آخر 10 مشاركات
تحت إيوان النخاس (3) * مميزة ومكتملة * ...سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          جنتي هي .. صحراءُ قلبِكَ القاحلة (1) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          يبقى الحب ...... قصة سعودية رومانسيه واقعية .. مميزة مكتملة (الكاتـب : غيوض 2008 - )           »          339 - على ضفاف الرحيل - آن ويل (الكاتـب : سيرينا - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree12256Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-08-22, 05:45 AM   #591

Nour fekry94

? العضوٌ??? » 461550
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 339
?  نُقآطِيْ » Nour fekry94 is on a distinguished road
افتراضي


بوران قمر اوي مستنية دوره في الرواية و مشاهده جدا ❤❤❤

Nour fekry94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-08-22, 11:47 AM   #592

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

يا حلوين.. شكرا على ٥٠ الف مشاهدةو ٣٥٠٠ اعجاب.. ارجو يزيد التفاعل ولكن حبيت اشكركم 😘😘😘

مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 22-08-22, 07:17 PM   #593

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile21 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الحادية والعشرون: القسم الأول

القصاصة الحادية والعشرون
(الغموض البنّاء)

ثمة مصطلح معروف في علم السياسة يُسمى (الغموض البنّاء)، وهو مبدأ تفاوضي يسعى فيه الطرف الأقوى في التفاوض لفرض تفسيراته على الطرف الأضعف، فيقبل بشروطه بسهولة..
وفي ظل مبدأ (الغموض البنّاء)، يقوم الطرف الأقوى بالتفاوض بترك الأفكار مطاطة والعبارات مرنة بحيث تتيح للطرف الآخر أن يتوهم حصوله على مميزات وإيجابيات، كما يُدخل عنصر الزمن في حل الصراعات، على اعتبار أن ما يرفضه الطرف الآخر اليوم قد يقبله غدًا..
والتلاعب ليس سمة تخص السياسيين فقط، فالاحتيال أيضا أداة ضرورية للعاشقين يتفاوضون بها في سوق الغرام كلما لاحت الخسارة في الأفق..
وإذا كان العاشق المخادع يمكنه النجاة في معركة يخوضها بقوانينه وشروطه، والعاشق الجبان يتجنب المواجهة محاولا حماية قلبه من التمزق، فإن العاشق الصادق يستحق الاحتفاء حتى بلحظة خسارته، ذلك أنه قد اتبّع قلبه وحارب بنبل حتى خسر بشرف..




رحلة طويلة قطعاها من مدينة اسطنبول إلى مسقط رأسه بقرية (مصطفى باشا) الجبلية.. عشر ساعات بالقطار أوصلتهما إلى بيت عائلتهما القديم بعد أن أمضى بوران وأخته آيتان العامين الأخيرين ما بين اسطنبول وقبرص لانشغال الأخ الأكبر في تصوير العديد من حملات الدعاية وبعض المسلسلات ذات الإنتاج المحدود والتي تم إيقاف عرضها تباعا بسبب عدم تحقيقها معدلات مشاهدة جيدة مقارنة بالمسلسلات التي تنتجها شركات إنتاج ضخمة ويرعاها العديد من المستثمرين من أصحاب الماركات التجارية الشهيرة..
مازال بوران أوزديمير ينتظر للآن اللحظة التي يبتسم فيها القدر له، فيحصل على دور البطولة في عمل فني جماهيري يحقق لحياته المهنية قفزة مذهلة تضعه في نصاب نجوم الصف الأول في تركيا، إذ أنه كان على شفا الإفلاس لولا عمله الآخر الذي يدر عليه دخلا كبيرا يساعده على إعالة شقيقته الصغرى والوحيدة آيتان بعد وفاة والدتهما قبل أعوام قليلة..
أما والدهما، فهو خارج الصورة تماما، إذ هاجر لألمانيا منذ أكثر من عشرين سنة ولم يهتم بالعودة لعائلته أو حتى مراسلتها والمساعدة في إعالتها.. وكأنه قد أسس لنفسه حياة جديدة، ولم يعد يهتم بتلك التي تركها خلفه في قرية جبلية فقيرة..
انقطعت أخبار الأب تماما منذ هاجر، حتى أنه لا يعرف إن كان قد رحل عن الدنيا أم لا يزال على قيد الحياة..
منذ نعومة أظافره، أيقن بوران أوزديمير أن قرية (مصطفى باشا) ضيقة جدا، فلا تتسع لأحلامه وطموحاته، فالقرية العتيقة تقع في منطقة معزولة، وتحتضن ما لا يزيد عن ألف وخمسمائة شخص، جميعهم يعيشون في بيوت من الأحجار العتيقة..
لا يمر بها نهر، فلا تجد الزراعة مزدهرة بها.. ولا يحدها البحر، فلا تجد الصيد حرفة أساسية لأبنائها.. ولولا أنها منطقة جذب سياحي كون عمرها مئات القرون، لكان سكانها ماتوا بالفعل من الجوع..
لم يحتمل بوران الفقر الشديد الذي عاش فيه مع أمه وأخته طوال طفولته ومراهقته، فاعتزم الهجرة من القرية فور أن تتاح له الفرصة، لذا فإنه حين أتم دراسته الثانوية، صعد على متن أول حافلة وانتقل إلى اسطنبول لكي يبحث عن عمل يعول من ريعه والدته التي أنهكها الفقر، وأخته التي لم تجرؤ يوما على الحلم حتى لا تمنى بخيبة أمل..
استغل بوران وسامته كما ينبغي بالعمل كمغني ببعض الملاهي الليلية، ثم نجح في الالتحاق بالجامعة لدراسة الاقتصاد، قبل أن يلفت نظر أحد مخرجي الإعلانات للتعاقد معه ليصبح وجها إعلانيا لكريم حلاقة شهير، ومن خلاله عبر بوران أوزديمير إلى بوابة عروض الأزياء ثم بدأ تمثيل بضعة مشاهد محدودة في مسلسلات غير جماهيرية..
لن يصدق أحد أن بوران أوزديمير قد اقتحم مجال الشهرة والأضواء من بوابة التظاهرات.. فقد كان مشاركا في مسيرة احتجاجية ضد قطع أشجار نادرة من واحدة من أشهر الحدائق النباتية في تركيا، ووقتها تم استضافته عبر أكثر من محطة إخبارية للحديث عن الفعالية، وهو ما لفت نظر مخرج الإعلانات للتعاقد معه..
غير أن هذا العمل، وما خلّفه من أرباح مادية – معقولة - عليه، كان في الحقيقة مجرد واجهة لعمله الآخر –الحقيقي - الأكثر ربحا..
وصل بوران برفقة أخته آيتان التي تصغره بنحو أربع سنوات فقط، إلى منزلهما بعد أن قطعا المسافة القصيرة من محطة القطار إلى مقر إقامتهما سيرا على الأقدام، فقام الأول بفتح الباب بمفتاحه العتيق الذي يحتفظ به دوما وسط مجموعة مفاتيحه الأخرى، ثم دلف وخلفه أخته وكلٌ منهما يحمل حقيبة سفر متوسطة الحجم..
وقفا في منتصف الغرفة يطالعان البيت الصامت الذي غادرته الحياة برحيل الأم، ما جعل الأخ يستقدم أخته الوحيدة للحياة معه في اسطنبول، ثم التنقل معه إلى الأماكن التي يضطر للتواجد فيها لفترات طويلة بسبب التصوير.. وعمله الآخر..
قادتهما أقدامهما قسرا إلى بقعة مميزة في غرفة الاستقبال، حيث تتصدر الجدار المواجه صورة ضخمة لوالدتهما آيجول، ليقول الأكبر بصوت يملؤه الشجن والوحشة:
“Evemiz yeni geldik, anne..özledik”
"عدنا مجددنا لبيتنا يا أمي.. واشتقنا إليكِ"
عانقت آيتان ذراع أخيها بيدها، ثم أرخت رأسها على كتفه، وأخذت تطالع صورة أمها، مستسلمة لتواتر الذكريات أمامها وكأنها لقطات حية كانت تجمعها بأمها في هذا البيت، خاصة حين اضطر بوران للهجرة لاسطنبول..
لم يكترثا كثيرا بتنظيف المنزل،وكلا منهما قد وجد نفسه رهينة شحنة ثقيلة من المشاعر أطفأت رغبتهما في القيام بأي مجهود بدني.. وفي الحقيقة، لم يكن البيت يحتاج للكثير من التنظيف، كون بوران صاحب العقلية الاستثمارية، كان يحرص على تأجيره للسائحين على مدار العام.. لذا، فقد انصرف كلا منهما لغرفته واستبدل شرشف الفراش سريعا، ثم راح في سبات عميق..
في المساء، كان بوران لا يزال سابحا في أحلامه، حين قاطع استرخاءه صوت رنين هاتفه المتواتر بنغمة مزعجة كان يخصصها لمدير أعماله- لأنه لا يمكنه تحت أي ظرف تجاهل مكالمة قادمة منه - فنهض من رقدته وأغمض عينيه وفتحهما عدة مرات، ثم دلّك وجهه بأنامله قبل أن يمررها على شعره حتى يستفيق، بعدها أمسك الهاتف مستقبلا المكالمة، ليأتيه صوت مدير أعماله من الجهة الأخرى يهتف بحماس شديد:
“yaptık, lan.. Az önce ilk büyük rolünü kazandın”
مع كلمات مديره الأخيرة بنبرة صاخبة غلب عليها الحماس: "لقد فعلناها يا ولد... لقد فزت لتوك بأول دور ضخم لك"، تلاشى النعاس كليا، لتحل محله صدمة مشوبة بفرحة غامرة، فظل يصرخ بسعادة، ويلح على مديره ليسرد عليه تفاصيل العمل، وشركة الانتاج التي ستتولى إنتاجه وتوزيعه..
لم يتسع قلبه لفرحته.. لقد نال دور البطولة الرئيسي في عمل تاريخي ضخم ستدور أحداثه بين تركيا واليونان، وسيتم تصويره على مدار خمس وثلاثين حلقة قابلة للتمديد لموسم آخر، على أن يتم عرضها بشكل متزامن في تركيا واليونان وأسبانيا ومنطقة دول البلقان..
بوران أوزديمير سيصل للعالمية أخيرا في سن الثانية والثلاثين، وبمسلسل واحد فقط، لكن بهجته التي أحاطت به كمجموعة من البالونات الملونة التي تحلق في السماء بخفة، قد انفجرت وتهمشت لأشلاء، حين تابع مديره يخبره بنبرة أخرى أكثر صرامة.. نبرة لا تحتمل الجدال أو الرفض:
“şimdi üç gün izin al , sonra yeni görevine hazırlan.. bu iş acildir”
(والآن خذ عطلة لثلاثة أيام، وبعدها استعد لمهمة جديدة.. هذا الأمر عاجل)..
أغلق المدير المكالمة قبل أن يمنح بوران فرصة ليناقشه، والأخير لم يكن ليجادله، فهو يعلم أن تحديد مواعيد المهمات الأخرى، أمر صعب ودقيق ولا يخضع للتأجيلات وإعادة الجدولة..
كان من المقرر أن يقضي شهرا كاملا هنا في بيت عائلته مع أخته، ولكنهما الآن مضطران للعودة بعد ثلاثة أيام فقط..
لم يكن مدير أعماله في حاجة لأن يخبره أن انضمامه للمسلسل الجديد جاء مشروطا بتلك المهمة الجديدة التي تخص عمله الآخر، والتي سهلت له على الأرجح اقتناص دور البطولة..
نهض بوران من فراشه، وسار حتى وصل إلى الحمام، وأخذ يطالع نفسه في المرآة.. ينظر لعمق عينيه فربما يصل لأبعد نقطة من روحه، ليكتشف إلى أي حدٍ قد تلوثت..


