آخر 10 مشاركات
ثمن الخطيئة (149) للكاتبة: Dani Collins *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          زهرة .. في غابة الأرواح (3) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )           »          كُنّ ملاذي...! (92) للكاتبة: ميشيل ريد *كــــاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          بين ذراعيك مملكتي - ج1 سلسلة رؤساء عاشقون - قلوب زائرة - للرائعة * salmanlina*كاملة * (الكاتـب : salmanlina - )           »          ترافيس وايلد (120) للكاتبة: Sandra Marton [ج3 من سلسلة الأخوة وايلد] *كاملة بالرابط* (الكاتـب : Andalus - )           »          80- لعبة من يخسر يربح- بيني جوردان -روايات عبير الجديدة (الكاتـب : Just Faith - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1264Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-07-23, 06:49 AM   #451

جيجي هاني

? العضوٌ??? » 380259
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 828
?  نُقآطِيْ » جيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond repute
افتراضي


يسلم ايدك تحففففففففففففففففففففففف ففففة ياترى مين ده؟

جيجي هاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-07-23, 10:37 PM   #452

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,966
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

مسا الورد
اللهزعالتبداع والجمال عاملة عظمة وملحمة بحد ذاتها
بين التشويق والإثارة والغموض والر ومانس خطفت قلبنا
سلطان بحب علينا ياللي مغلفة متل مو وحمايته لكل شخص بينتمي الو وبحب وحساسة بالعدل واخيرا خلاص راح يغصب فاطمة اصلا تشكر بها بعتلها هيك شخص????????
فيي قول علي الاحب لقلبي بعد.حكم واخيرا كنزي واجهت مخاوفها واعترفت فيها أمانة وهاي اول خطوة لاستقرار روحها علي صبر ونال وفعلا بعيد عن مؤيد كنزي قادرة تاخد قرار لكن بدون كسر مؤيد علي كم هالحب رهيب وحبيت تصرف والدو مؤيد نعم الاخ مز البداية لهلا ممكن خوفو عليهة خلاهة يسئ الظن بعاي وظامو
شاهين وجراة ياللي عملو للزفاف بس برافو سلطان بدو شخص يعرف قيمة اختو
يا ترى أمير واياد عرفوا شو عمل فارس لكيان ما بتوقع
نورسين مهضومة وبحب قوتها
تولين وبشر ان أوان الصلح عرفت غلطها عامهلك.عليها

آثارا والله نهفة عاطول معصية بس بتنحي ورغىف شاف ٥يها العوض كلو كان محتاج حدا يحبو انو وطنو وراحة وهيب هيك عملت
شيراز وحكم الثنائي الآخر لقلبي حكم الكبير بكل شي عقلو وحبو وحكمتو بحب اعترافا الصريح
آخر ويهدين عرس ولا احلى لكن مين ياللي حلووه السباع هل عرفت مين السيد وحسب تعبيرها انو محبتهة ماراح تمنعها عن شي ها هوي ليل عم.حاول اعرف مين كان ناقص بالزفاف لأعرف السيد بس فعلا محتارة
الله يستر كل ٤صى احلى واحلى ولسى أعصابها عا نار بانتظار كشف كل الحقائق ابدعت تسلم ايدك يارب


Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-07-23, 05:06 PM   #453

امل ابراهيم

? العضوٌ??? » 256227
?  التسِجيلٌ » Jul 2012
? مشَارَ?اتْي » 772
?  نُقآطِيْ » امل ابراهيم is on a distinguished road
افتراضي

أبداااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااع

امل ابراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-07-23, 12:03 AM   #454

عيوش نعيم

? العضوٌ??? » 510275
?  التسِجيلٌ » Jan 2023
? مشَارَ?اتْي » 45
?  نُقآطِيْ » عيوش نعيم is on a distinguished road
افتراضي ارض سيد

ما شاء الله فصل جميل
بإنتظار فصل قادم


عيوش نعيم متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-07-23, 09:51 AM   #455

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,966
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

صباحوو يا عسل بالانتظار ????????????

Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-07-23, 12:44 AM   #456

ندى الابراهيم
 
الصورة الرمزية ندى الابراهيم

? العضوٌ??? » 275510
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 492
?  نُقآطِيْ » ندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond repute
افتراضي

متى الفصل كاتبتنا الرائعه لعل المانع خير

ندى الابراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-07-23, 10:26 PM   #457

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الرابع والثلاثون
༺༻

يا إمرأة من نسل عشتار كيف
أصفك والأوصاف منك تقتبس
كيف أملي عليك أبجديات الهوى
وأنت في العشق حقيقة الحدث
كيف أهذي من هول مشاعري
وأنت تسرين في عتمتة ليلي
وتحملين في يدك لي من
العشق صولجان ذا قبس
يا سليلة الشغف استعمريني
وكوني بصدري غرام مكث
كوني يا سيدتي نيران لا تهدأ
وفتنة طاغية وخطيئة تدعوني للعبث
ورمال تسحبني قسرا إلى نهايتي
ويقينًا في حلكة الايام لي قد بعث
يا لعنة العشق المميت إني كاهل من خوض المعارك قد مل ويئس
فلمَ حين رأيتك استتلت كافة أسلحتي
وعدت ذلك الذي لساحات القتال قد ورث
عدت فارس لا يشق له في الهيام غبار
عدت ثوريًا على حدود ممالككِ قد لبث
يا كارثة تجسدت في شكل أنثى من أين قد نبدأ رحلة الإدمان والجنون والهوس
من أين قد نغتال نبضنا الحي بلمسة ولع
ونُصِيب أنفاسنا الهادرة بالسكون والخرس
ومتى أيها المتوغلة في دمائي سيكون
الهمس لغة تدوي في أعماقنا الساكنة وتملأها بصخب مدوي كصليل الفرس.
༺༻

قبل ساعات …..

يا كومة المشاعر التي تحتشد بصدري، يا صميم ضياعي وثباتي .. إن قلبي أشد البلاد خرابًا فكيف انتهى بك المطاف إليه.
༺༻

إننا العلة في حد ذاتها، أكثرنا إستقامة عليل في ذاته لا يبوح، جميعنا نالت منا التجارب، اجتاحتنا على حين غرة فلم يكن الصمود خيارا متاح، ربما نجونا وتناسينا وقاتلنا لنكمل الطريق ولكن كل ذلك لم يصلح من الأمر شيئا، فصرنا جميعنا معطوبين من الداخل، مشوهين إلى حد بات يؤذينا
لا نعلم أنحن ضحايا قد تلمس لنا الأعذار، أم مجرد ضعاف
لا عذر لنا فيما وصلنا إليه، لا مبرر قد يشفع تلك الصرخة التي نطلقها في وجه أحبتنا كلما لمسوا جروحنا سهوا، لا فائدة ترتجى منا لأننا من كثرة الألم بتنا لا نفرق ما بين قسوة
ما نعانيه وقسوة ما نتسبب فيه، بتنا لا نرى عيوبنا وقد اعتدناها حتى صارت جزء لا يتجزأ منا، بتنا نحن ذلك الكسر بحد ذاته وبتنا نتعامل على أساساه، بتنا أجسامًا فقدت الاتزان والهوية، هذه الأفكار الطاحنة كانت تدور في عقل سيادة التي تجلس بجوار مؤيد بصمت اعتنقته منذ حاول غزو حواجزها التي عانت كثيرا لتبقيها صامدة غير أيلة للسقوط، عانت لتجعلها متماسكة لا تداعى إثر زلازل الشوق العنيفة التي تضربها دون رحمة، فتمنحها بثباتها القوة لتتماسك حين تراه وحين تكون في محيطه وتتعامل معه فلا تنهار وتطالبه بكل ما وعدها به في الماضي من حب وبكل ما كان بينهما، لقد فطنت أنه تعمد أن يطيل بقائهما معًا ويحتجزها في مداره بعيدا عن تأثير كل من يمنحوها القوة لتعلن رفض عينيها لحصار عينيه، تدرك أنه حاول أن يضغط عليها قدر إستطاعته وهو الذي يدري بتأثيره الذي كان في الأيام الخوالي ذا سطوة عليها لكنها أبت إلا أن تتهرب منه، يقترب فتبتعد يحاصرها فتفر، يهادنها فترفض الهدنة، يمنحها الفرصة فتمنحه تعب لا يضاهيه تعب وهو يراها تحتمي خلف سور لا مرئي ارتفع بينهما سور كان لها فيه الإرادة وكان لمن حولها فيه الفضل، التفت مؤيد يرمق جانب وجه سيادة التي تتعامل معه ببرود ورسمية تامة وفكر أنه يشعر بذلك الحاجز الذي تصر أن تشيده بينهما والذي لن يتوانى عن تدميره بكل عنف الدنيا إن تأكد أنها أقنعت نفسها بأنه حِماها والأمان فكيف له أن يتقبل منها حينما تقف أمامه تقف لخداعه وحينما تقف خلف شخص آخر يكن للفرار منه، ربما ما جمعهما معقد وقاسي لكن متى كانت الحياة عادلة ومتى كان العدل أن يحرم منها أكثر ومن ابنته.
التفت مؤيد لسيادة التي مدت يدها لتفتح باب سيارته التي توقفت أخيرا أمام منزل منذر وقال
" انتظري سيادة، دعينا بعيدًا عن صخب الحفل ننهي حديثنا "
لم تلتفت سيادة له وهي تقول بتوتر
" أي حديث مؤيد، لو تقصد أي شيء يخص ماسة تأكد أني كنت متيقظة لتعليمات الطبيب وتوجيهاته وأن ما حدث ليس تقصير مني مطلقا ولكن انعدام خبرة فيما يخص الاطفال لا أكثر وأني ……
قاطعها مؤيد يقول بنفاذ صبر وهو يشعر بها تمارس الكر والفر معه
" أنا أقصد ما يخصنا سيادة " التفتت سيادة تنظر له وقالت
" ماذا تقصد "
قال مؤيد
" أنتِ تعرفين ما أقصده سيادة، إنه يدور في عقلك الآن ولكنكِ تأبي أن تعترفي بذلك " قالت سيادة بإنفعال مكتوم
" هذا غير صحيح "
هدر بها مؤيد بشكل فاجأها
" بل هو الصحيح في حد ذاته سيادة، بربك … ما الذي تريدينه أكثر من ذلك سيادة ؟؟؟ ما الذي تريدينه أكثر من رجل أخلص إليكِ حتى في قمة غضبه منك وفي خصم الفراق الذي كان يتيح له أن يستبدلك بأخرى ربما تمنحه كل ما لم تمنحيه إياه "
توسعت أعين سيادة للحظة ثم صرخت به كأنها انفجرت
" كم أنت أناني مؤيد، أناني ومحدود النظرة وجامد القلب، من التي كانت ستمنحك ما منحتك إياه، من التي كانت ستقبل زيجة بالخفاء دون أية ضمانات، من التي كانت ستنتظرك دون كلل لتنهي كل معاركك وتعود لها فلا تشتكي، من التي كانت ستحبك دوما دون مقابل، من التي كانت ستراك عوضها وحماها، رجلها وتخضع لسطوتك وسيطرتك التامة عليها رغم كل عيوبك، من التي كانت حين تفتح الباب أمامها ستنسحب من حياتك بهدوء فلا تستنزفك لآخر رمق، من التي كانت ستصمت مثل صمتي ولا تستغل حملها لتعيدك راكع، من هي تكلم، من "
ظلت سيادة تنظر له بعيون غاضبة مجروحة وهي تنهت بانفعال شديد جعله يتحفز ليقول بغضب وقهر
" لا أحد، فأنا لم أكن أبحث عنكِ في أحد، ولم أكن يومًا ذلك الرجل الذي كنته معكِ مع أحد، ما كانت أنثى غيرك لتخلع عني ثوب حذري وتلمس صدري العاري بأنامل أنوثتها الناعمة سواكِ أنتِ كسرت قواعدي وقلبي سيادة، أنتِ جعلتني غاضب ناقم على مشاعري نحوكِ أشعر بالضعف المخزي وبالخديعة، أنت لم تتفهمي أبدا أني رجل ضربت في خاصرتي من أقرب الأقربين فلم يكن يخطر على بالي قط أنك من ستجهز عليّ ..أنا كنت سأسمعكِ إن قلت يتيمة … فتاة شوارع … لدي ماض أسود …لم يكن الأمر ليغير شيء في مشاعري فأنا كنت ومازلت أحبك لدرجة كانت لتجعل كل هذه تفاصيل لا داعي لها "
قالت سيادة بإنفعال
" كنت خائفة للغاية ، لمَ لا تفهمني، لمَ لا تدرك أنك كنت في عيني شخص نظيف وهذا جعلني مصرة على أن أحاول أن أداري عنك قذارتي … ضغط مؤيد شفتيها بكفه بقوة وقال
" لا تنعتي نفسك بتلك الكلمة أبدا، أتسمعيني "
دفعت سيادة كفه بقوة و قالت له
" هذه حقيقتي شئت أم أبيت وعليك تقبلها "
قال مؤيد بغضب
" الحقيقة الوحيدة التي يجب أن تدركيها أن لا أحد يختار مولده لكننا قادرون على اختيار الطريق سيادة، أنتِ لست قذرة بل الظروف، بل البشر، بل النفوس، كل شيء بهذا العالم قذر إلا أنتِ… أنتِ أروع شيء لمسني يوما، أروع إحساس ط، أروع إمرأة، أروع اجتياح، ثورثي لخداعي منك كانت بمقدار حبنا "
هزت سيادة رأسها برفض وقالت
" حبنا!! أي حب ..ذلك الذي لم يصمد أمام اول اختبار يا مؤيد، دعنا لا نقلب على بعضنا المواجع وكن متيقنا من أني سأحاول أن تكون علاقتنا طيبة جدا لأجل ماسة "
قال مؤيد بإنفعال
" هذا لم يكن اختبار سيادة لقد كان زلزال، ألا ترين كيف تدمر الزلازل أقوى الصروح فما بالك بصرح معطوب مثلي، بربك كفاك لومًا عليّ …أنا حاليا لا أريد سوى هدنة طويلة تجمعني بك في منزل واحد لنصحح كل شيء مضى، لنبدأ من جديد "
قالت سيادة
" هذا صعب "
صرخ فيها مؤيد
" ما الذي جعله صعب "
قالت له
" الكثير مؤيد، الكثير وأهمه أن عقدة عدم الثقة التي استفحلت داخلك وسيطرت عليك قد انتقل تأثيرها لي وحاليًا لا أكف عن التساؤل ماذا لو كنت تفعل كل ما تفعله وتقول كل ما تقوله لأجل ماسة، ماذا لو كنت في تلك اللحظة تدعي حبي لا أكثر، ماذا لو كنت تحاول أن تبقيني تحت عينيك حتى تعتاد ماسة على وجودك وبعدها تحرمني منها، ماذا لو كانت تلك المشاعر المجنونة داخلي والتي مازالت تنبض بحبك ومازالت ترتجف تأثرا لك، ومازالت تحتفي برؤيتك وتفارقني معك حين ترحل عني هي جنوني الذاتي لا أكثر، أجبني "
قال لها مؤيد بصدمة
" محال أن أفعل بك ذلك، ألا تثقين بي إلى تلك الدرجة " قالت بحزن
" بل أبادلك شعور عدم الثقة الذي تفرضه على جميع من حولك كما أبادلك شعور الحب، تريدني أن أعود إليك حسنا مؤيد سأفعل ولكن إن أجبتني على سؤال واحد فقط، ما الذي قد يجعلني أثق بك ثقة عمياء ويجعلك تثق بي كما تثق بذاتك، ما الذي قد يدفعنا لنتغاضى عن كل ما مضى ونتبادل الثقة من جديد " صمت مؤيد ونظراته تهتز بعجز كأنه لا يجد للسؤال إجابة فقالت بخيبة
" صمتك يعني أننا مازلنا ندور في نفس الدائرة حتى بعدما انكشفت أمامك كل أوراقي وعرفت عني كل شيء "
سحبت سيادة مقبض الباب وترجلت من السيارة بسرعة كبيرة وتحركت نحو الباب الخلفي لتخرج ماسة الغارقة في النوم بفعل الدواء ليترجل مؤيد بدوره ويدور حول سيارته بسرعة ويمنعها من فتح الباب وهو يقول لها
" لماذا تصعبينها عليّ هكذا سيادة، لماذا لا تفهمين أنكِ أيضا أخطأت "
قالت سيادة
" انا أخطأت واعترفت بخطأي وحاولت إصلاحه ماذا عنك " لم يجبها مؤيد فابتعدت سيادة للخلف خطوة ونظرت لوجهه بحزن وقالت
" أفق مؤيد فعدم ثقتك بمن حولك جعلتك تخسر الكثير، عَلِيّ أولًا ثم أنا ووحده الله يعلم من التالي وإن لم تعترف بأن ذلك الداء فيك يحتاج للسيطرة محال أن تشعر بالسلام يومًا، محال أن ترتاح، محال أن نعود كما كنا "
ارتخى جسد مؤيد على جانب السيارة وهو يقول بحرقة
" هذا أقوي مني "
قالت سيادة
" لكل منا معاركه مؤيد وقد حان الوقت لتحسم معركتك وتنهها، أو تختار الحل الاسهل وتبقى تدور في فلكها طويلا ولكن حينها عذرًا منك أنا وابنتي لن يكون لنا بجوارك مكان فنحن نحتاج أن نحيا حياة طبيعية أخيرا "
قال مؤيد بصدمة
" أتتخلين عني سيادة "
قالت له والدموع تلمع بعينيها " أنت من بلا وعي قد تخلى عن الجميع، ورغم ذلك أنا مازلت عند كلمتي إن لم تجد لسؤالي إجابة شافية تريح قلبي لا تقترب مني مؤيد وتخرب خطواتي الثابتة نحو عبورك فأنا لن أعيش على أطلال جرحي منك كثيرا، أنا أريد أن أتعافى "
دارت سيادة حول السيارة وفتحت الباب المقابل ثم انحنت أمام عينيه وحملت طفلتها ودون نظرة واحدة همّت بالانسحاب بعيدا ليتحرك مؤيد بسرعة محاولا أن يمنعها لكن رؤيته لزكريا الذي يقف بجوار سيارته على بعد أمتار فاجئه، تحركت أعين مؤيد نحو باب المنزل وقد انقبض قلبه قلقا على كنزي لذلك لم يحاول أن يمنع سيادة أكثر وأسرع يتبعها نحو المنزل ليبحث عن أخته.
༺༻

أيها المسافر في عيناي دون هدى لا تغتر في صمت شفاهي فقلبي يقول عنها كل شيء..
༺༻

بالداخل …..

