعد للسفر إلى لندن، حيث من المقرر أن تدرس مرح طب الأسنان هناك، بينما تنهي شذى دراستها الثانوية قبل أن تدرس إدارة الأعمال، وذلك بعد أن تلقى الوالدان عرضا للانضمام لأحد المراكز البحثية العريقة هناك لتطوير علاج لأحد الأمراض الفيروسية التي ظهرت مؤخرا في وسط وغرب أفريقيا..



يتبـــــــــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-07-22, 07:22 PM   #474

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile21 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السادسة عشرة: القسم الثاني

تحولت الأسابيع لأشهر ثم عام فآخر..
عامان كاملان مرا، وما زال عبد المنصف الحلواني مع عائلته في عمان، والدكتور مصطفى والي مع عائلته في انجلترا، بينما ظل القبطان عبد الجليل الحلواني يسافر عدة أشهر سنويا من أجل رحلاته البحرية التي يعبر بها القارات تاركا أطفاله في رعاية والدتهم، ليعود لعدة أسابيع في عطلة طويلة يقضي أغلبها داخل جدران بيته ليشبع شوقه لعائلته..
لكنه عندما عاد هذه المرة، كانت الأمور مختلفة قليلا، فنبيل منشغل مع اقتراب عامه الأخير في الكلية الحربية والذي سيتخرج في نهايته، أما شادن التي أنهت دراستها بالمرحلة الإعدادية فتستعد للالتحاق بالثانوية العامة..
غير أن الصدمة الكبرى، كانت في قرار ابنه الأكبر نادر بقبول منحة دراسية في كندا، تستوجب السفر والاستقرار هناك لعدة سنوات، حيث سيحضر الماجيستير والدكتوراة، وربما بعدها ينضم لفريق بحثي يدرس علم المناعة..
أي أن ابنه الأكبر سيسافر في هجرة طويلة، ولن يعود للوطن سوى في عطلات خاطفة قصيرة ربما كل عامين أو أكثر..
صحيح أن طرق التواصل مع الأحباب قد تطورت حاليا مع ثورة التكنولوجيا وظهور برامج كثيرة للاتصالات العابرة للحدود، لكن قرار ابنه بالسفر قد هز شيئا في كيانه، برغم دعمه الكامل لطموح ابنه العلمي، ورغبته في أن يرتقى لأعلى مكانة في مجاله..
فكّر عبد الجليل أن الطريقة الوحيدة التي سيربط بها نادر بجذوره، هي أن يشعره أنه مُرحب به دوما مهما أطال الغياب، لذا سارع الأب بحجز وحدة سكنية في إحدى البنايات حديثة الإنشاء بتجمع سكني جديد متاخم لأطراف القاهرة، وكتبه باسم ابنه الأكبر، ثم اشترى وحدة أخرى باسم ابنه الأوسط نبيل كي يتزوج بها.. وعندما عرض الأمر على شقيقه عبد المنصف، اقترح عليه أن يشتري الثالثة لشادن، لتكون بمثابة استثمار لها للمستقبل، كما طلب منه أن يشتري واحدة أخرى لابنته أمواج..
وهكذا، نجح عبد الجليل في أن يخصص البناية بأكملها لأفراد عائلته إلا الوحدة الواقعة في الطابق الأرضي، والتي ستتحول على الأرجح لمقر لإحدى الشركات الجديدة..
الآن، وقد اطمأن قلبه على مستقبل ابنيه، ما زال باله منشغلا بابنته الصغرى التي نجحت في شهادتها الإعدادية لتوها، ولكن بدرجات متدنية للغاية بالكاد ستمكّنها من اللحاق بالثانوية العامة مع قريناتها..
ولم يغب عن ذهنه بالطبع، معاملة زوجته القاسية لها بسبب عدم تفوقها الدراسي مثل زهو التي حققت مجموعا لا بأس به يؤكد أنها ستكمل مشوارها في الثانوية العامة بنجاح وربما تصل لواحدة من كليات القمة..
مشكلة لطيفة أنها دائما تضع أولادها في مقارنات مع من يحيطون بهم، تارة تقارن شادن بمرح عبقرية العائلة والتي التحقت بكلية طب الأسنان في انجلترا بمنحة دراسية جزئية قلصت النفقات الضخمة المطلوبة للتعلّم هناك إلى الثلث تقريبا..
وتارة أخرى تقارنها بشذى جميلة العائلة التي تتفاخر دوما بجمالها، حتى أنها أعلنت أكثر من مرة أنها تنوي خوض منافسات مسابقة (ملكة جمال مصر) وتثق في فوزها باللقب..
وتارة تقارنها بــــأمواج مدللة والديها، وصاحبة الشخصية المميزة.. حتى أنها تقارنها أيضا بزهو صديقتها المقربة..
يعلم عبد الجليل الحلواني أن ابنته شادن تبتلع كل تلك التلميحات والمقارنات ولا تقاوم..
يقلقه امتصاصها للتجريح وتعاملها معه بتقبّل غريب.. وذلك على الرغم من كونها تتصرف مع أخيها نبيل بندّية وتجاريه في مقالبه الصبيانية..
ظل عبد الجليل شاردا لبعض الوقت يفكر في أحوال أبنائه، قبل أن تقتحم عليه زوجته لطيفة جلسته، وهي تهتف بحنق: "ابنتك ستصيبني بجلطة أقسم بالله"..
تنهد عبد الجليل بتعب وسألها بعدم اقتناع تام: "ماذا فعلت شادن هذه المرة؟"
ردت لطيفة بتعب: "بل قل ما الذي لم تفعله تلك البليدة.. تترك مذاكرتها وتنشغل بتلك الرياضة الغبية (الملاكمة والركل)"..
قال عبد الجليل بحمائية: "وما المشكلة أن تلعب ابنتك Kickboxing.. لا أرى ما هي الكارثة هنا؟"
زفرت لطيفة، ثم وضعت يدها بخصرها، وهتفت بحنق: "كيف سينظر إليها أحد كامرأة جميلة وهي تمارس تلك الرياضة الذكورية العنيفة؟"
زفر عبد الجليل بحنق، وضيّق ما بين حاجبيه، فتابعت الأم: "لا تنظر لي هكذا وكأنني أنا المذنبة.. ابنتك تعاندني ولا تفلح في شيء.. لا هي ناجحة في تعليمها، ولا تريد تعلم الطهي كي تصبح ربة منزل جيدة، ولا حتى تعتني بجمالها.. ترفض فرد شعرها المجعد بالمكواة.. وترتدي دائما ملابس واسعة.. كيف برأيك سيراها أحد، فتلفت أنظاره ويطلب يدها للزواج؟"..
ضرب الأب يدا بيد، وأخذ يهتف بغيظ: " لا حول ولا قوة إلا بالله.. ابنتك في الرابعة عشرة من عمرها يا لطيفة.. لماذا تريدين أن تملئي رأسها بأفكار عن الزواج من الآن؟"
قالت هي بحنق: "ابنتك لن تفلح بشيء سوى أن تكون زوجة وأم.. ليس أمامها مستقبل سوى هذا.. وحتى هذا لا تسعى إليه.. الفتاة لم تبلغ بعد.. لقد تأخرت كثيرا وهذا يقلقني.. وكلما طلبت منها أن تزور الطبيبة النسائية تنكمش وترفض.. ماذا أفعل معها؟"
نهض عبد الجليل واقفا، وتحرك صوب زوجته بخطوات مندفعة، حتى وقف أمامها تماما، وقال محذرا: "اسمعي.. لا تدمري ثقة البنت بنفسها.. إنها نحيفة وبنيتها ضعيفة بعض الشيء، وهذا قد يكون سبب عدم بلوغها حتى الآن، لذا بدلا من أن تلوميها وتشعريها أن بها خطبا ما.. حاولي أن تعتني بغذائها"..
بنفاد صبر، قالت لطيفة: "والله أنا تعبت.. لقد كان إنجابها خطأ من البداية ولكنه النصيب.. منذ أن ولدتها وأنا أشعر أنني بورطة"..
بنبرة هادرة، وصلت لأسماع ابنته في غرفتها، نهرها عبد الجليل قائلا: "لا تتحدثي عن ابنتك كأنها عبء.. هي طفلة مطيعة وهادئة.. لم تكن متعبة لكِ أبدا.. فلا تلوميها على أشياء خارج حدود قدراتها"..
ردت الأم بانفعال: "تقول هذا لأنك تسافر أغلب شهور السنة، وتتركني أتحمل المسئولية بمفردي حتى أنهكت كتفيّ.. ما رأيك أن تترك عملك وتستقر هنا لكي تعتني بها؟"
همّ عبد الجليل بالرد على زوجته بنبرة صاخبة، لكن شادن التي كانت تجلس في غرفتها تستمع لحديثهما منذ البداية، قد شعرت أنها لم تعد قادرة على الاستماع للمزيد، لذا وضعت سماعتيها في أذنيها، وفتحت حاسوبها، ووضعت قائمة بعدة أغنيات صاخبة، ورفعت الصوت لأعلى درجة ممكنة، ثم فتحت برنامج المحادثات الإلكترونية "Hotmail Messenger"، ودخلت إلى المحادثة الجماعية التي تجمعها بـأمواج وزهو، لترسل لهما وجه تعبيري يمسك مطرقة ويطرق بها الفراغ بوجه محتنق، لتنتبه الفتاتان لمزاجها المحتقن، فتدور بين ثلاثتهن محادثة جديدة...

زهو: ماذا هناك يا شايدز؟
SHADES: اختنقت من هذا المنزل.. أريد الفرار.. مووﭼـي.. أريد السفر إليكِ..
MU-JI: لا تتعجلي يا ابنة خالتي.. نحن من سنأتي إليكم خلال أشهر قليلة.. فور أن تظهر نتيجتي..
زهو: لقد سمعت صوت شجار عمو جِلجِل مع لطيفة.. هل هذا ما يضايقك؟
SHADES: أمي تقول إنني عبء وورطة.. وهذه ليست أول مرة تقول مثل هذا الكلام.. كما أنها تتحدث دائما عن تأخر الدورة الشهرية وتلومني لأن جسدي مسطحا بلا علامات أنثوية.. وتصر أنني لن أنجح في حياتي بأي شيء، ولا حتى كربة منزل..
زهو: هذا ما تقوله هي دائما يا شايدز.. لكننا اتفقنا ألا نستمع إليها.. أليس هذا ما يخبرك به نبيل وسفيان دائما؟
MU-JI: أظن أن ما تحتاجينه يا شايدز هو مواجهة طنط لطيفة.. أخبريها أن ما تقوله يضايقك.. واطلبي منها أن تتوقف عن لومك على مسألة تأخر البلوغ.. هذا أمر يحدث للكثير من الفتيات..
SHADES: تريدني أن أزور طبيبة أمراض نساء.. ماذا سأفعل أنا بين النساء الحوامل في عيادة النساء؟ كما تريدني أن أفرد شعري في صالون التجميل.. حتى أنها قد طلبت مني من قبل أن أرتدي حمالة صدر محشوة بمناشف قطنية لكي تبرز أنوثتي المنعدمة..
MU-JI: يا إلهي.. لا أصدق.. لا أفهم ما هي مشكلتها؟
SHADES: أمي عندما تنظر لي تشعر أنها هي من فشلت.. كما أنها تعاني من التوتر العصبي حاليا بسبب إصرار نادر على الهجرة والاستقرار في كندا.. ولأن نبيل أيضا يغيب لبضعة أشهر في كل مرة، فإنها لا تجد أمامها سواي لتفرغ فيّ ضيقها وقلقها.. فنبيل قد اختار عملا خطرا.. والآخر سيغادر البلد كلها، كما أن عمله خطر أيضا كما فهمت.. قد تنتقل إليه عدوى أو ما شابه..
زهو: حفظهما الله.. اسمعي يا شايدز.. بإمكانك أن تتحدثي مع مرح عبر الماسنجر وأن تسأليها عن أي شيء يقلقك بخصوص تأخر البلوغ.. فهي قد قطعت شوطا كبيرا في دراسة الطب ومن المؤكد أنها ستنصحك بما يجب أن تفعلينه.. سواء كنتِ بحاجة لزيارة طبيبة أم لا..


