آخر 10 مشاركات
156 - الهروب من ليلة الزفاف - روايات ألحان (الكاتـب : MooNy87 - )           »          تحميل روايات جديده 2012 txt على جوالك موسوعه متكامله من الروايات (الكاتـب : MRAMY - )           »          شـقّ الـغَـمـام (الكاتـب : مدامع حزينة - )           »          أم العيال (1) سلسلة نداء صحوة *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : mooonat - )           »          7 - النبع الجاف - نبيل فاروق (الكاتـب : حنا - )           »          رواية وأنا مُذ عرفتُكِ والسرورُ يزورني كالغيمِ ظلّلَ خاطري وأقاما *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )           »          أترقّب هديلك (1) *مميزة ومكتملة* .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          عيناك كنهري أحزان(نزار قباني) (الكاتـب : الورد في الأكمام - )           »          إغواء البريئة (67) للكاتبة: جيني لوكاس .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          جرح الماضي (79) للكاتبة: جاكلين بيرد ...كاملة... (الكاتـب : *ايمي* - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1264Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-10-22, 07:45 PM   #131

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جيجي هاني مشاهدة المشاركة
تحفة كمية غموض رهيبة يسلم ايدك مبدعة كالعادة
اهلا حبيبتي منوراني ❤️
اتمنى الغموض يكون مشوق ليكي ومش مسبب ازعاج
تسلمي لكلامك الجميل كلك زوق ولطف ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-10-22, 07:47 PM   #132

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سناء يافي مشاهدة المشاركة
صباح الخير وين الفصل الجديد ما ظاهر عندي لو سمحتو شو السبب
https://www.rewity.com/forum/t487212-12.html
اتفضلي


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-10-22, 11:41 PM   #133

ندى الابراهيم
 
الصورة الرمزية ندى الابراهيم

? العضوٌ??? » 275510
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 492
?  نُقآطِيْ » ندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل رائع مع حبي للكاتبه

ندى الابراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-22, 01:32 AM   #134

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السابع عشر


يارجل في كلماته يسبح ضد التيار، متى حللت بكلماتك علي القلب أهلًا!
متى تراكم بداخلي كل حديث لك
حتى صار الأمر على نبضي جللًا.
ومتى رأيت فيك جوانب لا تُرى
كأنك قد توغلت في صدري أملًا
إني قاب قوسين أو أدنى من سقوطٍ.. تسارع له نفسي التي نهيتها عن ذلك عجلًا.
لا تبريء نفسك من أمري سيدي
فعيناك تُرسل لي من النظرات غزلًا،وتحاصرني أينما وليت وجهي بعيدًا عنك، وترجوني بصمتها الرزين المهيب مهلًا.
يا رجل أسمع انفعالاته وضجيج أنفاسه، جد لي في أمري وأمرك نهاية و حلًا
ضع النقاط على الحروف دون تردد.
وكفاك أن تكتم مشاعرك عني وجلًا
فإني في صمتي أعلنت عليك محبتي، ولكني عالقة ما بينك وبين الاعتراف خجلًا
بادرني أنت بخطوة تحمل الإقدام دون تحير.
ولا تجعل لنيران العشق ما بين أضلعنا هولًا
فما الحب سوى أن تبلغ في قلبي مقامًا، ما سبقك بشر إليه.
وتعتليه دون هوادة لتبقى مقيمًا أزلًا.
ثم ترسخ في جوانحي كشموخًا لا يشبهه شيء.
فكم إمرأة بكامل عقلها قد تتورط في غرام جبلًا.
كم إمرأة قد لا يهزمها ثقل الصمت ولا تزعزها
فورة الكلمات الجارفة عن الغرق في حب رجلًا.
يا سيدي أليس العشق على القلوب سلطانًا!
فما مبررك إذًا في كونك لا تجعل الأمر علينا سهلًا!
يارجل يستطيع أن يفني الكون بيد ويبنيه بالآخرى.
لا تقُل لي أن الحب في عرفك انهزامًا وقتلًا.
لا تخبرني أن الشدائد التي لا تتهاون أمامها، لديك أهون وأيسر وأبسط من محض قولًا
متى بربك سيكون لنا عن الإعراض بدلًا!
ومتى تأتيني طوعًا أو كرهًا مستسلمًا تلقي
لي عن أكتافك شاهقة العلو ثقلًا وحملًا.
وكم سيطول انتظاري وكم سأقف وحدي
وأنا لا أدرك لاعترافك أجلًا.
༺༻


