آخر 10 مشاركات
أنا وشهريار -ج4من سلسلة زهور الحب الزرقاء- للمبدعة: نرمين نحمدالله [زائرة] *كاملة* (الكاتـب : نرمين نحمدالله - )           »          26-المسافرة -راكيل ليندسي -ق.ع.قديمة (الكاتـب : Just Faith - )           »          كنزي أنا (53) -ج3 من سلسلة زهور الحب الزرقاء- للمبدعة: نرمين نحمدالله *كاملة&الروابط* (الكاتـب : نرمين نحمدالله - )           »          لست لي -ج1 من سلسلة زهور الحب الزرقاء- للمبدعة: نرمين نحمدالله [زائرة] *كاملة* (الكاتـب : نرمين نحمدالله - )           »          همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          نجم محترق -ج2 من سلسلة زهور الحب الزرقاء- للمبدعة: نرمين نحمدالله [زائرة] *كاملة* (الكاتـب : نرمين نحمدالله - )           »          انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          جنون الرغبة (15) للكاتبة: Sarah Morgan *كاملة+روابط* (الكاتـب : مستكاوى - )           »          رواية / أُم عيسى *مكتملة* (الكاتـب : Cloud24 - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1264Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-06-23, 09:30 AM   #431

al gameel rasha

? العضوٌ??? » 424155
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 244
?  نُقآطِيْ » al gameel rasha is on a distinguished road
افتراضي


انا هنااااااااااااااااااااااا اااا

al gameel rasha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-06-23, 12:03 PM   #432

duaa.jabar
 
الصورة الرمزية duaa.jabar

? العضوٌ??? » 395763
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » duaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond reputeduaa.jabar has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل جميل جدا يبدو ان المآسي ع لا تترك طريق كنزي من الشافعيه للجوهريه ووصل الامر لعلي بصراحه هي تحتاج لنفض الجميع من بالها واعادة التفكير بمنطقيه واستعادة نفسها علي جرحت كرامته لكن كنزي تعرضت للكثير من قبل عائلته لذا إعطاء الأمان والثقه المطلقه مطلب خيالي ربما البعد فيه صلاح لهم
يهدين اكتشفت طريق السيد وياترى هل خطتها بها يهد جذور العائله
فاطمة وساره ونصف المواجهه الحاسمه
منذر بخرج من انانيته وذاته وفعلا بعض الأشخاص نعمه بهيه استطاعت ان تغيره للأحسن وهو كان سندا لها ولأصاله وربما هذا الموقف ما سيجعل اسمهان تتأكد أنهما لم يكونا لبعض فلبس كل اختلاف مفيد بالعلاقات
حكم فعلا شخص فريد من نوعه اب بالفطره وقائد لسباعه وشيراز سيطرت على كل هذا ولا رهاب يستحق أن تخسر حكم لأجله لكن فطرة الأنثى بالدلال لازالت تتحكم بها
الوحيده التي لم استسغ مواقفها هي اصاله بصراحه متملكه اكثر من اللازم وعصبيه وانفعاليه قد يكون تملكها مايحتاجه رائف ليحس بأمان العائله والاحتواء بأنتظار القادم وسلمت اناملك


duaa.jabar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-06-23, 03:32 PM   #433

um habiba

? العضوٌ??? » 349571
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 198
?  نُقآطِيْ » um habiba is on a distinguished road
Rewitysmile12

في انتظار الياريتفصل الجديد ينزل امتي أنا بسنتي من امبا

رح


um habiba غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-06-23, 05:07 PM   #434

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الثاني من الفصل الثاني والثلاثون


لماذا الخوف سيدتي من الخرافات
وأنتِ التي ما خاضت مغامرة سوى
ما بين تفاصيل ما سمعت من الحكايات
وأنتِ التي مازلتِ طفلة في مهدها تغرني
لأقص ذاتي وأعلقني فوق سريرها كقصاصات
لماذا الرهبة من الحب تملأ عينيك، وكيف للبراءة فيهما أن تنظم من شعر الغزل أبيات
يا إمرأة لا تتقن شيئا كما الإنصات، إني أعاني أمام هشاشتك ما لا يحتمل من ويلات
فحين تترقبين حديثي بصمت أشعر أن مدار الكون تصادمت فيه آلاف المجرات،
وحين تتفاعلين مع كلماتي يختل في صدري توازن النبضات،
وحين تستسلمين لفضولك نحوي أكن كمن يخوض في نفسه من اللوعة نزاعات …..

يا إمرأة لا تدري مغبة ما بات يجمعنا إني أسير ما تجودين به من شهقات،
أسير قصتنا التي لا أعرف متى رفع فيها للعشق رايات،
أسير قربنا الذي يحملني معه إلى عنان الحب ثم يتركي لأتساقط فوق يديك زخات زخات،
يا إمرأة أثبتت لي أن القرب أول درب للشتات
إني أتنازل في حضرتك عن وقاري لأغدو مراهقًا على تأملك النهم يقتات،
أتنازل عن سنوات نضجي التي ما عبرتها انثى
وأعود غرًا يحيطك بثرثرته في كافة الأوقات،
يا فاتنة لم تتخط شغف الطفولة بعد كيف أشكو لكِ ما تأججين في صدري من جحيم له مشقات،
كيف أقنعكِ أن ترحميني من جنون البدايات،
كيف أطلب منكِ أن تمنحيني يدكِ لأكمل معكِ الدرب
وأطوي مشاعري عليكِ طيات طيات..
༺༻

ليت المواجهات التي تدخل قلوبنا في حروب طاحنة من الترقب تحسم لصالحنا دومًا ولكن كيف لذلك أن يحدث إذا كان الخصم جزء من ذلك القلب المترقب، جزء من تلك الأنفاس المنفعلة، جزء من تلك الأفكار المتدافعة وكل الأجزاء من ذلك الحب الذي بات مهددا بكلمة النهاية وهو الذي لم تشرق به شمس البدايات بعد، الحب الذي مازال يتوارى بخجل في طيات صدورنا رافضًا أن يعلن عن ذاته كما أعلنت الضربات المتوالية لما بيننا عن نفسها مهددة إيانا بالقطيعة والفراق، كانت تلك الأفكار تتأرجح في عقل فاطمة التي وقفت بثبات تحسد عليه لتواجه نظرات سارة الغاضبة والتي بدت كأنها تخفي في صمتها الذي امتد للحظات الكثير من الحديث المنفعل والتي ما كانت فاطمة لتحتمل شيئًا منه مطلقًا قبل أن تقول بغضب وعتب
" سؤالك متأخر يا فاطمة وحضورك متأخر ورغم أني فكرت لفترة أني حين أراك سأعاتبك وبشدة لكني الآن ليس بداخلي سوى شيء واحد أريد قوله لك " صمتت سارة قبل أن تقول بحزن امتزج بقوتها الفطرية
" سلطان لا يستحق أن يرفض بتلك الطريقة يا فاطمة، سلطان مقامه واحترامه أكبر من ذلك " عقدت فاطمة حاجبيها فأي كان ما توقعت أن تسمعه من سارة لم يقرب ما تسمعه حاليًا بصلة وقالت " أنا لم أرفض سلطان بأي طريقة يا سارة، وما حدث لم أكن لأفعله لأجل أي بشر كان ….لكن لقد بات لك ولأخيك معزة خاصة بقلبي، أنا لست نذلة ولا خائنة للخبز والملح أنا فقط شعرت أنكم أسرتي التي يتوجب عليّ حمايتها ولا شيء يبرر ما فعلته غير ذلك "
قالت لها سارة بحدة
" وهل شهادتك الغريبة والتي لا أفهم لما أقدمت عليها حتى هي من كبر معزتنا بقلبك أم إيهام سلطان بقبولك لخطبته وأنتِ على علاقة بذاك الضابط "
امتقع وجه فاطمة التي شعرت بالإهانة وقالت
" لهذا الحد وكفى فأنا تحملت الكثير من الضغط خلال الفترة الماضية، أنتِ لا تفهمين شيء مما حدث وتتهميني جزافا مثلما فعل عيسى ومؤكد مثلما سيفعل أخوك، أتعلمين ؟؟ أنا واثقة من أني فعلت الشيء الصحيح، أعجبك ذلك أم لا وأعجب أخاك أم لا أما فيما يخص علاقتي بذلك الضابط فاحذري كرامتي سارة إنها كافة خطوطي الحمراء فأنا من العطارين إن لم تنسي "
أسرعت سمراء تقترب منهما وتتدخل قائلة
" سارة لا داعي لهذا الحديث الجارح، ففاطمة من رتبت لخروجك والفتيات من تلك القضية هي ويهدين وبشر وليل وفخر يعلموا بذلك "
نظرت سارة لسمراء وقالت بتيه
" أنا لا أفهم شيء "
اقتربت يهدين تربت على كتف فاطمة التي كانت تنتفض غضبا وقالت
" ببساطة يا سارة الظابط عماد حاصر فاطمة من قبل القبض عليكن بفترة وهددها بشكل غير معلن إنها إن لم تتعاون معه وتنقل أخباركم وتدلي بشهادتها سيورطها بنفس القضية، فلم يكن أمامها خيار سوى مجاراته وخداعه بقبولها لطلبه حتى نجد حلًا، ألم تسألي نفسك من أين ظهرت الشاهدة " نظرت سارة لفاطمة بصدمة فقالت فاطمة بغضب
" اعرفي ما شئت من تفاصيل منهما لكن إذا تسائلت لوهلة لما لم أخبر سلطان فدعيني أجيبك أنك تعرفين السبب، أخوك لم يكن ليصمت "
قالت يهدين
" ولم تتمكن من إخبارك لأنك كنت في حالة نفسية صعبة إثر حفل خطبتك، تبعها سفرك وحين عدت أنت تعلمين ما حدث "
قالت سارة
" يا إلهي، مادام الجميع يعلم لماذا لم يخبرني أحد بذلك بدلًا من أن يتفاقم حقدي عليها لذلك الحد ثم … صمتت سارة وقد لاح لها خيال مقبض في الجهة المقابلة من الطريق، خيال اختفى بسرعة حين وقعت عيناها عليه حتى شكت أنها من شدة الانفعال تتوهم لتستجمع أطراف حديثها الذي انقطع فجأة وتقول رغم التوتر الذي ملأها
" ثم ألم يفكر أحد أن قمة قلة العقل أن تقرروا أن تظهر فاطمة أمام سلطان اليوم، تظهر له من العدم دون أي تبرير أو توضيح، ها أنا إنفعلت فلكن أن تتخيلن ردة فعله، أنا مصدومة ومذهولة لكني في نفس الوقت أعرف أن أخي انفعالي وسيكون من الغير لائق وضعه أمام الأمر الواقع داخل الزفاف فيصدر عنه رد فعل يقلب هذا الاحتفال على رؤسنا جميعًا وهذا معناه إما ألا تظهر فاطمة أمامه اليوم حتى نرتب لطريقه نخبره بها بالحقيقة وإما أن تحضروه الآن وتخبروه بكل شيء وليحدث ما يحدث قبل بدء الزفاف ولا أعرف حقا ما سيحدث لكن سنكون حاولنا أن ننقذ ما يمكن إنقاذه "
قالت لها فاطمة بتوتر تواريه في ثباتها
" أنا لست خائفة من أخيك "
نظرت لها سارة نظرة متفرسة وقالت
" حقًا "
صمتت فاطمة بعجز فقالت سمراء " أنا سأهاتف ليل حالًا لكي يتصرف "
تحركت سمراء مبتعدة فمالت سارة نحو فاطمة تستجلب ود علاقتهما السابقة وهي تقول
" قول لي أنكِ لن تكسري قلب أخي "
نظرت لها فاطمة بحزن وقالت
" لا أحد عاقل قد يكسر شيء ثمين كقلب سلطان "
ثم تحركت مبتعدة وفكرة مواجهته التي على وشك الحدوث تجعل من انتفاضة المشاعر التي تجتاحها عبارة عن حقل ألغام خطر التوغل فيه دون دراية محض انتحارًا نفسيًا لن تغامر هي بفعله مطلقًا.
༺༻


افرض قوانيك في ذاتي كما شئت، ستبقى معلنا في صدري كمحتل وسيبقى التمرد عليك في قوانيني حق مشروع أتنازل عنه الآن مستسلمة لا خاضعة ليس ضعفًا ولكن قوة أعلنت بها عليك الحب.