يتبــــــــــــــــــــــ ـع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 22-08-22, 07:19 PM   #594

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
1111 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الحادية والعشرون: القسم الثاني

غادرت مبنى الكلية بحبور وهي تحمل بيدها شهادة تخرجها..
أخيرا فعلتها، وأصبحت تمتلك شهادة جامعية.. وهذه هي البداية فقط..
الآن، تفتحت أمامها أبواب المستقبل.. ستخطط لبدء دراساتها العليا.. لن تكتفي إلا بعد أن تحصل على درجة الدكتوراة..
ستجعل لقب (دكتورة) يرافق اسمها دائما لتحظى بالاحترام والتقدير كما تستحق..
ويمكنها أيضا أن تسافر للعمل بالخارج وتصطحب أمها لتتلقى أفضل رعاية طبية ممكنة.. ربما حتى تغيير المناخ والمكان يؤثر عليها بشكل إيجابي فتتحسن حالتها الصحية وتتخلص من بعض آلامها..
استقلت ذكرى سيارة أجرة جماعية لتوصلها لمبنى المستشفى العام.. للأسف، لن يكون بمقدورها العروج على المنزل للاحتفال مع أمها لأن لديها مناوبة مزدوجة في المستشفى لست عشرة ساعة، تبدأ من الثانية ظهرا وتنتهي في صباح اليوم التالي..
مرت ساعات من عملها برتابة روتينية مألوفة، إلى أن اقتربت منها إحدى زميلاتها تسألها بفضول: "هل صحيح أنكِ ستتزوجين الدكتور حسن تحسين؟"
رد ذكرى بعدم فهم: "أتزوج من؟ الدكتور حسن متزوج ولديه طفلان، وهو يكبرني بأكثر من عشرين سنة"..
قالت زميلتها مستدركة: "الخبر منتشر بالمستشفى بأكمله"..
برزت عينا ذكرى، لكنها قالت موضحة: "الأمر فيه لبس بالتأكيد.. كنت أعمل بعيادته طوال السنوات الماضية، وقد قررت تركها لأنني أريد العمل بمستشفى خاص كممرضة رعايات مركزة، الأمر كان مرهق جدا بالنسبة لي في عيادة مرضى العظام، ولم يفدني أبدا في تخصصي، ولكن الدكتور حسن كان كريما معي بالراتب الذي قرره لي، فساعدني على إكمال دراستي الجامعية"..
هزت الممرضة كتفيها بعدم اهتمام، ثم غادرت تنوي استكمال ثرثرتها مع بعض الزميلات حول موضوع آخر.. أما ذكرى، فقد توجهت إلى قسم العظام، حيث لاقت الدكتور حسن تحسين الذي أخبرها مشفقا أنه لا يعرف مصدر تلك الشائعة، لكنه سيتأكد من معاقبة مروجيها فور التأكد من هوياتهم..
وقبل نهاية دوامها، أرسل لها الدكتور آدم رسالة يطلب منها لقاءه في مكتبه، فتحركت إليه بخطوات واهنة بفعل الإجهاد المختلط مع الإحباط، لكنهما تبددا سريعا، حين استقبلها بابتسامته العفوية وأهداها هاتفا ذكيا جديدا، وهو يقول: "مبارك تخرجك.. أعرف أنك تحبين تنسيق الملابس وأنشأتِ حسابا على تطبيق الصور الجديد (انستجرام)، ولكن هاتفك المستعمل هذا لن يصمد طويلا، لذا أحضرتُ لكِ واحدا جديدا كهدية تخرج.. امكانياته أعلى في التصوير وتطبيقات التواصل"..
قالت ذكرى بانبهار: "ولكن هذا كثير.. كثير جدا"..
رد آدم رافضا اعتراضها: "ليس كثيرا عليكِ.. أنتِ.. صديقتي الوحيدة يا ذكرى"..
حين نطق آدم كلمة صديقتي، شعر أنه ليس صادقا تماما رغم أنه يقولها لها للمرة الثانية.. فتلك الكلمة لم تعد تفي كثيرا بمشاعره تجاهها.. أحس أن قلبه كان يستصرخه أن يعلن (حبيبتي)، لكنه قاوم الاعتراف، وبداخله شبه يقين أن الوقت غير مناسب، وأنه هو نفسه غير جاهز لمثل هذا الاعتراف..
ازدرد آدم ريقه، ثم تابع: "اعتبريه.."، ثم صمت لوهلة قبل أن يتنحنح مداريا توتره، فهو لا يدري ماذا يقول لها، لكنه تابع يقول ما طرأ على ذهنه في تلك اللحظات: "اعتبريه بداية لمرحلة جديدة من حياتك.. تعلمين أنني أهتم لأمركِ كثيرا.. وسيسرني أن أساعدك بشكل ما"..
بدت ذكرى مترددة، ومدت يدها تعيد له لفافة الهدية، وهي تقول: "لا.. لا يمكنني أن أقبله.. لقد عودتُ نفسي ألا أتقبل هدايا من أحدٍ"..
تعلم أن مجال عملها يجعلها تحت المجهر، ولذا فإن قبول هدية من أحدهم، قد يجعله يظن أنها بذلك تعطيه مجالا لكي يتباسط معها أو يظن أنها تقبل أن تقدم له تنازلات مقابل ما تم إهداؤه لها..
رد آدم متسليا: "كنتُ أعلم أنكِ سترفضين، ولهذا جهزت نفسي للخطة البديلة.. ستدفعين لي أقساطا شهرية حتى تكملي ثمنه.. وهذا أمر نهائي.. والجدال مرفوض"..
لم تبتسم ذكرى، برغم أنها حملت الهاتف ووضعته بلفافته داخل حقيبتها، فسألها عما بها، لتقول: "هل سمعت شيئا يخص الدكتور حسن؟"
رد آدم بانزعاج: "نعم.. تلك الشائعات الغبية المنتشرة في الأرجاء.. من المؤكد أنها ستتوقف قريبا، لأنها غير صحيحة.. الجميع يعلم أن الدكتور حسن مستقر مع زوجته.. وأنتِ بالتأكيد...."، تنحنح بعدها ولم يعرف كيف يختتم كلماته..
أومأت ذكرى رأسها، ثم استأذنته بالعودة للقسم الذي تعمل به بعد أن تلقت رسالة استدعاء من إحدى زميلاتها..
بعد انتهاء دوامها الليلي، خرجت من المستشفى تتحرك منهكة وطاقتها قد ذبلت جراء انتشار الشائعات المسيئة لها في مقر عملها.. حتى هدية الدكتور آدم لم تفلح في إعادة حالتها المزاجية الرائقة..
تشعر بالإحباط، وليس بيدها شيء لتصد به أصحاب الشائعة، ولا تدري حتى ما هدفهم من نشرها..
حين وصلت لمنزلها بعد رحلة قصيرة بحافلة نقل عام مزدحمة أكلت بعضا مما تبقى من كبريائها، فلم يعد لديها إلا رمق تحوطه برعايتها، دون أن تدري أنها ستفقده قريبا حين تصل بقدميها لأعتاب بيتها..
ما أن همّت بفتح باب منزلها بمفتاحها، جاء صوت من خلفها يقولها: "اشتقتك يا ابنتي العزيزة"..
تنهدت ذكرى بتعب، وهي تهمس بداخلها:
(ليس مجددا.. هل كان ينتظرني أسفل البناية؟)
فتحت الباب وأشارت لوالدها أن يتبعها، فقال موبخا: "ألن تردي عليّ التحية"..
ردت بإنهاك واضح: "نورت يا أبي.. تفضل بالجلوس.. سأطمئن على أمي.. وأعود إليك"..
دلفت ذكرى إلى الداخل، ولم تنسَ أن تصطحب حقيبتها معها، فهي تعرف أنها إن تركتها بغرفة الاستقبال، فإن والدها لن يتوان عن فتحها والعبث بمحتوياتها والاستئثار بما داخلها من نقود.. وحتى هاتفها الجديد..
ابتسامة طفيفة علت ثغر ذكرى في طريقها لغرفة والدتها التي استيقظت لتوها على صوت وصولها، فأعلمتها أن والدها بالخارج، ثم سبقتها إليه..
جلست ذكرى إلى جوار والدها تحرك رقبتها المتيبسة، تنفض عنها الشعور بالألم، قبل أن تسأله: "ماذا تريد يا أبي؟ ليس بعادتك أن تزورنا في التاسعة صباحا.. وحسبما أتذكر، ما زال هناك تسعة أيام متبقية على موعد استلامي لراتبي الجديد"..
قال الأب بنبرة ودودة شابها الكثير من الافتعال: "يا ابنتي.. وهل أنتظر منكِ راتبا؟ أنا حاليا متزوج من سيدة مقتدرة"
ابتسمت ذكرى بفتور، فوالدها الذي شارف على بلوغ الخمسين من عمره يعلن دون غضاضة أنه متزوج من سيدة تتولى الانفاق عليه، لكي يستمتع هو بمباهج الحياة دون أن يضطر لبذل مجهود أو تحمل مسئولية..
لم تملك أن تمنع نفسها من الرد المستفز، حين قالت: "ورغم هذا حصلت مني على نصيبك من راتبي حتى الشهر الأخير"..
رد الأب بمهادنة: "لن آخذ منكِ شيئا بداية من الشهر المقبل إذا طاوعتنِي.. لقد جئتكِ ببشرى مذهلة"..
انقبض قلب ذكرى، والابتسامة تكسو وجه أبيها، فهي تعلم أن ما سيخبرها به سيكون هو المضاد لمعنى بشرى.. قل كارثة.. نعي.. نذير شؤم.. وبالفعل تأكدت ظنونها، حين هتف والدها بحماس: "جارك (سعيد بوچيهات) سمكري السيارات يريد أن يطلب يدك للزواج"..
نهضت ذكرى واقفة بتوحش، ثم هتفت بوالدها: "لا.. لست موافقة.. أنا سأجهز للماجيستير والدكتوراه.. لا أريد الزواج"..
كانت على وشك أن تخبره أنه قد جعلها تفقد الرغبة تماما في الزواج كونه أسوأ مثالٍ حي للأزواج والأباء، ولكن والدتها قاطعتها بقولها: "اذهبي للاستحمام وتبديل ملابسك يا ذكرى.. لقد كان يومك طويلا للغاية يا ابنتي.. أنا سأتحدث مع والدك"..
ردت ذكرى بتمرد: "لا أريد الزواج يا أمي"..
قالت أمها: "اذهبي لغرفتك.. لن يجبرك أحد على شيء"، وحرصت على أن تكون جملتها الأخيرة بصوت مرتفع لتصل لمسامع من يقف خلفها بتحفز..
حين غادرت ذكرى لغرفتها لاستخراج ملابسها المنزلية من الخزانة، التفتت آمال صوب طليقها جمال، وأشارت له بالجلوس.. لاحظ جمال أنها اليوم لا تبدو هشة ككل مرة قابلها فيها، بل تبدو كنمرة متوحشة على وشك افتراس ضبعٍ حاول بخسة إيذاء صغيرتها..
قالت آمال بعد أن ظلت تناظره لثوانٍ بازدراء: "هل وجدت لنفسك فرصة جديدة للربح، فسارعت بالحضور في التاسعة صباحا لكي تقتنص غنيمتك؟ هذه ابنتك يا رجل.. فكيف تتصرف معها بتلك الخسة؟"
رد جمال ينهرها موبخا: "اسكتي يا امرأة.. ما الخسة في تزويج ابنتي الوحيدة لأفرح بها؟"..
ردت هي بعد أن لوت فمها بقرف: "الخسة أنك ستقبض ثمنها.. كم سيمنحك سعيد هذا؟ خمسة آلاف؟.. عشرة؟ خمسين ألف؟ وهل كل هذا يستحق أن تلاقي ابنتك مصيرا مماثلا للذي أعيشه الآن؟.. وتزوجها لمدمن (كِيف) بعد وابنتك مثل الوردة"..
طيف من ندم عبر بعينيّ جمال، لكنه تبدد مع تذكره للرقم الذي وعده به الخاطب كمهرٍ للعروس – أو كهدية خاصة – للأب، على أن يتولى هو تجهيز بيت الزوجية ليقيم فيه مع عروسه..
قال جمال بخبث: "يا امرأة.. العريس عرض أن يجدد هذه الشقة البالية.. يصلح جدرانها ويطليها بدهانات جديدة، ويتزوج من ابنتك معكما هنا.. ألا تشتاقين لرجل يعتني بكما؟"
ردت هي ببرود: "أنا وابنتي نعتني ببعضنا جيدا ولا نريد أن نعتمد على رجل يخذلنا مجددا.. هل هذا الشخص الذي يطمع بشقتنا هو من سيحمينا من تقلبات الأقدار؟ إذا كنت أنت الذي تزوجتني لأكثر من خمس عشرة سنة لم تتحملني فور أن أصابني المرض.. فكيف به هو الذي لا يعرفني ولا يمتلك أية مشاعر خاصة تجاهي؟ أتظنه سيبالي بمواعيد أدويتي أو تكلفتها؟"..
مط جمال شفتيه، وقال: "ولهذا أريد أن أزوجها.. أنتِ إن عشتِ اليوم، لن تعيشي لها غدا.. أتريدين أن تتركيها بمفردها"..
قالت آمال بعزم: "أتركها بمفردها ولكن واقفة على قدميها، أفضل من أتركها مع صحبة تكن كالحمل على ظهرها تنوء به.. اسمع يا جمال.. لم تصبني الحسرة حين أصابني المرض، ولا حين رحلتَ أنت.. تقبلت ابتلاء الله علّه يعوّضني بابنتي، ولكن ما فطر قلبي حقا هو حرمان ابنتي من حلم عمرها بأن تصبح طبيبة.. والآن وبعد أن ضحت كثيرا، واستبدلت حلمها، سأفعل كل ما بوسعي حتى تصل لما ترجوه.. فإذا وقفتَ أنت أمام حلمها، فلن تجد أمامك غيري.. أتفهم؟ لا تظن أن سعيد هذا سيفتح لك كنوز قارون لتغترف منها، إنما يعلم نقطة ضعفك ويحاول أن يستميلك عن طريقها، ثم يلفظك حين يتحقق مراده، وأنا لن أمنح ابنتي لرجل يعيدها إلى العوز والفقر.. ابنتي أميرة.. أتفهم؟"..
ناظرها جمال بغيظ وهو يشعر أن ربحا مضمونا على وشك الضياع من بين أصابعه، لكنها تابعت بنبرة مهددة صارمة قبل أن ينبس بكلمة: "كف عنها يا جمال، وإلا والله لن أتوانى عن معاقبتك على القديم والجديد.. لا تعلم إلى أي مدى يمكنني أن أصل بعد الآن.. فكما تقول، الحياة ليست طويلة أمامي، ولستُ متمسكة بها لهذه الدرجة.. أظنك فهمت مقصدي"..
نهض جمال وهو يهدر غاضبا: "أتهددينني؟ خرفة مجنونة.. أخبري ابنتك أن تزيد الشهرية.. الحياة أصبحت صعبة والنفقات ارتفعت.. وإن كانت ستتمرد على العريس.. فلتعوضني هي من راتبها.. لنرَ كم ستجني الممرضة الجامعية بعد رفع راتبها.. أتظنين أنها ستصبح وزيرة؟ بكالوريوس أم دبلوم.. تبقى بالنهاية مجرد ممرضة "، ثم غادر الشقة بعد أن صفق الباب خلفه بعنف..
كانت ذكرى تتظاهر بالاستحمام، لكنها ظلت واقفة خلف باب الحمام، تستمع للحديث الدائر بين والديها والدموع تنساب من مقلتيها حزنا على حالها وحلقها يغص بخيبة أملها ممن ظنته سيكون السند لها في هذه الحياة..


يتبـــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 22-08-22, 07:21 PM   #595

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile14 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الحادية والعشرون: القسم الثالث

في منزل عائلته بحي الزمالك، جلس آدم بمقعده الجانبي بغرفة السفرة، بينما تصدر والداه المقعدين الرئيسيين المتقابلين، حيث كان الجميع يتناول طعام الغداء، بعد أن عرج الدكتور آدم على المستشفى التخصصي الشامل الذي يتشارك فيه والده مع عمته وبعضا من أفراد عائلة عزازي، قبل أن يعودا معا للمنزل..
كان طبيب العظام الصغير يحضر لبضعة أيام كل أسبوع لحضور بعض جراحات العظام التي يقوم بها الاستشاري زهير عزازي ابن عم والده، كي يستفيد من خبراته العملية الكبيرة ويكتسب حساسية ومهارة، حتى يكون مؤهلا لإدارة مركز مماثل خلال سنوات قليلة..
ورغما عنه، تشتت تفكيره من تفاصيل تخص عمله إلى تلك الجلسات الودية الدافئة التي تجمعه بين فينة وأخرى مع الدكتور حسن والممرضة ذكرى لتناول الطعام، لاسيما الأطباق الشعبيى اللذيذة..
ورغم أن مائدة والديه الآن عامرة بأصناف فاخرة من اللحوم والخضر المطبوخة بعناية، إلا أنه لم يملك أن يقارن بين هذه الجلسة وتلك الجلسات العفوية الدافئة..
حين يجلس على هذه المائدة الفاخرة، فإنه يشعر أنه يعيش داخل غرفة عمليات معقمة.. كل شيء شديد النظافة وفي مكانه.. والأطعمة صحية بلا توابل تمنحها طعما مميزا.. كل شيء دقيق.. وفاتر..
أما هو، فعلبه الالتزام بآداب المائدة وفقا للذوق الأوروبي.. لا مجال للخطأ.. لا مجال للملوثات... كل شيء محسوب.. والعفوية نذير موت..
وكأن فعلا تناول الطعام في هذا المنزل تتساوى في خطورها مع جراحة دقيقة تتوقف عليها حياة إنسان..
لاحظت الدكتورة رقية شرود ابنها كونها معتادة على مراقبة كل تفصيلة تخصه عن كثب، بينما كان والده غير منتبه كعادته لما يمر به ابنه الذي يصغره بنحو سبع وأربعين سنة..
كان آدم يشعر بالهيبة في حضور والده دائما، فوالده صاحب الخبرة الأكاديمية والمهنية له حضور خاص يجعل ابنه الوحيد يتقزم في وجوده، وربما كان لفارق السن عامل أيضا.. كل ما يعرفه آدم، أنه لا تربط بينه وبين والده علاقة وطيدة كتلك التي تجمع الآباء بأبنائهم، فلا يتذكر آدم أن والده قد اصطحبه يوما للعب أو جلس معه لمشاهدة التلفاز، أو حتى ساعده في المذاكرة..
وكأن طاهر عزازي قد تبرع فقط بإنجابه لينفذ لزوجته رغبة ملحة في الأمومة، ثم قرر أن يغيب هو عن كل مرحلة تالية في تنشئته، منشغلا بمجده العملي في الأوساط الطبية..
تُرى هل كان هذا هو الاتفاق الفعلي بين الدكتورة رقية والدكتور طاهر؟
خرج آدم من شروده حين سألته أمه بفضول: "ما بك اليوم يا آدم؟"
بالطبع كانت تتوقع الإجابة، لكنها تظاهرت بالمفاجآة، حين رد الأخير بسلامة نية: "تصوري يا أمي أن هناك شائعة مشينة ملأت المستشفى بالأمس.. عن وجود علاقة تجمع الدكتور حسن تحسين بإحدى الممرضات"..
ردت الدكتورة رقية بصدمة مدروسة: "يا إلهي.. وماذا كان تصرف الطبيب؟ هل أحالها للتحقيق؟"
ناظر آدم أمه بملامح مكفهرة، ثم دارى استياءه، وقال مدافعا: "ولماذا سيطلب التحقيق معها يا ماما؟ ماذا فعلت الفتاة؟ إنها فتاة مهذبة سمعتها نظيفة.. وفي حالها"..
أطلقت أمه ضحكة قصيرة هازئة، ثم قالت بوجه جامد بعد أن رمقت والده بنظرة غليظة: "مهذبة؟ نظيفة؟ في حالها؟ بُني.. لا تزال بريئا ولا تدري شيئا عن خبث النساء.. من المؤكد أن تلك الفتاة هي من أغوته.. بل وأغوت غيره بعد.. بزماني، عاصرت الكثير من الفضائح التي كانت الممرضات بطلاتها"..
نهض آدم منفعلا عن المائدة، وهتف معترضا: "أمي.. ماذا تقولين؟ استغفر الله العظيم"..
تململت أمه في جلستها، ثم قالت تهادنه: "اجلس.. لتكمل أكلك.. لم أقل شيئا.. أنا فقط لا أريدك أن تظل جاهلا بالحياة ومعدوم الخبرة هكذا.. قد تنجح إحداهن في الإيقاع بك ببراثنها يا بُني دون أن تنتبه.. وأنت – حبيب مامي – مطمع.. شاب ووسامة ومكانة علمية ومستقبل واعد وعائلة عريقة.. بالتأكيد ستكون الجائزة الكبرى لكل فتاة"..
سألها آدم ممتعضا: "وماذا إذا كنتُ قد أحببتُ ممرضة يا أمي؟ كيف يمكن لهذا الأمر أن يؤثر على العائلة؟"
صمتت أمه قليلا تراقبه، ثم ردت: "ليس بها شيء يا بني، سوى أن الفجوة الضخمة بينكما لن تجعل علاقتكما تستمر طويلا.. لن تصمد أمام التحديات والعراقيل التي ستواجهها"..
سألها آدم مبهوتا: "أية تحديات وعراقيل يا أمي؟ هل ستتزوج الأمير ويليام حفيد الملكة إليزابيث"..
رمقته أمه بتوبيخ، لكنها أحجمت عن تقريعه وقالت بنبرة أهدأ: "انظر للفارق التعليمي والطبقي.. كيف لها أن تساند أهدافك العلمية وهي لا تفهم معظمها.. كيف يمكنك اصطحابها معك لمؤتمر علمي وتظن أنها ستنجح في إدارة حديث قصير مع زملائك أبناء المهنة؟ كيف تظن أنها ستحرص على تنشئة أبنائك محبين للعلم والمعرفة وتتعامل مع أهدافهم المستقبلية بصرامة، كما فعلتُ أنا معك على سبيل المثال.. كيف سيجلس الأطفال مع أفراد عائلة والدتهم الذين نشأوا في بيئة مختلفة؟ بل كيف ستتحمل هي انشغالك الدائم ما بين العمل والدراسة.. فالطبيب لا يمتلك وقت فراغٍ من الأساس، والأفضل له أن يتزوج طبيبة تنشغل مثله تماما، بحيث لا يشعر أيهما بأن الآخر مقصر في حقه.. كما أنني بصراحة لن آمن على اسم العائلة في يد ممرضة ستكون هي أم أحفادي"..
فغر آدم فمه، وسألها: "ولماذا يا أمي؟"
ابتسمت أمه بجفاء، وقالت: "لا تجعلني أتحدث مرة أخرى عن سمعتهن ثم تتهمني بالتعميم والتصنيف"..
نهض آدم من جلسته، ورمى منديل المائدة خاصته أمام طبقه، ثم هتف من بين أسنانه: "شبعت"، فشيعته أمه تقول: "لا تنسى موعدنا خلال أسبوع لطلب يد الدكتورة رحاب"..
زفر آدم في طريقه لغرفته، وفور أن وصل إليها، أغلق الباب بإحكام، ثم أخرج لفائف دخانه التي يخبئها أسفل مرتبة سريره، وأخذ ينفث فيها غيظه ونقمته..


يتبـــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 22-08-22, 07:22 PM   #596

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile17 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الحادية والعشرون: القسم الرابع