حين أغلقت أمواج محادثتها الإلكترونية مع شادن وزهو، وجدت نافذة أخرى مفتوحة برسالة من ابن خالتها بحر منذ أكثر من نصف ساعة..
ضغطت على النافذة لتكبيرها، فوجدت أنه ما زال متصلا، فسارعت تكتب له..

MU-JI: مرحبا بحر.. هل ما زلت هنا؟
بحر: نعم.. أنتظركِ.. كنتِ (أونلاين) ولم تردّي عليّ.. بما تنشغلين؟
MU-JI: كنت أتحدث مع شايدز وزهو ولم أرى رسالتك.. كيف حالك؟ لم تحدثني منذ أسبوع..
بحر: بخير.. لا جديد.. هذه العطلة مملة.. أتطلع إلى الثانوية العامة..
MU-JI: هل تنوي أن تلتحق بالقسم العلمي مثل أبيه نادر ومرح؟ أم ستنضم للأدبي كبقيتنا في تلك العائلة؟
بحر: أظنني سألتحق بالقسم العلمي، فأبي يريدني أن أصبح مهندسا للتعدين مثله، وبصراحة تستهويني مهنته..
MU-JI: لا أعلم.. لا أظنك ستحب أن تكون مهندسا للتعدين وتقضي أغلب الوقت في حفر المناجم، وما إلى ذلك..
بحر: لم أحسم أمري نهائيا.. بالمناسبة.. ما هو جديدكِ؟
MU-JI: لقد تم تكريمي في المدرسة بعد مشاركتي في الاستعراض الرياضي وفوزي على مستوى مدارس المدينة.. سأريك صورتي وأنا أحمل الكأس..
(فشل عملية الإرسال)
بحر: صغري حجم الصورة يا أمواج.. أنا غير مشترك في الانترنت بالـ Modem.. السرعة هنا قاتلة من توصيلة الهاتف الأرضي..
(جاري إرسال الملف)
(تمت عملية الإرسال)
بحر: كل هذه التدريبات ومازالت قامتك مثل "عقلة الإصبع".. مهلا.. ما هذه القبعة التي ترتدينها؟ تبدو أكبر من مقاسك..
MU-JI: إنها قبعة نبيل.. لقد أخبرته أنني أحبها وهو أخبرني أنه يمتلك منها الكثير، فأرسل لي واحدة مع هدايا أخرى..
بحر: ولماذا يرسل نبيل هذا الهدايا لك؟.. ألا أرسل لكِ كل ما تريدين من مصر؟
MU-JI: نبيل منشغل بتخرجه من الكلية الحربية، ولذا لا يحدثني كثيرا عبر الماسنـﭼر.. لكنه كلما أتيحت له الفرصة، فإنه يشتري الكثير من الهدايا لي مع شايدز.. كلنا فخورون به لأنه سيصبح بطلا..
بحر: يجب أن أغلق المكالمة، أنا أحدثك من الشبكة الأرضية وأمي تريد سحب قابس الحرارة حتى تجري مكالمة هاتفية مع زميلتها في العمل.. هيا إلى اللقاء.. سأحدثك قريبا..

بعد أن أنهى بحر الاتصال، سارع بتوصيل سلك الهاتف في القابس من جديد، ثم ركض للخارج يخبر أمه أنه سيتجول قليلا بدراجته، لكنه هرع إلى ذلك الكهف الذي اكتشفه مؤخرا بين الصخور..
لا يعلم ما يصيبه بالضيق، لكنه يشعر أنه بحاجة للانزواء قليلا للسيطرة على صخب أفكاره المفاجئ..
أما أمواج، فقد سارعت لتبديل ملابسها المنزلية المريحة لأخرى رياضية، وحملت حقيبتها وهرعت نحو والدها تطلب منه أن يقوم بتوصيلها للمركز الرياضي حيث موعد تدريبات اليوجا والرقص النقري، التي تنتظم في حضورهما مرتين أسبوعيا منذ حوالي شهرين ونصف..


يتبـــــــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-07-22, 07:25 PM   #475

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile14 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السادسة عشرة: القسم الثالث

