آخر 10 مشاركات
158 - امرأة من زجاج - ساندرا فيلد(تم تجديد الرابط) (الكاتـب : فرح - )           »          أحبك.. دائماً وأبداً (30) للكاتبة الرائعة: مورا أسامة *مميزة & مكتملة* (الكاتـب : مورا اسامة - )           »          معضلة في شمال الطائف * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : ظِل السحاب - )           »          زوجة مدفوعة الثمن (44) للكاتبة:Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          أريد منك أكثر مما أريد / للكاتبة الكريستال ، مكتملة (الكاتـب : الكريستال - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عرض مغرى (148) للكاتبة Michelle Conder .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          على ضِفَّة لوحة انتظار ! وَ في لحظاتٌ تُحَيّكَ بهما الأَشْواقُ.(مكتملة) (الكاتـب : عمر الغياب - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1264Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-11-22, 05:46 AM   #221

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dina abd elhalim مشاهدة المشاركة
فصل رائع جدا جدا
تسلم ايدك
دائما مستمتعة بقراءة ما يجود به قلمك
حبيبتي بجد متشكرة جدا جدا لكلامك الجميل ❤️
كلك زوق ولطف ❤️❤️❤️❤️
يارب دايما اقدر اكون عند حسن ظنك ❤️❤️❤️❤️

Dina abd elhalim likes this.

شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-11-22, 05:47 AM   #222

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة assmahala مشاهدة المشاركة
فصل رائع ومشوق سلمت يداك في انتظار فصل قريبا باذن الله
حبيبتي متشكرة جدا كلك زوق ولطف
انتظارك يشرفني ❤️❤️❤️

Amira94 likes this.

شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-11-22, 05:49 AM   #223

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة al gameel rasha مشاهدة المشاركة
يا ختااااااااااااااااااااااا ااااااي
يا ختااااااااااااااااااااااا اااااااي
ايه اللى بيحصل ده
رائف عرف يهدين
على افندي فاق الحمد لله
ماسة قلبها وقف مرة
حمك راح ينتقم
و الاهم من كل ده
حذيفة بيخون السباع بس يا تري مع مين مين مين

اهلا رشا وحشتيني ووحشني انفعالاتك جدااا
كل ده هنعرفه مع الفصول القادمه بإذن الله
اتمنى القادم ينال اعجابك ❤️❤️❤️❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-11-22, 05:51 AM   #224

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت سعاد38 مشاهدة المشاركة
ايه ده رائف طلع عارف يهدين من زمان الرواية كل شوية تزيد غموووض تحفففففة والله كل الفصول راااائعة
هنعرف كل شئ في الفصول القادمة باذن الله ❤️❤️

حبيبتي سعيدة جدا ان الاحداث نالت اعجابك اتمنى القادم يكون عند حسن ظنك ❤️❤️❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-11-22, 11:53 PM   #225

جيجي هاني

? العضوٌ??? » 380259
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 828
?  نُقآطِيْ » جيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond repute
افتراضي

اقوى من كده مش ممكن يسلم ايدك روعة بس الضحايا دول عايزين مائة سنه عقبال ما يتعافوا دول خلاص حيقعدوا فى مصحة للعلاج النفسى اكيد

جيجي هاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-11-22, 10:56 AM   #226

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جيجي هاني مشاهدة المشاركة
اقوى من كده مش ممكن يسلم ايدك روعة بس الضحايا دول عايزين مائة سنه عقبال ما يتعافوا دول خلاص حيقعدوا فى مصحة للعلاج النفسى اكيد
حبيبتي تسلمي ❤️❤️❤️ سعيدة جدا ان الفصل نال اعجابك ❤️❤️
كلامك مظبوط
ال حصل هيأثر عليهم جدااا وهيغير كتير من شخصيتهم
خلينا نشوف هنوصل معاهم لايه ☺️❤️❤️

جيجي هاني likes this.

شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-22, 11:24 PM   #227

Dina abd elhalim

? العضوٌ??? » 434126
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 242
?  نُقآطِيْ » Dina abd elhalim is on a distinguished road
افتراضي

ميعاد تنزيل الفصل يوم ايه؟

Dina abd elhalim غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-12-22, 01:13 PM   #228

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الثاني من الفصل العشرين


يا سيدي أخبرني كيف أبريء قلبي من عناق عينيك الذي مازال في الوجدان عالق، أخبرني على عجالة كيف أعود بخير وأنا أنشطر ما بيني وبينك في فراق ساحق، أخبرني كيف أنجو من بأس تفاصيلك التي تقتلني ومن سرمدية الساعات التي تعدوا خلفك كما لو أنها نبضي المتلاحق، وكيف أعبر من فوق الأطلال فلا يلتفت قلبي إلى موضعك ولا تطرف عيني بطيف غمامك البارق، قل لي سيدي كيف أواجه كونك قد حسمت الحكايات بيننا بثبات الواثق، كيف أغتال التواريخ والأرقام وأغير تقويم المشاعر في صدري وأعود إلى عهدي السابق.
أخبرني يا رجلا تكتلت فيه كل خيباتي كيف أحتكر الصبر وأتسلح به ضد كياني الذي مازال بحضورك عابق، كيف أكف عن يقيني بأنك الراسخ في عمري والملاذ وبأنك توأمي المتطابق، وكيف أكفر بك بعدما كان إيماني فيك لا فكاك منه ولا عاتق.
أنا لا أطلب منك سوى أن تضع حدًا لنيران صدري التي أشعلتها وتركتها لأجيج حارق، لا أطلب سوى أن أستعيد ذاتي التي فقدتها في غمار عشقي الصادق.
لذلك أخبرني بإجابة تكن لي من بعد لوعتي ونجواي حل فارق.
أخبرني كيف أبتر أواصر حبنا ولي الله في وجعي الذي ينتفض له قلبي كما لو أن سلطانك عليه بطارق.
༺༻

