آخر 10 مشاركات
الضحية البريئة (24) للكاتبة: Abby Green *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          دانتي (51) للكاتبة: ساندرا مارتون (الجزء الثاني من سلسلة الأخوة أورسيني) .. كاملة.. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          متوجةلأجل ميراث دراكون(155)للكاتبة:Tara Pammi(ج1من سلسلةآل دراكون الملكيين)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          إمرأتي و البحر (1) "مميزة و مكتملة " .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          داويني ببلسم روحك (1) .. سلسلة بيت الحكايا *متميزه و مكتملة* (الكاتـب : shymaa abou bakr - )           »          474 - الحب المر - ريبيكا ونترز ( عدد جديد ) (الكاتـب : marmoria5555 - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          رهاني الرابح (90) للكاتبة: سارة كريفن ...كاملة... (الكاتـب : silvertulip21 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1264Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-06-23, 10:34 PM   #421

سما إسماعيل

? العضوٌ??? » 504389
?  التسِجيلٌ » Jun 2022
? مشَارَ?اتْي » 33
?  نُقآطِيْ » سما إسماعيل is on a distinguished road
افتراضي


????????????????????????????جميل ورائع كالعادة يا شهيرة ...... بالتوفيق ❤️❤️❤️

سما إسماعيل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-06-23, 12:53 AM   #422

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الأول من الفصل الثاني والثلاثين
༺༻

وسيظل مفهوم القوة لدى الرجال لا استثناءات فيه، فلا رجل قد يعترف بهشاشته مطلقًا، جميع الرجال أقوياء ذوي بأس إن تسألهم جميعهم محصنين ضد الألم، فلا دموع لا هزائم ولا تجارب موجعة قد تزعزع ثباتهم، جميعهم أصلب من أن يصيبهم التفكير المفرط، من أن تجتاحهم المخاوف المقبضة من أن يتملك منهم الأرق والاكتئاب وتوابع الصدمات، جميعهم أقسر من أن تخضعهم المشاعر، من أن يروضهم الاحتياج من أن تغير مصائرهم أنثى ألصقوا بها الهشاشة عنوة، جميعهم فوق منطق البشر الذي يقول أننا جميعنا ضعفاء حتى تموت قلوبنا في غمار التجارب.
༺༻

كثيرًا ما تضعنا الحياة على مفترق طرق شديد الانحدار يجعل مسارنا الحتمي كارثيًا لا محالة، يجعل كل المتاح أمامنا هو اندفاع مهول نهايته صدام عنيف مهما حاولنا تفاديه لن تنجو منه أرواحنا المنهكة منه إلا وهي تحمل من الندوب ما سيجعلها تظل رهينة الحزن والألم إلى الأبد، صدام مدوي ستظل تفاصيله تتلاعب بعقولنا التي ما عادت متزنة، ما عادت تملك رؤية واضحة لأفاق العالم الممتد والذي بات في ضبابية عيوننا المستنزفة سجن يضيق من حولنا كلما مر الوقت ويلصقنا بجدرانه الباردة المدببة لتملأنا بالجروح والصقيع الذي يدخل مشاعرنا في حالة جمود عاتية تجعلنا دون إرادة منا محض مسوخ ندعي الإنسانية، تجعلنا وحوش مقيدة خلف ملامح بشرية باهتة منطفئة، تجعلنا أجساد ما بين صدورها حفرت مئات المقابر، فماذا لو حلت تلك القيود على حين غرة، ماذا لو تحررنا أخيرًا من قمعنا القسري، من أين قد تبدأ رحلة الانتقام وبمن سنفتتح قائمة الضحايا التي إن كان لها بداية محال أن يكون لها نهاية، فالشر حين ينطلق لا يلجمه حدود ولا يحكمه عقل ولا يأخذه بأحد شفقة، كان هذا ما يدور في عقل فيلو الذي لا تهتز نظراته قيد أنملة عن وجه بتول التي تقف أمام الطبيب الذي طلبت من إدارة الفندق إحضاره لأجله بعدما رفض رفضًا قاطعًا الذهاب لأي مشفى ليخضع لفحص شامل ليتأكد من سلامة جروحه، كانت تقف بجواره بسكون يطوي بداخله صفحات العمر الذي مضى ويفتح صفحات جديدة تترقب بلهفة أن تخط فيها بيديها التي منحتها له طوعًا كل القادم، أحداقها تهتز بحنان ورهبة يثيران مشاعره ورجولته، بينما تضم كفيها اللتين ترتجفان بشكل ملحوظ وهي ترى جروحه بعدما عراها الطبيب المصدوم مما يراه فتنتفض هي مع كل لمسة من يد الطبيب لجسده كأنها تتألم عنه، كانت تهتم لأمره وتخشى عليه من الألم، كانت تتفقد ملامحه مع كل لحظة تشك فيها أنه يكتم آهاته ولا تدري أنه بعد كل نزال عنيف مع آلامه يحبها أكثر، مبالغة منه في حبها يعلم لكن ليقر في ذاته دون مراوغة أنها تستحق، مرت الدقائق دون أن يشعر بينما هو غارق في أفكاره ليجد الطبيب قد بدأ بجمع أدواته وهو يقول
" كل ما فعلته مجرد إنقاذ للموقف لكن يتحتم على السيد زيارة المشفى في أقرب وقت ممكن لإعادة الفحص ولكن بشكل أدق، وهذا الدواء عليكم إحضاره فورًا والاستمرار عليه بمعدل جرعة من كافة الاقراص كل ثماني ساعات ليساعد في سرعة إلتئام الجروح، خاصة وأن الجروح تبدو ملتهبة أمامي " ناول الطبيب بتول الورقة التي دوّن بها أسماء الأدوية وحدد بها موعد الجرعات فنظرت لها بتول وقالت
" هل يوجد بين هذه الأدوية مسكن للألم، أشعر به يتألم ليلا ولا يستطيع النوم "
قال الطبيب
" بالطبع لقد كتبت له على مسكن قوي فما أراه مؤكد يسبب له ألم مهول "
التفتت بتول تنظر لفيلو الذي يكتم ألمه عنها بإصرار بنظرة امتلأت بالعتب والتعب ثم قالت للطبيب
" شكرا لك "
تحرك الطبيب فتبعته بتول حتى الباب ثم سألته بقلق شديد
" هل هو بخير، أرجوك لا تخفي عني شيء "
ابتسم لها الطبيب وقال بلطف
" اطمئني سيدتي فحالته لا تدعو للقلق إلا في حالة الإصابة بحمى حينها أطلبي الإسعاف فورًا وقومي بنقله لأقرب مشفى أما حتى هذه اللحظة فكل شيء على ما يرام فقد لا تغفلي عن الدواء " كمشت بتول الورقة التي بيدها أكثر ثم قالت " سأفعل بالتأكيد، شكرا لك"
غادر الطبيب فأغلقت بتول خلفه الباب ثم تحركت نحو فيلو تقول " سأطلب من إدارة المكان إرسال شخص لإحضار الدواء، هل أطلب لك شيء لتأكله، أنا بت أشعرك ممتنع عن الطعام "
تأملها فيلو قليلا ثم قال بصوت داعب أوتار وهنها
" اقتربي بتول " تنهدت بتول بتعب واقتربت منه تسأله بإهتمام عكس بداخله شعور غامر بالأمان الذي يدرك أنها لا تشعر به بجواره
" هل تتألم حقا دون أن تبدي ذلك "
باغتها فيلو وهو يجذبها لتجلس أمامه على السرير ثم مال نحوها حتى أفنى كل المسافات بينهما وتصادمت بينهما أعاصير الأنفاس التي هاجت وهاج معها النبض والشعور ليغمرها فيلو بقوة ، لم يكن الأمر مجرد لجوء جسدي بل كان أشبه بلجوء كلي صدمها خاصة وهو ينحني ليضع رأسه على ساقها كما لو أنه طفل أبكم يناجي ظلها الهارب في عتمة العالم الموحش الذي لا يهتم فيه أحد لتمتمات عاشق عاجز ملقى على قارعة طريق الأيام فأغمضت بتول عينيها متأثرة بذلك القرب الذي يجتاح مشاعرها وقالت " أتدري من أنت فيلو؟؟؟ أنت رجل أنا عالقة معه داخل سجن بلا أبواب، رجل لا أستطيع ألا أحبه ولا أستطيع ألا أكره " صمت فيلو للحظة قبل أن يقول
" وإن طلبت منك أن ترين ذلك السجن جنتك بتول هل سأكون أناني في نظرك "