يا سيدي هذا الفراق يختلف، فلأول مرة أشعر أن رحيلي منفى …
ولأول مرة يكن للوداع وقع مختلف.
ها قد حان الوقت وصرنا أنا وأنت على حد الشقاق نقف. وعيناك التي قيدت قلبًا كان حرًا واجمة وبالكثير تعترف.
ليتني أستطيع أن أبادلها الحديث…
ليتني أستطيع ألا أغض الطرف…
ليتني أملك أمري كله لأبادلها الشغف بالشغف.
أن أدنو دون منطق أو حذر وألا يجتاحني فيما بيننا شعور بالأسف.
أن أطلق العنان لهذياني الذي لم أجد رجل سواك يهتم به دون أن يراه محض سخف.
أن أكون بجوارك أنثى مجددًا أم أن ذلك الوصف في عمري سيكون دومًا مجرد خَرِف.
༺༻
لا شيء مطلقًا يشبه اللحظة التي حين تأتيك تجعلك تدرك أن كل القادم بعدها وكل ما ينتظرك سيكون كلوحة فارغة لا تَوقع لك أو تخمين عما سيخط بها، كأن تلك اللحظة أتت بضباب شديد يجعل عينيك لا ترى أبعد منه، تعجزك عن إدراك ماهية مصيرك لأن لا أحد يقف أمام نقطة تحول جذرية ويملك أية ضمانات، لا شيء مسموح لك في تلك اللحظة سوى أن تكون ذا يقين بالغ فإما أن تقدم وتغامر وإما أن تنسحب وتعود لتقف في صفوف الذين يعيشون بجوار الحائط، يتلمسون طريقهم من خلاله، يحتمون به غير مدركين أن حائطهم قابل للسقوط …أنه قابل لأن يكون مصدر الفزع لا الأمان، فبهذا العالم لا ثوابت قد نؤمن بها سوى شيء واحد …هو أن البقاء للأقوى عقلًا وروحًا وقلبًا.
༺༻
كان هذا ما تفكر شيراز به وهي تمسك القلم لتخط توقيعها داخل دفتر المأذون الذي قال لها بلطف " يا ابنتي خذي وقتكِ وفكري، كل شيء وله حل، والطلاق أبغض الحلال "
قالت له وهي تتنهد براحة شديدة بعدما رأت توقيعها يزيل قسيمة الطلاق
" يا شيخ لقد فكرت كثيرًا، ولا شيء بيني وبين بلال يلزمه حلول بالعكس أنا وهو على تفاهم تام لكن انتهى نصيبنا عند هذا الحد " قال المأذون وهو يرى بلال الذي التقط القلم ووضع توقيعه بعدما رفض أن يكون التوقيع الاول له لكي لا تشعر للحظة واحدة أنه قد سارع في أخذ خطوة في هذا الأمر وتظن أنه متلهف له، لأخر لحظة لا يريد محض ظن منها أن يجرحها
" لا حول ولا قوه الا بالله، لله الامر من قبل ومن بعد "
ثم وقف وقال
" اسمحا لي "
فوقف بلال يقول له
" السيارة تنتظرك بالخارج لتعيدك لمكتبك يا شيخ وسأمر عليك قريبًا باذن الله "
قال المأذون الذي لم تتوقف قدميه وقد كان متعجلًا لما لديه من مواعيد وارتباطات
" في انتظارك بإذن الله، السلام عليكم"
جلس بلال على المقعد بتعب يفرك جبهته وهو يقول
" كان يومًا طويلًا وأريد أن أرتاح …هيا شيراز اجمعي أشيائكِ لنرحل، سأنتظركِ لكن لا تتأخري "
نظرت له شيراز بصدمة وقالت " أرحل إلى أين "
رفع بلال وجه لها وضيق عينيه لا يعي مغزى سؤالها وقال
" ترحلين معي بالطبع "
قالت شيراز
" معك إلى أين بلال …ألم نتطلق للتو …كيف سأعود معك وبأي صفة "
وقف بلال يواجهها وهو يقول
" شيراز أنا متعب وغير قادر على إدارة هذا الحديث الآن، دعينا نرحل وغدًا سآتي إليكِ لنتحدث كيفما شئتِ فأنتِ ستبقين في منزلي وأنا ودينا سنبقى في منزل والدتي حتى أرتب الوضع وأحدد وقت للسفر، سأنتظرك بالسيارة ..أشعر أني أحتاج لإغلاق عيني قليلًا "
همّ بلال بالتحرك لتوقفه شيراز التي قالت
" بلال، أنا لا أريد مغادرة المزرعة، إن كان عرضك هذا لكونك تدرك أنه ليس لي مكان ألجأ إليه فاطمئن أنا سأبقى هنا حتى أرتب أموري "
قال بلال
" تبقين أين، شيراز أنتِ وإن طلقت سيكون هناك شهور عدة عليكِ قضائها في منزلي وهذا لا جدال فيه
" قالت شيراز برفض "
ولكنّي لا أريد أن أغادر المزرعة، أنا هنا مرتاحة جدًا وأملك ما أفعله فأنا ….
قاطعها بلال قائلًا
" شيراز القرار في هذا الأمر لا يعود لكِ، أولا هذا شرع الله لذلك الأمر محسوم، ثانيًا هل نسيتِ أني طلقتكِ دون علم الشافعية الذين ينتظرون مني أي إشارة تمرد ليطلقوا سوادهم عليّ، أنا لن أعلن عن طلاقنا سوى مع إنتهاء العدة مستغلًا هذا الوقت لأؤمن نفسي من بطشهم، ثالثًا وهذا الأهم سمعتكِ ستضرر كثيرًا شيراز إن علم أحد بأني طلقتكِ فور عودتي وبقيتي في كنف رجل غريب عنكِ دون صلة، ربما يربطون طلاقنا بحكم المنصوري ويزيد اللغط وأنتِ أدرى بالألسنة "
قالت شيراز بحزن شديد
" لكن…
قاطعها بلال قائلًا
" بدون أية لكن شيراز، بقائكِ هنا أمر وارد ثم لا تنسي أن طلاقنا بهذه السرعة قد يضر دينا، قد يظهرها بمظهر من سرقت زوجكِ ثم أمرته بتطليقكِ، وربما يجعل هذا علاقتها الاجتماعية معرضة للإضطراب، بل ربما يفكر الشافعية في أذيتها لأنها كانت السبب في إنهاء تلك الزيجة التي تعد لهم صفقة مهمة، أنتِ لن تقبلي أن تتسببي في كل هذا " قالت شيراز
" بالطبع لا، أنا لا أريد أن يصيبك أو يصيبها أذى بسببي، لكن أليس هناك طريقة ممكنة تجعل من أمر بقائي هنا لا يسبب كل تلك الكوارث "
قال بلال باستنكار
" بالطبع لا، ثم شيراز ما سر تمسككِ بالبقاء هنا إلى هذا الحد " ارتبكت وهي تتلفت نحو النافذة وقد خيل لها أنها تسمع صهيل الصهباء وانقبض قلبها وهي تعود لبلال بعينيها وتقول
" لدي صديقة تعرفت عليها هنا، تركت لي ابنتها في أمانتي، لقد اضطرت أن تذهب إلى مكان ما وستغيب ربما أسابيع أو أكثر، وأنا أهتم بالطفلة منذ ذلك الحين، وحقًا لا أستطيع تركها …إنها أمانة …ثم في الحقيقة قلبي متعلق بها جدًا، أنا فقط لا أتخيل أني قد أتركها …هذا مستحيل " رفع بلال حاجبه متعجبًا وقال
" صديقة …متى كنتِ تريدين صنع الصداقات مع النساء يا شيراز، على أي حال الأمر بسيط، أحضري الصغيرة معكِ، وعند عودة والدتها يمكنها الإقامة معكِ أيضًا، المنزل منزلكِ ابقي به ما شئتِ واستضيفي به من شئتِ لكن غير ذلك ليس وارد شيراز، سأنتظركِ بالخارج " تحرك بلال خارج الغرفة تاركًا إياها لتشعر بفزع يتملك منها، تاركها لتتأمل تلك الغرفة بحزن شديد وتتلمس ذلك المكتب ثم تقترب من النافذة تمسح بعينيها المنظر الذي آلفته روحها على مدار أسابيع وبمنتهى الاحتياج للدعم تبحث عن صاحبه.
༺༻
بعد قليل كانت شيراز تصعد السلم بأكتاف متهدلة وأهداب مسبلة و خطوات متباطئة لتشهق حين وجدت يهدين تقف أعلى السلم وتسألها بصوت ميت
" سترحلين "
وقفت تنظر لها وهي تفكر أن ربما علاقتها بيهدين لم تصل إلى مرحلة قوية خلال الفترة التي قضتها لكن ربما جمعهما شيء أقوى تشعر به كل واحدة منهما في الأخرى، شيء يجعل الصمت بينهما أكثر احترامًا وتفهمًا وتحررًا، فلا واحدة منهم تحكم على الأخرى ولا واحدة منهم تخترق مساحة الأخرى، تنهدت شيراز تتحكم في غصة تخنقها وقالت
" سترتاحين مني ومن فضولي وبحثي عنكِ، ولن تجدي من تفزعيه كلما خطر لكِ الأمر، لكن دون مبالغة سأشتاق لكِ وسأترك لكِ عنواني إذا فكرتي في زيارتي سأكون ممنونة حقًا …
صمتت شيراز تحاول ألا يختنق صوتها بالبكاء قبل أن تقول
" حين تهربين من حكم وتخرجين من هنا لا ضرر إن تذكريني، ربما تعرفنا على بعضنا أكثر إن سمحتِ لي، ربما ساعدتكِ في أمور تحتاجين إليها …من يعرف "
قالت يهدين
" لطف منكِ أن تكوني لطيفة معي لكن لا أعدكِ بشيء "
قالت شيراز
" حسنا فكري أني ربما قد أعلمكِ لمسة من الأنوثة التي تفتقرين إليها تجعل ذلك الشاب الذي تميتين نفسكِ كمدًا على فراقه يرابط أمام تلك المزرعة مطالبًا بكِ، أنتِ جميلة يهدين …اختلافكِ هو سر جمالكِ …ومن يحب لا يرى بعينيه … لذلك كفاكِ تواريًا …فمن سيراكِ بقلبه ستكونين لديه أجمل النساء، سيكون واثقًا أنه بحبكِ وأنه أمسك بيديه القمر …ليتكِ تثقين بنفسكِ حتى ربع ثقته بكِ، حينها سيكون كل شيء داخلكِ بخير "
كانت يهدين منهكة من ليالي طويلة لا شيء باقيًا لها من آخر لقاء بينهما سوى شوق ينخر عظامها حتى تئن في نومها وتستيقظ قصرًا تحارب نفسها كي لا تهاتفه أو تذهب إليه، وحين يستبد بها الحنين تخترق هاتف زوجة أخيه علها تطمئن عليه دون أن تقترب منه حتى، لتكن في انتظارها صدمة لم تكن تتوقعها ستأتي سريعًا هكذا، كانت تتوقعها ستتأخر تاركة لها المساحة لتحل قبل أن تتعافى لكن خبر وصول عروسه نحرها في الصميم، جعل مشاعرها تبتر ليبدأ نزيف بداخلها مفزع .. مؤلم …عميق.
نزلت يهدين درجة متخلية عن رهبتها المعتادة تلقي بنفسها في حضن شيراز التي تلقفتها بذهول انطفأ سريعًا وحل الحزن بدلًا منه وهي تحتويها بقوة وتقول لها
" هوني عليكِ، الحزن لن ينتهي، لذلك رفقًا بروحك …الحزن سيظل باقيًا يغدق عليكِ كلما أردتِ المزيد …لذلك لا تستنزفي نفسكِ سريعًا، لا تفعلي بنفسكِ هذا"
بكت يهدين بحرقة دون أن تبوح بحرف إلا أن شيراز قد شعرت بما يعتريها وقالت
" لا تخافي يهدين، ربما حزنكِ القوي هذا أمر مبشر …فالبدايات الحزينة ربما يكون خلفها نهايات تختلف، لأني واثقة أن البدايات السعيدة لا يكون خلفها أيضًا سوى نهايات تختلف "
تنفست يهدين بعمق تلجم زاتها عن التمادي وهي تتراجع إلي الخلف وتقول وهي تجذب قلنسوة سترتها على وجهها أكثر
" سأرسل لكِ بعض العاملات لمساعدتكِ في حزم أمتعتك " نظرت لها شيراز بهم وقالت
" يهدين أنا أريد رؤية حكم أرجوكِ، لدي ما أبلغه به …وأيضًا أريد أن أودعه …هلا توليتي الأمر "
صمتت يهدين للحظات ظنت فيها شيراز أنها ربما ترفض أو لا تجيبها مطلقًا ليأتيها صوتها ذو بحة البكاء وهي تقول
" سأحاول لكن أيضًا لا أعدكِ بشيء "
ابتسمت لها شيراز ابتسامة لم تستطع أن تخرجها في أفضل صورة فلملمتها عن شفتيها سريعًا وهي تشاهد يهدين التي تحركت نحو نهاية الممر دون حتى أن تلوح لها بوداع، فهي تنتظر أن يتمسك بها أي شخص …أو أي ركن داخل هذا المكان لعلها تشعر حينها أن عليها التمسك به بالمقابل أكثر وأكثر..
༺༻
بعد قليل…
دخل حكم المنزل بعيون حادة تظهر حمرة أجفانها جلية كأنه لم ينم منذ دهر، وجسد متحفز مشدود كأنه على وشك خوض صراع حامي، وأنفاس عنيفة من قوتها يرتفع صدره وينخفض بشكل ملحوظ، وقلب كأنما قد انفجر فيه لغما فخلف دمارا لا يحتمل ، يقف في مواجهة شيراز التي ترتدي نفس الملابس التي وصلت بها إلي المزرعة منذ أكثر من شهر كأن كل ما مضى ليس سوى طرفة عين، كل ما ألمّ بروحه من التي دكت حصونه دكًا دكًا ما هو سوى لمحة مرت وعبرت وها هو يقف أمام الحقيقة الوحيدة في الأمر، هي أمامه والباب من خلفه وفي المنتصف قابعًا هو كوحش يلجم ذاته عن ذاته حتى آنت ذاته، لم ينبس ببنت شفة، لم يكن لديه ما يقال رغم كثرة الكلام المحتشد داخله لتأخذ عنه شيراز تلك الخطوة وهي تحكم ذراعيها حول ماسة التي تحملها وتداري بها تلك الرجفة التي اجتاحها لرؤيته بعد طول غياب وقالت
" لآخر لحظة ظننتك ستتركني أرحل دون وداعي، الحمد لله أني لم أهن عليك …
صمتت أما قلبه فشعر بالهوان أمامها لتتحامل على نفسها وتكمل حديثها قائلة
" في النهاية لقد صار بيننا خبز وملح وأكلنا من مطبخ واحد لما يزيد عن الشهر "
حينها وجد صوته ليسألها
" إلى أين "
لا تعرف لما بدى سؤاله لها ذا وقع مغاير عن معناه ووجدت عقلها يجيب بإجابة لا تناسبه مطلقًا ورغم ذلك قالت
" عليّ قضاء شهور العدة في منزل بلال لعدة أسباب ورغم محاولتي البقاء إلا أنه أصر …
قاطعها قائلًا
" إنه محق "
قالت شيراز
" أعلم لكني لم أكن أريد الابتعاد عن هنا، لن أبالغ إن أخبرتك أن منزلك هذا أول منزل منذ سنوات طويلة أشعره منزلي، لقد أحببت كل من فيه وكل شيء فيه حتى الاثاث "
أهوال كانت ترميها في صدره دون أن تدري، المشاعر تطغى والانجراف بات عظيمًا إلى حد يجعله على وشك فقدان السيطرة وإغلاق هذا الباب بعنف وهو يأمرها بجنون ألا تغادر تلك الأسوار مهما حدث لكن عقله الذي مازال واعيًا جعله يقول
" إنه منزلكِ …وينتظر عودتكِ …فقط عودي "
قالت بحزن
" سأفعل ..لم يعد لدي ملجأ " حينها غار قلبه ورحه تصرخ بها أنه الملجأ وله اللجوء وأنها كل اللاجئين.
حاول ألا تقع عيناه بعينيها كانت النظرات بينهما ما بين كر وفر، شيء مرهق لأبعد الحدود أن يقف في حضرتها عاجزًا إلى حد يذل روحه التي لا يدري كيف تعلقت إلى هذا الحد بها، صمته وتر شيراز أكتر مما هي بالفعل فقالت " أنا سأخذ ماسة معي حتى تعود سيادة "
قال حكم
" لن ينفع شيراز، الفتاة يجب أن تظل هنا "
قالت برفض حزين
" أمها تركتها في أمانتي "
قال حكم
" وتركتها في حمايتي، شيراز لا تطلبي أمرًا صعبًا كهذا لأني لن أستطيع تلبيته لكِ "
قالت شيراز
" هي معي ستكون محمية أيضًا، هل تشك أني سأؤذيها حكم "
قال لها بانفعال
" لا شيراز لكن حمايتكِ مما بالخارج ينتظركِ لهو أمر ربما لا تستطيعين فعله، كيف بربكِ ستحمين الصغيرة "
قالت له
" سأفعل حكم بكل ما أوتيت من قوة فأنا ربما لن أكون يومًا أم لكني أدرك ما يتطلبه حماية الصغار، لا تشعرني أني عاجزه عن ذلك "
قال لها مبهوتًا
" ليس هذا ما قصدته "
عمّ الصمت للحظات كانت كالشظايا التي تتوغل في أوردته فتدميها دون رحمة ليسمع صوتها تستجديه قائلة
" أتركها لتبقى معي حكم، فأنا حين أرحل سأكون وحدي بالخارج، لا شيء يحاصرني سوى الصمت والجدران، دعها لتؤنس وحدتي وتدفيء سقيع روحي وتجردني من الوحشة التي ستكتنفني حين أغادر هذا المكان، أتركها لي وأعدك ألا يصيبها مكروه أو سوء، أنا فقط لا أتخيل روحي حبيسة منزل وحدي، أنا أخشى شعور السجن ولن يكون متاح لدي السفر أو الخروج فهنا وقريبًا من الشافعية لا مكان آمن لي "
رفع حكم رأسه لأعلى يتنفس بعنف لتقول له ضاغطة على خافقه دون رحمة بصوتها الباكي " أرجوك "
فلم يملك سوى أن يقول لها
" انتظري "
وتحرك نحو غرفة مكتبه فوقفت في انتظاره بعيون مترقبة ومشاعر معقدة مضطربة لتمر خمس دقائق قبل أن يعود لها ويقترب حتى يقف أمامها ويفتح كفه المطبقة لتجد فيها سوار رجالي بسيط فسألته بذهول
" ما هذا "
قال حكم
" شيء سيجعلني مطمئن عليكما ولو قليلًا، ارتديه ولا تخلعيه مطلقًا، وإن حدث شيء خطير يستدعي وجودي اضغطي عليه، هنا …انظري …هنا تحديدًا …هذه الضغطة شيراز سأفهم منها أنكِ في خطر، لذلك احذري أن تضغطيه سوى وقت الحاجة ومطلقًا لا تخلعيه "
قالت شيراز بينما تقدم له رسغها ليلبسها إياه
" لن أفعل …مطلقًا لن أفعل …كوني قادرة على التواصل معك حتى ولو لن نتواصل سيشعرني بالأمان الشديد، شكرًا حكم، هذا كثير حقًا "
كفيه كانت ترتعش وهو يلبسها إياه كأنه يقدم كل فعل شيء دقيق يستلزم منه حرص بالغة فهنا اللمسة الخاطئة بمقتل وعيناه تضيق من شدة الانفعال وهو يفكر كيف يكون أمانها كثير …كيف وهي الكثرة ذاتها هي كل ما هو شامخ …باذخ …عتي، ليطلق أنفاسه حين أنتهى ويبتعد مسرعًا ليجدها تبتسم له وتقول
" أراك على خير"
فيحني رأسه لها في رد صامت لم يقو على الإتيان بغيره يراها تنادي الخدم ليساعدوها في حمل الحقائب، يراها تقترب من سيارة بلال الذي كان قد غفى من شدة الإرهاق، يرى السيارة تغادر المزرعة وباب المزرعة يغلق من خلفها ليسقط من علو شاهق إلى سابع أرض وهو يتيقن من كونها قد رحلت، وأنه تركها لترحل…تركها وترك روحه معها فإما أن تعود فيعود وإما أن تغيب وحينها لن يكون هناك رجعة.
༺༻
ليلا ……
داخل فيلا منصور الجوهري كانت سيارات أعمام شاهين تصطف بالخارج استعدادًا للذهاب إلى الحارة لطلب يد سارة بينما بالداخل وقفت عاليا أمام ابنيها وزوجها تقول
" أنا لست راضية عن هذا الاختيار يا شاهين وطلبت منك أن تنتقي فتاة من عائلة نعرفها، لا أن تسير خلف أهوائك مجددًا " قال شاهين الذي يراقب xxxxب الساعة ويدرك أنه على وشك التأخر عن موعده
" يا أمي ألم نتكلم في هذا الأمر كثيرًا، ما الذي حدث اليوم "
قالت له عاليا
" لا أعرف من الذي أبلغ أخوالك بأمر خطبتك وأصل الفتاة وما فعلته لأجلها ومن حينها والمكالمات لم تتوقف ما بين لائم وموبخ ومعترض ومستنكر، يا حبيبي راجع نفسك قليلًا، أليست تلك من تسبب في جرح لك من قبل "
قال شاهين بعصبية
" يا أبي تكلم أنت فأنا أخشى أن أفقد أعصابي "
قال منصور باستنكار
" ما دخل إخوتكِ بالأمر يا عاليا، هذا الأمر لا يخصهم إطلاقًا " قالت بغضب
" بلى يا منصور، يخصهم فهذا ابن أختهم والخال والد كما تقولون، إنهم خائفون عليه كما فعلوا بالماضي حين كان ابنك مصر على الزواج بابنة الشافعية ويذهب معها إلى كل مكان كأنه يدعوهم لقتله "
تدخل منصور مسرعًا وقال
" يا عاليا هذا الموضوع مضى عليه سنوات وانتهى، ما الذي ذكركِ به، ثم سارة تختلف إنها ….
قاطعه شاهين يقول ثائرًا
" يا أمي أنا أحاول أن أمضي في حياتي وبدلًا من أن تدفعيني لفعل ذلك تذكريني بذلك الماضي الاسود والآن، ما مضى بأكمله كان خطئي لماذا تربطين بين سارة وغيرها "
قالت عاليا
" لأني لن أحتمل أن أرى عنقك منحور ثانية، أنت في اختياراتك تكن مندفع لاغيًا لعقلك ووالدك بدلًا من أن يمنعك هذه المرة يدعمك وبقوة "
قال منصور
" لأن الفتاة تستحق يا عاليا، الفتاة بنت أصول وأنا واثق من ذلك "
قالت له
" بنات إخوتي أيضًا يستحقون …بنات عائلة الجوهري يستحقون، لما لا يختار واحدة جميعًا ندرك أنها لن تؤذيه أو تجرحه، أنها ستكون زوجة صالحة له "
قال شاهين يحاول لجم غضبه
" يا أمي أرجوكِ افهميني، هذه من أريدها، ومن اخترتها وأنا أعلم أنها إن كانت لي ستكون كثيرة عليّ صدقيني "
قالت وروح الأم داخلها تنتفض
" لا فتاة كثيرة عليك "
هز منصور رأسه بيأس فيما قال شاهين
" بلى يا أمي، سارة كذلك ..فكل من يعرفها أكد لي هذا حتى مؤيد أخبرني بها صريحة وقال أنت لا تستحقها، شعور متيقن من ذلك، أنا أدرك أنك تريني بعين الأم التي لا ترى في أبنائها نقص لكن الحقيقة أني كما قلت مندفع وأهوج وقادر على الايذاء أحيانًا حتى وإن لم أعِ لذلك، وهذا ما حدث مني لها بالفعل وما كان منها سوى أن وقفت وسط الرجال وقالت عفا الله عما سلف رغم كونها قادرة على أخذ حقها كاملًا"
أنهي شاهين حديثه وهو يلهث ليقول منصور
" لا داعي للقلق عاليا، شاهين أجاد الاختيار هذه المرة "
قالت عاليا وهي تقترب بإجهاد منه
" طالما أبنائك على نفس نهجهم في الحياة لن أرتاح أبدًا يا منصور ولن يطمئن قلبي " اقترب منها منصور يحتويها وهو يقول
" اذكري الله يا عاليا، وباركي لابنكِ ولا تجعليه يذهب ليتقدم لطلب يد الفتاة ووجهه منقلب هكذا، لقد تأخرنا وهذا لا يصح، هيا ادعميه ليأخذ تلك الخطوة وهو مطمئن أنكِ راضية عنه " نظرت عاليا لشاهين وقالت
" هو يعلم أني أريد سعادته لكن لن أسامحه إن تسبب في أي أذى لنفسه مجددًا "
اقترب شاهين منها وقبّل رأسها وهو يقول
" ادعِ لي أن يسير الأمر كما أتمنى وباذن الله لن يأتينا إلا الخير"
ضمته عاليا وهي تقول
" مبارك حبيبي "
أجابها شاهين
" بارك الله فيكِ أمي "
قال زكريا
" أعمامي ينتظرون بالخارج منذ مدة، لقد تأخرنا هيا بنا "
نظرت عاليا حولها وقالت
" أين سيدرا "
ضيق شاهين عينيه فأخته محال أن تفوت تلك النقاشات العائلية الحامية بينما قال منصور
" ذهبت لتطعم جوري قبل أن نرحل لكنها لم تعد، ربما تنتظرنا بالخارج "
قالت عاليا وهي تبتعد عن منصور وتبدأ تمارين التنفس الخاصة بها لتهدأ
" اذهب لتناديها وقل لها تأتي لتحضر هدية مناسبة للعروس لكي نرحل "
همّ زكريا بالتحرك ليقول له شاهين
" هل وصل آصف "
هز زكريا رأسه وقال
" لا أعرف "
قال شاهين
" خذ والديك إلى السيارة وأنا سأذهب لأناديها "
ثم انحنى يقبل كف أمه ويقول
" لا حرمنا الله منكِ يا ست الكل"
ابتسمت له عاليا رغم قلقها الواضح وتحركت بجوار منصور إلى الخارج بينما شاهين قصد المطبخ وعبره نحو الباب الخلفي متوجها نحو قفص جوري.
༺༻
قبل قليل…..
عبر آصف من بوابة الفيلا التي كانت مفتوحة على مصرعيها ظنًا منه أنه تأخر على شاهين الذي لا يجيب على هاتفه ليتفاجيء أن السيارات مازالت تقف رغم أن موعدهم مع سلطان العطار لم يتبق عليه سوى القليل، فترجل من السيارة ليجد السيد شاكر يقف خارج سيارته وصوت شاهين الهادر يصلهم فقال
" عمت مساءًا سيد شاكر، لقد ظننت أني لن أجدكم، لماذا لم تتحركوا بعد ولماذا يصرخ ذلك المجنون "
قال شاكر
" عمت مساءًا يا آصف، نحن ننتظر كما ترى لكن على ما يبدو لن نرحل الآن إذا استمر الوضع هكذا، ادخل له وحاول السيطرة على الموقف سنتأخر على موعدنا وهذا لا يصح أبدًا "
حرك آصف رأسه بعدم رضا وقال
" حسنًا سيدي سأحاول "
ثم تحرك نحو الباب الداخلي ولكن رنين هاتفه جعل قدميه تتوقفان ليخرجه من جيب سترته وينظر له وحين وجده رقم جده وقف بعجز ينظر للباب ثم للهاتف لكنه حسم قراره وأجاب وهو يبتعد عن صوت الصراخ قدر استطاعته ويقول
" نعم يا جدي "
جائه صوت عبد الله يسأله
" أين أنت "
أجابه
" وصلت للتو لفيلا منصور الجوهري، سأذهب مع شاهين وعائلته للتقدم لسارة "
قال عبد الله
" ما شاء الله، بارك الله لهما …حسنًا حين تنتهي عد للقصر مباشرة هناك ما أريدك به "
سأله آصف بتوجس
" ما الأمر "
صمت عبد الله للحظات ثم قال
" حين تأتي ستعرف "
قال آصف
" حسنًا يا جدي لن أتأخر بإذن الله"
أغلق آصف الخط فيما بينهما وهو يعقد حاجبيه بتفكير في ماهية الأمر الذي يريده به جده لكن صوت حركة من خلفه جعله يلتفت ويتفقد المكان بعينيه ثم يتحرك نحوه لتتسع ابتسامته دون مقدمات وهو يرى سيدرا تجلس في قفص حديدي مع حيوانها الآليف ويبدو أنها تطعمه، لم يقاوم أن يقترب أكثر، لم يستطع السيطرة على سعادته بتلك الصدفة وهو يقول دون مقدمات
" مساء الخير يا آنسة سيدرا " التفتت سيدرا باستغراب تنظر لآصف الذي يقف خارج القفص بمفرده ولا يوجد أحد من أخويها معه وقالت
" مساء الخير سيد آصف ماذا تفعل هنا هل ضللت طريقك، سر خلف الصوت ستصل"
ابتسم آصف ابتسامة بدت مدروسة لتجعله أكثر وسامة وهيبة وهو يقول
" من مثلي لا يفقد طريقه أنستي، لقد خطوت نحو القفص بكامل إرادتي "
غرزت سيدرا يدها في شعر جوري تحسها على إنهاء طعامها وهي تقول
" إرادتك وحدها ليست كافية لتقترب إلى هذا الحد سيدي داخل مساحتي "
قال آصف والحديث بينهما سجال ممتع لروحه التي أحيانًا يكاد لا يشعر بها
" أظن أنكِ بالفعل قد حسمتِ أمر المساحات بيننا "
تركت سيدرا جوري وتوجهت نحوه تقف أمامه مباشرة يفصل بينهما قضبان القفص وهي تقول " حقًا، لا أذكر أني فعلت، لكن إن كنت فعلت فلما لا تخبرني بما حسمت الأمر "
وضع آصف يديه في جيب بنطاله وأرخى أكتافه للخلف فظهر عرض منكبيه واضحًا وهي التي لم تدقق النظر في تفاصيله من قبل لتسمعه يقول
" لقد قلت أن ليس لديكِ مانع أن نتشارك مساحة واحدة ولكن ليكن الأمر بشكل رسمي ومعلن"
قالت له مجابهة بلطف يجعلها دائمًا اختياره الموفق، وسعيه الذي أصاب
" لكن لا شيء رسمي حتى الآن ولا شيء معلن، واختراقك هذا إخلال بشروطي وأنا أقدر احترام الاتفاقيات سيد آصف "
رفع حاجبه وما بين نزال الكلمات اللبقة يعيش روعة لها بها السبق ابنة الجوهري ليقول بعد صمت لحظات
" لقد كان مجرد سلام "
قالت بابتسامة
" بل أكثر، أنه استعراض قوى أدركه جيدًا فأنا أخت لذكرين أحدهما يقاربك عذرا فيما سأقوله ولكن لا أجد وصفًا أدق …يقاربك غطرسة "
عقد آصف حاجبيه فقالت سيدرا " تليق بك سيد آصف، لا اعتراض لي مطلقًا على تلك الصفة لكن لتخرجها من مساحتنا لأني لا أجيد التعامل معها وهذا سيكون شيء محزن "
ضيق آصف عينيه وقال مستفسرًا
" تخضعيني أم تجاملين "
قالت سيدرا
" أيهما أقرب إليك "
أجابها
" لا هذا ولا ذاك "
قالت
" إذا أنا أفعل شيء ثالث ستحتاج وقتًا لتدركه "
سألها بإصرار
" شيء مثل ماذا "
التفتت سيدرا لجوري التي انتهت من طعامها وقالت
" فكر وحين تصل ربما يجمعنا حديث آخر "
همّ بالرد عليها وغموض حديثها يجعل تروس عقله تعمل بكامل جهدها لتصل وفي النهاية لا تصل لكن صوت شاهين الذي أتى من خلفه كما القدر دون موعد أو مقدمات يقول
" سيدرا "
جعله يلتفت وهو يقول ببرود
" أهلًا بالعريس، أين أنت يا رجل "
أجابه شاهين مشتعلًا
" أنا في القفص هل تراني، ما الذي أتى بك إلى هنا "
قال آصف
" كنت قادم إليك لأكون معك في هذا اليوم المميز "
قال شاهين غاضبًا مستنكرًا
" حقًا، وهل باب الفيلا الداخلي كان مغلق فقررت أن تدخل لنا من باب المطبخ "
قال آصف
" بالطبع لا جائني هاتف ولم يكن بإمكاني الرد وصوت صراخك يصم الآذان أيها المزعج"
قال شاهين بحدة
" لا أصدقك "
قال آصف
" أنت حر هذه الحقيقة "
التفت شاهين لسيدرا وقال متوعدًا
" لنا عودة يا مروضة الاسود، ادخلي وأحضري هدية مناسبة لكي تقدمها والدتك ثم توجهي للسيارة "
أسرعت سيدرا تعدو نحو الداخل تفر من أعين شاهين الذي التفت إلى آصف فوجده ينظر نحوها بطرف عينيه فهدر به
" انظر أمامك، تحرك "
تحرك آصف بجواره وشبح ابتسامة يلوح وهو يفكر مأخوذًا بما دار بينه وبينها للتو ويهمس بداخله
" لا تخضعني…ولا تجاملني …بل تروضني …سيدرا الجوهري ..أنتِ لا تقصدين ذلك …مؤكد لا تقصدين …فإن كان هذا ما تقصديه ستجدي ما لا تتوقعيه."
༺༻
في الحارة …..