عادت فاطمة إلى الحفل تسير بعصبية خلف سلطان وقد ارتدت الملابس التي حضرت بها صباحًا، كانت محرجة
ومنفعلة وتشعر أن الجميع ينظر لهما رغم أن لا أحد قد التفت إليهما بعد لتتوسع عيناها بصدمة وتقول بحنق
" ما شاء الله، تقف على باب الغرفة كما التنين دون أن تبالي بريبة أهل البيت من وقفتك لأجل فستاني وأختك هنا ترقص وتغني، هذا يسمى الكيل بمكيالين يا سيد سلطان "
تجهمت ملامح سلطان وبدى كأنه يبحث عن سارة بعينيه حتى وجدها تقف بين الفتيات في دائرة الصخب المشتعلة بالرقص تضحك كما لم يرها منذ مدة وتتفاعل مع كل من حولها ليهم بالإندفاع نحوها فتسرع فاطمة لتمسك يده لتمنعه وهي تقول
" لا تنفعل عليها، ولا تأخذ حديثي بجدية أنا منفعلة منك لا أكثر، دع سارة تفرح قليلا يكفي ما حدث لها حتى الآن، أرجوك هي لا تفعل شيء خاطيء "
نظر سلطان لكفها الرقيق الدافئ الذي يمسك يده ثم رفع عينيه لعينيها فأسرعت فاطمة تفلت كفه بحرج وهمّت بالتحرك ليقوقفها قائلا
" إلى أين "
أجابته ووجهها الذي تجمعت فيه الدماء حتى أصبح قرمزي يزداد توهجا
" أنا جائعة، هل لديك مانع، ثم محال أن أقف بين هذا الجمع بملابسي هذه دعني أبتعد وأداري خضوعي لتحكماتك الغريبة عنهم "
صمت سلطان للحظة قبل أن يقول
" أنا أيضا جائع سأتي معك لنأكل شيء وبعدها نرحل معًا "
قالت له فاطمة بغضب
" أنت لست جائع يا سلطان أنت تريد حصاري لا أكثر كأنك تخشى أن أفر لكن إلى أين سأذهب والبحر من أمامي وأنت من خلفي وللعلم أنا لن أعود معك ….
توسعت أعين سلطان بغضب وهمّ بالانفعال لتقول بسرعة
" أنا سأعود مع سيادة لأني سأستقبلها في منزلي عدة أيام "
قال سلطان بغضب
" من سيادة "
نظرت له فاطمة بصدمة وقالت
" هل تريد أن تفقدني عقلي، سيادة طليقة مؤيد يا سلطان، قل أنك لا تعرفها لألقي بنفسي في هذا البحر "
زغرها سلطان وقال بإصرار " يمكنك أن ..
قاطعته فاطمة تقول
" أعرف ما ستقوله جيدا ولن أفعله، أن لن أعود لمنزل سارة وأدعو سيادة لمرافقتي لأن لا داعي لتواجدي بمنزل سارة وقد بات لي منزل بالعاصمة هذا أولا، ثانيا أنا لن أترك خالي ليبقى بمفرده مجددا، ثالثا هذه ضيفتي لا ضيفة سارة وعليه سأخذها منزلي لا منزل سارة "
قال سلطان من بين أسنانه وهو يخرج مفاتيح منزله
" حسنا خذيها لمنزل الحارة، المنزل واسع وستأخذون راحتكم به، ليبقى خالك بطابق ولتبقي أنتِ وهي بطابق " قالت فاطمة بعصبية
" وأنت "
قال لها
" لا تشغلي بالك بي، ما دمت تحت عيني وفي مكان أرتاح لوجودك به لا شيء آخر مهم، منزلك هذا أنا لا أعرف مكانه ولا أعرف شيء عن الذين يسكنون حولك أما بالحارة فأنا سأكون مطمئن "
قالت فاطمة
" أنا مرتاحة بمنزلي يا سلطان، والمنزل بمكان آمن "
قال لها سلطان
" هذا هو منزلك فاطمة، أنا لن أستطيع مغادرة الحارة هذا هو البيت الذي سنعيش فيه يمكنك أن تجدديه حجرا حجرا افعلي ما شئت ولا تهتمي بالتكلفة ولا تلتفتي لشيء لكن لا تظني أني سأترك هذا المنزل بعد الزواج، ما أوله شرط آخره نور "
قالت له فاطمة بذهول
" لقد صرخت أمامك منذ قليل أني لست موافقة، سلطان العطار أنت تفقدني عقلي " قال لها بتعب
" ليس كما تفعلين بي "
همّت بالتحرك بعيدًا عنه وقد ملأها اليأس فتبعها سلطان لتقف فجأة وتقول له
" لا تتبعني من فضلك "
قال لها بإنفعال
" أنا أحاول أن أمنع نفسي من دك عنق ابن الجوهري ويجب أن تقدري ذلك "
نظرت له فاطمة لوهلة ثم قالت " حسنا لا بأس بأن أقنع عقلي بأنك جائع، دعني أعد لك طبق "
التفت سلطان ينظر ناحية سارة ليجد شاهين يبالغ في استعراض سعادته أمامه فنفرت عروقه وهمّ بالتحرك نحوهما لتعود فاطمة وتمسك بيده لتسحبه بعيدا وهي تقول
" هيا أمامي أيها التنين المجنح، انفث نيرانك في الطعام لا في وجه البشر " تحرك سلطان خلفها بطاعة لو أنها التفتت ولمحتها في قسماته ورأت رضوخ عينيه للمستها وأدركت كهن ما بات يربط بينهما، وصلت فاطمة للمائدة المفتوحة وأمسكت طبقا وقالت " دون أن أسألك أعلم أنك لا تحب سوى الاشياء التقليدية، كل ما هو غربي أو حديث أو مستحدث بالطعام لا يروقك، لذلك لا خيار أمامنا سوى اللحوم والسلطة، أليس كذلك" لم يجبها سلطان فالتفتت له لتجده ينظر لها نظرة توتر ذاتها وجعلتها تتحرك لتعد طبقه ثم تقترب منه وتقول
" ما رأيك "
قال لها سلطان
" رأيي أنكِ تعرفين رأيي " قالت فاطمة
" أنت متعب إن حان وقت الحديث لا تتكلم، وإن تكلمت لا تقل شيء مفهوم، ما الذي يعنيه ذلك "
حاولت فاطمة أن تناوله الطبق لكنه بدا ساهما في وجهها فقالت
" يداي تعبتا، خذ طبقك يا سلطان "
رفع سلطان يديه ببطء وهمّ بأخذ الطبق لتلمس أصابعه جانب يدها فترتجف كف فاطمة بخجل وتسحبها بسرعة ليتجمد سلطان بصدمة وذهول مما فعله وعيناه تتحرك ما بين كفه وكفها قبل أن تمتقع ملامحه وينسحب من أمامها بسرعة مبتعدًا فيما بقت فاطمة واقفة مكانها بقلب قد تسارع فيه النبض ووجه قد تجمع فيه لهيب العالم وعينان لا تحيدان عن خياله مهما حاولت.
༺༻

كم بكيت لأني لم أملك أرضًا ولا وطنًا ثم وضعك الله كعالم بأكمله بين يدي.
༺༻

كانت أصالة تراقب رائف الذي اندمج مع الشباب بعيون لمعت فيها المشاعر وتضافرت لتبني في قلبها له شيء
أكبر وأعظم من الحب الذي يتغنون به، شيء يجعلها تراه
الحق والحقيقة …تراه الاب والاخ …تراه الحبيب والسند
تراه رجل جمع كافة المسميات في حياتها وقام بكل الأدوار دون كلل وعلى أكمل وجه، تنهدت أصالة بضيق شديد
وحين وقعت عيناها بعينيه اللتين لم يغفلا عنها لوهلة أشارت له ليقترب، استجاب رائف لدعوتها فورا وعبر الحشد الملفوف حوله وتحرك نحوها يقول
" هل تريدين أن تمرحي مع البقية قليلا "
قالت أصالة
" لا رائف دعنا نرحل كما رحل فخر، أرجوك "
قال لها بسعادة
" دون أن ترجوني سأنفذ لكِ أي شيء لكن هناك أمر صغير أريد فعله هلا منحتني بضع دقائق "
قالت له أصالة بضيق
" وبعدها سنرحل "
قال لها
" سنرحل فورا "
رفعت أصالة كفها تتلمس جانب فكه ثم ابتسمت برضا وقالت
" حسنا "
أمال رائف وجهه ليقبل كفها ثم قال لها
" لمستك تسحبني من فوضى الاحتفال لفوضى أخرى " اتسعت ابتسامتها برضا ليقبل كفها مجددا ويبتعد بينما هي تراقبه بعين حريصة لا تغفله.
༺༻
تحرك رائف بإتجاه رحيل التي كانت تلعب مع الاطفال بحماس شديد اختفى تماما حين رفعت عينيها ورأته، انحنى رائف وهو يبتسم لها ويقول
" ماذا تفعلين أيتها الجميلة " اهتزت نظرات رحيل حتى شعر أنها ليست سعيدة لعودته أو ربما خائفة منه قبل أن تقول " أنا ألعب "
قال لها رائف
" هل يمكننا التحدث سويا " نظرت رحيل لتولين كأنها تطلب عونها بصمت ثم قالت
" هل يمكن أن نتحدث وتولين معنا "
قال لها رائف
" نحن لن نبتعد عن تولين " أمسك رائف يدها ثم تحرك بها نحو أقرب طاولة شاغرة فرفعها لتجلس عليها
وابتسم وهو يشعرها قد كبرت كأنه رحل منذ زمن وليس بضعة أشهر ليربت بحنان على شعرها الذهبي ويقول
" لمَ أشعر أنك لست سعيدة بعودتي "
قالت رحيل بخجل
" بل سعيدة "
قال لها رائف
" رحيل التي أعرفها لا تكذب "
ظلت رحيل ترفرف بأهدابها بتوتر للحظات وهي تبحث بعينيها عن تولين ليمسك رائف ذقنها بحنان ويرفع وجهها لأعلى ويقول
" قولي الحقيقة يا حبيبتي ولا تخشي شيئا "
قالت رحيل ببرائة
" صدقني لقد حمدت الله على عودتك سالم كما تفعل أمي حين يعود أبي بشر "
قال لها
" لكنك لم تسعدي بعودتي " قالت له
" سعيدة أبي رائف لكن خائفة "
سألها رائف بصدمة
" خائفة مني "
قالت له
" لا يا أبي أنا أحبك "
نظر لها رائف بحيرة وعاد ليسألها
" ممَ أنتِ خائفة إذا، هل هناك أحد يخيفك "
هزت رحيل رأسها بإنكار فسألها بقلق
" قولي الصدق دفعة واحدة رحيل "
أغمضت رحيل عينيها وقالت " أخشى أن تأخذني معك " قال لها رائف
" ألا تريدين أن نعود للعيش سويًا، لمَ رحيل، هل أحزنتك يومًا "
سارعت رحيل تقول
" لا يا أبي أنت جميل لكن ……
صمتت للحظة ثم أخفضت عينيها عن عينيه وقالت
" أنا لا أريد الابتعاد عن أمي أو تولين أو أصدقائي أو أعمامي أوخلاتي، لا أريد أن أبتعد عن أبي بشر فهو رائع " قال رائف بإدراك
" هو أفضل مني أليس كذلك"
صمتت رحيل بحزن فقال لها رائف
" أنا لا أريد حرمانك من كل هذا لكن ألا تظني أنه بعودتي لم يعد هناك سبب لإقامتك معهم، يمكنك أن تعودي معي ولنجعل زيارتنا لهم يومية إن أحببت لكن …..
قاطعته رحيل وهي بتبكي وتقول
" أرجوك أبي رائف، أنا أحب الحياة هنا أكثر، أمي تولين تهتم بي وتصفف لي شعري وتحضنني ليلا وتقص عليّ القصص وتشاركني الاسرار وتطمئنني كثيرا، وتولين تلعب معي وتدفعني لفعل الكوارث لنعاقب سويًا وتحميني من المتطفلين بالمدرسة وتخبر الجميع أني أختها، وأبي بشر يحضر لي كل شيء أحبه ويمنحني أنا وتولين النصائح دوما، ويدعي أنه يوبخنا حين نخطيء لكي لا تعاقبنا أمي ويجلس بجوارنا على الأريكة في العطلة لنشاهد فيلم الرسوم المتحركه ونحن نأكل الحلوى، أنا أحب الحياة هنا، أحب خالتي سمراء وخالتي أسمهان وخالتي سما وخالتي أم ملاك، أحب كنزي وسارة وملاك وعمي ليل وعمي طاهر، و فرحة وابراهيم الذي لا اعلم اين ذهب ولكن انا اعلم انه سيعود أنا سعيدة هنا ولا أريد أن أعود وحيدة مجددا "
ظهر التأثر جليًا على وجه رائف الذي شعرها مثله تبحث عن وطن دافيء فقال لها
" رحيل أريدك أن تعرفي أني أحبك جدا، أحبك بالقدر الذي كنت أعرفه من الحب حين التقينا، وأني أسف على غيابي وتقصيري في حقك، أنا كنت أحاول وحدي أن أمنحك حياة أفضل لكن كانت لدي ظروف صعبة، لم يكن الأمر بيدي حبيبتي، أنا لم أكن أتمنى أن نفترق دون أو أودعك أو أشرح لك لكني مؤمن أن ابنتي الجميلة ستسامحني على ذلك وستدرك أني أريدها بجواري لأمنحها كل السعادة التي كانت ومازالت تستحقها "
طفرت الدموع من عيون رحيل ليأتيهما صوت بشر يقول لرائف
" أنت الآن لديك زوجة ويمكنك أن تبني معها حياة جميلة وتنجب منها ألف طفلة لكن لا تفكر أن تسلبني ومدللة عمري مدللتنا الصغيرة وإلا سنعلن عليك الحرب "
نظر رائف لبشر بتوتر وقال " ولكن ….
قاطعه بشر قائلا بإصرار
" رحيل ابنتي كتولين تماما، بل أنا يمكنني منحك تولين عدة أيام لكن رحيل لا ولا ثانية " ضحكت رحيل بقوة وظهرت السعادة جلية على محياها وظلت تداري فمها بكفها الصغير لتظهر تولين التي كانت تقف خلف بشر والتي قد جلبته خصيصًا ليتدخل وينقذ رحيل ونظرت لرائف بغضب وقالت
" هلا أنزلت لي أختي عن الطاولة "
تفاجأ رائف من أمرها المباشر ونظر لبشر الذي حرك رأسه بمعنى أنت من جعلت من نفسك عدو، انحنى رائف يضم رحيل بحنان شديد ثم قبل رأسها وهمس لها
" أنا سأكون موجود دائمًا " هزت رحيل رأسها موافقة لينزلها رائف عن الطاولة فتسحبها تولين ليركضا معا ليقول بشر لرائف
"لا تفكر حتى بالأمر، فتولين قد تحاول قتلك ولأنها مجهدة سيتوجب عليّ أن أقوم بذلك عوضًا عنها ونحن كبرنا على شجارات الشوارع هذه، رحيل جزء من أسرتنا الصغيرة الآن لن نسمح لك بإقتلاعه كما أعلم أنك لن تسمح لأحد بأن يفكك أسرتك التي تحتاج كل اهتمامك "
التفت رائف ينظر لأصالة التي كانت تنظر إليه باهتمام ليقول له بشر
" لمَ لا تأخذ زوجتك وترحل، لا تضيعا وقت أكثر فقد مضى من العمر ما يكفي "
التفت رائف ينظر لبشر ثم قال له
" شكرا على كل شيء "
قال له بشر
" أنا لم أفعل شيء، اذهب هيا "
تحرك رائف نحو أصالة وقال لها بحماس
" لقد حان وقت الرحيل" ابتسمت أصالة ووقفت بلهفة تقول
" أخيرًا "
تحرك الاثنان تجاه منذر وبهية لتقول بهية بتأثر
" لمَ الاستعجال الوقت مازال مبكرا "
قال لها رائف
" مازال أمامنا طريق طويل وأصالة لا ترتاح في الأجواء الصاخبة "
قالت بهية بصوت يتخلله اهتزاز البكاء
" أعرف "
ثم فتحت ذراعيها لأختها تضمها بقوة، تمنحها كل الحنان الذي ما وجداه كثيرا سوى في أحضان بعضهما وهمست لها
" مبارك يا حبيبتي، رزقك الله سعادة الدارين، وأدام الود والسكينة ما بينك وبين زوجك، إنه رجل صالح هداه الله لك وأنعم عليكما بالذرية الصالحة، مع السلامة …أنا سأهاتفك بعدما يرحل الجميع لأطمئن عليكي، هل تحتاجين لأي شيء، قولي يا حبيبتي أي شيء وأنا لها لا تقلقي "
قالت أصالة بعيون دامعة
" لا حرمني الله منك ولا من حضنك الدافيء ودعوتك الجميلة، أنا لا أحتاج لشيء سوى أن تكوني دائما بخير، أرجوكي بهية كوني بخير دائما "
قالت لها بهية
" لا تقلقي عليّ يا قلب أختك " قال منذر
" لا داعي للبكاء لو أردتي أن تريها بالصباح سأحضرها لك لا تحزني "
ابتعدت أصالة عن بهية ونظرت لمنذر بإمتنان وقالت " شكرا لك يا منذر، أنت ونعم الاخ، والزوج الذي تمنيته لأختي دومًا، أنا سعيدة أنك في حياتها الآن فبهية تستحق كل الخير "
قالت بهية بخجل
" منذر هو كل الخير "
أشواط الحياة التي مرت بصدر منذر من كلمتها جعلته يريد حملها فوق رأسه كأنما لا مكان يليق بها على الارض ليقول لرائف
" انتبه لأصالة فلها عندي واسطة قد تجعلني أطيح بمن يحزنها "
قال رائف
" هذه لا تحتاج واسطة فهي تعلم ماذا قد أفعل حين يخصها الأمر "
توردت أصالة بخجل ثم قالت لبهية
" أرجوكي أحضري أدم لنرحل فأخيرا انتهى هذا الجنون وسأستطيع الاهتمام به كما السابق فأنا أشعر بالتقصير نحوه "
قالت بهية بحرج
" يا حبيبتي أنتِ عروس، دعي آدم لدي ليومين وسأحضره لكِ "
نظرت أصالة لرائف وقالت
" هل أنت موافق على هذا الحديث، هل سنترك أدم حقا، لقد بدأنا الرحلة معا رائف، لا تقل أن موكبك نحو الحياة لا يسع مجال لذلك الطفل "
قال رائف بهدوء
" الاماكن الشاغرة لدي كثيرة املئيها بمن شئت وقتما شئت أنا من اليوم طوع يديك، لا جدال في ذلك "
ابتسمت أصالة وقالت
" دعنا نحضره إذًا.
༺༻

انفعالاتك حين تراني ما هي إلا بأسهم على أيسري ……
༺༻

كانت ملاك تقف بجوار أيوب يتحدثان بإندماج لم تغفله عيون من حولهم، حتى عيون والدتها التي كانت ترمقها بغضب بالغ وهي ترى انفعالات وجهها التي تجعلها تبدو غير متزنة إلى درجة قد تدفع الشاب ليفر، كأنها انجرفت دون سبب واضح من قمة الرفض لقمة القبول الذي تفضحه أفعالها العلنية رغم عدم وجود شيء رسمي بينهما حتى الآن، أما أيوب فكان منطلقًا كما لم يكن، كان يتحدث دون توقف كأن ملاك تستنزف كل طاقة الحكايا التي لم يدر أنها بداخله، تحدثا عن أشياء غير مهمة قد لا تثير حماس رجل قد لا تثير فضول انثى لكن الأمر لم يكن هكذا أبدا لأنه اكتشف للتو أن نوع الورود التي تزين بها المكان جاء بخصم مميز نظرًا للكمية التي اشتروها، وأن الأصناف الموجودة على المائدة المفتوحة اختارت منهم ملاك صنفين وأن تقسيمة المكان الذي يقفون فيه أخذ منهن أربع ساعات للتخطيط، وأنها تملك شفتين مثيرتين وثرثرة ناعمة قد توقع بأي رجل، رفع أيوب عينيه التي تموج بالإعجاب لعينيها اللتين تدوران في كل اتجاه دون توقف وهي تقول
" هل تعلم أن طيف أختي من شغلت منديل عقد القران، إنها عاشقة للأعمال اليدوية "
قال أيوب بابتسامته التي تربكها وتسحرها في آن واحد " هذا رائع، أظن أني أعرف أشخاص قد يساعدونها في تنمية موهبتها "
قالت ملاك
" حقا، أتمنى ذلك، والدتي كلما أرادت الانضمام لورشة أو غيره رفضت بسبب خوفها عليها رغم أنها لم تعد صغيرة ستبلغ قريبا السادسة عشر، أظن أنها قد تثق في ترشيحك "
قال أيوب
" شرف لي أن تثق والدتك بي، والعقبى لابنتها "
غرقت ملاك في لجة من الخجل الذي دفعها لتقول دون أن تفكر
" إن شاء الله ستثق طيف بك، بل وستكون سعيدة جدا" اتسعت أعين أيوب ثم ضحك بانطلاق قبل أن يتدارك ذاته وهو يلمح مؤيد يقترب منهما بوجه متجهم يتلفت يمينًا ويسارًا قبل أن يقف أمامه ويهز رأسه له في سلام مشدود ويقول
" ملاك لما لا أرى كنزي، أين هي، هل حدث شيء في غيابي "
التفتت له ملاك التي مازالت تتخبط في نوبة خجلها وقالت
" نعم لقد أتى شاهين بعد رحيلك مباشرة وأبلغها أن علِيّ سيسافر خارج مصر وطلب منها أن تلحق به ومنحها سيارته و…….
أسرعت ملاك تضع يدها على فمها بقوة كأنها تخرس نفسها وقد امتلأت عيناها بنظرات فزعة وهي ترى عيون مؤيد تتسع بصدمة كبيرة وعنقه يلتف بحدة تجاه شاهين الذي كان يرقص بسعادة غامرة بين الشباب ثم يتحرك نحوه، امتلأت عيون ملاك بالذنب والدموع وهمّت بالركض تجاه سارة ليفرد أيوب ذراعه أمامها ليمنعها وهو يقول
" ابقِ مكانك فما حدث قد حدث"
تجمدت ملاك مكانها وبدأت بالبكاء وهي تشعر أنها قد ارتكبت كارثة جديدة لينظر لها أيوب بطرف عينيه ما بين فنية وأخرى كأنه يتأكد أن تلك الهشة المزعورة من كل بنات حواء هي من يريدها ولا أحد سواها، كارثة يعلم لكنها باتت تهدد ثقل ذاته بكوارث العشق الذي دومًا ما كان علة الرفاعية لذلك هو أخذ نحوها أسرع وأيسر وأوضح الطرق ولا ينوي أن يكون للطريق نهاية.
༺༻