قالت له بهدوء وصدق " أنت تعرف أنك أناني بالفعل يا فيلو، وعليك أن تخشى من أن يحين بيننا وقت أراك فيه شيء أسوء من ذلك " سألها فيلو ورأسه التي حطت على ساقها تثاقل كرأس طفل على وشك أن يغفو "
لماذا لم تفعليها عندما علمتي الحقيقة "
قالت له بتول وأصابعها ترتفع قسرا لتغوص ما بين شعره الناعم "
عقلي الذي تعب من الركض والفرار أقنعني أنني ربما حين أسمع القصة كاملة منك أجد فيها ما قد يهون على عقلي بشاعة ما حدث " قال لها فيلو
" لا شيء قد يهون علينا بشاعة ما عشناه منذ لفظتنا أرحام أمهاتنا حتى اليوم لكن إذا كان هذا ما ستخدرين به ألم إدراكك لنمضي معًا وأنت راضية أنا مستعد لأخبرك بكل ما تريدين معرفته "
هزت بتول رأسها وقالت
" لا فيلو، أنا لن أطلب منك أن تتحدث بل سأنتظرك لتأتني وتخبرني بكل شيء متى شئت، لكي لا يكون لديك ذريعة في إخفاء شيء عني قد أعرفه يومًا ما وأعود لأغرق في صدمتي ولا أجد منك مبررا على ذلك سوى أني من ضغطت عليك لتتحدث "
قال لها فيلو
" تتحدثين كما لو أني رجل يملك مبررات البشر وأسبابهم الطبيعية، بتول أنا أقوى مبرراتي ستكون أمامك معقدة وليست مفهومة بل وربما تدينني في عينيك لا العكس لذلك أنا ربما يكون لدي ما قد أخفيه لكن لتبقى مبرراتي في ذلك بداخلي، أنا لن أجعلك مشجب لشيء أفعله بكامل إرادتي مهما حدث لذلك اسألي بكل ما يدور في خلدك وأنا هنا لأجيب " صمتت بتول لوهلة وصدق حديثه يمس قلبها الذي أصبح نبضه كفراشة حائرة تحوم حوله وأصبح هو لها دفء ونور ونيران ثم قالت بضياع
" الانفجار، موت مديرة منزلك، اختفائك، المقطع الذي انتشر لك، أبناء عمك الذين ظهروا من العدم، ثم تلك القذرة سديم، والطرد الذي كانت تهددني لأجله، ولغتك العربية التي لا تشوبها شائبة، وهذه المرة أعطني إجابات مقنعة لا لمحات ضبابية من شيء أجهله، أنا تعبت حقًا من تخبطي وجهلي "
رفع فيلو ذراعيه يحيط خصرها كأنه يخشى وقع ما سيبوح به عليها ثم قال
" بدأ كل شيء يخصك قبل إختفائي بتول، تحديدًا في ذلك اليوم الحارق الذي صممتي فيه أن نزور الاماكن السياحيه هنا هل تذكرين ذلك اليوم " قالت بتول بعدم فهم
" بالطبع يومها اشتريت لك القلادة وتعبت و….
قاطعها فيلو يقول
" وهناك من رأى الوشم على رسغك " رفعت بتول رسغها الموشوم تتأمله فقال
" وشمك هو الذي فتح باب الماضي بتول، يومها فقد أثرنا ربما لا أعلم لكن تشاء الأقدار أن تجمعك به طائرة واحدة حين رحلت بمفردك لحضور حفل افتتاح الفرع الجديد، كنت حينها أشعر أن تورطي فيك بات معقدا، كنت أخشى أن أصل معك لمرحلة لا رجوع فيها ثم أكتشف أنك لم تكوني سوى ألمًا جديدًا يضاف لقائمة النساء بعالمي لذلك قررت أن أبحث عما تخفيه عني ربما يضع ذلك في ما بيننا حد فاصل ما بين البداية والنهاية لأجد نفسي أرتطم بسديم التي كأنها بسرعة البرق أدركت عنا كل شيء ووفرت عليّ عناء البحث وجائتني بنفسها "
قالت بتول بقهر
" جائتك لمَ فيلو، لتتطالبك بالتخلي عني وتركي لأعيش كل ذلك الفزع وحدي، أم هي من وضعت لك خطة اختباري اللعين وأنت فقط من نفذ "
شابت نظرات فيلو ألم بالغ وقال
" لا هذا ولا ذاك يا بتول، حينها لم يكن أمر خوفي منك قد يغرني لأتعاقد مع الشيطان، فطرقي كانت دومًا أكثر من كافية في كشف معادن البشر، لكن لأنها شيطان أدركت مدخلي الحقيقي وعرضت عليّ صفقة لم أستطع رفضها " تساقطت الدموع من عيون بتول وكل ما عاشته بالشهور المنصرمة يمر كلمحات مؤلمة أمام عينيها ثم قالت
" وما هي هذه الصفقة "
أجابها
" انتقام قديم لم أستطع يومًا أن أتحرر منه لأني كنت مهدد به طوال الوقت، انتقام كان كلحم بعيد قربته وجعلته في راحة يدي، لقد عرضت عليّ أن تساعدني لأنتقم من كل من أذوني بالماضي خاصة أمي، ثم أخبرتني بكل شيء عنك، أخبرتني أنهم وجدوك وانتهى، وعاجلا أم آجلا سيصلون إليك وحينها لن يرحموك بتول، لقد كنت حينها على مفترق طرق شديد الانحدار وليس أمامي سوى الاصطدام بعنف لذلك اخترت إما أن أجد نفسي وأجدك أو أن ينتهي كل شيء من قبل أن يبدأ "
تحجرت الدموع في أعين بتول التي قالت له بحرقة
" كيف ماتت جوزفين "
تنفس فيلو بعمق وقال " لقد قتلتها "
صمت فيلو للحظة ثم قال
" لقد حاولت قتلي فجأة، كنت تلك الليلة لا أستطيع النوم قلق حين تفاجئت بفتاة تتسلل لغرفتي في البداية ظننتها فيرونيكا لكن مع قليل من الإدراك أجزمت أن فيرونيكا لن تقترب مني مجددا وحين حاولت إضاءة الغرفة هاجمتني كوحش ضاري مدرب وحاولت قتلي لندخل معا في صراع عنيف انتهى بقتلي لها فركضت خارج الغرفة بوجل لأفهم ما يحدث فتفاجئت برائحة الغاز تملك المكان ثم من العدم بدأت جوزفين في مهاجمتي فلم يكن أمامي حلا سوى النجاة بنفسي وحين حاولت إضاءة المكان حدث إنفجار مدوي أظنني فقدت وعيي به فلا أتذكر سوى أني حين فتحت عيني وجدت سديم تجلس أمامي " قالت بتول بصدمة
" لمَ قد تفعل جوزفين ذلك "
شدد فيلو ذراعيه حولها وقال
" كانت منهم، كانت طوال الوقت منهم، تخيلي "
قالت بتول بصدمة
" ممن "
قال فيلو
" ممن أذوني بتول، وما أكثرهم "
قالت له بتول
" هل تقصد هؤلاء الأشرار الذين تركتك والدتك لهم "
قال لها
" لم يعد لهم وجود، لقد قضيت عليهم واحد تلو الآخر، كنت أملك ألف دافع لأنزع أرواحهم من أجسادهم "
أغمضت بتول عينيها من صعوبة ما يقال وهي تقول بإدراك
" سديم من ساعدتك على فعل ذلك "
قال لها
" نعم "
قالت له
" والمقطع المصور الذي عرض على كافة الشاشات ورأيته بعيني هل كان حقيقي"
قال فيلو
" للأسف نعم، لا حرب بلا إصابات، لقد سقطت في يدهم وحاولوا إستغلال كوني رجل أعمال معروف للضغط على السلطات لكي تفرج عن بعض رجالهم لكن مع تدخل سديم لم يطل الأمر فقد أنقذتني ونفذت جانبها من الاتفاق وألزمتني بتنفيذ خاصتي " شعرت بتول بدوار من هول ما تسمع وقالت بوهن
" والأشخاص الذين طاردوني، هل كانوا يريدون الانتقام منك أم مني، هل كانوا من عصابة والدتك أم من جحيم والدي "
قال فيلو
" أظن بعد هروبي منهم حاولي ابتزازي بك لكني كنت واثق أن سديم لن تترك يدا لتمسككي لأن لديها لكِ ولي خطط أخرى " قالت بتول بإنفعال وقهر مكبوتين
" بالطبع، هذا أنا واثقة منه لكن ما دخل أبناء عمك في الأمر، أتعرف كم أرهبوني ووضعوني تحت الضغط، لقد بت لليالي أرتجف هلعا منهم " قال فيلو
" ظهور حرب وسلام لم يكن في الحسبان مطلقا، لقد كانوا يحاولون الوصول لي منذ فترة لكني لم أسمح لهم بالاقتراب ومع غيابي بات عبورهم نحو عالمي ممهدا أكثر، ومع إختفائي المريب أظن أنهم لم يجدوا غيرك ليوجهوا شكوكهم نحوه "
قالت بتول وهي تنتفض بثورة عاتية
" لا تتحدث كأنك لا تعرفهم لقد بدت علاقتك بهم وطيدة، لقد بدوت عربي مثلهم وأكثر "
رفع فيلو وجهه وذراعيه يضمها بعنف ويكبل انفعالها وقال
