آخر 10 مشاركات
زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          الفجر الخجول (28) للكاتبة الرائعة: Just Faith *مميزة & مكتملة&روابط اخف* (الكاتـب : Andalus - )           »          جنون الرغبة (15) للكاتبة: Sarah Morgan *كاملة+روابط* (الكاتـب : مستكاوى - )           »          و أَمَةٌ إذا ما ابتُلِيَت في شرَكٍ ما جنتَ *مميزة* *مكتملة* (الكاتـب : فاطمة عبد الوهاب - )           »          لعـ زواج ـــبة (2) "الجزء 2 من سلسلة لعبة الصديقات" للكاتبة المبدعة: بيان *كاملة* (الكاتـب : monny - )           »          مكافحة الصراصير بالرياض (الكاتـب : سلوي عبدالله - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          متجر زمرد: إحدى أفضل الوجهات للعناية بالبشرة عبر الإنترنت (الكاتـب : حماد - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1264Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-02-23, 08:49 PM   #341

سما إسماعيل

? العضوٌ??? » 504389
?  التسِجيلٌ » Jun 2022
? مشَارَ?اتْي » 33
?  نُقآطِيْ » سما إسماعيل is on a distinguished road
افتراضي


فصل رائع كالعادة 👏👏💐💐💐

سما إسماعيل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-23, 02:11 AM   #342

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سما إسماعيل مشاهدة المشاركة
فصل رائع كالعادة 👏👏💐💐💐
متشكرة جداا كلك زوق ولطف ❤️❤️❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-23, 12:36 AM   #343

جيجي هاني

? العضوٌ??? » 380259
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 828
?  نُقآطِيْ » جيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond repute
افتراضي

عبقرية فعلا الرواية شيقة وكلها اثاره وتشويق جميلة جدا

جيجي هاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-23, 04:13 AM   #344

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جيجي هاني مشاهدة المشاركة
عبقرية فعلا الرواية شيقة وكلها اثاره وتشويق جميلة جدا
تسلمي حبيبتي كلك زوق ولطف

جيجي هاني likes this.

شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-23, 05:57 AM   #345

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الثاني من الفصل السادس والعشرين


بريء قلبك ما شئت من أمري
كأنما بيني وبينك خطوتان ونفترق
يا رحلة بدأتني وهزمتني وغزلتني
كمعطف دافيء بحناياها يلتصق
يا من دهتني بالهوي عينانه فصار
من حولنا الكون كمنحنى منغلق
إن مشاعري ليست عن هواك مرتدة
ولا لحب غير حبك قد تهيم و تعتنق
فما قيل بالأعين بيننا كيف له أن ينسى
باقٍ هوانا على العهد اتفقنا أم لم نتفق
يا من تجتمع على طرف شفتيه كل الخصوم لتدور المعارك ما بين انفراجة ثم تلكؤ ثم تردد ثم صمت ليته كما قلبي المتيم يحترق
أنت النبض الذي ترحب به
أعماقي دائمًا وأنت الذي لكل
ما مضى من عمري قد سحق
لقد اغتربت بي كل الأشياء فعد
لتدحض غربتي وتطفيء النار
التي تستعر بقلبي الغيور منذ
رحيلك كأنها دمار وجنون ينبثق
صلني يا متلفي وكفاك بعدًا وقطعًا
فقسمًا بمن أحل القسم إني مازلت من هول ما حدث بيننا مبهوتًا منصعق
فمن ذا الذي سينقذني من الضياع في تفاصيلك التي لا تفتأ تمر من بين غيوم فكري كشهاب منطلق
ومن ذا الذي ينتشلني من غرامك الذي هو لموتي ونهايتي يستبق
ومن ذا الذي ينجيني من الليل
وسهده وأنت مازلت تجتاح عينيومن حولك أفاق الكون بي تضق
ومن ذا الذي يوقف تنهيداتي التي
لا تنتهي و يحمل عني ثقلي الذي
لا يزول كأنهما عقاب نافذ مستحق.
༺༻

لو أدرك الرجل كم مرة جرحت المرأة يدها بالسكين وهي تتعلم كيف تتقن طبقه المفضل لأدرك أن السلاح الذي تخشاه لم يعد نصلًا يبتر ودمًا يقطر وألمًا يفتر ولكن لسان ينهر وعين تضمر وقوة تقهر وعقل لا يلين ولا يغفر……
༺༻

الحياة لم تكن يوما عادلة، لا أحد منا قد أخذ منها ما ابتغاه، جميعنا حملنا بأثقال تمثلت لنا في عباءة أحلامنا البالية، ثم مضينا في طريق طويل نسعى دون كلل عسانا أن نصل إلى لحظة انتصار قلما أتت …وقلما تحققت ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه و ليس كل ما يحلم به الإنسان يملكه، وليس كل ما تصبو إليه النفس تحققه، فالحلم الذي عقدنا عليه أمالنا ما كان إلا وهم حين وضعناه على أكتافنا كنا كما المغيبين لا نفهم أننا دون داعي نرهق خطانا ونضعف قوانا ونعذب أنفسنا بانتظار ما قدر له أن ينتهي، انتظار كانت فيه الدقائق دهور لا نعرف كيف نجونا منها …وأزمنة سحيقة من صراعات لم تحسم ولم تتغير، صراعات ندور في فلكها دون هوادة والهزيمة كما شعاع الشمس تلوح في الأفق فإما أن نستنزف كل قوانا لنؤجلها قدر استطاعتنا وإما أن نعلن إستسلامنا ونتعجلها أشد العجل لكن محال أن نتطلع لما هو أكثر….
وهي ما بين هذا وذاك ممزقة تقف في منتصف ذاتها ما بين القرارين تحصي مقدار الخسائر وكم كانت الخسائر في كلا الحالتين عظيمة.
لمعت الدموع بعيون سيادة التي لم تغف طوال الليل كأنها ملت الأحلام وفضلت أن تحط على أرض الواقع مهما كان الأمر قاسيًا، والواقع يقول أن مؤيد الجوهري أقرب ما يكون لها …أبعد ما يكون عنها فيا لراحتها بقرب لن يدوم ويا لشقائها ببعد لن ينتهي، انسلت دمعة على وجنة سيادة التي كانت تقطع الخضار فتشوشت رؤيتها حتى صارت معدومة ليشرد عقلها في ذكريات دارت كما الطواحين تنثر الألم على جانبيها وهي تعيد عليها ومضات خاطفة مما عاشته معه ذات يوم، انتفضت سيادة بألم وهي تنظر ليدها التي جرحتها بالسكين فأسرعت تتحرك نحو لفافة من المناديل الورقية تسحب منها كمية لتكتم جرحها ثم وكأن شيئا لم يحدث تعود لتكمل تحضير ذلك الفطور الذي لا تدري لم اشتهته اليوم تحديدا وهي من قاطعته منذ شهور طويلة حتى حين اشتد بها الوحم واللهفة إليه ..قاطعته كما قاطعت من علمها كيف تصنعه وكيف تأكله وكيف تدمنه، ربما لأنه قريب منها كما لم يكن منذ زمن وربما لأنه بعيد عنها وما عاد بها شيء باقيًا لينكر ذلك، تصاعدت رائحة الطعام الشهية وتعالى صياح ماسة التي كأنها تخبرها بمدى جوعها هي الأخرى فابتسمت سيادة من بين دموعها وتحركت نحوها وحملتها بحنان ثم شرعت في إرضاعها وهي تنظر لها بمحبة فاضت من كافة جوارحها وتقول
" أهلكني قلبي يا صغيرتي، إنه مليء بحزن كبير وحب لا ينضب " ….
༺༻
بالأعلى…..