القدر كرصاصة إن إنطلقت نحوك فرصة ألا تصيبك تعد معدومة، ربما يتطلب أمر سقوطك وقتًا …فربما تؤخرها المسافات …وربما يشتت مسارها استماتتك في النجاة لكن النهاية التي ستنهك نفسك هربا ستظل الحقيقة الوحيدة التي ستظل تلاحقك لتفرض ذاتها وتكون واقع لا فرار منه، وهو قرر ألا يفر …لقد اكتفى من الفرار واكتفى الفرار منه، هذه المرة سيقف بكل قوته بعدما أصبح لديه ما يحتم عليه المواجهة وبعدما انعدمت لديه كل أسباب الفرار، فاليوم واقعه يختلف، مساعيه تختلف، أهدافه تختلف وحتى غضبه الذي يجعله مندفع دون تعقل كما القطار الذي لم يعد هناك محطة لتقطع طريقه يختلف، أنه غضب مميت لا يدري أهو تراكمات سنوات غابرة اختلطت بقهره وكسرة قلبه على حال تلك التي زاحمت الركام بين أضلعه بعمار حضورها، أم هو حرقة صافية أضرمت لأجلها، نيران ستقضي على الأخضر واليابس انتقامًا لها ممن أذاها حتى وإن كان ذلك لن يطفئها.
هز حكم رأسه بغضب شديد وهو يزيد من سرعة سيارته إلى مستوى جنوني بينما جسده من فورة ما يعتريه متحفز بشكل يلقي الرهبة في قلوب أعتى الرجال، الطريق نحو فيلا راغب كان يقيد انفجارات لم يعد حكم قادرا على السيطرة عليها وكل ما مر به من خوف وقلق وصدمة ولوعة أصبح
كلغم سينفجر لا محالة، عيناه كانت لا تتوقف عن تخيل صراخها وهي تصعق …عن مهانتها وذلها وعذابها فينتفض منه جانب حيواني النزعة متأهبًا للفتك بمن عرضها لكل هذا وتمزيقه بأنيابه، بداخله كان صراخ غضبه قد اختلط بصراخ وجعها فكونا سمفونية من الانتقام الشرس الذي قاده إلى هنا حتى وهو يعلم أنه لا ينقصه أعداء وفتح جبهات جديدة فيكفيه الجبهات المفتوحة على مصراعيها بالفعل.
أوقف حكم سيارته بحدة صدر لها صرير مرتفع جعلت حارس فيلا راغب الذي يعتبر حكم لديه من الشخصيات المسموح لها بالدخول في أي وقت يسارع في فتح البوابة وهو يقول
" تفضل يا سيدي "
تقدم حكم فهم رجاله بلحاقه لكنه التفت إليهم وقال
" إلزموا أماكنكم "
ثم نظر تجاه حراس راغب وأكمل حديثه قائلا
" إلا لو وجدتم أن هناك ما يستدعي منكم التصرف " وقف رجال حكم في مواجهة رجال راغب الذين استغربوا لهجة التهديد في حديث حكم الذي يعد ضيف سيدهم المميز فيما أكمل حكم طريقه نحو باب الفيلا الداخلي وطرقه بساقه بعنف ارتجت على أثره الجدران رجًا وبمجرد أن فتح الباب لم يلتفت حكم لمن فتحه بل دفعه بعنف بالغ واقتحم المكان يصرخ بجنون
" راغب …راغب "
ظهر راغب أعلى السلم بوجه عابس تظهر عليه علامات النوم يربط حزام
بيجامته الحريرية وهو يقول " حكم …ماذا يحدث"
قال له حكم بغضب جعل حواس راغب تتأهب
" أنت نائم أيها الحقير بينما شرك وشر ابنتك يرتع بالخارج ويطول الأبرياء " نزل راغب درجتين ثم هدر به
" ماذا تقول أنت"
قال حكم بحدة
" أقول ما تسمعه، فالشيطانة التي ربيتها وأطلقت مخالبها بدأت في استخدامهم على البشر، لكن ما لن أمرره لها ولك هو أن تطول بالأذى ما يخصني، لقد اشتريت أنت والقذرة ابنتك عداوتي بثمن بخس "
قال له راغب
" هل جننت، كيف تحدثني هكذا وكيف تتحدث عن ابنتي هكذا هل نسيت نفسك "
صعد حكم ثلاثة درجات وأمسك راغب من تلابيبه بقوة وقال
" أنت لم تر شيئًا بعد، أنا سأريك وجهي الذي لم تره من قبل، سأجعلك وابنتك تدفعا ثمن ما حدث غاليًا ….
قطع حديثه صرخة مايا التي ارتفعت فالتفت إليها حكم وهو يسمع راغب يقول
" صدقني أنت من ستدفع ثمن ما تفعله الآن غاليا " لتقول مايا في نفس الوقت
" اترك أبي "
دفع حكم راغب ليقع على السلم فتنزل مايا بسرعة نحوه ليهدر بها حكم
" لا أصدق أن واحدة مثلك لديها كل ما لديك من الممكن أن يكون بداخلها كل هذا الشر وكل هذه القذارة، لماذا فعلتِ بها ما فعلتِ "
قال له راغب الذي يجاهد ليقف
" لا توجه لابنتي حديث، ليكن كل حديثك معي يا حكم، كما سيكون كل حسابك معي "
قال له حكم وهو يخرج سلاحه ويوجهه لمايا التي توسعت عيناها وشحب وجهها وتسارع نبضها من هول ما يحدث
" ابنتك هذه تستحق الموت …لا بل إن الموت رحمة لها …
ثم نظر لأعين مايا بهياج وقال
" كيف خططتِ لكل هذا مع ابنة الشافعية، لماذا أذيتِ إنسانة لم تقدم على إيذائك يومًا، لماذا فعلتِ بها ذلك " دفع راغب كف حكم التي تحمل السلاح بعيدا عن ابنته وهو يقول
" أبعد هذا الشيء عن وجه ابنتي وإلا سأقتلك، نحن لا نعرف عما تتحدث "
صعد حكم درجتين وأمسك بشعر مايا يجرها أمام أعين أبيها الذي صرخ به
" ماذا تفعل …
ليقاطعه حكم وهو يصرخ بها " أخبري والدكِ الغافل عن حقارتكِ وبما فعلتِ "
قالت مايا بهلع
" أنا لم أفعل شيء، أبي أبعده عني أرجوك "
نظر راغب نحو رجاله الذين لم يتحركوا لنجدته ليجد رجال حكم قد أحكموا سيطرتهم عليهم ليقول لحكم بشر
" أنت تتمادى لدرجة ستجعل الانتقام بيننا عنيف، فأنا كما سهلت عليك كل شيء بالماضي أستطيع أن أصعب عليك حتى التقاط أنفاسك "
ترك حكم مايا كأنها شيء قذر سوف يدنس قبضته واقترب من راغب خطوتين يطويان أهوال وقال له
" لا تهددني راغب، فأنا من جعلك ما أنت عليه "
أجابه راغب وهو يرى مايا تزحف لتصعد السلم بينما الخدم واقفين على بعد يشاهدون الموقف برعب
" ولأني أصبحت ما أنا عليه كان عليك أن تحذر قبل أن تثير سخطي نحوك وتفتح على ذاتك جحيم غضبي " قال له حكم
" حقًا!!! حسنًا أرني ما لديك، ويفضل أن تتعجل لأني بعدما انتهي منك ومن ابنتك لن يكون هناك مجال لفعل شيء "
نظر راغب لعينيه وقال
" ثقتك ذاتها التي جئتني بها منذ ثلاثة عشر عاما لم تهتز، حتى وأنت تدرك ما أدركه عنك "
قال له حكم بقوة
" تقصد ما دفناه سويا يا راغب "
قال له راغب
" سلطتي الآن تجعلني في موضع قوة "
قال له حكم
" سلطتك هذا جلادك الآخر، يا رجل الدولة هذه الدولة لا تحمي تحت مظلتها من تفوح رائحتهم "
توسعت أعين راغب بهلع فابتعد حكم عنه يقول
" جرب أن تأتي على طريقي بما لا أطيق يا راغب …فقط جرب وأنا سأجعلك ليس لك جحرا واحدا في هذه البلد لتختبيء به "
نظر له راغب وقال بغل شديد
" عليا وعلى أعدائي يا ابن المنصوري "
رمقه حكم باستهانة وقال بخفوت شديد
" تهديدي بما منحتك إياه يعد غباء منك "
قال راغب
" بل تركك للسلطة كان غباء منك، وستدرك هذا قريبًا "
قال له حكم بقوة
" أيها الغبي السلطة هذه سلاح ذو حدين ووحدك المعرض للطعن بيهما، نهاية الحديث أمامك أربعة وعشرين ساعة لتغادر هذه البلد بدون عودة، اترك كل شيء خلفك وانج بعمرك وعمر هذه القذرة وإلا ستكون أنت الجاني على نفسك، فالوطن الذي تكن شيراز الشافعي تحت سمائه لن يسع عدو لها وهذا ما سأعمل عليه من اليوم "
عم الصمت واسمها يعلن عن ذاته وهو يلتف بقوة صوته وكبرياء نظرة عينيه، تحرك حكم مغادرا فقال له راغب بحقد طفح من نظراته ولهجته " أيها الحقير لقد جئتني منذ سنوات مطارد كما قطاع الطرق ولديك بعض تماثيل لم تكن لتستطيع التصرف فيهم وصنع كل ما لديك الآن بدوني "
توقف حكم والتفت له وقال
" لا تنس أن تسأل ابنتك عما فعلته وتفتخر بتربيتك "
تمعن حكم قليلا في ملامح راغب التي تنذره بشر لم يهز به شعرة ثم أكمل قائلًا
" أربعة وعشرون ساعة ومن بعدها لن يكون هناك مجال للتراجع عما أنتويه فأنا لآخر لحظة لا أريد تلويث يدي بدماء من لا يستحقون " خرج حكم يدك بخطواته الأرض تتبعه عيون راغب الذي شعر أن الأرض تميد من حوله وأن معبده الذي تعب سنين وهو يؤسس أركانه سوف يهدمه حكم المنصوري على رأسه ركنًا ركنًا وهذا جعله يفكر أن عليه أن يضع حكم فريسة على طاولة غدائه قبل أن يضعه هو كفريسة تقاد من حولها الشموع فوق طاولة عشائه.
༺༻

أما حكم فبمجرد أن ركب سيارته وانطلق بها بعيدًا عن انفجاره الأول أخرج هاتفه غير عابيء بإحصاء الخسائر أو التفكير في العواقب التي سوف تترتب عليه، يطلب رقم غياث الشافعي الذي بمجرد أن أجابه قال له حكم بحزم
" أريد أن أراك في أسرع وقت "
جائه صوت غياث يسأل باهتمام
" خير يا سيد حكم، ما الأمر الذي يجعلك تريد رؤيتي على وجه السرعة "
سأله حكم
" هل علمت بما حدث " أجابه غياث
" هل تقصد أمر زيزيت، لم يعد هناك أحد لا يعلم، حتى الصحافة قد تسرب إليها الخبر "
قال له حكم
" إن كنت مازلت تخطط لتصبح كبير الشافعية فهذا هو الوقت المناسب للتنفيذ وأنا سأدعمك بكل قوتي ولكن لدي شرط واحد أريده أن ينفذ وفي أسرع وقت "
قال غياث بلهفة
" وأنا تحت أمرك، أعطني موعد وسأكون في فيلا السيد راغب ….
قاطعه حكم يقول
" أخرج راغب من بيننا تمامًا، وأحضر للمزرعة لنتحدث وجهًا لوجه وقبل أن تأتي أعلم أن كل ما سأفعله لك سيكون لأجل شيراز التي إن لم تستطع مساعدتها في المقابل لا تتعب نفسك بالقدوم "
أغلق حكم الخط قاطعًا على غياث المجال للاستفسار أكثر حول ما يريده منه تحديدًا وهو يفكر أن الجبهات التي تفتح تباعًا في وجهه كفيلة بجعله يضع احتمالية لموته ولذلك عليه أن يكن مطمئنا عليها حتى وإن كان غيابه قدر نافذ، تصلب فك حكم واكتست ملامحه بطيف حزن بالغ بينما رفع عينيه إلى السماء الممتدة وقال بصوت خرج من أعماق قلبه
" اللهم كما أحييتني بها عزيزًا لا تقبض روحي على ذل أو حسرة، ولا توجع قلبي في أحبته "
أسبل حكم عينيه بنظرة انكسار وخشوع لحديث نفسه الذي لم ينطق ليقول بعد لحظات
" لقد تزعزت أركاني …عودي شيراز وقفي على قدميك لتردي عليّ ثباتي وتمنحيني القوة، اهزميني أنتِ بعينيك الواسعتين ولا تدعي الحسرة تهزمني،
فحاشاني أن أستسلم لبشر كما استسلمت أمامك، وأفوض أمري فيكِ إلى الله "
صمت حكم متنهدا ليقطع الصمت رنين هاتفه فيجيب على أحد رجاله المرافقين ليهدين فتتوسع عيناه بغضب شديد وهو يلقي الهاتف جانبا ويسابق الريح من حوله ليصل إلى المركز الطبي.
༺༻

بعد دقائق ….

