آخر 10 مشاركات
جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          و أَمَةٌ إذا ما ابتُلِيَت في شرَكٍ ما جنتَ *مميزة* *مكتملة* (الكاتـب : فاطمة عبد الوهاب - )           »          عذراء الإيطالى(141)للكاتبة:Lynne Graham(الجزء1سلسلة عذراوات عيد الميلاد) كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          السرقة العجيبة - ارسين لوبين (الكاتـب : فرح - )           »          رواية المخبا خلف الايام * متميزه و مكتملة * (الكاتـب : مريم نجمة - )           »          لعـ زواج ـــبة (2) "الجزء 2 من سلسلة لعبة الصديقات" للكاتبة المبدعة: بيان *كاملة* (الكاتـب : monny - )           »          دموع زهرة الأوركيديا للكاتبة raja tortorici(( حصرية لروايتي فقط )) مميزة ... مكتملة (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          سافاير(138)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء2من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          مذكرات مغتربات "متميزة ومكتملة " (الكاتـب : maroska - )           »          60 - العريس لا أحد - ربيكا ستراتون (الكاتـب : فرح - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1264Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-10-22, 07:49 AM   #151

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة al gameel rasha مشاهدة المشاركة
ايه ده
مين اللى عايش الحرية من غير بشر ؟

فصل بداية كشف الحقائق
اول خطوة على الطريق
اهلا حبيبتي ❤️
مين بيتحرر من قميصه يا رشا؟


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-10-22, 11:23 PM   #152

ندى الابراهيم
 
الصورة الرمزية ندى الابراهيم

? العضوٌ??? » 275510
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 492
?  نُقآطِيْ » ندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل مرهق عنجد دوامه بدائت اتوه
يعطيكي العافيه


ندى الابراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-22, 09:10 AM   #153

Dina abd elhalim

? العضوٌ??? » 434126
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 242
?  نُقآطِيْ » Dina abd elhalim is on a distinguished road
افتراضي

روايه رائعه جدا
قرأت الجزء الاول ومقدرتش اسيبه الا مايخلص وبدات فى الجزء الثاني بجد قلمك ممتاز
بالتوفيق دائما


Dina abd elhalim غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-10-22, 08:37 PM   #154

نداء عودة

? العضوٌ??? » 495683
?  التسِجيلٌ » Nov 2021
? مشَارَ?اتْي » 44
?  نُقآطِيْ » نداء عودة is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شهيره محمد مشاهدة المشاركة
مين بيتحرر من قميصه؟
اكيد فيلوو هههههه


نداء عودة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-22, 09:53 PM   #155

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى الابراهيم مشاهدة المشاركة
فصل مرهق عنجد دوامه بدائت اتوه
يعطيكي العافيه
اهلا حبيبتي
فهميني بس ليه بدأتي تتوهي
المفروض الأحداث بدأت توضح والدائرة تضيق الكل بقى يتجمع ف نقطة مشتركة


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-22, 09:54 PM   #156

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dina abd elhalim مشاهدة المشاركة
روايه رائعه جدا
قرأت الجزء الاول ومقدرتش اسيبه الا مايخلص وبدات فى الجزء الثاني بجد قلمك ممتاز
بالتوفيق دائما
بجد سعيدة جدا جدااا بكلامك الجميل
كلك زوق ولطف
يارب دايما اكون عند حسن ظنك ❤️❤️❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-22, 02:15 AM   #157

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثامن عشر

ولأن الموج في عينيك يجرفني
بعيدًا عن قراراتي وتصميمي.
سأحرق سفن مرفأي بأكملها
فما عاد الإبحار في عينيك يعنيني.
وماعاد الصمت فيهما عنك يتكلم ويحيد بتيار أفكاري ويقوّم تيه تخميني.
سأشعل النيران وهجًا لا ينطفيء بين أمواجك
لتزرف دمعك حممًا وأنت تبكيني
يارجل عبث بعقلي وقلبي عشقًا
عباب بحرك ما عاد يغريني
وما عاد الغرق يمنحني سكينتي، وقد خاب فيك ظني واهتز يقيني.
المشاعر بداخلي كحقيقة بالحد تبتر،
فإن انحلت قيودي عن الرحيل ماذا يثنيني؟
وأنا التي كانت تراك كما الجبال رواسخ في صدرها
باتت تراجع نفسها والشوق نحوك بات يخزيني.
وكأني أعيش بألمك ذل فاق كل ما مضى
فأن ترضى بذلي لهو سبب للهجر يكفيني.
خذ أسبابي على محمل الجد ولا تتهاون، يا رجل علمني كيف يكون الكبرياء في تكويني.
وزرع بداخلي ذاتي التي وقفت تواجهك ثائرة ترفض منك كلمات إلى الاستسلام سوف ترميني.
يا وطني الذي احتضنني حين جئته لاجئة أحتمي.
بأمر مني لا منك أصدر قرار لا رجعة فيه بأن تنفيني
وتحكم من بعدي مقاليد أبوابك فإن لم تكن لي
لن تكون لغيري مادام الثرى لم يواريني.
رحيلي عنك لا يعني أنك بت حرًا مني
يا رجل أثخن قلبي بحبه و أخل بموازيني.
كيف طاوعك قلبك وقبل بأن تخدعني
وإلى ويلات غرامك والسهد والآهات تلقيني.
كيف وأنت الذي كان يعانقني بعينيه محاذرًا
من أن يمسني سهوًا بلمسة قد لا ترضيني.
اليوم جاء لأكتشف أني خدعت في حصني
الذي كان من الضياع يأويني
اليوم تحديدًا فهمت أنك وحدك أشد ما سيؤذيني.
وأن الحروف التي بعثرتها على شفاهي فورة الاحساس
حين تلملمت كتبت نهاية بالقهر سوف تفنني.
سلام لك ومع السلام قلبي ..ودموعي …وأنيني…
سلام … ولكن أعطني وعدًا قبل السلام بأني
وإن كنت في حياتك صفحة أسألك بربك ألا تطويني…

༺༻
دمريني وأعيدي إعماري، يا إمرأة تجتاح مشاعري كما الإعصار، يا إمرأة باتت تسري في شرياني وتزاحم صخب أفكاري، وتحيل كل انفعال لي لمحض رقص على الأوتار.
دمريني وأعيدي نقش ملامحي فقد سلمتك كافة الأحبار.
لملميني في مدارك يا سيدتي فرحيلك ما عاد خيار.
أنهي الصراع داخلي واحسميه فأنا مكبل و تثقلني أوزاري، وبقايا الماضي الذي يعيث في نفسي الفساد ويشعلها كأنه كرة من نار.
تقدمي سيدتي وكوني لي القوة … والصحوة والإصرار، كوني أنثى تغزو حواجزي كسيل من الأمطار، كوني صدر به أحتمي …كوني بردي وسلامي …كوني أروع أقداري…

༺༻
التمسك بمشاعرك تجاه من تحب ربما في بعض الأحيان يكون قاسيًا يجلد ..وفي أحيان أخرى قد يستنزف كافة قواك، بل ربما يدفعك كثيرًا إلى الغضب …والإستنكار …والتمرد كأنك تقبض جوفك على جمر وبه تكتوى، لكن مؤكد الصمود أمام كل ذلك لا يعني سوى أنه لا بديل لذلك الحب، لا حب آخر قد يأتي ليحررك منه وينزعه منك، لا شخص آخر قد يجد بك مقامًا وكلك عامر به، كلك مزدحم بتفاصيله التي كانت دومًا متجاسرة تأبى أن تعبر نحو مساحة آمنة وتسحبك إلى داخلها لعلها ترحمك من صراعك الذي تدرك جيدًا أنه محال أن ينتهي.
فمن ابتلى بالعشق عبثًا أن يعود ليملأه السكون الذي عنه رحل، عبث أن تنطفيء بداخله جذوة الحريق الذي بصدره اشتعل، وعبث أن يخلو نبضه من الاضطراب والجنون والعلل، كل العاشقين مبتلين وما أجمل الابتلاء حين نرضى ..وهو لم يرض فقط بل سلم ورفع راياته خاضعًا، وأقبل على بلوته مرحبًا، متخطيًا ليالي عذابه التي قضاها ساهدًا…فاليوم باتت للسهد معنى واحد، باتت هي كل المعاني التي ظن أن موته أقرب له من أن يحياها مجددًا، رؤيتها جواره متعة لا تضاهيها متعة في الحياة، فإن تلتف حوله .. تلتصق به …تبتسم إليه …تنظر له تلك النظرة التي بعدها يضيء الكون لهو عوض يفوق خياله الذي أرهق في غربته وهو يحاول أن يجمع بينهما ومن كثرة الحواجز أنُهك يائسًا. ابتسم علِيّ لكنزي التي تقف أمامه وتحدثه بخفوت قائلة
" أليس لديك عمل، شيء ليشغلك، أمور حياتية كما سائر البشر، أقصد أشياء من هذا القبيل"
قال لها وهو يبتسم بعبث
" لا ليس لدي شيء سواكِ، أنا متفرغ لكِ "
ضيقت كنزي عينيها وقالت
" أنا أتحدث بجدية يا علِيّ، أنت ترافقني منذ أيام من الصباح وحتى المساء، هاتفك تكاد لا تستعمله سوى للاطمئنان على والدك أو الرد على أبناء أعمامك، كأنه لا عمل لديك لا ارتباطات لا حياة إجتماعية "
ضيق علِيّ عينيه وسألها
" هل يضايقكِ ذلك كنزي " سارعت تقول بصدق
" بالعكس علِيّ، وجودك أصبح لا غنى لي عنه، أصبحت حين أستيقظ أتلهف لظهورك أمامي في أية لحظة وأدرك أنك إن تأخرت سأبدأ أنا بالبحث عنك، أنا فقط أقصد أني لا أريد أن أشغلك عن مسؤولياتك، أنا أقدر أنه ربما يكون لديك ما يشغلك، وأنا في الحقيقة لست متطلبة كثيرًا ويكفيني أن أراك يوميًا …في الحقيقة لم يعد خيار متاح أن أتخلى عن ذلك "
أمسك علِيّ يدها يتخلل أصابعها بأصابعه وهو يقول لها
" كوني متطلبة قدرما شئتِ، كوني كذلك نحوي، فأنا متلهف لأشعر لهذا منكِ "
تحركت بضعة خطوات حتى صارت تقف مقابلة له تماما وسألته بعدم فهم
" متلهف لتشعر بماذا يا علِيّ"
أجابها وكفه الأخرى تبحث عن كفها بإلحاح قائلًا
" متلهف لأن تهاتفيني يومًا وتقولي اشتقت إليك، كن أمامي الآن، دعنا نتزوج يا علِيّ بدلًا من كونك تسكن في مكان وأنا في آخر والوضع ما عاد مريحًا لي "
قالت له بابتسامة
" لي أم لك "
أجابها
" لنا كنزي …أنا وأنتِ، فلو أن تلك اللهفة تسكنني وحدي لمت كمدًا أقسم لكِ، هل تظنين أن صبري على صمتك لا يفتك بي، الأمر ليس هينًا صدقيني لكني أخشى أن أتعجلكِ بها فتخرج منكِ منقوصة وتزيد قهري "
سألته كنزي بخفوت شديد ونظرات عينهما باتت تعصف شغفًا
" ما هي "
قال لها وقلبه يتخبط بين صدره مترقبًا
" كلمة أحبك، كلمة يا كنزي كلمة، إنها كل ما أسعى إليه حاليًا، لذلك أرجوكِ لا تؤخريها عني أكثر، ولا تقهريني وتنطقيها إلا وهي كاملة كما أتوق إليها "
قالت كنزي بخجل
" كأنك تحاصرني أكثر فأكثر علِيّ "
قال لها
" جدي وصفًا غير الحصار يجمعنا "
هزت رأسها وقالت
" مثل ماذا ؟؟ "
أجابها وهو يرفع شعرها الناري بعيدًا عن وجهها رغم كون شعرها المتناسق لم يكن يغطيه لكن حاجته للمسها تزداد ضراوة كلما كانت بهذا القرب، كأنه مع كل لمسة يتأكد أن تلك الهمسات بينهما حقيقة وليست وهم وقال
" قولي كأنك تمتلكني أكثر فأكثر ..فأكثر علِيّ، قوليها وأنتِ تشعريها كنزي " صمتت للحظات ثم قالت
" يهزمني إصرار عينيك، أنا أحب أن تنظر لي هكذا، هذه النظرة تجعلني لا أخاف من هزيمتي ولا منك، ابق على تلك النظرة واجعلها خاصتي علِيّ .. ليست لغيري مهما حدث "
تحركت أصابع علِيّ بحنان على جانب وجهها وقال بصدق شغفها حبًا
" كلي خاصتك كنزي …ولا غيرك …محال أن يكون هناك غيرك "
ثم أحاط رأسها بكفه واقترب يقبل جبهتها بعمق شديد فتمسكت به تتلمس طوق نجاة في إنجراف مشاعرها الهادر نحوه لينتفضا معًا علي صوت حور التي تقول بصدمة
" أسفة للمقاطعة ولكن نحن والعاملات بالمكان، وزوار المكان وكاميرات المراقبه هنا، والله لم أشأ مقاطعة اللحظة لكن الفستان وصل والعاملة وقفت بخجل تراقبكما حتى تنتهيا ويعلم الله متى كان سيحدث ذلك "
أشاح علِيّ وجهه بحرج لتقول كنزي بارتباك
" لقد كنا نناقش أمرًا هامًا، أين الفستان …هل تأكدتِ أنه الذي اخترته "
نظرت لها تولين بتهكم وقالت " يمكنك أن تتأكدي بنفسك، إنها تنتظرك بجوار غرفة القياس "
نظرت كنزي لعلِيّ وقالت
" سأذهب لأجرب الفستان …ثم همست له بخفوت وهي تشب على أصابع قدميها لترتفع لمستوى أقرب منه فانحنى لها فورًا يسمعها تقول " لكن حديثنا لم ينته "
جعد أنفه مستنكرًا وهمس لها متواطئًا
" بالطبع لم ينته "
ابتسمت له وتحركت بخفة وحماس نحو غرفة القياس ليتابعها بعينيه ومشاعره كما لو أنها طير يحلق في ربوع صدره لتقول تولين
" نصيحة مني، اقترب واجلس على الأريكة المقابلة لغرفة القياس، واستعد لما سيحدث " التفت لها علِيّ ليسألها عن مقصدها لكنها لم تدع له الفرصة وقد تحركت تجاه سارة وفاطمة وسيدرا وملاك المنكبات على اختيار لون مناسب لفستان العروس.
༺༻