༺༻

في نفس الوقت داخل أحد مستشفيات المدينة الساحلية كانت سيادة تبكي بصمت وهي تقف لتشاهد الطبيب الذي يفحص ماسة التي لا تكف هي أيضا عن البكاء يجاورها مؤيد الذي لم تهدأ يده التي تجوب ظهرها بحركة دافئة تخترق أضلعها وتطبق قبضتها على قلبها الذي تشعره بات على وشك الضمور، كم اشتاقت لمسته واشتاقت ذلك الاجتياح العنيف بالحنان الذي كانت تبثه بها، لمسة مؤيد لم تكن يوما محض شيء لحظي سهل أن يمر وينتهي، بل هي شديدة التأثير والاجتياح، لمسة تجمع أحجية أنوثتها التي ظلت مفقودة لسنوات ثم تحلها بسكون كما الشظايا حاد وقاتل، نظرت سيادة بطرف عينيها إلى مؤيد الذي يولي ماسة كافة إهتمامه وهو يسأل الطبيب
" لماذا تبكي هكذا، هل هي بخير " قال الطبيب بإبتسامة
" الصغيرة بخير لكن يبدو أن هناك سن صغير على وشك الظهور وتزامن ذلك مع التهاب باللوزتين سبب ارتفاع شديد في درجة الحرارة "
التفت الطبيب لسيادة وقال
" هل أخذت الصغيرة كافة التطعيمات المقررة، وهل تداوم على نوع محدد من الفيتامينات لكي يساعدها في تلك المرحلة "
قالت سيادة
" أنا لا أعرف شيء عن هذه التطعيمات، أظنها أخذت جرعة عندما ولدت لكن لم ينبهني أحد إلى أن الأمر دوري، أنا لم أنجب من قبل، هل هناك ضرر عليها، أنا لم أكن أعرف "
قال الطبيب بإبتسامة محايدة
" أنا متعجب أن طبيبها الخاص لم يلفت نظرك لشيء كهذا "
قالت سيادة بصوت مرتجف وهي تنظر لمؤيد بوجل
" ماسة ليس لديها طبيب خاص " وقف الطبيب الذي لاح الاستغراب على وجهه فما يسمعه يتعارض مع هيئة والدي الطفلة اللذين يبدوان مقتدرين ماديًا وهو يحمل ماسة الذي رفع مؤيد يده يلمس رأسها بحنان وهو يقول للطبيب
" أفعل اللازم من فضلك فهذه طفلتنا الأولى ونجهل الكثير مما يتعين علينا فعله "
قال طبيب
" حسنا يا سيد مؤيد، أنا سأرى ما يمكن فعله بشأن التطعيمات الفائتة لها، وبعدها سأتحدث معكما عما يتوجب عليكما فعله الفترة المقبلة، انتظراني هنا، دقائق وسأعود " تحرك الطبيب نحو باب الغرفة بماسة فاندفعت سيادة بهلع تسأله
" إلى أين "
التفت إليها الطبيب متحيرا في أمرها وقال
" لا تقلقي سأخذها لكي ….
قاطعه مؤيد الذي جذب سيادة للخلف وقال
" سننتظرك "
هز الطبيب رأسه بإرتياب وخرج من الغرفة لتقول سيادة باندفاع
" أنا سأذهب معها، أنا لا أرتاح لفكرة تركها لشخص غريب "
قال مؤيد
" اهدأي يا سيادة، ماسة بخير " جذب مؤيد سيادة من ذراعها بلطف وأجلسها على المقعد المقابل لمكتب الطبيب وجلس على المقعد المواجه لها يتأمل نهنهاتها الخافتة بصمت عاجز كأنما دموعها جبل من الهزائم حط فوق أكتافه فأحنى صرح مشاعره أكثر وجعله مهددا بالسقوط لتقول سيادة بحزن
" الأمومة شيء صعب للغاية " شملها مؤيد بعينيه ثم قال مأخوذا بكلماتها التي خرجت صادقت تمس القلب
" أعلم ذلك "
هزت سيادة رأسها برفض وقالت " لا ، أنت لا تعرف شيء عن ذلك، لا أظن أن أحد فينا يدرك شيئا عن مشاعر الآخر أو عن دواخله أو مخاوفه وأحلامه، ما نحن إلا أغراب تجمعنا وأغراب تفرقنا والآن أغراب نجلس هنا على هذه المقاعد الباردة لننتظر طفلتنا والتي تعد رابطنا الوحيد الذي نعترف أنا وأنت به، أما كل ما سبق ماسة بيننا فهو لم يكن، سوى خطأ "
كلماتها المباغتة ضربت كافة أوتاره الحساسة وجعلته يصل لقمة الغليان ومنه لقمة الخوف ومنهما لقمة الاحتياج، كان يتخبط ما بين قمم مشاعره بجنون ورغم ذلك قال يدعي الهدوء
" لا أعرف ما الخطأ الذي اقترفته سيادة لأصل معكِ إلى تلك اللحظة الغريبة، هل خطئي هو حبي لك أم شعوري بالأمان معك، أم تصديقي لك وأنا الذي يشك بأصابعه، لا أعرف ما الذي أخطأت به حين رأيتك وأنت تقفين بعيدا عني بأمتار بعيدة لكنها كانت قريبة إلى حد سرق أنفاسي وجمد عقلي، لا أعرف فيما أخطأت حين ألمت بي صدمتي مما تخفينه علي، فجاهدت ألا أؤلمك كما أتألم وفتحت لك الباب لتمضي بسلام ناحرا ذاتي قبلك، لكنك منذ تركت لي ماسة ورحلت وأنا أدور في فلك شعور مقبض يجعلني تحت تهديد خسارتك، أنا لا أريد خسارتك سيادة وإن عنى ذلك أن أحارب ذاتي لأتقبلك كما أنت بكل ما تخفيه، أتقبل أني سوف أصدم فيكي مرار سوف أرتعب وأتخبط وأشعر بالخطر والخوف منك كثيرا، أتقبلك وأنا واثق أن حياتنا ليست تلك التي تطلعت إليها مطلقا ليست تلك التي حلمت بها أبدا، ليست أبدا السكن الذي ظننته لكنه بات سكني الذي لا أريد سواه، لذلك ولأني مجهد جدا وحائر وخائف ولا أدري لمَ حين تصبح لدي ابنة من صلبي أحرم منها وأعيش بمكان وهي بمكان، لمَ حين يتعلق قلبي بحب إمرأة أخشاها وأشعرها غريبة عني رغم كل شئ، لمَ حين أملك كل مقومات الاستقرار يفر مني، أريدك أن تمنحينا فرصة ثانية لكن هذه المرة لنفعل كل شيء بشكل الصحيح " نظرت له سيادة لوهلة ثم قالت بغصة خانقة
" كنت أظن أننا بالماضي فعلنا كل شيء بالشكل الصحيح إلا شيء واحد أني أخفيت الماضي وأنك أخفيت مخاوفك "
قال لها مؤيد مستسلمًا لتلك الحقيقة أخيرا
"هذا صحيح، فحين رأيتك لم أكن على طبيعتي، كنت مأخوذا باقتحامك حياتي حتى أني نسيت أن أسألك سؤال مهم لم يكن من المنطقي عليّ تجاهله، ويا للعجب كم أتطلع لإدراك إجابته الآن بعدما مرت سنوات "
نظرت له سيادة بحيرة وسألته
" أي سؤال "
قال لها مؤيد
" ما الذي كنت تفعليه عند الشافعية يوم وجدتك الفتيات "
نظرت له سيادة وفركت كفيها بتوتر قبل أن تقول
" هل حقا تريد أن تعرف "
تنهد مؤيد بعمق ثم قال
" نعم "
ناظرته سيادة بشك ثم قالت
" هل هذا فقط ما تريد معرفته عني، أم كل شيء مهما كان صادما "
ترقبت إجابته كأنها تختبره اختبار لا يحتمل الإخفاق ليأتيها صوته يقول
" أريد أن أعرف عنك كل شيء بالطبع سيادة "
قالت له سيادة
" لأخبرك أولًا من أنا، أعلم أني أخبرتك بهذا الحديث من قبل لكني هذه المرة سأقوله مرتب أكثر وسأكون حريصة على ألا أغفل عن شيء "
صمتت سيادة تلتقط نفس عميق ثم قالت
" أنا كنت طفلة شوارع، عانيت من حياة صعبة ومشردة حتى التقيت حكم الذي ساعدني لأتعلم وغير من حياتي ومنحني الكثير لكني بعد سنوات طويلة من العمل معه قررت الاستقلال بذاتي،
فأنا كنت دومًا أسيرة لشعور المن الذي يرافق كل شيء يمنحني إياه، حكم لم يمسني يومًا بسوء لكنه كان نقص داخلي جعلني أريد أن أكون مسؤولة عن حياتي وأكف عن استغلال حكم الذي كان كريم معي بشكل مخجل، لقد رفض في بداية الأمر لكن أمام إصراري اضطر للموافقة "
أغمضت سيادة عينيها كأنها تتذكر شيء مؤلم وقالت
" قدمت على وظائف عديدة لكني لم أقبل سوى بوظيفة لدى صحفية مشهورة كانت تريد تحري خاص يبحث لها خلف المواضيع الشائكة التي قد تمثل لها سبق صحفي، هي كانت تمنحني طرف الخيط وأنا كنت أبدأ بالبحث وفقًا للمعلومات المتاحة لدي، حتى سلمتني ملف فضيحة تخص الشافعية، كانت الفضيحة تتمثل فساد عزيز الشافعي وبدأت بالبحث خلفه فعلا لكن في تلك الأثناء علاقته بالسلطات العليا بدأت تمتد وهذا جعل الصحفية التي أعمل لديها لكي تكسب ودهم وتوطد علاقتها بالعائلة تكشفني لهم فثارت ثائرة عزيز الشافعي وقرر تأديبي "
صمت مؤيد
" هل كنت تعرفين شيء عني قبل أن نلتقي، هل بحثت خلفي قبل زفافنا حتى "
قالت له سيادة بصدق
" أنت الخطأ الذي تعمدت فعله وكلي أمل أن أصلح بوجوده كل ما مضى لأتفاجأ أني أربكت القادم لا أكثر "
قال لها مؤيد باندفاع
" سيادة أنا أحبك "
بكت سيادة ثم ابتسمت من بين دموعها وقالت بخفوت كأنها لا تقدم على أن تمنح تلك الكلمات قوة صوتها
" وأنا أيضا مؤيد لكني لن أكون قادرة على القيام بنفس الدور في حياتك مجددا، لن أقدر على تقبل حبك المشروط، أو تقبل فكرة أن إحتياجي إليك مرهون بمعطيات معينة، هذا صعب، بل صعب جدا في الحقيقة "
قال لها مؤيد
" ماسة تستحق أن نحاول إنجاح الأمر بيننا، ونحن نستحق بداية جديدة صحيحة "
قالت له سيادة
" وكيف سيحدث ذلك "
قال مؤيد بلهفة
" دعينا نؤسس بيت دافيء، دعينا نراقب ماسة تكبر يوم بعد يوم بيننا، دعينا نحضر لها أخوات ونحيا حياة روتينية مميته ومملة، حياة أعدك ألا أحاسبك يوما عن شيء مما سبق بدايتها لكن عديني أنت بالمقابل أن مع أول لحظة في بداية تلك الحياة أن تبادليني الثقة بالثقة والوضوح بالوضوح والصدق بالصدق والحب بالحب ألا يكون هناك سقطة جديدة بيننا سيادة، لقد شاب شعري وهذه المرة سقوطي سيكون لا قيامة له " صمت مؤيد يناظرها مترجيا بينما تجمدت سياده وكلماته الساحرة ترسم في عينيها بريشة التمني الذي اجتاحها على حين غرة
كما اجتاحتها ذكرى قسوته وهو يفتح لها الباب فنظرت إليه بصمت وهو يميل ليمسك يدها فسحبت يدها فلم تمنحه الفرصة لكي يلمسها وهي تضمها لصدرها بخشية كأنها هي التي باتت تعاني من أزمة ثقة شديدة معه ثم وقفت تركض خارج الغرفة بكل قوتها تاركة إياه في أثرها ما بين ندم وتعب وشتات..
༺༻

بربك قل لي كيف أخضعت عيناك قلبي الذي ما استسلم يوما للحب وما استجاب، كيف سددت سهامها وأصابته وهو الذي يغلق ما بينه وبين العشق الف باب وباب ……

༺༻

أمام أحد فنادق المدينة الساحلية توقفت سيارة ليل الذي التفت لفخر الذي يصب تركيزه على الهاتف الذي بين يديه وقال
" أترك هذا الشيء واذهب لتتأكد من الحجز "
لم يجبه فخر كأنه منعزل بعالم آخر فضربه أسد الجالس بالمقعد الخلفي على كتفه بقوة وهو يقول
" أترك الأحاديث لوقتها وركز معنا يا عريس "
انتفض فخر يغلق الهاتف بسرعة وهو يلتفت لأسد ويقول
" ماذا تقول "
قال أسد بمزاح
" مؤكد طار عقلك من الفرحة، معذور فالليلة ليلتك "
ابتسم فخر باتساع وقال له
" لن تصدق كم انتظرت هذا اليوم "
قال له ليل بحدة
" أنت من لن يصدق أني أحدثك منذ مدة وأنت لست هنا "
صمت ليل للحظة ثم قال لفخر
" ما بك تبدو متلهفا أهوج هكذا، اتقل وكن رزينا واذهب لتتأكد من الحجز "
فتح فخر باب السيارة وقال
" حالا "
قفز فخر من السيارة يركض بحماس وهو يرفع يديه بالهواء كأنه سيطير فهز ليل رأسه بيأس فيما ضحك أسد بقوة وقال لليل
" تبدو ناقما كحماة لا يعجبها العجب، دع الشاب يفرح إنها ليلة العمر "
نظر ليل لخيال فخر المبتعد وقال بتأثر
" أنا فقط لا أتخيل أن العمر قد مضى بي وبه وسنعيش في منزلين مختلفين، أنا لا أراه سوى طفل في التاسعة وليس رجل شارف على الثلاثين من عمره "
همّ أسد بالتندر كعادته ليقاطعه صوت رنين هاتف ليل الذي ارتفع فأجاب ليل من خلال مكبر الصوت الخاص بالسيارة قائلا
" سمراء من قبل أن تسألي لقد وصلنا الفندق "
قالت له سمراء بضيق
" ليل اسمعني جيدا، لقد وصلت فاطمة مع يهدين وبمجرد أن رأتها سارة كاد الوضع أن يتصاعد بينهما لولا تدخلي وتدخل يهدين وحاليا أريد منك أن تحضر سلطان أنت وبشر إلى هنا وتشرحا له كل شيء لكي لا يتفاجأ بوجود الفتاة بالزفاف ويحدث ما لا يحمد عقباه "
ضرب ليل رأسه بندم وقال
" كيف فاتني هذا الأمر "
قالت سمراء
" المهم الآن أن نتداركه وبالعقل فأنت تدرك سلطان وانفعاله والفتاة لم تخطئ بشيء "
قال ليل
" بالطبع أعرفه، لا تقلقي سأحضره هو وبشر وآتي حالًا مسافة الطريق "
أغلقت سمراء الخط فترجل ليل مسرعا يبحث عن سيارة سلطان بعينيه قبل أن يندفع نحوها ليجد سلطان يقف مع أيوب ليتحدثا في أمر ما فيقول ليل لسلطان
" سلطان أريدك في أمر هام فهلا ركبت سيارتك وتبعتني "
لم يسأل سلطان أو يستفسر فيوم كهذا مؤكد مليء بالامور التي تستدعي الذهاب هنا وهناك وبينما يخرج سيارته من مكان الاصطفاف لمح ليل وهو يكلم بشر وينظران نحوه ومع ذلك تحرك نحوهما دون أن يملأه الفضول أو يهتم..
༺༻

