آخر 10 مشاركات
صبراً يا غازية (3) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          عرض مغرى (148) للكاتبة Michelle Conder .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          وَرِيث موريتي(102) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء1 من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )           »          سيكولوجية المرأة (الكاتـب : Habiba Banani - )           »          اصديق (انت)ام عدو؟ (الكاتـب : مجهولة. القدر - )           »          قدرها ان يحبها شيطان (1) .. سلسلة زهرة الدم. (الكاتـب : Eveline - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          طلب مساعدة (الكاتـب : ام هدى وعدنان - )           »          طريقة سهلة لعمل صينية أرز معمر مصري بخطوات سهلة (الكاتـب : الماخيكو 123 - )           »          صفقة زواج (56) للكاتبة jemmy *كاملة* ...a marriage deal (الكاتـب : Jamila Omar - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1264Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-11-22, 06:07 PM   #201

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سما إسماعيل مشاهدة المشاركة
جميل جدا أحسنت وأبدعت 💐❤️
حبيبتي تسلمي كلك زوق ولطف ❤️❤️❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-11-22, 06:08 PM   #202

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امل ابراهيم مشاهدة المشاركة
ابدعتى شكراااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااا
حبيبتي متشكرة جدا جدا ❤️❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-11-22, 06:09 PM   #203

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جيجي هاني مشاهدة المشاركة
تسلم ايدك تحفة الاحداث رهيبة بتكتبيها بطريقة رائعة كاننا بنشوفها وهى بتحصل
حبيبتي متشكرة جدا ليكي ❤️❤️❤️
كلك زوق ولطف ❤️
متشكرة على كلامك الجميل ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-11-22, 12:41 AM   #204

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

خاطرة من الفصل التاسع عشر

يا رجل ما أسعفته حروفه بالوعيد
فصار بجموح النظرة يغتال.
أبطيء خطاك العاتيات في يسار صدري
فوقع خطاك له حسيس قتال.

لا تبرق وترعد بين أضلعي ودع مطر عواصفك على جروحي النازفة ينهال،
ثم أمضي هونًا في شرياني سيدي فما عاد غزوك لنبضي الهادر يدعو للإجفال،
وما عاد دجى عينيك يرهبني وقد شددت إليه الرحال،
ونأيت به عن ضياء الشمس الذي بلج مشرقًا فوق رمادي يختال.
يارجل جاء إلي يشهر غضبه ويتسلح به إن الجنون من اتزان العاقلين لديك ينال،
و يضرم النيران في جميع من حولي
ويضرب في خواصرهم آلاف النصال،
ويدمي يديك بويلات ثأر نشب في فكرك كالوسواس يحتال، هذه الحرب ليست لك فلما تتورط في هياجها الذي إنحنت من حدته الجبال.
لا تغامر سيدي فأنا لم أعد بالثمن الذي يرتجى إنني لست سوى إمرأة نحرها الإذلال،
لست سوى طيف قد يرحل عنك حين تغفل عنه ولا يبقى بداخلك نحوه سوى محض سؤال،
لست سوى سبية جردت من ذاتها وجددت قيدها ووضعت من فوقه الأقفال


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-11-22, 12:42 AM   #205

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

#خاطرة #أرض_السيد #رواية

🌹خاطرة من رواية أرض السيد

لا تصمتي …
صمتك يهدد فرصتي .. صمتك يزيد خشيتي
وأنا الذي مازلت أجهل قصتي.
مازلت ضائع في المدى … مازلت أفقد وجهتي.
كأنني طفل يعاني على الدوام والنقص دائي وعلتي.
وأمامك كل الحديث لا يفيد كأني أفقد حجتي.
وأقف وحيدًا مستسلمًا ليهدم فوقي معبدي ،
أشاهد في عينيك حزنًا أشعلته بموقدي.
وأتذوق في شفتيكِ مرارة وأشعرها غصتي.
وأدرك يا سيدتي أني حين اخترقت عالمكِ ما وضعت مخططي.
ما رسمتكِ في خيالي حزينة تتنهدي.
يا سيدتي كم خالفني الواقع و جاء كموج شديد الحدة
وكم عشت أحاول أن أكون آمن في ضفتي.
لكن قدري ألا تجف دمعتي، و ألا تفنى لوعتي .. وألا تترك الحقيقة غافلة لتسعدى.



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-11-22 الساعة 01:24 AM
شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-11-22, 12:36 PM   #206

Dina abd elhalim

? العضوٌ??? » 434126
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 242
?  نُقآطِيْ » Dina abd elhalim is on a distinguished road
افتراضي

فصل رائع وقفله رهيبة بجد انا مش قادرة انتظر للفصل القادم بعد القفله دى

Dina abd elhalim غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-11-22, 10:04 PM   #207

ندى الابراهيم
 
الصورة الرمزية ندى الابراهيم

? العضوٌ??? » 275510
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 492
?  نُقآطِيْ » ندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم متى الفصل ان شاء الله

ندى الابراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-11-22, 10:50 PM   #208

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

بعتذر عن الفصل اليوم
الفصل هينزل غدا الخميس باذن الله ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-11-22, 01:43 PM   #209

صل على النبي محمد
 
الصورة الرمزية صل على النبي محمد

? العضوٌ??? » 404607
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,174
?  نُقآطِيْ » صل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم


صل على النبي محمد غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا إله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
رد مع اقتباس
قديم 24-11-22, 11:49 PM   #210

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل العشرون


يا رجل بنظرة منه مات الهوى
أخبرني كيف أجيد الإفلات في عز تعلقي
فعلى قيد نبضتين منا هناك فراق ينتظر
فقل لي كيف أعبر إليه وأحرر منك خافقي
كيف أزعم أنني من ميلي إليك قد اكتفيت
وكيف أضع السطر الأخير فيما بيننا بشكل منطقي
يا رجل كانت لي عيناه بلاد الحرب والكربة
دعني أكتفي معك بهذا القدر من العذاب المطلق
فأنا لا أملك قلب يصمد ضد الرصاص
ولن أتحمل أن تقع أوزار حربك على عاتقي
أطبق سمائك إن شئت فوق أرضي معترضًا
ولكن لا تتوقع أن أعود في قرار بات منهك
يا رجل ما رحل عني شوقي إليه وما غادرني
إن الطريق بيننا سار كخط دفاع مغلق
ومن حوله نصبت لنا أفخاخ الشك المرير
وسقوطنا فيها بات وشيكًا كخطر محدق
فلمَ تقاوم وتقاتل وتصرخ رغم كونك تدرك
أن تمردك أضحى صراع محسوم ومرهق
وأننا لم نعد كما كنا وقد بكى فينا كل شيء
إلا أحداقنا التي باتت من فرط الجوى
تومض بها الذكريات تباعًا كما الصواعق
يا رجل يظن أنه وحده العاشق سيء الحظ
ما قولك في أمري وفي لوعة قلبي الممزق
ما ظنك في رمادي الذي عاد ليحترق
وفي صمتي المغبون وفي عذابي الساحق
أتظن أن عذابك من عذابي أقوى
أم تظن أنك وحدك من كنت بالغرام صادق
احشد مشاعرك إذًا وواجهني سيدي لنرى
في أي صدر احتشد من الحب والحنين فيالق
يا رجل اتخذ من شوارع قلبي الفارغة وطنًا
نحن لا نليق بالحب سيدي فالحب من هياجنا أعمق
الحب أن نسلم ونرضخ لأن يكون قربنا بالويلات مغرق
لأن تترابط الخطى بعدما بات جميعها لبعضها ملحق
وباتت أرواحنا تنحر عجلا كأن مصيرها قدر مزهق
بعدما بتنا فقراء من المشاعر وقد أفنى العشق في سمائنا سربه المحلق….
لذلك دع وداعنا يكون هادئًا دون أن تتزاحم فينا الخيبات
وتتزاحم الكلمات فوق شفاهنا كما لو أنها في الحكاية بيدق.
دع وداعنا يمر سيدي دون أن ننطق فلا أنا ولا أنت ندرك كيف نرتب حديثنا أو نجعل من اللحظات الحرجة جنون موثق.

