آخر 10 مشاركات
في محراب العشق "مميزة","مكتملة" (الكاتـب : blue me - )           »          في أروقة القلب، إلى أين تسيرين؟ (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          عمل غير منتهي (85) للكاتبة : Amy J. Fetzer .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          تبكيك أوراق الخريف (4) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          روايتي "حمل الزهور ألي كيف أردهُ؟ وصبايا مرسوم على شفتيه" * مكتملة ومميزة * (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          1032- رجل صعب - كاي غريغوري -عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          1031 - الأمان في الحب - ساندرا فيلد -عبير دار نحاس* (الكاتـب : Just Faith - )           »          بركة الدار - (96)نوفيلا- بين جنون العشق وجبروت القدر - سما صافية*مميزة*كاملة&الرابط* (الكاتـب : سما صافية - )           »          عندما تنحني الجبال " متميزة " مكتملة ... (الكاتـب : blue me - )           »          409 - غدا لن ننسى - تريزا ساوثويك (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1264Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-03-23, 11:13 PM   #351

جيجي هاني

? العضوٌ??? » 380259
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 828
?  نُقآطِيْ » جيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond repute
افتراضي


روووووووووووووووووعة يسلم ايدك انا مع مؤيد بصراحة واحد حب واحدة واكتشف بعد كده ان ماضيها مهبب ازاى يثق فيها وهى عمله مظلومة

جيجي هاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-03-23, 08:33 AM   #352

جويريا
 
الصورة الرمزية جويريا

? العضوٌ??? » 411292
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 144
?  نُقآطِيْ » جويريا is on a distinguished road
افتراضي

🫶🫶🫶🫶🫶🫶🫶🥰🥰🥰🥰🥰🙂😍😍😍

جويريا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-03-23, 04:07 AM   #353

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جيجي هاني مشاهدة المشاركة
روووووووووووووووووعة يسلم ايدك انا مع مؤيد بصراحة واحد حب واحدة واكتشف بعد كده ان ماضيها مهبب ازاى يثق فيها وهى عمله مظلومة
مؤيد يعاني من أزمة ثقة وجت كذبة سيادة زودت احساسه بالخداع وعدم الامان
لكن مازلنا عند لحظه ان الاتنين بيتكلمو من منظور احتاجهم والاتنين أبعد ما يكون عن بعضهم

هبةحسين and Amira94 like this.

شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-03-23, 04:09 AM   #354

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جويريا مشاهدة المشاركة
🫶🫶🫶🫶🫶🫶🫶🥰🥰🥰🥰🥰🙂😍😍😍
❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-03-23, 04:11 AM   #355

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امل ابراهيم مشاهدة المشاركة
روووووووووووووووووووووووو ووووووعة
متشكرة جداااا ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-03-23, 04:12 AM   #356

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سما إسماعيل مشاهدة المشاركة
فصل مليان مشاعر وأحاسيس❤️❤️❤️❤️❤️...مبهرة كالعادة يا شهيرة 💐💐💐
تسلمي حبيبتي
سعيدة جدا ان الفصل نال اعجابك ❤️❤️❤️❤️

Amira94 likes this.

شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-03-23, 04:14 AM   #357

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة al gameel rasha مشاهدة المشاركة
هو سؤال وأريد له إجابة مباشرة وواضحة، هل كنت تعلم أن والدك نسب أبوته لابن أختك وأن أخيك الحقيقي ليس زوج أختي "

ابن اخت سالم من مييييين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

سالم كان عارف
المشوه كان عارف
طيب ازااااااااااااااى

هنا بيتكلم عن عاصي يا رشا انه أخو بشر ابن اسمهان اخت سالم مش ابن رأفت

Amira94 likes this.

شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-03-23, 04:14 AM   #358

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة al gameel rasha مشاهدة المشاركة
حذيفة
لازم يتعالج مفيش مجال للتأخير
حذيفه وضعه أصعب مايكون


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-03-23, 04:40 AM   #359

هبةحسين

? العضوٌ??? » 392364
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 168
?  نُقآطِيْ » هبةحسين is on a distinguished road
افتراضي

يسلم ايدك تحفةروووووووووووووووعة
Amira94 likes this.

هبةحسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-03-23, 04:30 AM   #360

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السابع والعشرين



يا كل الوجع المآسور في تناهيدي
أخبرني كيف لبشر أن يشتهي بشر
كيف للمسة منك أن تصيب قلبي بالخدر
وكيف يكون عنقك الدافيء لفيض قبلاتي قبر
وكيف تكون حربي الوشيكة أن ألجم في حضرتك عذاب لا أستطيع عليه صبر
يا كل الاستنزاف الكامن في دقائق عمري العاصف
فلتسقط الحرية إذا كان التحرر في شرع هواك هجر
فلتسقط انتفاضتك الثائرة ولتسقط رأسك على كتفي حتى ينادي النعاس في عينيك أحلامي التي سلبت مني بالحيلة والغدر
يا كل القوافي في نزال الشعر حين تنفرج شفتيك
أرى ما بينهما بدايتي ونهايتي وكل ما مضى من عمر
أرى أن ما الحب إلا جنون وويلات وحصار وأسر
أراك تسلبني وعي لدرجة تسقطني في حالة سكر
وأراك تطالب الكون بدلائل تخبرك أن في حبي لك الخير
يا من منذ بدأت فيه ترحالي لم أصل كأنه بلا نهاية
مبتلى أنا بسحر عينيك الذي يجعلني كالرابض على الجمر
مبتلى بالتورط فيك كأنما انتمائي إليك زادني غرامًا وفخر
أيها المسيطر على جوارحي…
خبئني بداخلك وأوقف مأساة قلبي كي لا أزداد هياجًا وكفر
خبئني يا ذروة العمر الذي تسربل من يدي ومر
خبئني صاحت بها أعماقي التي شيد لك بها مستقر…..
༺༻