بنفس الوقت بالمنزل كانت جميع الفتيات تتحركن في كل إتجاه وقد خصصت بهية لكل مجموعة منهن غرفة مستقلة ليشعرن جميعا بالراحة خاصة مع ضيق المكان وكثرة العدد، فتحت أسمهان باب إحدى الغرف ليهدين وقالت
" هذه أكبر غرفة وبها حمام خاص، لا نريدكن أن تشعرن بالانزعاج لضيق المكان، هذه الغرفة تطل على الشاطيء يمكنكم فتح الباب ليشعركن بمزيد من البراح وإذا احتجت أي شيء جميعنا هنا أهل وعائلة واحدة " قالت يهدين بحرج
" هذه الغرفة تكفي نحن لسنا سوى خمسة فسيادة ذهبت مع مؤيد للمشفى "
قالت أسمهان
" وإن كنتن أكثر صدقيني راحتكم تهمنا، سأترككِ لتنظموا أغراضكم فالوقت يمر سريعًا "
أدخلت شيراز نورسين وأجلستها على السرير بلطف وقالت
" سأذهب لأحضر باقي الحقائب مع فاطمة "
قالت نورسين
" أجلسيني على الشاطيء أولًا، فأنا لم أقترب من شاطيء بعمري " قالت شيراز
" سأحضر الحقائب أولا ولا تفكري في ابتزازي لأني قد وفيت بوعدي وانتهينا "
قالت نورسين
" ومن أتى بسيرة الابتزاز، أنا سأستخدم الخطة التي تليها وهو اللعب على رهافة قلبك، فواحدة عمياء مثلي لن ….
قاطعتها شيراز تقول بصوت مرتفع " ملكوت هلا ساعدت نورسين في الجلوس قريبًا من الشاطيء حتى أحضر باقي الحقائب "
قالت ملكوت بلطف
" هذا من دواعي سروري "
اهدتها شيراز ابتسامة ممتنة وقالت ليهدين
" ابدأي بتنسيق الأغراض التي في هذه الحقيبة حتى أحضر البقية " خرجت شيراز تتحرك في هذا الزحام بابتسامة سعيدة اندثرت حين وقعت عيناها في عين كنزي التي كانت تجلس على احدى الارائك،
وقفت كنزي تنظر لشيراز بنظرة مهتزره لا هي مرحبة ولا هي منصرفة، نظرة غير مفهومة كما آخر موقف جمعهما
، اقتربت شيراز منها وقالت
" كيف حالك كنزي، سعيدا جدا لهذه الصدفة، لم أكن أدري أن هناك صلة تجمعك بأهل فخر " قالت كنزي بغصة
" نعم تجمعني بهم صلة معقدة قليلا لكني أيضا سعيدة لرؤيتك شيراز وواثقة أنك إنسانة جميلة قلبا وقالبا ومؤكد لكنا أصدقاء مقربين لو جمعنا واقع آخر "
كانت كنزي تحاول المبالغة في لطفها فوقوف شيراز أمامها يذكرها بذلك اليوم الذي …أوقفت كنزي أفكارها قسرا وهي تسمع شيراز تقول
" واقعنا الحالي لا بأس به، مؤلم أعلم لكن أمنت أن الله يحمل لنا فيه جبرا عساه أن يكون قد وصلك كنزي "
تذكرت كنزي دفعة علِيّ لها والتي تشعر أنها مازالت متجمدة تعيش هول هذه الدفعة مرارا وتكرارا وهمّت بالرد لتقاطعها سارة التي تقول
" كنزي أرجوك هاتفي خبيرة التجميل الخاصة بأصالة، فقد تأخرت "
قالت كنزي وهي تتحسس جيب بنطالها
" سأهاتفها حالًا، لكن لا أعلم أين وضعت هاتفي "
قالت سارة بمرح
" صهباء أخرى لدينا يا محاسن الصدف "
توترت نظرات كنزي حين التفتت شيراز تقول لسارة
" أنا شيراز تشرفت بمعرفتك " الاسم الفتنة ولون الشعر كانوا يكتبون دون جهد اسم الشافعية الذي لم تنطقه، وقفت سارة تنظر لها بصدمة خفية وهي تقول
" شيراز الشافعي "
هزت شيراز رأسها وقالت لسارة " هل أنت من أهل فخر "
أجابتها سارة بقلب قد خلعت الغيرة من مكانه بعنف
" يمكنك أن تعديني كذلك " استغربت شيراز من ردها الغير مفهوم وقالت
" سأذهب لأساعد فاطمة في إدخال الحقائب "
مرت فاطمة بوجه عابس من أمامهن فأمسكت سارة بذراعها وقالت
" لا داعي لتخرجي أنت، سأدخل أنا الحقائب فمن الوارد أن يصل سلطان في أي وقت، ولا داعي لأن يراك قبل أن يفهم كل شيء، أنا خائفة عليك من هجومه الضاري، وخائفة عليه من الصدمة فأنت لا تعلمي ما أصابه من تعب الفترة الماضية "
نظرت لها فاطمة بغضب وقالت
" أخوك لم يكن وحده الطرف الذي عانى، لماذا تتحدثين معي كأني لست طرف فيما حدث "
قالت لها سارة
" كونك الطرف الاكثر إدراك يجعلك أقل الأطراف ضررا ثم نحن حاليا نحاول حل الموقف ولسنا نلوم على بعضنا البعض فيما حدث خاصة وأنه من الواضح أنك مهزوزه ومترقبة لحضوره بشكل يجعل عرق العطارين الانفعالي ينتفض بداخلك، قولي لي منذ متى وأنت تحبين أخي لهذه الدرجة "
امتقع وجه فاطمة وقالت بغضب شديد
" لقد كنت على وشك نسيان حجم سماجتك "
ثم تحركت نحو الخارج فتبعتها شيراز فنظرت سارة لكنزي وقالت " أنت تحتاجين للراحة، فأنت تجلسين من أمس أمام البحر دون طعام أو شراب أو نوم "
قالت لها كنزي وهي تلتفت نحو الأريكة التي كانت تجلس عليها
" أنا بخير "
ثم تحركت تلتقط هاتفها الموضوع على الأريكة وتبتعد تعبر من الباب المطل على البحر وظلت تبتعد حتى وقفت أمام الموج المتلاطم وهي تشعر أن رحيل علِيّ خلف في منتصف صدرها فراغ لا جاذبية فيه كلما حاولت ملئه بشيء غيره تطاير و تتناثر من حولها في فضاء مشاعرها الأجوف، لذلك انهارت تبكي وهي تشعر بكفه تدفعها بعيدا عنه مرارا ومرار …..
༺༻

بالخارج ….

وقفت فاطمة أمام علبة الفستان الثقيلة الضخمة وقالت بإنفعال
" من قلة المروءة أن يترك الشباب هذه الأشياء الثقيلة بالخارج، بربهم من سيحملها الآن "
قالت شيراز
" دعينا نحاول "
جائهما صوت عزيزة تسأل بمرح " هل تحتاجان إلى المساعدة " التفتت شيراز لها فتفاجئت ببطنها المنتفخة بقوة وقالت
" أنت لا تصلحين لهذا الأمر " قالت عزيزة
" يمكنني استدعاء بعض الفتيات، انتظرا "
قالت شيراز
" سأدخل أنا هذه الحقيبة حتى تأتي الفتيات لحمل هذا التابوت "
قالت لها فاطمة
" هذه حقيبة سيادة ضعيها لها بمكان بعيد عن الفوضى حتى تعود "
هزت شيراز رأسها بطاعة فأحاطت فاطمة خصرها بكفيها ورفعت وجهها تتنفس بعمق محاولة أن تتخطى ضغط الترقب والتعب فسمعت صوت سيارات تقترب من المنزل فالتفتت بهدوء ظنًا منها أن خبيرة التجميل قد وصلت لتتجمد حين وجدت عينيه القادرتين على ابتلاعها دون أدني مجهود واللتين دومًا ما أنبأها أن دورة الحياة في صدره مركزها في صدرها لذلك هو بدونها ميت وهي بدونه لا شيء يحاصران عينيها بإنفعال انفلت عقال سيطرته ليخرخ اسمها من فمه كصرخة ضربتها برعد السماء التي غيمت كما غيمت عيناه التي كانت تقترب منها بسرعة جنونية وصوته مجددا يقصف بإسمها بقصف مدوي في ليل حزين من ليالي فلسطين، قطع ليل درب سلطان المنفعل يوقفه بحدة قائلا
" دعنا نتحدث بالعقل يا سلطان وسأخبرك بكل شيء دعنا ندخل " لم يكن سلطان يسمع شيء مما يقوله ليل وهو ينظر لها بشوق فاق الغضب والألم وعذاب الفراق ليقول ليل
" المكان مليء بالنساء والأطفال دعنا لا نفزعهم بإنفعالنا يا سلطان، لنتحدث يارجل "
ربت بشر على كتف سلطان وقال " دعنا ندخل يا سلطان "
ورغم أنه استحال إلى تنين ينفث نيرانه قلبه بقلبه حتى باتت نيرانه غير قابلة للسيطرة رضخ لمطلبهما وتوجه نحو باب المنزل وعيناه لم تبتعد عنها وهلة.
༺༻

غرابتك لم تكن تشبه غرابة البشر، أنت كنت حتى في ذاتك مغترب تائه في غربة طالت داخل وطن لا يراك سوى غريب ……
༺༻

