آخر 10 مشاركات
العاطفة الانتقامية (19) للكاتبة: Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          عذراء فالينتي (135) للكاتبة:Maisey Yates(الجزء 3 سلسلة ورثة قبل العهود) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          264 - جزيرة مادرونا - اليرابيت غراهام - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )           »          الملاك والوحش الايطالي (6) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          صبراً يا غازية (3) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          عرض مغرى (148) للكاتبة Michelle Conder .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          وَرِيث موريتي(102) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء1 من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )           »          سيكولوجية المرأة (الكاتـب : Habiba Banani - )           »          اصديق (انت)ام عدو؟ (الكاتـب : مجهولة. القدر - )           »          قدرها ان يحبها شيطان (1) .. سلسلة زهرة الدم. (الكاتـب : Eveline - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1264Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-10-22, 02:34 AM   #161

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم سيف و مريم مشاهدة المشاركة
الرواية الجزئين روووووووووووووووعة سلوب راقى جدااا وحبكة الأحداث و الشخصيات كل حاجة مبهرة بشكل مش طبيعى أولا بسأل عن الجزء الأول من الفصل التاسع لية مش موجود ثانيا أتمنى إن يكون لسلسلة آكتر من جزئين إن شاء الله 😍😍
حبيبتي متشكرة جدااا جداااا كلك زوق ولطف ❤️❤️❤️
سعيدة ان الرواية نالت اعجابك ❤️❤️
كملي الفصول هتلاقيها موجوده فقط غلط ف ترقيم الفصل لكن هتلاقيه كامل باذن الله ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-10-22, 02:57 AM   #162

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الثاني من الفصل الثامن عشر


يا بقايا مدني التي احترقت مازال ركامك الثائر يحاصرني
مازال يدور كزوبعة تجلجل من حولي وبأقاصيص ما مضى تذكرني.
كأن لك ذاكرة أوفى من الأيام التي كما القطار المنطلق تعبرني.
ولك أمال غارسة كما الأوتاد التي دكت داخلي لأجل رجل قيده يدمرني، رجل لم تسوقني نحوه غير المشاعر التي حشدها حشدًا لتطوعني وعلى عشقه تجبرني.
يا مدني لا تأملي مطلقًا في رجل مازال رحيله عني يكسرني، رجل وإن عاد على أبوابك نادمًا لن يغير ندمه من حقيقة أنه يخسرني.
فما بداخلي لم يعد صامدًا كما مضى ..كلي ينهار فعسى الانهيار منه يحررني.
༺༻

الخداع حين يأتيك ممن تحب يكن كنصل صديء يغرز في عمق وعيك الذي كان يمنح ذلك الحبيب كامل ثقتك ويضعه في المرتبة الأولى لديك ويمنحه مطلق الحرية في امتلاك كافة مشاعرك، يكن كطعنة غادرة ألمت بك على حين غفلة وأحالت الحقيقة الوحيدة الثابتة في عالمك لمحض كذبة ستظل تجلد نفسك عليها عمرًا …وربما العمر لا يكفي.
يكن وجعًا لا مثيل له حتى وإن كنت جربت من قبل أشد الوجع، فوجع الجسد لا يقارن مطلقًا بوجع القلب.
ولذلك هي لم تحاول تحجيم ذلك العذاب الذي تفشى في صدرها وخضعت له مستسلمة متقبلة جحيمه المميت بصدر رحب وبروح أنثى إعتادت أن تؤلم .. واعتادت أن تخسر، لا جديد ليس أول فشل يسجل في قلبها الذي يقف وراء الأضلع ينظر له كطفل يخشى الضياع وقد فقد أعز ما يملك فتشيح بوجهها عنه تداري دموعها التي لا تقوى على مسحها كما كان يفعل هو دومًا، فتتركها لعل الذكريات تزورها وتخفيها عن أعين أختها التي تجلس أمامها بحزن بعدما تعبت من صمتها وبكائها الذي لا ينقطع، حركت أصالة رأسها تحاول إيقاف صخب أفكارها الذي لا يفتأ يعيد كلمات ملاك التي صمت أمامها عاجزًا فلم ينكر أو يدافع عن ذاته فتموت هي من القهر والحسرة
" مهووس …مختطف …مترصد "
أنّت أصالة بحرقة وهي تغرق في موجة بكاء جديدة فبدت كأنها تتلوى ألما فهرعت إليها بهية تقول بفزع
" ما بكِ …منظرك هذا ينخلع له قلبي، ماذا حدث، احكي لي يا حبيبتي"
تمسكت أصالة بحضن أختها تتوارى به من تجبر مشاعرها عليها وهي تقول بنحيب
" ماذا أحكي لكِ، ماذا أقول …كل شيء كان كذب، كل شيء كان خداع، ليتني لم أعد …ليتني بقيت تائهة، فلو أن ثمن عودتي ما أعيشه الآن ليتني لم أعد بهية "
ضمت بهية أصالة بقوة وقالت لها
" اذكري الله يا حبيبتي، اهدئي وأخبريني بما يجعلك منهارة هكذا منذ يومين، تكلمي يا أصالة أنا تعبت من كثرت ما رجوتك، ما الذي يدفعك لتتمني غربتك عن عودتك إليّ"
قالت أصالة وهي تبكي
" أنا متعبة وأريد أن أنام، اجعليني أنام بهية، أحضري لي شيء يجعلني أرتاح، أرجوكِ "
قالت بهية بحزن شديد
" أرجوكِ أنتِ، وضحي لي ماذا يحدث معكِ، منذ ذلك اليوم الذي خرجتِ به مع تولين فلم تتأخري أبدًا وعدتِ بحال غير الحال كأن هناك ما أحزنك وبشدة، هل أساءت تولين إليكِ …هل تعرض لك أحد، لما لا تريحين قلبي " قالت أصالة بانفعال
" لا تذكري اسمها أمامي، ولا تضغطي عليّ فأنا لا أحتمل، وساعديني لأرتاح فقلة النوم وكثرة الوجع يكادا أن يفقداني صوابي "
قالت بهية وهي تمسك وجه أصالة بين كفيها
" ماذا فعلت تولين بك يجعلك في تلك الحالة ويجعلك ترفضين مقابلتها أصالة، بل ما الذي قد تستطيع هي فعله لكِ فيجعلكِ تصلين إلى تلك الحالة المنهارة "
صمتت أصالة تتذكر نظرته التي عبرت إليها من خلال زجاج نافذة السيارة مصرة عليى ملاحقتها ثم قالت
" هي لم تفعل شيء صدقيني، أنا من فعلت بنفسي الكثير، أرجوكِ امنحيني بعض السلام واحضري لي أية منوم على أن أسقط في غفوة ترحمني من هذا العذاب "
قالت بهية ببكاء
" أنا قلقة عليكِ، وأدرك أنكِ تخفين عني أمرًا جللًا " أشاحت أصالة بوجهها وقالت " لا تقلقي بهية أنا بخير، وأعدكِ حين أستطيع التحدث سأخبركِ بكل شيء، فأنا لم يعد لي سواكِ لأخبره بما بداخلي، أنتِ البقية الباقية لي في هذه الحياة "
قالت بهية
" حديثكِ هذا يخيفني أكثر، لكني سأترككِ لترتاحي، هذه أقرص منومة وجدتها ضمن علاج فخر، ستساعدكِ للنوم بعمق شديد، إنها قوية، خذيها ونامي وارتاحي لتستيقظي قادرة على البوح لي بما يضج مضجعكِ، وعساه خيرًا إن شاء الله "
تحركت بهية تحضر لأختها زجاجة المياة الموضوعة على المنضدة التي تتوسط الغرفة بقلة حيلة ثم عادت لها تقول
" سمي الله ووكليه أمركِ، وسلمي ذاتكِ إلى معيته " التقطت أصالة القرصين وعيناها شاخصة للأعلى تحدث الله بحديث باكي تشكي له ما حدث وتبثه همها وحزنها قبل أن تتمدد على السرير فتدثرها بهية جيدًا وهي تنحني لتقبل رأسها وتقول
" اقرئي ما تيسر لكِ من القرآن حتى تغفين تمامًا لعل الله يشرح صدركِ ويزيح همكِ"
بدأت أصالة تتمتم ببعض الآيات القرآنية وهي تراقب بهية تحمل آدم وتتوجه تجاه باب الغرفة ثم تغلق الأضواء وتخرج فتحرك أصالة يدها اليمنى نحو أسفل الوسادة حتى تلمس مقبض السكين التي منحها لها يومًا ما وهي تفكر أنه علمها كيف تحمي نفسها من كافة البشر ولكنه لم يعلمها كيف تحمي نفسها منه.
༺༻