كان ليل وبشر يدخلان المركز الطبي وقد بدا عليهما الإرهاق الشديد فيكادا يجرا أقدامهما جرًا ليصلا إلى طابق العناية المركزة واللذان علما أن الجميع ينتظر في الاستراحة الخاصة به، ليقول ليل وهما ينتظران المصعد
" سأضف هذه الليلة إلى قوائم الليالي التي لا تنسى، مازلت كلما تذكرت أن بداية الأمر كان حفلا مبهجا لا أصدق "
قال بشر بصدمة واضحة
" أنا أيضا مازلت لا أصدق، منذ رأيت الفتاة التي خططت لكل هذا وأنا عقلي مشوش، إنها تبدو صغيرة ربما في عمر كنزي ..كيف استطاعت التخطيط لكل هذا وتنفيذه بهذا المهارة، يا إلهي لقد خطفت وعذبت وابتزت وهددت … لقد دمرت نفسها وغيرها دون أن يطرف لها جفن وكل هذا لأجل ماذا "
قال له ليل بسخط واضح
" لأجل الحقد الذي زرع في صدرها واشتد عوده داخلها يومًا بعد يوم، هذه الفتاة لم تكن لتتوقف عن نقطة التعذيب، بل كانت لتتمادى أكثر وتقتل دون تفكير لو أنها امتلكت الوقت لفعل ذلك، يبدو أنه نسل به نبتة من الشر المطلق "
فتح باب المصعد فتقدم بشر بداخله يقول
" فليحفظنا الله من شرور عباده، وينجي كنزي ومؤيد من تلك المحنة، الوضع صعب جدًا "
صمت ليل للحظات قبل أن ينظر لبشر ويسأله
" ماذا ستفعل بشأن رائف " لم يجبه بشر فورًا بل كأن الإجابة استدعت منه لحظات من الصمت قبل أن يقول وقد فتح باب المصعد في طابق العناية المركزة
" لن أفعل شيء مطلقًا سوى ترك الأمور تأخذ مجراها الصحيح مهما كانت العواقب، أنا لن أتخلى عنه ولن أترك الفجوة ما بيننا وبينه لتتسع، فقد حان الوقت لرأب الصدع وإنهاء قصة الماضي بكل ما حملته من ألم وكرب "
خرج ليل من المصعد وهو يقول لبشر
" هذا لن يكون سهلًا على عدة أصعدة لكن أنا معك " ربت بشر على كتف ليل وهو يقول
" لم أتوقع منك غير ذلك " فرد ليل ذراعه على ظهر بشر في حركة دعم جعلت تولين التي كانت ذابلة مرهقة حزينة بمجرد أن لمحتهما تركض نحوهما تاركة ما يحدث خلفها وهي تقول بفزع
" بشر ماذا حدث لك"
ابتعد ليل عن بشر الذي أمسك وجهها المتعب بين يديه وقال
" أنا بخير لا تقلقي "
قالت له بعدم اقتناع وهي تتحسسه بجزع
" لماذا تستند إلى ليل هكذا، هل أصابك شيء "
أوقفها بشر يناديها بصوت عميق
" تولين "
تجمدت ورفعت عينيها إليه تنظر له بضعف شديد سارع يحتويه وهو يقول لها بهدوء " أنا بخير "
هزت رأسها كأنها تستوعب تلك المعلومة ببطء قبل أن تقول ببكاء مرير
" لكن كنزي ليست بخير أبدًا "
ضمها بشر بقوة ودموعها تنزل من مقلتيها كنيران تحرق قلبه ورغم ذلك قال لها " ستكون بخير، صدقيني كل هذا سيمر وستعود كنزي بيننا بخير، فقط إدعي لها " أغمضت تولين عينيها ودفنت وجهها في صدره تبكي ليفتح باب المصعد من خلفهما ويخرج منه حكم بجسد مشدود ينذر بالشر يتبعه رجاله ليقول ليل باستغراب
" من هذا "
لكن قبل أن يجيبه بشر كان صوت صراخ فخر الذي ارتفع كافيًا ليدفع قدميه ليركضا بجنون نحوه دون انتظار إجابة.
༺༻

قبل دقائق …..

وعلى بعد أمتار كان المشهد مازال على حدته يهدين تقف خلف فاطمة تتوارى عن العيون المصوبة إليها ترتجف برهبة وحزن، فاطمة تقف بغضب خلف سلطان الذي يصد فخر بحزم قاطع لم يوهن إرادته أو يزعزع ثباته ولو للحظة بينما رائف يقف إلى جانبهم كدخيل لم يكن أحد منهم مستعد لوجوده المفاجيء، ورجال حكم بأمر من يهدين اكتفوا بمراقبة الوضع دون التدخل ولكن هذا لم يمنعهم من إبلاغ حكم بما يحدث، بينما سؤال رائف الذي انطلق وسط معمعة الموقف كان كقنبلة من العيار الثقيل انفجرت وبعدها عم الصمت، التفت فخر وسلطان ينظرون لرائف الذي أعاد سؤاله منهمكا في تأمل الجزء الظاهر من كف يهدين يقول " من أنتِ "
ليقول له سلطان بحدة
" بل من أنت وماذا تريد" أجابه رائف بانفعال مماثل
" أنا لم أوجه حديثي لك " اقترب منذر وعمر الذي قال " ما يحدث لا يصح أبدًا نحن بطابق العناية المركزة " ليسحب منذر رائف بعيدا وهو يقول
" ماذا تفعل "
قال له رائف بحدة
" لا شيء سوى أني أسألها عن هويتها فلدي شعور أني أعرفها "
هاج فخرو هو يسأله
" ماذا تقصد بأنك تعرفها " ليقول لهما سلطان بغضب
" ابتعدا من وجهي قبل أن أفقد سيطرتي "
ثم يلتفت إلى فاطمة ويقول بحدة " هل هذه صديقتك التي تدافعين عنها يا هانم، انظري كيف يتصارع الرجال لأجلها "
قالت فاطمة بحدة مماثلة
" سلطان ..
قاطعها سلطان يقول
" اصمتي …اصمتي تمامًا" ليرتفع صوت فخر يسأل رائف بجنون
" فسر حديثك لي، ماذا تقصد بأنك تعرفها "
ارتبك رائف وشعر أنه اندفع في سؤاله الذي خرج منه دون تفكير لكن صمته هذا أشعل نيران الغيرة بصدر فخر الذي التفت ليهدين وقال " ماذا تخبئين لي في جعبتك بعد "
ليخرج صوتها أخيرا تقول باستجداء
" حكم "
التفت الأعناق تجاه حكم الذي كان قد حدد هدفه من بين الواقفين وانطلق إليه كما السهم، عبر من بينهم كما لو أنه مارد من الصعب إيقافه يمسك فخر من عنقه ويدفعه للخلف حتى ارتطم بقوة بالحائط خلفه وهو يقول له بهياج
" أنا صمت على إيذائك لها كثيرًا لكن إلى هنا وكفى، كيف واتتك الجرأة لتتعرض لها و تعترض طريقها "
قال فخر بصراخ وهو يجاهد الفكاك منه
" أنا لم أعترض طريقها، لقد طلبت منها أن نتحدث لكنها رفضت "
قال له حكم بقوة
" مادامت قد رفضت لماذا مازلت تقف في طريقها، هل تظن أنها لا تملك من يقف لك "
قال فخر بغضب ويأس
" بل هذا أكثر ما أعلمه سيدي، فأنا منذ عرفتها يقف في طريقي إليها الكثير أولهم سلاحها الذي صوبته إلى جبهتي وآخرهم أنت "
رفع حكم حاجبه بتعجب مما يسمعه وحاد بعينيه صوب يهدين التي تنظر له من خلف ظهر فاطمة بخوف شديد تطلب منه أن يخرجها من هنا فورا، وعاد لفخر يقول
" هذا أدعى لجعلك تدرك مغبة الاقتراب منها، هذه المرة سأعتبر ما فعلته جهل منك لكن صدقني المرة القادمة سأطيح عنقك تحت قدميها "
في تلك اللحظة كان ليل يندفع ما بين حكم وأخيه ويقف كما السد المنيع وهو يقول لحكم
" ماذا حدث"
نظر حكم لليل بصمت ثم قال بعنف أرهب الواقفين
" أهذا الغر يخصك "
قال ليل بانفعال يوشي بأنه لن يسمح لحكم بالتمادي
" أخي "
قال حكم
" إذًا أخبر أخاك أن الوقوف في طريق بنات الناس وخاصة ابنتي له عواقبه وأني لست منفتح لأمرر له أفعاله لكن بما أن لديه كبير يعرفه الصح من الخطأ سأتركه لك تكرمًا مني لأني لو علمت أنه وقف في دربها مجددًا لن أتركه أبدًا "
التفت ليل لفخر يسأله بحدة
" ماذا فعلت "
ليفاجئه فخر وهو يندفع تجاه حكم ويقول
" أنا أريد أن أتزوجها " صرخة انطلقت في الفراغ مخلفة دوى أقوى من قصف المدافع وجنون أقوى من جنون الألعاب النارية في صدر يهدين التي لو كان بيدها لعبرت إليه وطلبت منه أن يكررها مرارًا وتكرارًا أمام عينيها علها تكتفي منها أو تصدق، التفت ليل لفخر وهدر به
" اخرس "
قال فخر بإصرار
" ماذا فعلت الآن، أنا أطلب يدها على سنة الله ورسوله " قال حكم بحدة
" أنت غر أهوج وتحتاج لإعادة تربية "
التفت له ليل وقال بحدة
" أخي لا يحتاج إعادة تربية، فأنا ربيته جيدًا وأي كان ما صدر عنه فهو خطأ أعدك ألا يكرر "
قال فخر وهو يتمسك بليل يحارب ليصل إلى حكم
" أنا أتحدث بجدية، أنا أطلب يد يهدين منك "
ارتفع حينها صوت بشر الذي يرمق حكم بنظرات حذرة يقول
" فخر كفى "
لينظر حكم لفخر بنظرة تقيمية قبل أن يقول
" لست من يليق بابنتي، لست من أرضى به لها، طلبك مرفوض كما أفعالك، وبمنتهى الجدية هذا يعد تحذيري الأخير "
التفت فخر ينظر صوب يهدين التي أطلت بعينيها صوبه كأنها تدفعه ليستميت في سبيلها أكثر ثم قال
" أنا أعتذر سيدي عما بدر مني لكني جاد في ….
لم يدع له حكم المجال ليكمل وهو يتحرك صوب يهدين فأسرع سلطان يزيح فاطمة بذراعه دون أن يمسها وكله ينتفض بغيرة لوقوفها بين هؤلاء الرجال حتى وإن كانت تقف خلفه، ممهدا المجال أمام حكم الذي وقف أمام يهدين يحول بينها وبين جميع من خلفه يسحب قلنسوتها أكثر على وجهها وهو يهمس لها
" هيا لتعودي إلى المزرعة "
رفعت له يهدين عينيها وقالت " دعني أبقى هنا معك "
قال لها بتعب
" ليس وهذا الأحمق هنا، لا أصدق أن هذا الوغد من أبكى عينيك ووجع قلبك وأنا أقف أمامه أهدد وأتوعد بدلًا من أن أفجر رأسه لأنكِ تحبيها فوق جسده "
ابتسمت يهدين من بين دموعها وقالت كأنها لا تصدق
" يريد أن نتزوج "
هز حكم رأسه برفض وقال
" غادري يهدين وحين تصلين طمئنيني عليكِ "
هزت رأسها بطاعة والتفتت تبتسم لفاطمة وتشير لها أنها ستحدثها على الهاتف، قبل أن تشب على أطراف أصابعها وتلقي نظرة على وجه فخر الممتقع من تقريع ليل ثم نظرت لحكم بتمعن وسألته
" حكم من الشاب الذي وجه له غنام حديثه "
ضيق حكم عينيه فقالت
" عرفته من صوته، لقد سألني عن هويتي، وقال أنه يعرفني "
التفت حكم بحدة صوب رائف الذي كان يقف بعيدا يراقبهما بعيون بدت كسطح لا يعكس ما خلفه قبل أن يقول لها
" سنتحدث فيما بعد، هيا تحركي "
تحركت يهدين خلف رجال حكم الذين حاوطوها في طريقها إلى المصعد تحت أنظار الجميع ليفتح المصعد ويخرج منه مؤمن ومعه أربعة من رجال الأمن ويقول بانفعال شديد
" بشر من فضلك أنا لا أريد أن أرى شخص واحد بهذا الطابق، ومادامت الزيارة ممنوعة لا أريد أن أرى شخص منكم بالمركز الطبي بأكمله، هل تعلم كم شكوى وصلت مركز الإدارة منذ وصولكم، أنتم لستم في الشارع "
قال له بشر
" اهدأ يا مؤمن …نحن جميعا سنغادر، فالجميع بحاجة إلى الراحة "
تحركت سيادة تقف جوار حكم الذي جلس أمام غرفة العناية كأن ما يحدث لا يعنيه مطلقًا، ليقول عمر المنهك
" أنا لن أترك أخي وأختي وأغادر "
نظر مؤمن إلى عمر وقال
" عمر أنا مقدر حالتك لكن يكفي تجمع أعمامك و أبنائهم بالأسفل لقد أثاروا هلع المرضى، أنا فعلا لا أريد فردًا منكم هنا، ولا أريد دفعكم إلى المغادرة بشكل لن تقبلوه لذلك، ليغادر الجميع ومادامت الزيارة ممنوعة لن يسمح لأحدكم بالتواجد هنا " قالت تولين ببكاء
" ألن أرى كنزي قبل أن أرحل على الأقل "
هز مؤمن رأسه برفض فسحبها بشر ناحيته وهو يشير لسلطان الذي توجه ناحية سارة وقال لها
" هيا لنغادر "
وقفت سارة بصمت تسير بجوار فاطمة التي كانت شاردة الذهن لينتفض الجميع على صوت إنذار يرتفع فأسرع مؤمن تجاه باب غرف العناية وهو يقول لرجال الأمن
" أخلوا الطابق فورا ومن يرفض المغادرة أخرجوه قصرًا "
ولج إلى الغرفة التي توافد الممرضين نحوها تاركًا خلفه قلوب وجلة بما تحمل من مخاوف.
༺༻