بعد دقائق أمام منزل منذر توقفت سيارة شاهين الرياضية بحدة ليترجل منها شاهين بوجه متجهم وعروق نافرة ينظر لهاتفه بغضب قبل أن يغلق باب سيارته بقوة ويتحرك نحو المنزل ليجد سمراء تقف على باب المنزل بتوتر لم يكن ذهنه حاضرا لإدراكه فقال بلباقة لا تتماشى مع لغة جسده وتغضن ملامحه
" مساء الخير سيدتي، هل بإمكاني أن أقابل كنزي، الأمر هام ولا يحتمل التأجيل "
نظرت سمراء للداخل للحظة ثم قالت
" إنها على البحر على ما أظن، تفضل "
لم يتحرك شاهين فقالت له سمراء بترحيب أشد
"لا تقف هكذا تفضل "
ولج شاهين إلى المنزل وتقدم بعض خطوات ليتوقف قسرا حين سمع صوت سلطان المنفعل فقالت سمراء
" أنه أمر خاص، ها هي كنزي تقف أمام البحر ويمكنك الذهاب إليها "
تحرك شاهين والتوتر الذي يملأ الأجواء يزيد من توتره حتى وقف خلف كنزي يقول بغضب
" لماذا لا تجيبين أنت أو إحدى صديقاتك على مكالماتي، أليس من الوارد أن يكون هناك كارثة خلف إلحاحي على الرنين "
التفتت كنزي متفاجئة من وجوده وقالت
" أما عني فأنا ما عاد بداخلي طاقة لأسمع شيء من مطلق بشر و أما عنهن فلا أعرف فلربما هن منشغلات عن الرد لا أكثر "
قال لها شاهين بانفعال
" أتعلمين لقد قدت لساعات على سرعة جنونه لأنه ليس من المنطقي أن أهاتف أحد الشباب وأقول له دع ابنة عمي تحدثني من فضلك"
قالت له كنزي
" لا داعي لانفعالك هذا شاهين، فأنا متعبة جدا ولست حمل ذلك، ثم عليك أن تعلم أنه ماعاد شيء بالضروري والمهم لدرجة تستدعي كافة انفعالاتك هذه "
قال لها شاهين
" بل هناك يا كنزي واسمعيني لأني تعبت من فكره التدخل بينك وبين ذاك الاحمق العنيد، علِيّ سيسافر وهذه المرة غير كل مرة فلم يعد هناك ما يدفعه للعودة كما سبق وقد حدث، هذه المرة ستكون بلا عودة "
ارتجفت كنزي وهي تلتفت بكلها لتنظر له وتقول
" أنا لا أفهم "
كأنما إدراكها من قلة النوم وبكائها المتواصل منذ الأمس في حالة خمول شديدة فقال شاهين
" علِيّ واجه العائلة بما فعلته بيان وأصر على بيع نصيبه والهجرة وأنت تعرفين عمك شاكر لا يملك سواه فلم يمنعه أو يمانع وهو الآن ربما في طريقه للمطار "
قالت له كنزي بصدمة
" هجرة، هذا يعني أنه لن يعد، طلقني والآن يرحل، إلى أين سيرحل ويتركني في ضياعي هذا، لماذا سيغادر عالمي دون أن يعيد كل شيء إلى ما كان عليه، لما سيبتعد دون أن يلملم فوضاه داخلي "
انفجرت كنزي تبكي بحرقة وهي تقول
"لا يمكنه الرحيل الآن، أنا سأهاتف مؤيد ليمنعه "
همّت كنزي بمهاتفة أخيها لتتوقف فجأة هي تقول بحسرة
" أنا لا يمكنني أن أطلب ذلك من مؤيد بعد ما حدث "
اقتربت تولين التي استمعت لكل ما قيل تضم كنزي بحنان ودعم وتقول لها
" إن كان رحيل علِيّ صعب إلى تلك الدرجة عليكِ فالحقي به، لكن لا تنهاري هكذا كنزي، لا توصلي نفسك لتلك الحالة "
قال شاهين الذي تفاجأ من انهيارها الغير متوقع بالنسبة إليه
" اهدئي يا كنزي، فالدموع والانهيار لن يحلا شيء، أنا سأحاول أن أعطله قليلا لأجلك، سأحاول أن أفعل ذلك الآن لكن سيتحتم عليك الذهاب إليه فوحدك من قد تستطيعين منعه فأنا حاولت معه كثيرا لكن حديثي كان ذات تأثير عكسي عليه على ما يبدو " نظرت كنزي لتولين وقالت
" أنا أريد مفتاح سيارتي، أنا سأذهب إليه لأخبره أنه لن يرحل دون أن يجد لما بيننا حل، هو الآن يدرك صعوبة ما رأيته ذاك اليوم بالفندق وصعوبة ما رأيته من أل الجوهري على مدار حياتي وجعل ثقتي مذبذبة به، هو الآن يفهم كل شئ، هو الآن يراني دون ضبابية فكيف له أن يرحل الآن "
قالت تولين
" سأحضر لك مفتاح سيارتك حالا "
أخرج شاهين المفتاح الخاص بسيارته وقدمه لكنزي قائلا
" لا وقت خذي سيارتي وسأعود أنا بخاصتك هيا "
أمسكت كنزي المفتاح بكف يرتعش ثم نظرت لتولين وهمست بتوتر
" مؤيد "
قالت لها تولين
" حسم قرارك في الذهاب لعلِيّ دون العودة لمؤيد هو في حد ذاته قرار إما أن تأخذيه وإما أن تخضعين لفكرة أن مؤيد سيظل يخشى عليك من كل شخص يحمل اسم أل الجوهري واضعا كلمة النهاية فيما بينك وبين علِيّ " تجمدت كنزي تفكر للحظة كانت أكثر من كافية لتحسم فيها القرار لصالح قلبها الذي كان ينزف قبل أن تركض نحو الخارج فيتبعها صوت شاهين الذي قال
" لا تؤذي سيارتي بقيادة النساء المتهورة "
ثم أخرج هاتفه بسرعة يطلب عمه شاكر الذي بمجرد أن فتح الخط وقبل أن ينبث ببنت شفة قال شاهين بإندفاع
" عمي أرجوك لو كان الأحمق ابنك بجوارك لا تخبره أني المتصل واسمعني دون أن تعلق على حديثي، أنا أحتاج لمساعدتك لأجل علِيّ، عمي أنت تعرف أن علِيّ يحب كنزي وإذا سافر سيكون على وشك إضاعة باقي سنوات عمره كما أضاع ما مضى منها، كنزي تحب ابنك صدقني وهي الآن في طريقها إليه لكن أمامها طريق سفر سيمتد لساعات فهل بإمكانك تعطيل سفره بأي طريقة حتى تصل إليه….
لم يأت شاهين ردة فعل سوى أنفاس منفعلة متلاحقة تبعها صمت وإغلاق للخط من غير إجابة، انقبض قلب شاهين من أن تأتي مكالمته بأثر عكسي إذا أصر عمه على إبعاد كنزي عن علِيّ أكثر لتقاطع تولين أفكاره وهي تقول
" تفضل حتى أحضر لك المفتاح " تحرك شاهين خلف تولين لتتوقف قدميه قسرا وهو يلمح سلطان يجلس بين بشر وليل بوجه ينذر أنه على وشك قتل أحدهم.
༺༻
أنت حالة من حالات الحب المعقد، فسلامًا على من أبعد نفسه بنفسه عنك، وسلام عليّ أنا الذي أتيت إليك راكضًا …
༺༻

قبل قليل ….

كان سلطان يجلس بين ليل وبشر وعيناه الغاضبة لا تتحرك عن وجه فاطمة التي تقف بعيدا عنه بعدة أمتار شعرها بطول الكون الممتد إلى ما لا نهاية، كان في ملامحها هائم وضائع وينشد في تيه المشاعر ألف موال انفعالي كثورة لا تهدأ، كانت الكلمات تتدافع في هياج عظيم خلف شفتيه المطبقتان والذي يشعر أن كافة أبجديات الحديث عصية على أن تصوغ كلمة واحدة تعكس هول المدى الذي تاه في مداراته والتي وجدت من العدم بين أضلعه، كان منجذب وغارق وعاشق إلى ما لا نهاية كأنها نفس يتجدد في صدره في الدقيقة الواحدة ألف مرة، كان غاضبًا كما لو أنه بركان عظيم يجلس على أريكة باردة، قال بشر محاولا امتصاص فورة غضبه
" يا سلطان دعني أخبرك أن فاطمة ابنة أصول ورغم أن معرفتها بنا لم تتعد الأشهر وقفت معنا وقفة رجل لدرجة أن لا أحد منا كان يتوقع موقفها هذا أبدا "
سأله سلطان بحدة
" أي موقف تقصد "
قال بشر محاذرا لكل كلمة تخرج منه
" فاطمة هي من ساعدتنا في قضية الفتيات بل في الحقيقة دونها ربما ما انتهى الأمر وما خرجت الفتيات بسلام "
عمّ الصمت ليزيد من توتر الأجواء ويسبب الاختناق لفاطمة التي لم تكن بقادرة على تحمل نظرة الاتهام الواضحة في عينيه فحاولت أن تتحرك لتغادر تلك الجلسة لتهمس لها سارة
" أعلم أن الموقف صعب لكن انسحابك الآن سيزيد الطين بلة، اصبري قليلا "
توقفت فاطمة مجبرة تسمع ليل يقول
" فاطمة كانت تعرف ما ينتويه ذلك الضابط من قبل أن يحدث ما حدث ببعض الوقت يا سلطان وكانت قد بدأت في إيجاد مخرج للفتيات من تلك الورطة هي وخطيبة فخر وبالفعل الفتاتان نجحتا في تدارك الأمر والحمد لله أن الجميع بخير "
قال سلطان بصوت حاد قاطع
" مازلت لا أفهم "
إصراره على عدم الفهم أوجع فاطمة التي قررت في تلك اللحظة أن تنسحب جديا وبالفعل تحركت لينتفض سلطان واقفا يهدر بها
" إلي أين "
التفتت له فاطمة بحدة وقالت
" لحال سبيلي يا سلطان ما دمت ترفض أن تسمع وأن تفهم "
وقفت سارة بينهما تقول
" سلطان اسمع منها أولًا "
ثارت ثائرته وقال
" أسمع ماذا بالظبط، فكل ما وصل إدراكي حتى الآن أن هناك المزيد من الأمور التي أجهلها عنها، مزيدا من الأمور التي تجعل مني مغفل " ثارت فاطمة بالمقابل تقول
" أتسمع نفسك، لهذا السبب تحديدا رفضت إخبارك بما يدور وفي الحقيقة أنا لست نادمة، ها أنت تشعرني أن خوفي عليك يعد خطيئة لا تغتفر، ها أنت تقف أمامي لترهبني بصوتك الذي طلبت منك مرارا ألا ترهبني به لمجرد أني فكرت في أنه يتحتم عليّ مساعدتك "
صرخ بها سلطان بانفجار مهول
" مساعدتي كيف، بأن تسيري خلف ذلك الظابط كأنك بت في حماه، بت خاصته أمام عيني لكان الموت أرحم "
قالت فاطمة بغضب
" أنا لست خاصة أحد، ثم لماذا تصف مسيري خلفه كأنه شيء تعديت به حدود الأدب، لقد كان إجراء روتيني أنهيته ورحلت دون وداع حتى "
قال لها سلطان وعروقه التي انتفخت تشي بما يعانيه
" سيرك خلفه أمامي تعديت به حدود رجولتي وليس الادب يا ابنة اسماعيل العطار "
تدخل ليل يقول وهو يدفع سلطان للخلف
" اهدأ يا سلطان فأنت تزيد الموقف تعقيدا والأمر بسيط "
هدر سلطان قائلا
" لا شيء مما حدث بسيط "
قالت فاطمة بقهر
" بالطبع، ماذا أتوقع منك، لكن أتعلم أنا لست نادمة على شيء ولو عاد بي الزمن لفعلت ما فعلت بنفس الطريقة لأن كل ما يصدر عنك الآن يؤكد لي أني أصبت في قرار عدم إخبارك بشيء، على كل حال حمد لله يا سلطان أنك وسارة بخير أما عني فيمكنك اعتباري غير موجودة بالحياة، عابر سبيل جاء إليكم وبقي قليلا ثم رحل ووفر على نفسك وعليّ عناء الجدال "
همت فاطمة بالانسحاب ليقفز سلطان قفزة جنونية فوق كل خطوطه الحمراء وهو يدفع ليل ويمسك رسغ فاطمة على عيون الأشهاد مجبرا إياها على عدم الحركة لتتوسع أعين سارة التي أدركت أن أخاها لم يعد مسيطرا على انفعاله وهي تقول
" أترك يد فاطمة يا سلطان "
لكنه كان كمن أصابته لوثة هياج عنيفة فبدى كأنه لم يسمعها وهو يقول لفاطمة
" إلى أين أقسم بالله إن تحركت خطوة دون إذني لأكسر ساقك والآن "
قالت فاطمة بصدمة بالغة وغضب وشعور بالإهانة
" ومن سيسمح لك بفعل هذا يا سلطان "
تدخل بشر يقول
"يا سلطان عنفك هذا سيزيد الأمر تطورا اهدأ و دعنا نرحل وبعد الزفاف يمكنك أن تتفاهم معها بهدوء "
قالت فاطمة بكرامة ثائرة
" لا تفاهم بيني وبينه حتى يعتذر عما قاله حالا "
قال لها سلطان
" أعتذر عن ماذا، كسر ساقك، زيدي عليه قص لسانك هذا " مبالغته في إهانتها كسرتها وجعلت دموعها العزيزة تتساقط علنا ليرتد عنق سلطان الذي حين بكت شعر أن عينيها تمطر قطرات من روحه فما استطاع مقاومة حرائق قلبه خاصة وهو يسمع سمراء تقول
" يا سلطان في الحقيقة أنت تتحامل على فاطمة فما جزاء المعروف إلا المعروف "
نظرت فاطمة له بغضب وقالت
" اتركيه يفعل ما يحلو له فهو محال أن يعلم ليالي فزعي التي عشتها أتخيل ما قد يحدث له ولسارة إذا لم يوجد حل لتلك الكارثة، لن يتفهم الضغط والحصار الذي وضعه عليّ ذلك الضابط وهو يهددني بشكل غير معلن أني قد أتورط في أمر أجهل أبعاده إن لم أساعده، لن يتفهم أن ضرره وحده كان يشكل على ذاتي وقع مرعب لأني تهددت به بشكل مباشر، لقد أخبرني ذلك الضابط أنك منذ مدة تحاول شراء قطعة أرض بمبلغ ضخم جدا يتخطى إمكانياتك ومعنى ذلك أن ربما هذه الملايين داخل الحساب الدولي خاصة بك وأنت وأختك شركاء بأمر غير قانوني، ماذا كنت تريد مني أن أفعل، بربك ماذا كنت ستفعل لو أني أتيت وأخبرتك سوى انفعال يتبعه أفعال غير معلومة العواقب، أنا لست نادمة يا سلطان على ما فعلته بقدر ندمي على تأملي أن تمنحني بعض التفهم والتقدير فأنت ستظل أنت ولن تتغير مهما حدث "
نظر لها سلطان نظرة اخترقت حشاها دون عناء وقال بغضبه المهول
" أنتِ لست رجلا لتفهمي أني أفضل أن تبكي عليّ خلف القضبان وترثني تحت الثرى على أن تسيري خلف رجل آخر، تتواصلين معه دون علمي، على أن تخفي عليّ شيء يخصك وتجعليني آخر من يعلم "
في تلك اللحظة تجمدت خطوات تولين التي كانت تمر وتعلقت عيناها بأعين بشر الذي شعرت أن تلك الجمل المؤلمة تصف حالته فطفرت الدموع من عينيها وأحنت رأسها هربًا من لومه الصامت والذي له على نفسها وقع بتار وتحركت تبتعد عن مرمى عينيه في اللحظة التي قال بها سلطان
" كافة مبرراتك ينقصها شيء مهم لرجل مثلي، يسمى كبريائي يا فاطمة، أنا سأرحل وأنتِ إياك أن تفكري بالاختفاء ثانية، ستعودي مع سارة وستبقين معها حيث تكون وفيما يخص خالك أنا سأتفاهم معه "
جذبت فاطمة رسغها من قبضته بعنف وقالت له
" لا تأمرني بشيء سلطان، فأنا لست تحت تأمرك لكي تتعنت معي ثم تثور عليّ ثم تلقي بأوامرك في وجهي "
هدر بها سلطان
" لا تجادليني يا فاطمة، وحاولي ألا تزيدها معي عما أوصلتني له بالفعل "
لم تجب واسمها الذي يخرج من فمه فخما لم يفقد رونقه رغم كل ما فقدته في ذلك الجدال الطاحن يوهن عزيمتها على الجدال ليهدر بها
" هل تسمعيني "
أسلوبه الأمر الحاد الفظ الانفعالي دفع دموعها في التزايد لتقول سمراء
" لما لا تتحدثان في الأمر بهدوء يا سلطان نحن سننسحب وأنتما حاولا التفاهم "
هزت سارة رأسها وقالت
" فكرة جيدة جدا فهناك أمر يشغل بالي أريد التأكد منه "
انسحبت سمراء وتبعتها سارة التي نظرت لأخيها محذرة لكنه لم يلتفت لها حتى ليربت ليل على كتف سلطان ويقول
" بهدوء "
فيما قال بشر
" كل شيء سيحل بإذن الله " غادرهم الجميع وبقيا وجها لوجه، وجه غاضب حد الوجع ووجه موجوع حد الغضب لتقول فاطمة بحزن
" بمنتهى الأمانة أنا لم أعد أملك طاقة لأقول شيء أو لأسمعك، أنت لست مجبر على تفهم أسبابي وأنا لست مجبرة على تقبل انفعالك ولهذا دعنا من فكرة أنك وأني ….أقصد أننا، أنه لا داعي لنتفاهم، لا داعي لشيء حتى ذلك الكلام الذي جمعته طوال الأيام الماضية بداخلي لا داعي له، لا داعي لتسألني عن أحوالي بعدما رحلت ولا داعي ل….
قاطعها سلطان يقول بغلظة
" أين هاتفك "
تجمدت نظرات فاطمة على وجهه للحظات كأنها لا تستوعب حديثه ثم فتحت حقيبتها المعلقة بكتفها وأخرجته فأخرج سلطان هاتفه وناوله لها وقال
" اربطي هاتفك بهاتفي لكي أعرف مكانك دوما، وأرسلي لي رقمك ورقم خالك وعنوان سكنك الحالي ثم أرسلي لي الهاتف مع سارة فأنا سأنتظر بالخارج "
تحرك سلطان فقالت فاطمة بقهر
" لمَ قد أفعل لأجلك كل ذلك "
فقال بإنفعال
" لأني قلت ذلك "
ثم تحرك خارج المنزل حتى وصل إلى سيارته وارتكن بجسده عليها ورفع يديه يحيط بهما رأسه وهو يشعر أنه قد أسرف في الكتمان حتى بات جاهلا بكيفية البوح وها هو وحده يقف أمامها لينفجر وينفجر وينفجر فلا ترى ولا تسمع منه سوى صراخ..
༺༻

