آخر 10 مشاركات
وعانقت الشمس الجليد -ج2 سلسلة زهور الجبل- للرائعة: نرمين نحمدالله [زائرة] *كاملة* (الكاتـب : نرمين نحمدالله - )           »          تسألينني عن المذاق ! (4) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          عذراء اليونانى(142) للكاتبة:Lynne Graham(الجزء2سلسلة عذراوات عيد الميلاد)كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          124 - مر من هنا - آن شارلتون (الكاتـب : pink moon - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          ملك يمينــــــك.. روايتي الأولى * متميزه & مكتمله * (الكاتـب : Iraqia - )           »          معذبتي الحمراء (151) للكاتبة: Kim Lawrence *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1264Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-12-22, 03:31 AM   #231

عفريتة

? العضوٌ??? » 449188
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 10
?  نُقآطِيْ » عفريتة is on a distinguished road
افتراضي


ايه الجماااااااااااال ده 😍😍بجد مبهورة بطريقه غير عاديه
والاجمل ان فيلو طلع عايش ☺️☺️ رجع لينتقم


عفريتة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-12-22, 06:53 AM   #232

nona-1061

? العضوٌ??? » 337756
?  التسِجيلٌ » Feb 2015
? مشَارَ?اتْي » 551
?  نُقآطِيْ » nona-1061 is on a distinguished road
افتراضي

الف مبروك الرواية و بالتوفيق دايما

nona-1061 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-12-22, 06:40 PM   #233

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة al gameel rasha مشاهدة المشاركة
اخيرااااااااااااااااااااا ا فيلو ظهر
طيب عرف ان مريم عندهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بيان الكذاااااابة
مايا لسه ما اخدت عقابها
أخيرا ظهر 🙈
لسه كل حاجه هتظهر
بيان ومايا لسه الأحداث قادمة


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-12-22, 12:10 AM   #234

امل ابراهيم

? العضوٌ??? » 256227
?  التسِجيلٌ » Jul 2012
? مشَارَ?اتْي » 772
?  نُقآطِيْ » امل ابراهيم is on a distinguished road
افتراضي

روووووووووووووووووووووووو ووووووعة

امل ابراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-12-22, 08:38 AM   #235

سما إسماعيل

? العضوٌ??? » 504389
?  التسِجيلٌ » Jun 2022
? مشَارَ?اتْي » 33
?  نُقآطِيْ » سما إسماعيل is on a distinguished road
افتراضي

ما شاء الله متمكنه كالعادة يا شهيرة والكلام مش بيوفيكى حقك .. بالتوفيق 💐💐

سما إسماعيل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-22, 01:31 AM   #236

جيجي هاني

? العضوٌ??? » 380259
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 828
?  نُقآطِيْ » جيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond repute
افتراضي

فيلو رجع الحمدلله رائعة كالعادة الاحداث بتخلى الواحد مش قادر ياخذ نفسه يسلم ايدك

جيجي هاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-12-22, 04:04 AM   #237

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الواحد والعشرون


وسأظل في هواك مغرمًا ولو دق
حبك في صدري ألف ناقوس للخطر،
سأظل عاشقًا يخبئك في إعوجاج أضلعه
يبقيك كطوفان يجتاح منه كل وريد ووتر،
سأظل صادق الرغبة وإن كنت أنانيًا بك
أريد جميعك ليستوطنني بلا ذرة شك أو حذر،
هذا أنا أعترف أني متلهف إليك لهفة لا تخبوولا يطفيء نيرانها الناشبة في الحشا رياح أو مطر،
أني تضيق علي سعة الأرض ولا يسعني إلا صدرك
الذي مازال لم يذاع لي ما بين جوانحه صيت أو خبر،
أني أدمنت عناق عينيك فقل لي بربك كيف أسيطر على
وحشة أحداقي حين لا تلتقيك كأنما قد ضمر البصر،
أني في دجي الليل حين يكون العالم من حولي ساكنًا تهيج
لك في صدري انتفاضة نبض مؤلمة تشاركني السهد والسهر.

أيها العابر من خلالي قل لي كيف أبرهن لك على
عشقي وقد ضاع في أسر مشاعرك زماني والعمر،
كيف أرسخ في ذهنك كوني لا أحبك مثلهم
فهواك النافذ في صدري يزيد من أجيج الجمر،
كيف أدفع الحواجز بيننا لتنهدم وأعبر إليك ماحيًا كافة المسافات مخضعًا قلبك لي بأمر.

أيها الرابض في عمق مواطن احساسي
قاسمني صفوة الحب وعذوبة إحساسه البكر،
كن لي يا روعة تعني لي الكثير وفوق الكثير
وأعدك أن أشاطرك أنفاسي الهاربة جهرًا وسر
ضع يدك بيدي ودعنا نصل سويًا في درب الحب إلى منتهاه ونغادر معًا عالمنا في رحلة نحو القمر
حيث لا قوانين تحكم حبنا ولا عيون لترصدنا ولا سلطة عاتية تكبح جماحنا من مطلق بشر.

أيها المتوغل في شغاف الروح ألم تتعب من الدوران في مخيلتي، ألم تكتفي بعد من شعور النصر،
ألم ترتضَ بكل ما أوصلتني إليه من جنون وبكل ما نظمته نبضاتي الهادرة إليك من شعر،
ألم يمنحك السلام أني أتيت إليك مجردًا من قوتي ووقفت أقرئك السلام فبدى من فرط الحنين هذر
ألم تسكن مخاوفك كوني أسقطت كافة أدرعي ومنحتك أمر قلبي الذي بات من شدة انفعاله هشًا قابل للكسر
ألم يروض غضبك رؤيتي أقاتل لوصلك أقاتل لأجلك صامدًا رافضًا أن يستبيح الفراق قلوبنا ويملأها بالقهر
أيها المائل عن ميلي إليه إني أشتهيك كمالًا ونصفًا وحبًا ووصلًا …. فلا تحكم على أواصر حبنا بالبتر.
༺༻


يا ساجية العينين كم أهلكت عيناكي من قبلي ، كم زلزلت وتمردت وبعثرت وأثارت بعمقها الجدل.
لا تقولي أني وحدي من طحت في غمار سكونها حتى أربكت اتزاني وعقلي،
فكيف يا إمرأة تفقدني صوابي أن أقيد نفسي بأمر عظيم كما الهول،
كيف أفتح لكِ باب قلبي الذي لم تطرقيه وكيف أحثك دون كلمات على وصلي، يا راجفة قلبي إن نوبات جنوني في رحيلك تهد حيلي، وأنا من ظننت طويلًا أني نجوت من العشق ودروبه حتى جائتني عيناك فبددت ظنوني وروضت جهلي.
يا أنيقة الغضب إن الويل في غيابك ويلي، والجوى والصبابة واللوعة زادي وحملي، لو أني أستطيع كسر حواجز الصمت لأخبرتك أني أحبك بقلوب كل أهل الأرض ولأخترت من أجلك جميع جملي،
لصارحتك بهياج مشاعري نحوك دون أن يتوقف قلبي كما لو أن الحديث إليك أمر جلل،
ولأخضعتك بالقول حتى جعلتك في شتات من أمرك مثلي،
يا شفرة معقدة بعقل ترهقه الألغاز إن الأفكار تركض في رأسي إليك بتدافع كلي،
لا تريث يتملكني أمامك ولا تعقل قد أجد به فيما بيننا نهاية و حل،
لا مدار يحتوي بعثرتي التي تدور في الأفاق من حولي،
يا بزوغ شمس العشق في صدري لا تأفلي عامدة فإن لم تخش من الظلام فليت خشيتك تكون لأجلي.
༺༻