قبل نصف ساعة بالطابق الأرضي كان المصعد يتوقف بزكريا وعلِيّ الذي سأله بتوتر
" لماذا لم يصعد والدك والبقية ليطمئنوا على شاهين، ولماذا طلبوا منا النزول إليهم، أليس رؤية شاهين والاطمئنان عليه أهم من أي شيء الآن"
قال له زكريا الذي يمسح المكان بعينيه بحثا عن والده وأعمامه
" أنا لا أعرف شيء يا علِي، ربما هناك ما حدث، كأنما ينقصنا حوادث "
قال علِيّ بانفعال
" حسنًا كان بإمكانك النزول بمفردك، أنا الآن لا عقل بي لتلك الأحاديث، لقد كنت أنتظر الطبيب المسؤول عن حالة كنزي ليطمئنني عليها ويسمح لي برؤيتها "
قال زكريا الذي لمح أعمامه يجلسون في أحد أركان صالة الاستقبال
" علِي أنا عبد المأمور لا أكثر، وبصراحة أنا منهك ولن أجادل بشر، لقد قالوا انزل وأحضر علِيّ معك وأنا نفذت "
زفر علِيّ أنفاسه بضيق وهناك نهشة شديدة الايذاء تدب بصدره، نهشة مدمرة لدرجة تجعله واهن الخطى …محني الجبين …مهدل الاكتاف …منكسر النظرات ….مثقل، يعيش الدمار وحده من أدناه إلى أقصاه ، يعيش العجز بكل قسوته وذله بينما هي بعيدة عنه حتى بنظرة عينيها التي وإن لم تمنحه القوة فهي تدعوه للصمود،
تنهد علِيّ وهو يدلك عنقه من الخلف ويقترب من أعمامه لينتفض والده واقفًا يستقبله وهو يقول
" علِيّ، هل أنت بخير، أمتني قلقًا عليك يا ولدي، أمتني والله "
اقترب علِيّ من والده يقبل رأسه وهو يقول بتعب
" أنا بخير يا أبي ..لا تقلق عليّ وادع لكنزي فهي ….
قاطعه صوت عمه منصور وهو يسأله بلهجة جعلت علِيّ يلتفت إليه بحدة
" أين كنت "
رمق علِيّ وجه عمه المتغضن المسود وقال
" في الحقيقة أنا …
لم يدع له منصور الفرصة ليكمل حديثه وهو يقول بحدة " هل ما قالته ابنة عمتك صحيح "
توسعت أعين علِيّ وسأله وعروق عنقه تستنفر
" ماذا قالت "
وقف منصور وقال له
" وجهك وحِدة سؤالك يدلان على أنك تعلم عما أتحدث " قال علِيّ بانفعال
" أنا لا أعلم ولهذا أسألك يا عمي عما قالته بيان"
قال منصور
" ما دمت تعلم أني أقصد بيان إذًا أنت تعلم ما الذي قالته، والذي تحاول أن تداريه عنا "
قال علِيّ وهو ينظر لشباب العائلة الواقفين قريبًا من مكتب الاستقبال
" أنا ليس لدي ما أداريه يا عمي الحمد لله، وزوجتي تمر بأزمة وعلِيّ التواجد بجوارها بدلًا من أن أتعرض لهذا الاستجواب"
قال منصور بحدة
" اسمعني يا علِيّ لأنه يكفينا ما نحن فيه بالفعل، إن كان وجودك هنا لتداري على تلك الفضيحة حتى تهدأ الأجواء وتطلق حينها لن أمانع ذلك لكن إذا فكرت أن تقدم مصلحة مؤيد علينا وتكمل في تلك الزيجة لكي تداري على عار أخته أنا لن أقبل " سأله علِيّ بصدمة
" هل تتحدث عن زوجتي " قال له منصور
" نعم أتحدث عن زوجتك التي أمسكت بها تخونك مع الطباخ، زوجتك التي جعلت عشيقها يبرحك ضربًا حتى سقطت فاقدًا لوعيك …قاطعه علِيّ يصرخ بجنون
" عمي …
ليقاطعه منصورقائلا بقوة
" لا ترفع صوتك عليّ يا ولد وأعلم أني بعدما حدث لشاهين وبعد الفضيحة التي طالت اسمك لن أتهاون في حق واحد منكما، هيبة هذه العائلة سترد وسيدفع الثمن كل من أراد بنا شرا، أما عن مؤيد فله حرية الاختيار بعدما مدينا يدنا إليه بالسلام فلم نجني سوى قذارة أخته ….
قطع علِيّ كلام عمه يقول بعنف جعل شباب العائلة يسارعون بالاقتراب
" أقسم بالله لو أني أسمع الكلام هذا من غيرك لصدر مني تصرف أقطع به لسان من يتجرأ ويمس شرف زوجتي ولو بكلمة عابرة وليس إتهام مباشر "
تدخل زكريا يدفع علِيّ بعيدا عن والده وهو يقول لعلِيّ
" علِيّ هل ستتعدى على عمك "
ابتعد علِيّ يرفع يديه بينما وقف عاطف يقول ببرود " عمك لم يتهم أحد بشيء يا علِيّ، بيان …
قاطعه علِيّ يقول
" بيان هذه شر بيّن، ما لها ومال زوجتي، تضعها في رأسها، وتكيد لها كيدًا "
قال منصور
" ابنة عمتك قالت ما رأته واعترفت بما أسعفها عقلها في تلك المصيبة وفعلته، لقد فضلت أن تظهر أمام الجميع مدان بالتعدي على زوجتك بدلًا من أن تشاع الحقيقة " اقترب علِيّ من عمه بعنف وشباب العائلة يلتفون من حوله وقال بجنون
" أي حقيقة "
سحب شاكر ابنه إلى الخلف وقال
" كفي يا منصور، نحن في مكان عام لا تضغط عليه أكثر "
قال عاطف
" دعه يتصرف معه كما يجب يا شاكر فجميعنا ندرك أن قلب ابنك يميل لمؤيد وأخته لكن لكل شيء حدود " حرر علِيّ نفسه بانفعال شديد من بين قبضتي أبيه وقال بقوة رغم كونه منهك داخليًا إلى أبعد حد
" اسمعني يا عمي، ما حدث بيني وبين زوجتي لا دخل لبشر فيه، وبيان كذابة … قاطعه عاطف يقول بحدة
" بناتنا لا تكذب "
ليقول علِيّ بصوت مزلزل
" كاذبة ومدعية ولا دليل واحد لديها على ما تقول، ما حدث بيني وبين زوجتي شجار تدخل به طرف ثالث وسواء تطور الأمر أم لا شيء لا يخصكم ولا يعنيكم ولا أسمح لبشر منكم على أن يحاسبني فيما يخصها أو يتعدى حدوده ويظن أنه يستطيع محاسبتها على ما يخصني، وختام كلامي يا عمي كنزي الجوهري زوجة علِيّ الجوهري أشرف من الشرف ومن يتجرأ ويتطاول في الحديث عنها سأدفنه مكانه، ليكن من يكن لا فرق لدي "
سحب زكريا علِيّ بعيدا عن عمه وهو يقول
" ماذا تقول أنت "
نظر علِيّ للمحيطين من حوله وقال وهو يشاور بيديه منفعلا
" أقول ما سمعتوه جميعًا ولن أكرر حديثي "
قال منصور لشاكر
" هل ترى أسلوب ابنك يا شاكر "
قال شاكر وأمن المركز الطبي يقترب منهم
" قلت لك لا تضغط عليه يا منصور، هذا ليس وقته، ابنك بين يدي الله والفتاة أيضًا " قال منصور بحدة
" أنا أفعل هذا لأجله ولأجل ابني الذي كدت أن أفقده يا شاكر "
نظر علِيّ للمحيطين به بغضب شديد وقال
" لا حاجة لي لسماع المزيد من هذا "
ثم تحرك بسرعة نحو المصعد الذي فتح ليخرج منه رجال حكم ويهدين بينما اقترب رجال الأمن من منصور الجوهري ليقول أحدهم
" سيدي مريضكم زيارته ممنوعة ولدي أمر بإخراجكم من هنا نظرًا لارتفاع أصواتكم بما لا يناسب المكان ".
༺༻

بعد ساعة…..