كان شاهين يحتفل بإنطلاق افتقده منذ خيمت على تفاصيل حياته النكبات المتتالية، كان يشعر براحة انعكست على كافة أفعاله التي فاجئت سارة التي ربما جمعهما الكثير لكن يبدو أن هناك العديد من الأوجه التي مازالت لم ترها لصقر الجوهري، لقد كان يجيد رسم السعادة على وجهها،
أمسك شاهين يد سيدرا التي تناست عامدة الطاووس الهندي الذي يقف بالخارج وظل يراقصها بحماس لتباغته كف مؤيد الغاشمة وهي تسحبه من تلابيبه لتتفاجأ سيدرا بما يحدث وتتراجع بصدمة فتسحبها سارة بعيدا أكثر لتخفت الموسيقى وتتوتر الأجواء ويتجمد الحضور ومؤيد يصرخ بشاهين قائلا
" أين كنزي يا شاهين "
أجابه شاهين قائلا
" ذهبت لتلحق علِيّ، ذهبت لتلحق حياتها التي ستقف كما حياتك لو رحل زوجها وتركها، أختك ذهبت لتحافظ على الرمق الباقي في علاقتها بزوجها، أين المشكلة "
قال له مؤيد وهو يهزه بعنف " مشكلتي أنه ليس زوجها، وأنك لا تملك الحق في القدوم إلى هنا والعبث بعقلها ودفعها نحو طريق مغلق انتهينا منه "
قال له شاهين
" ومن أغلقه أليس أنت، أنت وشدتك وتحفظاتك وجمودك وسطوتك على تفكير أختك " قال له مؤيد بحدة
" بل أنا وحرصي عليها وحذري منكم وإدراكي التام أنها لن تكون آمنة معه "
قال له شاهين بأسف
" إدراك هذا بني على هواجسك الداخلية مؤيد، علِيّ محال أن يؤذي كنزي أنت في قرارة نفسك تعلم ذلك تؤمن به لكنك بت تميل لأسهل الطرق وهي اعتزال كل ما يمس لآل الجوهري بصلة مبررا ذلك بكونهم إيذاء لك ولها لكنك لو وقفت مع ذاتك لوهلة لأدركت أنك أيضا قد تؤذها دون شعور منك ألست منا مؤيد، أليست قاعدتك بعدم الثقة في أي فرد من أل الجوهري لم تكسرها لمحض بشر حتى صديق عمرك فلما كسرتها لذاتك " دفع مؤيد شاهين للخلف وصرخ به بقهر
" لأني أخوها "
قال له شاهين بهدوء
" هذا لم يكن كافيا لتحميها من نفسك، أنت دون شعور منك نقلت لأختك خوف وشك وعدم أمان لكل من خارج دائرتها، لقد تدخلت في علاقتها بزوجها أنت تسيطر على كنزي مؤيد لا تحميها، اعترف بذلك لنفسك، اعترف به ثم توقف عنه حالا وإلا ستفقدها سنين عمرها في شتات ولوعة كالتي فرضتها على ذاتك "
نهت مؤيد وكلمات شاهين تتضارب مع كلمات سيادة ثم يتضاربان مع أفكاره
ويدفعان به لدوامة عنيفة الدوران، رفع مؤيد عينيه لتقع في أعين سيادة التي تقف على بعد وتحمل ابنته ليقترب بشر ويقول لمؤيد بهدوء
" ربما الوقت حان لتمنح كنزي الفرصة لتخوض تجاربها الخاصة بحلوها ومرها، حماية أحبائنا من التجارب لا تقويهم بل تزيدهم هشاشة وقابلية للألم والانكسار "
اقترب ليل وأمسك كتفه بدعم وقال
" أخبرتك من قبل أن تدع كل شيء يحدث بالطريقة التي تريدها، أن تدع علِيّ تحت عينيك دومًا أن تكون السند والحامي لا الحارم والمفرق مؤيد، تريث ولا تندفع فتفسد الأمر أكثر "
تحركت أعين مؤيد ما بين وجوههم التي اتفقت أن تؤكد له أن أخته قد كسرت كلمته وتخطته، تعالى رنين هاتف مؤيد فأسرع يخرجه من جيب سترته ظنا منه أنها كنزي تطلب نجدته
فأجاب مسرعا دون أن ينتبه لهوية المتصل ويقول
" كنزي أين أنت"
جاءه صوت علِيّ يقول " مؤيد أنا سأنتظرك أمام شركتك، أظنك بت تعلم أن كنزي جائتني وأننا نحتاج أن نتكلم "
هدر به مؤيد وأنفاسه المنفعلة وحدها تحكي عما يجيش بصدره وقال
" أنا قادم "
تحرك مؤيد فأسرع طاهر يلحق به ويقول له
" مؤيد، لمَ لا تدعنا نتحدث قبل أن تقدم على أي شيء، ما رأيك ربما حديثنا سويا يجعلك أهدأ "
قال له مؤيد
" حاليا ليس لدي ما أقوله يا طاهر "
قال طاهر بإلحاح
" أنت في حاجة للحديث الآن عن أي وقت آخر "
قال مؤيد الذي يتحرك بإندفاع " ليس هناك ما يقال وأختي ليست معي "
هز طاهر رأسه بيأس وقال
" حسنا يا مؤيد ولكن تذكر أن كنزي لم تعد صغيرة، تذكر أنها باتت لها حياة خاصة الآن وعليها أن تملك حرية الاختيار "
تجمد مؤيد لوهلة قبل أن يفتح باب السيارة بعنف ويركبها وينطلق بجنون وكل كلمه سمعها تعاد بداخله مرارا وتكرارا حتى شعر أن عقله سينفجر كما لو أنه على وشك الجنون.
༺༻

مالي استثنيك عن كل القتال الذي يدور في عقلي، كأنك محصن حتى من جنون أفكاري، باق في أعماقي حتى وإن أبيت.

༺༻

عاد بشر وليل نحو طاولة مأمون الذي كان يجلس بإسترخاء ويقول
" لن تصدقوا كم تعودت على جنون حفلاتكم، لقد انتظرت شيئا أكثر حدة لكن ما رأيته أقل كثيرا من المتوقع بالنسبة لي، لا أصدق أنه لا خطف لا قتل لا انقلاب سيارات لا ضرب نيران لا قوات أمنية لا مفرقعات، شيء ممل للغاية " نظر له ليل وبشر بحنق في آن واحد فضحك مأمون واعتدل يقول
" ما لكما ظننت أن هذا نمط حفلاتكم المفضل "
تعالى رنين هاتف ليل فأخرجه من جيب سترته ليجد رقم سالم فنظر لمأمون وقال
" لولا أن المكالمة مهمة، لبقيت لنهاية الترفة لكن للأسف علي أن أجيب "
وقف ليل وابتعد لمكان هاديء نسبيا ثم أجاب قائلا
" أهلا عمي، كيف حالك "
أجابه سالم بصوت مرهق
" أنا بخير، كيف الحال عندك، هل جميعكم بخير " أجابه ليل
" جميعنا بخير الحمد لله، كيف صحتك أنت "
قال له سالم
" متعب قليلا لكن هذا حكم السن لم أعد أحتمل توتر الأعصاب "
قال له ليل وهو يبتسم لسمراء التي مرت من أمامه
" أطال الله لنا في عمرك يا عمي، لقد تمنيت أن تشرفني بحضورك لكن بشر شدد على أنك لن تتحمل السفر والضجيج "
قال له سالم
" لقد كنت أريد أن أبارك لفخر وعروسه بنفسي لكن سأعوضها لهما عما قريب بإذن الله، وهدية زفافهما ستصلهما غدا "
قال ليل
" ليس هناك داعي لكل هذا يا عمي خيرك سابق "
قال سالم
" لا تقل هذا الكلام فجميعكم أبنائي وفرحتكم فرحتي، ولا تنس أن تخبر فخر أن عليه أن يحضر عروسه لنتعرف عليها ولترى أرضه وعائلته هذه ليس فيها نقاش وإلا حماتك وخالتك فوزية سيعتبرونها كبيرة في حقهما "
قال ليل
" ولمَ كل هذا من عيناي الاثنين، أمرهما سيف على رقبتي "
قال له سالم
" انتبهوا لبعضكم البعض وبلغ سلامي للجميع "
قال له ليل
" إن شاء الله "
ثم أغلق الهاتف وتحرك تجاه مأمون الذي مازال يتندر على حفلات زفاف رجال العزايزه.
༺༻

بالخارج …..

وصل فيلو إلى الموقع المحدد له على تطبيق الخرائط فأوقف سيارته ونظر لمنزل منذر وقال
" ها هو المنزل …لقد وصلنا "
قالت بتول بتوتر
" فيلو لمَ لم تخبرني أن هناك حفل، انظر إلينا …مظهرنا ليس مناسب إطلاقا للدخول، ثم كيف ستتناقشون في أمور جدية وهامة كهذه داخل حفل، فيلو لمَ لا تأخذ منهم موعد آخر لتلتقو فيه أرجوك " أحنى فيلو رأسه للأمام كأنه يتأكد من المكان لتقول بتول
" ما رأيك أن تأخذ منهم موعد في الصباح في حال لم يغادروا المدينة"
قال لها فيلو
" توترك هذا مبالغ به لأنك قادرة بفستانك البسيط هذا أن تصبحي ملكة الحفل، ليتك تفهمين ذهبيتي أنك تملكين أنوثة موترة …أنت تصعقيني كما البرق …أووه "
نظر لها فيلو بجرأة جعلتها تضربه بخفه على ذراعه وهي تقول
" توقف فيلو عن هذا "
أمسك فيلو يدها وقبلها ثم قال
" كان بإمكان مأمون أن يطلب مني أن نؤجل لقائنا لعدة أيام حتى عودتهم لكن أنا واثق أنه رأى أن مقابلتنا هنا أفضل لأن من المؤكد أنه متوتر من أن يكون مازال خلفنا مشاكل وأن دخولنا الشركة مجددا فى وضح النهار قد يورطهم بشيء ما لذلك تيقني أنني أفضل الافضل لي ولهم فأنا لا أريد الانتظار أكثر وهم لا يريدون إلا الهدوء التام وها أنا أمنحهم إياه "
ازداد توتر بتول من ألا تجد قبول لتواجدها بالمكان ولكنها لم تبح لفيلو بذلك بل ترجلت من السيارة ووقفت تنتظره حتى يترجل من السيارة ويقترب منها ليمسك يدها ثم يتوجهان للمنزل معًا وهما على استعداد تام لأي شيء.

༺༻

بالمنزل …..

كانت تولين تخرج من إحدى الغرف لتكمل سهرتها مع بشر والشباب وقد غيرت فستانها الخانق ببدلة رياضية مريحة ومحتشمة لتتفاجأ ببتول وفيلو يدخلان من باب المنزل ويتقدمان نحوها، صدمت تولين من وجودهما وأسرعت نحوهما تقول براحة
" حمد لله أنكما بخير، أين كنتما، لقد ظننت أن مكروه أصابكما "
نظر فيلو لتولين نظرة متفحصة ثم قال لبتول
" انظري لما ترتديه، ها هي تستقبلنا بملابس رياضية داخل الحفل وهذا يجعل طلتك أفضل بكثير "
نظرت تولين لفيلو بغيظ فأسرعت بتول تقول بتوتر
" أنه يحاول أن يخفف من توتري لأني كنت أشعر أن مظهرنا لا يليق بدخول الحفل "
قالت لها تولين بلطف
" الحفل انتهى ولم يتبق إلا نحن، تفضلي بتول لقد تأثرت حقا لاختفائك المفاجيء وبشر حاول أن يفهم سببه ولكن لم يصل لشيء لكن حمد لله أنك بخير "
ضغطت بتول على كف فيلو الممسكة بكفها وقالت
" الحمد لله"
تحركت تولين فتبعاها ليلفح هواء البحر العليل صدر فيلو الذي بدأ بفض أزرار قميصه الذي كان مفتوح للمنتصف بالفعل فنظرت له تولين بريبة لتقول له بتول بحرج
" ماذا تفعل"
قال لها فيلو بحماس
" لا عاقل قد يقف على البحر ليلا بملابسه "
عمّ الصمت والتفتت الأنظار بأكملها نحو فيلو الذي قال وهو يرفع حاجبيه
" المجانين هنا كثر"
تجهمت ملامح سلطان الذي اقترب فيلو نحوه هو والشباب والتفت يسأل ليل
" من هذا "
قال ليل بضيق
" ضيف أجنبي يستحسن أن تتجاهل وجوده لأنه بارع في استفزاز من حوله لدرجة تدعوا لقتله "
قالت سارة التي كانت تقف بجوار أخيها
" من الذي دعاه "
التفت لها شاهين وسألها بغيره " هل تعرفيه "
قالت سارة
" وأعرف زوجته أنها الواقفة بجواره "
نظر شاهين لبتول التي تبدو خجلة مرتبكة بعكس الجريء البارد بجوارها وقال
" لا أرى وجه توافق بينهما " ثم التفت لسلطان وقال
" ألم يحن آوان رحيلنا، فعلى حد علمي لقد انتهى الحفل" قال له سلطان الذي لم يفطن أنهما لأول مرة يتفقا على شيء
" نعم لنرحل "
أشار سلطان لفاطمة بعصبية لتقترب فيما قال شاهين لسارة " اذهبي لتحضير حقيبتك وعيناك بالأرض "
ضحكت سارة فالتفت سلطان يزغرهما بغضب فأسرعت تبتعد نحو المنزل لتقترب فاطمة بوجه متجهم تقول
" نعم، خيرًا، ماذا حدث "
قال لها سلطان
" سنرحل "
لم تجبه فاطمة التي كانت تنظر للضيف الغريب وقبل أن تسأل عن هويته هدر بها سلطان
" هل تعرفينه "
نظرت له فاطمة بغضب وقالت
" من أين سأعرف هذه الأشكال "
قال لها سلطان بخشونة
" أمامي هيا "
تحركت فاطمة أمامه تغمغم بكلام خافت مليء بإسمه الذي نطقته مئة مرة.
༺༻

وستبقى وحدك من لمسني من الداخل وبحث عن قبس ضوء بداخلي لينقذني من قتامتي ليضيء في عيني ظلام العالم.

༺༻

اقترب فيلو وبتول من مأمون الذي تجاوره سجى ومؤمن الذي تجاوره فتون التي تحمل صغيرها نوح لتدور أعين فيلو في وجوههم قبل أن تتوقف على وجه فتون الذي تمعن فيه قبل أن يقول
" كيف الحال أيها الشركاء " أجابه مأمون قائلا
" كما ترى بأفضل حال لكن أمر شركاء هذا لندعه معلق حتى ننهي حديثنا "
قال فيلو بلا مبالاة طاغية
" لديك كل الحق لكن لمَ لا ندع السيدات يمرحن بعيدا عن حديثنا الثقيل، فلا أظن أن ما سيقال سيروق لهن "
قالت تولين بقلق
" لا أفهم "
قال فيلو بهدوء
" أقصد أن النساء يكرهن الحديث في العمل حين أوقات المرح "
نظر بشر له بعيون تريد سبر أغواره قبل أن يقول
" أنت محق في ذلك لذلك دعنا ندخل غرفة المكتب لكي لا تتوتر الأجواء بإجتماعنا العاجل "
قال له فيلو
" لا مانع لدي لكن أليس الجلوس أمام البحر أفضل، الهواء الطلق سيهون كثيرا مما سيقال "
تبادل بشر ومأمون النظرات ليقول ليل لسمراء
" اجمعي الفتيات على المائدة المفتوحة، فأغلبهن لم يأكلن …يكفي من رحلوا دون أن يشاركونا الطعام "
همّت سمراء بدعوة الجالسات ليقاطعها فيلو قائلا
" هلا اهتممت ببتول وجعلتها تشارككم الطعام سيدتي، فالطريق كان طويلا وكانت نائمة أغلب الوقت فلم تأكل شيء "
نظرت بتول لفيلو بوجل فضمها وقبل جانب وجهها لتقترب منها سمراء وتقول بلطف
" دعينا نحظى بفسحة لنرحب بعودتك بعيدا عن زوجك هذا الذي مازلت لا أفهم لمَ قبلت به "
ابتسمت بتول وتحركت بجوارها عدة خطوات قبل أن تلفت عنقها لتنظر لفيلو وهي تقول
" قبلت به لأنه الرجل الوحيد الذي لم يحاول إيذائي حتى عندما سنحت له الفرصة، الرجل الوحيد الذي أتبادل معه علاقة إنسانية بحتة حتى وإن كانت معقدة، الرجل الوحيد الذي يخبرني دوما أن وجودي جواره له حاجة ملحة كما الحياة وليس غرض، فيلو ربما ليس الرجل الذي تمنيته لنفسي لكنه مؤكدا أفضل ما حدث لي منذ جئت إلى الحياة "
قالت لها سمراء
" تحبيه إذا بتول "
أجابتها بتول بتيه
" أحتاجه، وأشعر بالانتماء إليه، أنه حاليا الوطن الوحيد الذي أعرفه "
قالت لها سمراء بإبتسامة
" هذا يسمى حب "
صمتت بتول للحظة قبل أن تقول
" انا لم اعرف الحب من قبل ولكن إذا كان هذا هو فليكن إذا، فأنا أستحق أن أفهم ما الحب أخيرًا حتى وإن كان بالطريقة الصعبة ".
༺༻

أن أحبك …يعني أن أكون معرض لأن تبعثر نظراتك في تسعة وتسعين نبضة وتمن علي نبضة واحدة بالاحتواء.