عام استثنائي، تواترت فيه الأحداث بشكل متسارع وتوالت المفاجآت على الجميع..
عبد المنصف الحلواني عاد بعائلته من عمان، والتحقت ابنته الوحيدة أمواج بكلية التربية الرياضية، خلافا لتوقعاته بعد أن كان يظنها ستلتحق بكلية الآداب قسم اللغات الشرقية لتحذو حذوه..
لكن ابنته التي عودته دائما على قراراتها المستقلة، قد اختارت لنفسها كالعادة..
ومع عودته، قرر عبد المنصف الحلواني أن يستقر في نفس التجمع السكني الذي اشترى فيه الوحدة السكنية لابنته، خاصة بعد أن علم أن أخاه عبد الجليل قد اشترى لنفسه منزلا صغيرا بالنظام المزدوج (دوبلكس)، وكذا سيفعل جاراه عاصم مرتجي والد سفيان، وسمير الصاوي والد زهو، ليعودوا جيرانا كما كانوا في حي مدينة نصر..
انشغلت العائلات الأربعة خلال العطلة الصيفية بعملية النقل والتأثيث..
على الجانب الآخر، وفي بقعة أخرى من القاهرة، وتحديدا في حي الزمالك العريق، كانت مناقشة محتدمة بين الدكتور طاهر عزازي وزوجته الدكتورة رقية وابنهما آدم طالب الطب الذي أوشك على إنهاء عاميه الأخيرين بالكلية، ويريد منه والداه أن يركز على دراسة جراحات المخ والأعصاب لتكون هي تخصصه الأساسي عند التخرج..
قالت الأم: "هذا التخصص هو الأرقى حاليا يا بُنيّ.. كما أن رواتبه هي الأعلى في العالم خصوصا في أمريكا وكندا وانجلترا.. فإذا أردت العمل هناك وتحقيق مكانة عالية ودخلا كبيرا، يجب أن تضع هذا التخصص صوب عينيك..
رد آدم بتردد: "ولكنني لا أجد نفسي في هذا التخصص الدقيق للغاية"، ثم أكمل هامسا بنبرة غير مسموعة: (يحتاج لشخصٍ بارد الأعصاب ويتمتع بتركيز خارق.. وأنا بالكاد أتحمل ساعات السهر)..
ناظرته الأم مطولا تتفرس ملامحه محاولة استنتاج ما يفكر به، ولمّا لم تفلح في قراءة أفكاره، همست بنبرة دافئة: "دعني أرشدك لمستقبلك يا بُنيّ.. هل اخترت لك شيئا من قبل ولم يكن مناسبا لك؟"
ابتسم آدم ابتسامة نصفية لم تشي عما يدور بخلده في تلك اللحظات، لكنه قال بنبرة جافة أدهشت والديه: "أريد أن أختار أنا هذه المرة.. أريد التخصص في جراحات العظام.. يستهويني هذا المجال وأظن أنه الأنسب لي"..
رفع الأب حاجبيه مندهشا، بينما سارعت أمه تعلق بنبرة ساخرة: "جراحات العظام؟ ألم تجد سوى هذا التخصص العتيق؟ هل تريدهم أن يقولوا إن ابن عائلة عزازي اختار أسهل فروع الطب؟ أتريدهم أن ينعتوك بالفاشل؟"
رد آدم بندية: "أمي هذا المجال تطور كثيرا في السنوات الأخيرة، وأصبح علما ثوريا بذاته، بعد الاهتمام بالطب الرياضي، كما أن جراحات العظام تساعد الكثير من ضحايا الحوادث على الشفاء بصورة شبه كاملة تنقذهم من الإعاقة.. وهذا في رأيي لا يقل أهمية عن كل التخصصات الأخرى، حتى وإن كان عتيقا كما تقولين.. كما أنني لا أنوي السفر للخارج"، وتابع همسا من جديد: (ما درستُ الطب إلا لأجلكما.. لكنني لا أريده أن يكون هو محور حياتي بالكامل كما كان بالنسبة لكما)..
زفرت رقية بحنق، وهتفت بنبرة ضائقة: "لن أستطيع اقناعك بتغيير قرارك.. صحيح؟"
رفع آدم كتفيه معارضا بطفولية ومعبرا عن تمسكه باختياره، فقالت الأم بنبرة حازمة: "إذًا لتكن أنجح طبيب جراحات عظام في مصر.. وإلا...!!"
ابتسم آدم، ثم تحرك صوب باب المنزل وهو يتمتم: "سأخرج لأتنزه قليلا قبل أن أعود للمذاكرة من جديد"، ثم ركض خارجا قبل أن تعارضه أمه، لكنه سمع صوتها تهتف محذرة من خلفه: "إذا كنت ستقود دراجتك النارية.. فكن حذرا.. يجب أن تحافظ على يديك، فهما رأس مالك الآن"..
زفر آدم، وتوجه صوب دراجته وارتدى خوذته بحنق يحكم وثاقها وكأنه سيشنق نفسه بها..
كان والداه يرفضان تماما اقتنائه لدراجة نارية، كونها غير آمنة، لكنه أصر على شرائها وتعلّم قيادتها، معتبرا أنها الشيء الوحيد الذي شعر من خلاله أنه يقاوم سيطرتهما على قراراته وتصرفاته..
في الحقيقة، يسعى آدم طوال الوقت لإرضاء والديه، خاصة مع وجود تلك الفجوة العمرية بينه وبينهما والتي تجعل التواصل معهما غير سهل، خاصة وأنهما شخصان عمليان لا يفكران سوى بالعمل والمستقبل..
لكنه، من وقت لآخر يصر على تحدي سطوتهما عليه، كي يشعر أن إرادته بيده، لذا، فقد رفض تماما التخصص الذي كانا يصران على التحاقه به..
كان ليصبح جراح مخ وأعصاب ناجحا، ولكنه أصر أن يعاند، كي يشعر أنه صاحب القرار، لذا فقد ركب دراجته وانطلق بها في شوارع القاهرة - على سرعة متوسطة بالطبع، فظل يقودها بلا هُدى ولا وجهة محددة، إلى أن دخل لشارع جانبي ليست به إشارات للمرور، وكان مزدحما بشدة بسبب مرور إحدى عربات (الكارو) التي كان يجرها بغلٌ بدا منهكا وعطشا مع قرب حلول الظهيرة، فتيبس في مكانه ممتنعا عن الحركة، ليوقف خلفه قسرا سربا من السيارات والدراجات النارية وشاحنة صغيرة ..
شعر آدم بالاختناق، فمال بدراجته يقصد العبور إلى الشارع الجانبي، وبالفعل نجح في اختراق بعض السيارات حتى اتجه إلى الشارع الجانبي، لكنه فور أن خرج من بؤرة الزحام، قبض على محرك السرعات، ليرفع السرعة قليلا، وانطلق عابرا للأزقة والشوارع إلى أن لمح أمامه فتاة تبدو في عمر المراهقة تسير شاردة دون أن تراقب الطريق، غير عابئة بسلامتها، رغم أنها لا تسير على رصيف للمشاه.. فالشارع الضيّق قد استغل أصحاب المتاجر الصغيرة المخصصة لسير المشاه، وحولوها لمنافذ لعرض بضاعاتهم التي تضيق بها متاجرهم..
كان سيصدمها حتما لو لم يعجّل بخفض السرعة قبل أن يصل إليها، ثم أوقف الدراجة ضاغطا على البوق كي تنتبه وتتحرك جانبا.. والفتاة حين سمعت البوق، سقطت فزعة، لتتناثر مجموعة أوراق كانت تحملها بين ذراعيها داخل مجلد من الورق المقوى..
صف آدم دراجته إلى جوار المتجر القريب، وترجّل عنها ليقوم بجمع الأوراق المتناثرة قبل أن تتبلل أو تفسدها إطارات السيارات المارة..
حين انتهى من جمع الأوراق، كانت الفتاة قد نهضت واقفة، وأخذت تنظف الأتربة عن تنورتها التي تمزق ذيلها قليلا بسبب السقوط..
سألها آدم بقلق: "هل أنتِ بخير؟"
هزت الفتاة رأسها بلا معنى، فلم يفهم إذا كانت بخير أم لا، فعاود سؤالها برفق: "أتحتاجين مساعدة؟ لا تبدين بخير.. كنتِ شاردة قبل قليل"..
ردت الفتاة بنبرة بائسة: "أنا بخير.. شكرا لك.. أعطني الملف لأعود لمنزلنا"..
أعطاها آدم الملف مترددا، يود لو بإمكانه مساعدتها، فمنظرها ينبئ أنها تعاني خطبا ما، لكنه يبقى مقيد اليدين مع تكتمها الشديد.. فما كان منه في النهاية سوى أن أسرع الخطى صوب ثلاجة المرطبات في المتجر المواجه، وأخرج واحدة من مثلجات المانجو، ومنحها لها، وقال: "هذا اعتذار بسيط عما سببته لكِ من إصابة.. رجاء لا ترفضي"..
ناظرته الفتاة لثوانٍ، ثم مدت يدها لتأخذ منه لفافة المثلجات، وأومأت له دون كلام.. فتحرك هو صوب دراجته النارية بغرض العودة لمنزله كيلا يتأخر فتوبخه أمه، بينما سارت هي بخطوات متمهلة صوب منزلها، فركبتاها ومرفقاها قد أصيبوا بجروح سطحية جراء سقوطها، وأماكن الإصابة تلسعها بشدة..
حين وصلت الفتاة لشقة والديها الصغيرة الواقعة بالشارع المقابل، سمعت مشاجرة تدور بالداخل بين والديها، وكان والدها بالأخص يصرخ ويهين والدتها بكلمات قاسية، بعد أن اكتشفت الأخيرة مؤخرا إصابتها بمرض التهاب المفاصل الروماتويدي، بعد أن شكت مرارا من آلام بعظامها وبخاصة الركبتين..
ضغطت الجرس، فصرخت والدتها هلعا حين فتحت الباب وشاهدتها تبكي، فأخذتها إلى أحضانها تهدهدها وتسألها ما بها..
لم ترد الفتاة بشيء، فظلت والدتها تربت على ظهرها وهي تسألها عما بها، حتى قالت ابنتها: "لقد سقطت أرضا يا أمي وأصيب مرفقاي وركبتاي"..
قالت الأم مواسية: "لا بأس عليكِ يا ابنتي.. ادخلي خذي حماما ساخنا، ودعي الماء يصل لأماكن الإصابة حتى يطهرها، وبعدها سأضع لك بعض (البيتادين) بقطعة من القطن.. طمأنيني أولا يا دكتورتنا.. هل أحضرتِ الأوراق المطلوبة للالتحاق بالثانوية العامة؟"
أومأت الفتاة برأسها، وأعطت الملف لوالدتها، فأمسكته أمها وقبلّته بفرحة وهي تهتف: "بإذن الله سأملأ البيانات وأصطحب والدك لمدرسة البنات الواقعة على أطراف الحي كي نقدّم لكِ الطلب.. كبرتِ يا ذكرى وأصبحت في الثانوية.. لا أصدق كيف مر العمر!! ما هذا؟"، سألتها أمها مشيرة للمثلجات بيدها..
ردت ذكرى بعدم اكتراث: "مثلجات المانجو.. أعطاها لي الرجل الذي اصطدمت بي دراجته النارية "..
دلفت الأم حاملة الملف ومغلف المثلجات، فسحب زوجها المثلجات من يدها وفض غلافها وبدأ بلعقها، والأم تناظره بضيق، ثم تعود لتناظر ابنتها باعتذار، وتهمس لها بشفتيها (سأشتري لكِ غيرها)، فتحركت الصغيرة صوب غرفتها تجهز ملابسها البيتية للاستحمام..
انتهت ذكرى من حمامها، وتوجهت لغرفتها تطهر جرحها بسائل (البيتادين)، ذلك حين سمعت أمها تتشاجر من جديد مع والدها الذي هتف: "من قال إنني سأدخلها الثانوية العامة؟ لن أستطيع تدبر مصاريفها.. ستحتاج للكثير من الدروس الخصوصية"..
ردت الأم تهادنه: "ابنتك ذكية وفطنة.. ستعتمد على نفسها، وسنتدبر الأمر.. لا تستبق الأمور"..