كانت سيارات الشباب تدخل تباعًا المجمع السكني لتتوقف كافة السيارات إلا سيارة سلطان التي تقدمت حتى توقفت أمام مدخل منزل سارة لينظر سلطان إلى سارة ويسألها بهدوء
" هل أنتِ بخير "
رفعت سارة عينيها إليه وقالت
" بخير، لا تقلق …أحتاج أن أنام فقط، سأنام وحين أستيقظ أتمنى أن أجد كنزي قد فاقت ومؤيد قد استرد عافيته فأشعر أننا نجونا مما حدث وانتهى كل شيء"
قال لها سلطان
" لقد انتهى كل شيء بالفعل والحمد لله على كل حال، أنتِ لا تحتاجين مني أن أؤكد عليكِ أن خطبتكِ هذه صفحة ومزقت كأنها لم تكن، لا أريد أن تتوقفي عندها لحظة، لا أريدكِ أن تفكري بأي شيء سوى أن تعودي لعملكِ وتباشري حياتكِ "
هزت سارة رأسها وقد ماتت بداخلها الرغبة في أن تتمسك بشيء حتى قوتها لكنها لم تكن لتكسر أخاها بحقيقة كتلك فأسبلت أهدابها تواري الجرح الذي ألمّ بها واستغفرت الله ما غصت به حنجرتها وهي تقول
" هذا ما أنتويه بإذن الله" ربت سلطان على رأسها وسألها
" هل تحتاجين إلى شيء" هزت رأسها بنفي فانحنى يقبل رأسها والقهر يتملك منه ومنسوبه يزداد قبل أن يلتفت لفاطمة بعينيه ويسألها
" هل تحتاجين الى شيء " قالت فاطمة بهدوء استوقفه
" شكرًا يا سلطان "
كلماتها كانت رسمية جامدة وعيناها كانت مغلقة كأنها تعيده معها إلى نقطة الصفر فقال وشعور غير مريح يتسلل إليه
" أنا لم أرتح لصديقتك لأن ….
قاطعته فاطمة تقول
" لا تبرر، فأنت لا تبرر نفسك لأحد أليس كذلك! " نزلت فاطمة من السيارة وأغلقت الباب بهدوء قطع أنفاسه كما لو أنها أغلقته على قلبه قبل أن تفتح سارة بابها وتتبعها ليتأملهما سلطان بتوتر بالغ يدخلان إلى المنزل سويًا حتى أغلقا الباب فظل يتأمله بتفكير وحيرة ونار ظلت تشتد وتشتد حتى بلغت منه ما لا يطيق فانطلق بسيارته وعيناه لا تفارقهما وجها ابنتي العطار لكن أذنيه ظلا يصعقا بجمود صوتها الذي كان يتلف أعصابه.
༺༻

في المنزل المقابل دخل منذر غرفته وأغلق الباب ووقف خلفه يغمض عينيه ويتفس بعمق وهو يستشعر سكون الغرفة من حوله، كان كأنما يغلق الباب على كافة الأهوال التي مر بها الساعات الماضية وعلى رأسها حديث بهية الذي مازال يقف بين تلافيف عقله ينتظر منه لحظة المواجهة التي عليه أن يحسمها في أسرع وقت، فتح منذر عينيه يشرد بهما في أعمق أمنية تسكن صدره الآن ليتفاجيء ببساطتها، لقد كانت أمنيته تتمثل في منزله البعيد وبهية وسكون لا تقطعه آثام الماضي ولا يعكر صفوه شرور الحاضر ولذلك كم بدى البسيط مستحيلًا، فآثام الماضي المتمثلة في جيلان لن تتركه وترحل عنه ببساطة وشرور الحاضر المتمثلة في يوسف العزايزي يتوقع أنها لن تكن هينة أبدًا، تقدم منذر بخطوات متعبة وتسلل إلى السرير بعدما خلع حذائه يتأمل بهية التي يبدو أنها ظلت تجاهد لتبقى مستيقظة تنتظره لكنها سقطت نائمة وقد غلبها النعاس، سحب الوسائد من خلف ظهرها فقد كانت شبه جالسة لتتأوه بتعب وهي ترخي جسدها على السرير فيقترب منها منذر ويلتصق بظهرها يمرر ذراعه فوق خصرها ويضمها إليه وذراعه الآخر سحبته بهية أسفل رأسها لتتوسده وهي تتنهد براحة وتهمس بصوت به بحة نعاس " أخيرًا عدت "
أرخى منذر جبهته في ليل شعرها وهو يقول
" عدت "
ضمت بهية ذراعه الذي يحاوطها به وهي تهمس له
" صوتك يبدو مرهق " أغمض منذر عينيه وقال لها " أنا متعب وأريد أن أرتاح جوارك "
قالت بهية وهي مازالت تغمض عينيها وعقلها لم يستيقظ بالكامل
" أراح الله قلبك وبدنك يا حبيبي"
ضم منذر نفسه إليها أكثر كأنه يلجأ إلى حِمى مشاعرها التي تفيض وتغدق بها عليه وعمّ الصمت للحظات قبل أن يسألها فجأة بدون مقدمات وبصوت خافت كأنه يخشى أن تتبخر غمامة السكون من حولهما
" ما الذي تنتظريه مني بهية، ما الذي تتوقعيه بعد كل ما دار بيننا "
لم يكن ينتظر منها إجابة، سؤاله كان مجرد حيرة ومخاوف امتزجا معًا وخرجا في صيغة أخرى ليأتيه صوتها الذي باتت حواسه ترتخي لعذوبة همسه
" لا أعلم سوى أني لا أملك غيرك لأتوقع منه الكثير وأضع على عاتقه مسؤولية القادم"
قال لها وهو يتنفس بعمق شاعرًا أنه يحطم قناع إدعائه ويقف أمامها بكل ضعفه
" كم أخشى أن أخذل ذاتي قبل أن أخذلكِ "
التفت بهية بين ذراعيه حتى تعانقت أنفاسهما ونظرت له بعيون شبه مغلقة وهمست له " إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح يستحق منا المحاولة"
قال لها بقهر شديد
" بهية أنا لا أشعر أن هذا الطفل لي "
كان يستجديها أن تنتشله من شتات ذاته وهي لم تتوانِ عن فعل ذلك وهي تقول
" شعورك ليس كافيًا ليحسم الأمر، لو هناك نسبة واحد بالمئة أن هذا الطفل لك سيحتم ذلك عليك أن تأخذ موقف "
قال منذر بتعب
" نعم، أظن الوقت قد حان لأتحمل نتيجة كل ما فعلت، لم أعتقد أني سأدفع حساب تخبطي بهذه السرعة "
قالت له بهية وهي ترفع أصابعها الباردة الناعمة وتمررها على جانب وجهه بحب
" الله إن أحب عبدًا عجل بطريق عودته، تلك الفكرة ستكون كفيلة بمنحك القوة لمواجهة القادم "
تنهد منذر بعمق شديد وقال مبهورا
" الله يعجل بعودتي إليه " نظرت له بهية بعيون متلهفة متخمة بالغرام وقالت
" وإليّ يا منذر، فأنا أكثر من يريدك بهذه الحياة"
أرخى منذر جبهته فوق جبهتها حتى تعانقت أنفاسهما وقال
" يا إلهي ..تمسككِ بي يا بهية كفيل بجعلي أفعل أي شيء لتعلمي أني لا أريد من هذا العالم سوى عينيكِ التي تراني رجلها وقلبكِ الذي يعشقني كما أنا "
قالت له بهية ومشاعرها في تلك اللحظة تصيبها بخدر ذي لذة
" أنت تستحق أن تعشق يا منذر، ليتك ترى نفسك بعيني "
مال منذر يقبل عينيها تباعًا بتأني كأنه لا يحمل للحياة همًا قبل أن يهمس لها
" نامي بهية كي أنام فأنا أحتاج أن أستعيد قوتي لأفكر جيدًا في خطوتي القادمة فيبدو أن السقوط في معمعة ذلك القذر لن تكون هينة " فردت بهية كفها على صدره وقالت
" أنا سأكون معك، سأفكر معك …فأنا أعرفه جيدًا وأعرف كيف يفكر، وأعرف شخصًا من الممكن أن يكون لنا عونًا في هذا الأمر "
قال لها منذر بصوت بدأ يتثاقل
" هذه مشكلة خاصة بنا، ونحن سنحل أمورنا معًا دون إدخال طرف ثالث، أنا وأنتِ سننهي هذا الفصل من حياتنا معًا ونغلقه سويًا لنبدأ من جديد "
قالت بهية بقلق
" أنا لا أقصد دفع طرف ثالث بيننا لكني حقًا خائفة عليك "
أغمض منذر عينيه وهو يقول بصوت خافت
" لا تخافي بهية، لقد مللت الخوف منذ زمن فمتى تمليه "
قالت بهية والدموع تترقرق بعينيها
" من يحب …يخاف، وأنا أحبك يا منذر "
كانت أروع كلمة يغفو عليها منذ زمن طويل، كانت كلمة لها وقع السحر على روحه التي سقطت في ثبات سريع كأنما ألقي عليها تعويذة راحة أبدية غافلًا من النوم وإن طال سينتهي والمواجهات وإن تأخرت فهي قادمة.
༺༻

بالصباح الباكر …

كانت فاطمة تقف في نافذة غرفتها تنظر لمشهد الحي الهاديء الذي آلفته عيناها لأيام وأيام وهي تمسح دموعها التي طفرت من عينيها قسرًا قبل أن تلتفت خلفها تتأمل حقائبها التي ضبتها ثم تحركت نحوها تحمل إحداها بهدوء وتنزلها إلى الطابق الأرضي وتضعها بجوار باب المنزل ثم تصعد لتأخذ الثانية والثالثة وحين تأكدت أن كافة حقائبها قد نزلت بالفعل وأنها لم تنس شيء، صعدت السلم مرة أخيرة ولكنها متأنية كأنها لا تتعجل نفسها في توديع تلك الجدران التي لا تعلم كيف أصبحت غالية على قلبها لتلك الدرجة، كانت فاطمة قد حسمت قرارها بالرحيل فلما الآن تجد قلبها يرتجف وتشعر بالوحشة تزحف إلى روحها.
تنهدت فاطمة وهي تلمس فراشها المرتب وهي تهمس بخفوت شديد
" وداعًا "
ثم تتحرك تجاه الخزانة تتأكد من كونها أغلقتها جيدًا قبل أن تبتسم ابتسامة فاترة وتتنهد بحزن شديد ثم تتحرك تجاه العلبة المخملية الموضوعة على المكتب والتي يجاورها رزمة من المال نقش عليها بخطه الذي لم يكن غليظ كما تعامله معها
" مني …لكِ "
مررت فاطمة يدها على الأحرف قبل أن تضع الرزمة فوق العلبة وتتحرك بهما خارخ الغرفة التي التفتت تلقي عليها نظرة أخيرة قبل أن تغلق الإضاءة وتتبعها بالباب.
༺༻