الحب منحة أم محنة أم خليط كالحياة، أم هو رياح جارفة حين تأتي تزعزع ثبات أجوافنا، نوة تجتاحنا وتعتصم في خلايانا رافضة أن تبارح، كأننا صرنا لها وطنًا وصارت هي لنا حشود غفيرة من شعب دافيء متمسك بنا، شعب
يتوسع دون توقف حتى يستعمر كل الأفاق ويترك بصمته على كل نبضة هادرة تنبض لأجله.
أم ربما الحب ما هو سوى التعقيد بكل حدته…والحدة بكل آلامها ….والآلم بكل روعته، ربما هو التحرر دون حرية، والتقيد دون قيود ..والتوجع دون جرح، كما وجعها الذي تستشعره ينخر عظامها دون توقف.
طفر من عين سارة خط من الدموع بينما تضم شفتيها تتحكم في إرتجافة فكها كأنها تمنع نفسها بحزم من الاستسلام لنوبة بكاء جديدة ترثي بها نفسها التي باتت تستحق الرثاء، عيناها لا تهتز عن الطريق الممتد أمامها وقبضتها المطبقة على عجلة القيادة تشتد وتشتد لكي لا ترتجف بوهن هي الأخرى، تحيط نفسها بقشرة خارجية صلبة تشعرها كما لو أنها تمثال يدّعي الصمود بينما هو على وشك الانهيار، ثورة مشاعرها التي تجاهد لتحاصرها داخل زمام سيطرتها تشتعل وتتزايد حتى تفلت من حصارها وتعود إلى الانتشار ما بين أضلعها خالقة في صدرها حالة من الجنون، جنون يصارع المنطق الذي انتهجته منذ ما حدث، منطق الفقد الذي تعيشه حاليًا والذي يستنزف ثباتها ويجعلها أخرى عاجزة عن المضي قدمًا.
انتفضت سارة على صوت زامور سيارة تمر بجانبها فتفاجأت أنها توقفت في منتصف الطريق دون أن تشعر لذلك أسرعت تتحرك بسيارتها بين السيارات التي التفت سائقيها لتفقدها إما بنظرة مستهزأة لكونها فتاة وإما بنظرة فضولية وإما بنظرة لا مبالية وكم تمنت لو كانت هي أيضًا تستطيع ألا تبالي بما يعتريها، لو تستطيع أن تفصل ذاتها التي تدعي التماسك عن ذاتها التي ترفض الادعاء لكي تتعايش، فمحال أن تقبل سارة العطار أن تنهزم محال أن ترتضي أن تكسر نظرتها كما كسر قلبها من الشخص الوحيد الذي أرادته …أرادت قلبه …لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، عند تلك الفكرة وبات القهر لا يحتمل فتوقفت سارة بالسيارة إلى جانب الطريق على بعد أمتار من شركة النقل الخاصة بسلطان سامحة لنفسها أخيرًا بالبكاء لكنه كان بكاء عنيف تملؤه الوحشة لرؤيته، كيف تتوق إلى رؤيته إلى ذلك الحد بعدما طالها منه كل ذلك الأذى، ليتها قادرة في تلك اللحظة على اغتيال قلبها والخروج من مدار تلك المشاعر والنجاة بنفسها، احتاجت سارة لنصف ساعة كاملة حتى جمعت شتات أمرها وتنفست بعمق تمسح وجهها ثم حملت حقيبتها الشخصية وحقيبة أخرى وضعت فيها طقم الذهب الخاص بفاطمة ورزمة المال التي لم تهتم بعدها كما تهتم بما سيحدث حين يعلم سلطان برحيلها، لقد فضلت عدم إخباره في نفس اليوم أو من خلال الهاتف، فقد توقعت ما ستكون عليه ردة فعله لذلك أرادت أن تمنح فاطمة الفرصة لتبتعد عن مداره دون أن يتدخل أو يمنعها، ترجلت سارة من السيارة تسير نحو باب الشركة وبمجرد أو ولجت من الباب الرئيسي ارتفعت لها أنظار كل من بالمكان الذي كان مزدحم وكم كانت النظرات تحكي ما لم تتحمل سماعه، تماسكت سارة متجاهلة شعور بالخزي ملأها لكون جميع من بالمكان كانوا شهودًا على مصابها وهي ترى سيد كعادته يسرع نحوها بابتسامته اللطيفة ويقول
" يا أهلًا وسهلًا، هل الزيارة مفاجئة أم سلطان العطار لديه علم "
بدت سارة كئيبة لا تستطيع مجارات لطفه وهي تقول
" مفاجأة ولا أظنها ستسره، فلدي له خبر لن يروق له "
توتر سيد ورغم ذلك قال لها
" هل أنتِ جادة "
هزت سارة رأسها بتأكيد فقال لها سيد
" حسنًا ولكن لتعلمي أنه منفعل ولم ينم أو يأكل منذ يومين، ويكاد يطيح بكل من يقف في طريقه، أليس هناك مجال لتأجيل هذا الخبر "
قالت سارة بهدوء
" هو مؤجل منذ يومين بالفعل ولو أجلته أكثر قد تكون العواقب وخيمة" استبد التوتر بسيد الذي قال لها
" مادام ليس هناك مفر، تفضلي لا تقفي هكذا، أنه بمكتبه "
تحركت سارة نحو المكتب ودقات قلبها تصم أذنيها من شدة التوتر فهي لن تحتمل مطلقًا أن يقسو عليها سلطان بالحديث، طرقت الباب لتسبل أهدابها باضطراب حين وصلها صوت سلطان الصارخ يقول
" ألم أقل أني مشغول …
ليقطع حديثه وهو يقف منتفضًا بنظرات متفاجئة من رؤيتها وهو يقول
" سارة …ما الذي أتي بكِ إلى هنا د، هل حدث شيء"
أغلقت سارة الباب وهي تقول
" لا شيء أنا فقط أتيت لأتحدث معك " نظر سلطان للباب بحدة وسألها
" أتيتِ بمفردكِ "
قالت سارة وهي تقترب من المقعد المقابل للمكتب وتجلس عليه بهدوء " من الذي تتوقعه أن يأتي معي، كنزي وأنت تعلم بحالها وحور وممزقة بيننا جميعًا وملاك تحاول المساعدة وتسيير العمل قدر استطاعتها، لذلك لا أحد يملك وقتًا لمرافقتي "
عاد سلطان بنظره إلى الباب ولا يعلم لما تذكر جمود عينيها في آخر لقاء بينهما وقال
" وفاطمة "
رفعت سارة عينيها إليه وقالت
" اجلس يا سلطان من فضلك، فوقفتك المتحفزة هذه تربكني وأنا لدي ما أقوله لك بشأن فاطمة "
تجمد في مكانه لوهلة قبل أن يجلس بهدوء لا يعكس مدى تحفزه وسألها بصوت كان مهزوزًا
" ما بها فاطمة، هل شكت لكٓ مني، هل هي غاضبة "
وضعت سارة الحقيبة التي تحملها فوق المكتب وقالت له
" هذه لك "
عقد سلطان حاجبه وهو يلتقط الحقيبة ويخرج ما بها ليقول بصدمة كبيرة
" هل هي من أعطتك هذه الأشياء " قالت سارة بتردد
" ليس هذا فقط يا سلطان "
رفع سلطان عينيه لها بترقب وعروقه النافرة من تسارع نبضه تزداد تضخمًا ليسألها
" ماذا بعد "
قالت سارة بسرعة كأنها تلقي كل ما بجعبتها دفعة واحدة
" لقد غادرت فاطمة …عادت إلى خالها …منذ يومين"
هز سلطان رأسه يحاول استيعاب ما تلقيه على مسامعه قبل أن يقول بصدمة " ماذا "
صدمته كانت تتحول في عمق عينيه إلى نيران فائرة وغضب عاصف جعله ينتفض واقفًا يصرخ بها بجنون
" رحلت كيف، كيف …من سمح لها بأن ترحل، منذ يومين …رحلت وحدها …سافرت وحدها، لما لم تخبريني " وقفت سارة تقول له
" لم أخبرك لكي لا يحدث ما أراه منك الأن، فاطمة ليست صغيرة يا سلطان لتنتظر من أحد منا أن يسمح لها أو يمنعها الفتاة لم تكن بسجن لتطلب إذن بالرحيل لذلك حين أرادت ذلك فعلته، من الذي كان سيمانع "
قال سلطان بعنف
" أنا كنت سأمانع "
قالت له سارة بحدة رغم تعبها
" بأي حق ستمانع "
توقف سلطان ينظر لها بعجز كأنه يعيد السؤال داخله ثم قال لها بهياج
" أنا سأذهب لأعيدها حالًا، هل تظن أنها حرة نفسها لترحل متى شاءت " تحركت سارة لتوقفه وهي تمسك ذراعه وتقول
" بأي حق ستفعل ذلك يا سلطان، فاطمة عادت إلى خالها والذي يعد الشخص الأحق بتولي أمرها، الفتاة ما عاد لك سلطة عليها الآن "
التوى قلبه كأنما صراحة الحديث أخلت بتوازن النبض فقال لها بجنون
" خالها هذا أنا لا أعرف عنه شيء سوى أنه رماها من قبل لإخوتها وحين ظهر كان في يده ذلك الضابط يريد تزويجه لها، كيف عادت إليه، كيف فعلت ذلك، كيف رحلت "
قالت سارة
" فعلت خيرًا يا سلطان، فاطمة أخذت القرار الصحيح فالعودة إلى خالها أرحم ألف مرة من الذهاب إلى إخوتها " التفت سلطان يقول بانفعال
" ولمَ ترحل من الأساس ؟؟؟ لمَ ترحل إليه أو إلى غيره "
قالت له سارة بتعب
" هل حقًا تسأل "
قال سلطان بحدة
" نعم فلو كان أمر بقائها معكِ لا يروق لها كانت أخبرتني وكنت سأتكفل بحل الأمر، لا ترحل هكذا دون أن تخبرني، أنا سأذهب لأعيدها "
أغمضت سارة عينيها للحظة ثم قالت
" تخبرك بماذا وكل حديث بينكما يتحول إلى شجار، سلطان إن كان انفعالك هذا قلقًا عليها فهي الأن بأمان مع خالها وعليك أن تطمئن، وإن كان إنفعالك هذا له سبب آخر فعليك إيجاده والتعامل معه عساك حينها أن تهدأ وتبدأ في إيجاد طريقة لتطمئن "
نظر لها سلطان نظرة غاضبة وهو يسألها
" ماذا تقصدين "
قالت سارة وهي تتنهد
" سلطان ألا ترى أن معاملتك لفاطمة واهتمامك بها وحرصك عليها، وتفاعلك مع كل ما يصدر عنها مبالغ به، أنت صرت كمن يحاصرها ويضغط عليها بحصاره إلى حد أرهقها، ولقد طلبت منك كثيرًا أن تترفق بها فهي لا تجيد التعامل مع حدة طباعك ولن تتحمل لكنك لم تستمع، كنت بمجرد رؤيتها تكن كمن لا يرى سواها تعلق على كل صغيرة وكبيرة بحدتك المعهودة والتي تزايدت حتى باتت لا تحتمل، أنت صرت توبخها علنًا والفتاة تحملت ذلك بما يكفي ولا لوم عليها إذا نفذت طاقة إحتمالها وقررت الابتعاد عن ذلك الوضع "
قال سلطان بصراخ
" هل خوفي وحرصي عليها هما سبب رحيلها "
قالت سارة بانفعال لم تتحكم به
" بل المبالغة والحدة الغير مبررة والتي لا يعلم سببها أحد سواك "
عمّ الصمت وعيون سارة تعلقت بعيون سلطان الذي بهت للحظة قبل أن تنتفخ أوداجه من شدة الانفعال الذي يكبته فقالت سارة
" إنها بخير أنا اتواصل معها يوميًا، اطمئن "
أشاح سلطان بعينيه بعيدًا عنها كأنما فكرة كون غيره يمنحها الأمان بدت كنيران وهاجت بكبده لتهز سارة رأسها بيأس مما تراه في عينيه وتقول
" توقف عن تحويل كل ردود افعالك إلى غضب، الغضب لن يحل الأمر، يمكنك مهاتفتها للاطمئنان لكن …..
صمتت سارة فالتفت عنق سلطان لها بحدة جعلتها تقول
" لا عليك …أنا سأرحل "
تحركت سارة نحو الباب ليوقفها سلطان يقول بصوت كان يكبح جماح ثورته
" هل أنتِ بخير "
التفتت له وقالت
" نعم …في الواقع أريد منك التواصل مع السيد منصور لتعرف منه ثمن طقم الذهب الذي أُهدى إليّ من قبلهم …
صمتت للحظة وهي تستشعر الحديث بات شظايا جارحة لتكمل
" فأنا لن أعيده "
دقق سلطان النظر إليها ثم قال
" لم أكن لأ فرط بشيء تزينتِ به " هزت سارة رأسها بتفهم وقالت
" أنا اليوم سأعود للعمل، فبقائي في المنزل لا داعي له، أنه يخنقني "
لم يجبها سلطان ولكن نظراته كانت كفيلة بجعلها تسارع في فتح الباب وهي تقول له
" وداعًا "
فلا يصدر عنه سوى حركة من رأسه وهو يشاهد الباب يغلق خلفها ليتحرر كل الغضب والعجز كما الادرينالين الذي اندفع بجنون بأوردته
فيدور حول نفسه كليث حبيس في قفص فاطمة العطار من صنعت قبضانه واحدًا تلو الأخر، كانت هناك معركة حامية تدور بداخله ما بين حاجة ملحة تدفعه للركض إليها وانتزاعها من ذلك المكان التي ستكون فيه بعيدة عنه وبين باقي تعقل يملكه يخبره أنها بابتعادها عنه أفقدته كافة حقوقه نحوها، أفقدته اتزانه وتركته خلفها ينظر بعجز إلى علبة مغلقة ورزمة من المال لمح عليها خطه وجملة خرجت من عمقه لتنقش على إحدي الأوراق.
أمسك سلطان رزمة المال ألقاها بعنف صوب الحائط لتتناثر أوراقها في فضاء الغرفة من حوله ثم تهبط أرضًا كما يهبط صدره ويعلو دون توقف من تسارع نبض قلبه الذي كان يتألم.