كان منزل سلطان العطار يعج بالأشخاص والأصوات والحركة، الجو كان مليء بالدفيء والبهجة، الإضاءة في كل مكان مبالغ بها كأنها تعلن عن الخبر السعيد من قبل إعلانه، الديكورات التي نسقتها تولين كانت مبهرة وأصرت على إستخدام الورود الحمراء والبالونات البيضاء لمسات ذهبية حولت المكان البسيط نسبيًا إلي آخر أكثر فخامة وتناسق، ارتفع صوت فرحة من داخل المطبخ تقول
" يا كنزي، الأطفال انتشروا بالحارة، لم يتركوا فرد يمر بهم إلا وأخبروه أن سارة صارت عروس "
ضحكت كنزي التي تقف أمام علِيّ الذي يساعدهم في تعليق الزينة المرتفعة كونه أطولهم وهو يقول
" هل أثبتها "
نادت كنزي تولين التي تضفر عدة ورود في شكل دائري وقالت لها
" حور انظري، أظنه هكذا كما تريديه "
قالت تولين بتفكير
" لا يحتاج ليرتفع قليلًا، لكي أضع هذا أسفله "
دخلت ملاك تقول بتفكير
" حور أين وضعنا حذاء سارة الذي أحضرناه، لقد اختفى ..أبحث عنه منذ ما يقارب النصف ساعة "
نظرت تولين حولها وقالت
" لا أتذكر، متى آخر مرة رأيته"
صمتت ملاك بتفكير ليقول علِيّ " هل عليّ ذنب، هلا وضحت لي إحداكما هل أثبت هذا أم لا " همت تولين بالرد عليه لكن دخول سارة سرق كامل انتباههم بحلة بيضاء ناصعة ذو قصة عصرية تجعل له كتف واحد والآخر تداريه بقميص أبيض أنيق، مرصعة بقطع ذهبية بسيطة تجعلها أكثر فخامة ومن فوقها حجاب أبيض يعطيها هالة متفردة وتقول
" اتركوا ما في أيديكن وركزن معي، أنا غير مقتنعة بهذا المظهر"
قالت تولين
" لماذا أنا لا أرى به خطأ واحد " قالت كنزي بتفكير
" بل ..أعتقد أنه يبدو متزمت قليلًا "
ضربها علِيّ على رأسها بالورد الذي بيده وقال
" أدعو الله أن تتزمتي في القريب العاجل"
قالت تولين التي تلاحظ ذلك التقارب المليء بالانبهار من جانب كنزي وبالحب والاحتواء من جانب علِيّ الذي قضاه معهم اليوم بطوله كأنه واحد منهم يحاول أن يساعد قدر الإمكان دون كلل أو ملل
" والله هذا عائد لسيطرتك على الموقف، أرنا همتك فأنا عن نفسي يئست "
قالت كنزي بينما علِيّ يسحب وردة من المجموعة التي بيده ويحاول إدخالها في جانب شعرها " موقفكِ منه لا يعجبني، تدعميه ضدي وأنا الذي بقيت أرهب زوجكِ لشهور قبل الزفاف، ليس هذا ما توقعته منه "
ثم التفتت لعلِيّ تبتسم له وهي تتحسس الوردة فهمس لها
" الورد يسرق جماله منكِ ويتباهي أنه لكِ "
قالت سارة بعصبية
" يا أخ راعي الموقف قليلًا، أنا عروس لا تجد حذائها ليست مقتنعة بمظهرها علمًا بأن والدة العريس من سلالة البشوات …
صمتت سارة للحظة وقالت
" أفكر أن مظهري بسيط بشكل مبالغ به، ألا يجب عليّ إرتداء بعض المجوهرات "
قالت تولين بحيرة
" لا أحبذ الأمر "
قالت ملاك
" أنتِ تبدين رائعة دون مبالغة " لتقول كنزي
" علِيّ ما رأيك "
نظر لها مبهوتا وقال
" فيما تحديدًا "
أشارت له بعينيها أنها تحتاج دعمه هنا ثم قالت
" أقصد أنت الأدرى بالوضع، هل زوجة عمك تهتم بالمظاهر إلى هذا الحد "
نظر علِيّ لسارة وقال
" في الحقيقة العنصر النسائي في منزل منصور الجوهري هو الأكثر اتزانًا، في الحقيقة عاليا وسيدرا من أطيب الشخصيات التي ستتعرفين عليهم لكن هذا لا يمنع أنها كأي أم زوج سيكون لها تحفظات فيما يخص زوجة ابنها " استدارت له سارة وقالت
" لا أفهم …ما الذي تقصده بالتحفظات ؟؟ "
قال علِيّ بتفكير
" ماذا أقول لكِ "
قالت تولين
" قل ما يدور في خلدك، مثلا هل كان لوالدتك تحفظات علي كنزي "
عمّ الصمت للحظة قبل أن يقول علِيّ
" والدتي توفت منذ عدة سنوات، قبل سفري بقليل "
سارعت تولين تقول
" أسفة لم أكن أدري "
ابتسم علِيّ بلطف وقال
" لا عليكِ، رحمها الله كانت تدعوا لي فعوضني الله بأخرى تماثلها حنانًا ورقة "
لمّ علِيّ كنزي تحت ذراعه فربتت على صدره مواسية وهي تقول
" رحمها الله يا علِيّ "
فقال بحزن عميق
" اللهم آمين"
قالت كنزي
" أتعبناك معنا اليوم "
قال لها وهو يتأمل حمرة خديها التي ناقشت حمرة الورد
" لا تعب يزور جسدي أو قلبي وأنا قريب منكِ، هذا يعد من أسعد أيامي، يكفي أنك لم تتركيني اليوم للشوق ليضج بأضلعي "
نظرت تولين لسارة ووضعت يدها على قلبها في دلالة علي تأثرها لتقول سارة بصوت أفزع علِيّ
" يا أستاذ، أليس جميع الرجال بالاسفل، ما الذي يبقيك بيننا " قالت كنزي
" لا تحدثي زوجي بهذه الطريقة، عليكِ أن تشكريه لقد كان يحاول طمأنتك لكن يبدو أنه فشل "
ثم ضحكت بقوة جعلت ابتسامة علِيّ المدله بها تتسع كأنه لا يرى غيرها ويعود لتلمس الوردة كأن هذا أقصى ما يجود به المنطق، لتقول سارة
" هذا كثير حقًا"
دخلت فرحة تزغرط بقوة أشرقت لها ملامحهم لتعبس فجأة وهي تقول
" ألم تنتهوا بعد، ثم لما العروس مازالت ترتدي خف المنزل، هل تدركون كم الساعة "
قالت تولين وهي تعود لما كانت تفعله
" كدنا ننتهي، أرجوكِ لا تتوتري حالًا وسنعلق هذه الأجزاء وكل شيء سيكون على ما يرام "
قالت فرحة بتوبيخ
" لو أنكن انتهيتن لتفرغتن لتجهيز العروس التي تبدو مرتبكة، لكن كيف سيحدث ذلك والحديث لا يحلو سوى في وقت الذروة، متكاسلات "
ثم ضمت سارة وقالت
" تعالي يا حبيبتي، ما الأمر الذي يجعلك تقفين هكذا، فأنتِ ما شاء الله بدر حان تمامه"
ثم أطلقت زغرودة أخرى مدوية فقالت لها سارة
" تعالي أنتِ يا فرحة واهتمي بي واشعريني أني عروس "
تحركت للأمام قليلًا ثم التفتت لعلِيّ وقالت
" عدم تقديرك للموقف لم يرق لي، أنت الآن في خطر "
قالت كنزي
" لا تهددين زوجي "
شدد علِيّ ذراعه حولها وكلمة زوجي تملأ روحه بتهليلات كما لو أن العيد أتاه لتقول سارة
" بل أفعل يا حبيبتي فوحدي من تملك عليكما أمور، ومؤيد قادم " ضيق علِيّ عينيه وسأل كنزي بخفوت
" ماذا تقصد "
رفعت عينيها له وقالت
" ادعمها حالًا، لا تفكر …انفخ فيها قدر استطاعتك "
ضحكت تولين بقوة وهي تقول
" لا داعي علقا فقط هذه الأشياء وأنا سأذهب معها وكما العادة مادام فرحة قد حضرت إذًا كل شيء سيكون بخير "
أطلقت فرحة زغرودة أخرى ليأتيها صوت إبراهيم الذي يقف على الباب يعطيه ظهره يقول
" يا أمي أبي يقول لكِ توقفي عن إطلاق هذه الأصوات، العريس لم يحضر بعد، ثم هو قادم ليتقدم، لا ليخطب، الحارة تجمعت أسفل المنزل "
ضيقت فرحة عينيها وقالت
" قل لوالدك أنه خطبني يوم تقدم، دعونا نفرح "
ثم أطلقت زغرودة أخرى أبهجت سمراء التي شاركتها الأمر من باب المجاملة وهي تصعد السلم وتقول
" هلا وضحت لي إحداكن كيف أن هذه زيارة عائلية لطلب يد الفتاة، بالاسفل جموع غفيرة تبارك وشربات يوَزّع وليل جاهد ليفتح لي طريق لأصل أنا وأسمهان "
قال علِيّ بحرج حين شعر نفسه بمفرده وسط النساء
" اسمحوا لي أن أنزل لأرى صدمة العريس حين يصل " ضحكت كنزي بقوة وقالت
" خذني معك، دعني أتشفى به، يا إلهي تخيل الموقف "
قالت سمراء
" سيد علِيّ أنت هنا، إذًا أنت من أهل العروس "
قال علِيّ بلباقة
"هذا شرف لي سيدتي "
خرجت فاطمة من المطبخ تقول لفرحة
" كل شيء كما طلبته يا فرحة ما التالي "
ربتت سارة على كتفها وهي تقول بامتنان بالغ
" أتعبتكِ معي اليوم يا فاطمة، العقبي لكِ وأتعب لكِ عما قريب " قالت فاطمة بسعادة
" لا تقولي هذا، مبارك لكِ يا حبيبتي، أتمنى أن يجعل الله كل تعب لنا في الفرح، ثم في الحقيقة البقاء مع فرحة متعة لقد تعلمت منها بعض التفاصيل المميزة " قالت سارة بنبرة ذات مغزى
" يبدو أنكِ في أمور المنزل متمكنة، هذه ميزه جديدة ستضاف إلى القائمة "
سألتها فاطمة بعدم فهم
" أي قائمة "
أجابتها سارة
" قائمة مميزات بنت العطار ثم غمزت لها فلم تستوعب فاطمة ما ترمي إليه وهي تقول
" السعادة أتلفت عقلكِ علي ما يبدو "
همس علِيّ لكنزي
" أفسحي لي الطريق لأغادر بقائي هنا أكثر بات لا يصح، سأنزل لأبقى مع الرجال حتى يصل أعمامي "
قالت له بهمس
" مالنا ومال الرجال، هل تشم تلك الروائح ،ما رأيك أن نتسلل إلى المطبخ أنا جائعة "
نظر لعمق عينيها وقال
" حسنًا "
تحركت كنزي فتحرك علِيّ خلفها يخترقان الجموع وحين دخلا إلى المطبخ قالت كنزي
" أم ملاك مؤكد تصلي، هذه فرصتنا "
دارت كنزي بين الأصناف حتى توقفت أمام ورق العنب وقالت
" هل تحبه "
جائها همسه قريب جدًا لدرجة أن أنفاسه لفحت جانب وجهها وقال
" بل أشتهيكِ كما تشتهيه " توسعت عيناها وهمست بذهول
" علِيّ "
أجابها وهو يحيط خصرها
" علِيّ هذه يظل قلبي يترنح بسببها لساعات طويلة "
قالت له وهي تفك ذراعيه من حولها
" توقف ستفضحنا "
قال لها
" لا عاشق مفتون ملتاع مثلي غير مفضوح، ابقي معي كنزي …ابقي معي فأنا انتظرك كصائم ظن أن لا فطور له فلا تريدني محرومًا مجددًا، لا ترديني تائهًا …وأحبيني دومًا وأبدًا كما فعلت وسأفعل لنهاية عمري "
دارت بين ذراعيه تنظر إلى عينيه وكأنها تتحرى صدقة الذي يلمس عمق قلبها قبل أن تقول
" لا تتعجلني بالحب علِيّ، إنه خطر لا قبل لي به "
هز رأسه ينكر كل مخاوفها وهو يقول بإصرار
" أحبيني وإن كان الحب خطرًا فلن يكون أخطر من قربكِ الذي أشعر به صار حياة لا أكف من عيشها …أنا بقربكِ فقط أحيا كنزي لذلك ابقي معي "
لم يكن بداخلها ذرة من الخوف قادرة لتبقى صامدة أمام صدق حديثه، كل شيء تبخر كما البخار المنطلق من القدور المتراصة حولهما ليسكن العالم لحظات وهما يدوران في فلك منعزل قبل أن ترتفع زغاريد فرحة ويعلو صوت الاطفال تهلل
" العريس وصل .. العريس وصل "
༺༻
بالاسفل كان سلطان يقف بعيون متوسعة من الصدمة وسط أهل الحارة الذين يباركون له ويوزعون الشربات ويصرون على استقبال العريس معه، الوضع بأكمله كان جنوني بشكل أعجزه عن التعامل تمامًا، فهو يخشى أن يرفض تلك المبادرات التي لا تتناسب أبدًا مع الوضع فيكسر بخاطرهم فيظنون بأنه لا يريد وجودهم من حوله أو أنه لا يتشرف بذلك فحاول التعامل مع الأمر بحكمة وهو يقول لأيوب الذي يقف بجواره
" عائلة الجوهري على وصول ماذا سيقولون حين يرون هذا الجمع، أيوب تصرف من فضلك فأقل كلمة قد تفهم مني بشكل مغاير والناس خواطر "
قال أيوب
" حسنًا يا سلطان أنا سأحاول لكن …
قطع حديثه زامور سيارة مرتفع يقترب منهم ليقترب مؤيد الذي كان يقف مع بشر وليل وطاهر ويقول لسلطان
" لقد وصلوا "
قال سلطان بضيق
" اذهب يا مؤيد واشرح لهم ما يحدث، لا أريد أن يفهم الموقف بشكل خاطيء "
ربت مؤيد على كتفه وقال
" لا تقلق "
ثم تحرك نحو سيارة عمه والتي يقودها شاهين الذي بمجرد أن ترجل من السيارة اخترق صوت الطبل والمزمار آذان الجميع الذين التفتوا بذهول ليجدوا فرقة تقترب منهم وبجوارهم ياقوت يرقص فبدأ أهل الحارة بالتهليل ومشاركتهم ليسرع سلطان نحوه ويسأله بحدة لم يستطع لجمها أكثر
" من هؤلاء ومن أحضرهم " أجابه ياقوت الذي لم يعِ لعصبيته " هذه فرقة جائت من أجل إحياء زفاف بالشارع الخلفي لكنه لم يبدأ بعد ففكرت في أن يأتوا إلينا ويصنعون جو من البهجة وقد أنقدتهم ما يكفي ويزيد، أنه يوم الهنا يا معلم "
همّ سلطان بأن يأمرهم بالانسحاب فورًا لكن ليل الذي ناداه
" سلطان تعال لاستقبال أهل العريس "
جعل ياقوت يصرخ بحماس
" العريس وصل …وصل…وصل "
لتبدأ وصلة من المزمار والطبل البلدي جعلت ليل ينظر للوضع بصدمة بينما بشر الذي من قوة الضحك لا يستطيع التقاط أنفاسه يقول
" الآن فقط أعلم لما هؤلاء الناس من أصبحوا الأقرب إلى قلبها وهذا المكان الوحيد الذي بقيت به تولين آمنة ".
༺༻
قبل دقائق….