فتح مؤيد عينيه ببطء وعقله الذي غرق في ثبات عميق لساعات لم يكن قد بلغ يقظته بعد، كان يشعر بدفيء يغمر جسده مبددا كل التعب الذي كان يرزخ تحت وطأته منذ أيام، حرك مؤيد رأسه وتلك الرائحة الشهية التي تقشع ضبابية فكره شيئًا فشيء جعلته ينتفض جالسًا وقد فطن لكونه قد نام بجوار ماسة، نظر مؤيد للغطاء الذي دثرته به سيادة للحظات ثم تحسسه كأنه يتلمس لمحة الحنان في تلك الحركة المهتمة قبل أن تتغضن ملامحه وهو يزيحه بقوة ويقف ليفرك وجهه بعنف والمشاعر بداخله تبدأ نزالها مبكرًا كأنها كانت تنتظره أن يستيقظ بفارغ الصبر، تحرك مؤيد نحو خزانته التي لا يعرف لمَ مازال يترك ملابسه بها ثم سحب ملابس نظيفة وتوجه نحو الحمام لتتوقف قدماه وتلك الرائحة ترجف كافة خلاياه فيغمض عينيه ليرى نفسه وهو يقف مبتسمًا بميل على مدخل مطبخ تلك الشقة الصغيرة التي تزوجا بها يشاهدها وهي تتراقص بسيقانها العارية وقد ارتدت إحدى ستراته القطنية لتحضر له الفطور فيشعر أن البشر يبدأون يومهم حين تشرق الشمس أما هو فيبدأ يومه حين يبدأ صخبها، ظهر الألم جليا على ملامح وجه مؤيد لدرجة جعلته يلقي الملابس على السرير بعنف ويتحرك خارج الغرفة بسرعة لا يعرف أهو منقاد خلف شوقه لما مضى أم منقاد خلف غضبه من فقد ذلك الماضي، كانت خطواته القوية الممتلئة بالقهر تسرع نحو المطبخ لتتوقف فجأة وقد باغته المشهد أمامه، كانت سيادة تحمل ماسة بذراعها اليسرى وتتحرك بهدوء فبديا كما لو أنهما ترقصان معًا بتناغم غريب كرقصة تخصهما فقط، كانت تناغيها بهمس لم يفهمه وكم أوجعه ذلك بينما يدها اليمنى تقلب الطعام بهدوء، تنفس مؤيد بعمق كأنما سيادة دون أن تدري ربتت على وجعه وهي تمنحه ذكرى أكثر جمالًا وروعة لتلتفت له في تلك اللحظة وتقع عيناه في وسع عينيه فيعم الصمت الذي امتد يغزل بينهما حبلا من التواصل كان قد قطع في دهاليز الفراق لتقول سيادة بهدوء
" استيقظت "
ثم تعود بعينيها لما تفعله وهي تقول
" لقد حضرت الفطار لو أحبتت أن تشاركنا الطعام فتفضل "
تحرك مؤيد وعيناه تدور دون توقف ما بين ملامحها ووجه ابنته وسيقانها المختبئة خلف بنطال رياضي فضفاض ليجذب نظره بعيدًا عنها قسرا وهو يسحب المقعد الخشبي لطاولة المطبخ الصغيرة ويجلس عليه ويقول بصوت خشن
" أنا لم أعد أفطر "
تجمدت سيادة لوهلة ثم تحركت نحو الطاولة ترتب الاطباق الموضوعة عليها بترتيب بالفعل وهي تقول
" لا غرابة في ذلك فأنت سريع في تغيير ذاتك متى أحببت، إذا سأفطر وحدي لا بأس لأعيد هذا الطبق إلى مكانه "
سارع مؤيد يمسك يدها بسرعة وهو يقول
" اتركيه "
نظرت سيادة إلى يده ثم سحبت يدها من قبضته وهي تقول ببرود تدعيه
" حسنا لنفطر كي ترحل ومن فضلك يا مؤيد ما حدث بالأمس أتمنى ألا يتكرر لا أظنك تتعمد أن تسيء لي بقضائك ليلتك هنا، جميع الحرس بالخارج يدركون أننا مطلقان "
اشتعلت عيون مؤيد وظهر الانفعال جليًا على ملامحه فتجاهلته وتحركت نحو القدر الساخن وحاولت نقله الى المائدة لكن حملها لماسة أعجزها فسارع مؤيد يحمله عنها ليلمح إصبعها الملفوف في منديل ورقي عليه أثار دماء، فوضع القدر على الطاولة وأمسك كفها وهو يقول
" كما عادتك كلما دخلتِ المطبخ تجرحين نفسكِ ولا تهتمين بالجرح، اجلسي هنا حتى أجد شيء أضمد به الجرح "
قالت سيادة
" لا شأن لك بجرحي يا مؤيد فالجرح الذي سببته لنفسي وحدي من سأهتم به "
انفعل مؤيد عليها وقال
" توقفي عن عنادك سيادة " قالت سيادة وهي تبتعد لتضع ماسة بسريرها المتحرك
" لا ترفع صوتك كي لا تفزع ماسة وأعلم أني لا أعاندك مؤيد، أنا فقط لا أريدك أن تدعي اهتمام لا تعنيه "
قال مؤيد بصدمة
" أدعي اهتمام لا أعنيه !!ومتى ادعيت الاهتمام سيادة ؟؟ "
أشاحت سيادة بوجهها كي لا يرى لمعة الدموع في عينيها وقالت
" مؤيد إننا بالصباح، أنت استيقظت للتو وأنا لم أنم ولا طاقة لي للشجار أو الجدال فدعنا نفطر في صمت أو انصرف من فضلك "
همّت سيادة بالتحرك فقطع مؤيد طريقها وأمسكها بعنف سمرها أمامه ثم سألها بلهجة جمدت الدماء في عروقها
" متى ادعيت الاهتمام يا سيادة "
قالت له سيادة بانفعال
" دائما يا مؤيد، دائما …هل ارتحت … والآن اتركني " حرك مؤيد رأسه بصدمة وقال بغضب خافت
" أنا كيف لم أر وجهك هذا من قبل "
قالت له سيادة
" ببساطة لأنك لا ترى يا مؤيد، لا ترى مطلقا أبعد من أنفك "
شد مؤيد قبضته على ذراعهيا وقال
" احفظي لسانك سيادة واعلمي أني رأيت منكِ ما يكفيني " نظرت له سيادة ببرود وقالت " حقا…أهذا ما تقنع نفسك به "
هاج مؤيد وقال هادرًا رغم خفوت صوته كي لا يفزع ماسة
" لا تنظري إليّ هكذا كأنكِ الطرف المخدوع الضعيف والمتألم بيننا، لا تنزعي مني حقي في كوني الوحيد بيننا الذي طاله القهر والخزن والانكسار "
قالت سيادة بانفعال
" أصمت مؤيد ولا تتحدث عن شيء لا تعرفه، فالمشاعر التي تتحدث عنها محال أن تكون عشتها أو عرفتها لأنها أسوء بكثير مما تقصده وتعنيه، ما الذي سيريحك مؤيد …أن تلومني …حسنا لا بأس، القي عليا من الملامة كيفما شئت لكن وأنت تعلم أني أحببتك بمنطقي وحفظتك بمنطقي وأخلصت لك بمنطقي الذي لم أعرف غيره وفي المقابل أنت ماذا فعلت ؟؟ لم تمنحني فرصة واحدة لأعري لك ذاتي وأنا مطمئنة أن عري نفسي لن تشمئز منه عينيك " قال مؤيد بألم
" عري نفسك هذا تقصدين به حقائق مهمة كان يجب أن أعرفها عنكِ، تقصدين به صرح علاقتنا الذي تركتيني أرفعه على أرض لا أساس لها، أنا رجل اكتشف أنه يعيش مع إنسانة لا يعرفها، أنه خدع من أكثر إنسانة توسم فيها أنها لن تأذيه مهما حدث "
قالت له سيادة
" أنا ما أذيتك يوم كما فعلت أنت "
هاج مؤيد قائلا
" لا تتحدثي هكذا، لا تتحدثي بتلك اللهجة عن شيء لا تفهميه، أتدرين ما أصابني حين وقعت تلك الأوراق بيدي …أنتِ أبدا أبدا لن تفهمي صدمتي، لن تفهمي حسرتي أنكِ لا غيركُ خدعتيني بتلك الطريقة، لقد شعرت حين أحببتكِ أني كالتائه الذي وصل لمرساه لأكتشف بعد وهلة فكل ما عشته معكِ كان وهلة من السعادة لا أكثر أن ذلك المرسى فخ محكم وأني أكبر مغفل "
قالت سيادة
" هل لو كانت كنزي من أخفت عليكِ شيئا مهما كنت فتحت لها الباب ودفعتها منه دون أن تسمع "
قال مؤيد وهو يهزها بجنون
" أنتِ لستِ كنزي، وهذا لا يقارن بذاك ….توقفي سيادة عن دفع اسم كنزي في كل شيء بيننا "
قالت له سيادة وهي تمسك تلابيبه
" لكني لم أخترك من بين رجال الكون أجمع إلا لأكون مثلها، إخترتك أنت لا غيرك لتكن لي أخًا وأبًا كما أنت لها ثم زوجا وهذا يجعل حقي بك يتخطى كافة حقوقها و يحتم عليك أن تمنحي أكثر مما تمنحه لها، كان يحتم عليك أن تتمسك بي مؤيد "
نظر مؤيد في عينيها وقال
" ألا تدركين نكبة ما فعلتي بي، ما بيننا لم يكن عبث وعلاقة عابرة يا سيادة، لقد كان زواج هل تدركين معني ذلك "
اقتربت منه حد الخطر وقالت " نعم أعلم ..وأعلم أيضا أنك محال أن تقف مكاني لتفهم شعوري وتتحدث بلساني إنك كالواقف بالنصف الآخر من العالم صعب جدا أن تتخيل ما أعيشه في نصفي، صعب جدا أن تدرك لغتي وتفهم دواخلي، أنت لا ترى في تلك اللحظة سوى نفسك وهذا يجعلني أتيقن أننا كنا خطأ وحمد لله أنك أصلحته "
صرخ بها مؤيد بقهر من صعوبة القرب وصعوبة ما يقال
" بهذه السهولة، خطأ وأصلحته "
قالت له سيادة
" ماذا تتوقع مني أن أقول، أني أخطأت وأتمنى أن تسامحني، محال أن أفعل مؤيد لأني قادمة من عالم لم أجد فيه من يغرس بداخلي قيمك النبيلة، لم أجد من يوجهني نحو الصواب، أنا بدأت طريقي إليك يرشدني قلبي الذي صدق معك، تخبطت وحدي وتعثرت وسقطت ووقفت حتى أصل إليك، أنا بمفهومي قدمت الكثير يا مؤيد وفعلت الكثير أيضا، بقوانين عالمي الذي تجهله أنت أنا كنت زوجة محبة مخلصة ولكن محال أن تدرك ذلك لأن عالمينا مختلفان تمامًا "
جذبت سيادة نفسها لكنه لم يمنحها الفرصة وهو يثبتها مكانها ويميل نحوها حتى كادت جبهته أن تسكن فوق جبهتها لكن هذا لم يحدث بل نظر لعينيها بانهزام وقال بهياج رجل يعاني
" لقد خفت ذلك اليوم كما لم أفعل من قبل، خفت كأني رجل سددت له طعنة نافذة في منتصف صدره … خفت منكِ بقدر حبي لكِ وسلطانكِ عليّ …خفت أن يكون ما خلفك أكبر من أن أعرفه، تخيلي لو أني اكتشفت أن كل ما جمعنا وهم …يا إلهي كانت تلك الحقيقة كفيلة بنحري "
قالت سيادة بضعف
" كان عليك أن تثق فيما بيننا "
ابتعد عنها مؤيد وقال بحزن عميق
" أتق فيما بيننا، وهل وثقت أنت به، أنا كنت واضحا معكِ في كل شيء ولم يكن من حقكِ أن تفعلي العكس سيادة أنتِ سلبتيني حرية القرار "
قالت سيادة بقهر
" هل هذا يعني أنك كنت ستبتعد عني لو عرفت حقيقتي "
تنفس مؤيد بعمق شديد وعيناه تأبى ألا تغفل منها أقل انفعال، كأنما صورتها الحية لها بداخله شعور آخر وقال
" أنا يومها وقفت أمامكِ ولم أجدك تختلفين في شيء عن كل من خدعوني وألموني، بل أنكِ كنت أكثرهم نيلًا مني حين سلبتني ذاتكِ يا سيادة وسلبتني الأمان والاستقرار جواركِ، أنا أردتكِ بكل جوارحي …وأنتِ خدعتيني دون أن يرف لكِ جفن "
بكت سيادة وتقدمت منه تقول " حياتي لم تكن يومًا سهلة، أنا خفت أن تبتعد عني وأنا متورطة بك غارقة بحبك "
فقد مؤيد زمام الأمور وصرخ بقوة وهو يضرب بيده على الطاولة بقوة فتناثر الطعام الموضوع بالقدر وانتفض جسدها وجلا
" الحب ليس كل شيء، لو كان الحب كفيلا بحل كل الأمور، وكشف كل النوايا، وتذليل كل الصعاب، ما كنت لأفقد الكثير "
صرخت ماسة بفزع فالتفتت سيادة نحوها لكن مؤيد كان أسرع منها وهو يتحرك نحو الصغيرة وينحني ليقبل رأسها ثم ينسحب بسرعة خارج المطبخ لتظل سيادة متجمدة على وقفتها تبكي عاجزة حتى عن تهدأت ابنتها حتى سمعت الباب الخارجي يغلق بعنف..
༺༻