༺༻

جلس فيلو أمام بشر وليل ومأمون أمام البحر فيما انسحب مؤمن نحو طاهر الذي كان يقف مع إياد على بعد أمتار منهم، لينظر مأمون لفيلو ويقول
" فيلو أنا أفهم أنك قادم لنتناقش في العقود التي بيننا والأعمال التي تأثرت بغيابك واللغط الكثير الذي طال اسمك وعدم وجود من ينوب عنك خاصة بعد اختفاء بتول أيضا لكن قبل كل هذا أريد أن أسألك عن شيئا واحدا فقط … زوجتك أتتني وطلبت مني المساعدة للبحث عنك وقالت حديث حتى الآن لا أفهمه ذكرت اسم والدي رحمه الله، قالت أن له يد بإختفائك بشكل ما، قالت كلام كثير غير مفهوم لمَ لا نبدأ به "
قال له فيلو بأسلوب ملتوي
" لمَ لا تعتبره توتر من امرأة فقدت زوجها وتعبره سيد مأمون، فليست كل الحقائق إدراكها جيد ومريح، أنا لن أدعي أني لم أتوقع أن يدور هذا الحديث بيننا لكن صدقني أنا لا أريد أن أخوضه وخاصة أن من المؤكد أن الفترة التي مضت أثبتت لكم أن جزءً مما قالته بتول كان حقيقة مرة إذا سيكون بقية الحديث حقائق أمر
" عاد ليل وبشر ليتبادلا النظرات بصمت ليسألهما ليل " ما الذي قالته زوجة السيد فيلو وحدث "
أجابه بشر بغضب مكتوم
" قبل أن يحدث ما حدث للفتيات جاءت بتول وطلبت مني أن أساعدها في إيجاد فيلو لأن هناك شيء غامض يجعل إختفائه مرتبط بزوج تولين السابق وقالت أن تولين بخطر لكني ثورت ولم أتقبل أن يزج بإسم تولين في أمر شائك كهذا "
سأل ليل مأمون وهو يعقد حاجبيه"
وما الذي قالته غير ذلك وتريد فهمه "
قال مأمون وعيناه بأعين فيلو " لقد قالت أن أبي تغاضى عن ماضي فيلو عامدا وتركه يدخل بيننا كشريك، في نفس الوقت الذي تخلص فيه من حشاد ليأخذ فيلو المكان الذي كان يسعى إليه والد عادل حين رفضنا شراكته، عادل الذي نفذ من الموت بأعجوبة ليصل في النهاية إلى تولين في صدفة لا تكاد تقترب من المنطق في شيء، تولين التي سعت كارما لتتخلص منها كما سعت لتتخلص من بتول نفسها بتسليمها له في تلك الاتفاقية القذرة التي دارت بينهما من قبل، لتكن النهاية أن يتزوجها فيلو ويكشف لنا تفاصيل حادث تولين التي لم يدركها سواه، قالت أن كارما كانت تخطط لأمر كبير وهناك من كان يدفع خطواتها ويوجهها لتصل إليها ثم إليه ثم إلى تولين "
قال ليل
" أنا لا أفهم شيء "
قال فيلو بإبتسامة جامدة
" لقد كانت بتول تقول بلطفها البالغ أن السيد جواد الصالحي كان ليس كما تظنوه "
اتسعت أعين مأمون وقال بحدة
" احفظ لسانك "
قال له فيلو
" لساني محفوظ في فمي لكن دعني أرتب لك جزء بسيط من تلك الاحجية المعقدة والتي لم تعرف زوجتي أن تحلها حتى الآن بل وتجهل مثلي باقي أضلعها "
التفت فيلو يتأكد أن بتول بعيدة بمسافة تجعله يتحدث براحة ثم قال
" والدك لم يكن الشخص الذي تظنه سيد مأمون، سطوة والدك وعلاقاته الممتدة جاءت من عمق بئر أسرار مظلم، قد لا أعلم كل ما فيه لكني أعلم أهم ما فيه وهو أن والدك كان يحميكم بشكل مفرط ليس محبة ولكن إدراكا للخطر الذي يحاوطكم والذي لم يترك العالم ويلاحقكم من باب الصدفة، ترى لمَ قد يغلق المزارع باب المزرعة على دجاجاته إن لم يكن يعلم أن هناك ذئبًا يحوم بالأرجاء "
تحفز مأمون وقال له
" لقد بدأ صبري بالنفاذ وأسلوبك في الحديث عن والدي يجعلني غاضب لدرجة قد تزهق روحك "
قال له فيلو بإنفعال
" والدك كان يحارب عدو أبعد ما يكون عن حشاد هذا، ذلك العدو هو من خطف تولين من دفع عادل نحوها من دفع برائف بينكم، من قرب حذيفة منكم، والدك ظل يأوي في منزله إمرأة بماضي مظلم ماتت وتركت لكم طفلتها لتربوها ثم يتزوجها أخوك، أتظن كل هذا لا يرمي بأصابع الاتهام إليه "
قال مأمون بصدمة
" من تقصد "
أجابه فيلو وهو يتذكر كل ما أخبرته به سديم
" أقصد فتون والتي تكون بالمناسبة أخت زوجتي "
نظر مأمون لفتون التي تقف بين الفتيات وقال
" كيف هذا، زوجتك لم تقل هذا الحديث أبدا، هذا مستحيل والدة فتون ظلت تعمل لدينا لسنوات ولم تلد سواها "
قال له فيلو بعنف
" زوجتي لم تخبركم بذلك لأنها لا تعلم به بعد، ما الذي تريدني أن أخبرها به أن والدتها التي ألقتها دون أن تلتفت لمصيرها أنجبت طفلة غيرها وظلت تراعيها حتى ماتت وحتى بعدما ماتت حظت تلك الطفلة برعاية وحب ودعم عاشت هي محرومة منه، اسمعوني جيدا ربما يهيء لكم عقلكم أني غامض ومظلم وخلفي كوارث لكن إذا فكرنا قليلا سنجد الحال من بعضه وسنجد أنكم مديون لي بدين عظيم يجعلكم مطالبون بتفهم أن مثلي مثلكم كانت لدي مشاكل وقمت بحلها بعيدا عنكم تماما، أما فيما يخص السيد جواد هذا الأمر عائد لكم أردتم البحث خلف الماضي لكم هذا أردتم تخطيه أنتم أحرار لكن افعلوا ذلك وأنتم مدركون أن لا أحد منا أفضل من الاخر جميعنا نملك حكايا معقدة" أعاد فيلو ظهره للخلف ثم قال ببطء
" السيد جواد وما كان يخفيه، العزايزه وعلاقتهم بذلك الكيان الإجرامي، وحتى أنت سيد ليل أظن جميعنا نعلم ما مررت به "
عمّ الصمت للحظة قبل أن يسأل بشر فيلو
" ما الذي تريده حاليا فيلو " قال فيلو بقوة
" أريد منكم تقدير ودعم وتفهم واحتواء للموقف والتعامل بنضج مهني وتخطي كل الأفكار الغير مرغوب فيها، الشرط الجزائي الموضح بيننا في العقد سأدفعه كاملا لأني خلال غيابي لم أستطع الالتزام بجانبي من تلك الشراكة على أن تظل الشراكة قائمة بل ونضع في القريب العاجل خطط للتوسع في أعمالنا أيضا "
قال له مأمون بغضب
" تتحدث كأن ما قلته هينا، كأنك لم تلق في وجهنا قنبلة موقوتة للتو، كأنك حللت جميع مشاكلك وعائد لسوق العمل بثقلك "
رفع فيلو كفيه وقال
" ما قلته هينا بالنسبة لي بالفعل ففي النهاية أنا لم أعرف من الحقيقة سوى قطرة، أما عن كون ما قلته قنبلة فالآن الصمام بيدك لا يدي يمكنك أن تفجرها إن شئت أو تلقها في البحر كأن شيئا لم يكن هذا قرارك، وأما مشاكلي فهذه مسؤوليتي الخاصة، وأما عودتي فهي أثقل مما تظن فقط شاهد "
الوضع لم يكن مريح وشعور الريبة تجاه فيلو يزداد ليقف فيلو فجأة ويقول لهم
" صدقوني أبادلكم نفس الشعور، وأرى في أعين كل واحد منكم سر كامن ربما يطول بتول بالسوء لكن تمسكي بالبقاء بينكم سيكون ضمانتي الوحيدة لأتأكد دوما أن كل ذلك الشر انتهى "
وقف بشر بتحفزوقال
" ولمَ تظن أنك ستتأكد من خلالنا "
أجابه فيلو قائلا
" هذا السؤال يخصكم ابحثوا انتم عن إجابته فأنا انتهيت من البحث عن الإجابات التي تخصني للتو ولا أنوي أن أعيد الكره لأجل أحد "
وقف مأمون وقال له
" لو علمت يوما أن ما قولته على والدي لم يكن إلا أوهام من عقلك الذي خربته صراعاتك سيكون حسابنا عسير "
ابتسم فيلو ابتسامته العابثة وقال
" اتفقنا إذا، وحتى تلك اللحظة سنكون شركاء يجمعهم الاحترام وكثير من المواقف التي كما قلت تجعلكم مدينون لي، أنا أريد أن نقيم إجتماع عاجل بالصباح لنناقش كل ما حدث في غيابي قبل أن أرحل "
وقبل أن يتلقي فيلوا إجابة منهم تحرك مبتعدا ليتوقف فجأة ويلتفت لهم ويقول
" سعيد برؤيتكم حقا حتى وإن لم تبدو سعداء برؤيتي "
ثم خلع قميصه تماما وتحرك ناحية بتول، التفت بشر لمأمون وقال له
" ماذا سنفعل "
أجابه مأمون بجدية بالغة
" لنجتمع صباحا لنسوي أمور العمل معه أما فيما قاله أنا سأحاول البحث عن أي شيء لكن لا أعرف من أين سيتوجب عليّ أن أبدأ "
قال بشر
" ربما عليك ألا تبدأ مطلقا وأن تتخطى كل ما سمعته يا مأمون، ثقة فيلو تؤكد أن ما خلف الأبواب المغلقة جحيم دعه يرحل مع من رحلوا فزوجتك وأطفالك يحتاجون إليك "
عمّ الصمت ولكن كان هناك رائحة خوف قد فاحت حتى زكمت أنفاسهم.
༺༻

لو أنك في حياتي اختيارا لاخذت كل الطرق المعاكسة لك علني أضيع في الكون بدلا من أن أضيع ما بين عينيك الفاتنة وشعرك الأسود الذي سرق من الليل دجاه.

༺༻

الوقت الحالي بالمزرعة….

كان حكم يلتفت ليهدين ويقول بتوبيخ
" هل اختطفت المأذون"
تحركت يهدين للأمام ونظرت للمأذون بتفحص ثم قالت
" بالطبع لا، لقد جهزت له كافة الأوراق الخاصة بك وبشيراز واتفقت معه على عقد القرآن وأمرت الرجال بإحضاره حتى نعود "
قال لها حكم
" انظري الرجل يبدو محاصر "
قالت يهدين
" لا دخل لي بذلك "
نظر حكم لرجاله بغضب ليقول أحدهم
" لقد كان يريد الرحيل وحين أصر منعناه قسرا، فلدينا أوامر ألا نسمح له بالرحيل حتى تصلوا "
التفت حكم ينظر لها بغضب فقالت
" الخطأ ليس من عندي، هو من كان يريد الرحيل "
قال المأذون بصوت مهزوز من الرهبة
" لقد تأخر الوقت جدا والمكان يبعد عن العمار بساعات ولم أجد لوجودي داعي فأردت الرحيل "
تقدم حكم وقال للمأذون
" عذرا منك يا شيخ فنحن على عجلة من أمرنا "
ثم التفت لشيراز وقال
" أليس كذلك يا عروس " التفتت شيراز تنظر خلفها بحثا عن من يوجه لها الحديث فلم تجد أحدا خلفها فنظرت له بعيون ضائعة ليقول لها
" لا تقفي هكذا فقد يظنك الشيخ مغصوبة على الزيجة " قالت له شيراز
" أي زيجة "
قال لها
" زواجنا يا شيراز، اقتربي " قالت نورسين بانبهار
" فليشرح لي أحدكم ما يحدث من فضلكم، راعوا ظروفي "
قال لها فياض التي جعلته السعادة منتشي دون مخدر
" كبيرنا يضع المسؤلة عنكِ أمام الأمر الواقع وهي واقفة كما التمثال وقد جمدها الذهول "
سألته نورسين بحماس شديد
" هل ركع على ركبتيه كما يحدث بالأفلام وقدم لها خاتم مميز "
قال لها رشيد
" نحن لا نركع إلا لمن خلقنا " قالت نورسين بإنطلاق
" أنا لا أقصد أن يركع كما الصلاة، انتظر سأوضح لك كما شرحت لي المعلمة لمياء " همّت نورسين بالركوع على ركبة واحدة ليمسك رشيد ذراعها ليمنعها من ذلك وهو يضحك بقوة ويقول
" حتى هذه لا نفعلها لأجل إمرأة مهما حدث "
جذبت نورسين ذراعها من يده بعنف وقالت
" أنا لست مرتاحة لك "
ثم مالت على فياض وقالت له " أيها السيد ماذا يحدث الآن، أخبرني "
ضحك رشيد بقوة وقال لها
" اخترت الشخص الذي يرتاح له كل من يعرفه فعلا "
نظر فياض لرشيد بغضب شديد وصوت آلة التصوير الخاصة بملكوت التي تتحرك من حولهم يرتفع دون توقف ليقول أواب
" احترما الموقف قليلا "
قال طايع المتأثر بما يحدث
" هذان بلا مشاعر، انظر لها كيف باتت رجفة جسدها جلية، نيلوفر حين طلبت يدها ظلت ترتجف وتبكي قبل أن تصرخ بحماس شديد"
قال أواب بتفكير
" أشعرها لن تصرخ، لغة جسدها تقول أنها تستعد للركض بالاتجاه المعاكس " دفع فياض سراج الذي يقف بصمت بجوارهم خلف شيراز وقال
" لنحاصرها لكي لا تفر " تحرك السباع بالفعل وحاصروا شيراز التي شعرت فجأة أن هناك حوائط بشرية تحاوطها من كل إتجاه بينما همس فخر ليهدين
" ماذا تفعلون بالضبط، أهذه طقوس الزواج لدى عائلتكم " قالت له يهدين التي تشاهد ما يحدث بسعادة
" بالطبع لا، شاهد فقط " اقترب حكم من شيراز التي حين اقترب منها عادت للخلف برهبه لترتطم بسراج فتتحرك للأمام بسرعة وحرج لترتطم بحكم الذي أمسكها من ذراعيها بقوة ليمنحها الهدوء ومال عليها يقول بخفوت
" أنت كنت تعرفين، قولي نعم ولا تجعليني أضغط عليك أمام رجالي، لا تضعيني في هذا الموقف، أنا لا أريد لأي بشر حتى رجالي أن يرون منك سوى سمو وشموخ وإرادة حرة، تقدمي معي لتلك الحياة بخطى الواثقين شيراز ولتبق إرتجافتك تلك مأسورة في حناياك حتى نصير وحدنا، القِ عنك الخوف والتوتر والتردد وجاريني في تلك المشاعر الجارفة وسترين إلى أين سنصل، أنا واثق من أن ما سيجمعنا سيكون عوضا لي ولك عن كل شيء، دعينا نغتنم الفرصة شيراز، تمردي على خوفك لأجلي كوني تلك التي لم ألتقيها قط حتى الآن، تلك العبثية الشقية الحماسية المنطلقة، كوني لي "
طفرت الدموع من أعين شيراز التي هز رأسها بموافقة لتصفر يهدين بحماس شديد ثم تصفق بسعادة غامرة ليسألها فخر بخفوت
" ما الذي قاله لها "
التفتت يهدين تبتسم له بسعادة وهي تقول
" لقد أقنعها بالزواج كما أقنعتني بك وبحبك "
أحاط فخر خصر يهدين التي يقف خلفها وانحنى يريح ذقنه على كتفها لتقول له
" لقد أعددت هنا حفلا صغيرا سنرقص به للصباح وبعدها سأكمل اختطافك كن يقظ خططي لأجلنا لم تنته بعد ".
༺༻

فتح المأذون دفتره وبدأ بمليء استمارة الزواج ببيانات العروسين بينما تجلس أمامه شيراز بجوار حكم الذي كان يمسك كفها بهيمنة بينما كفها الملفوف برابطة عنق طايع يرتاح على ساقها، رفع المأذون وجهه ينظر للحشد حوله ويقول
" أين ولي العروس "
قالت يهدين بثقة وهي تسحب قلنسوة سترتها التي ترتديها فوق الفستان
" وصل يا شيخ "
فتحت بوابة المزرعة وعبر منها سيارتان من سيارات رجال حكم الذين ترجلوا من السيارتين بهمه وإثنان منهم يسحبان شخص معصوب العينين يصرخ بجنون
" من أنتم، ماذا يحدث"
نظر حكم ليهدين بعدم رضا فقالت
" لقد أرسلت له رسالة وطلبت منه الحضور لأمر هام للمزرعة في وقت متأخر لكنه اعتذر وقال لديه سفرة، أخبرته أن الأمر لا ينتظر لكنه اعتذر وظل يبرر ماذا كان عليّ أن أفعل "
أخرج أواب من جيب سترته كمامة سوداء وثبتها على وجهه فيما ضحك فخر وسأل يهدين بذهول
" هل اختطفت الرجل "
هزت رأسها معترفة وقالت
" لم يترك لي حلا، أليس هذا أفضل من ابتزازه "
قبل فخر قلنسوة سترتها بدلًا من وجنتيها التي لا يستطيع الوصول إليها لينتفض بألم حين ضربه فياض علة ظهره بعنف وتوسعت عيناه ليقول له رشيد
" عليك أن تعتاد مزاحه فهو عنيف كقبلاتك "
وضع رجال حكم غياث الشافعي على أحد المقاعد ثم نزعوا عصابة عينيه تحت أنظار المأذون الذي يرتجف هلعا مما يراه ويدعوا الله أن يخرج من تلك الزيجة سالما لينظر غياث لحكم ثم يحرك عينيه برهبة في الجمع حوله ويقول
" سيد حكم، ماذا يحدث، لماذا أحضرتني إلى هنا بتلك الطريقة ونحن على وفاق ولا يجمعنا سوى كل خير، أنا لدي طائرة وصفقة عمل كبيرة لا أريد التأخر عليها "
لم يجبه حكم بل ظل ينظر له بهيمنة ليحرك غياث نظراته نحو شيراز ويقول
" شيراز ماذا يحدث "
أجابه حكم
" أعلم أنك متفاجيء لاحضارك بتلك الطريقة سيد غياث ولكني أريدك بصفتك صرت كبير الشافعية بموافقة صفوان الشافعي والمتصرف في كافة شؤنهم أن تكون ولي شيراز وتزوجني إياها الآن " قال غياث بصدمة
" الآن "
لم يجبه حكم بل قال له
" أعط الشيخ هويتك "
قال غياث بصدمة مما يحدث " معي جواز السفر"
أسرع الشيخ يقول
" يفي بالغرض، دعنا ننتهي يا بني من تلك الزيجة "
ليسجل الشيخ بيانات غياث ثم يقول
" أين الشهود "
ليناوله أحد رجال حكم جواز سفر طايع وجواز سفر سراج فيأخذهما المأذون قبل أن يقول لحكم وغياث
" ضعا يدكما بيد بعضكما لنبدأ ".
༺༻
كانت لحظات استثنائية كأنها أخطأت مدار الزمن وبقيت لوهلة في جانب قصي يموج بالانفعالات، كانت لحظات خارج إطار الواقع الذي بات سودوي لا يطاق، كانت سحرا لا يستوعبه عقل لأنه غير منطقي أو ملموس، كانت معركة صمت تديرها الأعين بإحتراف انفلت له عقال المشاعر، كانت رحلة ضد الجاذبية والماضي والحزن وانتهت بصوت المأذون يقول " بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما بخير "
بكت يهدين بتأثر وقالت
" ليتني كنت أعرف كيف أزغرد لفعلتها دون تفكير " اقترب طايع وسراج ليضعوا توقيعهما بالدفتر كشهود بينما فياض الذي كان ينقل كل ما يحدث بالصوت والصورة لكيان المتأثرة ورشيد ركضا ليباركا لحكم ويضماه بحرارة فيما بقيت نورسين واقفة بجانب أواب الذي يهمس لها بتفاصيل ما يحدث وهو ينتظر انسحاب غياث والمأذون ليأخذ حريته، وقف غياث وقال بوجه متجهم
" مبارك سيد حكم، مبارك شيراز "
قال له حكم
" رجالي سيوصولك للمطار بأسرع وقت "
هز رأسه بتفهم وانسحب وخلفه المأذون الذي كان يهرول ليلحق به كأنه أسير إستطاع الفرار ومن خلفهما رجال حكم الذين أمرهم بالانسحاب بينما بقيت شيراز واقفة تنظر لإبهامها الذي تشبع بحبر البصمات بصدمة كبيرة لترفع عينيها حين سمعت صوت يقول
" مبارك "
نظرت شيراز بنظرات مهتزة لملكوت التي لا تتوقف عن تصوير ما يحدث كأنها تقدس نقل الانفعالات الإنسانية من خلال الصور وليست اللحظات المميزه فقط وتقول لها
" شكرا لك"
خلع أواب الكمامة واندفع تجاه حكم يضمه وهو يقول
" مبارك حكم، مبارك لك، أنا سعيد لأجلك، تستحق السعادة يا كبير، تستحقها "
ضمه حكم بقوة وقال له
" جميعنا نستحقها أواب سعيد أنك بيننا اليوم، سعيد بأن نجتمع أخيرا "
عمّ الصمت وتقهقرت الابتسامة عن الوجوه فيما أسرع فياض في إنهاء مكالمته المرئية مع كيان التي كانت تبكي بصمت ولا تستطيع حتى أن تسأل عن حذيفة الذي لا تراه لكي لا تلتقط نورسين صوتها ليقول حكم وهو ينظر لوجوههم الحزينة وجها وجه بقوة
" حذيفة حاضر معنا لم يغب، هو واقف بيننا يشاهد سعادتنا ويشاركنا إياها ويشعر بحزننا لفراقه ويتمنى لنا السعادة الدائمة كما نتمنى له أن يكون مرتاحا وقد أدركته رحمة الله وغفرانه، دعونا نقرأ على روحه الفاتحة "
عمّ الصمت والشمس التي بدأت تشرق في عنان السماء قد أشرقت لتشهد على حزنهم الذي امتزج باشتياق وتمني واحتياج لتبق شمس السلام تعود إلى عالمهم كل يوم ….
༺༻

إملأ فراغات قلبي وقيد ذاتك بي ثم خذ من أضلعي دارا لك وعمرها وصر في حشايا كشعور ملح كلما منحته مني طلب المزيد.