༺༻



لا رجل مهما بلغت سلطته يستطيع الصمود أمام بلية قلبه، فحين يصبح القلب طرفًا في صراع تكن الهزيمة أقرب للمرء من أنفاسه، تكن المخاوف كشبح يرافقه أينما ولى ليذكره بما لا يجرؤ لحظة على نسيانه، وتكن الاختبارات أصعب وأكثر فتكًا، فالمشاعر كافية لتكون أسر يخضعك مرغمًا لتدخل في مداه متقبلًا أن تظل للنهاية في ذلك الحيز الذي يجعل الكون يتمثل فيك وفي شخص آخر يكن لك إرادة تحارب إرادتك بشراسة حتى تنتصر وتجعلك تتذوق لأول مرة حلاوة الهزيمة وجمال السقوط، تجعلك تفهم أن ليست كل الحروب عليها أن تحسم لصالحك فهناك حروب إن خسرتها تكن المنتصر وبالتأكيد هذه الحرب ليست إحداها، هذه الحرب قذرة ومعقدة ولن يقبل أبدًا أن يكون الطرف الأضعف بها، فيكفيه كل ما مر به بالماضي، يكفيه حجيم الذكرى وكمد الفقد، وفزع الخوف …وهول التهديد الذي جعله رجلًا مسلوب الحقوق، كعبد تمرد ونهايته الحتمية ليست سوى القصاص.
كان حكم يقف كطود عظيم يشهر سلاحه دون أن يرف له جفن في وجه غنام الذي بدى رجل مخادع مبالغ في استعراض قواه التي تتمثل في العديد من الرجال المغيبة والتي باعت نفسها للشيطان بلا ثمن.
الوقت كان يضيق الخناق حول عنقه والثواني تمر سنوات طويلة يشعر أنه قد يفقد شيراز في لحظة من لحظاتها ليقطع صراع أفكاره سيادة التي تصرخ بصوت قرأ فيه الفزع
" أنا لست خاصة أحد أيها القذر "
ابتسم غنام ابتسامة مخيفة كشفت عن أسنانه الذي كان أغلبها ذهبي ثم خلع نظارته الشمسية ليكشف عن عينيه التي تعد في تلك اللحظة سبب من أسباب الهلع وقال وهو ينظر لماسة
" شرسة "
ثم أهداها نظرة فجة أشعلت جسد مؤيد الواهن ودبت فيه من العزم ما جعله يترك رائف متحاملا على ألمه ويتحرك نحوها يقف أمامها بطوله الفارع وهو يحجبها عن عينيه ويقول
" نظرة أخرى من نظراتك هذه ستكون كفيلة بجعلي أريك نوعًا آخر من الشراسة "
ضحك غنام بقوة وهو يقول
" تهديدك لي يدغدغ حواسي، كما تدغدغ تنورتها مشاعري وتزيد حماسي "
نفرت عروق مؤيد بغضب واضح واحتدت ملامحه بشدة وهو يقول له بصوت جعل سيادة الواقفة خلفه تغمض عينيها وجسدها ينتفض بعنف
" اترك لي نفسك وسأجعلك تفقد كل تلك الأحاسيس التي يبدو أنها تتعبك وتجعلك تكاد لا ترى أمام مَنْ تقف "
سأله غنام بسماجة
" أمام من أقف أيها الفحل"
تحرك رائف تجاه مؤيد يحاول منعه من التورط مع غنام أكثر لكن سبق السيف العزل حين قال مؤيد وهو يحاول أن تبقى حروفه قوية صارخة لآخر لحظة
" مؤيد الجوهري …اسأل عني لتعرف من أكون " قال غنام وهو يلتقط سلاح آلي صغير من كف معتز ويدعي أنه مشغول بتفقده
" سأفعل لا تقلق، فأنا حين الأفعال من يقلق يا فحل " همّ مؤيد بالرد ليجذبه رائف من ذراعه بقوة وهو يهمس له
" كفى …لا تتورط مع هذا القذر أكثر، أنت لا تعرفه "
التفت مؤيد ينظر إلى سيادة بغضب شديد ليجدها مشغولة بتفقد ماسة التي بمجرد أن تقع عيناه على وجهها من هذا القرب يتحول جسده بأكمله إلى هلام ونفزة صدره تشد وتضيق خناق أنفاسه فيزداد وهنًا على وهنه لتلتفت رأسه بحدة حين تنطلق رصاصة من سلاح غنام قريبًا منه فتكاد تصيب السيارة ليعاجله حكم برصاصة عبرت بين ساقيه فتوسعت لها أعين غنام بغضب وارتفع أصوات أسلحة رجال من حولهم تأخذ وضع الاستعداد ليقول غنام له بعتو
" تتعجل موتك يا حكم "
قال له حكم
" الموت لا أحد يتعجله أم تريد أن أذكرك بما حدث آخر مرة تعجلتم بها موتي"
زغره غنام بنظرة أوشت أنه يفقد سيطرته وقال
" دومًا ما كنت واثقًا من ذاتك، ثقة جعلتك تعيش حياتك كما الفأر الذي وجد له جحر وبقي بداخله ثلاثة عشر عامًا يظن أنه آمن حتى أتت غرة مثل هذه وأوقعتك هكذا، أتعلم …أنا محرج لك …سقوطك كان أقل مما يجب، لا يليق بمسيرتك مطلقًا لكن كما يقولون لا يقع إلا الشاطر "
قال حكم الذي بدا متحفزًا وكل تفكيره منصب في كونه يريد اختراق هذه الجموع حالًا ومهما كان الثمن
" سقوطي هذا هو لحظات فزعك التي عشت حريصًا منها وجائتك أليس كذلك دون موعد، جاءت تزيدك فشل على فشلك، فالبحث خلفي كل هذا السنوات يعد مخزيًا "
أشهر غنام سلاحه بغضب شديد نحو حكم الذي يهز صورته بين رجاله وقال
" تتحدث بثقة كبيرة كأنك نسيت من يكونوا السباع وما حقيقتهم "
قال له حكم محذرًا
" إياك أنت أن تنسى، فاليوم ليس مثل الأمس والسباع أضحوا ضواري لا قبل لأحد بهم وربما تكن أنت وجهتهم الأولى " أعتمت ملامح غنام بغضب وخوف لم يظهره وهو يقول هادرًا
" تهددني أنا، حسنًا يا حكم …خذ وقتك واجمع سباعك لأن المعركة ستبدأ وحينها سترى ما أنا قادر على فعله "
هز حكم رأسه بانفعال شديد وقال
" يبدو أنك نسيت ما حدث بالماضي، يحق لك أن تنسى، فمؤكد كنت يومها رجل غر سعد أنه نجا بحياته ولم يكن ضمن الرجال الذين تناثروا أشلاء، أتذكر جيدًا أني أتيت فأنهيت "
كان تحدي الجبابرة هذا يحدث على مرأى ومسمع شباب عائلة الجوهري وبعض الآخرين الذين أتوا هنا من أجل إنقاذ شخص فوجدوا أنفسهم عالقين ومحاصرين في صراع لا يدركوا أطرافه، حاول أحد الشباب الانسحاب بسيارته لكن أحد رجال غنام أطلق النيران على إطار سيارته يمنعه ليقول غنام بغضب
" لا فأنت من نسى أنه قد بدأ الذي من الصعب أن تنهيه…فقط استعد …لأن القادم سيتخطى توقعاتك …هل تظن أن ثلاثة عشر عامًا مرت هباءًا، هناك من رتب لك من الانتقام مفاجآت ستعجبك حتمًا "
تصلب فك رائف وحديث غنام الواضح عن ذلك الذي يريد عنقه جعله يشعر بخطورة الوضع الذي كان يحاول أن يهونه على ذاته بالتماسك وإدعاء الصلابة ليراقب حكم أعين غنام التي التفت بوعيدها إلى جواره حيث رائف وقال له
" وأنت …هذه المرة ستكون ضريبة تمردك قاضية، لا أعلم ما الذي شفع لك سابقا لكن محال أن يحدث ذلك الآن "
بقي رائف يناظر غنام بجمود دون أن ينطق بكلمة بينما بعقله تدور أعاصير من الأفكار الباطشة، ليتأمله حكم مليًا كأنه يبحث في ملامحه عن شيء كان واضحًا كأنه فقط كان ينتظر منه التمعن.

༺༻

بين رجال غنام وقف حورس الذي كان يلثم وجهه بروح مذبوحة وأعين شاردة نحو الطريق الذي انطلقت منه سيارة سلطان قبل دقائق تحمل على متنها تلك التي لا تزال في عمره الصعب الممتنع، كان يقف خلفها كما العادة كأنها اعتادت أن تتخطاه كما لو أنه عثرة كانت تعيق أمامها كافة الطرق التي لا يرى من بينهم طريق واحد يليق بها سوى طريقه، كان يلاحقها بروحه التي ما توقفت عن الركض نحوها لسنوات ولكنها كالعادة لا تصل لأن من يحبها تغلق فيما بينهم كافة الطرق وتصنع الحواجز نائية عنه رافضة له كأنها لا ترى فيه ولا تشعر تجاهه بشيء يذكر، كان قهر الرجال في أوردته يسرى حزنًا منها وعليها ليلتفت بكامل انتباهه إلى غنام الذي بدى يحرر وحوش كلماته في أوجههم وهو يقول لحكم
" ما دام اليوم ليس اليوم الموعود أعطني تلك ودعنا نخرج من هنا سالمين ليستعد كل منا للآخر "
قال مؤيد بغضب
" على جثتي أن يحدث هل جننت "
نظر له غنام وقال
" تتحدث عن الجثث بسلاسة لا تلائمك، ولكني لن أمانع …لذلك إما أن تسلمني إياها حالًا لأنسحب وإما سأريق دمائك كافتتاحية مثالية تناسب عودة السباع "
توسعت أعين سيادة وهمّت بالتحرك من خلف مؤيد لكنه منعها بعنف وهو يشمخ برأسه ويقول
" أرني ما لديك "
ضحك غنام بقوة وهو يقول
" لا تدري كم يجعل تحديك الأحمق هذا الأمور ممتعة، الوضع يزداد تشويقًا "
حينها سمع حكم صوت يهدين تقول له من خلال سماعة أذنه
" الشرطة تقترب حكم، عليك أن تنسحب فورًا "
رفع حكم عينيه يراقب السيارات التي تقترب على بعد منهم ليرتفع صوت معز قائلا بغضب
" إنها الشرطة "
نظر غنام لحكم وقال
" هذا ليس لقاءنا الاخير"
ثم أسرع تجاه سيارته يركبها منطلقًا تتبعه سيارات رجاله فلم يفكر حكم وهو يركب سيارته وهو يصرخ بجنون
" هيا سيادة "
التفتت سيادة تفتح باب السيارة التي كانت محتجزه بينها وبين جسد مؤيد وتركبها وتغلق الباب دون أن تلتفت له وبين ذراعيها طفلتها باردة …جامدة ….ورغم ذلك تتشبث بها بقوة لينطلق حكم وخلفه رجاله يقول ليهدين بانفعال " ماذا سأفعل الآن "
أجابته يهدين بسرعة
" سأرسل لك إحداثات اتبعها، وصولك إلى المزرعة سيضيع الوقت الذي تملكه هباءًا، شيراز وماسة يحتاجا إلى تدخل سريع، يكفيك الوقت الذي أضاعه هذا القذر "
كان حكم يقود سيارته بسرعة جنونية وعينه ما بين الطريق وشيراز التي لا تبدي أي إشارة تدل على كونها مازالت على قيد الحياة تزيد جنونه ليحدثها بغضب كأنه يهذي قائلا
" اني شيراز …اني ولو كان أنينك متلفي …اني فوالله أنينك لي لهو أهو من صمتك الذي يعد لك في صدري مقبرة محال أن تتسعك "
༺༻

من خلفهما حاول مؤيد التحرك مسرعًا فكاد أن يسقط لكن منذر جذبه بقوة وهو يسأله بقلق
" ما بك، على ماذا تبحث"
تلفت مؤيد حوله بجنون وهو يقول
" أريد سيارة عليّ أن أتبعهم "
ليقول رائف بتفكير
" أسرع إذًا معي فلو وصلت الشرطة لن يغادر أحد منا "
أسرع رائف تجاه طاهر الذي كان يتحرك نحوهم وسأله دون مقدمات
" أين سيارتك "
نظر له طاهر بذهول وقال
" إنها بالخلف "
قال رائف بسرعة وهو يتحرك
" هذا جيد، لنرحل من هنا "
تبعه طاهر يقول بتوتر وعدم فهم
" لكن …
ليقاطعه مؤيد قائلًا
" دون لكن يا طاهر أنا أحتاج إلى مغادرة هذا المكان حالًا وقبل وصول الشرطة "
هز طاهر رأسه وأسرع يجاري رائف وهو يضغط المفتاح الآلي للسيارة ليقول له رائف
" أنا سأقود "
لم يجادل طاهر وقد تفهم أن حالة مؤيد لا تسمح والوقت لا يمنحهم المجال لذلك ألقى لرائف المفتاح وهو يفتح الباب المجاور للسائق ويركب فيما ركب منذر ومؤيد بالخلف لينطلق رائف بسرعة كبيرة يلاحق الغبار المتطاير الذي تخلفه سيارات حكم التي انسحبت للتو.
༺༻

بالفندق …..