نظرت سارة إلى سيدرا وقالت " أين والدتك "
أجابتها سيدرا
" يأست مني ومنكِ فقررت صب اهتمامها على شيء آخر"
قالت سارة
" لقد حاولت إقناعها أني لا أرتاح سوى بالأمور البسيطة، فالفخامة ليست مرتبطة بالبذخ دومًا لكنها لم تقبل رأيي " قالت سيدرا بهدوء
" إنها تحاول فهمك صدقيني، والدتي ليست بالتعقيد الذي تظنيه يا سارة، هي فقط نشأت في وسط يهتم لبعض التفاصيل التي يراها البقية مبالغة، لذلك هي تحاول تهيأتكِ لدخول ذلك الوسط بثبات، فرغم كوني مدركة لمنطقكِ وأؤيده إلا أن الواقع من حولنا يقول أن المظاهر أصبحت ركيزة أساسية في المجتمع، لذلك إن كنتي تريدين نصيحتي حاولي الوصول لمنطقة وسطى في كل أمر سيجمعكِ بوالدتي، واعلمي جيدًا أنكِ ستكونين زوجة ابنها البكر ومن تراها خليفتها التي يجب أن تسير على خطاها وتكمل مسيرتها، أنها تريد لكِ الأفضل وإن لم تدركي ذلك، فحاولي إيجاد طريقة لترضي ذاتك وترضيها في نفس الوقت "
قالت سارة بتوتر لم تظهره
" لما قد تراني خليفتها وهي تملك فتاة بالفعل، أليس أن تراكِ أنتِ بهذه الطريقة لهو منطقي أكثر، ثم من قال أني بالمظاهر قد أهتم "
قالت لها سيدرا بهدوء ورزانة تخطت سنوات عمرها بمراحل " أنا مسيرتي سأكملها في بيت آخر، يحمل خلفية أخرى ربما تكون أكثر تشددًا من والدتي، الفتاة مهما طال بها الوقت مؤكد سيكون الزواج خطوة متوقعة لها، هي ستحمل الأخلاق والمباديء التي نشأت عليها بمنزل والدها إلى أي مكان تنتقل إليه ولكن هذا لا يمنعها من التأقلم على نمط الحياة التي أقبلت عليها مادام ليس هناك ما يسيء لها أو يقلل منها ومن مبادئها، الزواج يتطلب مرونة عالية سارة " صمتت سارة للحظات ثم ضيقت عينيها وقالت
" لم أتوقع أن أقابل شخص ناضج في تلك العائلة، حتى أخاكِ هذا أكاد أجزم أني لا أعرف كيف ورطت نفسي معه، كأني حين تحتم عليّ أن أكون ذا منطق فقدت منطقي، لكن شكرًا على النصيحة، لا بأس من أن نضف لمسة من البذخ "
نظرت لها سيدرا ثم قالت بذهول
" هذا تصريح جريء منكِ، هل يدرك أخي ذلك"
قالت سارة وهي لا تعرف لما الحديث عنه كفيل بجعلها تمتليء بمشاعر قوية لم يسبق لها أن أدركت وجودها
" أخاكِ والإدراك لا يجتمعان"
قالت سيدرا بابتسامة
" لا تنسي أنكِ تتحدثين عن أخي "
قالت سارة
" لا أقول إلا الحق، والله على ما أقول شهيد"
هزت سيدرا رأسها وقالت
" واضح أن القادم بينكما سيكون ممتعًا، وسيتحتم عليّ تحضير الكثير من التسالي لكي تحلو المشاهدة، أنا سأحاول دمج التصميم الذي اخترته بالتصميم الذي اختارته عاليا لنصل إلى شيء يرضي جميع الأطراف وأنتي استقري على لون سريعًا قبل أن تتولى هي الأمر "
لم تفهم سارة عن أي تسالي تتحدث لكنها تعاملت مع الأمر كما لو أنه مزاح فابتسمت لها وحين ابتعدت التفتت إلى فاطمة التي تمسك عدة قصاقيص من القماش وقالت
" ماذا، ألم تجدي بعد شيء مناسب، أنا متوترة "
قالت فاطمة
" في الحقيقة أنا أرى إما الذهبي أو الفضي الفكرة أن عقد القران يجعل المناسبة ليست مجرد خطبة وتحتاج لشيء أكثر فخامة وتفردًا " قالت تولين
" بصراحة القطع هنا متفردة، الالوان جميلة ..والتصاميم ملفتة لكني أؤيد رأي فاطمة وأنتي أيضًا فكري واحسمي قراركِ على مهل "
قالت سارة لفاطمة
" ماذا عن لون فستانك " أجابتها فاطمة وهي تتمعن في قطعة قماش مطرزه وقالت " لقد أخترت هذا، ما رأيكِ " قالت سارة
" ذوقك الرفيع هذا لا يظهر إلا فيما يخصكِ، ساعديني وأنتقي لي لونا رائعًا كهذا "
قالت فاطمة بابتسامة
" انتظري فقط لحظة، سأوكد التصميم واللون وأعود إليكِ " رن هاتف تولين برقم رائف فنظرت للهاتف بعجز وقلة حيلة ثم قالت
" وأنا سأجيب على هذا الهاتف وأعود "
تحركت فاطمة وخلفها تولين لتبحث سارة بعينيها عن ملاك باستغراب فتلمحها وهي تقف أمام فستان زفاف ضخم في أقصى المكان يبدو أنه ينتظر صاحبته لتقوم بقياسه فاقتربت منها فلم تشعر ملاك التي كانت تتلمس الفستان بانبهار وهي تتخيل نفسها ترتديه، وهناك تاج متلأليء أعلى رأسها يمنحها طلة ملكية وإلى جوارها …أغمضت ملاك عينيها تعيش التمني بكل قوته وهي تلتفت إلى جوارها ترمق ذلك الذي سيشاركها هذا الحلم لتعقد حاجبيها وهي تلمح حذائه اللامع…بدلته الأنيقة … ساعته الفاخره لكن ملامحه كانت مظلمة، كأنه الضوء قد انقطع عنها، أو كما لو أن عقلها يحجبها عنها وهذا جعلها تعتصر ذهنها لاستحضار ملامحه لكن كف سارة التي حطت على كتفها جعلتها تلتفت لها متفاجئة لتقول لها سارة
" هل أعجبك هذا الفستان " قالت ملاك
" كثيرًا، أنه رائع "
قالت لها سارة
" يومًا ما سترتدين واحدًا أروع منه، كل شيء بأوان " قالت ملاك بقلب منقبض وقد شعرت أن يونس ينسحب حتى من خيالها
" نعم …كل شيء بأوان "
༺༻