في نفس الوقت كانت سارة تتسلل من حواجز الشاطيء التي تفصل بينهم وبين المبنى المجاور وخيال الشخص الذي رأته يملأ قلبها بالهلع، فتجربة السجن وإن كانت ادعت فيها تماسك تحسد عليه إلا أنها مرعبة ومحال أن تتقبل أن تعاد لأي سبب، ربما هي واهمة وربما هاجس القلق هو الذي هيأ لها ما رأت لكن لو أن هناك نسبة واحد بالمئة على أن ذلك الشخص من تظنه فلن تهدأ حتى تقطع شك ظنونها باليقين، كانت مصرة على أن تريح قلبها ولم يكن بإمكانها البوح بمخاوفها دون دليل في يوم كهذا فتكون النتيجة إثارة هلع الجميع دون سبب، وصلت سارة للطريق الرئيسي المواجه للمنزل المجاور ثم عبرته بخفة للناحية المقابلة ثم ولت وجهها نحو الشارع الجانبي الذي لمحت به قائد الدراجة والذي كان مقابلا لمنزل منذر لتشهق بعنف أربك ذلك الرابض يراقب المدخل حين وجدت نفسها تقف أمام حورس الذي أسرع يركض نحوها ويكبلها.

༺༻

في نفس الوقت داخل الغرفة التي خصصتها بهية لأصالة كانت أصالة تجلس على طرف السرير تحني رأسها للأسفل وكفيها تكمشان شراشف السرير بعنف قبل أن تنتفض واقفة تدور حول نفسها وفي عينيها تترقرق الدموع لتتعالى طرقات على الباب تبعها دخول بهية التي رمقت أختها بقلق وقالت " أصالة ما بك "
قالت أصالة بصوت مختنق
" أنا أريد رائف "
قالت بهية باستغراب
" الآن، أصالة اهدأي يا حبيبتي فالوقت ضيق بالفعل وقدومه لا داعي له، أخبريني فيما تريديه ربما يمكنني مساعدتك "
قالت أصالة
" أرجوك يا بهية أطلبي منه الحضور فأنا هاتفي تركته بالغرفة المحاورة أو أحضري هاتفي وأنا سأطلب منه ذلك بنفسي "
اقتربت بهية من أختها وجذبتها لتجلس بلطف على طرف السرير وقالت
" أخبريني فقط لمَ تحتاجين إلى حضوره في وقت ضيق كهذا، هل نسيت معه شيء يخصك، ألم نجهز كل شيء سويا واشترينا كل ما ينقصك حتى الفستان والشبكة لم أعود للمدينة الساحلية إلا بعدما تأكدت أنهما جاهزان، لو أنك تحتاجين للحديث معه لا يوجد مشكلة يمكنك مهاتفته لكن لو أن هناك شيء محدد هو ما يسبب لك هذا التوتر فتحدثي معي فأنا أختك وأكثر واحدة قد تتفهمك وتستطيع نصحك "
نظرت لها أصالة بعدم فهم فقالت بهية
" أقصد لو أن لديك مخاوف أو أسئلة أو تحتاجين لسماع شيء قد يطمئنك فأنا بجانبك اطمئني،
أقسم لك أني لم أكن أريد تركك والعودة إلى هنا، كنت أريد البقاء بجوارك لأشاركك كل لحظة وأختار معك كل شيء لكن تجهيزات الحفل حتمت عليّ عودتي لكن اعتبري أن لدينا كل الوقت لتخبريني عما يحزنك، أنسي كل ما يدور بالخارخ وأخبريني هل أنت هلعة من فكرة العلاقة الزوجية، هل تريدين سؤالي عن شيء أو تحتاجين مني أن أتحدث معك عن الأمر "
تدافعت الدماء لوجه أصالة الذي بات قرمزي من شدة الخجل لتقول بهية
" كم تمنيت أن تفعل أمي معي هذا، أن تجلس وتجلسني أمامها وتحدثني بالعقل والحكمة في يوم زفاف وتمنحني الطمأنينة، لكن هذا لم يحدث ولا أريد أن أشعر أني قد قصرت معك في شيء "
اندفعت أصالة دون مقدمات تضم بهية بقوة وهي تبكي وتقول
" إرسالك منذر لي، وكل كلمة دعم سمعتها منه اليوم كفيلة بجعلي أعترف أن لا أم لي سواك، أنا متفهمة مدى خوفك عليّ وحرصك على راحتي لكني حقا أريد رائف، أريد التحدث معه لأني لا أشعر بالراحة، أريده ضروري "
ربتت بهية على ظهر أصالة بحنان بالغ وقالت
" سأهاتفه من أجلك "
أغمضت أصالة عينيها تسكن في دفء أحضان أختها لتقاطعها طرقات على الباب تبعها صوت أسمهان التي فتحت الباب تقول
" لقد وصلت خبيرة التجميل " ابتعدت بهية عن أصالة وقالت
" ابدأي بوضع زينتك وأنا سأهاتفه لا تقلقي "
هزت أصالة رأسها بطاعة وهي تشعر أنها ما عادت قادرة على الاستمرار في إدعاء التماسك أكثر.
༺༻


لا مفر لي منك فجميع خطاي تقودني إليك، ورغم مشقة الطريق قدماي كما نبضي صامدان ……
༺༻

بالخارج….

كان حورس يسحب سارة التي تقاتل بضراوة لتفلت منه للخلف وهو يقول برجاء
" سارة اسمعيني، أنا لن أؤذيك، أرجوك اهدأي "
لم تكف سارة عن محاولة التحرر منه فقال لها حورس بإنكسار
" سارة أنا لا أستطيع إيذائك مهما حدث، فأنا كتب لي عمر جديد بسببك، أرجوك اهدأي واسمعيني "
لم تتخل سارة عن ضراوة وعنف حركتها ليقول لها حورس بصوت خافت ويائس
" أنا هنا لأطمئن عليك لا أكثر، أنا لست شريرا يا سارة، أنا فقط إنسان لم يملك الفرصة ليكون إنسان أفضل، ربما لو أني حظيت بحياة بسيطة وطبيعية لكنت أصبحت شخصا آخر يملك فرصة معك "
لم تتوقف سارة للحظة وعقلها يهيء لها مصير تشعر لو تصاعدت تلك اللحظة إلى شيء تخطى ما يحدث حاليا، كل كلمة تخرج منه لم يسمعها عقلها سوى كهذي مرعب يزيد من انفعالها، حاولت سارة أن تفتح فمها الذي يكممه بقوة ورغم صعوبة ذلك فعلته مسببة لشفتها السفلي جرح طولي بسبب حلقتها الفضية التي مازالت بيده وغرست أسنانها بكفه بكل قوة، استماتت في غرسها بجنون حتى بلغ منه الألم مبلغه فرفع يده بعيدا عن فمها لتصرخ بقوة
" سلطان "
كانت صرخة استغاثة خالصة جعلت سلطان الواقف بجوار سيارته يلتفت بحدة لمصدر الصوت ثم يركض عابرا الطريق بجنون ينظر للمشهد أمامه بجنون ليسحب حورس سارة معه للخلف وهو يقول مهادنا
" سلطان انت تعرفني، أنا لست شخص سيء ولا أريد إيذاء أحد
، كل ما أريده هو أن أطمئن على سارة وأتحدث معها قليلا لكن من الواضح أن سارة قد بلغها كلام عني جعلها ترهبني ولذلك صرخت، أختك بخير أنا محال أن أؤذها "
هجم سلطان على حورس في اللحظة التي خرج شاهين بها من باب المنزل فركض بسرعة يعبر الطريق نحو سلطان الذي لكم حورس بقوة ثم سحب أخته من بين يديه بعنف أطاح بها أرضًا فانحنى شاهين يرفعها وهو يتأمل شفتها النازفة بغضب أشعل فيه ثوارت غضبه التي ما انطفأت إلا لأجلها، تحرك شاهين بها نحو ركن قصي عن شجار حورس وسلطان الذي بدأ يحتد….
༺༻
كان حورس يحاول بأقصى جهده أن يخاطب سلطان الذي لم يكن يسمع شيء سوى صرخة أخته حتى أصبح شاهين في المشهد، التفت حورس يرمق شاهين الذي يمسح الدماء التي تسيل من شفاة سارة بغل جعل لكمة سلطان التي أطاحته أرضا تفتح بوابات غضبه على أشدها فأخرج مدية وأشهرها وهمّ بطعن سلطان الذي ركل يده التي تحمل المدية بعنف أطاحها بها على بعد أمتار فزحف حورس محاولا الوقوف فأمسك في دراجته النارية كأنه يبحث عن سلاح بها فاقترب منه سلطان يحاول الامساك به فدفع حورس الدراجة النارية نحوه ثم حل جزء حديدي خلفي منها وضرب سلطان في ساقه بعنف جعل سلطان ينحني من شدة الألم فتحرك نحو مديته يلتقطها بسرعة وركض بعنف ليطعن سلطان بجنبه ليقاطع طريقه شاهين الذي أمسك يده التي تحمل المدية ودفعه للخلف ويده الأخرى تطبق على عنقه، فشعر حورس أنه يلفظ أنفاسه من شدة الاختناق لذلك باغت شاهين وتسقط المدية ويلتقطها بيده الحرة ثم يرفعها لوجهه فحاول شاهين تفادي المدية لكنها جرحت رأسه بجرح قطعي جعل الدماء تنفجر وتغطي جانب وجهه فصرخت سارة بعنف وهي ترى ليل وبشر يقتربا بينما سلطان أسرع يلف ذراعه الضخم حول عنق حورس الذي بدأ شاهين في تسديد اللكمات له ثم سحب المدية من يده وهو يقول لليل وهو ينهت
" أبلغوا الشرطة "
قال حورس بأنفاس متقطعة
" أنت من دفعني لأفعل ما لا أريد فعله "
لم يهتم أحد بهذره وليل يقول لبشر " بشر ساعد سارة لتعود للمنزل وأبلغ الشرطة واجعل الفتيات يدخلن الآن "
كان سلطان وليل يكبلان حورس بقسوة شديدة، فهمّ بشر برفع سارة التي تجلس أرضا ليسارع شاهين بفعل ذلك وهو يقول
" أنا سأفعل "
تمسكت سارة بشاهين الذي كان ينزف بغزارة تحاول الوقوف وتحركت معه بعرج واضح تعبر الطريق في مشهد صدم رائف ومنذر اللذان وصلا للتو،
أوقف منذر سيارته فورا وترجل منها يسأل بهلع
" ماذا حدث"
قال بشر الذي يعبر الطريق نحو زوجته التي كانت تبكي بإنهيار
" أمر وتداركناه "
تحرك رائف نحو سلطان وليل وقال بصدمة
" ماذا حدث "
كان ليل وسلطان قد كمما ذراعي وقدمي وفاه حورس الذي حين سمع صوت رائف حاول طلب نجدته أو رفع وجهه المغموس بالتراب عساه أن يعرف لكنه عجز عن ذلك وهو يسمع ليل يقول
" لا تقلق نحن سنطلب الشرطة لتتعامل هي مع هذا الأمر "
هز رائف رأسه بريبة وانسحب يعبر الطريق نحو المنزل وهو ما بين فنية وأخرى يتلفت ليراقب المشهد خلفه.
༺༻

أعطني حريتي ودعني أغازلك كما يحلو لي، فالغزل إذا قيد يكن له في الصدر انتفاضة شعبية ليتك تدرك هولها.