༺༻

أوقف رائف السيارة أما منزله وترجل منها مسرعا ليساعد أصالة على الترجل هي الأخرى، فتح باب السيارة وأمسك يدها بإبتسامة يسحبها لتقف على قدميها أرضا وهو يقول
" لمَ أشعر أنك نائمة أصالة " أجابته بنعاس
" ربما لأني منذ أيام لم أنم " قال لها
" هل ستنامي الآن، من سيحتفل معي إذا بزفافنا الصغير "
قالت له وهي تفتح عينيها قسرا
" أنا مستيقظة، أحضر أدم ودعنا ندخل "
قال لها رائف بمزاح
" أشعر أني لو تركتك ستسقطين أرضا لتكملي نومك "
تيقظت أصالة وفتحت عينيها على وسعهما وقالت
" أنا مستيقظة هل ترى "
قال لها رائف
" أرى وأجاهد ما أرى " نظرت له أصالة بعدم فهم ثم قالت
" أتركني وأحضر أدم هيا " تحرك رائف نحو الباب الخلفي وانحنى يحمل أدم النائم ثم اعتدل وأغلق الباب وتحرك بجوار أصالة نحو باب المنزل في منظر لفت أنظار المتريضين الذي يمرون من أمامهم والذين بدأوا يلوحون لهم بلطف، فتح رائف باب المنزل بكف وقلب يرتعشان كأنما قد غارت عليهما أفواج من الاحاسيس التي لا يستطيع استيعابها دفعه واحدة، همّ رائف بدخول المنزل لتسرع أصالة تقول له
" بالقدم اليمنى، وادعوا من قلبك أن تكون حياتنا سعيدة " وقف رائف لوهلة صاغرا لأمرها يدعوا الله بقلب متضرع أن يجعلها سكنه وسكينته ليسمع صوت تصفير لبعض الشباب الذين يتريضون فنظر لهم رائف بحرج ودفع أصالة للداخل بلطف ثم تبعها وأغلق الباب، صوت الباب وهو يغلق كان يحمل في طياته معاني كثيرة لكلاهما، كان صوت نهاية حكاية مضت وبداية حكاية ستمضي بهما في رحلة الحياة، كان صوته باتر لذلك الماضي الذي كان يريد التسلل نحو دنياهم الجديدة، كان كلحظة الانطلاق نحو عهد جديد من المشاعر …نظر رائف لأصالة وقال
" آدم نام أخيرا، سأضعه في سريره، أنت تعرفين طريق غرفتك، لو أن الفستان يضايقك يمكنك أن تستبدليه بشيء مريح أكثر ويناسب حفلنا الصغير "
لم تفطن أصالة لتلميحه فهزت رأسها بتعب وتحركت نحو غرفتها فقال لها رائف
" لا تذهبي تجاه الحديقة لأني أعددت لك بها مفاجأة "
هزت أصالة رأسها موافقة وهي تكمل طريقها الذي تسير فيه وعيناها مغلقتان
حتى وصلت لباب الغرفة ففتحته وولجت إلى داخلها وأغلقت الباب، وقفت أصالة مأخوذة بجمال تلك الغرفة التي اختارت حتى أدق تفاصيلها بحب، ثم تحركت تتلمس كل شيء حولها بانبهار كأنها لا تصدق أنها وصلت إلى تلك اللحظة، وضعت أصالة يدها على قلبها برهبة، وأغمضت عينيها تحاول استيعاب موج السعادة الجارف الذي يضربها دون توقف، تنفست أصالة بعمق وفتحت عينيها وتحركت نحو باب الخزانة الضخمة حديثة الطراز لتجد كل شيء كما جهزته بنفسها، تأملت أصالة العدد المهول من الملابس المنسق أمامها بحيرة قبل أن تمد يدها لتسحب الروب الستاني الابيض المطرز ذو الأكمام الطويلة الواسعة والذي يوجد معه قميص طويل يشبهه والتفتت تتأمل نفسها بالمرآة للحظات قبل أن تتوجه نحو الحمام..
༺༻

بالخارج ……

كان رائف يقف ببداية الممر الطويل والذي ينتهي بغرفتهما التي دخلتها أصالة منذ نصف ساعة وأغلقت الباب خلفها،
كان يتحرك ذهابا وإيابا بتوتر بالغ، وهو يبحث بجهد عن طريقه مناسبة ليطرق بها الباب، كان يتحرك عدة خطوات داخل الممر ويمثل أنه يطرق الباب قائلا بخفوت " أصالة، هل تحتاجين لمساعدة بخلع الفستان "
ثم يشعر أنه لا يفعل الأمر بالطريقة الصحيحة ولا يقول شيئا ملائما فيتراجع بتوتر موبخا ذاته على الارتباك واللهفة ثم يتقدم عدة خطوات مجددا وهو يمثل أنه يطرق الباب ويقول بخفوت
" أصالة أنا أنتظرك "
ثم يتراجع هامسا بانفعال
" هي تدري أنك تنتظرها، ما هذا الحمق "
تنفس رائف بعمق شديد ثم حاول أن يجرب الأمر للمرة الثالثة ويمثل كيف سيطرق الباب ليباغته طنين الانبهار حين فتح الباب، وتنقطع عنه أنفاسه في شهيق لم يله زفير حين رأها، وفرت منه الكلمات وأسرت حين اقتربت وباتت على بعد خطوات فاصلة منه … تقف كفاتنة تطلق سراح مشاعره الدفينة دون حذر فيشعر باحتياجه إليها يركض في دمائه كأفراس ترمح في أرض بلا آخر، كانت تقترب منه فيزداد نبضه عنفا وترتد الأنفاس إلى صدره المنفعل وقد أعلنت على ثباته الحرب بثوبها الملكي الذي كان يفترش الأرض من خلفها وأقدامها الناعمة التي باتت تخطو بها على نبضه، وشعرها الاسود السارح الذي تضع به تاجا ناعما لامعًا غير مدركة أن أطرافه قد تشابكت في عقدة منيعة مع جموح انفعالاته التي يكتمها بشق الأنفس وهو يمد لها يده كأنه يطالبها بأن تتعجل بالقرب فتركض نحوه دون تريث لتمسك بيده فيطبق كفه على كفها بقوة ثم يسحبها نحوه حتى تتلاشى المسافة والانفاس والزمان ولا يبق سواهما ليهمس لها رائف
" أخيرا "
فترفع كفها الأخرى لتريحها على صدره وهي تقول براحة كبيرة
" أخيرا …حبيبي"
كلمة حبيبي اخترقته حروفها حرفا حرفا ….

فالحاء كان كأنه حنان الأم التي حرم منه
والباء كانت كأنها بهاء الدفء الذي ما عرفه قط
والياء كانت هي يسر الحياة التي طحنته دوما
والباء كانت بريق الأمل الذي انقطع عنه
والياء كانت يمن النعم التي ما حظي بها يوما

أمسك رائف وجهها بين يديه وألصق جبهته بجبهتها وهمس لها
" ظلي تحبيني هكذا حتى نفسي الاخير، ظلي تحاوطيني
تجتاحيني، تمنحيني كل ما حرمت منه، ظلي تشعريني أني مهم، وأني لدي من يخاف ويغير علي ويمنحني الحنان، من يغضب ويثور لأجلي، من يفتقدني ويبحث عني، ظلي تذكريني أني بات لي منزل وملجأ وحب "
قالت له بهمس قطع أخر أوتار سيطرته
" أعدك أن أفعل، لقد وفيت بكل وعودك لي رغم استحالتها لذلك كن واثقا حتى وإن كان ذلك مستحيلا لأجلك سأفعله ولن أبالي بشيء غير أن نبقى سويا "
هاجمته انتفاضة شوق جارفة جعلته يميل نحوها مستسلما للغرق في شفتيها التي كانت له قضاء وقدر، طال الغرق بهما وطالت الانفجارات التي كانت رغم كل الصمت تحكي الكثير دون توقف، دار بها ودارت معه تجرب لذة الضياع الوحيد الذي قد تتمناه ألا ينتهي، كانت تشعر أنها تركض معه داخل تفاصيل ترهب لكنها آمنة، آمنة إلى حد جعلها في تلك اللحظة قد تتنازل عن زفافهما الصغير ليبقيا خصم ذلك الإعصار القوي الذي يجردها من كل همومها شيئًا فشيء ويتركها بين ذراعيه آمنة …عاشقة تشهق بعنف لتلتقط أنفاسها وهي تنام على صدره وتتمسك به كأنها ستسقط أرضا ليقول رائف
" الآن دعينا نبدأ زفافنا الخاص "
رفعت أصالة عينيها له وابتسمت برضا ليسحبها من يدها نحو الحديقة الخاصة بالمنزل والتي كانت مغطاة بالكامل بالورد الابيض
وقد توسطتها طاولة وضع عليها كل شيء تحبه، قالت أصالة بتعب شديد
" أتعلم كم أنا جائعة، يا إلهي أشعر أني قادرة على أكل كل هذا الطعام وحدي "
كان تركيز رائف الذي يقف خلفها تماما في تلك اللحظة منصب تماما على العرق النافر في عنقها الذي انتفض ينبض وهي تسأله بوجه متورد خجلا
" أنت أيضا جائع أليس كذلك "
حاول رائف أن ينكر أو أن يؤكد أو أن يفعل أي شيء لكنه وجد نفسه يحملها من خصرها نحو الداخل كما لو أنها خطيفة لم يعد لديه صبرا على الفرار بها فتشهق بعنف وهي تقول
" زفافنا يا رائف "
فيجيبها وهو يتحرك بها نحو غرفتهما بينما هي تحارب للإفلات منه
" جوع مشاعري انفلت لجامه، لينتظر زفافنا قليلا فالعمر القادم بأكمله أمامنا وسأصنع لك به بكل يوم زفاف ".
༺༻

عبثًا أحاول أن أقتحم أدق خلاجاتك وأستوطن أنوثتك، عبثًا أحاول أن أصاحب التيه في أحداقك الأبية، وعبثًا أسعى لأخبرك بكل عبثي فالكلمات في حضرتك تفر في ألف إتجاه.

༺༻

بالحارة ……

أوقف سلطان سيارته وهو ينظر بعيون غاضبة من خلال المرآة لسيارة زكريا التي يقودها شاهين الذي تبعهما للحارة، التفت سلطان لسارة التي تجلس بجواره وقال لها بإنفعال خافت
" لماذا تبعنا هذا الاحمق إلى هنا "
ابتسمت سارة وهي تنظر في المرآة الجانبية نحو شاهين الذي قد ترجل من السيارة وارتكن عليها بإسترخاء وهو ينظر نحوهم ليراها تنظر إليه من خلال المرآة فيلوح لها وعلى فمه ابتسامة واسعة، قال سلطان بحدة
" ابتسامته هذا كفيلة بجعلي أخرج عن شعوري، كيف سأتعامل مع هذا الإنسان " قالت له سارة
" بالعقل …تعامل معه بالعقل "
فتحت فاطمة باب السيارة وترجلت منها بوجه منغلق جامد شتته عن سماجة شاهين فأسرع يترجل من السيارة ويدور حولها ليخرج الحقائب ويحملها حتى باب المنزل الخارجي حيث كانت تقف سارة التي قال لها
" ابنة عمك ستظل هنا هذه الفترة فلا تفكري بالعودة للمجمع السكني وتركها دون إبلاغي "
حركت سارة عينيها بين سلطان وفاطمة اللذين كان يتبادلان النظرات بتحدي وقالت
"هل سأكون تحت الإقامة الجبرية لحراستها، سلطان أنا لدي عمل متعطل وعرس وتحضيرات وأنت هكذا تحبسنا، ما رأيك أن أخذها معي للمجمع السكني هي وسيادة ما المانع المنزل كبير وسنكون هناك على حريتنا أكثر "
قالت لها فاطمة بحدة
" لا تتحدثين عني كأني من يأمر وينهي، إذا كان لديك جرأة ارفضي بشكل مباشر " قالت لها سارة بإدراك
" الآن فهمت، أنتما تتناطحان "
زغر سلطان سارة بنظرة مميتة من عينيه جعلتها تحمل حقيبتها وتقترب من سيادة لتقول
" تفضلي يا حبيبتي لا تقفي هكذا كأنك تحتاجين إلى دعوة فوالد ماسة تربى على درجات هذا السلم "
قالت لها سيادة بحزن
" لقد تمنيت بالماضي كثيرا أن أرى هذه الحارة، كل مرة كان يخبرني مؤيد بها أنه قادم إلى هنا كنت أمنع نفسي بشق الأنفس كي لا أرجوه أن يأخذني معه، كنت أريد أن أرى الشوارع التي ركض بها ولعب فيها في صغره، والبيوت التي جلس بها وأمضى وقته في شبابه، والوجوه التي تعامل معها دوما لكنه لم يمنحني فرصة مطلقا لأطلب منه طلب بسيط كهذا لأني كنت زوجته بالسر " ربتت سارة على كتف سيادة وقالت
" الذكريات المؤلمة كالمقابر النبش فيها سنحاسب عليه، أنس يا سيادة لأجلك ولأجل طفلتك "
أسبلت سيادة أهدابها تداري الدموع وقالت
" ليس كل ما نريد نسيانه قابل لأن ينسى "
ثم تحركت نحو باب المنزل فالتفتت سارة تلقي على شاهين نظرة أخيرة ليستغل شاهين إنشغال سلطان مع فاطمة ويرسل لها قبلة بالهواء، فتوسعت عيناها بصدمة
ونظرت يمينا ويسارا لتتأكد من خلو الشارع من المارة ثم همست بغيظ
"شاهين الجوهري أنت فضيحة تسير على قدمين"..
༺༻

حبيبتي لا تظني أني كنت أحدق بك طويلا عبثا، فالنظر إليك مثل لي شيء عميق يشبه خيوط فرح متشابكة تسللت لمتاهات صدري …….

༺༻


نظر سلطان بتجهم لفاطمة التي كأنها أعلنت عليه خصام غير معلن وقال
" أعطني عنوان خالك لأذهب إليه وأشرح له أنه لا داعي لبقائك بمنزل بعيد لا نعرف له جار أو صاحب وسأحضره إلى هنا، لكن سيكون ذلك في نهاية النهار فالان هو مؤكد نائم "
قالت فاطمة بجمود
" وهل مبررك هذا سيكون مقنع له أو لغيرة لوضعي بمنزلك، سلطان أنا لا أطاوعك خضوعًا مني مطلقا ولكن فضولي يدفعني لأرى على ماذا سينتهي ما يحدث بيننا لا أكثر "
تنهد سلطان بإنفعال وقال
" استغفر الله العظيم "
عقدت فاطمة حاجبيها ونظرت له بغضب فقال لها
" اسمعي "
قالت له
" تفضل "
قال لها
" لقد اتفقت مع ذلك السمج الواقف خلفي أن زفافه من سارة سيكون بعد شهر ما رأيك أن نجعل الفرح فرحين " قالت له بلا مبالاة
" اجعله خمسة إن أردت هذه أختك ويجب أن تفعل لها كل هذا وأكثر "
نظر لها سلطان بغضب وقال " فاطمة ركزي معي، أن أجعل الفرح فرحين يعني أن أجعل زفافنا معهما "
قالت له فاطمة بصدمة كبيرة " زفاف من ؟؟ لا حقا زفاف من، سلطان أنت لم تطلب يدي بعد وأنا لم أوافق، لم نقم خطبة لندرس بها بعضنا، لم نقيم علاقتنا حتى هذا إن وجدت، لم ندرك حقيقة مشاعرنا ولم نمر بالكثير مما قد يؤكد خطوة الزفاف هذه أو يلغيها، كيف تفكر أنت، لا… يبدو أنك فسرت صمتي على أفعالك بشكل خاطيء أنا سأرحل حالا "
هدر بها سلطان
" أخفضي صوتك أنت بالشارع "
تجمدت ونظرت له بعيون تزداد خصاما فقال لها بانفعال " فاطمة كل الهذر الذي قلتيه انسه، أنا لست من يخطب ويدرس ويعلم ويقيم وهذا العبث، أنا قد أحضر المأذون مع خالك ليلا، سنعقد القران وها أنت بمنزلي وفي ظرف أسبوعين لا أكثر سيكون الزفاف، مالنا نحن ومن يتزوج بعد شهر أو سنة، اصعدي أنت وأنا سأرتب كل شيء وسأرسل لكن طعام الغذاء جاهز حين تستيقظن هاتفيني فقط "
انفعلت فاطمة وقالت له
" ماذا تفعل بربك، هل أنت واعي لما تقول "
قال لها سلطان بجدية
" هناك شيء أريد إخبارك به، أنا لا أحبذ هرج ومرج حفلات الزفاف لذلك أفكر في أن أقيم مائدة إطعام لمدة أسبوع أو أكثر حسب إمكانياتي لأهل الحارة المتعففين وبالباقي يمكننا أن نعتمر ولكِ كامل الحرية في الموافقة أو الرفض "
قالت له فاطمة بذهول
" على ماذا سلطان، ما الذي لدي الحرية لأقرره "
أجابها بجدية
" نمط الزفاف فإن كنت مصرة على أن نقيم احتفال سأفعل لك ما تريدين لكن ليكن منفصل دون اختلاط "
قالت فاطمة بعدم استيعاب
" منفصل دون اختلاط "
قال لها سلطان
" خذي وقتك في التفكير " قالت فاطمة بغضب
" أنا أرفض يا سلطان …أرفض حقا "
ارتد عنق سلطان للخلف ونظر لها نظرة خطرة قبل أن يقول " ما الذي ترفضيه بالظبط " قالت له
" كل ما تقوله، أتسمع نفسك "
قال لها بحدة
"لا يهم، اصعدي هيا فوقوفك بات ملفت للنظر "
قالت له
" أصعد أين، هل هذا فخ …سلطان قل أنك تمزح "
قال لها بعبوس
" ومتى مزحت معك "
قالت له
" الآن …أنت تمزح الآن، لمَ قد أقبل بكل ما تقوله، لمَ قد أفعل ذلك، هل علي ثأر لأتزوج بتلك الطريقة ينقص أن تقول أنك ستأتي ليلا ملثم، ما هذا لقد خططت لزواجنا على قارعة الطريق أهذه استهانة منك بي وانتقاص لقدري أم شيئا آخر "
صمت سلطان وازدادت ملامحه تجهما ثم حرك رأسه بانفعال كأنه يحاول يستجمع كلامه ثم قال بحدة خافتة
" قلت لك سابقا أن قدرك عالي جدا، لكن كل ما يحدث الآن لوثة أصابت عقلي وأريد تداركها فدعيها تمر على خير يا فاطمة "
قالت له وهي تشعر بالإهانة
" لوثة أصابت عقلك، زواجنا في نظرك جنون " تحركت فاطمة بغضب ناحية المنزل فنظر سلطان بحدة للشارع الذي بدأت الحركة تدب فيه ثم تحرك خلفها بإندفاع ليقول بحدة داخل مدخل بيته
" انتظري أنا لم أنه حديثي "
قالت له فاطمة
" لقد انتهى الحديث بالنسبة لي يا سلطان "
همّت فاطمة بالصعود أمسك سلطان بيدها يمنعها من الحركة قسرا وهو يقول
" ما الذي يرضيك الآن، ألم تقولي أنك تخصيني، ألم يعني هذا أنك موافقة "
قالت له بغضب
" وباقي حديثنا أين ذهب، أنا لست من تحاصر أو من توضع أمام الأمر الواقع يا سلطان "
قال لها بعنف
" ماذا تريدين الآن "
قالت له وهي تعقد ذراعيها حول صدرها
" أنت تعرف "
قال لها
" أنا لا أعرف شيء"
قالت بعصبية
" بل تعرف يا سلطان وتتعنت معي دون سبب واضح، أنا فعلت ما عليّ وأخبرتك أني موافقة ولكن لدي شروط إن لم تكن بقدرها فلنفضها سيرة " قال لها بغضب
" نفض ماذا بالطبع هذا لن يحدث "
زمت فاطمة شفتيها يأسا منه وصعدت درجتين ليسرع ويجذب الحقيبة التي بيدها ويلقها أرضا وهي يقول
" انتظري "
التفتت فاطمة إليه فوجدته مغمض العينين قسمات وجهه تعكس صراع داخلي جعلها تلتفت بكلها وتنظر له بحزن ويأس فهي تحبه لا تنكر لكن تخشى ألا يبقى ذلك الحب صامدا راسخا يزداد إذا حاصره جحيم الصمت القاتل وهي التي تعلم علم اليقين أنها متعطشة للحنان الذي تخشى ألا يستطيع سلطان أن يمنحها إياه بالطريقة التي ترضيها، مشاعرها العميقة نحوه لن تكون أبدا كافية لمدها بالقوة لرحلة الحياة الطويلة فهي أكثر من تدرك هشاشة ذاتها، لمعت الدموع بأعين فاطمة الأبية وأيقنت أنها في تلك اللحظة التي تبدو عادية جدا فلا صراع ولا انفعال ولا شيء يذكر، لم يكونا سوى اثنين يقفان بمدخل منزل يتحدثان على مفترق طرق حاسم فتنهدت بعمق شديد وقالت
" سلطان هذا الوضع …..
ليقاطعها سلطان وهو يغمم بشيء لم تفهمه فهزت رأسها وقالت
" ماذا "
عاد يغمم تلك المرة بصوت أوضح قليلا وعيونه تدور في كل مكان ماعدا وجهها ورغم ذلك لم تتبين ما يقوله فقالت بحزن منفعل
" ماذا تقول سلطان "
قال لها بصوت خرج منه أجش منفعل و مكتوم
" أنا أحبك "
طفرت دموع فاطمة بذهول وسعادة وصدمة وقالت
" أنا لم أسمع ما قلت"
قال لها بإضطراب
" بل سمعت "
قالت له
" لم أفعل "
نظر لها سلطان بغيظ وجنون ثم أخد نفس عميق ونظر في عينيها وقال
" أحبك "
تورد وجه فاطمة حتى شعرت أنه اشتعل فباتت تبكي وتبتسم وتسبل أهدابها خجلا وتقطم شفتها توترا وتهز رأسها بعدم تصديق في آن واحد لتسمعه يقول بكلمات مندفعة حاسمة
" سأحضر ليلا ومعي المأذون "
ثم ينسحب مسرعا للخارج فتسقط جالسة على السلم لا تقوى على الحركة لتسمع صوت خطوات سارة تنزل خلفها وهي تقول بتوتر
" فاطمة لماذا تجلسين هكذا، ما الذي حدث "
لم تجبها فاطمة فاقتربت سارة منها حتى جلست خلفها تنظر من خلال باب البيت المفتوح لسلطان الذي تحرك نحو شاهين ثم ربتت على كتفها بتوتر وقالت
" فاطمة هل تشاجرتما "
هزت فاطمة رأسها بنفي وقالت
" أخوك سيحضر المأذون ليلا "
توسعت أعين سارة بصدمة كبيرة وقالت
" لمَ لم يخبرني، أنا ليس لدي شيء مناسب، وتولين وكنزي وملاك كل واحدة منهن بجهة، ليلا متى بالضبط، كم ساعة أمامنا، ومتى اتفق مع شاهين على هذا "
ظلت فاطمة تنظر لسلطان بصدمة فنغزتها سارة بخفة وقالت لها
" تكلمي أيتها الصامتة، متى صدر هذا الفرمان، سلطان ليس عجول فكيف قبل بذلك " قالت لها فاطمة
" المأذون سيعقد قراني لا قرانك "
سألتها سارة بصدمة كبيرة
" على من "
أجابتها فاطمة بهدوء
" على أخيك "
اترتدت سارة للخلف من هول الصدمة ثم فزت واقفة وبدأت تزغرد دون توقف …….
༺༻

لقد بالغت بعشقك حتى هيء لي أن بحة صوتك حين تناديني مخدر قوي يوقظ هوسي الدفين بعناقك.