كانت سارة تنام في سريرها كما الغريق الذي يعاني لالتقاط أنفاسه، فهي منذ وضعت رأسها على الوسادة ظنًا منها أنها ستقع صريعة النوم وهي تجاهد لتوقف عقلها عند حد معين من الاستنزاف، عقلها الذي كان يهذي من شدة القهر ويسحبها داخل هوة مظلمة لتهزي معه، كل بسمة … كل كلمة …كل نظرة، كل شيء من البداية يعاد، لكنه يعاد وهناك ألف حاجز …وألف شعور …والف وجع، تقلبت سارة بتعب في سريرها لتسمع صوته في أذنها يهمس لها بخفوت مازالت تذكر كيف شعرته خطرًا ولم تستطع الصمود أمامه فلجأت إلى الفرار
"أنتِ شرقية الملامح والتكوين، النوتة العطرية الخاصة بكِ دافئة ومثيرة، تفاصيلك متفردة بذاتها.. فيكِ من نعومة الورد وصلابة العود، لكنكِ متجددة لذلك تملكين انحياز للعطور البحرية المنعشة.. تأسرين الفكر والنظر، سلامك الداخلي ينعكس على كل ما حولك.. يناسبك عجر هادئ راقي ومختلف لكنه في نفس الوقت متمرد "
أغمضت سارة عينيها تبكي وهي تشعر أن كل ذرة شعور بداخلها تتألم لتنتفض على صوت طرق الباب يتبعه صوت فاطمة تقول
" سارة …هل أنتِ مستيقظة "
مسحت سارة وجهها واعتدلت تجلس على السرير وهي تقول بتعب
" ادخلي يا فاطمة أنا مستيقظة "
فتحت فاطمة الباب ودخلت لتتفاجيء سارة أنها ترتدي ملابس الخروج فقالت لها
" كم الساعة الآن، أليس الوقت مبكرًا على الخروج قليلًا "
جلست فاطمة على طرف السرير ووضعت العلبة المخملية وما فوقها بينها وبين سارة التي سألتها
" ما هذا يا فاطمة "
قالت لها فاطمة بهدوء
" سارة أنا لا أريدك أن تظني أني أتخلى عنكِ في وقت حرج لأني لا أقصد هذا إطلاقًا، كل ما في الأمر أني لم أعد أحتمل ما يحدث معي وبت أفضل الرحيل، في الحقيقة أنا أفكر في الأمر منذ مدة، وكل مرة أمنع نفسي عن أخذ هذه الخطوة بشق الأنفس خاصة وأني غاضبة من خالي فعلًا لكن هذه المرة حين حاولت، نفسي أبت إلا أن ترحل "
قالت سارة بصدمة
" فاطمة ….
قاطعتها فاطمة وهي تقول
" أعلم أن الوقت غير مناسب، ولكن ربما ذلك كان ما جعل إصراري يزداد فكل ما عايشته معكِ في الساعات الماضية ضغطني وأوجعني وأوهنني وصدمني في ذاتي التي كنت أظنها صلبة لا تهتز بسهولة "
امتلأت عيون سارة بالدموع فأمسكت فاطمة كفها تشد عليه وهي تقول
" أنا حزينة لكوني راحلة، لقد أحببت المكان والأجواء وأحببتك لكن على ما يبدو كل هذا لم يكن كافيًا لأمرر ما يفعله أخوك بي "
قالت سارة بحزن شديد
" فاطمة أنتِ لا تفهمين سلطان ….
قاطعتها فاطمة وهي تهز رأسها برفض وتقول
" بالله عليكي لا تحشريه في لحظات وداعنا الدرامية هذه، سلطان إن حضر يفسد كل شيء، المهم هذه الأشياء تخصه من فضلك أعيديها إليه "
قالت سارة
" بالله عليكي لا ترحلي وتتركيني في هذا الظرف يا فاطمة، لقد اعتدت وجودكِ بجواري "
أسرعت فاطمة تضم سارة وهي تقول بصوت مختنق بالبكاء
" سارة لا تترجيني مطلقًا، فأنا حقًا لم أقدم على الرحيل إلا عندما شعرت أن البقاء هنا يؤذيني ولا أظن أنك سترضين أن أبقى وأنتِ تعلمين أن البقاء يؤذي مشاعري بشكل مهين "
قالت سارة بانفعال
" لا تصلبي رأيك مثله، وتصري على الرحيل، ابقي يا فاطمة وأعدك أن سلطان …
قاطعتها فاطمة تقول
" سلطان لن يلزمه بشرا بشيء لا يراه يا سارة لذلك لا تتعبي نفسك معي أو معه وعديني أن تهاتفيني كل يوم وتأتي لزيارتي أنتِ والفتيات، الأجواء هناك ستعجبك كثيرًا، لتعود كنزي سالمة ولكم في عنقي دعوة "
قالت سارة بيأس وعيون باكية
" أليس هناك أمل في أن أقنعكِ بالبقاء "
هزت فاطمة رأسها بالنفي وهي تبتعد عنها وتقول
" لا ترهقي نفسك بالحديث وأكملي نومكِ لقد أردت فقط وداعكِ "
سألتها سارة
" هل عيسى من سيأخذك لخالكِ"
قالت فاطمة وهي تقف
" بالطبع لا …فأنا لا أريد أن تنشب بينه وبين سلطان مشكلة، يكفيه ما يفعله به رضا، لقد طلبت سيارة من أحد التطبيقات سائقها فتاة والتي مؤكد قد وصلت " قالت سارة بقلة حيلة
" سلطان يخاف عليكِ يا فاطمة، يخاف بشكل مبالغ فيه وهذا واضح للجميع صدقيني "
قالت فاطمة بانفعال تحاول السيطرة عليه
" لو أن سلطان يحميني من انفعالاته كما يريد حمايتي من كل من حولي لم نكن لنصل لتلك النقطة، لكن بربكِ يا سارة ما فائدة حمايتة لو أنه وحده من يؤذيني"
صمتت سارة عاجزة عن الرد وحديث فاطمة أصاب وتر متداعي من أوتارها الحساسة فانحنت فاطمة تقبل وجنتيها يمينًا ويسارًا وهي تقول
" أراكِ على خير "
تحركت فاطمة خارج الغرفة فيما بقيت سارة جالسة فوق سريرها تحصي الراحلين عن حياتها في الاربع وعشرون ساعة الماضية.

༺༻

في منتصف اليوم كانت ملاك تخرج من مدخل الxxxx الكامن به مكتبها هي والفتيات وهي تحمل العديد من الملفات وتحدث تولين على الهاتف قائلة
" لا تحملي هم شيء، أنا سأقوم بكل شيء كأنكن هنا، لقد رتبت لائحة بما يتوجب عليّ فعله لكي لا أنسى شيء، بداية سأمر بشركة مؤيد ومن بعدها البنك وأيضًا هناك الموقع الذي سأزوره لأتأكد أنه جاهز للتسليم، هل نسيت شيء "
قالت لها تولين بصوت واهن
" هذا كثير عليكِ يا ملاك، انتظري قدومي ويمكننا تقسيم هذه المهام معًا "
قالت ملاك
" حور لا تحملي همي، أنا الآن أعد أكثركم مقدرة على إنجاز أمور العمل "
صمتت ملاك تبكي بحزن وهي تقول
" كنزي لها الله في محنتها، وسارة تكاد لا تستطيع التعامل مع ما يدور حولها وأنتِ بين الاثنين ممزقة، لذلك إذا نظرت لما أقوم به ستجدين أنه أقل بكثير مما يجب، أنا سأنهي كل شيء وسأتي إليكِ لو احتجتِ أي شيء أبلغيني "
قالت لها تولين
" على الاقل دعيني أهاتف مؤيد ليرسل لكِ سيارة بسائق تتنقل معك، وإلا سيضيع الوقت منكِ في إنتظار سيارة أجرة تقلكِ من مكان لآخر، ليتكِ تعلمت القيادة يا ملاك، الأمر ليس مخيف للدرجة التي تظنيها "
قالت ملاك بشرود
" لقد حاولت كثيرًا لكني لم أستطع لذلك اعتبرت القيادة مثل أشياء كثيرة لن أبرع في فعلها يومًا "
تنهدت تنظر للطريق الممتد أمامها وهي تكمل قائلة
" المهم… أنا سأسبق لشركة مؤيد لكي لا أضيع وقتي أكثر ومن هناك يمكنني أخذ السائق "
قالت تولين
" حسنًا يا ملاك، هذا سيكون أفضل، ابقي على تواصل دائم معي، وأبلغيني بكافة المستجدات أولًا بأول "
قالت ملاك
" حسنًا …
ثم صمتت للحظة قبل أن تسأل بصوت مرتجف
" حور أليس هناك أخبار عن كنزي، أقصد هل وضعها أصبح مستقر أم ….
تركت ملاك سؤالها الموجع معلق لتجيبها تولين بصوت باكي
" ادعي لها يا ملاك، هي تحتاج دعواتنا الآن، ادعي أن يردها الله لنا سالمة " قالت ملاك بقلب يلهج بدعاء يموج في ثنايا نفسها
" اللهم آمين آمين، في القريب العاجل إن شاء الله" لمحت ملاك سيارة سوداء تقترب منها فقالت لتولين
" هناك سيارة تقترب، لعلها السيارة التي أنتظرها، سأغلق الخط الآن وحين أنهي عملي بشركة مؤيد سأبلغكِ "
أغلقت ملاك الخط وفتحت التطبيق الخاصة بسيارات الأجرة تتأكد من مواصفات السيارة القادمة من أجلها لتتفاجيء أن السيارة السوداء توقفت أمامها تمامًا ونزل منها رجلين بملابس سوداء وهيئة أرهبتها فهمّت بالابتعاد قليلًا لكنها لم تستطع فعل ذلك ففي لحظة كان فمها يكمم وهي تسحب قسرًا إلى السيارة التي انطلقت بها.
༺༻