كان علِيّ يحرك أصابع يده اليمنى كأول إشارة إفاقة من جسده الذي رزخ تحت وطأة الثبات العميق لساعات طويله، كان شعوره بسائر جسده شبه معدم للحظة ومحاولته لفتح عينيه المغلقتين بدت كأنها مستحيلة، صداع رأسه بدأ في التصاعد تدريجيًا حتى بلغ حد جعله يجاهد لينقلب على ظهره وهو يشعر كأنما هناك شاحنة مرت من فوقه فهشمت جميع عظامه ولا يعرف لما تركته حيًا، ذاكرته فارغة كأنها خواء ضبابي، تأوه علِيّ بقوة وهو يرفع يده نحو جبهته يتحسس جرح لا يعرف متى أصيب به وأحداقه التي تحترق من الضوء حوله تنفرج تدريجيًا ليتأمل المكان من حوله بملامح متغضنة وهو يستنكر الوضع بصوت خرج مختنقا من شدة ألمه
" ما هذا "
جاهد علِيّ ليعتدل متحاملًا على ذراعيه اللذان خاناه لأول عدة مرات قبل أن يعتدل جالسًا وهو يقول باستغراب شديد
" ماذا حدث لي، أين كنزي …والحفل …أين الجميع، لقد سطع ضوء النهار …كيف "
لوهلة ظن نفسه في حلم غريب وأنه ربما الآن داخل جناحه ينتظر كنزي التي تأخرت عليه مؤكدا حتى غفت عيناه قصرًا، بقي علِيّ ثابتًا للحظات كأنه ينتظر أن يفيق في مكان آخر لكن عندما لم يحدث ذلك تحامل على ذاته ليقف بأقدام ترتعش فظن للحظات أنه لن يقوى على السير لكنه حاول في دفع خطاه واحدة خلف الأخرى نحو باب الحمام المفتوح ويداه ترتكن على الحائط ليدعم جسده حتى وصل إلى حوض المياه ففتح الصنبور وانحنى يضع رأسه أسفل الماء البارد لينتفض جسده بعنف وهو يلمح دماء تختلط بالماء الذي يمر برأسه وظل هكذا لدقائق وعقله يجاهد ليتذكر شيء فكل الذكرى تقف عند ركوبه المصعد …فهل سقط المصعد به ….لما إذا ليس بالمشفى، سحب علِيّ منشفة كانت موضوعة بشكل منمق بجوار الحوض وهو يغلق المياه وشرع في تجفيف رأسه وهو يعتدل فأصابه دوار كاد على أثره أن يطيح لكنه أمسك بالباب وخرج نحو الغرفة وعيناه تدور في كل مكان بحثًا عن هاتفه.

༺༻

بالرواق كانت بيان تقترب من الغرفة وهي تحمل كوب ورقي من القهوة الساخنة وتراقب بحذر شديد ما يحدث بكاميرات الطابق بأكمله والذي كان يتم تغيرها بعدما اكتشفوا عطلها بالأمس، بنهاية الرواق حيث كان جناح الشباب كان هناك عمال تنظيف وفريق يعمل على تعديل الدمار الذي ألمّ بالمكان، الأجواء كانت غير هادئة على غير العادة ولكنها لم تبال وهي تفتح الجناح وتلج إليه مغلقة الباب من خلفها لتقف بتوتر تراقب باب غرفة علِي الذي كان مايزال مغلقًا قبل أن تترك حقيبتها على أحد الأرائك وتتجه نحو الغرفة وهي تتنفس بعمق وتستشعر نبضات قلبها الهادرة وتمد يدها لتفتح الباب لتتفاجأ بعلِي يفتحه ويقف أمامها بهيأة مزرية كانت أجمل ما يكون في عينيها التي اشتاقت وتلهفت أن تراه على طبيعته حين يستيقظ يومًا من الايام د، خرج صوته مصدومًا متسائلا يقول
" بيان "
لتعاجله قائلة
" يا إلهي جرحك عاد ينزف، يبدو أنه كان يحتاج إلى التقطيب "
نظر علِيّ يتفقد أركان الجناح الفارغ من خلفها وسألها بقلق
" ماذا حدث لي، وماذا أفعل هنا …هذا ليس جناح الشباب"
تلمس علِيّ جبهته النازفة بتعب فقالت له بيان بقلق
" اجلس فأنت لا تبدو بخير، ودعني أطلب لك طبيبًا "
هزّ علِيّ رأسه برفض وتحرك قاصدًا باب الجناح وهو يقول
" أين كنزي وأبي والجميع، الحفل …ماذا حدث بالحفل …وأين ذهب هاتفي "
أسرعت بيان خلفه تسحبه وهي تقول
" علِيّ انتظر، أرجوك لا تؤذي نفسك أكثر …ولا تبحث عن شخص الآن سوى نفسك "
نزع علِيّ ذراعه من يدها المتشبثة به وقال
" عليّ فهم ما يحدث، ثم لمَ أنتِ هنا بمفردك "
قالت بيان له برجاء
" اجلس وسأشرح لك كل شيء "
ثم أسرعت تجاه حقيبتها تخرج شريط أقراص مسكنة وتقول له
" أظنك تحتاج إلى مسكن "
حينها سقط جسد علِيّ علي الأريكة وهو يهز رأسه كاتمًا صرخة ألم خلف شفتيه المطبقة فتلفتت بيان حولها بحثًا عن مياه وحين لم تجد ناولته القهوة تقول
" يمكنك بلعها ببعض القهوة "
رائحة القهوة التي قربتها بيان من علِيّ جعلته يتذكر تجرعه لفنجان القهوة الذي أتاه به النادل وتوجهه إلى المصعد ليقف عاجزًا عن تذكر أي شيء آخر وهو يتجرع القهوة المختلطة بحبات المسكن ويسألها بحدة وشعور مفزع يتسلل إليه
" ماذا حدث لي "
جلست بيان على الأريكة المقابلة له وسألته
" ماذا تتذكر "
هزّ علِيّ رأسه محاولًا تذكر أي شيء فلا يستطيع وهو يقول
" لا شيء سوى إختفاء شاهين وذهابي للبحث عنه، هل يمكنني إجراء مكالمة من هاتفك، أنا قلق على كنزي وأبي "
قالت بيان بحقد
" هل بعد ما فعلته بك تلك الحقيرة أمس تريد مهاتفتها "
رفع علِيّ رأسه بحدة ونظر لها بغضب شديد قائلا
" بيان اضبطي لسانك فأنت تتحدثين عن زوجتي "
قالت له بيان بانفعال وحقدها تجاه كنزي يتعاظم
" بربك يا علِيّ، متى مثلت لك هذه الفتاة كل ذلك الحب لتتمسك بها باستماتة هكذا، فلا ترى غيرها كأن خداعها وتلونها قد انطلى عليك، الجميع يعرف أن زيجتك منها كانت تحت الضغط، الجميع يعلم ….
هدر بها علِيّ وهو يقف
" بيان احذري لما تتفوهين به "
حينها ارتفع معدل الحقد في قرارة نفسها إلى مستوى دفعها لتقول
" ماذا يحدث لك، هل مازلت تدافع عنها بعدما اكتشفت خيانتها لك " تحولت ملامح علِيّ الوسيمة لأخرى إجرامية وهو يمسك ذراعها ويهزها بعنف قائلًا
" ماذا تقولين، بيان كلمة أخرى عن كنزي و…
قاطعته بيان تندفع في غيها دون تفكير قائلة
" هل تريد أن تعرف ماذا حدث بالأمس، حسنا علِيّ لك ذلك، لقد اكتشفت بالأمس أن زوجتك على علاقة بآخر بل وأمسكت بهما بوضع مخل أيضًا "
ارتفع كف علِيّ ونزل على وجه بيان بصفعة أطاحتها نحو الأريكة وهو يقول اخرسي ويتجه نحو الباب لتقول بيان بغضب شديد
" لا ترحل قبل أن تستمع لباقي ما حدث، لقد جعلت عشيقها يضربك ضربًا مبرحا أفقدك وعيك وألقتك بالرواق شبه فاقدا لوعيك ثم أرسلت عشيقها يتجنى عليك بالباطل بين الناس وبمنتصف الحفل وأمام الرجال ويقول أنك كنت تعتدي عليها وأنه هو من أنقذها من يديك "
انقطعت أنفاس علِيّ لا هي تخرج من صدره ولا هي تدخل إليه وهو يلتفت نحو بيان بوجه شاحب وعيون تكذب كل هذرها لكنها لم تتوقف وهي تكمل ما بدأته قائلة
" أنه الطباخ سيرجو، لقد فضحك بين الناس أمس، أنا فقط من أعلم الحقيقة فقد رأيت بعيني خيانتها لك …رأيت كل ما حدث معك "
قال لها علِيّ بجمود
" أنت لعينة كاذبة، وستحاسبين على ذلك بيان …أقسم أنك ستحاسبين "
فتح علِيّ الباب وخرج منه فاندفعت بيان خلفه تقول
" لا تركض خلفها هكذا لا تندفع نحوها بعد كل ما فعلته بك، كأنك أضحيت لأجلها رجلًا بلا كرامة "
لم تتوقف أقدام علِيّ الذي توجه نحو المصعد لا يبالي بالنظرات المصوبة له تستغرب مظهره المريب يضغط الزر بإصرار وحين فتح الباب ولج إليه دون تردد تحت أنظار بيان التي انتابها شعور مؤلم وحاد بالفشل جعلها تقسم قسمًا لا رجعة لها به أن تجعله يعود إليها نادمًا وفي أقرب وقت.
༺༻