فتحت ذكرى باب غرفتها لكي تشاهد ما يحدث في الخارج، فوجدت والدها يدفع أمها بيده في كتفها، ويقول بصلف: "لا تنقصني مصاريف جديدة.. سأدخلها مدرسة التجارة لتحصل على الدبلوم وتشتغل كعاملة بأحد المصانع أو محلات بيع الملابس.. هكذا ستساعدنا سريعا في مصروفات البيت.. بدلا من مشوار التعليم الطويل هذا بلا داع"..
أخذت الأم تدلك كتفها، وهي تقول: "ابنتنا حلمها أن تلتحق بكلية الطب يا جمال.. لا تكسر حلمها وفرحتها.. لقد حققت مجموعا كبيرا في الإعدادية.. من حقها أن تكمل تعليمها"..
ضرب الأب بقبضته الباب المجاور له، وهتف: "لقد فصلوني من عملي الجديد قبل أن أكمل شهر واحد.. لم أرد أن أخبركِ.. والآن كيف سنتدبر مصاريف علاجك وتعليم ابنتك.. هذا كثير.. فوق طاقتي"..
صرخت آمال وضربت بكفها على صدرها بصدمة، وهتفت: "فصلوك؟ مجددا؟ هذا رابع عمل يفصلونك منه أصحابه خلال أقل من ستة أشهر.. ماذا تفعل لهم ليفصلوك سريعا هكذا؟"
دفع جمال زوجته مجددا، ولكن بطريقة أعنف هذه المرة، فسقطت على المقعد المجاور لها ليصدم مسنده جانبها فتصرخ متألمة، قبل أن يهتف: "هل ستحاسبينني؟ مالكِ أنتِ ومال عملي.. هل تظنين أنك من تسيّرين هذا المنزل؟"
ردت الأم وقد ملأها الغضب: "نعم.. أنا من أتعب لأجل هذا البيت ومنذ سنوات طويلة بعد.. وأنت لا تزال تنتظر معجزة من السماء تحقق لك ثراء سريعا.. تعبت من تواكلك وكسلك.. ابنتك تستحق أفضل من هذا"..
صرخ الأب بنبرة حانقة: "اسمعي. هذا ما لديّ.. لقد مللت من نفس الاسطوانة التي ترددينها على مسامعي لسنوات"..
بادلته آمال الصراخ بانفعال: "ورغم كل تلك السنوات لم تتغير يا جمال.. أنا لن أضيّع حلم ابنتي بسبب تكاسلك وبلادتك"..
صفعها جمال وسحب خصلات شعرها بيده ليرفعها عن مقعدها، لتصرخ ذكرى وتغلق بابها ذعرا، فقامت والدتها بعض ذراعه الأخرى حتى يفكك خصلاتها.. وما أن تركها، سارعت هي تدفعه لخارج المنزل، وهي تهتف: "هذا المنزل لن تدخله مجددا.. بالأساس أنت لا تنفق علينا.. أنت عبء على عائلتنا وكنت أتحملك من أجل الشكل العام فقط"..
هدر هو بصوت جهوري عند باب المنزل: "بل أنتِ العبء يا ملعونة.. لقد أصابك المرض ولم تعودي صالحة لشيء.. سأبحث عن مزاجي في مكان آخر.. أنتِ طالق"
اهتز شيء بداخل الأم، لكنها سارعت تجبر نفسها على رسم وجه جسور لا يبالي، وفتحت باب المنزل ودفعته للخارج، ثم أغلقت الباب بمزلاجين من الداخل كي تحرمه الدخول مجددا..
تحركت عائدة لغرفتها تنوي الانهيار بصمت كيلا تشعر ابنتها بشيء، لكنها سمعت صوت بكاء ذكرى، فاقتحمت غرفتها، وهرعت لتأخذها بين أحضانها، وهي تردد: "لا تبكي.. أنت أميرتي.. والأميرات لا يبكين ولا يُهزمن.. سنحقق حلمكِ سويا.. فلا تحزني"..
همست ذكرى بحزن: "كيف يا أمي؟ أنتِ الآن بحاجة للراحة بدلا من العمل.. لن تتمكني من العمل لساعات طويلة كما سبق"..
أخذت آمال تملس على شعر ابنتها، وهي تقسم أنها ستفعل كل ما في وسعها كي تكون ابنتها الوحيدة سعيدة، فقالت: "سأتحمل الأمر من أجلكِ يا صغيرتي"..
شدّدت ذكرى من عناقها لأمها، وبداخلها تقسم أنها ستتولى منذ الآن العناية بوالدتها كيفما اتفق.. ستبحث عن طريقة.. وحتما ستجد حل..
مرت بضعة أسابيع، وكانت آمال قد تلقت قسيمة طلاقها من زوجها الذي لم يسأل على ابنته منذئذ لدرجة أنه تجاهل الحضور لتقديم أوراق التحاقها بالمدرسة الثانوية كما تفرض الاجراءات..
انشغلت آمال في عملها بالمصنع ومتابعة علاجها، على أمل أن يتحرك الأب لتقديم ملف ابنته للمدرسة، ولمّا يئست منه، هاتفت حماها الذي وافق على القيام بالأمر عوضا عن الأب، وطلب منها إرسال ابنتها بالملف صباح الغد ليتوجها للمدرسة..
في صباح اليوم التالي، جمعت ذكرى ملفاتها، وتوجهت إلى بيت جدها لوالدها، لكي يتوجه معها إلى المدرسة الثانوية لتقديم طلب الالتحاق..
استقبل الجد حفيدته بحفاوة، محاولا أن يمنحها بعضا من الحنان الذي يضن به عليها والدها المتخاذل، لكن الصغيرة بدت وكأنها قد بنت سورا مرتفعا حول قلبها يحجب عنها مشاعر الآخرين من عائلة والدها.. فالفتاة عانت لسنوات سوء معاملة الأخير وتقاعسه عن إعالة أسرته دون أن يقف له أحد..
غادر الجد منزله بصحبة حفيدته التي غيّم على وجهها الحزن برغم التماع عينيها ببريق عزم يبدو مخيفا لشدة إصرارها على ما تنويه من أمر مجهول..
حين، تحرك بها الجد في اتجاه أطراف الحي صوب مدرسة البنات التي تستقبل طلبات الالتحاق بالثانوية العامة، أوقفته ذكرى قائلة: "لا يا جدي.. لن نذهب لتلك المدرسة.. سنذهب لمدرسة التمريض التابعة للمستشفى العام بالحي.. لقد ملأت طلب الالتحاق بالفعل، وأنت من ستوقع عليه بصفتك ولي أمري"..
سألها الجد محتارا بعد أن ناظرها بتفكّر: "لماذا يا ابنتي؟ أليس حلمكِ أن تكوني طبيبة؟"
ابتسمت ذكرى ابتسامة متكلفة شديدة الثقل لم تستطع معها تحريك وجنتيها لكي تتقن رسمها على شفتيها، لكنها ردت بكلمات ناضجة تسبق سنها: "أمي بحاجة للرعاية يا جدي.. وعملها مرهق ويستهلك ما تبقى من صحتها.. وهذا الأسبوع قام مدير المصنع بتقليص وردياتها بسبب تراجع صحتها وعدم قدرتها على الوقوف لساعات طويلة لمتابعة العاملات، فانخفض أجرها بمقدار الثلث.. سمعتها تقول لإحدى زميلاتها في الهاتف أن المدير رأف بحالها بسبب مرضها وكونها مطلقة تعول ابنتها.. أعتقد أنه قد حان دوري كي أساندها"..
فغر الجد شعبان فمه وانعقد جانبا عينيه المجعدين تأثرا لحال آمال وابنتها، لكنه قبل أن يرد تابعت الصغيرة بنفس النبرة التي تختلط فيها المرارة مع القنوط: "كما أن دراسة الطب تحتاج مصروفات كثيرة لن نستطيع تدبرها، وأنا بحاجة للعمل، والتحاقي بدراسة التمريض سيمنحني فرصة عمل سريعة بعد أن أنتهي من دراستي.. كما أنني لو تفوقت بدراستي يمكن أن أنال بعض المكافآت أو أنجح في العثور على عمل بإحدى العيادات أو بمستوصف الحي لمساعدة أحد الأطباء"..
بحزن وعدم حيلة، ربت الجد الطاعن في السن على رأسها بيده المرتعشة، وهو يقول: "بارك الله فيكِ يا ذكرى.. لا أعلم كيف أصبح والدكِ عديم الاحساس بالمسئولية هكذا.. صدقيني يا ابنتي لو كان معي ما يكفي من النقود ما كنتُ تأخرتُ عنكِ أبدا.. لكن معاشي يكفي بالكاد نفقات أدويتي واحتياجات البيت"..
ردت ذكرى بألم، والابتسامة الباردة مازالت تكسو محياها: "لا عليك يا جدي.. أعرف الظروف جيدا.. فقط اجعل أبي يبتعد عن طريقنا ولا يضايق والدتي بأي شكل"..
كتم الجد حسرته في قلبه، ولم يخبر حفيدته أن أباها الآن قد أوقع أرملة في شباكه ويحاول الزواج بها كي تنفق عليه من إرثها من والدها وزوجها..
دلفت ذكرى مع جدها إلى داخل مقر مدرسة ثانوية التمريض القريب من مبنى المستشفى العام، وقدما الأوراق المطلوبة، وقام الجد بالتوقيع على طلب الالتحاق بصفته ولي الأمر، ثم أخرجت ذكرى بضع ورقات نقدية هي قيمة مصروفات الالتحاق بالمدرسة، وحصلت على ورقة بطلبات المدرسة من مواصفات للزي الرسمي والأدوات المطلوبة ومواعيد بدء الدراسة، وغيرها من التعليمات..
وعندما عادت للبيت، وجدت والدتها قد أعدت لها حلوى (أم علي)، وأخذت تستقبلها بحفاوة شديدة احتفالا بالتحاقها بالثانوية العامة كخطوة أساسية نحو حلمها، لكن ذكرى قتلت الأحلام في خيال الأم، حين همست بنبرة محايدة: "أمي لقد التحقت بمدرسة التمريض التابعة للمستشفى العام"..
شهقت الأم وبانت الصدمة على عينيها اللتين جحظتا، قبل أن تزدرد لعابها، وتسأل بنبرة ملتاعة: "لماذا يا ابنتي؟"، وقبل أن تمنح ذكرى فرصة للرد تابعت بصرامة: "غدا سنذهب لسحب ملفكِ والتقديم في الثانوية العامة"..
ردت ذكرى: "كان اليوم آخر موعد للتقديم يا أمي.. كنتُ أعرف أنك ستريدين فعل ذلك، لذلك أجلت التقديم حتى اللحظة الأخيرة.. هذا قراري يا أمي.. ومستقبلي أنا من سأرسمه.. لم أعد راغبة في أن أصبح طبيبة"..
ورغم عنادها في صرف النظر نهائيا عن دراسة الطب، إلا أن أملا أخذ يومض مرتعشا بقلبها وكأنه يخشى البزوغ كيلا تقتله صاحبته في مهده، فاستجابت مستسلمة للحلم، تهمس لنفسها: (ربما إذا سارت الأمور كما أريد.. أصبح دكتورة في وقتٍ ما.. لا شيء بعيد عن متناول يدي إذا اعتنيت بالحلم حتى يزهر)..
احتضنتها أمها التي كانت الدموع قد انسابت من بين أجفانها حزنا على أحلام لوثتها الحياة بيدها السوداء، فهمست لابنتها بأسف: "أعرف لماذا فعلتِ ذلك.. كنتُ سأعتني بحلمك يا ابنتي.. كنتُ لأحقق لكِ أمنيتك الغالية"..
قبّلت ذكرى كتف أمها الذي كان رأسها يرتاح عليه، وهتفت: "لقد تعبتِ بما فيه الكفاية يا أمي.. منذ الآن سأشاركك الوجع.. سنصنع أحلاما جديدة سويا ونلونها معا"..
ظلت الأم تقبّل رأس ابنتها، وهي تهمس في أذنها: "تذكري دائما أنكِ أميرتي ولا تحتاجين لشهادة الطب لتؤكدي ذلك.. من يراكِ ويغمض عينيه عن روعتك وجدارتك سيكون هو الأحمق الخاسر.. أنتِ لم تخسري شيئا.. أتفهمين؟"
هزت ذكرى نفسها، وقد ازداد عزمها على تحقيق أحلامها بشكل أو بآخر..
لا بأس إن تأجلت لبضع سنوات، فهناك أولويات تستحق السعي أكثر من تلوين الأحلام..