الطريق التي لا تعرف وجهته كان دقائق مرت عليها كأعوام من الرعب الخالص، عقلها الذي لم يتخط فاجعة ما تعرضت له كنزي كان يتخيل أنها ستتعرض إلى الأسوء،
كانت تقاتل للنجاة من مصير تخيلته أكثر سودوية من كل مخاوفها لكن عينيها المعصوبة….فمها المكمم ….ذراعاها المقيدان خلفها والحوائط البشرية على جانبيها كانوا لها بالمرصاد، في لحظة توقفت تمامًا عن محاولة التحرر كأنما شلت بالكامل وعقلها يتوقف عند فكرة كانت الأكثر روعًا بين كل ما جال بخاطرها، فكرة تتمثل في كونها على وشك الانتهاك والموت، لم تشعر ملاك بقدرتها على فعل شيء سوى نطق الشهادتين خاصة وهي تشعر بالعربية تتوقف لتسحبها أيدي عنيفة خارج السيارة لتسير بعض خطوات قبل أن تصل إلى سلم لا تذكر كم مرة سقطت حتى صعدته لينتهي بها الأمر جالسة على مقعد ومن حولها سكون يفزعها كما لو أنه أهوال من الصخب، مرت دقائق قبل أن يخترق السكون وقع خطوات مقبض ظل يتعالى حتى شعرت أن صاحب هذه الخطوات انتهى به المطاف أمامها تمامًا، ارتجف جسدها بعنف واضح لتسشعر بعصابة عينيها تنزع بقوة فتسارع لفتحهما، لم تكن الرؤية واضحة للحظات قبل أن تتضح فتنقطع أنفاسها وهي ترى موسى يقف بهيئته البوهيمية الغامضة ويقول بجدية
" آسف للطريقة التي أحضرتكِ بها ولكني كنت أريدكِ على وجه السرعة " اهتزت نظرات ملاك تتحرك في المكان من حوله فالتفت موسى إلى الخلف وهو يسألها بتهكم
" عمن تبحثين …يونس، هو هنا لكنكِ لن تريه حتى تنفذي ما أريده منكِ ولنكن واضحين من قبل أن أنزع كمامة فمكِ، أنا لا أريد أن أؤذيكِ أو أؤذيه خاصة وأن حالته منذ منعته عن رؤيتكِ وهي سيئة للغاية لذلك إن أردتي أن تمري من هذا الموقف ومعكِ يونس بأقل الخسائر ما عليك سوى أن تقولي سمعًا وطاعة " تساقطت دموع ملاك وهي تهز رأسها ليرتفع صوت صراخ بدى كأنه ليونس فتوسعت عيناها بهلع وبكائها يزداد حدة وهمهمتها المكتومة أسفل كمامتها تزداد فيقول موسى بعنف
" هل أغلق الباب حتى لا يصلك صوته "
هزت ملاك رأسها برفض وبعيونها رجاء فقال موسى وهو ينزع كمامة فمها
" من دونكِ حالته تسوء، لا يكف عن الصراخ كأنه يناديكي، وفي الحقيقة أنا لم أعد أحتمل هذا الوضع لذلك أضعه بغرفة وأغلق الباب عليه "
أسرعت ملاك تقول
" أرجوك دعني أراه "
قال موسى وهو يتحرك بعيدًا عنها نحو منضدة وضع عليها ملف وقال
" للأسف طلبكِ حاليًا مرفوض، لكن إذا نفذتي ما أريده منكِ يمكنكِ أن تعتبري يونس لكِ، سأتنازل لكِ عن أمره كاملًا، بل ربما لا تريني أنتِ أو هو مجددًا " قالت ملاك بخوف
" أنا لا أفهم شيء، ماذا تريد مني، ولماذا تفعل بيونس أخوك ذلك "
قال لها موسى وهو يرفع الملف بين يديه ويتفقده ورقة ورقة
" ماذا أريد منكِ، سأجيب هذا السؤال أولًا، لذلك ركزي معي جيدًا، أظن لديكِ علم بالمبلغ الذي وصل حسابكِ، أنه مبلغ ضخم من المستحيل أن تكون عينيك قد أغفلته " قالت ملاك بسرعة
" نعم لدي علم، مال يونس معي وكنت أحاول إيجاده لكي أبلغه بذلك "
قال موسى وهو يرمقها بنظرة أسرت بجسدها قشعريرة فزع
" لا يوجد شيء اسمه مال يونس، هذا المال لي وأنتِ لكِ يونس إما هكذا وإما لن تخرجي من هذا الباب أنتِ أو يونس "
أغلقت ملاك فمها بقوة وهي تنظر له بعيون متسعة وجسد يرتجف فاقترب منها موسى وقال
" ببساطة المبلغ الذي لديكِ أريدكِ أن تحوليه لأسهم في عدة شركات، على رأسها شركات مؤيد الجوهري، وبشر العزايزي وطبعًا سيكون هذا باسم مكتبكِ أنتِ وشريكاتكِ وبعد فترة سأحددها أنا سيشتري منك مستثمر أحدده أنا أيضًا الأسهم كما يحدث يوميًا في سوق العمل، الأمر بسيط جدًا ويمكنكِ فعله والنجاة بنفسك وبيونس ثم لا أريدكِ أن تنسي الملف هذا وتواقيعك، قدري موقفكِ حق قدره يا ملاك لكي لا تكوني الخاسرة الوحيدة "
هزت ملاك رأسها برفض وقالت
" مستحيل …أنا لن أورط الفتيات في هذا …فهذا يعد ….
قاطعها موسى وهو يمسك فكها بعنف ويقول
" ما شاء الله، هل قرر عقلك أن يعمل الآن، أبلغيه أنه ليس وقته مطلقًا، فأنتِ بالفعل ورطتِ شريكاتكِ معكِ وما حدث قد حدث والآن عنقك تحت يدي ولن أتوانى عن سحقه إذا لم تنفذي ما أمرتكِ به "
قالت ملاك ببكاء شديد
" أنا كنت أحاول مساعدة يونس، لقد أقنعتني أنك ستعيد ميراثه من أهلك بالحيلة أنا لم أشأ أبدا أن ….
قاطعها موسى يقول
" توقفي عن هذه الثرثرة الفارغة واسمعيني لأني لن أعيد كلامي مجددًا، أنتِ ستنفذين ما أمركِ به تحت أي ظرف لأني لن أسمح لكِ بالعكس، فأنا قادر على إيذاء يونس وشريكاتك وأختيك …وسأتركك للنهاية "
قالت ملاك بانهيار
" أرجوك …أرجوك أنا لا أستطيع "
ابتعد موسى عنها كأنه لم يسمع رجائها وهو يقول
" سأرسل لكِ تعليمات بنسبة الاسهم وأسماء باقي الشركات، سأتابع معكِ خطوة بخطوة وحذاري أن يتطرق بك عقلكِ لتأخذي خطوة غبية ككل خطواتك وتتلاعبي بي لأني حينها سأقتل أحبتكِ واحد تلو الآخر دون تردد " بكت ملاك بقوة وصارت تهمهم بحديث لا تستطيع تجميعه من هول الموقف وشدة خوفها ليتحرك موسى تجاه الباب المفتوح ويخرج منه دون أن يلتفت لها حتى، فحركت ملاك رأسها تكاد لا تصدق ما يحدث ليتعالى صراخ يونس فيزداد نحيبها حدة خاصة وهي تلمح الرجلين مرعبي الهيئة يدخلون الغرفة ويتقدمون نحوها، نظرت لهما بهلع وهي تقول
" ماذا ستفعلان "
لكن لم يجبها أحد وأحدهما يعيد عصب عينيها وتكميم فاهها قبل أن يدفعها لتقف وتسير أمامه حتى وصلت إلى السلم فنزلت درجاته فسيقانها ما عادت تقوى على حملها لينتهي بها الأمر داخل السيارة التي انطلقت بها، مرت الدقائق مميتة على ملاك التي وجدت نفسها تلقى على الرصيف الذي كانت تقف عليه وتلقى فوقها ملفاتها كما لو أن كل ما حدث لها اضطراب غريب انتابها نتيجة سقوطها أرضًا …كأن كل ذلك لم يحدث وهي مازالت تنتظر سيارة الاجرة وسقطت أرضًا وفي رحلة سقوطها رأت كابوس مفزع جدا لدرجة أنه ترك أثرا على معصمها الذي بدا لها كأنه كان مقيد بعنف.
༺༻