༺༻

قبل دقيقة ……

خرج سلطان من منزله واستنفاره يفضح توتره البالغ ويشي بانفجار مشاعره الذي حدث للتو لكن من مثله لا يذاع له صيت، وتوجه مباشرة صوب شاهين ليسأله بحدة
" هل لي أن أفهم ماذا تفعل هنا "
قال له شاهين بهدوء
" أنتظرك لنتحدث، فأنا أريد أن أتناقش معك في عدة تفاصيل "
قال له سلطان بتجهم
" تتناقش في عدة تفاصيل الآن، اتعلم كم الساعة، ارحل من هنا هيا وهاتفني لنتفق على موعد مناسب "
قال له شاهين بإصرار
" الوقت يبدو لي مناسبا، هل لديك شيء طاريء في هذا الوقت يمنع نقاشنا "
قال له سلطان
" بل لدي شيء طارئ اليوم بأكمله، هل لديك مانع "
قال له شاهين
" خير إن شاء الله، ما الطاريء لديك، أخبرني وأنا سداد بإذن الله فقد صرنا عائلة ويجب أن نتكاتف عند الطواريء "
قال له سلطان بحدة
" أمر خاص …خاص، ارحل هيا ولا تجعلني أرى وجهك دون موعد مسبق "
قال له شاهين
" بعد خاص …خاص هذه أنا لن أتحرك من هنا قبل أن أفهم "
ارتفع صوت زغاريد سارة فأغمض سلطان عينيه بغضب شديد فيما انتفض شاهين يقول له بصدمة كبيرة
" ما الذي أسمعه، ما هذا، ما الذي تخطط له، هل ستزوج سارة لآخر، أنا لم أرتح لارحل هيا خاصتك …لقد بدوت كمن يريد التخلص مني، من العريس قل لي من هو " أمسكه سلطان من تلابيبه وفتح باب سيارته بعنف ودفعه لداخلها وهو يقول من بين أسنانه
" كلمة أخرى وسأغلق باب هذه السيارة على لسانك لا خلفك، هل تسمعني "
جاهد شاهين ليتخلص من قبضة سلطان وهو يقول
" سلطان، أنت قلت سارة لي "
هدر به سلطان
" نعم قلت وأتذكر ما قلت، وهذه الأصوات تخصني، سأعقد قراني ليلا هل ارتحت "
نظر له شاهين بذهول ثم ابتسم باتساع وقال
" مبارك …هذه بشرة خير، ألف مبارك "
ثم حضن سلطان الذي تفاجأ من اندفاعه وهمّ بأمره بالرحيل مجددا ليقترب منهما ياقوت ويسأل
" ما هذه الزغاريد خير يا معلم سلطان هل الآنسة سارة خطبت مجددا "
همّ سلطان بتمويه الأمر لكن شاهين اندفع قائلا
" بل المعلم سلطان سيعقد قرانه ليلا "
توسعت أعين سلطان وهمّ بكتم أنفاس شاهين وقتله حيا لأنه كان يريد أن يتم الأمر بهدوء وأن يعلن عنه بهدوء بدون صخب أو مجاملات أو انقلاب سيحدث في الحارة والعمل إثر هذا الخبر، همّ سلطان بأن يأمر ياقوت بألا يبلغ أحد لكن ياقوت كان قد ركض ووقف بين رواد القهوة القلائل بالصباح الباكر وقال
" المعلم سلطان سيتزوج، فرحة الحارة الليلة "
تفاجأ الجميع وبدأو يتحركون نحو سلطان للمباركة لينظر سلطان لشاهين بعيون بها غضب لا يناسب سوى قاتل متسلسل ليقول له شاهين
" سترى كيف سأقف بجوارك وقفة أخ، أنا سأنسق لك ليلة ولا ألف ليلة وليلة، دع الأمر لي "
رفع سلطان قبضته وهمّ بلكمه لكن الرجال الذين توافدوا للمباركة لم يمنحوه الفرصة لتشويهه فتوعده في نفسه بأن يفعلها قريبا.
༺༻

في نفس الوقت وأمام فيلا شاكر الجوهري أوقف مؤيد سيارته بعنف وترجل منها متوجهًا نحو البوابة المغلقة يضربها بقدمه بغضب شديد لتفتح على مصراعيها فيعبرها متحركا نحو الداخل غير مبال بعلِيّ الذي ينتظره أمام شركته، غير مبال بالعالم الذي بات يتلمس عيوبه ويعريها…غير مبال بدوامة خسائره التي كشفت له الليلة عن نفسها، فتتبعه لهاتف أخته أكد له أنها هنا بين جدران منزل شاكر الجوهري، طرق مؤيد الباب الداخلي بغضب شديد كأنه يريد تدميره هو وكل ما قد يقف ما بينه وبين أخته، وفي ذاته الجريحة اجتمعت الكثير من الانفعالات الموجعة ..اجتمعت الصدمة …والخذلان …والشتات …والغضب، واجتمعت صور من الماضي السحيق وتداخلت مع وقائع من الحاضر المؤسف وما بينهما كانت سنوات عمره التي أفنيت كلطخات حبر جف على ورق لم ينقش عليه سوى الخيبة، وخيبة تتبعها خيبة وجرح يتبعه جرح وهو صامد لا يبالي حتى جاءته تلك الضربة فبترت صموده وأسقطته بهزيمة نكراء لا يستحقها.

قبل لحظات …..


كانت كنزي تجلس على الأريكة الضخمة المقابلة لباب الفيلا الداخلي الذي تنظر له برهبة كأنه من يحول بينها وبين ما يدور خارج تلك الجدران، كانت ترتجف بهلع وهي تتخيل إلى أي مدى قد يتصاعد الوضع ما بين مؤيد وعلِيّ، كانت تشعر أن اندافعها نحو علِيّ لن يمر بسلام وعقلها يسحبها لخيلات سودوية مفزعة، كانت تخشى على مؤيد من حزنه منها وهي التي لأول مرة تتخطاه، وكانت تخشى على علِيّ من غضب مؤيد الذي تدرك أنه سيصل عنان السماء، كان قلبها الأجوف يقرع بداخله طبول حرب لا نبض فيها وكل إنش فيها يرتجف على حدا، كانت تتعذب و****ب الساعة التي تتحرك تلدغها دون رحمة ليقترب منها شاكر يحمل صينية صغيرة عليها شطيرة وكوب لبن ويقول
" هذه شطيرة علِيّ المفضلة، كانت والدته تصنعها له دوما ومن بعد وفاتها أخذت وقت طويل لأتقفنها كما كانت تفعل رحمها الله، جربيها ستعجبك واشربي اللبن الدافيء وحاولي أن تنامي قليلا فعدم النوم سيوتر أعصابك أكثر "
نظرت له كنزي بعيون تائهة وخائفة فوضع شاكر الصينية على المنضدة التي أمامها وجلس بجوارها يربت على كتفها بلطف ويقول
" الأوقات الصعبة مثلها مثل الأوقات الجميلة تمر سريعا، لا شيء يبقى على حاله ولكل مشكلة حل بإذن الله، أتعرفين لو أنك جربت أن تنامي قليلا لهانت الدقائق ومرت دون أن تشعرين، اشربي اللبن، ربما يساعدك لتغفي حتى ولو فوق تلك الأريكة لا مشكلة "
نظرت له كنزي بإمتنان واجتاحتها نوبة بكاء شديدة جعلتها تميل برأسها نحو صدره فتفاجأ شاكر من تصرفها الذي باغته ولكنه احتواها بحنان وهون عليها قائلا
" الله الذي منحنا الحب ومنحنا قرب من نحب قادر على أن ييسر كل صعب لنكمل الطريق مع أحبتنا، اطمئني " ثم ربت على كتفها قبل أن يميل ليحمل كوب اللبن وهو يقول
" اهدأي واشربي اللبن وسترين كيف ستذهلك تصاريف الله، أنا واثق أنهما سيتفاهمان "
أبعدت كنزي نفسها عنه تمسح وجهها وهي تقول
" أنا آسفة حقا، لكني فقط قلقة فقد مرت ساعات منذ رحيل علِيّ وكلما أرسلت له رسالة لأطمئن يجيبني أن مؤيد لم يصل، لمَ لم يبق معي ويخبره أنني هنا، ولمَ تأخر مؤيد هكذا في الوصول، هل من الممكن أن يكون قد أصابه شيء، هو مؤكد ليس بأفضل حالاته والمسافة من المدينة الساحلية للعاصمة طويلة "
قال لها شاكر مطمئنا
" أخوك بخير إن شاء الله، وعلِيّ لا يريد أن يحتد الموقف بينه وبين مؤيد أمامك، هم رجال يمكنهم أن ينهوا مشاكلهم بطريقة حادة أحيانًا لكن أنت فتاة رقيقة لا تتحملين ذلك "
لم تقتنع كنزي بكلماته الحنونة ولم تشعر بأي راحة ورغم ذلك قربت كوب اللبن من فمها محاولا أن تشتت ذاتها في فعل أي شيء ليسقط الكوب من يدها أرضا حين شعرت أن جدران الفيلا تهتز من صوت الطرق العنيف على الباب، وقف شاكر بفزع وتوجه نحو الباب ففزت كنزي تتبعه بخطوات وجلة ليفتح شاكر الباب فيجد مؤيد يقف أمامه كمارد بلغ ذروة غضبه، ينهت كأنه وصل إلى بابه ركضًا وعيناه المشتعلة تتخطى وجهه نحو وجه تلك التي حين رأت أخاها قالت بصدمة كبيرة
" مؤيد "
ليقول لها مؤيد
" بدون كلمة واحدة، تحركي أمامي "
…قالت له كنزي ببكاء مرير " أرجوك يا أخي، دعني أشرح لك …
قاطعها مؤيد قائلا بحدة
" تشرحين ماذا، تشرحين ماذا بالضبط "
تدخل شاكر قائلا
" مؤيد أنت الكبير ويجب أن تكون أكثر طرف هاديء " هاج مؤيد يقول
" كبير على من، على أختي التي تخطتني كأنه لا وجود لي وركضت خلف ابنك الذي طلقها منذ يومين، كبير على من يا عمي على تربيتي التي أرى نتيجتها الآن، من فضلك يا عمي لا تتدخل في هذا الأمر وكما ظللتم بعيدين عنها عمرا أكملوا مسيرتكم على نفس النهج وأخرجوها من رأسكم، دعوا أختي وشأنها ويكفينا ما أتانا منكم، وأنتِ هيا أمامي "
تحركت كنزي نحو مؤيد تقول له وهي تنوح
" والله يا أخي ، والله… لقد أخبرت علِيّ أنني لن أفعل شيء دون رضاك وهو الآن ينتظرك في مكتبك ليفهم منك ما يرضيك فنحن لن نتخطاك مطلقا، ما كنت لأعصاك يا مؤيد "
قال لها مؤيد بانفعال
" أنتما من، من هذا الذي تتحدثين عنه كأن أمرك وأمره صارا أمرا واحدا، هل بدلًا من أن تعتذري على تخطيك لي ومجيئك إليه دون علمي تقفين أمامي لتجمعي ذاتك معه بجملة واحدة، كأنك قد أخذت قرارك ولم يتبق سوى إخبار أخاك الكبير الذي لم يعد له سلطة عليكِ "
قالت كنزي ببكاء
" لا تقل هذا أرجوك يا مؤيد، أنا والله لم أفكر في تخطيك أو كسر كلمتك لحظة لكني فقط لم أكن أريد أن ….
انهارت كنزي عاجزة عن إكمال حديثها فتدخل شاكر قائلا
" ادخل يا مؤيد ودعني أخبر علِيّ أنك هنا ليأتي وتجلسا معا لتتحدثا بالعقل "
أمسك مؤيد رسغ كنزي المنهارة بقوة وجذبها إليه وقال " لا يا عمي، فلم يعد هناك ما يقال "
نظر له شاكر بعجز وأخرج هاتفه ليهاتف علِيّ ويخبره بما يحدث ليتفاجأ أن علِيّ يدخل بسيارته من البوابة ويترجل منها بعنف وهو يقول بغضب " كنت أعرف أنك لن تواجهني بتلك السهولة، كذبت نفسي لساعات وفي النهاية نفسي كانت أصدق منك "
نظر مؤيد لعلِيّ وقال
" ولمَ قد نتواجه، أنا ليس لي سوى أختي وقد وصلت لها وانتهينا وفر حديثك الذي كنت تعده لأجلي، فأنا لن أستمع ولن أقتنع "
قال علِيّ بغضب شديد
" ليس هذه المرة يا مؤيد، هذه المرة القرار ليس عائد إليك فحياتي وحياتها ليستا لعبتان في يديك "
قال مؤيد بغضب
" حياتها، وما الذي تعرفه أنت عن حياتها، هل كونك عقدت قرانك عليها لعدة أشهر جعلك أعلم مني بها، أم كونك تريدها منذ زمن جعلك تشعر أنك أحق بها أكثر "
هز مؤيد ذراع كنزي الذي يمسكه بعنف وقال
" هذه أنا من ربيت وكبرت وسهرت الليالي بها، أنا أمها وأبيها، أنا وحدي من رهن عمره لأجلها، راعيتها مراهقا غرا، ودخلت في نزالات عنيفة لأجلها شابًا يافعًا، وخضت معارك عدة لأحميها وحدي حتى شاب شعري والآن ماذا، تظن أنك قادر على العبث بعقلها وجعلها تكسر كلمتي وتركض خلفك " قال له علِيّ وهو يجذب كف كنزي المنهارة من قبضته
" لا تفعل بها هذا لا تضغط عليها بذلك الشكل لا تمزقها بيننا مؤيد، أنت تعرف وأنا أعرف أن كل ما يصدر عنك الآن غضب فلا تخرجه فيها، أنا أمامك أفعل بي ما شئت لكن لا تضعها بيننا "
قال مؤيد
" بل سأضعها بيننا علك تدرك جيدا أنها إن وضعت بيننا لن يكن لك معها فرصة فهي لن تعصاني مهما حدث، هي مازالت صغيرة قد تندفع بطيش وتركض خلفك لكنها محال أن تكسر كلمة قلتها " هدر به علِيّ
" أنا أدرك هذا يا مؤيد، أدركه جيدا لدرجة جعلتني خرجت من هذا المنزل وتركتها فيه وقررت أن ألقاك بمكتبك خوفًا من أن تتمادى في غضبك وتبعدها عني، من أن تخفيها كما فعلت من قبل وتتركني أدور حول نفسي كما المجنون، أنا أعلم يا مؤيد أنك تستطيع تمزيق قلبي دون أن يرف لك جفن وأنك قد تأمرها بأن تتزوج غيري إذا حكم الأمر لكن لماذا كل هذا، ماذا رأيت مني، متى أذيتك أو أذيتها "
قال مؤيد
" أنا لن أنتظر أن تؤذها، زيجتك هذه كانت غلطة والحمد لله أنها انتهت فدعنا لا ندور في فلك تلك القصة كثيرا، أنت طلقتها وانتهينا " قال له علِيّ " طلقتها لأريحك مؤيد، لأني تعبت حقا فمن كان ليتحمل كل ما حدث لي منك، طلقتها علّ كل شيء بداخلي لها ينتهي كما انتهى ما يجمعنا لكن ليس بيدي، وأقسم لو أن أمر قلبي بيدي لما عدت من البداية، لما رجعت، لما دخلت دائرتك أنت خاصة بعدما خذلتني بأقسى طريقة، لما اقتربت منك حتى لكنها كانت كطوفان هادر يضرب خطاي، يوجهني و يدفعني لأتقدم وأتغاضي وأصبر وأصمت وأمرر وأحاول لكن أنا بشر ولي طاقة وقد نفذت من أفعالك معي "
قال له مؤيد بتهكم وانفعال
" اليوم طاقتك تنفذ، غدًا حبك ينتهي، بعد مدة الله وحده يعلم ما الذي قد تفعله بها، بربك ما الذي قد يجبرني على ذلك، بصراحة أنا لا أثق أنك من سيسعدها فلم قد أرضى بك " صرخ به علِيّ
" هذه مشكلتك منذ الأزل، لا تثق في بشر سوى نفسك التي لو وليتها بعض الاهتمام ستجدها ليست أهلًا للثقة، ماذا يا مؤيد أتخشى أن أفعل بها ما فعلته بزوجتك، أتخشى أن أطلقها وهي حامل مني ولا أدرك أن لي ابنة سوى بالصدفة، أتخشى أن أدمر نفسي بفراقها وأدمرها بإلقائها للمجهول لأجل أي أمر من أمور الحياة قد يصنع بيننا خلاف أو جدل، أنت تقف لتتحكم بي وتحاسبني وتحكم علىّ أني شخص لا يؤتمن، حسنًا مؤيد، هل فعلت ذلك مع ذاتك، هل جلدتها على كونك كان من الممكن أن تظل حتى هذه اللحظة لا تعرف شيء عن ابنتك، لمَ ترى نفسك أهلا للثقة، لمَ ترى نفسك مثالي أكثر منا جميعا، أتضحيتك معها هي السبب "
اقترب منه علِيّ وقال بجنون وصراخ
" جميعنا نضحي، أنت بقيت هنا تشعر انك مهمًا من خلالها، وأنا بقيت هناك أشعر أني غير مهم بدونها وبدون صديق عمري، ما الذي تخطط له، أن تبقيها بجوارك تمجد فيك وفي تضحيتك لأجلها، ما الذي تطمح إليه بما تفعله يا مؤيد، أنت هكذا تدمرها بسطوتك عليها، تدمرها وتدمرني دون رحمة، قول لي ماذا تريد لتكسر أضلع تلك الحلقة الفارغة التي ندور بها وتحررنا، هل الحل أن تسمع منها أنها تريدني، حسنا " تحرك علِيّ تجاه كنزي التي كانت تضم نفسها وترتجف بإنهيار واضح وقال
" قولي له أنكِ تريديني كما أريدك، قولي له أنكِ جئتِ بكامل إرادتك إلى هنا دون ضغط مني أو تدخل، تكلمي كنزي وصارحي أخاكِ أنك لا تريدين شيئا إلا موافقته على زواجنا "
رفعت كنزي عينيها ببطء لتواجه أعين مؤيد الذي كان العالم يدور من حوله وكلمات علِيّ الثقيلة تعبر حشاه كسلاح صديء توغل فيه حتى صار عذاب يمزق لا يقتل، نظرت كنزي لمؤيد الذي وقف أمامها ينتظر منها أن تنصفه على هذا العالم حتى وإن كان أكثر من يخطيء، ينتظر منها أن تقول أخي بقوة وقد غلبت مشاعرها له مشاعرها نحو ذلك الذي لم تعرفه سوى من عدة أشهر، انتظرها أن تركض نحوه وتتمسك به ليظلا معًا للأبد لا يخترق مدارهما دخيل، انتظرها أن تجعله قبل ذاتها كما ظل يفعل هذا لها طوال عمره لترديه بغتة بكلمات كما الرصاص الغادر وهي تقول
" مؤيد أرجوك أخي، أنا أتمنى لو أنك تقبل أن أعود لعلِيّ، صدقني هو لن يؤذيني مطلقا، هو ليس شخصا سيئا بالعكس هو يحبني "
كان مؤيد يسمع كلماتها مشوشة كأنما صوت تحطم أضلعه كأن أقوى من صوتها بمراحل، كان يهز رأسه كأنه لا يستوعب ما تقوله، كان ينظر إليها بقوة كأنه يتمنى أن يخذله نظره لا هي، وسمعه لا هي، وعقله لا هي لتصمت لوهلة فقط قبل أن تقول
" وأنا أحبة "
تحركت أقدام مؤيد للخلف كأنما كلماتها أطاحت به فأسرعت كنزي نحوه تتمسك به وهي تبكي وتقول
" أرجوك يا أخي افهمني فقط، أنا والله حاولت لكن قلبي يؤلمني وأنا أعرف أنك لن ترضى لي بالألم، لن ترضاه لي مطلقا "
لهف قلب علِيّ لحالتها وراح يربت على ظهرها بحنان ويقول
" اهدأي "
لم تلتف له كنزي وهي تميل بجبهتها على صدر مؤيد وتقول
" أنت لست أخي فقط، أنت كما قلت أبي وأمي وأنا لأول مرة أخطيء فهلا تفهمتني وغفرت لي "
ظل مؤيد جامد لا يعطي رد فعل مطلقا ليقول له علِيّ
" أخبرني ماذا أفعل أكثر لأثبت لك أنك لست دومًا على حق، وأن أحكامك على البشر قد تكون غير صائبة وأن حمايتك قد يكون في داخلها إيذاء وأنك بحاجة لتمنحني وتمنحها الفرصة لتختار، أختك تحبك جدا يا مؤيد وأنا برغم كل شيء لا أكرهك فأرجوك لا تفرقنا "
تحركت أعين مؤيد ما بين كنزي وعلِيّ ثم بمنتهى الهدوء الذي شل أطراف كنزي لوهلة انحنى يقبل رأسها قبلة طالت وفاضت بحنان ثلاثة وعشرين عامًا، قبلة كانت تترقرق على رأسها كما لو أنها إحساس يبكي ثم في لمح البصر جذب نفسه للخلف وتحرك نحو سيارته فصرخت كنزي بصدمة
" مؤيد "
ربت علِيّ على كتفها وقال لها
" سألحق به لا تقلقي "
ثم التفت إلى شاكر الذي يشاهد ما يحدث بتأثر وقال
" خذ كنزي للداخل يا أبي " ركض علِيّ يركب سيارته وينطلق خلف مؤيد فيما سحب شاكر كنزي نحو الداخل بلطف لم يهون عليها ذلك الألم الذي تمكن من قلبها الذي يخشى أن يكون قد خسر مؤيد …يخشى أن يكون قد خسر أغلى ما يملك.
༺༻


حين تتلاليء في الليل عيناك أشعر أن حتى النجوم في أفلاكها من شدة الغيرة منك تتمنى لو استطاعت أن تحاربك.
༺༻

بالمزرعة …..