يتبــــــــــــــــــــــ ـــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-07-22, 07:31 PM   #476

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewity Smile 1 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السادسة عشرة: القسم الرابع

كان يتجول بثقة في النادي، فرحا بترقيته الأخيرة لرتبة (نقيب).. واليوم جاء مع أخيه الصغير إيلاف تلميذ الابتدائية لكي يقضيا اليوم معا هنا.. ورغم إلحاح خالته سميحة عليه أن يأتي للإقامة معهم في عطلته، لكنه يصر منذ وفاة والدته على الإقامة في بيتها، ولما انتقل والده مع عروسه وابنه إلى شقة أخرى بنفس الحي، رفض هو الإقامة معهم، خاصة وأنه قد التحق بعدها بالكلية الحربية ولم يعد يقيم في البيت كثيرا..
أما بعد أن اشترى والده منزله المزدوج الجديد في التجمع السكني حديث الإنشاء، فظل سفيان على عناده، واستمر في الإقامة في البناية القديمة بقلب القاهرة مفضلا الانفصال بحياته ومعيشته عن أسرة والده التي كبرت بميلاد أخته الصغيرة دانة قبل بضعة أعوام..
تحرك سفيان ممسكا بيد إيلاف صوب حديقة الألعاب داخل النادي، ولم يفته تتّبع عيون الفتيات له بقامته الفارعة وقوامه الممشوق ببنيته العضلية القوية الناتجة عن التدريبات المكثفة المتتابعة داخل وحدته العسكرية..
أدخل سفيان شقيقه إلى إحدى الألعاب، بينما وقف هو جانبا يتابعه، ملاحظا شابة صغيرة في أوائل العشرينات جاءت مع طفل صغير لكي يشارك باللعب..
حين سمحت الشابة للطفل بدخول ساحة اللعب، لاحظ سفيان التماع الإعجاب بعينيها، فسألها بنبرة واثقة: "أنتِ صغيرة جدا على أن تكوني والدته"..
سارعت الفتاة تنفي قائلة: "لا.. لست والدته.. أنا خالته.. واليوم عيد ميلاده، وجئت به إلى هنا كي يبتعد قليلا عن المنزل حتى تجهز والدته للحفل بعيدا عن مشاغباته"..
أشار سفيان بيده نحو صدره ومنحها ابتسامة مغازلة وقال: "أنا سفيان مرتجي.. نقيب بالجيش"
لاح الانبهار على ملامح الفتاة التي مدّت يدها تضع خصلة جانبية خلف أذنها، وهي تقول بخجل: "وأنا سلوى.. طالبة في كلية الحقوق"..
ضحك سفيان ضحكة رجولية جذابة، وقال: "إذًا لدينا شيء مشترك"..
رددت الفتاة باستفهام: "فعلا؟"
قال هو بنبرة واثقة: "أكيد.. اسمعي.. هذه المناقشة تحتاج لوقت أطول وأنسب كي أثبت لكِ وجهة نظري.. ما رأيك أن تعطيني رقم هاتفك المحمول؟"
أخرجت الفتاة من جيبها هاتفها القابل للطي، وطلبت منه أن يمليها رقمه، ثم طلبته لكي يلتقط رقمها ويسجله..
وقبل أن يستكمل وصلة الغزل، جاء من خلفه صوتٌ مشاغبٌ يهمس لمسامعه فقط: "لا أصدق كيف تنجح في الإيقاع بالفتيات بهاتفك الضخم من ماركة (BlackBerry) الذي أصبح عتيقا بعد أن بدأ (Samsung) ثورة الهواتف الذكية التي أصبح الجميع يمتلكها"..
التفت سفيان نحو صديقه نبيل الذي وصل لتوه لكي يقضي اليوم معه، ثم ضربه على كتفه بقبضته وقال بغيظ: "يا غبي.. توقيتك دائما سيء.. يفسد عليّ أجمل اللحظات.. كما أنك ساذج وغشيم.. هاتفي (الـبلاكبيري) هذا، يمنحني مظهرا وقورا وذات ثقة، وكأنني رجل أعمال أو ما شابه.. فيزيد من افتتان البنات بي.. لأنني أبدو أكبر من سني"..
ابتسم نبيل بسماجة، وقال: "ولهذا نجحت خطتك في الإيقاع بالحسناء سلوى.. صحيح؟ سمعتك تمليها رقمك.. والآن ستتصنّع الانشغال قليلا حتى تطاردك هي"..
زفر سفيان بغيظ، وصفع صديقه على رأسه لأنه يضايقه دائما كونه يحب الاستمتاع باهتمام الفتيات ورفقتهن مؤقتا لكنه لا ينوي الارتباط رسميا أو الاستقرار، ثم قال بثقة: "لا أحتاج لتصنع الانشغال.. هي وقعت بغرامي وانتهى الأمر.. ألا ترى نظراتها المستترة الآن من خلفي؟"
هتف نبيل حانقا: "أخبرني كم رقمها بين معجباتك؟.. ومتى ستنفصل عنها بالله عليك.. لقد حفظت الاسطوانة.. تتعرف عليها في أسبوع العطلة وتخرج معها مرتين ثم تعتذر لها بنهاية الأسبوع لأن عملك صعب ويجبرك أن تغيب بالأشهر وهي تستحق من يدللها.. تستحق الأفضل الذي هو بالمناسبة ليس أنت.. صحيح؟"..
زفر سفيان، ووضع كفيه في جيبيه وقال بتفاخر صبياني: "أنا أرفع معنويات البنات وأجبر بخاطرهن"، ثم صمت قليلا يطالع صديقه بغبطة، ليكمل بضيق مفتعل: "لسنا جميعا واقعين في الحب مثلك"..
ناظره نبيل بتحفز، والتفت إلى سفيان يسأله باندفاع: "هل لأنني اعترفتُ لك أنني أحبها، ستظل تضايقني؟"
رفع سفيان كفيه مستسلما، وقال: "يا نبيل.. أنا أمازحك.. لا أقصد شيئا.. لكنني مندهش بالفعل أنك قد وقعت بالحب سريعا وتريد الزواج بأقرب وقت"..
همس نبيل بضيق: "ليس بالقرب الذي أريده.. والدها لن يوافق بالتأكيد.. فالفتاة مازالت صغيرة.. سأنتظر عامين على الأكثر قبل أن أطلب يدها.. لن أتحمل الانتظار أكثر.. وأنت؟ ألا تنوي الاستقرار بدلا من إقامتك في البيت القديم وحدك؟"
رد سفيان بعزم: "أنا مرتاح هكذا"..
في تلك الأثناء، كان إيلاف قد انتهى من اللعب، فركض مسرعا يمسك كف أخيه، ليتحرك ثلاثتهم صوب منطقة العائلات للجلوس مع فتاتيّ عائلة الحلواني.. وزهو الصاوي..
حين وصل الشباب إلى المكان الذي تجلس فيه شادن وأمواج وزهو، سارعت أمواج تقول: "نبيل.. أريد أن أتناول حمص الشام"..
ابتسم نبيل، وقال: "أوامرك يا Mu-Ji هانم.. وأنتِ يا شادي.. ماذا تريدين؟"
ناظرت شادن سفيان بحرج، فوجدته يبتسم، فحركت عينيها بغضب صوب أخيها، وهتفت فيه موبخة: "قلت لك مليون مرة ناديني Shades"..
حرّك نبيل حاجبيه عدة مرات يستفزها، قبل أن يقول: "لكنني أحب أن أناديكِ شادي.. خصوصا بعد سفر نادر.. ليس لي سواكِ في هذا البيت لأناكفه"..
همست شادن بنبرة دافئة: "اشتقت كثيرا لأبيه نادر.. كان الوحيد الذي يدللني في هذا البيت"..
مط نبيل شفتيه بطفولية، ثم سألها متصنعا الحزن: "حقا؟ وأنا؟ ألا أدللكِ يا شادي؟ أشتري لكِ المثلجات والمقرمشات حتى الآن.. والكثير والكثير من القبعات حتى أنكِ نقلتِ الهوس لـ Mu-Ji أيضا.. لكن لا عليك.. أسامحك.. سأظل أنا الأخ المضحي.. يقولون إن الأخ الأوسط هو أكثر من يتعب في العائلة ولا أحد يهتم به.. أخبريني ماذا تريدين؟"
مطت شادن شفتيها بعد أن تنهدت بغيظ، ثم أخذت تتمتم ببعض كلمات الاعتراض الحانقة، قبل أن ترفع صوتها وتقول: "حمص الشام.. ولكنني أريده حارا جدا.. زد من الشطة"..
التفت نبيل نحو زهو، ثم سألها بنبرة رائقة: "وأنتِ يا زهو؟"
ردت هي بحرج: "لا.. شكرا.. لا أريد شيئا"..
قال نبيل: "بل سأحضر لكِ حمص الشام مثلهما.. أتريدينه حارا؟"
هزت رأسها رافضة، فقال سفيان: "سآتي معك.. أظن أن إيلاف أيضا سيود كوبا"، ليغادر خلف صديقه وأعين الفتيات تلاحقهما، لتلفت لأول مرة نظر شادن التي لم تلاحظ من قبل كيف أن العيون تتعقب سفيان بتولّه وهيام كلما حضر للنادي..
عند عربة حمص الشام، كان نبيل ينتظر تجهيز طلبه، بينما وقف سفيان يتحدث إلى بضعة فتيات، قبل أن تأتي واحدة وتشير له ليتبعها، فيهمس لنبيل: "سأعود"، تاركا صديقه يهز رأسه استياء من تصرفات صديقه الصبيانية الذي أصبح يعتبره (مغناطيسا للفتيات)..
سار سفيان إلى جوار الفتاة داخل مضمار المشي، والأخيرة سألته دون تأجيل: "لماذا لا ترد على رسائلي؟"
أخفض سفيان رأسه بأسى لم تلاحظ الفتاة افتعاله، ثم قال: "عزيزتي منى.. لقد تم نقلي إلى بقعة حدودية غير مستقرة.. تعرفين الأجواء.. لا أريد أن أعدكِ بشيء ويفجعك موتي قبل حتى أن نتزوج.. أنتِ تستحقين الأفضل.. وتستحقين من يدللك بدلا من رجلٍ يغيب عنك أغلب شهور العام، وربما لا يعود مجددا"..
هتفت هي بهلع: "أبعد الله عنك الشرور يا روحي"..
ليرد هو بنبرة حاسمة: "صدقيني سأفتقدك كثيرا.. ولكن هذا هو التصرف الصحيح بالنسبة لوضعنا.. لقد رفضت أن أخبرك الأمر عبر الرسائل.. لكنك تستحقين السعادة.. لهذا أطلق سراحك لتجدي فارس الأحلام.. الوداع يا منى"..
أنهى سفيان كلامه تزامنا مع نداء نبيل عليه، فأطرق رأسه بحزن زائف، ثم تركها وهرول صوب صديقه يحمل معه بعض أكواب المشروب الساخن..
حين عاد الصديقان إلى الطاولة، كان إيلاف يجلس بين أمواج وشادن التي كانت تُخرج من حقيبتها عددا من مجلة (ماجد) التي لا تزال تواظب على مطالعتها أسبوعيا رغم أنها ستتم السابعة عشرة من عمرها قريبا..
حين ناظر الطفل المجلة، سحب أنفاسه مندهشا، فقرّبت منه شادن المجلة لكي يتصفحها، وحينما وجدته مشدوها بما يراه، قالت: "يمكنك الاحتفاظ بها يا إيلي.. وأنا سأشتري نسخة أخرى، وفي كل مرة أشتريها سأحضر عددا لأجلك.. ستكون شريك القراءة خاصتي منذ الآن.. هيا صافحني"..
"إيلي؟"، ساءل سفيان شادن بغيظ وعيناه تجحظان بدهشة..