خرجت بهية من الغرفة التي تنام بها أصالة وتحركت بتعب شديد نحو الغرفة التي تبقى بها هي ومنذر كلما قدما في زيارة إلى هنا وعقلها المنهك يدور في دوائر مفرغة بحثًا عن سبب مقنع لحالة أختها حتى أنها فكرت في أن تتوجه لتولين وتسألها بشكل مباشر عما حدث ذلك اليوم لكنها تراجعت عن ذلك وعقلها يصور لها أن ربما ما حدث مع أصالة أمر يخص أولئك الذين يطاردونها وأن تولين لا علاقة لها بشيء، لذلك قررت أن تنتظر أختها لتهدأ وتدلي بدلوها ورغم صعوبة الانتظار إلا أن كون أصالة بخير وحده كفيل بجعلها لا تتعجل أي فواجع ستدركها عاجلًا أو آجلًا فيكفيها ما تعلمه.
ولجت بهية إلى الغرفة فرأت منذر يجلس على الأريكة المقابلة للباب تمامًا في وضعية متحفزة ينظر لها بعيون لم تفهم ما يدور بداخلها فوضعت آدم برفق على السرير ووضعت بين ساقيه لعبته المفضلة ليتشاغل بها وخلعت نقابها وهي تقترب من منذر وتقول بتوتر
" ما بك، تبدو …غاضبًا " وقف منذر وقال لها بحدة
" أشعركِ تتهربين مني، ليومين وأنا لا أجدكِ بهية " اقتربت بهية أكثر وهي تقول بتوتر أكبر
" لا حاجة لي لأتهرب منك منذر، أنا أعلم أنك تريد التحدث معي بأمر هام وأني لدي أمر أهم لأحدثك به لكن ذلك اليوم لم نتمكن من الحديث معًا وقد استيقظ آدم مفزوعًا من نومه وبعدها عادت أصالة من الخارج منهارة بشكل أفزعني، أي أني لم أقصد ذلك ولم أرتب له "
قال منذر
" وماذا عن اليومين الماضيين "
قالت بهية بحزن
" أصالة ليست طبيعية بالمرة، لقد لازمتها عساني أدرك ما بها وأخفف عنها ورغم ذلك لم تتحدث، حالتها يرثى لها صدقني وما جعلني أتركها مبكرًا الليلة هو كونها قد أخذت منوم شديد ونامت، لذلك جئت إليك فورًا، منذر أنا أسفة لانشغالي عنك وتقصيري اليومين الماضيين "
تنهد منذر بهم شديد وقال لها " أنا حقًا أحتاج أن أتحدث معكِ، هلا تفرغتي لي ومنحتيني بعض وقتكِ "
قالت له
" لا تشعرني بالذنب أكثر أرجوك، وصدقني أنا لم أقصد الانشغال عنك، فأنت في حياتي المهم الذي لا شيء يضاهيه أهمية، لذلك هلا عذرت وغفرت وأدركت أني أتيت إليك بنفسي لأمنحك كل الوقت والاهتمام وأعوضك عن تقصيري"
نظر لها منذر للحظات بصمت قبل أن يمسك يدها يجذبها نحوه بهدوء ثم ينظر لعينيها بارتباك شديد وهو يرفع كفه ويضعها على جانب وجهها كأنه يقتل بتلك اللمسة كافة وساوسه وهو يقول لها
" هلا جلستي لنتحدث "
هزّت بهية رأسها بطاعة وهي تستشعر حنيته التي أغدقها عليها بتلك اللمسة التي جعلت نبض قلبها يضطرب أكثر، جلست بهية على الأريكة المقابلة له وهو مازال يتمسك بكفها بشده، وجلس منذر مقابلًا لها ثم اقترب منها لاغيا أية مسافات فاصلة بينهما وأحنى رأسه نحوها يقول بتخبط شديد
" بهية ….
صمت يستجمع شتات نفسه وعيناها التي كانت تشجعه على الحديث ساعدته كثيرًا ليقول
" بهية اسمعيني، أنا أعلم أنكِ احتملت مني عدم التزامي ورعونتي في فترة زواجنا الذي جاء سريعًا لدرجة لم تمنحنا الفرصة لندرك دواخل بعضنا أكثر …
قاطعته بهية تهمس بهلع واضح
" منذر "
لكنه وضع سبابته على شفتيها وقال
" دعيني أنهي حديثي أولًا " فهزت رأسها بطاعة وقد بدأت ترتجف مخافة مما سيقال وهي تسمعه يقول
" السرعة التي اجتمعنا بها جعلتني أشعر بكونكِ الونس الذي جائني في عزلتي المميتة، ونس أعطاني قيمة بين الجميع وكان سببًا في جعلي أعود إلى منزلي لأجل أن أجد من ينتظرني ليشاركني شيئا من الحياة التي فقدتها، ورغم ذلك لم أستطع التعامل معكِ كزوجة ولم أستطع رؤيتكِ بهذا الشكل، ولم أكن جاهزًا لألتزم بتلك الحقيقة " غار قلب بهية في أعماقها حتى شعرت أن هناك ثقب لا نهاية له حفر في صدرها الذي صار خواء وقالت برجاء
" منذر أرجوك "
لكنه كان مصرًا على إنهاء ما بدأه لذلك لم يوقفه رجائها بل أكمل حديثه قائلًا
" لكن بعد كل ما حدث بيننا وبعد النقطة التي وصلت إليها علاقتنا قد حان الوقت لأن يتغير كل شيء"
أسرعت بهية تقول
" منذر ..أنا لا أريد لشيء أن يتغير "
أغمض منذر عينيه كأنه يحجم غضبه ويمنعه من الظهور وهو يقول
" توقفي عن الادعاء بهية …توقفي "
وقف منذر بانفعال شديد وقال لها
" لقد سمعتكِ أنتِ وأختكِ ذلك اليوم، سمعتكِ بهية وأعرف ما تخططين له"
ظهرت الصدمة جلية على وجه بهية التي وقفت وقد زاد فزعها أضعاف مضاعفة تقول بصدمة
" سمعت ؟؟؟
صمتت لحظة قبل أن تندفع قائلة بهلع
" منذر لقد كنت سأبلغك لكني لم أملك الجرأة لفعل ذلك، فهذا ما أردت التحدث معك فيه " كان يتحدث عن كونها ستفضح زيجته الأخرى لاخوته وكانت هي تتحدث عن كونه علم بأمر يوسف وجيلان وسيبدأ في لومها على إخفاء الأمر لكن ما لم تتوقعه أن يقترب منها ويمسك يديها وهو ينظر لها بعيون راجية ويقول
" رغم أن ما سمعته صدمني وبشدة لكني لا ألومك، فأنا يقع على عاتقي الكثير، أنا من تسبب في خلل جسيم وعليّ إصلاحه "
نظرت له بهية براحة شديدة وهي تتنفس الصعداء وتلهج داخلها بحمد لا ينقطع وهي تقول
" كم حملت من المخاوف تجاه مواجهتك، لكنك أرحت قلبي بتفهمك أراح الله قلبك ….ماذا قررت أن تفعل، عليك التصرف بسرعة، لو كان لدي حل لهذا ما كنت انتظرت لحظة لكنه لن يرحمني، فأنت لا تعرف إلى أي حد تصل قذارته وجبروته"
عقد منذر حاجبيه ونظر لها يحاول فهم ما تقوله لكنه بدا عاجزًا عن ذلك تمامًا فسألها وهو يشعر بالغباء التام
" من الذي تتحدثين عنه " قالت بهية ببكاء
" يوسف العزايزي …ماذا ستفعل معه "
سألها منذر بخفوت شديد الخطورة وكافة حواسة قد تيقظت من سكونها اللحظي
" يوسف العزايزي…أليس هذا طليقك "
أجابته بهية وهي غير واعية لطريقة سؤاله
" نعم ذلك القذر حسبي الله ونعم الوكيل فيه "
قال لها منذر وقد صار بينه وبين الجنون شعرة فاصلة
" ماذا سأفعل معه بشأن ماذا تحديدًا "
نظرت له بهيه بارتباك ثم قالت بتلعثم وهي لا تدري مغزى السؤال الذي شعرته كفخ تسقط به
" أنا …أقصد …في أمر زواجه من جيلان و…
صمتت بهية فأمسك منذر ذراعها بعنف وصرخ بها
" وماذا انطقي "
أغمضت بهية عينيها بخوف وقالت
" لقد تزوج جيلان طليقتك وهي حامل وحين ولدت نسب طفلك لنفسه "
قال منذر مبهوتًا
" طفلي ؟؟"
ثم هزها بعنف وقد بدأ عقله يستوعب هول ما يُقال ليصرخ بها
" من أين أتيتِ بهذا الحديث، انطقي ….انطقي بهية أو أقسم بالله…
قاطعته وقد ازداد بكائها حدة وهي تهتز بين يديه كما لو أنها ورقة يطيح بيها الريح وقالت " لا تقسم …لا تفعل منذر، سأخبرك بكل شيء …في الحقيقة هناك صديقة لي هاتفتني منذ أيام وأخبرتني بذلك "
قال لها منذر بهياج استبد به
" لماذا أنا دومًا في كافة شؤونكِ آخر من يعلم، لماذا دومًا تريدين وضعي في هيئة المغفل، لماذا تصرين على جعلي أقف أمامك شاعرًا بالغباء التام "
قالت بهية وهي تهز رأسها فتتناثر دموعها حتى تسيل على عنقها "
لا تتحدث عن نفسك هكذا منذر أرجوك، أقسم لك أني منذ علمت وأنا أحاول إخبارك لكني خائفة، أقسم لك أني لم أشأ أن أخفي عليك شيء لكني في لحظة جبنت، دعني أوضح لك ما حدث أرجوك "
دفعها منذر للخلف ثم قال
" جبنتي ؟؟ هل هذا تبريرك، وهل هذا ما كنتِ تخططين لاعلانه على الملأ وفضحي به أم أمر زواجي من أخرى هو ما كان سيتصدر المشهد يا بنت الأصول "
قالت بهية بانهيار
" لا هذا ولا ذاك، ماذا تقول أنت، لماذا سأفضح زوجي …بربك يا منذر استمع لي لمرة واحدة، وتوقف عن رؤية الأمور من جانبك توقف عن رؤيتي عدوك فأنا لست كذلك، أنا زوجتك "
قال منذر بجنون وقد فقد زمام سيطرته
" زوجتي التي تخطط وترتب من خلف ظهري، التي تخفي عني كل شيء، زوجتي التي سمعتها تقول لأختها أني أستحق الفضيحة "
قالت بانفعال وهي تناظره بعيون مجروحة وعقل قد فاض كيله من شدة الضغط
" أنا، تتحدث عني أنا يا منذر، لا ليس من حقك فبعد ما حدث بنا كان يجب أن تكذب أذنيك وتأتي لتسألني، أنا لا أعرف لما صمتّ حين سمعتني، ولما اعتقدت أني أقصدك بحديثي رغم كوني لم أسيء يومًا إليك رغم كل ما تفعله …
صمتت بهية تنظر له بقهر ثم تبكي وهي تكمل بصوت شبه صارخ
" ما قصدته بحديثي تلك اللية هو ذلك القذر يوسف، لقد علمت يومها أنه نسب ابنك إليه هل تدرك حجم الكارثة " قال منذر بصياح أفزع آدم
" بالطبع لا أدرك، فمحال أن يكون ذلك الطفل ابني، جيلان رخيصة قد تسلم نفسها لأي رجل بورقة، لو أنها حملت ونحن معًا لما لم تخبرني " قالت بهية بغضب شديد
" لا أعرف أسبابها لكن ربما لم تعلم بالحمل حينها، فأعراض الحمل قد لا تكن واضحة لبعض النساء في بدايتها، وربما لا ينتبه لها من لم يسبق لهن الحمل، هذا الطفل قد يكون طفلك يا منذر …طفلك ونسب لرجل آخر وجاء من زواج لا أعرف كيف أصفه، بربك لما أوقعت بنفسك في هذا الظلام "
تراجع منذر للخلف حتى سقط جالسا على أحد مقاعد الغرفة وهو يقول بضياع "
يا إلهي …لا يمكن"
ثم رفع عينيه إليها وقال
" ليس طفلي، هل تسمعين، ربما هو طفله، ربما حدث بينهما علاقة وهي في شهور العدة، هناك ألف احتمال وارد، فهذا الرجل لديه أطفال منكِ ولا يحتاج إلى طفل ليس له لينسبه إليه، أليس كذلك …كم طفلًا يملك منكِ "
صرخت بهية بحرقة
" ولا طفل يا منذر، أنا لا أملك أطفال، ولم أحمل سوى منك "
وقف منذ واقترب منها بعنف يقول
" ماذا تقولين، الجميع يعلم بأنه لديكِ أطفال، هل وصل بكِ الأمر لتنكري أطفالكِ حتى تورطيني في ذلك الطفل " قالت بهية باندفاع
" انظر الى عيني وقل لي منذر لو أن لي أطفال لما لم أسع لرؤيتهم منذ زواجنا، لما لم يعيدني قلبي إليهم، لما لم أذكرهم أمامك ولو لمرة " استدار منذر عنها يقول بغضب
" لا أعلم لماذا لم تفعلي ذلك " اقتربت بهية منه حتى وقفت خلفه وقالت
" حسنا دعني أخبرك منذر بما لا تعلمه، بما أخفيه مجبرة عن العالم منذ سنوات طويلة، أنا لم أحمل سابقًا، لم ألد، لم أكن أما قط، يوسف العزايزي لا ينجب، كافة الأطفال التي نسبت إليه وقد سجلها باسمي واسمه لا أعرف من أين أتى بها ولمن تكون، لقد أشركني في جرمه قسرًا ولم يكن البوح بما يفعله خيارًا متاحًا لي " التفت لها منذر بصدمة كبيرة وصرخ بها
" ماذا تقولين "
قالت بهية
" أقول أن عليك التأكد من كونه ابنك، عليك إبلاغ أحد من إخوتك لمساعدتك، فيوسف العزايزي لن يكون بخصم هين أبدًا وقد يؤذيني بشدة وأنا حقًا خائفة يا منذر وأحتاج إليك لتحميني منه، أحتاج أن تخرج هذا الشخص من حياتي بلا عودة وتخلصني منه ومن تهديده "
أخفض منذر نظره إليها وتأملها قليلا ثم قال بجمود وحدة
" ما الذي تخفينه عني أيضًا …ما الذي لم تبوحي به بعد …ماذا تقصدين بكونه قد يؤذيكِ بشدة وبأنه يهددكِ، هل مازال لديكِ مهازل أكثر لم أستمع إليها "
قالت له بهية وهي تمسك يده وتتشبث بها عل لمستها تكون أكثر منها استجداء لتفهمه وقالت
" سأخبرك بكل شيء"
عم الصمت لحظات طغى فيها حديث العينين قبل أن تخفض بهية رأسها خوفًا من عنف نظراته لها وقد بدأت تسرد له واقعها الذي جعل كل الحقائق الذي ظل عمرًا موقنا بها تفنى جميعها أمام شناعة ما يسمعه وأمام هول ما يُقال، للحظة شعر أن ما أدركه كما لو أنه صاعق بقوة تخطت قوة البرق قد ضربه مسببًا له حالة إفاقة صادمة جعلت كل التخبط الذي غرق به مجرد خزي وقذارة لا يعرف كيف يتوارى من كونه قد غرق فيها بالفعل.

༺༻

في نفس الوقت داخل أحد صروح الجوهري تحديدًا داخل مكتب مؤيد الجوهري كان منصور الجوهري يجلس باسترخاء يرتشف قهوته ليقاطعه دخول مؤيد الذي بدى متحفزًا لتلك الزيارة وهو يحل رابطة عنقه بنفاذ صبر ويقول " أهلًا يا عمي "
قال له منصور وهو يلاحظ عبوسه ونزق ترحيبه
" أهلًا يا مؤيد، تبدو مشغولًا"
قال مؤيد وهو يأخذ مكانه خلف مكتبه
" نعم المشروع الجديد يأخذ كل وقتي، لقد تحدد موعد بدء العمل به وعليّ التأكد من أن كل شئ على ما يرام لكي لا تواجهني عثرات مفاجئة فيما بعد "
قال له منصور
" من يومك وأنت تجيد إدارة أمورك والتغلب على الصعاب"
قال مؤيد
" هذا بديهي يا عمي، فحسب ما أذكر أني لم أملك الخيار في ذلك، وقد تخلى الجميع عني فجأة وتركوني شاب بلا خبرة وفي عنقه يتعلق صبي وفتاة " قال منصور
" لم أتِ لنفتح دفاتر ما مضى يا مؤيد، ففي النهاية مهما أنكرت عائلتك وإن لم تدرِ وقفت بجوارك لآخر لحظة" قال مؤيد باستنكار " وقفت بجواري، عمي إن كنت لا تريد التقليب فيما مضى لك ذلك لكن هذا لن يغير من حقيقة أني كنت على وشك خسارة كل شيء، وكنت أحارب في كل اتجاه وأنا محض يافع لم يشتد عوده في سوق الأعمال بعد، والجميع وقف يراقبني، ألقيتوني داخل اختبار صعب وضغط لا يحتمل والآن تقول كنا بجوارك، لا عمي أنا لم يكن بجواري سوى توفيق الله سبحانه وتعالى "
قال منصور وهو ينظر في عينيه بثقة
" هل تنكر أن دعم علِيّ لك هو ما دفعك لتعبر ذلك الوقت العصيب بسلام "
نظر له مؤيد بصمت قبل أن يريح ظهره ويقول
" لا تحاول يا عمي تلطيف المواقف لأن محاولاتك لن تكون مجدية، فما فعله علِيّ لم يكن هناك شخص من العائلة راضيًا عنه، وهذا ما دمر علاقتي به تمامًا، ففي لحظة محددة تعاظمت شكوكي نحوه لدرجة جعلت وجوده جواري يؤذي عقلي ويجرح كرامته ولهذا كان الأسلم لنا أن نفترق، لذلك هذه العائلة وإن تغاضيت عن أفعالها في حقي وحق إخوتي ستبقى الخسائر دليلًا باقيًا لا يمكننا التغاضي عنه " قال منصور
" أنت متحامل على عائلتك كثيرًا يا مؤيد "
قال مؤيد بانفعال
" طبيعي أن أفعل عمي، فسنوات عمري التي مرت وأنا وحيد أكافح وأصارع وأربي وحدي حتى بدأ شعري يشيب تجعل من تحاملي عليهم شعور طبيعي حتى وإن كنت أسعى لدفع إخوتي نحوهم، هذا لا يعد تناقض …بالعكس هذا لأجل إخوتي وخاصة كنزي التي قد أموت وأتركها في أي لحظة عرضة لكلاب الشافعية الذين لن يفكروا قبل النهش بها " قال منصور باستنكار
" كنزي الآن تملك زوج وعائلة لتحميها، هل تشك فيما وعدتك به "
قال مؤيد وهو يمسح وجهه محاولًا لجم انفعاله قدر استطاعته وهو يقول
" لا عمي، وعدك هذا ما سأطالبك به إذا مس أختي أذى، وعدك هذا هو ما يبقيني هاديء وكلي يقين أني أملك منك كلمة لن أتهاون في أمرها"
قال منصور وهو يعود لارتشاف قهوته بثبات
" كلمتي أنا واثق بها، وواثق أن أختك أصبحت في كنف رجل سيحملها في عينيه طوال العمر عجل أنت من الزفاف الذي لم يعد هناك داعي لتأجيله أكثر، أو عجل بتنفيذ كلمتك لي يا مؤيد "
سأله مؤيد باستفسار متوجس " أي كلمة عمي "
أجابه منصور
" دعني أقولها لك بشكل مباشر، أنا أخطط لاكتساح سوق العمل ومراكز القوة وأريد عائلتي جبهة واحدة وقوة واحدة وأريدك أن تعود الكبير بينهم، لذلك علينا أن نسارع بدمج أعمالنا وبأن نعيد كل شيء لصورته الأولية، لا أريد أن يظل تنحيك عنا للعيان واضحًا، الشافعية الآن في أضعف حالاتهم وهذا وقتنا لنثبت أقدامنا وبقوة فإن فاتتنا تلك الفرصة سنندم حقًا يا ابن أخي "
صمت مؤيد يناظر عمه بعيون ظهر فيها الحذر جليا فعاد منصور ليترك قهوته على المنضدة أمامه وهو يقول " هذا سيكون به مصلحة الجميع وأنت على رأسنا فلا أحد منا مهدد من هؤلاء الأوغاد أكثر منك، صدقني تأجيلك للأمر لن يفيد بشيء مطلقًا لذلك أنا هنا أطالبك بكلمتك التي لن أتهاون في أمرها "
أخفض مؤيد عينيه بتفكير فوقف منصور يقول
" جهز فريقك القانوني لننهي الأمر بعد حفل شاهين مباشرة، وطبعًا لا تحتاج مني لأن أخبرك أنك يجب أن تكون من أول الحاضرين وتقف بجواري أنا وأعمامك ونحن نستقبل ضيوفنا، وجودك بات أمرًا مفروغًا منه يا مؤيد "
وقف مؤيد وقال
" حسنًا يا عمي ليمر الحفل وبعدها لكل حادث حديث "
لم يرتح منصور لعدم لين مؤيد ولم يكن مؤيد قادرًا وسط الضغط الذي يعايشه على ضغط أكثر فقال منصور
" سأنصرف أنا فهناك الكثير مما يتحتم إنجازه والوقت بات ضيقًا "
تحرك مؤيد يجاوره نحو الباب ليلتفت له منصور ويقول " وجودك بيننا أمر لا أحد منا سيتخلى عنه "
هزّ مؤيد رأسه وهو يقول
" بإذن الله"
تحرك منصور بين رجاله مغادرًا فيما عاد مؤيد إلى مكتبه يحل أزار قميصه ويجلس على المقعد بعقل مستنزف القوى مشتت في عدة جهات، أعمال لا تنتهي …مخاوف لا تنتهي …وأيضًا تهديدات لا تنتهي وهو يقف وحيدًا أعزل أمام كل ذلك، يقف ليحارب في كل جهة حتى أنهكه الصراع وأشعره أنه رجل طاعن السن يائس وحيد، تنهد مؤيد بهم وهو يغمض عينيه محاولًا أن يسترخي لكنه لم يتمكن من ذلك وهو يسمع صوت عمر الذي دخل إلى المكتب يقول
" مؤيد …متي رحل عمك" أجابه مؤيد وهو مازال يغمض عينيه "
منذ دقيقة واحدة، أين كنت " أجابه عمر وهو يقترب منه
" كنت أنجز ما طلبته مني فأنا لا أريد أن يتراكم عليّ العمل، يكفيني الضغط الذي تضعنا فيه لما يقارب الشهر " قال مؤيد وهو يفتح عينيه ويعتدل في جلسته
" لست أنا من وضعك في هذا الضغط، المهم هل أنجزت كل شيء "
قال عمر وهو يجلس على المقعد المقابل له
" كل شيء تحت السيطرة "
ثم صمت كأنه تذكر شيء فأخرج ظرف من جيب سترته وقال
" هذا الظرف وصل من أجلك الآن، لقد استلمته عنك لكن لم أجد عليه معلومات واضحة، يبدو كجواب غرامي"
ابتسم عمر بعبث فزجره مؤيد وسأله بقلب منقبض
" من أوصله "
قال عمر
" عامل توصيل، لم يكن لديه هو أيضًا أية معلومات عن المرسل، لم أشأ فتحه بسبب ما كتب عليه "
أدار مؤيد الظرف بين أصابعه ليجد أربع كلمات كتبت بالخط الأحمر العريض .. مؤيد الجوهري…سري جدًا، عقد مؤيد حاجبه أكثر وشعوره بعدم الراحة يزداد وهو يفض الظرف ليجد ورقة مطوية بداخله ففتحها ليجدها وثيقة إلكترونية، شهادة ميلاد لطفلة إسمها ماسة ….تحركت عيناه نحو اسم الأب ليجده مؤيد رياض الجوهري فتجمدت أنفاسه لتنزلق عينه نحو اسم الأم لتنقطع أنفاسه حينها تمامًا
༺༻