بمكان بعيد نسبيًا وقفت تولين تجيب رائف قائلة
" كيف حالك رائف، هل أنت بخير "
لم يصلها سوى صوت أنفاسه المنفعل قبل أن يقول
" لا أعلم …أنا بت لا أدري كيف أكون بخير، وماهو الخير "
قالت تولين بشفقة
" لما تقول هذا، هل حدث لك شيء "
أجابها
" لا شيء سوى كوني أدور حول نفسي مكبلًا وما بين أضلعي جحيم مميت، هل هي بخير "
أجابته تولين
" أرجوك اهدأ، فأنت ليومين تسألني نفس السؤال كأنك لا تصدقني رائف، أصالة بخير واحسن حال اطمئن "
قال رائف بانفعال
" هل رأيتيها بعينيكِ "
أجابته تولين بعجز
" في الحقيقة لا، إنها ترفض لقائي وتعتكف بأحد الغرف منذ ما حدث، لا ترى أحد ولا أحد يراها سوى أختها، لكن صدقني لقد حاولت أكثر من مرة رؤيتها لكي أوضح لها الأمور قدر استطاعتي لكنها ادعت النوم، وحين ألححت في أمر لقائها لفت الأمر انتباهم فلم أستطع التمادي أكثر "
قال لها رائف
" أنا أدرك أنها ليست بخير تولين، مؤكد هي الآن تاركة نفسها فريسة لما سمعته، لابد أنها تضع ظنون وفرضيات وأوهام بشأني وشأنها قد تهدم كل شيء "
قالت تولين
" رائف أنا مدركة لمخاوفك رغم كوني لا أعرف كيف وأين ومتى التقيتما وتعمق ما بينكما إلى هذا الحد، لكن لربما ما حدث كان طريق للمواجهة أسرع، لربما في الأمر حكمة تجهلها فأنا وأنت ندرك أنه لولا ظهور ملاك كنت ستبقى مخفيًا عنها حقيقتك إلى وقت أنت نفسك تجهله، لذلك الأن أمر ما بينكما صار بيدك ويدها أنت عليك قول الحقيقة كاملة، وهي عليها أن تحدد هل ستقبل بتلك الحقيقة أم لا " صمت رائف ودار في غرفته بالمركز الطبي يتحسس عنقه كأنه على وشك أن يختنق ثم سأل بصوت خرج ضعيفًا مجروحًا
" بماذا سأخبرها تولين، لا شيء فيما ما مضى إلا مخزي ومؤلم، أنا لا أريدها أن تراني هكذا "
قالت تولين بتفهم
" كل ما مضى رغم خزيه جزء منك، تقبل ذلك رائف لتتقبله هي بدورها، أنت هنا ضحية لا شيء آخر وعليك إدراك ذلك "
اقترب رائف من النافذة وأمسك حافتها بقوة تنم عن شدة الضغط داخله وقال
" تولين أنا أريد رؤيتها، ساعديني أرجوكِ "
قالت له
" لم أكن لأرفض لك طلبًا لكنها فعلا لا تتقبل مني كلمة، ومؤكد لن توافق على الخروج معي، بل هي لن تسمع لي، أنا أتفهم صدمتها رائف لذلك سامحني أنا ليس بيدي ما أفعله"
قال لها بإصرار
" بلى تولين، أخبريني فقط أين هي تحديدًا والوقت المناسب لكي أذهب لها، أعلم أن ما أطلبه منك صعب لكن ليس لي غيرك أحد ليساعدني بهذا " قالت تولين بذهول
" رائف قل لي أنك تمزح بربك، هل تريد موافقتي وعوني لتقتحم منزل ليل، أنت هكذا تنوي أن تثير نحوك حربًا وليس حفيظة بشر فقط " قال لها رائف
" أرجوكِ "
قالت بضيق
" لا تترجاني مطلقًا، حسنًا رائف، لأجلك سأحاول وليعينني الله على بشر إن علم، حينها سيكون وجد الدافع لقتلك وأرجوك لا تدفعه لفعل ذلك " تنهد رائف بحرقة وهو يقول لها
" لا تقلقي لن أفعل، فالآن أنا أحرص على نفسي أكثر مما تحرصين على سلامته ".

༺༻

بالداخل جلس علِيّ على أريكة طويلة موضوعة في مواجهة غرف القياس والتي دخلت كنزي إلى أحدها منذ ربع ساعة كاملة ورغم ترقبه لطلتها تشاغل بهاتفه عن النظرات المصوبة تجاهه من كل حدب وصوب، ليس لكونه الذكر الوحيد بالمكان، لكن لكونه مفضوح المشاعر لدرجة يأس من السيطرة عليها ومؤكد المراقبات من حوله يتندرون على حاله الآن، سمع قفل الباب أمامه يفتح فرفع رأسه مبتسمًا ليجد كنزي تخرج رأسها وتقول
" اجمعوا…هذا الفستان سيميت العروس كمدًا "
قالت سارة التي تعيش إحساس توتر العروس وحيرتها لأول مرة وهي تقترب ومن خلفها ملاك وفاطمة
" والله أنا لن يقتلني كمدًا سوى برودك، ألا ترين أنكِ هنا لمساعدتي وليس لشراء فستان لنفسكِ "
قالت كنزي
" كان عليّ إيجاد فستاني لأتفرغ لك بذهن صاف، أين حور "
قالت تولين التي تركض نحو الأريكة
" هنا …أكاد من خلف الباب أتوقع ما سأراه "
قالت لها كنزي
" لا الأمر سيفوق توقعاتك إنه رائع "
دفعت كنزي الباب لتظهر بفستان نحاسي دون أكمام وبصدر تداخل به معدن نحاسي مع القماش في قصة مغرية تبرز جسدها لينسدل على طول جسدها كجلد ثاني لها حتى يصل إلى الأرض بذيل دائري وبفاتحة طولية على ساقها اليمنى ممتدة لما بعد ركبتها بالكثير وذراعاها من الاعلى مزينة بأساور من نفس معدن الفستان كقطع مكملة له فأطلقت تولين صفير منبهر وهي تقول
" رائع …رائع لكن … أشارت تولين نحو علِيّ بطرف عينيها والذي انتفض واقفًا حين خرجت كنزي من غرفة القياس ومشاعره التي بالكاد يلجمها قد انفرط عقالها بداخله فصارت كما المفرقعات تدوي في صدره الذي لم يعد له من سحرها نجاة فقالت كنزي بتوتر
" الكعب مؤكد سيظهره أفضل و …
قطعت حديثها وهي تجد علِيّ يقترب منها بخطوات مندفعة ويقف أمامها قائلًا بجسد ينتفض نفضًا وإن كانت لا ترى ذلك "
ادخلي حالًا واستري جسدك هذا "
قالت له كنزي بصدمة
" استر جسدي ، لما ؟؟؟ هل تراني عارية"
مسح علِيّ وجهه بعنف وقال " نعم عارية …انظري لي، لا أقصد اسمعيني جيدًا، على جثتي أن ترتدي هذا الفستان، من الذي أقنعكِ أنه فستان من الأساس "
قالت له
" ما دمت لا تفهم في تلك الأمور لا تفرض رأيك، لقد أذهلني "
قال لها وهناك دوار غير مفهوم يلفه
" وأذهلني وسيذهل كل رجل تمرين عليه، كنزي أنا قلت لا وتعني لا وليس هناك ما قد يدفعني لحضور حفل والسير بجانب زوجتي وهي عارية، لا بربكِ أنا لم أرك هكذا من قبل وكلما تحدثت قلتي لا تفضحنا …لا تفضحنا،
ماذا الآن هل هذا لا يعد فضيحة "
قالت كنزي بإصرار
" فستاني ليس فاضح لا تبالغ علِيّ "
قالت تولين
" قلت لك استعد "
قالت لها كنزي
" لا تتدخلي حور، أم نسيتي ما مضى "
ضيقت تولين عينيها وقالت
" الحمد لله توبنا والعقبى لكِ، لقد أصبحت متزوجة الآن فلما لا تأخذين خطوة الحجاب " قال علِيّ بانفعال
" لما لا تستمعين لصديقتكِ " قالت كنزي
" أنتما تتواطآن عليّ هذا واضح "
رفع علِيّ كفه لجبهته وقال وهو يدفعها باليد الأخرى نحو غرفة القياس
" اذهبي وارتدي ملابسكِ يا كنزي هداكِ الله "
ثم همس لها بانفعال
" فلا ذنب لي في كونكِ بهذا الجمال "
ضيقت عينيها وقالت له
" أنا حاليًا أعد لخصام لكي أضغط عليك لتوافق، لماذا تهمس لي بهذا الشكل، أنت هكذا تضعف موقفي "
قال لها وهو يدفعها أكثر حتى دخلت غرفت القياس
" أنا لن أتحمل المزيد من الضغط الذي يضعف موقفي أنا "
انخفضت عيناه نحو ساقها الظاهرة من الفستان فهز رأسه وهو يقول بعبوس
" كل شيء بكي صار مستفز، اخلعي عنك هذا اللاشيء حالًا"
أغلق علِيّ الباب ووقف أمامه يسده خوفًا من أن تخرج عليه بفستان آخر يسرق أنفاسه فلا يعيدها له ويكتب نهايته وهو يخفض عينيه ويستجمع أعصابه التي تدمرت للتو لتقول سارة
" أول مرة أجد رجل يسيطر دون صراخ، هذا يحسب لك " رفع علِيّ عينيه التي تشي به دون رحمة وهو يهمس بداخله بل يحسب عليّ، ليتنفس براحة حين دخل شاهين سارق منه الأنظار مانح إياه المساحة ليلتقط أنفاسه.

