آخر 10 مشاركات
رواية ناسينها ... خلينا نساعدكم [ أستفساراتكم وطلباتكم ] (الكاتـب : × غرور × - )           »          همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          كُنّ ملاذي...! (92) للكاتبة: ميشيل ريد *كــــاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          زهرة .. في غابة الأرواح (3) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          ثمن الخطيئة (149) للكاتبة: Dani Collins *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          بين ذراعيك مملكتي - ج1 سلسلة رؤساء عاشقون - قلوب زائرة - للرائعة * salmanlina*كاملة * (الكاتـب : salmanlina - )           »          ترافيس وايلد (120) للكاتبة: Sandra Marton [ج3 من سلسلة الأخوة وايلد] *كاملة بالرابط* (الكاتـب : Andalus - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1264Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-06-23, 01:11 PM   #411

صل على النبي محمد
 
الصورة الرمزية صل على النبي محمد

? العضوٌ??? » 404607
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,174
?  نُقآطِيْ » صل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond repute
افتراضي


اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


صل على النبي محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-06-23, 05:43 AM   #412

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الثاني من الفصل الواحد والثلاثون

يا إمرأة أنهكني وصال قلبها
حتى مزق ما بين أضلعي …
إني أحبك من قبل أن أولد بعقل طفل لأسباب صراخه وبكائه المريرلا يعي
أحبك يا سيدتي من قبل أن نلتقي في
زحام الحياة فأسير خلف خطاك كتابع
أحبك من قبل أن يدرك البشر معنى
الجنون والنزق والهوس وكيف تبرر فورة المشاعر في أعماقنا كافة الدوافع
أحبك من قبل أن يفقد كل المنطق معناه
يا إمرأة لم ينج من التورط فيها مني موضع
أيتها البالغة المبالغة في الانطواء يحق لكِ من تملكي الجائر أن تثوري وتجزعي ….
يحق لكِ أن تبحثي في كل كتب التاريخ عن رجل يماثلني ثورة وهياجًا ولن تجدي لأني
قد حرقت في نوبات شوقي المميت كافة المراجع
يحق لكِ أن ترفضيني متى شئتِ وتلقين في وجهي كافة أسباب الفراق التي محال أن تصل مسامعي …..
ويحق لي يا إمرأة تنتفض غضبًا في أوردتي أن أفرض قوانيني التي تجسدني في عينيكِ كرجل
لكافة أنفاسكِ الهاربة والعائدة بقامع..
يحق لي حين تفرين من بين يدي لكي لا تراقصيني تحت ذرات المطر أن أجبركِ بكل
الطرق الغير مشروعة أن تعودي لي وترجعي
يحق لي حين أراكِ تبكين حصار مشاعري بقلب مستنزف أن أطويكِ في ذراعي طيًا ثم ألتقط بشفتاي كل ما تجودين به من أدمع
يا إمرأة تراني خطيئة سرمدية ألمت بعالمها الهادئ إني ألاف الشموس التي تشرق أينما
وليتِ وجهكِ وإنني ضوء الأعمدة في كل الشوارع
إنني نبراسك ووهجك وإشراقة الأمل في عينيكِ
أنا سيدتي وحدي من لكافة مفاهيم السعادة لديكِ بجامع
أنا المتيم في هواكِ صدقًا، أنا الرابض على الجمر عشقًا
أنا لست لكل ما بيننا بفارض أو متوهم أو مدعي.
فتقبلبني بصدر يسع كل جموحي دون أن تلوميني وتمنينني بهزيمتي حين تتمردين وعن ذاتك التي هي لي تدافعي..
ظلي هنا سيدتي فلا وطن سوف يسع شغبنا سوى جوانحي
التي ستبقين في عمقها نجمة عالية عن الهوى تنئين وتترفعي…
༺༻
الحب هو أرقى طرق الموت، هو الانتحار السلمي الذي لا نحمل فيه وز الخطيئة وهو المقصلة الحنونة التي تمنحنا رفاهية انقطاع أنفاسنا على مهل لنغادر الحياة بسكون بالغ لا يقارن بذلك الضجيج الذي أحدثناه حين أتينا إليها، الحب هو الصراع الحالم ما بين دفة الحلم ودفة الواقع داخلنا، هو الصراع الممتد منذ قديم الأزل في صدور بنات حواء، صراع لم تحسمه القرارات القاطعة ولا النزالات الحامية ولا الصمت الرهيب، الحب هو الرفعة الوهمية التي تجعلنا نطول عنان السماء ونحن داخل قبور مغلقة، وتجعلنا نحلق في الكون الفسيح بأزرع مقيدة، وتجعلنا نطفو فوق السحاب كما لو أننا فقاعات هواء مع أول غارة رياح ستعود مجبرة من حيث أتت، الحب هو أن تملك كل القوة لتفرق أضلعك لكي تسع شخصًا ما، وهو قمة الضعف الذي يصيبك حين تقرر إخراجه من داخلك، بل هو قمة الجنون الذي يجعل جميع البشر قابلين لتخطي المنطق ليظلوا واقفين تحت رايته …
كانت كيان تتقلب في سريرها بتعب تحاول استجلاب النوم لعينيها الذي لم يعد يزورها مطلقًا، بات ليلها البهيم سلسلة من الأرق المتواصل والفكر العاصف والاحتياج الجارف إلى وجود ذلك الذي باتت سطوته على جوارحها غير قابلة للتفسير أو السيطرة، أغمضت كيان عينيها تتخيله يجلس أمامها على ركبتيه ينظر لها نظرته النهمة بعيونه اللامعة وعلى فمه ابتسامة آثرة تمنحها السلام وما بعده،
بينما ذراعيه تدعونها لتقترب بلهفة مليئة بعدم الصبر، فتحت كيان عينيها تنظر إلى السقف للحظات قبل أن تقول
" مازلت أرفض أن أعترف أمام بشر سوى نفسي أن أحبالي الواهية معك كانت أقوى شيء أملكه بهذه الحياة، كانت هي أملي منقطع النظير "
رفعت كيان نفسها قليلًا تنظر للساعة المعلقة ثم قالت
" لماذا تتحرك تلك ال****ب ببطء، مؤكد مشغول بضيوف يهدين، بينما أنا لا أجد ما أنشغل به، لذلك لأنام بصمت "
حاولت كيان ارخاء أهدابها لتفتحهما بفزع حين تعالى طرق شديد على باب غرفتها تبعه دخول فيلدا تقول لها بالانجليزيه
" سيدتي نحتاج إليكِ بالأسفل " أسرعت كيان تفز مبتعدة عن السرير وهي تسألها
" ماذا يحدث"
قالت فيلدا بوجه بارحته الدماء فصار شاحبًا
" لقد وجدنا فتاة في حالة صعبة أمام بوابة الفيلا ولم نستطع التواصل معها لأنها عربية ونحتاج إليكِ لتتواصلي معها لأن السيد فياض ليس موجود "
هزت كيان رأسها بعدم فهم وقالت " ماذا تعني بحالة صعبة، هل تعرضت لحادث "
ملأت الدموع عيون فيلدا وقالت
" تبدو لي تعرضت لشيء أبشع " ظلت كيان تنظر لفيلدا باحثة في وجهها عن إجابة لتشهق بفزع وهي تركض نحو روب ثقيل ساتر لفته حول جسدها ثم وضعت على رأسها الحجاب وخرجت من الغرفة تركض وهي تقول لفيلدا
" أين رودين؟ "
وجدت كيان رودين تمسح نظارتها وعلى وجهها تبدو إمارات النعاس وهي تقول
" ما هذا الصراخ "
نزلت كيان السلم بسرعة ثم توقفت عاجزة عن تحديد اتجاهها لتقول لها فيلدا
" من هنا اتبعاني "
أسرعت كيان خلفها فيما تبعتهما رودين بوجل ليعبروا خارج الفيلا فوق ممر حجري آخره منزل صغير منعزل بداخله كان يقف ماثيو واثنان من العاملات بينما هناك فتاة ملقاة على الأريكة أمامهما تئن بألم بينما الدماء تغطي جانب وجهها وما بين ساقيها، ركضت كيان نحوها وجلست على ركبتيها أمامها ثم سألتها بفزع
" ماذا حدث لكِ"
أمسكت الفتاة فيها بكف مرتعش وقالت
" ساعديني أرجوك "
نظرت لها كيان مجددًا فيما تراجعت رودين بخوف للخلف فقالت كيان لماثيو
" لمَ لا يطلب أحدكم النجدة "
قالت الفتاة بصراخ ضعيف بعدما فهمت كلمت النجدة في حديثها
" أنا هنا بشكل غير شرعي أرجوكِ "
نظرت كيان لفيلدا وثارت تقول
" ماذا يعني هذا، هل أنتم موافقون على تركها في تلك الحالة علينا طلب المساعدة لننقذها "
قال ماثيو المتوتر
" السيد فياض من كان يتعامل مع تلك الحالات، ولا يمكننا التصرف دون العودة إليه، لكنه لا يجيب والآن أنتِ من يجب أن تتخذ القرار "
وقفت كيان وقالت
" أي قرار هذا، الفتاة تحتاج لعناية طبية عاجلة، الفتاة تنزف، وعلينا أن نبلغ الشرطة لكي يقتصوا ممن فعل بها ذلك "
قالت فيلدا
" سيدة حبيبة السيد فياض يساعد الفتيات العربيات الوالجات إلى هنا بشكل غير رسمي على الدوام، وحسب ظروفهن وأسبابهن يقرر إما منحهن وضع سليم وآمن داخل هذه الدولة من خلال علاقاته القوية ببعض المسؤولين أو أن يرحلهن ويعيدهن إلى أهاليهن فهو هنا يعتبر شيخ العرب صاحب الهيبة والكلمة المسموعة، اسمه يتردد بين العرب هنا والذين لا يعرفوه بشكل شخصي بكثرة لانه يعتبر حاميهم الذي يفتح لهم بابه دومًا، لذلك من السهل أن يصل أي شخص عربي لتلك البوابة في أي لحظة طالبًا المساعدة وهو موقن بأنه سيجدها فالسيد لم يرد سائل قط وقد خاض الكثير من المعارك مع رجال عصابات ورجال أعمال لكي يخلص بنات عربيات تم استغلالهن بالكثير من الطرق علمًا بأن الأغلبية بينهن تكون طريقة استغلالها جنسية لذلك هذا المنظر وأبشع منه تكرر كثيرًا أمامي لكن السيد فياض حينها كان موجود وتعامل مع الموقف بذكاء شديد وسرية لكنه حاليًا غير موجود وعليكِ تولي الأمر بدلًا عنه " تجمدت كيان وسيل الكلمات الذي ضربها للتو يطعن فيها كل حدب وصوب، أرتجف قلبها واختنقت بالبكاء حتى شعرت الرؤية أمامها غير واضحة لتغمض عينيها فتتساقط دموعها فيظن الواقفين أنها تبكي تأثرًا لحال الفتاة فقط ولا يدرون أنها من تتحدث عنه ذلك الرجل حامي الحمى، منقذ المضطهدات، منصف المعنفات، دفعها لتهرب منه لثلاثة عشر عاما لكي لا تكون واحدة منهن، لتكتشف اليوم أنه كان يوزع حمايته على نساء الكون مستثنيًا إياها، أخذت كيان نفس عميق وقالت
" على الأقل هل يمكنكم إحضار طبيب "
قال لها ماثيو
" صعب جدًا لأن الطبيب الخاص بنا لن يأتي إلا من استدعاء من السيد فياض شخصيًا، استدعاء ملون بالتهديد فهذه تعد مسؤولية كبيرة "
التفتت كيان للفتاة التي تئن وشعرت أن هناك بين ذرات دمائها أفخاج نارية كلما زاد النبض انفعالًا ذات انفجارًا وقالت
" أحضروا لي كافة الإسعافات الأولية المتاحة، سيد ماثيو إلى الخارج من فضلك، رودين ساعديني لنفحص الفتاة "
هزت رودين رأسها برفض وبكت قائلة
" لن أستطيع "
هدرت بها يهدين
" هل تسعين لتكوني طبيبة لكي تجلسي بجانب الحالات الحرجة تبكين على حالهم، أسرعي رودين يكفي الفتاة ما بها، تعاملي مع جسدها بعمليه لا تسمعي أنينها لا تنظري لوجهها فقط ساعدي قدر إستطاعتك "
هزت رودين رأسها بطاعة فالتفتت كيان للعاملتين وقالت بثبات أكد لكل من حولها للمرة الأولى أنها زوجة السيد فياض
" أريد شراشف نظيفة وكل المعقمات المتاحة لديكم بسرعة " ركضت العاملتان خارج المنزل فقالت كيان لفيلدا
" ساعديني لننزع عنها ملابسها " اقتربت فيلدا بسرعة من الفتاة التي كانت تئن باستنزاف وبدأت بمساعدة كيان في خلع ملابسها لتنتفض الفتاة بهلع لتطمئنها كيان قائلة
" لا تخافي، كل الخوف قد مضى وانتهى، أغمضي عينيكٌ ودعينا نساعدكٓ "
أغمضت الفتاة عينيها وهي تبكي بحرقة لا تدري أن تلك الصلبة التي تحدثها تدور بداخلها رحى الوجيعة على أشد سرعتها وهي تفكر أن كابوس الثلاثة عشر عامًا الماضية كان ملجأ كل البشر إلاها..
༺༻

حين تدخلين مداري أشعر بأن فضائي الواسع بدأت كواكبه بالارتطام ببعضها محدثة كارثة عظمى تسمى الحب …