في سيارة شاهين قالت عاليا بصدمة كبيرة وهي ترى الشارع الشبه منغلق من الزحام "
ما هذا …هل يوجد زفاف بنفس المنزل أم ماذا، ما هذا الزحام " قال منصور
" لا أعلم لكن من الوارد أن يكون هناك زفاف فعلًا، هذه بشرة خير "
قالت سيدرا
" ما شاء الله، جميعهم رجال …كم أحب فكرة تلك الأفراح الغير مختلطة، بها شيء من الاحترام والرقي، انظري عاليا …الرجال مجتمعون هنا ومؤكد النساء مع العروس "
قالت عاليا
" كل مكان وله عاداته يا سيدرا، الأفراح الغير مختلطة شيء لا أفهمه في الحقيقة، هل اقتربنا " أجابها شاهين
" بل وصلنا لكني لا أستطيع الاقتراب أكثر من ذلك "
ثم ترجل من السيارة يطلق زامورها عاليًا ليلفت نظر سلطان الذي لمحه يقف وبجواره طاهر وبشر وليل وفخر ومؤيد وأيوب وعيسى وغيرهم لينظر له سلطان وبدلًا من أن يقترب منه فعل مؤيد ذلك بينما هناك فرقة بأصواتها القوية ملأت المكان.
اقترب منه مؤيد فسأله شاهين بصوت مرتفع كي يسمعه
" هل يوجد فرح بالحارة "
قال مؤيد
" بل كل هذا لك، منذ أن علم أهل المكان أن بيت العطار سيستقبل خاطب وهم يتوافدون للمباركة وسلطان لا يستطيع السيطرة على الأمر كما ترى " اقترب منهما زكريا وآصف الذي قال
" ما شاء الله، أرى أنه لا داعي لنصعد ونجلس فعلى ما يبدو أن العروس وافقت وأحضرت الزفة"
زغره شاهين الذي قال لمؤيد
" كيف سأتصرف في هذا الوضع " أجابه مؤيد بتشفي واضح "
تعامل يا عريس "
همّ بالرد لكن الفرقة التي اقتربت حتى أحاطت سيارته وهم يضربون الدفوف بأقوى ما عندهم لم يسمحوا له بشيء أبدًا.
༺༻
بالأعلي …..
قالت فاطمة التي بدلت ملابسها ووقفت أمام المرآة لتتفقد مظهرها " ما هذا الصوت "
قالت سارة التي وجدت حذائها أخيرًا
" لا أعرف "
لتقول ملاك
" سمعت أن هناك زفاف بالشارع الخلفي "
قالت سمراء
" الصوت يرج الجدران كأنه بالأسفل "
قالت أسمهان التي تتمم على زينة وجه سارة الناعمة
" سأذهب لألقي نظرة فأنا أحب تلك الأجواء "
لكن قبل أن تتحرك دخلت تولين كما الطلقة تقول بحماس
" سارة العريس يرقص على واحدة ونصف "
قالت سارة " من شاهين! "
قالت تولين
" والعائلة الكريمة بأكملها " انطلقت الفتيات نحو النوافذ المطلة على الشارع ليجدوا كنزي وعلِيّ من أول الواصلين للنافذة لتضع سارة يدها على قلبها بصدمة وتقول
" ماذا يحدث "
أجابتها كنزي
" أهل الحارة فرحين لكِ، هل سنطلب من الناس كتم فرحتهم، دعيهم يعبرون كيفما شاءوا" أطلقت فرحة الزغاريد لتساعدها تولين وسمراء وبعض بيوت الحارة القريبة التي تشاهد وسارة تقف لوهلة تكاد لا تدرك ما يحدث، تكاد لا تشعر بما يدور، كل شيء حولها كان أروع مما تخيلت مطلقًا، الإحساس بداخلها كصولجان واتقدت به نيران عذبة تضيء روحها بشرارات لامعة ودفيء غامر، عيناها الدامعة لم تفارق شاهين الذي لم ينس مطلقًا وسط كل هذا أن يبحث عنها، حين رفع رأسه لأعلى ووقعت عيناه بعينيها، يراها جميلة كملاك أبيض يقف عاليا يضع يده على قلبه الذي قد يدفع عمره بأكمله ليرى ما يدور فيه من انفعالات، وعيناها التي كانت دومًا متجاسرة يسقط عنها كل نظرة ولا تبقى سوى نظرة واحدة أسبته، نظرة لخصت الكثير.. وغيرت الكثير …وبدلت الكثير..
سحب عينيه عنها حين رأى والده ينزل من السيارة بسعادة يستقبل الناس بحفاوة شديدة….فقال مؤيد بجدية
" قف بجوار سلطان حتى تهدأ الأجواء ونستطيع الصعود "
لكن إثنان من أفراد الفرقة اقتربوا منهم بشدة يشدون أغنية تراثية تعدد في ميزات العريس وهم يناولونه عصا ويشيرون له أن يتقدم فدفعه زكريا الذي يبدو أن الأجواء راقت له ثم لا يعرف ماذا حدث.
༺༻