༺༻

بغرفة أصالة كانت أصالة قد انتهت من وضع زينتها ولف حجابها والطرحة بوجه عابس لا يلائم عروس في ليلة عمرها، حاولت خبيرة التجميل أن تخرج منها بأي إنطباع على مظهرها لكنها كانت لا ترى شيء سوى ****ب الساعة التي تمر دون أن يصل، ابتسمت لها خبيرة التجميل ونظرت لها من خلال المرآة تقول
" لا أرى داعي لتأخير إرتدائك للفستان أكثر من ذلك "
هزت أصالة رأسها برفض ووقفت بمنامتها الستانية البيضاء تجمع الطرحة الطويلة التي تعيق حركتها وهي تقول
" ليس الآن، لننتظر قليلا "
لاح شيء من النزق على وجه المرآة دارته بعملية لتجلس أصالة على طرف السرير بسكون فتتعالى طرقات قوية على الباب يتبعها دخول رائف الذي قال
" أصالة "
فزت أصالة واقفة تنظر له باحتياج جعله ممزقًا بين تأملها بالغ العذوبة في تلك اللحظة ونظراتها بالغة الانتماء، انسحبت خبيرة التجميل ببسمة عملية وهي تقول
" ليس لدينا الكثير من الوقت " لكن لم يهتم مطلقًا لما قالت فرائف كان يقف بعد ثمانية وثلاثين عاما على مشارف وطنه وأصالة كانت تقف لأول مرة بالعمر داخل حدود إرادتها الحرة، هو كان ما بين الفتنة والسحر يتنقل وهي كانت ما بين الحنان والحب تتأرجح، تقدم رائف خطوة واحدة مخافة أن تنجرف خطاه في فتنتها فقطعت هي المسافة تركض لتتعلق بعنقه سامحة له بأن يحصر كافة مفاهيم الحياة في ذلك الفراغ المعدوم بينهما، كان عناقها يشتد وكانت أحاسيسه تثور وهو يضم جسدها الناعم وينحني ليريح رأسه على كتفها الذي سيكون ممهدا لرأسه ما بقي من عمر قبل أن يسألها
" ما بك "
قالت أصالة
" لا أشعر بالارتياح مطلقا، هذا ليس الزفاف الذي تمنيته، كل ما يدور حولي أشعره أمر واقع جديد فرض عليّ، أنا لست سعيدة ولا أستطيع إخبار أحد بذلك خاصة بهية فهي سعيدة لأجلي ولا أريد أن أقتل سعادتها في غمار مخاوفي " صمتت أصالة للحظة ثم أكملت بنواح مندفع
" أنا أشعر أن حلمي بزفاف هاديء يجمعنا قد اقتحم عنوة كما اقتحمت دائرتنا بالكثير من الأشخاص الذين يجعلون عالمنا مزدحم، أشخاص ربما لم أجد منهم ما يبرر موقفي نحوهم في عينيك لكني أحيانا أشعر أنك عالم صغير كنت أعيشه وحدي، أبكي أضحك، أنهار وأهدأ، أواجه الموت أو أحيا أو أتألم، ألجأ إليه فلا يشتته عن لجؤي شيء والآن انظر لما يحدث، أنا بت لا أدري ما يحدث "
قال لها رائف وهو يتمايل بها كأنهما يرقصان بتناغم
" ماذا حدث لكل ذلك أخبريني " قالت أصالة
" أنا أعلم أنه لن يفهمني أحد غيرك ….
صمتت أصالة لوهلة ثم قالت
" فأنت الشيء الوحيد الذي تمكنت من إختياره، حيز حريتي الوحيدة والمطلقة بهذا العالم، أنت الشيء الوحيد الذي وقفت أمامه وتمنيته فحظيت به، أنا من قبلك لم يكن لي رأي في شيء لم تكن لي إرادة لم أشعر أن من حقي قبول أو رفض أي شيء لكن حاليا كل شيء تغير وبت رافضة أن تسير حياتي ظروف أو أمر واقع أوضع أمامه أو أشخاص تجمعهم بك تفاصيل تشعرني أمامك بالغربة كأني لا أعرفك، أنا لا أكرههم إطلاقا …لا أكره تولين لكن بأي منطق قد أتقبل أن تكن هناك أخرى تعرف عنك ما لا أعرفه، تملك معك ذكريات وماضي لا أملكه، أنا أغار وأشعر أني مهددة بأن أفقد لديك كوني الأولوية في قلبك وعينيك، أعلم أنه جنون لكن أنا كم قلبا محب ملكت وبكم عين دافئة تملكت من قبل،
أنا أرفض أن أصدق أننا لم نولد معا في لحظة لقائنا، لا ماضي لك أو لي قبل ذلك لا حكايا لا أهل ولا مشاعر، أرفض أن أرى كل ما مررنا به سوى مخاض حياة عسير لكنه مر لأنك أمسكت بيدي، أرفض أن يغتال العالم فرحتي بك أو أن يقتحموا دائرتنا لذلك لمَ لا تجد سببا لهم وتدعنا نرحل، أنا سأجمع أغراضي في لحظة واحدة وننطلق بعيدا نحو منزلنا "
ابتسم رائف وأنفاسه الهادرة تطوق تجويف عنقها قبل أن تلمع عيناه بالدموع ويتضخم قلبه وهو يقول
" من أين أتي بحب أكبر مما أملكه لأحبك به مجددا، لأقع صريع هواك كل شروق، وأقع بين أحضانك كل غروب، ليتني كنت أعرف أنك هنا بهذا العالم لكنت أتيت إليك وجعلتك لي رغم أنف عائلتك وسلاسل العادات التي تقيدها، لما كنت أضعت من عمري كل تلك السنوات في البحث عنك في الزمان الخطأ والمكان الخطأ، أنا أفهم كل ما تقوليه يا حبيبتي، ولذلك لم أعارض إصرارك على أن نستقل وحدنا بعيدا عن المجمع السكني، ولم أعارض طريقتك المتحفظة مع تولين وإن كنت أرى أنه لا داعي لها، ولم أدخل بيننا الخصام عقب انفعالك ذلك اليوم، ولن أفعل يوما أصالة لأني أحتاج لذلك الشعور المندفع المجنون الذي يشعرني أني كنزك الثمين الذي ستقاتلين كل من يقترب منه بضراوة، أحتاج جنون الحب الذي بت أفهم معانيه على يديك وأريد تملكه الذي تحاصريني به، أنا هنا في حضرتك مستسلم راضخ لكل ما تجودين به من انفعالات وثرثرة تهز أعمق نقطة في داخلي لكن خروجك اليوم كعروس أمام الجميع وإن كان لا يروق لك فهلا فعلته من أجلي، من أجل أن أفي بوعدي لك، أتذكرين ذلك الوعد أني سأخذك بشكل يرفع رأسك أمام الجميع، دعينا ننتهي من ذلك الحفل الذي لا يروقك وأعدك أن أعد لنا حفل زفاف خاص، مؤكد لن يكون به بحر لكننا نملك حمام سباحة بالمنزل تخيلي ما نحن بقادرون على فعله معا لنحقق كافة أحلامنا، مادمنا معا نحن نملك الوقت والفرصة لنعد كل يوم زفاف جديد يروقك وأنا سأكون سعيد جدا لذلك، وأعدك ألا يقتحم أحد أي زفاف منهم، قولي لي كم زفاف يرضيك مئة …ألف "
لمعت عيناها وابتعدت تريح جبهتها على جبهته وقالت
" ليكن لي معك زفاف كل يوم ولتكن أيامي بجوارك بلا نهاية، وليكن القادم رائعا كما أراك رائعا في تلك اللحظة "
غمغم رائف قائلا
" يا إلهي "
قبل أن يندفع محاصرا أنفاسها في قبلة سخية سخاء ما تجود به عليه من مشاعر تثير فيه الحياة، قبلة طالت بينما هي تتمسك به باستسلام من يريد أن يرشد إلى الطريق لينتفضا معًا على طرق باب الغرفة وصوت عزيزة تقول
" لقد أزف الوقت يا سادة " تمسكت أصالة التي يلفها دوار المشاعر برائف وهمست له
" أحبك وأعدك أن ذلك القلب ملك، لك لا أحد غيرك يزاحمك براحه، ولا أحد غيرك يملك مفتاحه "
منحها رائف عناق قوي ثم قال لها " لا أريدك أن تحملي هم شيء أنا لن أتأخر "
هزت أصالة رأسها بطاعة فتحرك رائف تجاه الباب يفتحه وهو يقول " عذرا منكم "
توسعت أعين الواقفات على الباب وأخفضن أعينهن بخجل وولجنا نحو الغرفة لتمسك عزيزة ذراع رائف وتقول له
" ألست عمي "
قال رائف بتوتر
" نعم "
قالت له
" مثل عاصي تماما "
قال رائف بتوتر اكبر
" أكيد "
قالت له "
هناك حمرة نسائية على شفتيك " أسرع رائف يمسح فمه بحرج بالغ فيما تحركت عزيزة نحو غرفة أصالة لتجد زينتها قد أصبحت مجرد رتوش فقالت بمرح
" كم عروس سيتوجب عليّ أن أقول لها أن الاستعجال لا داعي له، من الواضح أن علينا البدء في تزيينك من جديد ".
༺༻


نظرات عينيك الساكنتان في عمقهما حفل صاخب ناقم من أنني لست مدعو عليه، لذلك وجب عليّ إقتحامه و إزاحة نقمتي جانبا مفسحا الطريق لآلآف المشاعر الأخرى….
༺༻