أما علِيّ فتحرك بداخل بهو الفندق كما التائه وحديث تلك المجنونة يلاحقه كسهام لا تريد تركه إلا حينما تصيب جسده وتسمم دمائه وتعكر صفو قلبه لكنه مطلقا لن يسمح لها، اقترب علِيّ من عاملة الاستقبال التي حين رأت منظره سألته باستغراب
" سيدي هل أنت بخير"
أجابه بتفكير مشوش
" أنا أحتاج إلى استخدام الهاتف لأمر طاريء "
أسرعت العاملة تدير الهاتف نحوه وهي تقول
" بالطبع .. تفضل "
جاهد علِيّ ليتذكر رقم كنزي الذي يحفظه عن ظهر قلب وبعد لحظات كان يستمع إلى رسالة مسجلة لعينة تخبره أن الهاتف مغلق، مرة تلو مرة وحين يئس طلب مسرعًا رقم والده الذي أجاب مسرعًا يقول بصوت مهزوز
" من معي "
أجابه علِيّ بصوت واهن
" أبي ….
قاطعه شاكر يقول بلهفة
" علِيّ أين أنت وماذا حدث لك "
قال علِيّ بتوتر
" أنا في الفندق يا أبي، ولا أتذكر شيء مطلقًا مما حدث لي، أين كنزي يا أبي "
صمت شاكر للحظة ثم قال
" يا بني ابق مكانك وأنا سأتي إليك "
إجابة والده جعلته يسأله بخوف
" أين كنزي يا أبي"
أجابه والده بارتباك
" يا بني بالأمس وأمام الجميع ذلك الطباخ أثار
فضيحة لك ولها لذلك …قاطعه علِيّ يسأله بهياج
" أين كنزي يا أبي "
أجابه والده وقد أسقط في يده
" لقد خطفت بالأمس "
عمّ الصمت للحظة حتى نبض علِيّ المفجوع صمت يستمع لما يقوله والده قبل أن يركض كما المجنون الذي لا يعرف وجهته.

༺༻

أمام المركز الطبي توقفت سيارة سلطان ومن خلفها سيارة زكريا الذي نزل منها عمر يركض نحو الباب المجاور لكنزي فيحملها تحت أنظار سلطان الذي تقدمه مسرعًا يطلب المساعدة والفتيات اللاتي ركضن خلفه بفزع تاركين خلفهم زكريا وآصف وفخر يحملان شاهين الفاقد لوعيه نحو أحد المقاعد المتحركة التي ركض بها نحوهما فريق الطواريء، أقبل مؤمن يركض نحوهم وحالة كنزي قد أنسته تحذيره السابق لبشر ليقول وعمر يضعها على السرير المتحرك
" ماذا حدث لها "
أجابه عمر الذي كان يتماسك بصعوبة بالغة
" لا أعرف سوى كونها تعرضت للصعق الكهربي كثيرًا "
قال له مؤمن وهو يجرها وفريقه لغرفة الفحص ذات الجداري الزجاجي
" ابقوا هنا، لا أريد قدم واحدة أن تتعدى هذا الباب "
هزّ عمر رأسه بطاعة وهو يبكي ويقول
" فقط أنقذها "
سحبه سلطان نحو الخلف وهو يقول
" اذكر الله "
التصقت تولين تراقب كنزي من الزجاج وهي تقول ببكاء مرير
" رويدًا عليها فهي تحملت الكثير …رويدًا أرجوكم "
فاقتربت منها فاطمة تربت على ظهرها بدعم وهي تلجم دموعها بقوة وتقول
" ادعي الله أن تمر من هذه المحنة ، لا تضيعي وقتا في رجاء عبد والله وحده من سيجيب رجائك "
قالت تولين بحرقة
" احفظها يا الله وأعدها لنا سالمة فوحدك تعلم أنها لا تستحق أن تمر بكل هذا، اللهم هب لها من لدنك قوة لتعبر بها هذه المحنة "
انهارت تولين فضمتها فاطمة بقوة تلمح سارة التي التصقت في أخيها تبكي بقوة حينما مر المسعف يركض بشاهين الفاقد لوعيه نحو غرفة الطواريء ليقف زكريا أمام الباب يضع يديه فوق رأسه ويدور حول نفسه لتقع عيناه على سارة فيقول لها دون تفكير
" عليك أن تسامحيه سارة، فهو يحبك….
لم يدع له سلطان الفرصة ليكمل حديثه وهو يقطع المسافة بينهما في خطوة واحدة ويمسكه من تلابيبه يقول له بغضب شديد
" لا تجعلني أرمي كل ما ألجم غضبي لأجله عرض الحائط وأقتص منك ومن عائلتك بأكملها عما حدث والآن، ابلع لسانك هذا ولا توجه لها كلمة واحدة وإلا سأقطعه لك "
اقترب فخر يحاول فض الاشتباك وهو يقول
" اتركه يا سلطان زكريا منفعل من أجل أخيه، هو لم يقصد شيء آخر "
هز سلطان زكريا بعنف حاول عمر تخفيف وطأته وهو يدفع سلطان الذي قال
" لينفعل بعيدًا عنا، وليحترس لما يتفوه به فحساب تلك العائلة زاد وفاض "
قال زكريا بغضب شديد
" عليها أن تنتظر أخي ليستعيد وعيه وتستمع لأسبابه "
توسعت أعين سلطان بنظرة شرسة ليقترب آصف يرمق سارة المنهارة بنظرة متفحصة قبل أن يجذب زكريا للخلف وهو يقول له بحدة
" زكريا، لا تعقد الموقف أكثر وركز حاليًا علي حالة أخيك، ليقف على قدميه وبعدها يبقى لكل حادث حديث "
جذب زكريا ملابسه بعنف من قبضة سلطان في لحظة خروج مؤمن يقول بغضب
" ماذا تفعلون …أقسم بالله العظيم أي صوت أو فعل سيخرج من أحدكم دون تفكير سأطلب من الأمن إخراجه من هنا دون أن أبالي بهويته "
اقتربت تولين تسأل مؤمن ومن شدة دموعها تكاد لا ترى أمامها
" كيف حال كنزي، هل هي بخير "
أجابها مؤمن بجمود
" حالة كنزي حرجة …ستحتاج لدخول العناية المركزة وبالنسبة للشاب سنحتاج بيناته لأنه أيضًا سيدخل العناية "
قالت كنزي
" يا إلهي …إذًا حالتها خطر، هل ….
تركت سؤالها معلقًا ليقول مؤمن
" تولين الفتاة بحالة يرثى لها لا تضعيني أمام أسئلة لا إجابة لها لدي الآن " تحركت تولين تلصق وجهها في الزجاج وهي تبكي وتمرر يدها كأنها تتلمس صديقتها وتقول
" هذا ليس ما اتفقنا عليه كنزي "
بينما تهاوت سارة جالسة على أحد المقاعد وهي لا تدري هل تبكي فقط أم تزرف في دموعها أجزاء من روحها المحطمة كأنها تلفظ روحها قطرة بعد قطرة، قال زكريا لمؤمن
" أنا أخو شاهين …يمكنني إعطائك كافة بيناته"
قال مؤمن له
" حسنا تعال معي "
تحرك آصف نحو الزجاج يضع يديه في جيبه ويراقب ما يحدث لصديقه بعين زجاجية تمنع كافة الانعكاسات لمشاعره لتلتفت تولين نحو مؤمن الذي يبتعد وتسأله بصوت يكاد لا يخرج منها
" أين حذيفة "
التفت لها مؤمن يرمقها للحظات قبل أن يقول
" سأستدعيه لأجلك ".

༺༻

داخل العيادة النفسية الملحقة بالمركز الطبي وتحديدًا داخل غرفة إقامة حذيفة والتي باتت تعد منزله الذي يستقر به منذ فترة طويلة كأنه ترك العالم وتفرغ ليبق بين هذه الجدران لأجل أن يحكم مخططه كان حذيفة يجلس وفي يده الكتاب الذي لم يتركه منذ ساعات، يعيد بداخله قرائة مقاطع مظللة مرة بعد مرة كأنه يطبعها في عقله، حتى رن هاتف صغير قديم كان يضعه على المكتب أمامه فرفع حذيفة نظره لباب الغرفة يتأكد أنه قد أغلقه من الداخل قبل أن يجيب
" مكالماتك باتت تتأخر "
جائه الصوت الرزين الذي كان ثابتًا دون لمحة ذبذة واحدة قد ينفذ من خلالها حذيفة إليه لعله يدرك كهن تكوينه
" مكالماتي تصلك حين يكون هناك داعي إليها، كونك أصبحت نافز الصبر ليست مشكلتي "
قال حذيفة
" نعم فالمشاكل بأكملها تقع على عاتقي وعلِيّ إيجاد حلول لها وبأقرب وقت "
جائه صوت محدثه يقول
" وكأنما تفعل شيء بلا ثمن "
قال حذيفة
" ثمن مؤجل لكثير من الأعوام، ثمن بدأت أشك أنك تستطيع دفعه "
قال محدثه بانفعال مماثل
" أنا لم أخدعك "
قال حذيفة بغضب شديد
" أتعلم لكم عام ونحن ندور حول بعضنا البعض، أتعلم لكم عام وأنا أعمل جاهدًا تحت امرتك ولا جديد "
قال محدثه بسخط
" هل ظللت صامدا لكل هذا الوقت والأن فقط قررت أن تفقد رابطة جأشك، مر الكثير ولم يبق سوى القليل حذيفة "
قال حذيفة بقهر
" أشعر أن هذا القليل سيمتد إلى ما لا نهاية ولن أرى زوجتي مجددا أو أطفالي "
صمت محدثه للحظات قبل أن يقول
" هذا ليس وقت انهزام، رجال السيد يدورون في فلك اختبار كبير والكل يصارع ليثبت ولائه وعلينا فعل المثل، إنها نهائيات صراع طويل دعنا ننه بنظافة "
قال حذيفة بغضب
" كل ما يهمك النظافة، الوجهة …الجانب الآمن …لأجل عائلتك، لكن حين أثور لأجل عائلتي لا أجد منك سوى سخط "
قال محدثه بغضب شديد
" ابقهم بعيدًا عن حديثنا حذيفة، فهم لم يقدموا لك سوى كل الخير، وأنا لن أسمح أن يحملوا أوزار حروب لا ناقة لهم بيها أو جمل، أنا وأنت ندرك أننا مضطرون لما نفعل ….مضطرون لنحمي أحبتنا وليس لدينا خيار "
هدر به حذيفة منفعلا
" كان لدي الخيار، فقد منحني حكم ذلك، لكني لم أكن قويًا كفاية لأرمي كل شيء خلفي وأمضي "
قال له محدثه
" حكم لم يكن مكانك يوما، حكم لم يمر بما مررت به "
أغمض حذيفة عينيه ثم ضم قبضته وضربها منفعلا فوق الكتاب المفتوح أمامه ثم قال
" إذا ما المطلوب الآن، أن أستمر في ادعائي أننا بأمان رغم كوني أشك بذلك "
قال له محدثه
" لا أحد منا آمن، أهم شيء ابتعد عن المجمع السكني تمامًا، اجعل من المركز الطبي ملاذك الآمن واصمد حتى أعلم ما هي خطوتنا التالية "
قال له حذيفة
" أصمد إلى متى، أنا على وشك فقد عقلي، أنا واثق أنا هناك من كشفني وبدأ يتلاعب بي "
قال له محدثه
" حذيفة هذه أوهام لا أساس لها من الصحة، أنا وأنت ندرك أن عقلك عند الشعور بالخطر يخلق خط دفاع يتمثل في جعل وعيك يتشتت عن واقعك بوقائع وهمية، أنت بأمان وعليك أن تركز فيما سأخبرك به "
قال حذيفة بغضب
" أنا لست مجنون "
صمت محدثه لحظات وقال
" أنت عدو نفسك حذيفة، فلا طبيب نفسي يعتبر المرض النفسي جنون
" قال حذيفة بحدة وهو يقف "
أنا لست مريض، بل أنا من يصنع المرضى"
قال محدثه
" عليك أنت تذكر ذلك حين يتحتم عليك الأمر، هناك الكثير مما حدث اليوم دعني أخبرك به لكي لا تتفاجيء مستقبلا لكن أولًا هل كل شيء جاهز "
أغمض حذيفة عينيه يتنفس بانفعال شديد قبل أن يقترب من خزانة ملابسه ويدفعها بقوة لتظهر من خلفها خزنة ضخمة بالحائط بباب لا يفتح سوى برقم سري حين وضعه حذيفة فتحت لينظر حذيفة للتماثيل العديدة المتراصة أمامه ويقول
" قريبا جدًا جدًا، فقط لتسير الأمور كما أخطط وحينها لن يكون هناك شخص قادر على الوقوف في طريقي ".
༺༻