في مكان آخر بعيدا عن صرح الجوهري وبعيدًا عن العمران وعن كل مكان آمن كانت سيادة تتحرك داخل رواق طويل بكعب عالي يثير في هدوء المكان فتنة تلفت لها الأنظار، خاصة وهي تلتزم بزي رسمي يميل إلى الجرأة بعكس طبيعتها التي لا ترتاح للفت النظر لكن يبقى للعمل أحكام، لتصل نحو مكتب غنام المكان الوحيد الذي تثق أنه غير مراقب بأي شكل ولزيادة التأمين وضعت حقيبتها وهاتفها على المكتب تحسبًا لوصول غنام في أي لحظة ثم أخرجت أحمر شفاه وولجت نحو الحمام وأغلقته بإحكام عليها ثم أخرجت هاتف بسيط غير حديث كانت تخفيه بين طيات ملابسها وفتحته بسرعة كبيرة تطلب الرقم الوحيد المسجل على الهاتف، لتصل المكالمة فورًا إلى يهدين التي تلقتها وبدأت تتأكد أن المكالمة آمنة قبل أن تحولها لهاتف حكم الذي كان في مكتبه يتحرك ذهابًا وإيابًا دون هوادة كأنه يسير على صفيح ساخن ليندفع نحو الهاتف بلهفة وظنونه تأخذه أن تلك المكالمة قادمة إليه من حيث لم يأته خبر لتخمد لهفته وهو يجيب
" أهلًا سيادة، هاتي ما عندك"
قالت سيادة بصوت خافت وخائف بنفس الوقت
" حكم هناك فتاة اسمها مريم وقعت بين يديهم منذ يومين ومن حينها كل شيء هنا يبدو مخيفًا، لقد نقلوها لمكان أجهله لكني أشعر أنهم سيقتلوها، لقد عاملوها بعنف شديد وتفحصوا جسدها بحثًا عن علامات كأنهم كانوا يشكون في كونها هي "
تصلب جسد حكم وقال لها بسرعة
" هل رأيتي وجهها سيادة " قالت سيادة
" نعم حكم وحفظته أيضًا لقد كانت تطلب مساعدتي وأنا أقف كما التمثال عاجزة عن فعل أي شيء، الوضع حولي بات خطرًا للغاية، أنا لست مرتاحة خاصة وأن غنام يوليني كامل تركيزه واهتمامه وأشعر في نظراته بشيء مقزز لا يحتمل "
قال لها حكم بقوة
" سيادة اثبتي لننهي ما بدأناه واعلمي أني هنا أتحرك لننهي الأمر، ابقي على حرصك وحذرك واستمري في البحث خلف ما أحتاج إليه، وفي أقرب فرصة أرسلي لي صورة لوجه الفتاة، فأنا أحتاج إليها جدًا "
قالت سيادة
" حسنا حكم لكن أرجوك أسرع في تخليصي من تلك الورطة "
قال حكم بانفعال
" سأفعل يا سيادة… سأفعل" صمتت سيادة للحظة قبل أن تسأله بحنين ولهفة وحرقة جارفة
" كيف حال ماسة، هل هي بخير، وكيف تسير الأمور بينها وبين شيراز"
كأنها وضعت يديها بعمق الجرح وضغطت عليه بشدة، لم يتمكن من مصارحتها أن شيراز أخذت صغيرتها وقلبه ورحلت بهما ولم تعد حتى الآن لذلك لم يقل شيئا سوى
" اطمئني "
أغمضت سيادة عينيها باشتياق ملتاعة تائقة لتعود ابنتها لأحضانها وهي تقول
" سأحاول رسم صورة للفتاة وإرسالها لك حين تتاح لي الفرصة "
سمعت سيادة حركة بالخارج فأغلقت الهاتف وسارعت لتخفيه مجددًا بين ملابسها ثم فتحت أحمر الشفاه وبدأت في إعادة طلاء شفتيها به لتلتفت بحدة نحو باب الحمام الذي فتح عليها فجأة وظهر غنام ينظر باستغراب وهو يقول
" أنتِ هنا "
أغلقت سيادة أحمر الشفاه خاصتها ببطء تداري توجسها منه وهي تقول بلهجة غاضبة " سيد غنام الحمام مساحة خاصة لا يجدر بك إقتحامها بهذا الشكل"
قال غنام ببرود وهي يتأملها بطريقة اقشعر لها بدنها بقوة
" لا مساحة خاصة هنا لشخص غيري، أنتِ الآن تشاركيني مساحتي "
نظرت له سيادة بغضب فبدت في عينيه كأنثى صعبة المراس وكم راقه الأمر، فتحركت لتخرج من الحمام لكنه لم يفسح لها المجال فقالت
" من فضلك أريد أن أعبر " قال لها بابتسامة أفزعتها
" لا بأس، فلتعبري …عبورك يروق لي"
تحرك خطوات مؤكد ستؤدي إلى تلامس بينهما حاولت سيادة تلاشيه وهي تضم نفسها قدر استطاعتها وتتحرك ورغم ذلك شعرت أنه التصق بها عمدًا وهو يمرر أصابعه بخفة على ساقها فانتفضت تقول له بحدة
" سيد غنام أنا هنا للعمل وليس لشيء آخر لذلك من فضلك توقف "
تحرك غنام نحو الحمام يتفقده بعيون لا تخطيء هدفها ثم تحرك نحو مكتبه بخطوات واثقة وجلس على مقعده يفرد أكتافه كأنه سلطان جلس على عرشه وقال
" لنعمل درة، لكن لتعلمي أن العمل لم يعد السبب الوحيد لوجودكِ هنا، فأنتِ تروقيني وهذا أصبح أمر مهم لي الآن"
شعرت سيادة كأن صاعقة عاتية حطت على رأسها واضطربت أنفاسها وهي تدرك أن مخاوفها صارت حقيقة أشد رعبًا وفزعًا
༺༻

أما على الجهة الأخرى فكان حكم يحاول إخضاع نفسه التي يشعر كما لو أنها في حالة من الثورة والفوضى التي لا تهدأ مطلقًا، يحاول بجهد علّه يستطيع أن يركز فيما لديه من كوارث تتساقط كما النيازك السماوية فوق رأسه لكن محال أن يستطيع، فأيام بعدها عنه أحالته لشخص غير طبيعي، شخص لا يستطيع التركيز في أموره المهمة، ولا يستطيع أيضًا أن يقوم بأبسط الأشياء التي من إرهاق عقله بها تصبح في نظره صعبة ومعقدة، لقد تحول بعيدًا عنها لمحض شخص يجلس مترقبًا في المقاعد الاحتياطية للحياة فإما أن يكون لديه فرصة لينزل نحو أرض الواقع ويعيش كما البشر، وإما سيبقى منتظرًا حتى ينقضي عمره المرير ويفنى …
ويفنى معه كل ما بالعالم من حب.
༺༻

بعد عدة ساعات …

كانت سيارة بلال تتوقف بحي من أرقى أحياء العاصمة يترجل منها وهو يتحدث بالهاتف قائلًا
" دينا أنا لن أتأخر سأطمئن أن كل شيء على ما يرام وسأتي فورًا، لا تخبري والدتي أني هنا فلا قدرة لدي على الجدال معها "
وصله صوت دينا الغاضب تقول
" لا أصدق أنك ذاهب إليها، ألم تطلقها يا بلال …ألم ينته ما يجمعكما، بماذا أفسر تصرفاتك قل لي، أنت تبدو كما لو أنك تحوم من حولها لتقنعها بالعودة لك، أنا لا أتحمل ما تفعله "
حرك بلال رأسه بضيق وقال " ألم نتحدث في هذا بالأمس دينا، بربكِ لا تبالغي في وساوسكِ، أنا فقط أقوم بما يتعين عليّ فعله وللنهاية سأفعل أنتِ لم تعرفيني بالأمس، ثم ما جاء بي اليوم هو ضيق وقتي فخلال الثلاثة أيام القادمة ربما لا أتمكن من إيجاد وقت للقدوم إليها فالتجهيز للسفر لن يكون هينًا خاصة وأنا أصفي كافة أعمالي هنا كما تعلمين "
قالت دينا بحرقة تعكس مدى غيرتها عليه
" حسنًا بلال، أفعل ما تراه مناسبًا لكن وأنت تدرك أني أقبل بذلك لكونه يرضيك ليس لكوني راضية، لا تتأخر من فضلك "
قال بلال وهو يتحرك نحو مدخل المنزل ذى الحديقة المزهرة وهو يقول
" لن أفعل حبيبتي، لا تقلقي أبدًا …أحبك كثيرًا، ودعًا " أجابته دينا التي ظهرت غصة صوتها واضحة له
" أحبك أكثر …وداعًا"
وضع بلال الهاتف بجيب سترته وهو يشير للحارس الذي كان يقف قريبًا من البوابه وهو يطرق الباب الداخلي فأسرع الحارس يقترب منه وهو يقول
" أمرك سيد بلال "
سأله بلال وهو يتفقد محيط المكان بعينيه
" هل كل شيء على ما يرام"
أجابه الحارس
" لا تقلق سيدي كل شيء تحت السيطرة "
فتحت الباب فتاة يافعة وقالت بأدب
" تفضل سيدي، سأنادي سيدتي شيراز حالًا "
أوقفها بلال يسألها باستغراب " من أنتِ "
أجابته الفتاة
" خادمتك هداية، أنا أعمل هنا منذ الأمس "
قال بلال
" كيف، من الذي …
قاطعه صوت شيراز التي كانت تخرج من المطبخ تحمل ماسة بابتسامة سعيدة وتقول
" أنا التي عينتها هنا، لقد طرقت الباب أمس تسأل عن عمل ومأوى، شعرتها مثلي تائهة في الحياة فقررت دعمها كنوع من التضامن ضد قسوة الحياة "
قال بلال باعتراض
" شيراز لما أنتِ مستهترة بسلامتكِ إلى هذا الحد، ألم تفكري للحظة أنه من الممكن أنها ….
قاطعته شيراز تقول
" هداية من فضلك جهزي زجاجة الرضاعة الخاصة بماسة "
قالت الفتاة بحماس
" من عيني ثم أسرعت نحو المطبخ لتقول شيراز لبلال
" لا تقلق إنها مجرد فتاة غلبتها قلة حيلتها، ماذا ستفعل بربك إنها مجرد مراهقة "
قال بلال
" هذه المراهقة قد تؤذيكِ، كل ما حولكِ قد يؤذيكِ شيراز، لقد رفضتي أن أحاوط المنزل بطاقم حراسة واكتفيتي بفرد، والآن تفتحين بابكِ لكل من يطرقه هذا يعد جنون منكِ " قالت شيراز وهي تهز ماسة التي ترفع يديها محاولة الإمساك بشعرها
" أولًا وجود حراسة حول المكان ستلفت النظر إلى المنزل الذي لا يدري أحد أني أقيم به، ثانيًا الفتاة طرقت أبواب الحي بأكمله وليس بابي بمفردي فلمَ كنت سأغلقه بوجهها، الأمر بسيط بلال توقف عن القلق فأنا آمنة " قالتها شيراز وهي ترمق السوار الذي يحيط رسغها بابتسامة شاردة ثم أحنت رأسها تحك أنفها بأنف ماسة التي ابتسمت وهي تقول
" لا تقف هكذا، اجلس "
قال بلال
" في الحقيقة لقد جئت لأطمئن عليكِ وعلى أمورك لأني سأكون مشغول الايام القادمة وربما أضطر للسفر، أنا أعلم أن قرار سفري في هذا الوقت قد يخيفك لكن لا تقلقي مادام الشافعية لا يعلمون شيئًا عن طلاقنا بعد لن يبحثو خلفك فقط كوني حريصة في معاملاتك ولا تعرضي نفسك للخطر " قالت شيرا
ز " لا تحمل همي بلال، سافر وأنت مطمئن، أنا سأكون بخير، فأنا لست بمفردي ماسة معي وكل ليلة أكتشف أنها تكتسب مهارات جديدة، لقد باتت قادرة على جذب شعري ورفع رأسها للبحث عني حين ابتعد عنها، أليس هذا رائعًا " قال لها بلال
" بالفعل، أنتِ تبدين سعيدة " شددت شيراز ذراعيها حول ماسة وهي تدللها محركة إياها بطريقة إعتادت عليها الصغيرة وقالت
" فعلًا، أستمتع بالهدوء الذي أحياه هذه الفترة، ومتفائلة جدًا بأنه بمجرد انتهاء عدتي سأجد سبيلي للتحرر وسأختار طريقي بنفسي، أشعر أني مازلت في بداية حياتي وأن لدي الكثير لأخطط له "
قال بلال براحة
" أنا سعيد من أجلكِ شيراز، راحتكِ التي تظهر لي تجعلني مطمئن عليكِ، فأنا لأول مرة منذ سنوات أشعرك على طبيعتكِ، لا تدعين الصمود ولا تدعين التجاهل "
قالت شيراز
" ما عاد لي حاجة بالادعاء، سافر أنت ولا تحمل هما تذهب وتعود سالمًا بإذن الله " قال بلال
" مازال على سفري أيام لكني أصفي أعمالي هنا بمنتهى الهدوء وبعيدًا عن أعين الشافعية لذلك وقتي مشغول دائمًا، لذلك إن احتجتني في أي وقت هاتفيني، ومؤكد أنا سأهاتفك يوم رحيلي"
قالت شيراز
" خطوة جيدة بلال، فلتخرج عنقك من مقصلتهم أخيرًا، مبارك حريتك، التفت لحياتك ولا تقلق عليّ فأنا أيضًا أنوي الالتفات لحياتي "
ابتسم لها بلال وأخرج من جيبه محفظته الخاصة ثم أخرج منها بطاقة بنكية وقال لشيراز
" خذي هذه لعلكِ تحتاجين إلى أي شيء خلال غيابي، وعديني أن تهاتفيني إن حدث أي شيء، لا تصلبي رأيك وتعامليني كما الأغراب شيراز"
قالت شيراز باعتراض
" بلال أنا لا ينقصني شيء….
قاطعها بلال قائلًا
" لن أرحل حتى تأخذيها وتعطيني كلمتكِ بأنكِ ستلجئين إليّ حين يتحتم الأمر "
قالت له شيراز وهي تلتقط البطاقة
" شكرًا بلال على كل شيء، وأعدك حين يتحتم الأمر سألجأ إليك "
تنهد بلال براحة وقال
" سأوصي الحارس ألا يغفل عن المكان مطلقًا وأنت راقبي تلك التي أدخلتيها منزلكِ " قالت شيراز
" لا تقلق كل شيء سيكون على ما يرام "
قال لها بلال وهي يلمس وجنة ماسة برقة
" لم تخبريني ابنة من هذه الفتاة "
ضحكت شيراز وقالت
" صدقني خيرًا لك ألا تعلم " رفع بلال حاجبه باستغراب وقال
" استودعك من لا تضيع ودائعه "
قالت له شيراز وهي تسير معه نحو باب المنزل
" في حفظ الله ورعايته "
غادر بلال فأغلقت شيراز الباب ودخلت تجلس على أريكة تجاور إحدى نوافذ المنزل وهي تهمس لماسة
" هذه النافذة لا تقارن بنافذة حكم، هل يمكن أن نشتاق للنوافذ ماستي، لأني أشتاق لغرفة مكتبه .. ونافذته …ومنزله … و فرسه … حتى هو أصبح له من الشوق نصيب، هل تعتقدي أنه يذكرنا، أم حين رحلنا همشتنا ذاكرته وانصرف عنا إلى حياته كأننا لم نكن، سيكون قاسيًا إن فعلها حكم المنصوري، لكن حتى وإن تناساني أنا واثقة أن كل ما حوله سيذكره بنا أحيانًا تصبح ذاكرة الأماكن أقوى من أصحابها "
نظرت شيراز للسوار مجددًا ثم قالت
" ذلك الذي حتى في الصمت يقرأني عله يذكرني في لحظات الغياب، فقد أيقنت أن الله حين أغلق في وجهي جميع طرقي كان يفتح لي في طريقه ألف باب، ما عاد يحزنني ما خسرت سابقًا فما بين جدران منزله وجدت ونس الأهل والأصحاب، وقد آمنت أن الله لا يمنع إلا ليمنح ويسبب الأسباب "
ابتسمت ماسة فازدادت ابتسامة شيراز وقالت لها وهي تضمها كأنها لا تكتفي من ذلك " ليتكِ خاصتي …فكم أحبك"
خرجت هداية بزجاجة الرضاعة الخاصة بماسة وقالت لشيراز
" تفضلي سيدتي "
أفرغت شيراز بعض قطرات على ظهر كفها لتختبر حرارتها وهي تقول
" نادني شيراز فقط لا داعي للألقاب "
ثم بدأت تطعم الصغيرة وهي تشعر أن روحها خفيفة كأن هناك شيء ثقيل أزيح عنها، تشعر بالهدوء والرضا، تنعم بلحظات سكونها وأمنها غافلة أنها لن تدوم طويلاً.