༺༻

بالخارج أسرعت سارة نحو السيارة تكاد تركض إليها تريد الذهاب إلى العمل والانغماس به إلى حد ينسيها تلك الفجوة العميقة التي تتسع في صدرها، تريد أن تنهك نفسها تمامًا قبل حلول الليل علها تستطيع النوم فلا يطولها الأرق ويطيل ليلها ويتيح لهمس قلبها بالتزايد حتى يصبح صعب الفهم والتأويل، كانت شاردة وهناك لمحة الحزن تطفيء روحها لتشهق بحدة وهي تكاد ترتطم برجل يقف قريبًا من سيارتها ثم ترفع عينيها وهي تقول
" أنا أسفة …
لتقطع حديثها وهي ترى حورس يقول لها
" لا تعتذري "
تجهمت ملامح سارة لرؤيته، تجهمت دون أسباب ربما فقط لشعورها أنها ليست مستعدة للتعامل مع أي موقف قد يسبب لها المزيد من الضغط
ليؤذي تجهمها هذا قلبًا ليتها تعلم ما الذي يحمله لها من مشاعر، تأملها حورس بغضب فقد بدت كأنها تائه ضائعة في ذاتها كما لم يرها من قبل، ضم حورس قبضته بقوة وهو يقول لها بهدوء
" كيف حالك سارة "
قالت له سارة وهي تكاد تنظر إلى كل مكان ماعدا وجهه
" أنا بخير، شكرا لسؤالك، من فضلك هلا تحركت فأنا على عجلة من أمري "
كانت مشدودة كما الوتر كأنما رؤيته آخر ما تريد فعله الآن وهو أدرك ذلك ولكنه قال
" أنا فقط أريد أن أطمئن عليكِ "
رفعت سارة عينيها إلى عينيه فغار قلبه ما بين أضلعه وهو يسمعها تقول
" تطمئن عليّ كيف!، لقد أخبرتك أني بخير "
قال لها حورس بانفعال
" لا لستِ كذلك يا سارة، وأنا قلق عليكِ "
قالت له سارة بحدة
" لا ترفع صوتك وأنت تحدثني، بل ولا تحدثني بهذه الطريقة مطلقًا، هل جننت "
قال حورس وهو يحاول التحكم في فورة غضبه
" طمئنينني عليكِ، هذا كل ما أريده سارة، اجعليني أشعر أنكِ بخير لأرتاح "
قالت سارة بغضب
" حورس أنت تتعدى حدودك معي، من فضلك تحرك من أمام السيارة "
قال حورس
" أتعدى حدوي لكوني قلق عليكِ، سارة أنا لست من آلمكِ …لست من كسر قلبكِ الذي سلمته لمن لا يستحق ومنعته ممن يتمنى لو أنكِ أعطيته فرصة واحدة ليقترب "
تجمدت سارة من قوة كلماته ولم تستطع الإتيان بكلمة واحدة ليكمل قائلًا " سارة أنا أحبك، أنا أتمزق لكونكِ لا تدركين مدى حبي لكِ ولا تشعرين بي، أنا أتألم لآلمك وأريد أن ….
قاطعته سارة تقول بانفعال شديد
" كفى "
لكن حورس انفعل بالمقابل وقال بحرقة
" لا سارة، كل ما أقوله ليس كافيًا مادمتِ لا تسمعيني بقلبكِ، كل ما أفعله ليس كافيًا مادمتِ ترين أن إلقاء نفسكِ ومشاعركِ إلى وغد مثل الذي كنتِ سترتبطين به أمر هين، إن كنتِ لا تعرفين قيمة نفسكِ وهول ما عرضتِ قلبكِ إليه سلميني أمركِ وأعدكِ أني سأكون حريصًا عليكِ أكثر منكِ بكثير " قالت له سارة بحدة وقد بدأت عيناها بالبكاء وهي تقف أمام شخص يخبرها أنها خسرت في كل حساباتها وخرجت من صومعة أحلامها بخسائر طائلة
" إن لم تتوقف وتلتزم حدك سأنادي سلطان ليتصرف معك "
قال لها حورس
" يمكنك أن تناديه يا سارة لكن قبل أن تفعلي ألم تسألي نفسك للحظة واحدة لما دومًا لا أقابلك إلا علي بعد خطوات من أخيك ؟؟؟
همت سارة بالتحرك ليتحرك بدوره ويقطع طريقها وهو يقول بغضب شديد " أنا أريد أن أشعركِ بالأمان وصدق نواياي لكنكِ لم يكن لديكِ إستعداد يومًا لتشعري بي "
صمت حورس يشاهد دموعها بقلب ينخلع لهفة عليها ليقول
" لا تبكي "
مسحت سارة وجهها بعنف وقالت
" ابتعد عن طريقي "
نظر لها حورس بقهر بالغ والأسى من صدودها يرتسم على وجهه ويتحول لشيء عنيف رجف بدنها خاصة وهي تسمعه يقول
" لو فكر ذلك الوغد الاقتراب منكِ أو إيذائكِ مجددًا أنا من سيقف له وسأحرص أن أبعده عن طريقكِ تمامًا " رفعت سارة رأسها إليه بحدة وقالت
" الجم لسانك وغضبك لكي لا تدفع ثمن اندفاعك غاليًا، وأفسح لي الطريق لأرحل عساه أن يكون لقاءنا الأخير " عدم تحملها عنف وعيده لغريمه جعله مصدوم إلى حد كبير جعله يقول لها
" ما دمت أحبكِ فكل طريق لي سيجمعني بكِ "
ضغطت سارة مفتاح السيارة الذي بيدها فأصدرت السيارة صوت جعل حورس يفتح لها الطريق لتتقدم وتركب سيارتها ثم تغلق الباب بعنف قبل أن تنطلق بسرعة كبيرة شعرها كرصاصة عبرت من خلاله واستقرت في عمق في قلبه وهو يهمس
" للحب قانون ولكن محاكم قلبي ترفض محاكمتكِ…فأنت فيها الخصم والحكم ".
༺༻

في نفس الوقت بالمركز الطبي كانت سيادة تموت ببطء، وهي تشعر بقلبها ينزع من صدرها ثم يسحق من فرط الفزع على ابنتها التي تحمل لنفسها ذنب ما حدث لها كاملًا، تشعر بأيدي الممرضات التي تساعدها على إرتداء لبس معقم للولوج إلى غرف العناية لكنها لا تشعر في صدرها بذرة حياة كأنها تشارك صغيرتها سكرات الموت، خطواتها كانت مهزوزة أقرب إلى الزحف وكل قواها الخائرة تجاهد لتحشدها لكي تتماسك كأي أم تحتاج إليها صغيرتها لكنها تفشل في ذلك لأنها توقن أنها هي من يحتاج إلى ماسة وأنها لو فقدتها ستتفقد آخر حبل ممتد بينها وبين تلك الحياة قاتمة اللون.
اقتربت سيادة من السرير التي توضع عليه صغيرتها الموصول بجسدها العديد من الأسلاك وانهارت أمامه على ركبتيها تمسك قدم صغيرتها وتبكي بحرقة وهي تقول لها
" أسفة …أسفة يا صغيرتي …سامحيني أرجوكِ، لقد كنت أفعل ذلك لأجلنا، لأجل أن نرحل عن هنا ونعيش بعيدًا في أمان، بعيدًا عن الخطر والخوف …بعيدًا عن رجل تخلى عنا، كنت أعد نفسي لأنتظركِ حتى تصبحي أنضج تخيلتكِ في مثل طولي تجاوريني في كل مكان وتشاركيني كل تفاصيلي وتعوضينيى عن الوحدة الطويلة التي عشتها قبلكِ "
دفنت سيادة وجهها في السرير أسفل قدم ابنتها التي قبلته مرارا تبكي وهي تقول " لا تتركيني ماسة في تلك الحياة وحدي، لا تتخلي عني كما فعل كل من تمنيتهم ألا يفعلوا، تمسكي بي أكثر واغفرلي لي يا صغيرتي فليتني كنت أنا وليتكِ كنتي بخير "
اقتربت منها الممرضة تقول
" كفى يا سيدتي، أعطني يدك دعيني أساعدك علي الوقوف "
قالت سيادة وهي تحاول الوقوف متحاملة على ذراعيها اللذين ارتجفا " هل يمكنني أن أضمها لحظة، لحظة واحدة لن أطيل أقسم لكِ "
قالت الممرضة بشفقة لحالها
" للأسف سيدتي هذا ممنوع، لكن ربما حين يمر الطبيب عليها وينزع عنها بعض الأجهزة يصبح الأمر أيسر، أنتِ فقط إدعي لها "
التفتت سيادة لها بلهفة وسألتها
" هل سوف ينزع عنها الطبيب الأجهزة، هل حالتها في تحسن "
نظرت الممرضة لزميلتها لا تعرف بما تجيب لكن لهفة الأمر التي تتحدث بها سيادة جعلت إنسانيتها تتحدث بدلًا عنها لذلك اقتربت منها تساعدها على الوقوف وهي تقول لها
" ابنتك ستصبح بخير وستعود إلى حضنكِ قريبًا لكن أكثري لها من الدعاء والصدقات، داوو مرضاكم بالصدقات، لا تنسي ذلك "
استندت سيادة عليها حتى وقفت وقالت " سأفعل ..سأفعل، بشرك الله بالخير، وسأحضر لكِ حلاوة شفائها أنتِ وكل العاملين بالمشفى بإذن الله "
نظرت الممرضة الأخرى لزميلتها بغضب فهي تعطي سيادة أمل وتطمئنها وهي تعلم أن حالة الطفلة غير مستقرة لكن زميلتها بادلتها النظرة بأخرى تخبرها بمدى تعاطفها ثم التفتت لسيادة التي انحنت تقبل ماسة وتشمها بعمق وهي تقول
" أنتِ أغلى لدى من حياتي، أنتِ الحياة التي فقدتها بالماضي ووجدتها لذلك لا تجعليني أمر بغصة فراقك مجددًا "
قبلتها سيادة قبلة أخيرة ثم ابتعدت تتحرك مع الممرضة خارج الغرفة بينما بقيت الممرضة الأخرى لتباشر جرعات العلاج الخاصة بماسة.