بغرفة يهدين كان هناك بذخ مفرط يطغي على كافة التفاصيل، بداية من الفستان المطرز للتاج المرصع للأقراط الماسية للحذاء الذي صمم في وقت قياسي خصيصا لأجلها، نظرت يهدين إلى نفسها بالمرأة ورفعت يدها تتلمس خصلات شعرها التي قامت بصبغها بألوان تدرجت ما بين البني والنحاسي والذهبي، ثم نظرت إلى عينيها التي وضعت بها عدسات رمادية وقالت لشيراز التي كانت تتولى أمر تزينها كونها رافضة التعامل مع خبيرة تجميل بسبب رهابها، بل ورافضة لمبدأ طبقات الزينة كاملة التغطية التي مؤكد تزيد من لفت الأنظار الذي يقتلها دون سلاح، يكفيها إختلافها الذي يلفت الأنظار دو إرادتها
" أنا أشعر أن هلعي سيدفعني لفعل تصرف أخرق سيجعل الجميع يظنون أني حمقاء غريبة الشكل " قالت لها شيراز التي انتهت من تصفيف شعرها وجمعته في تسريحة بسيطة وأنيقة
" لا داعي للهلع يا حبيبتي"
كانت ملكوت تلتقط صور لكافة التفاصيل ولكافة اللحظات العفوية التي تحيط بها، أما نورسين فتنام بجوار الفستان لتتلمسه وعلى وجهها علامات انبهار كأنها ترسم في عقلها للفستان صورة ساحرة ليس لها مثيل، قالت شيراز
" لقد انتهيت، قولي لي ما رأيك " ارتجفت كفوف يهدين بقوة وقالت
" أنا أشعر بالخوف، انظري لما فعلته بشعري وما فعلته بعيناي، أشعر كما لو أني أطمس هويتي خوفا من أحكام البشر وتنمرهم بل ونفوسهم المريضة "
قالت شيراز بهدوء
" هلعك يعمي عينيك عن رؤية جمالك، عليك تخطي ذلك الهلع اليوم وإلا ستفسدين يومك وليلتك الأولى مع فخر، يهدين جميعنا مليئون بالعيوب التي لا يحلو لعيون البشر من حولنا رصد سواها فينا، جميعنا تعرضنا لضغط التنمر والاستنقاص والأحكام المجحفة وإن كان بنسب متفاوتة، جميعنا مررنا بتجارب قاسية لكن لو تركنا لها العنان لتهدم حتى اللحظات الجميلة في عمرنا سنكون قد انهزمنا حقا "
امتلأت عيون يهدين بالدموع وهي تشعر أن هناك نوبة هلع على وشك مهاجمتها فأسرعت شيراز تقول بلطف
" لا داعي للدموع أرجوك، أنا سأطلب منهم بالخارج أن يعدوا لك مشروب دافئ ليساعدك على الاسترخاء ولا مانع من حبة مهديء، ما رأيك "
قالت يهدين بحزن
" أنا لا أريد أن أفسد زفافي " قالت لها شيراز
" لن يحدث يا حبيبتي، لن يحدث هذا أبدا، لنجرب المشروب والمهديء وإذا زاد الأمر سنلجأ لحكم أنا أعلم أن وجوده يمنحك أمان واتزان نفسي لكن دعينا نتفق أننا لن نسمح لشيء مهما كان أن يهزم فرحتك اليوم "
هزت يهدين رأسها موافقة وقالت
" نعم لن نفعل "
تحركت شيراز نحو مكبرات الصوت التي تشدو بلحن غربي هاديء ورفعت الصوت أكثر ثم انسحبت خارج الغرفة لتتفاجأ من
حالة التوتر الغريبة التي تملأ المكان، كانت هناك حركة غير مفهومة وأصوات رجولية منفعله بالخارج فتحركت شيراز تجاه سارة التي كانت تجلس ما بين ملاك وتولين بشفاه متورمة عليها أثار دماء ووجه باكي وقالت برعب
" ماذا حدث"
همّت تولين بأن تجيبها لكن دخول شاهين برفقة سلطان جعل سارة تقف بسرعة لتصبح هي وشيراز كتفا لكتف أمام شاهين الذي توسعت عيناه بصدمة لم تطل وهي تنتقل لسارة بقلق بالغ ويسألها
" هل أنت بخير "
قالت له سارة بهدوء
" بخير "
لم يكن قلبه مرتاحا لردها المقتضب فنظر لشيراز كأنه يخشى أن يكون بصدد عائق جديد وضع في طريقه مع سارة ليرى في عينيها إمرأة ليست مديونة له بشيء ولا تدينه بشيء، امرأة خرجت من دائرته تمامًا وباتت تقف على الجهة الأخرى من هذه الحياة بنظرة لا تلصق به إنكسار أو ألم، كانت محض امرأة استعادت احترامها في عين رجل مر بحياتها وهي مجرد إمرأة مرت من طرقات عمره فلم تترك فيه حلوا ولا مرا، إمرأة ليس لديها ما يقال مثله تماما، أهدى شاهين شيراز نظرة مليئة بالاسف لا أكثر فكان ردها نظرة تتنصل من أي فهم كأنها ما عادت تدرك لغته وهي تدير ظهرها وتبتعد في اللحظة التي همّ فيها بالاقتراب من سارة ليأتيه صوت سلطان الغاضب يقول
" سارة، أحضري شيء لتضميد الجروح ثم دفع به بغلظة خارج المكان نحو الشاطيء والذي كان معدا للإحتفال."
༺༻

بعد دقائق كان سلطان يجلس على المقعد الحجري أمام البحر يرمق شاهين الجالس بجواره بحنق بالغ محاولا ألا ينفعل عليه أو أن يوبخه مثلما يريد أن يفعل الآن مقدرا ذلك الاندفاع الرجولي الذي رآه منه والذي لا يستطيع رده له بإنفعال بحت ناتج عن مشاكلهما الخاصة معه، فهو رجل عاش بالحياة لا يفهم سوى الأفعال ولا يؤثر فيه سوى مواقف الرجال وهذا فقط ما يلجمه عن الانفجار في ذلك الذي لا يتوقف جرحه عن النزيف، بينما يجلس شاهين بجواره واعيا لكل انتفاضة غضب مقيدة تصدر عنه، واعيا لنظراته الحانقة ومحاولته السيطرة على انفعاله تقديرا للموقف ولا يعرف لمَ ولد ذلك في رغبة بالضحك لترتسم بسمة على شفتيه ظلت تتسع شيء فشيء رغم أنه لم يبادر بقول كلمة لكسر هذا الصمت القاتل لكي لا يثير حفيظة الضخم الجالس بجواره أكثر، استدار عنق سلطان نحوه فجأة ينظر له بغيظ ثم هز رأسه بحدة وهمّ بقول شيء كأنه يلجم نفسه بصعوبة لكي لا ينفجر، تنفس شاهين بعمق يملأ صدره برائحة اليود ثم قال بإبتسامة " لا تضغط على نفسك كثيرا، انفجر كيفما شئت فيبدو أن قدري ألا أدير معك نقاش وأنا بكامل هيبتي، لا أعرف لمَ كلما جمعني بك موقف جدي تكن دمائي حاضرة، هل تذكر لقائنا الاول كانت أختك تنقذني من الموت حينها لذلك لم أكن لأقف مكتوف اليدين وأنا أرى ذلك الوغد يسدد نحوك نصل "
نظر له سلطان بنظرة تصادمت فيها كل مسببات الاشتعال منذرة بقرب تدفق ناري مدوي ليقول شاهين وضحكته تتسع أكثر
" لو رأيتني بالأمس وأنا أقف في وجه عائلتي بأكملها وأتحدث بقوة لم يجرؤ شخص منهم على مجابهتها لن تصدق أني ذلك المضروب الجالس أمامك، يا إلهي منذ عرفتك وحتى هذه اللحظة كم مرة انضربت منك أو أمامك "
قال له سلطان بحدة وقد طفح كيله " كيف تتدخل في شيء لا يخصك، هل الحياة لديك استعراض عضلات "
أجابه شاهين بجدية اختلط بها الهزل
" ليتها كانت كذلك لما تعبت أنت ولا أنا فنحن لا نملك وفرة سوى بالعضلات، الحياة لدي مواقف مؤثرة يتبعها تغيير جذري وندم "
قال له سلطان بغضب
" اقتحامك الشجار لم يكن له داعي"
قال له شاهين
" مادمنا نتحدث بهدوء وأنت تلجم غضبك بتلك الطريقة إذا له كل الداعي "
نظر له سلطان بغيظ ليقول شاهين
" أنا أمزح في الحقيقة دمائي فارت حين رأيت هذا الشخص قريب من سارة، ورأيت شفتها المجروحة وجسدها المرتجف فلم أفكر، حين لمحت النصل يقترب منك لم يكن بي عقل لأني لم أشعر أن أمر محسوم كذلك يستحق التفكير"
نظر له سلطان بحدة وقال
" أنا ألجم نفسي بأعجوبة فهلا تحدثت بجدية قليلا "
تبدلت ملامح شاهين للجدية وقال وهو يراقب الموج المتلاطم أمامه
" أنا أريدك أن تغفر لي ما حدث من طيش واندفاع وأن تمنحي يد سارة يا سلطان فأنا مهما ادعيت الإصرار والثبات بت أخشى أن تضيع مني وأن تنشق الأرض في لمح البصر ويخرج منها رجل تراه مناسبا لها أكثر فأخسرها وأخسر نفسي لأني واثق أنها لن تكسر لك كلمة، أنا أريدها حقا، أريدها زوجة لي ولا أريد سواها "
هز سلطان رأسه برفض كأنما الحديث الذي يسمعه لا يروقه فضم شاهين قبضته بيأس وقال
" ربما هي أكثر مما أستحق، مؤكد أنت مصيب في ذلك الأمر لكن إن كانت نصيبي فأعدك ألا يمسها ما يؤذيها يوما، أعلم أن ما جمعنا قد يجعلك مذبذب الثقة في ذلك الوعد لكن ليس بيدي إثبات سوى الايام التي ستمضي بيننا "
قال له سلطان بقوة
" أنا لا أريد لأختي رجل يجيد قول الكلام المعسول يا ابن الجوهري، لا أريده ذا منصب ومركز، لا أريده مقتدر ماديا، لا أريده من عائلة عريقة بقدر ما أريده رجل أثق في أن أضع بين يديه أمانة العمر الذي ظللت أحافظ عليها، رجل يثور لنجدتها وحمايتها وحين الخصام يحجم ثورته إكراما لها، يقسو عليها لمصلحتها ويمنحها فيض حنان يجعلها صلبة على الدوام، يراعي ربه فيها ويعاشرها بما يرضي الله، يأخذها مني عزيزة مصانة وتظل لديه عزيزة مصانة وأنت في تصرف واحد أهوج ضربت كل هذا عرض الحائط، فماذا تنتظر مني "
صمت شاهين بعجز ليقول بعد لحظات
" أنت محق، حديثك هذا رغم ثقله على نفسي إلا أنه حقيقي لكن أنا تغيرت كثيرا، ما مررت به ذلك اليوم كان أبشع من أن يمر على ذاتي مرور الكرام، كأنه درس إلهي من العيار الثقيل أراد الله أن يلقني إياه من قبل أن يجمعني بأختك أي كان خيرا هو يعلمه، أنا هنا لا أتنصل من أفعالي سلطان لكني أقر بها وأقر أني على استعداد لتحمل تبعاتها لكن وسارة معي، فهلا زوجتني إياها ولك من الضمانات ما تشاء، أؤمر وكل ما تطلبه سيفا على عنقي "
قال له سلطان
" وهل كان لي طلبات من قبل ليصبح لي الآن، أنا قلت أني لا أريد أن أرى دمعة لها لأجد بدل الدمعة دموع، وفضيحة ووجع "
سارع شاهين يقول
" امنحني الفرصة، آخر فرصة، أعدك هذه المرة أن أكون زوجا ترضاه لها وإن لم يحدث سأنسحب تماما قابلا بخسارتي تاركا سارة لمن ترتضيه لها "
أنهى شاهين حديثه بقهر جعل عروقه تنتفخ وعيونه تصبح ككؤوس دماء كأنما وقع الكلمة قاتل وهو لا يفعل شيء بقولها سوى أن يعذب نفسه رمقه سلطان بضيق وقال
" قلت لك من قبل سارة ليست للتجربة "
وقف شاهين وتحرك مبتعدا بيأس وهو يقول
" أعرف هذا جيدا لكن أسقط في يدي وبت عاجزا عن إيجاد شيء أقنعك به أني سأكون لأختك زوجا وأخا وصديقا وحاميا وداعما وعائلة وقوة إن أرادتها أحرقت في سبيلها الاخضر واليابس حتى تصل إليها، أنا عاجز عن إيجاد حل لتلك الدائرة التي ندور فيها منذ ما حدث "
صمت سلطان لوهلة ثم وقف وقال دون مقدمات
" إن وافقت فرح سارة لن يقام إلا في الحارة وإن تخلف شخص من عائلتك سأعتبرها إهانة لن تغتفر " سقطت علبة الاسعافات الاوليه من يد سارة التي كانت قد وصلت إليهما فيما التفت شاهين ينظر لسلطان بصدمة وهو يقول
" عما ستتخلف عائلتي "
رفع سلطان حاجبه بجمود فاقترب من شاهين يقول
" قل ما قلته مجددا "
قال له سلطان بصرامة
" كما سمعت إن وافقت سيقام زفاف أختي بالحارة، وسيتحتم على عائلتك بأكملها الحضور لكي نغلق الأفواه التي تلوك في سيرتنا منذ حفل الخطبة، وليس مسموح لأحد من عائلتك أن يتخلف أو يبدي اعتراضه فهذه كرامة أختي، وسأنتظر منك أن تصلح كل ما جنته يداك بالأفعال لا الكلام، فكلمة أريدها التي سمعتها منك مرار لا تعادل وقوفك في ظهري اليوم، أنا أريد لأختي رجل لا يشق له غبار هذا إن وافقت هي "
التفت شاهين ينظر لسارة التي ظلت تناظر سلطان بتوتر شديد قبل أن تركض نحوه ليتجمد شاهين بفزع وخاطر أنها قد تكون مصدومة من موافقة أخيها يجمد الدماء بعروقه، غيمت أعين شاهين بنظرة حزن وقال
" سارة "
التقطت سارة أنفاسها ومسحت دموعها والتفتت تقول
" نعم "
قال لها شاهين
" أنا لم تكن نيتي وضعك أمام الأمر الواقع "
قالت سارة له
" سارة العطار لا توضع أمام الأمر الواقع، لكن هلا أخبرتني بكم جرح ستكتفي حتى نتمم تلك الزيجة " تجمد شاهين للحظة ثم اتسعت ابتسامته وتحولت إلى ضحكة سعادة قوية وسارع يخرج هاتفه ويطلب رقم سيدرا وهو يقول لهما
" فكرا أن تتراجعا في حديثكما ولن يتوقف الأمر عند هذا الجرح بل سيتطور إلى أزمة قلبية "
ابتسمت سارة وهي تسمعه يقول لسيدرا التي أجابته
" سيدرا، أنا أريد أن تدخلي غرفتي، أسفل وسادتي ستجدين حلقة سارة الذهبية، سأرسل لك موقعي أجعلي زكريا يحضرك وأخبري العائلة بأكملها أن سارة عادت لي وأن زفافنا في موعده، لا تتأخري أنا أنتظرك "
نظر سلطان لشاهين وقال
" أنا سأرحل إياك وتخطي حدودك وإلا سأفتح لك الجانب الآخر من رأسك، وسأنتظرك وعائلتك بنهاية الأسبوع المقبل لتطلبوا يد سارة مجددا حسب الأصول، وحتى ذلك الموعد ارتدي أنت الحلقة الذهبية التي أرسلت في إحضارها "
نظرت سارة لسلطان وقالت
" إلى أين، الزفاف لم يبدأ بعد، ثم هل سترحل دون أن تحل خلافك مع فاطمة، لقد قسوت عليها جدا يا سلطان "
قال لها سلطان بحزم
" لا تتدخلي بهذا الأمر ودعيني أعيدك للمنزل قبل أن أرحل "
ثم التفت لشاهين وقال
" ضمد جرحك بنفسك فهو لا يبدو غائرا "
انحنى شاهين يلتقط علبة الاسعافات بعبوس وتبع سلطان وسارة اللذين كانا يتوجهان نحو المنزل ليظهر ليل يسأل شاهين بقلق
" هل تحتاج أن تذهب للمشفى " قال سلطان
" الأمر بسيط بإذن الله ومبارك لفخر يا ليل، وعذرا منك أنا سأرحل لأني. …
قاطعه ليل يدعي الغضب
" إن رحلت الآن من سيشهد على عقد قرآن فخر، والله لن يشهد عليه سواك، ترحل إلى أين يا رجل، والله لن يحدث دعنا نذهب للفندق لترتاح قليلا ونعود لنحتفل معا " أسقط سلطان في يده أمام قسم ليل لتطرف عيناه تجاه فاطمة التي كانت تحمل فستان ذهبي لامع في كيس جلد شفاف وتتحرك نحو غرفة يهدين متجاهلة عينيه التي تثق أنها تخترقها ليزفر سلطان بحرقة وهو يلتفت لشاهين ويقول
" هيا أمامي "
قال شاهين
" أنا سأبقى هنا، اعذرني فقد أرسلت لزكريا هذا الموقع "
جذبه سلطان بغلظة وقال
" غير الموقع، لن تحدث كارثة " زفر شاهين بضيق والتفت يبتسم لسارة بسعادة غامرة لم تستطع مقاومة عدوى ابتسامته وابتسمت ليجذبه سلطان من ياقة قميصه بينما هو يحمل علبة الاسعافات الاوليه ويلوح لها ……
༺༻