" أنا تعلمت العربية منذ زمن بتول، ظللت أمارسها لسنوات طويلة وحدي أمام مرآتي، ظللت أحاول أن أفهم ماهية العالم الذي أتيت منه كأنما اقتلعت جذوري وألقيت في مهب الريح، ظللت أراقب وأتقرب من جميع العرب في محيطي، ظللت أقرأ عن كل شيء عنهم قد أجهله، ظللت أبحث عن هويتي بخوف وصمت وعجز وسرية لما يزيد عن الأربعين عامًا لذلك حين آن الأوان وجدت نفسي قادرًاعلى التحدث بها، وجدت نفسي قادرًا على الشعور بأنها ليست شيء غريب على مسامعي أو لساني، أما فيما يخص علاقتي بعائلة والدي فكل شيء كما المعتاد لم يكن مرتبا له، لكن سديم تولت عني ترتيب الأمر بعقلها الشيطاني، وكله بالطبع كان لصالح مخططاتها، لقد أخبرتني أن هناك رجل يمني هو من سيتولى فتح تلك المقبرة وتقديمك كقربان، وأن أول شيء عليّ فعله هو التخلص منه ولأفعل ذلك عليّ طلب العون من عائلة أبي والتي كانت بدورها تبحث عني لأن هذا الرجل له أتباع لا تريد شراء عداوتهم إذا ظهرت في الصورة بأي طريقة "
بكت بتول وقالت
" هذا كثير فيلو "
قال لها
" أعرف صدقيني " قالت له
" والطرد ؟؟؟ ذلك الطرد الذي كانت ترهبني لأجله "
قال لها فيلو
" أظنها كانت تريد أن تدرك طريقة التواصل ما بين ذلك القذر والرجل الأعلى شأنًا منه لكن لم يسعفها الوقت وذهبت للجحيم ولحق هو بها "
بكت بتول وهي تهز رأسها بتعب وفزع وقهر يتفاقم داخلها فاقترب منها فيلو يريح جبهته على جبهتها ويقول بخفوت
" كل هذا انتهى بتول، تيقني من ذلك "
نظرت لعمق عينيه باحتياج شديد لعناق قوي يبدد بدفئه سقيع ألف شتاء مر عليها وقالت
" والوشم "
تجمدت ملامح فيلو وقال لها وهو يلبي نداء الصمت في أحداقها بعناق غامر
" هذا الأمر يمكنك اعتباره كأنه لم يكن، لنذهب غدًا ونمحي تلك الوشوم فما عدنا بحاجة لها "
تمسكت به بتول وهي ترتجف ببكاء كأنها عالقة في لعبة أفعوانية جنونية الحركة فأغمض فيلو عينيه يستشعر قربها بكافة حواسة وهويدفعها بلطف لتتسدح على السرير خلفها بينما يميل هو نحوها.
༺༻
لا تقل أن ما بينا كان غبار دفعته الرياح إلى عينيك على حين غرة فأعماك، فليس هوانا ما أصابك بالعمى بل خوفك من عشقي الذي عمرت به ثناياك.
༺༻

بنفس الوقت داخل الملهى الليلي اندفع شاهين بصدمه وتبعه آصف حين التفتت الأنظار نحو علِي الذي وقف مطبقًا كفه بقوة على عنق المرأة أمامه بينما هي تصرخ وتقول
" اتركني أيها الوغد، اتركني فأنت لا تقل عن اللعينة الأخرى جنونًا "
توقفت أصوات الموسيقى وبدأت الإضاءة في الوضوح في اللحظة التي وصل بها شاهين إلى علِي يجذبه بكل عنف للخلف ويقول
" ماذا تفعل أنت، هل أنت واعي، ماذا شربت "
التفت له علِيّ يقول بإنفعال
" اسألها عمّا قالته لي "
صرخت الفتاة محاولة إثارة فضيحة مدوية وهي تقول
" أنا لم أقل له شيء هو من تعدى عليّ بلا مقدمات والجميع يشهدون "
أسرع آصف يخرج رزمة من الدولارات من جيبه وسحب منها عدة ورقات من فئة المئة دولار ودفعهم نحوها قائلا برازنة "لنتفاهم "
صمتت المرأة بتفكير ثم وضعت الدولارات بحقيبتها وقالت
" لا يوجد ما هو أفضل من التفاهم، تحت أمركم يا سادة، أؤمروني "
هدر بها علِيّ
" أخبريه بما كنتِ تقولينه لي حالًا " نظرت له المرأة بريبة وقالت
" حسنًا ولكن اهدأي قليلا لكي لا يضيع شبابك هدر "
ثم ضحكت ضحكة خليعة فصرخ بها علِيّ بقوة انتفض لها جسدها " تكلمي "
قالت المرأة
" أنا لم أقل شيء سوى أني لست معتادة على رؤيته في تجمعات رجال الأعمال حيث أكون متواجدة على الدوام، وبمجرد أن ذكرته باليوم الذي تقابلنا به أنا وهو كاد أن يقتلني "
نظر شاهين لعلِيّ متسائلا فقال له علِيّ
" لا تنظر لي هكذا بل إسألها هي أين قابلتني "
نظر شاهين للمرأة وقال
" وأين قابلته من قبل "
قالت المرأة
" رجال آخر زمن يفعلون فعلتهم ثم يقولون لا نعرفك، على أي حال هذا الوسيم الطويل قابلته في أحد الفنادق التي كان يقام بها احتفال ضخم حيث دفعت لي الآنسة والتي لست واثقة أهي آنسة أم مدام فرد فعلها حين رؤيته كان مريب " صمتت المرأة فهز شاهين رأسه بانفعال وقال
" تكلمي بشكل مباشر "
رفعت المرأة كفها بحركة تدل على المال فأخرج شاهين محفظته التي كان بها مبلغ بالعملة المصرية فأخرجه ودفعه نحوها فقالت له بميوعة
" أريد من الاخضر خاصة ذلك الرزين " مد شاهين يده في جيب آصف وأخرج عدة أوراق أخرى لكنه تركها معلقة بيده وقال لها
" وضحي ما تقولينه "
ابتسمت المرأة بظفر وقالت له
" لأنك طيب ولطيف وشهم ومن يجاورك محترم وكريم سأخبركم بكل شيء، اسمع يا سيدي، من تراها أمامك لا تخرج لعمل خاص إلا لأشخاص محددة فأنا أهم شيء لدي بالعمل هو السرية والأمان لي وللعملاء خاصتي حتى ذلك اليوم الذي أتاني به عمل غريب قبلت به لأن عملي كان يمر بحالة ركود وكما ترون الرجال الآن أصبح إصطيادها أصعب من اصطياد التماسيح " مالت تقول لهم بخفوت " جميعهم مراقبون من زوجاتهم "
ثم ضحكت بقوة لا تدري أنها اغتالت صبر الواقفين أمامها
فقال لها شاهين بحدة
" مازلت لم أفهم " قالت له بتوتر حين فطنت لغضبه
" عملي كان محاولة جر الوسيم الذي أشعر أنه لم يسبق له أن فعلها مع إمرأة "
التفتت نحو علِيّ تقول له
" اعذرني هذه حقيقة لقد كنت متمسك بقميصك كأنه أعز ما تملك "
ضحكت المرأة بميوعة خانقة فهدر بها آصف بصوت كحد السيف
" أكملي "
اندثرت الضحكة كأنها قتلت ودفنت في حلقها وقالت بجدية
" والله لقد ظننت أني أقوم بشيء خيري لوجه الله وإنقاذ بيت من الخراب، وحين كنا على وشك البدء تفاجأت بباب الجناح قد فتح ودخلت علينا فتاة صهباء اقتحمت المكان وقد بدت مصدومة لوهلة قبل أن تصرخ وتكسر الجناح بأكمله فوق رؤسنا "
قال شاهين بصدمة كبيرة
" أنت من كنت معه بالجناح يوم الحفل" صرخ علِيّ بها
" أخبريني كيف من الممكن أن يكون كل هذا لا وجود له بعقلي كأنه لم يحدث، كيف لا أتذكر شيء"
قالت المرأة
" أعتقد ذلك عائد لكونك قد تعاطيت شيئًا يومها جعلتك في عالم آخر "
قال لها آصف بحزم
" تقولين أن هناك من اتفقت معك "
قالت له المرأة
" طبعا أنا لا أعمل لوجه الله كان اتفاقي معه على ألف دولار ويمكنك أن تقول أنه تم النصب عليّ لقد كانت ليلة سوداء "
قال لها آصف
" لو رأيت صورتها هل يمكنك التعرف عليها "
صمتت المرأة فدفع آصف يد شاهين الممسكة بالدولارات نحوها فجذبتهم بحماس وقالت
" أخرج صورتها من بين ألف صورة "
نظر آصف لشاهين وقال
" أطلب من أختك أن ترسل كافة صور فتيات العائلة اللاتي حضرن هذا الحفل " نظر له شاهين بصدمة وقال
" محال أن تكون إحدى فتيات العائلة من فعلت، بربك لمَ قد تدفع فتاة منهن بعاهرة إلى سريره هل جننت "
قال له آصف
" هي تقول فتاة إذا هي فتاة ثم أنا لم أجزم بعد أنها من العائلة لأننا سنعرض عليها صور سارة وصديقاتها أيضًا ووحدها من ستحدد ذلك من عدمه "
نظر شاهين لعلِيّ الذي لم يكن أقل صدمة منه كأنه لم يستوعب بعد ما يدور ليقول آصف
" لنخرج من هنا، الجميع يراقبنا "
قفزت الفتاة عن المقعد بخفة ثم جذبت فستانها القصير لأسفل وحملت حقيبتها الموضوعة على البار وتحركت تتقدمهم فسار خلفها الثلاثة رجال في مشهد بدى لكل الحاضرين كأنهم كانوا يتزايدون فيما بينهم للظفر بها وفي النهاية تمت الصفقة لثلاثتهم بنجاح.