༺༻

في نفس الوقت في المزرعة …

كانت كل المشاعر تتضارب وتفر في كل إتجاه بينما يهدين تقف أمام ليل الذي تجمد في مكانه يضم قبضتيه ويلجم غضبه الجم مما حدث وهو يغمض عينيه مداريًا بداخلهما نظرات من عنفها قد تقتل ليصل إلى أذنيه صوت شهقات حادة فزعة
أشعرته أنها تختنق تبعها صوت بكائها القوي وهي تتحدث بفزع قائلة
" أنا أسفة ..أسفة، لم أقصد أبدًا لكن ذراعي لم تتحملا أكثر "
فتح ليل عينيه بصدمة ينظر لانهيارها البالغ فلا يجد أمامه سوى فتاة ضعيفة هشة ترتجف بقوة محال أن تكون من رسم صورتها في عقله كثيرًا، لقد رسم لها صورة مغايرة تمامًا وهو يراها من خدعت أخيه ولعبت بعقله وجعلته كما الخاتم في إصبعها، صدمة ليل شلت لسانه وجعلته عاجز عن التعامل مع الموقف ليركض فخر نحو يهدين ويسحبها بعيد عن كاسات العصير التي كُسر أغلبها وهو يقول لها بلطف
" اهدأي، لم يحدث شيء اطمئني، خير هذا خير"
هزت يهدين رأسها برفض وبدأت تتدارى فيه من عيون الجالسين ورغم ذلك ظل حكم يراقب ما يحدث دون أن يهتز وكم كان ذلك صعبًا بل وشديد الصعوبة، قال فخر ليهدين وقلبه يرتجف في صدره متضامنًا مع شهقاتها الحادة " لا تفزعي، ليل مثل أخيك الكبير ومتفهم لخجلك ثم لو أن الخروج وسط هذا الجمع وتّركِ لمَ خرجت " قالت له يهدين وهي تلتصق به أكثر وأكثر ثم تكمش أظافر يديها في ذراعه الايمن
" لم أشأ أن أخذلك أمام أهلك الذين أحضرتهم من أجلي أو أن اكسر كلمة حكم الذي وعدته أن أتماسك وأن أكون بقدر قرار الارتباط بك " وضع فخر كفه اليسرى على كفها وقال لها بحنو
" لا تخافي "
انتفض فياض يقترب منه ويقول
" هي ليست خائفة، ثم ألا تظن التصاقك بها مبالغ فيه ألا ترانا " كأنما إرهاب فياض لفخر سرق يهدين من وعيها بكل ما حولها لوعيها بانتفاضة جسده الذي ابتعد عنها فورا فزغرت فياض وقالت له بدون صوت
" لا تخيفه "
ليقول فياض بحدة
" التصاقه بكِ يعد إهانة لنا "
ضحك رشيد بقوة وهو يقترب ليقف بجوار فياض ويهمس ليهدين مستفزا
" رجلك طري وخفيف "
حذرته يهدين بعينيها ليقترب منهم طايع ليقف بجوار رشيد ويقول ليهدين بلطف
" أحلى ما في الأوقات التي تبقى في الذاكرة للأبد هى تلك اللحظات التي لم تكن أبدًا في الحسبان، اهدأي هذه ذكراكِ الثمينة الأولى، اهدأي عزيزتي "
تنفست يهدين بعمق خاصة وقد صنعوا من حولها جدار عازل أشعرها بالارتياح لتشعر بذراع سراج تضمها بدعم وقد أحكم أربعتهم الدائرة حول فخر كأنهم يرهبوه بهيبتهم الذكورية ويهددوه بشكل غير معلن ليقول فياض بنظرات دموية مخيفة
" لا تنتهز يومًا فرصتك معنا بطريقة خاطئة فنحن بالصباح لا نفرش أسنانا إلا بعدما ننظف أسلحتنا "
ارتفع صوت ضحكة رشيد مجددا حينما اهتزت نظرات فخر وقال
" لقد تذكرت ذاك الرجل الذي مزقت له ذراعه حين ارتطم فيها دون قصد وهي ابنة الثالثة عشر "
قال له فياض
" لم يكن تمزق بل بتر كلي "
نظر لهم حكم نظرة تقول كفى ليسأل فخر يهدين برهبة وخفوت وغيره
"من يكون هذا الشخص الذي تلتصقين به، أظنني رأيته سابقًا " همّت بالرد ليسبقها سراج قائلًا بصوت مكتوم لا يستطيع إخراجه بقوة لكي لا يؤذي جرح عنقه
" أخوها بالرضاعة أي أني سأكون نسيبك إذا حدث نصيب "
وقف ليل بحدة وقد شعر أن أخاه تُقام عليه حفلة ترحيب وترهيب واضحة لتستدير فاطمة مسرعة لتستدعي أحد العاملين من أجل التنظيف لتتفاجأ بسمراء قد اقتربت حتى أصبحتا وجهًا لوجه فنظرت لها نظرات محايدة لتهز فاطمة رأسها لها في سلام مشدود وتتحرك نحو المطبخ بينما شيراز تقترب من جلسة الشباب لتقول
" عذرًا منكم جميعًا على ما حدث، العروس خجلى قليلًا، أنتم لديكم فتيات ما شاء الله تشرفت بمعرفتهم ومؤكد تدركون رهبة الموقف "
ثم ابتسمت برقى وقالت
" سيد ليل ما رأيك أن أرشدك لحمام الضيوف لتنظف نفسك، أتمنى منك أن تعتبر يهدين كأختك، مؤكد أن يوم تقدمت لخطبة السيدة سمراء حدث شيء ما، هذه العادة، المفاجئات لا تحدث إلا في الأوقات الجادة الحاسمة "
قال أسد لها وقد بدى مستمتعا بما يدور أمامه
" كدت أنا وهو أن نقتل بعضنا البعض، فزوجته كانت خطيبتي " زغر ليل أسد بعنف فابتسم أسد
باتساع وقال
" ماذا، أحاول تلطيف الأجواء "
ظل حكم صامتًا يراقب عيون رجال العزايزه التي شاهدت انتفاضة السباع لدموع ابنتهم قبل أن يقول
" فياض اجلس "
نظر له فياض بحنق كأنه لم يكتف بعد ورغم ذلك عاد إلى مكانه فتبعه رشيد وطايع ليلم سراج يهدين في ذراعه ويجلسها جواره تتدارى في ضخامته عن عيون الجميع فتنظر سمراء لشيراز وتقول
" الأمر لا يستدعي مناديل مبللة فقط ستفي بالغرض "
قالت لها شيراز
" بالطبع "
ثم تحركت لتحضر طلبها وكل خطوة تتمايلها في ذلك الكعب الرفيع تطعن قلب حكم الذي كان متيمًا يغاااار …….
༺༻
بعد دقائق ……

كانت يهدين تجلس بجوار سراج محاولة بأقصى ما تستطيع السيطرة على رجفة جسدها وانتفاضة نبضها لكن الأمر كان يزداد كأنما بداخلها فوران يتفاقم دون توقف، كانت أعماقها غارقة في لجة سيل جارف من المشاعر المتضاربة ما بين سعادة وامتنان ووجل، كانت شديدة الفخر بكل الدعم الذي يحاوطها الجميع به، شديدة الفخر بالرجل الذي اختارته بنفسها ولنفسها، كانت شديدة الفخر بأنها تحارب قدر استطاعتها لأجل حبها التفتت يهدين تنظر لحكم الذي قال بقوة قاطعًا الصمت
" كما ترى سيد ليل، هذه أقل مشكلة قد يقابلها ابنكم مع ابنتي، ابنتي تعاني رهاب من التجمعات والدماء ونمط حياتها غير يسير ولا يمكنها تغييره، إهتمامتها غريبة ومخاوفها كثيرة وأسباب سعادتها صعبة التحقيق ولديها الكثير من الذكريات الغير سعيدة والتي مؤكد ستنعكس على حاضرها، قد ترفض أحيانًا أشياء دون سبب و تتعلق بأشياء أخرى دون سبب، قد تتحمل مسؤولية أشخاص دون سبب وتتجنب أشخاص آخرين دون سبب، قد يبدو المنطق بأكمله في عينيها محض عبث وقد تبدو قمة العبث في عينيها قمة المنطق الذي ستسعى إليه، إنها بحاجة للحماية والتفهم والاحتواء والتمعن في كل ما يصدر عنها، أنا ابنتي ليست تلك العروس التي تتخيلها لأخيك هي لا تفعل الأمور التقليدية لا تطبخ لا تنظف لا تعرف كيف يكون الاهتمام الغير متبادل لذلك أنا لن أقول لك ابنتي عروس مثالية لأنها ليست كذلك بل سأقول إنها عروس فريدة وأريد أن أسمع عهدًا منك قبل أخيك أنكم كأسرة ستتفهمون طبيعتها بل وستدعمونها على الدوام وإن كان ذلك صعبًا عليكم فابنتي لدي وابنكم لديكم وقد تشرفت بزيارتكم "
عمّ الصمت فنظر ليل لبشر كأنه يطالبه أن يتدخل ليقول بشر
" هل كلمتي لم تكفك سيد حكم " قال له حكم بهيبته الطاغية
" كلمتك كلمة رجل لا اعتراض لديه على ما يدور سيد بشر، لكن عيون ابن عمك بداخلها رفض لا أرضاه لابنتي "
صمت ليل لوهلة ثم نظر لفخر الذي يناظره بعيون مترجية ثم حادت عيناه لجسد يهدين المتوارى في جسد سراج ليتفاجأ أنها مازالت ترتجف فيعود لحكم بعينيه ويقول
" " لك كلمتي أن أعتبرها أول بناتي وأحميها وأحبها كما أحمي وأحب أخي الذي لا طلب ولا مطلب لي منها سوى ألا تؤذيه يومًا "
ربتت سمراء التي كانت مازالت تقف بجواره على كتفه بفخر بالغ لتدمع أعين شيراز التي تراقب ما يفعله حكم وفياض وسراج ورشيد وطايع لأجل يهدين وقد ازداد شعورها بالنقص لتتوجه الأنظار تجاه يهدين ينتظرون ردها على مطلب ليل لكنها ظلت صامتة تكاد تفقد وعيها من فرط السعادة والتوتر فمال رشيد يهمس لها
" تكلمي وأريحي ذلك الانتهازي الذي من شدة ما يريد الوصول إليكِ يكاد يجلس على ساقي "
قال ليل الذي نغز فخر ليتماسك ويتحكم في حالة الوله المفضوح الذي يجتاحه
" ألاحظ ذلك "
تصاعدت الدماء الساخنة إلى وجهها ذي البياض الثلجي فشعرت كما لو أن هناك صولجانات سحرية قد اتشتعلت بأعماقها وقالت بصوت مقر …مرتجف …متأثر
" أعدك أن أكمل معه مسيري ومسيرتي لأكن يدًا يمسكها ليجتاز المحن، وكتفًا يستند عليه لكي لا تسقطه النوائب، وقلبًا إذا اشتدت ريح الحياة يكن هو ملجأه، أعدك ألا أؤذيه أو أن أسمح لأحد أن يفعل ما حييت "
عمّ الصمت ليرفع حكم عينيه نحو شيراز التي كان يموت كمدًا من كونها تصعب عليه خطاه نحوها ليجدها تمسح دموعها متأثرة بما قالته يهدين ليقول ليل ليهدين
" وعدك هذا يجعل رأسي جاهزا لحملك إن لم تسعك الدنيا "
فز فخر متجهًا نحو أخيه يقبل رأسه ليربت ليل على صدره بحنان فيقول رائف
" سيد حكم إننا ننتظر منك أن تعلن موافقتك "
بدا حكم غارقًا في التفكير فقال عاصي
" صدقني سيد حكم لست أول من يخاف على ابنته، بالأمس فقط ذكرتني زوجتي أني تلقيت رصاصة لأجلها وتم الأمر بيننا بحمد الله لذلك دعنا لا نماطل الفرحة كثيرا "
قال نزار بابتسامة
" رجال العزايزه في زيجاتهم لابد من بعض الإثارة والتشويق "
نظر حكم ليهدين التي كانت لا يظهر له منها سوى عينيها التي ترمقه بها بترقب، وظل صامتًا حتى ابتزها صمته ودفعها لتخرج وجهها بأكمله فيملأ عينيه منها ويقول
"موافق و….
لم يكمل حكم حديثه حين قاطعته سمراء وهي تزغرد بسعادة غامرة، كأنما قلبها يتراقص فرحًا يصدرها، كان تعلقها بفخر عجيب وسعادتها لأجله لا توصف ثم قالت له
" ألم أخبرك …أنهم سيوافقون، هيا أحضر الهدايا لخطيبتك من السيارة "
ركض فخر مسرعًا إلى الخارج فتبعته أسمهان وتبارك لتساعداه في نقل الهدايا لينظر لهم فياض بإذراء واضح ومال على رشيد يقول له
" لقد تركوا الهدايا بالسيارة لكي لا يخسروها في حال رفضنا "
ضحك رشيد بينما رفع ليل عينيه لسمراء بعدم رضى واضح لإقتحامها البين لجلسة الرجال، وزغرها بعينيه متوعدًا لكنها تجاهلته وهي تقول
" لنركز في أمر الاتفاق "
عاد ليل ليسلم دفة الحديث لبشر بعينيه ليقول بشر
" دعنا نعرف طلباتك يا سيد حكم لكي نقرأ الفاتحة وقد اتفقنا على كل شيء"
رفع حكم ذقنه ببرود وقال
" طلباتي انتهت، كل الشكليات التي تريدون التحدث فيها هي لكم تصرفوا فيها بما يناسب قدركم " بدت كلمة حكم سلاح ذو حدين فإما أنها منتقصة من قدرهم جدا أو مبالغة في أمرهم جدا ليقول رائف " بما أن يهدين ستكون واحدة من بنات العزايزه فلها ما لهم كما قال بشر تأكد من ذلك سيد حكم"
عمّ الصمت للحظة قبل أن يقول حكم
" وأمر آخر …
توجهت عيونهم جميعًا إليه وتحفزت أجسادهم التي ارتخت قبل لحظات فقط ليقول حكم
" لا خطبة، حددوا موعد الزفاف بما يناسبكم وأنا سأجهز المزرعة هنا للاحتفال فيهدين لن تحب أن يكون الأمر ضخمًا "
قال ليل معترضًا
" لكن كم مرة سأفرح بأخي، لمَ لا تتركني لأعد لهما زفافًا ضخمًا منظمًا "
قال فخر الذي اقترب منهم يحمل باقة ورد ضخمة وعلبة صغيرة مخملية
" كنت أتمنى لكن يهدين لن تستطيع التأقلم مع هذه الأجواء يا أخي وأنا سأكون سعيد بما يسعدها "
تدارك بشر الموقف وقال
" نحن لدينا مؤتمر بالمدينة الساحلية سيستمر لأيام وبعدها سنقيم زفاف عائلي صغير لرائف وعروسه، إذا كنتم لا تريدون زفاف يتطلب وقت وتحضيرات، ما رأيكم أن نجعل الفرح فرحين، منزل منذر بمكان هاديء وشاطيء خاص سيضمن لنا الخصوصية والأجواء المميزه "
قفزت أصالة واقفة بغضب رغم أن جلسة الرجال كانت بعيدة عن جلستها مع الفتيات قليلًا لتلمحها عين رائف فورًا ويقف بتوتر تحسبًا لأي فعل غير محسوب منها بينما تجمد فخر مبهوتًا ليسأل حكم
" وهذا سيكون متى بالضبط " أجابه بشر
" بعد عشرة أيام"
رفع حكم حاجبه بذهول وقال برفض
" هذه تعد عجلة لا أحبذها "
للتدخل سمراء قائلة
" سيد حكم العجلة هي لمن يحتاجون الوقت ونحن لا نحتاج إليه في شيء، فخر ويهدين ويعرفان بعضهما البعض منذ مدة بالفعل، منزل فخر وجاهز لتغير به يهدين ما شاءت هناك شركة بأكملها ستكون تحت يديها، شبكة مهر فستان وغيره جميعها أشياء لن تستلزم منا سوى خروجة واحدة، ألق نظرة خلفي هؤلاء إخوته وقد تعثر بقيتهمن في الحضور أي أن أي شيء قد يخطر ببالك لن يأخذ منا سوى يوم وليس عشرة لذلك من فضلك لا تماطل ففخر يكاد قلبه يقف "
كان فخر من شدة الفرحة سيبكي ليضم ليل قبضته بغضب ويقول
" السيدة سمراء العزايزي زوجتي ويمكنك أن تعتبرها أخت فخر الكبيرة "
قال حكم بلباقة
" تشرفنا سيدتي "
ثم حاد ليهدين بعينيه ليجدها تبكي من الفرحة لينتفض منذر الذي كان يجلس وسط هذا الجمع شارد وأسد يقول
" لنقرأ الفاتحة إذًا "..
༺༻