وستظل علاقة المرأة بشعرها علاقة طردية بحته، كلما غمرتها السعادة توهج …وكلما مر بها العمر طال …وكلما كسرتها المواقف تساقط ….وكلما استعادت ذاتها تثاقل، سيظل شعرها هو إنعكاس داخلها الذي يموج في جدائل
تدور من حولها كما الأيام الصعبة التي حين لا تستطيع القصاص منها تقتص منه باترة إياه من جذوره بقسوة ورغم ذلك لا يمر الكثير من الوقت إلا ويعود لينبت شيئًا فشيء كأنه يخبرها أنه سيبقى معها للنهاية ولن يخذلها مطلقًا كما فعل الكثير من البشر، يخبرها أنه سيظل التاج الذي كلما ألقته أرضًا اعتلى رأسها ليؤكد لها أنها ستظل ملكة للأبد ………
༺༻
أين قد نجد مكانًا في هذه الحياة يمكن أن يتوقف به الزمن وهلة ويمنحنا لحظات لنعيد فيها التفكير في كل خطوة قطعناها في قلوب الآخرين منذ نعومة أظافرنا، أين قد نجد واقعًا آخر قد يمنحنا الفرصة لنعيد كافة الحسابات ونزلزل كافة الثوابت والمتغيرات ونخلق منطقًا يلائمنا لنكمل به مسيرة الحياة التي أسكنتنا أوطان حملنا لها الانتماء لكنها لم تحمل لنا الامتنان، أين قد نجد عزلة تامة نستطيع بداخلها أن نخرج كل الاضطراب الذي يملأ صدورنا التي باتت تضيق بما فيها من فوضى وخذلان، أين قد نجد مساحتنا الآمنة لنلقي بها كل ما حملنا من أثقال الدنيا ثم نسقط أرضا لنلتقط أنفاسنا ونحن نعلم أن النضال الذي جاء معنا إلى هذا العالم رفيقًا لن يخبو حتى تخبو الأنفاس التي في صدورنا معلنة عن نهاية قسرًا نسير إليها وقسرًا نحن معها على موعد، أين ومتى قد نحظى بنصيبنا المقدر من السلام النفسي الذي سقط منا سهوًا فامتدت ألف يدًا لتلتقطه غير عابئين بهوية صاحبه غير مكترثين لما قد يعانيه من هم سواه، كان هذا ما تفكر به بهية وهي شاخصة العينين، جسدها يرقد على ذلك السرير البارد بينما عقلها ينازع ذاته بحثًا عن شيء قد تسد به فجوة روحها التي اتسعت وتوغلت مصيبة قلبها بردود وكدمات من الصعب أن تجد لها علاج، كانت في تلك اللحظة فارغة تمامًا من مواعيد الحياة و لديها كل الوقت لتخوض في غمار كل ذكرياتها وبمنتهى البطء، بداية من قسوة والدها ثم عنف يوسف نهاية بفقدها لجنينها، اعتصرت كفوف بهية الغطاء الثقيل الذي دثرها منذر به بقوة وهي تئن بقهر شديد وتكتم نوحها خلف شفاه رافضة إلا أن تقول " الحمد لله…الحمد لله"
ثم ترتجف وهي تقول والدموع تنهمر كأنها سيل جارف
" اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها، لقد رضيت بقضائك يارب "
حركت بهية يدها تتحسس بطنها الفارغ من طفلها والذي لم تلحق أن تشعر بنبضة ضعيفة منه، لم تلحق أن تستشعر نوعه …أن تتخيل ملامحه …أن تفكر في اسمه …أن تتواصل معه وأن تلخص هذا التواصل في لمسة منها وركلة منه، إزداد نحيب بهية وهي تقول بوجع
" بكائي ليس اعتراضا على قدرك يارب، ولكنه من الوجع الذي يستفحل بصدري لكني راضية والحمد لله " طرقة خافتة على الباب كأن صاحبها لم يقصدها تبعها صوت فتح الباب جعل بهية تشيح بوجهها و تمسح دموعها ثم ترسم على شفتيها ابتسامة تلخص معنى الصمود في عمق الهزيمة ثم تلتفت وتنظر لوجه منذر المجهد وعيونه المنطفأة وملابسه التي كأنه ارتداها على عجل دون أن يهتم لمظهره، تأملته بهية وتاهت في تفاصيله المنكسرة وهي تغرق في خطواته التي كلما اقتربت غمرتها بفيض من عاطفة لن تبالغ إن قالت أنها لم تر في قوتها وشمولها شيئًا من قبل، عاطفة رأت فيها جبرًا هون عليها كل شيء لتقول لمنذر بصوت واهن
" تبدو متعب يا منذر، منذ متى لم تنم ولم تأكل جيدا، لمَ لا تستمع إليّ وتعود لمنزل والدك لترتاح قليلًا " وضع منذر الأوراق التي بيده على المنضدة المجاور السرير ثم جلس على طرفه ومال بتعب شديد وهو يقول لبهية
" هلا غمرتني "
رفعت بهية ذراعيها تحتويه فارتكن بجبهته على كتفها وقال
" لن أرحل من هنا إلا بكِ، ليت بإمكاننا الخروج الآن والعودة إلى المنزل لأستطيع أن أنام بين ذراعيك هكذا وأنا مطمئن أنكِ بخير ولن يصيبك مكروه "
أغمضت بهية عينيها وكلماته تداعب كافة أوتارها الحساسة بشعور غامر ثم قالت بصوت تغزوه بحة البكاء
" أهذا كل ما تتمناه "
هز منذر رأسه التي مال بها فوق صدرها مراعيا ألا يثقل عليها بوزنه قدر استطاعته فقالت بهية
" إذا دعنا نرحل الآن "
رفع منذر رأسه ونظر لعينيها وقال
" لقد كنت مع الطبيب الآن وأخبرني أنه يفضل أن تبقي عدة أيام تحت الملاحظة، لذلك لا تحملي همي ستمر الأيام في لمح البصركما مرت سابقتها "
قالت له بهية
" يا منذر صدقني بقائي هنا لن يغير شيء، فأنا طبيبة ومدركة أن جميع الأدوية التي أخذها هنا يمكنني أخذها بالمنزل، وما قول الطبيب إلا مماطلة لا داعي لها لكن هذه سمة من سمات المستشفيات الاستثمارية، لذلك دعنا نرحل وتأكد أن ذلك لن يؤثر عليّ " نظر منذر إلى عينيها كما الطفل المتعب وسألها
" حقًا "
هزت بهية رأسها فقال منذر
" قولي الحقيقة بهية فأنا لن أجادلك لأني ما عدت أحتمل البقاء هنا " قالت بهية
" أقسم لك أني أقول الحقيقة "
كأنما الادرينالين تصاعد في جسده بسرعة جنونية فانتفض منذر يتفس بعمق شديد وهو يسحب حقيبتها ويقول
" أصدقك … هؤلاء الأوغاد لا يفهمون أن شحوب جدرانهم بهت على تورد ملامحكِ، وكآبة المكأن سرقت من روحكِ، ورائحة الأدوية غطت على رائحتكِ، هذا المكان ليس لكِ، ولا ذلك الشحوب لكِ ولا ذلك الانطفاء وتلك الرائحة القاتلة، لنرحل يا حبيبتي…لنرحل لكن ….
توقف منذر الذي بدأ يجمع كل شيء حوله وقال
" لكن ماذا لو تعبتِ …
أسرعت بهية تقول بتعب
" لن أتعب يا منذر، على الأقل ليس أكثر من تعبي الحالي "
نظر لها منذر بخوف شديد فطمأنته وهي تقول
" لنرحل "
تحرك منذر يجمع كل شيء يخصها في الغرفة وهو يقول
" نعم لن يصيبك شيء بإذن الله، أنا أشعر أن ذلك المكان ما يمرضكِ " أخرج منذر ملابسها الداخلية ووضعها على الأريكة ثم قال لها
" أين الملابس التي ترتدينها تحت العباءة "
قالت بهية وهي تنظر لما يفعل باهتمام
" ستجدها أسفل عباآتي وأسفلها النقاب "
قال منذر وهو يقلب بالحقيبة
" نعم وجدتها …ما رأيك أن أساعدك على تغيير ملابسك…أو ماذا عن الاستحمام …أريد أن تراكي والدتي بأفضل حالاتكِ "
وقف أمامها يهتز …فلا أحد سواه يريد رؤيتها بأفضل حال، كان في تلك اللحظة يهلكه آلاف الانفعالات المتبارية في عمقه لتقول له بهية بصدمة كبيرة
" والدتك …لا تقل أننا سنعود لأرض العزاء …منذر أنا أريد أن أعود لمنزلي …منزلي أنا وأنت، أنت لن تعيدني لذلك المكان "
تحرك منذر نحوها وانحنى يدفع ذراعه أسفلها بحرص شديد ويساعدها لتجلس وهو يقول بغضب شديد
" بل سنعود إليها بهية ولن نبارحها حتى آتي بحقكِ كاملًا "
قالت بهية بخوف شديد
" أنا لا أريد شيء "
هدر منذر والدموع تحرق أجفانه
" لكني أريد يا بهية، أريد حق زوجتي ولن أتنازل عنه "
قالت بهية وهي تتمسك بتلابيبه بقوة وتطأ بقدمها الأرض
" منذر أرجوك "
قرب منذر وجهه من وجهها ونظر لها برجاء وقال
" أرجوكِ أنتِ، لا تؤلميني أكثر بجدالكِ كأنك ِموقنة أنكِ زوجة لرجل لا يستطيع أخذ حقكِ من عين هؤلاء القذرة "
قالت بهية ببكاء وهي تهز رأسها
" ليس هذا ما أقصده "
قال منذر وهو يضمها بقوة إلى صدره ويجذبها لتقف على قدميها فيظهر الألم جليا على ملامحها
" إذًا لنرحل "
هزت بهية رأسها موافقة وهي تلتحم به حتى شعرت أن دموع عينيها ترقرق في عمق عيناه فقبل منذر جبهتها وهو يغمض عينيه متألمًا قبل أن يتحمل على وجعه ليقول
" أنا لن أترككِ سنظل هكذا بهية عواصفي…عواطفي …معاطفي ثلاثتهم بين ذراعيكِ للأبد "
رفعت بهية يدها تحتوي جانب وجهه وهي تقول بتأثر بالغ
" قلبي ممتليء بك، ممتن إليك، فلا قبلك ولا بعدك "
ضاع منذر في شعوره بها …ضاع كما ضاعت سنينه قبلها سُدا، ضاع غير حافلا بشيء في العالم سوى وجودها فأخذ يشد ذراعيه حولها كأنه يشد على قلبه الوثاق حتى تألمت بهية فانتفض بجزع يقول
" أسف ..أسف، دعيني أساعدك " تحرك منذر معها تجاه الحمام وفتحه ثم قال لها
" استندي على الحوض سأحضر المنشفة وملابسك الداخلية ليكونوا قريبين منا حتى لا ترتجفي، فنزيفك الحاد جعل شعورك بالبرودة يزداد " قالت له بهية
" حسنا "
خرج منذر من الحمام فرفعت بهية عيناها للمرآة التي تعلو الحوض وتأملت وجهها المكدوم بقهر جعلها تتحسسها بكف مرتجفة كأنها امتلأت بخزي الشعور والإحساس، سقطت دموع بهية لتنتهي على طرف الحوض الذي رفعت كفيها عنه لتحل حجابها الذي كان ترتديه، أصابعها ترتجف …وقلبها يهدر
وسيقانها تتخاذل ليسقط الحجاب أرضًا بعدما اجتاح أضلعها زلزال عنيف، وقفت بهية تنظر لشعرها الذي لم تره منذ ما حدث بصدمة جعلت كل ما مر كومًا وما تمر به الأن كومًا آخر، توسعت عيناها التي تسارع فيها الدمع وانفرجت شفتاها كأنها تختنق وارتسمت ملامح الصدمة الممزوجة بذل على وجهها الشاحب قبل أن تطلق صرخة أنثى أهدر منها الرمق الأخير من ذاتها، اندفع منذر إلى الحمام على إثر صرختها ليتفاجأ بحالتها فيسرع ليدفعها ويحول بينها وبين المرآة كأنه يمنع عن عينيها شيء بشع يؤذيها وهو يضمها بقوة ذراع تحاصر خصرها الذي يتلوي وكفًا يثبت رأسها فوق كتفه الذي انكتمت فيه صراخها المدوي وهو يقول بقوة
" أقسم لكِ ألا أبتعد عن هنا خطوة إلا بعدما أتي بحقكِ من عيونهم جميعًا وعلى رؤس الأشهاد، أقسم لكِ أني لن أرحمهم ولن أدع أحدًا منهم يهنأ بحياته، وبعدها لو أردتِ ألا تدخلي تلك الأرض مجددًا لكِ ذلك، لكِ وعدي حبيبتي أن تكون زيارتكِ الأخيرة لهذا المكان "
تهاوت بهية أرضًا فتهاوى منذر معها حتى سقطا جالسين أرضًا يضمها بقوة لتبكي وهو يقول
" قوية أنتِ كعضلة قلب لا يهاب الحب وضعيف أنا كشريان أتلفه الهوى، فلا تضعيفيني ببكائك أكثر ولا تظني أن برؤيتي لكِ هكذا شيء تغير، شعركِ سيعود وسننجب طفلًا جميلًا، وسنكمل معًا الطريق، قفي حبيبتي قفي فسقوطي الآن مرهون بسقوطكِ ".
༺༻
بعد قليل كان فخر يجلس على أحد المقاعد القريبة من غرفة بهية وعيناه تكاد لا تهتز عن شاشة الهاتف التي لا يدع لها الفرصة لتظلم، فالكلمات أمامه أطاحت به وجعلته كغصن ضعيف يقف أعزلًا في مهب هجمات الشوق التي خر من فتكها صريعًا، كانت الكلمات مهيبة جدًا كمشاعره التي مضى كل ما مضى من خلالها عابرًا إلا مضيها هي مر يغتال ثباته وسلام قلبه دون رحمة، كانت الكلمات شرسة المضمون والفحوى، كانت تتلاعب به كما لو أنه غرًا في حضرة حروف عشق مخضرمة، كانت اعترافًا بالحب الذي لم ينطق لكن صداه في الرسالة كان أقوى وقعًا من كلمات تقال، ابتسم فخر وقد جرفه الحنين ليستشعر ما هاج بصدرها ودفعها لترسل له تلك الكلمات التي تحوي شوقًا اقتبسته من هول الاشواق في صدره، قرب فخر الهاتف من صدره كأنه يريد من قلبه أن ينظر إلى الرسالة لا عينيه ثم تنفس بعمق وأسرع يكتب لها
" يا من سقطت بداخلي بغتة كنغمة سقطت من بين الغيوم إن لم تطلبي عودتي فأنا عائد لأجلك، وإن كان مطلبكِ ألا أنساكِ فلتعلمي أنكِ صرتِ سبية قلبي التي لا سبيل للخروج لها منه "
لمعت أعين فخر وهو يراقب الرسالة التي كم يخشى ألا تصلها وكم يخشى ألا تجيبها فيفتح باب غرفة بهية مشتتا تركيزه وهو يلتفت لينظر لمنذر الذي خرج بوجه شاحب وعيون علقت بها أثار البكاء يدفع زوجته التي تجلس على مقعد متحرك فتحرك مسرعًا نحوهما يسأل بتوتر
" إلى أين "
أجابه منذر دون أن ينظر بعينيه
" سنغادر يا فخر، من فضلك أحضر الحقيبة التي بالداخل "
هز فخر رأسه وهو يضع الهاتف في جيب بنطاله ويقول
" بالطبع "
قال له منذر
" سأنتظرك أمام المصعد "
تحرك منذر فوقف فخر يراقبه بتوتر قبل أن يسرع ليحضر الحقيبة وهو يفكر أنه لم ير منذر في مثل هذه الحالة من قبل.
༺༻