༺༻
ببهو الفندق توقفت أقدام شاهين على بعد خطوات من المصعد ليقول بغضب
" لقد نزلت مندفعا ونسيت المفتاح، اسبقوني أنتم وأنا سأطلب المساعدة من فريق الاستقبال "
قال له علِيّ بحدة
" لا نحن سننتظرك هنا "
نظرت له المرأة بعبث وقالت
" لا تخف أيها الوسيم أنا لا أعض "
أكفهرت ملامح علِيّ ليقول آصف
" كفانا لفتًا للأنظار، لنصعد يا علِيّ "
ضغط آصف زر المصعد فتحرك شاهين مسرعًا نحو إحدى عاملات الاستقبال يقول مسرعا
" من فضلك لقد نسيت مفتاحي بالجناح وأريد مفتاح آخر أو شخص يساعدني على فتح الباب "
ابتسمت العاملة وقالت " ما رقم جناحك " ضيق شاهين عينيه وقال
" لا أتذكر، أعتقد مئة وسبعة أو وتسعة هو بإسم شاهين الجوهري "
قالت له العاملة
" امنحني لحظات للتأكد "
قال لها شاهين
" أسرعي من فضلك "
ليسمع صوت يقول
" شاهين "
التفت شاهين بحاجبين معقودين لمحدثه ليتجمد حين وجد نفسه وجهًا لوجه مع بلال الذي قال له
" كيف حالك شاهين، لقد وصلني خبر أنك هنا لكن لم أظن أن لقائنا سيكون بهذه السرعة "
تجاهله شاهين وهو يضرب بيده على الحاجز الرخامي أمامه بانفعال وهو يقول
" أسرعي من فضلك " قال له بلال بإصرار
" شاهين أنا أريد التحدث معك "
قال له شاهين دون أن يلتفت له
" أنا لست متفرغًا للحديث "
قال له بلال
" إن كنت تتحاشاني بسبب شيراز فقد طلقتها وانتهينا يا شاهين وها أنا أتيت إليك أتحين الفرصة لكي أرد حق السنين والصحبة والعشرة " التفت شاهين ينظر له بتهكم ألم بلال وأغضبه ودفعه ليقول بانفعال
" أنا لم أخنك شاهين وشيراز لم تفعل قط، ما حدث لك من أهلها لا يد لها به ويشهد الله على ذلك ويشهد الله أنها دفعت ثمن علاقتها بك غاليًا، لقد عذبوها وتركوها تنزف حتى أوشكت على الموت، عذبوها ببشاعة تتخطى ما رأيته يحدث لها بعينيك، وأنت في تلك الفترة لم يكن لك حولًا ولا قوة بعدما حاولوا قتلك، لقد فكرت أن تطلب النجدة من والدك لكن لو أنها فعلت لقتلها والدك دون أن يرف له جفن فلم يكن أمامي سوى عقد صفقة معهم وضعتني لسنوات تحت الضغط لأنقذها منهم، أنا لم أخنك يا صاحبي لكن لم يكن هناك حلًا متاح أمامي غير ذلك، هذه القطيعة ما عاد هناك داعي لها وقد ظهر كل شيء "
نظر له شاهين وقال
" أنت محق في كل ما قلته إلا شيء واحد، أنك لو كنت بنفس مكاني لحاولت أنا إيجاد حلا غير أن أتخذ من إمرأة تريدها حليلة لي وأن أرحل بها بعيدا دون أن أبرر لسنوات طويلة تاركًا إياك لجحيم لا يعلمه إلا الله، أنا لم أعد أحمل في ذاتي نحو شيراز إلا شعور بالذنب أني تسببت لها فيما لم أستطع أن أحميها منه، لكن يبقى موقفي منك على حاله بلال، أنت لست صاحبًا يؤتمن، لمَ حين استعدت وعي لم تعد وتعيدها "
اندفع بلال يقول
" لقد رفضت "
قال له شاهين
" وأنت خضعت لرفضها لرهبة أم لرغبة، وعشت معها كزوجة لك لسنوات راضيا أو رافضا، دعني أكن واضح معك يا بلال لا رجل يربط مصيره بإمرأة لا يريدها، أنت أردتها ولذلك فعلت ما فعلت لكن يبدو أنك اكتشفت أنها لم تكن بمقاس أحلامك، وسأقولها لك مجددا أنا حاليا رجل شيراز لا تعنيه بشيء ولا أتحدث عن الموضوع بشكل شخصي لكن أتحدث عما فعلته بشكل عام، أنت لست صديق قد أرتاح لوجوده في محيطي، دع الطريق يأخذك إلى حيث ستجد من يشبهونك، لقد سمعت أنك تزوجت " صمت شاهين للحظة ثم قال
" حاذر فالقدر حين يرد الصاع تكن صاعين " توحشت نظرات بلال لتقول العاملة
" سيد شاهين سيرافقك أحد العاملين ليفتح لك الباب، أنه ينتظرك
بجوار المصعد "
ألقى شاهين نظرة حادة على بلال الذي تجمد مكانه يراقبه يبتعد وقد تملك من قلبه الخوف الشديد من أن تكون الحقيقة الوحيدة في كل هذه القصة هو ما قاله شاهين للتو وأنه في لحظة ما أراد شيراز لذلك فعل كل هذا ليحظ بها.
༺༻
قلت للغيمات في عينيك أني لست من جمع بهما قطرات المطر، وأني لست سوى عابر على أرضك يقبل أن تجتاحه السيول على أن يهاجرك أو تهجره.