أوقف حكم سيارته أمام المركز الطبي ودار حولها مسرعًا وهو يقول ليهدين بانفعال
" لمَ هنا بالتحديد "
قالت له يهدين
" لأننا لدينا أعين بالداخل تتمثل في حذيفة، ولنا صلاحيات تتمثل في مؤيد الجوهري الذي يعد الآن مدين لي، شيراز هنا ستكون آمنة دون أن نتورط مع الشرطة والتي بالمناسبة مؤكد بات لديها الآن بعض الأخبار حول ما حدث"
قال حكم بحدة
" الوضع يتعقد، كل الجبهات فتحت في نفس الوقت "
قالت له يهدين متأثرة بما يعانيه
" لا تفكر الآن بشيء سوى ما أنت فيه بالفعل حكم "
قال لها حكم وهو يحمل شيراز ويركض بها نحو الداخل
" تابعي الأوضاع وأبلغيني بكافة المستجدات"
ركضت سيادة تسبقه وهي تصرخ
" أريد طبيبًا أرجوكم "
أسرع أحد العاملين نحوها يأخذ منها ماسة نحو غرفة الفحص الذي كان سلطان والفتيات مازلن واقفات أمامها ينتظرون نقل كنزي إلى غرفة العناية ليخرج مؤمن ليوقف حكم الذي همّ باقتحام الغرفة وهو يقول
" الدخول ممنوع، ضعها على هذا السرير من فضلك ونحن سنقوم باللازم، ما اسم المريضة "
أجابه حكم بهياج
" شيراز الشافعي …أريد غطاء لأدثرها إنها باردة " قال له مؤمن وهو يشعر بطاقة انفعال رهيبة تشع منه
" لا تقلق سيدي نحن سنهتم بها وسنفعل اللازم "
نظر حكم لوجه شيراز بقهر شديد في اللحظة التي أخرج فيها فتاتين من فريق الطواريء سرير متحرك وقالت له إحداهما
" ضعها من فضلك "
وكم كان طلبًا صعبًا للغاية، طلبًا لم تطاوعه فيه ذراعيه بسهولة لكنه في النهاية انحنى يضعها وعلى بُعد إنشات من وجهها همس لها
" وإن خارت قواكي أنا هنا لأجمع أجزائكِ، أنتِ بتِ الآن تملكين جيشًا يسمى حكم، لا تكوني إذًا أقوى هزائمه "
همّ حكم بتقبيلها وقد باتت مشاعره تائقة لاستراق لمحة من دفئها تطمئن قلبها لكنه منع نفسه بشق الأنفس رافضًا أن يستبيح منها قبلة مشاعر خالصة ليست من حقه وهو محال أن يتعدى على حقوقها كما الجميع لذلك اعتدل يستودعها من لا تضيع ودائعه ليصبح مجال الرؤية لسارة الجالسة خلفه بمتر واحد أكثر، تأملت سارة غريمتها بعين لا تعرف للحقد أو الكره موطن، تأملتها بحسرة لحالها الذي يشابه حاله، تأمل حالتها بقلب ينخلع شفقة ويلتوي بغيرة مهولة أشعرتها بالذنب فأغمضت عينيها تبعدهما عن تأمل شيراز التي بدت في أسوء حالاتها امرأة تفوقها جمالًا وروعة….امرأة تستحق أن تبقى في القلوب فلا تنسى ….وليس هذا ذنبها …الذنب ذنب من قتل الحكاية من قبل أن تبدأ ….فلمَ الملام….ولما الوجع …ولما تلك الحرائق الناشبة بين أضلعها مادام من أشعل النيران محال أن يطفيها.
༺༻
بعد دقائق كان مؤيد يستند على طاهر ويدخل نحو ممر الطوارئ فيكون أول ما يخترق مسامعه نحيب سيادة التي تلتصق بالزجاج وهي تراقب ما يحدث لصغيرتها، كانت كل الوجوه بالنسبة إليه ليست واضحة كوضوح تلك الانقباضة العنيفة التي تطبق على نبضه، وضع مؤيد يده على صدره وهو يشعر أن بين جوانحه تتقلص كل المؤشرات الحيوية وتسحب منه شعوره بالحياة فيصير كهلًا يقف على أعتاب الموت ولا يعرف لما لا يجد أحبابه بجواره ليودعهم، الشعور بالوحشة استفحل في صدره حتى وصل الحلقوم والتف حوله كمقصلة مع كل ثانية تمر تشتد حول عنقه بلا رحمة …خطواته نحو الزجاج كانت تترنح كأنه يمر بعذاب خروج الروح، لتأتيه الضربة القاضية وهو يرى كنزي التي تبدو وكأنها تشاركه سكرات موته هامدة فوق سرير شاحب اللون لدرجة أنه أبهت من لونه عليها يتحرك بها نحو الخارج ليدخل مكانه سرير طفلة جردت من كافة ملابسها فلم يصدر منها صوت ولا أنين…كانت تلك الصغيرة ساكنة بصمت مطبق مخيف جدًا، في لحظة واحدة توازي السريران ووقف هو بينهما، وقف بشعره الذي شاب …وقلبه الذي ضمر، وملامحه التي تقسمت فيما بينهما بالتوازي ورحلة اثنين وعشرين عامًا تمر أمام عينيه وتعاد، منذ اللحظة الأولى التي حمل بها كنزي وحتى هذه اللحظة، وقف كأنما الحياة تستعرض أمامه البداية والنهاية وتتركه ليتذكر ما كان بينهما فتسقط دمعة من عينيه التي شعرها إن أغلقت الآن لن تفتح أبدًا، خرج مؤمن من الغرفة بوجه ممتقع يقول لسيادة
" هل أنت أم الطفلة "
هزت سيادة رأسها بانهيار وقالت
" نعم …إنها طفلتي، أرجوك أنقذها "
قال لها مؤمن
" الطبيب الذي يتولى فحصها يريد بعض المعلومات عنها مبدئيًا ما هو اسم الصغيرة "
أجابت سيادة بسرعة
" ماسة مؤيد الجوهري"
عمّ الصمت للحظة وكل العيون تصوبت نحو مؤيد الذي ما حرك عينيه بعيدًا عن كنزي وصغيرته لتفتح أحد الممرضات الباب وهي تقول بتوتر
" القلب يتوقف "
أسرع مؤمن إلى الداخل يراقب الطبيب الذي كان يصعق جسد الصغيرة فتنتفض فوق السرير قبل أن يعود جسدها ساكنا، تراجع مؤيد نحو الخلف كأنه ماعاد يتحمل رؤية المزيد واستدار يداري دموعه لتتوقف عيناه على وجه علِيّ الذي كان يركض في بداية الممر وهو يتلفت حوله بجنون ليقطع عمر دربه ويدفعه للخلف بعنف كاد أن يسقطه أرضًا.

༺༻

قبل دقائق…..