في فيلا منصور الجوهري كان شاهين يقف أمام خزانته بوجه عابس وقد مرت ليلته الطويلة في سهد وعذاب كأنما السرير أسفله قد افترش بالجمر مثل قلبه الذي كلما لفحه نسيم الليل احتدت نيرانه وهاجت تأكل بعضها بعضا دون توقف كأنها لا تبالي بجسده الذي توهنه ولا بفكره الذي تستنزفه ولا بنبضه الذي تفنيه، ضم شاهين قبضته على إحدى بدله وجذبها وهناك دجى مبهم في رأسه تجمعت به غيمات الدخان الذي يخرج من جحيم أضلعه وهو يتذكر ذلك الوغد الذي هاج يكيل له اللكمات ويصرخ بكونها زوجته، عند تلك الفكرة ولم يصمد شاهين كثيرًا وسقط جالسًا على طرف السرير ينحني للأمام وهو يقول
" أين أنتِ يا سارة، أين أنتِ لأتي إليكِ وأقف أمامكِ لتنهين عذابي وعيناكِ التي تجلدني بلومها ما بين جلدة وأخرى تهمس لي أنكِ لي "
حرك شاهين رأسه يمينا ويسارا كأنه يختنق لتتعالى طرقات على الباب يعلمها جيدا فأغمض عينيه للحظة قبل أن يقول
" ادخلي سيدرا "
فتحت سيدرا الباب وتقدمت وهي تحمل حقيبة مميزه ضخمة وتقول
" من الجيد أنك مستيقظ، أشعر بحركتك بالشرفة طوال الليل وظننتك ستكون غارقا في النوم "
قال لها شاهين
" أنا بالفعل لم أنم والوقت قد أزف و لدي موعد مهم يخص العمل وعليّ أن أستعد، السؤال هنا ما الذي أيقظكِ أنتِ مبكرا "
أغلقت سيدرا باب الغرفة وتقدمت تضع الحقيبة التي بيدها بجواره على السرير وتقول
" هذه قد وصلت بالأمس ولم أعرف كيف أتصرف بها، أظن أنه يجب أن نرسلها لسارة "
عقد شاهين حاجبيه واسمها يزلزل كيانه بأكمله وهو يقول " ما هذا "
قالت سيدرا
" إنها صورها …أقصد صوركما معا لكن أغلبها لها وهناك صور للفتيات فرأيت أنه يجب إرسالهم إليها أم لك رأي آخر "
ظلت أنظار شاهين معلقة بالحقيبة للحظات قبل أن يمد يده وسحب البوم الصور الضخم وفتحه ببطء شديد ينظر لتلك الصورة بملامح تهتز ما بين ابتسامة لا تستطيع أن ترتسم ودموع لا تستطيع أن تسقط وتذكر تلك اللحظة والمصور يطلب منه الاقتراب أكثر وأكثر حتيىشعر بعبقها يجتاح رئتيه فهمس لها
" يبدو أنكِ أصبحتِ عطري المفضل، رائحتك تملئني بالراحة "
فنظرت له بطرف عينيها المتوترة من شدة قربه وقالت " أنا لا أشم سوى رائحة الموت الذي سيطولك إن لم تبتعد قليلا، سلطان يراقبك احترس "
ابتسم شاهين وعادت عيناه للصورة المقابلة وضيق عينيه كأنه يتذكر ما الذي كانت تقوله في تلك اللحظة لتبرق عيناه بظفر وهو يتذكرها تقول
" مستلذ أنت بشعور أنك العريس، ما بالك تنظر لي هكذا "
اتسعت ابتسامته وهو يهمس لها
" بل مستلذ بمشاعري نحوكِ … أنها خليط من غرام وتملك "
رمقته حينها بعينيها التي كأنها كانت تعانقه وقبلته بشفتيها التي ابتسمت وهي تقول
" تعبيرك كما أنت مبالغ فيه " ابتسم شاهين بحزن فجلست سيدرا بجواره تشاهده وهو يقلب الصور ثم قالت
" سارة كانت رائعة يومها الجميع كان مبهورا بطلتها، لقد ظل جمالها حديث العائلة لأيام رغم ما حدث "
نظر شاهين لسيدرا للحظة ثم عاد بعينيه للصور وقال
" إنها جميلة تسبي النظر على الدوام "
تجرأت سارة وقالت
" أليس هناك أمل أن تعودا لبعضكما "
لم يجبها شاهين وهو ينظر للصور أمامه ويتذكر حين همّ بتقبيل يدها كما أمره المصور اعترضت قائلة
" لا قبلات قبل كتب الكتاب نحن عائلة متشددة "
ضحك وقال لها
" إنها يده وليست شفتيك سارة اهدئي "
قالت له بدلالها الذي كان يملأها يومها
" القبلات كما المباديء ووقحاتك لا تتجزأ لذلك لا … أنا أعترض "
ليلتقط المصور الصورة بشكل خاطف جعله يضحك بقوة، يومها كان يضحك دون توقف من فرط السعادة، تغضنت ملامح شاهين فقالت سيدرا
" شاهين سارة فتاة مميزه وأنت تحبها من فضلك لا تفقد الأمل وحاول، لا تصيبها بالخذلان مجددا حين تراك توقفت عن المحاولة، أتدري ما الذي جعلني أقبل بخطبتي لصديقك البارد أنه لم يأخذ لحظات انفعالي على محمل الجد بل تفهم ما أمر به وترك لي الوقت لأهدأ ثم أعلن تمسكه بي بطريقة مستفزة مثله لكنها خير دليل على كونه يحمل نحوي إصرار "
نظر شاهين لسيدرا والعجز يملأه، يريد أن يبوح بالكثير ولكن تأبى ذاته أن يكشف ضعفه أمام أخته الصغيرة والتي تفهمت صمته وربتت على كتفه وقالت
" فكر بأمر الصور وأبلغني بقرارك، أنا سأنتظرك بالاسفل مع جوري "
تحركت سيدرا خارج الغرفة وأغلقت الباب خلفها فرفع شاهين يده يتلمس ملامح سارة عبر الصور بصمت طال قبل أن يقول
" ما أكثر موتي فيكي حبا …أنا قتيلك منذ التقينا "
ظلت عينيه معلقة بعينيها التي كانت كأنها تنظر إليه وقال
" غيابك طاعنا كخناجر الحروب سارة، وما قاله ذلك الوغد أشد وطأة، أخبريني هل قبلت أن تكوني لغيري، أن تصبحي لرجل آخر
أن تبتسمي فتغور غمازة وجنتكِ أمامه، أن يمسك يدك فلا تستطيعين جذبها منه بينما عبقك يملأ صدره لا صدري " ألقى شاهين ألبوم الصور أرضًا بعنف ووقف يدور حول نفسه ثم أمسك هاتفه وحاول أن يهاتفها لكن هاتفها مازال مغلق، كانت فورة الحمم في أوردته تتصاعد حتى بلغت مبلغها واحتدت نظرة عينيه فنظر لصورتها الملقاة أرضا وقال
" أنا لن أنتظرك أن تجيبيني، بل سأذهب إلى أخيكِ لأسأله وليحدث ما يحدث، فمحال أن يحدث أكثر مما حدث سارة، لقد أخطأت لن أنكر لكني الآن أريد تصحيح كل شيء وأنتِ يجب أن تتقبلين أني بشر وأن الموقف كان أكبر مني وأني أحبك "
انحنى شاهين يحمل الألبوم وبعينيه نظرة تصميم صارخة أنه قد حان الوقت ليقف أمام سلطان العطار
يقف ليعتذر منه رجلا لرجل ثم يطالب بما له والذي محال أن يكون لغيره ………
༺༻

بالمزرعة …..

كان فياض يقف أمام يهدين التي تقول له
" أنا سأتعامل كأني لم أسمع شيئا من هذا الجنون، أنت مؤكد تمزح "
قال لها فياض
" أنا لا أمزح يهدين وإن لم تأمري الرجال بفعل ذلك سأفعله بنفسي "
قالت يهدين بغضب شديد
" تفعل ماذا … أتظن الأمر لعبة، محال أن أسمح لك بذلك "
قال فياض
" ما أريده سيحدث يهدين فإما أن تفعليه بطريقتك وإما أن أفعله بطريقتي هذا قرارك " نظرت له يهدين بحدة وقالت
" مادمت مصر، أنا سأخبر حكم "
همّت بالتحرك فانفعل فياض وقال
" لا يهدين، أنتِ لن تفعلي مادام الأمر يخص كيان فوحدي صاحب القرار ومواجهتي مع حكم ستأتي بعدما أنتهي من هذا الأمر، فكري قليلا في كوني أحتاج لفعل ذلك لأثبت لها أنها يجب أن تبقى جواري، لو أنكِ مكاني لفعلت أكثر من ذلك بكثير"
توترت يهدين وقالت
" حكم سيغضب وهو يمر بوقت عصيب بالفعل "
قال فياض بتعب
" أنا أعلم ذلك وأفهمه لكني أمر بما هو أصعب منذ سنوات، يهدين أنا لا أعرف كم تبقى لي في العمر خاصة ونحن مقبلين على أمر جنوني كمواجهة غازي وكل ما أتمناه أن أحظى بليلة واحدة معها، ليلة واحدة تكن فيها زوجتي …تكن نصفي الاخر …ليلة واحدة يحق لي أن أنزعها من كل العالم وأضعها بين ذراعي دون أن أجد أمامي غضب حكم وجيش من السباع يكبلوني وقيود رفضها، أنا يمكنني أن أضغط عليها حتى تقبل لكن سيؤلمني جدا أن أدرك أنها مازالت تخافني، لذلك دعيني أحظى بلحظة معها دون خوف وسأكون مدين لكِ دائمًا "
امتلأت عيون يهدين بالدموع تأثرا وقالت
" ما المطلوب مني بالضبط " قال لها فياض
" أن تأتيني بالشخص الوحيد الذي سيثبت لكيان أن كل ما يصدر عني لا سلطة لي عليه، هذا سيكون تضحيتي الأخيرة قبل أن أسلب منها ما أريد طوعًا أو كرهًا "
هزت يهدين رأسها وقالت
" لا أصدق أني سأفعل ذلك لكن مادمت ستكون مدين لي لا بأس "
لمعت عيون فياض وتنفس الصعداء وهو يقول
" وما الحب إلا كيان، وما اندلعت أول شرارة جنون بهذه الدنيا إلا من دفيء عينيها حين طال عمق صدري "..
༺༻

بعد قليل …..