في نفس الوقت كانت تولين تقف أمام عادل الذي كانت الصدمة جلية على ملامحه لدرجة أنه تقدم ببطيء شديد نحوها كأنه يراهن ذاته أنها محض ذكرى تطوف برأسه لا أكثر، محض وهم جميل زاره مشفقًا ليضحد وحدته، محض حلم بعيد بألاف الأميال وألاف الأسباب وألاف المستحيلات، محض افتراء على حبيب يحاول أن يهزم غيابه بالغياب فلا يجد الهزيمة تطول بشرًا سواه، ناداها مجددا مبهوتًا …ممزقا ما بين حلاوة اللقاء وإستحالة الوصل يقول بصوته الذي دائمًا ما استشعرت فيه الحنان
" تولين "
لتجيبه بجمود رغم سعادتها لتعافيه الملموس
" كيف حالك عادل "
ردها كان حادًا كسيفًا بتار قطع أوتار شكوكه بيقين وجودها فالتفت ينظر للعاملة كأنه يبحث في عينيها عن لمحة تكذيب لتبتسم له العاملة وهي تقول
" لقد صممت على مرافقتها حتى غرفتك حين علمت أنها صديقتك، من الرائع أن نرى شخصا قريبًا منك أخيرًا "
كان عادل كمن أصابته لوثه جعلت الضياع مرسومًا على ملامحه الوسيمة فقالت تولين للعاملة بنظرات امتزجت فيها الجدية باللطف
" هلا تركتنا بمفردنا قليلًا من فضلك "
سارعت العاملة تقول
" بالطبع، خذي وقتك …بما انكِ زائره الأول بعد كل هذه المدة سأعطيك امتياز بجعل الزيارة غير محددة، خذي وقتك "
تحركت العاملة نحو الخارج وأغلقت الباب فالتفتت تولين لعادل الذي قال لها بحزن
" ظننت أننا لن نلتقي أبدًا "
قالت تولين
" كان هذا ما يجب أن تسير عليه الأمور يا عادل، كان يجب ألا نلتقي أبدًا خاصة وأن سرك يلتف حول عنقي كخيط ناعم ينحرني كلما نظرت بعيون بشر الذي لم أخف عليه شيء مطلقًا والذي لم أكن لأسامحه لو فعل ذلك "
نظر لها عادل نظرة ممتلئة بالخيبة وقال مقرًا
" أنتِ لستِ هنا لأجلي "
قالت تولين بانفعال شديد
" كنت أتمنى ذلك، أتمنى أن يأتي اليوم الذي أستطيع تخطي خوفي وإخبار بشر بكل شيء وإحضاره والقدوم إليك وأنا لا أرتجف هكذا كأني أخونه "
نظر لها عادل نظرة تدرك معناها وقال لها بإنكسار
" ومتى خنته تولين لتفعليها الآن، لقد بقيت في منزلي ثلاثة سنوات وقلبك معه "
قالت تولين بحدة
" أنا لا أقصدك بالخيانة عادل، بل أقصد مشاعره التي ستجرح من فعلتي هذه "
انفعل عادل ولكن كما عادته انفعل بعيون لا يفارقها النقاء وسألها
" لماذا أنتٌ هنا إذا، إذا كنتِ تدركين ما سيسببه ذلك لزوجكِ من ألم، لمَ أنتِ هنا تولين! "
استدار عادل كأنه لا يريد أن يرى في عينيها شيء يجرحه فتحركت تولين لتواجهه وهي تقول
" أنا هنا لأسألك لمَ كل من حولي مهددين يا عادل، أسألك لأن لو أصاب أحدهم شيء وخاصة بشر لن أسامح نفسي مطلقًا "
سقط عادل على المقعد الذي خلفه بعدما ارتعشت ساقيه بقوة كأنها ما عادت قادرة على حمله وهو يقول بألم
" أنا لا أفهم ما تقولينه "
ألقت تولين حقيبتها أرضًا وهي تقول " أنا أسألك لمَ كل أحبائي مهددين يا عادل وأريد منك إجابة صريحة " قال عادل وقد شحبت ملامحه
" مهددين كيف "
نظرت تولين إلي عينيه وسألته
" هل كنت تعرف حقيقة حورس خطيب سارة السابق "
ظهر الذنب جليًا في عينيه فابتعدت تولين للخلف وهي ترفع كفيها من شدة الانفعال وتقول
" لا أصدق "
قال عادل
" تولين من فضلك "
هدرت به
" كفى عادل …كفى، هل تذكر ما حدث بيننا حين عدت من بوسطن وقد اشتد بك المرض، هل تذكر ماذا أخبرتني حينها، دعني أذكرك .. لقد كنت مصرا على طلاقنا وقلت لي بالحرف أنا مهدد من أشخاص كان لوالدي أعمال مشتركة معهم، ويريدون الانتقام مني لأن وجودي يشعرهم بالخطر ويبدو أن رائف تورط معهم"
أغمض عادل عينيه بحزن فقالت له تولين
" لقد رأيتك يومها أعظم رجل وأنت تخبرني أنك دفعتني دفعا لأعود لعائلتي حتى أكون بأمان وأنّ عليّ أن أتحرر منك وأبتعد عنك لأن إن لم يقتلك المرض سيقتلك شركاء والدك ولكن يبدو أن الحقيقة هي أنك استغليت سذاجتي لتهرب وتكون بأمان تاركًا خلفك أشخاص اعتبروك جزء من عائلتهم مهددين "
قال لها عادل
" محال أن أفعل بكِ أو بهم هذا صدقيني "
دارت تولين حول نفسها وقالت له
" ما يحدث حولي لا تفسير له غير ذلك "
هز عادل رأسه بقوة وقال بشدة
" لا تولين، لا تنظري لكل ما جرى من جانبكِ، تعالي هنا وقفي بجواري لعلكِ ترين جيدًا أن إصراري على الطلاق كان سببه الاول إدراكي أنك ما عدت تحتاجين إليّ، الشيء الوحيد الذي كنت أمنحك إياه بظهور عائلتك قد تلاشى واختفى، والشيء الوحيد الذي كنت أتمناه بظهور بشر بات مستحيلًا، أنا أعطيتك بالطلاق تحررا لم يكن شعورالامتنان نحوي بداخلك ليسمح لكِ بطلبه أنا منذ عرفتكِ حميتكِ وأحببتكِ وقبلت أن أبقى في مداركِ محدد الإقامة فاقد التعريف ولم أطمع يوم سوى في قلبك لكنه لم يكن ملكي، ثلاثة سنوات وأنتِ زوجتي اسمًا …اللمسة بحساب ….البسمة بحساب …الشعور بحساب أنتِ وضحت لي لثلاثة سنوات أنكِ لست لي ولم أمانع أن أبقى بجوارك للنهاية والآن قادمة لاتهامي بمَ يا تولين …كيف بلغت القسوة مبلغها فيكِ لتظني أن قد أمسك بسوء "
قالت تولين بحدة
" كل ما فعلته لي أنا أحمله لك وأكبر دليل أنك حين طلبت مساعدتي قبلت دون تفكير لأني أثق بك و دفنت سرك في أعماقي حتى عن بشر أتدري عظم ذلك وتفهمه لكني الآن قادمة لأفهم شيء واحد …هل حورس خطيب سارة والأشخاص الذين تورط معهم رائف، والخطر الذي دفع بشر ليجعلني أسافر رغم خطورة السفر على حملي سببه أني كنت زوجة عادل حشاد ابن حشاد الاحمدي المجرم أم هناك ما تخفيه عني "
نظر عادل لبطن تولين بصدمة كبيرة ثم أسبل أهدابه وعمّ الصمت لتقول تولين ببكاء
" أخبرني عادل بما يدور حولي، أخبرني لمَ رجل كحورس يحوم حول سارة، لمَ رجال خطرة يحومون حول رائف، بل أخبرني لمَ لم ينته كل شيء بخبر موتك، أليس هذا ما أخبرتني به، أن هؤلاء الخطرين الذين يبحثون عنك بمجرد موتك سيبتعدون تماما عني وعن رائف الذي تورط معهم، وأني لن أصبح مهددة لا أنا ولا هو ولا بشر الذي كنت تعلم أنه لن يبتعد عني "
قال عادل بانفعال مكتوم
" لقد كذبت تولين لأن الأمر الذي أخفيه أكبر مني ومنكِ، كذبت واعتمدت على حماية عائلتكِ لكِ اعتمادًا كاملًا "
قالت تولين بانفعال
" أي أمر "
تحامل عادل ليقف على رجليه مجددًا ويقول
" تولين، أنا لم أفكر سوى بحمايتكِ لذلك فعلت ما ظننته صحيح ليس لأنجو بنفسي ولكن لأجلكِ، حالتي السيئة التي جعلتني أشعر أني على وشك الموت دفعتني لأخالف أوامر صارمة وأدفعكِ نحو عائلتكِ دفعًا، أنا كنت مهدد بسببكِ، فمهمتي منذ التقيتك كانت الإبقاء عليكِ داخل تلك الحارة كالطعم الذي يستقطب فأر ….لثلاثة سنوات بقيت بجواركِ كالحارس الأمين …ثلاثة سنوات نسيت فيهم هويتي وذاتي وحين ظهر رائف ودخل إلى المصيدة عاد كل شيء إلى سابق عهده فجأة، فأشعر أني كمن انتكست ذاته، ولأني أحببتكِ كنت مستعدًا لأضحي لأجلك "
قالت له تولين بضياع
" أنا لا أفهم شيء، ما علاقتي بمشاكل والدك لأسبب لك تهديد، ماذا تعني بكونك كنت حارس لأجلي وبكوني كنت طعم لفأر … وكيف يكون الفأر رائف …ماذا تقول أنت " تقدم عادل بانحناء كما لو أنه آيلا للسقوط وقال
" يا تولين افهميني أنا لم أكن سوى عبد السيد عليّ أن أنفذ دون أن أسأل وإلا فالموت سهل لمريض مثلي وأنت يسهل أن يتولى أمركِ شخص آخر ويدخل حياتكِ بمنتهى السهولة، بل ويحاوطكِ بالعديد من الأشخاص من كل إتجاه "
شعرت تولين بالدوار يلفها وهي تقول
" هل تقصد أن هناك أشخاص حولي غيرك وغير حورس هذا دخلوا حياتي لا لشيء سوى جعلي طعم لرائف الذي كان يبحث عني!! "
قطعت تولين كلامها وكأنها من كثرة الحقائق التي سقطت فجأة على مسامعها باتت تائهة لا تدرك مايقال أخذت تتكلم وكأنها تحدث نفسها باستنكار
" كيف .. رائف.. وانا كنت في نظر الجميع لست على قيد الحياة انا لا افهم ماذا تقول انت …. من تقصد بالأشخاص الأخرين الذين كانو حولي!؟"
هز عادل رأسه بآسى فسألته تولين بحدة
" من ؟؟؟"
قال لها عادل
" يونس "
توسعت أعين تولين وتساقطت منها الدموع وهي تسأله
" ومن أيضًا؟ "
نطق عادل حروف اسم كانت كفيلة بجعلها تنحني لتلتقط حقيبتها وتركض نحو باب الغرفة لتفتحه وتبتعد غير قادرة على الاستماع إلى حقائق أكثر غير قادرة على أن تسأل لماذا…
༺༻