༺༻

تحركت سيادة ببطء تراقب الغرف المغلقة التي تمر عليها لتقول لها الممرضة
" قلبي معك …سمعت أن والد الفتاة هو الموجود بتلك الغرفة، ألهمك الله الصبر على مصابهما "
توقفت أقدام سيادة أمام غرفة مؤيد تنظر للباب بلوم وحزن شديدين وهي تقول
" ليتني بقيت أهواك سرًا لعل كنت بالكتمان في صدري تدوم "
نظرت لها الممرضة بعدم فهم وقالت لها
" أتريدين رؤيته "
التفتت لها سيادة بعيون باكية
تتأملها بشرود وعقلها مغيب في إيجاد إجابة لسؤالها، فهل حقًا تريد رؤيته، لتسكن كل آناتها ويرتفع صوت قلبها عاليًا كأنه يطالبها بما تأباه كرامتها عساها في لحظات ضعفها تلك أن تلين وتستجيب وهي كانت أضعف من أن تجادل لذلك هزت رأسها بموافقة اختلطت برجاء انتفاضة نبضها لتقول الممرضة
" حسنًا ولكن بسرعة سيدتي فالأوامر التي جاءت لي كانت بزيارتكِ للصغيرة فقط "
هزت سيادة رأسها بطاعة فتحركت الممرضة تفتح لها الباب لتتقدم سيادة بينما قالت الممرضة
" سأقف بالخارج لكي وانتظرك، أسرعي فالمشرفين على وشك المرور " لم تجبها سيادة فقد كانت متجمدة أمامه، تراه ساكنًا شاحب الوجه حزين ومغلق العينين كأنه لا يريد رؤيتها، اقتربت أكثر وأكثر حتى توقفت بجواره تمامًا تنظر إلى وجهه بعيون بلغ منها الشوق مبلغه، عيون تبكي منه وعليه وهي تقول له
" حتى في اللحظات التي تناسيت بها أن تحبني كنت أنا بعيدًا عنك أحبك وأغرم بك دون توقف، ما أمرّك في قلبي وما أحلاك "
أغمضت سيادة عينيها وهي تقول بقهر " ليتك حين دفعتني لأغادر غادرتني، لقد كنت بداخلي حملًا أحمله كما أحمل صغيرتي التي خرجت للنور وبقي هو بداخلي يستوطنني "
ارتجفت سيادة لكنها كانت رجفة مشاعر خالصة دفعتها لتحتضن نفسها بقوة وهي تعود بذاكرتها إلى ذلك اليوم الفاصل بينهما حيث كانت تجلس على مكتبها غارقة في التفكير في حالته الغريبة منذ أيام، متوترة ساقيها يلتفان حول بعضهما وكفها البارد يتمسك بسماعة الهاتف بتحفز تنتظر استدعائه من أجل الملفات الموضوعة أمامها منذ ساعات والتي تعلم أنه يحتاج إليها ورغم ذلك لم يفعل، كلها ينتفض وجلًا من برود عينيه الذي يرمقها به وصمته الذي بات اللغة الوحيدة بينهما وحين بات الأمر لا يحتمل انتفضت واقفة بإصرار وحملت الملفات وتقدمت تطرق باب مكتبه وحين سمعته يقول
" ادخل "
فتحت الباب وولجت إليه وهي تقول
" الملفات لدي منذ ساعات و…. صمتت تراقبه بتوتر فهو حتى لم يرفع وجهه إليها، فعمّ الصمت جابرًا إياه ليرفع وجهه ويسألها بتجهم
" وماذا "
اقتربت تضع الملفات على مكتبه وقالت " وفكرت أنك تحتاج إليها "
عاد بنظره إلى الورقة أمامه وهو يقول لها
" شكرًا لكِ "
هكذا لا شيء أخر، شكر مقتضب وصمت يقابله مشاعر ثائرة وحيرة ونار، تحركت سيادة تجاه الباب بضع خطوات قبل أن تتوقف والتفت إليه وتسأله باندفاع
" هل يمكنك إخباري ما بكَ، لماذا تعاملني هكذا "
رفع مؤيد وجهه إليها وبدى كأنه يستغفر بهمس قبل أن يقول لها
" اجلسي سيادة "
اقتربت تجلس على المقعد المقابل له تراقبه بترقب وهو يمسح وجهه بعنف، بدى كأنه يصارع ذاته ليتكلم وهي انتظرته ليحسم صراعه ويقول
" سيادة هل تتزوجيني"
انحبست أنفاسها من قوة الصدمة وقلبها المتقافز قفز من صدرها يدور في براح الغرفة من حولهما من هول انفعاله ولسانها عقد تمامًا وعيناها امتلأت بدموع السعادة لأول مرة بعمرها فهزت رأسها بانفعال شديد جعله يتنهد براحة كبيرة كأنه كان يخشى ردها، وقف مؤيد ودار حول مكتبه حتى جلس علي المقعد المقابل لها وقال لها
" هل ترضي بي بكل ظروفي "
قالت بسعادة غامرة
" أقبل "
قال مؤيد بضيق
" خذي وقتكِ وفكري سيادة فأنا لا أريد أن أظلمكِ، وافهمي ما سأقوله جيدا " قالت له بسعادة
" صدقني أنا لا أحتاج وقت للتفكير بأمر كهذا …
قاطعها مؤيد قائلًا
" بل تحتاجين لأن زواجنا لن يكون معلن سيادة "
بهتت سيادة وقالت له
" أتقصد زواج عرفي "
قال مؤيد بانفعال
" بالطبع لا، كيف أرضاها لكِ ولي، نحن ستتزوج على سنة الله ورسوله ولكنه سيكون زواج غير معلن، أنا لا أستطيع المغامرة بكِ وجعلكِ نقطة ضعف جديدة تضاف إلى جوار كنزي التي أقضي كل وقتي محاولًا حمايتها إما من عائلتي أو عائلة والدتها " اهتزت نظراتها بتوتر لحظي قبل أن تعود للابتسام وهي تقول
" أنا متفهمة لذلك ومادمت سأصبح زوجتك بشكل رسمي إعلان الأمر من عدمه شيء يخصك فأنت تعلم أني لا أملك من قد أهتم بإخباره، خذ وقتك وأعلن الأمر متى شئت "
نظر لها مؤيد وقال
" لا تتسرعي سيادة "
أجابته بسرعة
" لا أفعل مؤيد "
نظر لها مؤيد بعيون كان كل شيء فيها واضح وضوح الشمس، كانت عيناه تشي لها أنه متورط فيها مثلما تورطت فيه وأكثر ليقول لها
" أخر شيء سأقوله لكِ ليكن كل شيء بيننا واضحًا، سيادة إن كنتِ تخفين عني شيء بخصوص مشاكلكِ مع الشافعية أو غيرهم أخبريني، أنا لا أريد أن أشتري عداوتهم أكثر، أخبريني ودعيني أجد حلًا بدلًا من أن أتورط معهم في صراع جديد وكنزي وحدها من ستدفع الثمن "
كانت الكلمات تتدافع خلف شفتيها لكنها قمعتها قسرًا وقد أخدتها روعة طلبه للزواج منها على حين غره وجعلتها لا تريد في تلك اللحظة سوى اقتناص سعادتها مستبعدة تمامًا أن تكون السبب يومًا في إيذائه أو إيذاء كنزي التي لم تنس لها أو لحور أنهما من أنقذاها من جحيم صفوان الشافعي لذلك قالت له
" أنت تعرف عني كل شيء، تعرف أني يتيمة ليس لي أحد، وحيدة في هذه الحياة وأن وجودي في قصر الشافعية مجرد عمل صحفي انتهى بعملي في الشركة، الشافعية صفحة وانتهت "
قال لها مؤيد
" وأنا أصدقكِ، دعينا إذًا نتزوج اليوم " انتفضت سيادة تلتفت للخلف نافضة عنها غمار الذكرى حين شعرت بكف الممرضة يوضع على ظهرها وهي تقول
" سيدتي هذا يكفي أرجوكِ، تحركت سيادة نحو الخارج ولم تنس قبل أن يغلق الباب أن تلقي عليه نظرة أخيرة كما تفعل كلما رأته كأنها تختزن لنفسها لمحات منه وهي تشك أن كل لقاء بينهما هو الأخير.

༺༻

في نفس الوقت وبعيدًا عن هذا المركز الطبي كان رشيد يجلس في سيارته الفارهة والتي صفها بين مئات السيارات المتوقفة أمام كلية الطب البشري والتي أصبحت وجهته في كثير من الأوقات في الأونة الأخيرة، فقط يأتي إلى هنا ويظل ساكنًا يراقب الحياة التي تدور من حوله من خلف زجاج سيارته، يظل ساكنًا يراقب تلك التفاصيل التي لم يستطع أن يعيشها يومًا، يتأمل الصخب …الاندفاع …السعادة … وحتى زهوة الأحلام وطيش المشاعر ليختتم كل ذلك بها …تلك التي باتت مراقبتها تروقه، الطفولية التي كأنها تخشى أن تبارحها الطفولة فتتمسك بها قدر استطاعتها ومادام ذلك ممكنًا، يراقبها دون ملل حتى بات يحفظ ادق إختلاجاتها، خجولة كأنها مراهقة لم تنضج بعد، تتعثر خطاها كأنها طفلة سقطت في عالم الكبار، تتلفت يمينًا ويسارًا دون هوادة كأنها تبحث عن أحلامها الضائعة، حقيبة على ظهرها باتت تضع فيها كل ما هو مهم خشية إسقاطه وكيس بلاستيكي في يدها ممتليء بالتسالي، تبدو نهمة بالأكل رغم كونها ناعمة بجسد هش وكل هذا لا يقارن بضفائر شعرها المجدولة على جانبي رأسها بإتقان كأنها ذاهبة للروضة لا الجامعة أو بملابسها الفضفاضة التي تحمل كل الشخصيات الكرتونية الشهيرة، أحيانًا تبتسم دون سبب كأنها تذكرت شيء مبهج أو تفكر فيه شيء يسعدها، وأحيانًا تبدو شاردة كأن لديها من الهموم ما ليست بحمله وأحيانًا تبدو كأنها تعيش ولا تبالي بلحظة غير اللحظة الحالية، إنها شيقة لعينيه التي ترى تفاصيلها تتجدد مع كل مرة يراها بها …رودين،
تروقه كما اسمها فتح باب السيارة المقابل له جلست إلى جواره امرأة منتقبة وأغلقت الباب سريعًا ليقول رشيد وعيناه قد علقت برودين التي ظهرت في تلك اللحظة تخرج من بوابة الجامعة " مهاراتك في التخفي باتت غريبة " قالت له أثينات
" ليست أغرب من مهاراتك في قضاء وقتك هذه الأيام "
ارتفع طرف شفة رشيد بشبه ابتسامة وقال
" مازالت نظراتك ثاقبة إذًا "
قالت له بضيق
" بل مازال عقلي واعيًا لما يدور من حولي "
ضيق رشيد عينيه وعقد حاجبيه حين لمح شاب وسيم يعترض طريق رودين ويبتسم لها بلطف زاد من توترها فسقط كيسها البلاستيكي أرضًا لينحني الشاب ويجمعه من أجلها وهو يقول شيء لم يتبينه رشيد فالشاب كان يعطيه ظهره بعكس تلك الحمقاء التي كانت تضع يدها على جبهتها ترفع غرتها لأعلى وتهمس
" يا إلهي "
وتبدو على وشك فقد وعيها، قرأ رشيد شفتيها وقال لأثينات
" ليس كل فتياتكِ بوعيك "
قالت له أثينات بحزم
" ارفع عينيك عنها يا رشيد "
التفت رشيد لأثينات كأنه لا يبالي بما قالته وهو يقول
" عن من "
زغرته أثينات بعينيها وقالت
" دعني أخبرك بما لدي فهو المهم حاليًا، السيد يصفي رجاله والجميع بات يصارع ليثبت له أنه الأجدر "
ضيق رشيد عينيه وقال
" ماذا تقولين "
قالت له أثينات
" كما سمعت فهذا ما وصلني، الأمر أكبر مما كنت تظن، حسب ما فهمته أن فكرة الثأر عليك تنحيتها من حساباتك، ربما غازي من يريد الثأر منكم ليتقرب من السيد ويثبت له أنه أجدر رجاله من أتي برؤس السباع، الجميع لأجل أن يصبح رجل السيد سيفعلون أي شيء إنها حرب على وشك الاندلاع، حرب مرتبة …حرب ربما خطط لتوريطكم بها عمدًا …ربما السيد مازال يريدكم بعد كل ما حدث، ربما يريد أحدكم …أو عودتكم، فكر خارج الصندوق لتجد حلًا للأمر ولا تثق بمجريات الأمور فدومًا هناك خلف الحدث حدث "
توسعت أعين رشيد وهمس دون شعور منه
" يا إلهي "
قالت أثينات بقوة
" أنا أفي بجانبي من الاتفاق يا رشيد، وجانبك بات معروفًا فتياتي وحذيفة " التفت رشيد بعيون ثاقبة تجاه رودين التي كانت تفرك كفيها وهي تحرك قدم لها دليل على شدة ارتابكها ليسمع صوت باب السيارة يغلق بعدما غادرت أثينات فيضم قبضته بعنف وهو يلقي رأسه للخلف ويقول
" كم أنت أحمق يا رشيد ..أحمق ".