وصل علِيّ إلى المشفى التي كان والده وأعمامه في الطريق إليها بالفعل، لا يعرف كيف أسعفه الوقت ليصل قبل الجميع لكن كأنما المسافات بينهما تشعر بما يعانيه فتواضعت له، كان يركض كما المجنون يبحث بعينيه عن أي شخص يرتدي زي يحمل إشعار المشفى ليسأله عنها، كان يتمسك في كل من يشك أنه تبع فريق العمل بالمكان ليقابل الكثير من الغضب والاتهامات الصارخة التي جعلته يرفع يديه التي لا يستطيع التحكم بها فوق رأسه وهو يهز رأسه باعتذار ومظهره المزري كان كأنه يغفر له الكثير من الحمق والاندفاع الذي كان يرتكبه دون أن يشعر، حتى وجد نفسه أمام مكتب الاستقبال فسأل العاملة التي نظرت له بريبة واضحة
" من فضلك ساعديني، أين أجد كنزي الجوهري "
نظرت له العاملة وقالت مستفسرة
" أهو حادث "
قال علِيّ بتخبط
" لا أعلم شيء، لقد أخبروني أنها وصلت هنا، إنها زوجتي …أرجوك " نظرت العاملة إلى شاشة الحاسوب وسألته
" هل أنت واثق أنها لدينا هنا "
قال علِيّ
" نعم .. المركز الطبي الخاص بالطبيب مؤمن الصالحي، أليس هذا هو أم أني أخطأت العنوان "
قالت له العاملة
" من فضلك اهدأ، هذا هو المركز الطبي بالفعل ومادامت بيانات زوجتك لم توثق على النظام أمامي إذا هي مازالت بقسم الطواريء لم تنقل منه
، يمكنني أن أتواصل معهم لأتأكد "
قال علِيّ بلهفة
" لا أنا سأذهب بنفسي، أرشديني فقط إلى الطريق "
قالت العاملة التي شعرت تجاهه بالشفقة
" أخرج من البوابة الرئيسية ستجد مدخل الطواريء بجوارها تمامًا "
ركض علِيّ بسرعة وهو غير واعي أنه يترنح ويرتطم بكل من حوله، ركض مسرعًا كأنه يركض على جمر يجعل خطاه تستعر، قلبه كان في حالة صدمة متجمد يكاد لا يشعر به وأعصابه تنهار شيئًا فشيء لكن هذا محال أن يوقفه، توجه علِي نحو البوابة وعبرها ليركض من خلفه أحد رجال الأمن يسأله بقلق
" إلى أين يا سيدي "
أجابه علِيّ بصوت خرج منه كصرخة مفجوعة
" زوجتي بالداخل "
تحرك رجل الأمن خلفه ليدخل علِيّ الممر يركض فيهاله المشهد أمامه، كان مشهد يحكي له فجيعة قاب قوسين أو أدنى منه، هز رأسه بخوف شديد ليتفاجأ بعمر يقطع طريقه فسأله بوجل
" أين كنزي …ماذا حدث لها، قل لي أنها بخير " دفعه عمر الذي كانت أثار البكاء واضحة على وجهه بعنف جعل توازن علِيّ يختل فأسرع منذر يجذبه بقوة لكي لا يسقط أرضًا بينما عمر يقول له بغضب " ارحل من هنا، ارحل بعيدًا عن أختي، وأعلم أن كل من أذى كنزي سيدفع الثمن"
قال له علِيّ بحدة
" أنا لن أرحل يا عمر لأني هنا لأجل زوجتي والتي تعد لي كل شيء بهذه الحياة "
همّ عمر بالهجوم عليه ليحول بينهما رائف الذي قال لعمر
" تعقل "
لكن عمر لم يتراجع وهو يصرخ به
" أختي ستطلق منك، برضاك أو عدمه أختي ستتحرر منك أيها الحقير "
قال علِيّ بهياج
" لا أنت ولا عائلتك بأكملها قد يسلبوا مني زوجتي، تحدث كما شئت يا عمر، حديثك لن يغير حقيقة شيء، ستبقى كنزي لي مهما فعلتم "
قال عمر بغضب
" أختي باتت أبعد من النجوم إليك يا علِيّ، وما لديك أفعله …ما عاد الأمر يعنينا "
حاول علِيّ الوصول لعمر ليقول له منذر
" الأمور لا تحل بهذا الشكل "
اقترب منهم مؤيد وخلفه زكريا وسلطان وفخر فيما بقى آصف واقفًا يراقب صديقه من خلف الزجاج ليقول طاهر
" لا تفتعلوا المشاكل هنا مؤمن لن يسمح بذلك، اهدئوا "
قال له علِيّ بجنون
" أنا لا أفتعل مشاكل، أنا فقط أريد زوجتي "
جائه صوت مؤيد الذي كان في تلك اللحظة مغبون بمرارة الوجع يقول
" ارحل يا علِيّ بهدوء ولا داعي لهذا الاستعراض الذي ليس لدينا طاقة لمتابعته، ارحل وطلق كنزي بصمت تام واختفي من حياتنا إلى الأبد"
قال له علِيّ
" هل جننتم جميعا، كلما حدثني أحدكم يقول طلقها ..أنا لن أطلق زوجتي .. على جثتي أن أفعل، لماذا تتصرفون هكذا "
قال له مؤيد بانفعال
" زوجتك …الآن باتت زوجتك، لماذا إذا تعديت عليها، لماذا تطاولت على أختي يا علِيّ "
قال علِيّ بصراخ جنوني
" أنا لم أفعل ذلك ، مستحيل "
قال مؤيد بصراخ خرج منه ضعيف
" بل فعلت ولولا أن أنقذها ذلك الطباخ من بين يديك وحده الله يعلم بما كان سيحدث منك في حقها أيضًا "
أخرج مؤيد السلاح وصوبه لوجه علِيّ وقال له بملامح متغضنة متألمة
" ارحل من هنا قبل أن أقتلك "
قال سلطان بغلظة
" السلاح قد يطولنا بالشر يا مؤيد، اقصر الشر وانزل سلاحك "
لم يلتفت مؤيد إليه فيما بقي علِيّ واقفًا بثبات أمام فوهة المسدس يقول
" أنا محال أن أؤذي كنزي، قد لا أتذكر ما حدث لكني واثق أني قد أتحمل منها وعنها الأذى ولكن لا أمسها به، لقد صرت أخشى أن تؤذيها الحياة فيتأذي قلبي، أنت الآن تتهمني بشيء لم تبحث خلفه حتى لمجرد أنك تريد أن تبعدني عنها، تريد أن تنزعها مني مجددا كما حدث بالماضي، أتذكر حينها كان كل همك أن تبعدني عنها ولم تلتفت للحظة وتتحقق من كوني صادق أم لا "
قال له مؤيد بغضب
" أنت لم تكن يومًا صادقًا يا علِيّ، وحدي أنا من صدق إحساسه وانظر إلى الوضع، أختي كانت معك ..تعديت عليها وتركتها لتخطف وتعذب وتواجه الموت، لقد كانت معك أيها الوغد "
قال له علِيّ بهياج وقد فقد السيطرة على أعصابه
" لم تكن معي مؤيد …لم تكن معي ، كنزي أنا لم أمسها بسوء، إحساسك هذا لم يصدق مطلقًا، أتدري لما لأنك رجل قادر على خذلان أقرب الناس إليك "
اهتز السلاح في كف مؤيد الذي بدأ شحوب وجهه يزداد وهو يقول لعلِيّ
" أنا لم أخذلها مطلقًا مثلما فعلت "
قال علِيّ
" أنا لم أفعل، وإن كنت لم تخذلها فقد خذلتني إلى درجة جعلتني منذ عودتي لم أحاول عتابك فيما مضى أو السعي لنعود كما كنا …أتذكر مؤيد ما كنا أم كما نسيت الصداقة والدم نسيت كل شيء، مؤيد أنا لا أنوي أن أصبح مثلك وأخذلها، وها أنا أعلنها جنونا لا يقبل الشك إذا منعتني عن زوجتي بالسلاح أنا لن أرفع عليك السلاح بالمقابل، بل سأخذها منك وعن طريق الشرطة وسأجعلك تدور حول نفسك لترى شعرة منها وأرني ماذا ستفعل حينها "
قال له مؤيد بانفعال والسلاح يسقط من يده وقد خارت قواه تمام
" اقترب منها وسأقتلك بيدي هذه يا ……
انقطع حديثه وجسده بأكمله يرتخي مستسلمًا للسقوط فتمسك به سلطان بقوة وساعده رائف ليسحباه نحو المقعد القريب منهم ليقترب طاهر وهو يقول بحدة
" لا حول ولا قوه الا بالله، اطلبوا سرير متحرك، دعونا ندخله للفحص ".



༺༻



لا تهجري صدري،
فكل الصواب أضحى جنونًا لأجلك لو تدري،
وكل الثبات الذي أدعيه بات ناقمًا …ثائرًا…نافذ الصبر.
إني أتطاير سيدتي كفتات عاشق جرفته نسائم الفجر، إني أتهاوى وتسقط عني أقنعتي وتحترق عباءة قوتي التي صنعت من المكر.
فابقي بداخلي أمدًا لأحميكي من الشر.
فما بين أضلعي هناك قلب ينتظرك منذ بداية العمر، وهناك قصص لم تبدأ بعد تترقب من يلمتس في ما مضى منها العذر.
كوني ذريعتي لأواجه نفسي وأسعى جاهدًا لرأب الضر.
فأنا رجل حين تجمح مشاعره يكون لها صهيل مدويًا بالأعماق يسري، وحين تتملك يكون لها أجيج همس أقوى من الشعر …يا سيدتي لغة الأرواح بيننا لم تخطيء أبدًا بل إنها من شيدت بين قلبينا جسور من الجهر، لتعلني بصمتك أنك لي وأعلنها أنا ملأ دون أن أبالي بما قد يجري.