كانت كيان تقف بجوار فياض بتوتر أمام بوابة المزرعة وهي تنظر لعينيه التي لا تحيد عن البوابة وتسأله
" لماذا نقف هكذا، ماذا ننتظر بالضبط "
قال لها فياض
" سترين الآن "
قالت له كيان بضيق
" ولمَ لا تخبرني، ما المغزى من جعلي أترقب "
قال فياض وعيناه تحيد نحوها أخيرًا
" ترقبك لدقائق لا يقارن بترقبي لسنوات، وفي الحقيقة يسعدني فكرة أنه يحق لي إزعاجك متى شئت وأن ثورة قلبي حين تستفحل سأستطيع الوصول إليكِ لتتعاملي معها فقد عجزت لسنوات عن التعامل مع ذلك الجنون " أمسكت كيان رأسها الذي كان على وشك الانفجار والتفتت له تقول بحدة
" أنا متعبة من ألغازك وحصارك وما تخططه لي عيناك، كن واضحا فياض وإلا دعني لأنصرف "
قال فياض كأنه في أكثر حالته عبثية واسترخاءا
" نعم كيان …تشاجري معي في تلك التفاصيل التي لا معنى لها ليجمعنا يوما شجارا لا معنى له كما البشر الطبيعية " قالت كيان بانفعال
" هل تستمتع بما تفعله، حسنا فياض قف بالهواء الطلق بمفردك "
همّت بالتحرك فأطبق فياض قبضته على رسغها وجذبها نحوه بقوة جعلتها ترتطم به وقال لها
" أنتِ تدركين أن ثأري من عينيكِ مهما طال بنا الزمان كنت سأدركه "
بهتت كيان مما يقول فأكمل فياض برجاء يستتر خلف كلماته الآمرة
" دعيني أدركه كيان دون أن يعكر صفو لحظة وصولي إليه شيء، دعيني لمرة أنتصر " أهوال كانت تحكيها عيناه وأهوال كانت تمر بها في نظرته حتى فتح باب المزرعة وعبرت منه سيارة سوداء ضخمة ثم ترجل منها رجال حكم ودار أحدهم يفتح الباب الخلفي ويسحب بقوة فتاة معصوبة العينين مكممة الفاه تقاتل لتتحرر لتتوسع أعين كيان بهلع وهي تسأله
" من هذه، ولماذا تفعلون بها ذلك "
أشار فياض لهم ليدخلوها نحو غرفة جانبية وهو يتحرك ويسحبها خلفه ويقول
" كم يعجبني ما يدور، فكري لو أنكِ سمحتي بالماضي أن أسحبكِ خلفي هكذا ماذا كان سيكون عليه حالنا الآن، مؤكد كان سيصبح لدينا ثلاثة عشر طفلا قابلين للزيادة في حالة التوأم، كنتِ ستملكين دارا لكنها أجمل بكثير من تلك التي وهبت لها عمركِ الذي مضى "
كانت كيان تركض خلفه تلحق خطاه تحاول أن تدرك كل ما يدور حولها ولكنها تبدو كمن وقعت في قبضة رجل قرر ألا يترك من ذاتها لذاتها شيء..
༺༻
جذب فياض عصابة أعين الطبيبة أهلّة التي حين رأته توسعت عيناها بذعر فقال لها فياض
" اهدئي سيدتي أنا أعتذر عن طريقة إحضارك لهنا لكن للأسف لدي أسباب خاصة تجعلني لا أستطيع القدوم إليكِ ولا جعلك تدركين أين مكاني تحديدا، أتمنى ألا يكون هناك أحد من الرجال قد أساء إليكِ " حاولت أهلّة الحديث بانفعال ولكن كمامة فمها منعتها فأسرعت كيان تخلصها منها لتقول أهلّة بعنف
" اختطفوني فقط، ألا ترى في ذلك بعض السوء "
قال فياض وعيناه كأنهما عيون أخرى غير تلك الغاضبة المتفجرة التي عهدتها
" الضرورة حكمت يا سيدتي وكونك طبيبة يحتم عليك تفهم مرضاكِ "
قالت أهلّة
" فك يدي سيد فياض واعلم أن الخطف لا يندرج تحت بنود وظيفتي الطبية "
سارعت كيان تحل قيدها، فانتفضت أهلّة واقفة ليحدثها فياض بعينيه وهو ينظر نحو كيان المنشغلة بالحبل المعقد كأن يخبرها بعينيه عن هويتها وماذا تمثل له فنظرت أهلّه لكيان باهتمام ليقول فياض
" أظن أن لديكِ ما أريد لها أن تعرفه، تحدثي معها قليلا ثم سأعيدكِ إلى المكان الذي تريدينه، أنا سأقف بعيدا حتى تنهيا حديثكما"
قالت أهلّة وما يحدث جعلها تشك أن كيان قد تكون مختطفة " من فضلك دعنا بمفردنا " قال فياض بصرامة
" لا أنا سأبقى هنا "
ابتعد فياض لنهاية الغرفة الواسعة وظل يراقبهما فيما أمسكت أهلّة بكيان وهمست لها
" هل قام باختطافك "
نظرت لها كيان بصدمة ثم قالت
" لا اطمئني ولا تخافي هو لن يؤذيكِ، هل أنتِ طبيبته " نظرت أهلّة لكيان ثم ردت عليها بسؤال مباشر " هل أنت حبيبته "
التفتت كيان تنظر نحو فياض الذي كان يزرع المكان ذهابا وإيابا وعيناه لا ترتفع عنها قبل أن تنظر لأهلّة وتسألها
" أهو مريض حقا "
قالت أهلّة بضيق
" لا أصدق أني سأفعل هذا لكن دعينا نجلس بأبعد نقطة نستطيع الوصول إليها، أنه ليس أول سيكوباتي يمر عليّ " سحبت أهلة مقعدين إلى أقصى الغرفة وجلست على أحدهما وسحبت المقعد الآخر أمامها وقالت لكيان
" اجلسي عزيزتي دعينا نتحدث "
جلست كيان فسألتها أهلّة
" من يكون السيد فياض بالنسبة لكِ "
نظرت كيان لفياض الذي كان كأنه يصارع شيء لا تراه وقالت
" أنه جزء من عائلتي "
قالت أهلّة
"أنا لا أريد إجابة رسمية مقنعة، أنا أريد إجابة صادقة نابعة من داخلكٓ، ماذا يكون سيد فياض بالنسبة إليكٓ سيدة ….ما اسمك "
توترت كيان ثم قالت
" ادعوني بالاسم الذي تفضليه "
شعرت أهلّة بغرابة ما يدور لكن هناك شعور غريب دفعها لتكمل ذلك الأمر رغم غضبها البالغ مما حدث لها فقالت
" تحدثي فقط عنه بالطريقة التي لا تستطيعين التحدث بها أمامه مطلقا "
فركت كيان كفيها وقالت
" فياض في مرحلة ما كان الجزء الآمن من عالمي، لقد وددت منذ سنوات لو تمكنت من مناداته بأبي لكنه لم يكن كبيرا لتلك الدرجة، فحاولت مناداته بأخي لكنه لم يقبل، كان يهتم بي وبراحتي حتى انفجر كل شيء "
قالت لها أهلّة
" ومتى انفجر كل شيء…بل ما تقصدين بالانفجار "
قالت كيان
" هو من انفجر، لم أر بشرا ينفجر فيصير بركان يسير على قدميه سواه، كأنه كان يريدني أن أظل سائرة خلف ظله أرى الحياة من تحت ذراعه للأبد وحين رفضت ذلك وقلت أول لا بدأ يتحول، فصار يحدث مع كل لا صراع شجار جنون جعل اللا الواحدة تصبح ألف وجعل جحيمه يتزايد، بت لا أرى سوى قسوته لا أسمع سوى صراخه و لا أفهم سوى أنه يريد تقييدي به حتى أنه حين رفضت الزواج منه منذ سنوات طويلة حاول قتلي " صعقت أهلّة وملأها الخوف والتفتت تنظر لفياض الذي كان جسده مستنفر لكنه استنفار خوف والتفتت تقول لكيان
" دعيني أخبرك أن كل ما تخبريني به طبيعي جدا، فالسيد فياض مصاب بما يسمي الاضطراب الانفجاري المتقطع، أنه عبارة عن فترات متكررة وفجائية من السلوك القهري، أو العدواني، أو العنيف؛ أو احتدادات شفهية غاضبة يكون رد فعلك فيها بعيدًا عما يقتضيه الموقف، لكن للأسف السيد فياض حالته خاصة قليلا أولًا لأن المرض تطور فأصبحت نوباته شديدة الخطورة ثانيًا لأن حالته مرتبطة بك كأنه صنفكٌ كما لو أنكٓ السبب الأساسي في غضبه "
قالت كيان بعدم فهم
" أنا لا أفهم شيء "
قالت أهلّة
" البنية النفسية لنا متغيرة بتغير النشأة والمحيط والتجارب وغيرها ويبدو أن البنية النفسية للسيد فياض كانت متضررة بالفعل قبل الوقوع في حبك، أنه بالفعل يحبك لكن هذا لا يمنع كونه شخصا خطرا يحتاج لعلاج طويل، يحتاج أن يتحكم في نوباته ويضبط انفعالاته لكي لا يؤذيك لأنه للأسف يرى أنك سبب عجزه وضعفه وقلة حيلته، أنه يحملك ذنب كل شعور يجتاحه منذ رفضته، دعيني أشرح لك بشكل أبسط، لو فكرنا أن مشاعر السيد فياض خيوط عشوائية فلا يجمعها بأكملها سوى أنتٓ كأنك المركز الذي ستجتمع حوله كل تلك الخيوط لتتخلص من فوضاها بقائك بجواره مؤكد أفضل من أجله لأنه سيجد سببا يدفعه نحو طريق العلاج، سيجد سببا ليوقف ذلك الانفجار كي لا يطولك خاصة لو بت تمثلين له أثمن أشياءه، لكنه في نفس الوقت خطر عليكِ جدا لأنه قادر في نوبة من نوباته أن يقضي عليكِ تماما دون أن يشعر، أنا أعلم أنه أحضرني لأؤثر عليكِ لكني ضميري يحتم عليّ أن أخبركٌ أن القرب منه خطر لا أظنك بقبلا له "
قالت كيان
" هل هناك أمل أن يتخطى ذلك المرض "
قالت أهلّة
" لقد قلت لك أن العلاج ممكن لكن حالة السيد فياض متأخرة وتحتاج لوقت طويل ما بين الجلسات النفسية والأدوية حتى تصل لمرحلة آمنة "
بكت كيان بشدة وقالت
" لم أظن الأمر هكذا مطلقا، لقد ظننته يعاقبني بسادية على رفضي له "
قالت أهلّة وهي تمسك كفيها
" فياض ليس سادي لقد شرحت لكِ حالته، أنه أمر خارج عن إرادته لكن لا تجعلي ذلك ينسيكِ مدى خطورته الأمر ليس به مجازفة أبلغيني بعنوان هذا المكان وبمجرد خروجي سأرسل لكِ الشرطة لتنقذكِ، لا تنظري لي هكذا كأنك تفكرين لتتخذين قرارك "
فجأة شعرت كيان بذراع ترفعها عن مقعدها كأنها لا تزن شيء لتجد نفسها مكبلة بذراعي فياض الذي كان ينظر لأهلّة شزرا وهو يقول
" كيان أخذت قرارها بالفعل وسنعقد قراننا اليوم إن أحببت أن تشاركينا فرحتنا فمرحب بكِ وإن أردتِ الرحيل فلكِ ذلك وسيرافقكِ هدية صغيرة بمناسبة زواجنا وشكرا منا لكٌ على القدوم واعتذار على طريقته الغير لائقة "
نظرت أهلّة لكيان بصدمة فرفعت كيان عينيها نحو فياض الذي نظر لها بتعب شديد وقال بهمس
" أعلم أن حبي أقسى ما يكون القرار، لكن يكفي ما مضى …يكفي "..
༺༻

في نفس الوقت كانت فاطمة تقف داخل غرفة خالها ترتبها بهمة كأنما ليلة العيد قد اقتربت، كان هذا هو الشيء الوحيد الذي تستطيع أن تخرج به كل التوتر الذي تعيشه تلك الفترة، كلما وجدت الأفكار تتقاذفها يمينا ويسارا تجذب نفسها قسرا تجاه جزء من المنزل وتبدأ في قلبه رأسا على عقب ثم تعيد تنظيمه بشكل مغاير عساها أن تشعر بالتغير ولكن لا شيء يتغير، كانت تشعر بالفوضى داخلها وحولها طوال الوقت، تشعر بالضيق والضغط الذي يجعلها تمسك هاتفها في اليوم مئة مرة لكي تهاتف سلطان وتخبره بما يحدث لكنها تتراجع عن ذلك وهي تدرك أن هاتفها مؤكد مراقب وأنها لو فعلت ذلك ستكون قد قضت على ما خططت له مع يهدين، جذبت فاطمة ملائة السرير بعنف تراجعت على إثره عدة خطوات للخلف فانكب دلو الماء الذي كانت تمسح به فتأفأفت بغضب وسارعت تجمع الماء لتلاحظ الصندوق النحاسي الصغير الذي يضع به خالها كل الأوراق المهمة فحملته وتحركت نحو الأريكة المقابلة السرير والتي تعلوها النافذة التي تمر منها أشعة الشمس إلى الغرفة وجلست عليها وبدأت في تفقد محتويات الصندوق لتجد ظرفا مغلق حين همت بفتحه تعالى رنين هاتفها فأعادته إلى الصندوق وأعادت الصندوق إلى مكانه وخرجت من الغرفة ودخلت غرفتها حيث كان هاتفها موضوع على المكتب لتجد اسم عماد يظهر على الشاشة فعقدت فاطمة حاجبيها بغضب شديد وقالت
" ماذا أفعل بنفسي حتى تبتعد، يا إلهي لمتى سأتحمل هذا الوضع "
تعالى رنين الهاتف مجددا فدفعت فاطمة نفسها دفعا حتى تجيب وتقول
" السلام عليكم"
وصلها صوت عماد يقول
" وعليكم السلام فاطمة، أنا في الخارج هل يمكنكِ مقابلتي من فضلكِ "
قالت فاطمة
" بالخارج أين "
قال عماد
" أمام المنزل، لن أخذ دقيقة من وقتك "
قالت فاطمة بغضب
" حسنا "
ثم أغلقت الخط وأسرعت ترتدي عبائتها وحجابها وتركض نحو الباب خائفة من أن يصل خالها بأي لحظة وهي تفطن أن عماد يقصد ذلك كي يثبت لخالها أن هناك ما يجمعهما، فتحت فاطمة الباب بوجه عابس بعكس وجه عماد الذي أشرق حين رأها وقال
" يبدو أني أزعجتك "
قالت فاطمة
" لا لكني متوترة من أن يحضر خالي في أي وقت ولا أجد ما أبرر به وجودك خاصة أنه تزايد لدرجة قد تثير الأقاويل في قرية صغيرة كقريتنا وأظن أني وضحت لك هذا سابقا "
قال عماد
" بالفعل لكن جميع القرية تدرك أني طلبت يدك مرارا فاطمة وأني مازلت أنتظر جوابك "
قالت فاطمة بانفعال مكتوم
" أتظن أن هذا وقت مناسب لمثل ذلك الحديث "
نظر لها عماد بخيبة واضحة وقال
" أنا مقدر الضغط الذي تمرين به ولا أتعجلك فيكفيني أنكِ مدركة أني سأظل بجواركِ حتى ينتهي كل ذلك وحتى إن ثبتت التهمة على إبنة عمك لا تظني أن ذلك قد يغير موقفي منكِ فأنا لا يعنيني أحد سواكِ "
قالت له فاطمة
" هل هذا سبب قدومك، أن تخبرني بهذا الحديث "
نظر لها عماد للحظات محاولا أن يستشف موقفها من قربه ثم قال
" لا …في الحقيقة أنا أريد منك أن تضعي هذا الميكروفون بمكتب سلطان، فاختراقنا لهاتفه وحاسوبه لم نصل من خلالهما لشيء كما أنه لا يتمسك بهاتف واحد لمدة طويلة وهذا جعلنا نظن أنه ربما يتواصل مع أخته بشكل آخر "
قالت فاطمة بغضب شديد
" لقد نفذت الذي طلبته مني سابقا لكن إلى هنا وكفى أنا لن أستطيع فعل ذلك، لن أستطيع خيانة إنسان لم يمسني بسوء، ثم لماذا سلطان من تصرون على محاصرته بهذا الشكل هل لديكم ضده شيء "
قال لها عماد
" أنا مدرك لما تشعرين به لكني أؤكد لك أني سأظل بجانبك حتى ينتهي كل شيء، وأنه لو كان بيدي لما دفعت بكِ إلى ذلك، أما عن سلطان فهو يسعى خلف شراء قطعة أرض منذ مدة ويساعده في ذلك مؤيد الجوهري تلك الأرض بعيدا عن سعرها المبالغ به بالنسبة لسائق مثله حولها الكثير من الحكايا الغامضة، نحن حاليا نشك أن من يعمل لديهم أبناء عمك هو من فتح لهم الحساب وقد يكون هو من يمولهم وكما قلت لك نحن كلما وجدنا طرف خيط نسير خلفه حتى نصل إلى الحقيقة "
انسحبت الدماء من وجه فاطمة الذي ازداد بياضا يشبه بياض الموت وقالت
" هل أصبح سلطان أيضا مشتبه به "
قال عماد
" حاليا ليس لدي إجابة مؤكدة فالقضية معقدة والخيط الذي نسير خلفه الآن يعتبر خيط آخير إذا انقطع ستغلق القضية لا محالة وستكون تلك نكبة في مستقبلي المهني "
ظهر الضياع على وجه فاطمة فظنها عماد متأثرة لأجله وهذا شجعه ليقول
" ولكن حتى إن حدث ذلك ستكون الحسنة الوحيدة التي حدثت لي أني قربت منكِ بما يكفي لأدرك أني حين اخترتك لم أخطيء الاختيار "
دفع عنيف لبوابة المنزل جعل عماد يلتفت وحين وجده عيسى ابتسم باتساع وقال
" أهلا عيسى صدفنا السعيدة كثرت "
حرك عيسى عينيه بين عماد وفاطمة بنظرات غاضبة مصدومة ليقول عماد لفاطمة " حين يأتي الحاج خلف أخبريه أني أتيت من أجله "
ربت عماد على كتف عيسى بود فهز له عيسى رأسه وتابعه بعينيه حتى خرج ثم التفت لأخته بعيون صارمة وقال
" إذا كانت علاقتك بالضابط تطورت إلى ذلك الحد لماذا عشمتي سلطان بموافقتك على طلبه "
قالت فاطمة وهي تهز رأسها برفض
" عيسى أنت لا تفهم ما يدور "
قال لها عيسى بحدة
" أنا مصدوم فيكي، لقد أرسلني سلطان لأطمئن على خالك المريض وأخبره بحاله لكي يحضر نفسه لزيارته وها أنا أكتشف أن لا أحد مريض وأنك تقضين وقتك مع عريسك المستقبلي تاركة الرجل هناك يخطط ويرتب ويجمع رجال ويجهز نفسه لكي يأتي ويطلب يدكِ "
نظر لها عيسى نظرة قتلتها قبل أن يبتعد فأسرعت فاطمة خلفه تتمسك به وهي تقول
" صدقني الأمر ليس كذلك " قال لها عيسى
" لا تبررين لي شيء، أنا لن أخبر سلطان بشيء كي لا أكسره لكن لتتصلي وتعتذري منه وترفضي طلبه بمنتهى الاحترام والتقدير لمشاعره وبعدها أنا لا أريد أن أعرفك فيبدو أن نظرة إخوتكِ إليكِ كانت أثقب من نظرتي إليكِ " ثم جذب نفسه بعنف وتحرك نحو سيارته التي كانت تقف على بعد أمتار تاركا فاطمة خلفه لأول مرة تبكي بقلة حيلة وحزن …..
༺༻