༺༻

أمام المركز الطبي توقف زكريا بسيارته والتفت إلى والدته الباكية يقول " أمي أرجوكِ توقفي عن البكاء، لقد ظننت ستفرحين أن الطبيب قد سمح لكِ برؤيته أخيرًا، كلما اشتد بكائكِ كلما انقبض قلبي "
قالت عاليا بصوت بحه البكاء
" رؤيته في حالته هذه ليست سهلة عليّ، بقدر ما أنا متلهفة لأراه بقدر ما قلبي موجوع من كوني سأراه في فراش مرضه ساكنًا بلا حول ولا قوه بعدما كان شعلة تطفيء أجيج كل ما حولها ولا تنطفيء "
التفت زكريا لسيدرا الجالسة بالمقعد الخلفي وقال لها
" بالله عليكِ تكلمي قولي أي شيء فأنا أعصابي ما عادت تحتمل "
تنفست سيدرا بعمق لكنها بدت منغلقة الملامح جامدة وهي تقول لأمها
" عاليا توقفي عن البكاء فهذا يعد فأل سيء والرسول صلى الله عليه وسلم قال ولا تتطايروا، عليكِ أن تتماسكي وتتأملي خيرًا وتظني بالله خيرًا "
قالت عاليا وهي تمسح دموعها
" أنا فقط حزينة على مصاب أخيكِ لكن يعلم الله أني ما تزعزع إيماني أو ظني به"
قال زكريا دعونا ننزل إذًا لأني أظن الزيارة بمواعيد
" ترجلت سيدرا من السيارة وتحركت تفتح باب والدتها وتساعدها على النزول فيما تقدمهم زكريا نحو المدخل الرئيسي للمركز الطبي ومنه إلى المصعد حتى وصلوا طابق العناية المركزة.
༺༻

بعد قليل كانت سيدرا تقف أمام باب غرف العناية المركزة ترتكن برأسها إلى الحائط بعدما دخلت والدتها لرؤية أخيها وذهب زكريا ليستدعي الطبيب المسؤول عن حالته لكي يطمئنهم عليه، كانت ثابتة بعيون تحجرت بها الدموع وقد سمعت مكالمة سلطان إلى والدها والذي يطلب فيها معرفة ثمن طقم الذهب الذي قدمه شاهين لسارة في اليوم الذي ذهب فيه يطلب يدها، كانت لأول مرة منذ ما حدث خلال الثلاثة أيام الماضية من أهوال تلتفت إلى ما تعانيه سارة، فلثلاثة أيام كان هناك أشياء كثيرة تمر عليها الشافعية ..بيان ..علي …كنزي …حالة شاهين …وضع مؤيد، لكن سارة لم يكن لديها لحظة لتفكر بقسوة ما مرت به وتعرضت له، هزت سيدرا رأسها بغضب شديد ليأتيها صوت من خلفها يتساءل
" لماذا تقفين هكذا "
التفتت سيدرا إلى آصف الذي رمقها بنظرة متفحصة ثم سألها
" أأنتِ هنا بمفردك ِ"
قالت له سيدرا
" لا سيد آصف، والدتي بالداخل "
قال لها آصف
" هل ستدخلين لرؤية شاهين "
هزت رأسها وقالت بهدوء
" لا ليس اليوم "
نظر آصف لباب العناية وقال
" لمَ هل منعك الطبيب يمكنني ….
قاطعته سيدرا تقول
" شكرا لك، الطبيب لم يأت بعد لكني من لا أفضل زيارته اليوم "
ضيق آصف عينيه وقال لها
" أنتِ لا تبدين بخير "
نظرت له سيدرا نظرة شعرها نظرة فاصلة ما بين كلام يقال وآخر سيقال، نظرة كانت دافئة رغم جمودها…دفيء تسلل إلى صقيع أوتاره …دفيء حمله من مداره إلى مدارها رغم يقظته لما تقدم عليه، نظرة لم يستطع إلا أن يحتجزها خلف ثبات نظراته وهو يسمعها تقول
" سيد آصف هل غادر فعلا شاهين الحفل بكامل إرادته "
لم يأتها رده فورًا كأنه تمهل ليختار كلماته ثم قال
" ماذا قالوا لكِ "
قالت سيدرا
" قالوا أنه محال أن يفعل، أنهم ينتظرون عودته ليسمعوا منه ما حدث " سألها آصف
" هل أنتِ غاضبة من أخيك وهو في تلك الحالة "
قالت سيدرا
" غضبي منه أكبر دليل على أني لا أراه سوى بخير، وأني أفضل عودته على دخول تلك الغرفة ورثائه سيدي " رفع آصف ذقنه لأعلى وقال لها
" سيدرا هناك ما تقصدينه من تلك الرسمية المبالغ بها منكِ تجاهي، كوني واضحة كما عهدتك "
قال سيدرا بثبات
" والدي حدثني أنه رغم الظروف يجب أن أرتدي خاتمك فقد طالنا لغط الألسنة بعدما منع عقد قراننا مرتين وكل مرة بكارثة "
حرك آصف رأسه بعيون حذرة وهو يقول
" أمر الخاتم واللغط لا يعنياني، ارتديه إن شئتِ أو اخلعيه …الارتباط لا يعني لي حلقة مطلقًا "
قالت سيدرا
" ولا يعني لي ذلك أيضًا لكني كنت أتمنى أن تحلني من ذلك الارتباط " لأول مرة بعمره يدرك معنى سقوط القلب، ورغم ذلك وضع يديه في جيبه وسألها بثبات
" لمَ "
قالت له
" هلا عفيتني من سرد أسبابي، في النهاية الأمر بيننا لم يكن رسمي بأي شكل ويمكنك التعامل معه كأنه لم يكن "
قال آصف ببرود
" حقًا "
قالت سيدرا
" نعم سيدي، في الحقيقة أنا تفاجأت بكوني لست مستعدة للارتباط مطلقًا، ولأن الارتباط ليس أمر يحتمل عدم الجدية فأنا فضلت أن أنسحب، أعلم أن ربما انساحبي يعد غير مقبولًا بعدما أبديت قبولي لكني أعتذر عن ذلك، يمكنك اعتباري أختك الصغيرة وأخطأت وتحتاج منك أن تغفر لها " قال آصف بهدوء
" أختي الصغيرة … حسنا لا بأس " ارتخت أعصاب سيدرا المشدودة وهي تقول له
" شكرا لتفهمك، كان هذا لطفًا بالغًا منك "
قال لها آصف
" ليتك تدركين مقدار لطفي وتفهمي " قالت سيدرا بجمود
" أدركه سيدي وأشكرك عليه "
قال آصف. " لا شكر على واجب سيدرا، هذا واجبي تجاهك لكنك لم تخبريني بشيء واحد "
نظرت له سيدرا بتوتر وقالت
" ما هو "
قال لها آصف وهو يحرك عنقه بطريقته المعهوده
" لم تخبريني بالوقت الذي يلزمك لتبقين به أختي الصغيره "
ضيقت سيدرا عينيها وقالت
" ماذا "
قال لها آصف بما يشبه الصرامة
" أنا أسألكِ عن الوقت الذي تحتاجين إليه لتعبري نوبة الضغط التي تمرين بها، وأريد إجابة واضحة "
قالت سيدرا بانفعال مكتوم
" إجابة عن ماذا بالضبط "
نظر لها آصف نظرة تصلبت من هولها وهو يقول
" قد أتقبل منكِ كل شيء، إلا العبث سيدرا ….إلا العبث …هل تسمعيني " غار قلبها وهي تراه يقترب منها يحدثها وكأنها طفلة تحتاج إعادة تربية ثم يدير ظهره لها ويتحرك تجاه أحد المقاعد ويجلس عليه واضعًا ساق فوق ساق متجاهلًا وجودها تمامًا تاركًا إياها لترى جانبه الصارم وتصر على قرارها أكثر وأكثر، التفتت سيدرا على وقع أقدام يقترب فوجدته علِيّ يركض تجاه العناية بعدما سمح لها الطبيب بالزيارة، ليتوقف حين رآها فابتسمت له ابتسامة جاهدت لترسمها وهي تقول
" ستكون بخير "
ربت علِيّ على كتفها وهو يهز رأسه كأنه يقنع نفسه بما تقول ويمر تجاه غرف العناية لتعود سيدرا ترمق آصف بطرف عينيها ثم تتحرك وهي تقول
" أنا لست قبلًا لهذا "