༺༻



علي بعد أربعة أمتار كان حكم واقفًا بعيون اجتمعت فيها أعتى عواصف العالم يراقب شيراز التي يحاول الأطباء إيجاد وريد واضح لها لتمر منه إبرة المحلول الملحي فلم يجدوا مطلقا ولذلك استمروا في نغز ذراعيها أكثر من مرة بحثا عن وريد غافلين أن هناك قلب إنسان تمر منه الإبرة فتخترقه مع كل محاولة منهم، ضرب حكم الزجاج منفعلا …غير قادر على إحتمال ما يحدث لها فقلبه المعذب كانت تمر به نبضة أحدّ من حد السيف وأثقل من الجبال الرواسخ، كان يشعر أنه معتقل في هذا العالم الضيق محروم من وسع عينيها الذي يدرك أن به عوالم خفيه ليته أدركها جميعها قبل أن تطبق عينيها هكذا، أخرج الطبيب الإبرة من ذراعها مرة أخرى بملامح مشدودة ليصرخ حكم وهو يندفع نحو باب الغرفة يقتحمها قائلا
" لا تغرز هذه الإبرة اللعينة في جسدها مجددا، توقف عن فعل ذلك وإلا سأغرسها في عينيك "
اندفع مؤمن يمنعه من الاقتراب من الطبيب أكثر وهو يقول
" يا سيد تحكم في أعصابك ودعنا نكمل عملنا والا سأطلب الأمن من أجلك "
قال له حكم بانفعال شديد "

ألا ترى ما يفعل بها، إنها المرة السادسة التي يمرر بها هذه الإبرة في ذراعها ثم ينزعها "
قال له مؤمن بحدة
" هذا لأننا لا نجد للمريضة وريد، أرجوك سيدي حالة المريضة حرجة للغاية لذلك توقف عن تشتيت تركيزنا ودعنا نساعدها "
نظر حكم لمؤمن للحظة وسأله بوجل
" ماذا تعني "
قال له مؤمن بحزم
" أعني أن هذا الفريق يحاول السيطرة على الموقف بأي طريقة لذلك يجب أن تحترم ذلك، لأن إمرأتك في خطر "
ردد حكم بصوت سرقت منه كل لمحات القوة
" امرأتي "
هز مؤمن رأسه فتراجعت خطوات حكم للخلف بعيون تحجرت بها الدموع والمشاعر والذكريات ليلقي نظرة على وجه شيراز الذي نقش فوق جميع شرايينه ثم ينسحب خارج الغرفة عائدا نحو الزجاج يكمل مراقبة لذلك المشهد الذي يمر أمام عينيه فيجعله يشعر كما لو أنه نصل صديء يتمعن في نحر قلبه شيئًا فشيئ، وهي هناك بين أيديهم فلا تطولها يده… مغلقة لعينيها كأنها أغلقت عليه أعمق قبور الدنيا وتركته في ظلمتها يقف وحيدًا يرتجف …ينتظر …لكن كم يكون الانتظار قاتل، همس حكم بصوت ما عاد قادرًا على إخفاء إهتزازه
" يهدين "
وصله صوت يهدين الباكي تجيبه
" أنا هنا "
قال لها حكم
" أريدك أن تأتي لتبقي مع شيراز لأن لدي أمر مهم علي الانتهاء منه ولم أعد أثق أنها آمنة، أشعر أن الجميع سوف يؤذوها حتى الأطباء من حولها "
سألته يهدين باستغراب
" أمر مهم، على ماذا تنوي يا حكم "
تنفس حكم بعمق وقال لها
" لا تتأخري يهدين "
عم الصمت كأن يهدين أدركت أنه لن يفصح مهما فعلت ليسمع حكم صوت يسأله بهدوء
" هل نعرف بعضنا البعض"
التفت حكم ينظر لرائف بتدقيق شديد طال قبل أن تلمع عيناه لمعة معرفة التقطها رائف الذي كان يدرك أن مصيره والقادم قد ارتبطا بهذا الإنسان بشكل أو بآخر فكما يقول المثل عدو عدوي ….صديقي ….
༺༻

بعد ساعة كانت يهدين تدخل ممر غرف العناية ومن خلفها رجال حكم الذي كان يقف أمام غرفة شيراز كما لو أنه بركان على وشك الانفجار ووحشًا يستعد للإنقضاض على عدو له، كان دخولها ملفت للأنظار رغم أنها كما العادة ترتدي سترة رياضية فضفاضة للغاية تخبيء كفيها في جيوبها الأمامية وتخبيء رأسها أسفل القلنسوة التي كانت تعطها مساحة لتحدد خطواتها لا أكثر تكاد لا تلتفت يمينًا أو يسارًا بعينيها لكي لا تلمح أحد غيره أو تلتقط وجوده تحديدًا ، لكن كيف وهي التي تدركه وإن كان على طرف العالم وهي على الطرف الآخر، لمعت دموع الالم والحنين بعينيها وهي تقترب من حكم لتقول له وهي تقف أمامه مباشرة
" كيف حالها "
هز حكم رأسه كأن الإجابة التي لديه لا تروق له ثم قال لها
" تأخرتي "
قالت له يهدين
" أنا لم أتأخر يا حكم لكن الانتظار يجعل الدقائق أطول "
نظر حكم لباب العناية وقال لها
" ابقي مكاني …أنا لن أتأخر "
سألته يهدين بتوجس
" إلى أين يا حكم "
قال لها متهربًا
" لن أتأخر …لماذا أحضرت معك كل هذه الرجال، الرجال بالخارج "
قالت له يهدين بحزن
" بعد ما حدث الحرص المبالغ به واجب "
نظر لها حكم وسألها بقهر
" هل أنتِ خائفة "
قالت يهدين
" أنا لا أخاف من بشر، في الحقيقة هم من عليهم أن يحذروا مني، إنهم كما قلت زيادة حرص، اذهب أنت ولا تقلق لكن لا تتأخر ولا تعرض نفسك للخطر واعلم أني في ظهرك ومعك أيًا كانت النهاية "
نظر لها حكم للحظات ثم ربت على كتفها قائلًا
" لا يربي الرجل ابنة كل يوم "
قالت يهدين
" ولا تجد الفتاة والدا كل يوم، أنت أبي الذي لم أعرف سواه حكم "
رفع حكم رأسه لأعلى متأثرًا فأمسكت يهدين كفه بدعم وقالت
" لا تتهور "
أطبق حكم كفه على كفها وانسحب مسرعًا من المكان تاركًا إياها خلفه ترتجف كعصفور وقع في فخ عيون ترصده.
༺༻

قبل لحظات وقف فخر منتفضًا بمجرد أن مرت يهدين من أمامه يتابعها بعينيه وهي تتجه نحو حكم وبدون تفكير كانت خطواته تنقاد نحوها حتى توقف على بُعد يراقبها وهي تتحدث مع ذلك الذي سيموت ليعرف صلتها به، وجد فخر نفسه يفكر أن رؤيتها تفعل به الأفاعيل …وتطيح به نحو إضطرابات عنيفة و معقدة ولا تفسير لها، رؤيتها كفيلة بجعله غاضب ناقم وفي نفس الوقت متيم مشتاق، رؤيتها تتلاعب به كما تلاعبت هي به وجعلته يقف كما الأحمق حين تمر بموكبها كأنه في حضرة موكب ملكي، تنفس فخر بعمق يحارب ثورة مشاعره التي اشتد هتافها بين أضلعه تطالب بنظرة، نظرة فقط سيكتفي بها رغم أن لديه حلم أن يتبع تلك النظرة الكثير مما بات يدرك أنه لن يعيشه مع سواها، سارقة …تسرق نظراته ونبضاته وخطواته وتبقى ثابتة لا يهتز لها جفن ولا يرجف في جوفها نبض، توسعت أعين فخر بغضب شديد حين أمسكت يهدين يد حكم وبدا همسهما الذي لا يفسره في عينيه كحمم تأكل قلبه الذي قرر بعد آخر لقاء جمعهما أن يغلق كافة الأبواب التي تسربت منها تلك المتسللة إلى أوردته، تحرك حكم يغادر الطابق مسرعًا فجلست يهدين على أقرب مقعد لغرف العناية ووقف أمامها حائطان بشريان يحولان بينها وبين الأعين الموجهة صوبها لكنهما لم يكونا كافيان لإطفاء لهيب صدره الذي جعله يتحرك نحوها دون أسباب واضحة.
༺༻