مستلذ بحصارك فقد أجرم حبك في داخلي حتى بات جرمك بقلبي فوق كل قانون …….

༺༻

بعد ما يقارب الثلاثة ساعات كانت سيارات الشباب تقترب من منزل منذر تباعا في مشهد خطف أنظار جميع ساكني ورواد المكان، كان دخولهم حافل بمظاهر الفرح وقد انطلقت ألعاب نارية في السماء التي أوشكت على الغروب، وهناك فرقة طبول تتقدمهم بينما وقفت تولين الصغيرة وهنا ورحيل ونادية التي تحاول الاندماج بدعم كبير من بهية يحملون سلات بها أوراق ورد بيضاء ويقذفون به الموكب أمامهم فيما بدأت الزغاريد تعلو من جهة الفتيات اللاتي اصطفنن على المدخل يشاهدن ما يحدث بحماس شديد، مالت سارة على ملاك وقالت لها
" هل والدتك مازالت بالمطبخ " هزت ملاك رأسها وقالت بصوت مرتفع لكي تسمع
" بل ذهبت لتصلي "
قالت سارة
" حسنا ملاك، هلا حاولتي التأكد أن باب المطبخ الخلفي مفتوح، إذا وصل فريق الضيافة ونحن بالداخل لن نسمع شيء وسط هذا الجنون وقد تطيل والدتك في الصلاة كعادتها "
قالت ملاك
" حسنا "
تحركت ملاك على طول الرصيف الخاص بمنزل منذر ثم أخذت الطريق الجانبي نحو باب المطبخ الخلفي لتعبس حين وجدته مغلقا، حاولت ملاك فتحه ولكن المزلاج الخاص به كان عالق، فاستجمعت قوتها وحاولت مجددا ولكنه كان صعب التعامل لتنتفض ملاك وهي تسمع صوت أيوب الذي ظهر خلفها من العدم يقول
" هل تحتاجين مساعدة "
نظرت ملاك لعيونه التي كانت تضيء في هذا الضوء الخافت ثم أسبلت أهدابها وهزت رأسها برفض تقول
" شكرا "
وحين همّت بالفرار قطع أيوب طريقها وهو يقول
" انتظري لحظة، فأنا أريد أن أقول لك شيء مهم "
تجمدت ملاك تتأمل ابتسامته المتسعة مجهولة السبب ليقول
" لقد أحضرت لك هدية بسيطة ولن أقبل أن ترفضيها "
قالت ملاك بجمود
" أنا لن أقبل شيء منك، حتى لو أخبرت أمي بذلك، فنحن مازل لا يجمعنا شيء، أليست هذه الأصول "
تغيرت ابتسامته إلى أخرى أكثر سحرا كأنه يملك من الابتسامات عدة وقال
" غلبتني يا ابنة الأصول لكني ارتأيت أنها شيء سيشعرك بالراحة نحوي "
قالت ملاك
" لا أحد في الحارة لا يعرف حكايا بيت الرفاعي، ثم في الأصل هذا سبب ضمن أسباب أهمها أني لا أفكر في الارتباط حاليا لذلك أرجوك جد سببا مقنعا وانسحب من حياتي أفضل لي ولك "
قال لها أيوب
" وهل تعرفين حكايات بيت الرفاعي "
قالت له ملاك بثقة
" والدي رحمه الله أخبرني ببعضها لكن أشهرها هي حكاية جدك الرفاعي الذي تزوج من الجن " ابتسم أيوب وقال لها
" مؤكد والدك أخبرك بالحكايا ناقصة، هل تريدين أن تسمعي الحكاية الحقيقية كاملة "
سألته ملاك برهبة
" إذا بالموضوع جن "
ضحك أيوب بقوة و قال لها
" جنية واحدة لا غير "
سألته ملاك بفضول
" هل تزوجها جدك كما يقولون " قال لها أيوب
" لمَ لا نجلس وسأخبرك "
التفتت ملاك حولها فلم تجد مقاعد فعادت لتحاول مع المزلاج ليقول لها أيوب
" اسمحي لي "
تراجعت ملاك تفسح له الطريق وراقبته يفتح باب المطبخ بكل سهولة ويتقدم نحو الطاولة التي تتوسط المطبخ ويسحب لها مقعد ويقول
" تفضلي "
جلست ملاك على المقعد وجلس أيوب على المقعد المجاور لها ثم سألها
" هل تحبين قصص الحب" تتدافعت الدماء لوجهها الشاحب من شدة الحرج وقالت
" لا أعرف فأنا لم أسمع قصص منذ مات والدي رحمه الله "
قال لها أيوب
" إذا استعدي لسماع الكثير من القصص فأنا مميز في هذا الأمر " جذب حديثه كامل انتباهها فنظر لها أيوب وقال
" يقال أن جدي الرفاعي الكبير كان شاب وسيم قوي البنية صالح النفس أمين يعمل صبي لدى أحد تجار الأخشاب والذي لم يكن لديه من الدنيا وريث هل تريدين رؤية صورته "
هزت ملاك رأسها بحماس فأخرج أيوب من جيب سترته الداخلي مفكرة ذو غلاف جلدي عتيق بمجرد أن فتحها أيوب ظهرت صورة بالابيض والاسود لشاب يشبهه تماما حتى ظنت أنه هو كان يبتسم بتحفظ فرفعت عينيها لأيوب الذي كان يبتسم لها نفس الابتسامة التي ظلت تتسع حتى شهقت بهلع وهي تشعر أنه قد خرج من الصورة وتجسد أمامها فقالت
" مستحيل، هذا أنت "
قال لها أيوب
" أمازلت متحمسة لباقي القصة " هزت ملاك رأسها بحماس رغم فزعها ليقول أيوب بصوت عميق
" جدي كان يعلم عن هذا الرجل كافة أسراره إلا سر واحد لم يفصح له عنه هذا التاجر مطلقا رغم طول عشرتهما معا "
سألته ملاك باندفاع
" ما هو هذا السر "
همّ أيوب بأن يجيبها لكن دخول عاملات الضيافة جعله يغلق المفكرة بسرعة فمدت ملاك يدها لتأخذها لكن يد أيوب التي كانت أسرع من يدها سبقتها إليها ليعيدها لجيب سترته الداخلية ويقول
" مازال للحكايا بقية ووحدك من ستحدد إذا كنت ستعرفيها أم لا " تحرك أيوب خارج المطبخ فتحركت ملاك تلاحق خياله المبتعد بعدما سرق كامل تركيزها وتفكيرها وفضولها.
༺༻

بعد قليل ….

كانت يهدين تقف بالغرفة بكامل بهائها بعدما أصبحت جاهزه للخروج وقد أخلو المكان حولها استعدادا لدخول حكم ليأخذها إلى فخر بنفسه، كانت كملاك سقط سهوا من سماء تلك الليلة المقمرة، كانت ساحرة رغم بساطة زينتها وتسريحتها، تأملت يهدين نفسها بقلب يستجلب أقصى درجات الشجاعة لذاته ثم تحركت نحو حقيبتها الخاصة ورفعتها على السرير وبمنتهى السهولة نزعت أحد أقدامها المتحركة وأخرجت منها خاتم دائري وضعته في خنصرها اليمين ثم أعادت تركيب القدم وحملت الحقيبة إلى مكانها ثم عادت لتقف أمام الباب مباشرة تستعد لدخول حكم وهي ترفع يدها لتتأمل الخاتم قبل أن تجذب الجزء العلوي منه فيفتح الخاتم لتلمس يهدين المادة البيضاء الناعمة التي تشبة بارود الزجاج الناعم وقالت
" اليوم هو بداية العد التنازلي، اليوم هو بداية النهاية"
أغلقت يهدين الخاتم ووقفت بخجل تشاهد الباب الذي فتح ليظهر من خلاله حكم بكل هيبته.

༺༻
انتهى الفصل قراءة ممتعة للجميع
وكل عام وانتم جميعًا بخير
لاتنسو التكبير والدعاء
بلغكم الله يوم عرفة واعانكم على حسن عبادته وكتب لكن فيه دعوة مستجابة
لا تنسونا من دعائكم ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-06-23, 05:57 PM   #435

al gameel rasha

? العضوٌ??? » 424155
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 244
?  نُقآطِيْ » al gameel rasha is on a distinguished road
افتراضي

خاتم دائري وضعته في خنصرها اليمين ثم أعادت تركيب القدم وحملت الحقيبة إلى مكانها ثم عادت لتقف أمام الباب مباشرة تستعد لدخول حكم وهي ترفع يدها لتتأمل الخاتم قبل أن تجذب الجزء العلوي منه فيفتح الخاتم لتلمس يهدين المادة البيضاء الناعمة التي تشبة بارود الزجاج الناعم وقالت
" اليوم هو بداية العد التنازلي، اليوم هو بداية النهاية"


ايه ده في حاجة مش مظبوطة
هتعملى ايه يا يهدين


al gameel rasha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-06-23, 05:58 PM   #436

al gameel rasha

? العضوٌ??? » 424155
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 244
?  نُقآطِيْ » al gameel rasha is on a distinguished road
افتراضي

تقريبا الكابلز اتجمعوا
سارة و شاهين
سلطان و فاطمة
ان شاء الله كنزى و على
مؤيد و سيادة
باقي يهدين اللى ناويه على نيه مش كويسة خااااالص


al gameel rasha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-06-23, 08:15 PM   #437

جيجي هاني

? العضوٌ??? » 380259
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 828
?  نُقآطِيْ » جيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond repute
افتراضي

ياترى يهدين حتموت مين ربنا يستر يسلم ايدك روووووووووووووووووووووعة

جيجي هاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-06-23, 11:31 PM   #438

سناء يافي

? العضوٌ??? » 497803
?  التسِجيلٌ » Jan 2022
? مشَارَ?اتْي » 447
?  نُقآطِيْ » سناء يافي is on a distinguished road
افتراضي ارض السيد

يهدين عل. شو ناوية قلقتينا فصل راىع تسلم ايدك

سناء يافي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-06-23, 04:30 PM   #439

سما إسماعيل

? العضوٌ??? » 504389
?  التسِجيلٌ » Jun 2022
? مشَارَ?اتْي » 33
?  نُقآطِيْ » سما إسماعيل is on a distinguished road
افتراضي

كل عام وانت بخير يا شهيرة..تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال

سما إسماعيل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-06-23, 07:12 PM   #440

H.M

? العضوٌ??? » 384601
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » H.M is on a distinguished road
افتراضي

سرد رائع يستحوذ على التفكير ويشد الإنتباه
لكن عندي استفسار ماهو مرض يهدين؟
هل هو البرص؟


H.M غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:35 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.