بالمزرعة ….

كان فياض يجذب كيان خلفه نحو مكتب حكم الذي كان خارجا منه ليقفا وجها، كيان ترتجف بشتات وخوف وفياض يكاد الكون لا يسع عظم مشاعره لدرجة تجعله لا يشعر بالأرض أسفل قدميه كأنه على وشك أن يطير، أما حكم فحرك عينيه ما بين وجه فياض المبتهج ووجه كيان الشاحب ثم نحو قبضة فياض المحكمة على رسغها وقال بغضب شديد
" ماذا يحدث"
قال له فياض
" لقد اتفقت أنا وكيان على الزواج، وأريد أن نعقد قراننا الآن"
توسعت أعين حكم وأمسكه من تلابيبه بعنف وصرخ به
" اتركها …اترك الفتاة "
قال فياض بجنون
" لماذا يا حكم، إنها موافقة، زوجنا "
قال له حكم
" هذه ليست ملامح فتاة موافقة، انظر لوجهها، يا إلهي .. ماذا فعلت بها انطق، أقسم بالله لو أنك اندفعت خلف جنونك ومستها بسوء لقتلتك في التو "
نزلت شيراز تنظر لما يدور بصدمة ومن خلفها يهدين التي أسرعت نحو كيان وهي تقول " ماذا يحدث"
قال لها حكم
" اسأليها عما فعل بها، لقد وجدته يدخل عليّ ويجرها خلفه بمظهرها هذا ويقول أريد أن أعقد قراني عليها الآن"
قال فياض بصراخ جعل رشيد وطايع وسراج يندفعون من باب المنزل المفتوح
" أنا لم أفعل لها شيء كيف قد تظن أني من الممكن أن أؤذيها "
قال حكم بانفعال وهو يدفعه للخلف
" أظن بك !! اتركها يا فياض، هل نسيت أني خير من يعلم ما أنت قادر على فعله بها "
قال فياض وقبضته تستميت على رسغ كيان التي لا تنطق " لم أنس حكم …لم أنس شيء مطلقا، لم أنس أنك بالماضي قلت هي رفضت وجعلت كلمتها حكم نافذ على عنقي لا أستئناف فيه والآن ها هي أمامك قد قبلت ما حجتك إذا " قال حكم
" أنا لا أرى أمامي سوى وجه شاحب لفتاة ستموت من شدة الفزع وأنا لا يفزع بشر في حمايتي يا فياض "
سحب فياض كيان بقوة لتتقدمه وتصبح عيناها في عينيه وقال لها
" أخبريه أنكِ موافقة "
شعر رشيد أن الوضع يتفاقم فتدخل قائلا
" أعطها الوقت لتفكر فياض ودعنا نخرج قليلا ما رأيك " قال فياض
" لا هي ستخبره الآن أنها موافقة "
انكمشت كيان فشعر فياض أنها في إنكماشتها أمامه تطويه طيا بين حناياها فقال لها بقهر " تكلمي كيان، لمرة قفي معي، لمرة كوني بصفي، لمرة أمسكي يدي لا تبعديها، لمرة اشتري لوعتي وصبابتي بالرضا فقد تعبت من الرفض والإقصاء، تعبت ولم يعد قوة لأعيش معك كل هذا مرة أخرى، تعبت من ذاتي التي حتى في الفراق ترفض أن تفارقك، تعبت من ضعفي وعجزي معك، تعبت أن أصرخ بك أنك أنتِ الفؤاد وما حوى …والقلب وما نوى …والشعور وما طوى …والكيان وما هوى …والصمت وما روى …والفكر وما دوى …و الصبابة والجوى ولكنكِ لا تسمعين "
جلست شيراز على السلم تبكي بتأثر وهي تضع يدها على فمها فاقترب سراج من فياض وقال متأثرا بحاله
" يكفي يا فياض "
نظر فياض لكيان بجنون كأنه لا يصدق صمتها فقال حكم
" كما قلتها بالماضي …سأقولها لك الأن .. أنه قرارها "
سقطت دمعة من عين يهدين التي تضم كيان التي يأبى فياض ترك رسغها بينما هي في الحالة من الصدمة تطيح بات أنها وتجعله يسير عكس التيار، كانت كأنها في حالة بين الوعي واللاوعي لا متنفس أمامها لتحدد حالتها، كان نبضها منفلتا
يتسارع حتى تاه في حشاها الذي لا تدري كيف وجدت فياض تائها في عمقه، عيناها كانت عالقة بعينيه وهي تسمعه يقول
" وإذا تحدثت العيون وشت بما في صدري، فأصير كمن مل الصمود وقد ضاع صبري "
نظرت كيان لشفتيه فما وجدته يتحدث كأنما هذا الصوت نابع من ذاته التي وجدتها داخلها لا منها، رأته كيان يصرخ كأنما قد أصابته إحدى نوبات هياجه، شعرت برسغها الذي يكاد ينكسر، رأت سراج وهو يحاول أن يكبله ورشيد الذي يحاول أن يسيطر عليه وطايع الذي كان متأثرا يقف بعيد ثم وجدته يخر على قدميه بينهم وهو يصرخ بها
" لا تتركيني "
لتجد نفسها دون أن تحسب لما ستنطق به أي حساب تقول
" موافقة "
تجمد الجميع حولها، وخمد جنونه كأن كلمتها طوفان غامر أطفأه فالتفت لها حكم يقول
" كيان "
قالت كيان وهي تتحرك نحوه لتساعده ليقف على قدميه
" أنا موافقة يا حكم، أنه قدري ويبدو أنه لا مفر منه "
تحامل فياض عليها حتى وقف بجوارها وضمها بقوة كما المجنون فابتسمت يهدين وأطلقت شيراز من بين دموعها زغرودة صادحة ليضحك رشيد وهو يقول
" بشرة خير "
التفت حكم يرمق شيراز بنظرة لم تفسرها ثم هدر بفياض
" احترم نفسك واتركها" حينها حررها فياض نهائيا كأنه اطمئن وعيناه لا تفارق وجهها فابتسمت له كيان من بين دموعها لتطمئنه أكثر فقال حكم
" لننهي ما نحن بصدده وبعدها لنرى أمر الزواج هذا "
هز فياض رأسه برفض وقال " لا حكم لتزوجها لي اليوم …الآن "
صرخ به حكم
" الآن كيف، هذا زواج ويحتاج ترتيب ونحن في وضع لا نحسد عليه "
قالت يهدين بحماس
" أنا سأرتب لكل شيء حكم " زغرها حكم لتنزل شيراز من خلفه وهي تقول بأسلوب رسمي
" وافق من فضلك دعني أحضر معكم مناسبة سعيدة قبل أن أرحل "
نظر لها حكم وعيناه تحمل من اللوم جبال فأسبلت شيراز أهدابها ليقول حكم ليهدين بعد صمت دام لحظات
" حسنا رتبي كل شيء ولكن بحرص شديد وأنا سأخبر حذيفة بنفسي "
ثم التف عائدًا إلى مكتبه وظهره بالأثقال قد انحنى أكثر كأنه نسى وجهته فبنظرة منها تتوه لغته ويتوه السبيل من عينه..
༺༻