بعد ساعة بل أكثر كانت غرفة الضيافة بمنزل سلطان عامرة بالرجال، وسلطان يجلس بينهم ويقول بملامح مشدودة
" ما حدث بالاسفل لم يكن مرتبًا له، عذرًا منكم ، أهل الحارة أهلي وأرادوا القيام بالواجب ليس أكثر"
قال منصور بسعادة
" لا عليك يا بني ما حدث خير وبشرة خير ويختصر علينا الكثير، فهذه الزيارة تأخرت كثيرًا والمشهد حين وصولنا كان مبشر"
قال شاهين الذي يمسح عرقه بعدة مناديل
" لقد قاموا بإقامة زفاف قبل الزفاف، لم يكن ينقصنا سوى المأذون "
قال طاهر
" تعوّد على الأجواء هنا يا شاهين، إنهم أهلك من اليوم فأنت ستأخذ ابنتهم "
قال منصور
" على رأسي ورأس ولدي ونعم الناس والله، واسمحوا لي أن أتقدم رسميًا لطلب يد الآنسة سارة لشاهين ابني على سنة الله ورسوله ، ما هي طلباتكم …فلتأمروا وعلى أعناقنا السداد " قال سلطان
" الأمر لله يا سيد منصور، لكن إن كنت تقصد بكلمة طلباتنا أي شيء مدي فهذا متروك للعروس، طلبت كثيرًا أو قليلا فهو لها لا يهمني ولن أتدخل في النهاية أنا أعرف أن من ربيتها لن تطلب سوى بالأصول والمعقول فهي لا ينقصها شيء، ولا تحتاج إلى شيء، وأما طلباتي أنا فأنا لي طلب لا غيره …سارة …ابنك سيأخذ ابنتي التي ظللت لسنوات أحافظ عليها من الهواء، ظللت أراعيها وأغرز فيها الطيب لذلك لا أريد لها سوى أن تراعى في كنف رجل يكن لها أب وأخ وزوج، رجل يحتوي ويراعي ويقدر ويعفو إن تطلب الأمر، رجل يدعم ويدفع ويستمع مهما كلفه ذلك، رجل يرفع من شأنها يحافظ على كرامتها لا يخدش إحساسها ويعاملها بما يرضي الله، فإن كان ابنك سيكون ذلك الرجل فطلبكم مقبول ولنتوكل على الله، وإن شعر للحظة أنه قد يقصر في شيء من هذا فليقل الآن وأنا سأعتبر كأن شيء لم يكن "
كانت سارة تقف وسط الفتيات بالخارج و تبكي تأثرًا
ليقول شاهين
" أختك يا سلطان ستكون زوجتي كرامتها من كرامتي وسعادتها سعادتي، ستكون مصانة محفوظة، لا أحد حتى أنا قد يمسها بسوء أبدًا ، أعدك " نظر له سلطان وقال
" وعدك هذا سأطالبك به وأحاسبك عليه إن رأيتها في يوم حزينة والدموع في عينيها، أنا لن أنتظرها لتبكي لأبكيكِ عليها " انقبض قلب شاهين بشدة وهز رأسه برفض يقول
" محال أن يحدث هذا يا سلطان، أنا محال أن أؤذيها "
قال منصور
" هل سنسأل العروس عن طلباتها ونتوكل على الله ونقرأ الفاتحة " قال شاهين
" بلى لتأتي وتطلب كيفما شاءت"
وقف سلطان وقال
" سأحضرها "
ليقف عيسى ويقول
" سأحضرها أنا "
هز سلطان رأسه وعاد جالسًا متغافلا عن نظرات الحقد المتوارية في أعين رضا تجاهه ليدخل عيسى ومن خلفه سارة التي شعرها ترتجف فلم يقاوم أن يهب ويمر إليها يجاورها كسند باقي ما بقى الزمن ويقول لها
" ما طلباتكِ يا سارة "
هزت رأسها بتأثر وقالت
" بعد ما قلته لا شيء "
قال منصور
" يا ابنتي .. شبكتكِ …منزلكِ …اطلبي ما تشائين "
نظرت له وهي تلتصق بأخيها غير قادرة على النظر لشاهين الذي لأول مرة يستشعر هشاشة الانثى فيها وكم كان شعور جارف ثم قالت
" لا شيء من ذلك يهمني مطلقًا، أنا فقط لا أريد أن أبتعد عن الفتيات فيما يخص السكن، وأمر عملي مفروغ منه، غير ذلك ليس لي طلبات "
قال شاهين
" بالنسبة للسكن الفيلا ضخمة وإن لم يرق لكِ الجناح، سأبني ملحق خارجي، أو حتى مبني مجاور، المساحة هناك تمكنا من فعل ذلك وأكثر "
قالت سارة
" أنا لا أريد الابتعاد عن الفتيات، حور تقيم بجوارنا …كنزي ستفعل وأنا مثلهم وحتى ملاك حين تجد نصيبها إن شاء الله "
قال شاهين لعلِيّ
" ألم تقل أنك ستقيم مع والدك لكي لا يبقى بمفرده "
قال شاكر
" لا تربط نفسك بي يا بني، أينما وجدت سعادتك فلتبقى "
ربت علِيّ على ساق والده وقال " يا أبي أنا وكنزي لم نحسم الأمر "
زغرته سارة وقالت
" بل حسمتوه وأنت من نسى " قال علِيّ
" متى ذلك "
أجابته
" ذلك اليوم صباحًا حين قدمت لأناديها "
توتر علِيّ ونظر لها يحاول أن يستشف خفايا حديثها لتحرك كنزي رأسها من خلفها وتشير له علامة القتل فقال بدون تفكير
" أنتِ محقة نحن حسمناه وسنبقى حيث تريدين "
قال شاهين
" الحي بأكمله مباع الوحدات، ثم لا أرى داعي لترك منزل أهلي " تدخل والده يعفيه من توتر الموقف وقال
" أفعل لها ما تريد يا شاهين على أي حال جناحك سيجهز لكما لكي تبقيا معنا نهاية الأسبوع على الأقل "
لم يكن بداخل شاهين اقتناع لكن عيناها المترقبة لرده…المتأملة خيرًا به جعلته يقول
" لها ما تريد بإذن الله"
قال منصور
" إذا يناسبكم الزفاف بعد شهر " قالت سارة بصدمة
" زفاف "
قال شاهين
" لا أظن أننا نحتاج فترة خطبة طويلة "
قال سلطان
" الاستعجال لا أستثيغه، كل شيء بحدود يكن جيد "
قال منصور
" إذًا لنحتفل بعد أسبوع بالخطبة وعقد القرأن والفرح بعد ثلاثة أشهر"
قال سلطان
" ستة أشهر"
نظر منصور لشاهين الذي قال
" لا بأس، مادام هذا ما تريده سارة "
قال منصور
" حفل الخطبة وعقد القرأن سيكون في أفخم قاعات العاصمة ويمكن للعروسة أن تشرف على الأمر كيفما شاءت"
قال بشر
" أرى أن نقرأ الفاتحة، فكل تلك التفاصيل يمكن لسارة وشاهين التفاهم بها "
قال طاهر بصوت مرتفع
" الفاتحة "
عمّ الصمت تمامًا للحظات إلا من همسات خاشعة ومؤثرة وستظل موثقة في الوجدان ما مر الزمان ليقطع ذلك الصمت صوت الزغاريد الذي ارتفع عاليًا يصدح في القلوب قبل الاذان وسلطان يضم سارة بقوة كأنه للتو سمح لشاهين أن يمتلك قطعة من روحه أن يأخذها إلى حياة أخرى ليس هو مدارها.
༺༻

بعيدا عن كل ذلك…..

كان هناك جسد واهن بعيون سكن فيها الجنون والخطر موصول بعدة أجهزه، المهدئات التي يأخذها ربما تجعل جسده في حالة خدر لكن عقله وقلبه لا يتهاونان أبدًا في انفعالهما الذي يتزايد نحو تلك التي ظنت أنها في أمان منه،
تلك التي يدعو الله الذي لا يعجزه شيء أن يطوي المسافات بينهما حتى يطبق عليها يده، هذيان أصابه لسنوات فلا منه عتق أو شفاعة …هذيان وحل به واستوطن لكن متى يفني البعد ويلتقيها ليضمها شوقًا فاق الشوق، ثم ينحرها من شدة الغضب والغيرة والحزن والوجد، وينحر نفسه معها بحقيقة كونها تجاسرت أن تفعل به ما فعلت، بكونها انتمت لغيره والذي لن يفلت من انتقامه هو الآخر، الغرفة من حوله كانت مظلمة إلا من شعاع بسيط ينفذ إليها من خلال النافذة التي يراقب منها حلكة الليل وأعمدة الإضاءة، عيناه التي أبكاها الحنين تتخيلها هنا بجواره، تقترب منه لدرجة أنه جاهد ليحرك أصابعه كي يلمسها وعبقها الساكن حناياه هاج كأنما عاصفة ألمت به، يحتاجها في تلك اللحظة أكثر مما يحتاج نبض قلبه شهيق أنفاسه، يحتاجها بقوة تقهره.
أغمض فياض عينيه يتذكر أول لقاء لهما بعد العودة وبينما هو متمادي في هياج عنيف كان هناك بداخله جزء آخر يدرس أدق تفاصيلها التي أصابها النضج بعيدًا عنه، غاص في تلك التفاصيل حتى خدر حواسه بها ليفتح عينيه فجأة بيقظة يحركها في الظلام من حوله بحذر شديد قبل أن يقول
" أواب "
ليأتيه صوت يتقدم نحوه بخطوات لا تسمع وقال
" بل حكم "
قال فياض
" ظننتي لن أراك قريبًا، على الأقل حتى أتعافى، لقد استغربت أنك تركتني في مصر حتى الآن ولم تتخلص من وجودي بينما أنا لا أعي للدنيا من حولي "
قال له حكم الذي لم يتحرك إلى نقطة الضوء بعد
" لن أنكر أن هذا ما كنت أفكر به وسعيت له، لكن هناك ما أوقف الأمر وجعلني أعود عن قراري هذا "
سأله فياض بتهكم
" وما هو هذا الأمر الذي جعلك قد تترك وحش مثلي طليقًا في محيط الأميرة يا حكم "
قال له حكم بقوة
" كيان في خطر يا فياض " أصعب جملة قد مرت على مسامعه أبدا، حين سمعها بالماضي ألقى نفسه بالنار ولم يفكر سوى إما أن يعودا معًا أو يحترقا معًا واليوم الأمر يصل الى مستوى آخر جعله يشعر أن بداخله يستعر من أهوالها ورغم ذلك خرج صوته متقطع كأنه لا يجده ليقول
" لا أفهم "
أجابه حكم
" كيان كشفت للحكومة، لا أعرف حتى الآن كيف أو منذ متى لكنها ضمن أسماء لديهم وفارس ما هو إلا عميل يحاول كسب ثقتها والاقتراب منها قدر الإمكان علّه يصل لشيء، أواب يقول أن بحثهم خلف الأمر أصبح على أهبته ولذلك أردتك أن تعلم بما يدور "
قال فياض بجنون
" سأقتله "
هدر به حكم بصوت خافت
" أنا لست هنا لأرى جنونك، بل لتجد معي حلًا لنخرجها من تلك الورطة، أنا لم أخبرها حتة الآن بهذا، فكيان تتوتر سريعًا ومن السهل أن تكشف نفسها …كيان أصبحت بالنسبة لهم مصدر خطر لن يتوانوا عن القبض عليها في أي لحظة قد يشعرون بها أنها أدركت ما يحدث من حولها " صمت فياض وشعوره بالتهديد والخطر يزيدان الهياج داخله ليقول بصوت أجوف
" إذا دع أمرها لي "
اعترض حكم قائلًا
" لن أفعل فياض فأنت تؤذها دومًا "
أغمض فياض عينيه وقال بحرقة " بل هي من أخذتني إلى طريق الأذي ثم تركتني وحيدًا، هي من جعلت عالمي بلا مركز جاذبية فصرت تائهًا أتخبط، هي من أتلفت قلبي وعقلي ثم تبرأت من جنوني حكم "
قال حكم بيأس
" أنت لا فائدة تُرتجي منك يا فياض، أنا سأتصرف "
تحرك حكم فسارع فياض يقول
" لا حكم …لا …لمرة واحدة دعني أتولى أمرها …دعني أملك عليها سلطان ولا تقف بيننا، يكفي ما حدث "
لم يلتفت له حكم بل قال وهو يعطه ظهره
" حسنًا فياض، اثبت لي أنك تستحق ذلك وأعدك ألا أقف بينكما مطلقًا "
اتقدت أعين فياض وهو يسأله بلهفة
" كيف أفعل ذلك "
حينها فقط التفت له حكم وقال
" أنت أدرى بعلتك، قاومها فياض …ابدأ علاج …سيطر على ذلك الاضطراب والجنون داخلك لتصبح آمن على نفسك ومن حولك وحينها تعال إليّ " صدمة فياض بدت جلية لكن حكم الذي ظهر في الظلام بعد عدة خطوات اختفى لدرجة أنه لم يشعر بالباب وهو يفتح كأنه نفذ من الحائط بعدما ألقى ما في جعبته وتركه على ذلك السرير البارد المقيت يحترق، تركه ما بين جنون وقرار يصارع ليحسم الأمر وقد كان فهي إن كانت طرفًا فما له في طرف سواها حاجة مطلقًا.
༺༻

إني تقت إليك وشوقي قد ضج بأضلعي، يدنيني إليك الجوى الذي من حدته تئن مدامعي، وتفتك بي الأفكار التي بحالك لا تدري ولا تعي، وتموت على شفاهي الكلمات التي كانت لأجلك تفيض جوامعِ.
ما حيلتي في كونك أخذت من قلبي مرتع، ثم غبت وتركتني خلفك لأعانق الغياب وللثبات أدعي.
كم تمنيتك أن تكون الطرف المشتاق بيننا وتأتيني عن كل المنطق مترفع.
تنقذني من صبابتي وتغير بثرثرتك على سكون مسامعي.
كم تمنيك أن تجاورني إلى النهاية وأنت مطبق كفك على أصابعي.
وكم يصعب عليّ أن يراك كل من يراك ووحدي من يقصيه عنك القدر متمنع.
༺༻
اليوم التالي ….