༺༻
دخل شاهين المكان مبتسمًا كما لو أنه رجل يحمل في صدره بهجة العيد الذي أتاه بلا موعد، كان منتشيًا يستشعر روعة تلك الخطوة التي يدرك أنها ستعيد حياته نحو المسار الصحيح، كان فخورًا باختياره وراضيًا إلى أبعد حد،
كان متلهفًا إلى رؤيتها ومشاركتها كافة التفاصيل التي لم يعشها مع أنثى من قبل، كان تائقًا لتكن أول من يجاورها علانية على رؤوس الأشهاد ليمنحها كامل الحق في نفسه ويملك هو زمام أمرها فيصيرا زوجًا وزوجة، قلبًا وعقلًا وكيانًا واحد … وقصة فريدة ستبقى بدايتها نصب عينيه ولن يكون لها نهاية مطلقًا فهو لا يريد لما بينهما أن ينتهي أبدًا.
اقترب من والدته وانحنى يقبل رأسها وهو يقول بينما عينيه ترمق سارة التي بدت متوترة " ما الأخبار …هل انتهيتم " قالت سيدرا وهي ترمقه بنظرة ذات مغزى
" كدنا ننتهي، عاليا هانم فقط تضع اللمسات النهائية على فستان العروس "
رفع شاهين حاجبه وسأل متوجسًا
" والعروس ماذا تفعل "
قالت سيدرا
" لم تستقر على لون للفستان بعد "
قالت عاليا
" لقد حاولت مساعدتها لكنها لم تقتنع باختياري، صلبة الرأس …صعبة الإقناع مثلك"
قال شاهين
" هذا دليل قاطع على كونها الأنسب لي "
رمقته عاليا بنظره ممتعضة لتقول سيدرا
" بالعكس عاليا هانم سارة تفهمت منطقكِ ولهذا تركت لكِ اللمسة الأخيرة على التصميم، راعي فقط كونها تميل للبساطة ولا ترتاح للأشياء شديدة البذخ وهذا لا يعيبها "
قالت عاليا بعدم رضا
" هذا لا يعيبها فعلا لكن عليها أن تدرك مكانتنا وحجم الحفل وفن الاختيار المناسب، هل من المنطقي أن نعد حفل بهذا الشكل والحجم ويكن أبسط ما فيه هو طلة العروس، ربما البساطة تليق بمناسبة أخرى ولكن مؤكد ليست هذه "
قالت سيدرا
" سأحاول إقناعها بوجهة نظرك لكن حتى ذلك لنلتزم بالاعتدال والتوسط في الاختيار، فهذا ما سيرضي كافة الأطراف "
قال شاهين
" أشعرك متوترة يا عاليا هانم"
قالت عاليا
" أخوالك يجعلون أعصابي مشدودة، أنا سأذهب لهم بعدما ننتهي هنا "
قال شاهين باستنكار
" وما السبب يا ترى ؟؟ "
لم ترد عاليا بل نظرت للجهاز اللوحي بيد سيدرا وقالت
" تعالي معي لنرى كيف سندمج هذه التصاميم "
ثم التفتت إلى شاهين وقالت
" بدلتك جاهزه في القسم الرجالي، هل تعرف موعد جلسة التصوير "
نظر شاهين لساعته وقال
" مازال أمامنا وقت لا تقلقي، يمكنني القدوم معكِ إلى أخوالي لو أردتي "
أسرعت عاليا تقول
" لا …أنا سأذهب وحدي، خذ أختك معك لتساعدك فلديك يوم حافل "
قال لها شاهين بشك
" متأكدة "
التفتت عاليا ترمق سارة التي كانت تتحدث مع تولين وعلِيّ ثم ترمق ابنها بنظرات مختلسة قبل أن تقول
" مادمت أنت متأكد فأنا كذلك"
لم يحتج شاهين الكثير ليدرك ما ترمي إليه والدته فانحنى يقبل يدها ثم تركها برقة مبتعدًا نحو تلك التي شعرها تناديه، شعرها تتعجله في قرب هو على عجل له، كانت جالسة على الأريكة تقبض كفيها بتوتر على قصاقيص لامعة وحين شعرت بقربه رفعت عينيها له فقال بنظرة أصبح يخصها بها
" سمعت أنكِ متوترة، هل كونكٓ عروس صعب لتلك الدرجة"
قالت سارة
" ما رأيك أنت بالأمر هل يروق لك "
قال شاهين وهو يضع يديه بجيبه
" يروق لي جدًا أليس هذا ظاهرًا لكِ "
تأملته سارة قليلا ثم قالت
" سماجتك هذه لا تساعدني مطلقًا، قم بدورك حالًا وتوقف عن المزاح "
حك شاهين مؤخرة رأسه وقال باهتمام
" أين المعضلة إذًا "
وقفت أمامه تحت أنظار من حولهما فلفحه عبيرها، تلك الرائحة الخاصة بها والتي بات يدركها كما بات يدرك عذوبة ملامحها ويحفظ سكناتها، رائحتها الدافئة تلك كانت كهوية أخرى لها تعرفت عليها روحه وآلفتها كما آلفت قربها وحلاوته، ثم رفعت كفيها إليه وقالت
" ذهبي أم فضي "
ضيق عينيه وقال مستفسرًا
" ماذا "
قالت له بانفعال
" ذهبي أم فضي، أيهما سيكون مناسبًا لي "
قال شاهين
" هل تتحدثين بجدية "
قالت سارة
" هل يبدو لك أني أمزح "
حاد شاهين بعينيه نحو علِيّ الذي نظر إلى السقف متهربًا من نظراته فعاد إلى سارة بعينيه وقال
" مادام الأمر شديد الجدية إلى ذلك الحد دعيني أفكر "
وقفت سارة أمامه بترقب شديد، تنتظر منه أن ينهي حيرتها فقال بعد لحظات
" أظن أن الفضي سيكون مناسبًا أكثر "
بدت الراحة جلية على ملامح سارة التي سألته
" لما تظن ذلك "
قال لها بتفكير
" أشعره يليق بكِ"
قالت سارة
" إجابة غير مقنعة رغم أني سأعمل بها، أتدرك لمَ "
سألها شاهين بحيرة وتوجس
" لما "
أجابته بابتسامة غارت في غمارها غمازتيها
" لأني سأحملك المسؤولية كاملة لو شعرته للحظة لا يليق بي"
وضعت سارة يدها على قلبها براحة وقالت
" لما تأخرت، من المريح جدًا أن يوجد بحياتك أحد ليتخذ عنك القرار ويتحمل تبعاته، من فضلك لا تتأخر في اللحظات الحاسمة مجددًا "
كتم علِيّ ضحكته فيما قال شاهين بذهول
" هذا رائع "
حركت سارة رأسها بجزل وهي تقول
" أعلم "
ثم التفت إلى فاطمة وقالت
" فاطمة من فضلك أبلغي سيدرا أني اخترت اللون الفضي "
قالت فاطمة بلطف
" حسنًا "
ثم تحركت لتلتفت سارة إلى شاهين وترمقه بنظرة حار في إدراك معناها، كانت نظرة مبهمة له رغم كونها تخترقه وقالت
" لما لا تذهب لتستعد لجلسة التصوير وأنا سأهاتف سلطان لأخبره بأني انتهيت هنا وأبلغه بوجهتنا التالية "
قال شاهين بتزمر خافت
" ألم تلاحظي أنكِ لم ترحبي بي حتى "
وقفت تولين تقول لسارة
" أين ملابسكِ الخاصة بجلسة التصوير لأضعها لكِ بأحد غرف القياس لكي تستعدي أنتي أيضًا "
قالت ملاك
" إنها في الغرفة التي توجد بها كنزي بالفعل، وضعتها لها في وقت سابق"
قالت سارة
" هذا رائع "
ثم التفتت لشاهين وقالت بخفوت شديد
" مرحبًا شاهين "
كان اسمه الذي يسمعه منها لأول مرة مجردًا خاليًا من نبرتها الغاضبة والمتهكمة ذى وقع مس شغاف قلبه وجعله يقول باستسلام
" مرحبًا …وياله من ترحيب"
ازدادت ابتسامتها اتساعًا وهي تتحرك مبتعدة عنه فأعاد كفيه إلى جيب بنطاله وتابعها وهو يهمس داخله بخفوت شديد
" ويا لها من مرحبًا "

༺༻

وقفت سارة في ركن هاديء وهاتفت سلطان الذي أجابها قائلًا
" كيف تسير الأمور معكِ، هل كل شيء بخير "
قالت له
" نعم انتهيت من أمر الفستان والآن سأذهب مع شاهين والفتيات لجلسة التصوير"
قال سلطان مستفسرًا
" ألا يكون التصوير يوم الحفل، أم هذا شيء آخر " قالت سارة
" منظم الحفل طلب صور تجمعنا من أجل إضافتها إلى افتتاحية الحفل، الأمر لن يتعدى ساعة وبعدها سنجلس مع منظم الحفل لاختيار بعض التفاصيل، وسأكون على تواصل دائم معك "
قال سلطان
" حسنًا، سأنتظر مكالماتكِ، هل ينقصكِ شيء …هل تحتاجين إلى شيء "
قالت سارة بامتنان بالغ
" لا ينقصني سوى وجودك سلطان، لا حرمني الله منك "
قال لها سلطان
" فاطمة معكِ أليس كذلك " أجابته سارة
" في الحقيقة هي لا تفارقني، منذ يومين وهي تترك كل شيء لديها وتدور معي كأنها أختي، هذه الفتاة أشعرها تحمل دمائنا أكثر مما يفعل إخوتها " صمت سلطان ثم سألها
" هل انتقت لنفسها فستان " ارتبكت سارة ومطت شفتيها بضيق وهي تقول
" في الحقيقة يا سلطان لقد فعلت، لكنها أصرت أن تدفع و…
قاطعها صارخًا بصوت شعرته خرق أذنها وملأها بالطنين وهو يقول
" ماذا …ألم آمركِ ألا تدعيها تدفع شيء، إن كان ما أعطيته لكِ لم يكن كافيًا لما لم تبلغيني"
قالت سارة
" أقسم بالله يا سلطان طلبت منها ألا تفعل لكنها …..
قاطعها هادرًا
" أعطها الهاتف "
تحركت سارة مسرعة نحو فاطمة وهي تقول له
" حسنًا اهدأ فقط "
لكنه رد عليها بغضب
" أين هي "
كانت سارة قد وصلت إلى فاطمة التي تتحدث مع ملاك ودفعت بالهاتف إلى كفها وهي تقول
" هذه المكالمة من أجلكِ أيتها العنيدة، لقد أخبرتكِ أن هذا ما سيحدث "
ضيقت فاطمة عينيها وسألتها بعدم استيعاب
" ماذا تقصدين "
قالت سارة
" إنه سلطان …يريد أن يتحدث معكِ …وغاضب للغاية "
نظرت لها فاطمة نظرة غير راضية فحركت سارة كتفها كأنها تقول لها أنا لا أستطيع فعل شيء بينما هو على الجانب الآخر تحرك يزرع الساحة الخلفية لشركته بخطوات غاضبة وأذنه تحاول التقاط صوتها حتى أتاه هادئا صافيًا وهي تقول
" السلام عليكم، كيف حالك يا سلطان، سارة أخبرتني أنكِ تريد التحدث معي "
وصلها صوت أنفاسه الثائرة فبل أن يجيب
" ألم تخبرك سارة أيضًا أني أعطيتها المال من أجل أن تشتريا ما يلزمكما للحفل " حاولت فاطمة أن تلجم أعصابها وهي تجيبه قائلة
" أخبرتني يا سلطان، لكن ما أخبرتني به لم يعجبني لذلك لم أخذه على محمل الجد "
صرخ بها قائلًا
" لم تأخذيه على محمل الجد"
قالت له فاطمة بانفعال
" نعم سلطان لم أفعل لأنك في المقابل لا تأخذني على محمل الجد، وتعاملني بطريقة وضحت لك كثيرًا أنها لا تروق لي ولا تليق بنا لكنك لا تستمع "
قال سلطان
" لا أستمع لأنكِ ترفضين إدراك حقيقة كونكِ صرتِ مسؤولة مني وعليه كل ما أفعله معكِ يعد حقكِ عليّ " قالت فاطمة باستنكار
" حقي عليك، سلطان هل تسمع ما تقول … أنا ابنة عمك ولست زوجتك "
عمّ الصمت تمامًا حتى ظنت أن المكالمة بينهما قد انتهت لكن صوته الذي أتاها مكتومًا جعلها تشعر كما لو أن في الحديث لغمًا على وشك الانفجار في وجهها وهو يقول " ماذا يعني هذا "
أجابته
" يعني أنه ليس من المنطقي أبدًا أن يكون في غرفتي رزمة من المال ذهلت حين أدركت عددها وطقم من الذهب يفوقها قيمة بأضعاف مضاعفة من ابن عمي، بربك يا سلطان لو أن هذه سارة هل كنت لتقبل أن يمنحها ابن عمها تلك الأشياء المبالغ بها ويصل به الأمر لدفع ثمن ملابسها "
قال سلطان بعصبية
" بالطبع لا لكن ….
قاطعته فاطمة قائلة
" دون لكن سلطان، لا تحاول تبرير أفعالك لأني لم أعتد منك أن تبرر الخطأ "
صمت سلطان وصمتت هي الأخرى رغم انفعالها وغضبها منه لا تريد أن تجرحه مطلقًا، لا تريد أن تؤلمه بكلمة واحدة ولذلك تنهدت وقالت
" أنا سأبقى حتي ينتهي حفل سارة لأنه ليس من اللائق تركها في هذه الظروف وبعدها سأعود لمنزلي لأعيش مع خالي وقبل أن تعترض أريد أن أقولك لك أن قراري هذا لن يثنيني عنه اعتراضك أو صراخك، أنا لا أخافك سلطان أنا أحترمك فدع الأمور بيننا تبقى في هذه الحدود أرجوك "
قال لها بانفجار
" لما كل هذا، ماذا حدث لكل ذلك "
قالت له
" حدث أني بت لا أفهمك سلطان، فأنت تستقيم فيما يخص كافة البشر وحين يتعلق الأمر بي لا أعرف لما تصبح تلك الاستقامة أبعد ما يكون عنك، أنا وضعت مبررات كثيرة لأفعالك حين كانت بسيطة وتقبلتها بصدر رحب لكن حين تطور الأمر نفذت المبررات ولم تعد أبدًا كافية، أنا لا أريد أن يتطرق عقلي لظن سيء بك لذلك أخذت هذا القرار "
وصلها صوته يقول بصدمة
" ظن سيء بي "
قالت فاطمة بأسف
" هذه حقيقة ما يدور داخلي يا سلطان، ربما يبدو لك ما تفعله معي حماية ونخوة منك لكني أراها مبالغة ولا منطقية أرجوك تقبل وجهة نظري " انتظرت طويلًا رده الذي وصلها مبتورا من أي شيء له علاقة بسلطان الذي تعرفه …وصلها ككلمة لا أكثر
" حسنًا "
قالها باردة جدًا ثم أغلق الخط فوقفت فاطمة تنظر إلى الهاتف وشعور بالحزن يملأها لكنه لم يوقفها عن فعل ما تراه صحيحًا، ولم تدري أن ذلك الذي أغلق الخط معها للتو قد ألقى هاتفه نحو الحائط خلفه بحده دمرته تمامًا قبل أن يبدأ في الدوران حول نفسه وهو يحدثها بغضب قائلًا
" إلي أين ستذهبين، لم يعد الرحيل خيار ".
༺༻