شعرت الأخيرة بالخوف من نظراته الجافة، لكنها قالت بحرج: "هذا اسم التدليل.. مثلي أنا وموچي"..
قال سفيان بغيظ: "أنتِ شادي.. وهو.. إيلي؟ الطفل سينشأ طريا.. أتساءل ما تفعلونه به أيضا وأنا غير موجود"
زفرت شادن ولم ترد، لكن أمواج ردت حانقة: "ماذا نفعل به برأيك؟؟ هل نجدل له الضفائر أم نضع له طلاء الأظافر؟"..
زفر سفيان، واقترب خطوتين ينوي توبيخ أمواج، لكن نبيل غمزه بعينيه يثنيه عما انتوى، ثم سارع يضع أمامها المشروب، ثم وزّع كوبا على كلٍ من الحاضرين، فتنهد سفيان، وتهاوى على أقرب مقعد، فيما همست زهو لأذن صديقتها: "أتساءل كيف يكون وسيما بهذا القدر ولكن جلفا بقدر لا يُحتمل.. أشفق على من ستكون زوجته"..
وصلت كلماتها لمسامع نبيل، الذي سحب كرسيا وجلس في مواجهتها، وظل يناظرها مستاء وهو يتصنع الانشغال باحتساء مشروبه الساخن.. أما هي فأخذت تثرثر مع شادن وأمواج بعفويتها المعهودة، غير مدركة نهائيا لشرارات الغيرة التي تنبعث منه نحوها..
بعد قليل، افترق الصديقان، حيث أخذ نبيل الفتيات إلى منازلهم، بينما توجه سفيان بأخيه صوب منزل العائلة في نفس التجمع السكني الذي يقطن فيه الجميع..
حين أوصل سفيان أخاه، استقبلته سميحة بفرحة، تخبره أنها قد صنعت حلوى (البسيمة) لأجله، لكنه رفض تناولها متعللا بتناوله الكثير من الطعام في النادي، فأخبرته أنها سترتب بعض القطع داخل صندوق من ورق القصدير كي يأخذه معه لبيته..
قال سفيان: "أريد أن أرى دانة وألاعبها قليلا قبل أن أعود لشقتي"..
ناظرته سميحة بعتب، وقالت: "ولِمَ لا تبيت في بيت والدك وتقضي كل الوقت الذي تريده مع أخويك يا بُنيّ؟"
رفع سفيان كتفيه رافضا بطفولية معاندة، لكنه قال بنبرة حيادية: "لا أريد.. أمامي الكثير من الأشياء التي عليّ أن أفعلها قبل أن أعود للسفر"..
في تلك الأثناء، جاءه صوت والده من الخلف: "سفيان.. أريد الحديث معك.. اجلس قليلا مع أختك ثم تعالى لنتحدث سويا في مكتبي"..
جلس سفيان في غرفة إيلاف برفقة أخويه يلاعبهما لبعض الوقت، ثم غادر بعد أن نامت دانة، لكي يتحدث إلى والده..
داخل غرفة المكتب، جلس أمام والده بتحفز، لا يدري ما ينوي عاصم مرتجي أن يحدثه بشأنه لكنه يعلم أنه سيكون أمرا مرفوضا بالنسبة له..
هكذا يشعر ولا تفسير لديه للأمر..
سأله الأب بعد أن منحه نظرة متملية متفحصة: "كيف حالك يا بُنيّ؟ ألن تغيّر رأيك وتأتي لتعيش معنا هنا؟"
وضع سفيان مرفقه الأيمن على المكتب، ثم رد بنبرة حاول أن يجعلها حيادية، حين قال: "أبي.. تقترح عليّ هذا الأمر كل عطلة.. وفي كل مرة أخبرك أن الأمر مرفوض بالنسبة لي"..
قال عاصم بنبرة ملتاعة: "قلبي يؤلمني يا سفيان في كل عطلة تقضيها بمفردك هناك.. لا يرتوي شوقي لك أبدا يا ابني.. أنت ابني الأكبر وسندي وامتدادي في هذه الدنيا ولا أراك إلا لماما"..
رد سفيان بصوت متحشرج: "أنا مرتاح أكثر هكذا يا أبي"..
ناظره الأب متفكرا، ثم قال بنبرة آسفة: "لا تزال غاضبا ولم تسامح وتتجاوز بعد يا سفيان.. بعد كل تلك السنوات"..
شبّك سفيان أصابع يده وأطرق رأسه يطالع يديه هربا من نظرات أبيه، ثم قال: "ليس هناك شيء لأتسامح معه أو أتجاوزه يا أبي.. كما قلتَ.. مرت سنوات كثيرة بالفعل"..
نهض الأب من مقعده، واستدار يجلس أمام ابنه على المقعد الجانبي، ثم أشعل لفافة تبغ وأخذ يمجها بانفعال، حتى أنهى نصفها تقريبا، ثم وضعها على المرمدة، ليرفع نظراته صوب ابنه الأكبر، وهو يقول بنبرة تقطر حزنا: "متى ستقتنع يا سفيان أنني فعلتُ ما فعلت لأجل أخيك إيلاف؟.. ولأجلك أيضا.. أعلم ما تفكر فيه يا بُنيّ.. تظنني كنت أحب خالتك قبل الزواج منها.. صحيح؟"
شعر سفيان بالحرج كون والده يصر على هذه المواجهة، فقال: "لا أظن هذا يا أبي.. وأعلم أنك كنت تحب والدتي كثيرا.. مشكلتي ليست معك"..
سأله والده بغيظ: "أتظن أنها هي من طمعت في مكانة أختها؟ لقد كانت مخطوبة يا بُني بالله عليك.. انظر إليها.. كانت شابة متعلمة وناجحة.. كانت تحمل درجة الماجيستير، وضحت بكل شيء.. عملها ودراستها وحتى زيجتها من أجل أخيك.. كيلا تربيه امرأة غريبة.. أقسمت ألا تجعله يعرف شعور اليتم.. في الحقيقة كانت سميحة هي أكثر من يعطي لتلك الأسرة بعد والدتك رحمها الله.. هي من أسمت ثلاثتكما.. هل كنت تظن أنني أو والدتك كنا سنفكر باسم سفيان.. أو إيلاف مثلا؟"
ضحك الأب بمرارة، ثم تابع ممازحا لكي يلطف الأجواء: "بالكاد أستطيع نطق اسميكما، لكنهما كانا من اختيارها.. أتعلم شيئا؟ زواجي بسميحة كان القرار الأفضل لوضعنا العائلي"..
ناظره سفيان مبديا بعض الدهشة، فتابع عاصم: "ألا تتذكر كيف كانت السيدة لطيفة تتعامل مع والدتك المرحومة لأنها لم تكمل تعليمها؟ وكم كانت ترفض صداقتك لابنها وتظن أن مكانته أعلى منك وأن تأثيرك سلبي عليه لمجرد أنك ابن تاجر جاء من الريف ليغامر بإرثه محاولا النجاح في العاصمة بينما والده قبطان بحر وعمه أستاذ جامعي؟"..
هز سفيان رأسه مؤيدا، فتابع الأب: "ولكن كل ذلك تغير معها حين علمت أن خالتك سميحة حاملة لدرجة الماجيستير، فصارت أكثر تقبلا لعائلتنا بل جمعتها بها صداقة قوية رغم أنها تكبر سميحة بعدة سنوات.. ما أقصد قوله هو أنه لم يكن أبناء هذه الطبقة سيتقبلونك بسهولة – إلا من رحم ربي - وأنت مجرد ابن تاجر محدود التعليم والثقافة، قد فتح الله عليه وزاد من رزقه لدرجة أن المتجر أصبح سلسلة متاجر بأنحاء القاهرة"..
ظل سفيان على صمته، فقال الأب بنبرة يغلفها الرجاء: "بالله عليك أن تنهي تلك الخصومة يا بُنيّ.. أريد أن أطمئن على هذه العائلة.. لن أتركها منقسمة هكذا.. أنت قائد تلك العائلة من بعدي"..
نهض سفيان من مقعده، وقبّل رأس أبيه، وقال: "ما هذا الكلام يا أبي؟؟ حفظك الله لنا وبارك في عمرك.. لا توجد خصومة ولا شيء من هذا الكلام.. أنا فقط.. أرتاح أكثر في البيت القديم، فهو يذكرّني بأمي"..
أمسك الأب سيجارته، وسحب بعض الأنفاس منها، قبل أن يقول: "إذًا لتجعلني أطمئن عليك أنت، افعل شيئا من أجلي.. ألا تفكر في الزواج؟ أريد أن أفرح بك وأراك عريسا"..
ابتسم سفيان بحرج، وقال: "ما بالك اليوم يا أبي؟ ما زال الوقت مبكرا على تلك الخطوة"..
رد الأب متفاخرا: "لقد كنت أصغر منك حين أنجبتك يا ولد.. والآن أريد أن أرى حفيدي"..
ضحك سفيان وقال: "يا أبي.. لماذا تريد أن تكون جدا ولديك الصغيرة دانة لم تصل بعد لسن المدرسة؟ هل تريد أن تبدو عجوزا؟"، كاد أن يكمل جملته ويقول (أمام زوجتك) لكنه توقف في الوقت المناسب قبل أن يسمع توبيخ والده وربما صفعة على مؤخرة رأسه بعد أن تخطى الخامسة والعشرين من عمره..
ضحك الأب وقال: "لا أمانع.. إن كان هذا يعني أن أحمل طفلك على ذراعي.. أنت ابن عمري يا حبيبي.. وفرحتك هي الفرحة الكبرى"..
تنهد الأب بعد أن تمتم بالدعاء لولده بالزواج وأن يرزقه الله الذرية الصالحة، ثم قال: "اسمع يا بُنيّ.. سأذهب إلى البلدة في زيارتي السنوية.. لقد دونّت كل شيء في الدفتر الرمادي في الدُرج الأول من المكتب.. تعلم أن بلدتنا بها الكثير من الفقراء، وأحاول بقدر الإمكان مساعدتهم.. إن حدث لي شيء، أريدك أنت تكمل المسيرة من بعدي.. هذه وصيتي لك"..
من جديد، هتف سفيان معترضا: "ما هذا الكلام يا أبي؟ بل أظن أن المنطقي أن أعطيك أنا وصيتي، لربما حدث لي شيء"..
نهض الأب مندفعا، ووضع يده على فم ابنه وهو ينهره قائلا: "لا تتفوه بهذا الكلام أمامي أبدا.. يعلم الله ما أمر به يوميا منذ أن أعلنت رغبتك في الانخراط في العسكرية.. وأتحمل فقط لأنها رغبتك.. لكنك ستعيش وستعتني بنفسك هناك على خط القتال، لأنك لن تحرق قلب أبيك عليك.. مفهوم؟"
هز سفيان رأسه عدة مرات موافقا بتوتر وعصبية، وهاله تلك الدموع الملتمعة بين أجفان والده، والذي أبى بكبرياء أن يسمح لها بمغادرة الأهداب والتسلل على خديه أمام ابنه، فقال بصوت متحشرج: "أنت ستعيش عمرا مديدا.. وستعانق السعادة يا بُني.. عليك أن تحرص على هذا.. أعرف أن قرار زواجي كان مزعجا بالنسبة لك.. لكنني أفعل أي شيء من أجل سعادتك.. لا تنسى هذا مطلقا"..
هز سفيان رأسه مؤيدا، وقال لوالده: "بالمناسبة يا أبي.. هناك فرصة للالتحاق بقوات حفظ السلام الدولية.. وتلك مخاطرها أقل كثيرا من كتائب القتال الأساسية.. هل سيرتاح بالك إذا انضممت إليها؟"
رد عاصم مهللا: "ليتك تفعل يا بُني.. كي يرتاح قلبي وأطمئن عليك"..
قال سفيان: "إذًا سأقدم الطلب عندما تتاح لي الفرصة، بشرط ألا تطلب مني الزواج قبل أن أكون مستعدا"..
هتف الأب مُرحبا: "لك ذلك يا عزيزي، ولكن المقابل هو ألا تخاصم عائلتك تلك"..
أومأ سفيان رأسه مرة أخيرة، قبل أن يستأذن بالمغادرة لبيته..


يتبـــــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-07-22, 07:33 PM   #477

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile17 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السادسة عشرة: القسم الخامس

بعد مرور ثلاث سنوات أخرى، كان قطار الحياة قد وصل براكبيه لمحطة أخرى حاسمة في حياة كلٍ منهم..
كانت زهو وشادن تحتفلان بتخرجهما من الثانوية العامة وانضمامهما أخيرا لعالم البالغين بالالتحاق بالجامعة.. والأخيرة كان لديها سبب أكبر للاحتفال بعد أن أزهرت أنوثتها أخيرا ووصل قطارها إلى محطة البلوغ بعد طول انتظار، خاصة وأن والدتها ظلت تترقب الأمر بشكل حثيث طوال السنوات القليلة الماضية، لدرجة أنها أقامت احتفالا مصغرا بالأمر داخل منزلها.. ولولا بعض الحياء، لكانت قد أعلنت الخبر للعائلة بأكملها..
ورغم ذلك، فإن لطيفة مازالت تتذمر بسبب ضعف بنية ابنتها ونحافتها التي تجعل جسدها يفتقر للمنحنيات الأنثوية التي تجذب الشباب، خصوصا وأن ابنة خالتها أمواج تُعد أيقونة للسحر والجاذبية، كما أن صديقتها زهو تتمتع بأنوثة مزهرة بسخاء بينما شادن تُفضّل الملابس الفضفاضة وترفض التوقف عن ممارسة رياضتها الذكورية العنيفة..
ولأن الفتيات يتحركن معا دائما، فإن الأمر قد أصبح مدعاة للمقارنة، خاصة داخل أروقة النادي الاجتماعي الذي يرتاده أفراد عائلتي الصاوي والحلواني..
فزهو التي تصغر شادن بنحو عامٍ، والتي انضمت لتوها لكلية التجارة وإدارة الأعمال، قد تلقت العديد من عروض الزواج، لكن والديها رفضا الأمر قطعيا بسبب صغر عمرها..
والوضع مع ابنة خالتها أمواج لا يختلف أخيرا، فالفتاة التي تكبرها بعامين تتمتع بهيئة أنثوية رقيقة وجذابة بسبب تناسق منحنياتها مع قصر قامتها النسبي، فيشكلان مع لون بشرتها القمحية الملتمعة بألق ذهبي أنيق كألف شمس مشرقة، بالإضافة للون عينيها الفريد الذي لا يكاد يثبت على درجة واحدة ما بين الأزرق والأخضر والرمادي بسبب عيبها الخلقي النادر، الذي لا يعد في حالتها عيبا إطلاقا، بل ميزة تسحب الأنفاس وتخطف القلوب والعقول..
لكن، أمواج من ترفض الارتباط تماما، وكأنها اتخذت قرارا ضمنيا بتجميد أي مشروع للزواج حاليا.. لكنها بشخصيتها القوية وروحها الجامحة، تظل صاحبة قلب رقيق من المخمل الدافئ، فلا تسمح لأحد بالإساءة لشادن في وجودها..
أما شادن نفسها، والتي التحقت بكلية رياض الأطفال في المرحلة الثانية من تنسيق الجامعات لأن مجموعها التراكمي كان منخفضا، مازالت ترزح تحت الضغوط التي تفرضها عليها والدتها، والتي ظلت تلومها على قلة تحصيلها العلمي، تماما كما تلومها على عدم اهتمامها بأنوثتها الوليدة..
غير أن شادن كانت سعيدة تماما بنفسها كما هي، كما أنها كانت تريد الانضمام لتلك الكلية تحديدا رغم معارضة أمها..
بطريقة ما، تشعر شادن أن العمل وسط الأطفال سيكون هو واحة السلام بالنسبة لها، فقد جربت التعامل مع الكبار واكتشفت مدى صعوبة الأمر..
فالكبار يفتقرون للتلقائية، كما أنهم مجحفون في أحيان كثيرة..
أما أمها، فلم تكن تظن أن هناك جدوى لتخطيطها للعمل بعد التخرج، فالفتاة بشكل عام مهما اجتهدت وكافحت، فإنها لن تساوي شيئا في هذا المجتمع دون أن تكون ربة منزل ناجحة..
لذا، فقد استسلمت شادن لإلحاح والدتها، وتوجهت صباح اليوم صوب صالون التجميل القريب من منزلها مع أمواج وزهو وشذى ومرح، وذلك لتجديد إطلالاتهن، فالأخيرتان قدمتا مع والديهما في إجازة نادرة، حيث أصرت لطيفة على شادن أن تقوم بفرد شعرها بالمكواة بمناسبة عيد ميلادها، وذلك بعد أن رفضت الأخيرة أن تعالجه بالكيراتين ليصبح منسدلا ومفرودا لعدة أشهر..
ورغم المشاجرة المحتدمة، إلا أن شادن صممت على معارضة أمها لأنها تحب خصلاتها المجعدة، غير أن جميع من يحيطون بها – عدا والدها - يريدونها أن تمتلك شعرا منسدلا براقا..
الطريف أن فتيات العائلة جميعهن يمتلك شعرا مموجا بطبيعته، لكن أمواج وشذى تعتنيات بإطلالاتهما أكثر من شادن، كما أن مرح ترتدي الحجاب، فلا تعاني من مشكلة..
أما شادن التي يعتبر شعرها الأكثر تجعيدا وخشونة بينهن، فهي ببساطة لا تهتم، خاصة وأن والدها يخبرها دائما أن شعرها المجعد هذا دليل على أن رأسها تمتلئ بالأفكار النيّرة التي من شأنها أن تغير الكون إذا استمعت لصوتها الداخلي..
تظن شادن أن تحديها الدائم لوالدتها واعتدادها بهيئتها العصرية، مبعثه تأخر أنوثتها في الإزهار والتي سببّت لها ضغطا عصبيا كبيرا من أمها لبضع سنوات، فأصبحت الآن تعاند وتتمرد وتصر على أزيائها العملية التي لا تساعد أنوثتها على البروز كما تريد والدتها..
في الحقيقة، تشعر شادن بحرج شديد بعد الانتقال من مرحلة كانت تتصرف فيها على طبيعتها إلى مرحلة أخرى، عليها التصرف فيها.. كالفتيات، بكل أنوثة ودلال..
لكن أمها لا تفهم ذلك.. أمها تريدها فقط أن تتدرب على أن تكون نسخة منها، فتظل تردد: "كلي قليلا.. اكتسبي بعض المنحنيات"..
"انظري صدرك لا يظهر من تلك الحمالة المسطحة.. سأشتري لكِ نوعا آخر مبطنا يضبط ملابسك أكثر"..
"تعالي أعلمك الطهي.. أنتِ لا تمتلكين مميزات تلفت نظر أحد.. يجب أن تمتلكي بعضا من المقومات التي تجعلك امرأة لكِ قيمة في سوق النساء"..
لن تنسى شادن أبدا تلك المرة التي سمعت فيها أمها تتحدث مع صديقتها سميحة في النادي، فوصفتها بأنها: (لا شكل ولا جسم)..
كانت أمها تمازح صديقتها بأن ابنتها لا تمتلك سوى عينين واسعتين فقط.. ورغم أن الأخيرة ردت أن عينيها تعكسان جمال اسمها، فهي كغزال بري جميل واسع العينين بقلب دافئ رقيق وقوام رشيق، إلا أن ملامح أمها تظللت بالامتعاض وأخذت تردد أن (الشباب لا ينظرون إلى العيون عندما يبحثون عن عروس، خاصة إذا كانت صاحبة تلك العيون كثة الشعر)..
وبرغم أنها لم تدرك أن ابنتها قد استمعت لكلامها الساخر، إلا أنها ظلت تحاول أن تدرب ابنتها على أن تتحدث بدلال وتهتم بإطلالاتها وشعرها، وأن تختار ملابس ناعمة بألوان جذابة، بدلا من سراويل الجينز فضفاضة السيقان مع الكنزات الواسعة والشعر المموج أعلى رأسها مثل أعشاش الطيور في الربيع، ولكن ابنتها ظلت تقاوم الأمر بكل استماتة، مما زاد الفجوة بينها وبين والدتها، رغم محاولات والدها لرأب الصدع منذ أن خرج إلى المعاش..
واليوم، حاولت شادن أن تستمر في تمردها فتمتنع عن التأنق بشكل خاص، لكنها استسلمت لنبضة غادرة من قلبها الذي ظل مغلفا بالأشواك لسنوات، وقررت أن تبدو أنثى للمرة الأولى في حياتها.. بسببه هو..
سفيان..
لن تنكر شادن ذلك الأمر الذي لم تخبر به أحدا حتى الآن.. شعور مختلس يفرض سيطرته على نبضات قلبها، فيرفرف كآلاف الفراشات في بستان مزهر، وذلك كلما شاهدت سفيان..
تعتبره سرها الذي تطويه بعناية بين صفحات دفتر أيامها، فتهيل عليه ستار ا ناعما من الحرير، رغم أنها لم تبدأ في ترقب ذلك الشعور إلا منذ زيارته الماضية، لكنها استسلمت تماما لهذا الشعور ولم تقاومه على غير عادتها..
شادن تتذكر جيدا كيف كان سفيان لطيفا وحنونا معها في طفولتها، وحتى أنه كان ينهر نبيل كلما ضايقها بمزاحه الذكوري الثقيل معها، رافضا أن يناديها الأخير باسم (شادي) ويعاملها كأخيه الأصغر.. بل كان يحرص على أن يناديها دوما (يا بنت) وكأنه يريد أن يرشد نبيل ضمنيا عن الطريقة المفترضة للتعامل معها.. فظل يحرص عندما يذهب مع نبيل للمدرسة لاستقبالها مع زهو على إهدائها المقرمشات والحلوى والشوكولاتة..
صحيح أنه كان يقدم تلك الهدايا لزهو أيضا، لكنها كانت دوما تشعر بالراحة في وجوده بشكل خاص..
يصبح العالم آمنا وهادئا في وجود سفيان، وكأنه يستطيع تلجيم جموح نبيل وتقويم حبه للمشاكسات والمقالب..
لكنه تغير كثيرا بعد زواج والده، فأصبح صارما حادا مع الجميع من حوله وأمسى يناديها (شادي) مثل أخيها بل ويجاريه في خشونته ومزاحه الذكوري الثقيل، إلا أنها في السنوات الأخيرة، لمست منه جانبا مختلفا عندما بدأت تلاحظ تصرفاته مع الفتيات داخل النادي..
وكأنه يتحول معهن ليصبح رجلا جذابا يوقعهن فقط بنظرة وابتسامة..
لم تكن تهتم في البداية، لكن الأمر بات يضايقها مؤخرا.. ولا تفهم السبب..
والآن – بسببه - ستجرب للمرة الأولى معانقة أنوثتها والاحتفال بها.. تريد أن ترى نظرته - تلك التي يمنحها للفتيات – موجهة لها هي.. تريده أن يخصها بابتسامته الذكورية التي تسرق بعضا من نبضاتها..
شادن لا تتفاهم كثيرا مع أنوثتها، إلا حين يكون سفيان متواجدا في المحيط.. وهذا شيء غامض.. ولذيذ.. وعليها استكشافه..
الليلة في حفل عيد ميلادها، ستظهر شادن كامرأة كاملة الأنوثة، وستضمن أن يناظرها سفيان بالنظرة التي تستحقها وتتمناها..
تشعر شادن أن رغبتها ستتحقق أخيرا في هذا اليوم المميز.. فالاحتفال بعيد ميلادها الثامن عشر سيكون رائعا ومكتملا، ليس فقط بسبب الأجواء العامة المسيطرة، ولكن لأن تلك هي المرة الأولى التي تجتمع فيها فتيات العائلة بالكامل منذ الطفولة، حين هاجرت الدكتورة فريال الخالة الكبرى أولا مع عائلتها، وتبعتها بعد سنوات قليلة الخالة الوسطى فايزة لكن هجرتها لم تطل وعادت من جديد للوطن..
فقد عادت مؤخرا الدكتورة فريال مع زوجها الدكتور مصطفى والي وابنتيها مرح وشذى من لندن في عطلة طويلة، حيث قررت شذى أن تخوض منافسات مسابقة (ملكة جمال مصر)..
كما ستأتي عائلة خالتها فاطمة أيضا للزيارة من السويس.. والأهم.. عودة أخيها الأكبر نادر مع أسرته.. زوجته ميشا وابنهما نائل..
زيارة نادر هي أكثر ما تترقبه شادن اليوم.. ربما أكثر من النظرة التي تحلم بها من سفيان.. فأخوها الأكبر الذي هاجر لكندا في بعثة علمية منذ سنوات، قد تزوج هناك من زميلته في فريق البحث ميشا جريفنهولد، ثم أنجبا ابنهما الوحيد نائل الذي يبلغ من العمر بضعة أشهر فقط..
في الحقيقة، جزء كبير من افتقاد شادن له مرجعه أنه يحرص دوما على أن يعاملها بلطافة وليس مثل الجلف نبيل وصديقه الأجلف منه.. كما أنه رغم بُعد المسافات يحرص على التواصل معها على الأقل مرتين أسبوعيا من خلال برامج المحادثات الإلكترونية، ويحاول في كل مرة أن يذيب بعضا من آثار كلمات والدتهما السامة بأذنيها.. كما أن شادن لاحظت أن والدتها تكون أهدأ وألطف في وجوده..
ففي كل مرة يأتي فيها نادر للزيارة، تتحول معاملة والدتها لها تماما، وتصبح أكثر دفئا.. ما جعل شادن تصدق ظنها القديم، أن أمها تشعر بالضغط العصبي بسبب هجرة نادر وابتعاد نبيل المتكرر نتيجة مجاله الصعب، لذا فإنها تفرغ بعضا من حنقها عليها..
خرجت شادن من شرودها على صوت مصففة الشعر التي انتهت من عملها وطلبت منها أن تتفحص شكلها الجديد، فوقفت بخيلاء أمام المرآة تطالع هيئتها الجديدة.. كانت تبدو كفتاة رقيقة ناعمة.. ويا له من شعور جميل تراقص له قلبها..
طالعت الفتيات حولها... أمواج بشعر متدرج الطول وقد صبغت بعض خصلاته باللون الذهبي وأخرى بالعسلي، ليتماوج شعرها بدرجات مختلفة من البيج للبني.. تبدو مثل فتاة الأحلام..
أما شذى، فلم تصبغ شعرها البني، واكتفت فقط بتدريم أطرافه حتى يزداد طولا وكثافة، خاصة وأنها كانت قد أخضعته للعلاج في لندن ليصبح ناعما براقا..
ومرح قصت شعرها حتى الكتفين وصبغته بلون أحمر داكن، لكنها عادت وأحاطته بسياج حجابها.. بينما قصّت زهو غرتها الأمامية لينسدل شعرها الأسود الناعم على جبينها وحول خديّها ليمنحها مظهرا شهيّا مع استدارة وجنتيها وشفتيها.. لتبدو كمزيج رائع بين الأنوثة والبراءة خاصة مع نظراتها النقية..


يتبــــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-07-22, 07:35 PM   #478

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:sss4: وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السادسة عشرة: القسم الأخير