༺༻

كان علِي يسابق الوقت والريح وظله على الأرض وهو يركض إلى طابق العناية الذي أخرجه منه مؤمن قسرًا فاضطر أن يرابط في استقبال المشفى ليومين بعدما رفض منحه غرفة ليبقى بها على أمل أن تفيق في أي لحظة ويراها، ليومين وهو تفصله شعره عن فقد تعقله واقتحام هذا المكان بغرض رؤيتها، ليومين وهو يترقب في كل لحظة هذه اللحظة وحين حانت وجد نفسه يركض كما المجنون على الدرج فلم ينتظر المصعد يعبر في ممرات ويفتح أبواب وتقطع أنفاسه وتعود حتى وجد نفسه واقفًا أمامها، الخطوات نحوها كانت قليلة لكنه رمقها بخشية وهو يشعرها تبعدها عنه لذلك لم يفكر لحظة وهو يبترها جميعًا حتى محاها تمامًا ووقف جوارها ملتصق بها بعزة لا يذلها سوى رؤيتها بهذا الشكل، كان كأنما يرى وجعه وقد تجسد في هيأتها الساكنة في فراش مقبض بشكل اعتصر صدره، سقطت دموع علِيّ وهو يقف أمامها محني الرأس بخزي أنه لم يكن هناك وهي تمر بكل ذلك، بكى بقوة ارتج لها جسده رجًا وأثار ما تعرضت إليه يحكي عن معاناة لا يستطيع عقله استيعابها، أو تستطيع رجولته إحتمالها، مال يقترب منها يرتكز بشفتيه على جبهتها وآهة مكتومة تخرج منه بوجع آنت له ضلوعه، ذراعه حاوط رأسها وضمها إليه بقوة ليرخي رأسه لتسكن في تجويف عنقها وهو يناديها
" كنزي "
صمت كأنه ينتظرها أن تجيبه ليقول لها
" أنا خائف …عودي لي أرجوكِ يا حبيبتي، أرجوكِ فأنا لن أحتمل أن أفقدكِ، عودي فخوفي معكِ يتلاشى وكلي ببعضك يتلاشي حتى يفقد الواقع منطقه في كوننا شخص واحد أم أكثر " رفع علِيّ وجهه ينظر إلى وجهها وهو يقول
" أنا بدونكِ أموت كنزي، عودي واقتصي مني على تقصيري كما شئتِ لكن وأنت ِتعلمي أني والله أشعر أنه لم تكتب لكِ النجاة إلا من أجلي فلو أصابكِ ضر ضاع علِيّ وضاع عقله وقلبه " انحنى يقبلها بوجع يشعر بشفتيه تحطان فوقها كأنما قلبه وضع فيهما وهو يقول " قومي كنزي ..أفيقي وأخبريني ما حدث لكِ …ماذا فعلتُ بكِ، كل الكلام الذي يقال لا أصدقه، أنا لا يمكن أن أؤذيكِ وأنت لي وطنًا لا يخون …" ابتعد قليلًا يمسك وجهها بين كفيه يتحسس كل إنش منه بإبهامه كما المحموم وهو يقول بحرقة
" تتخلي عني أنفاسي إن تخليت عنكِ …لا يكن هناك علِيّ مجددًا "
بكى وهو يحدثها كأنها تنظر إليه وتسمعه
" فأنتِ وأدق تفاصيلكِ ملكي ولن أدع بشر يمسك بكلمة، ولن أسامح نفسي مطلقًا على ما حدث لكِ، والله لن أسامح نفسي أبدًا، لكن اغفري لي أنتِ وكوني أرأف مني بحالي …فأنا أهلك وأنا أراكِ هكذا ….أهلك بدونكِ …أهلك بجهلي لما حدث، أنا متعب وأريدكِ …قفي على قدميك ودعينا نرحل من هنا، فهنا لم يعد لي أو لكِ مكان بينهم، هنا لا أحد سيتركنا لنكون سويًا "
انحنى ينام فوق صدرها ويتمسك بها كطفل يرتمي بحضن أمه ويقول
" إن كنتِ عازمة على الرحيل خذيني معكِ أو ابقِ معي، لا تفلتيني أرجوكِ …لا تؤلميني بكِ، كنزي أنا خائف " دخلت الممرضة تركض لترى هذا المشهد فتقول بصدمة
" يا سيد ماذا تفعل، ابتعد عن المريضة، أنت هكذا تؤذيها "
ابتعد علِيّ يمسح دموعه بسرعة كبيرة وكفه تنزلق لكف كنزي يمسكها بقوة وهو يستدير الممرضة ويسألها
" هل لم تفيق مطلقًا "
قالت الممرضة
" بل فعلت لكن الطبيب النفسي أكد ضرورة جعل الزيارات في وقت النوم لكي لا يتفاعل المريض مع الزائرين وتتأزم حالته، ومن فضلك عليك الخروج الآن لأن موعد الزيارة انتهى " التفت علِيّ إلى كنزي يشد على كفها كأنما حين يتركه سيكون كمن ينزع قلبه من بين أضلعه وانحنى إليها يقبل كفها بقوة وهو يهمس لها كأنها تسمعه
" أنا هنا حبيبتي، لن أغادر دونكِ، أفيقي فقط لأرى عينيك التي هي قدري "
ارتفع قليلًا يقبل جبهتها ثم بدأ يرتب شعرها بيده وردائها ويعدل وضع كفوفها قبل أن يخرج حلقة زواجهما والذي أعطاها له مؤمن فهي كانت بيدها عند وصولها ووضعها ببنصر يدها اليسار وهو يقول راجيًا بهمس
" عودي لي …ابقي معي "
ثم يغمض عينيه ويتفس بعمق شديد قبل أن يستدير مغادرًا فلم يلمح الدمعة الخفية التي تسللت من طرف عينيها لتفترش غطاء الوسادة الابيض.
༺༻

يا باترة النظرات لقد غرست في قلبي كما الوتد،
لقد أصبحت بلية روحي وقيد نبضي المعقود إلى الأبد،
فإذا سقطت عيناي في مدار عينيك تمزقت كأنني جسد تناثر في جسد،
وإذا خطوت إليكِ تسلبيني قوتي لأنهار أمامكِ كما المقيد بمسد، وتحيلين فكري إلى نوبات جنون وهياج طاغية بلا عدد،
كم تجيدين إرباكي يا إمرأة لست أملك في قتال مشاعري أمامها عون أو مدد، كم تجيدين التلاعب بمناخ مشاعر لتجعليه منشق ما بين برق ورعد لهما جسدي يرتعد،
يا عنيدة حتى في انهزامكِ إن حق الزعامة في قلبي أضحى لحكمك مستعد، أضحى يعطيكي سلطة مطلقة لتتحكمي بكياني المستبد، يا سرشة سقطت في قبضت يدي لا تظني أن هناك مجال للرفض، فإما أن تكوني لي كما أريد وإما ليس هناك في الحكايا التي لم تروَ قبلا أو بعد.
༺༻