༺༻

يا مستبد أزح عن الليل سجاه، فما عدت بذلك الذي أخشاه، وما عاد هلاكي منقوش على كفيك وما عدت لي قدري الذي أرثاه، وما عاد الخيار خيارك وقد تحملت وحدي عقباه.
لا تقتلني بمشاعرك التي بلغت من الجنون مداه.
فإن كنت لا تذكر نحري على يديك فأنا أبدًا لم أنساه.
وهل ينسى امريء نصل المحب إذا أُغمد في حشاه.
يا مستبد أخبر قلبك أنك ما عدت الرجل الذي أهواه.
أنك ما عدت خيمتي ورملتي والخطى التي تتبعها أقدامي حفاه.
وأنك أرخت في تاريخ خافقي الرجل الذي أشقاه.
فلا تنتظر من قلبي سيدي أن يعود إليك راضيًا ويعلن في الخضوع فناه.
༺༻



(ما القلب إلا مقبرة مظلمة وما الحب إلا أول ما دفن بها وآخر ما سيبعث منها)
كانت هذه الجملة تعاد في عقله دون توقف بينما هو يتحرك بخطواته المهيبة ليدفع باب ضخم ويعبر منه تاركًا عبائته السوداء المطرزة لتتحرك من خلفه كما تتحرك الذكريات حائمة برأسه، ثلاثة عشر عامًا من عمره تطايروا في زوبعة لقائها، عادت هي وعاد هو معها ذلك المطعون منها وفيها، ذلك المغدور التي تركته خلفها ليركض بحثًا عنها كركض الوحوش في البرية وكلما فشل في إدراكها يحقن خلاياه بفكرة الانتقام التي تضخمت به حتى باتت هوسه الذي لن يتراجع عنه، ثم يشد العزم على الصمود حتى تأتيه، وها قد أتت غجرية الشعر، فضولية العينين، حافية القدمين …ابنة الكواسر وكاسرة الغازي.
تحرك غازي نحو الخنجر المعلق تحت صورة أبيه الموضوعة بعرض الحائط الخلفي لمكتبه وأمسك به يخرجه من غمده وهو يقول
" عادت الزوهرية يا أبي، عادت أخرى جامحة كما خيول البادية، عادت وعاد ما بصدري من الموت، فماذا أفعل"
تأمل غازي النصل الصديء الذي ماتزال هناك قطرات من الدماء الجافة تغطيه وقال
" دعها لي لو تكرمت، دعها وأعدك أن أتيك مقابل عنقها بأعناق سبعة رجال …وليس أي رجال …أنهم سباع السيد"
صمت ينظر لأعين والده وقال " سأقتلهم على سبعة ليالي، كل ليلة سأنحر عنق أحدهم فوق مقبرتك حتى ترضي، أما عنقها فهو غنيمتي على صبري، أنا أستحق يا أبي أن أكافئ "
أغمض غازي عينيه يكاد لا يصدق أنها عادت ثم رفع كفه اليسرى ومرر الخنجر في باطنها ليجرح نفسه بعمق منتشيًا ثم يغلق قبضته التي تتساقط منها الدماء وهو يقول " والمقبرة ستفتح، مهما كان الثمن فلم يعد هناك ما يعوقنا عن ذلك، ما بدأته يا أبي حان الوقت لأفي بعهدي وأكمله، حان الوقت لأطوي صفحة الماضي وأنهيه منتصرًا … كرجل يستحق أن يكون خليفتك "
أعاد غازي الخنجر إلى موضعه ثم رفع كفه الدامية وطبعها بجوار صورة والده كأنه يضع بصماته على الوثيقة الأهم في عمره قبل أن يتحرك ليجلس على كرسي مكتبه الأثري والذي وجده والده في أحد المقابر سابقًا ثم أمسك الكتاب العتيق الموضوع أمامة وبدأ في تفقده باهتمام دون أن يلتفت لجرحه الذي يقطر فوق المكتب ليرفع عينية عن الكتاب حين سمع جلبة بالخارج تبعها دخول أخويه فوقف يقول بغضب
" طالت الغيبة "
أسرع موسى نحوه وهو يدفع بشعره الكثيف إلى الخلف ويقول
" بمجرد أن وصلتنا رسالتك تركنا كل شيء خلفنا وأتينا، لا أصدق غازي أنها سقطت في يدك بعد كل هذه السنوات " ضمه غازي بقوة يربت على ظهره ويقول
" حان الوقت لننتقم لوالدك " قال موسى بغضب شديد
" أنا مستعد "
نظر له غازي بعينيه الحادة وقال
" أين أخيك "
أشار له موسى نحو الباب فوجد غازي يونس يدخل بهدوء وينظر له بسعادة قبل أن يتحرك نحوه فأقبل غازي يضمه وهو يقول
" الغالي …أخيرًا عدت "
ثم نظر إلى وجهه وأمسك فكه بيده النازفة يقول
" حين أراك أشعر أن أبي لم يمت "
عقد يونس حاجبيه وهو يقول " يدك تنزف أخي، أمازلت لم تتخلى عن تلك العادة "
قال له غازي بجدية بها بأس يعلن عن نواياه في القادم
" كنت أخبر أبي أن كل شيء سيسير كما خطط هو له، وأنني سأنتقم لموته أشد انتقام، سأفعل ذلك وأنتما حولي، ماعاد مجال هناك ليبتعد واحدا منكم مجددا "
قال يونس
" غيبتي لم تكن سوى بحثًا عن من غرس ذلك الخنجر في صدر أبي، ما كنت لأعود وأنا لم أجد عدوي بعد "
نظر له غازي منتشيًا بتصميم عينيه، فقال موسى
" على ماذا تنوي غازي " شدد غازي ذراعه حول أخيه سعيدًا بعودته التي انتظرها كثيرًا وهو يقول
" اجلسا"
تحرك هو خلف مكتبه وجلس أخويه على المقعدين المقابلين له، ليضع كفه المفرودة على الكتاب ويقول
" ما الجديد لديكما "
قال موسى
" بمجرد أن وصلتني رسالتك نفذت فورا، التحويلات المالية ستصل الحساب خلال ساعات، المشتري الأجنبي لم يمانع مطلقًا في دفع مبلغ ضخم كجدية اتفاق بيننا وبينه، ولكن لديه طلبات محددة بشأن ما يريده "
قال غازي
" لا طلبات ولا شروط ستفرض علينا، وضح له ذلك جيدًا "
قال موسى
" لا بأس سأتواصل معهم وأبلغهم "
سأله غازي
" هل الحسابات الدولية مؤمنة، أنا لا أريد خطأ واحد فيما سيأتي، وأريد أن تخرج كافة الأموال من البنك دون لفت النظر إلينا "
ابتسم موسى ونظر ليونس الذي بدى أكثرهم هدوء وصمت ثم قال
" لا تقلق، لدينا مهووسة ستتولى هذا الأمر، فالحسابات البنكية ليس لنا صلة بها مطلقًا، اطمئن "
عقد غازي عينيه وقال بانفعال رغم ثباته
" ماذا يعني هذا "
قال موسى " أخوك لديه معجبة مهووسة، تركض بحثًا عنه في جميع الطرقات ولم تمانع أن تقدم لنا تلك الخدمة " قال غازي
" ماذا …هل تقصد أن تلك الأموال ستوضع في حساب امرأة لا نعرفها "
همّ موسي بالرد ليقاطعه يونس قائلًا
" لا تقلق يا أخي، أموالك ستكون معها بأمان، كل شيء تحت السيطرة اطمئن "
قال موسى بتفكه
" يحق لك الثبات وهي التي تركض خلفك بينما تظنك مريض، فماذا لو رأتك واقفًا أمامها تتحدث، أظن أنه في وقت ما سيتحتم علينا التخلص منها "
حرك يونس عنقه بطريقة تنم عن كونه منفعلًا وقال
" لا أظن هناك داعي لذلك، لتنهي ما نريده منها ثم تبتعد " قال موسى بيقين
" لا أظنها ستفعل "
قال يونس
" بل ستفعل حين تدرك أن يتحتم عليها ذلك، لا أظنها ستظل ساذجة كثيرًا، يومًا ما سترى حتى وإن رفض عقلها ذلك "
صمت يونس ينظر إلى المفاتيح القابعة في قبضته ويركز أنظاره على مفتاح تلك الغرفة التي كانت نقطة الوصول بالنسبة له ونقطة الضياع بالنسبة لها ليسمع صوت غازي يقول
" ما دمتما واثقين في مسار الأمور سأترك لكما هذا الأمر، وسأحملكما أي عواقب قد تنتج عنه، علمًا بأن لو كانت تلك الفتاة خطر علينا أن …..
قاطعه يونس قائلًا بشكل قاطع " صدقني أخي هي ليست خطرا على أحد غير نفسها، أرجوك لا تقلق بهذا الشأن وثق في "
قال له غازي وهو يرمقه بنظرة شعرها يونس تعريه
" لك ذلك، لكن هل وجدت ما ذهبت منذ أعوام لتبحث عنه " كمش يونس كفه على المفاتيح التي بيده وقال
" بل وجدت ما هو أكثر أخي، فدماء أبي التي أريقت على يد حكم، ما كنت لأرتاح أبدًا لو لم أكن قد جهزت لها انتقامًا حاميًا "
هزّ غازي رأسه راضيًا وقال " هذا ما أخبرت به أبي للتو "

༺༻
بعد ساعتين …..