༺༻

قبل قليل بمنزل منذر كانت ملاك تقف بجوار سارة التي تولي كامل انتباهها لكنزي التي تقول
" سنصنع عدة بوابات دائرية من الورود لنشكل مدخل يخطف الأنظار لمكان الاحتفال، سنخلي هذا الجانب من أجل المائدة المفتوحة ستكون ملائمة أكثر مع الأجواء وستضمن لنا قدر من الخصوصية بعكس وجود طاقم ضيافة "
التفتت كنزي لتولين التي تبدو مرهقة وقالت " ما رأيك "
قالت تولين
" لنجعل كل التفاصيل تنحصر في اللون الابيض واللون الذهبي، الطاولات المقاعد الأضواء، أما فيما يخص المائدة المفتوحة فهي فكرة جيدة لكن ليكن هناك في أضيق الحدود عاملين أو ثلاثة ليشرفوا على الأمر فلا أظن أن واحدة منا ستكون متفرغة لفعل ذلك "
قالت سارة بحزن شديد
" فرحة دومًا ما كانت تجيد التخطيط لهذه الأمور "
أسرعت تولين تقول لها
" أخفضي صوتك لكي لا تسمعك سما ألا ترين حالها "
زمت سارة شفتيها بحزن فتنهدت تولين وقالت
" نريد مكبر صوت وعمال لتنظيم كثافة الرمال فالشاطيء لم يتول إهتمامًا خاصًا منذ فترة على ما يبدو " قالت ملاك
" سمعت منذر يقول لبهية أنه حدث أحد المسؤولين عن المكان بخصوص هذا "
تعالى رنين هاتف ملاك فزفرت بقهر وقررت تجاهله لكن اسم رهف الذي ظهر أمامها جعلها تجيب وهي تبتعد عن الفتيات قليلا
" رهف كيف الحال " وصلها صوت أمها تقول
" كيف حالك أنت يا ملاك"
تسارع نبض ملاك وقالت
" بخير يا أمي، سأخرج مع كنزي وسارة بعد قليل لنشتري ما يلزم الحفل ونتعاقد على الطعام، هل تأمريني بشيء " قالت والدتها
" نعم يا ابنتي، أريدك أن تجيبي على مكالمات أيوب فقد استأذني ليتواصل معكِ ويطمئن على أحوالك خاصة أنك بمدينة أخرى وأنا وافقت "
قالت ملاك وهي تغلق عينيها بقوة كأنها تلجم غضب لا تعرف كيف تعبر عنه
" يا أمي…يا أمي أنا محرجة جدا من أمر التواصل معه، ولا أعرف ما الذي يتوجب عليّ قوله، ولا أعرف حتى كيف يجد بي التفكير بهذا الأمر وأنا أشعر أني وضعت أمام الأمر الواقع ولست مرتاحة لذلك "
قالت لها والدتها بهدوء
" الرجل دخل البيت من بابه، واستأذن قبل أن يتواصل معكِ وأنا لم أمنحه موافقتي إلا عندما أدركت أنه رجل لا يعوض يصعب أن تجدي في هذا الزمان من بمثل رزانته ووضوحه وصراحته، يا ابنتي امنحي نفسك معه فرصة فأنا أريد أن أطمئن عليكِ، أريدك أنتِ وإخوتكِ أن يصبح لكن سند وظهر، أنا لن أنكر أن الشباب من حولنا يقومون بالواجب لكن يبقون يا ابنتي أغراب، وأنت لم تعودي صغيرة وابن عائلة الرفاعي لا يرفض "
قالت ملاك بعجز
" أمي أرجوكِ ….
قاطعتها والدتها تقول
" لقد دعوت لك كثيرا بالزوج الصالح وأشعر أن أيوب هو دعوتي المستجابة "
قالت ملاك
" لكن …
قاطعتها والدتها تقول
" أجيبي على الشاب وتحدثي باحترام، وليبقى حديث كما في حدود الأصول، أريحي قلبي يا ابنتي هداكي الله "
قالت ملاك بقهر
" حسنا يا أمي سأفعل "
أغلقت والدتها الخط فتوقفت ملاك للحظة تتأمل البحر بهم بالغ وحين همّت بالتحرك تعالى رنين هاتفها فنظرت ملاك للهاتف بغضب شديد ثم أخذت نفس عميق وأغمضت عينيها وردت عليه مكرهه كأنها تقوم بعملية انتحارية وقالت " أهلا سيد أيوب " وصلها صوته الهاديء يقول
" لمَ لم تجيبي على مكالماتي من قبل " قالت له وهي تضرب قدمها في الأرض بحدة " كنت مشغولة مع الفتيات في الترتيب للحفل وهذا أبسط من أن يدفعك لتشكوني لوالدتي "
قال لها أيوب
" ملاك أنتِ لست طفلة لأشكوك لوالدتك أنا فقط أردت إبلاغها أننا لم نتواصل بعد لكي لا تظن العكس، لقد لاحظت أن والدتك متشددة وهذا شيء يحترم لذلك أردتها أن تمنحك بنفسها الاذن لتجيبي عليّ فلربما عدم ردك نابع من إدراكك رفضها ذلك " صمتت ملاك للحظة ثم قالت بانفعال مكتوم" حسنا سيد أيوب، حسنا لقد فهمت وأجبت "
قال لها أيوب
" بما أنك قد أجبت أخبريني عن أخبارك وأحوالك وماذا تفعلين بيومك، وهل يوجد شباب بمحيطك …أقصد هل تخرجين كثيرا "
قالت له ملاك كأنها إنسان آلي
" أنا بخير، أخباري خير وأحوالي خير وأمضي يومي بين الفتيات اللاتي تحضرن للحفل، ولا يوجد شباب في محيطي غير السيد منذر فنحن بمنزله، ولا أخرج إلا للضرورة " أنهت حديثها فضحك أيوب بقوة فبدى رنين ضحكته في أذنها مع تدافع الموج أمامها مخيف فبدأت تذكر الله وهي تسمعه يقول
" أحاول أكون خاطب تقليدي لكن الأمر لا يروق لي، أنا أردت فقط إبلاغك أني مدعو للزفاف وقررت الحضور وها أنا أبلغك لكي لا تنصدمي حين تريني كمن رأت عفريت من الجن " قالت له ملاك بعصبية " من دعاك بالضبط " قال لها أيوب
" لقد طلب مني بشر تولي بعض الأمور القانونية الخاصة بزوجته ورائف الذي دعاني لزفافه "
صمتت ملاك بغيظ فقال لها أيوب
" هل أكلت القطة لسانك "
انتفض جسد ملاك وقالت
" لا تذكر القطط وأنت تحدثني "
قال لها أيوب
" والسبب "
قالت له ملاك
" أنت تعرف السبب جيدا "
قال لها أيوب بهدوء
" أنا لا أعرف وأسألك "
قالت له بانفعال
" لا أنت تعرف "
قال لها باستمتاع
" أنا لا أعرف شيء مطلقا "
قالت له ملاك
"الجميع يدرك أن عائلتك تخاوي الجن وأغلبهم يتحولون إلى أفاعي وقطط بعيون تبرق في الليل وأن منزلكم العتيق هذا يسكنه الجن منذ سنوات وأنا في الحقيقة لن أستطيع التأقلم مع هذا الوضع وأخشى أن أرفضك فتؤذيني " صمت أيوب لوهلة ثم سألها
" ملاك هلا أخبرتني بمؤهلك الدراسي " قالت له ملاك بوجه تخرج منه النيران
" درست إدارة أعمال "
ضحك أيوب بقوة رعد لها جسدها أكثر وقال
" أريدك أن تتمسكي بهذا الهاجس أكثر، ولا تحاولي أن ترفضي لكي لا أحيل عليك كافة أهلي وعشيرتي من الجن واعلمي أني حولك في كل مكان " قالت له ملاك بإنفعال
" وأنا سأحصن نفسي " قال لها أيوب
" نحن جن مسلم التحصين يجذبنا أكثر " صمت أيوب للحظة ثم قال
" لا أعرف كيف ولا متى لكني متلهف للقائك جدًا وداعًا ملاك "
أغلق أيوب الخط فدارت ملاك حول نفسها وهي تصرخ
" لقد تعبت …تعبت " اقتربت منها الفتيات فسألتها كنزي
" ماذا حدث"
قالت ملاك بحزن
" لقد تعبت من ذاتي التي لا تجذب حولي سوى كل شيء مخيف، أنا لم أتعاف مما حدث بعد ليظهر لي أيوب هذا من العدم ويحاصرني هكذا، أنا تعبت أن لا أحد يصدقني منكم، اعتبروها تخاريف جنون أو غيره أنا واثقة مما رأيت وأنا صغيرة، لقد كان جني بشع بعيون تبرق في مدخل منزلهم، لقد بقيت أسير طريق طويل تحت أشعة الشمس الحارقة لكي أذهب لمدرستي وكم أتعبني ذلك ولم أجرؤ على أخذ الطريق المختصر الذي يمر بيتهم أبدا، أتعلمون أنا لم أعد حمل فزع أو وجع أو حزن فأنا حزينة بالفعل " تحركت ملاك نحو المنزل فتبادلت الفتيات نظرات الذهول فيما بينهن لتداهم تولين نوبة غثيان عنيفة جعلتها تركض خلف ملاك نحو المنزل لتقول سارة
" بعدما كنا زينة الفتيات أصبحنا البائسات، وكله قد يمر إلا تلك التي تظن أن آيوب الرفاعي نفر من الجن "
ابتسمت كنزي بروح لم تشعر بالدعابة ولكنها تغرق في كوميديا سوداء ليهتز هاتفها منبها إياها لوصول رسالة فأخرجته من جيب بنطالها وفتحت تطبيق الرسائل لتنسحب الدماء من وجهها تمامًا قبل أن ترتعش شفتها السفلي بقهر شديد فحركت سارة رأسها بإستفهام وجل وقالت
" ما الأمر "
أدارت كنزي لسارة شاشة الهاتف فتوسعت أعين سارة بصدمة لتقول كنزي
" انظري، لقد كان يقول لي لم يحدث شيء، كان يكذبني ويقول لا أتذكر كيف وأين ومتى، وللصدفة العظيمة إنها نفس القذرة التي كان معها بجناح الفندق، أقسم لكِ أنها هي "
قالت سارة بارتباك
" أشعر أن علي ليس من ذلك النوع، إنه يحبك كثيرًا "
صرخت بها كنزي
" توقفي عن ترديد تلك الكلمة، لا تقولي يحبك، توقفي عن إيلامي " ركضت كنزي نحو الخارج فركضت سارة خلفها وهي تقول
" إلى أين، انتظري …انتظري كنزي سآتي معكِ "
لم تتوقف كنزي ولم تتريث لتخرج تولين التي تجفف وجهها المجهد بمنشفة فترى المشهد المريب أمامها فأسرعت تلحق بهم لتتبعهن بهية وهي تتساءل برهبة
" ماذا يا فتيات "
قالت سارة وهي تركب السيارة
" أمر يخص علِيّ زوج كنزي يا بهية اطمئني "
قالت تولين وهي تفتح باب السيارة
" ماذا حدث"
نظرت لها سارة بعجز فركبت تولين السيارة وقالت لبهية
" بهية من فضلك اطلبي من ملاك أن تستيقظ لتولين ورحيل لكي لا تتسللا للبحر وأنا سأذهب معهما لأفهم ما يحدث " انطلقت كنزي بسيارتها بسرعة جنونية لتتحرك دراجة نارية كان قائدها رابضًا يراقب المكان خلفهن في اللحظة التي توقفت فيها سيارة منذر الذي ترجل مسرعًا ينظر لسيارة الفتيات المنطلقة بريبة ويسأل بهية
" ماذا حدث"
قالت بهية
" لا أعرف سارة تقول أمر يخص زوج كنزي، أرجوك يا منذر لو كان بشر ومؤيد في فندق واحد هاتف بشر ليخبره بما حدث لعل الموقف يستدعي وجوده بجوار أخته " شعر منذر بالتشتت للحظة خاصة كونه لا يعرف حقيقة ما يدور لكن لم يطل الأمر كثيرا قبل أن يرفع هاتفه وخلال ثواني يقول
" بشر أين أنت ".