هناك أيام تعاند الحزن.. ترفض الخسارة و الوجيعة، فتطارد الغيوم الرمادية وتستقبل مباهج الألوان وندى الصباح..
أيام تعد أنها ستكون زادنا عندما يثقل علينا الحمل وتوهن المصائب أكتافنا.. هذه الأيام يلتصق ذكرها في أذهاننا دائما بـ الفرح..
وهذا ما كان عليه الوضع يوم زفاف نبيل وزهو.. يوم سيطر الفرح على كل تفاصيله، إذ نحى كل شخص معاناته الشخصية جانبا، وأفسح المجال فقط لاستقبال طاقة السعادة والبهجة التي تسود الأجواء بهيمنة أجبرت الجميع على الاستسلام لها لتستقر بالقلوب المتعبة فتنعشها..
ساحة فسيحة منظمة بعناية، أضواء مبهرة وديكورات أنيقة، وموسيقى مبهجة، وابتسامات تزين الوجوه وترفرف لها القلوب..
هكذا امتدت اللوحة الحية ملء السمع والبصر بحفل زفاف نبيل الحلواني وزهو الصاوي.. تألقت العروس بفستان يحدد قوامها الأنثوي سخي المنحنيات بتصميم يحتضن خصرها وينتهي بتنورة متسعة تصل حتى القدمين.. ويزين ذراعيها أكمام من اللاسيه المطرز..
كانت مبهرة،وشكلّت مع صحبتها صورة جاذبة للأنظار، إذ تألقت إلى جوارها صديقتها بمنزلة أخت، شادن التي هي أيضا شقيقة عريسها، لكنها اختارت الوقوف إلى جوار صديقتها بتصميم مميز من قطعتين، السفلية عبارة عن سروال أحمر من الحرير، أما بلوزتها العلوية فجاءت مقسومة نصفين، أحد الجانبين باللون الأسود وبلا أكمام من قماش مطرز يدويا بالكريستال، بينما كان النصف الآخر باللون الأحمر بكم طويل وينتهي بذيل أمامي حر بتصميم بوهيمي حتى قدمها تقريبا.. فيما تزينت أمواج بفستان بلا أكمام، باللون الذهبي المعدني الذي يتغير لونه مع الحركة وانعكاس الحركة عليه..
أما العريس نبيل الحلواني فقد تزين ببدلته العسكرية الرسمية، وإلى جواره وقف سفيان مرتجي صديقه وقائده ببدلته العسكرية أيضا، وكان ثالثهما بحر الديب الذي تخرج لتوه من الكلية الحربية، فشكلوا معا ما يشبه الوحدة العسكرية الصغيرة..
كانت الأجواء مبهجة، خاصة حين قام نبيل بنقل حلقة الخطوبة إلى بنصر اليد اليسرى لعروسه بتملك، لتتبعه هي بنفس التصرف، فيما تعالت الزغاريد من والدة العريس، قبل أن تبدأ رقصة العروسين على أنغام أغنية عمرو دياب "بعترف"..
بينما كان نبيل وزهو يتعانقان بسعادة جلية وكلٌ منهما يهيم بالآخر وكأنهما انفصلا تماما عن الحضور ليهبطا في كونٍ خاصٍ بهما فقط، تحركت أمواج تقف إلى طرف المنصة، تناظر ذلك الذي يقف إلى الطرف الآخر يضع كفيه في جيبيه بتحفز، بينما يختلس النظرات إليها، وكل نظرة تقدم لها صمتا ألف اعتراف، وتتغزل بها بألف قصيدة.. كان يحرك أنظاره بينها وبين والدها، وصوته الداخلي يلح عليه أن يذهب ليطلب يدها في التو واللحظة، ولكن بعضا من تعقلٍ فرض نفسه وألزمه مكانه حتى لا يفتعل فضيحة في مكانٍ عام..
أما شادن، فقد تحركت بتململ لخارج القاعة.. فداخلها كان مضطربا اللحظة، وآخر ما تريده أن تناظر صديقة عمرها بنظرة حسد، وقد وجدت الحب أخيرا مع شقيقها الأكبر.. لكنها لم تستطع أن تسيطر على ما يعتمل بداخلها اليوم، وهي ترى سفيان بحلته الرسمية كتجسيد حي للهيبة والفخامة والوسامة.. كان يشبه كل أحلامها مجتمعة في باقة واحدة تحدها زهرات النرجس بتملك يمنع الآخرين من الاقتراب..
يا لُحسن حظ خطيبته، ويا لتعاستها هي..
ليته علم أنها صاحبة الخطاب، لربما رق قلبه لها.. ليته لم يرها كطفلة صغيرة لا تتمتع بأية أنوثة..
لم تكره بنيتها المسطحة فقيرة الأنوثة يوما إلا في اللحظة التي رفضها بها سفيان.. وقتها قررت ألا تتحايل على شكلها أكثر من ذلك.. توقفت عن فرد شعرها كيميائيا، وامتنعت عن ارتداء الألبسة الأنثوية التي تبرز القليل من مواضع البروز بجسمها..
فقط توقفت عن الاكتراث..
أما هو، فكان يزداد وسامة ورجولة يوما بعد يوم، وكأنه يسعى أكثر لتشييد المزيد من المتاريس بينهما، حتى تتأكد أنه سيظل دوما الحلم المستحيل.. قريب كنسيم العصاري في مايو، وبعيد المنال كالفراشات في ديسمبر..
رمقت شادن أخاها وعروسه بنظرة أخيرة واتسعت شفتاها بابتسامة فرحة، وهي تتمتم بالدعاء أن يكمل الله سعادتهما وأن يحرسهما من الأعين، ثم التفتت لتغادر القاعة لكي تستنشق بعض الهواء في بقعة هادئة بتلك الفيلا المستأجرة من أجل إقامة العرس..
لم تعلم شادن كم ظلت واقفة تطالع تلك البحيرة الصناعية الصغيرة التي تطل عليها الفيلا والتي تستقر فيها سمكات زينة ملونة بأحجام متباينة، لكنها انتبهت على صوت رجولي يناديها بخشونة: "شادي"..
كانت تعلم أن الصوت لسفيان، وليس لنبيل، فنبيل ينطقه كدعابة.. بكل مرح عابث، ولا يقصد أبدا إهانتها، وإلا لكان قد توقف فورا إذا لمح بعينيها نظرة حزن أو إحباط..
لكنها لم تملك أن تسدد نظرة إحباط صوب ذلك الذي وقف قبالتها بعد أن ناداها بالاسم الذي لم يبدأ في ترديده إلا بعد واقعة محددة، لا تزال هي تشعر بالخزي كلما تذكرتها..
تنهدت شادن وازدردت ريقها تتلمس قوة داخلية تعرف أنها تختفي بمكان ما بوجدانها، ولا تظهر إلا حين تستدعيها لتكون درع حمايتها في مواجهة ألم وشيك..
ردت شادن بنبرة واثقة بعد أن وقفت باعتداد: "مرحبا سيادة الرائد.. كيف حالك؟"
طالعها سفيان لثوانٍ دون أن يتكلم، ثم سألها بنبرة مترددة نادرا ما تمر بفمه: "هل أنتِ بخير يا شادي؟"
من جديد، أصابتها تسميته لها بغصة وارتجف لها داخلها، تداركتها بابتسامة واسعة، وردت بنبرة رنانة: "بخير حال.. بالمناسبة.. اسمح لي أن أهنئك على خبر خطوبتك.. أعرف أنها ستكون مجرد (قراءة فاتحة) وأن الخطوبة الفعلية في عطلتك القادمة، ولكنني أردتُ أن أكون أول من تهنئك وتتمنى لك السعادة"..
لم يفت سفيان مسحة الحزن التي طافت بمقلتيها كسحابة داكنة تنذر بقرب هطول المطر، لكنها حين انقشعت سريعا، أقنع نفسه أنها فعلا بخير، وأنها قد تخطت المشاعر المراهقة التي كانت تُكنها له قبل بضع سنوات..
بالتأكيد قد تخطت تلك المشاعر بعد مرور كل هذا الوقت.. أليست كذلك؟
حتى أنه لن يندهش أبدا إذا تمت دعوته قريبا لحضور حفل خطوبتها.. بالتأكيد بعد إطلالتها الملفتة اليوم محاولة الخروج من حلة الفتاة الصغيرة إلى المرأة البالغة، ستخطف الأنظار وسيطرق بابها الخاطبون، رغم أنها بعينيه تبدو كطفلة غافلت أمها وعبثت بأغراضها لتقلد إطلالة العروس..
أما شادن التي تحركت عائدة للحفل، فكل ما كانت تفكر به أثناء خطواتها الجنائزية الكئيبة، أنه قد حان الوقت لكي تهشم التمثال الضخم الذي صنعته.. تمثال ظنته من فولاذ سيقاوم كل التحديات، لكنه لم يكن سوى بضع ذرات من الغبار شكّلتها كما كان يُسول لها خيالها، فهطلت عليه الأمطار لتحيله إلى بركة مغرقة بالطمي ما بين قدميها..
فقد دأبت أمها على أن تضع بعقلها أن المرأة لا تستحق مكانتها كأنثى دون أن تمتلك رجلا وتؤسس أسرة.. ولذا، فإنها ودون أن تشعر، وضعت نصب أعينها أكثر نموذج متكامل للرجولة، وظلت تبجله وتناجيه.. غير أنه الآن سيصبح فعليا ملكا لامرأة أخرى، نجحت بأنوثتها البارزة وجمالها ودلالها في أن تلفت أنظاره إليها بعد عشرات العلاقات السريعة السطحية..
منذ الآن، صار محرما عليها حتى أن تنظر لتمثالها الضخم وترجو أن تدب فيه الحياة ليصبح خاصتها بعد أن صار كتلة من الطمي المبلل مشوهة المعالم.. لتهيل التراب على بقاياه ولتموت الأمنية..
فهي مهما دعت ورجت وتمنت.. لن تصبح جزء من عالم سفيان مرتجى.. أبدا..
كان حلما قصيرا بليلة من ليالي الصيف، سرعان ما استيقظت منه على صحراء حياتها القاحلة، تطارد سرابا.. ظلا لطيف غير مرئي.. حتى أنهكها السعي..


يتبــــــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 22-08-22, 07:24 PM   #597

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:sss4: وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الحادية والعشرون: القسم الخامس

بعد يوم عملٍ مرهق في المستشفى العام الذي تعمل به كطبيبة للرمد، عادت الدكتورة رحاب لمنزل أسرتها في حي مصر الجديدة، حيث كانت تمني نفسها بليلة هادئة تشاهد فيها أي وثائقي على قناة "ناشيونال جيوجرافيك"، قبل أن تخلد للنوم..
لكن أمنيتها تبخرت، حين سمعت طرقٌ متواتر على باب غرفتها، جعلها تتيقن من هوية صاحبته، فهتفت: "تفضلي يا أمي"..
دلفت الدكتورة هالة إلى داخل غرفة ابنتها بخطوات رشيقة حيوية، والحماس يجعلها تسير شبه راكضة، قبل أن تجلس قبالة ابنتها على سريرها، وتقول بحبور: "فرصة العمر جاءتك يا رحاب.. عريس ولا أفضل.. الدكتور آدم طاهر عزازي شخصيا يريد أن يطلب يدك"..
فغرت رحاب فمها دهشة، والتمعت عيناها بفضول، قبل أن تهتف غير مصدقة: "ابن الدكتور طاهر عزازي صاحب مستشفى عزازي التخصصي التي لها فروع في عدة محافظات؟"
أومأت والدتها بثقة وقالت: "إذا تم الارتباط، ستكون فرصة العمر قد جاءتك.. ستحصلين على عيادتك الخاصة، وربما تصبحين شريكة في ذلك الصرح الطبي الكبير.. انضمامك لعائلة عزازي سيفتح أمامك الباب نحو مستقبل مهني مشرف ومؤمَّن يمتد لكِ مُعبّدا بالفرص والتسهيلات.. هل تتخيلين كيف سيتم معاملتك وأنتِ تتجهزين للماجيستير والدكتوراه؟ كم العقبات التي يمكن أن يذللها اسم عائلة عزازي أمامك؟ ربما تنتهين من رسالتك في سنة ونصف على أقصى تقدير"..
ردت رحاب بعد أن صمتت لدقائق مفكرة: "لكن آدم عزازي - يا أمي- صامت ومنطوي.. نادرا ما أشاهده في المستشفى.. كما أنه يفضل صحبة المرضى على زملائه الأطباء.. لم أره يوما يتحدث إلى أحد بخلاف مشرفه الدكتور حسن تحسين"..
ابتسمت أمها وقالت بتواطؤ: "وهذا أفضل بعد.. حتى يمكنكِ السيطرة عليه بسهولة وحثه على تلبية كل رغباتك واحتياجاتك"..
قالت رحاب بتبرم: "ولكنني أريد أن أسافر لانجلترا أو ألمانيا لاستكمال مسيرتي المهنية هناك.. هذا حلمي"..
ردت أمها تحفزها: "إذا نجحتِ في السيطرة على آدم، يمكنك تحقيق كل هذا وأكثر.. اسمعي.. الولد مدلل أمه ووحيدها، فهي صديقتي و أعرف كيف تسعى لتأمين مستقبل ابنها.. أنتِ فقط اكسبي حماتك وستجدين ابنها يحقق لكِ كل شيء.. يمكنكما أن تستقرا هنا وتستكملا مسيرة عائلة عزازي.. أو أن تقنعي زوجك بالسفر.. كل شيء سيكون بيدكِ أنتِ"..
ظلت رحاب على صمتها، فشعرت أمها أنها ما زالت تتداول الفكرة في رأسها ولم تحسم أمرها بعد، فتابعت تستميلها قائلة: "فقط وافقي يا ابنتي.. هذه فرصة لا تُعوض.. آدم ليس مثل أي طبيب آخر من زملائك.. هو ليس مجرد شاب في مقتبل حياته المهنية وأمامه عمل شاق لينجح في افتتاح عيادة بسيطة في منطقة شعبية تعينه على أعباء الحياة، فهذا الشاب أمير في مملكة والديه.. وُلد وبفمه ملعقة من ذهب.. كل شيء كان جاهزا له قبل حتى أن يولد.. وكل ما كان عليه تحقيقه فقط هو الالتحاق بكلية الطب، ثم تيسر له كل شيء بعدها"..
حين غادرت أمها غرفتها، استرخت رحاب على فراشها وأخذت تقيّم مسألة ارتباطها من آدم بأسلوب علمي بحت..
ظلت تعدد الميزات والعيوب، وترصد خططا وأفكارا لكي تتخيل شكل حياتها معه في المستقبل.. فرحاب لا تتخذ قراراتها أبدا وفقا للعاطفة.. إذا لم تكن ستخرج فائزة من مشروع ما، فإنها لا تضع فيه طاقتها ومجهودها نهائيا..
وفي تلك اللحظات، بدا زواجها من آدم عزازي هو مشروع العمر فعلا..


يتبــــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 22-08-22, 07:25 PM   #598

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewity Smile 1 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الحادية والعشرون: القسم السادس

(مبارك يا عريس.. متى سأراك؟ استمتع بشهر العسل يا وغد حتى نعود للكتيبة)
شاهد نبيل الرسالة القصيرة التي وصلته من سفيان، ولم يهتم حتى بالرد عليها..
أي عسل هذا الذي يتحدث عنه صديقه؟؟
لقد مرت ثلاث ليالٍ كاملة منذ زفافها إليه، ولا تزال زهو تتجنب الاستسلام لطوفان مشاعره الذي يلجمه بكل تقنيات الثبات الانفعالي التي تعلمها بحياته العسكرية..
هل تظنه يمسك نفسه عنها منذ ثلاثة أيام فقط؟ لقد كان في حرب شرسة مع نفسه منذ اللحظة الأولى التي ضرب قلبه بقوة باسمها..
سنوات مرت، وهو يقاوم تلك الرغبة الملحة في أن يجعلها تذوب به مثلما تجعله ينصهر بكل تفاصيلها دون أي مجهود من جانبها..
يريد أن يمتلكها، فيشبع نذرا يسيرا من توقه إليها.. ولكنه حتى اللحظة يحرص على التصرف بكياسة ورزانة كي تكون مستعدة تماما، فقد بادر مرات، لكنه كان يتوقف في كل مرة يجد خجلها الفطري يفرض عليها نوعا من التوتر والحذر.. وهو يريد الذكرى الأولى لهما أن تكون مثالية لا يشوبها شائبة..
الفتاة رقيقة ناعمة.. يعلم أنها تتمتع بقدر كبير من الحياء، بل كان يتوقع تهربها من لقائهما الغرامي الأول، خاصة وأنه أمضى فترة خطوبتهما في مهمة عسكرية تلو الأخرى، فلم يتقرب منها بالشكل الذي يذيب هذا الخجل، لكنه يشعر أن أحبال صبره قد احترقت وتناثر رمادها في كل الأرجاء، ولو لم يكتمل بها الليلة، سينفجر ذاتيا وتتبعثر أشلاؤه حولها.. لذا فقد عقد العزم ووضع خطة ماكرة لكي يجعل قلبها يرق لأجله فتسلم له مفاتيح كنوزها الخفية دون مقاومة..
نادى نبيل زوجته التي كانت تعد صنفا من الحلوى بالمطبخ، فجاءت زهو على الفور تقف أمامه مزدانة بفستان قصير يلتصق بقوامها النفّاح، خطف أنظاره وبعضا من نبضاته بألوانه الدافئة المتداخلة ما بين أخضر وبرتقالي وأحمر وأصفر..
هل يمكن أن تتجسد الأنوثة والفتنة في هيئة فتاة يغلفها الحياء، فتتحول لصورة من صور الكمال؟
ازدرد نبيل ريقه بشوق فاضح فغص به، ليسعل بخفة محاولة مداراة شعوره المتجدد بالحرارة المستعرة التي تلفح أوردته، قبل أن يسألها متصنعا اللا مبالاة: "ماذا تفعلين؟"
ردت زهو بنبرة ناعمة لا تفتعلها نهائيا: "أعد كيك الأناناس المقلوب لنتناوله بعد العشاء.. ستطلب لنا عشاء من مطعم كما أخبرتني"
أومأ نبيل رأسه، وقال: "لِما رفضتِ أن أصطحبك في رحلة سياحية لشهر عسل قصير؟"..
خلعت زهو مريول مطبخها القصير الذي كان يحد خصرها كعلامة إرشادية تطالبه أن يحرر المريول ليضع كفيه مكانه كحارس لتلك البقعة الاستراتيجية الغالية..
تنحنح نبيل، وهو يذكّر نفسه بالالتزام بخطته كي تكون النتيجة النهائية كما يريد..
اقتربت منه عروسه، ليفوح منها أريج عطرها الزهري الناعم الذي يناسب شخصيتها تماما، قبل أن تقول بتعاطف حقيقي: "لأن أمامك أيام قليلة فقط قبل العودة لأمريكا الجنوبية.. لا أريدك أن تقضي ما تبقى من عطلتك في السفر.. يمكننا أن نتجهز للسفر في عطلتك القادمة بإذن الله.. كما أنني...."
نفذ نبيل رغبة ملحة كانت تفرض نفسها على ذهنه قبل قليل، واعتقل خصرها بكفيه، وقربّها منه ليمنحها قبلة دافئة، لم يشأ التعمق بها كيلا تشعر بالتوتر، فتفسد خطته سريعا..
"أنكِ ماذا؟".. همس يسألها بصوت أجش لم يفلح بإظهار اللا مبالاة به.. كل ذرة بكيانه تبالي.. اللعنة.. تبالي كثيرا إلى حدٍ لا يُحتمل..
أغمضت زهو عينيها لثوانٍ، تحاول تذكّر ما كانت تريد قوله، ثم تابعت: "أردتُ أن تكون ذكرياتنا الأولى عن عرسنا في بيتنا، وليس في غرفة فندق مستأجرة.. أحب خصوصية منزلنا الذي أسسناه معا يا Bells"..
مط نبيل شفتيه ممتعضا من اسم التدليل الذي أطلقته عليه، خاصة وأن معناه بالعربية لم يكن محببا إليه، فسألها مغيظا: "هل ستنادينني (أجراس)؟؟ أنا أرفض.. كنتُ قد سمحتُ لكِ باسم بيبو لأنه كان يناسب تلك المرحلة.. لكننا الآن في مرحلة مختلفة تماما من حيث النوعية والأداء.. لذا نادني (أبو النبال).. محسوبك بطل رماية.. حتى أن أرقامي تفوق القائد نفسه.. اسألي سفيان.. سيخبرك عن مهارات أبو النبال في التصويب"، ثم منحها غمزة مشاغبة..
أطلقت زهو ضحكة عفوية صاخبة، قبل أن يقاطع ضحكاتها صوت جرس الفرن ينبهها لأن الكيك قد نضج، فتحركت مسرعة صوب المطبخ، وهي تستمتع لنبيل يقول: "سأذهب للحمام، وبعدها سأطلب لنا الطعام"..
داخل الحمام، بدأ نبيل تنفيذ خطته، حيث خلع ملابسه، وحصل على حمام سريع، ثم ارتدى سروال تحتي قصير مطبوعا عليه شعار (سوبرمان)، قبل أن يرمي منشفته على الأرض، وينثر حولها بعض الماء، ليبدو الأمر وكأن الماء قد انسكب على الأرض بسبب حادث مفاجئ، ثم جلس على المنشفة في وضعية غير منتظمة، بحيث رفع إحدى ساقيه ليسندها على حوض الاستحمام، والأخرى ممدده أمامه على الأرض، قبل أن يصرخ بصوت جهوري: "زهو.. زهوووووو.. آااااااااااااه.. ظهري.. أغيثيني يا زووووز"..
سمع خطواتها الواثبة تركض إليه، فتصنّع الألم ورسم على وجهه تعبيرا بائسا يعكس قمة الوجع، فتهاوت زهو على ركبتيها إلى جواره والدموع تلتمع بعينيها، تتماسك بالكاد قبل أن تهمس مشفقة ومذعورة: "ماذا بك؟ ماذا حدث؟ هل أنت بخير؟"
قال نبيل بمسكنة من بين أنفاسه المتقطعة، وبداخله يهنئ نفسه على براعته في التمثيل، واقترابه من تنفيذ خطته: "لقد انزلقت قدمي وأنا أخرج من حوض الاستحمام، فانزلقت على ظهري.. آه يا فقراتي العصعصية.. آه يا عضلاتي الضامة والخلفية"..
شهقت زهو وانسابت الدموع من عينيها بحرية، وهي تقول: "يا إلهي.. هل تؤلمك بشدة؟ هل أطلب الإسعاف؟"
رد نبيل متعجلا: "لا.. لا.. فقط ساعديني لأنهض"..
أمسك بخصرها، بينما مدت كفيها أسفل ذراعيه لتساعده على النهوض، ثم قالت: "استند عليّ لأوصلك للسرير.. أخبرني إن زاد الألم مع الحركة لأطلب الإسعاف"..
أحاط نبيل كتفيها بذراعه، بينما اعتقلت هي خصره بقبضتها تحثه على التحرك معها على مهل..
كان داخله يزداد اشتعالا بسبب لطفها وحنانها.. يريد أن يتوقف عن الإدعاء فقط ليلثم شفتيها المكتنزتين بإغواء، يراه اللحظة مضاعفا حيث تقوستا لأسفل بسبب شعورها بالحزن والقلق عليه، ولكنه أصر على تكملة دوره للنهاية حتى يحظى بالخاتمة التي يرتجيها..
حين ساعدته زهو ليجلس على طرف السرير، همس بتعب زائف لم تتبينه ببراءتها: "ساعديني لأتمدد.. ارفعي ساقي عن الأرض"، ولمّا ساعدته زهو على أن يفترش السرير، همس مجددا مدعيا الإنهاك لسيره لبضع خطوات فقط: "نامي إلى جواري ودلكي أسفل ظهري.. آه.. يؤلمني بشدة"..
نفذت زهو بسرعة، والدموع لم تغادر مقلتيها، فأخذت تدلك أسفل ظهره برفق وعناية، حتى قال: "أفضل قليلا الآن.. استرخي إلى جواري.. أرجوكِ.. أريد أن أنسى الآلم"..
ولمّا فعلت زهو، مد وجهه قليلا لكي يقبّل جبهتها، ثم تحركت شفتيه تلقائيا على وجهها بقبلات خفيفة ناعمة، حتى وصل لشفتيها اللتين تطلبان الاهتمام.. وهو لم يتأخر..
غابت زهو في قبلته عاصفة الأشواق ورقيقة الحس، والتي أنستها تماما السبب الذي كانت تبكي لأجله قبل قليل، ولمّا تحركت قبلاته العشوائية صوب رقبتها، همست بتردد: "ماذا تفعل؟ ظهرك"..
رد هامسا بصوت ضائع الأنفاس تملكته العاطفة: "سأكون بخير.. فقط دعيني أذوب بكِ وسأكون بخير"..
كانت زهو قد ضاعت في قبلته ونبرته التي ذوبتها حرارة العشق، فوجدت نفسها فجأة بين ذراعيه وهو يخيّم بحضوره القوى على محيطها مطاردا أي خوف أو مقاومة بداخلها، لكنها وجدت بعضا من الانتباه يلح على أفكارها بسؤالها الذي همست به ممتعضة: "مهلا.. هل كنت تدّعي الإصابة قبل قليل؟"
رد بلا أدنى شعور بالذنب: "أردتُ أن أكسب تعاطفكِ لتشفقي عليّ قليلا، وتسمحي لي بامتلاك الجنة قبل أن أعود لجحيم العمل"..
وقبل أن تبدي أي رد فعل يبدد روعة اللحظة العاطفية المشتعلة بأجيج الغرام، غابا معا في قبلة أخرى أكثر اشتعالا، تأكد له بعدها أن زهو ستمنحه الجنة فعلا..
بعد وقتٍ طويلٍ، وقف نبيل في المطبخ إلى جوار زوجته التي كانت تسكب العصير في كأسين من الكريستال، بينما انشغل هو بتقطيع الكيك ووضع قطعتين على طبقين، بينما ظل يختلس بين الحين والآخر النظرات إليها دون أن تنتبه، وعلى وجهه تستقر ابتسامة عريضة عابثة..
حين وصلا لغرفة المعيشة، وكلا منهما يحمل صينية صغيرة، سارع بوضع خاصته على الطاولة قبل أن يتناول هاتفه الذي رن معلنا وصول رسالة جديدة..
تصفحها على الفور، ليقرأ ما حرره سفيان بأحدث رسائله:
(لماذا لا ترد عليّ يا وغد؟ هل صادرت زوجتك هاتفك أم ماذا؟ ويلاه.. ستجعلك مستأنسا وأليفا يا أبا النبال)..
رفع نبيل هاتفه على أذنه بعد أن طلب رقم صديقه، الذي رد بعد الرنة الأولى قائلا بنبرة مغيظة: "هل سمحت لك زوجتك أخيرا بالتواصل معي؟ لماذا يا تُرى كنت تهرب مني طوال الأيام الماضية؟ أم تراك....."
بتر سفيان كلامه مكتفيا بشهقة مصدومة مفتعلة، فهمها نبيل فورا ليقاطعه مطلقا سبة مازحة بصوت خفيض لم يصل لعروسه التي همت بالبحث عن جهاز (الريموت)، ليتابع بقوله: "لا تمزح مع الأسد وإلا سيفترسك يا بني"..
أطلق سفيان ضحكة مدوية، ثم قال ساخرا: "نهض الأسد.. اللهم لا حسد.. الحمد لله أنني اطمئننت على مستقبلك يا بُني.. أخيرا كبرتَ يا صغير"..
رد نبيل بسماجة: "العقبى لك حينما نطمئن عليك وتتوقف عن مصاحبة هذه وتلك.. وتستقر مع بنت الحلال"..
رد سفيان بجدية: "قريبا.. ربما بالعطلة القادمة تجدني قد عقدت القران بالفعل"..
سأله نبيل غير مصدق: "أتمزح؟"
رد سفيان بنفس النبرة الجادة: "لا والله.. لقد تقدمت لطلب يد فتاة من معارف أبي.. وسنقيم حفل الخطوبة بالإجازة القادمة.. وأظن أن أبي سيجبرني وقتها على عقد القران أيضا.. كله بسببك.. يعايرني بك ويقول صديقك الذي يصغرك بعامٍ كامل قد تزوج قبلك"..
ضحك نبيل، وقال شامتا: "ماذا عن خولييتا حسناء البرازيل؟ الفتاة تعلقت بك كليا؟"..
رمقته زهو بفضول، لكنه تجاهلها، واستمع لرد سفيان الذي قال ممتعضا: "لن تكون هناك خولييتا ولا غيرها بعد عقد القران.. سأصبح مستقيما للأبد.. المهم متى سأراك؟"..
رد نبيل متعجلا وهو يطالع زهو بنظرة عابثة: "ليس قبل أن يحل موعد السفر.. ولا تهاتفني مجددا"، ثم تابع يصيح بمبالغة: "أنا عريس يا ناس"..
بعد أن أنهى المحادثة، رمى هاتفه على الأريكة جواره، واقترب من عروسه التي تجلس على الجهة الأخرى، حتى احتل جزء كبيرا من مساحتها الخاصة بالتصاقه بها، ليهمس في أذنها بحرارة: "أين كنا؟"، قبل أن يمد أنامله يدغدغ جانبها، لتطلق هي ضحكة رنانة مجلجلة، ليهتف هو: "تلك الضحكة قادرة على جلب شرطة الأداب في التو واللحظة.. حمدا لله أن القائد لم يسمعها عبر الهاتف.. كنتِ ستفضحيني أمام سيادة الرائد"..
عاودت زهو الضحك من جديد، ليقول لها: "اضحكي يا زهو.. ليبدأ اللهو"، مختطفا من بينها شفتيها المكتنزتين قبلة أخرى ذهبت بأنفاسها.. وتعقلها..


يتبــــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 22-08-22, 07:28 PM   #599

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
New1 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الحادية والعشرون: القسم السابع

بعد يومين، وقبل أن يضطر نبيل وسفيان للعودة لمهمتهما العسكرية في أمريكا الجنوبية، وقبل أن يتسلم بحر مهمته الأولى بعد تخرجه بالكلية الحربية، كان الأخير على موعد حاسم مع زوج خالته عبد المنصف الحلواني، بعد أن طلب مقابلته لأمر عاجل، فحدّد له الأخير مساء اليوم موعدا لاجتماعهما..
أما أمواج، فسارعت تهاتف ابن عمها الأكبر نبيل تطلب منه الحضور في نفس موعد اللقاء بعد أن شرحت له سبب قدوم بحر، واتفقت معه على أن يتظاهر أنه قرر المرور على عمه بالمصادفة تزامنا مع جلوس الأخير مع بحر، وذلك حتى يقوم باحتواء أي موقف من الممكن أن يحدث بينهما في مواجهتهما المحتملة، بعد أن لمس قبول أمواج للارتباط رسميا ببحر وخوفها من أن يضع والدها العراقيل أمامهما..
في الموعد المحدد، أطل بحر بحلة شبه رسمية، مرتديا سترة كحلي كلاسيكية على سروال عصري من الدنيم الأسود مع قميص كلاسيكي باللون الأزرق الشاحب.. حاملا بيديه مزهريتين على شكل قطتين متعانقي الأيدي، وكلا منهما تحتضن باقة من النباتات دائمة الخضرة..
يعرف أن أمواج ستسرها هذه الهدية كثيرا، حيث أن هذه النباتات معمرة ولن تذبل أبدا مع بعض الرعاية من جانبها.. والأخيرة تلقت هديته بحبور وسعادة، قبل أن يصطحبه زوج خالته لغرفة الاستقبال الصغرى البعيدة نسبيا عن غرفة المعيشة، خاصة بعد أن فهم سبب قدوم ابن شقيقة زوجته من النظرات المتبادلة بينه وبين ابنته، والارتباك المسيطر عليه مخالفا لحضوره الواثق في كل مرة كان يلتقيه..
بدأ بحر بالكلام قائلا: "بصراحة يا عمي.. جئت لأطلب يد ابنة حضرتك أمواج"..
رفع عبد المنصف حاجبه بفضول، لكن وجهه ظل جامدا يناظر بحر بعينين متفحصتين، قبل أن يسأله: "ألا تظن أن هذا الأمر يستدعي وجود والدك برفقتك يا بُني؟"
أجلى بحر صوته، وقال بنبرة حرص على أن تخرج واثقة: "في الحقيقة، لا أريد أن أحرج والدي بحضور تلك المقابلة إن كانت نتيجتها ستكون الرفض.. لا أرغب أن أكون سببا في حدوث مشكلة عائلية إن كان لحضرتك اعتراض على شخصي.. لكن لو أبديت موافقتك، بالتأكيد سيرافقني والدي في الزيارة المقبلة"..
سأله عبد المنصف مستفهما: "ألا يعلم والداك شيئا عن هذه الزيارة؟"
رد بحر بصدق: "لا يعرفان شيئا.. لا أريد لأمي أن تتطلع للأمر ثم يصيبها الإحباط إذا لم يتم.. تعرف كم تحب أمواج"..
ناظره عبد المنصف الحلواني متفرسا بصمت لبضع دقائق، ثم سأله مجددا: "لماذا تتحدث وكأنك تتوقع الرفض؟"
رد بحر بعد أن تنحنح متوترا: "لأسباب عدة.. لأكون صادقا.. هناك فارق السن.. هو لا يشكّل لي أية مشكلة، ولكنك قد لا توافقني الرأي.. كما أنني لا أزال في بداية حياتي المهنية وأبني مستقبلي خطوة خطوة.. أي أنني لن أستطيع أن أجعل أمواج تعيش في نفس المستوى الذي تقدمه لها.. كما أن...."
في تلك الأثناء، طرق أحدهم الباب، ولما أذن له عبد المنصف بالدخول، دلف إلى الداخل نبيل الحلواني حاملا صينية عليها ثلاثة أقداح من القهوة، قبل أن يضعها على الطاولة المستديرة الصغيرة المواجهة لمقعد بحر، ثم قدّم القدح الأول لعمه، قبل أن يجلس أمام صديقه وأخ شقيقته شادن بالرضاعة، يمنحه ابتسامة مستفزة تزيده توترا بدلا من منحه بعض الطمأنينة في مواجهة زوج خالته..
توتر بحر كان يُرضي الجانب المشاكس من نبيل.. وكأنه قد وجد أخيرا فرصة لتعذيب ذلك الطفل الذي وجد طريقه إلى عائلته متسللا، مرة بعلاقة أخوة جبرية مع شقيقته هو، ومرة بوقوعه في حب ابنة عمه الوحيدة، وجلوسه الآن بكل شجاعة لكي يطلب يدها..
شرد نبيل قليلا يتذكر حين تقدم لطلب يد زهو أكثر من مرة.. كان بمفرده أيضا حريصا على أن يجنّب والده الحرج إذا ما رفض سمير الصاوي طلبه.. وهو ما حدث بالفعل، قبل أن يضطر لاصطحاب والده وعمه على سبيل الدعم، وبالفعل نجحا في إقناعه.. ولهذا شعر باحترام متزايد نحو ذلك الشاب الصغير، وتلاشت رغبته في مشاكسته ومضاعفة شعوره بالتوتر..
في تلك اللحظات، شعر نبيل الحلواني أن عليه أن يقدم الدعم له، ليس فقط تلبية لرغبة أمواج التي على ما يبدو تمتلك مشاعر خاصة تجاه ابن خالتها، ولكن أيضا لأجل بحر نفسه، الذي وعلى الرغم من صغر سنه إلا أنه أثبت جدارته ورجولته المبكرة منذ انضم للكلية الحربية، حيث كان حريصا طوال الوقت على مساندة الفتيات في الوقت الذي اضطر فيه نبيل للسفر المتكرر بسبب عمله، وخاصة بعد أن هاجر نادر إلى كندا، لتنتقل إليه بشكل جزئي وبسلاسة غير مخطط لها، مسئولية رعاية فتيات العائلة.. وبرغم بُعد المسافات لإقامته بالسويس ثم التحاقه بمعسكرات الكلية المتتابعة، إلا أنه كان خير سند لهن..
خرج نبيل من شروده، حين زجره عمه قائلا: "ألن تخرج لتجلس مع أمواج وفايزة؟"
رد نبيل بجدية بعيدا عن مزحه المألوف: "إذا سمحت لي يا عمي.. أريد الجلوس معكما والاستماع إلى ما سيقوله بحر"..
زفر عمه بعد أن رمقه بنظرة محذرة، ثم حرك وجهه تجاه الآخر وقال بنبرة آمرة يستخدمها مع طلابه في كلية الآداب: "تابع ما كنت تقول"..
ارتشف بحر بعض الماء لكي يطرد جفاف حلقه المفاجئ، ثم تابع: "كنتُ أقول إن شقة زواجي في السويس.. وحضرتك قلت في زيارتك السابقة لنا إنك تصر على أن تعيش أمواج هنا معك بنفس التجمع السكني.. ولا أظن أن إمكاناتي المادية حاليا مع مساعدة عائلتي لي، ستسمح لي بشراء شقة هنا في التجمع.. حتى لو بالتقسيط المريح.. لهذا لستُ متفائلا كثيرا بموافقة حضرتك"..
ظل عبد المنصف صامتا لفترة، بينما يناظره بحر بتوتر، ونبيل يناظر الأخير بإشفاق، فالأمر يبدو معقدا فعلا على الرغم من أنه لا يمتلك كل التفاصيل..
سأله عبد المنصف قاطعا صمته الذي زاد من حدة التوتر في الأجواء: "هل تخبرني أنك جئت لكي تطلب يد ابنتي ولست مسلحا بشيء في الحقيقة سوى بعض المشاعر العاطفية المؤقتة لها؟"
رد بحر بإصرار: "ليست مؤقتة.. عماه"..
حدجه عبد المنصف بنظرة محتدة، فأطرق بحر عينيه بحرج، وتنحنح مرة أخرى، ثم اعتدل في جلسته وقال: "ما أردت أن أقوله، أنك لو منحتني يد ابنتك، فلن تجد من يصونها ويعتني بها مثلي.. سأكرس حياتي كلها لأدللها وأعتني بها كما تريد أنت من زوج ابنتك"..
ابتسم نبيل بسبب شجاعة بحر في مواجهة عمه المعروف بجديته مقارنة بوالده الذي أكسبه السفر الدائم فن إدارة المحادثات بلباقة مغلفة بحس الفكاهة والمرح، ثم قال: "عمي.. أنا أدعم بحر في الحقيقة.. تعلم أنه قد تم اختياره للانضمام لقوات حفظ السلام، وسنحرص أنا وسفيان على ضمه لكتيبتنا.. أي أنه سيكون برفقتنا دائما، ونحن لا نضم لفريقنا سوى أفضل الرجال"..
فغر بحر شفتيه لشعوره بالمفاجأة من إطراء نبيل الذي كان يحرص دوما على مضايقته واستعراض قوته عليه منذ كان طفلا صغيرا، ولكن يبدو أنه قد نجح أخيرا في كسب احترامه، أو ربما كان نبيل يحترمه دائما ولكنه فقط يفضّل إغاظته لشعوره بالغيرة من منافسته له على أخوته لشادن..
ابتسم بحر لنبيل امتنانا، فأغمض الأخير عينيه مرة واحدة يرد التحية بشكل مستتر عن عمه، قبل أن يتابع: "أظن أن إصراره على المجيء بمفرده وعدم إخباره لوالديه يُنم عن شعوره بالمسئولية تجاه العائلة، فهو لا يريد أن يضعك في موقف محرج يا عمي أمام العم عدنان الديب والخالة فاطمة، كما أنه لم يقرر الانتظار لسنوات خوفا من أن تضيع منه أمواج ويطلبها شاب آخر"..
قال عمه بنبرة جامدة غير واضحة الانفعالات: "ولكنه لا يزال صغيرا.. كما أنه بالفعل أصغر منها"..
رد نبيل بكياسة: "لا أتوقع يا عمي أنك تهتم بمسألة فارق السن، خصوصا أن بحر شاب رزين ويتحمل المسئولية، كما أنه يذكّرني بإصراري على طلب يد زهو وهي بعامها الأول بالجامعة، خوفا من ارتباطها بشاب آخر.. ولا تؤاخذني يا عمي، أمواج يأتيها الكثير من الخاطبين، ويحق له أن يشعر بالقلق ويقدم على تلك الخطوة حتى وإن لم يكن مستعدا تماما للزواج"..
قال عبد المنصف بهدوء: "وهذا ما أقوله يا نبيل.. إنه غير مستعد.. كما أنني لا أعرف رأي أمواج بعد.. أضف إلى ذلك أنه يجلس أمامي الآن ويخبرني أنه لا يقبل شرطي بإقامة ابنتي الوحيدة إلى جواري بالوحدة السكنية التي اشتريتها لأجلها"..
تدخل بحر قبل أن يرد نبيل، وقال بحميّة: "عذرا يا عمي.. لا أريد أن أتزوج في شقة تمتلكها زوجتي.. ولكن حتى إذا بعتُ شقة السويس، لا أدري إن كان ثمنها سيكفي كمقدم لشقة هنا في هذا التجمع أم لا.. أنا فقط أخبرك ظروفي وأرجو أن تتقبلها.. وتأكد أن أمواج إذا جاءت للإقامة معنا في السويس، سأعتني بها جيدا، وأمي ستدللها كثيرا"..
قال نبيل قاطعا على عمه فرصة المعارضة بعد أن لمح القرار في عينيه: "ما رأيك أن تشتري الشقة من عمي منصف بدلا من شراء وحدة جديدة من شركة الxxxxات المؤسسة لهذا التجمع.. قم ببيع شقة السويس، وادفع ثمنها كمقدم لعمي منصف، ثم قم بدفع باقي ثمنها كأقساط تسددها للشركة بعد نقل الملكية، ثم قم بدفع باقي ثمنها لعمك على مهل بعد أن يزيد راتبك حين تترقى في عمك وترتفع رتبتك"..
صمت بحر يفكر لوهلة، والتردد يسيطر عليه.. كان يشعر أن الأمر كله سينفجر فجأة في وجهه بأية لحظة..
من المستحيل أن تسير الأمور بسلاسة هكذا.. لن يتخلى عبد المنصف الحلواني عن ابنته بكل بساطة..
وبالفعل، صدقت توقعاته، حين قال زوج خالته بصوته الرخيم: "اسمع يا بحر.. سأكون صادقا معك.. أنا بالفعل أحترم والدك بشدة، وأثق أنه والسيدة فاطمة قد ربياك أفضل تربية، وقد أثمرت جهودهما عن شاب محترم ومهذب مثلك، لكن أمواج ابنتي جامحة قليلا، وتحتاج لمن يلجم هذا التمرد بداخلها"..
رد بحر باعتداد: "ثق أنها ستكون بأمان معي يا دكتور عبد المنصف.. فأنا قبل كل شيء ابن خالتها، وكنتُ أجيد معاملتها طوال السنوات الماضية"..
رد عبد المنصف مقاطعا: "ولكن فارق السن قد يجعلها تحاول فرض إرادتها عليك أحيانا.. يعلم الله أنها تحاول كثيرا أن تنفرد بقراراتها تحت هذا السقف لولا أنني وفايزة نرشدها دائما للخيار الأفضل"..
ارتشف بحر بعضا من الماء يمهل نفسه بعض الثواني للإمساك بزمام الأمور من جديد، ثم قال: "لا أعلم كيف أقنعك أنها ستكون بخير معي، سوى أنه إن كان لديك شكٌ بقدراتي على احتواء تمردها، فتذكّر أن وطننا بأكمله يأتمنني على أرواح المواطنين وسلامة أراضيه.. أمواج ابنة خالتي، وسأظل دوما أشعر بالمسئولية تجاهها، حتى إذا رفضت طلبي.. أي أنني سأظل أعتني بها دائما كسند حقيقي لها"..
هرش عبد المنصف رأسه قليلا يفكر، ثم قال: "بصراحة، لا زلتُ غير مقتنع بفكرة زواجك الآن وأنت لم تتسلم عملك بعد.. اسمع يا بحر.. هذا ليس رفضا.. صدقني أنا أحترمك كثيرا، وأحبك كابني تماما.. ولكن، ما رأيك ألا نتعجل الأمر؟"
سأله بحر بهدوء برغم تجهم وجهه: "ماذا تقصد حضرتك؟"
رد عبد المنصف بحزم: "لنجرِ هذا اللقاء مرة أخرى بعد عام من الآن.. لننتظر عاما واحدا ونعتبر أن هذا اللقاء لم يتم، وإذا شعرتَ بحلول حولٍ كاملٍ أن مشاعرك تجاه ابنتي لا تزال كما هي.. عد بصحبة والديك، ووقتها سأمنحك موافقتي.. بالطبع إذا كانت أمواج نفسها تقبل الزواج منك.. وبشرط إقامتكما هنا في التجمع"..
نهض بحر يصافح عبد المنصف بوجه صارم القسمات، ثم استأذن للخروج، لكنه تسمّر مكانه، حين هتف عبد المنصف قائلا: "بحر.. لا أحتاج لأن أوصيك ألا تتواصل مع أمواج نهائيا خلال هذا العام.. وأظنك ستحترم رغبتي"..
التفت بحر لعمه وتوسله بنظرة بائسة، لكن والد أمواج بدا مصمما على هذا القرار أيضا، فرضخ بحر لطلبه، وأكد ذلك بقوله: "لن أتواصل معها هاتفيا أو بالرسائل القصيرة، ولكن اسمح لي حضرتك أن أرسل لها بطاقات بريدية من وقت لآخر من الأماكن التي سأسافر إليها.. يمكنك حتى الإطلاع عليها.. لن أمانع"..
صمت عبد المنصف قليلا، قبل أن يقول من بين أسنانه: "لا بأس.. أثق بكما"..
تحرك بحر للخارج، وكاد أن يتبعه عبد المنصف، لكن نبيل حرص على مماطلة عمه لأنه يعرف أن أمواج ستعترض طريق بحر لكي تسأله عما تم في المقابلة..
وبالفعل، بينما كان نبيل بالداخل يحاول إقناع عمه بتخفيف الحصار على بحر، قفزت أمواج درجات السلم تتبع مالك قلبها فور أن رأته يغادر غرفة الاستقبال.. نادته بصوت خفيض، فتوقف متجمدا فور أن لامس صوتها أذنيه، لتسأله عما قاله والدها..
ابتسم بحر ابتسامة باردة، ثم قال: "لقد أخبرتكِ ولم تصدقيني.. رفضني أبوكِ بطريقة أنيقة.. هل ارتحتِ الآن؟ بل ومنعني من التواصل معك نهائيا"..
ردت أمواج بانفعالها المعهود: "لا أفهم شيئا.. كيف منعك من التواصل معي؟"
رد بحر باندفاع: "سلي أباكِ.. بالتأكيد سيعقد معكِ جلسة مطولة بعد رحيلي لكي يسألكِ كيف أوقعكِ الذئب في براثنه؟؟"
ردت أمواج ممازحة تحاول تلطيف الأجواء: "سأقول إن القطة هي من أوقعت بالذئب"..
في تلك الأثناء، جاء صوت والدتها تقول: "أمواج.. أبوكِ يريدكِ"، فتركته أمواج وذهبت لغرفة الاستقبال، فيما اقتربت فايزة منه تقول لائمة: "لو كنتُ قد أخبرتني قبل أن تأتي اليوم لكنتُ مهدتُ الطريق لك، ولخرجتَ تحمل الموافقة.. لكن لا بأس.. سيوافق في النهاية إن أصرت أمواج.. وأظنها تصر عليك.. لا تظن أنني عمياء لم أرى نظراتكما المتبادلة، وحديثكما السري خصوصا بزيارتنا الأخيرة لبيتكما"..
تنحنح بحر حرجا واكتسى وجهه الأسمر بحمرة زادته دكنة، ثم قال بنبرة جامدة: "لو أصر عمي على الرفض، فلا تخبري أمي شيئا.. لا أريدها أن تحزن.. تعلمين كم تحب أمواج وتمنتها لي منذ طفولتنا"..
ابتسمت فايزة وقالت بحنين: "دوما كانت فاطمة أكثرنا رومانسية.. لا تقلق.. سيوافق منصف في النهاية.. فقط نفذ له ما طلبه حتى يمنحك الموافقة"..
هز بحر رأسه، و هم بالمغادرة، فتبعه للخارج نبيل الذي ترك عمه مع ابنته يتواجهان.. وقبل أن تتفرق طرقهما، قال نبيل بنبرة داعمة لا تخلو من الفكاهة في محاولة لتلطيف الأجواء: "لا تيأس.. لقد رفضني والدا زهو بضع مرات.. انظر أين أصبحنا الآن؟"
قال بحر بامتنان حقيقي: "أشكرك بشدة على محاولتك مساندتي بالداخل.. بصراحة فوجئت بتصرفك"..
رد نبيل بعد أن مد أصابعه يشعث شعر صديقه قائلا: "صحيح أنني أحب مشاكستك تماما كما أفعل مع شادن، لكن ليس معنى هذا أنني لن أقف بجانبك عندما تحتاج للمساعدة.. أنت الآن زميل لي، وأنا قائدك.. أي أن مساعدتك مسئوليتي قبل أن تكون اختياري.. منذ الآن أيها الملازم.. أنت تحت رحمتي.. أقصد رعايتي"..
هز بحر رأسه ومنحه ابتسامة ودودة، ثم لوّح له مودعا، حيث قاد سيارة والده رأسا إلى بقعته المفضلة في مدينته الساحلية..
كهف الذئب..
أخرج من سيارته بعض الأغطية والشراشف التي يحتفظ بها دائما في صندوق السيارة، ويستخدمها للنوم في الكهف كلما شعر بحاجته لأن ينعزل عن العالم..
والليلة تحديدا، لا يريد مواجهة أحد، فسارع يحرر رسالة لوالده يخبره أنه قد وصل السويس وسيبيت ليلته في بيت صديق، وسيعرج على المنزل صباحا..