كانت بتول قد فقدت الشعور بالوقت، وبذراعيها المكبلة، وبجسدها الذي ينتفض بردا وقد تركها غارقة بالماء البارد لساعات طويلة بدت كأنها الدهر بأكمله، عنقها متيبس ومتدلى لأسفل لا تقوى على رفع رأسها، ووعيها تشعره كقبس من نور يخفت شيئًا فشيئًا.
الأفكار الهلعة بداخلها بدأت من شدة وهنها تخمد معلنة أنها وإن كان مصيرها الموت فمؤكد ذلك قدرها وتلك مشيئة الله الذي لو قدر له النجاة لن يقدر بشر على مسها بسوء، سلمت بتول أمرها له واستودعته نفسها وذلك الذي حين بحث بداخلها عن أمنية أخيرة لها لم تجد من التمني شيء سوى رؤيته وبعدها فلتخفت جميع الأضواء للأبد، تسلل لأذنها صوت الباب الحديدي يفتح فلم تقو على فتح عينيها المطبقات وهي تستمع لخطاه المقبضة تقترب منها ليعم الصمت قليلًا قبل أن يأتيها صوته قائلًا
" لا تقولي لي أن الوهن أصابك من مجرد جلوسك على ذلك المقعد أنتِ التي حين كان النصل على عنقك كنت تقاتلين بلا هوادة "
لم تجبه بتول فاقترب منها يمسك ذقنها بعنف ويرفع وجهها إليه ويقول
" ماذا هل خمدت روح القتال فيكي، لا أظن …من مثلك ستبقى ذات بأس ولآخر نفس " فتحت بتول عينيها تنظر له بخوف شديد فقال لها
" قولي لي كيف هربتِ وأين كنتِ، أنتِ التي لم تفارق هذه البقعة مطلقًا، لم تر الحياة بالخارج ولا تعرف عنها شيء، قولي لي من الذي جعلني أشعر أنكِ لم تعودي في قبضتي "
صوته كان كما تذكره مخيفًا كما عينيه اللتان في نظراتهما وعد بجحيم قادم لا محالة، حين لم تجب جذب ذقنها لأعلى حتى شعرته سينخلع بيده وهدر بها
" حكم أليس كذلك "
اخترقها الإسم بقوة، أعاد لها ذاكرتها التي تتوق لنسيانها وعادت تتذكر الطاولة الحجرية …الدماء …المنزل المهجور … الخنجر …ثم كف يكمم فاهها كأنها سقطت في قبضة الشيطان لتكن نهايتها داخل هذه الغرفة التي لا تعلم هل تركها كل هذه السنوات كما هي لأنه موقن بعودتها ويريد أن يجعلها تعيش كل شيء مجددًا ، أم لأن الشر حين يستوطن مكانًا يصعب وصول الضوء إليه، صراخ عالي وأصوات كانت تصلها من خلف ذلك الباب، ووحده من كان يلج إليها ليهمس لها في الظلام بما يجعلها تزداد هلعًا وقد أدركت أن لا خروج لها من ذلك المكان بل وتيقنت من ذلك وبقيت في وحشة تلك الغرفة تنتظر أبشع مصير قد تلقاه وهي ترتجف ولا ملجأ لديها غير ذكر الله، لا تعرف كم بقيت قبل أن يفتح ذلك الباب ويدخل عليها رجلين ضخمي البنية يسحبانها سحبًا وقد كانت غير قادرة على السير وهي تصرخ بجنون كمن تساق إلى المقصلة، عبرت ممر طويل شعرته خندق حرب لا نهاية له لكن كانت النهاية أقرب مما تتخيل وقد وجدت نفسها تقف في مواجهة رجال لا تعرف لما ينظرون إليها بهذه الطريقة دون أن يبادر أحدهم لنجدتها، فكرت في طلب النجدة لكن ارتفع صوت حاد يقول
" دعونا لا نضيع وقتًا يكفي ما حدث بالأمس "
حينها سمعت صوت والدها يقول
" لن يحدث، هذا لم يكن اتفاقنا، إن فعلت هذا سنخسر الكثير "
حاولت بتول الصراخ لكن هناك كف ضخم كمم فاهها لتسمع الصوت الحاد يقول مجددًا
" لا خسارة أكبر من كونك قد تعيق فتح المقبرة لأنك متيبس الرأس "
أنفعل والدها فرأت في انفعاله بوادر خلاصها الذي تأكدت أنه كحلم بعيد حين سمعته يقول
" أنت هكذا تفقدنا بوصلتنا، أنها تنجذب إليهم، فحيث تقف قدمها رافضة الحركة كنت أدرك ما في أسفلها، إنها كنز وجالبة كنوز ومن الغباء قتلها" أجابه الآخر الذي وازى والدها جبروتا وهيبة
" ومن الغباء تركها بعد ما رأته، أنا لن أغامر "
هدر به والدها
" بل الغباء قطع سلالتها، ألا تدرك ما هم قادرين على فعله، أنه حيث يكونو لا يأتي سوى الخير، دعها ولنجد حلًا آخر للأمر "
تعنت الآخر وهاج قائلًا
" جد غيرها، الأن المهم هو أن ننتهي من هذا "
ثم التفت إلى الرجلين الذين يكبلانها وقال أحضراها، كانت تعافر لتنجو، كانت عيناها تدور بين الوجوه والأجساد التي يتشح أغلبها السواد حتى رأته يقف جوار الطاولة الحجرية يشاهد رجال والده وهم يثبتونها فوقها وقد بات صراخها نحيب قهر فصرخت بقوتها
" اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يخشاك ولا يرحمنا "
ذلك الذكر الذي كان لا يفارق وجدانها كما لو أنه حبل نجاة فصرخ بها أحد الواقفين والذي يحمل كتاب غريب
" اخرسي"
شعرت بيد عنيفة تضغط شفتيها كأنها تدفع الحديث إلى حلقها دفعًا، ثم عمّ السكون إلا من همسات شخص عادت بعينيها المذعورة إليه فهالتها شدة بشاعته، كان يقول كلمات كما لو أنها طلاسم وهو يشير إلى الرجال التي تكبلها ليسحبوا رأسها لطرف الطاولة ويكشفوا عنقها، حاولت الفكاك منهم لكنها كانت كمن يحارب طواحين الهواء، حينها سقطت عيناها في عمق عينيه، كانت تستنجد به بكل ضعفها ويأسها، فرفع يده نحوها يغلق عينيها وقد شعرت بالنصل يقترب أكثر ثم شعرت بعنقها ينحر كما البعير، ينحر بهدوء بينما الهمسات والطلاسم حولها تزداد حدة، شعرت بدمائها الساخنة تتدفق حتى أغرقت وجهها فأغمضت عينيها وسكنت تردد الشهادتين في قلبها وهي تتمنى ألا تتألم أكثر، دموع عينيها اختلطت بالدماء وحين سمعت صوت يقول
" أجهز عليها الآن"
تخشبت تنتظر لحظة انقطاع أنفاسها لكن بدلًا من ذلك كان هناك دوي رصاص شديد، أصوات صراخ وحركة، الأيدي التي تكبلها اختفت، وشعرت بنفسها تجذب بعنف عن تلك الطاولة، ففتحت عينيها لتجد نفسها تترنح أمام رجل ضخم يغرس الخنجر الذي كان سينحر عنقها في قلب من أمر بنحرها، كأن الديان أراد رد كيده في نحره من قبل أن تطرف عينه، حدقت في أعين والده بجبروت تشاهده ينازع الموت، لتسمع صرخة هادرة باسم حكم الذي كان كما المارد الهائج الذي حل بالمكان ليخلف به دمارًا ويزهق به أرواحًا كأنه ينتقم، تمسكت به بشدة كأنه طوق نجاتها لكنه هدر بها بجنون وهو يدفع حقيبة صغيرة إلى يدها
" اهربي….اركضي هيا " تمسكت بالحقيبة التي لا تعلم ما بها وبوجهها الغارق بالدماء وعبائتها الممزقة وأقدامها الحافية ركضت تفر من هذا الجحيم وهي تسمع لصوت ندائه وصراخه وعويل من حوله، تسمع جنون فاق كل ما ظنت أن الحياة قد تريه لها …جنون مازال حيًا هنا في هذا الجانب المظلم من العالم، في صوته المفزع الذي صرخ بها
" هو أليس كذلك"
قالت له بوهن
" أنا لا أعرف عما تتحدث " هدر بها
" بل تعلمين، وتعلمين أن وقتك ينفذ بهذه الحياة، وأن نهايتك تقترب "
تعلقت عيناه بعينيها يتأمل ضعفها ويستمع لها وهي تقول بصوت يغيب
" أعلم، فهلا تركتني لأصلي ومنحتني طلب أخير "
أحنى ركبته حتى صار مقابلًا لها يتأملها وهي تفقد وعيها بشكل تام وحينها رفع شعرها الطويل عن جانب وجهها يكشف عن نحرها …يتأمل الجرح القطعي به ويحاوطها بين ذراعيه وهو يحل قيد ذراعيها بهوادة لتسقط رأسها داخل صدره فيغمض عينيه وهو يقول
" لم يجعلني بشر أدفع ثمن كوني أنا سواكِ، بالماضي أشعرتني بالعجز والقهر والآن سأرد لك ذلك تجبرًا وتكبر "
༺༻

في نفس الوقت بالعاصمة كانت كيان تنزل سلم الxxxx بسرعة بناء على طلب فارس الذي قطع أي طريقة للتواصل معها منذ يومين ثم فاجئها باتصال مختصر بدى صوته به مشدود أو غاضب ودون مقدمات قال لها
" أنا بالاسفل قابليني "
وضعت أقرب وشاح طالته يدها على رأسها ثم ركضت إليه دون تفكير لتتوقف قدماها بمجرد أن رأت وجهه، بدى لها كأنه يناظرها بحقد غريب، بدت ملامحه لا تمت لتلك التي عهدتها بالأربعة سنوات الأخيرة بصلة، اجتاحها التوتر وتحفز جسدها فبدأت تفرك يديها بشدة وهي تتحرك لتقترب منه وتقول
" كيف حالك فارس"
أجابها بطريقة بدت متهكمة تحمل شيء من الاستحقار في طياتها
" وهل يهمك حالي "
لم تعرف كيان كيف تتعامل مع حالته تلك وهي تفكر أنه ربما يكون هذا وجهه الغاضب الذي لا تدري عنه شيء فأجابته
" مؤكد أهتم يا فارس، لماذا تظن عكس ذلك، لقد قلقت عليك"
قال فارس بحدة
" قلقك واضح ليومين أختفي فلا تفكرين أبدًا في البحث خلف الأمر، مهاتفة مكتبي أو المنزل أو حتى القيام بزيارة سريعة لتفهمي أسبابي، كأن الأمر لديك سيان، فلا فرق بين كوني جواركِ أو بعيد عنكِ " قالت كيان بارتباك وتقريعه يجرح كرامتها وبشدة
" فارس أنا لم أقصد ما فهمته إطلاقًا، كل ما في الأمر أني أدرك مسؤوليات عملك وأفهمها، ثم الفتيات ….
قاطعها قائلًا
" نعم …الفتيات، أكملي حديثكِ إنهن همكِ الأكبر واهتمامكِ الوحيد وما أنا في حياتك سوى شخص فرض نفسه فأصبح زيادة لا داعي لها "
قالت كيان بعيون طفرت بها الدموع
" ارجوك فارس اهديء، لقد اعتذرت لك، صدقني أنا لم أعرف ما الذي تحتم عليّ فعله خلال إختفائك، سوى انتظارك"
قال لها فارس بغضب شديد
" لو كان بقلبك هذا ذرة مشاعر لي لما منحك السلام لحظة ولا أراح تفكيرك ودفعك دفعا للبحث عني، أنا تعبت أن أنتظر منكِ خطوة، أن أقف أمامكِ أستجديكِ لتبادليني المشاعر "
قالت كيان
" لمَ تصرخ بي فارس، لمَ تنظر لي هكذا، لمَ تبدو ثائرا بشكل لا أفهمه، لقد اعتذرت لكني ظننتك مشغول صدقني " قال لها
" ظننتي مشغول وانتظرتي لأظهر وحدي لكي تلوميني على إنشغالي وتضعيني في خانة المقصر كما تسعين لتفعلي دومًا لكن ارتاحي كيان فأنا اقتنعت أني فعلًا مقصر وبشدة لكن في حق نفسي التي تمسكت بكِ بينما أنتِ ليس لديكِ استعداد أن تتمسكي ببشر"
بكت كيان وقد فقدت قدرتها على التماسك وهي تقول
" هذا ليس صحيح، أنا تمسكت بك فوق ما تتخيل، كيف تقول ذلك "
قال لها فارس
" أنا لا أرى ذلك كيان ولا أشعر به ولا يمكنني الاستمرار على هذا النهج، أنا تعبت مما يحدث بيننا ولم أعد قادرًا على المواصلة "
اقتربت منه كيان أكثر تسأله وهناك رعدة قد سرت في أوصالها
" ماذا تعني "
أجابها فارس بحدة
" هذا يعني أن أسلم زمام الأمور إليكِ، فإما أن تظهري لي تمسككِ بي وبالقادم بيننا وإما ليذهب كل منا في طريقه"
تحرك فارس منهيًا الحوار فركضت كيان خلفه تمسك يده لتوقفه كأنها توقف أكثر قرار عقلاني مر بعمرها وتواجهه وجهًا لوجه وتسأله ببكاء
" قل لي كيف أظهر لك ذلك، كيف وقد اعتذرت لك فلم تقبل اعتذاري، فارس أرجوك لا تجعل غضبك مني ينشيء بيننا فجوة، أنا اعترفت بخطئي " نزع ذراعه من كفها وقال
" اعترفتي به رغم كونكِ لا تشعرين به، إذا أردتِ إظهار تمسكك بي فلن يكون الاعتذار كافيًا كيان "
وقفت أمامه تستجديه بصمت ألا يدمر كل ما أملت فيه بزواجها منه، ألا يدمر حلمها بقسوته التي لا تعرف متى ملأت عينيه بهذا الشكل ثم سألته
" إذًا ما الذي سيكون كافيًا لترضى فارس "
نظر لها قليلا يتفرس في عينيها قبل أن يقول
" قريبًا ستعلمين كيان، وحينها سنرى "
تحرك فارس نحو سيارته فرفعت كفها بعجز رهيب كأنها تمنت لو أنها قادرة على إيقافه عن الرحيل ورأب هذا الصدع لكن سيارته التي انطلقت كانت دليل قاطع على عجزها، بكت كيان بحرقة وهي تجر أقدامها جرًا نحو المصعد غير قادرة على صعود السلم ليرن هاتفها فأخرجته بسرعة من جيب بيجامتها الرياضية ظنًا منها أنه فارس لتهتز نظراتها حين وجدته رقم مشفر ولا تعرف رغم كثر التوقعات طفا اسم فياض محتلًا أفكارها كأنه جاء من العدم وبدلًا من أن تخاف لا تدري لما انتابتها رغبة شديدة في جعله يسمع صوت بكائها كأنها بذلك تريح قلبه من العناء ومؤكد ستستريح، وضعت الهاتف على أذنها منتظرة أن تسمع نبرته الانفجارية تقتحم وعيها لكن صوت يهدين الذي أتاها كان يحمل انفجارًا أكثر حدة.
༺༻


بعيدًا عن العاصمة داخل أرض العزايزة وتحديدًا داخل منزل يوسف العزايزي كانت جيلان تقف أمامه برعب تحمل له عبائته التي قامت بكيها للتو بأيدي ترتعش وهي تقول
" لقد انتهيت "
نظر لها يوسف باستحقار وقال
" هل جهزتي يوسف "
قالت له بقهر شديد
" والدتك لا تدعني ألمسه، لكني بلغتها أن تجهز ملابسه " وضع العباءة على كتفيه يفرد منكبيه بطريقة استعراضية وهو يقف أمام المرآة ليتفقد مظهره، فوقفت جيلان التي بدت أخرى هزيلة باهتة مقصوصة الشعر مكدومة الوجه خلفه تناظره من خلال المرآة فقال لها
" لماذا تقفين هكذا، يبدو أن لديك حديث خائفة من أن تبوحي به "
قالت جيلان ببكاء مكتوم
" أنا أريد أن أهاتف أبي " قال يوسف ببرود
" هاتفيه، من يمنعك "
قالت جيلان بلهفة
" حقًا "
قال لها يوسف وهو يعدل وضع عباءته
" بالطبع، هاتفي على المنضدة المقابلة للسرير، حدثيه كما شئتِ لكن في كل شيء لا يخص بيتي، أي أنه إن فكرتِ في إخباره بما يحدث بين تلك الجدران، سأخبره أنا أيضًا بأني سترت عليك وعليه"
نظرت له جيلان بكره وقهر وقالت
" لما لا تدعني أرحل يا يوسف، خذ الطفل إن شئت ولكن أطلق سراحي من هذا الجحيم "
التفت لها يوسف واقترب منها بهدوء ثم بدون مقدمات صفعها صفعة قوية ألقتها أرضًا وهو يقول بغضب
" منزل يوسف العزايزي الذي آواكِ وستر عاركِ هو الجنة والنعيم، والطفل الذي تتحدثين عنه أصبح ابني وسميي ولن أترككِ لترحلي عن هنا مطلقًا لتصبحي إحدى سيئات السمعة وعارًا يكسر عينه وهامته طوال العمر"
قالت جيلان
" أنت مجنون، لقد بت تعامله أفضل مما تعامل أبنائك، تأخذه إلى كل مجلس تحضره، ما الذي تخطط لتفعله، أنا بت لا أفهم ما يدور في هذا المنزل " لوي يوسف عنقه وقد بدأ يحل حزام بنطاله ويلفه على يده وهو يقول وقد بدأ يجلدها بجنون
" أنه ابني، من يحمل دمائي، سميي، ولو فتحت فمك بكلمة واحدة عكس ذلك أقسم بالله لأقص لكِ لسانكِ وأجعلكِ تتندمين عمركِ كله عله تلك الكلمة "
قالت جيلان بصراخ
" كفى … كفى …أرجوك " زحفت نحو قدمه تقبل حذائه اللامع بذل فرفسها بعيدًا عنه وهو يقول
" ابتعدي أيتها الرخيصة، حذائي سيتسخ "
انكمشت جيلان تمسح أنفها النازف وهي منهارة، ليعود يوسف بخطواته نحو المرآة يعدل من هندامه ويضع عطره النفاذ ثم اقترب من المنضدة يلتقط هاتفه والمفاتيح وتحرك نحو باب الغرفة وهو يقول
" لديكِ خمسة دقائق لتنزلي لأمي وتلبي طلباتها، إن أصبحوا عشرة فوحدكِ من ستؤذى "
خرج يوسف من المنزل تاركًا جيلان خلفه تتجرع من الذل والقهر والندم ما فاق طاقتها بكثير.
༺༻