أمام شركة الشحن الخاصة بسلطان أوقف شاهين سيارته وظل يتأمل المدخل للحظات قبل أن يأخذ نفسًا عميقًا ثم يغمض عينيه لوهلة كان يستجمع فيها ذاته المناضلة التي
أضرمت فيها النيران حتى احترقت تمامًا في نزاله الاخير، كم كان يحتاج إليها في تلك اللحظة لتملأه بالقوة ليخطو نحو سلطان العطار بخطى ثابته ويقف أمامه وجهًا لوجه ليصلح ما أفسده، وكم كان يحتاج إلى سارة العطار الأن لتكون قريبة منه إلى حد يشعره أنها وإن أعرضت وتمردت ونأت وأبت باقية في مداره كعادة مدمن لا يقتلها التكرار ولا يهزمها الملل، باقية في حناياه كما لو أنها أسوء عاداته وأعظمها، كما لو أنها كل التناقضات التي كونت تفاصيله منذ بداية العمر، جزء لا يتجزأ منه وحقيقة لا يشوبها شك تملأه بالطمأنينة، يحتاج سارة العطار ليس لتدعمه في خطوة خطاها مصرًا لكن يحتاجها لتبقى ركيزته التي ستبقيه ثابتًا حتى النهاية، لتكن يقينًا يدحض شعوره بالخطر، فكم يخشى من كونه بات لا يملك للغد سوى قلقه وخوفه من ألا يلتقيا مجددًا، عند تلك الفكرة اندفعت دمائه كما لو أنها حممًا محملة بغضب ورفض وترجل من السيارة بانفعال وهو يجذب حقيبة الصور ثم يغلق الباب ويتحرك باندفاع دون أن يفكر في أي شيء سوى أنه ليس مستعدًا لذلك الخوف، ليس قادرًا على التعايش معه وتقبله، ليس مهيأ للتخلي عنها مهما حدث.
༺༻

كان سلطان يقف بالساحة الخلفية للمكان بين ثلاثة من عملائه الذين لم يخف عليهم أو على أحد من رجاله تلك الابتسامة التي وإن جاهد ليخفيها تعود لتتسلل إلى طرف شفتيه كدخيلة تشي أن ذلك الصلب الجدي هناك من أذابته كما لو أنه قطعة سكر سقطت في فنجان شاي أخضر يقف على طرف شفتيها، كان كل ما فيه يشي بما فيه حتى أن عيون رجاله كانت تراقبه بحماس خفي، الجميع كأنهم يشاركونه تلك السعادة الخفية والتي لا يحتاج أحد للسؤال عن سببها، ففاطمة العطار باتت سر معلن وإن كان لم يقال، نظر أحد الواقفين لسلطان وقال " أتعلم أن لنا ما يزيد عن الأربعة أعوام نتعامل ولم أر عقدة حاجبيك مسترخية سوى اليوم "
ضحك آخر وقال
" سلطان العطار بأكمله مسترخي اليوم لذلك لننتهز الفرصة ونضغط عليه ليقبل بالعرض الذي رفضه الاسبوع الماضي"
همّ سلطان بالرد عليه لتتجمد الكلمات على شفتيه حين رأى شاهين يقبل نحوه بخطوات قوية وعيناه لا تحيد عن عينيه، تجمد سلطان جعل الواقفين حوله يلتفتوا لينظروا لذلك الذي اقترب منهم يمر على وجوههم بنظرة سريعة كأنه يبحث عن ذلك الوغد الذي تعدى عليه بينهم قبل أن يقول
" السلام عليكم، سلطان أريد التحدث معك بأمر هام "
كان كلامه مختصرًا قاطعًا كأمر همّ سلطان بالتمرد عليه والانفجار غضبا، ولكن وقوفه بين الرجال لجم جموح غضبه وإن كان ذلك لم يخف ملامح وجه التي انقلبت ثلاثمئة وستين درجة، ضم سلطان قبضته بعنف نفرت له عضلات جسده بشكل جعل الواقفين متوجسين مما يدور ورغم ذلك قال بجمود بالغ
" المكان مكانكم، دقائق وسأكون معكم "
ثم أشار لسيد الذي اقترب بقلق بالغ حين رأى شاهين وقال له
" ابق مع الرجال "
قال له سيد
" لا تقلق "
تحرك سلطان بخطوات منفعلة تجاه مكتبه دون أن يعير شاهين أي اهتمام أو رد فتبعه شاهين الذي كان في تلك اللحظة لا يعرف ماذا ينتظره خلف ذلك الصمت المطبق، ولج سلطان إلى غرفة مكتبه فتبعه شاهين الذي أغلق الباب خلفه ليستدير له سلطان ويقول بعنف
" ماذا تريد، ألم أطلب منك ألا تجعلني أرى وجهك مجددًا، أي كلام جئت لتُقَلِب به يا ابن الجوهري "
قال له شاهين بحدة
" لا أظنك ستتعدى عليّ أو تطاردني من مكانك يا سلطان، أنا جئتك بقدمي لأقول لك شيئا مهما وسأرحل " ضرب سلطان المقعد الضخم المقابل لمكتبه فأطاح به وهو يقول
" أقسم بالله أني أستجمع سيطرتي على ذاتي بشق الأنفس لذلك لا تتمادى وتضغط عليّ أكثر لأني في تلك اللحظة لا أضمن حتى ذاتي، لديك دقيقة واحدة لتخبرني فيها بما تريد ثم تخرج من هذا الباب إلى حيث لا يجمعنا طريق ولا مكان أبدا "
قال له شاهين باصرار
" ما لدي يحتاج أكثر من دقيقة يا سلطان يحتاج منك أن تجلس بهدوء وتستمع إليّ ولتفعل ما تريد بعدها " هدر سلطان قائلًا
" هل جئت لمكان عملي ظنًا منك أنك هكذا ستقيد رد فعلي تجاهك… أنت مخطيء فأنا قادر الآن على سحقك بيدي دون أن يرف لي جفن " قال له شاهين بقوة
" أنا أعلم ذلك وأعلم أيضًا أن ما لدي لقوله عليك الاستماع إليه جيدا ليس لأجلي ولكن لأجلك ولأجل سارة لأجل أن يبرأ جرح كرامتك ويضيق الشرخ الذي اتسع بيننا حتى وإن لم يقدر له أن يردم مطلقا يا سلطان " ضرب سلطان بيده على طرف المكتب بعنف وهو يقول
" لا تذكر اسمها مجددا وتأكد أن كرامتنا التي أهدرناها عليك ما هي إلا من أصلنا الطيب وأولاد الأصول لا يعيبهم أصلهم لذلك أنا في غنى عمّا ستقول "
ترك شاهين حقيبة الصور التي لم يلتفت لها سلطان من فرط انفعاله ثم أخرج هاتفه وشغل المقطع المصور الذي أرسلته له زيزيت يوم الحفل ثم رفعه أمام أنظار سلطان الذي ارتدت رأسه للخلف من عنف ما يراه وصرخ به
" أغلق هذه القذارة "
سارع شاهين يغلق هاتفه وهو يقول " هذا المقطع ما وصلني قبل الحفل بدقائق، هذا هو ما جعلني أركض بدون تفكير، هذه المرأة كانت تتعرض لما تراه بسببي… بسبب عداوة جمعتني بعائلتها القذرة وماض معقد جمعني بها، ضع نفسك مكاني هل كنت لتتردد لحظة في الاندفاع لنجدة امرأة تتعرض لكل هذا بسببك، هل كنت لتتحمل لحظة وتحكم عقلك في كيفية تصرفك، أنا لم أتحمل أن تنتهك إمرأة بتلك الطريقة بسببي، أعترف أني لم أفكر حين اندفعت بالمغادرة تاركًا كل شيء خلفي لكني واثق أنك إن كنت مكاني ستتصرف بنفس المنطق ربما لا يجمعنا صفة مشتركة يا سلطان لكن كلانا حين يمس الأمر رجولته وما يقبله على نفسه وما لا يقبله لا يفكر مطلقًا " صرخ به سلطان
" لا وجه مقارنة بيننا فأنا لا تحركني رجولتي وكبريائي على حساب البشر مبررك وإن كان قويًا في عينك فهو في عيني واهي، أنت لست من وقف هناك يرى أخته تنكسر وتخلع فساتنها كما فرحتها دون أن تملك ما تفعله لأجلها، تفهمي لموقفك لن يغير يقيني في كونك أذيت أختي ومن كوني لا أريدك أن تقترب منها مطلقًا لأن النصيب بينكما انتهى ولا أملك ما أقوله لك غير ذلك "
قال له شاهين
" أنا اليوم جئت لأجلك بالمقام الاول يا سلطان، جئت لأقف أمامك رجلا لرجل وأحدثك عما حدث ذلك اليوم وأنا مدرك أن نزعة الاندفاع التي تلبستني يومها لن يتفهمها سواك، جئت لأخبرك أن ذلك النسب الذي كان سيجمعني بك كان شيء تمنيته وسعيت إليه دون كلل وأقدره حق قدره، وأنّ قدرك وقدر سارة محفوظ فوحدي من أخطأ ووحدي من عليه أن يشعر بأنه حط من قدر نفسه حين هرع منقادا خلف فخ قد نُصِب له، أنا فقط أريد أن أخبرك أني لم أشأ للحظة أن يحدث كل ذلك لم أشأ أن تتضرر علاقتنا لهذا الحد وليت بإمكاني إصلاح الأمر "
قال له سلطان
" ما نال أختي من لغط وانكسار لا مبررا له، والحمد لله أننا لم نتورط مع بعضنا أكثر، اذهب من هنا فيبدو أنك أخذت الدرس لكن كان متأخرا جدا "
نظر له شاهين بعجر شديد ثم قال منفعلا
" حسنا يا سلطان، أنا سأرحل لكن وأنا أشعر أني تركت لديك كافة مبرراتي التي قد تراها واهية كأخ لكني أدرك أنك ستتفهمها كرجل، وسأترك لك فوقها كلمتين أولهما أني تمنيتك بكل حزمك وشدتك أن تكون أخ لي وثانيهما أني أعترف بخطئي ومستعد أن أفعل لك ما تطلبه مني وأنا متفهم أن لو ما فعلته كان قد حدث لأختي لفعلت مثل ما تفعله وأكثر وأنا أريد سارة "
رفع سلطان قبضته وهو يقول بعنف " هل تعطني سببًا قويًا لإخراج غضبي عليك …ألم أقل لك أن النصيب بينكما انتهى "
سقط قناع الثبات الممزق الذي كان يرتديه شاهين وهو يقول بانفعال
" لمَ تقول انتهى، سلطان هل زوجت سارة لآخر بالفعل "
حينها اندفع سلطان تجاهه وقال بهياج
" ارحل من أمامي حالًا وإلا سأفتعل كارثة الآن "
همّ شاهين بالرد لكن طرق على الباب تبعه دخول عيسى أوقف تلك الحرب الدائرة بين عينيهما في ذلك الحيز الضيق، ليتراجع سلطان وهو ينظر لشاهين نظرة قاتلة فقال له شاهين
" هذه الحقيبة تخص سارة أوصلها لها، أما نحن فلنا لقاء آخر لنكمل حديثنا لأنه لم ينته ولن أقبل أن ينتهي هكذا يا سلطان "
تحرك شاهين مغادرا ورياح غادرة تلفه بمخاوف جعلته كشيء من حطام يسير على قدمين فيما نظر عيسى لسلطان وسأله
" ماذا كان يفعل هذا هنا "
ظلت عيون سلطان مسلطة تجاه الباب وهناك جحيم قد استشرى بأوردته فناداه عيسى بقلق
" سلطان ماذا يحدث "
التفت له سلطان ينظر إليه للحظات بصمت قبل أن يقول
" أغلق الباب واجلس لتخبرني بما فعلت "
أغلق عيسى الباب وجلس أمام سلطان بتوتر وقال
" لقد ذهبت بالفعل و….
صمت عيسى فهز سلطان رأسه بانفعال يسأله
" وماذا، هل الحاج خلف مريض للغاية "
أجابه عيسى بارتباك
" هو مريض بالفعل لكن الأمر ليس خطرًا "
صمت عيسى للحظة ثم قال
" سلطان ، هل تظن فاطمة مناسبة لك، أعني أنكما لم تتعرفا جيدا وربما …..
قاطعه سلطان وهو يفرك وجهه بعنف كأنه يحاول أن يستفيق من سكرات غضبه وقال
" إن لم تكن فاطمة العطار مناسبة لي لن تكون هناك امرأة مناسبة قط، أعلم أنك متوتر بسبب إخوتك لكن لا تقلق أنا سأتصرف معهم "
وقف سلطان وتحرك نحو الحقيبة الضخمة وفتحها بطرف اصبعيه ونظر فيها من علو ثم قال
" إن كنت عائد للحارة خذ تلك الحقيبة معك لمنزلي، ضعها في خزانتي لا تتركها خارجها "
وقف عيسى وقال بحزن شديد لم يفطن له سلطان
" سأخذها "
تحرك سلطان نحو الخارج وهو يقول " لدي عمل سأنهيه وسأهاتفك لأخبرك بموعد ذهابي للحاج خلف " خرج سلطان من الغرفة وترك عيسى خلفه يتخيل كسرة قلبه حينما ترفضه فاطمة وحينما يعلم أنها كانت تتلاعب به.
༺༻