يتبــــــــــــــــــــــ ــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 22-08-22, 07:31 PM   #600

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:jded: وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الحادية والعشرون: القسم الأخير

في منزل عبد المنصف الحلواني، لم تكن الأجواء قد هدأت بعد، حيث انضمت فايزة للمحادثة التي جمعت زوجها وابنتها بعد أن لاحظت أن المناقشة قد احتدمت بينهما، خاصة بعد مغادرة نبيل..
كانت علامات الامتعاض تعلو وجه عبد المنصف الحلواني الذي وقف بقامته الطويلة يكتنف ابنته القصيرة كجبل راسخ، بينما بادرته هي بلهجة مترجية تعاكس تماما نظرات العناد والتحدي الملتمعة بعينيها: "أرجوك وافق يا أبي.. أنا.. أثق به"..
أمسكت نفسها بالكاد عن النطق باعتراف حب صريح أمام والدها حيث لم يردع انفلات أعصابها الجنوني سوى تقديرها الشديد له، ورمق من حياءٍ كبّل جموحها في اللحظة المناسبة، لكن الأخير قرأ ما تشعر به ابنته بوضوح على صفحة عينيها فريدتي الألوان، فقال بنبرة مشفقة يخالطها بعض التحذير: "يا ابنتي.. حين تتحقق أمنية الشخص بسهولة، تصبح تضحيته بها لاحقا أمرا يسيرا.. أخشى أن يخذلك بعد أن تستفيقا لتكتشفا أن تلك المشاعر التي تغمركما الآن قد فترت وذبلت تماما"..
همست أمواج باستنكار: "بحر يخذلني؟ مستحيل.. بحر لا يُفرّط بي"..
رد والدها بنبرة جدية: "لا زلتِ غراء لا تعرفين شيئا عن هذه الدنيا.. من الممكن أن يخذلك دون حتى أن يتقصد"..
اهتزت حدقتاها لثوانٍ، لكنها استعادت عزمها وناظرت والدها بنفس الثقة، لتتابع بنبرة لا تخلو من اللوم: "أنا أثق به يا أبي وأمنحك موافقتي إن كانت تهمك.. فالمسألة في النهاية.. مجرد زواجي"..
سألها والدها بعناد، ربما ورثته هي عنه، قبل أن يتضخم بداخلها ليتحول لسمة أساسية تحركها ككرة نار تنذر بالانفجار بأية لحظة: "لماذا بحر؟"
ردت هي بعد أن عقدت ذراعيها على صدرها بحمائية، في محاولة جديدة للتماسك: "ولماذا ليس بحر؟"
رد والدها: "لا أفهم كيف تحركت مشاعرك نحوه.. وليس أي شاب آخر ممن تقدموا إليكِ أو حتى نبيل مثلا"..
ردت أمواج بنبرة شبه ممازحة: "نبيل؟ أخي؟ ذلك الذي حضرنا زفافه قبل أيام؟"
رد والدها بنبرة هازئة: "وبحر ليس أخاك؟ لقد حملتيه بين ذراعيك يوما بالله عليك"..
اهتز جسدها كله بالانفعال، لكنها ردت بعد أن ضيقت حاجبيها: "أبي، أنا أكبره بعامين فقط، بل بواحد وعشرين شهرا ونصف لأكون دقيقة.. فلماذا تريد أن تجعلني أبدو كامرأة ناضجة تحاول الإيقاع بمراهق غر؟"
ابتلعت أمواج ريقها وارتجفت مشمئزة، وهي تتذكر أحد مشاهد فيلم (شباب امرأة)، متخيلة نفسها لثوانٍ مكان البطلة وهي تحاول الإيقاع بالشاب القروي البريء..
ضحك والدها متسليا عندما شاهد ارتجافتها دون أن يفهم إلام سبحت بخيالها، ثم قال مشفقا: "أعترف أن فارق السن لا يشكل عائقا هنا، خاصة وأن الولد ناضج بالفعل ومسئول، وأنا أحترمه كثيرا، واحترمته أكثر حين جاء منفردا ظنا منه أن وجود والديه سيحرضني على القبول على مضض.. لا يدري ألا قوة على الأرض ستجبرني أن أمنح ابنتي لشاب ما لم أكن واثقا أنه رجل حقيقي.. حتى وإن كان لا يستحقها.. فأنا لا أظن أن من يستحق أمواج عبد المنصف الحلواني موجود على سطح الأرض.. لكن.. لا بأس.. المشكلة الآن أن الفارق المادي قد يشكل إزعاجا له"..
قالت فايزة متدخلة لأول مرة في مناقشتهما المحتدمة: "لا أظنها ستكون مشكلة يا منصف"..
رمقها منصف بحدة مبديا انزعاجه من ميلها لجانب بحر في تلك المناقشة، لكنها ابتسمت وهزت كتفيها بمعنى (أنا بالفعل في صفه)، لكن أمواج قطعت تواصلهما الصامت بقولها: "بالفعل يا أبي لن تكون تلك مشكلة.. فأنا لا أميل الى البذخ والرفاهية.. لستُ مجنونة تسوق، ولا أحب ارتداء الماركات الفارهة"..
صمتت أمواج تراقب رد فعل والدها على ما قالته، ولما طال الصمت دون أن يعلق، تابعت تقول بقصد المزح: "كل ما أحتاجه هو طعامي أنا والقطط"..
رد والدها مندهشا: "أية قطط؟"
قالت هي بحماس: "سأربي قطتين فور أن أتزوج من بحر.. كنت أتوق طوال عمري لاقتناء قطة ولكنني أعرف أنك تتحسس منها، لذا أرجأت الأمر حتى الزواج، وسأقتني اثنتين معا كنوع من التعويض.. طمطم وطماطم"..
ضحكت أمها متسلية، بينما قال والدها بنبرة شبه موبخة: "الأمر ليس مغامرة مسلية يا أمواج.. هذا زواج.. أي تأسيس حياة كاملة.. ويدخل فيه أطراف متعددة.. وفي حالتكِ أنتِ وبحر، فإن مستقبل عائلتين مرتبط بكما.. عائلتان مترابطتان أساسا .. واذا حدث بينكما شيء.. ستتهدم العلاقات بين أمك وخالتك.. تعلمين أيضا أن عدنان الديب صديق لي أنا وأخي عبد الجليل منذ سنوات عدة"..
ردت أمواج بثقة: "لن يحدث شيء.. بحر شخص مسئول وأنا قادرة وعازمة على انجاح الأمر مهما كانت العقبات.. أعلم جيدا يا أبي أن الزواج ليس أمرا سهلا.. وأنه سيكون على الطرفين أن يقدما بعض التنازلات في وقتٍ ما.. لا أرى أية مشكلة في التنازل قليلا عن الطلبات المادية المعتادة.. فهدفي ليس التباهي أمام المجتمع.. بل العيش بسعادة مع رجل يقدرني.. وأظن أنك تعلم أن بحر يقدرني جيدا"..
طالعها والدها بصمت لبضع دقائق، قبل أن يسألها في النهاية: "إذًا أنت مصرة.. صحيح؟"
ردت فايزة بفم تزينه ابتسامة لطيفة ذكرّته باللحظة الأولى التي قابلها فيها في زمن آخر: "من لأمواج غير بحرها؟.. هل سنخالف قوانين الطبيعة؟"..
تنهد عبد المنصف مواجها ابنته، يقول: "كنتِ دائما تقفين عند أقصى القطب.. متمردة بل متطرفة أحيانا.. دائما ما كان هناك جانب متهور من شخصيتك لا يقبل بالأمور الوسط، ولا يحب الاعتيادية"..
ابتسمت أمواج وهي تتوقع أن والدها قد قبل بالفعل، لكنه أحبط ابتسامتها الوليدة حين قال: "لم أمنحه موافقتي النهائية.. لا زلتُ أخشى عليكما معا من هذا الارتباط رغم ما بينكما من انجذاب لا يمكن انكاره.. لكن الزواج عملية تأسيسية لها قواعد.. لذا أخبرته أن نؤجل الأمر برمته لمدة عامٍ كامل.. وإذا كانت مشاعره في نفس مكانها بعد عام من اليوم، فسيأتي لطلب يدكِ مرة أخرى ووقتها سأمنحه الموافقة.. هو اشترط ألا يعلم والداه شيئا حول ما تم اليوم.. وأنا قبلت.. لذا أنتِ وأمكِ لن تتحدثا أبدا مع السيدة فاطمة حول الأمر.. أما أنا فقد اشترطتُ عليه ألا يتواصل معكِ هاتفيا أو من خلال الرسائل نهائيا إلا بعد عام.. لكنه كفتى مُلحٍ عنيدٍ، أصر على أن أسمح له بمراسلتك بالبطاقات البريدية من المدن التي سيزورها أثناء عمله على مدار هذا العام.. وهذا أقصى ما أستطيع أن أسمح به حاليا.. فلا تختبرا صبري"..
ردت أمواج بكبرياء: "إن كان قد وعدك.. فهو لن يكسر وعده.. أنا أثق به"..