ثغرك قاني الحمرة هو كبوتي وأهدابكِ الناعسات هما هزيمتي المعلنة…
༺༻

كانت دقيقة من السكينة الكاملة والسعادة المطلقة التي طالت الجميع خاصة فخر الذي تحرك حتى وقف أمام يهدين وانحنى يضع باقة الورد على ساقيها ثم فتح العلبة المخملية
ليظهر خاتم من الذهب الابيض الرقيق يعلوه حجر ألماسي
صغير، فتمسكت يهدين بسراج أكثر ليناديها فخر قائلا
" يهدين …هذا الخاتم من اختيار سمراء ألن تدعيني أضعه بإصبعك "
توارت يهدين عنه بخجل أكبرفقال لها
" سمراء والفتيات كلهن حماس للتعرف عليكِ "
حركت يهدين رأسها نحوه وقالت
" أنا مازلت لم أستوعب أن زفافنا قد تحدد يا فخر، أنا سعيدة جدا ومتحمسة للتعرف على عائلتك لكن لا أريد أن يراني أحد بمظهري البشع هذا، خاصة عيناي وما يحدث لهما حين أبكي"
قال لها فخر
" لا تقولي لفظ بشعة هذا مجددا يهدين، فأنت أجمل فتاة رأتها عيناي، وصدقيني عائلتي بأكملها سعيدة لكونكِ ستصبحين فردًا منهم، فأنت ذاتِ قلب طيب ونقي سينبهر به الجميع، وإختلافكِ هذا أروع ما فيكي "
رفعت يهدين كفها المرتجف لفخر لكي يلبسها الخاتم فنظرت لهما سمراء بتأثر وسعادة وهي تمسك يد ليل بينما قال بشر
" منذر بما أن هاتين المناسبتين ستقامان بمنزلك أرى أن تعود اليوم إلى المدينة الساحلية أنت والطبيبة وخذا معكما بعض الفتيات ليرتبن للأمر فالعروستان أمامهما الكثير لفعله "
التفت منذر الشارد لبشر محاولًا إدراك فحوى حديثه ثم قال بترحاب " بالطبع يا بشر سأفعل، البيت كبير ويسع جميع الاحباب، والمكان مكانكم تصرفوا فيه كيفما شئتم، أدام الله علينا الافراح "
كانت عين رائف الذي يقف مشدود كما الوتر معلقة بعين أصالة التي تنظر له بغضب شديد اعتراضًا منها وغضبًا من كونهم جعلوا زفافها الخاص به مشترك وضيعوا كافة أحلامها التي تراودها منذ وضعت حلقته الذهبية في إصبعها، أشار رائف لها بحركة خفية من كفه لتهدأ ولا تتصرف بإندفاع فزمت أصالة شفتيها بغضب أكبر وأشاحت بوجهها عنه معلنة الخصام في التو واللحظة لتقع عيناها على بهية التي تجلس جوارها بسكون مهموم فتعود لتجلس وهي تربت على كتفها بمواساة فتغمض بهية عينيها التي تبكي وشعور الذنب يستبد بها ويزداد ……..
༺༻
تحركت فاطمة تحمل صينية من الشوكولاتة الفاخرة وتتقدم سيادة التي تحمل صينية وضع عليها صنف فريد من الحلوى الفرنسية وشيراز تحمل صينية القهوة وبعض العاملين الذين بدؤوا في ضيافة الموجودين، لم يكن مطالب من الثلاثة فعل ذلك في حضور العاملين لكنهم فعلوا ذلك تعبيرا عن سعادتهم بهذه المناسبة وأيضًا كنوع من الاحترام للحاضرين و الذين لا يعتمدون على العاملين في منازلهم بشكل كامل، بدت شيراز في تلك اللحظة أنثى ملكية تتباسط مع العوام، بدت شهاب حارق قرر أن يطفئ لهبه رأفتًا بمن في محيطه ظنًا منه أنه يحميهم ولا يدري أن وهجه فقط قد كوى قلوبهم كيًا، كانت سحر أسطورة إغريقية تتحدث عن الحب يعلن عن نفسه في جسد إمرأة فاتنة، كانت تسرق الأنظار والأضواء والانفاس وكان هو كل البشر في تلك اللحظة، كانت تدنو منه فيشعر كما لو أنها ترقص في قلبه دون توقف جاعلة نبضه يصبح مقسوم على وزن افعلي يا ليتها تفعل وتريحيه، وقفت شيراز أمامه كأنها في عمق صمت قاتل لا يبوح تطالبه بالتخلي عن خصامه ثم انخفضت قليلًا وقالت
" قهوتك "
نظر حكم لعينيها دون أن يقدم على رفع فنجانه فقالت له
" مبارك ليهدين يا حكم"
صمتت تقتل إرتعاشة حزن شديد في أعماق صدرها ليدرك هو من نظرة واحدة ما يعتريها ويقول
" عشرة أيام ويهدين سترحل وستتركني بين تلك الجدران وحدي شيراز "
توترت شيراز وأسبلت أهدابها هربًا من اختراق عينيه ليقول لها
" ما يدور بخلدك الآن مجرد قيود جديدة تفرضها ذاتك على ذاتك رغم أنكِ تسعين للحرية لا العكس شيراز، الأمر ليس بالصعوبة التي تحاولين رؤيتها قولي نعم واتركي الباقي لي "
ابتلعت شيراز غصة مريرة وقالت " وإن لم أستطع "
تجمدت نظرات حكم عليها لوهلة قبل أن يرفع فنجانه عائدًا
لصرامة خصامه وقال
" سترغميني حينها لأول مرة أن أسير على خطى هذا العالم وأنا الذي لم أفعلها معكِ قط، سترغميني أن أجبركِ على أن تظلي سيدة هذا البيت، كما يظنك جميع الموجودين، انظري حولكِ شيراز وستفهمين أن الكل يراكِ خاصتي، يراكٓ في عيني يراكِ سيدة هذا المكان وهذا القلب " شعرت شيراز كأنما نيزك ضخم سقط في صدرها مسببًا انفجار مدوي نفض جميع خلاياها نفضًا
لتعتدل شيراز بسرعة وتتحرك مبتعدة بل هاربة وفي عينيها مزيدا من الدموع..
༺༻
اقتربت فاطمة من سمراء تقدم لها الشيكولاته قائلة بلطف
" تفضلي "
وبداخلها ذبذبات عالية من التوتر والوجل من أن تعاملها بشكل غير لطيف لتتفاجأ بسمراء تبتسم لها وتقول
" سعيدة لرؤيتك فاطمة، لقد أخبرني ليل بكل شيء، وكم كبرت بنظري وازداد احترامي وتقديري لكِ، فليس كل البشر على استعداد للمساعدة والتضحية حتى لو وسمهم ذلك بخطأ لم يفعلوه "
تنفس فاطمة الصعداء وقالت
" الخبز والملح والدماء كانا يحتمان عليّ فعل ما فعلت " صمتت فاطمة للحظة ثم قالت والشوق يدفعها دفعًا لتستقطب أخباره من أفواه من حولها
" هل سارة وسلطان بخير بعد ما حدث، كما تعرفين أنا لم أتواصل معهما بعد "
قالت لها سمراء التي كانت عيناها تلمع ذكريات كثيرة تمر كما الشهب الخاطفة في أحداقها
" سارة لم ألتقيها منذ عدة أيام فهي منذ انتهاء تلك الأزمة وهي بالحارة لم تعد سوى الأمس ولم يسعني الوقت لمقابلتها فقد كنت مشغولة بإنتقاء هدايا يهدين عسى أن تنال إعجابها "
سألتها فاطمة باستغراب
" هل سارة معتادة للبقاء في الحارة كثيرا، منذ عرفتها وهي تبقي أغلب وقتها بالمجمع السكني " أجابتها سمراء
" نعم هي بالعادة لا تبقي هناك كثيرا لكن تحتم عليها ذلك لتبق بجوار سلطان فهو كان مريض على ما أظن وقد بقي بالمنزل لأيام حتى استطاع العودة إلى عمله واستطاعت هي العودة إلى المجمع السكني "
سقوط حر ألمّ بروح فاطمة التي تألمت بعنف لحاله وشردت تفكر في أنه مؤكد قد صب ويلات خيبته منها في صمت بداخله حتى اعتل جسده وأن وهمد، لسعت الدموع أعين فاطمة ليسرقها من شرودها صوت سمراء التي تقول
" انظري ليهدين تبدو أهدأ " التفتت فاطمة تنظر ليهدين التي كانت تتحدث مع فخر الذي أفسح له رشيد المجال ليجاورها وعلى وجهها ابتسامة ذهول
فتبتسم بتأثر لحال صديقتها التي يبدو أن قرب فخر منها خدر كافة جوارحها ……..
༺༻

تحركت ملكوت من وقفتها البعيدة المنزوية بعدما اطمأنت أن الأجواء المشحونة قد هدأت والوجوه المشدودة قد ارتخت وارتسم على وجوه الجميع ابتسامة عفوية وسعيدة ورفعت ألة التصوير الخاصة بها تنظر من عدستها للمشهد أمامها بنظرة أخرى، نظرة تقدر عفوية الانفعالات التي تكشف جمال البشر الخفي، حكم وهيبته الفطرية وجلسته المتسيدة، رشيد وارتفاع رأسه بضحكة قوية صداها يسمع من خلال الصورة
فياض وملامحه التي تجهمت لتعطيه طابع إجرامي قبل أن يقف مسرعًا يغادر المكان حتى أنه كاد أن يرتطم بها ثم جلسة سراج المائلة وشرود عيناها الذي سرق نظرها وجعلها تلتقط لها عشرات الصور قبل أن تتحرك عدستها نحو أسد لتضيق عينيها قليلا ثم تخفض ألة التصوير وتقول بلطف
" أنت ذاك العريس الذي قابلته وعروسه الجميلة بالمطار، أليس كذلك، أنا محال أن أنسى وجه رأيته من خلال ألة التصوير خاصتي "
بدى على أسد كأنه لم يستعب ما تقوله لوهلة قبل أن تشرق ملامحه ويقول وهو يقف
" صدفة رائعة أيتها المصورة ستسعد زوجتي بلقائك جدا، انتظرتك أن ترسلي صورنا كثيرا لكنك لم تفعلي "
نظرت له ملكوت بحرج وقالت
" أسفة فقدت هاتفي ذاك اليوم فلم أستطيع التواصل معها "
قال أسد وهو يتحرك بحماس
" لا عليكِ، إنها تجلس مع الفتيات، دعيني أذكرها بكِ "
تحركت ملكوت خلف أسد ليرفع سراج عينيه نحوها فتبتسم له بلطف وهي تمر من أمامه أما هو فبقيت ملامحه على جمودها كل ما التف فيه هو عنقه الذي تبعها نحو جلسة الفتيات …….
༺༻

كانت عزيزة تأكل من الحلو الفرنسي بنهم وتسأل شيراز التي تنظر لها بعيون متأثرة بمنظرها الدافئ، بدت كأنها أم بالفطرة بعكسها هي التي لم تكن يوما ولن تكون
" ما هي مكونات هذا الحلو، أنه لذيذ وغريب، يبدو لي كما لو أنه سمك مبهر "
ضحكت شيراز وهي تقول لها
" سعيدة أنه أعجبكِ، جربي هذه القطعة وقولي لي رأيك "
قالت غفران التي تحمل طفلتها النائمة
" يكفي سيدة شيراز، هذه التخمة خطأ على طفليها "
قالت شيراز مبهوتة
" ما شاء الله، أتم الله حملها على خير "
ليرتفع صوت أسد يقول
" آمين …آمين "
نظرت له سمراء بعبوس وقالت
" لماذا تركت جلسة الرجال وأتيت لتجلس وسط النساء، نحن لم نخطفها ها هي تجلس بسلام منتفخة كما سلمتنا إياها "
قال لها أسد
" لن أرد عليكِ يا سمراء فأنا لاحظت نظرات ليل الغاضبة نحوكِ وأعلم أنكِ تمرين بوقت غير جيد في زواجكِ وهذا يجعلك ككل النساء تغارين من اهتمامي بالبطة " ضحكت الجالسات فقالت سمراء
" من التي تغار، أنت تحلم وتتوهم وهذا الهذيان سببه دورانك الكثير حول زوجتك والذي جعلك غير متوازن "
تجاهلها أسد وهو يجذب منديل مبلل من الكيس الخاص به الموضوع على المنضدة التي تتوسط الفتيات ومسح لعزيزة التي رفعت عينيها نحوه قائلة كأنما شهور الوحم لم تنته
" أريد من هذا الحلو يا أسد، السيدة شيراز تقول أنه فرنسي "
قال لها أسد
" سأحضر لكِ ما تريدين، انظري أولًا من وجدت هنا، أتذكريها " ضيقت عزيزة عينيها للحظة قبل أن تقول
" أعتقد أني رأيتها …نعم بالمطار يوم زفافنا أليس كذلك "
اتسعت ابتسامة ملكوت وقالت
" كيف حالك سيدتي "
وضع أسد يده على بطن عزيزة المرتفعة وقال
" ننتظر حفصة وبطة "
تبادلت شيراز النظرات المذهولة مع سيادة التي اقتربت منهم تحمل ماسة لتقول ملكوت
" لا أفهم "
قال أسد
" نحن ننتظر توأم "
أحمر وجه عزيزه بشدة وغصت فيما تأكل وهي تقول
" أسد لقد عرفت أن لم يفصح الطبيب عن نوع الأجنة من أين أتيت بتلك الأسماء ثم أنا لن أسمي ابنتي بطة، لن يحدث "
قال لها أسد وهو يرفعها لتقف
" منذ أحببتك وأنت كلما قلت لن يحدث يكن هو ما يحدث يا بطة، ما رأيك أن نأخذ صورة سعيدة " ابتسمت عزيزة بسعادة انتقلت عفويًا لوجه شيراز التي وجدت نفسها تستدير بشكل تلقائي تنظر لحكم الذي وجدته ينظر إليها فأشاحت بوجهها بسرعة ونبضها يتسارع كما لو أنها أمسكها بالجرم المشهود أما حكم فكان يشعر أن مجال رؤيته منحصرًا عليها تكاد عيناه لا تغفلها لثانية واحدة، يجلس على مقعدة وتجلس على مقعدها أمامه مصيبة إياه بتفكير عميق وشعور مبعثر وذبذبات حنين لا ينتهي ليشوش كل ذلك صوت بشر يقول
" لقد أوشكنا على أن نصبح عائلة سيد حكم وأظن أنك بت تعرفنا جيدا، وتدرك أن رحيل بيننا في أمان، هل لي أن أعتبر أمرها منتهي، أنت لن تنزع من الفتاة استقرارها وسعادتها بكونها تملك عائلة تحبها خاصه وقد أوضح لي رائف أن والد الفتاة مفقود "
نظر حكم لرائف للحظات بصمت قبل أن يقول
" دعني أفكر في هذا الأمر"
همّ بشر بالاعتراض ليشير له رائف بعينيه ألا يفعل فاعتدل بشر في جلسته يرخي ظهره للخلف وقلبه الواهن يزداد ألمًا على الحالة التي رأى فيها تولين اليوم، يعلم أنه يؤلمها بخصامه لكنه أيضًا يتألم ولا يعرف أين يجد لذلك الألم الخالص علاج ……
༺༻