بأرض العزايزه تحرك عبد الرحمن الذي كان يسير بين رجاله وهو يلم عبائته من حوله بقوة وفي عقله تدور الكثير من الأفكار التي يشعرها كخيوك داخل مغزل لم يتوقف عن العمل منذ أسابيع، عيناه تراقب المكان بدقة وذهنه الحاضر الذي يدرك كم أن مسؤوليته كشيخ لهذه العائلة ليست بالهينة جعله يأخذ قراره بأنه سيتخطى كل الخطوط الحمراء ليُبقي زمام الأمور في يده وسيستغل كل شيء متاح من حوله منساقًا خلف المصلحة العامة والتي تحتم عليه أن يتدارك كل الكوارث التي حدثت ثم يفرض سطوته دون رحمة على جميع من تسببوا بتلك المهزلة لكي لا يتجرأ غيرهم على الخروج عن طوعه أو عن أعراف العائلة مسببين للجميع المزيد من الفضائح، قال عبد الرحمن لأحد رجاله وهو ينظر للباب الحديدي الصديء أمامه
" افتح الباب "
أسرع الرجل ينفذ الأمر فتقدم عبد الرحمن داخل الغرفة التي تقطع في نطاق أراضيه يتأملها باشمئزاز بلغ أشده حين وقعت عيناه على يوسف العزايزي الذي كان ينظر له بحقد بالغ وهو يقول
" هل جئت لتتشمت يا شيخ، لا تفرح كثيرا وتظن أن كل شيء قد انتهى فأنا لا أنتهي ولن تستطيع أن تفعل لي شيء "
نظر له عبد الرحمن باستخفاف أثار جنونه فصرخ به يوسف
"هل تظن أن بسقوطي في يديك زالت سلطتي وانتهت حيلتي أنت واهم ولا تفهم بعد ما أنا قادر على فعله حتى وأنا مكبل داخل غرفة كلاب الحراسة خاصتك "
قال له عبد الرحمن وهو يرفع ذقنه في دليل على الاستهانة
" لقد دخلت هذه الغرفة كثيرا لأمر على الكلاب لكني اليوم أدركت أنه لم يدخلها كلب أقذر منك، كم هو صادم أن تتدنى قيمة الإنسان حتى تكاد لا تقارن بالحيوان الذي يتحدث باستحقار "
زمجر يوسف وقال
" خذ راحتك وانتفخ بسلطتك وافرح يا عبد الرحمن ولكن ليس كثيرًا فأنا حين أخرج من هنا سأجعلك تدفع الثمن غاليًا "
اقترب منه عبد الرحمن وقال باستحقار
" تخرج من أين وإلى أين، أنت لم يصبح لك شيء بالخارج مطلقا، لقد وضعت يدي على كل شيء …الأراضي …الxxxxات بل ووكلت شخصًا بإدارة تجارتك أيضا لذلك نصيحة مني لا تحاول أن تخرج من تلك الغرفة لأنك لن تجد جدران تأويك غير جدرانها "
صرخ يوسف بهياج وهو يحاول التحرر من قيوده الحديدية
" سأقتلك يا عبد الرحمن يا عزايزي…سأقتلك "
قال له عبد الرحمن كأنه لم يسمع هذره
" أما بالنسبة لإخوتك لقد حكمت عليهن أن يبتن سجينات المنزل الذي قتلت به والدتهم فلا ترى واحدة منهن نور الشمس حتى الممات، وتفضلًا مني سأترك لهن صغارهن حتى يبلغن عشر أعوام حينها سيعود كل صغير منهم لوالده ولن تراه واحدة منهن مجددا، ليحرموا من ذريتهم التي تحيا كما حرموا بهية من ذريتها التي ماتت برحمها "
صرخ يوسف بانفعال جنوني وهو يتلوى محاولًا فك قيوده وهو ينظر لعبد الرحمن بشر ويقول
" ستطلب مني الرحمة ولن تنولها يا ابن نعمة "
رفع عبد الرحمن عصاه بانفعال شديد ونزل بطرفها الحديد فوق أنفه فجعله ينعر من شدة الألم وقد انفجرت الدماء تسيل على وجهه وهو يقول
" اسمها الشيخة نعمة يا كلب "
ثم تراجع للخلف وقال
" لقد أمرت أزواج أخوتك أن يتزوجوا، كما أني الآن أخطط للتخلص منك بطريقة أقتص فيها منك عن كل من تبعوك أولهم محمود وظافر العزايزي وأبوهم، وهذا ما جعلني أبقى على عمرك، أنا سأعطيك الفرصة لتشاهد بعينيك ما سأفعله "
صرخ به يوسف
" يبدو أنك نسيت أن زوجتي ابنة رجل يستطيع أن يدهسك بطرف حذائه "
قال له عبد الرحمن
" زوجتك !! تقصد قاتلة أمك …نعم هناك من يريدها ويريدك لكن دعنا نرى من سيدهس "
تحرك عبد الرحمن مبتعدًا ليتوقف فجأة وينظر ليوسف ويقول
" بالنسبة للأطفال، أنا من سيربيهم …وسأحرص على أن أجعلهم رجال وليس كلاب مثلك "
ارتفع صراخ يوسف المهدد المتوعد لكن عبد الرحمن تجاهله تماما وهو يقول لرجله المسؤول عن حراسة الغرفة
" لا تضع له أكل أو شرب وإذا حاول الفرار أطلق عليه النار بين عينيه "
قال الرجل بطاعة
" أمرك يا شيخ"
تحرك عبد الرحمن مبتعدًا ومازال صراخ يوسف يصله ليجد أحد رجاله يركض نحوه وهو يقول
" يا شيخ هناك ضيوف ينتظروك بالمجلس "
أشار عبد الرحمن لرجاله بالتوجه نحو السيارات وهو يقول
" في موعدهم تماما "
༺༻

بعد دقائق كانت سيارة عبد الرحمن تدخل من بوابة البيت الكبير وخلفها سيارة رجالة ليترجل منها بهدوء لا يشي بطواحين الهواء التي بلغت أشدها في رأسه ثم وقف للحظة يتأمل أسطول السيارات الضخمة الذي يقف في باحة البيت ويقف بجواره العديد من رجال الحراسة ليرتسم على وجهه نظرة صارمة كأنه يرفض رفضًا قاطعًا أن يبرز أحد سلطته على أرضه وداخل حدود بيته ورغم ذلك تحرك نحو المجلس ليقول بصوت جهوري
" السلام عليكم"
وقف منير يقول
" وعليكم السلام يا شيخ، حمد لله أنك لم تتأخر "
نظر عبد الرحمن لذلك الجالس بأريحة يأكل من الضيافة التي وضعها منير وقال
" لقد كان لدي علم بأن هناك زائر سيصل لكن يبدو أن من وصل زائر آخر "
رفع الجالس أرضًا عينيه لعبد الرحمن ليلمح عبد الرحمن فيهما خبث وشر كبير وقال
" لا سلام على الطعام يا شيخ، أليس هذا ما تقولونه "
قال عبد الرحمن من علوه
" دعنا نقول لا سلام على ظلمة لا ندرك مداها، من أنت وماذا تريد " كان الجالس يهم بوضع قطعة من الفطير الساخن المغموسة بالعسل في فمه ليتوقف فجأة وينظر لعبد الرحمن وهو يقول
" تبدو متعجلًا يا شيخ "
قال عبد الرحمن
" وأنت تبدو جائع "
مسح الجالس يده بمنشفة صغيرة موضوعة على الصينية أمامه بهدوء وقال
" إما أن تشاركني جلستي ليكون حديثنا ودي وإما أن أقف لأشاركك وقفتك المتحفزه وحينها لا أدري كيف سندير الحوار "
قال عبد الرحمن بقوة
" تجلس أو تقف فأنت فوق أرضي وعليك الالتزام بالحدود التي أضعها لك "
وقف الجالس وقال بعيون يملأها التحدي
" وما هي حدودي يا شيخ داخل أرضك "
قال له عبد الرحمن
" حدودك الأدب، والجواب على أسئلتي دون جدال "
وضع الواقف أمامه يديه في جيبه وقال
" حسنًا، بالنسبة لهويتي فاعتبرني مرسال خير من السيد خليل حطاب، أنه يريد ابنه وطفلها والشخص الذي نسبت له الطفل "
قال عبد الرحمن
" إذًا والدها يعرف والد الطفل الحقيقي "
قال الواقف أمامه وفي عينيه نظرة اختلط فيها التهكم بالجحيم
" بالطبع يعرف يا شيخ، ولا أظنك ستسألني عن هويته لأن هذه أمورنا الخاصة ولا أظنها تهمك "
ضيق عبد الرحمن عينيه وقد أدرك أن هناك ما لا يعلمه لذلك قال
" لو أن والد الطفل من العزايزه فالطفل لنا "
قال الواقف أمامه
" من تقصد يا شيخ، أهناك ما لا تريد البوح به "
قال عبد الرحمن
" ما أبوح به وما لا أبوح به أشياء لا تتجرأ لتسأل عنها، أنا سؤالي واضح ….من والد الطفل …ولماذا لم يحضر خليل حطاب بنفسه من أجل ابنته "
نظر الواقف أمامه للأرض قليلا وقال
" يا شيخ أنا وأنت نعلم أن هناك أسماء ذكرها يجلب المشاكل لذلك دعنا نعقد صفقة سلمني ابنة السيد خليل والطفل والشخص الذي نسبه إليه وفي المقابل نحن مستعدون لفعل أي شيء من أجل أن نأخذ ما نريد وعلاوة على ذلك نحن نعدك أن هذا سيخلق بيننا وبينك ككبير للعزايزه علاقة طيبة قد تمتد وتتطور "
قال له عبد الرحمن بانفعال
" أنا لا أسعى خلف علاقات تبني على فضائح البشر لكن لكل شيء ثمن "
ابتسم الواقف أمامه وهو يقول
" ومن أرسلني قادرعلى ذلك الثمن مهما كان باهظًا "
نظر له عبد الرحمن للحظات بصمت وهو يفكر أن هذه فرصته ليتخلص من كل زرع شيطاني نبت في أرضه لذلك قال
" أولا أريد حادث خططوا له كيفما شئتم يكون ضحيته سيادة النائب الذي سأسلمه لكم، لا يهمني من الذي سأدفنه لكني أريد لاسم يوسف العزايزي أن يختفي من الوجود وبطريقة نظيفة جدًا "
ابتسم الواقف أمامه بمكر وقال
" أما عن أولًا فلك ذلك يا شيخ، ووعد مني ألا تلمح ذلك الشخص ما حييت يمكنك أن تعتبره قد دفن بالفعل ….ماذا عن ثانيًا "
كانت عيون عبد الرحمن تفكر ولكن الأوضاع التي تحاوطه جعلته لا يتردد قبل أن يطلب طلبه الثاني الذي جعل ابتسامة محدثه تتسع وتتسع وهي يشعر أنه قد أنجز مهمته التي تطلبت منه الحضور إلى هنا…
༺༻