بعد نصف ساعه دخل يوسف العزايزي مجلس أحد رجال العائلة يحمل يوسف الصغير الذي كان يرتدي الكثير من الآيات القرآنية المصنوعة من الذهب فوقف الجميع يرحبون به وبالطفل الذي لفت أنظارهم لشدة تعلق والده به، جلس يوسف في صدر المجلس كأنه يعلن أن المكان لا يسع شخصًا سواه رغم وجود الكثير من الرجال الأكبر منه سنًا والأكثر منه مكانة لكنه لم يبال ببشر وخاصة العيون التي تعجبت من تصرفه وهو يأخذ مكان الشيخ عبد الرحمن والذي لم يحضر بعد، دخل محمود أخو بهية المجلس وحين وجد يوسف يجلس في مكان الشيخ قال له بتملق
" يليق بك صدر المجلس يا شيخ يوسف، الهيبة رزق وأنت مرزق والله، هيبتك من هيبة الشيوخ "
قال أحد الجالسين
" كل شيوخ العزايزة من أهل الهيبة "
قال والد بهية الذي يحاول أن يتقرب من يوسف ويعيد العلاقات إلى سابق عهدها
" هذا كان بالماضي، من بعد رحيل الشيخ رشيد ونحن نرى العجب "
قال أحد الجالسين
" الشيخ جعفر والشيخ عبد الرحمن ونعم الناس، أنهم لا غبار عليهم فيما يخص مشيخة العائلة "
عمّ الصمت للحظات والجميع يدرك أن مسار الحديث أصبح خطير جدًا ليقول يوسف العزايزي بعجرفته المعهودة
" هذه المجاملات لا تنكر حقيقة ما نراه جميعًا ونصمت عليه، فمن منكم تخطى فض المكاتيب، من تخطى ظهور ابنة أحمد العزايزي التي دفنت أمامنا وأخذ عزائها، من اقتنع بالحكاية التي روت لكم عن عودتها، من الذي لا يعلم أن الشيخ منير والشيخ عبد الرحمن كبار العائلة شريكهم في المصنع والمزرعة شخص له من السوابق ما يجلب الشبهة لبلد، من الذي لا يعلم ما يحدث الآن…
صمت يوسف قليلًا ثم قال
" ماذا أقول .. الله حليم ستار، العائلة مليئة بالفضائح لأنه لم يعد هناك يد من حديد تحكم الأمور، والشيخ يبدو أنه نائم على أذنيه فلا يسمع "
هدر به إحدى كبار العائلة قائلًا
" اجلس باعتدال وتحدث باعتدال يا يوسف، هل فقدت عقلك، ماذا هل هوسك بالمشيخة الذي لا يخفى على بشر جعلك لا تستحي، العزايزة عائلة فوق الشبهات والفضائح، أفق لما تقول "
قال يوسف بتهكم
" حقًا، إذًا أغمضتم أعينكم جميعا لكي ترضون الشيخ، فأنا لن أفعل وسأقولها على الملأ
" فضائح العائلة أصبحت مشاع للجميع وهيبتنا بين الناس تهتز "
امتلأ المجلس بالهياج والصياح الغاضب ليسأله أحد الجالسين قائلًا
" وضح كلامك يا يوسف فما تقول تطير له الأعناق "
قال يوسف ببرود
" أقل شيء قد أقوله لكم أن هناك فتاة من أعلن أهلها عن سفرها لكن في الحقيقة الفتاة مختفية ولا أحد يعلم أين هي وشيخكم يعلم ولم يفعل شيء، وإن أردتم أن تعلموا من هي فليبلغكم والدها الذي يجلس بينكم "
كأنه ألقى قنبلته في وسط المجلس وترك النيران لتتوغل في صدور الجالسين حوله بينما وجه والد بهية وأخيها الذان تبادلا النظرات بعدم فهم وصدمة كان له فعل السحر على روحه التي استرخت تمامًا بينما اقترب منه شاب يسأله بدم فائر
" ابنة من، وأين هي، إن كنت صادق أفصح بدلًا من حديثك الملتوي هذا "
قال يوسف بهدوء
" حديثي واضح أنا تركت الأمر لأصحابه ليفصحوا لكن يبدو أنهم من شدة العار التزموا الصمت "
قال له شاب آخر اندفع نحوه
" ما تقوله أصبح خطير جدا وإن لم تنطق باسم محدد سأعتبرك تسوء سمعة كافة فتيات العائلة وسأخبر الشيخ عبد الرحمن بذلك "
رفع يوسف حاجبه وقال
" أبلغه ما شئت فهو يعلم، وإن أردت اسم لك ذلك … إنها …
همّ يوسف بنطق إسم أصالة لكن عبد الرحمن الذي ظهر من العدم يقف في وسط المجلس ويدب عصى والده في الأرض وهو يقول
" سكوت "
جعل الأحرف تحشر في فمه والصمت يحل ليدور عبد الرحمن في الوجوه المكفهرة من حوله وهو يقول بغضب شديد
" ماذا يحدث"
قال أحد الشباب باندفاع
" يا شيخ …
رفع عبد الرحمن يده ليقطع حديثه ثم نظر ليوسف العزايزي بقوة وهو يحرك عصاه كأنه يهش حيوان أمامه ويقول
" تحرك من مكاني يا يوسف، فحتى إن تأخرت ستظل الأماكن محفوظة "
اكفهرت ملامح يوسف ووقف بحدة يقترب من عبد الرحمن وهو يقول
" هذا ما أنا مؤمن به، الأماكن محفوظة "
لم يبال به عبد الرحمن وهو ينظر إلى الطفل الذي يحمله بنظرات جعلت يوسف يضم الصغير إليه وينظر لعبد الرحمن بكره ليرفع عبد الرحمن عينه إليه ينظر له باستخفاف وعلى شفتيه بسمة إزدراء ليبادله يوسف النظر بتحدي قبل أن يتحرك خارج المجلس ليوقفه صوت عبد الرحمن يسأله بتهكم
" مهلًا يا يوسف، لم تخبر العائلة باسم الفتاة …أنهم ينظرون ما ستقول وأنا مثلهم لذلك يجب أن تخبرنا لنسيطر على تلك الفضيحة "
قال له يوسف بعنف
" لا تدعي الجهل، أنت تعلم وأنا أعلم ووالدها وأخيها الجالسات في الزاوية كما الفئران يعلمان "
قال عبد الرحمن بهدوء أقلق يوسف
" إن كان لديك اسما انطق به الآن وعلى الملأ "
ثباته جعل يوسف يتقهقر داخليًا ورغم ذلك قال
" سأقول كل شيء لكن حين يأتي الوقت المناسب لفعل ذلك"
ثم انسحب مسرعًا من المجلس يضم يوسف الصغير إلى صدره وهو يهمس مفكرًا " هناك ما لا أعلمه …ولكني سأفعل وفي أقرب وقت"

༺༻

في المكتب كانت ملاك ترتب عدة ملفات بشكل أفقي داخل أحد أدراج مكتب تولين التي قالت لكنزي
" أنتِ هكذا تعطلينا على كافة الأصعدة، إن كنتِ لستِ متفرغة للعمل على هذا الأمر أبلغيني لنجد بديل وننقذ الموقف بدلًا من أن يتكدس العمل فوق رؤوسنا، نحن ملتزمات بمواعيد يا كنزي " قالت كنزي برفض
" فكرة البديل لا تعجبني حور، أخشى أن أعتاد عليها وأتقاعس عن عملي، أحتاج لأن أوازن بين حياتي الخاصة والعملية كما تفعلين تمامًا، لذلك ما رأيك أن تعطيني بعض خبرتك في كيفية فعل ذلك "
قالت سارة التي تجلس أمام الحاسوب لتنجز عملها
" توقفي عن جرعات الغزل المفرط، والحنان المبالغ به، والنظرات العميقة واللمسات السحرية … وستجدين وقت حينها لتنجزي عملك "
قالت كنزي باستنكار
" هل هذه أنا، والله …فعلًا لا أحد يشعر بما يفعل، ألستِ أنت من عطل يومنا بأكمله لأن الأخ الذي قررتي الارتباط به كان متلهفًا لشم رسغكِ وظل يتشممها لما يقارب الساعتين " ضحكت تولين بقوة وهي تقول " لا تذكريني كدت أن أفقد وعيي أمامهما "
تركت سارة ما بيدها وقالت
" الرجل كان يرى عمله ويحرص على جودة العطر، ماذا تفعلين أنتِ يا ست كنزي غير الركض هنا وهناك مع الوسيم خاصتك، لتختفيا فجأة دون أن نشعر وحين نجدكما تبدين خجلة وتتهربين من نظراتنا كأنكِ خائفة من شيء ما "
قالت كنزي
" تركيزك على علاقتي بزوجي لن تساعدكِ في تحسين علاقتك بالشمّام خاصتك "
قالت سارة
" ما شمّام هذه، هل يشم مخدرات .. انتقي ألفاظك " وقفت ملاك تقول
" كفى …كفى، لقد أعدت ترتيب الملفات أربعة مرات وكل مرة أكتشف أن ترتيبها غير صحيح "
التفتت لها كنزي وقالت
" هذا ليس بسببنا بل بسبب عقلكِ الشارد على الدوام " قالت تولين لكنزي
" اتركيها لحالها فملاك قد تدمر كل ما حولها دون أن تدري، دعيها تركز "
نظرت ملاك لتولين بلوم وهي تدرك أنها ترمي لما فعلته مع أصالة ورائف فقالت تولين بابتسامة
" أنا أمزح ملاك، فما حدث قد حدث، أنهي ما بيدكِ وأنتِ يا كنزي أخبريني ماذا سنفعل في هذا العمل المتراكم " تنهدت ملاك وهي تخرج كافة الملفات ثانية وتضعهم أرضًا ثم تعيد ترتيبهم وهي تحاول التركيز قدر استطاعتها ليهتز هاتفها معلنا عن وصول رسالة، فزفرت بضيق وهي تفتح الرسالة وتحركت عيناها نحو الملفات لتعود سريعًا إلي شاشة هاتفها تقرأ رسالة البنك الذي يخبرها أن حسابها الدولي تحول إليه مبلغ سقط الهاتف من يدها التي ارتجفت بهلع حين رأته.

༺༻

داخل مبني عتيق ينتمي لمصلحة السجون كانت زيزيت تسير بوجه يحتقر كل ما حوله وملابسها ذو العلامات التجارية العالمية تبدو كشيء شاذ جدًا بين تلك الجدران وكعب حذائها يبدو كنغمة لا مجال لها لترتفع، دخلت بوجه مقلوب وبشفاه ممطوطة من شدة شعورها بالفرق والاشمئزاز إلى غرفة الزيارة التي كان ينتظرها بها عابد على أحر من الجمر، وقف عابد يستقبلها مترقبًا لكن شفتيها التي انفرجا عن ابتسامة ماكرة جعلته يقول
" أخبريني أن كل شيء على ما يرام"
اقتربت زيزيت منه وقالت
" لن تصدق أبدًا ما سأخبرك به "
قال لها عابد
" اجلسي وأخبريني بكل شيء"
جلست زيزيت على المقعد الذي رمقته بقرف واضح ثم رفعت عينيها لوجه أخيها وقالت
" مبدئيًا أريدك أن تعلم أن كل شيء سيسير كما خططنا له فالحظ حليفي أنا وأنت فيما يدور، هذه المرة سيكون للانتقام دائرة أوسع وأشمل وأحسم، حفل آل الجوهري سيظل ذكرى لا تنسى للجميع"

༺༻

يا ثورتي التي بالهتاف تشتعل، إني لأجلك أخلي ساحاتي.
فتمردي بداخلي كما شئتي واحتشدي في كافة أوردتي واملئي جميع مساحاتي، وادفعي النبض لينفعل معك نزقًا وأججي لوعتي ودمري ثقلي وثباتي.
أمضي صك الدخول إلى عمري واغفري لي ما سبق من زلاتي.
تقدمي بشموخ الثائرين سيدتي فقد رفعت على طريقك كل راياتي، وأسقطت حكمي عامدًا مسلمًا إليكِ مقاليد ذاتي.
تربعي على عرش خافقي يا سلطانتي فقد أعدتُ لكِ من التيجان مئات،
ودعيني أقف بين رعاياكِ محتفلا واسمعي ما بين صخب العالمين هتافاتي.
༺༻