حتى ألم المخاض العسير الذي لم أعرفه يومًا لا أظنه قد يعادل ذلك الألم الذي يملأني نحوك …..
༺༻

قبل دقائق بالخارج استند فياض على سيارة بشر كأن ما عاد لديه صبر قد يوصله إلى مكان قصي ليجيب على مكالمة كيان والتي اعتاد أن يهاتفها العديد من المرات كل يوم ليطمئن عليها ويتابع تأقلمها داخل منزله والذي لم يمنحه القدر فرصة ليشهده بنفسه، كان قلبه يتضخم بصدره وتتسارع أنفاسه حماسًا فهذه أول مكالمة يتلقاها منها منذ افترقا كأنها لم تتحمل أن ينشغل عنها، أجاب فياض على المكالمة المرئية بينهما بوجه مبتسم ماتت ابتسامته من قبل أن تولد حين رأها تجلس على سريره بوجه مرهق شاحب شعرها الناعم ملتصق بجبهتها المتعرقة وهناك قطرات من الدماء على ذقنها، منظرها لوحده كان كفيل بجعله عرضة لآلاف الخواطر المميتة، كان كفيل بفتح بويات جحيم في صدره ليصرخ بهلع
" كيان ماذا حدث لكِ، أتلك قطرات دماء "
نظرت له كيان بألم ثلاثة عشر عامًا كاملة، نظرت له نظرة أخذته من عمق الخوف عليها إلى عمق الخوف مما تخفيه، نظرة أعلمته أن هناك شيء كبير قد حدث ولا يدري أن داخل تلك النظرة مر كل شيء تباعا أمامها، مر العمر الذي ظلت تهرب فيه منه ومن جنونه وهي تجمد أحاسيسها ومشاعرها داخل صقيع الخوف الذي يقذفه في قلبها بنظرة عينيه ولا تدري أنه حامي الحمى لكل إمرأة تدخل في منزله وتطلب نجدته، حامي حمى الجميع إلاهي ، لماذا ؟؟؟؟
لو أن لديه تلك المساحة من التفاهم والاحتواء لماذا بخل عليها به، لو أن لديه تلك القدرة على بث الأمان والطمأنينة فأين كانت منها، قالت له كيان
" أتعلم أني بقيت لثلاثة عشر عامًا أعاني من نغزات مؤلمة بقلبي رغم كوني لا أعاني من شيء عضوي، كانت نغزات من الشوق والحنين والاحتياج إليك، بقيت لثلاثة عشر عامًا أغفي ليلا وأنا أتخيل نفسي بين ذراعيك وأنت لست بجواري، أتخيل نفسي أستطيع أن أحبك دون أن أخاف، كنت ألغي عقلي تمامًا لكي لا أتذكر أنك أطلقت النار عليّ وكدت أن تقتلني وأتخيل أني أستطيع التحدث معك وبداخلي ألتمس لك عذرًا جنونيًا عليّ أرتاح قليلًا "
قال فياض بصدمة
" كيان "
صرخت كيان تقول
" لأكتشف اليوم أنك أطلقت عليّ الرصاص وكنت تضمد جراح غيري، كنت على وشك قتلي بينما تحارب لنجاة غيري، لماذا فياض ؟؟؟ لماذا ….لماذا تمنح حنان قلبك لكل امرأة تسقط سهوا في دربك وتبخل عليّ بلمحة دفيء واحدة كانت لتوفر عليّ عذاب ثلاثة سنوات بالمصحة وسنة تائهة وتسعة سنوات أتسول الحب من قلوب لا تراني من شدة يأسي واحتياجي للحب الذي لم يتجسد لي في مطلق رجل سواك"
هدر بها فياض بجنون
" كيان ماذا حدث لكل هذا "
كانت كأنها لا تسمعه وهي تنتفض ببكاء وتقول
" تركتني لأعاني ليل نهار وأسأل نفسي سؤال وحيد، لمَ كتب عليّ أن أحب وأشتاق وأبكي وأتألم وأتعرض للقتل على يد أكثر رجل أحبه"
كان إعترافها بحبه لكل تلك السنوات وقعه مؤلمًا على نفسه كما لم يتوقع، فهو انتظر اعترافًا مخلوطًا بنظرات الشغف وهمسات القرب وليس ذاك الذي تملأه نظرات الخذلان وصراخها المتألم، حاول فياض أن يتمسك بآخر شعرة ثبات لديه وهو يقول لها
" اهدأي واشرحي لي ما حدث يا حبيبتي"
صرخت به كيان
" اصمت تماما لأني ما عدت حمل أوهام جديدة، هل أحببتني قط يا فياض، هل فعلتها لوهلة من الزمن لأن كل ما حولي يخبرني بعكس ذلك "
كانت شعرة ثباته كما العادة واهية فلم تحتمل قبل أن تنقطع كاشفة عن نوباته الانفجارية التي بلغت ذروتها فاستدار يركل باب سيارة بشر بفقدان تام للسيطرة وقد نفرت جميع أوداجه واحتدت كافة أنفاسه وقال
" هل تسأليني هذا السؤال وبيني وبينك كل تلك المسافات التي تشعرني بالعجز كيان "
صرخت به بقهر
" نعم أسألك لأني تعبت، ولم يعد لدي أي قدرة لأخوض مع ذاتي صراع جديد لأجلك، أولأقول لك ابتعد أو لأبتعد أنا وأنهي ما يدور بيننا، تعبت أن أرى الحقائق مجردة لأنها تفجع "
قال لها فياض الذي بدأ يضرب على مقدمة السيارة التي تشوه جانبها تمامًا "
أوقفي عقلك المجنون هذا قبل أن أفقد السيطرة على ذاتي أكثر كيان، أوقفيه وأخبريه أن جميع من ساعدتهم لجؤا إليّ والوحيدة التي لجأت لها بعمري أكمله رفضتني رفضًا قاطعًا مهينًا مؤلمًا، أوقفيه ولقنيه تلك الإجابة ولا شيء آخر، قولي له فياض كان يفعل كل ذلك ليحميني الله من شرور الحياة أينما وليت وجهي ولا يرد له آلام هؤلاء المستغيثات بكِ، وأني كنت أساعد كل واحدة منهن وأنا متزن واعي لما أفعل، لكني معكِ لم أكن كذلك أبدًا كيان …لم أكن "
ولماذا لم تكن هكذا معي وأنا أحق البشر بإتزانك وحمايتك واحتوائك، لماذا منحتني كل تلك الذكريات المخيفة لماذا آلمتني، لماذا أزهقت من عمري الكثير وأدخلتني في غمار العديد من التجارب المفزعة "
كانت كما لو أنها تهذي وعقلها يعيد حديثها مجددا ومجددا بشكل لا نهائي، كانت نيران صدرها بلغت أشدها ما بين غيرة قاتلة وحزن عميق وألم يتزايد، بكت كيان بحرقة فصرخ بها فياض
" توقفي عن البكاء، توقفي عن نهنهات صوتك القاتلة، فقط توقفي وأوقفي أفكارك لأنها حاليًا أصبحت عدوي فيكِ، فمحال أن تكوني بعد كل ذلك الصراع تفكرين برفضي مجددًا، هل هذا ما تفكرين به الآن "
لم تجبه بل تمادت في عويليها لتصب زيت المخاوف على نيران الغضب ليضرب فياض يده بقوة في زجاج النافذة القوي فيحيله في التو لشظايا منثورة بكل مكان حتى كفه الذي بدأ ينزف بغزارة، كان جنون فياض قد لفت أنظار القابعين بداخل المنزل والذين تجمعوا خلف النافذة الأمامية والتي تكشف المزرعة بشكل كامل متجمدين في حالة ذهول خاصة بشر، ليركض رشيد بكل ما أوتي من قوة رغم أن عظامه لم تتعاف بعد وتبعه سراج وطايع الذي كان يركض بعرج واضح ثم حكم الذي كان في قمة غضبه مما يراه ……
༺༻
خرج رشيد من باب المنزل مسرعًا بوجه ممتقع من شدة الألم
وتوجه صوب فياض يحاول السيطرة عليه وهو يقول
" فياض ماذا تفعل بربك، هل أنت واعي لكونك تخرج عن السيطرة مجددا "
قال له فياض بجنون
" أنت لم تسمع شيء مما قالته، أنها تحملني وز فراقنا لثلاثة عشر عامًا "
كان فياض يريد البكاء لكن هناك شيء يجعله لا يستطيع سوى أن يصرخ ويحطم كل شيء أمامه قال له رشيد
" اهدأ يا فياض كيان مؤكد موجوعة وربما تشعر بالغيرة لأنها لم تكن لثلاثة عشر عامًا بين ذراعيك وأمامك، هل تظن النساء يستطعن تخطي الألم والفراق بسهولة، هل تعتقد أنهن يبدأن السعادة من نقطة معينة تمحي كل ما قبلها، فقط اهدأ واحتويها وتخيل لو أن مئات الرجال يحظون بإهتمامها لسنوات طويلة بينما أنت بعيد تتألم ماذا كنت لتشعر " توسعت أعين فياض وكأنه على وشك قتله فقال له رشيد
" هي هكذا تشعر بالضبط، دعني أبعدك عن هنا فقد دمرت جانب سيارة الضيوف وجرحت نفسك " تحرك فياض بخطوات عنيفة بجوار رشيد نحو مكان قصي بالمزرعة ليرفع الهاتف وينظر إلى كيان التي ظلت تنظر لوجهه للحظات قبل أن تغلق المكالمة على قلبه وعقله كان في حالة يرثى لها قال رشيد لفياض
" ابق هنا حتى أحضر شيء لأضمد جرحك "
جلس فياض وحيدًا يتنفس بانفعال شديد ثم أغمض عينيه ورفع الهاتف قريبًا من فمه ليسجل لها رسالة صوتية قائلا
" أتعرفين كم انتظرتك، كم فتاة حين وقفت على باب رأيتها أنتِ، كم رجلًا ضربته لأفرغ فيه قهري من فراقنا، وكم جرحًا بجسدي فتح في نوبة غضبي التي كان تزورني حين يستبد بيا الشوق إليكِ كيان، أتعرفين كم قيدت رجولتي ورهنتها بكِ، كم أغلقت عيني وجلدت جسدي إذا تاقا للنساء لأن لا واحدة منهم أنتِ، كم أردت أن أعرف كيف يكون البكاء عَليّ أرتاح مثل البشر، وكم حاولت قتل ذلك الوحش بداخلي والذي لا يروضه سواكِ وعجزت، إن كان حزنك غيرة فأنتِ بعيني كل النساء ولا يوجد ما قد تغاري منه وإن كان لومًا كيان فبربك كفاكي لومًا في لأني تعبت …تعبت وبت أشعر أني مهدد بفقدكِ أكثر حتى وأنتٓ حليلتي، تعبت حتى باتت ارض الله الواسعه ضيقة في عيني "
أرسل فياض الرسالة وأغمض عينيه مريحًا رأسه للخلف لتفتح كيان الرسالة وتسمعها وهي تضم نفسها وتهتز إلى الأمام والخلف وهي تبكي بقوة وقد أدركت للمرة الأولى في حياتها كم أن غيرتها عليه ستكون جنونية قاتلة …..
༺༻

وسيظل الحب تلك المباغتة القدرية التي لا تمنحنا فرصة واحدة للنجاة من الانجراف فيها …….