بالمزرعة …..

كانت كيان تركض دون توقف…تركض وكلها فزع من أن تدركها الأذرع الكثيرة التي تنبثق من الظلام خلفها …تركض دون أن تتجرأ على الالتفات لتنظر لمن يلاحقها وقد صمت أذانها إلا من صوت أنفاسها المتسارعة وصوت بكائها المكتوم ….وصوت شهقتها الفزعة التي أطلقتها حين شعرت بذراعين يطبقان من حولها بقوة وهي تسقط ….فتحت كيان عينيها على آخرهما بوجل تنظر لسقف الغرفة وهي تنهت وعقلها المذبذب يكاد لا يستوعب مطلقًا كل ما حدث لها في الأربعة عشر ساعة الماضية، كأنما هناك غارارات احتلات شنت على عالمها فجأة فأعتم حتى باتت تفاصيله البسيطة لا تدرك، نظرت كيان بطرف عينيها لفياض النائم بجوارها و الذي يأسرها بين ذراعيه بتملك بعدما غزا فيها كل شبر حتى الضلوع …غزاها كعاصفة بددت ركائزها وأطلقت بداخلها جنون من نبض فوضوي آسرجعلها تعلن استسلامها دون مفاوضات أو مقاومة، ارتجفت كيان وهي تكاد لا تشعر بجميع جوارها التي مازالت في حالة صدمة بالغة وخدر، كانت تفكر في أن كل ما منعته عن فعله فيما يقارب الأربعة عشر عاما فعله هو في أربعة عشر ساعة لخص فيها كل الاجتياح التي ظلت تفر منه وتستميت في فرارها، عمر كامل جعلها تعيش تبعاته في لمح البصر ثم لا تعلم ماذا حدث كأنه خلخل جذورها التي كانت تزرعها في أرض الواقع منذ زمن بعيد وسحبها إلى عمق أبعد بكثير ثم حط بها بجنون لم تعِ هل في غماره كانت قادرة على التقاط أنفاسها أم ظلت أنفاسها مقطوعة تعيش اللحظات من خلال أنفاسه هو التي لم تترك منها شبرًا إلا وقد لفحته، بكت كيان بصمت بكاء أكبر من أن يشرح، بكت بكاء معقد محمل بالكثير من الذكريات والمخاوف والذهول والحزن، بكت وتمنت لو أنها قادرة على التحرك نحو الشرفة القريبة لتجلس تحت السماء وتبكي دون أن يقاطعها بشر، كانت تريد أن تفهم ذلك الحزن الذي تثاقل في صدرها الذي تشعر أن فياض اخترقه كما اخترق حواجزها كاملة بشكل جعلها تشعره قد توغل أسفل جلدها،
حاولت كيان بيدها المرتجفة رفع ذراع فياض لكنها شعرته يقترب منها أكثر، يلتحم بها أكثر كأنه يريد اعتصارها بداخله لتشهق بخفوت حين همس لها
" لماذا تبكين "
أغمضت كيان عينيها وقالت بقلب ينتفض بصدرها
" أنا لا أبكي، أنا فقط …
صمتت لا تدري كيف تشرح ما تشعر به فقال فياض
" أنت تحبينني …تحبينني بلا حدود أو نهاية "
فتحت كيان عينيها تنظر إليه ثم سألته بتردد
" لماذا حبيبة يا فياض "
رفع فياض رأسه ينظر إليها من علو كأنه لوحة نادرة جدًا تجسد لحظات الوصول الأولى في عمر رجل ظن أنه قد قدر له ألا يصل إلى موطنه مطلقًا وقال
" هل تسألين حقًا بعد كل هذا"
هزت كيان رأسها مؤكدة بارتباك وعيونها ممتلئة بالدموع فاعتدل فياض يجلس على السرير ثم سحبها هي والغطاء الذي تتمسك به كأنه سيفر هاربًا نحو صدره يتأملها كأنه لا يكل ولا يمل من فعل شيء مازال لا يصدق أنه يفعله بتلك الاريحة وهذا الهدوء والقرب وقال
" لم أر اسم يلائمكِ سواه، سنوات وأنتِ الحبيبة، الحضن الذي أشتاق إليه في صحوي وأحلم به في نومي، أنتِ الام التي تمنيت حنانها، والانثى التي بشتى المشاعر غمرتني، أنتِ الحب حين يختص به بشر، أنتِ الاختلاجات التي ربتني وكم قست يا حبيبتي.. أنا حين أناديك بهذا الاسم سأكون قد جمعت كل ما ينازع صدري من أسماء وحصرتها في اسم واحد لا يليق بكِ سواه (حبيبة) سأكون أناديك باسم ووصفك في آن واحد، أنه اسم يلمس قلبي كما صاحبته "
سحب فياض كفها ووضعه على صدره العاري لتشعر كيان بتسارع نبضه فيرفع فياض رأسه لينظر إلى الأعلى وهو يقول متأوهًا
" إليكِ لم ينته الشوق أبدًا "
بكت كيان فرفعها بذراعه أكثر حتى تلاقت أعينهما فقال لها بخفوت
" سأناديكي دائما كأنني أنادي ملاذي الآمن، ولحظات عمري الاستثنائية، التي سأظل أختار حبها ولا شيء سواه حتى ولو كان بإمكاني أن أعيش تفاصيل عمري لألف مرة "
مالت كيان برأسها على كتفه فضمها أكثر، ضمها بعمق شديد كأنه يعلمها بمنتهى الصمت معنى الحضن وماهية دفئة وقدر خصوصيته، لم تكن ذراعاه قوية فقط بل كانت هجوم قوي لا تعرف كيف تتعامل معه ورغم ذلك تمسكت به بقوة فهمس لها " كل الجروح حين قبلتي بي ترممت وتعافت وإلتأمت، جميعها تخدر إثر لمساتك، حتى التعب من فرط الشعور الذي يملأني كأنما صار راحة، أخبريني أنكِ تحبيني كثيرًا …كثيرًا " كتمت كيان نهنهاتها في ترقوة عنقه فتنفس فياض بعمق وهو يقول
" مازلت لا أصدق ما حدث "
صمت للحظات قبل أن يقول لها
" أتعلمين أن ميل رأسك على كتفي هكذا يمنحني استقامة ما عرفتها عمري …قولي أنكِ تحبيني…قوليها "
رفعت كيان وجهها ونظرت في عينيه وقد شعرت بأنفاسه التي تعانق ثغرها تمنحها جزءًا من التحرر جعلها تقول " فياض أنا ….أنا ….كان مأخوذ بها حد الموت ينظرها أن تلقي عليه كلمة الرحمة لينتفضا معًا علي خبط مفزع على باب الغرفة ويهدين تقول " فياض …فياض …انزل لحكم حالًا ".
༺༻

قبل قليل ……

كانت شيراز ترتب حقيبتها وموجات الحزن التي تتخبط بصدرها يمينًا ويسارًا تسرق النوم من عينيها وتتركها فريسة للأرق المهلك، كل شيء بداخلها كأنه قد تكابل عليها ليجعل ساعتها الأخيرة في ذلك المكان أثقل ما يمكن وأصعب ما يكون، تذكرت شيراز لحظات انهيار حذيفة وهي تكمش قطعة الملابس بين يديها بألم وتفكر فيما قد يكون حدث له وأوصله إلى تلك الحالة، شعرت شيراز كأنها تختنق وقد تساقطت دموع عينيها دون سبب واضح لتنفض على صوت صهيل الصهباء، أسرعت شيراز نحو النافذة تفتحها فرأت حكم يقف أمام الفرس الذي يطأطيء له رأسه ليرتكن بجبهته على جبهته، ابتسمت شيراز وقد أسقطت ما بيدها دون أن تشعر ثم تحركت نحو باب الغرفة تفتحه وتسرع قدر إستطاعتها لتذهب إليهما عساها أن تحظى بلحظة سلام بجوارهما تمكنها من التماسك حين تمر من باب تلك المزرعة التي لا تعرف هل سيقدر لها أن تعود إليها مرة ثانية أم أنها ستكون آخر مرة لها هنا...
༺༻