اليوم التالي…

كان غازي يجلس على كرسي مكتبه ينظر لأخويه بملامح مشدودة بحدة وعيون بها نظرة صارمة ترجف لها القلوب
ليقول يونس
" هذا الوضع لا يمكن أن يستمر وقد أعطينا الرجال كلمة يا غازي، لقد أرسلوا المبلغ بدون أي ضمانات، مجرد اسمك وكلمتك كانت كافية لهم لكن ما أراه الآن يجعلني متوجس أن ….
صمت يونس فسأله غازي بصوت اشتق قوته من صوت الرعد
" متوجس من ماذا …انطق "
قال يونس بتوتر
" يا غازي الرجال على عجلة من أمرهم، وما يحدث الان يعد مماطلة، والمماطلة بعد وصول المال تعد حركة خطرة للغاية "
قال غازي بحدة
" ما لدينا الآن أهم، ثأر أبيكم أوجب من أي كلمة وأي اتفاق، ظهور حكم لو مررناه دون أن نحفه بالدماء ستكون العواقب وخيمة، ماذا هل تريدون منا أن نقف أمام السيد كرجال عجزت عن أخذ ثأرهم وثأره، ألم تكفيكم السنوات التي مرت وأنا أدور حول نفسي بحثًا عنه فلا أصل لشيء كما العجزه، لقد أزفت آزفته وانتهى وعلى كل شيء أن يؤجل إلى حينها "
قال يونس
" يا أخي أنا أفهمك جيدًا لكن للأسف لقد وضعنا في وضع حرج جدًا، ما بين رجال لن يقبلوا بالتأخير وبين مقبرة لم تفتح بعد، نحن نحاول السيطرة على الموقف لا أكثر وبصراحة ….
صمت يونس ينظر لموسى ليحرك غازي عينيه بينهما وهو يقول
" من البداية وأنا أقرأ ما يدور بين أعينكم لكني انتظره بصبر، انتظره لأقول به كلمة النهاية "
قال موسى بتوتر بالغ
" يا غازي الشيخ طميم اليمني ليس من السهل الوصول إليه ولا حتى إحضاره وحين تواصلنا معه من أجل المقبرة أرسل لنا مواصفات الأضحية التي يحتاجها وجميعها ينطبق على…..
قاطعه غازي وهو يقف ويقول بانفعال شديد
" لا …قلت لا، جد غيره …لم يعد هناك أكثر من الذين يتواصلون مع عالم الجن من حولنا، هل تعي أين نحن، إننا حيث الجن كما الحصى والبشر ليسوا سوى أفراد يعدون على الاصابع، أو جد غيرها …جد نفس المواصفات، مؤكد ستجد، أتدري كم طفل يعرض عليّ في اليوم الواحد، كم فتاة وامرأة …مريم لا "
كلمة لا خرجت منه بجنون جعل يونس يقف ويقول
" يا غازي مريم هذه مثلها مثل حكم ومن معه ماضي دعنا ننهيه، فتح المقبرة أهم الآن من أي شيء "
وقف موسى يؤيد كلام أخيه وهو يقول
" يا أخي الشيخ طميم قال أن خادم المقبرة يريدها هي لا غيرها، لقد قالها لي مباشرة …أخبر أخيك أن خطيفته هي المطلوبة لا غيرها، وفي الحقيقة لقد حاولنا كثيرًا وبحثنا كثيرًا وعرضنا عليه الكثير من الفتيات لكنه لم يوافق على القدوم إلا عندما أكدت له أن ما يريده سينفذ " دار غازي بعبائته السوداء حول مكتبه حتى توقف أمام أخيه وصفعة بعنف ألقاه أرضًا وهو يبرق بعينيه ويقول
" هذا لتعرف أن أخذك القرار دون العودة لي لن يمر بالساهل، كما رتبت لكل شيء قف على قدميك وأعد ترتيب الوضع حسب أوامري …مريم لا …وحكم وسباعه أولًا …والمقبرة ستكون إحتفالنا الاخير "
تحرك غازي خارج الغرفة المؤسسة على الطراز الفرعوني وعبائته السوداء ترفل من خلفه في مشهد تجمد له نبض موسى الذي شعر بأخيه يجذبه بقوة ليقف وهو يقول
" لقد أخبرتك أنه لن يوافق، لو علم أخوك بالملايين التي حولتها للشيخ طميم اليمني سيقتلنا معًا، ما كان عليك الاندفاع والتصرف دون العودة إليه "
نظر موسى تجاه الباب الذي خرج منه أخوه بغضب شديد وقال ليونس
" هذه الفتاة وباء وعاد وخلاصنا منه واجب ".
༺༻

في غرفة مظلمة كانت بتول تزوي والظلمة حولها تقتل روحها وقوتها على الصمود شيئًا فشيء، كانت كأنها تعتاد ظلام القبر وتسلم له، دموعها جفت …وصراخها توقف، وهياجها خمد، وإرادتها وهنت وما عاد هناك شيء تتعلق به سوى حبل الله المنجي، كانت هزيلة منكمشة أرضًا لا تجد السكينة سوى في إغماض عينيها علّها تجد خلف أجفانها المطبقة ضوء …وصور …وضحكات …وذكريات تهون عليها حقيقة أنها أصبحت تحت رحمة من لا يخشى الله،
ممتنعة عن الأكل والشرب تمامًا تساعد روحها في إيجاد سبيلها للخلاص فالموت جوعًا أهون من الموت كقربان،
ارتجفت شفتيها المتشققتين وهي تتذكر ذلك اليوم الذي كان يساعدها به فيلو لتضب حقائبها من أجل السفر، لا تعلم لما دائمًا حين تحتاج ذكرى تهرب بها من هذا العالم تكن هذه هي المفضلة لديها، ربما لأن قلبها شعر أنه سيكون آخر لقاء دافيء بينهما وربما لأن التفاصيل التي عاشتها معه في ذلك اليوم جعلتها ترى فيلو بعين قلبها لأول مرة، عين قلبها التي حتى في الغياب لم تغفل عنه بالحنين والدعاء، سقطت دمعة من عيونها المغلقة وارتسمت ابتسامة اشتياق على شفتيها تحول إلى نوع من الهلع دب بكامل بدنها وهي تسمع باب سجنها يفتح، اعتدلت بتول تزحف بوهن نحو الحائط وتضم ساقيها إلى صدرها وهي تهمس بخفوت " سلام قول من رب رحيم" أغلق غازي الباب عليهما لتعود الغرفة مظلمة ويصبح صوته أوضح لها من رؤيته، تقدم نحوها بخطوات ملأتها بالفزع ثم جلس أمامها أرضًا وهو يقول
" إن ظننتي أن صومك عن الطعام سيأخذك إلى الموت فاعلمي أني سأقف لكِ بالمرصاد، لا يهمني إن عشت على الطعام أو المحاليل الطبية، المهم أني لن أسمح لكِ بأن تموتي يا مريم "
أغمضت بتول عينيها وجسدها الذي ينتفض بوضوح تكاد لا تستطيع التحكم في انتفاضته ليعاود صوته اختراق مسامعها وهو يقول
" أتدرين كم بقيت في ظلمة هذه الغرفة وحدي أتخيلك هنا، سنوات تجعلني حتى وأنتِ هنا أكاد لا أصدق وأخشى أن أكون وحدي " بدأت أنفاسها تتقطع كأن حديثه الهاديء له نهاية تعلمها جيدًا بينما هو أكمل حديثه يقول
" احكي لي أين حطت أقدامك حين فارقت أرض الحصى، أين كنت يا عذرائي "
شعرت بيده الضخمة تحط على جانب وجهها وتنزلق نحو عنقها فانتفضت قائلة بينما عيناها مازالت مغلقة
" ارفع يدك عني، أنا امرأة متزوجة "
برقت أعين غازي بجنون وهو يمسك وجهها بين كفيه ويقول بصراخ
" لا تدفعيني لأثبت لكِ كم أنا واثق أنكِ لم تدعي رجل يمس شعرة منكِ، كم أنا واثق أنكِ حفظت نفسك لي " تأوهت بتول بعنف فلطمت معز تورم منها جانب وجهها الذي كان مخفي خلف شعرها الغجري المسدل، عقد غازي حاجبيه ودقق النظر إليها قبل أن يرفع شعرها الذي بدى كدوامات تبتلع روحه ولكنها لا تنتهي وحرك وجهها نحو شعاع النور الوحيد النافذ إلى الغرفة ليتفاجيء بمنظر وجهها فيسألها بجنون
" من فعل بكِ هذا "
بكت بتول بكت من شدة الذل لكنه لم ير في بكائها سوى شكوي فزعت لها عروقه النافرة فقال لها
" هل غنام من فعل ذلك أم أحد رجاله "
لم تجبه مريم بل استمرت في بكائها الذي جعله ينتفض واقفًا ويتحرك نحو باب الغرفة يفتحه ليخرج منه ثم يغلقه بعنف ينذر أنه على وشك القتل تاركًا خلفه امرأة ملت أن تعاد بها الحكايا …ملت النجاة إذا كانت سبيلها لتعيش التجربة مجددًا في يوم ما.
༺༻

في إحدي صحاري اليمن…

كان هناك موكب من السيارات الضخمة يسير تباعًا وعلى رأسهم سيارة الشيخ طميم اليمني ويجلس بجواره أحد رجاله الذي يحمل سلاح آلي ويقول
" طائرتنا بعد سبع ساعات، أرى أن نؤجل مجلس الشيخ ظفير حتى نعود "
نظر طميم للكثب الرملية من نافذة سيارته وقال
" أمر الشيخ ظفير ما عاد ينفع له تأجيل، أنا لي غرض من ذهابي في هذا الوقت "
قال له رجله
" عليك الأمر وعلينا الطاعة يا شيخ، فأنت تدري ونحن لا ندري "
صمت طميم قليلًا ثم قال
" هل رتبت أمر إقامتنا بمصر، أنا أريد أن أستغل وقت سفري جيدًا "
أجابه مساعده
" جدولنا ممتليء بعون الله، جميعهم إما رجال دولة أو رجال أعمال يجاهدون منذ سنوات للقائك و….
قطع مساعده حديثه وهو يضيق عينيه ويحني رأسه ينظر من خلال زجاج السيارة نحو السيارة العتيقة التي تقف بعرض الطريق ويقف فوقها رجل خلع عصابة رأسه يلوح بها وقال " ما هذا "
أجابه السائق
" يبدو عجوز شرد في الصحراء وتقطعت به السبل، ربما يحتاج ماء أو وقود لسيارته، أو ربما سيارته بها عطل ويحتاج من يقله "
قال مساعد طميم للسائق
" أكمل طريقك ولا تقف " اقترب سيارة طميم من السيارة العتيقة وبدا للواقف فوقها أنها لن تتوقف فانتظر علهم يشفقون عليه وحين فقد الأمل أخرج سلاح كان يخفيه أسفل عصابة رأسه التي يلوح بها فأصاب السائق في منتصف جبهته قبل أن يقفز أرضًا يحتمي في السيارة من الرصاص الذي انهال صوبه وهو يخلع الزي اليمني عنه بعنف ليبقى ببنطال وصدر عاري يجلس أرضًا ويشد أجزاء سلاحه الآلي الذي كان يضعه بجوار السيارة وهو يقول
" أنا لا أطيق الشمس "
جائه رد الآخر الذي كان مختفي جوار السيارة
" خلعك لملابسك بهذا الشكل سيجعلنا فريسة لكن ليس لطلقاتهم"
ضيق فيلو عينيه وقال بأنفة
" ركز فيما تفعله "
وقف الآخر فجأة بسلاحه الثقيل الذي يحمل طلقاته كحزام حول جسده وفتح النيران بجنون على رجال طميم وهو يصرخ كأنه انتحاري جاء ليفجر نفسه بينهم بينما فيلو شرد بعينيه وانقبض قلبه فأطبق كفيه علي حبات الرمل بقوة وهو يقول
" أنا قادم ".
༺༻
انتهى الفصل العشرون
قراءة ممتعة ❤️
واتمنى التماس العذر على التأخير ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-12-22, 01:14 PM   #229

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dina abd elhalim مشاهدة المشاركة
ميعاد تنزيل الفصل يوم ايه؟
اهلا بيكي
بإذن الله ميعادنا الأربع من كل اسبوع


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-12-22, 02:52 PM   #230

al gameel rasha

? العضوٌ??? » 424155
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 244
?  نُقآطِيْ » al gameel rasha is on a distinguished road
افتراضي

اخيرااااااااااااااااااااا ا فيلو ظهر
طيب عرف ان مريم عندهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بيان الكذاااااابة
مايا لسه ما اخدت عقابها


al gameel rasha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:33 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.