༺༻

بعد قليل……

كان منذر يقود سيارته عائدا نحو المجمع السكني بصمت يجعل بهية ترمقه ما بين لحظة وأخرى بتوتر بالغ، كانت شفتاها تنفرجين كأنها على وشك التحدث وقول شيء ما لكنها تتراجع قبل أن تنطق وتغلق شفاهها قسرًا كأنها لا تعرف من أين قد تبدأ حديثها، كانت كأنها غارقة في حديث نفس محتد يجعلها تهز رأسها بحيرة وعجز أنهاهما منذر وهو يقول لها
" إن كنتِ تريدين قول شيء ما فقوليه ليس عليكِ الصمت مطلقًا أمامي بهية، فأنا سأسمعك وسأتناقش معكِ فيما تريديه، الصمت لن يفيدنا أليس كذلك"
كان هذا درس الحياة الأول له والموقف الذي هو فيه الآن وعلى وشك التعامل معه كان هو التطبيق العملي الأول، كان منذر يدرك هذا جيدا لتهز بهية رأسها بطاعة وتقول " نادية، أنا أشعر بالذنب الشديد تجاهها، أنا لن أستطيع إعادتها لذلك الجحيم، يا إلهي كيف نسيتها، كيف طاوعني قلبي ألا ألتفت لها، كم أنا أنانية يا منذر …كم أنا أنانية "
قال لها منذر
" أنتِ لست أنانية يا بهية أنتِ محض بشر تعرض للضغط الشديد ومن البديهي أن يسع إلى نجاته بكل الطرق، وكما تعرفين طريق السعي مرهق لدرجة تجعلنا نسقط الكثير من الأشياء سهوا فننساها أو نتناسها حتى لا تثقلنا الذكرى وتدفعنا للعودة والبحث عنها "
قالت بهية
" لا مبرر لما فعلته، لا مبرر لقسوة قلبي، أنا كنت أستحق كل ما حدث لي، كيف من الممكن أن يمنحني الله طفلا وقد تخليت عن طفلة ضعيفة مثلها "
انهارت بهية تبكي فأوقف منذر سيارته على جانب الطريق وقال لها
" بهية أنتِ مؤمنة وهذا أكثر ما أحبه فيكي فلا تفكري بتلك الطريقة، أنتِ في وقت ما كان تمسككِ بتلك الفتاة يعني أن تظلي عالقة في ذلك الجحيم للأبد "
هزت بهية رأسها موافقة وقالت
" ما كنت لأجرؤ أن أطالب بها أو أن أقف في وجه يوسف فوالدي وإخوتي كانوا ليقتلوني إن فعلت " قال منذر بإنفعال
" أنا من سيقتل كل من يتجرأ على الاقتراب منكِ بهية، قولي لي ماذا يرضيكِ ويريح قلبكِ من ذنب تلك الفتاة وسأفعله "
قالت بهية برجاء بالغ
" دعها جواري منذر وأعدك ألا تشعر بوجودها فهي فتاة هادئة ومطيعة ولن يصدر عنها أي شيء يضايقك "
بهت منذر وقال
" أتركها بجوارك كيف، بهية الشيخ عبد الرحمن إذا علم أننا أخرجنا الفتاة من أرض العزايزه ستكون العواقب وخيمة "
قالت بهية ببكاء
" لنربيها منذر ونكسب بها ثواب، لنجعلها عملًا صالحًا يقربنا من الجنة، أرجوك يا منذر دعها آمنة بيننا "
توسعت أعين منذر بهلع مما تقوله بهية يضعه وجهًا لوجه مع فشله الأكبر، تذكر منذر أسمهان التي تقاتله بضراوة وتمنعه من الدخول في حياة ابنه لأنه ليس قدوة صالحة أو أب يعتمد عليه وفكر في أنه محال أن يقدم لتلك الطفلة شيء، محال يكون ولي أمر صالح
فقال منذر
" بهية هل تفهمين حجم الأمر الذي تريديه، تربية طفلة وتحمل مسؤوليتها ليس بالأمر السهل هذا أمر أكبر منكِ ومني "
هزت بهية رأسها برفض وقالت
" لا يا منذر أنا واثقة من أنك تستطيع أن تمنح تلك الفتاة أعظم صورة عن الأب بل وتستطيع أن تعوضها عما رأته من تعذيب وذل، فتربية الأطفال لا تحتاج إلى شيء سوى الكثير من الحنان والحب والقليل من التقويم والشدة، وأنت يوجد بك كل مقومات الوالد الحنون المراعي بل والذي يدل دون حساب، أحيانا أشعر أنك لو كنت مستقر بمكان قريب من محسن لكانت علاقتكما سارت أقوى بكثير، الغياب يخلق الفجوة التي تجعلك تشعر على الدوام أنك لا تفهمه، الغياب يجعلك تعتاد رحيلك ويعتاد هو عدم وجودك، جرب فقط أن تبقى في محيطه دومًا ويصبح دورك كأب أمر يوميًا عليك ممارسته وستتفاجأ بالحد الذي ستصل إليه علاقتكما، فالولد يميل لوالده أكثر "
قال لها منذر
" حقًا "
التفتت إليه بهية بكامل جسدها وقالت
" بالطبع، ألا ترة كيف أصبح إخوتي نسخة من أبي رغم أني وددت لو وجدت من أجلك مثال أفضل لكن هؤلاء هم الرجال في محيطي، لا يشبهوك مطلقا "
ابتسم منذر بانتشاء ذكوري
لم يشعره سوى بجوارها ومسح دموعها فقالت له بهية
" منذر أنا حاليا أعتبرك الإنسان الوحيد الذي أستطيع اللجوء إليه، ليس لكونك زوجي فقط ولكن لأني أعلم أن قلبك مليء بالرحمة التي ستجعلك سندي وظهري لنهاية العمر "
قبل منذر كفها وقال
" هل بقاء الفتاة في كنفك سترضيك "
قالت بهية
" أملي فيك أكبر من ذلك بكثير، أنا أريدك أن تأخذ دور الاخ الكبير في حياة أصالة خاصة أمام رائف، أريدها أن تظل عزيزة في عينه فلا يستضعفها مطلقا لإدراكه أن والدها وإخوتها قد تخلوا عنها "
نظر لها منذر باستغراب فقالت له " هذا الكلام لن ينطبق عليك مطلقا لأني أعلم أنك أرجل من أن تفعل بي ذلك بل وأكثر إحتواء وتفهما مما حلمت يوما، لكني لا أعلم ما تخفيه نفوس البشر، وفي النهاية أنا أخت كبيرة وأريد لأصالة أن تظهر في موقف العزيزة دومًا ولك أن تتخيل موقف من يعزه الله بك، أنت شيء كبير منذر أكبر من أن أصفه بكلمات توفيه قدره، زوج رائع أخ رائع وأب رائع وعليك أن تكون واثقا من ذلك، أنا وأصالة ونادية، حاليا نحتاج إليك ولكن كل واحدة منا بشكل مختلف وأنت لها يا حبيبي، محال أن تخذلنا، أنا واثقة من ذلك "
تنفس منذر بعمق وكل شجار مع أسمهان، كل موقف الزمته فيه حدود لا ترقي لكونه أب، كل كلمة شعرها تنتقص قدره أمام طفله تبدلت بكلمات أخرى ومفاهيم أخرى جعلته يقول
" بهية أنا …..
ليقاطعه رنين هاتفه، أخرج منذر هاتفه من جيب سترته ليعود التوتر ليحتل ملامحه التي كانت قد هدأت للتو، نظر منذر لبهية ثم أخذ نفس عميق وأجاب قائلا
" السلام عليكم يا شيخ"
ليباغته عبد الرحمن صارخًا
" الفتاة التي أخرجتها من أرض العزايزة دون علمي أريدها أمامي حالًا ". ……..

༺༻
تبًا لكونك لا تتعبين من الركض بداخلي، لقد وهنت مسافاتي أسفل قدميك المصرتين على الانطلاق.
༺༻

أوقف رائف سيارته أمام منزل تولين بالمجمع السكني والتفت ينظر لأصالة التي أعلنت في وجه كل أساليب الخصام دفعة واحدة حتى جعلته أمامها عاجزا حائرا لا يعلم أين توجد الثغرة التي سيعبر منها إليها، ناداها رائف قائلا
" أصالة "
وهو يمد يده ليسحب كفها بلطف فالتفتت له بانفعال وسحبت كفها بقوة ثم زمت شفتيها أكثر وازدادت تجهما ليقول رائف بهدوء
" لماذا كل هذا الغضب "
توسعت أعين أصالة كأنما سألها سؤال جارح وقالت
" هل تسأل حقًا "
هز رائف رأسه وقد أدرك حجم المشكلة التي هو بصدد خوضها فقال
" يا أصالة أعلم أنكِ غاضبة لكن لو نظرتي معي للموقف ستدركين أنه ….
قاطعته تقول
" سأدرك أنهم تعدوا على حفل زفافي الهاديء دون العودة إليّ، أنهم قتلتوا حلمي الجميل للتو وأقحمتوا بداخله عروس أجنبية ستأتي الزفاف لتسرق الأضواء والعيون وستسرق فرحتي وهل توقف الأمر عند ذلك الحد لا بالطبع ستحضر إخوتها غريبي الأطوار وتدخلهم في حفلي الجميل، أرأيت ماذا فعل أخيها المجنون لقد دمر سيارة بشر بيده، بيد واحد ضرب السيارة فأصبحت لا تصلح للاستخدام الآدمي "
كتم رائف ابتسامته بصعوبة وقال " يا أصالة أنسيتِ أنني وأنتِ لا تلتفت لتلك الاشياء، وأن أهم شيء هو أن نصبح معًا "
قالت له أصالة بانفعال
" أظل فتاة أحلم بذلك اليوم ويظل زفافي ، لمَ لا يتركني أحد أفعل شيء واحد أحبه دون أن يبدل خططي ويضعني أمام الأمر الواقع، ثم لماذا أشعر أنك موافق، جلست صامت ولم تعترض لم تقول أحضروا صاحبة الشأن ربما لديها رأي مغاير، ما شاء الله أكان لديك علم، مؤكد لديك علم، حسبي الله ونعم الوكيل "
فتحت أصالة باب السيارة وهمّت بالترجل منها فأمسك رائف يدها فالتفتت تنظر له بعنف ليقول لها
" أنا سأدخل لأتحدث مع تولين بأمر، هلا أحضرتي لي فنجان من القهوة "
قالت أصالة بحدة
" ادخل لمفرطة الدلال وأخبرها أني أقول فيها وفي زوجها حسبي الله ونعم الوكيل، واجعلها تصنع لك واحدا "
مال رائف يقبل يدها ببطء دغدغ أنوثتها ولحم لسانها وتسارعت له أنفاسها وقال
" أريده من يدكِ أنتِ "
كسا الاحمرار وجنتيها فورا وهزت رأسها بطاعة وهي تحاول التمسك بالعبوس فبدت كطفلة تبحث داخل سجلات وعيها عن الانفعال المطلوب فلا تجده فغضبت أكثر وترجلت من السيارة تقول
" سأذهب لأطمئن على آدم أولا، أنها أول مرة أتركه بمفرده وانظر ما حدث لي، حسبي الله ونعم الوكيل "
انتظرها رائف لتبتعد ثم ضحك مليء قلبه قبل أن يترجل من السيارة ويتوجه نحو منزل تولين ويطرق الباب "..
༺༻
كانت تولين تجلس على الأريكة منذ رحيل بشر تضع كافة الخطط التي قد تمارسها عليه لتجبره عل البقاء بجوارها، فكرت أن تدعي التعب أو الانهيار، فكرت في أن تقف خلف الباب وتصرخ به أنه لن يغادر، فكرت في أن تغلق الباب بالمفتاح ثم تلقيه من النافذة، فكرت في أن تبكي مجددا وتعتذر مجددا ولكن كل هذا التفكير دفعها لتنهار بوهن شديد وتجلس كما الجثة الهامدة تنتظر عودته دون أن يكون بداخلها أي قوة لفعل أي شيء، قاطع سكونها طرق على الباب جعلها تتحرك بتعب شديد مستسلمة لما قرره هو فيما بينهما لتفتح الباب وهي تسبل أهدابها غير قادرة على النظر إليه ومواجهته لتسمع صوت رائف يقول
" كيف حالك تولين "
رفعت تولين عينيها المنتفخة إليه لتنظر لملامحه وتفعل ما تفعله منذ زمن، ترى فيه شخصًا آخر لتمتليء عيناها بالدموع وتفسح له المجال ليدخل فتقدم رائف إلى الداخل وقلبه يتلوى ألمًا لأجلها، عادت تولين لتجلس على نفس الأريكة فجلس رائف في مواجهتها وقال
" تولين ، هل أنتِ بخير"
أحنت تولين رأسها وقالت بصوت أجوف منكسر
" بخير "
قال رائف
" لا تبدين لي كذلك أبدا، هل مازال الوضع بينك وبين بشر متأزم "
قالت تولين
" لا كل شيء بخير "
قال لها رائف
" انظري إلى عيني تولين وأخبريني هل حالتك تلك سببها بشر، أنا سأتحدث معه و….
قاطعته تولين بسرعة قائلة
" رائف أرجوك لا تتدخل، فأنا أستحق ما يفعله بي، لكني لا أحتمل "
بكت تولين بقوة وهي تدفن وجهها في كفيها قربت رائف على ساقها وقال لها
" اهدأي يا تولين، انفعالك هذا قد يضر جنينك "
رفعت تولين وجهها ومسحت دموعها وهي تأخذ نفس عميق وتحاول أن تدعي الهدوء وقالت له " هل حددت موعد زفافك "
قال لها رائف
" إن شاء الله، سيكون حفل صغير بمنزل منذر بعد عشرة أيام، وانضم لنا فخر لأن عروسه لا تحب التجمعات، حفل صغير على البحر لا أكثر فهذا طلب أصالة "
هزت تولين رأسها بإدراك وقالت " مبارك لك، متى تنوي أن تأخذ أصالة لترى المنزل الخاص بك " قال لها رائف بحرج
" في الحقيقة أنا كنت أحتاج بعض الأموال من أجل مصاريف الزفاف "
قالت له تولين
" سأطلب من سمراء تولي نقل وإعادة كل أملاكك التي كتبتها بإسمي لك، يمكنك البدء بمباشرة المطاعم متى شئت فعصام لديه تقارير شاملة بكل شيء حدث في غيابك، الأرباح والخسائر وحتى التجديدات والتحديثات والمنزل مازالت السيدة نفيسة مقيمة به كما أمرتني يمكنك تفقده وقتما شئت و لو أنك قررت الاستقرار به يمكنني تولي تجديده لأجلك هدية مني لك والعروس "
همّ رائف بشكرها لتقتحم أصالة التي تحمل فنجان القهوة المكان وهي تقول
" من كتب أملاكه بإسمك "
وقف رائف يقول محذرًا
" أصالة "
ناولته أصالة فنجان القهوة بعنف جعل القطرات الساخنة تلسع كفيه وقالت له
" أملاكك باسمها، وهي ستمن عليك وتجدد المنزل هدية للعروس التي لا تعرف أن لديك منزل من الاساس، أتعرف سبحان من جعل بداخلي عدم قبول لها منذ رأيتها أول مرة، وعدم قبول لزوجها منذ اليوم، وأظن الدور بات عليك يا زوجي العزيز "
هدر رائف فيها
" أصالة اهدأي "
التفتت أصالة وقالت لتولين
" شكرا على هداياكي لكن هل لي أن أفهم لمَ قد يكتب زوجي أملاكه بإسمك، هل لي أن أفهم ما يدور بينكما تحديدا، مرة قد اختطفك ومرة قد تبنى معكِ فتاة ومرة قد كتب أملاكه بإسمك، ماذا يحدث بالضبط "
جذب رائف أصالة نحوه بعنف ملأ عينيها بالدموع وقال محذرا
" لقد تماديتِ أصالة "
حاولت أصالة أن تخلص نفسها من قبضته وقالت
" لم أسمع منك إجابة واحدة، تحذر وتنذر فقط، أتعلم شيء، خذ هذه " همّت أصالة بخلع حلقتها الذهبية ليهدر بها رائف
" إياك "
زمت أصالة شفتيها بحزن شديد ليقطع ما يحدث دخول تولين تتبعها رحيل التي توقفت بصدمة تقول
" أبي "..
༺༻