بعد ساعتين وفي مكان مفتوح معد لجلسات التصوير كانت سارة تردي بدلة أنثوية سوداء ونظارة شمس ويقف بجوارها شاهين يرتدي بدلة بنفس اللون ونظارة من نفس النوع فبدت كأنها النسخة الأنثوية منه فرمقها بإعجاب شديد وهو يقول
" تبدين أنيقة "
أجابته
" هذا حالي دومًا، لا جديد " قال لها
" ما شاء الله، أنا وأنتِ سنحتكر غرور العالم "
قالت له
" أنا لست مغرورة مثلك، أنا فقط أعرف قدر نفسي "
قال شاهين
" عالية القدر والمقام ويحق لكِ ما لا يحق لغيركِ بل وما لا يحق لبشر "
رفرفت بأهدابها وهي تقول
" شكرًا هذه حقيقة لكن اعترافك بها كان مميزًا "
قال لها
" كل شيء بيننا مميز سارة، ألا تعتقدين ذلك "
رفعت عينيها التي تخفها النظارة نحوه تتأمله مليًا كأنها لا تمل فعل ذلك قبل أن يرتفع صدرها بتنهيده شعر بها شاهين قبل أن يسمعها تقول
" نعم، أظن أن هذه حقيقة أخرى "
من خلف نظارته تعلقت عيناه بشفتيها التي تتحدث بلغة لا يدري لما شعرها تحل كل شفراته وترتب فوضى تفاصيله التي كانت دومًا أكبر من السيطرة عليها لينتبه لاقتراب المصور منهما وهو يقول
" مستعدان "
أجابه شاهين
" نعم مستعدان ومتعجلان فوقتنا ضيق "
أشار المصور تجاه الفتيات خلفه وقال
" لدي علم مسبق لذلك لنبدأ، أريدك أن تفرد أكتافك وتقف بوضع جانبي يدك اليسرى في جيبك واليمنى ستمسك بها يد العروس اليمنى والتي أريدها أن تقلد وقفتك تمامًا "
ارتجف كف سارة من قبل أن تشعر بلمسته، كأنه مرتبك أكثر من عقلها الذي لم يترجم بعد أبعاد اللمسة وأثر ارتباكه ألم بكافة حواسها خاصة وأن شاهين لم تكن لمسته مجرد لمسة، كان شيء أشبه بالعزف على أوتار قلبها، قرب يده من يدها ببطء مسها ثم غمرها بحنان أصابها بتيه لحظي فالتفتت له بالصمت تحدثه وتستفسر عن ماهية تلك اللمسة وصوت الكاميرا القاطع يملأ السكون حولهما ليقول المصور
" لتتقدمك الأنسة قليلًا وتصبح أمامك مباشرة وتضع يديها في جيبها لتميل أنت برأسك نحوها لكن وعينيك معي هنا "
بدا الأمر برمته رغم كل المحيطين بهم يصبح مربك وشديد الخطورة لسارة التي شعرت بسخونة تجري في أوردتها والمصور يقول لها
" يا أنسة تراجعي للخلف قليلًا، اقتربي من السيد أكثر " لم تسمع منه اعتراض، لا شئ سوى صوت أنفاسه المتناغم مع دقات قلبها النافرة، أنفاسه ونبضها يصمان مسامعها، ووجهها تحتشد فيه نيران أصبحت في أوجها حين سمعت همسه يسألها
" هل ترتجفين "
أغمضت عينيها أسفل نظارتها وهمست له
" ألا تعتقد أنه من المنطقي أن أفعل وهناك رجل يمسك يدي"
ثم رفعت يدها بطريقة بدت للمراقبين حولهما كأنها تدعوه لتقبيلها وهي تقول
" هذه اليد لم يلمسها محض رجل "
أمسك شاهين أطراف أصابعها وأغلق كفه عليها بإحكام وانحنى يقبل يدها وهو يقول
" سواي يا أخت السلطان " شهقت سارة وسألته
" ماذا تفعل "
لم يجبها وصوت المصور يرتفع قائلًا
" رائع يا عريس، هلا أحطت خصرها وأنتما على نفس الوضعية "
قبل أن يرفع شاهين ذراعه قالت سارة بتحذير
" إياك أن تفعل "
اتسعت ابتسامة وقال
" ماذا …إنها جلسة تصوير وهذا الطبيعي "
قالت سارة
" لا شيء طبيعي يصدر عنك شاهين، أشعر بالأمر يميل إلى شيء آخر "
لمّ ذراعه حولها كأنه يحاوطها ثم قال
" أنتِ هكذا من تأخرينا، توقفي عن الاعتراض ودعي الرجل يباشر عمله "
لم يلمسها لكنها شعرت كما لو أنه غمرها بقوة في مداره وأحاطها بعازل شديد المتانة يجعلها تكاد لا ترى ما حولهما فاضطربت أنفاسها وقالت
" ارفع ذراعك، هذه مجرد فاتحة فلا تتمادى لكي لا يفتح سلطان رأسك وفي الحقيقة أنا أحتاجك لتجلس بجواري بكامل هيبتك "
أحنى شاهين رأسه نحوها أكثر وهو يهمس لها
" جبانة "
مجددًا تتلاعب رائحتها بمراكز إدراكه كأنها تستعمره فيقول
" أتدرين أني أصبحت أحفظ رائحتكِ، إنها مثلكِ ذات بصمة وأثر "
قالت سارة وهي تحمد الله أنه لا يرى عينيها المعلقة به
" شاهين …توقف "
قال لها
" هذه حقيقة، أنتِ علقتِ بي …تفاصيلكِ علقت بعقلي، ورائحتكِ تجتاح كياني …وقلبي أشعر كأنه ظفر بكِ، كأنكِ المكسب الذي أتاني بعد خسائر وانهزامات أحنت شموخه وجعلت نبضه منكسر ولا سبيل لأن يجبر حتى وجدتك "
لم يكن هناك قوة في العالم قادرة على جعلها تواجه سيل كلماته، فيضان جارف من الاحاسيس المبعثرة كان يجتاحها ويطيح بثاباتها الواهي فحاولت الابتعاد عنه ولكن ساقيها اللتين تحولا إلى هلام كادا أن يسقطاها أرضًا حينها شد ذراعه حولها بقوة وهو يقول
" احترسي "
حينها فقط استطاعت أن تقول له
" ابتعد "
لم يستجب تاركًا لها المساحة لتتوازن وهو يقول
" سأبتعد ولكن مهما حدث بيننا تذكري أني محال أن أدعكِ تسقطين أبدًا، وعليكِ ألا تتركيني أسقط، في أحلك الأوقات تشبثي بي قدر استطاعتكِ وكوني قوتي إن فقدت القوة، كوني جيشي فأنا أحتاجكِ أكثر مما تحتاجين إليّ، أنا اخترتكِ فلا تفجعيني في اختياري، لأني فخور به " بدأ صدرها يعلو ويهبط دليل على تسارع نبضها العنيف فابتعد شاهين لتقول سارة بخفوت
" أنا أيضا اخترتك فدعني دومًا أشعر بالفخر لذلك لأني لن أسامحك إن لم تفعل شاهين، فوحدك القرار الذي لم أخذه بعقلي وهذا مخيف " ابتسم لها ابتسامة ليست تلك المبتهجة التي التصقت بوجهه منذ رأته اليوم، لقد شعرته متأثرًا بكونها تطالبه بالاتزام نحوها، وتبوح له بأن قلبها قد تورط وحدث ما حدث، ابتسامة لم تشعرها بالخجل من كونها كشفت نفسها لعينيه بل كانت أكثر رد فعل متفهم أدركته من شاهين منذ عرفته عن قرب، منذ رأته بعينيها الخاصة التي لم تقف يومًا إلى ما يصدر عنه بل تعمقت واقتنصت لنفسها صورة خاصة وقريبة جدًا وبلا أهداف ابقتها ولم تكن تعي لما سيتتطور إليه الأمر ليقول
" أريد أن أخذكِ معي لمحل العطور لتجربي عطركِ الذي بقي منتظركِ، كأني حين وضعت تركيبته كنت أصنعه ليوم مميز ولحظة مميزه وأنا لا أدري "
قالت له
" لا وقت لذلك وأنت تعلم، لندعها ليوم آخر "
قال لها متلهفًا وإن لم يظهر عليه ذلك
" أنا متحمس جدًا لأن تجربيه فلما قد نؤجل الأمر "
صمتت سارة قليلًا وقالت
" حسنًا وعليك إقناعهن بذلك"
خلع شاهين نظارته وغمز لها وهو يقول
" لا عليكِ، دعي الأمر لي " ثم التفت إلى المصور يسأله
" هل انتهينا "
نظر المصور للكاميرا وقال
" انتهينا سيدي، سأتواصل مع منظم الحفل لأعرف طلباته بشأن الصور "
تحرك شاهين وتحركت سارة تجاوره لا تقوى على خلع نظارتها والنظر مباشرة إلى أعين الفتيات التي ترمقها بالكثير من المكر الأنثوي ليقول شاهين
" ما رأيكن بعدما ننتهي هنا نذهب لمحل العطور لتجرب سارة عطرها وأصنع بنفسي لكل واحدة منكن عطر يليق بها "
انكمشت كنزي إلى جوار علِيّ وهي تدرك أن الكلام لا يخصها بينما قالت تولين بنبرة ذات مغزى
" بنفسك، هذا كثير، لكن لو أن العروس لا تمانع فلا أظن أن أحدًا سيمانع "
قال شاهين بثقة
" سارة ليس لديها مانع أليس كذلك"
قالت سيدرا
" ولما ستمانع أليست ستصبح زوجتك وعليه منذ الآن أن تكن فأر تجاربك الجديد، صدقيني ربما إن تشاجرتما يومًا يصنع لك عطرا برائحة الاحزان، إنه مهووس "
أحاط شاهين عنق أخته وقال لها
" ليس على الملأ "
ابتسمت سارة وقالت
" ليس لدي مانع ولكن بشرط"
التفت لها شاهين فخلعت نظارتها تتحداه بعينيها وهي تقول
" لتكن كنزي أول من تصنع لها عطر، وإن لم يعجبها خاصتها لن أخذ خاصتي "
قال لها محاولًا السيطرة على انفعاله
" هذا من باب تحميلي العواقب "
حركت سارة رأسها ولم تجب فتنفس بعمق شديد وعيناها التي تناشده ألا يخذلها جعلته يقول
" سيكون من دواعي سروري، إسعاد صديقاتك " كان كأنه بصوت مرتفع يضع لكنزي خانة في محيطه لأجلها ثم يقر معترفًا ومتقبلًا لها وأيضا لأجلها.
༺༻