بأرض العزايزه داخل مجلس البيت الكبير كان سالم يجلس أمام عبد الرحمن الذي كان في تلك اللحظة قد خلع عباءة التفهم واللين وارتدى عباءة التجبر والعتو كأنما هناك مصيبة قد حلت، انقبض قلب سالم الذي بات ضعيفا لا يتحمل مشاكل الشباب التي لا تنتهي كأنهم كلما كبروا وظنهم سيحملون عن أكتافه ثقل مسؤوليتهم يجد نفسه مازال يغرق معهم في كوارث لها أول وليس لها آخر، فحتى الأن لا يصدق ما حدث لزوجة منذر تلك المسكينة التي ظن أنه لن يتقبلها بعدما حلت محل ابنته ليجد نفسه ينهار حين علم بما جرى لها ولمنذر الذي منذ عاد ورأه وهو يشعر أن هناك شيء به قد اختلف و تغير كأنه قد نضج سنوات عدة لا شهور منذ آخر لقاء بينهما، تنبهت حواس سالم لعبد الرحمن الذي يقول بقوة
" هل تدرك طلب حضورك على أسرع وجه يا أبو أسد " قال سالم بتعب
" والله يا شيخ أنا جئت دون أن أسأل عن الأسباب وكلي يقين أن ما دعوتني له ما هو إلا خير باذن الله"
قال عبد الرحمن بحدة
" والله يا سيد سالم أحفاد رأفت العزايزي منذ مدة ولا يأتي من ورائهم خير مطلقا "
قال سالم بتوتر
" يا شيخ إذا كنت تقصد ما حدث لزوجة منذر فنحن الطرف المجني عليه، منذر فقد طفله وكاد أن يفقد زوجته، الفتاة نالها ما لا يمكن وصفه ورغم ذلك تركنا الأمر لك لتتصرف به كيفما تملى عليك أعراف العزايزه وإن كان حديثك هذا غضبا من انفعال منذر فأنا سأتحدث معه لكني أتوسم فيك أن تقدر ما يمر به "
نظر عبد الرحمن بأعين سالم بطريقة أربكته ثم قال
" هو سؤال وأريد له إجابة مباشرة وواضحة، هل كنت تعلم أن والدك نسب أبوته لابن أختك وأن أخيك الحقيقي ليس زوج أختي "
الصدمة التي ظهرت على ملامح سالم جعلت الشيخ عبد الرحمن يهدر قائلا
" هل كنت تعلم أن ابنة الشيخ جعفر تتزوج رجل لا يحمل اسم والديه ولا يعرف حقيقة نسبه وصمتّ …أم أنه يعرف كما الجميع وأصر على تلك الزيجة للي ذراعنا حين ينكشف كل شيء "
سارع سالم يقول بوجل
" عاصي لا يعرف شيء يا شيخ، عاصي لا علاقة له بشيء، من أخبرك بهذا الأمر "
قال عبد الرحمن بجمود "علمي بالأمر اجعله آخر همك لأني أرسلت في طلب عاصي العزايزي وابنتي وأختي وقسما بالله أن هذا الأمر لن يمر مرور الكرام كما مر ظهور بنت أخيك التي عادت من الموت بعد سنوات "
قال سالم
" يا شيخ لا داعي لكل هذا فتح الدفاتر القديمة لن يجلب سوى الفرقة والمشاكل، أنا لا أريد أن أرى في آخر أيام الشقاق يتفشى بين أبنائي، عاصي طيب وحقيقة كتلك ستكسره "
قال عبد الرحمن بانفعال
" ستكسره !! حقا، أهذا كل ما يهمك …أن الحقيقة ستكسره، ألم تفكر أن هناك شاب ظهر يطالب بهويته التي سلبتموها إياه ومنحتوها لغيره كأنه لا كبير لكم "
قال سالم بخوف
" الظروف حكمت يا شيخ، اسأل الشيخة نعمة عن الماضي وهي ستخبرك بكل ما حدث، لقد خاف أبي على الصغير من نبذ العائلة وأعطاه اسم أخي الذي ظنناه قد مات ثم سافرنا جميعا من أرضنا بعدما ضاق بنا الحال ما بين تهديد ووعيد من راضي العزايزي وأعوانه، يا شيخ دفاتر الماضي تحمل الكثير من الوجع فحاليا حفيد راضي أصبح زوج أختهم وأخي الذي ظهر أنا لن أتخلى عنه مطلقا سأمنحه ميراثه الشرعي وسأجعله يعيش بين الشباب بالخارج وسأحل أمر عاصي بشكل ودي لكن من فضلك لا تجعل الأمر يكبر ويؤلم الجميع "
قال له عبد الرحمن بهياج
" هل تظن أن الأمر بات يتعلق بك وبأبنائك فقط، أنا هنا أحدثك وسمعت عائلة بأكملها على المحك تخيل أن شيخ العزايزه كان آخر من يعلم بهوية زوج ابنته، أن عائلة كعائلتنا يخطف أبنائها ثم تختلط بداخلها الانساب، هذه فضيحة وكارثة "
قال سالم
" هذا لن يحدث يا شيخ فرائف لن يرضى لنا هذا وسيقبل بما سأعرضه عليه بإذن الله " جائهم صوت بشر يقول
" وما الذي تنوي أن تعرضه عليه يا خالي "
التفت سالم لبشر الذي دخل برفقة رائف وليل وقال له
" سأعرض عليه ما يعوضه لكن وأنتم معا يا بشر، الشيخ عبد الرحمن أرسل لعاصي وأمره بالحضور هو وزوجته، الأمر سيكبر منا خاصة والشيخ يتهمنا أننا زوجنا أخته لرجل مغلوط النسب "
نظر بشر لعبد الرحمن وقال
" لقد شرحت لك كل شيء يا شيخ "
قال عبد الرحمن بانفعال
" وأنا ما عدت أثق في أحد منكم يا ابن هاشم، اليوم تأتوني برجل وتقولون من وغدا الله وحده يعلم ماذا ستفعلون "
قال ليل
" يا شيخ ما ذنب عاصي وزوجته فيما يحدث، نحن لم نخبرك إلا لنصلح لا لنفسد " قال عبد الرحمن
" أموركم فاسدة منذ زمن، ما أراه الآن ليس إلا لمحة وما خفي كان أعظم "
قال سالم
" يا شيخ اذكر الله واعلم أن أختك وابنتك نحملهم فوق رؤوسنا وفي عيوننا ولن تفرق أبدا إن كان ابن رأفت أم ابن هاشم نحن سنظل عائلة ورائف سيصبح واحدا منا وكما قلت سيأخذ حقه كاملا " قال رائف بجمود
" أنا حقي ليس مال يا سيد سالم "
التفت سالم إليه بصدمة وقال " لو تقصدك العائلة فأنت ستكون بيننا ولو تقصد اسمك ف….
قاطعه رائف يقول
" أنا حقي ليس مال ولا اسم ولا عائلة "
قال له عبد الرحمن بانفعال
" ماذا يكون إذا، هل هناك ما هو غير ذلك "
قال رائف بجمود
" نعم أنا متنازل عن كافة حقوقي مهما كانت ومهما بلغت لكني في المقابل أطلب يد أصالة العزايزي على سنة الله ورسوله "
ضرب عبد الرحمن عصاه بالأرض وقال
" ماذا تقول أنت "
قال له رائف بجرأة
" أقول ما سمعته يا شيخ، أريد أن أتزوج أصالة العزايزي على سنة الله ورسوله "
قال عبد الرحمن هادرا
" هل جننت، هل تظننا نلقي بناتنا لأي رجل، أنت هنا لكي تطالب بما يخصك أما بناتنا لا تخصك مطلقا "
صرخ رائف وقد ملأته الكلمات بالإهانة والخوف
" إن كنت ستسمح لي في أن أطالب بما يخصني يا شيخ فلتعلم أنا أصالة حقي أنا، حقي الذي سأقف لأصرخ مطالبا به كما لم أفعل حين خص الأمر حقيقتي وإرثي "
قال له عبد الرحمن
" أخفض صوتك هل نسيت نفسك وأين أنت "
قال رائف بقوة
" لا لم أنس أين أنا يا شيخ ولم أنس أول مرة قابلتها بالغربة حين كانت ستتعرض للخطف على يد رجال لا ترحم إما سيجهزون عليها وإما ستباع كما العبيد، لم أنس هروبي معها من صقلية إلى جزيرة مالطا ومنها إلى ليبيا، لن أنسى كم طعنة نفذت بجسدي وجسدها ونجونا، كم رصاصة اخترقتنا ولم نمت كم رجل لاحقنا وتمكنا من الفرار، لن أنسى ونحن نسافر في عرض البحر ننزف، ونحن نسير بالصحراء على الحدود المصرية لتفتح علينا خطوط النيران كأننا حيوانات لا بشر، لن أنسى أني قتلت رجل قرر أن يتعدى عليها لأنها باتت شرفي، أصالة حقي يا شيخ وسأقولها في وجهك ووجه أبيها الذي رماها وأخيها الذي تركها لتنهش وفي وجه تلك العائلة التي لم تتمكن من حمايتها، أصالة حقي يا شيخ فإن كنت ترد الحقوق لأصحابها زوجني إياها بحق ما حفظتها من نفسي قبل الجميع، وبحق ما أكبرت بقدركم ولم أقدم على ما يمس شرفكم فلم أتزوجها بعيدا حين كانت ملقاة في بلاد الله دون أهل وعائلة زوجني إياها، المعروف لا يرد سوى بالمعروف يا شيخ وأنت أهل لذلك وأنا لا أطالب إلا بأن تعاملني بما أستحقه منك ومن تلك العائلة بعد كل ما حدث لي بسببها، هي فقط لا مال ولا جاه ولا سلطان، هي حليلة سأخذها من بينكم مرفوعة الرأس وأرحل وبيني وبينكم الله إذا طلبت أكثر من ذلك يوما "
عمّ الصمت كأنما أصبح على رؤوسهم الطير لينظر عبد الرحمن في أعين رائف الذي ينهت وسأله
" أأنت من أوصلتها إلى هنا " قال رائف
" نعم لكننا كنا ملاحقين ففضلت أن أعطل من يلاحقونا لأمنحها الوقت لتصل، لم أكن لأتركها ليمسها أذى، فكما قلت لك إنها شرفي "
تذكر عبد الرحمن حالة أصالة حال وصولها وكل ما أخبرته به عن رفيق رحلتها، تأمل عبد الرحمن عروق رائف النافور …عيونه المحتدة، قوة كلمته وصدق حديثه ثم دارت عيناه في الوجوه من حوله قبل أن يتعمق في تفكيره للحظات ثم يقول بقوة
" أنا وكيلها وأنا أعطيتك إياها "
كانت كلمات عبد الرحمن كصاعقة جمدت الواقفين من شدة الذهول ليكون أول من يفيق من ذلك الجمود رائف الذي كان كأنه يترنح من شدة الصدمة، كان يلتف لينظر كأنه يسأله هل سمع رد الشيخ أم أنه يتخيل ربت بشر على كتف رائف الذي تسارعت أنفاسه بانفعال شديد وبدأ يضرب بيده على قلبه كأنه يتيقن أنه بكامل وعيه قادرا على الشعور ثم انحنى كأنه كان يركض طويلًا …طويلًا وهذه كانت لحظة الوصول ليقول عبد الرحمن بقوة
" هذا لا يعني أن كل شيء انتهى، هذه المرة لن أخطط لألملم كوارثكم بل عليكم أنتم فعل ذلك وإلا فلن يعجبكم ما سأفعل "
تحرك عبد الرحمن بغضب شديد خارج المجلس فاعتدل رائف واقفًا يرفع وجهه لأعلى كي لا يسمح لمن حوله برؤية دموعه تتساقط فيدركوا جميعا أنه من فرط السعادة يبكي وقد حظى لأول مرة بشيء أراده بشيء يصبح له وحده …شيء عظيم يتمثل في قلب بات كونه الذي لن يكون إلا به.
༺༻

بعد ساعة …….

ببوسطن تعالى رنين هاتف أصالة فنظرت له لتتسع ابتسامتها وهي تركض خارج المطبخ نحو مكان قصي ببهو القصر ثم أجابت بلهفة
" رائف "
كان رائف يجلس أرضا أمام شجرة قريبة من منزل هاشم العزايزي القديم ينظر للسماء بعيون تغشاها الدموع حتى وصلها صوته فبعثر اشتياقه وأصابه بحمى من الحنين جعلته يقول بصوت مختنق
" أصالة "
طفرت دموع أصالة من بين أهدابها وهي تقول
" اشتقت اليك رائف …شوق بالكاد أفهمه …إنه غريب كغرابة كل ما جمعنا، فكأني ولدت بين يديك وهذا فراقنا الأول "
قال لها رائف
" أنا هنا يلوم بعضي بعضي على بُعدكِ هذا يا أصالة، أنا هنا بدونك غريب بين أشخاص يشبهوني كثيرا "
قالت أصالة
" أنت لا أحد يشبهك رائف، لا أحد مطلقا مهما ظننت ذلك، ملامحك ليست تلك التي يرونها جميع من حولك وحدي من رأيت منك ذلك الجانب الذي لم يره بشر، رأيت جانبك المميز الذي يجعلني لا أرى إنسانا يشبهك "
قال لها رائف ودمعة من عينيه تسقط
"حبك لي يعمي عينيك عن مساوئي "
قالت أصالة
" لا أحتاج لنور عيني إن كانت عيناك ستبصر عني وعنك "
قال لها رائف
" تبالغين في حبي كأنكِ العوض بعد طول الطريق " قالت أصالة
" أغار حين تذكر طريقا كان خاليا مني، أغار من كل ما مضى ومر على قلبك وجوارحك رائف "
ابتسم رائف وقال
" طريقي دائما كان يأخذني إليكِ لكنني أدركت ذلك متأخرا جدا، كأنما كان منقوش بين أوردتي و خلايا صدري من قديم الزمان خارطتك " مسحت أصالة دموعها ونظرت للحلقة الذهبية بيدها وقالت
" من يهتم بك في غيابي " أجابها رائف بحزن شديد
" لا أحد يا حبيبتي لدي ليهتم بي "
قالت أصالة
" قريبا سأعود لنتزوج وأعدك ألا أبتعد عنك مهما حدث " قال لها رائف
" ألم تخشِ أن أخذلكِ وألا أستطيع أن أفي بوعدي لكِ " قالت له أصالة
" أنا أثق أنك لن تفعل …محال أن تفعل ..وحتى إن عاكسنا طيار الظروف أنا كنت سأتفهم ذلك وإن لم تقبل أن نهرب سويا، سأهرب وحدي لأتبعك حيثما ذهبت، رائف أنت الآن لدي أهم من عائلتي بأكملها بل صرت أنت العائلة وانتمائي لك لا لغيرك " سالت دموع رائف وقال لها
" يختلج قلبي كلما سمعت صوتك يحتويني بتلك الطريقة، كأنما بداخلك قوة تجذبني من هامش الحياة وتضعني داخل صفحة بيضاء وتبني لي أركان الحكاية التي تمنيتها دوما ثم تترك لي المساحة لأنطلق " قالت أصالة وهي تضم ساقيها لصدرها وتميل برأسها عليها