ولأن شوقي إليك بات ذنب لا يغفر، بدأت أكفر عنه مبتلعًا جمر الفراق بصمت ……
༺༻

في نفس الوقت داخل شركة الشحن كان سلطان يجلس خلف مكتبه يراجع بعض الأوراق بعين لا ترى ما أمامها وبعقل غائب يريدى أبسط المسائل كطلاسم يصعب عليه حلها، كان يشعر أنه ماعاد يعرف ذاته، كأنه فقد ركائزه في غمار شيء كبير جاء بلا موعد ورحل بلا ترتيب، شيء فات أوان مقاومته…فات أوان النجاة منه، شيء أسقطه من علياء السلام النفسي وأوصله إلى قاع الصراعات التي لا تنتهي
تنفس سلطان بانفعال بالغ ونزق شديد بات من طباعه المستحدثة لينفعل حين سمع طرق على الباب، رفع سلطان رأسه بحدة كأنما داخله مكتفي بضجيجه الخاص ليتفاجأ بأن الباب يفتح دون أن يسمح لمن خلفه بالدخول وقف سلطان متحفزا ليجد أيوب يلج إلى المكتب ويقول
" ما هذه الرسالة يا سلطان، لقد شعرت أني طفل صغير يوبخ، ماذا فعلت لكل ذلك يا رجل "
قال له سلطان
" أغلق الباب يا أيوب فلا أظنك تريد للأمر أن يكبر أكثر من هذا " قال أيوب
" أي أمر يا سلطان، صدقني أي كان الذي وصلك فهو ليس كامل " تحرك سلطان وتوجه نحو الباب ليغلقه ثم قال لأيوب
" أيوب أنت ابن أصول، وأنا حقا أحترمك جدا لذلك سأعتبر أن الناقص الذي وصلني لم يحدث مطلقا، وسأسألك بشكل مباشر عما تريده من ملاك "
نظر له أيوب بثقة ملفتة وقال
" ملاك فتاة محترمة وهادئة ومن أصل طيب وأنا أود أن أخذ خطوة جدية نحوها لكن أمر القضية وتفاصيل ما حدث بينها وبين ذلك الشاب يقفا عائقا في طريقي، فكل ما أعرفه حقائق مذبذة غير مريحة لذلك فكرت في ألا أدور وألف حول الأمر وأذهب لها بشكل مباشر لأطلب منها أن نجلس في مكان عام لنتحدث بإحترام فأفهم حقيقة ما حدث وتفهم هي نيتي نحوها لكنها رفضت فحاولت أن أوضح لها أن الأمر مهم لكن طريقتي أرهبتها وتصاعد الموقف "
تحرك سلطان ليجلس خلف مكتبه مجددا وهو يقول
" اجلس يا أيوب، واسمعني "
صمت سلطان للحظة ثم قال
" كل ما تقوله جيد لا خطأ به سوى أننا نشأنا داخل حارة الأمور بها لا تسير بتلك الطريقة، يحق لك أن تعرف كل شيء عن الفتاة خاصة لو كانت نيتك نحوها سليمة لكن ليس بهذه الطريقة "
قال أيوب
" يا سلطان، ماذا فعلت، لقد ذهبت للفتاة بوضح النهار وأمام منزلك، كنا نقف وسط البشر ونتحدث كما البشر لا شيء آخر "
قال له سلطان
" أمام منزلي يعني الشارع وبنات الأصول لا يتعرف الرجال عليهم في الشارع، ببساطة كان يمكنك أن تأتي وتسألني بشكل مباشر عما يدور برأسك وأنت تدرك أني كنت لأكون صريح معك ثم سنرى لو أن الفتاة لديها قبول نحوك فيمكنك زيارة منزلها علنًا زيارة تعارف حدث نصيب فالحمد لله وإن لم يحدث عوضك الله خير منها وعوضها خير منك "
سأله أيوب بإنفعال
" ولما لن يكون بداخلها نحوي قبول "
وقف أيوب وقال
" سلطان أنا أدري ما تحاول فعله وأقدره لكني أرفض أن تلوح بإمكانية رفضي في وجهي فأنا قد أبدو متفهم متزن لكن بداخلي رجل حامي الدماء لن يقبل بأن يرفض لا لشيء إلا لكوني أريدها فعلا، خذ لي موعد لزيارة تعارف وأعتذر أني لم أسير حسب الأصول لكن الخطأ مردود، وأنا لست رجل يستكبر أن يعتذر "
قال له سلطان
" أعلم أنك ونعم الرجال وما توبيخي لك إلا قرصة أذن لتفهم أن الأصول لا أفضل منها "
نظر له أيوب مبتسما ثم قال
" مقبولة منك لكني على عجلة من أمري، وسأنتظر منك رسالة طويلة كالتي أرسلتها تشرح لي فيها الأصول التي تريدني أن أسير عليها، أما الآن فسأرحل لأن لدي عمل، السلام عليكم "
وقف سلطان بإحترام وقال
" عليكم السلام "
ثم تحرك خارج مكتبه وفي رأسه تدور الدوائر اللامتناهية وهو يفكر أن هذا كان ليكون موعد خطبته هو، عند تلك الفكرة احتدت ملامح سلطان ليلمح عيسى يدخل من باب الشركة ويقترب نحوه، سأله سلطان " ماذا فعلت "
ليأتيه الرد شاطرا كما الحد البتار
" لم أستطع الوصول لأي شيء كأنما انشقت الأرض وابتلعتهم ".
༺༻

بعد عدة ساعات ……

كان الشيخ عبد الرحمن ينزل إلى السرداب الخاص بالمنزل الكبير والذي نقل إليه يوسف العزايزي في ظلمة الليل منذ أيام تحسبا لعدم حدوث أي خطأ في خطته التي أعدها لأجله، فتح الشيخ عبد الرحمن الباب الحديدي بنفسه لأنه لم يشأ أن يصطحب أي من رجاله لأنه يريد لما سيقال أن يبقى بين تلك الجدران حتى يموت، ووقف يتأمل جسد يوسف العزايزي القذر المنذوي بجوار الحائط وهو يقول
" سبحان المعز المذل "
انتفض يوسف المقيد إلى الأرض بقيود حديدية ينظر لعبد الرحمن بشراسة ويقول
" متى ستنتهي شماتتك يا شيخ، تأتيني لتقف وتتأملني كأنك تنتشي بإنكساري لكن لتعلم أنه عما قريب ستنقلب الأدوار "
تهديد يوسف لم يهز شعره برأس عبد الرحمن الذي قال
" فكرت كثيرًا في كيفية التخلص منك دون إثارة فضيحة للعائلة، فتسليمك للشرطة سيفتح عليّ أبواب لا يمكن غلقها، أبواب ستطيح بأبناء العزايزه والذين أغلبهم في مراكز حكومية مرموقة، وستدمر مستقبل الكثيرين تخيل مثلا أن يقدم جعفر ابني للكلية الحربية هذا العام فيرفض لأن العائلة بها مجرم، كأنك وباء مهما حاصرته سيطول أرضي لذلك قررت اقتلاعك "
نظر له يوسف باستخفاف وقال له " ماذا ستفعل، هل ستسجنني هنا للأبد أم ستقتلني وتدفن جسدي في مكان غير معلوم "
قال عبد الرحمن
" هذه حلول سهلة وأنا يجب أن يكون موقفي قوي وقانوني فالشيخ منير في اللحظة التي نتحدث بها الان يبلغ عن إختفائك وانقطاع كافة سبل التواصل معك من مدة تقدر بأيام وهذا ليس حديثنا فقط، بل حديث إخوتك اللاتي لا يستطعن الوصول إليك لطلب النجدة مما آلت إليه مصائرهن، وحديث رجالك وأولاد أعمامك، ببساطة أنت في نظرالجميع مختفي بدون سبب واضح ولهذا وجودك هنا لن ينفع فللحيطان آذان والسر الذي لا يكون بيني وبين نفسي قابل للفضيحة لذلك فكرت كثيرا وقررت أن ألقيك لتواجه مغبة أفعالك، أنا لا أعرف ماذا ينتظرك لكني واثق من أنك ستتمنى سجني هذا لأنه سيكون أهون بكثير "
قال له يوسف بصدمة
" ماذا تعني "
قال له عبد الرحمن
" زوج زوجتك التي تزوجتها وهي تحمل طفله يريدك ليصفي معك حساب لا علم لدي كم هو كبير، اذهب لتواجه ما جنته يداك إلى الجحيم كما آمل "
انحنى عبد الرحمن يلتقط لفة شريط لاصق واقترب من يوسف الذي توسعت عيناه بهلع وبدأ في الصراخ قائلًا
" سأقتلك يا عبد الرحمن، سأقتلكم جميعا "
لم يبال عبد الرحمن بهذره وهو يغلق فمه بالشريط اللاصق ثم يعصب عينيه بشيء ضخم طمس ملامحه ثم ينفض كفيه وهو يتحرك خارج ذلك المكان لينهي ما بدأه..

༺༻
خرج عبد الرحمن من السرداب ليجد أحد رجاله يقف ممسكا بعبائته وعصاه ويقول له
" لقد وصل الرجال الذين تنتظرهم يا شيخ "
أخذ عبد الرحمن العباءة ووضعها على أكتافه ثم أمسك بعصاه وقال لرجله
" حين أقول لك أحضر الأمانة تنزل أنت ومعك رجلين لتحضروا الرجل الذي بالاسفل أتسمعني "
قال الرجل بطاعة
" أمرك يا شيخ "
تحرك عبد الرحمن نحو مجلسه ووقف على الباب في إشارة واضحة منه أنه لا يريد لتلك الزيارة أن تطول، كان ينظر لسيارات رجال السيد خليل الصباحي والذين تكتموا تمامًا في الإعلان عن هوية سيدهم والذي هو زوج ابنة الصباحي وشريك والدها وهي تدخل من البوابة ليترجل من أحدها نفس الشخص الغير مريح بالمرة والذي جائه أول مرة يقول
" وصلنا في موعدنا يا شيخ، أليس كذلك"
قال عبد الرحمن بقوة
" الاتفاق إذا أخلف لن يكون رد فعلي متأنيا، لا أريد أن أسمع عنه يوما "
قال الواقف أمامه
" هل تلمح لقتله يا شيخ "
قال عبد الرحمن دون ذرة رحمة وهو يتذكر كيف كان يريد قتله وقتل ابنه وأخيه
" هذه أموركم، أنا لي الاتفاق فقط " التفت عبد الرحمن وقال لرجاله
" أحضروا الضيفة وطفلها "
تحرك رجال عبد الرحمن إلى داخل المنزل فيما بقي عبد الرحمن يقف على باب مجلسه بين بقية رجاله عينه بعين الواقف أمامه جسورة قوية لا تهتز، تتبارز النظرات في سجال دامي أوقفه حضور جيلان التي كانت تقاتل للخلاص من قبضة رجال الشيخ وهي تصرخ بهم قائلة
" إلى أين تأخذوني وطفلي "
لم بجبها أحد منهم فاستمرت في الصراخ قائلة
" اتركوني، أعطوني ابني وأنا سأرحل "
كانت قد أصبحت قريبة من المجلس ليقول الواقف
" رحلتك انتهت سيدة جيلان وآن أوان العودة "
تجمدت جيلان لوهلة قبل أن تصرخ وتقاتل بجنون وهي تقول
" لا .. لا أقبل أقدامكم لا تسلموني له "
كان قتالها مستميت لدرجة أن الرجال بدأن بفقد السيطرة عليها ليشر الواقف أمام الشيخ جعفر لرجاله ليأخذوها ثم يقترب من أحد الرجال والذي كان يحمل يوسف الصغير وقال
" أهذا الطفل "
لم يجبه عبد الرحمن كأنه يترفع عن تبادل الهرطقة معه ليقول الرجل وهو يحمله بنفسه
" سنرى كل شيء سيظهر، أين أمانتنا الأخرى يا شيخ "
عمّ الصمت للحظات ليقول عبد الرحمن لرجله
" أحضر الأمانة "
تحرك رجله مع اثنين تجاه السرداب وبسرعة البرق كان يوسف العزايزي يوضع في أحد السيارات ليشير الرجل لعبد الرحمن بتحية ردها عبد الرحمن نظرة نارية قبل أن يركب سيارته ويتحرك خارج البيت الكبير فتنفس عبد الرحمن الصعداء
الذي لم يدم طويلا وهو يرة سيارة منذر العزايزي تدخل من البوابة الكبيرة ثم تتوقف ويترجل منها منذر والطبيبة التي كانت تتمسك بالفتاة بينما الفتاة ملتصقة تتوارى بها..

༺༻

داخل المجلس كان عبد الرحمن يقف منفعلا أمام منذر وهو يقول
" كيف واتتك الجرأة لتخرج الفتاة من أرض العزايزه دون علمي، فيما كنت تفكر بالضبط "
انكمشت بهية تتمسك بمنذر بهلع ليقول منذر
" يا شيخ الفتاة وصلت لبابنا في حالة صعبة وكنا على وشك السفر، انظر لها، لقد تعرضت للتعذيب على يد هؤلاء المرضى أخوات يوسف العزايزي "
قال له عبد الرحمن بحدة
" كان يجب أن تعود إليّ، وأنا أقرر كيف سأتصرف بهذا الأمر، لا أن تخرجها من البلدة بأكملها وأنت تعلم أنها مادمت تحمل اسم العائلة هي وإخوتها يجب أن يبقوا في كنفي، وضع هذه الفتاة ليس كباقي أطفال العزايزة وأظنك تفهمني، بل إنها وإخوتها يعدون نقطة ضعف يجب أن أتداركها دومًا وأجعلها نصب عيني دائمًا "
قال له منذر
" يا شيخ إن كنت رأيت الفتاة حين وصلتنا كنت ستعلم أننا قدمنا من منظرها ولم نفكر بالمنطق، لذلك أنا أعتذر يا شيخ لكن يجب أن تتخذ موقف من هؤلاء النساء إنهن بلا قلب "
قال عبدالرحمن بحدة
" كنت أظن أن ما هن فيه كافيا ليتعظن لكن يبدوا أني كنت مخطئا، أنا سأتصرف وبالنسبة للفتاة سأولي أمرها للشيخة "
تمسكت نادية ببهية وبدأت ترتجف فهزت بهية منذر برجاء فنظر لها منذر قبل أن يلتفت للشيخ ويقول
" يا شيخ أنا والطبيبة لنا عندك طلب أقرب للرجاء "
نظر له عبد الرحمن بإهتمام بالغ فقال منذر
" دع الفتاة تعيش معنا يا شيخ، وأعدك أن نراعيها كما كانت ستفعل الشيخة وأكثر وسنهتم بكل ما يخصها فالطبيبة متعلقة بها جدا وأنا لا أريد أن أفرقهما عن بعضهما مجددا "
نظر لهما عبد الرحمن بصدمة ثم قال بعدم رضى
" تعيش معك بأي صفة "
أسرع منذر يقول
" بصفتي زوج والدتها وأعدك ألا يكون هناك مجال لأي شيء مما تخافه يا شيخ، فكل ما أسعى إليه هو إخماد شعور الذنب نحوها في صدر زوجتي ومساعدة الفتاة لأنها تستحق المساعدة "
كانت بهية تضع كفيها على أذني نادية التي تنتفض مع كل صوت حاد يصل إليها لكي لا تسمع شيء مما يدور ليقول له عبد الرحمن
" أتدرك حجم ما تطلبه "
قال منذر
" أعلم أنها مسؤولية لكني والطبيبة لها بإذن الله "
صمت عبد الرحمن للحظات قبل أن يقول
" فكر فيما ستفعله قبل أن تتورط أمامي به "
قال منذر
" لقد فكرنا بالفعل يا شيخ وصدقني لن يحدث إلا ما يرضيك "
نظر عبد الرحمن لحالة الفتاة البائسة وتوعد هؤلاء الظلمة بأشد العقاب ثم قال
" ستكون مسؤول أمامي عنها، ويلًا لك إن لم تكن بقدر المسؤولية أو لم تصن الأمانة "
ابتسم منذر كأنه حقق المستحيل وقال
" هذه المرة لن أخذل أحدا أبدا حتى نفسي يا شيخ "
ثم التفت لبهية التي كانت وفي تلك اللحظة وهي تقف في حماه تبدأ معه مسيرة العمر القادم……..
༺༻

بعد بعض الوقت كان الشيخ عبد الرحمن يطرق غرفة الشيخة نعمة ثم يلج إليها بخطوات هادئة ليجدها تجلس على السرير تمسك مسبحة والده بيد واليد الأخرى تمسك به المصحف الشريف الذي تضمه إلى صدرها وترتل منه بخفوت منعزلة عن كل ما حولها تكاد جلستها مع حروف القرآن أن تجعل محياها نور صافي تتوسطه لجتين زرقاوتين فجلس على ركبتيه بجوار سريرها ينعم بسلام الكون في جوارها قبل أن يهمس لها
" لقد نفذت وصية الشيخ جعفر يا شيخة، لقد عاد الغائب وأعطيته ما استطعت، عسى شيخنا أن يرتاح " رفعت نعمة عينيها لأعلى وتنفست بعمق شديد وشعور غريب بالراحة يجتاحها وعقلها يتذكر لحظة قتلها لذلك المشوه الذي أخبرها بخطفه لابن رأفت العزايزي والذي لم يستطع جعفر أن يصارح والده بأمر اختطافه ويحرق قلبه دون أن يجده ولم يستطع الوصول إليه أبدا وبقي كما الذنب معلق في عنقه حتى غادرت روحه لبارئها..