في نفس الوقت داخل مبني حكومي شاهق كان جاسم يقف كمارد أفلت عقال غضبه فهاج بشكل لم يعد قابلًا للسيطرة عليه، وأمامه يقف فارس الذي يشعر بعجز رهيب وبغضب يفوقه بمراحل لكن يلجمه بشدة فموقفه لا يسمح له بفعل أي شيء سوى تلقي كل ذلك الغضب وهو صاغر صامت يراقب جاسم الذي رفع أحد الملفات عن المكتب ولوح به في وجهه قائلًا
" ما هذا ..هل أضعت الهدف الوحيد الذي كنا نبني عليه كافة مخطاطتنا، كيف …أنا سلمتك أمرها وشددت عليك أن كل شيء بدونها مجرد فشل جديد، هلا أوضحت لي الآن ما الذي تنوي فعله، فشلك هذا سينسب لي لأني من وليتك هذا الأمر "
قال فارس وهو يكظم كافة انفعالاته
" أنا أدرك فداحة ما حدث يا سيدي وأعدك أن أجدها في أسرع وقت ممكن، صدقني اختفائها كان أمر خارج عن إرادتنا لقد شاهدتها بنفسي تخرج من وكر غنام الحاوي وتتوجه إلى مطعم لكنها دخلت ولم تخرج، لقد تفقدت الحمامات النسائية بنفسي ولكن لم يكن هناك أثر لها وهذا لا يترك أمامي سوى خيارين، فإما أنها لم تخرج من وكر غنام مطلقًا …أو أنهم وصلوا لها، وأنا سأبحث في الاتجاهين حتى أجدها، أرجوك أعطني فرصة ثانية لأصحح الوضع " قال جاسم بغضب ." وهل يوجد في عملنا ما يسمى بالفرصة الثانية يا حضرة الضابط، ملف تلك الفتاة اعتبره مسحوب من تحت يديك، وأمامك بضعة أيام إما أن تستطيع إعادة الأمور إلى مسارها وإما اعتبر نفسك خارج هذا الفريق وأن ما حدث سيكون نقطة سوداء في ملفك فخطأك هذا وعليك دفع ثمنه كما سنفعل جميعًا حين يغلق ملف هذه القضية مجددًا دون جديد وهذا ما لن أسمح به"
قال فارس بملامح مشدودة
" أمرك يا سيدي "
دفع جاسم ملف بتول تجاه أواب وقال له
" هذا الملف هو شغلك الشاغل منذ اليوم، أريدك أن تبحث عنها وتعرف مكانها وإن كانت في قاع نهر النيل، أنت منذ هذه اللحظة مسؤول أمامي عن هذا الملف حتى نرى ما الذي سيفعله السيد فارس ليتفادى هذه النكبة " التقط أواب الملف وهو يقول
" تحت أمرك يا سيدي"
التفت فارس إلى أواب ورمقه بنظرة تحمل غضب مهول حار أواب في فهم أسبابه قبل أن يقول وائل
" ماذا عن كيان ..ألا يمكننا أن نصل من خلالها إلى شيء، إجتماع القيادات لم يتبق عليه الكثير وما أنجزناه بتلك القضية تهاوى بأكمله مع اختفاء تلك الفتاة "
انقبض قلب أواب وملأته المخاوف حين ذكر اسم كيان ليقول عماد
" أظن أن علينا تركها لتكون ورقتنا الأخيرة، فلربما إن كشف فارس نفسه الآن يجعل الأمور تتعقد أكثر "
نظر جاسم لفارس وقال
" هذا قراره فهو المسؤول عن تلك العملية وهو أدرى بالموعد المناسب الذي ستنتهي به "
ثم نظر إلى عمق أعين فارس وقال
" يا حضرة الضابط مستقبلك في خطر، أنت هكذا تتلاعب بمسيرتك وستأخذ فريقك في الأقدام، لك فيها حرية التصرف سواء في أمر اختفاء الفتاة أو في أمر فتاة الدار وإن لم تعد كل شيء لنصابه سيتعين عليّ التصرف وتحميلك كافة اللوم وحدك أمام القيادات "
تصلب فك فارس وهو يؤدي السلام العسكري ويتحرك خارج المكتب فيتبعه البقية لكنه لم يتوقف بل أسرع في الانسحاب ليقول وائل
" ما الذي يخطط له، الاندفاع لن يصل به إلى محل "
قال عماد
" وضعه حرج وأنت تعرف فارس في عمله لا يقبل بأن يأتيه ملحوظة واحدة فمابالك بالوضع الذي وجد نفسه فيه، فارس لن يهدأ حتى يجد لنفسه مخرج من هذا المأزق مهما كان الثمن "
لم يكن لدى أواب ما يضيفه وهو يكمش الملف بيده ويراقب الممر الذي اختفى به فارس وقد تيقن أن كيان باتت في خطر محدق.
༺༻

بعيدا عن هذا المكان وداخل منزل ليل العزايزي كان ليل يحمل صينية وضع عليها بعض الشطائر وكوب من العصير وينظر لسمراء بحزن شديد فتبتسم له وهي تدفعه نحو غرفة فخر وتهمس له
" أنا واثقة أنه ينتظرك " انحنى ليل يقبل كفها الذي يدفعه بحنان فتربت على فكه وهى تقول له
" هيا "
تنهد ليل بهم وتحرك نحو غرفة أخيه يدير المقبض ليقابله الظلام الدامس فتلمس طريقه حتى وصل إلى المكتب فوضع على طرفه الصينية ثم تحرك نحو النافذة يسحب الستائر عنها بعنف سامحًا لضوء الشمس الساطعة أن يبدد هذه الظلمة ويجليها تماما، وحين التفت ليوقظ ذلك الذي ظنه نائمًا تفاجيء به يجلس على طرف سريره متهدل الاكتاف محني الرأس فأدرك أنه لم يكن نائمًا بل كان جالسا في الظلام وكم بدا له الأمر مخيفًا ورغم ذلك تحرك نحو الباب يغلقه ثم حمل الصينية ووضعها بجوار فخر وهو يقول
" أنت لا تريد قتل نفسك من شدة الجوع والعطش، ليومين وأنت لم يدخل جوفك شيء " لم يرد فخر ولم يتجاوب معه ليزداد ليل همًا على همه وهو يقول
" ماذا تفعل بنفسك فخر، بربك ارحم نفسك وارحمنا، فنحن نجلس خلف هذا الباب واضعين أيدينا علر قلوبنا خوفًا عليك والحزن ينخر في عظامنا لأجلك "
رفع فخر عينيه إليه يرمقه بلوم والدموع تترقرق في أحداقه فقال ليل
" حسنًا فخر، أنا أعتذر منك على الضغط الذي وضعتك به، على عدم تفهم مصابك وعلى احكام الحصار من حولك وعلى كل فعل صدر مني لم أفكر في تبعاته مثلما فكرت في خوفي الشديد عليك، أتدري من متى وأنا أقف وأشاهدك تغرق في هذا الأمر، أنا لم أعد أتحمل رؤيتك بهذا الشكل فخر، لم يعد حتى لدي قوة لأدعي القوة لذلك أنا أرجوك …
قاطعه فخر وهو يقف فجأة ويندفع إلى حضن أخيه الذي ضمه بعنف وهو يقول
" أنا متعب "
كانتا أول كلمتين يسمعهما منه منذ أيام، كلمتان تحنيان الظهر، فكيف له أن يشكو تعبه وهو حي يرزق فشدد ذراعيه حوله وقال
" دعني أحمل عنك تعبك فأنا أخوك …أنا الوحيد الذي قد يحمل عنك كل ما يشقيك راضيًا، دعني أساعدك فخر ..أخبرني بما يريحك وأعدك أنه لو كان آخر ما سأفعله بحياتي لن أؤخره عنك "
قال فخر
" أشعر أني مبتلى وأريد الخلاص "
قال له ليل
" إذا لنلجأ لطاهر، لنتعامل مع هذا الوجع حتى نتخلص منه ونبرأ، لنستعيد هدوء حياتنا التي جاءت تلك الغريبة ودمرته، أنا سأكون معك خطوة بخطوة حتى يرحل عنا هذا الكابوس تمامًا، وبخصوص أصالة انسى الأمر كأنه لم يكن، أنا فقط أردت أن أحميك بأي طريقة لكن يبدو أني أخطأت الطريقة، أنا لا أريد منك شيء ولن أفرض عليك شيء سوى أن تتعافى وتعود لي أخي الذي عهدته " تعلق فخر بأخيه محاولًا أن يبدد بدفء أحضانه تلك الوحشة التي تسكن صدره
وخيال يهدين الساكن في أحداقه بدا كما لو أنه يتحداه أن يشفى منه وكم ملأه ذلك بالغضب الشديد كم جعله يشعر أنه مجددًا تحت تهديد سلاحها ويريد بكل قوته الخلاص من ذلك التهديد فقال
" أنا سأستعيد نفسي لأني تعبت وبت لا أستطيع التعامل مع ذاتي المعطوبة هذه، أنا أسف لكل ما سببته لكم من ألم …أسف لك يا ليل فأنا أدرك لحجم ما عانيته معي بالفترة الماضية، أعدك أن ينتهي كل هذا قريبًا، فقط سامحني، فأنا لم أقصد مطلقًا أن أسبب كل هذا "
أبعده ليل عنه ونظر في عينيه وقال
" لم يحدث شيء، غيمة وستمر وسيعود كل شيء كما كان، المهم أننا معًا وجنبًا لجنب "
عاد فخر يريح رأسه الثقيلة من قلة النوم وكثرة التفكير وقلة الاكل على صدر أخيه وهو يقول
" نعم هذا هو المهم "
صمت لحظات قبل أن يقو
ل " أما بخصوص أصالة فأنا فكرت بالأمر ووجدت أنه خيرًا لي، ربما كل ما أحتاج إليه هو بعض الاستقرار داخل علاقة طبيعية تعيد توازني، أنا أريد أن أستعيد نفسي يا أخي بأي طريقة"
قال ليل بعدم اقتناع
" لكن …
قاطعه فخر قائلًا
" هذا قراري يا أخي وأنا مسؤول عنه وأعدك أن تجد شخص آخر أكثر صلابة وقدر المسؤولية، أنا أدرك أن الاقدام على شيء كالزواج يستلزم مني أن أكون أفضل وهذا ما سأحاول جاهدًا فعله "
لم يستطع ليل قول كلمة قد تثبط عزيمته التي بدت واهنة هشة كما هو لذلك تمسك بها كقشة قد تكون فيها النجاة وهو يقول
" في كل ما تريده أنا معك "

༺༻

داخل الفندق الفخم والذي سيقام به حفل شاهين وسارة بعد أيام كان سراج داخل أحد الغرف يجلس أمام متعهد الحفلات وهو يقول مستنكرًا
" هذا الحفل لم يكن مدرج ضمن القائمة المتفق عليها، أنا أجلت سفري بشكل لم يعد يحتمل التأخير ولا يمكنني البقاء أكثر "
قال له متعهد الحفل برجاء
" سيد سيرجو، مقيم الحفل لم يضع سوى اسمك على قائمة الطهاة، وهذا يعني أنه لا يرى لك بديل، ثم هذا سيعد الحفل الثاني الذي تتولاه لنفس العائلة في فترة قصيرة، ألا يعني تمسكهم بك أي شيء لك "
قال سيراج
" بالعكس سيدي تمسكهم بي يعد شرفًا لي لكن ظروفي محال أن تتوافق مع موعد الحفل، أنا كان عليّ السفر منذ أيام لكن التزامي معك هو ما منعني من ذلك والآن اعذرني لن يكون هناك مجال لأن أقبل بأي عمل "
قال له متعهد الحفلات وهو يشعر أن رفض سيرجو قد يضعه في مشاكل مع آل الجوهري والذي ضمن لهم توليه الحفل لا غيره
" سيد سيرجو يمكن اعتبار هذا رجاء خاص مني لك، خدمة خاصة تقدمها لي شخصيًا سأكون مدينًا لك بها، فأنا أكدت للعميل أنك ستكون الطاهي المسؤول عن الحفل، ولا يمكنني أن أتراجع عن كلمتي أمامهم، عاليا هانم لا تتفاهم في تلك الأمور "
قال سراج وأوامر حكم التي يجاهد لتنفيذها تقف له بالمرصاد
" صدقني لو كان الأمر بيدي لما تركتك لتلح عليّ بهذا الشكل، في النهاية أنا أحب عملي وأقدر عملائي لكن الظروف حكمت بأنه يتوجب عليّ الرحيل "
وقف متعهد الحفل وقال له وقد أسقط في يده
" أنت هكذا ستسبب لي في مشكلة كبيرة سيد سيرجو، عائلة الجوهري من أكبر العائلات التي قد أفقد التعامل معها بسبب تعنتك، هذا شيك بنكي ضعه به المبلغ الذي يرضيك كتعويض عن تأخرك ليومين "
وقف سيرجو وقال بانفعال
" الأمر لا علاقة له بالمال يا سيدي "
قال الرجل أمامه بهم
" إذا كان الأمر كذلك فلتبقى ليومين فقط، وأعدك أن أعوضك عن هذا التأخير، وسأتعامل مع الأمر كما لو أنه خدمة خاصة سأكون سعيدًا في أي وقت بردها لك، أرجوك فكر ولا تتعجل، إنهما يومين فقط "
حرك سراج رأسه بعجز رهيب عن التعامل مع الموقف وهو مدرك أن تأخيره في تنفيذ تعليمات حكم سيكون له عواقب كما سيواجه ذلك الرجل خسائر في عمله بسببه إن رحل …إذا ما الحل ؟؟؟؟