༺༻
متى ستعيد صياغة ذلك الصمت الذي يغتالني لتمنحه معنى أكثر عمقا وصدقا معنى قد يوفر عليك عناء قتلي لأن وقع صوتك ترافقه كلمة حب قادرين على بتر خط نبضي المتعرج في التو.
༺༻

بعد قليل داخل بهو الفندق كانت كنزي تركض نحو عاملة الاستقبال بانفعال تقول " أين الملهى الخاص بالفندق "
مظهر كنزي الذي بدى متحفز وعدواني جعل العاملة تقول لها بهدوء
" سيدتي أخبريني بما تريدين تحديدا وأنا سأساعدك "
قالت كنزي بغضب
" أريد مكان الملهى" نظرت العاملة لكنزي بعدم راحة وقالت
" سأستدعي مسؤول الأمن ليرافقك فأنتِ تبدين في حالة غضب واضحة والمكان كما ترين مليء بالزوار " قالت لها كنزي
" ماذا تقصدين بحالة غضب واضحة هل أقف أمامك وأنا أصرخ وأمزق شعري "
شعرت سارة أن الموقف يتصاعد فدفعت كنزي من أمام العاملة بلطف وقالت
" من فضلك نحن نريد أن نعرف مكان السيدان علِيّ الجوهري وشاهين الجوهري " قالت العاملة وهي ترمق كنزي بعدم راحة " لقد صعدا لجناحهما للتو "
قالت لها سارة
" هل أنتِ متأكدة " قالت العاملة
" بالطبع لقد نسي السيد شاهين مفتاحه وأرسلت معه أحد العاملين ليفتح له الجناح "
نظرت سارة لتولين التي قالت بهدوء
" من فضلك هلا أرسلت معنا عامل ليفتح لنا الجناح مجددا لأننا قلقين على السيد علِيّ والسيد شاهين فهما لا يجيبان على هواتفهم، وهذه السيدة كنزي الجوهري زوجة السيد علِيّ، وهذه السيدة سارة خطيبة السيد شاهين "
قالت الفتاة بتوتر
" سأحاول أن أهاتف الهاتف الخاص بالجناح "
قالت تولين
" حاولنا كثيرا وعليك تقدير قلقنا وإلا سنلجأ لشخص من الإدارة ليساعدنا "
توترت العاملة وبدا على وجهها التفكير قبل أن تشير لأحد العاملين بالمكان ليقترب وقالت له
" من فضلك ساعدهم بفتح باب الجناح مئة وتسعة "
قالت لها تولين
" شكرا لك "
قالت العاملة
" أريد دليل على كون السيدة زوجة السيد علِيّ وإلا لن أستطيع السماح لكن بالصعود
" أسرعت كنزي تغط شاشة هاتفها بعنف ليظهر مقطع من عقد قرانها هي وعلِيّ فتوجه الشاشة للعاملة وهي تقول
" هذا كل المتاح الآن " اكفهرت ملامح العاملة فيما تحركت الثلاثة فتيات خلف العامل نحو المصعد.
༺༻

داخل الجناح كان شاهين الذي أرسلت له سيدرا صور كافة فتيات العائلة يجلس على بعد سنتيمترات من المرأة التي ترمقه بنظرات مغوية وتحاول لمسه بأي طريقة كانت وهي تهمس له
" هل أنت مرتبط " فينتفض شاهين بعصبية محاولًا تحاشي تحرشها الواضح به وهو يقلب بالصور على شاشة هاتفه ويقول لها بحدة
" ركزي في الصور …في الصور "
ابتسم آصف الذي كان يقف بجوار النافذة على حالة شاهين المتوترة بينما جلس علِيّ على الأريكة المقابلة لهما بتحفز شديد ليقاطع تقليب شاهين المستمر بين الصور رنين هاتفه برقم سيدرا التي تلح بالرنين عليه منذ أن طلب منها أن ترسل له صور كافة فتيات العائلة دون سبب واضح، فيقطع شاهين رنين الهاتف بنزق شديد وهو يدفع بيد المرأة التي تسللت لجانب عنقه ويهدر بها مجددا
" قلت ركزي بالصور "
همست له
" أنت أفضل من الصور بكثير "
انتفض شاهين يبتعد كالملسوع فضحكت المرأة بقوة فدفع شاهين بالهاتف نحوها وقال لها
" تفقدي باقي الصور " نظرت المرأة للشاشة وقالت بحركات إيحائية " لم يعد هناك داعي فها هي من تبحثون عنها "
اقترب شاهين ينظر لشاشة الهاتف لتتوسع عيناه بصدمة ويقول لها
" هل أنتِ متأكدة " مالت المرأة نحوه وقالت بصوت مغوي
" متأكدة جدا لكن هل الخدمات المطلوبة مني محصورة في تفقد الصور، لعلمك أنا قد أروق لك والتجربة خير دليل "
ضحكة المرأة بقوة لم تؤثر بشاهين الذي كان ينظر للصورة بصدمة كبيرة قبل أن يناول الهاتف لعلِيّ الذي حل عليه جمود الصدمة قبل أن يبتسم ابتسامة اجتمع فيها الاذدراء بالسخرية وقال
" كم أنا أحمق حسن الظن بالبشر، كم أنا غبي، أليست من أل الجوهري، كم يبدو الأمر منطقي رغم كل شيء "
قال له شاهين
" الأمر صادم لكن لنتصرف بالعقل يا علِيّ، بالعقل "
هاج علِيّ وهو يقف بغضب قائلا كأنه بركان وانفجر
" أي عقل، أنا سأقلب الدنيا فوق رأس الجميع، سأجعل العائلة بأكملها ترى ابنة الحسب والنسب التي اتفقت مع عاهرة عليّ "
قالت له المرأة بمرح
" احفظ لسانك، أنا لست عاهرة أنا فتاة ليل هناك فرق"
ثم وضعت يدها على كتف شاهين وضحكت بانطلاق كأنها لا تعي لما يحدث حولها ليأتي صوت سارة الصارم يقول
" ماذا يحدث هنا " نفض شاهين يد المرأة عنه بسرعة لتتقدم كنزي التي وقفت متجمدة تشعر أن كسرة قلبها عادت لتجتاحها بكل قوة كأنها عاصرت أولى لحظات تلك الفجيعة للتو، نظر علِيّ لوقفتها المهتزه وقال
" أهلا وسهلا، لقد وصلتي في الوقت المناسب لكي تمسكيني بالجرم المشهود مجددا، فينجرح قلبك مجددا وتنهارين مجددا وتهربين مجددا وتصرخي بي طلقني لكن أتعرفين أنا سأوفر عليك كل هذه الرحلة فلا انهيار ولا صدمة ولا ركض لأني تعبت، تفضلي .. تفضلي لتتعرفي على رفيقة ليلتي المشؤومة ولتسأليها عما يجمعني بها "
قالت المرأة وهي تحاول الالتصاق بشاهين التي كانت عيناه تتحرك بين علِيّ وكنزي وبين سارة
" أستأذن أنا فهذا المؤتمر يعد موسم عمل وأنا هكذا أضيع وقتي هباءً
" قال شاهين لكنزي بينما عينيه تتحرك بوجل لوجه سارة التي ترمق المرأة الملتصقة به بنظرات قاتلة