من قال أن كونك رجلًا هو أمر سهل، من قال أن تلك الصفة تجعل الكثير من كل شيء متاح.
كونك رجلًا ربما يكون العبء الأكبر في حياتك …ربما يكون أساس كل المحن، فأنت مطالب بالصمود …بالقوة …بالثبات، مطالب ألا تخطيء وتظل محل إشادة واحترام، مطالب ألا تهتز صورتك في أعين من حولك مهما بلغ بك الضغط، مطالب أن تكون سوى …عطوف …حكيم …مسؤول وإلا فاستعد للانزلاق نحو مصطلح مقيت ينفي عنك ما أنت، ويثبت عليك ما تكون …مصطلح ذكر …يا إلهي كم يمقت تلك الكلمة التي حين يفكر أن بهية ربما لا تراه بعد ما حدث بينهما ولا تصفه سوى بها يشعر بكونه مهان، يشعر أنه أصبح مسخ لا يطيق التعامل مع حقيقته، لذلك لم يحاول مطلقًا إيقاف مخططها، لم يحاول منعها من الانتقام كما تريد ولن يقف أمامها مطلقًا ويدافع عن نفسه، رغم أنه لا يعرف هل هو على استعداد ليحتمل الرفض الذي ستبديه تجاهه على رؤوس الأشهاد أم لا، فقط خوفه من أن يتملك منه الخوف الذي تملك منه بالماضي وأعجزه عن مواجهة أسمهان بالحقيقة، جعله هذه المرة يسارع لهذا الإعتراف وهذا الحساب لعله ينقذ ما يمكن إنقاذه في ذاته التي أرهقها الشتات وفي علاقته بتلك التي تنوي الغدر به، التفت منذر ينظر لبهية المرهقة وقال
" تبدين مرهقة، لقد وصلنا ..لكن ما رأيك أن نمر بالطبيب أولًا " نظرت له بهية بوهن وأطالت النظر دون رد وهي تفكر بالوقت المناسب لاخباره بأمر يوسف وجيلان ليفسر هو تمنعًا بدأت تمارسه عليه منذ اللحظة الأولى لوصولهما فاكفهرت ملامحه وهو يسألها
" لما لا تجيبين "
أفاقت بهية من شرودها وقالت
" شردت قليلًا …لكن لا داعي لطبيب، أنا فقط أحتاج لأرتاح بعد هذا الطريق الطويل "
قال لها بصوت مكتوم
" كما تحبين ثم ترجل من السيارة لتعتدل أصالة التي تجلس على المقعد الخلفي وتسألها "
ما بكِ شاردة الذهن، فيما تفكرين"
قالت بهية بحيرة
" أفكر في الوقت المناسب الذي سأخبره فيه بالأمر، أنا ليس بداخلي توقع لردة فعله تجاه ما سيعلمه وهذا يقلقني جدًا "
قالت لها أصالة
" ألم نتفق على أن تخبريه مهما كانت ردة فعله، استغلي وجودكِ هنا لأنه حين يعلم مؤكد سيحتاج عون إخوته في هذا الأمر، الوقوف أمام يوسف ليس سهلًا " قالت بهية
" حين أخبرني بأمر السفر شعرت أنها إشارة من الله لكني مازلت خائفة، أنا سأرتاح قليلًا وبعدها سأحاول إخباره "
قالت أصالة
" بل ستخبريه يا بهية "
قالت بهية
" يفعل الله ما يشاء "
فتحت بهية الباب المجاور لها وحين همت بوضع قدمها أرضًا شعرت بدوار عنيف وقالت
" منذر أشعر أني سأسقط "
أسرع منذر يرفعها لتقف بين ذراعيه كما لو أنها طفل فترنحت بقوة فضمها وهو يسألها
" لا تقلقيني عليكِ ما بكِ " ابتسمت أسفل نقابها وقالت بسعادة لم يرها
" أنه الحمل "
لا يعرف لما وصلته كلمتها فاترة باردة فقال لها
" هل لم تكوني مستعدة له " قالت بهية بقلب جبر وارتاح
" بالفعل لم أكن أتوقع ذلك، كان أمرًا بعيدًا عن عقلي ولكن الحمد لله أن منّ الله علينا "
تصلب فك منذر ولم ينطق فرفعت بهية عينيها له وقالت
" قل الحمد لله منذر، الذرية نعمة يجب أن نحمد الله عليها دومًا " نظر لعينيها قليلا قبل أن يقول
" الحمد لله "
سألته بهية باستغراب
" ما بك "
قال لها بوجل
" لاشيء "
قالت له
" كيف لا شيء، أنت تبدو مختلف "
قال لها منذر
" بل أنا كما أنا بهية منذ عرفتني، ربما الوقت بيننا كشف لكي عني أمورًا لكن تأكدي أنه لم يكن كافيًا أبدًا ليكشف أمورًا أخرى، واعلمي أني أريد أن أكمل الحياة معكِ وبجواركِ، ضعي هذه الجملة دومًا نصب عينيك قبل أن تقدمي على أي شيء "
قالت بهية بلهفة
" هل تحبني يا منذر، هل أنت سعيد معي، هل مهما كان ما معنى وجودي في حياتك هو يرضيك "
لم يدري منذر المغزى من سؤالها، لم يفهم أهو فخ أم محاولة منها لوضعه في اختبار أخير، في الحالتين لن تجد لديه ما تصبو إليه لذلك قال
" هذه الاسئلة عليكِ إيجاد إجابتها لو كان هناك وقت …وإن لم تمنحينا ذلك فتخلي عن الاسئلة كما سأتخلى عن الاجابات " هزت بهية رأسها وقالت
" لا أفهم …
ليقاطعهما اقتراب سيارة وقفت خلف سيارة منذر تمام وترجلت منها أسمهان تنظر لمنذر باستغراب تتأمل ذراعيه اللتان تحتويان زوجته، تدقق في المسافات التي محت من بينهما وهي تفكر أنه رغم خيانته لها أصبح لديه زوجة طيبة وينتظر مولود أيضًا بينما هي التي لم تخطيء بقدره مازالت لم تتخط خيانته، مازالت غير قادرة على الالتفاف والنظر إلى حياتها …مازالت عالقة في تجربتها المريرة معه، اقتربت منهم أسمهان وقالت بابتسامة مرحبة
" حمد لله على سلامتكم، لما لم تخبروا أحد بموعد وصولكم " أجابها منذر الذي حين رأها اجتاحه شعور بالهزيمة وهو يفكر أنها أكثر من سيتشفى به لحظة جلده من كافة من حوله حين تبوح لهم بهية بما فعله، عيون أسمهان حينما تمتليء بالتشفي مؤكد ستكون الضربة القاضية له
" ليل يعلم بموعد حضورنا ….ها هو قد وصل "
أوقف ليل سيارته ليترجل منها هو وسمراء ويقترب من منذر قائلًا
" حمد لله على سلامتكم، تفضلا لماذا تقفان هكذا مؤكد كان الطريق طويل ومرهق "
قالت سمراء
" مبارك الحمل يا بهية سعدت من أجلكِ "
قالت لها بهية
" أدام الله سعادتك ورزقك بالذرية الصالحة"
نظر ليل لهما ودار بعينيه بحثًا عن أصالة ثم قال بتوتر
" هل أتيتما بمفردكما "
قال منذر وهو يشير لباب السيارة
" أصالة معنا لكن لا أعرف لما لم تترجل"
ضيقت سمراء عينيها ثم نظرت لليل بلوم وقد أدركت ما يحدث قبل أن تفتح باب السيارة فتجد أصالة قد غفت وآدم ينام بين ذراعيه فقالت بذهول
" إنها نائمة ومعها طفل "
قالت بهية
" هذا آدم ابن أخي، إنها تتولى رعايته ومؤكد تعبا من طول الطريق "
قال ليل بلهفة
" تفضلوا، أين الحقائب …ساعدي أصالة يا أسمهان من فضلك "
تحركت أسمهان لتوقظ أصالة بلطف فيما سند منذر بهية نحو باب المنزل لتقترب سمراء من ليل وتسأله بعدم رضا
" ما الذي تفعله، هل أنت مُصِر " لم يرد عليها بشيء سوى
" هاتفي فخر واطلبي منه أن يحضر حالًا يا سمراء .. حالًا "
༺༻
بعد ساعتين…..

دخل فخر المنزل عابس الوجه …مشدود الجسد …متصلب الفك …وقبضته تنقبض وتنبسط بشكل متسارع يدل على أنه ليس على طبيعته، إنه يحاول السيطرة على شعور ثائر بداخله رفضًا لما يحدث ورغم سيطرته قدر المستطاع على ذلك الشعور تبقى رعشة يده أكبر صدى لتلك الثورة، أمسك فخر كفه اليمنى بكفه اليسري يحاول تدليكها بلطف عل تلك الرعشة تختفي لكن لم يسفر ذلك عن شيء سوى أن توتره قد زاد وغضبه قد تضاعف فازدادت رجفة كفه بشكل بالغ، جعله يشتم بخفوت شديد وسمراء تقترب منه بوجه غاضب وتقول
" أين كنت، ساعتين حتى تأتي، ليل غاضب "
قال لها فخر بحدة
" كفي لا تتوقف، انظري إنها لا تتوقف "
قالت له بشفقة وتفهم
" هذا لأنك متوتر، اهدأ يا فخر وادخل لتلقي السلام "
قال فخر برجاء
" لا أريد سمراء، لا أريد "
قالت سمراء
" ليس هذا الوقت المناسب لتلك الكلمة، ادخل واجلس مع أخيك وحين نصبح بمفردنا سنتحدث وباذن الله سيمر الأمر دون تعقيد"
قال لها فخر
" فيما سنتحدث سمراء، فيما بربك "
قالت له
" في كونك ستعطي لنفسك فرصة جديدة فخر، الفتاة تستحق ذلك، تحامل على ذاتك لتخرجها من هذا المأزق، فخر جاهد لتنجو أنت لست بهذا الضعف أليس كذلك" قال فخر بحزن شديد
" بل أنا أضعف "
ثم وضع كفه المرتعشة خلف ظهره وكمن يتعجل خطواته نحو المقصلة تقدم إلى الداخل لتقف سمراء تنظر في أثره وهي تهمس " لا خوف أخيك يسهل التعامل معه ولا عشق العزايزه يا فخر ..لا أبالغ إن قلت أن الأمر سيكون صراع قوي وليس لدي شك أن خوف أخيك عليك دومًا سينتصر "
طرق على الباب جعلها تتنهد بهم وهي تقترب أكثر لتفتحه فتجد بشر يقف ليحل ربطة عنقه وبجواره تولين تقول
" لما لم يخبرني أحد أن منذر قادم، تفاجئت أن بشر مر عليّ بالعمل وطلب مني العودة سويًا لنتناول الغداء معًا، وهو يعلم أن سارة ذاهبة لتنتقي شبكتها وأني لست متفرغة "
دفعها بشر لتدخل وهو يقول
" لست متفرغة لي "
أحاطت خصره بقوة كما الطفلة وهي تقول
" لمنذر بالطبع …كيف تظن هذا"
قال بشر
" لأني لم أعد أجدكِ تولين، ما رأيكِ لو سافرنا بإجازة قصيرة، أنا أحتاج للبقاء معكِ "
قالت سمراء
" خذاني معكما أنا وليل وفخر لن أستطيع تركه بمفرده هنا خاصة وأن ليل قد قرر أن يزوجه قسرًا "
قال بشر
" لا أعرف هل ألومه أم أشفق عليه، حال فخر يقلب كيانه " قالت سمراء
" صدقت "
قالت تولين لبشر
" لا مانع لدي لكن فقط أعطني مهلة حتى أطمئن على رائف، ويمر حفل سارة، وبعدها لنسافر كما تشاء، ثم يا سمراء من سعيدة الحظ التي ستتزوج بفخر بالإكراه، هل نعرفها "
قالت سمراء
" أكيد إنها بالداخل، أصالة أخت بهية زوجة منذر "
قالت تولين بذهول
" من "
أجابتها سمراء
" أصالة العزايزي، هل لا تذكريها "
قال تولين بسعادة غامرة وعقلها ذهب إلى رائف مباشرة متناسبة سبب وجودها تمامًا وقالت
" هل هي بالداخل "
قالت سمراء
" نعم هي وبهية ومنذر وليل وفخر وأسمهان ..الجميع بالداخل"
قفزت تولين بحماس وقالت
" تذكرت مكالمة سريعة سأجريها وأعود لكم …تحركت نحو الخارج ثم عادت ووقفت أمام بشر تستطيل على أطراف أصابعها لتتعلق بعنقه وتقبل فكه بقوة فيحيط خصرها متفاجئًا ومنتشيًا لتقول له
" أنا أحبك، إذ أنت الشخص الوحيد الذي قد يشغلني عن العالم ولا أنشغل عنه، أنت الشخص الذي يستحق أن يكون فراغي له وانشغالي بجواره …أنت أغلى ما أملك …كل ما أملك …وأهم ما أملك "
مال بشر بوجهه إليها وهو يقول " يا إلهي "
لتقول سمراء
" أظن حان الوقت لأنسحب " التفتت لها تولين التي مازالت متعلقة بعنق بشر وقالت
" لا داعي لذلك، لكن هل أنتِ واثقة أن أصالة العزايزي بالداخل"
ضربت سمراء كفًا بكف وهي تقول
" لما لا تتأكدي بنفسك "
قالت تولين
" لا داعي أنا أثق بكِ ..سأجري هذا المكالمة وسأعود "
خرجت تولين تعدو كما الطفلة تحت أعين سمراء التي نظرت لها بذهول وسألت بشر
" ما بها طفلتك تلك "
ابتسم بشر وقال
" لا أعرف لكنها سعيدة وهذا هو المهم "
༺༻
بالخارج…..