باليمن …

لم يكن واقع الحكايا يومًا كما أخبرونا في الكتب، لم تكن باللطف ذاته …بل هي لم تكن مطلقًا، فكل الحكايا التي نشأنا عليها محض كلام منمق وضعه شخص تأكد أن كل اللطف الذي بالعالم يومًا ما سيكون محض كلمات تأرخت في كتبه التي ربما يومًا ما لن تفتح، فأرض الواقع تملك حكايا أخرى، وحكايته إن لم تكن أسوأها فهي أقتمها بالتأكيد، حكاية بطفولة سلبته أمانه وفطرته، وبمراهقته سلحته بالتمرد والعنف والدموية، وبشبابه جذبته بعنف نحو السادية والشهوة، عمر طويل قضاه بهذه الحياة يقاتل لينجو حتى استسلم بعد عناء فغرق في قعر عالم سفلي مخيف، عمر بدايته كانت مظلمة وامتد الظلام معه علي طول المدى ثم توغل إلى داخله واستفحل حتى قابلها، فكانت كما ضوء الشمعة المهتز حين يحارب سواد الليل الحالك بضوئه، كانت تريد أن تضيء له طريقه لكي لا تضل خطاه أكثر لكنها دون أن تدري أشعلت بلهيبها النقي رماد الماضي الذي ظنه تطاير بلا عودة، أججت ثأر لم يكن بالسابق قويًا ليأخذه لذلك فر هاربًا من كل شيء، من حقيقته …من ماضيه…من إيمانه الذي فقده في غمار تناسبه الذي لم ينسِه يومًا ما تعرض له وما حدث، توقفت سيارة الدفع الرباعي ومن خلفها أسطول من السيارات أمام منزل الشيخ غسان ليترجل منها فيلو الذي أرتدى قميص مفتوح فوق بنطاله الفاخر والذي لا يناسب مطلقًا المهمة التي كان يقوم بها وهو يضع سلاحه ما بين حزام بنطاله وظهره ويقول لسلام الذي ترجل من السيارة بدوره
" هل هو في انتظارنا "
قال له سلام وهو يعدل هندامه وعصابة رأسه
" نعم أنه بالداخل لكن عليك أن تفكر جيدًا قبل أن تدخل إليه بهيأتك هذه، الشيخ غسان لا يعجبه تحررك "
نظر فيلو حوله بأعين بها نظرة مستهينة بالعيون المصوبة إليه وقال
" أعلم "
ثم تحرك إلى إحدى السيارات وجذب طميم من تلابيبه بعنف يدفعه نحو المجلس الذي كان عامر بالرجال ويلقيه أرضًا بينهم وهو يقول
" ها هو ساحركم "
ظهر الهلع على وجه أغلب الرجال ليقول أحدهم
" نفذت ما تريده يا شيخ سفيان " قال الشيخ سفيان بغضب شديد
" وهل لك رأي آخر غير قمع الشر الذي تفشى بين القبائل، ألم أطلب منكم أن نتكاتف لنوقفه عند حده لكنكم من رفضتم "
قال له آخر
" رفضنا خوفًا من أن يسلط علينا خدامه يا شيخ، أنت لا تعرفه "
هدر الشيخ سفيان بهم
" لا حول ولا قوه الا بالله، هل فقدتم عقولكم ليرهبكم كيد ساحر، شيوخ ورجال أحرار يقفون برهبة أمام رجل كهذا، إنا لله وإنا إليه راجعون "
وقف ثالث وقال
" أنت لا تعلم ما هو بقادر على فعله يا شيخ، أنت أتيت بشيطان ملعون إلى عقر دارك وصدقني سترى عواقب ذلك قريبًا "
قال الشيخ سفيان بحدة
" ولا يفلح الساحر حيث أتى، هل تزعزع إيمانكم أمام شره "
قال جميع الجالسين في نفس واحد
" حاشا لله "
وبدأوا في تأييد ما حدث ليقف حرب وسط المجلس بضخامته وهيبته يرمق فيلو بطرف عينيه قبل أن يقول بصوته الجهوري
" الشيخ سفيان فعل ما توجب عليه فعله، ولسنا نحن من نخشى رجل تضحد شروره ببسم الله وتفنى بأعوذ بالله "
ارتفعت الأصوات من حوله يؤيدون حديثه ليعود ليرمق فيلو بطرف عينيه ويقترب منه ليسأله من بين أسنانه
" أين ملابسك "
قال فيلو ببرود
" لا أذكر أين خلعتها "
جائهما صوت الشيخ سفيان يقول " فاروق.. حرب أريدكما بالداخل "
ثم التفت إلى رجاله وقال
" خذوه حيث أمرتكم "
ونظر للجالسين وقال
" انتم أهل الدار وأصحابه، المعذرة منكم "
ارتفعت الاصوات ترد حديثه بأحسن منه وعيونهم ترمق فيلو بتفحص واستنكار وبمجرد أن عبروا من غرفة المجلس إلى الغرفة الجانبية بدأ الهمس عن ابن أخو الشيخ سفيان الذي ظهر من العدم، ظهر ليأخذ مكانه في المجالس ويضعه الشيخ على رأس رجاله ويساوي كفته بكفة حرب الذي كان الجميع يعلم أنه سيكون خليفة أبيه.
༺༻
دخل الشيخ سفيان الغرفة ومن خلفه حرب وفيلو ليجلس على أريكة منخفضة وهو يقول لفيلو " هل أنت بخير "
تجمدت أعين فيلو للحظات وهم بأن يقول شيئًا لكنه تراجع في آخر لحظة وهو يقول باقتضاب
" بخير "
سأله مجددًا
" هل برأت جروحك "
أجابه فيلو ببرود
" لا أعلم فأنا لا أهتم "
زغر حرب فيلو وقال له بحدة
" لا تهتم بماذا ؟ أليس هذا جسدك والألم ألمك "
ابتسم فيلو وقال
" نعم لكني اعتدت الأمر، أحيانًا أفعله برضايا وأحيانًا يحدث غصبًا عني كما شاهدت " توسعت أعين حرب من وقاحته وقال
" توقف عن أسلوبك هذا "
حرك فيلو رأسه بحركة مغيظة وقال له
" أنه المتاح الآن "
تدخل سفيان يقول بحزم شديد
" ما مررت به انتهى وقد أنقذك أخواك "
أغمض فيلو عينيه ولمحات مما حدث تمر بخاطره ليتصلب جسده وتنتفخ أوداجه وتشتد قبضته لينتفض حين وضع حرب يده على كتفه كأنه ينتشله من ظلمته وهو يقول
" هل فكرت بما حدثك والدي به "
كأنما جذبه من قعر بئر سحيقة وأعاد وضعه داخل تلك الغرفة ليسأل بتجهم
" ماذا تقصد "
قال الشيخ سفيان
" أقصد زواجك من أحد بنات عمومتك يا ابني، أنت لست صغير وتحتاج لتستقر بيننا وتأخذ مكانك وتستعيد مكانتك وهذا لن يحدث إلا وجوارك إمرأة تعينك على ذلك "
قال فيلو
" أنا متزوج بالفعل "
قال حرب بانفعال
" زوجتك هذه لم تكن سكننا لك لم توقفك عما فعلت، وأنت لم تفكر بها مطلقًا حين بدأت السعي خلف رجال إزهاق الأرواح لديهم أيسر ما يكون ثم بدأت القضاء عليهم واحدًا تلو الآخر حتى كدت أن تفقد روحك "
قال فيلو بجمود
" رغم كل ما تقوله أبقى متزوج وأحتاج أن أعيد زوجتي "
قال الشيخ سفيان
" يا ولدي الشرع أحل لك أربعة، تزوج منا ودعها على زمتك لن نمانع مادام هذا ما تريده "
قال له فيلو ببرود
" كيف أكسر بالشرع من أرشدتني إليه، هذا لن يحدث " انفعل الشيخ سفيان وقال
" زوجتك هذه حسب علمي خلفها كوارث لا أريدك أن تتورط بها " قال له فيلو
" لا أحد منا خالي من الكوارث، وكوارثها أنا ملزم بحلها، ولا أطلب عونًا منكم في ذلك "
قال حرب بحدة
" إذا أنت لن تغير رأيك وتعود عما برأسك "
قال فيلو بغروره المعهود
" هل عهدتني مترددًا "
قال حرب
" ليتك كنت قبل أن تفعل بنفسك ما فعلت "
تصلب جسد فيلو ونظر لحرب بتحدي قطعه الشيخ سفيان وهو يقول
" ربما يكمن الخير فالشر، فلولا ما حدث لم يكن ليعود بعد كل تلك السنوات، لم يكن ليسلم لكوننا أهله وكونه منا وبيننا مكانه "
قال حرب
" أنت هكذا تشجعه على ما ينويه يا شيخ سفيان "
قال الشيخ سفيان
" هذا ما كنت لأفعله معك، مادام يراها خير زوجة له وتستحق قتاله من أجلها، له مني المال والرجال والعون حتى يعود بها وحينها لكل حادث حديث "
نظر سفيان لحرب بنظرة ذات مغزى جعلته يلتفت لفيلو ويسأله
" ما الذي تنتويه "
قال له فيلو بهدوء
" لا شيء سوى أني سأمارس هواية قديمة، هل تريد مشاركتي"
نظر له حرب بحذر وقال
" لدي رجال بالمجلس "
قال فيلو
" إذًا عد إلى مجلسك ولا تفكر بما أفعله "
نظر حرب لوالده الذي هز له رأسه مهادنًا وهو يقول لفيلو
" هذه أخر مرة أراك في مجلس الرجال بهذا الشكل، مظهرك هذا لا يناسب سوى غرفة النوم " ارتفع طرف شفة فيلو ورمق الشيخ بنظرة مفادها ليتك تعلم قبل أن يقول
" في النهاية مجلس الرجال لا يروق لي لذلك قد لا تراني به مطلقًا"
هز حرب رأسه بانفعال مكبوت فتحرك فيلو نحو الباب بينما أشار سفيان لحرب أن يقترب منه وقال " نفذ ما أمرتك به "
قال حرب بحدة وخفوت
" لن أفعل يا شيخ، سامحني ولكن ما تطلبه صعب "
قال الشيخ سفيان
" هداك الله يا حرب، اعتبرها الرؤية الشرعية، ربما يلين عما برأسه ويتراجع "
قال حرب
" هو لن يلين ولن يتراجع يا شيخ، أنت تدري لما طميم هنا أليس كذلك "
قال الشيخ سفيان بحدة
" لا تجادلني، نحن هنا نجمع شتات أنفسنا وكل شيء مباح "
تجهمت ملامح حرب ليقول الشيخ سفيان بصوت مرتفع
" فاروق، لا تعبر من مجلس الرجال مجددا بمظهرك هذا حرب سيقودك من الباب الداخلي، رفع فيلو حاجبه باستغراب قبل أن يرفع يديه في حركة بدت إستعراضية فانجذب أطراف قميصه المفتوح ليكشفوا عن صدره العضلي المشدود فالتفت حرب إلى أبيه الذي بدت عينيه شديدة التصميم ليتحرك حرب يدك الأرض دكًا يقود فيلو إلى الخارج مرورًا بالبهو الرئيسي للمنزل والذي من الوارد أن يكون به بعض النساء.
༺༻
عبر فيلو نحو الباب الخارجي خلف حرب الذي كان في حالة نزاع داخلي ما بين التمرد على أمر أبيه والرضوخ له، فكرة أن يعرض السلسبيلة على رجل لهي قاتلة، مهما كان منفتح ومتحرر من ضيق الأفق الذي أحيانًا يمنعهم من فعل أشياء لا تخالف الشرع، تنفس حرب بإنفعال واضح لاحظه فيلو لكنه لم يعره انتباه فقد كان شاردا في عالمه الخاص، ليقف حرب وقدماه تتجمدان رضوخا لأمر والده فقال له فيلو
" لما توقفت، ما الأمر "
التفت حرب ينظر إليه ثم قال بانفعال
" لا شيء، لا شيء "
تحرك حرب يشير له على الغرفة التي بها طميم وقال
" القذر الذي أحضرته في الملحق الفارغ، أفعل به ما شئت لكن لا ترحل دون إخباري، سأرسل سلام ليرافقك "
قال له فيلو
" لا داعي أنا فقد أريد ….
صمت فيلو وهو يتفقد المكان من حوله ليسأله حرب بضيق
" ماذا تريد بالضبط "
أجابه فيلو بهدوء كأنه يطلب شيء بسيط
" أريد سوط، أين أجد أسواط الخيل "
نظر له حرب قليلًا قبل أن يقول " من حسن الحظ أن جميع الاسواط وكل ما يخص الخيل في ذلك الملحق "
قال فيلو بهدوء وهو يتحرك
" هذا رائع "
تقدم فيلو فيما وقف حرب يراقبه وهو يبتعد والأفكار تتقاذفه والهمس الذي انتشر كالنار في الهشيم يصل أذنيه حتى من الأطفال الذين كانوا يلعبون بالباحة الخارجية وعند مرور فيلو توقفوا ليراقبوه وهما يرددون ما يسمعوه من الكبار، أما فيلو فبمجرد أن عبر إلى الملحق أسقط قناع هدوئه عن وجهه، فتحولت ملامحه لأخرى مخيفة كأنه تحول لشخص آخر، أغلق الباب خلفه واقترب من الاسواط وظل يختار بتأني السوط المناسب قبل أن يطلق في الهواء فيصدر عنه صوت توسعت له أعين طميم الذي قال له فيلو
" أتدري ما هذا ؟؟ أنه سوط، مهما حكيت لك لن تتصور كم أنا متشوق لاستخدامه لذلك إما أن تمنح نفسك السلام وتتحدث دون أن ترى جانبي المظلم أو ستكون منحتني فرصة لأنطلق بعد شهور من الانقطاع قد طالت "
قال له طميم بجمود
" أطلق سراحي و إلا سأؤذيك أنت ومن معك "
قال له فيلو
" وكيف ستفعل، هل من خلال شياطينك …يا مرحبا بهم فأنا وهم أصدقاء منذ زمن "
نظر له طميم بجمود وقال له
" ماذا تريد مني بالضبط "
رفع فيلو السوط وأرخاه في الهواء مجددا وهو يقول بغضب
" أريد الكثير وسأخذه ووحدك من ستحدد الطريقة التي ستعطني بها ما أريد "
نظر طميم في تلك اللحظة إلي أعين فيلو التي كانت كتلة من العذاب، كانت سجن ذو قضبان وهناك إمرأة تقف خلفها، إمرأة جعلته قادر على القتل دون أن يرف له جفن في سبيل إيجادها.

༺༻

بالقاهرة ….