༺༻

أتعرف ماذا ينقص علاقتنا ؟؟ جنون المقايضة لأمنحك سيدي بعض مخاوفي نحوك وتمنحي أنت الكثير والكثير من منطقك الشرس الذي ما باتت عيناك ترى ما حولك دونه ……
༺༻

بعد أربعة أيام ……


كانت تولين تخرج من المنزل بعيون تظللها الهالات السوداء
وهي تسحب حقيبة سفر ضخمة وتنظر لتولين الصغيرة وتقول
" أخبري عمك منذر أني أخرجت الحقائب الخاصة بنا وأريد منه أن يضعها بالسيارة حتى أمر على خالتك سما، ثم مري على كنزي وسارة وملاك وأخبريهن أن يسرعن، ثم الحقي بي هناك "
قالت تولين لها
" ألن تخبريني عن سبب خصامك أنتِ وأبي "
قالت لها تولين بتعب
" لا لن أفعل هذه أمور كبار …كبار كم عمرك أنتِ"
قالت تولين
" أنا كبيرة أمي والدليل لائحة الطلبات التي أعطيتني إياها للتو " هزت تولين رأسها بيأس ثم نظرت إلى رحيل وقالت
" لمَ أنتِ عابسة هكذا، ما بكما أنتما الاثنين "
قالت رحيل
" أنا حزينة "
التفتت تولين لها بإهتمام وقالت
" ولمَ أنتِ حزينة "
قالت رحيل بتأثر
" تولين أخبرتني أنكِ دفعتي أبي بشر ليفر من المنزل بسبب قيئك المستمر ونكد مزاجكِ المتواصل " توسعت أعين تولين بصدمة والتفتت لتولين الصغيرة التي ركضت مبتعدة فقالت لها
" إلى أين ستذهبين مني، حسابك معي أيتها الناضجة ذو السبعة سنوات "
قالت تولين
" ثمانية "
توعدتها تولين بعينها ثم نظرت لرحيل وقالت
" أبوك بشر ينتظرنا بالمدينة الساحلية، تعبت أن أطلب منكِ ألا تصدقي كل ما تقوله تلك المتعبة، المهم الحقي بأختك ولا تسمحي لها أن توبخك لأنك أخبرتني بما قالته " هزت رحيل رأسها بطاعة وركضت تلحق تولين الصغيرة فتحركت تولين تجاه منزل طاهر بخطوات أمرأة حامل في شعرها التاسع لا الثالث وطرقت الباب، مرت لحظات قبل أن يفتح لها طاهر الباب بوجه متجهم امتلأ بالترحيب الذي لا تذكره أنه قابلها بسواه يومًا وهو يقول
" حور تفضلي، تفضلي، ظننتكم رحلتم "
ولجت تولين للمنزل وقالت
" الفتيات لم يجتمعن بعد، لذلك قررت أن آتي لسما لأفهم سبب رفضها السفر معنا "
نظر طاهر لتولين بإمتنان فحالة سما النفسية سيئة جدًا منذ غياب فرحة التي كانت لسنوات ونسها ومعينها وعينيها التي ترى بها ثم قال
" سما بغرفة المعيشة، تفضلي " تقدمت تولين لتتفاجأ بمنظر سما البائس والذي ذكرها بنفسها كل ليل، وكم كان صعبا أن تواجه صورتها المريرة والتي لا تنظر في المرآة كي لا تراها أبدا، اقتربت تولين وانحنت بمحبة تقبل رأس سما التي اعتدلت جالسة تمسح دموعها وتقول
" أهلا يا حور، لمَ تأخرتم هكذا، ألم تقولوا أنكم سترحلون باكرا " جلست تولين بجوارها وقالت "
الجميع يجهزوا بالفعل ففكرة سفرنا هذه لم تكن بالحسبان لكن هذا ما حدث، بشر طلب من منذر أن يأخذ معه من هو متفرغ منا ليبدأ ترتيبات الحفل ولم يكن ذلك بإمكان شخص سوانا وهنا أتحدث عني وعنكِ وعن الفتيات، فغفران وزوجها وتبارك وزوجها عادوا لأرض العزايزة وسيلحقون بنا قبل الزفاف بيوم، سمراء تقوم بدور أم العريس، وأسمهان لديها عمل أما عزيزة فأصالة لم تقبل بأن يشاركها أحد في اختيار ما يلزمها سواها وقد صدمني رفضك للسفر معنا "
قالت سما بصوت مختنق
" أنا كنت أتمنى طبعا السفر معكم لكني …
صمتت سما للحظة كأنها تصارع البكاء قبل أن تنفجر بإنهيار وهي تلقي بنفسها بين ذراعي تولين تحت نظرات طاهر الذي كان يعقد حاجبيه كأنه يتألم لألمها وتقول
" أنا فقط لا أريد أن أثقل عليكم بكوني أحتاج أحد إلى جواري دائمًا خاصة في الأماكن التي لا أعرفها، وجود فرحة كان ييسر كل شيء ويهونه كثيرًا لكنها رحلت الآن وعليّ تقبل ذلك ، لكن لماذا رحلت، ودون وداعي حتى، ماذا حدث لكل هذا"
تبادلت تولين مع طاهر النظرات قبل أن تقول
" سما اهدأي يا حبيبتي، ثم من قال أنكِ تثقلين علينا بوجودك، هذا الكلام محزن والله بعد كل العمر الذي جمعنا، بربك يا سما من الذي كان عليه أن يخشى من أن يثقل كاهل الآخر أنا أم انتم، أم نسيتِ أني ظللت لأعوام مسؤولة منكم " قالت لها سما
" لا تقولي هذا أنت أختي حور، والنصيب الذي جمعنا أهداني بك والله "
قالت تولين
" قولي هذا الحديث لنفسك وهيا انفضي عنك هذا الحزن وانهضي وأعدي حقيبتك لنسافر دعينا نغير أجواء الحزن هذه وفرحة ستعود يومًا بإذن الله المهم ألا تتحاملي عليها واعلمي أن عذرها معها يا سما "
أغمضت سما عينيها تبكي بحرقة فربتت تولين على ظهرها بحنان وقالت
" ثم ألم يخبرك أحد أن زوجي ترك لي المنزل ورحل وعليكِ ألا تضغطي عليّ وتزيدي المواجع " قالت سما كأنها تذكرت
" أسفة لقد نسيت، تولين أخبرتني "
قالت تولين بمزاح سودوي
" فضحتني بكل مكان، هيا هيا يا سما قومي وضبي أغراضك واجعلي زوجكِ يساعدك لأشعر بالغيرة وأبكي "
قال طاهر
" أتمنى والله فأنا كلما مددت يدي لأساعدها بشيء تشعر بإهانة غير مفهومة وتظل تبكي "
تنهدت تولين وقالت
" هيا يا سما أم تريدين أن أساعدك "
قالت سما وهي تقف
" لا يا حبيبتي، أنا سأفعل كل شيء بنفسي، وسأنتظر أن يرد الله فرحة إليّ مجددًا، لقد قطعت أوصاري دونها "
ملأت الدموع عين تولين التي وقفت تربت على كتف سما وهي تقول لطاهر
" طاهر هل تعرف سبب اختفاء حذيفة، لقد حاولت الوصول إليه لكني لم أستطع فهاتفه مغلق وبالمركز الطبي يقولون غائب منذ مدة حتى العيادة الخاصة وصلني أنه انقطع عنها "
قال لها طاهر بحزن
" حذيفة لم يكن بخير في الآونة الأخيرة، لذلك ترك كل شيء خلفه واختفى وبالصدفة علمت أنه بمزرعة والد يهدين عروس فخر وذهبت له مع رائف لكن مقابلتنا لم تكن موفقة، ويبدو أنه قطع إتصاله بالعالم الخارجي، يمكن أن تسألي عنه رائف أو عروس فخر أو نخطط ليوم مناسب ونقوم بزيارته معًا "
ظهر القلق واضح على وجه تولين التي قالت
" نعم يجب أن نفعل، أنا سأحاول الاطمئنان عليه بأي طريقة حتى نتمكن من زيارته "
التفتت تولين لسما وقالت لها
" أسرعي فنحن جميعًا سنكون في انتظارك "
ابتسمت سما فتحركت تولين نحو الباب وهي تسأل نفسها كم انشغلت في مصائبها وحزنها عن ذلك الذي كان في كل المصائب والأحزان حاضر، مؤكد يشعر بالخذلان منها ويجب عليها أن تقابله في أسرع وقت ……
༺༻


بمنزل ملاك كانت هناك حركة داخل المنزل ليست بالمعتادة، كل شيء يبدو غريب ومختلف كأنما هناك عيد قد اقترب وهي آخر من تعلم، ورغم ذلك كانت ملاك منكبة على حقيبة ملابسها تنسقها وهي تشعر أنها قد تأخرت على الفتيات وكل عظمة بجسدها تئن بعدما جعلتها والدتها تشاركها في تنظيف المنزل التي لم تترك فيه شبرًا إلا ونظفته وعطرته، انتهت ملاك من ترتيب حقيبتها فأغلقتها بسرعة ووقفت أمام المرآة تنظر لفستانها الأبيض المنقوش بالورود الزهرية ثم وضعت حجابها بشكل غير مشدود ليكون مريح لها في طريق السفر ثم نظرت داخل حقيبتها الشخصية تتأكد أنها لم تنس شيئًا مهم قبل أن تحمل حقيبتها بسرعة وتتوجه نحو الباب لتتوقف فجأة وقد طفرت دموع عينيها، ظلت ملاك ساكنة للحظة وهناك إعصار من المشاعر يشتد في صدرها، قبل أن تأخذ نفس عميق وترتدي وجهًا ثابتًا ثم تمسح دموعها وهي تفتح الباب تاركة مشاعرها لتضرب رأسها في أضخم حائط يقابلها ثم تجلس جواره لترثي حالها وترثيها، نزلت ملاك بصعوبة شديدة وهي تجر الحقيبة الضخمة لتقابلها طيف وتقول لها
" رفضت أخذي معك وهذا جزائك، أمي تقول أنها تنتظر ضيوف ولن تذهبي لمكان قبل أن تقابليهم "
قالت ملاك
" مالي أنا بضيوف أمي ثم ضيوف من يا حسرة، طيف أقسم بالله لو كان هذا مزاح سمج سأتصرف معك "
قالت طيف بشماته
" أمك في المطبخ تحضر كل ما لذ وطاب اذهبي إليها "
دبت ملاك قدمها في الأرض بغضب قبل أن تترك الحقيبة بجوار الباب وتدعي الهدوء الكامل وتتوجه نحو المطبخ والروائح التي تصل أنفها تصيبها بالحيرة، ضيوف من الذين تنتظرهم أمها، تجهمت ملامح ملاك وهي تقول في نفسها محال أن يكونوا أعمامي، ولجت ملاك إلى المطبخ وقالت
" أمي لقد انتهيت هل تسمحين لي بالرحيل "
قالت والدتها التي تسكب الكراميل فوق بعض المعجنات
" لا يمكنك الرحيل الآن فنحن ننتظر ضيوف وعليكِ أن تكوني متواجدة حين يحضرون "
قالت ملاك
" يا أمي هل سأؤخر الجميع عن السفر بسبب الضيوف هذا لا يصح، أرجوكِ يا أمي اسمحي لي بالرحيل "
قالت والدتها بصرامة
" قلت لا خروج لك سوى بعد رحيل الضيوف همّت ملاك بمحايلتها رغم أنها لا تفهم من أين ظهر هؤلاء الضيوف لكن فكرت أنهم ربما بعض جارات الحارة أو شيء من هذا القبيل لكن رنين جرس المنزل جعل والدتها تقول
" ها قد وصل الضيوف "
هزت ملاك رأسها بغضب شديد وتحركت خارج المطبخ تحدث نفسها قائلة
" ضيوف …ضيوف، مالي أنا بهذا، سيرحلون بدوني، ماذا أقول، والله وحده يعلم متى سيفكرون بالرحيل مع كل هذه الروائح، وليمة كاملة بالداخل "
اقتربت ملاك من الباب تفتحه بحدة وهي تقول
" أهلًا …
ليصيبها الخرس فجأة وهي تشهق بفزع وتغلق الباب في وجه أيوب ثم تقف خلف تضرب خديها برعب وهي تقول
" ماذا أفعل، ماذا أفعل، يارب لقد تعبت .. أقسم أني تعبت من السقوط في تلك المواقف "
طرق منخفض على الباب جعلها تفتحه بسرعة كبيرة وتخرج وتغلق الباب خلفها لتقف أمام أيوب بخوف تداريه وهي تقول
" أنت ما تريد مني بالضبط، وما هذه الجرأة، قادم إلى باب منزلي لماذا ؟؟؟ ألا ترى أنك تبالغ فأنت لست ولي أمري ولا فردًا من عائلتي لكي تمنح قضيتي التي أغلقت كل هذا الاهتمام، يا سيد أيوب أنت لست عدوي لكي تبحث خلفي بتلك الضراوة، يا إلهي كيف سأشرح لك ما أريد قوله "
رفع أيوب حاجبيه فقالت له ملاك " يا سيد أيوب أنت ابن أصول لا يليق بك تلك التصرفات الغير مفهومة، أرجوك ارحل حالًا، ارحل قبل أن أصعد الموضوع وأطلب لك أمن المجمع السكني فأنا واثقة أنك لا تريد مشاكل وأنا أيضا لا أحبذ المشاكل "
لم يتحرك أيوب خطوة واحدة بدى ثابتًا إلى حد مغيظ فقالت له
" ألم تسمعني، ارحل من هنا بسرعة فنحن في إنتظار ضيوف لن يكون مظهرك لطيف وأنت تسحب أمامهم كما المترصدين بالبشر، حافظ على ما تبقى من كرامتك " توسعت أعين أيوب لا تفهم هل هو مصدوم من شيء أم أنه يفعل ذلك ليرهبها وكم كانت من السهل إرهابها لذلك بكت وهي تقول له
" يا سيد أيوب أنا والدتي إمرأة كبيرة ولن تتحمل أن تسمع تفاصيل قضيتي أو أن تسمع شيء يحزنها، لذلك دعني أقول لك أني أشكرك على مساعدتك وأطلب منك أن تنسى القضية وتنساني وترحل من هنا "
ما أن أنهت ملاك حديثها حتى وجدت باب المنزل خلفها يفتح ووالدتها تقول
" ملاك ماذا يحدث"
تجمدت ملاك وانقطعت أنفاسها بهلع لتتحرك والدتها نحو الخارج أكثر وتبتسم بسعادة حين رأت أيوب وتقول له
" تفضل يا بني تفضل، لماذا تقف هكذا "
ابتسم أيوب بلباقة وقال
" أهلا بكِ أمي "
ثم تحرك نحو سيارته والتي كان بابها الخلفي مفتوح أخرج منها باقة زهور وعدة حقائب هدايا أنيقة وأغلق الباب وعاد نحوها يضع الورد بين كفيها المتجمدين في استفهام لم ينطق ثم يعبرها نحو والدتها ويقول
" لا تعلمين يا أمي بمدى سعادتي حين أخبرني سلطان أنكِ وافقت على مقابلتي في جلسة تعارف مبدئية وقبل أن يكون هناك خطوة رسمية "
قالت والدتها
" المنزل منزلك يا بني تفضل " دخل أيوب خلف أمها فهزت ملاك رأسها بصدمة وتبعتها مسرعة تقول
" عذرًا أمي ولكن ما الذي يحدث، أنا لا أفهم شيء"
همّت والدتها بالرد ليقول أيوب
" اسمحي لي يا أمي أن أبلغ الآنسة ملاك أني هنا لطلب يدها "
توسعت أعين ملاك وسقطت منها باقة الورد ونظرة من والدتها جعلتها تنحني لتلتقطها وتجلس بمنتهى الهدوء في حضرة ذلك الذي وضعها أمام الأمر الواقع قوة واقتدار …….
༺༻