وقفت تولين تقول لرائف بالهاتف " لدي خبر لك يستحق أن تكافئني عليه "
جائها صوته متلهفًا يقول
" هل وصلك خبر عن أصالة هل هي بخير "
قالت تولين
" ما رأيك أن تطمئن عليها بنفسك"
صمت للحظات ثم وصلها صوته يائسًا يقول
" كيف "
قالت
" فقط تسلل من المشفى واذهب إلى مطعمك وهاتفني وسأحضر لك ست الحسن والجمال إلى هناك حتى تراها بنفسك وتطمئن عليها"
قال رائف بصدمة كبيرة
" كيف هذا "
قالت تولين
" لا أعرف، إنها الأقدار، لقد عدت من العمل اليوم لأجد منذر وزوجته وأصالة هنا فهرعت لاخبارك فورًا "
قال لها وقلبه ينخلع من وعورة الشوق
" تولين هل تمزحين معي "
قالت له
" لا، أقسم لك، لو أنك تحب أن تسمع صوتها الآن ظل معي على الخط وسأدخل لها وأتجاذب معها أطراف الحديث حتى تتكلم وتسمعها "
قال رائف بصدمة أكبر
" أصالة هنا "
قالت له
" نعم "
قال لها
" وبخير، هي بخير"
قالت
" لم أرها لكن أظنها كذلك "
قال لها برجاء
" أريد أن أراها تولين أرجوكِ " قالت تولين
" بدون رجاء رائف …سأحاول إقناعهم أن نطلب طعام من المطعم وسأطلب منها القدوم معي، وإذا صار الأمر كما أريد سأخبرك لتذهب للمطعم أنت أيضًا لكن سؤال مهم وأريد إجابة واضحة عليه رائف هل الفتاة تعرفك وبينكما حديث "
صمت رائف وكل شيء بينه وبين أصالة شعره خاص بهما وحدهما لذلك أجاب بشكل مختصر
" نعم "
قالت له
" حسنًا لن أسألك الآن كيف أو متى لكن السؤال الأهم، هل أصالة تعرف عن ماضيك شيء وعن علاقتك بالعزايزه وبي شيء، هل يمكنني أن أكون صريحة معها وأخبرها أن أدبر حيلة لأخرجها لكي تراها "
سارع رائف يقول وقد غار قلبه من هول السؤال
" لا تولين …لا …هي لا تعرف شيء، أنا سأخبرها يومًا ما حين تسمح الظروف بذلك لكن ليس الآن، أحضريها معكِ واتركي لي المساحة لأقترب دون أن تشعريها أنكِ تعلمين شيء "
لهجته المتخوفة المتماوجة بين لهفة ورجاء جعلتها تقول
" اطمئن رائف، من الجيد إذًا أني سألتك، حسنًا سأفعل ما تريد …انتظر مني هاتف .. أغلقت تولين الهاتف وهي تنظر للهاتف وتفكر أن خوف رائف قد أخافها، حديثه عن أصالة يحمل خفايا كثيرة عليها إدراكها لكن حتى تفعل لا تملك سوى أن تتمنى فعساه خير وهي لا تدري.
༺༻
بالداخل…

كان ليل يجاهد لفتح موضوعات مشتركة محاولًا جعل أصالة وفخر طرفين لها لكن أخاه الذي لا يرفع عينيه عن هاتفه كأنه ينتظره أن يرن في أي لحظة قتله كمدًا وأشعره بالعجز ورغم ذلك قال
" وأنتِ أصالة ما دراستكِ، هل تدرسين الطب مثل الطبيبة " قالت أصالة التي تجلس آدم جوارها وتضع أمامه لعبة ليتشاغل بها
" لا سيد ليل أنا الطب لا يستهويني، لقد كنت أطمح للتدريس داخل الجامعة، لكن يبدو أن حلمي هذا بعيد فأنا لظروف خاصة انقطعت عن الجامعة " قالت أسمهان
" انقطعت ولا تفكرين بالعودة " قالت أصالة
" بلى أفكر كل يوم لكن الأمر سيتطلب واسطة لتسويته وإلا سيضيع من مجهودي الكثير " قالت تولين
" الواسطة موجودة ..انويها فقط وأبلغيني "
سألتها أصالة بارتباك
" حقًا "
قالت تولين
" حقًا، لا تحملي همًا أبدًا، مادام ذلك حلمك جاهدي وستصلين " ابتسمت أصالة وتنهدت بعمق وشردت عيناها وهي تقول
" بإذن الله سأفعل "
مال ليل على فخر وهمس له
" اترك هذا الشيء، وانتبه للجالسين أمامك "
قال له فخر
" انتبه لمن تحديدًا "
زغره ليل بعينه وقال
" ألم نتحدث في هذا الأمر يا فخر، انظر للفتاة لعلك تجد في نفسك القبول لها ونطلب يدها لك، استغل هذه الفرصة لتقترب منها وتتعرف عليها وأنا واثق أنك ستجد فيها كل ما تتمناه "
ارتعش كف فخر بشكل أفزع ليل لكنه ضم قبضته يحاول التحكم بها وهو يصرخ بداخله ولمَ أبحث عن شيء قد وجدته يا ليل، لمَ أبحث وما أريده قد علمته واكتفيت به، وكان كونها في كوني يكفيني …هل هذه من ستحل محلها ثم تحل قلبي من هواها، تلك التي أشهرت سلاحها في وجهي لا تدري أني قد أحضرت لها الرصاص، قال فخر باستسلام
" أهذا ما سيريحك أخي "
قال ليل
" لن يريحني سوى أن تعود كما كنت، أن تتعافى مما فيك ..قل كيف وأنا سأفعل وإن كان المستحيل "
صمت فخر قبل أن يقول
" لا أعلم أخي إجابة لذلك السؤال …ولا أعلم حلًا لحالي …لذلك لعل في حلك الإجابة، أنت محق ربما هذه من ستصلح كل شيء" ببطء مميت كان فخر يدير رأسه نحو أصالة والصراع بداخله على أشده وقبل أن تقع عيناه عليها رن هاتفه فانتفض قلبه وهو يلتقطه وينظر للشاشة بصدمة قبل أن ينتفض مثل قلبه واقفًا يعدو نحو الخارج.

قبل دقيقة ….

بالجهة المقابلة كانت يهدين في حالة يرثى لها، كانت مهشمة كما لو أنها قارورة ضربها أحدهم بقوته إلى حائط صلد فعادت نحوه ألف قطعة وكل قطعة ذهبت في اتجاه، تبكي وتبكي حتى تأذت عيناها وتسارعت دقات قلبها وتهيجت بشرتها واضطربت أنفاسها وهي تستمع لما يدور بينه وبين أخيه، سمعت حديثه عن تلك الأخرى التي مؤكدًا تفوقها في كل شيء، الأصل والنسب والشكل، تليق به كما يليق هو بالحب الذي بقلبها، كان الحديث الذي يدور بينه وبين أخيه يؤلمها عليه لكن حين شعرت أن عينيه تتحرك نحو غيرها فقدت السيطرة، ونقضت عهدها وتنازلت عن حرصها واندفعت تهاتفه، لم تتوقع أن يجيب، ظنته سيترك الهاتف كما أمره أخيه، لم تكن تسعى إلى شيء من تلك المكالمة سوى سرقة أنظاره التي لم تتخيل أن تحيد لأنثى غيرها لكن صوته الذي جاء محملًا بالكثير من الحدة يقول
" من معي "
نفضها لتقف وهي تضم نفسها وتنظر للهاتف وهي لا تستطيع أن تمسكه أو أن تجيب، ليرتفع صوته هذه المرة وهو يقول
" من معي، أهذه أنت "
ركعت يهدين أمام سريرها وأطرقت رأسها بجوار الهاتف تبكي وهي تسمعه يصرخ
" أجيبيني، لماذا تهاتفيني، ماذا تريدين مني، هل تظنين أني سأظل عالقًا بكِ، هل تريدين أن تجعليني أدور حول نفسي مجددًا، أجيبيني ..قولي أي شيء، ردي فقط ردي "
حين لم يأته ردها كان كأنما أطلق سراح شياطينه الغاضبة فهدر صارخًا بصوت فزع الجالسين بالداخل
" أليس لديكِ ما تقوليه، أليس هناك اعتذار جديد ننهي به تلك القصة قبل أن أتزوج، أنا سأتزوج …سأفعلها لتدركي أني لست خاضعًا لكِ ..لست مريضِا بكِ …لا أفتقدكِ ولا أحن إليكِ … نهت فخر في تلك اللحظة التي كان يخرج فيها ليل من المنزل بفزع ويركض نحوه وهو يسمعه يقول
" ولا أحبكِ يهدين …أنا لا أحبكِ"
حينها حركت كفها بصعوبة تغلق الخط وهي تنهار غير قادرة على سماع المزيد، حين انقطع الخط نظر فخر للهاتف وبأحداقه دمعة عالقة …دمعة غضب وقهر …وبدون تفكير ركض فركض خلفه ليل فيما خرج بشر ومنذر يتحركان خلفهما حتى وصل إلى منزل سارة وبدأ يطرق عليه بعنف شديد وليل يجذبه للخلف وهو يقول
" ما بك .. فخر ابتعد عن الباب " لتفتح فاطمة الباب فيصيبها الذهول وقبل أن تسأل عما يحدث صرخ بها فخر
" قولي لها لا تتصل بي مجددًا، أخبريها أن تتوقف عما تفعله فأنا سأكمل حياتي مع واحدة لا تستطيع أن ترفع في وجهي سلاح وأعطها هذه …أخرج فخر من جيب بنطاله رصاصة وألقاها أرضًا لتشهق فاطمة وتتراجع للخلف فيما ينحني ليل ويلتقط الرصاصة وهو يقول بصدمة
" ما هذا …
لكن فخر لم يجبه بل أكمل صراخه قائلًا
" قولي لها فخر يقول لكِ إن أردتِ أن ترفعي سلاحكِ في وجهه فقد اشترى لكِ الرصاص، إن أرادت أن تصيبني فأنا في موتي سأكون صاحب القرار "
ثم نفض ذراعه من كف أخيه وابتعد يركض ويركض ويركض حتى باتت حركته جنونية وأيقن أنه على وشك فقد عقله هذا إن كان مازال يملكه.
༺༻