" كنزي علِيّ مظلوم، بيان من دفعت لتلك المرأة لتذهب إلى جناحه وتحاول أن تتقرب منه ومؤكد رتبت لوصولك في الوقت المناسب، علِيّ لم يكن واعيا ومؤكد هي أيضا من رتبت لذلك "
توسعت أعين تولين وشعرت بالغثيان والقرف فأمسكت فمها بقوة وركضت تبحث عن الحمام ليدفع شاهين يد المرأة التي تتسلل لكفه بعنف بينما تنظر كنزي لعلِيّ بصدمة كبيرة لكنه هدر بها
" لا تنظر لي هكذا، هل صدمتك ليس كصدمتي بالطبع، لكنت وفرت عليّ عناء كل ما مررنا به لو أنكِ تنازلتِ وتحدثتِ معي كما البشر، بدلًا من كل ذلك الضغط الذي بات يضربني بلا رحمة، قليل من الثقة، قليل فقط كان ليحل كل ذلك لكن كيف قد أطلب منك الثقة وأنت تريني من فيلق العدو، كأن زواجنا فخ وأنت الحذرة المحاذرة التي لن تسلم ولن تسقط فيه "
قال شاهين
" يا علِيّ لنحمد الله أن الحقيقة ظهرت لتعلم أنت موقف كنزي ولتدرك هي موقفك " رفعت المرأة يدها مجددا لتتودد لشاهين فضربتها سارة على يدها بعنف وقالت لها بشراسة
" اخرجي من هنا حالا قبل أن أكسر عنقك " ركضت المرأة تحمل حقيبتها وهي تحرك فمها يمينّا ويسارًا ثم ركضت خارج الغرفة ورائحة عطرها الفواح يكاد يخنق الجميع، نظر علِيّ لكنزي وقال بحسرة
" ما الذي يصوره لك خيالك الآن، أن هذا فيلم جديد من تأليفي، أني أجبرت الفتاة لتقول ما تقول لأصلح ما بيننا، أتعلمين ؟؟ ما عدت أريد لما بيننا أن يصلح فإصلاح المائل لا يعدله وما في قلبك هذا نحوي مائل لا يرضيني فمن إعتاد تخمة الحب محال أن يقبل بالفتات، وأنا بالسابق كنت أحبك وحدي لكني كنت متخم بشعوري وبكبريائي وبسلام روحي "
دفع علِيّ كنزي للخلف وهو يقول
" أنا ما عدت أريد شيء "
طفرت الدموع من أعين كنزي التي ارتطمت ببشر الذي ولج إلى الجناح وخلفه مؤيد الذي هدر بعلِيّ
" لا تضع يدك عليها "
كأنما علِيّ قد وجد من قد يفرغ فيه قهر السنين وذنب كل ما حدث، تحرك علِيّ الذي كان من قهره كثور هائج غير قابل للسيطرة وأمسك مؤيد من تلابيبه في حركة صدمة الجميع وهدر به " أنت السبب، كل ما نالني منك هو خذلان ووجع، عدم ثقتك بمن حولك حتى أنا نقلتها لأختك التي دمرت كل شيء بسبب عدم ثقتها بي، لماذا لم تخبرها بما فض شراكتنا وفرقنا "
نظر له مؤيد بصمت ولم يحاول أن يشتبك معه بينما كان شاهين يجذب علِيّ الذي دفعه بعنف ثم جذب كنزي وأوقفها أمام مؤيد وصرخ قائلا
" لماذا لا تخبرها بما وتر علاقتنا وجعلني أترك لك البلد بأكملها وأرحل، لو أنك تجرأت وأخبرتها لما كان الآن زواجي بها على المحك أو لأكون جديا لما كان قد انتهى"
نظر علِيّ لكنزي وقال " أنت …
وقبل أن ينطق كلمة أخرى كمم شاهين فاهه وقال
" لا تفعل شيء قد تندم عليه"
دفع علِيّ شاهين بعيدا عنه مجددا وهو يقول
" هي وأخوها علماني كيف يكون الندم شعورًا عاديًا كما الشهيق والزفير، علماني كيف يكون الخذلان بسهولة سكب الماء بوجه أحدهم، لقد باعني أخوها منذ سنوات حين جئت إليه بنية صادقة لا يشوبها ضغينة وطلبت يدها منه لأفاجيء به يحل كل ما بيننا من أواصر ويقدم ظن السوء في كل ما جمعنا، لم يرفض حتى بل طردني من حياته شر طردة قبلتها بصمت من أبى ألا يعاتب فكسرتي منه لم تكن تحتمل عتاب، وحين دارت السنوات ورضخ مجبرًا لتزويجها أحضرني من منفاي كأنني لعبة في يديه ومنحها لي لكن ليس لشيء سوى ليقلب حياتي إلى جحيم مجددا لأكسر مجددا ولأخذل مجددا وأنا لا أستحق ذلك، كما لم يستحق هو محبتي له التي ما تلاشت بالبعاد ولا تستحق هي حبي الذي ظل يزيد ويزيد كأنه يتكابل عليّ، هذا الوضع ما عاد ليليق بأحد منا لذلك
" دفع علِيّ بكنزي نحو مؤيد ونظر لها وقد لمعت الدموع في عينيه وقال
" ها هي معك، حافظ عليها كيفما شئت، فهي طالق "
في تلك اللحظة شعرت كنزي أنها كمزهرية من الخزف تسقط في أبعاد متتالية وما بين كل بعد وبعد فجوة موحشة تتناثر بداخلها شظاياها التي بدأت تتساقط منها شيئا فشيء كما الدموع، نظر علِيّ لها نظرة أخيرة تمتلئ بالتوق الذي بات عليه أن يخفيه سرا ليظل في عمق احشاه جمرا ما بين جنبات جوفه يتقد، تبعها نظرة وداع جعلتها تسقط من علياء ظنونها إلى أرض الواقع، خرج عليّ من الجناح يركض فالتفت شاهين نحو آصف الذي لم يتدخل فيما دار مطلقا وقال له
" أحضر مفاتيح السيارة وألحقني فأنا أعرف إلى أين سيذهب "
ألقى شاهين نظرة على وجه سارة الجامد قبل أن يركض خارج الجناح فتبعه آصف ليضم مؤيد كنزي المنهارة بقوة
فتعقد سارة حاجبيها بتأثر بالغ تحارب دموعها ليفتح باب الحمام فتخرج منه تولين المجهدة تقترب منهم وتقول لسارة وكنزي متجاهلة وجود بشر تماما
" لنرحل "
هزت سارة رأسها بطاعة فتحركت تولين تعبر نحو الباب أمام بشر الذي تأمل وجهها الشاحب بوجل أخل بمراكز النبض في صدره وجعلها تئن، ثم التفتت تنظر إليه وهي تفكر في نفسها قائلة
" ليت محبتي لقلبك تشفع لي خيبة أملك التي باتت ذا ملامح تشبهني كثيرا "
وبدون كلمه وجمود أصابه بالهلع من أن تعتاد غيابه خرجت من الجناح فتبعتها سارة التي كانت تحيط كنزي بذراعها بينما مؤيد فتح أزار قميصه قدر إستطاعته وبدأ يفرك في صدره وكلمة طالق التي توجهت لأخته كانت كنصل اخترق وعيه وأرداه قتيلًا.
༺༻
أنا أريد إدمانك فذلك التعلق المرضي لا يكفيني، أنا أريد التورط بك أكثر مما ينبغي حتى يختلط عليك إدراك ذاتك من ذاتي.
༺༻
بالمزرعة….