༺༻


أخرج من رأسي يا قاتم العينين، وكفاك أن تتخذ من أفكاري مسكنًا، كفاك أن تقف في الظلام وتحاصرني للحظة سقوطي متحينًا ، كفاك أن تعود بأهوالك وتجرفني معك نحو الهلاك كأنك في قمعي متفننًا.
كفاك أن تجزم بعودتي وخضوعي كأنك لعلم الغيب متقنًا.
أنفض عن أكتافك عباءة هيبتك فما عدت أنا بسطوتها متيقنًا.
وما عاد سوادها في عيني سوى حلكة لست أمامها بآمنًا، ارحل عني وحررني منك يا من رزخ بداخلي مستوطنًا.
ارحل مادام الأمر بيديك فمن منا للقادم بضامنًا.
༺༻

من يدري متى ستحين العودة، متى ستنكسر الإرادة التي تدفعنا نحو الهرب، ومتى ستزهق طاقتنا التي تدفعنا لنستمر في طريقنا فلا ننظر لما يلحقنا ولا نتطلع لما ينتظرنا فقد نظل نناضل لنستمر، نناضل لننجو من أن يغمرنا الظلام بما تحمله طياته من فزع وأهوال، من أن تغلق عينينا مودعة تلك الحياة من شدة الفزع، لنبقى نسير على درب أحد من السيف ونراه أفضل ما حدث لنا.
فأحيانا قد يكمن الأمان في شعورك بأنك تستطيع …أنك حر .. أنك قادر وليس في كونك قد وجدت المأوى من مخاوفك.
لذلك هي استمرت في دفع نفسها بنفسها دون التوقف لالتقاط أنفاسها.
استمرت في التقدم مهما بدا الطريق متعثر ومخيف ولم تلتفت لحظة إلى الخلف.
دفعت خطواتها دفعًا في كل مسار وهي آمنة الروح مادام لا تستشعر تحت أقدامها حبات الحصى، تلك الحبات التي تلخص قصتها وتطويها، ففوق الحصي ولدت …وفوقه لعبت …وفوقه عشقت …وفوقه روحها زهقت وإن فرت بما بقي منها فها هي تعود لتنهي ما بدأ بالماضي، تنهيه وتنتهي فهل ترتجف هلعًا مخافة الموت أم مخافة ما سيسبقه، أم كونها تدرك أن النهاية قد حانت ولم يعد بإمكانها إدراك ذلك الذي استودعته واستودعت نفسها في معية الله، فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين….انكمشت بتول معصوبة العينين على مقعد السيارة التي تنطلق بها منذ ساعات لا تعرف لها عددًا وقد لفها دوار شديد وتمكن منها الوهن بعدما استنزفت كامل طاقتها في البكاء والصراخ حتى ما عادت قادرة على اللهج بالدعاء لذلك استكانت تدعو الله مستجيرة به من تجبر الجبابرة، وبطش الباطشين وشر البشر وعيناها تتثاقل كأنها على وشك فقد وعيها فلم تجاهد بل استسلمت لكن السيارة التي توقفت لم تدع لها الفرصة، حاولت استراق السمع لكن لا شيء، خطوات تبتعد …سيارات تتوقف، حركة كثيرة وفجأة فتح الباب المجاور لها فانكمشت أكثر لكن يد قوية جذبتها خارج السيارة وبمجرد أن وضعت قدمها أرضًا واستشعرت حصى الأرض كأنه مازال داخلها باقيًا روح جعلتها تصرخ بشدة وهي تدفع نفسها نحو السيارة لتجد نفسها فجأة ترتفع عن الأرض فأدركت أن هناك من حملها واخترق شعاع نور عصابة عينها بينما رأسها تتدلى للأسفل لكنها لم تتمكن من رؤية شيء مطلقًا، لقد أرادت لو أنها تتمكن من الرؤية فما تتخيله عيناها المغلقة مؤكد أشد فزعًا مما يحاوطها الآن، عافرت كثيرًا حتى انقطعت أنفاسها وشعرت بنفسها توضع فوق مقعد وتقيد به وكانت هذه اللحظة المناسبة لتفقد وعيها.
༺༻

كانت تسقط في الظلام دون توقف، تسقط ويغوص قلبها في صدرها كأن فزعها من ذلك السقوط لن ينتهي مطلقًا، والظلام يحاوطها كأنها سقطت داخل ثقب أسود لا نهاية له، لتشهق بفزع وهي تشعر بماء بارد جدًا يغمرها إلى درجة جعلت أدق الشعيرات الدموية في جسدها تتحفز فحاول أن تفتح عينيها التي ظنتها مازالت معصوبة لتجد جفونها تنفرج بسلاسة.
للوهلة الأولى كانت الرؤية غير واضحة، مشوشة بشدة لكن لحظة خلف الأخرى كانت الصورة تتضح أكثر فأكثر.
ارتفعت أنفاسها بصوت نواح وقد بدأ رهابها يزداد وحين اشتد بكائها سمعت خطوات تقترب وصوته الذي يظل يسكن كوابيسها لسنوات عديدة يقول
" كأنك كنتِ هنا أمس، مازال نواحك في أذني، مازال غضبي منكِ وسخطي على حدتهما، ومازالت الغرفة باقية تنتظرك كأنها كانت تدرك أن للحديث بقية "
رفعت بتول عينيها إلى تلك العيون الصقرية التي لم تر مطلقًا في حدتها ليقف الزمن للحظة ثم تعود xxxxبه إلى الخلف لحظات قدرت بأكثر من ثلاثة عشر عامًا، عمر مر منذ كانت بين تلك الجدران لم يعد هناك دليلًا عليه سوي ملامحها وملامحه، ملامحها التي يبدو أنها استوقفته كأنه بقي كل هذه السنوات ينتظر الفتاة الشاردة ولكن عادت له امرأة ناضجة، امرأة كوم الغضب في قلبه والشوق أكواما لها ولا يدري أيهما سيفتك بها.
الزمن في غيابها بدى كليلة ثقيلة انقشعت وأشرقت شمس النهار للتو فيا ويل ما ستراه وكان الليل يخفيه قال وكأنه يضحد أخر طيف للشك
" مريم "
فرت عيناها من أسر عينيه مخافة أن تجيب ليكمل قائلًا
" ابنة شيخ الكواسر الشاردة، والفضيحة التي دفنها الزمن وهي لم تمت"
أغمضت بتول عينيها تبكي بحرقة فقال لها
" هل تبكين مما ينتظرك أم من الذكرى، قلت لكِ إياك والفضول ماذا جنيتي"
فتحت عينيها تناظره بغضب شديد وكراهية فتقدم نحو أكثر بقعة مضيئة في الغرفة ليقف أمامها بطوله الفارع وضخامته المخيفة وملابسه السوداء وعبائته القبائلية يقول
" قطة …دومًا ما كنتي كذلك …في فضولكِ…في شرودكِ …في نعومتكِ … تسببين الكوارث ثم تفرين لكن إلى أين وأنتِ خط حياتكِ مرسوم في قبضة يدي …هنا أولكِ وهنا آخركِ "
ارتفع صوت نحيبها ليقول
" لا تضيعي صوتك في البكاء وعليكِ اللهوج في الدعاء، أم لازلتي حمقاء حتى بعدما صرت بهذا النضج " اقترب منها بخطوات آه لو تدري ما تحمله حتى وقف أمامها تماما فرفع يده نحوها يزيح شعرها الغجري الطويل الذي التصق بوجهها وأصابعه التي تغوص في طياته تنغلق بعنف جعلها تتأوه وهي تنطق أخيرًا
" ارفع يدك عني، لا تلمسني"
صوتها الذي ملأته بحة من النضج جمده للحظة قبل أن يقول
" ظننتك ستلتزمين الصمت حتى أجبركِ على الكلام " ابتعد عنها يخلع عبائته ويعلقها على الباب المغلق ثم شمر أكمام قميصه الأسود وفتح بعض أزاره حتى ظهر لها مقدمة صدره وسحب مقعد لم تراه سوى الآن ووضعه أمامها مباشرة وجلس عليه بشكل عكسي ونظر لها قليلًا قبل أن يقول
" أين كنتِ "
ظنها لن تجيب لكنها قالت
" لا يهم أين كنت، المهم هو أني هنا الآن وأريد أن أعلم ما ستفعل بي "
قال لها بهدوء
" سؤال مهم، لنفترض أني سأقول لكِ أني سأنهي ما بدأ في الماضي فما سيكون ردكِ " قالت له
" لا شيء سوى أني سأخبرك بسخرية أني لم أعد أنفعكم بشيء، أنا تزوجت وعلى زمة رجل "
وقف منتفضًا بصدمة ودفع الكرسي بقدمه وهو يقترب منها ويمسك فكها بعنف ويقول " أنتِ لم تفعليها "
قالت له بكره
" بلى ويمكنك أن تتأكد، ماذا هل ظننت أني سأحفظ نفسي لأجلك، جد عذراء غيري ومارس عليها جنونك أيها القذر "
ضغط على فكها أكثر حتى شعرته سيتهشم في قبضته وقال
" وكم أنثي سأجدها مثلكِ، كم واحدة ستكون زوهرية، والدكِ حاول حمايتك وأنا حاولت تحذيرك لكنك لم تتراجعي " قالت بتول وهي تحاول أن تخلص فكها منه
" أنت كاذب، لقد وقفت تشاهدهم وهم ينحرون عنقي ولم تتحرك، وقفت تشاهد والدي وهو يُقتل ولم تتحرك، أنت أقذر منهم جميعًا "
نظر لها بعيونه التي دومًا ما ظنتها متسعة لا تعرف النوم وقال
" أقذر من والدكِ "
بكت مريم بحرقة وهي تقول
" على الأقل هو حاول نجدتي"
نظر لها بسخرية وقال
" هذا ما توهمين به نفسكِ، هل ظننتِ أنه يصرخ لإنقاذك، ألم تسمعي سبب صراخه " صرخت بعنف والذكرى كانت تجلدها بسوط من لهيب فقال لها
" أنت آخر سلالتكِ، لما سيدور بحثًا عن طفل ويورط نفسه في اختطاف وشبهات بينما بامكانكِ أن تلدي له كل عام طفل، من كان مثلك فيستغله فيما نفعل ومن لم يكن فليلقهم بين رجاله أو يأوي الفتيات كما أواكِ حتى يحين الموعد ليفعل بهن ما فعل بكِ"
كانت بتول تصرخ وآهات القهر تتكابل عليها ليقول هو بعنف
" كان سيرميكِ لأحد رجاله ودون ورقة تثبت هذا الزواج حتى فأنتِ لم تكوني يومًا تحملين هوية مثبتة، أظنه كان يستحق القتل "
قالت له وهي تجاهد لالتقاط أنفاسها
" ماذا ستفعل بي "
رمقها بنظرة سوداء ثم قال
" هل لديك علم بتبعات هروبك ذلك اليوم، هل تعلمين ما حدث "
هزت رأسها وقالت
" ولا أهتم ليتكم متم جميعًا ليت النصل الذي كان ينحر عنقي غاص في قلبك وليس قلب والدك "
تجمد واشتدت حدة نظراته فبدا كما لو أنه شيطان رجيم فاستعاذت بداخلها منه همزه ونفخه ونفثه وهي تسمعه يقول " أبي بوالدك وما بدأه سأنهيه إما بطريقة أبي أو طريقة والدك، ولا تعتقدي أني نسيت البقية لكني احترفت الانتقام وأتقنت خطواته لسنوات لذلك أتمهل وأعده ليكن وجبة دسمة وساخنة "
تحرك والتقط عبائته ونفضها بالهواء حتى سقطت فوق أكتافه فزادت من هالة الظلام حوله ليخبط على الباب فيفتح له فيخرج ويغلق الباب عليها بإحكام كأنه يغلق باب الجحيم وفي تلك اللحظة كانت كمن يستعد للموت، شريط حياتها يمر أمامها حتى توقف عند فيلو فانهارت بقوة وهي تهمس " سامحني"