" انطلق كيفما شئت لكن لتكتب عن كل طريق سوف يجمعني بك وعدني أنك لن تتخلى عني حتى إذا رفض أهلي طلبك للزواج مني لأني موافقة ولن أتزوج غيرك "
تنفس رائف بعمق وقال لها
" هل يكفيكِ أن أقول لكِ أنه لا حياة لي من دونكِ "
قالت أصالة بابتسامة راضية " تكفيني رائف …لكن لماذا أشعر صوتك مختنق …هل أنت بخير "
قال لها رائف
" لم يمر علي خير كالذي أعيشه الآن فقد وافق الشيخ عبد الرحمن للتو على زواجي منكِ وقال أنا وكيلها وأنا أعطيتك إياها "
رفعت أصالة رأسها بصدمة بالغة وقالت
" ماذا تقول لم أفهم "
قال رائف وهو كمن لا يصدق ما يقوله
" أقول أنكِ حاليا خطيبتي بشكل رسمي وسنتزوج بمجرد عودتكِ "
قفزت أصالة واقفة تصرخ بجنون وهي تتقافز وصوت صراخها كلما ارتفع كلما دفع صوت بكائه ليرتفع لتضيع نهنهات قهره وتتلاشى في صرخات فرحها التي ملأته فرحًا لم يظن أنه شعر به يوما، مسح رائف وجهه ووقف يسمع الأصوات التي تداخلت حولها وصوتها الواضح وهي تصرخ بالجميع أنها ستتزوج، شعرها تتقافز داخل قلبه وتعيد كل جزء قد مات منه على قيد الحياة، نادها " أصالة "
لكن كأنها من قوة صراخها الحماسي لم تعد تسمعه فضحك تلك المرة بقوة …ضحكة صاخبه …قوية ….مجلجلة…ضحكة لم يكن يملك أسباب ليضحكها من قبل والآن بات يملك كل الأسباب ..ضحكة خرجت من عمق قلبه الذي كان دوما مليئا بالأسى ………
༺༻

وقفت كنزي تنظر لأصالة التي يكاد الكون لا يسع سعادتها، شعرت أن قلبها سيقف من الحماس والانفعال، كانت كما الطفلة التي فازت برحلة إلى عالم الاحلام، وجهها كان مشتعلا كأنما الدماء تحتشد به لتزينها كما يليق بالعروس وشعرها الناعم يتطاير حولها متناغما ليهديها إطلالة فريدة، كانت تثير حسد القلوب لذلك إستعاذت كنزي بالله وهي ترى الجميع يبارك لها هي غفران وعزيزه وتبارك وبلقيس اللاتي لا يعرفن هوية العريس بعد، اقتربت كنزي لتبارك لها فنظرت لها أصالة وقالت بحرج
" أنا لم أقصد أن أجرح مشاعركِ فأنا أعلم أن بينك وبين زوجكِ مشاكل أرجوكِ لا تحزني من اندفاغي "
ربتت كنزي على ذراعها وقالت
" لا عليكِ هذا حقكِ وأنا لم أفكر هكذا مطلقا، مبارك أصالة "
ضمتها أصالة بقوة وهمت بالتحرك خلف الفتيات اللات ابتعدن نحو غرفة المعيشة وعلى وجههم ابتسامة لتوقفها كنزي وتنظر لها بحرج بالغ وهي تسألها دون تفكير
" كيف وثقت بشخص مثل رائف بعد كل ما عرفته عنه، كيف تصدقين حبه لكِ لهذا الحد رغم ماضيه الذي مازلتِ كلما عرفتِ منه جزء امتلأت بالصدمة "
نظرت لها أصالة قليلا ثم قالت
" لا أظن أني أعرف تحديدا لكن ربما من أكثر المواقف التي لن أنساها له حين رأني عارية وقد حاول أحدهم التعدي عليّ سارع في عز البرد يخلع ملابسه ليسترني حتى وإن كان ستري سيكون السبب في موته، أنه شيء لا أحب تذكره لكني أردت أن أوضح لكِ أن علاقتي برائف قابلة لتخطي الصدمات " هزت كنزي رأسها بتفهم وقد امتلأت عيناها بالدموع وامتلأ قلبها بالقهر وبدأ نبضها يعتصر ذاته كأنه يبحث عن بعضه الناقص فابتعدت أصالة في نفس اللحظة التي اقتربت فيها سارة من كنزي تسألها وهي لم تفطن لحالها بعد
" أين حور …لقد بحثت عنها بكل مكان حتى أني أكاد أجزم أنها ليست بالقصر " ….
༺༻

بالمزرعة ……

كانت كيان تجلس أمام المرآة ترتجف بعدما انتهت شيراز من تزينها تتأمل نفسها بصدمة كبيرة وهي تقول
" أنا خائفة "
قالت لها شيراز بابتسامة
" فليعطني القدر مجنونا كخاصتك وأنا سأذهب معه لآخر العالم، ألم تسمعي ما قاله لكِ لقد بكيت تأثرا "
نظرت كيان للحظات قبل أن تقول
" أنا حقا خائفة "
قالت لها شيراز
" مما تحديدا ..منه أم من الجواز في حد ذاته "
قالت كيان وهي تقف
" من الزواج منه، يا إلهي أظنني كنت أحتاج بعض الوقت لأتهيأ نفسيا "
سألتها شيراز باهتمام
" منذ متى وأنتما تدوران في فلك تلك القصة "
هزت كيان رأسها وقالت
" لا أتذكر …أظن ربما أربعة عشر عاما أو أكثر "
رفعت شيراز حاجبيها وقالت " أربعة عشر عاما ولم تتهيئي أنا تزوجت في ثلاثة ساعات ومن آخر رجل في العالم كنت أتوقع أن أتزوجه، احمدي الله عزيزتي "
اقتربت كيان من شيراز وقد تلون وجهها من شدة الاحراج وسألتها
" هل الزواج مخيف "
لم تستوعب شيراز السؤال فورا فضيقت عينيها قبل أن تقول
" في الحقيقة إن كنتِ تقصدين ما فهمته فالأمر ليس مخيف ولكن زوجك هو من يخيف " شحبت ملامح كيان فقالت لها شيراز بابتسامة
" تنفسي …يا إلهي أقسم لكِ أني أمزح …يبدو أنه كان مزاحًا سمجًا تنفسي ستموتين " دخلت يهدين التي كانت ترتدي فستان ذهبي رائق وتجمع جانب شعرها بدبوس شعر مرصع بالكريستال بنفس اللون وتقول
" سيراج أعد وليمة يستحق عليها الشكر، وطايع زين المكان بلمسته الخاصة ثم جهز لكِ هوية جديدة وقد اختار لكِ فياض اسم لم يخبرني به، أما فياض فيجلس الآن مع حكم وحذيفة كأنهما يتفقان معه على شيء يخصك ورشيد ذهب ليحضر المأذون، لقد أخبرنا المأذون أننا سنعقد عقد شرعي لأن العريس عليه ثأر ولا يمكننا تسجيل الزواج حتى تحل المشكلة "
قالت شيراز
" إن لم يحضر لكِ هدية إجعليه ذريعة لتصبي توتر الليلة بأكمله على رأسه، لا تقلقي الرجال ينسون هذه الأشياء "
قالت يهدين بعدم فهم
" أهذه نصيحة أم شيء آخر لأني لا أفهم "
قرصتها شيراز بوجنتها وقالت
" حين تكبرين سأخبركِ " قالت يهدين وهي تتأمل فستانها الأحمر الصارخ الجريء
" والله أشعر أن لن يكبر شيء بذلك الإحتفال سوى الميول الدموية، شيراز لقد كان الفستان في الصور مريح للعين لكنه عليكِ مهيج للأعصاب "
قالت شيراز وهي تتحرك نحو المرآة الطولية بغرفتها
" كم أحب اللون الاحمر، أشعره منحني من سحره لذلك لا أزداد جمالا سوى به " حركت يهدين رأسها يمينا ويسارا تتأمل تفاصيل الفستان الجريئة ثم همست
" كان الله في عون حكم "
التفتت لها شيراز تسألها
" ماذا تقولين "
قالت يهدين بمزاح
" كنت أسألك يا خبرة كيف أثير غيرة ذلك الذي غاب وقال عدوا لي أيام غيابي ولم يعود ليحارب لأجلي ويسمعني حديث كالذي قاله فياض لتلك الجاحدة اليوم، أريده أن يشعر بالتهديد وأن عشاقي كثيرون وطالبون ودي أكثر والعرسان يوميًا على باب المزرعة يتظاهرون علّ حكم يرضى ويقابلهم "
ضحكت شيراز بقوة وقالت
" أظن صورة كفيلة بفعل كل ذلك وأكثر "
قالت يهدين
" حقًا "
قالت شيراز
" نعم لكن لتختاري وسيم ما ليشاركك إياها "
قالت يهدين بتفكير
" لكنه أوسم من كل الموجودين، ألا يعد ذلك ظلما "
ضربتها كيان بخفة على ذراعها وقالت
" كأن عيارك فلت"
وضعت يهدين يدها على قلبها وقالت
" نبضي هو ما فلت، حسنا سآخذ صورة مع طايع لأنه لن يسألني عن شيء بعكس رشيد الذي قد يثير جنون فخر من نظرة "
قالت شيراز
" وهذا المطلوب "
وصلت يهدين رسالة فقالت
" المأذون وصل "
زغردت شيراز بقوة وهي تتحرك نحو باب الغرفة وتفتحه لتقول يهدين
" هيا كيان "
بينما كيان كانت قد تسمرت في مكانها ترتجف وعقلها لا يستوعب السرعة التي سار بها كل شيء…
༺༻
بالأسفل …….