كان أواب يقف أمام حكم الذي يراقب فاعليات الحفل الصغير الذي أعدته لهم يهدين داخل المنزل ويقول
" لقد تمت ترقيتي وبناء عليه تم نقلي لجهة أمنية أخرى لكن في آخر لقاء لي مع أثينات أخبرتها بوفاة حذيفة رحمه الله، لقد انهارت بشدة ثم قالت لي أن صمتها بات مرهون بحماية طفلتيها، لقد شددت على أنه لو طال الفتاتين شر في يوم من الايام ستخرج من ذلك السجن لتنتقم، قالت بغضب شديد خاصة رودين، لا أظنها المصورة "
قال له حكم الذي يراقب شيراز التي تمسك يد نورسين وتتمايل وهي تغني بحماس شديد لحن غربي صاخب
" لا، رودين سافرت مع كيان قبل المواجهه وهي حاليًا آمنة بمنزل فياض، في النهاية أنا لم أكن لأسمح أن تتأذى هاتان الفتاتان، هما الآن أمانة لدي وسأحرص على حمايتهما " هز أواب رأسه براحة والتفت ينظر لرشيد الذي يحمل كوب من العصير ويصرخ مندمجا مع اللحن وهو يتمايل وقال
" سيظل حتى في لحظات انطلاقه كتاب مغلق "
قال له حكم
" أتمنى حين يفتح يكن كل ما به قد مُحِي، المهم أنت الآن بت في منصب حساس وأريدك أن تحاذر جدا في تحركاتك فهذه حياتك التي اخترتها والتي رغم خوفي عليك منها لم أقف بطريقك، بل وسعيت لتحظى باسم عائلة عريق وهوية حقيقية لأجله، لذلك لا توجع قلوبنا عليك يوما فقد اكتفينا من الوجع "
قال له أواب
" لا تقلق يا حكم، فالوجع رحل ولن يعود "
اقترب فياض وهو يرتشف بعض القهوة التي طلبها خصيصًا من العاملين بالمطبخ وقال
" يهدين حجزت لنا جميعًا في نفس الوقت تقريبا لذلك سنغادر معًا على المطار " نظر له حكم وقال بشك
" ما بك تبدو هادئًا على غير العادة "
قال له فياض
" متحمس لرؤية زوجتي "
قال له أواب بإبتسامة
" ليتني أفهم ذلك الحب الذي بقلبك لها، ليتني أفهم كيف يكون ذلك الشعور "
قال فياض
" لن تفهم مطلقا، فأنا نفسي لا أفهمه، إنه كحالة من الانفجار المدوي تحدث في خلاياك فتفتتها لملايين الخلايا التي تنتشر في الكون الفسيح وتنتشر قبل أن تعود بكل قوتها لتجمعك ثانية وتعيدك إنسان " هز حكم رأسه بيأس ليقول له طايع
" ليتك لم تتحدث، أتعلم لو قابلت نليوفر يومًا لكانت ظنتك مثير للفكاهة فهي تجد الصراخ مضحكا "
التفت له الثلاثة يتأملون محياه الحزين بشفقة بالغة ليقول له فياض
" توقف عن رثاء حبك لها بتلك الطريقة واذهب لتستعيدها "
قال له طايع بحزن
" لن تعود، مهما فعلت هي لن تعود لي، لقد جرحتها بقوة " عمّ الصمت للحظة ليقول حكم " لكل جرح دواء، جده مهما كان ذلك مستحيلا …لا تيأس "
تنهد طايع بقهر شديد وهو يراقب فخر ويهدين اللذين لم يتوقفا عن الرقص والصخب لحظة وقال
" يبدو طريًا كما يقول رشيد لكن يحبها "
ضحك أواب وقال
" يبدوان متلائمان، انظر لرقصهما …أنهما مجنونان حقا "
ابتسم حكم لتلمحه يهدين وتلوح له بينما فخر يمسك يدها ويرفعها لأعلى ليجعلها تدور حول نفسها دون توقف ليقول حكم لفياض
" الفتاة رودين بمجرد وصولك أريدك أن تفهم منها ما الذي تنتويه لمستقبلها وتبلغني لأرتب لها مكان آمن "
قال فياض
" ولمَ قد تفعل ومنزلي موجود "
سأل رشيد الذي كان قد اقترب منهم قائلا
" ما به منزلك يا فياض "
قال فياض
" كبير ويمكنك زيارته في أي وقت، لا أظن أنه عاد لدينا ما يمنعنا من رؤية بعضنا على الدوام "
قال حكم بسطوة
" هذا أكيد، سيكون لدينا موعد ثابت كل بداية عام جديد لنجتمع هنا ونقضي فترة معا، لا تجعلوني أدور بحثًا عنكم في الكرة الأرضية، الموعد ثابت والتخلف ممنوع "
قال رشيد بابتسامة
" لا تقلق يا كبير سنحضر ومعنا الهدايا لك ولسيدة المنزل وللطفل القادم …لكن شد عزمك أنت "
سحب حكم رشيد من تلابيبه وقال
" ما أسباب ميولك للوقاحة " قال له رشيد
" الفراغ العاطفي يا كبير" دفعه حكم للخلف فارتطم بصدر سراج الذي قال
" لماذا تقفون هكذا "
أجابه فياض
" كنت أخبر حكم أني سأتكفل برعاية رودين وملكوت "
قال رشيد بتهكم
" ستبقى الفأرة المذعورة في منزلك "
قال فياض
" كيان تحب جو الأسرة ووجود الفتاتان سيساعدها لتشعر بالألفة وتجد من يشاركها الكثير من التفاصيل الأنثوية"
قال أواب
" تقصد ستحتاج من يهون عليها مصائبك "
رمقه فياض ببرود ورفع فنجان قهوته يشربه دفعة واحدة ليقول سراج
" هل تعلم ملكوت أنها ستسافر معك "
قال فياض
" ليس بعد "
اقتربت ملكوت تبتسم وتقول بلطفها المعتاد
" دعوني أخذ صورة تجمعكم أخيرا …صورة أخيرة " توسطهم حكم فيما وقف سباعه من حوله كل منهم يبرز ذاته في طريقة وقفته واختلاف نظراته ليشعرون أن طيف حذيفة سابعهم قد جاورهم قبل أن تلتقط ملكوت الصورة وتوثق تلك اللحظة الاستثنائية.
༺༻
اقتربت يهدين منهم تركض وهي تحمل فستان عرسها بكفيها لكي لا تقع أرضًا و تقول
" وأنا "
ارتسمت الابتسامة على وجوههم حين وقفت أمام حكم الذي وضع كفيه على أكتافها لتلتقط لهما ملكوت صورة أخرى فتلتفت يهدين لحكم وتقول
" لنأكل شيئًا معًا قبل أن نتحرك، الجميع سيغادر مصر في غضون أربعة ساعات ونصف تقريبا "
اقتربت شيراز تقول بارتباك حاولت أن تداريه
" إلى أين ستكون وجهتكم " أجابها طايع
" فياض باريس، سراج أمريكا، ورشيد قليلا ما أفصح عن مكان تواجده، أما أنا فأسافر لروسيا، ويهدين لم تخبرني عن وجهتها بعد " اقترب فخر الذي تعجبه الأجواء يسأل
" من الذي سيسافر "
قال رشيد بمزاح
" أنت يا عريس، يهدين قررت أن يكون شهر عسلكم عبارة عن رحلة تخييم في شمال أفريقيا حيث الحيوانات المفترسة، ستستمتع لا تقلق، أهم شيء أن تعود حيا "
تدلى فك فخر ونظر ليهدين فقالت وهي تدعي العبوس
" لا تصدقة، نحن سنذهب لمكان آخر لن أخبر أحدا به، مكان ستحبه كثيرا "
ابتسم فخر بسعادة فقال رشيد بخفوت
" أبله "
زغرته يهدين وتحركت نحو فخر لتقول شيراز
" المائدة تنتظر "
تحرك السباع نحو المائدة التي تجلس عليها نورسين وقد بدأت تأكل بالفعل ليقترب حكم من شيراز ويهمس لها
" دون فستان أبيض، دون تاج ملكي، دون خاتم ماسي، دون زينة مفرطة وبرسغ متورم ولكنكِ أجمل عروس رأتها عيناي، مهلكة إلى حد يغويني لأن أعتزل الكون وأعتكف على حدود ممالكك لكن الوقت لم يحن بعد "
أحاط حكم خصرها بخشونة رجولية نبشت ثبات أنوثتها العافية وتحرك بها نحو المائدة يسحب لها مقعد لتجلس ثم يقف على رأس المائدة ويقول
" منذ أشهر فقط كانت تلك اللحظة بعيدة، كحلم نتشاركه جميعًا رغم استحالته، وها نحن نعيش الحلم سويًا …سباع لم تهزنا المحن …وسنظل هكذا إلى آخر نفس، يد واحدة إن تفرقت في أقطار الأرض في الشدة ستعود عصبة تضرب كل من يجرؤ على المساس بها ولن تبالي، ربما بعد قليل ستخروجون من هذا الباب لكن ليكن لديكم يقين بأن لكم عائلة ومنزل مفتوح دومًا ينتظر عودتكم ويتأهب لها "
همّ حكم بالجلوس لتبدأ نورسين بالتصفيق ثم تتوقف بحرج وهي تقول
" أليس هذا خطاب حماسي " قال فخر
" هذا ما ظننته أيضًا "
عادت نورسين لتصفق فبدأ الجميع بمجاراتها لتمتليء اللحظة بصخب سعيد خاصة حين تحركت يهدين تجر فستانها نحو غرفة مكتب حكم وهي تقول
" لحظة وسأعود "
نظرت شيراز لها وقالت لفخر
" أنا واثقة أن الفستان لو كان قادرا على التحدث لصرخ مستنجدا "
ابتسم فخر فقالت ملكوت
" بما أن الكل راحل …هل سأبقى هنا حتى عودت رودين أم لديكم لي خطط أخرى "
همّ حكم بالرد ليندفع سراج قائلا
" لقد قرر حكم أن تسافري مع فياض لرودين باريس، لو أن الأمر لا يناسب خططك الشخصية من الممكن أن ……
قاطعته ملكوت تقول
" مادمت سأكون مع رودين بمكان آمن لا مانع لدي، شكرا لكم على كل شيء"
نظر لها سراج قليلا ليلكزه رشيد ويهمس له
" أخبرني هل وراء تلك النظرات شيء "
التفت له سراج وقال
" أي نظرات "
همّ رشيد بالرد ليزفر سراج براحة حين عادت يهدين تحمل علبة مخملية واقتربت من حكم ومالت تقبل رأسه بإحترام وتقول
" هذه هدية زفاف لك ولشيراز، لتعلم أني أفضل من هؤلاء الأوغاد الذين لم يكلفوا نفسهم شيء "
قال أواب
" هديتي لك ولحكم ستصلكما في أسرع وقت، وأسف لكوني غفلت تلك اللفتة "
قال فياض
" هذا أمر لن يفوتني لكن هناك عدة حقائب تعد من غنائم الحرب، جميعنا تركناها بما فيها للكبير، فهل هذا لا يعد ضمن الهدايا "
قال حكم
" من الجيد أن تكلمت عن هذه النقطة، لأني أفكر في بناء صرح خيري سيكون بإسم حذيفة "
قال طايع
" فكرة رائعة يا حكم، وأنا سأكون اول المساهمين "
قال رشيد
" هذا رائع يا حكم وجميعنا معك بإذن الله "
قالت يهدين لحكم
" ألن ترى هديتي "
فتح حكم العلبة ليريح ظهره للخلف ويرفع عينيه ليهدين التي قالت
" قل أنها أعجبتك "
وضع حكم العلبة على الطاولة أمامه ثم أداراها نحو شيراز التي وجدت بها أقراط ماسية على شكل فرس يقف على قدمين ودبوس رجالي أنيق يأخذ نفس التصميم وأسفلهما نقش كلمات بماء الذهب في مخمل العلبة جعلت شيراز تهز رأسها بابتسامة وهي تقول
" ما هذه الكلمات "
قالت لها يهدين
" لحظة واحدة "
ثم تحركت نحو مكبر الصوت ورفعت الصوت لتتسع ابتسامة شيراز وهي تسمع حسين الجسمي يقول……..

فرس فرس، من حسنها الحسن انخرس
تتزاحم قلوب البشر بقبالها
وقفة فرس مشية فرس لفتة فرس
من حقها تغتر حيل بحالها
كم ساحرٍ في عيونها النجلا درس
وكم شاعرٍ من حسنها غنى لها
وأحلي الغواني قربها كنهن حرس
كن الحلا مخلوق فيها لحالها
نظرت شيراز لحكم بطرف عينيها لتجده يرمقها بعينه التي كانت تضرب كافة أوتاره الحساسة بيد من حديد، أصاب جسد شيراز قشعريرة خجل سرت من منبت شعرها وحتى أطراف أصابعها لتقول بصوت عكس تأثرها ليهدين
" شكرا يهدين، لم أتلق في حياتي قط هدية جميلة كتلك " مدت شيراز يدها السليمة تمسك يد يهدين بإمتنان ليبدأ رشيد بتحريك كفيه بالهواء وهو يغني ويقول
" فَرَس فَرَس لو حولها ميّة فرس
يوم الْمحتها العين قلبي شالها
في خافقي أسمع لخطوتها جرس
ويْرن في صدري صدى خلخالها


قالت له يهدين
" أنت لا يجب أن تغني سوى للسيارات يا مهووس "
تجمد رشيد للحظة ثم نظر لحكم وقال
" حكم أنا أريد سيارة من المجموعة الجديدة "
قال له حكم
" اختر ما تريد وشركة الشحن توصلها لبابك "
وقف رشيد بحماس شديد يكمل غنائه ورقصه فتحركت يهدين تجاه فخر وأمسكت يده وهي تبتسم، بينما رمق سراج ملكوت التي بدت شاردة، وأخرج طايع صورة نيلوفر …وهاتف فياض كيان …ووقف أواب يشجع رشيد بمزاح أخوي افتقده الجميع لتمر الدقائق عليهم وتقف شاهدة على تلك العلاقة الفريدة والانتماء القوي والقوة والبأس الذي تجسد في وجوه ابتسمت أخيرا.
༺༻

بعد ساعة ……..

كان حكم يقف أمام باب المزرعة وبجواره شيراز بينما يهدين التي بدلت فستانها تقف لتوديعه وبجوارها فخر الذي نظر له حكم وقال له
" حافظ على زوجتك واحمها بحياتك "
قال فخر بصدق أراح حكم
" يهدين أغلى ما أملك الآن" ربت حكم على كتفه لتحضن يهدين شيراز بقوة وتقول لها
" احذري أن تغضبي أبي يومًا، المكان مراقب وأنا قد أظهر لك من باطن الأرض " قالت لها شيراز
" أوصيه هو عليّ "
قالت لها يهدين بثقة
" حكم يجيد الاعتناء بمن يحبهم "
رفعت شيراز عينيها لحكم الذي كان كأنه لا يرى غيرها ليربت على ظهرها بحنان لم يمنحه لها أحد قط حتى والدها لتقول يهدين
" أنا سأوصل نورسين للدار وسأجعل فخر يبلغهم أنك مشغولة بأمر هام ، وسأترك لهم رقم للتواصل حتى تقرري متى ستعودين للعمل "
قالت شيراز بتوتر وهي تشعر أن المكان يخلو من حولها لتبق هي وهو فقط
" شكرا يهدين، شكرا أنك رتبت لكل شيء"
همست لها يهدين
" في الحقيقة ليس لكل شيء، لقد تذكرت للتو أنه لا يوجد ملابس لك هنا، هذه تفصيلة لا أعرف كيف فاتتني ربما شعرتها بسيطة، عامة يمكنك التواصل مع أي محل تفضليه واختيار عدة أشياء وإرسال أحد الرجال لجلبها الأمر بسيط "
تورد وجه شيراز بشدة فزمت يهدين شفتيها وتساءلت بتوتر " ليس بسيط، أليس كذلك " هزت شيراز رأسها موافقة فامتقعت ملامح يهدين وهمست لها
" أسفة "
حاولت شيراز أن تدعي الهدوء وهي تقول
" لا عليكِ "
تحركت يهدين نحو حكم الذي كان يودع السباع وقبلت يده وهي تقول
" سأظل عينك حتى وأنا لست هنا، لا شيء سيتغير "
ربت على رأسها وقال
" أعلم "
حضن سراج حكم بمحبة وقال
" أراك على خير "
ضمه حكم وقال
" إن شاء الله "
ابتعد سراج ثم ضم يهدين وحملها حتى سارت قدماها تتحرك بالهواء وقال
" إن كانت أمريكا وجهتك فعنواني لديك، وإن حدث أي شيء فيمنك اللجوء لي، أتمنى لك حياة سعيدة "
ترقرت الدموع في عيونها وهي تميل على كتفه ليقول له فخر بمزاح
" من فضلك أنزل زوجتي " أنزل سراج يهدين التي لوحت لحكم وشيراز وأمسكت يد فخر وتوجهت هي وهو للسيارة التي تجلس بها نورسين، أما فياض فاقترب يضم حكم بقوة ويقول
" أحضر شيراز يومًا لباريس، ستسعد كيان برؤيتكما كثيرا " ضمة حكم وقال
" كيان والبنات أمانة لديك يا فياض…أمانة ثقيلة عليك أن تراعيها، أبلغها بأمر حذيفة لكن بهدوء، واحتويها قدر استطاعتك وحاول أن تتحكم في ذاتك لكي لا تخرج عن السيطرة فتؤذها "
قال فياض
" محال أن أؤذي كيان وأنت تعرف ذلك "
ابتعد فياض عن حكم وقال لشيراز
" عذرًا على ما حدث ليدك " هزت شيراز رأسها بلطف وقالت
" أبلغ كيان سلامي "
ركب فياض السيارة ليقترب طايع من حكم يضمه بصمت فيقول له حكم
" سيكون كل شيء بخير "
هز طايع رأسه بتفهم وابتعد عنه يقول لشيراز
" وداعا سيدتي "
قالت له شيراز
" سأنتظر أن تعود يومًا ومعك الجميلة زوجتك، وداعا "
ركب طايع السيارة فبدأت السيارات بالتحرك ليقترب رشيد الذي سلم على حكم وحضنه بخفة وقال
" أنا لا أحب لحظات الوداع لذلك اسمحا لي أن أنسحب دون كلمة وداعًا "
هز حكم رأسه بيأس وهو يراقب رشيد يركب السيارة التي تحركت خلف البقية ليقترب أواب الذي يركب سيارة أحد رجال حكم وقال
" أنا سأكون الأقرب بينهم، لذلك لا يستدعي الأمر وداعا …أراكما على خير"
لوح أواب لهما وتحرك خلف موكب السباع فنظرت شيراز لحكم الذي ينظر في إثرهم بتأثر وقالت
" متى سيعودون ثانية "
قال لها حكم الذي رفع يدها التي مازالت تلتف في رابطة عنق طايع بلطف وقال
" قريبًا جدًا "
بقي الاثنين يراقبان بوابة المزرعة تغلق أمامهما وفي صدريهما شيء من الجنون الذي لا يجدان تفسيرا له.
༺༻

لا شيء قد ينقذ الموقف، فأنا وقلبي أسرنا على طرف شفتيك.

༺༻
بعد قليل ….