السعادة حين تأتي تزهر لأجلها جميع الورود التي ذبلت في مخاض أرواحنا الذي لا ينتهي، وتشرق لأجلها الشمس دون موعد، فتصبح الرؤية أوضح وصفاء التفاصيل الأخاذ أكثر سحرًا.
وتصبح الدقائق التي تفر من عمرنا دون حساب أغلى ثمنًا من الذهب.
السعادة منحة محال أن يستهتر بها قلب أشقته المحن، أو عقل أصبح من حدة الصدمات مشدود كما الوتر على الدوام، السعادة هي الفيض الذي حين يغمرك لا يصبح بالعالم شيء صعب أو مؤلم.
وهذا ما يشعره شاهين الذي يقف داخل القاعة بعد يوم طويل ومجهد قضاه معها يشاركها تفاصيل صراعها ما بين قياس الفستان وشراء بعض النواقص وتوصيل بعض الدعوات وقضاء أمور أخرى انتهت بهما داخل القاعة التي تسير سارة داخلها بحماس كما لو أنها أميرة ومن خلفها حاشية يستمعون إلى تعليماتها، كانت تتحدث معهم بجدية كأنها لن تتهاون في تفصيلة واحدة من تفاصيل تلك الليلة التي ينتظرها بترقب شديد، ينتظر اللحظة التي سيُعلَن فيها أمام العالم زوجا لها ويضع يده بيدها على الملأ معلنًا أنها حقه الذي أتاه بلا موعد، كأنما الحياة تسدد له كافة ديونها دفعة واحدة.
كان شاهين يقف بعيدًا لكنه يعلم أنه مليء عينيها، فما بين لحظة وأخرى يجد عينيها تتعلق بعينيه كأنه صار المسار الطبيعي لها وهذا يملأه بمشاعر قوية محال أن يكون قد عاش مثلها من قبل.
كل شيء معها جديد على عينيه وقلبه، كل شيء مبهر وهذا في الحقيقة كثير للغاية. اقتربت منه سيدرا وقالت
" سارة تبدو سعيدة جدًا"
هز رأسه وقال
" نعم …رغم إرهاقها تتحرك بحماس وتواصل دون كلل، تبدو كشعلة تتقافز "
ابتسمت سيدرا تتأمل سارة التي يحاول معد الحفل إقناعها بشيء يبدو أنه لا يروق لها وقالت
" كل مرة أقابلها بها أتيقن أنها مميزة"
قال شاهين
" إنها فعلًا مميزة وخطرة " التصقت به سيدرا وجعدت أنفها تسأله بمشاكسة
" حقًا !! "
اعتدل شاهين وأبعدها عنه قائلًا
" حقًا "
ثم صمت يتأمل سارة قبل أن يقول
" فأنا مغلوب في أمري أمامها، صدقي أو لا تصدقي " قالت سيدرا
" مستحيل "
تحرك شاهين تجاه سارة وهو يقول
" أنتِ لم تعرفيها بعد، إنها من نسل الجبابرة "
اتسعت ابتسامة سيدرا التي لحقت بأخيها الذي سأل سارة
" ألم تنتهي "
قالت سارة
" بقي القليل فقط، إن كنت مرهق يمكنك …
قاطعها شاهين قائلًا
" أنا معكِ حتى تنتهي "
قالت له سارة بخفوت
" لو أنك قلت غير ذلك لكنت بدأت للتو أول شجار بيننا " ابتسم شاهين وقال
" تقصدين أول شجار بعد ارتباطنا فنحن في السابق جمعتنا عدة شجارات لا تنسى"
قالت سارة
" كانت أوقات ممتعة "
نظر لها شاهين بذهول وقال " حقًا !! هل كنتِ تجدين متعة في الشجار معي "
قالت له سارة بنظرة اخترقته " في الحقيقة ومازلت، هل لديك مانع "
قال شاهين وهو يغمز لها
" لا رجل لا يحب العنف " ضيقت سارة عينيها كأنها لم تدرك مقصدة سوى من ابتسامته الخبيثة فقالت له
" فهمت، بل أنا أكثر من تدرك ذلك "
تجهم فورًا وسألها بحدة
" ماذا تقصدين "
قالت له
" أقصد أن لي أخ عنيف حين يتطلب الأمر "
قال لها شاهين
" توقفي عن تهديدي بأخيكِ " قالت سارة
" لن أفعل مطلقًا، حتى تفنى أنفاسي سأظل أحتمي به منك ومن غيرك "
قال شاهين
" ألا تلاحظي أني سأصبح زوجكِ غدًا، إن كان أخاكِ من سيحميكِ أنا ما سيكون دوري"
قالت سارة
" جد لك دورًا آخر غير دور أخي، ثم قل لي …لما رفضت قياس بدلتك وأنا معك "
قال لها وهو يميل نحوها
" فكرت أن ندع تلك التفصيلة ليوم الزفاف "
قالت له باستغراب
" ما الفرق "
قال لها
" سأخبركِ غدًا "
التفتت له سارة بكلها وقالت
" صدقًا شاهين ..أخبرني متى تلبست روح المتحرش، لقد كنت دومًا أراك متجهم تصرخ تضرب، متى حدث ذلك "
قال لها بابتسامة عريضة
" كنت أنتظر الفرصة وجاءت"
ضيقت سارة عينيها وقالت باستنكار
" أنا الفرصة "
قال لها
" نعم يا ابنة العطار وغدًا سيكون التحرش رسمي على يد مأذون "
قالت سارة
" أسمح لي أن أسحبك من أحلامك الوردية يا ابن الجوهري، فكتب الكتاب لدينا يعد في حكم خطبة حتى يتم الزفاف، قل لأحلامك التي استيقظت أن تعود لتغفو فلا شيء مما تفكر به سيحدث " تجهم شاهين فيما استدارت سارة تشيح بوجهها عنه تداري اشتعال وجهها ورجفة جسدها وتأثر قلبها، لتجده يهمس لها بخفوت شديد "
لا مانع لدي أن تتمنعي فيحق لك التمنع"
هزت سارة رأسها بيأس منه وقالت
" بربك كيف أجاريك فيما تفعل "
قال لها شاهين
" أحبيني "
تجمدت سارة ترفع عينيها لعينيه ببطء كأنما مطلبه صدمها فهز شاهين رأسه مؤكدًا وقال
" هذا كل ما أحتاج إليه منكِ، أحبيني بكل ما أوتيتي من قوة وثقة، امنحني ذلك الشعور سارة، انظري لي كما تنظرين لسلطان بل اجعلي النظرة بيننا أكثر عمقًا، ادعميني دومًا ..كوني قوتي حين تنفذ كل قواي …وعقلي في لحظات الجنون، والدفيء الذي لن يغادر جسدي إلا حين تغادره أنفاسي "
قالت سارة بارتباك
" شاهين …
قاطعها قائلًا
" سارة …اسمعيني لأني أحتاج أن أخبركِ بذلك، أنا لم أكن أفكر بالزواج حين التقينا، ولم يكن الارتباط من أولوياتي كباقي الشباب، ربما كنت كمن فقد إيمانه بالعلاقات، لكن قوتكِ في حمايتي ذلك اليوم كانت كما الشرارة التي أضاءت داخلي وجعلتني أرى فيكِ ما لم أره في غيرك، قد يبدو لكِ ارتباطنا نمطيًا لكني أؤكد لكِ أنه لم يكن كذلك لحظة، كل ما في الأمر أني دون أن أعي كنت أبحث عنكِ لا غيركِ، وأنتِ كنتِ في انتظاري سارة لنكمل بعضنا بأكثر طريقة تناسبنا "
قالت سارة مبهوتة مما تسمعه " من قاع الرومانسية لقمة الجدية تتحرك الكلمات على شفاهك بسلاسة تقل هذا إما تمرس أو حظ مبتديء وفي الحالتين الوضع مخيف جدًا " نظر لها شاهين لحظات ثم قال بصدمة
" أهذا كل ما لديكِ "
قالت له سارة
" في الحقيقة أنا أشعرك مرتبك أو خائف "
قال شاهين بجدية
" فكرة الزواج مقلقة لكن ليس معكِ "
قالت سارة بزهو داخلي لم تفصح عنه
" هذه ثقة مبالغ بها منك " قال لها شاهين
" سيدتي دعيني أبالغ في مشاعري فلا قانون يجرم ذلك"
قالت سارة بحزم
" شاهين أأنت خائف؟! "
عقد حاجبيه وتنهد قبل أن يقول " استبدلي كلمة خائف هذه حفاظًا على مظهري، في الحقيقة، رهبة الغد تملأني من الأن، كلما أنظر إليكِ وأفكر أنكِ ستصبحين لي أخشى أن يكون الأمر بأكمله شيء من خيالي، سعادتي المبالغ بها توتري إنجذابي لكِ ..كل شيء معقد "
قالت سارة
" وأنا التي ظنت أن مشاعرها المعقدة تجاهك شيء مبالغ به، يبدو أن حالتك تخطتني بمراحل "
نظر شاهين لغمازتها الغائرة وهو يقول بأسف
" أظن ذلك، إذًا هل جاهزة لتكوني زوجتي "
قالت سارة
" بصراحة الأمر ليس هينًا أبدًا لكن أنا لها "
ابتسم شاهين وقال
" هذا لا شك لدي به، أيتها العطرية "
قالت فاطمة التي تقف مع الفتاة المسؤولة عن تنسيق الزهور
" سارة انظري، هذا التداخل رائع، ما رأيك "
التفتت سارة لشاهين وقالت
" إن انتابتك رهبة بالغد فسأتولى الأمر لا تقلق "
رفع شاهين كفه يحيط عنقه وهو يقول
" فلنتفق على أمر، حين يفقد شخص منا زمام الأمور فليتولى الآخر الأمر .. أنتِ غدا وأنا بالزفاف "
قالت سارة بحنق
" لا فائدة ترتجى منك "
ثم تحركت بعض خطوات والتفتت تقول له بشفتيها
" متحرش "
ربت شاهين على صدره بفخر جعلها تسرع تجاه فاهمة وقلبها كمصعد في مبنى من ألف طابق لا يتوقف عن الصعود والهبوط.

༺༻

بعد قليل

كانت كنزي تقف جوار علِي الذي يعطيها كامل انتباهه وهي تقول
" لائحة الطعام هذه لن تعجب سارة بالمرة، ما هذا… ماذا سنأكل، هذه الأصناف تعد لنا المقبلات، أين المشاوي والطواجن "
ابتسم علِيّ وقال
" هل تريدين الطباخ العالمي الذي تعاقدنا معه بمبلغ وقدره أن يحضر الطواجن والمشاوي صعب جدًا، ثم يبدو أن من اختار لائحة الطعام عاليا، الأصناف غربية ..مختلفة …مكلفة …ذوقها المعتاد " قالت كنزي
" هذا واضح لكنها لم تراعِ أنه سيوجد بالحفل أشخاص أبسط من أن يدركوا أن الطعام الموضوع أمامهم غربي ومكلف، الأمر أشعره إهانة، كيف أضع لضيوفي طعام لا يدركون مهيته "
نظر علِيّ إلى اللائحة وقال
" أنتِ محقة لكن ربما تغيير الأصناف يغضب عاليا "
قالت كنزي
" لن نغيرها بأكملها يا علِيّ، عليدى الأقل فلنقسم البلد نصفين، لتكن اللائحة منوعة بين هذا وذاك "
رفعت كنزي يدها لتجمع شعرها فانحصرت بلوزتها الرقيقة عن خصرها ليسرع علِيّ يجذب إياها للأسفل وهو يقول
" أخفضي يديكِ "
قالت له
" أنا أجمع شعري "
وقف خلفها وقال
" اتركيه لي وأخفضي يديكِ، تاب الله عليكِ وعلِي من هذا " قالت كنزي وعيناها مازالت تتفقد اللائحة
" من ماذا "
بدأ علِيّ بجمع شعرها ببطء كأنه يستمع بذلك وهو يقول
" لا شيء كنزي، أين رابطة شعرك "
ناولته إياها وجلست بسكون تستشعر أصابعه الحانية وهي تجمع شعرها بتأني كأنها صغيرته التي يمنحها الحنان دون حساب، ابتسمت كنزي وهي تعود لتفقد اللائحة فشعرت بشفتي علِي تطبع على وجنتها وهو يقول
" تبسمي خلسة كأن قلبي لن يشعر بكِ "
قالت كنزي وهي تنظر له برفض
" ستفضحنا "
قال لها
" استري علينا إذًا وحددي موعد الزواج، دعينا نتزوج كنزي فهذا الحال لا يرضي بشر "
قالت كنزي
" لما العجلة علِيّ، دعنا نعش فترة خطبتنا على مهل، فكم مرة سنخطب "
قال لها
" كنزي الزواج أحلى صدقيني، بل وله مميزات " قالت كنزي
" لا تحاول "
قال لها علِيّ
" بل سأظل أحاول حتى يأتي اليوم الذي أستيقظ به وأنا متيقن أنكِ جواري، ولست مضطرًا لمهاتفتكِ لأعرف أين أنتٓ ثم أهيم على وجهي بحثا عنكِ في الطرقات "
قالت كنزي
" هذا ليس اتفاقنا علِيّ "
قال علِيّ
" نعم ولهذا أنا أتحدث معكِ عليّ أن أقنعكِ كنزي فقد ظننت أننا أصبحنا نثق في بعضنا البعض وأني بمجرد أن أفاتحك في الأمر لن أجد منكِ جوابا سوى الرضا والقبول " قالت كنزي
" أنا لا أرفض أمر الزواج لكني أرفض التعجل، ثم أنت أصبحت تستغل أي فرصة لتحدثني بأمر الزواج رغم أن هناك الكثير مما يمكن أن يقال بيننا "
عبس علِيّ وسألها وهو يعقد ذراعيه على صدره
" مثل ماذا "
نظرت له كنزي بطرف عينيها نظرة أفقدته صوابه وقالت
" مثل ….أني أحبك "
تصلب علِيّ للحظة كأن استيعابه البطيء لم يدرك ما قالته قبل أن يهز رأسه ويقول بصدمة
" ماذا "
تركت كنزي اللائحة على الطاولة أمامها والتفتت له تتمسك بطرفي سترته الرياضية وتجذبهما بحركة دلال لا يعرف هل تفعلها لتفقده صوابه أم لتجعل تلك اللحظة مميزة وقالت
" أقول لك أيها الطويل …الوسيم …أني أحبك"
أحاط علِيّ وجنتيها بشغف وقال
" مجددًا …مجددًا، لا تتوقفي عن تردديها أبدًا "
ابتسمت كنزي بسعادة غامرة خاصة وهي ترى سعادته الصادقة تملأ عينيه وقالت
" أنا أحبك علِيّ "
قال لها علِيّ بانفعال كأن أصعب ما يواجهه الآن هو فكرة السيطرة على نفسه
" وأنا أحبك يا قلب علِيّ، يا حليلة القلب من قبل أن تحلين له، أحبك يا كنزي ..أحبك " دمعت عين كنزي تأثرًا فمال علِي يُقبل عينها وهو يقول
" يا ليتك تعلمين أن مشاعري نحوك دفعت ثمنها سنين طويلة من الغربة، دفعت ثمنها قطيعة من أقرب الأقربين، دفعت ثمنها حرمان من كل ما أحب كأن قلبى قد أغلق على حبكِ أنتِ أو لا شيء، دفعت ثمنها ألم شديد وليالي سهدها أشد، ليت تلك الكلمة تخرج من أعماقكِ مثلما تخرج من عمقي كأنها تولد لأجلكِ "
ابتسمت كنزي من بين دموعها وقالت
" ليت هذا الانفعال يظل ما سألقاه منك كلما قلت أحبك علِيّ، ليت تلك الحلاوة التي تملأ كل ما يصدر عنك تدوم " قال لها علِيّ
" ستدوم مادام قلبي يرتاح في صدري كأنما بعضي لديك وبعضك لدي، ما دمنا بهذا القرب وهذا الوضوح وهذا التفاهم ستدوم …كنزي "
كان اسمها من شفتيه كما لو أنها غزل متملك اخترق كافة دروع حمايتها ولف أنوثتها بقيد رفيع من الانجذاب الموتر، لينتفضا معًا على صوت نحنحة شاهين الذي قال بسخف
" ماذا يحدث"
قالت تولين
" حاولت أن أنبهكم بهدوء لكن لا حياة لمن تنادي " تدارت كنزي بجوار علِي وهي تهمس له
" قلت لك ستفضحنا "
قال علِيّ محاولًا السيطرة على الموقف
" لم يروا شيء، لا تبالي بهم" قالت كنزي
" هذا واضح، فاطمة ستفقد بجوار طاولة الورد وملاك تضع رأسها الزهرية وسارة ترمقني بنظرات قاتلة أما حور …هذه حسابها معي
" قال علِيّ "
ماذا كنت تنتظرين مني أن أفعل بعد تلك الكلمة، فلنحمد الله أني كنت واعيًا للمكان والبشر من حولنا "
قالت سارة
" لما تتهامسان هكذا "
قالت لها تولين
" يبدو شيء خاص "
قالت كنزي
" لا خاص ولا غيره، نحن كنا نناقش لائحة الطعام وطرفت عيني "
قالت سارة بتهكم
" حقًا، سلامة عينك، هل نفخ السيد علِيّ بها "
قال علِيّ متنحنحًا
" كل شيء تحت السيطرة " قال شاهين
" واضح …واضح "
همست له كنزي بغضب
" أسكته من فضلك "
قال علِيّ
" أسكتي أنت العالم بأجمعها ودعينا نجتمع تحت سقف واحد كما باقي البشر "
مطت كنزي شفتيها فقال علِيّ " صبرني يارب "
سألت تولين باهتمام
" هل تفقدتي اللائحة يا كنزي"
قالت كنزي
" فعلت وقلت مؤكد لن تروق لسارة، الاطباق المختارة أشعرها تناسب ضيوف معينة وفكّرت في تنوع الأصناف ما الموجود باللائحة والغير موجود بها "
التقطت سارة اللائحة تنظر لها لتعبس وتقول
" ما هذا "
همّ شاهين بسؤالها عما تقصده ليقترب منهم منظم الحفل ويقول
" السيد سيرجو الطاهي المسؤول عن الحفل كان يباشر تجهيزات المطبخ ففكرت ربما تحبون مقابلته "
قالت سارة
" نعم استدعه من فضلك فهذه الأصناف سيتغير منها الكثير والكثير وعليه أن يعلم " انسحب منظم الحفل تاركًا إياهم يتناقشون فيما بينهم بشأن اللائحة وبعد دقائق معدودة عاد ومن خلفه سيرجو الذي بمجرد أن أقبل عليهم ابتسمت كنزي باتساع وقالت
" لا أصدق، كيف لم ألتفت للإسم "
قالت تولين
" هذا الطاهي كان مسؤول عن عقد قرانك أليس كذلك" قالت كنزي
" فعلًا أنه رجل لطيف جدًا" لم يرق لعلي ابتسامتها المتسعة ولا نظرتها اللامعة ولا وصفها الذي خصت به سيرجو الذي اقترب يقول بلطف
" عمتم مساءًا أيها السادة " قالت كنزي بحماس
" عمت مساءًا سيد سيرجو، فرصة سعيدة جدًا أن ألقاك مجددًا "
لمعت أعين سراج بسعادة وقد تذكرها وقال
" العروس الهاربة، سعيد بلقائك، تبدين أفضل حالًا آنستي "
قالت له
" شكرًا لك"
لم يرفع سراج عينه عنها وهو يقول
" سمعت أن هناك من أصيب بطلق ناري تلك الليلة "
سحب علِيّ كنزي من ملابسها بعنف يدفعها خلفه وهو يقف أمام سيرجو ويقول بعدائية واضحة
" أنا زوجها الذي أصيب بطلق ناري"
أدرك سيراج أن عدائية زوجها ما هي سوى غيرة لترحيبها به وفكر أنها تستحق أن يغار عليها، لذلك شتت عينيه بعيدا عنها وهو يقول
" تحت أمركم، ما المطلوب مني "
بدأت سارة تشرح له التعديلات التي ستقوم بها ولكن هذا لم يكن كافيا ليشتت سراج عن تلك التي تسرق عينيه دون إرادة منه، كما لو أنها وهج صعب أن تغفله الأبصار.
༺༻



اليوم التالي ….
الحفل ..