تعانقني ذراعاك في كل مرة أبكي فيها بمفردي، كأنما ما بينك وبين الاحزان مراسيل خفية فكلما حضرت دموعي حضرت ……

༺༻

اليوم التالي بالمدينة الساحلية…


دخل شاهين الجناح الذي يقيم به مع عَلِيّ يحل رابطة عنقه بنزق وهو يشعر بإجهاد شديد، فليله ما عاد ليلًا ولا نهاره عاد نهارًا، توجه شاهين نحو الأريكة المقابلة لباب الجناح وألقى جسده عليها بعنف وأخذ يفكر في سارة …فماذا لو كانت سارة أفضل قارورة عطر امتلكها يومًا، ماذا ينتظر منها لو عاملها بعنف حتى كسرها مؤكد عبقها سيملأ الكون من حوله وشظاياها ستجرح يده وقلبه ثم تصبح عدما لا قارورة ولا عطر ولا حب لا شيء سوى فتات يقتات عليه من شدة يأسه اسمه الذكريات، الذكريات التي تحوم حوله كأشباح في الليل فتسرق منه نومه وتسلمه دون رحمة للسهد والجوى، اعتدل شاهين جالسًا وأمسك هاتفه وهو يفكر جديًا في مكالمة سارة التي يعلم أنها بنفس المدينة لكن لا يعلم سبل الوصول إليها، هز شاهين رأسه بانفعال ليهتز الهاتف بين يديه ينبهه لمكالمة صادرة من سيدرا، أجاب شاهين فورًا متناسيًا إرهاقه مشتاقة إليها
" أهلا وسهلا بأقرب بنات أل الجوهري لقلبي "
أجابته سيدرا بجمود صدمه
" شاهين لا داعي لهذا الترحيب اللطيف فأنا مدركة أنك لم تعد متفرغ لي أو متذكرني أو تشعر بي، ما بين عملك الذي تضاعف ومشاكلك مع سارة لم تعد تراني حتى وأنا لا أهاتفك لأطلب اهتمامك أو لأطلب منك أن تقوم بدورك كأخ إطلاقا فأنا لا أريد أن أثقل عليك لكن الطاووس الهندي الذي تركت له المجال ليقتحم حياتي والذي ورطتني معه عليك أن تخلصني منه، لقد بات يتحكم في طريقة تنفسي، لم يعد لديه شغلا ولا شاغل سواي، آصف شهدان يستغل إنشغالك ويقتحم حياتي بطريقة ستقضي عليّ ووالدك يشجعه على ذلك، شاهين جد لي حل وإلا سأهرب أنا وجوري ولن تعرفوا لي طريق ما حييتم أو سأطلق عليه جوري لتنهي الأمر "
كان شاهين يشعر بذبذبات الحزن في حديث سيدرا التي تلتحف الجمود في حديثها معه، قال لها شاهين
" اشرحي لي بالضبط ما يفعله معكِ "
قالت سيدرا
" لقد أصبح على باب غرفتك، تصرف معه كما شئت لكن خلصني من ذلك الطاووس أقصد الكابوس " تعالى طرق على باب الجناح فقالت سيدرا
" أنه هو "
قال لها
" كيف عرفتِ "
قالت له لقد ربط هاتفي بهاتفه، صديقك بات يعلم كم مرة أدخل فيها إلى الحمام، شاهين أقسم إن لم تنه تلك القصة لن أسامحك "
أغلقت سيدرا الهاتف فتحرك شاهين تجاه باب الجناح بانفعال صدم آصف الذي أمسكه من تلابيبه وجذبه نحو الداخل وهو يهدر به
" ماذا فعلت بسيدرا، هل تتعقب أختي، اعطني هاتفك "
قال له آصف
" أهذا استقبال يليق بأيام فراقنا، لقد تغيرت …ثم هاتفي هذا شيء خاص، لا تلمسه "
انفعل شاهين وقال وهو يدفع آصف للخلف
" آصف أنا كنت أعلم أن تلك الخطبة ستخسرنا بعضنا لذلك لنفض هذا الأمر "
قال له آصف ببرود
" شاهين توقف عن خلط الأوراق وفرق بين كوني صديقك وبين كوني سأصبح زوج أختك لأنك إن لم تفعل ستكون قلة عقل منك "
احتد شاهين قائلا
" آصف أنا أعرفك جيدا ولذلك أخشى على سيدرا منك "
صمت آصف ولم يجب فقال له شاهين
" لماذا أصابك الخرس "
قاله له آصف
" أشعر بالاستغراب فقط، فهذا طريق الملهى الخاص بالفندق وعلى ما اتذكر عَلِيّ لا يشرب " التفت شاهين بصدمة ينظر من خلال الباب الزجاجي الذي يكشف المبنى المقابل والمتصل بالفندق وأغمض عينيه بغضب شديد ثم قال لآصف
" عَلِيّ فقد عقله، ابق هنا أنا سأعود لك "
أسرع شاهين نحو باب الغرفة فتبعه آصف الذي أرسل لسيدرا التي تجيب مكالماته رسالة مختصرة كتب فيها
" الرسالة التي أرسلتها لي مع أخيك وصلت ".
༺༻

بالملهى جلس عَلِيّ على البار لا يعرف ماذا يريده تحديدا، كان ضائع في شعور قسري بالحب المبتور، شعور مميت باطنه عجز وظاهره ذلل، شعور مهيمن على كافة نبضاته التي تتسارع كما تتسارع أيدي المستغيثين على طبول الحرب حين يباغتهم غزو العدو، شعور كما الاغلال التي تقيد خطاه في منتصف طريق موحش ومكفر وتمنعه من النجاة فلا العودة ستصلح عطب قلبه ولا هو قادر على إكمال الطريق، مسح عَلِيّ وجهه بتعب ينظر للمكان المظلم من حوله ويتمنى لو كان بإمكانه الدخول في حالة اللاوعي التامة، اللاشعور، اللا اشتياق، اللا ألم، رفع كفه يشير للنادل ليجد قبضة قوية تسحبه وصوت شاهين الذي ارتفع محاربًا الضجيج حولهما ليصل إليه يقول
" ماذا تفعل هنا يا كبير يا عاقل، هل ستخيب على كبر "
قال له عَلِيّ بغضب
" اتركني يا شاهين أنا حر، أفعل ما أريد وقتما أريد "
قال له شاهين بصدمة
" لقد كنت أنت من تركض خلفي وخلف زكريا ونصار وشباب العائلة لتخرجنا من تلك الأماكن، ما بك وإلى ماذا تريد الوصول مما تفعل "
قال عَلِيّ
" كنت مغفل، أنتم كنتم الأصح وأنا المخطيء، ظللت أنتظرها حتى مر عمري وماذا حدث، لا شيء، أتعرف كم عمري، أنا سأصل لأواخر الثلاثين قريبًا واليوم فقط قررت أن أعيش كرجل اتركني يا شاهين، اتركني "
لاحظ شاهين العيون التي تسلطت عليهما ونظر لآصف الذي أشار له ليقترب، اقترب شاهين منه فقال آصف
" جميع رجال الأعمال المعروفين متواجدين بالمكان وبالفندق، حاول ألا تثير فضيحة، ما مشكلته بالضبط "
قال له شاهين بغضب
" مشاكل زوجية "
قال آصف
" وأين زوجته "
قال له شاهين وصلني خبر من أيوب أنها هنا بالمدينة لكن عَلِيّ لا يعرف "
قال له آصف
" هاتفها إذا وأخبرها بما يحدث فلتأتي لتنقذ زوجها من الجنس الناعم الذي بدأ يحوم حوله "
قال له شاهين
" آصف توقف عن المزاح، هل إحضار تلك المجنونة لترى هذا المشهد سنتجنب به الفضائح "
قال آصف
" إذا حضرت ذلك الذي يرفض أن يتحرك سيركض خارج المكان ركضًا "
ابتسم آصف بخبث فنظر له شاهين قبل أن يتحرك نحو باب الملهى حيث تخفت الأصوات قليلا ثم التقط صورة لعَلِيّ الذي اقتربت منه فتاة تكشف من جسدها أكثر مما تستر وأرسلها لها ثم سجل لها رسالة صوتية يقول فيها منفعلا
" كنزي أنا لم أعد قادر على السيطرة على الأمور، أنا أعلم أنكِ بالمدينة الساحلية وأخبركِ أنكِ إن لم تأت لتتصرفي مع زوجك ما سيحدث هنا سيحزنك أكثر من حزنك الحالي بمراحل "
أرسل شاهين الرسالة التي فتحتها كنزي في التو وعاد لآصف الذي قال له
" أهي مجنونة جدًا "
توسعت أعين شاهين فضحك آصف وقال
" سنرى " ……
༺༻

في نفس الوقت كان علِيّ يقول لعامل البار
" عصير تفاح مثلج من فضلك " نظر له العامل بإستغراب ثم قال بطاعة
" تحت أمرك "
كانت أضواء المكان معتمة مزعجة ولذلك مال علِيّ برأسه للأمام لتستدير المرأة التي تجلس بجواره وتقول
" عصير تفاح في ملهى!! تجاهلها علِيّ فلم يجب تاركًا أذنيه لدوامة ذلك الضجيج لتضيق المرأة عينيها وقالت
" يا محاسن الصدف، أنت "
أشاح عَلِيّ بوجهه بعيدا عنها ظنا منه أنها ستخدم خدعة لتتقرب منه فتحركت الفتاة ودارت حوله حتى واجهته وقالت بذهول
" لا تقل أنك لا تتذكرني "
ثم ضحكت ضحكة خليعة جعلت آصف يقول لشاهين
" لم يلمسها أنا شاهد "
شعر شاهين بالتوتر من السرعه بإبلاغ كنزي وتحرك نحو عَلِي الذي قال للمرأة بحدة
" لست مهتم "
قالت المرأة بميوعة
" ولا أنا يا أخي لكن حين رأيتك تذكرت الليلة السوداء التي قابلتك بها، اسمك عَلِيّ أليس كذلك
غريب أن اقابلك هنا فأنا متعودة على التواجد في تجمعات رجال الأعمال دائمًا ولم أجدك سوى في تلك الحفله المشؤمة"
انتفض علِيّ معتدلًا وقال لها
" كيف عرفتي اسمي "
ضحكت ضحكة أشد ميوعة من سابقتها وقالت
" من المجنونة الصهباء التي دخلت علينا الغرفة يوم الحفل، يا إلهي أنا لن أنسى ذلك اليوم مطلقا كانت تقذف نحونا كل ما تطوله يدها حتى أنها أصابت رأسي بإحدى التحف، كنا في البداية ولم أخلع عنك سوى القميص لو أنها دخلت في مرحلة متأخرة أكثر لكانت قتلتنا "
ضحكت المرأة للمرة الثالثة ولكن هذه المرة خلاعتها خلعت قلب عَلِيّ الذي أطبق كفه على عنقها.
༺༻

قراءة ممتعة للجميع ❤️❤️❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-06-23, 11:29 AM   #413

جيزانيه

? العضوٌ??? » 439207
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 24
?  نُقآطِيْ » جيزانيه is on a distinguished road
افتراضي

ياويله علي من كنزي بتوريه الويل وبتجيب جيشها معاها????????
ساره بتشوف شاهين ويتخاصم ليش موجود في ذا المكان
راح يضغطون على البنت حتى تعلمهم مين طلب منها تسوي كذا وبتفضح بيان


جيزانيه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-06-23, 01:05 AM   #414

جيجي هاني

? العضوٌ??? » 380259
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 828
?  نُقآطِيْ » جيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond repute
افتراضي

قريتها مرتين تحفة حقيقى يسلم ايدك

جيجي هاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-06-23, 05:51 PM   #415

امل ابراهيم

? العضوٌ??? » 256227
?  التسِجيلٌ » Jul 2012
? مشَارَ?اتْي » 772
?  نُقآطِيْ » امل ابراهيم is on a distinguished road
افتراضي

مبدعة تسلم ايدك

امل ابراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-06-23, 10:12 PM   #416

ميسان

? العضوٌ??? » 511627
?  التسِجيلٌ » May 2023
? مشَارَ?اتْي » 21
?  نُقآطِيْ » ميسان is on a distinguished road
افتراضي

سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر

ميسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-06-23, 11:45 AM   #417

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جيزانيه مشاهدة المشاركة
ياويله علي من كنزي بتوريه الويل وبتجيب جيشها معاها????????
ساره بتشوف شاهين ويتخاصم ليش موجود في ذا المكان
راح يضغطون على البنت حتى تعلمهم مين طلب منها تسوي كذا وبتفضح بيان
اهلا حبيبتي منوراني ❤️❤️❤️
خلينا نشوف هيحصل ايه باذن الله
يارب يكون عند.حسن ظنك


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-06-23, 11:45 AM   #418

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امل ابراهيم مشاهدة المشاركة
مبدعة تسلم ايدك
تسلمي حبيبتي ❤️❤️❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-06-23, 07:21 PM   #419

duaa.jabar
 
الصورة الرمزية duaa.jabar

? العضوٌ??? » 395763
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » duaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل رائع
واخيرا يهدين وصلت لفخر ومشهد الخطبه كان جميل جدا بتجمع اجمل ومشاعر السعاده والاحترام والحنان تفيض بالاجواء شيراز وحزنها لعدم وجود عائله تدعمها مهما كان موقع حكم في حياتها تبقى العائله لا تعوض
اصاله وتعصبها الأحمق من تولين وكل مايمس رائف بات مزعجا
منذر ويبدو ان نصفه الثاني وجده في بهيه فهي خير من يكمل ناقصه بعكس اسمهان وهذا يثبت بطلان المكاتيب
يوسف وخروجه هو وجيلان ويبدو ان ماورائهما لا يطمئن
تولين الصغيره فظيعه مواقفها جميله وخفيفة دم بشكل لايوصف
ملاك وجها لوجه مع كابوسها وهل سيجد أيوب القبول ????
شاهين جنى على علي بأتصاله بكنزي والفضائح ستجد طريقها إليهم او ستفضح خطة بيان وهو مانتمناه بأنتظار القادم بشوق


duaa.jabar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-06-23, 02:43 PM   #420

روان عمر

? العضوٌ??? » 480932
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 58
?  نُقآطِيْ » روان عمر is on a distinguished road
افتراضي

فصل رائع حبيبتي يسلم ايديكي

روان عمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:55 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.