حين وصل نبيل بسيارته ليعيد الفتيات للمنزل، استرخت شادن إلى جانبه، بينما رمقها هو بنظرة مشدوهة فغر لها فمه لعدة لحظات، قبل أن تمد أمواج يدها من المقعد الخلفي وتغلق فمه وتسدد إليه نظرة متسلية مع ابتسامة شامتة، فاستدار لها فجحظت عيناه، ثم مر ببصره على مرح وشذى وزهو..
زهو.. توقف قليلا عند الأخيرة، حتى دفعته أمواج بمرفقها، فتنحنح وعاود النظر أمامه، قبل أن يسدد نظرة أخرى لزهو من مرآة السيارة لم تلاحظها هي حيث كانت تمسك بهاتفها وتحادث والدتها..
قالت شادن بإجهاد: "لقد تعبتُ والله.. تشنجت رقبتي وأصابني الصداع من مكواة الشعر.. أحتاج لأنام وإلا ستجدونني أنسدح مساء على الطاولة قبل أن أطفئ الشموع"..
ضحك الجميع فقال نبيل ممازحا: "أظنك ستكونين أجمل وقد زينتِ وجهك بالكريمة والشوكولاتة وقطع الفاكهة بدلا من أحمر الشفاه"..
ضربته أمواج بقبضتها على كتفه وقالت مغتاظة: "يا لك من غليظ".
ضحك الجميع، لكن شادن ردت بتسامح: "دعيه يا Mu-Ji.. إنه يمزح"..
أمسك نبيل بيد أخته وقبّلها، لكن عينيه التمعتا بمشاكسة أقلقتها، فهمست بتوتر: "ما الأمر؟ ماذا؟ هل ستدبر مقلبا جديدا؟"
بدّل نبيل نظرته على الفور، ثم عاود النظر أمامه للتركيز في القيادة، وقال بنبرة بريئة: "لا طبعا.. لن أفتعل مشكلة تجعل أمي تطردني من البيت أمام الجميع.. لن أفعل شيئا"..
ضيّقت شادن حاجبيها، ثم قالت بفضول: "لا أصدقك.. لن يكون اسمك نبيل ما لم تفعل شيئا مشاغبا.. أحفظك جيدا"..
حرّك نبيل حاجبيه ولم يرد، فتنهدت هي وجمعت شعرها إلى الجانب لترخي رأسها على مسند مقعدها..
عاود نبيل النظر نحو زهو التي كانت منشغلة بالحديث مع الفتيات، لكنها لاحظت انشغال أمواج بتفحص هاتفها بشكل حثيث، فسألتها عن الأمر..
قالت أمواج بنبرتها الحماسية المألوفة: "لقد وصلت خالتي فاطمة إلى بيتنا ومعها عمو عدنان وبحر وفرات.. كان بحر يخبرني بوصولهم"..
عاودت أمواج النظر لهاتفها، تنتظر تحميل الصورة التي أرسلها لها بحر..
رغم عدم جودة الصورة، إلا أنها قد نجحت في خطف أنفاسها..
لقد كانت الصورة هي هدية بحر لها، حيث أحضر لها سلسلة على شكل (عروس بحر تتوارى خلف أمواج بحرها الزرقاء فلا يظهر منها سوى الذيل.. ويبقى البحر حافظا لسرها الذي يزيدها غموضا)..
رفرفت السعادة حول أمواج التي غابت تماما عما يدور حولها من أحاديث بين مرح وشذى وزهو، فأنظارها معلقة بشاشة هاتفها الذكي، تتخيل شكل السلسلة عليها، فقررت باندفاع أن ترتديها الليلة، وشرعت تنسق في ذهنها الإطلالة التي ستطل بها في الحفل..
ستطل بسروال فضفاض بدرجات الأزرق المموج، مع بلوزة ناعمة من الشيفون الشفاف باللون الأبيض وتحتها بطانة بدرجة الأزرق المائي.. كما أن لديها بضعة دبابيس للشعر مزينة بالكريستال على شكل عروس البحر، ستختار إحداها وتضعها بجانب شعرها..
بعد أن ارتاحت لقرارها، نادت أمواج نبيل باندفاع قائلة: "أسرع يا نبيل.. أريد أن ألحق لتجهيز إطلالتي من أجل المساء"..
ناظرها نبيل مستاء، ثم قال معاتبا بمزح: "تريدين الإسراع لأن خالتك فاطمة عادت.. صحيح؟"
هزت أمواج رأسها عدة مرات مؤيدة، فضحك هو بعفوية، قبل أن يزيد السرعة ويوصل أمواج وزهو لمنزليهما، قبل أن يعود لبيت عائلته مع مرح وشذى وأخته شادن، التي أسرعت لسريرها قبل حتى أن تمنح لوالدتها الفرصة كي تتأمل إطلالتها الأنثوية..
أما نبيل، فقد استكمل رحلته صوب مطار القاهرة لاستقبال نادر وأسرته، لكنه هذه المرة عرج على بيت سفيان في مدينة نصر لكي يصاحبه في ذلك المشوار..
انشغل سفيان بتصفح هاتفه فيما كان نبيل يقود سيارته بسلاسة، فسأله الأخير بفضول: "من تحادثك اليوم؟؟ سالي أم رشا؟"
زفر سفيان، وهتف: "لا شأن لك.. انتبه للقيادة"..
لاحظ سفيان أن صديقه بدا سعيدا على غير العادة وكأنه لا يستطيع تمالك حماسه، فعلم أنه بصدد تدبير مقلب جديد، فسأله بتحفز: "من تعيس الحظ الذي سيكون ضحيتك اليوم؟"..
ابتسم نبيل كقط مشاكس اكتشف مكان مخزن الطعام لتوه، فلمعت ومضة بعقل سفيان الذي هتف: "شادي؟ ماذا ستفعل بها اليوم يا غبي؟"
رد نبيل: "أدبر لها مقلبا مذهلا.. لقد رأيته منذ يومين على اليوتيوب، وأجهز له حتى أنفذه كما يجب"..
هتف سفيان معارضا: "يا أخي.. اتركها في حالها.. وتوقف عن تلك المقالب السخيفة بحقها.. ستصيبها بالجنون"..
ضرب نبيل على مقود السيارة، وهتف بحماسته المعتادة: "لا شأن لك.. هذه طريقتي في المزح معها.. والأمر لا يغضبها"..
سأله سفيان متفكرا: "هل أنت متأكد؟"
منحه نبيل نظرة متحيرة، ثم سأله بعد أن عاود النظر أمامه ليركز في القيادة: "ماذا تقصد؟"
رد سفيان: "لا شيء.. لكنها تبدو مختلفة مؤخرا.. وكأن شيئا قد تغير بها"..
رفع نبيل حاجبه يفكر، ثم قال: "ربما لأنها ستدخل الجامعة.. لا تقلق.. سأعتني بها"..
رن هاتف سفيان من جديد معلنا وصول رسالة، فهتف نبيل ممازحا: "أخيرا تخليت عن هاتف المحاسبين وموظفي البنوك خاصتك"..
رد سفيان ضاحكا: "نعم.. اقتنيت هاتفا ذكيا مثل الجميع.. لكنني لا زلت أشعر بالغرابة وأنا أستخدمه معتمدا على اللمس بدلا من الأزرار.. أعرف أنكم جميعا قد سبقتموني بتلك التكنولوجيا.. لكنني والله يا أخي كنتُ مرتاحا بهاتفي"..
ضحك نبيل وقال: "أنت رجل عتيق"..
طالع سفيان الرسالة، ثم تنحنح وقال لصاحبه: "أريد أن أحدثك بأمر هام"، ولّما هز نبيل رأسه، تابع سفيان: "سأقدم طلبا للالتحاق لقوات حفظ السلام الدولية.. لقد كنت أفكر في الأمر منذ أكثر من عامين.. وقد حسمت قراري"..
"لماذا يا صاحبي؟".. سأله نبيل الذي كان يركز في القيادة بعينيه ولكن يستمع لصديقه بنفس الانتباه بأذنيه..
رد سفيان: "أبي أصبح في الفترة الأخيرة متخوفا على حياتي.. لا أدري السبب.. لكنني كلما عدت في عطلة أجده قد أصبح يبدو أكثر عمرا.. فأخبرته أنني سأنتقل لقطاع أقل خطرا.. ولم أجد سوى قوات حفظ السلام الدولية"..
قال نبيل بحسم: "لن تذهب بدوني.. أنا معك في أي مكان تذهب إليه"..
رد سفيان: "إذًا لنفعلها"..
كان نبيل قد صف سيارته بعد وصولهما للمطار بالفعل، فهرعا بالفعل إلى الداخل لاستقبال نادر وأسرته..
لحظات دافئة مرت بين الشقيقين الذين تبادلا العناق بشوق، ثم حمل نبيل ابن شقيقه نائل بعد أن رحب بزوجته وهنأها على سلامة الوصول، فيما أسرع سفيان يساعد نادر في جمع الحقائب، ثم قادها إلى صندوق السيارة..
طوال رحلة السيارة للمنزل، كان نبيل يسرد على نادر آخر أخبار العائلة، والأخير فرح كثيرا عندما علم أن الخالتين فريال وفاطمة وأسرتيهما هنا في القاهرة، فقال بفرحة: "ستكون عطلة مذهلة"..
بعد وصول نادر إلى منزل والديه، وتبادله العناق مع والديه في لحظات شوق ملتهفة، سارع بتقديم عروسه وابنه لوالديه قائلا: "أبي.. أمي.. هذه زوجتي ميشا.. وهذا صغيرنا نائل"..
تحرك عبد الجليل نحو زوجة ابنه يمنحها عناقا أبويا ويطبع قبلة على جبينها، ثم حمل الصغير نائل وأخذ يدلـله كونه أول حفيدٍ له..
أما لطيفة، فقد طالعت ميشا بامتعاض، ولكنها لانت على مضض بعد غمزة من نبيل، لتسارع بتقبيل ميشا والترحيب بها في العائلة، وبداخلها تهمس بحنق: (لم يجد سوى الأجنبية ليتزوجها.. ستبعده عنا وتجعله متشبثا بالغربة)، لكن قلبها تحرك للصغير فأسرعت تحتضه وتقبّله، ليقول نبيل فجأة: "مازالت شادي نائمة.. سأذهب لأوقظها لترحب بها يا نادر"..
عاتبه نادر بنبرة مغتاظة قائلا: "أمازلت تسميها شادي؟ الفتاة أصبحت شابة جميلة.. توقف عن سخافاتك معها"..
قال نبيل بثقة معاندا: "هي تحب ذلك.. لا تهتم"، ثم تحرك صوب غرفة شادن بينما خرجت مرح وشذى من غرفة الضيوف للترحيب نادر..
قالت مرح بحرج: "عذرا لأننا سيطرنا على غرفة الضيوف اليوم.. سنغادر بعد الحفل"..
رد عبد الجليل مسرعا: "نادر وزوجته وابنه سيتوجهون لشقتهم في البناية الواقعة قرب المركز التجاري.. هذه شقته التي جهزتها له.. اليوم أرسلت من ينظفها من أجله"..
سارع نادر يشكر والده ويطبع على رأسه قبلة امتنان، قبل أن يترجم لزوجته همسا ما قاله الأب، لتتهلل أساريها بتلك اللفتة الجميلة..
أما في غرفة شادن، فقد استغل نبيل غرقها في النوم، وسارع بتنفيذ الجزء الأول من خطته، حيث أحضر مجموعة من البالونات الممتلئة بغاز الهيليوم، والتي كانت تتزين بها صالة الاستقبال في المنزل، وربط كل واحدة من البالونات بطرف شريط ملون من الحرير، ثم ربط الطرف الآخر بخصلة من شعر شادن الذي كانت تفرده خلفها على الوسادة كبساط من الحرير كيلا يتجعد وتفسد تصفيفتها الأنثوية الناعمة، حتى أصبح شعرها يشبه الشرشف الذي اتصلت أطرافه بمظلات أو مناطيد ملونة..
سارع نبيل يوقظ أخته بعد أن اطمأن لتنفيذ النصف الأول من مقلبه، وفور أن لمحها تتململ وتفتح عينيها لتستفيق، سارع بتسليط هاتفه على وجهها، كي يلتقط في مقطع فيديو مسجل رد فعلها ، كما يسجل أيضا منظر البالونات وهي تسحب خصلاتها وترفعها صوب سقف الغرفة لتبدو إطلالتها الغريبة كمزيج بين الساحرة ومهرجة السيرك..
استيقظت شادن بذهن مشوش، ولم تفهم ما الذي يفعله نبيل في غرفتها شاهرا هاتفه الذكي في وجهها هكذا، فمنحته نظرة متسائلة، قابلها هو بابتسامة واسعة محافظا على اتزانه كيلا يستسلم للضحك فتكتشف مقلبه مبكرا..
اعتدلت شادن جالسة على السرير، ثم تثاءبت وسألته: "ماذا هناك؟ ماذا تفعل؟ ماذا....."، لكنها لم تكمل أسئلتها المندهشة عندما أحست أن خصلات شعرها الطويلة الملساء تترك كتفيها وظهرها وتتحرك صوب السماء، فشعرت بالهلع ووضع يديها على رأسها لتكتشف أن خصلاتها مربوطة بشيء ما.. بل عدة أشياء..
سارعت صوب مرآة التسريحة ونبيل مازال يتبعها بهاتفه، ولمّا استقرت عيناها على المنظر الماثل أمامها، وضعت يديها على فمها وصرخت بضيق، ثم أنزلتهما وضمت قبضتيها لتلكم ذراعه بعنف، قبل أن تنادي والدتها..
ركضت لطيفة لداخل الغرفة يتبعها نادر ومرح وشذى، وفوجئوا بمنظرها الغريب، فلم يتمالكوا أنفسهم من الضحك، ما أغضب شادن وأشعرها بالحرج والاحباط، فصرخت في الجميع: "أخرجوا.. لا أريد أحدا هنا"..
أمسك الجميع عن الضحك، واعتذرت مرح وشذى بتمتمات خافتة قبل أن تغادرا الغرفة، لكن لطيفة لم تخرج، وظلت توبخ نبيل الذي شعر الآن فقط أن مقلبه كان أحمقا وسخيفا، فاعتذر باقتضاب وسارع بالهرب خوفا من بطش أمه التي تبعته تهتف بحنق: "يا غبي.. وأخيرا بعد أصبحت تشبه الإناث، تأتي أنت لتفعل تلك الحماقات"..
تصلّبت شادن في وقفتها على الرغم من تلك الرجفة التي لامست أسفل ظهرها فأصابتها بالقشعريرة، فلاحظ نادر الذي كان في سبيله للخروج، فوقف عند الباب ثانيتين يفكّر، ثم أغلقه وعاد للداخل يسألها بحنو: هل أنتِ بخير؟"


نهاية القصاصة
قراءة سعيدة


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-07-22, 11:45 PM   #479

al gameel rasha

? العضوٌ??? » 424155
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 244
?  نُقآطِيْ » al gameel rasha is on a distinguished road
افتراضي

الام صعبة فعلا
حقها شادن تدور على حياة بعيده عنها


al gameel rasha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-07-22, 01:03 AM   #480

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 19 ( الأعضاء 7 والزوار 12)
‏موضى و راكان, ‏مروة سالم, ‏egmannou, ‏المسك الطيب, ‏زهرة ميونخ, ‏al gameel rasha, ‏Seham Al sibae


سبحان الله الذى خلق البشر مختلفين كما أصابع اليد


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:15 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.