༺༻


بعيد عن ذلك المكان وفي وسط ضجيج المدينة التي لا تهدأ كما هو صراع النفس البشرية منذ الأزل وتحديدًا أمام بوابة جامعة رودين توقف رشيد بسيارة سوداء ضخمة معتمة الزجاج يتأمل مدخل تلك الجامعة المكتظ بشباب تشع الحياة من أعينهم، ويملأ الحماس خطواتهم، وهو يكاد يجزم أن قلوبهم مفعمة بمشاعر قوية محال أن تسكن صدره يوم.
حماس الشباب ذلك لم يفهمه يومًا فكل ما ملأ قلبه في شبابه كان الغضب والعنف والكره والوحدة التي مع مرور الوقت أصبحت أعز ما يملك، فمادام وحيدًا هو آمن، ومادام وحيدًا لن يُخذل مطلقًا…فمحال أن تخذله ذاته أو يخذلها.
التقط رشيد هاتفه وضغط على اسم رودين ليأتيه صوتها المهتز أسرع مما توقع تقول
" أنا بالجامعة "
قال لها
" أعلم ذلك، أريدك أن تخرجي حالًا من البوابة الرئيسية ستجدي سيارة أجرة بيضاء تنتظرك، اركبيها وحين تتوقف بكِ انزلي منها وانتظري مكالمتي "
قالت رودين
" حسنًا "
أغلق رشيد الخط وظل يراقب البوابة حتى خرجت منها وركبت السيارة التي انطلقت بها فانطلق خلفها وسط زحام العاصمة حتى وصلت لمكان أثري يتوقف به عدة حافلات يترجل منها أفواج سياحية فترجلت من السيارة بدورها ووقفت تتلفت يمينًا ويسارًا ثم تنظر إلى الهاتف، تركها رشيد علي هذا الحال قبل أن يهاتفها مجددًا فيأتيه صوتها الوجل تقول
" لقد وصلت منذ ما يقارب العشرين دقيقة، ماذا أفعل " قال لها رشيد
" هناك حافلة سياحية ستغادر إنها أمامكِ مباشرة، اركبيها كما لو أنكِ من الفوج وحين تتوقف في المكان التالي ترجلي منها وانتظري مكالمتي"
أغمضت رودين عينيها للحظة بقهر شديد قبل أن تنفذ مطلبه وتصعد إلى الحافلة التي تحركت بها نحو منطقة أثرية أخرى فترجلت منها ووقفت لما يزيد عن النصف ساعة تنتظر مكالمته حتى رن هاتفها فردت قائلة بصوت مرهق
" لقد وصلت منذ نصف ساعة، ماذا أفعل الآن "
قال لها رشيد ألقي هاتفك أرضًا وهشميه بقدمكِ وأنا سأوصل لكِ بطريقتي "
قالت رودين
" لكن ….
لم يدع لها الفرصة لتتكلم وهو يغلق الخط فلم تجد بدًا من تنفيذ أوامره فألقت هاتفها أرضًا ثم بدأت تهشمه بقدمها وظلت مكانها واقفة لنصف ساعة أخرى حتى كادت ألا تشعر بساقيها حينها فقط وجدت سيارة سوداء تتوقف أمامها وبابها يفتح وصوته الهادئ يقول
" اركبي "
نظرت رودين يمينًا ويسارًا كأنها تبحث عن شيء قبل أن تركب السيارة فنظر رشيد لها وقال
" مرحبا بطبيبة المستقبل "
لم تجبه فهمّ بالتحرك ليتفاجيء بباب السيارة الخلفي يفتح وفتاة منتقبة تركب السيارة بسرعة وتغلق الباب فقال بغضب
" أنتِ، ماذا تفعلين "
رفعت أثينات النقاب عن وجهها فظهرت الصدمة جلية على وجه رشيد الذي قال
" أثينات "
لم تجبه بل قالت لرودين التي حركت عينيها برهبة بينهما مصدومة من كونه يعرف أثينات
" انزلي من السيارة وعودي إلى الجامعة وانتظريني هناك، لن أتأخر "
أسرعت رودين تنفذ أمرها دون أن تلتفت لرشيد الذي قالت له أثينات بحزم
" انطلق "
تحرك رشيد بالسيارة وهو ينظر لها في المرآة ويقول
" عجبًا …عجبًا، من كان يتوقع أن تلك الصغيرة إحدى فتياتك "
قالت له أثينات
" لا أعجب من كونك أنت من ترهب الصغيرات، ظننت أن حكم علمك ألا تستعرض قوتك على الضعفاء، أم أنك لم تعد تؤمن بتلك الأفكار "
قال رشيد وعيناه تتحرك ما بين الطريق وبينها
" أنا لم أكن لأضرها، أنا فقط كنت أخضعها ببعض الضغط، فتياتك متمردات سيدتي "
قالت أثينات
" ابتعد عن رودين يا رشيد، لا تجعل الخوف الذي أحاول أن أحميها قدر استطاعتي منه أن يسكنها، ابتعد رشيد وإلا أنا من ستقف لك "
نظر لها رشيد وقال
" كونك تحمين فتيات من تلك القذارة أمر يستدعي الاحترام أثينات لكن احترامي لك لن يكون كافيًا أن أتهاون في كوني أحتاج بعض المساعدة، فإن كنتِ تخافين على فتاتك لا مانع لدي إذا توليتي بنفسك الأمر "
قالت أثينات
" لن تستطيع إجباري على مساعدتك رشيد، فالعمر لا يغامر به وأنت أدرى بموقفي جيدًا "
قال رشيد
" دومًا ما كنتِ أشجعنا، وشجاعتكِ هذه ما جعلتكِ تعلقين في هذا المستنقع "
قالت أثينات بانفعال
" ماذا كنت تنتظر مني أن أفعل، أن أترك هؤلاء الصغيرات وأفر، لا لم أكن لأستطيع أن أعيش بذنبهم، يكفينا من الذنوب ما نحمل " قال رشيد
" هل هذا ما أبقاكِ أثينات، الفتيات "
نظرت له أثينات نظرة ذات مغزى ثم قالت
" أنا بقيت حيث كان هناك من يحتاجني، أنا قبلت أن أدفع ثمن فراركم وأضحي لأن التضحية كانت تستحق "
قال رشيد بانفعال
" لا شيء يستحق أن تعيشي عبدة لرجال السيد، هل تظنينني لا أستطيع تخمين وظيفتكِ الآن "
توسعت أعين أثينات وقالت
" كيف تجرؤ علي أن تحدثني بتلك الصفاقة "
قال رشيد
" صراحتي مؤلمة أم واقعكِ " قالت أثينات بانفعال
" الاثنين يا رشيد، لذلك دعني أؤكد عليك أني لا أريد إيذائك، ابتعد عن رودين وافعل ما شئت "
قال رشيد
" هل سيبقى هذا رأيكِ لو أخبرتك أن حذيفة في خطر " صمتت أثينات للحظة قبل أن تقول
" حذيفة "
قال لها رشيد
" ليس بمفرده، جميعنا بخطر أثينات لكنه على رأسنا، نحن نحتاج مساعدتك، فكري بالأمر فلربما استطعت بمساعدتنا التحرر أنتِ أيضًا "
قالت أثينات بحزن
" أتحرر أم أُقتل "
صمت رشيد قبل أن يقول
" الموت نوع من أنواع الحرية"
ضحكت بتهكم وقالت
" فلسفتك سوداوية كما عهدتك …هناك ما لا تغيره الأيام "
قال رشيد
" فكرة التغيير ثقيلة على أمثالنا "
قالت أثينات
" لقد قابلته "
سألها رشيد بتوجس
" من الذي قابلتيه "
أجابته بشرود
" حذيفة، يعمل طبيب بأحد المراكز الطبية بالعاصمة" أشتدت قبضة رشيد حول عجلة القيادة وتصلب جسده فقالت أثينات
" كان يبدو بخير …لم أره وجهًا لوجه ولكن صوته بدا طبيعيًا "
صمتت للحظة قبل أن تقول
" أخبر حكم أني إن ساعدتكم سيكون هناك مقابل، لا شيء بلا ثمن رشيد، ليكن اتفاقًا واضحًا بيننا، تعلمني بما تريد وأعلمك بما أريد فإما اتفقنا وإما اختلفنا وفي كلا الحالتين سيكون عليك الابتعاد عن رودين نهائيًا، أنا لا أتفاهم إذا خص الأمر رودين أو ملكوت"
رفع رشيد حاجبه وقال باستغراب
" ملكوت …لا أذكر هذا الاسم "
قالت أثينات
" ولن تفعل رشيد فبعد هروبكم حدث الكثير والكثير " قال رشيد
" هذا المتوقع، إذًا ما هي طلباتك لأدرك في أي اتفاق أتورط "
تنهدت آثينات ورفعت يدها نحو عنقها وهي تسبل أهدابها وتقول بحرقة
" حذيفة " توسعت أعين رشيد وسألها
" ما به " صمتت كأنها تفكر فأدرك رشيد أن خلف صمتها سيكون هناك الكثير مما سيصدمه.

༺༻
انتهى الجزء الأول من الفصل الثامن عشر
قراءة ممتعة للجميع ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-10-22, 08:05 PM   #158

جيجي هاني

? العضوٌ??? » 380259
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 828
?  نُقآطِيْ » جيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond repute
افتراضي

روووووووووووووووعة بجد يسلم ايدك

جيجي هاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-22, 02:11 AM   #159

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جيجي هاني مشاهدة المشاركة
روووووووووووووووعة بجد يسلم ايدك
تسلمي حبيبتي كلك زوق ولطف ❤️❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-10-22, 09:49 AM   #160

أم سيف و مريم

? العضوٌ??? » 462043
?  التسِجيلٌ » Feb 2020
? مشَارَ?اتْي » 19
?  نُقآطِيْ » أم سيف و مريم is on a distinguished road
افتراضي

الرواية الجزئين روووووووووووووووعة سلوب راقى جدااا وحبكة الأحداث و الشخصيات كل حاجة مبهرة بشكل مش طبيعى أولا بسأل عن الجزء الأول من الفصل التاسع لية مش موجود ثانيا أتمنى إن يكون لسلسلة آكتر من جزئين إن شاء الله 😍😍

أم سيف و مريم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:32 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.