دخلت شيراز غرفة حكم وهي تحمل حذائها عالي الكعب بكفها المتورمة والكف الأخرى تثبت بها هاتفها على أذنها وتتحدث بإنفعال قائلة
" أنا عميلة دائمة لدى المحل لذلك يجب عليكم إبداء اهتمام أكبر بما أقول "
وصلها صوت العاملة تقول بلطف
" نعتذر سيدتي عن إستيائك البالغ لكن أرجو منك تفهم الموقف، القطع التي طلبتيها لنجهزها بالألوان والمقاس الذي تحتاجيه سيتطلب بضع ساعات فالوقت مازال مبكرا جدا وكاعتذرا منا على التأخير سيكون التوصيل مجاني لباب المنزل "
ألقت شيراز بنفسها على الأريكة وتنفست بعمق ثم قالت " أسفة لانفعالي، أنا متوترة جدا، خذي وقتك في تجهيز الطلب وأخبريني وأنا سأرسل من يأخذه "
قالت العاملة
" لا تعتذري سيدتي أنا مقدرة إنفعالك، وسأحاول قصارى جهدي أن يكون الطلب لديك بأسرع وقت "
قالت لها شيراز
" شكرا لك وأسفة مرة أخرى "
أغمضت شيراز عينيها بتعب وشيء من الذهول من السرعة التي جرى بها كل شيء، ثم فتحت عينيها ببطء وظلت للحظات تتأمل سقف الغرفة قبل أن تعتدل في جلستها وتلقي الهاتف على الأريكة وتلقي الحذاء أرضًا ثم انحنت تضع يدها على فمها بدهشة وهي تتأمل الغرفة من حولها، تحركت شيراز تتفقد تلك الغرفة التي دومًا ما تمنت التسلل إليها وكشف جميع أسرارها، تمنت التوغل في أركانها وإدراك خباياها لكن لم تأتها الفرصة قط، كانت تتلمس كل شيء حولها بإنبهار ليس وليد إعجاب خالص بجمال ما تراه ولكنه وليد اضطراب مشاعرها التي تتفاعل مع كل تفصيلة هنا كما لو أنها تبادلها شعور بالراحة والأمان يخرج من القلب إلى القلب، كانت تدور كأميرة فرت من كتب الأساطير إلى غرفة فارسها النبيل لتبحث عن عمق ذاته بين أشيائه، كانت خطواتها كمعركة تصول وتجول في أرض توجتها ملكة، كانت سعيدة حرة عاشقة آمنة …كانت تدور وتدور وتدور حتى وجدت نفسها أمام غرفة ملابس حكم المنسقة بشكل مذهل، أضاءت شيراز الأضواء وتقدمت تتقفد مجموعة ساعاته الباهظة بانبهار لترفع عينيها لأعلى فتشهق وهي تنظر لذاتها بالمرآة، قربت شيراز وجهها أكثر تتأمل زينتها التي لم تعد متقنة ثم تحركت للمرآة الطولية تتأمل فستانها الذي بات غير مهندم من الحركة وطول السفر، وشعرها الذي كأنما ضربته عاصفة وعيونها التي تلطخت من الدموع وقالت بضيق
" هذا ليس مظهر عروس أبدا "
صمتت شيراز لوهلة وكلمة عروس تضرب إدراكها لتلتفت خلفها فجأة خشية أن تجد حكم خلفها وحين لم تجده بدأت أنفاسها تتسارع من التوتر وعيناها تتحرك ما بين باب الغرفة والمرآة التي ترى فيها نفسها تزداد بشاعة لتهز رأسها بعنف كأنها تستفيق وهي تقول
" بسيطة، يهدين قالت بسيطة، مؤكد هناك حل "
بدأت شيراز في تفقد ملابس حكم بعشوائية وهي تقول
" لأعتبره مقاس حر، المقاس الحر من أحدث الاطلالات " همت شيراز بسحب أحد قمصان حكم لتسقط صف الملابس المجاوربأكمله أرضًا وتنظر للمشهد أمامها لوهلة بتوتر قبل أن تباشر ما تفعل.

༺༻

أخبري طرفك الناعس أني حتى في أحلامي أراك، كأنك بت ملء عيني …مرهون بك النظر محرم على من سواك

༺༻

فتح حكم باب غرفته بتحفز يبحث عن شيراز التي اختفت تمامًا بينما هو يعطي رجاله التعليمات الجديدة ويشدد عليهم بشأن الحراسة خاصة في غياب يهدين، لقد انقبض قلبه حين التفت ولم يجدها خلفه وظل ما بين كل كلمة وأخرى يلتفت بحثًا عنها منتظرًا إياها أن تظهر لكنها لم تفعل، تقدم حكم يحل أزرار قميصه بضيق وعيناه تتحرك بأرجاء الغرفة وقبل أن يناديها لمح هاتفها والحذاء فتنفس براحة ثم ابتسم وهو يفكر أنها عادت لتسير في تفاصيله حافية، عادت لتعبث بأفكاره وتثير الجنون في أعماقه …عادت لتخرج كافة سكناته عن الصمت الرهيب، عادت لتجتاح أحاسيه بغزوها الذي لا يسبقه إنذار، ضيق حكم عينيه وهو يغلق الباب بهدوء ويتقدم ليبحث عنها لينتهي بحثه عن مدخل غرفة ملابسه التي تصلب أمامها للحظة وهو يصارح نفسه للمرة الأولى منذ عرفها أن صراعه القادم سيكون مرهون بها، محصور في أنه سيقاتل ليحاصر مشاعرها التي دوما ما ستتمرد عليه وتثور مستميتة لكي تحاصره، للمرة الأولى يعترف لذاته أنه بعد سنين وحدته العجاف بات مغرم، تقدم حكم خطوة واحدة ولم يستطع الصمت أكثر فقال
" ماذا تفعلين "
شهقت شيراز بفزع والتفتت تنظر له بعينيها كثيفة الاهداب وتقول
" لقد أفزعتني ….لمَ لم تطرق الباب، أليس عليك الاستئذان " اقترب حكم وقال بابتسامة
" منذ عرفتك وأنت تتسللين لكل مكان دون إذن، حتى قلبي، فمتى تعلمتي معني الاستئذان شيراز "
قالت شيراز التي بدأت تتحرك بعشوائية لتتدارك الفوضى التي سببتها ولتداري خجلها الشديد
" تعلمت الاستئذان منذ بدأت أوبخ عليه، لكن يبدو أنك توبخني على أفعالي وتفعل ما يحلو لك "
خلع حكم سترته وقال لها
" ما يحلو لي !! أليست تلك غرفتي وبمنزلي أم أني فقدت الطريق "
نظرت له شيراز بحنق ثم ألقت كومة ملابسه التي بين يديها أرضا وقالت
" هل تتهكم على حديثي "
رفع حكم كفه وقال
" أبدا سيدتي، لكن هلا أخبرتني ماذا كنتِ تفعلين بالضبط وماذا حل بغرفة ملابسي "
مطت شيراز شفتيها وقالت وهي ترفع كفها السليم بإنفعال " ألا تجيبك هيأتي، هذه نتيجة الزواج دون تدبير، أنا لا أملك ملابس "
لم يصدر حكم صوتًا فرفعت وجهها تستفهم عن سبب صمته لتجد عينيه معلقة بخصرها فتضيق عينيها وتخفضها لتنظر حيث ينظر فتجد باقي أزرار القميص الذي ترتديه مازالت غير مغلقة استدارت شيراز بسرعة وبدأت بإغلاق الازرار بكفوف ترتعش وقلبها الذي تحرك من مكانه شعرت كأنه بات ككرة مطاطية تتقافز من عمق حشاها وحتى حلقها، بينما حكم كان مازال على وقفته يراقبها من خلال المرآة التي تقف أمامها ومشاعره تمر بإنتفاضة كارثية لا يدري شيئا عن عواقبها، كان يشعر برجولته الثائرة تجوبها من بداية شعرها الناري الثائر نزولا بعنقها الذي يجذبه لحافة الهاوية، لتمر بتفاصيل جسدها الذي يتوارى داخل قميصه بعشوائية قاتلة ثم تنزلق على طول ساقيها العاريتين وصولا لأقدامها الحافية، انتهت رحلت حكم وانتهى صبره فاقترب منها لتلمحه شيراز في المرآة وتلتفت لتواجهه فيقول لها
" تميتيني …تميتيني، وتسكبين بقلبي نيران الشغف، ثم تستنزفين عقلي في روعة تفاصيلك، تجرفيني للخطر دون مجهود، ثم تفتكين بي "
كلماته جعلت شيراز تشعر أنها تسير على حد سيف باتر وهي ترتجف فهمست بضعف
" حكم "
اسمه من شفتيه اخترق كافة الأزمان الماضية وسكنها منذ كان طفلا لا يعي وحتى صار رجل يرى على طرف شفتيها أوطانه ليقول لها مأخوذا
" شيراز …شرارة الوله التي اندلعت بيننا جعلت سقمي في حبك هو كل عافيتي"
قالت له شيراز "
كلماتك مربكة، أشعرها أكبر من إدراكي "
قال لها
" كلماتي لك كما أنت فيكما من الخطر الكثير "
أسبلت شيراز أهدابها وقالت
" حكم أرجوك "
قال لها حكم
" دعك من كلماتي وأخبريني هل أنت سعيدة "
سؤاله باغتها، انتظرت منه أي شيء إلا ذلك الاهتمام البالغ في تلك اللحظة الموترة فرفعت عينيها وقالت
" سعيدة جدا، لم أكن أسعد من قبل "
قال لها
" راضية عن زواجنا السريع "
قالت بإمتنان
" كان هذا أفضل ما حدث لي يوما، كل شيء كان مميزا جدا إلا أمر الملابس لكني استعنت بخزانتك وقضي الأمر، ساعات فقط وستصل النجدة …أقصد الملابس "
قال لها
" قميصي أجمل عليك "
هزت راسها وقالت
" مستحيل، لولا أني أريد شيء مريح للنوم لما ارتديته، الفستان كان يخنقني "
رفع حكم يده يجمع شعرها ويدفع للخلف بلطف ويقول
" أنت فاتنة به "
قالت له
" لم أشأ ان تراني بهذا الشكل، كنت أريد أن أبدو عروس بكامل بهائها " تجمدت أنظار حكم على النقش الممتد من خلف أذنها وحتى أعماق أنوثتها التي دفعته ليقترب منها حتى باتت محاصرة بين المرآة وجسده وأنفاسه المنفعلة وحركة صدره الهادرة جعلتها تذوب في ذاتها التي ما عادت تشعر بقدميها ثم قال
" ترفقي بي وبنفسك شيراز، وامنحيني طرف ثغرك " رفعت شيراز وجهها في إستجابة جائت أسرع مما ظن ليمنحها هو تجربة كانت أروع مما ظنت.
༺༻

بعد ساعات …..

كان حكم يفتح عينيه التي قد غفت بعدما طاف في نعيم لم يحياه يوم، ولمحات مما حدث تطوف بعقله الذي تيقظ لكونه لا يشعر بها بين ذراعيه، جلس حكم بحدة ينظر إلى السرير الخالي بجواره وعلى وجهه تموج بانفعالات جاءت من فوضى الأفكار التي اجتاحته، تلمس حكم مكانها ثم كمش المفرش الحريري بيده بعنف وقد امتلأ قلبه برهبة يصعب على عقله الافصاح عن سببها، تحرك حكم نحو باب الحمام المغلق وأخذ نفس عميق ثم طرقه بهدوء وقال
" شيراز هل أنتِ بخير " وحين لم تأته إجابة عاد ليطرق الباب وهو يقول بقلق
" شيراز …هل يمكنني الدخول "
لم يأته رد أيضًا فأمسك حكم مقبض الباب وهمّ بأن يفتحه ليسمع صوت صليل الصهباء يدوي فأسرع حكم نحو النافذة بسرعة ليتنفس بقوة وهو يميل ليستند بذراعه على جانب النافذة ويرتخي بجسده للأمام كأنه يحاول أن يتوازن بعد فجعة بينما شفتيه تفتران عن ابتسامة اختلط فيها الغضب بالسعادة حين رأى شيراز تقف أمام الصهباء التي تحتفي بعودتها وقد ارتدت تيشرت أسود قطني من خزانته، فتح حكم النافذة ووقف يتأملها وهي تلعب و تركض أمام الصهباء حتى جاءت عيناها بعينيه فابتسمت له وازدادت توردا ليتنفس الصعداء ويلوح لها ثم يرتخي في وقفته ويعقد ذراعيه على صدره منتشيًا بعشقها الذي كلما تحركت يهيء له أن قلبه بات له قدمين يركض بهما يمينا ويسارا ………
༺༻

أيها المتناقض في كل مشاعرك انتشل روحي من داخلي وارحل لأجد سبب أركض به خلفك وأتبع به خطاك وأقنع به عقلي أني أفعل ما يتوجب عليّ فعله.
༺༻

بعد ساعات …..

خرجت ملاك من ال**** الذي يتواجد به مكتبها هي والفتيات وهي تحمل عدة ملفات وحاسوب محمول وتضع هاتفها ما بين كتفها وأذنها وتقول
" أحضرت كل شيء، وأنهيت كل ما اتفقنا عليه لكن مازالت كل المشاريع الجديدة متوقفة، العملاء يطلبون كنزي وحور بالاسم، المهندسون الذين أرسلهم مؤيد من فترة يتولون المشاريع القديمة ويبلغون حور بالتطورات أولا بأول عن طريق الرسائل لكن غير هذا كل شيء واقف "
وصلها صوت سارة تقول
" عودي على الحارة فورا، أنا هاتفت طاهر ليحضر سما ووالدتك وإخوتك، وتولين ذهبت لتحضر كنزي، وأنا بمفردي هنا لا تتأخري أرجوك، لتمر هذه الليلة وبعدها سننسق أمور العمل " قالت لها ملاك
" لقد خرجت من المكتب، مسافة الطريق هي ما بيني وبينك بإذن الله "
نقلت ملاك الملفات فوق الحاسوب المحمول وأمسكت بهاتفها وحاولت أن تضعه بحقيبتها لكن بدا الأمر مستحيلا فقالت بضيق
" ما هذا اليوم، لمَ الجميع عجلون على الزواج لتلك الدرجة، ماذا كان سيحدث لو تأجل الأمر لنهاية الأسبوع حتى ننهي ما تراكم علينا من عمل "
جائها صوت يقول
" هل تتحدثين مع نفسك " انتفضت ملاك بفزع أسقط الملفات ليضحك أيوب الذي تحرك ليصبح في مجال رؤيتها وقال
" اهدأي …ما كل هذه العصبية "
ارتبكت ملاك وملأها الخجل من حمق مظهرها أمامه وقالت وهي تنحني لتجمع الملفات
" ضغط العمل اليوم كان كثير "
انحنى أيوب وجمع الملفات بسرعة فوقفت ملاك على استحياء ليقف بدوره وهو يقول
" أنا رجل يحترم المرأة العاملة جدا، لكني لا أؤمن سوى بمبدأ أن المرأة ليس لها سوى منزلها والزواج "
قالت ملاك ببساطة
" هذه وجهة نظري أيضا لكن لا أحد يمنحني الفرصة لأعترف بذلك، فأنا لي من الصديقات ثلاثة يسعون للإستقلال منذ نعومة أظافرهن "
لمعت أعين أيوب بإعجاب لصراحتها وقال
" إذا هل ستفكرين يوما بترك العمل والاهتمام بشؤون الأسرة فقط "
أجابته ملاك وهي تراه يسحب الحاسوب المحمول من بين يديها
" ليس قبل أن أطمئن على أمي وأخوتي، لذلك مازال على هذا الخيار الكثير، لكن قل لي …ما الذي أتى بك إلى هنا " ارتفع حاجب أيوب الذي قال
" هل نسيت أننا متفقان أنني سأمر عليك بعد العمل "
قالت ملاك بصدمة
" كيف نسيت هذا رغم أني أفكر في كل ما قلته طوال الليل "
قال أيوب
" ظللت تفكرين بي إذا " احمر وجه ملاك بشدة وقالت بتوتر
" نعم …لا ..أقصد أقصد ليس بالضبط، لقد كنت أفكر في حكاية جدك، الأمر يشغلني جدا وكنت متحمسة لنتحدث سويًا لكن للاسف الشديد عليّ العودة إلى الحارة الآن، فسلطان سيعقد قرانه اليوم وسارة تحتاجني، أسفة أني لم أخبرك مبكرا وكلفتك عناء الحضور "
قال لها أيوب
" هل أنتِ لطيفة وطفولية وعفوية هكذا على الدوام " تجمدت ملاك وقالت له بعدم فهم
" هل هذا شيء ييء "
قال أيوب
" بل نادر "
ظلت ملاك تنظر له بإرتباك كأنها لم تفهم مقصده فقال لها
" شاهين هاتفني وأبلغني بأمر عقد القرآن وأنا أباشر معه التجهيزات منذ الصباح لكني لم أشأ ان أخلف موعدنا الاول فلمَ لا أوصلك للحارة"
قالت ملاك برفض
" لا أظن أن ذلك لائق فلا شيء رسمي بيننا وهناك الوضع يختلف "
قال أيوب
" الحاج رفاعي سيحضر عقد القران ليلا وسيطلب يدك في جلسة الرجال أمام الجميع والجميع يعلم أن سلطان ومؤيد وطاهر في مقام إخوتك والمسؤولين عنك، أي أنه لن يكون هناك فرصة ليتكلم أحد ولن يبقى إلا موافقة العروس، فإن كنت موافقة دعيني أوصلك "
قالت ملاك بتوتر
" أنا مازلت لا أعرف عنك شيء "
لمعت عيون أيوب الذي تحرك فانعكس في أحداقه شعاع الشمس وقال
" عني أم عن جدي "
ابتسمت ملاك وقالت
" عنكما "
قال لها
" سأخبرك بكل ما يمنحنا الطريق الوقت لقوله "
أسبلت ملاك عينيها بخجل وتحركت معه نحو سيارته ليقول
" أنا أيوب صالح الرفاعي، السن اثنان وثلاثون عام، المهنة محامي لدي مكتب يشاركني فيه صديق عزيز لكني أغلب الوقت أدير عمل أبي، لدي أختان وأخ واحد يعمل بأحد الدول العربية منذ سنوات و…..
قاطعته ملاك تقول
" وجدك ماذا فعل حين علم حقيقة الرجل الذي كان يعمل لديه، كيف أقنعه بالزواج منهم "
نظر أيوب لملاك لوهلة ثم قال
" ملاك بأي عمر كنتي حين مات والدك "
تفاجئت ملاك من السؤال وبدى كأنها تتذكر شيء ملأ عينيها بالدموع ثم قالت
" لا أعرف تحديدا لكني كنت صغيرة، معتادة أن أنام بجواره، حتى ذلك اليوم الذي غفيت فيه بين أحضانه ولم أسمع باقي قصته لأن النعاس قد غلبني لأستيقظ فأجد نفسي اركض باكية خلف نعش يحمله الرجال "
نظر لها أيوب بتأثر وقال بجدية
" الرجل الذي كان جدي يعمل لديه كان أخو الجنية التي تزوجها جدي "
كلماته سحبت ملاك من عمق الذكرى لقمة الاندماج لتنظر له تلك النظرة التي تشعره أنه يفعل شيء خارق لا يمكن لأحد سواه أن يفعله فيقف أمامه بيقين العارف أنها من يريد لينزل عن الرصيف ويفتح لها باب السيارة فتبتسم له وهي تهم بالنزول عن الرصيف لتتفاجأ بيد تظهر من العدم لتغلق باب السيارة وصوت نفض جسدها يقول
" إلى أين " ……

༺༻
انتهى الفصل الرابع والثلاثون
قراءة ممتعة للجميع ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-07-23, 03:42 AM   #458

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,966
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

صباخووو
فصل روووعة كلو أمل وتفاؤل واحلى شي مفاجأة يهدين فكري راح لطرح تاني ورغم هيك.حبيت والمفاجأة حكم شيراز بيستاهلوا الفرنسي سمع نفس الكلام من سيادة وشاهين وعلي عندو أزمة ثقة بالكل خانو بعيد عن الجميع وحذر هالشي انعكس عا كنزي ياللي بتمشي ورا رايو وصارت ثقتها بالكل خارج نطاق أخوها وصديقاتها معدومة اجا علي ليجمع شتات روحها ياريت يا مؤمن تسمع منن وتعرف انك هيك عم تقضي عا أمل في حياة عندك وعند كنزي ليش عمزتتهرب من مواجهة الحقيقة هل فعلا اهلك.تعيش دور الضحية والخوف من كل شخص ويقترب منك ومن اختك لايمتى فوق لنفسك كنزي مقدرة تضحيتك لكن مو لازم تدفع ومنها حبها وحرية رأيها يحترمك وانت الاب والاخ والصديق راح تبقى دايما لاتخاف والتفت لحياتك مع سيادة وبنتك
فتون اخت يتول استغربت جدا هلأ حذيفة اخو بتول وكيان اختن بالرضاعة هل في شي فاتني
جواد هوي المفاجأة هل مأمون ومؤمن راح يبحثوا ورا والدن أم خلص الموضوع هون
سراج وفياض ورشيد واواب ياجمالن
بس ليش حاسة لسة الخطر ملاحقه وخصوصا بعد والقتلة مين وقف بطريق ملاك غازي وموسى ماتوا ويونس كمان مين هاد الله يستر فصل رووعة تسلم ايدك يارب


Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-07-23, 02:14 PM   #459

صل على النبي محمد
 
الصورة الرمزية صل على النبي محمد

? العضوٌ??? » 404607
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,174
?  نُقآطِيْ » صل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


صل على النبي محمد غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا إله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
رد مع اقتباس
قديم 22-07-23, 10:19 AM   #460

يضحو

? العضوٌ??? » 491035
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 45
?  نُقآطِيْ » يضحو is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور ...متحمسة للبارت ????????

يضحو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:25 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.