في نفس الوقت كان فيلو يقف على إحدى الكثيبات الرملية القريبة من المنزل وبدأ يحل أزرار مقدمة جلبابه ويفتح ذراعيه يستقبل الهواء البارد الذي يرتطم بصدره كأنه يمنح نفسه لحظات من استعادة الهوية التي لا يدري هل بعد كل ما فعل قد وجدها أم فقدها أكثر، عيناه اتسع فيها السواد حتى تشرب البياض وأخفاه وعقله تتصارع به وحوش ضارية غير خاضعة لهيمنته، بينما قلبه كأنه ملعون بألف لعنة تدفعه ليكون شخصًا أهلكه أن يكونه، أمام عينيه امتد المدى الفسيح كخط العمر الذي قدر له، على طرف يكمن هو وعلى الطرف الآخر تكمن نهايته وما بينهما لا يبقى شيء سوى الرحلة وبتول، تلك التي جائته بعد عمر طويل لتضيء له في طريقه المظلم قنديلًا، ولتلقي في صدره البارد شرارة شعور، ولتحكم جموح غرائزه بنقاء روحها، كان العالم يدور من حول فيلو كما تدور الحقائق بداخله ليقاطع ذلك الدوار العنيف صوت حرب يقول بحدة
" ألا يكفي "
التفت له فيلو وسأله
" ما الذي يكفي "
قال حرب
" ألا يكفي ما حدث حتى الآن، قل لي بربك لماذا نحن هنا …ماذا نفعل بالتحديد، لماذا نقف صامتين نشاهد زوجتك وهي تحت رحمة وغد ونحفر تلك المقبرة كأننا نورط نفسنا في تلك القذارة، أنا بت لا أفهم ما يدور وعقلي يحدثني أنك تخفي شيء لن يعجبني بالمرة "
قال فيلو لحرب
" أنا أفعل ما عليّ فعله لا أكثر "
قال له حرب بانفعال
" أنت لا تفعل شيء سوى الانغماس مع أشخاص خطرة وهذا لم يكن اتفاقنا، دعنا نبلغ الشرطة بما يحدث هنا ليخرجوا زوجتك بأمان ونرحل مغلقين أبواب الشر، لقد أخبرتني أنك تسعى خلف بداية جديدة ومحال أن تكون هذه البداية وسط هذا الظلام " قال له فيلو
" للأسف البداية هنا يا حرب وإن كنت لا تراها، ولكني لن أجبرك على شيء وسأجد طريقة لرحيلك عن هنا غدًا فما يحمله لي النهار لا ذنب لك به "
نظر له حرب وقال بعنف
" بتلك البساطة تريدنا أن نرحل ونتركك، لماذا بعد أن تعود إلينا بعد كل هذه السنوات إذًا إن كنت سترحل مجددًا، هل أردتنا أن نشهد لحظات إنحدارك في ذلك العالم "
قال له فيلو بجمود مزعج
" ألم يكن يحق لي بعد كل تلك السنوات أن أعود لجذوري …أن أعرف حقيقتي "
قال له حرب
" بل هو حقك لكنك لا يحق لك التلاعب بنا لتحقيق أهدافك الغير واضحة لكن الخطأ ليس خطأك بل خطأ الدم الذي ظل يصرخ بأوردتنا رغم السنين أنك منا، خطأ عقولنا التي سلمناها إليك بطيب خاطر لتتلاعب بها، خطأ قلوبنا ما شعرتك غريب لوهلة، خطأ شهامتنا التي فزعت لك ولعرضك، اسمعني يا فاروق أنا سأغادر هذا المكان صباحًا بك أو بدونك، فكر وخذ قرارك لكن وأنت تعلم أن خذلانك بعد كل ما فعلناه لأجلك لن يمر مرور الكرام مطلقًا "
تحرك حرب مغادرًا دون أن يترك ما بينهما مساحة لأخذ ورد أكثر فالتفت فيلو ينظر للمدى أمامه مجددًا وقد تملك منه شيأين لا يفهم كيف لهما أن يجتمعا، الخوف والغضب …خوف يزعزع خطاه وغضب يجعله مستعد تمامًا لمعركة دموية عنيفة يقتص فيها من كل من سولت له ذاته وتلاعب بجزء من حياته، شعر فيلو بحركة خلفه فقال بجمود
" لماذا عدت "
جائه صوت سديم الذي أطلق عنان الجنون السادي في جسده تقول
" لا أظن سؤالك موجه لي "
التفت لها فيلو بعيون لمحت فيها أهوال لم تهز برأسها شعرة شاردة وقال
" ماذا تريدين "
قالت له سديم بابتسامة مستفزه
" أريد أن أحذرك أن ما أراه في عينيك لا يعجبني، أنا ليس لي عزيز يا سيد فيلو وأسهل شيء قد أفعل هو بتر عنق من يفكر في مخالفتي وتهديد مخططي لذلك أرجو أن تعيد حساباتك وتلتزم بجانبك من الاتفاق وإلا ستكون العواقب وخيمة "
سحبها فيلو من شعرها سحبة قوية كادت أن تقتلعه وهو يقول
" لا تهدديني أيتها القذرة وإلا سأهدم هذا المعبد علينا دون أن يرف لي جفن "
قالت سديم
" تتحدث كأنك في موقف قوة "
قال لها فيلو بحدة وهو يؤلمها أكثر "
موقفي وحدي من يحدده وأنا أعلم أن موقفي سيكون بالغ القوة إذا تخلصت منكِ تمامًا "
قالت سديم ببرود كأنها لا تتعرض لفعل سادي من شخص يتعمد إيلامها " تذكر أن إتفاقنا كان مختلف وأنك بموقفك هذا تضحي بكل شيء أولهم زوجتك "
قال لها فيلو بعنف
" زوجتي لن يمسها بشر أما أنتِ فستكون نهايتكِ على يدي إذا حاولتِ ابتزازي مجددًا "
قالت له سديم بابتسامة
" أنت هكذا تعقد الأمور بيننا لقد نفذت جانبي من الاتفاق وجعلتك تتخلص من ماضي والدتك الذي ظل يطاردك، جعلتك تعود لعائلتك بمنتهى السهولة والآن أساعدك لتنتقم من الشيء الذي عاشت زوجتك هاربة دومًا بسببه فدعنا نكمل ما بدأناه " لوى فيلو عنقها للخلف لدرجة كانت لتجعل أنثى غيرها تتلوى ألمًا ورغم ذلك ظلت سديم عليدى هدوئها وهي تسمعه يقول
" لم يعد قرارك أيها القذرة، اعتبري ذلك الاتفاق لاغي إن تماديتِ وفكرتِ في تهديدي مجددًا ومن الآن اعلمي أني في أي لحظة قد أذهب وأبلغ ذلك الحقير بما تخططين له لكي أضمن أني حين أغرق ستكونين مقيدة بي " رفعت سديم يديها تقول
" اهدأ لكي لا نلفت الأنظار، اهدأ وسأنفذ لك ما تريده "
دفعها فيلو أرضًا بعنف وقال
" جدي لي ولزوجتي مخرجًا بأسرع وقت وإلا صدقيني لن أتردد لحظة قبل إيذائكِ "
نظرت سديم لفيلو وهي تحرك رأسها بحرك مغرية جعلت شعرها الحريري يعود مرتبًا كأنه لم يكن يعتصر في قبضة رجل غاضب وقالت
" موعدنا بالصباح …فأنا من البداية كنت قد رتبت بالفعل لحل سيريحك ويريحني لكنك من لا يصبر "
وقفت سديم ونظرت لفيلو نظرة أشعرته بالخطر الشديد ثم تراجعت للخلف عدة خطوات دون أن ترفع عينيها عنه قبل أن تلتفت وتركض مبتعدة فعربدت الظنون في عقل فيلو الذي همّ بلحاقها لتلمح عينيه شيء يلمع مكان سقوطها فانحنى ينفض الرمل عنه ليتفاجأ أنه مفتاح غرفة بتول، رفع فيلو المفتاح الذي سقط منها حين دفعها أرضًا وأخذ يفكر أنه ماذا لو حين أتى الصباح كانت مريم خارج ذلك المكان تمامًا.
༺༻