في نفس الوقت وقفت فاطمة فسألتها سارة
" إلى أين "
أجابتها فاطمة بخفوت شديد
" يهدين هنا، سأذهب إليها "
قالت لها سارة بتعب وهي تمسح دموعها
" سأتي معكِ لأشكرها "
قالت لها فاطمة
" لا أحبذ ذلك يا سارة، فيهدين لا تتعامل مع الغرباء، إنها تملك نوع غريب من الرهاب يجعلها تخشى نظرات الغرباء إليها، لكني سأبلغها بشكرك بالطبع "
قالت تولين التي كانت تشعر بدوار شديد
" أبلغيها أن معروفها كان كبير إلى درجة لا توصف، اشكريها فاطمة وابلغيها أننا نتمنى التعرف عليها بالتأكيد "
هزت فاطمة رأسها ثم حادت بعينيها تجاه سيادة وقالت
" أنا لا أعرفها لكني مشفقة عليها للغاية، ولا أعرف كيف أخفف عنها، أشعرها ستموت من شدة الحزن "
توجهت أنظارهن تجاه سيادة التي تأخذ مقعد قصي وتنتحب لتهز تولين رأسها بقلة حيلة وقالت
" لها ولنا الله يا فاطمة، لها ولنا الله في أحبتنا "
مسحت تولين دموعها ودارت عيناها في المكان ترى الوجوه المسودة من حولها وشعور مفزع يتسلل إليها فتقول
" لا أوجع الله لنا قلبًا على حبيب "
قالت لها فاطمة المتأثرة بكل ما يحدث حولها
" اللهم آمين آمين "
ابتعدت فاطمة بخطوات خافتة لتقول تولين لسارة
" بشر وليل في الطريق …الشرطة قبضت على الفتاة وأغلب شباب الشافعية، كل شيء انتهى "
قالت سارة بحزن
" لا شيء انتهى يا حور فنحن مازلنا هنا نحاول تدارك الخسائر، ادعي الله أن تكون الخسارة هينة "
أغمضت تولين عينيها تبكي لتربت سارة على قلبها المكلوم كأنها تقول له تدارك خسائرك أنت الآخر.
༺༻
اقترب فخر من رجال حكم وحين همّ بتخطيهم نحو يهدين أوقفه أحدهم يسأله بغلظة
" إلى أين يا سيد "
نظر له فخر بجمود وقال
" هل توجه كلامك لي "
نظر له الرجل وقال
" وهل يوجد أمامي غيرك، يا سيد تفضل عد إلى مكانك "
قال فخر بغضب
" وإن لم أعد ماذا ستفعل "
تحكم الرجل أمامه في انفعالاته وقال
" عد لمكانك سيدي فنحن لا نريد مشاكل"
قال فخر بغضب
" قلت لك وإن لم أعد ماذا ستفعل "
قال الرجل الآخر بذهول
" لا حول ولا قوه الا بالله، ماذا تريد يا سيد، هل تقول شجار للبيع "
قال فخر يرفع صوته بغضب قاصدا لكي يصلها
" نعم أنا أقول شجار للبيع وأريناني ما لديكما "
همّ الرجل بمسك فخر من تلابيبه ليأتيهم صوت يهدين تقول له
" توقف "
أعاد الرجل يده إلى جواره فورًا صاغرًا إلى أمرها لتقول يهدين لفخر وهي تقف خلف الرجلين
" ماذا تريد "
نظر لها فخر بقوة رغم أنها مازالت تخفي وجهها أسفل القلنسوة وتطأطيء رأسها للأسفل كأنها حريصة على ألا يرى منها ولو لمحة بسيطة ليقول بغضب
" هل سنتحدث هكذا "
رفعت حينها يهدين عينيها لتلتقي بعينيه فتتوه منها الكلمات، وتتداخل المعاني، وتسقط المسميات، ويبقى الصمت الثقيل مساحتها للبوح بمكنونات صدرها الذي رغم الحزن الجاسم فوقه أقبل بهدير نبضه يتلقى منه تلك النظرة وهي تسأله
" ليس بيننا ما يقال لنتحدث به "
قال لها فخر بحدة
" حقا "
هزت يهدين رأسها وقالت بتصميم يرجف قلبها رجفًا
" نعم "
قال لها فخر
" إن لم يكن لديك فأنا لدي "
قالت يهدين بحزن شديد
" أظننا أنهينا كل شيء في لقائنا الاخير من فضلك، عد لمكانك وتظاهر أنك لم تراني"
قال فخر بحدة
" ولمَ أتظاهر بأني لا أراكِ وأنتِ هنا وأنا أريد التحدث معكِ "
قالت يهدين
" لكني لا أريد ذلك، غادر يا فخر "
قال لها فخر بحدة وصوت مرتفع
" اللعنة يهدين، توقفي عن كونكِ صاحبة القرار في كل شيء "
قالت يهدين بحدة
" هذا ليس صحيح فخر، توقف عن إيهام نفسك بذلك لأني تعبت، ما بدر مني اعتذرت عنه وتوقفت عن فعله تمامًا، كونك مازلت تتحامل عليّ هذه تعد مشكلتك "
قال فخر بحرقة
" أنتِ محقة، أنا فعلا لم يعد لدي مشكلة سواكِ "
قالت يهدين بحزن
" أظنك وضحت هذا كثيرًا، لقد بت أدرك أني لا أمثل لك سوى مشكلة "
قال فخر بانفعال شديد
" ليس هذا ما قصدته، أنا كان لدي سؤال مهم أريد إجابته منكِ "
قالت يهدين بعصبية
" حسنا فخر، اسأل "
نظر فخر للرجلين وقال لها
" اجعليهما يبتعدا لنتحدث "
هزت رأسها برفض وقالت
" لا فخر، هو سؤال وفقط، اسأل لننتهي"
كلمة ننتهي خرجت من شفتيها قاسية لدرجة جعلته يتجمد أمامها تماما، جعلت كل شعور ناقم داخله يتفاقم ثم يتحول إلى غيمة عتاب حطت رحالها بين أحداقه التي كانت تهيم في حسنها حتى وهو في منتصف شجار غير منصف معها، ليقول لها بذهول
" ننتهي "
أشاحت بوجهها بعيدا عنه لا تريده أن يرى دموع عينيها ليعاجلها فخرلننتهي
" من أنتِ حقا يهدين، وماذا يكون حكم هذا لكِ " التفتت له يهدين بقوة وقالت
" حقا ؟؟؟… أنا لا أصدقك فخر "
قال لها
" ما الذي لا تصدقيه "
قالت له وهي تتقدم نحوه
" لا أصدق أنك أخيرا سألتني سؤال منطقي، لا أصدق أنك مهتم لتدرك شيء يخصني، هذا السؤال تأخر كثيرا …لكن اتهامك لي المستمر لم يتأخر دقيقة، اندفاعك لترتبط بأخرى لم تتأخر به لحظة، كأن جميع البشر يستحقون منك التريث في أمرهم إلا أنا "
قال فخر بانفعال شديد
" ربما تأخر سؤالي لكنه الآن قد وصلك على لساني ويحتاج إجابة واضحة منكِ …ثم كيف علمت بأني أريد الارتباط بأخرى …هل مازلت تتجسسين عليّ "
༺༻

تحركت فاطمة من الاستراحة الجانبية تتجه إلى الممر ليقطع سلطان طريقها فتنظر له فاطمة بتعب وتهز رأسها وهي تقول
" قبل أن تسأل، أنا ذاهبة لصديقتي، أظنك رأيتها حين دخلت، سأفهم سبب وجودها وأشكرها على مساعدتها وكل هذا سيكون على بعد مترات منك وتحت عينيك وطبعا الأمر لا يستدعي منك انفعالا أو عصبية لذلك هلا سمحت لي بالمرور "
قال سلطان بحدة خافتة
" أنا لا أريد أن يكون لك علاقة بتلك الفتاة "
قالت فاطمة
" يا إلهي …لقد ألقيت عليك هذه الخطبة العصماء لكي لا يكون لك اعتراض على أي شيء وندخل في جدال منهك وأنا حقا متعبة يا سلطان، وفي النهاية لم تسفر محاولتي عن شيء سوى أن اعتراضك جاء مباشرا كما العادة "
قال لها سلطان
" أنا أفهم في البشر أكثر منكِ، وهذه الفتاة مريبة وكل ما حولها غير مريح …
قاطعته فاطمة تقول برفض وانهاك
" لاحظ أنك تتحدث عن صديقتي يا سلطان، هذه الفتاة أنا أعرفها من قبل أن أعرفك حتى، وفي الحقيقة أنا لن أسمح لك بالإساءة إليها أكثر "
قال لها سلطان بحدة
" ما دمت بهذه السذاجة عودي إلى مقعدك "
قالت فاطمة
" أنا لست ساذجة سلطان، توقف عن إهانتي، وعن التقليل مني، توقف عن إشعاري بأني اليتيمة التي تبالغ في حمايتها والمن عليها، توقف عن حدتك معك وحصارك لي، أنا بت لا أفهمك وتعبت من المحاولة بل لأكن واضحة معك ما يصل إليه فكري بعد كل موقف لي معك يجعلني أشعر بالندم أني للحظة رضخت لك وأقمت مع سارة، لأن يبدو أن هذا أشعرك بأني ليس لي مكان أو ربما جعلك تظن أني بلا ضابط أو رابط، لا أعرف تحديدًا كيف تنظر لي سلطان وكيف تفكر بي لكن في المجمل كل ما يصدر عنك مهين حتى ….غيرتك "
حديثها كان كصفعة مدوية نزلت على قلبه فأدمته، نظر سلطان لعينيها فرأى فيهما تصميم ليس بغريب عليه لكنه لم يعِ أبدا لأسبابه لكن ليعترف لنفسه أنها أخافته، سلطان العطار يمتليء بالخوف أمام عيون باتت لا تبارح تلافيف عقله، همت فاطمة بإكمال حديثها المندفع لكن صوت فخر الذي ارتفع جعلها تحرك عينيها لتجده يصرخ بيهدين فتقول بتعب واضح لسلطان
" انظر لما يحدث، يا إلهي وفي النهاية تتهمها بكونها المريبة، اذهب وسيطر على ذلك المجنون وأمنحه قليلا من اعتراضك وانفعالاتك "
تحرك سلطان تجاه فخر يسحبه للخلف بعنف وهو يقول
" هل ستتعدى عليها أمامنا، ما بك هل فقدت عقلك "
قال له فخر
" هي من ستفقدني إياه وبأسرع وقت "
اقتربت فاطمة من يهدين التي وقفت خلفها وتمسكت بها تداري نفسها من العيون التي صوبت نحوها ليقول سلطان لفخر بغضب
" ماذا تقول، هل تهذي "
هز فخر رأسه بعنف وقال موجهًا حديثه ليهدين
" أنا لا أهذي، أنا أتحدث معها في أمر خاص يا سلطان، من فضلك لا تتدخل "
هز سلطان فخر بقوة وقال له
" أمر خاص بصوتك هذا وأسلوبك هذا، فخر أفق وانظر لما تفعله "
قال فخر بحدة
" يهدين دعينا نتحدث "
هزت يهدين رأسها برفض ولم تجبه فثارت ثائرته وقال
" لمَ لا …هل تجدين المتعة ناقصة إذا تبادلنا حوارا كما البشر، هل فكرة التعامل مع نتاج أفعالك مخيفة لهذا الحد "
لم تجبه بعكس سلطان الذي قال له حين لمح الشباب يقتربوا
" أنت تثير فضيحة للفتاة "
أغمض فخر عينيه وقال بإرهاق
" يهدين أنا فقط أريد التحدث معكِ"
حينها أتاه صوتها تقول
" طلبك هذا تأخر كثيرا، تأخر كما لم يتأخر جلدك وتنمرك وتجريحك لي، تأخر إلى حد أوجعني وجعلني أفقد الأمل فيك، فأنا للأسف كنت أملك أمل أنك …..
قطعت يهدين حديثها وهي تشعر أن زمام لسانها قد أفلت بالكثير ليقول فخر بحدة
" أني ماذا ؟؟؟
قالت فاطمة بحدة مماثلة
" هذا يكفي "
نظر فخر لسلطان كأنه يطلب منه مآزرته لكن سلطان دفعه بعيدا نحو الشباب الجالسين بصمت يتابعون ما يحدث، اقترب رائف يرمق المشهد بتسلية ليس وقتها مطلقا وهو يفكر أن النساء في قلب المصائب يحلو لهن الخصام، تمنى لو أنه يملك رقمها ليتواصل مع تلك التي تريده أن يهتم ويعلم ما لا يعلمه ليحدثها ويستفسر منها عن حل هذا اللغز، لتتوقف عيناه على كف يهدين التي تتمسك بذراع فاطمة، اقترب رائف أكثر وهذا البياض الصارخ يعيد إليه ذكريات ظن أنه قد نسيها، ذكريات تعد الأجمل في طفولته التعيسة، ذكريات تمثلت في طفلة في وقت ما وبكل براءة الطفل داخله ظنها عائلته التي سيبقى معها لنهاية العمر، لقد كان كفا مميز جدا، نسبة أن يكون بهذا العالم شبيه له ضئيلة جدًا، اقترب رائف أكثر بشكل لفت أنظار الجالسين وعلى رأسهم تولين يسأل بذهول
" من أنتِ "
كان سؤال غريب في موقف غريب التفت على إثره الأربعة أعناق وبقى رائف واقفًا ينتظر من يهدين ٱجابة لا يدرك أنها قد لا تأتي.
༺༻

انتهى الجزء الأول من الفصل العشرين
بعتذر عن التأخير
على وعد بفصل أقوى وأحداث أكثر الأسبوع القادم
شكرًا ليكم جميعًا لانتظاركم وتقديركم ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:37 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.