بعد ساعة ونصف بمحل كرولس الصائغ ..
كانت سارة تقول لكنزي
" أين حور، لماذا لم تأت حتى الآن"
قالت لها كنزي
" لقد هاتفتها وأكدت لي أنها ستلحق بنا لكن لديها أمر مهم لتفعله ..اهدئي فقط، توترك المبالغ به لا يتناسب مع شخصية العريس "
ابتسمت فاطمة بارتجاف وهي التي لم تتخط منظر فخر بعد وقالت
" هذا شعور طبيعي يا كنزي، في النهاية هذه اللحظات تعاش مرة واحدة فقط لذلك تكن دائمًا ذات رهبة وتوتر "
نظرت فاطمة في هاتفها تتفقد الرسائل التي أرسلتها ليهدين فوجدتها أن قرأتها لكنها لم تجب فتيقنت أنها مؤكد فعلت شيء تتهرب من مواجهته بعدم ردها وهمت بإرسال رسالة جديدة لها لكن اقتراب شاهين وعلِيّ منهن جعلها تضع هاتفها بالحقيبة وتقف بهدوء لتشاهد ما يحدث، كان شاهين هاديء إلى حد يشعر سارة التي دومًا ما رأته في حالة هياج أنه ليس على سجيته، مبتسم ..لبق وأيضًا يجيد المزاح، كان شاهين آخر تراه لأول مرة لكنها آلفته بقوة وتمنت أن يبقى للأبد كأنها باتت لا ترى الحياة سوى إلى جواره لتسمعه يقول
" أمي انتقت لكِ أفضل الأطقم ولكِ حرية الاختيار فيما بينهم وإن لم يعجبك شيء مطلقًا لا تقلقي اطلبي من عم كرولس ما تريدين وهو سيستطيع إيجاده " قالت سارة
" ملاك لم تأت بعد وحور أيضًا أنا لن أنتقي شبكتي بدونهما "
قال شاهين بتفهم
" الاختيار يحتاج وقت يا سارة، خذي وقتكِ وحين وصولهما يمكن أخذ رأيهما، دعينا نستغل هدوء المحل "
تحركت سارة فظن شاهين أنها ستتوجه نحو والدته وأخته المنشغلتان بإختيار القطع لكنها توجهت نحو سلطان الذي يقف قريبًا من باب المحل ويضم ذراعية العضليتين إلى صدره وبوجه جامد فشعر شاهين لأول مرة أنه يدرك ماهية شعوره، أدرك أن سلطان وهو يرى سارة الآن أمامه تقف جوار آخر وترتب حياتها لكي تكملها معه وتتركه بعد ذلك العمر الطويل يشعر بحزن عميق قد لا يبوح به لكنه مؤكد موجود، لذلك تحرك خلفها يسمعها وهي تقول
" سلطان لماذا تقف هكذا، ألن تساعدني في انتقاء شبكتي " أجابها سلطان
" أنا لا أفهم في هذه الأمور سارة، انتقي ما شئتِ ولكن بحدود وانتقي هديتكِ مني أيضًا لكن لا تضعي حدود ولا تفكري بشيء " اختنقت سارة بالبكاء وامسكت كفه تقبلها فأشاح سلطان بعينيه لتقع بأعين فاطمة التي تقف وحدها بعيدًا ليتنحنح وهو يقول
" هيا يا سارة فأنا لدي عمل " قال شاهين
" عمل ماذا، نحن سنتناول الغذاء سويًا بعد أن ننتهي، لا تفكر في كونك سترحل، أنت باق معنا بإذن الله "
قال سلطان
" هناك الكثير مما يحتاج للإنجاز قبل نهاية الأسبوع، تعوض مرة أخرى إن شاء الله "
قال علِيّ الذي يجلس بجوار كنزي الواقفة تشاهد القطع التي انتقتها سيدرا والتي ارتاحت للتعامل معها حين لم تجد منها بالأمس أي بادرة كره أو رفض أو تنمر
" شاهين …أحضر سارة لترى ما يحدث هنا "
قال شاهين لسارة
" هيا وانتقي ما شئتِ لا تخجلي من أمي إنها متفهمة ومقدرة لاختلاف الاذواق "
قالت سارة بمزاح
" هذا واضح لذلك تتعامل مع ذوقك في اختيار عروس بنوع من الفرحة المزيفة الظاهرة للجميع، عاليا هانم شفافة لدرجة كبيرة "
ضحك شاهين وقال
" هي لم تعرفكِ بعد، أعطها بعض الوقت وستكون معكِ حلف ضدي إنها تحب الفتيات أكثر من الذكور "
نظرت له سارة وقالت
" لها كل الوقت فهي معذورة كونها تعيش وسط عائلتك التي تدري رأيي فيهم "
قال شاهين
" هلا تخطينا هذا النقاش وركزنا في أمورنا "
قالت سارة
" أمرك ..ما رأيك في وأنا مطيعة "
قال لها
" حلوة كنسيم الصبح المحمل برائحة الأقحوان ونسيم البحر المنعش "
قالت سارة
" هل تحدثني بفمك أم بعينيك " أجابها
" عيني تجيد الكلام عني، فدعيها تعبر "
قالت سارة
" تعبيرها لا يروق لي يا ابن الجوهري لملم عينيك عني " تنفس شاهين بعمق بالغ كأنه يستنشقها فوقفت سارة في ذهول من حركته لم ينتشلها منه سوى صوت كنزي التي قالت لسيدرا
" سارة هي الفيصل بيننا " تحركت سارة مسرعة هربًا من شاهين الذي يسرق أنفاسها عامدًا لتعبس وهي ترى القطع الماسية المتراسة وتقول
" ما هذا، أنا أريد ذهب …أريد عدة أساور لأهز بهم يدي هكذا فيصدرون صوتًا رنانًا "
ضحكت سيدرا وقالت
" أفكار خارج الصندوق، أحضر لها ما تريد يا عم كرولس "
قالت عاليا
" ذهب للخطبة، لن يكون مناسب يا سارة، إن كانت القطع لا تعجبكِ لنرى غيرها "
قالت سارة
" بالعكس إنها رائعة لكن في الحقيقة أن لا أحب هذه الأشياء البراقة، تذكرني بالخواتم التي تباع في محلات آخر العنقود، الذهب شيء آخر، أنا أريد شبكتي ذهبًا "
نظرت عاليا لشاهين وقالت
" ذهب كيف، هذا لا يليق بك وبها بالطبع، مستحيل أن أقبل بذلك "
قالت سارة
" لما لا يليق به، هل سيرتدي هو أيضًا حلقة ذهبية، يا عاليا هانم مع إحترامي لرأيكِ أنا قلت ذهب إذًا لن أشتري سواه …أنا أريد أساور يا عم كرولس "
قالت عاليا بعصبية
" إنها تشبهكم وستجلطني مثلكم تماما، هل كان ينقصني ياربي، لا والله محال أن أترك لكم المجال لتتوسعوا وتصيبوني بالمرض " همست كنزي لسيدرا
" ما بها الهانم والدتك "
قالت سيدرا بابتسامة
" تعاني من اضطهاد عرق الجوهري لها "
قالت سارة
" معذورة ..لا تُلام والله " وضعت مهرائيل التي تبتسم بلطف أمامها العديد من الأساور لتنتقي سارة ستة بأشكال متناسقة وترتديهم وتهز يدها وهي تقول لشاهين
" هكذا أشعر أني أشتري شبكتي"
لتقول عاليا بحدة
" على جثتي أن يحدث ذلك".
༺༻
في ركن المحل وقفت فاطمة تحاول التواصل مع يهدين التي تقرأ كافة رسائلها ولكنها لا تجيب وجسدها يرتجف تأثرًا من منظر فخر وصوت صراخه الذي مازال عالقًا بأذنيها، اعتذار أخيه الكبير …ركضه خلفه، المشهد بأكمله كان صعب جدًا ومن بعيد يقف سلطان ليراقبها بتمعن وانشغالها بالهاتف عن وجوده ينغز صدره نغزه عنيفة جعلته يتحرك نحوها بخطوات مشدودة ويقول لها دون مقدمات
" لماذا لا تنتقي لنفسكِ شيء" رفعت فاطمة عينيها له وقالت
" معذرة سلطان لم أنتبه لما تقول، ماذا قلت "
عيناه انخفضت نحو الهاتف بحدة قبل أن يقول بجمود
" كنت أقول لماذا لا تنتقي لنفسكِ شيء"
ابتسمت له وقالت
" ولمَ سأفعل هل أنا العروس " ردها دفعه ليصمت لحظات قبل أن يقول
" أعتقد الإناث تحب هذه الأشياء"
هزت رأسها ومازالت لا تفهمه وقالت
" حتى وإن كان هذا صحيح، هذا ليس مبرر لأنتقي لنفسي قطعة ستصر سيادتك على دفع ثمنها، في الحقيقة هذه المناسبة السعيدة لا يليق بها أن ندخل في حوار معًا ينتهي كما العادة بشد وجذب وخلاف جديد لذلك شكرًا لعرضك سلطان كانت لفتة طيبة منك "
قال لها سلطان ومشاعره التي تجيش بصدره ما بين حزن وأشياء أخرى تجعله مندفعًا
" هذا ليس مجرد عرض " نظرت له للحظات ثم سألته
" ما هو إذًا "
نظر لها عاجزا عن الرد، لا إجابة وجدها حاضرة تريحه وتريحها وتفسر له ما يحدث معه سوى كلمتان فقط قالهما لأنه لم يجد غيرهما في داخله
" هذا سيكون شيء مني لكِ"
رده كان كصدمة ألمت بها لدرجة أنها سألته بصوت خافت
" ماذا تعني بمنك لي سلطان " كان سؤالها هذا أكثر صعوبة من السابق وهو لا يملك تبرير مطلقًا لذلك قال لها بانفعال
" تعني مني لكِ فهل انتقيتي شيء لنفسكِ"
نظرت له فاطمة بصمت قبل أن تقول
" لن أفعل يا سلطان، فما يدور هنا لا يليق بك أو بي "
سألها بحدة
" ماذا الذي ترمين إليه "
أجابته فاطمة بغضب
" لا شيء سوى أني أريد أن أفهم ما الذي تعنيه كلمة منك لي، هل تستطيع شرحها ؟؟ "
صمت سلطان عاجزًا لتقول فاطمة " هذا ما توقعته "
ثم تحركت بغضب شديد بعيدًا عنه وهذا جعل كل شيء بداخله يتفاقم الغضب، الحزن ..الضيق لينادي أحد العاملين بالمحل وقد قرر أن يشتري لها ما يريد وبشكل إجباري ولتريه كيف سترفض ابنة العطارين.
༺༻
في نفس الوقت وداخل غرفة تبديل الملابس داخل أحد الأندية الرياضية وقفت زيزيت مقابلة لبيان ومايا اللتان يظهر على وجههما السخط وهي تقول
" أنا لست هنا لأحل مشاكل العشاق، أنا الانتقام عندي يعني دماء ولا شيء غير ذلك "
قالت بيان
" شافعية على حق، حسنًا يا زيزيت افعلي ما تريه مناسبًا لانتقامك لكن هذا اتفاق، أنا لا أستثيغ الدماء والقذارة، كل ما أريده تعديل بسيط في خطتك يجعل كنزي وعلِيّ قصة لن تكتمل إن كتب لها الحياة بعدما تنزف ما تشائين من دماء "
قالت زيزيت
" رغم أني لا أحب شغل المراهقين هذا لكن مادام بيننا اتفاق سألتزم به لكن أريد منكِ أيضًا أن تحضري لي كافة التفاصيل التي تخص الحفل لأعرف جيدًا كيف سنتحرك ومتى …كل شيء سيكون مرتب له ولا مجال للخطأ "
قالت مايا
" لا تقلقي كل واحدة منا إن التزمت بجانبها من الاتفاق ستكون الأمور على ما يرام، أرني فقط همتكِ واسمعي الجديد، شيراز الشافعي تطلقت بالأمس ولم تعلن عن الأمر، وعادت لتقضي فترة العدة في منزل بلال الريدي لأنهم لن يعلنوا الأمر الآن"
قالت لها زيزيت
" مستحيل أن تفعل ذلك دون علم العائلة "
قالت مايا بخبث
" فعلت يا حبيبتي اسأليني أنا " سألتها زيزيت
" كيف علمتِ بأمر كهذا "
قالت مايا
" والدي من سهّل عودة بلال بعدما كان لديه مشكلة في بعض الأوراق لكي يعود ويأخذ زوجته بعيدًا عن حكم، لكنه لم يخبرها له صريحة بل كان الأمر بديهي أنه حين يعود سيذهب لأخذ زوجته، والدي كان يكلم بلال بالأمس متعللًا بعمل يريده به لكن بلال أعتذر منه وأبلغه أنه يحاول السيطرة على أعماله هذه الفترة ونقلها بأكملها لدبي قبل أن يعلن طلاقه وتثور الشافعية "
قالت زيزيت
" الحقيرة …مجددًا تضربنا في ظهورنا "
قالت مايا
" ولأزيدكِ من الشعر بيت، شيراز خرجت من المزرعة بالطفلة "
قالت زيزيت بصدمة كبيرة
" حقًا "
هزت مايا رأسها فنظرت زيزيت لبيان باستحقار لم تظهره وقالت
" هذا جيد جدًا جدًا ".
༺༻
انتهى الجزء الأول من الفصل السابع عشر
قراءة ممتعة للجميع ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-22, 06:45 AM   #135

al gameel rasha

? العضوٌ??? » 424155
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 244
?  نُقآطِيْ » al gameel rasha is on a distinguished road
افتراضي

صباح الفل و الياسمين
اولا الفرح حلووووووووووووووووووووووو وو ربنا يكتر افراحنا يارب
ثانيا و هو المهم

ايه المصيبه اللى هتعملها زيزيت في الفرح و هتبقى كارثة و شا هين هيفقد اعصابه فيها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟


al gameel rasha متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-22, 03:21 PM   #136

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى الابراهيم مشاهدة المشاركة
فصل رائع مع حبي للكاتبه
حبيبتي تسلمي كلك زوق ولطف ❤️❤️❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-22, 03:23 PM   #137

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة al gameel rasha مشاهدة المشاركة
صباح الفل و الياسمين
اولا الفرح حلووووووووووووووووووووووو وو ربنا يكتر افراحنا يارب
ثانيا و هو المهم

ايه المصيبه اللى هتعملها زيزيت في الفرح و هتبقى كارثة و شا هين هيفقد اعصابه فيها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟
صباحك جميل دائما حبيبتي ❤️
شوفتي الفصل كله افراح ورومانسبه اهو ردًا على الاتهامات الظالمه 😅😅
توضيح بس هي مصايب مش مصيبه 🙈🙈🙈
الله المستعان على القادم ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-22, 11:00 PM   #138

جيجي هاني

? العضوٌ??? » 380259
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 828
?  نُقآطِيْ » جيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل رائع رائع رائع سلمت يداكى

جيجي هاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-22, 12:46 AM   #139

ندى الابراهيم
 
الصورة الرمزية ندى الابراهيم

? العضوٌ??? » 275510
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 492
?  نُقآطِيْ » ندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond repute
افتراضي

الهم صلي وسلم على سيدنا محمد
فصل رائع الله


ندى الابراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-22, 05:25 PM   #140

Abeer el

? العضوٌ??? » 432064
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 65
?  نُقآطِيْ » Abeer el is on a distinguished road
افتراضي

فصل رائع وممتع كالعادة سلمت يداكِ 👏👌🔥😍

واخيرًا انفصلت شيراز عن بلال وكدة نبدأ نرتب لحكايتها مع حكم علي نظافة😅🙊
مع اني قلقانة من اللي هيحصلها بمجرد خروجها من المزرعة ومعرفة الشافعية لطلاقها 😢😓

"حسنا فكري أني ربما قد أعلمكِ لمسة من الأنوثة التي تفتقرين إليها تجعل ذلك الشاب الذي تميتين نفسكِ كمدًا على فراقه يرابط أمام تلك المزرعة مطالبًا بكِ، أنتِ جميلة يهدين …اختلافكِ هو سر جمالكِ …ومن يحب لا يرى بعينيه … لذلك كفاكِ تواريًا …فمن سيراكِ بقلبه ستكونين لديه أجمل النساء، سيكون واثقًا أنه بحبكِ وأنه أمسك بيديه القمر …ليتكِ تثقين بنفسكِ حتى ربع ثقته بكِ، حينها سيكون كل شيء داخلكِ بخير " ❤❤
علاقة الألفة مع يهدين رغم الاختلافات اللي كانت ما بينهم ومشهد وداعها وحضن يهدين ليها كان رائع ومؤثر ومقدرتش امسك دموعي❤😭😭


إنه منزلكِ …وينتظر عودتكِ …فقط عودي "
قالت بحزن
" سأفعل ..لم يعد لدي ملجأ "💔 حينها غار قلبه ورحه تصرخ بها أنه الملجأ وله اللجوء وأنها كل اللاجئين"😍🙈

مشهدها مع حكم كان جميل وجمع ما بين شعور بالحزن والأمان انه هيبقي سندها حتي لو بعدت عنع وبصراحة كل مشهد ليها معاه بيعلي حكم في نظري لأنه رغم الظروف اللي مر بيها في حياته والاغراءات اللي بيتعرض لها ما زال شخص عنده ضمير وبيهذب نفسه عن الوقوع في معصية او ذنب 👏❤


Abeer el غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:32 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.