دخل يونس مع غازي غرفة المكتب وشاهده بتوتر وهو يدور حول مكتبه ويجلس على مقعده الاثري بقوته المعهودة ثم ينظر للأوراق التي أمامه باهتمام وهي يسأله
" ما الأمر الذي تريد أن تتحدث به " تحرك يونس حتى جلس على أحد المقاعد المقابلة لمكتب أخيه وقال
" غازي من فضلك اسمح لي أن أرحل، أنا لا أريد أن أمر بأي شيء يذكرني بما مضى، لا أريد أن أنتكس بعدما تداركت ذاتي ووعيت للكون من حولي، العمر لم يعد به ثلاثة عشر عاما أخرى لأقضيها كما المجاذيب من هول ما سأتذكره، دعني أرحل وأعدك أن أقوم بجميع أعمالك الخارجية على أكمل وجه " قال له غازي
" ضعفك هذا يدفعني لأن أبقي عليك بجواري، يا يونس خوفك محال أن يموت إذا لم تقف في وجه مخاوفك وتتحداها أن ترهبك، شخصيتك الهشة هذه لا تتماشى مع طبيعة عالمنا، أنت هكذا تضر ذاتك وتضرنا معك "
قال يونس بتعب
" أنا واثق أن ما سأقوله لن يروقك يا غازي لكني لا أصلح لهذا العالم وهذا العالم لا يصلح لي ولا يبقيني متمسكًا به سوى أني لا أعرف غيره، أنا لو كان بيدي لابتعدت عن كل هذا وأسست حياة هادئة لكني أدرك استحالة الأمر وأدرك أيضًا أن عقلي الذي لا يستقم سوى بالأدوية قادر على خيانتي في أي وقت، وأنا لا أريد أن أفقده بعيدًا عنك لأني أدرك أنك الوحيد الذي سيهتم لأمري لذلك من فضلك دعني أبتعد عن كل ما سيدور بالخارج، طاولة المذبخ التي وضعوها بالخارج هي نفسها التي سقط فوقها والدي "
ظهر الألم جليًا على يونس الذي انحنى للأمام محاولًا إيقاف الصور التي تتسارع داخل ذهنه فقال غازي مسرعًا
" حسنًا إذا كنت تريد الرحيل فارحل ولكن ..
قاطعه موسى وهو يقتحم غرفة المكتب ويقول بغضب
" لا يا غازي، يونس لن يرحل ويتركنا في هذه المعمعة، بل سيقف ليساعدني لأني بالفعل محمل بالكثير من الأعمال "
وقف غازي وقال له بحدة
" اختر من الرجال العدد الذي تحتاج إليه ليعملوا تحت إمرتك أما يونس فهو سيرحل كما قلت "
تقدم موسى وقال
" حسنا يا غازي فليرحل لكن لن يكون له نصيب في تلك المقبرة " صرخ به غازي قائلًا
" ومن أنت لتقرر من سيكون له نصيب ومن لن يكون له "
صرخ به موسى
" أنا أخيك الذي يتحمل عبيء تنفيذ أوامرك، أخاك الذي تقسو عليه في المعاملة لأنه ليس من نفس الأم كأنه ذنبه، أخاك الذي ظل لسنوات لا يقل سوى أمرًا وطاعة دون أن ينهار بعكس يونس الذي ظل لسنوات عديدة يتخذ من مرضه النفسي ذريعة ليبتعد وحين أردت أن تدفعه لعالم الأعمال أعطيته مهمة بائسة جعلته يلتصق بفتاة بلهاء كانت تهتم به كأنه هرها الأليف، أنا أخاك الذي لم تكن لتسمح له أن يبتعد إن طلب لأنك ترى الراحة شيء كثير عليه "
قطع غازي المسافة الفاصلة بينه وبين موسى ولطمه بعنف وهو يقول " كيف تجرأت على الصراخ بوجهي "
صرخ يونس وحاول مساعدة موسى لكنه دفعه بعنف وهو يقول لغازي
" لطمتك هذه لن تغير شيء من حقيقة أنك تفرق بيني وبينه بالمعاملة يا غازي لكن بما إننا اليوم على مشارف تحقيق أحلامك أنا أيضًا لدي أحلام أريدها أن تُحقق وأولها أن أتخذ مكانتي العادلة في تلك الدائرة " ….
༺༻
استغل فيلو انشغال غازي وتسلل بحذر تجاه غرفته التي يحتجز بها بتول واستخدم المفتاح ليفتح الباب فانتفضت بتول واقفة بفزع تظن أنه غازي لكن حين رأت فيلو يدخل ويغلق الباب خلف بسرعة اندفعت نحوه فضمها فيلو بقوة لتنهار وتنفجر بالبكاء دون مقدمات وهي تقول
" أنا ما عدت أتحمل، والله ما عدت أتحمل "
تسارع نبض فيلو وهو يمسكها من ذراعيها ويبعدها ثم ينظر إلى وجهها ويقول
" اسمعيني بتول، أنا سأخرجك من هنا الآن.. حرب وسلام مغادرين وأريدك أن تغادري معهما، أريدك أن تذهبي معهما إلى اليمن وتبقي هناك آمنة تنتظريني حتى آتي إليكِ، وإن لم آتِ مطلقًا ابقي بينهم وستكونين بأمان وأنا سأوصيه ألا يرفع حمايته عنكِ مطلقًا "
قالت بتول بفزع
" أنا لن أرحل إلى مكان بدونك، ثم أليس هذان الاسمان لأبناء عمومتك اللذين أفزعاني وملأا أيامي بالرعب حين اختفيت، كيف اجتمعتم وكيف ستأمنهم عليّ، بل أين كنت فيلو وكيف وصلت إليّ وما علاقتك بتلك المرأة المريبة "
قال لها فيلو
" لا وقت لدينا لهذا الحديث يا بتول، لا تجعلي تلك الفرصة تضيع منا هباءً، انج بحياتك ومؤكد يومًا ما سنحظى بكل الوقت لأخبرك كل شيء "
قالت بتول بحدة
" بل ربما لن نحظى بالوقت مجددًا يا فيلو، ربما تكون هذه آخر مرة ألتقيك "
قال لها فيلو بانفعال
" ليس وقت تيبس رأس وعند، لمرة لا تجادليني "
قالت له بتول
" لمرة أنت كن واضح وصارحني بما يدور فأنا محال أن أخطو خطوة واحدة نحو طريق مجهول، أنا هنا أدرك مصيري تمامًا ولست مستعدة لأعيش الضياع مجددًا لذلك إما أن تشرح لي كل ما حدث وإما افتح الباب وغادر ثم أغلقه من خلفك كي لا يعرف أحد بأمر تسللك إليّ " التفتت بتول بحدة جعلت شعرها الكثيف يتحرك كاشفًا عن عنقها الموشوم بكدمة وردية يعلم معناها جيدًا، فتوسعت أعين فيلو بجنون وجذبها من معصمها بعنف شديد وقد نفرت عروقه بشكل مخيف وهدر من بين أسنانه
" ما هذه العلامة بعنقك، ماذا فعل بكِ ذلك الوغد "
ضربته بتول في صدره بقوة وهي تقول
" اتركني …اتركني لقدري وأرحل كما استطعت تركي في غرفة رجل غريب لأيام، أرحل …هيا ارحل " جذبها فيلو بعنف يضمها لصدره بقوة وغوغائية شعرها التي تنحر ثباته تزداد وعورة كما نيران الغيرة التي نشبت ببدنه، أغمض فيلو عينيه بآسى امتزج بانفعال سادي بحت ورغم ذلك قال لها
" أنتِ إمرأة كما القدس بتول لا يمكن أن يطفيء جحيم الاحتلال هياج انتفاضتك، أنا واثق أنك قاتلته ببسالة، واثق أنه ما نال منكِ شيء إلا قسرًا لكني أعدك أني لن أسمح لكِ بأن تبقي تحت رحمة بشر مجددًا حتى لو كان الثمن حياتي البائسة، أطيعيني ودعيني أخرجكِ من هنا وأعدكِ …أعدكِ أيتها الذهبية أن تظلي بأمان إلى الأبد حتى وإن كان ذلك بدوني " قالت بتول بانهيار
" لا فيلو، ليس هذه المرة فأنا أريد أن أفهم ما يدور حولي أريد إن كتب لي الموت أن تكون في حياتي حقيقة واحده وشخص واحد لم يسيء لي، قل لي أنك لم تتخل عني ولم تتركني ليحدث لي كل ما حدث، قل أنك لم تؤذني ولم تلقني لذلك الجحيم عامدًا، قل شيئًا يجعلني أدرك أنك شخص نقي كما تخيلتك دائمًا وأنك وإن لم تحبني كزوج كنت رجلًا أراد أن يحافظ عليّ "
أمسك فيلو وجهها بين يديه وقال بهياج
" لأجلكِ بتول ….لقد فعلت كل شيء لأجلكِ فأنا ما ملكت دافعًا للقتال قبلك "
قالت له بتول برجاء
" ماذا فعلت …أخبرني فيلو أرجوك …ماذا فعلت "
كانت كمن أسقطت في يده فقال لها وهو يرفع يديه لتغوص في دوامات شعرها التي لا نهاية لها
" سأخبرك بتول بكل شيء لكن قبل ذلك أريدك أن تعرفي أني حين مضيت في ذلك كنت أحملك بداخلي ولذلك لم أكن لمرة وحيدًا حتى في أقسى وحدتي ولم أعترف بقدوم النهاية ما بيننا مطلقًا رغم الفراق ".
༺༻

بالمكتب دخلت سديم تنظر إلى موسى الذي بمجرد ظهورها كان كمن انطفأت ثورته وقد انتهى دوره فتراجع للخلف وهو يسمع غازي يقول
" هل تتحداني "
نظر موسى لوجه أخيه وقال بمنتهى الصدق
" أنا لا أستطيع أن أتحداك يا أخي وأكبر دليل على ذلك أني بقيت سجين ذلك المكان عمر بأكمله دون أن أفهم سبب إصرارك على البقاء هنا، بقيت رجل من رجالك قبل أن أكون أخيك أركض دون توقف لكي أثبت للجميع أن أخي أحق بالسيادة، أقاتل كل نقطة ضعف تقترب منك لكنك لم تر ذلك مطلقًا، كما لم تر حقيقة تلك التي تصر على إكمال حياتك بجوارها رغم أنها لا تستحق "
هدر به غازي
" كلمة أخرى عن مريم وسأقطع عنقك فلا تظن أني قد نسيت أنك من رتبت لهروبها "
قال موسى
" وليتها هربت يا أخي، ليتها فعلت " هدر به غازي
" ماذا تقصد "
حينها قالت سديم وهي تتحرك لتقف أمامه غازي وتخرج خنجرًا من غمده " ولمَ تهرب ونحن نحتاج دمائها لفتح تلك المقبرة، خذ هذا يا غازي واذهب لتنتقم لشرفك الذي نال منه ذلك الحقير أمام رجالك الذين فقدوا احترامهم لك، خذه واقتلها على المذبح لتنتقم منها ولتمحي نقطة ضعفك ولتفتح تلك المقبرة بالطريقة التي كان يجب أن تسير عليها الأمور من سنين، لقد جهزت طقوس الدبح " صرخ بها غازي بجنون
" أخرجي مريم من رأسك يا سديم، زوجتي لن يمسها نصل مادمت حيًا، زوجتي ليست مثلك إمرأة لا تمانع مشاركة رجل الفراش حين تحتم المصلحة، مريم هربت وعادت ولم يمسسها بشر وأنا غفرت لها هروبها وانتهينا وكلمة أيضا سأنسى اتفاقنا وسأنحر بذلك الخنجر عنقك أنتِ " ارتجف يونس ووضع يديه على أذنيه فيما قالت سديم
" لست أنا من أدخلت رجل لغرفة زوجها وأغلقت الباب خلفه إنها زوجتك ويمكنك التأكد "
نفرت أوداج غازي ومد يده القوية يمسك عنقها الطويل بقوة كادت أن تسحقه لتقول بصعوبة شديدة
" إنه زوجها الأجنبي تنكر في هيأة الشيخ طميطم وجاء لانقاذقها، لقد خدعتك …إنها متزوجة وتلتقي برجلها بغرفتك وعلى فراشك هو عندها الآن، و يمكنك التأكد من ذلك "
أفلتها غازي فسقطت أرضًا تسعل بصعوبة شديدة وهي تدلك عنقها محاولة إلتقاط أنفاسها أما غازي فقد اندفع خارج الغرفة بغضب شديد يكاد يجعله آخر الجبابرة على الأرض، كان لا يرى أمامه إلا دماء ولا يشم سوى رائحة الموت ولا يسمع سوى صوت صفير حاد بأذنيه اللتين كأنما يخرج منهما ضباب ودخان، خطواته كانت تعلن في بأسها إبادة جماعية، وعضلاته التي نفض عنها العبائة كان تتحفز للبطش، وأنفاسه التي صارت جنونية كانت كأنها اجتثت من سقر، ركض موسى وراء أخيه وأشار لعصبة من رجال ليتبعوه ليركضوا تباعًا فيما كانت سديم تقف على باب المكتب بوجهها الذي صار قرمزي تبتسم بانتصار وهي ترفع الخنجر وتتحرك خلفهم، دفع غازي الباب الضخم بكفيه بكل ما يملك من قوة فانكسر قفل الباب كأنما مارد لا يرحم هو من دفعه ليقف هو والمشهد أمامه والرجال من خلفه، كانت بتول تبكي بحضن فيلو الذي وجد نفسه وجهًا لوجه أمام غازي فلم يملك سوى أن يدفعها لتقف خلفه وبعيونه يشتد حجيم الثأر كانا كطاغيتين يقفان في نزال الموت وجهًا لوجه ولكن الكثرة غلبت الشجاعة دائمًا، الثواني من حولهما كانت لا تمر بذات السرعة التي أخرج فيها غازي السلاح وأطلق النار على صدر فيلو الذي نظر لبقعة الدماء التي تتسع فوق جلبابه بصدمة فيما تعالى صراخ بتول التي كانت تحاول التمسك به قدر استطاعتها لكن غازي الذي تقدم نحوها بعتو يجذبها من شعرها خارج الغرفة، يمر بها من بين رجاله بخطوات تدك الأرض دكًا قاومتها حتى سقطت لكنه لم يتوقف بل ظل يجرها جرا فوق الارض الذبذبة حتى تمزقت ملابسها وتمزق جسدها يجذبها نحو طاولة الذبح التي وقفت بجوارها سديم تنتظره وبيدها الخنجر وقد أشعلت البخور، اقترب غازي من الطاولة وضرب رأسها بها بعنف أصابها بالدوار ثم سحبها كجثة هامدة لأعلى يثني عنقها للخلف حتى صار نحرها بأكمله مكشوف، تقدمت سديم تناوله الخنجر فالتقطه منها ووضعه على عنق بتول التي نظرت له بطرف عينيها التي تغطيها الدماء فتنزل دمعة واحدة من طرف عينه قبل أن يغمض عينيه ومن خلف كان فيلو يزحف أرضا بين أقدام رجالة لتترك دمائه مسارًا طويلًا على الارض من خلفه حتى توضحت الرؤية أمامه فصرخ بكل ما يملكه من قوة
" لا " ….




انتهى الجزء الأول من الفصل السابع والعشرين قراءة ممتعة ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:48 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.