أمام أحد أكبر مستشفيات العاصمة كانت سيارة أجرة تتوقف وتترجل منها كيان تنظر للمكان برهبة خالصة، رهبة لا تخص المكان ولكن تخص رجل موجود بين جدرانه، رجل تحمل له في صدرها من الحب والخوف ما يعادل جبالًا شامخة، رجل بقدر ما آلمها عامدًا بقدر ما ألمته دون أن تتعمد فعل ذلك، وبقدر ما تهرب منه دون توقف بقدر ما تشتاق إليه، رجل جعل من أحلامها ومشاعرها عملية معقدة صعب أن تحل على يديه، رجل أجبرها على اللجوء لغيره علها تجد في تلك الحياة بعض السلام، تقدمت كيان بخطوات مترددة نحو الاستقبال تنفذ تعليمات يهدين التي لجأت إليها حين استبد بها القلق وتمكن منها الأرق وغار قلبها في صدرها آلما وقلقًا وخوفًا عليه وقالت
" مساء الخير"
ابتسمت لها فتاة الاستقبال وقالت
" مساء الخير سيدتي كيف أخدمكِ"
قالت كيان بخفوت
" أتيت لزيارة مريض الغرفة مئة وسبعة "
نظرت العاملة لشاشة الحاسوب وقالت
" لدي خبر بزيارتكِ، ثواني سأحضر من يرافقكِ إليه "
فركت كيان كفيها بتوتر وهي تبتسم لها ابتسامة لملمتها سريعا قبل أن ترتعش علي شفتيها وظلت تتأمل المكان الفخم من حولها قبل أن تلمح ممرضة تقترب منها وتقول
" هلا رافقتني سيدتي "
قالت لها كيان بتوتر
" بالطبع "
وسارت خلفها نحو المصعد ومنه إلى طابق كانت الحركة به هادئة تماما لتقول الممرضة
" أنه موعد نومه، التعليمات التي لدي أنكِ ستلقين نظرة سريعة على المريض، من فضلكِ حاولي ألا تصدري صوت لكي لا يفطن لوجودكِ فهو نوعِا ما مخدر لكي يستطيع أن ينام، إن لديه أذن حساسة للغاية لذلك حاذري " نظرت كيان للباب الذي يقتربان منه وهي تقول بما يشبه الهمس
" أعلم أن عليّ الحذر "
اقتربت الممرضة تفتح لها الباب بهدوء وهي تشير لها نحو سرير محاط بالستائر الجلدية والتي بدت كعازل منيع، تقدمت كيان بخطوات مكتومة أشبه بالزحف…اقتربت بقلب وجل وعيون متلهفة حتى وقفت خلف الستارة تمامًا تنظر إليه فلم يتح لها الفرق البسيط بين الستائر سوى أن تشاهده بعين واحدة لكنها لم تبال وهي تتوه في ملامحه التي بدت في سكونها أروع من كل أحلامها، بدت هذه المرة الأولى التي تتمنى لو أنها تطول بينهما حتى تطبع صورته هذه في عمق ذاكرتها لعلها يومًا ما تحتاج إليها، بدت فكرة شعورها بالأمان جواره دافئة إلى حد رسم على شفتيها ابتسامة لا محل لها من الإعراب بينما طفرت من عينيها دمعة وقد تألم قلبها لحاله، بدت في تلك اللحظة كأنها تتجول في تفاصيله بحرية لم يمنحها إياها يوم، كانت وجلة حزينة ..متلهفة …وهادئة، كانت خليط من انفعالات محال أن تجتمع لتسمع صوته يقول
" بدلا من مراقبتي هكذا، اقتربي وعانقيني، فأنا لست بخير " انكتمت أنفاس كيان وارتبكت لدرجة جعلتها تشك فيما سمعته ليعود صوته ليرتفع هذه المرة وهو يقول
" اقتربي كيان "
فلت عقال نبضها ولم تتجرأ على النبث ببنت شفة ليقول لها
" العلاج الذي تناولته يجعلني غير قادر على التوازن لذلك لن أستطيع الاقتراب منكِ، أنا هاديء تمامًا وأريد النظر إلى وجهكِ فقط "
صوته الثقيل، نبرة الغضب المؤودة في كلماته جعلتها تأخذ نفس عميق قبل أن تتحرك بتردد نحوه لتظهر لعينيه التي اشتاقتها إلى حد لا وصف له، نظر لها فياض وقال
" أتيتِ إليّ بقدميك، قطعتِ كل تلك المسافات لأجلي، ليتني أستطيع أن أقف على قدمي الأن لأمحي باقي المسافة وألتحم بكِ " قالت كيان بصوت متوتر محاولة أن تنهي عن الاسترسال
" فياض "
قال لها فياض وهو يتأملها بعيون تفجرت بها براكين الاشتياق وأسالت حممها
" يومًا ما سأفتك بكِ في عناق أخرج به كل غضبي منكِ، عناق أنهيه بقبلة قد تطول لنهاية العمر …أتدرين أني حين كنت على وشك الموت أغمضت عيني وأنا أتخيل أني بين يديكِ "
قالت كيان بحزن
" فياض لا تنهك نفسك بالحديث أرجوك "
قال فياض
" هذا ليس حديثي أنه همس مشاعري، تخيلي أني كنت سأموت ولن أراكِ مجددا، كان قلبي سيتوقف عن جنونه نحوكِ، كنت سأصبح ماضيًا بالنسبة لكِ " اقتربت كيان تقول بلهفة
" لا تقل هذا الكلام أنت بخير وستقف على قدميك قريبًا صدقني "
قال فياض بهدوء
" سأفعل حبيبتي، وحينها سأقتل ذلك الذي تجرأ على الاقتراب منكِ …أنا الآن أفكر في طريقه مبتكرة لقتله طريقة لم يمت بها بشر من قبل "
قالت له كيان
" فياض كفى "
نزلت عين فياض إلى خاتم الزواج الذي يزين اصبعها وطفرت الدموع من عينيه وهو يقول
" وسأقطع لكِ هذا الاصبع الذي اتسع لحلقة رجل غيري، أنا عائد وهذه المرة أملك أسباب لجعل عودتي أكثر دموية وجنونًا لكن الآن هلا عانقتني بقوة "
قالت له كيان
" لا أستطيع فياض "
قال لها بحزن
" تستحقين الموت مثله لكني أحبك، قلبي الذي مزقته بيديكِ مرارًا وتكرارًا لا يمل من أن يغفر لكِ "
هزت كيان رأسها وهي تسحب المقعد وتجلس بجواره وقد تيقنت أنه غير قادر على الحركة وقالت
" قلبك هذا سيقطع اصبعي، قلبك هذا يخيفني "
عاد فياض ينظر إلى اصبعها وهو يقول
" ما حاجتكِ إليه وأنا أملك عشرة جميعهم سأمنحهم لكِ "
قالت كيان وهي تهز رأسها لا تصدق تفاصيل الحديث الذي يدور هنا
" حتى لو منحتني مئة أصبع، سأتمسك بإصبعي يا فياض "
قال لها وهو ينظر إلى وجهها كأنه شمس عالمه التي أشرقت بعد غياب
" ديمًا تتمسكين بما يؤلمني، لا تيأسين من معاندتي ….لا تملين من إثارة غضبي ….لا تتراجعين عن إخراج شياطيني ….ماذا بعد زيديني "
اتسعت ابتسامة كيان وقالت
" دومًا تتحامل عليّ، بربك فياض قل لي من الذي لا ييأس من معاناة الآخر وإثارة غضبه ولا يتراجع مهما حدث، لقد أطلقت علي الرصاص وبقيت متحامل عليّ كأنك لم تفعل شيء ، أي منطق هذا "
قال لها فياض
" منطق قلبي الذي أرادكِ له منذ سنوات، أرادكِ ليسكن إلى دفئ أضلعك فألقيتيه إلى سقيع الوحدة، أنتِ أفقدتني كل المتبقي من عقلي دفعة واحدة، أفقدتني ذاتي وأنتِ تجبريني على ترككِ خلفي والرحيل، أنتِ ألمتني بكل الطرق الممكنة والغير ممكنة في وجودكِ وغيابكِ، من منا المتحامل الآن على الاخر "
قالت له كيان بقلب ينتفض
" أنا لم أقصد فعل ذلك بك، أنا فقط أخاف منك كثيرًا "
قال فياض وعيناه قد بدأت في التثاقل
" وأنا لست نادم على ذلك، فأنتِ تحمليني داخلك في صورة وحش يفزعك أفضل من ألا يكون لي مكانًا بكِ مطلقًا "
قالت كيان ببكاء
" منطقك مخيف مثلك "
رمقها بنظرة كانت كما الفخ الذي بات يسحبها إليه شيئا فشيء هي ومشاعرها المضطربة وهو يقول
" الخوف شعور …والحب شعور، جربي أن تبدلي ما بينهما يومًا لعلكِ تفهمي أني لست مجنون لكني متيم "
قطعت كلماته أنفاس كيان التي وضعت يدها على قلبه الذي انفعل نبضه وسألته بخفوت شديد
" هل ستنام "
قال لها بصوت واهن
" أنا في أحلامي عالق معكِ، هناك أكون لكِ قلبا وفكرا وروحا لكني لم أعد أكتفي بأحلامي، عانقيني كيان "
ارتفعت يدها تمسك يده وهي تقول
" لا أستطيع ، لكن تذكر دومًا أني لم أكرهك يومًا رغم كل ما فعلت يا فياض "
نظر فياض ليده وتمنى لو أنه يستطيع غلقها بقوة على كفها لكن المهديء القوي الذي يتناوله يجعل كافة أعصابه ترتخي لذلك قال لها
" أنتِ ستكونين لي ولو كان بعدها الموت مصيري ونهايتي " بكت كيان وهي تهمس له
" ارتاح يا فياض …ارتاح ودع عنك كل ما يتعبك "
نظر لها وهمس بضعف
" عانقيني "
كان يترجاها بحرقة جعلتها تشد على يده وهي تنتفض واقفة لتلقي عليه نظرة أخيرة ثم تترك يده بلطف وتطلق ساقيها للريح تفر وتفر من فكرة عناقة التي وجدتها دون مقدمات تسيطرعليها، حالة من التلبد الخارجي أصابتها بعكس تضارب المشاعر المحتد في صدرها بطريقة لم تعهدها مطلقًا، استقلت كيان سيارة أجرة ووصلت إلى الxxxx وترجلت منها تنقد السائق حقه لتتجمد ويسقط قلبها من بين أضلعها وهي تسمع صوت يسألها بصرامة
" أين كنتِ "
༺༻
في نفس الوقت وبعيدًا جدًا داخل الغرفة المظلمة كانت بتول تجلس أمام شعاع النور الوحيد الذي يتسلل إليها وتحرك وجهها أسفل منه لكي تشعر بدفيء الشمس التي لا تعلم متى ستراها مجددًا، صوت خطوات تقترب من الغرفة جعلها تسرع لتنكمش بجوار الحائط وهي تقول بهمس
" والله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين "
كانت كأنها تسلم ذاتها لمعية الله وآمنه مدركة أنها محال أن تكون آمنة هنا مهما حدث، لحظات وفتح الباب ورأت غازي يدخل منه ولكن هذه المرة لم يغلق الباب بل ترك الضوء ليغمر الغرفة وهو ينحني نحوها ويقول
" كيف حالك اليوم "
لم تجبه بتول التي بات الضوء يؤذي عينيها فقال لها
" لقد أحضرت لكِ هدية، أنا واثق أنها ستعجبكِ، ما رأيكِ أن تتفقديها"
أخرج غازي من جيب جلبابه علبة ملفوفة بإتقان وقال لها
" لقد زينت العلبة من أجلكِ " أشاحت بتول بوجهها فأمسك فكها يعيده إلى مواجهته وهو يقول آمرًا بعنف
" افتحي هديتكِ يا مريم "
قالت بتول
" أنا لا أريد منك شيئًا، اتركني " قال لها غازي بلطف
" سأفعل ولكن تفقدي هديتكِ أولًا "
ترك غازي فكها فنظرت بتول للهدية ليقول لها
" أرجوكِ "
انكمشت بتول فدفع غازي العلبة نحوها وهو يقول
" لن أغادر حتى تفتحيها " ارتجفت بتول بعنف من لمساته التي يتحجج ليسرقها منها وأمسكت العلبة بانفعال تفضها لكي تتخلص منه، كانت كأنها تتشاجر مع العلبة لتتوسع عيناها بهلع وهي تتفاجأ بكف بشرية مخصبة بالدماء تسقط على ساقها فزحفت للخلف وهي تصرخ بجنون وتلتصق بالحائط خلفه وعيناها تتحرك ما بين الكف وبين غازي الذي قال
" هو تعدى علي ما يخصني، وهذا هو جزائه ط، سأتركها لكِ لتعلمي أني لن أتهاون فيما يخصكِ مطلقًا "
خرج غازي من الغرفة وأغلق الباب وترك بتول تصرخ بجنون من شدة الفزع وعلى بعد خطوات منها يوجد يد بشرية استطاعت أن تخمن هوية صاحبها.


انتهى الجزء الأول من الفصل الحادي والعشرين
قراءة ممتعة ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-12-22, 11:02 PM   #238

جيجي هاني

? العضوٌ??? » 380259
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 828
?  نُقآطِيْ » جيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond repute
افتراضي

مش عارفة اقول اية خلصت فيكى كل الكلام الفصل رووووووووووووووعة تحفة يسلم ايدك

جيجي هاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-12-22, 03:18 AM   #239

ميرا طه

? العضوٌ??? » 504601
?  التسِجيلٌ » Jul 2022
? مشَارَ?اتْي » 86
?  نُقآطِيْ » ميرا طه is on a distinguished road
افتراضي

السلسله روعه .. يسلموا🤩🤩🤩🤩🤩🤩

ميرا طه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-12-22, 10:39 PM   #240

سما إسماعيل

? العضوٌ??? » 504389
?  التسِجيلٌ » Jun 2022
? مشَارَ?اتْي » 33
?  نُقآطِيْ » سما إسماعيل is on a distinguished road
افتراضي

جميل يا شهيرة ..ربنا يوفقك 💐

سما إسماعيل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:14 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.