بالصباح الباكر كانت هناك حركة دؤوبة داخل الحي، الجميع مستيقظ ليجهز مع فرحة الفطور قبل أن يخرجوا جميعًا ويتوجهوا إلى الحفل، السيارات التي تستعد لنقلهم كانت كأنها جاءت لنقل كل سكان الحي، الصخب يملأ الأجواء والشارع الفاصل بين المنازل صار كما لو أنه جزء منها من كثرة العابرين به، وقفت سارة تقول بصوت مرتفع
" أين الحقيبة التي أعددتها لنفسي، لا أجدها وسط الحقائب "
قالت سمراء التي تمشط شعر رحيل " لقد أخذها شاهين بمجرد أن أنزلتها ووضعها بسيارته، لقد رأيته "
قالت سارة بنزق
" أخبرته أن سلطان من سيقلني للفندق"
قالت فرحة بعجل
" رحيل نادي الصغار ليأكلوا لا أحد يعلم متى سنأكل مجددًا "
ضحكت كنزي وقالت
" نحن ذاهبات لفندق لا للصحراء يا فرحة، والله لم يكن هناك داعي لهذا الفطور و مطعم الفندق موجود "
قالت لها فرحة موبخة
" حين تصبحين أم ستعرفين أهمية أن يأكل الصغار قبل خروجهم "
قال علِيّ الذي اقترب ليحمل الحقائب إلى الخارج
" دعواتك يا ست فرحة أن نقيم الفرح وبعدها يفعل الله ما يشاء "
قالت فرحة بسعادة غامرة
" عن قريب إن شاء الله "
ثم أطلقت زغرودة مرتفعة لتدخل أسمهان تقول بحماس
" الله …الله على تلك الزغرودة يا فرحة، إنها تشرح الصدر "
قالت لها فرحة
" هل أكل محسن"
قالت أسمهان
" نعم وهو الآن مع والده "
دخلت تولين الصغيرة تقول
" أمي …من مشط لرحيل شعرها "
قالت تولين
" سمراء فعلت لما ؟؟؟
قالت تولين الصغيرة
" لا تبدو شبهي بتلك التسريحة "
أدركت تولين أن ابنتها تريد قول أن رحيل أجمل منها لكن تستكبر نطقها لذلك بادرت هي تقول
" في الحقيقة نعم فأنت تبدين اليوم أجمل، أليس كذلك فرحة "
قالت فرحة بوجه بشوش
" طبعًا …حين دخل الأولاد الفطار نظرت بعيني إليهم فلم يخطف نظري سواكِ، تبدين اليوم مميزة "
قالت سمراء
" فعلا لذلك حاولت أن أصنع لرحيل تسريحة مختلفة عنكِ"
قالت كنزي
" لقد وضعت لها قناع العسل بالحليب معي بالأمس "
أشرقت ملامح تولين فورا وباتت ترمقهم بنوع من الخجل والدلال قبل أن تقول
" أنا كنت أريدها أن تصبح جميلة مثلي لكن مادامت لا تريد لا بأس "
قبلتها تولين بقوة وقالت
" أختك تحبك حبيبتي وتراكِ جميلة ولا تمانع أبدًا، هيا اذهبي إليها "
ابتعدت الصغيرة فدخل بشر يقول
" لقد تأخرنا، ماذا تفعلين "
ضحكت تولين وقالت
" فرحة كانت تتأكد أننا شبعنا "
هز بشر رأسه وقال
" الجيران بدأت تشتكي، اليوم إجازة ونحن لدينا صخب كما لو أنه صباح العيد أسرعن "
تحركت تولين تجاه بشر فسألته سارة
" هل وصل سلطان "
قال لها
" ليس بعد لكن السيارات بالخارج كثيرة ولم يعد هناك داعي لنتأخر أكثر "
قالت سارة
" هاتفه مغلق، لا يمكن أن يكون نائم " اقتربت فاطمة منها تقول
" سارة سأذهب للمنزل لأحضر حقيبتي، أتريدين شيئًا من هناك "
ربتت سارة على كتفها وقالت
" لا يا حبيبتي، أسرعي "
خرجت فاطمة تعبر بين الزحام الذي يولد في نفسها الدفيء والبهجة وهي تهز رأسها بسلام خجول على الشباب ماعدا فخر الذي بمجرد أن وصلت إليه أسرعت دون أن تلتفت له فتحت الباب وتوجهت نحو المطبخ تغلق إضاءته وقد نست إغلاقها ثم تسحب الحقيبة الموضوعة بجوار الأريكة تقربها من الباب وبعدها فتحت حقيبتها الصغيرة تتفقد محتوياتها قبل أن تخلع الخف الذي كانت ترتديه ليسهل حركتها وتلبس حذاء رياضي ثم تخرج من المنزل وتغلق الباب جيدًا وتهم بعبور الطريق لكن سيارة سلطان التي توقفت أمام المنزل قطعت طريقها، لم تدرِ هل تكمل طريقها دون سلام، أم تقف لتلقي عليه السلام وهما الذان لم يلتقيا أو يتواصلا مطلقًا منذ المحادثة التي دارت بينهما بشأن ثمن الفستان، كانت تهم بتجاهله لكنها لم تشأ أن تشعره بالإهانة لذلك وقفت تسرق إليه النظر وهو يترجل من السيارة ويغلق بابها ثم يقترب منها حتى وقف أمامها تمامًا، وقف صامتًا فرفعت وجهها تبحث في ملامحه عن سبب لصمته فلم تجد سوى غموض لا يسهل عليها بصيرتها إدراكه لذلك بادرت هي تقول بمنتهى الاتزان
" كيف حالك سلطان، مبارك لسارة " نظر سلطان إلى عمق عينيها للحظات قبل أن ينحني ليحمل عنها الحقيبة دون أن يعطها مجال لتعترض ويتوجه ناحية السيارة ويفتح لها الباب الخلفي يدعوها للركوب وهو حتى لم يرد تحيتها، ملأها الغضب من جموده وتعنته، ورغم أنها كانت تستطيع أن ترفض إلا إنها قابلت صمته بالصمت، وقابلت أمره بعيون تقول له ماذا بعد، الأمر يتحول بينهما يومًا بعد يوم لنوع غريب من التعامل، اقتربت من السيارة ولم تعي لزفرة الراحة


التي ندت عن شفتيه فلو أنها رفضت ما كان ليأمرها مطلقًا، ما كان ليطلبها مجددًا، وصلت فاطمة تجذب الباب أكثر لتفسح لنفسها المجال لتركب فتتوقف قدميها قسرًا وهي تسمع همسه الذي بدى كما لو أنه خرج منه دون إرادته، كان يقول آخر ما توقعت أن تسمعه منه يومًا، لم يكن أمرًا بل كان شيئًا آخر نفذ من عمقه لعمقها وهو يقول بخفوت

" لا ترحلي "

༺༻

انتهى الجزء الثاني من الفصل الثامن عشر
قراءة ممتعة❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-10-22, 07:38 AM   #163

al gameel rasha

? العضوٌ??? » 424155
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 244
?  نُقآطِيْ » al gameel rasha is on a distinguished road
افتراضي

يونس طلع منهم قلبي كان حاسسسسسسسسسسسسسسس انه وراه مصيبة كبيرة

ملاك ملاك وصلتى لفين بغبائك
الطباخ الهمام و قع في حبى منين ؟؟من أول نظرة
ملاك؟؟؟؟؟؟

يوسف العزايزى مش هيجبها البر
يا تري هتعمل ايه يا عم منذر في ابنك اللى راح من ايدك

الاخت جيلان عرفت ان الله حق دلوقتى ؟ وصل الامر انها مستعدة تتنازل عن ابنها علشا تهرب


al gameel rasha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-10-22, 03:11 AM   #164

جيجي هاني

? العضوٌ??? » 380259
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 828
?  نُقآطِيْ » جيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond repute
افتراضي

يسلم ايدك رووووووووووووووووووووعة بس ونبى براحه علينا مش عايزين خسائر فى الارواح فى الفرح

جيجي هاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-10-22, 02:55 PM   #165

ندى الابراهيم
 
الصورة الرمزية ندى الابراهيم

? العضوٌ??? » 275510
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 492
?  نُقآطِيْ » ندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل رائع عنجد الله يستر من القادم
زعلت كتير على ملاك عنجد مابستاهل


ندى الابراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-22, 01:38 PM   #166

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة al gameel rasha مشاهدة المشاركة
يونس طلع منهم قلبي كان حاسسسسسسسسسسسسسسس انه وراه مصيبة كبيرة

ملاك ملاك وصلتى لفين بغبائك
الطباخ الهمام و قع في حبى منين ؟؟من أول نظرة
ملاك؟؟؟؟؟؟

يوسف العزايزى مش هيجبها البر
يا تري هتعمل ايه يا عم منذر في ابنك اللى راح من ايدك

الاخت جيلان عرفت ان الله حق دلوقتى ؟ وصل الامر انها مستعدة تتنازل عن ابنها علشا تهرب
ملاك عملت كارثه هتطول الجميع للأسف
يوسف انسان مريض
جيلان شافت ولو قدر قليل من ال بهية شافته
الله المستعان على القادم


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-22, 01:39 PM   #167

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى الابراهيم مشاهدة المشاركة
فصل رائع عنجد الله يستر من القادم
زعلت كتير على ملاك عنجد مابستاهل
حبيبتي متشكرة جدااا سعيدة ان الفصل نال اعجابك ❤️
ملاك متهوره وغبية للاسف خانت ثقة اصحابها


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-22, 01:39 PM   #168

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جيجي هاني مشاهدة المشاركة
يسلم ايدك رووووووووووووووووووووعة بس ونبى براحه علينا مش عايزين خسائر فى الارواح فى الفرح
حبيبتي متشكرة جدا جداااا سعيدة ان الفصل نال اعجابك ❤️
لا تخاااااافي ..... ولكن احذري 🙈🙈🙈


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-11-22, 05:42 AM   #169

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الخير عليكم يا جميلات ❤️❤️
حبيت أرد على كل التعليقات ف البوست ده وياريت نعمل منشن لبعض لانه بوست مهم جدااا ❤️❤️
💥💥💥💥💥💥💥
أول شئ بخصوص السباع وأرض السيد
✅ماضيهم داخل أرض السيد

✅طبيعة الحياة ال عاشوها

✅هروبهم

✅ازاي وصلو للمكانة دي

✅كل ما يخص كيان ارض السيد وكل التابعين ليه
ده يعتبر محور الاساس ف الفصول القادمة
يعني بمجرد ما نعدي الحفلة وتوابعها اذا فاحنا تخطينا الجزء الأول وبدأنا الجزء الثاني.

💥💥الجزء الأول ...
كان عبارة عن وضع اساس كل العلاقات
وصول كل الأبطال لنقطة ومكان واحد
ربط الشخصيات وتقفيل الدائرة على الكل
حاليا لو تلاحظو هتلاقو ان الأبطال. كلها يعتبر بقت داخل دايرة واحده

💥💥💥نقطة مهمة جدا جداااا جدااا
كل الأحداث ال مرت كانت ف فترة زمنيه قرابة الشهرين فقط من بعد البراكين
يعني فيلو مش غايب بقاله زمن 😅
ولا أصالة ورائف بعدو عن بعض شهور
ولا السباع اختفو من الاحداث بعد ظهورهم ف المقدمة
كل ده لو راجعتو التوقيت الزمني
هتلاقو فرق توقيت بسيط جدًا

💥هرتبها معاكم .....

حادثة الشافعية والجوهري داخل المزرعة
بعديها الحفلة و دخول السباع مصر بدعوة من حكم
دخول شيراز المزرعة بعد حادثه الفرح
المحاكمة
علاقة شاهين بسارة
كتب كتاب على وكنزي
تورط ملاك مع يونس
دخول بتول مصر
حادثة فياض
خلال كل ده كان رائف وأصالة ف رحلتهم للرجوع لمصر
وحاليا السباع كلهم داخل مصر بأمر من حكم

💥💥💥💥💥
نيجي للجزئية المهمه ف البوست بتاع ولاء وتعليق الزرقاء الياقوتة
الرواية هتكون نهاية مفتوحه
لا طبعًا بأكد لا
الرواية مكتمله بكل احداثها ونهايتها سعيدة وباذن الله هترضي الجميع ربنا يعيني ويقدرني أقدمها زي ما بتمنى وزي ما انا رسماها ف مخيلتي

ف جزء ثالث لخداع الأديم اعتقد أيوه ولكن زي أرض السيد والبراكين هتكون بحبكة جديدة ومختلفه ومتنوعة
واعتقد الكل لاحظ الفرق ف نمط الحبكة بين براكين وأرض السيد
💥💥💥💥💥
جزئية بتول وكتير بيسأل يعني إيه زوهرية ..هنا هيكون في شرح للحالة ولو عملتو سيرش هتلاقو فديوهات ومعلومات كتير
https://almrj3.com/who-are-spiritual-people/

طيب وضع بتول ايه ف الرواية وهل ف حد تاني نفس المصير
وضعها ان والدها كان بيستخدمها ف فتح المقابر للتنقيب عن الآثار
وكل شئ هيظهر بالتفاصيل ف الفصول القادمة
💥💥💥💥💥
ونيجي بقى للمهم
اراكم نسيتم ان عندنا حفلة عاليا هانم عامله قائمة طعام عالمية ... وسيرجو الطباخ العالمي ال هيشرف عليها
ونخبه من قامات المجتمع الرفيع مدعوون

فين تجهيزاتكم للحضور يا جميلات

فين التهاني والمباركات لسارة وشاهين

فين الاحتفالات ......


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-11-22, 10:12 PM   #170

00nofa00

? العضوٌ??? » 390513
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 136
?  نُقآطِيْ » 00nofa00 is on a distinguished road
افتراضي

مبروك لسارة وشاهين رغم اني مااحبهم ثقال طينة هههههه
الثاني المفضل عندي كنزي وعلي واتوقع سيرجيو يحب كنزي وراح ينقذها من المكيده المدبره لها بالحفل
يهدين جدا حابتها وتوقعت انها تحب حكم هههه لان حاسه بينهم علاقه غريبه وصراحه يهدين تحتاج لشخص قوي بحياتها يدافع عنها فخر ضعيف مايناسبها وبرضو حكم اشوف حبه لشيراز سطحي مو معقول شخص مثل حكم يتأثر بجمالها ويحبها عشان شكلها فقط

فيه بارت اليوم ؟


00nofa00 متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:00 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.