باتت تشعر مؤخرا بغبطة غير مفسرة الأسباب.. وكأن حياتها التي كانت باردة بلا ظل، قد وجدت لنفسها أخيرا فسحة من الدفء تحت لهيب الشمس المشعة، فأخذت تتنعم بما وضعه القدر في طريقها من رحمات..
أما هو، فكانت مشاعره تتأرجح مؤخرا بين الاختناق والتوتر، ولم يعد يعرف شعورا بخلافهما، وكأنه استيقظ فجأة وسط صحراء جليدية ليكتشف أن ستار الدفء الذي كان يغطيه كان مجرد غلالة هشة سرعان ما تهشمت لتتركه عاريا بلا حماية..
ما بين محاصرة أمه له وتضييقها اللجام حول عنقه، وبين قلقه من خطوة مستقبلية لا يشعر أنها تناسبه أبدا، كان ممزقا يتألم صمتا، ويتمنى لو كان بإمكانه الرحيل.. أو المقاومة..
لكن كيف له أن يتخذ قرارا حاسما، وهو لم يعرف في حياته كلها سوى الخضوع والسير وفق الخطوات المرسومة له بدقة..
كانت ذكرى تستمتع بفترة راحة قصيرة في استراحة المستشفى تتناول بعض المثلجات، بينما تتصفح حسابها على انستجرام، والذي أنشأته مؤخرا، ليكون بمثابة دفتر توثيق لأحلامها المؤجلة..
كانت تنشر عليه تباعا صورا تقتطعها من محركات البحث ومواقع التواصل، تعبيرا عن أمنيات كانت ترجو لو بإمكانها تحقيقها، وتعلم أن الأمر شبه مستحيل بسبب ضيق ذات اليد..
فهذه صورة لمدينة كازابلانكا المغربية التي تتمنى أن تسير في شوارعها، وتلك صورة لمدينة الحمامات التونسية التي تتمنى أن تقطن أحد بيوتها الملونة، وصورة ثالثة لمدينة تلمسان الجزائرية بمعالمها السياحية المستوحاة من العمارة الأندلسية المبهرة..
صورة لحلوى المقروط الجزائرية التي تود تذوقها، وأخرى للبقلاوة التركية بالفستق..
صورة لحذاء فاخر بكعبٍ عالٍ مستدقٍ من ماركة كريستيان لوبوتان الشهيرة، وأخرى لفستان سهرة فخم التطريز يحمل توقيع إيلي صعب.. وغيرها.. وغيرها.. عشرات الأحلام المؤجلة..
اليوم فقط جاءتها فكرة تحويل الحساب من مجرد استعراض لأحلامها المؤجلة التي ترفق كلا منها ببعض الكلمات المرتجلة من وحي خيالها، إلى محتوى هادف..
وبعيدا عن عملها وما يتضمنه من لحظات عصيبة، قررت أن يكون حسابها - وواحة سلامها النفسي – مخصصا لاستعراض ذوقها الخاص في الأزياء، فهي على الرغم من دخلها المحدود، إلا أنها تتفنن في اختيار ملابسها لتكون أنيقة وجذابة، حتى وإن كانت من خامات رخيصة ولا تحمل توقيع ماركات شهيرة..
نشرت ذكرى صورة كانت قد التقطتها صباحا لتنسيقها لطاقم صيفي، كان عبارة عن سروال من الجينز بأقدام واسعة تعلو بضعة سنتيمترات عن الكاحل، مع تيشيرت فضفاض قصير باللون الفوشيا مطبوعا عليه وجه امرأة تتزين بألوان ربيعية.. وإلى جوار طاقمها رصت مجموعة من الاكسسوارات التي أكملت الإطلالة بشكل مذهل.. مع صندل صيفي بكعب متوسط باللون الفوشيا..
فور أن نشرت ذكرى الصورة مرفقة بتعليق (تنسيقي لإطلالتي الربيعية)، حتى وصلتها عشرة علامات إعجاب متتالية، وعلقت إحدى متابعاتها قائلة.. (أرفقي منشوراتك بــ وسم يعبر عن محتواها حتى تصل لمتابعين أكثر.. أعجبني تنسيقك.. أنتِ مذهلة)..
انشغلت ذكرى في الدقائق التالية بالبحث عن جدوى استخدام كلمات الوسم مع المنشورات ومدى فعاليتها في زيادة عدد المتابعين، وقبل أن تضع منشورا آخر، جاءتها رسالة من الدكتور آدم يطلب منها الحضور لمكتبه، فسارعت تتحرك صوب مكتبه تشعر بنوع من الاشتياق، فسّرت اجتياحه لها بأنها لم تره منذ أيام، وهو يعتبر من الوجوه المألوفة التي تستكين بوجودها حولها..
قبل أن تصل لمكتبه، كان الدكتور آدم قد أنهى لتوه مكالمة مع الدكتور حسن تحسين الذي تحدث إليه ممتعضا شاعرا بالضيق لعدم عثوره على المتسببين في الشائعة التي ربطت بينه وبين ذكرى.. قبل أن يخبره الأخير بحرج أنه اضطر أن ينفي لزوجته أن هناك شيئا يجمعه بالممرضة الشابة لأن الأخيرة مهتمة بالدكتور آدم وليس به..
ورغم شعوره بنوع من الاضطراب بسبب الكذبة التي أطلقها الدكتور حسن لإرضاء زوجته، إلا أنه اضطر لتقبل الأمر ، حتى لا يتسبب لأستاذه بمشكلة بعد أن كان قد أقحمه بالأمر بداية، عندما طلب منه استقدام ذكرى للعمل بعيادته لزيادة دخلها..
حين دلفت إلى مكتبه بابتسامتها الوردية التي وصلت لوجنتيها الممتلئتين لتزيدهما توردا، غابت عنه كل الغيوم الرمادية، وحل محلها صفاء يبعث على هدوء النفس، فبادلها الابتسام بعد أن شعر أن الثقل الذي يضغط صدره لأيام قد خف قليلا في حضورها، ثم أشار لها بالجلوس أمامه، لتنفذ فورا وهي تسأله بتوجس: "لا مقالب اليوم؟"
أومأ يؤكد توقعها لتتسع ابتسامتها تلقائيا وسط صمت لم يتجرأ أيهما على قطعه خوفا من أن ينقشع السلام ويحل محله أمطار حاملة للأتربة تعيد الاختناق لصدره والتوتر لأعصابها..
بعد قليل، حركت ذكرى هاتفها صوب الدكتور آدم بعد أن أضاءت شاشتها بصفحتها على انستجرام، لتقول بسعادة: "أنظر.. لقد ازداد عدد المتابعين على حسابي.. صار لديّ ثلاثمائة متابع.. هل تصدق؟؟"
تصفح آدم الحساب سريعا، ولفت نظره الصور الأولى الخاصة بأحلامها المستحيلة، ليبتسم بتعاطف، بينما منحها الهاتف، وأمسك هاتفه وقام بتحميل التطبيق، ثم بحث عن اسمها وأرسل طلب المتابعة، ليقول مبتهجا: "وزادوا واحدا الآن.. ولكن عليكِ اختيار اسم سلس ليكون اسم الشهرة الخاصة بكِ.. مثلا Kiri’s fashion"..
رفعت ذكرى حاجبيها ومطت شفتيها، وقالت عابسة: "كيري؟ هل تريد أن يكون اسم شهرتي مثل اسم ماركة الجبن الشهيرة؟"..
ابتسم آدم ابتسامة متلاعبة زادته طفولية حين سألها: "ما المانع؟ الاسم يليق بكِ كثيرا.. كما أن اسم ذكرى ليس له تدليل"، ثم منع نفسه بالكاد عن التفوه بالكثير من كلمات الغزل التي تقارن بينها ويبن مكعبات الجبن الكريمية اللذيذة..
فهذا يعتبر تحرشا داخل نطاق العمل.. صحيح؟
ظلا يتحدثان لبعض الوقت عن العمل، حيث أخبرته ذكرى بصدق أنها سعيدة لتوقف الشائعات التي طالت اسمها مؤخرا داخل المستشفى، موضحة أنها تفكر جديا في طلب النقل لمستشفى آخر، ولكنها تخشى أن يتم نقلها لمكان بعيد عن محل إقامتها، فيتعقد جدولها اليومي بطول الفترة التي ستقضيها في المواصلات، خاصة بعد أن اعترفت أنها تنوي أن تبدأ التجهيز لرسالة الماجيستير في أقرب وقتٍ..
كانت تشعر اليوم أن شيئا قد تغير به.. يبدو باردا.. أو متحفظا على أقل تقدير..
تُرى هل حدث شيء؟
كادت أن تبادر وتسأله، لولا أن رن هاتفه، ففوجئ هو بالاسم الذي اعتلى شاشته، ولما استقبل المكالمة، قالت صاحبته: "مرحبا دكتور آدم.. لقد أسرت لي والدتي رغبتك في طلب يدي.. ما رأيك أن نلتقي قريبا لنتعارف قليلا قبل أن تأتي أسرتك في زيارتنا رسميا؟؟"
بنبرة جامدة، قال آدم: "بالطبع، يسرني أن نلتقي.. حددي موعدا"..
كلمات مطاطة غير واضحة الاتجاه، لم تشأ ذكرى أن تضع لها تفسيرا اللحظة برغم فضولها الذي بلغ عنان السماء وأرسل رجفة قلقة بأعصابها..




نهاية القصاصة الحادية والعشرين
قراءة ممتعة


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:00 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.