كان حكم يقف أمام فياض ويقول له بقوة
" إن علمت أنك ألمتها يوما، سأجعل منك ألما يسير على قدمين "
سمع فياض صوت الزغاريد ورفع عينيه أعلى السلم ليجد كيان تنزل بفستانها الابيض الناعم الذي لف جسدها الممشوق بفتنة أرهقته فقال مأخوذا
" محال أن أفعل حكم …محال "
تحرك فياض نحو السلم ولم ينتظر نزولها إليه فصعد لها مهرولًا يمسك يدها ثم ينحني ليقبلها ويلفها حول ذراعه ثم يكمل معها باقي الدرجات حتى يصلا إلي الركن المخصص لجلوسهما والذي كان المأذون يجلس به، تحرك الجميع نحوهم إلا حكم الذي ظل واقفا يراقب تلك التي شحبت ألوان دمائه من غارات حسنها التي تشنها عليه وعلى الحضور جميعًا، توالت الانفعالات على وجهه ليبدهأ مأخوذًا وينهيها غاضبًا
وقفت شيراز أمامه تماما فقد كان يسد طريقها وينظر لها بحدة، ادعت شيراز الثبات وهي تسأله
" لماذا تنظر لي هكذا "
قال حكم والغيرة كسياط يجلده " ما هذا "
قالت له بعد فهم
" ماذا تقصد "
نظر حكم للفستان وقال
" ما هذا "
قالت شيراز
" فستان …أنا امرأة والنساء يرتدن الفساتين يا حكم لا جديد "
قال حكم بانفعال خافت
" الجديد أنكِ ستصعدين لتغيري ذلك الشيء حالًا " قالت شيراز بغضب
" لن أفعل، حكم لاحظ أنك بت تتدخل في ملابسي "
قال حكم
" هذا لأن أسوء ما تفعلينه بحياتك هو اختيار الملابس، انظري لمظهركِ "
ظهر الانكسار جليا في عينيها ففهم أنها لم تدرك مقصده لذلك قال كأنه يقرأ أفكارها
" أنتِ لست بشعة شيراز لست بشعة مطلقا "
قالت شيراز بحزن
" جيد دعني إذا أشعر بجمالي قبل أن يرحل ككل ما رحل " تحركت شيراز نحو جمعتهم فضرب حكم قبضته بعنف بسور السلم قبل أن يسمع سراج يقول
" حكم من فضلك اقترب دعنا نبدأ "
اقترب حكم يرى المأذون يجلس بين حذيفة وفياض ويبدأ في قول كلمات تدعو للمودة والرحمة بين الزوجين قبل أن يشرع في عقد القرآن وكل كلمة تخترق أذنيه كانت تجعل عينيه تتعلق بتلك التي تسبي عينيه من روعة المنظر، كان يطالبها في كل نظرة أن تكون له، كان يجتاح تفاصيلها وكأنها مقتبس من ذاته يقف بعيدا عنه ببعض أمتار، يعيش في تأمله لها كل الهدوء والصخب في آن واحد، أفاق حكم على صوت المأذون يقول " بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير" سارعت شيراز تسحب المنديل الابيض بسرعة وتضمه لصدرها رغم عدم وجود منافسين لسحبه من حولها لكنها كما العادة تعاملت ببراءتها التي تميته، رافق رشيد المأذون للخارج فيما جلس حكم بجوار حذيفة المنغلق على ذاته يراقب شيراز التي بدأت تواسي طايع الذي يقف في الزاوية المقابلة له ينعي حبه وسأله
" هل صرت أفضل "
هز حذيفة رأسه وبعقله صور متلاحقة بدأت تتوالى دون توقف كأنه فقد زمام التحكم بها كان يرى ضوء شديد يخترق عينيه، ثم ظلمة حالكة تطبق على أنفاسه، كان يرى مكان قدز تزكم رائحته أنفه ثم مكان ضيقا كالقبر، كان يرى أدوات تعذيب بشعة ثم يشعر بألمها يجري في عروقه كان يتذكر صوت يقول له
" اركع لسيدك….احني رأسك …أخضع "
هز حذيفة رأسه بانفعال فقال له حكم
" إن كنت تحتاج رعاية خاصة أخبرني، إن كنت لست بخير تكلم، عزلتك لن تحل من الأمر شيء، نحن نحتاج إليك في القادم حذيفة وجميعنا نفتقد وجودك، تحدث عما يدور معك "
هز حذيفة رأسه وقال
" أنا بخير حكم، أنه اكتئاب بسيط وسيمر لا تشغل بالك بأمري "
قال حكم بصدق
" لكني مشغول بالفعل وأبعد عنك الجميع قسرا حتى تجمع شتاتك، لكن إذا كان يشق عليك ذلك لا بأس أن نجد من يساعدك "
قال حذيفة
" أنا بخير صدقني وسعيد من أجل فياض وكيان "
قال حكم
" لقد أصررت أن تكون وليها لتتذكر لك ذلك دائما، قف وبارك لكيان يا حذيفة، مباركتك أنت ستفرق معها " هز حذيفة رأسه بطاعة ووقف يتوجه ناحية كيان التي كانت تكاد تذوب في مقعدها كأنها عروس من شمع ينصهر بينما فياض لا يتوانى عن فعل كل ما قد يرفع الضغط والحرارة..
༺༻

اقترب سيراج يحمل صينية مقبلات من طايع وشيراز التي قالت له
" حقيقي سلمت يداك، الرائحة الشهية تكفي "
أحنى سيراج رأسه في حركة لبقة ليقترب رشيد ويقول
" لقد انشغلت بعقد القران فلم أبدي مدى إعجابي بالفستان الاحمر وصاحبته "
قالت شيراز
" مجاملة مقبولة سيد رشيد والعقبي لك "
هز رشيد رأسه وقال
" محال أن أقع في الفخ، أنا سأظل واقفا بالأعلى أشاهد من يسقطون واحد تلو الآخر " ضحكت شيراز بقوة جعلت حمم ذلك الذي يقترب منها تفور فورا عظيما، ليقترب ودون مقدمات يسحبها من رسغها وهو ينظر لرشيد بحدة ويقول
" لقد بات حسابك معي عسير "
قال رشيد
" أنا لم أفعل شيء، سيراج هو من يحاول التملق بعضلاته والمقبلات "
سحب حكم شيراز نحو أحد المقاعد وقال لها
" اجلسي هنا حتى تنتهي تلك الليلة أو اصعدي لغرفتك " قالت له شيراز
" توقف عن التعامل معي كأني جالسة على قلبك حكم إنها ليلتي الأخيرة هنا " ظهرت الخيبة على وجه حكم الذي جلس على المقعد المجاور لمقعدها وقال
" تجلسين على قلبي أو في قلبي ليست مشكلتي شيراز، أنا مشكلتي مع فستانك "
جلست شيراز بجواره وأشاحت بوجهها بعيدا عنه تستشعر كلماته وانفعالاته قبل أن تلتفت إليه وتقول
" سأفتقد كل شيء هنا "
قال لها حكم
" وكل شيء سيفتقدك " ابتسمت شيراز وقالت
" إنها نفس كلماتي في رحيلي الماضي وهذا نفس ردك"
قال حكم
" مادامت تلك الكلمات أعادتك فمؤكد لن أقول غيرها "
صمت حكم وكم كان صمته ثقيلا على روحها فجذبت كم سترته فمال برأسه نحوها يسألها بعينيه عمّا تريد فقالت شيراز
" هل يحق لي أن أسألك أخيرا عن علاقتك بجميع من حولك، أأنتم أقرباء "
نظر لها حكم كأنه يسبر أغوارها وسألها
" هل حقا تريدين أن تعرفي كل شيء "
قالت شيراز
" نعم "
قال حكم
" وأنا أريد أن أتحدث، أريدك أن تعرفي عني كل شيء، أن تعرفي ما لا يعرفه بشر، فأنا ذاهب إلى معركة أخيرة إن عدت منها لا أريدك أن تكوني مازلت لم تحسمي في شخصي قرارك وإن لم أعد أتمنى ألا تنسيني يومًا "
قالت شيراز
" كلامك يخيفني حكم "
قال لها حكم بهدوء تسلل خلسة إلى أعمق نقطة في روحها
" ليس كما يخيفني قربي منك ".
༺༻

وقفت يهدين بجوار مكبر صوت حديث منشغلة بإرسال رسالة إلى فخر الذي لم تجرؤ أن تفعل به ما نصحتها به شيراز وفضلت أن تكتب له فقط كلمات تخبره أنها تنتظره،
كتبت له عدة مرات وقبل أن تضغط زر الارسال كانت تمسح كل شيء حتى تجرأت وأرسلت له رسالة فحواها
" كنت أحضر زفاف وتذكرتك وتذكرت أنك منذ رحلت لم تعد، أنا لا أطالبك بالعودة بالطبع لكني أطالبك ألا تنساني "
تنفست يهدين بعمق ثم شغلت مكبر الصوت لتصدح أغنية غربية جميلة لكن ذلك الصوت وصل إلى أذن حذيفة كصراخ عنيف لا يتوقف، صراخ كان يستمر بالايام حتى دمر ثباته، صراخ يخرج من مكبرات صوت ضخمة في غرفة ضيقة بها ضوء شديد يؤلم عينيه، صراخ حاول سد أذنيه منه مررا وحين فشل ظل يضرب رأسه بالحائط علّه يفقد الوعي وحين فشل بدأ يصرخ هو الآخر بجنون …صراخ مع الوقت تحول إلى ضحك هستيري مفزع، حاول حذيفة تجاهل تلك الذكريات، حاول تجاهلها أو الخلاص منها، حاول الثبات قدر استطاعته لكنه في النهاية لم يشعر بنفسه وهو يصرخ بجنون مخيف ….يصرخ وهو ينظر للأعلى بشكل أرهب المحيطين به، يصرخ وهو ينفخ صدره قبل أن يتحول الصراخ إلى ضحك هستيري سقط على أثره أرضا جاعلا من حوله يعيشون لحظات من الصدمة واالخوف والفزع …..

༺༻

بإحدى مراكز العلاج ببوسطن

دخلت سيارة أجرة من البوابة الخارجية لتتوقف أمام مدخل المكان لتترجل منها تولين وتقول للسائق
" لن أتأخر يمكنك انتظاري وسأمنحك ما تريد "
قال الرجل لها بلطف
" حسنا يا سيدتي ثم تحرك بالسيارة ليجد مكان مناسبا للوقوف فتنفست تولين بعمق وتوجهت نحو مكتب الاستقبال تقول
" لدي زيارة مع المريض نزيل الغرفة مئة وثلاثة عشر "
تأملتها العاملة بعيون متفحصة وسألتها
" هل أنتِ زوجته "
قالت لها تولين
" لا مجرد صديقة "
اتسعت ابتسامة العاملة وقالت لها
" هذه أول مرة تأتيه زياره منذ التحق بالمكان وفي الحقيقة هناك الكثير من المعجبات به يردن معرفة أي معلومة عنه، لقد بات الوسيم الغامض الخاص بالمركز "
سألتها تولين بحذر
" معلومة كماذا لا أفهم " انحنت الممرضة برأسها وهمست لها
" هل هو مرتبط أم لا أو ربما يكون لا يميل للنساء، لقد رفض حتى الآن ود الكثير من الفاتنات العاملات بالمكان "
قالت لها تولين
" صديقي مستقيم لكنه مسلم وهذا طبيعي بالنسبة إليه، لا يمكنه أن يميل إلا لمرأة من دينه وحين يفعل سيطلبها للزواج لأن في شريعتنا كل علاقة خارج إطار الزواج محرمة، هل يمكنني رؤيته الآن"
قالت العاملة
" بالطبع سأوصلكِ له بنفسي "
التفتت العاملة حول المكتب وهي تشير لزميلتها لتأخذ مكانها حتى تعود ثم بدأت تتحدث دون توقف إلى تولين التي لم تكن تستمع إليها ولم تكن واعية إلا لسبب قدومها والذي جعلها تكسر كلمة بشر الذي أمرها ألا تخفي عليه شيئا وتأتي إلى هنا ودافعها الوحيد أن للضرورة أحكام، وأن خوفها على جميع من حولها يستحق منها أن تأخذ تلك الخطوة التي لا تدرك ما عواقبها، وقفت تولين بجوار العاملة أمام الباب فبدأ نبضها يتسارع لا تعرف أمن رهبة اللقاء أم من رهبة ما سيتبعه ليتعالى صوته الذي لم تنسه قط يقول
" ادخل "
دخلت العاملة تقول بمرح
" لن تصدق أبدا هناك زيارة لأجلك "
وقف الجالس على المقعد الهزاز بصدمة كبيرة لتتقدم تولين إلى داخل الغرفة وتقع عيناها بعينيه فيقول بصدمة كبيرة
" تولين "
لتقول هي بهدوء يخفي خلفه أبابيل من الاسئلة التي تريد لها إجابة
" عادل".
༺༻



انتهى الفصل السادس والعشرون قراءة ممتعة للحميع


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-23, 08:08 AM   #346

al gameel rasha

? العضوٌ??? » 424155
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 244
?  نُقآطِيْ » al gameel rasha is on a distinguished road
افتراضي

عاااادل
اخيراااااااااااااااااا ظهرت
يا تري هيحصل ايه


al gameel rasha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-23, 08:08 AM   #347

al gameel rasha

? العضوٌ??? » 424155
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 244
?  نُقآطِيْ » al gameel rasha is on a distinguished road
افتراضي

حذيفة
لازم يتعالج مفيش مجال للتأخير


al gameel rasha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-23, 08:10 AM   #348

al gameel rasha

? العضوٌ??? » 424155
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 244
?  نُقآطِيْ » al gameel rasha is on a distinguished road
افتراضي

هو سؤال وأريد له إجابة مباشرة وواضحة، هل كنت تعلم أن والدك نسب أبوته لابن أختك وأن أخيك الحقيقي ليس زوج أختي "

ابن اخت سالم من مييييين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

سالم كان عارف
المشوه كان عارف
طيب ازااااااااااااااى


al gameel rasha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-23, 05:25 PM   #349

سما إسماعيل

? العضوٌ??? » 504389
?  التسِجيلٌ » Jun 2022
? مشَارَ?اتْي » 33
?  نُقآطِيْ » سما إسماعيل is on a distinguished road
افتراضي

فصل مليان مشاعر وأحاسيس❤️❤️❤️❤️❤️...مبهرة كالعادة يا شهيرة 💐💐💐

سما إسماعيل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-23, 11:57 PM   #350

امل ابراهيم

? العضوٌ??? » 256227
?  التسِجيلٌ » Jul 2012
? مشَارَ?اتْي » 772
?  نُقآطِيْ » امل ابراهيم is on a distinguished road
افتراضي

روووووووووووووووووووووووو ووووووعة

امل ابراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:32 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.