كان حكم يخرج من غرفته بوجه قلق وجل حزين كما لو أنه أب انفرط عقد السنوات المحكم من بين يديه ليتفاجأ أن العمر قد مر وازفت اللحظة التي يتحتم عليه فيها أن يفارق ابنته ويمنحها لشاب اقتحم دائرتهما المغلقة عنوة وعلقها به حتى باتت ترى في الرحيل عن منزل والدها أمر يستوجب الاحتفال، تقدم حكم نحو غرفة يهدين والخطى التي يخطوها توازيها الذكريات التي كانت كأنها احتشدت في صدره فأثقلته، مقتطفات من عمر جمعهما في لحظات الشدة والرخاء كانت تحوم في ذلك الرواق الضيق من حوله، وهمسات من فمها الطفولي تسأله بإهتمام " لمَ لا أملك أب " فيجيبها بقوة
" كيف تقولين هذا وأنا أبوكِ "
غصة حزن هاجمت حكم الذي طرق باب غرفتها السري ليفتح الباب فورًا ويسمع صوتها من الداخل تقول
" تفضل يا حكم "
ولج حكم إلى قوقعتها شديدة العزلة ليراها لأول مرة في حالة فوضى عجيبة، فقال لها حكم باستغراب
" ماذا حدث لكل هذا "
قالت له يهدين التي كانت تدور حول نفسها " أنا أريد نقل الغرفة بكل محتوياتها لمنزل فخر، أنا لن أستطيع التخلي عن أجهزتي لذلك بدأت في أن أعدها للشحن "
قال لها حكم بتأثر
" تبدين على عجلة من أمرك "
قالت له يهدين ظنا منها أنه يمزح
" حكم الزفاف غدا "
لم يأتها رد فتركت يهدين ما بيدها والتفتت له وقالت
" ما بك، تبدو قلقا " جلس حكم على مقعدها المريح الدوار وتنهد قائلا
" أنا قلق عليكِ يا يهدين، خائف أن تكون مشاعرك دفعتك تجاه تجربة أنت لست بجاهزة لها، خائف على إخوتك وسباعي من ذلك السكون وأخشى أن يكون ما يحدث الآن ليس إلا هدوء خادع ستكون نهايته عاصفة، أنا لست بقبل إعصار جديد يضربنا ويجرفنا نحو ألم وفراق " نظرت له يهدين بحب وتقدير بالغين ثم اقتربت منه وجلست على ركبتيها أمامه تنظر في عينيه كأنها تطمئنه وهي تقول
" لا داعي لذلك القلق حكم، صدقني نحن جميعًا بأمان وأنت تبالغ في القلق لحرصك علينا فقط "
قال حكم برفض
" أنا لا أبالغ يهدين، أنا حقا خائف، وبداخل رأسي يدور مئة سؤال، أكثرهم إلحاحًا هو ما الذي يكيده لنا السيد الآن بعدما خسر على يدينا الرجال والمال والآثار، كيف يخطط لينتقم ومن أين ستأتي الضربة "
قالت له يهدين
" صدقني يا حكم السيد نحن لسنا هدفا له، بل نحن من حققنا له أهدافه وقضينا على غازي وسديم اللذين كانا على وشك التمرد عليه وسوينا الأمر مع الشرطة، كن واثقًا أنه لو كان مازال هناك شبهة خطر تحوم حولنا لكنت أول من أخبرك " هز حكم رأسه وقال
" هذا ليس منطقي أبدا "
نظرت له يهدين للحظات ثم قالت
" لا شيء في عالمنا قد يكون منطقي هذا المعتاد لكن صدقني نحن بخير "
نظر حكم لعيون يهدين يحاول سبر أغوارها ففزت واقفة تبتعد عنه وهي تقول
" أما فيما يخص قلقك عليّ فأريدك أن تطمئن لقد كان سلاحي أول شيء وضعته في خزانة ثياب منزلي الجديد "
ابتسم حكم ابتسامة لم تصل عينيه وقال
" احذري أن يراه ابن العزايزه فيفقد وعيه " قالت يهدين بمزاح
" بت تتحدث عنه بسماحة كرشيد تماما، لكن بمنتهى الصدق فخر شاب طيب ورقيق القلب ويهتم لأمري لقد كان طوال الأيام المنصرمة يحاول أن يرضيني بكل طريقة ممكنة، لقد تركني لأختار كل شيء، لم يعترض أو يتدخل كان لبقًا حنونًا سعيدًا رغم أني كنت أخرج معه بلبس الاشباح خاصتي لكن حتى ذلك لم يضايقه، وأشعر أنه سيكون على الدوام صبورا ومراعيًا "
قال حكم
" وإن لم يكن لأجل سعادتك نجعله قسرا صبورا ومراعيا " قالت يهدين برجاء
" حكم أرجوك غدا لا تجعل سباعك يفزعوه يكفي ما فعلوه به حتى الآن "
وقف حكم وقال
" لا تقلقي سأمرهم بعدم التعرض له " ابتسمت يهدين وقالت له
" نسيت أن أخبرك عن سمراء واهتمامها البالغ براحتي وتعاملها معي بلطف واحترام واحتواء، وعن شيراز ودور أم العروسة التي تمارسه عليّ وفاطمة التي تفني وقتها وجهدها معي بمنتهى الحب وسيادة التي تساعد في صمت كأنها لا تنتظر مقابل، من كان يتوقع أن أحظى بأشخاص يولوني إهتمام بالغ إلى هذا الحد، كم فاق كرم الله عليّ كل التوقعات في محبة من حولي لي " نظرت يهدين لحكم فوجدت عيونه تلمع بشكل أرسل في جسدها قشعريرة تأثر بالغة فحاولت ألا تبكي وهي تتحرك وتقول
" شيراز وفاطمة وسيادة قرروا أن يقيموا اليوم ليلة حناء صغيرة لأجلي، وكم أنا سعيدة بذلك، وأريدك أنت أيضا أن تكون سعيد ولا تقلق بشأن السيد فهو مشغول حاليًا بشيء سيجعلنا آخر همه، أريدك أن تثق أني أراقب الأوضاع جيدًا وواثقة أن كل الاذى قد انتهى "
تنهد حكم وقال لها
" هل أنتِ سعيدة حقًا " هزت رأسها بإبتسامة وقالت
" أنا سعيدة جدا "
رفع حكم حاجبيه يدعي العبوس وهو يقول
" لم يكن هذا الزوج الذي تخيلته لكِ لكن مادام يعجبك لا بأس، ماذا سأفعل "
قالت يهدين
" ستتمنى لي حياة سعيدة وتدعوا معي أن يتمكن أواب من القدوم حتى وإن كان لدقائق معدودات لكي لا تكون فرحتي ناقصة "
قال لها حكم
" يفعل الله ما يشاء، هل أرسل أحد لمساعدتك "
قالت يهدين بتعب
" أتمنى ذلك فالوضع يبدو كارثي للغاية " ابتسم حكم وتحرك خارج الغرفة لتتنفس يهدين الصعداء وهي تنظر للحائط الذي جمعت عنه كافة الأوراق التي كانت تعلقها عليه منذ لحظات فقط وتفكر لو كان حكم وصل مبكرًا لدقائق فقط لكان كشف كل شيء وأدرك مخططها الذي لن يوقفها عن تنفيذه شيء أبدًا..
༺༻
خرج حكم من غرفة يهدين يحاول إزاحة جبال التوتر عن صدره حتى وإن كان ذلك ليومين فقط لكي لا ينغص عليها فرحتها وبعدها فليعود ليغرق في مخاوفه ويرى كيف سيتحتم عليه التعامل معها، فبعد رحيلها سيبقى هو والجدران ومخاوفه وجهًا لوجه ولديهما كامل الوقت ليستنزفوا بعضهم دون رحمة، نزل حكم درجات السلم وهناك رهبة من الوحدة التي ستقبل عليه تجتاحه فوقف متجمدًا للحظة قبل أن يخرج هاتفه ويجلس على الدرج يهاتف شيراز التي كأنما حين تدخل إلى حيز تفكيره تجعل أبسط الأشياء منهكة ومستنزفة و صعبه كإكمال نزول ذلك الدرج، نظر حكم للهاتف الذي استمر رنينه ما بينه وبين تلك العصية على قلبه والتي بتمنعها تشعره أن ما بينها وبين الطاعة أزمان سحيقة لا تدرك، والتي تجعله يتوعدها بأغلظ الأيمان أن حروب الصمت التي تشنها عليه سيجعل آخرها ثرثرة عشق لا تنتهي لا محالة، كان في إحتياج شديد لوجودها الذي يخترق كل حواجزه ويجعل تعلقه بها يتجاوز الحياة على قيدها، كأنها باتت حكم مجحف بعشق أبدي وقد أخذ فيه القانون مجراه، ليأتيه صوتها الذي يحاوطه أصوات صياح حماسي تقول
" حكم "
عقد حكم حاجبيه وقال لها
" أين أنتِ "
لم يأته رد كأنها أبعدت الهاتف عن أذنها لتتحدث مع أحد بجوارها قبل أن تعود لتسأل بصوت مرتفع
" حكم، ماذا تقول " قال لها حكم بإنفعال والغيرة تنفض جسده الضخم نفضا
" أين أنت شيراز " قالت له متفاجئة من انفعاله
" على بوابة المزرعة هلا أمرت الحراس بفتحها "
ضيق حكم عينيه وانتفض واقفًا يتحرك بسرعة وهو مازال يترك خط الهاتف مفتوح بينهما يخرج من المنزل ويتحرك تجاه البوابة وهو يشير للحراس ليفتحوها ليتفاجأ بحافلة ضخمة تمر من البوابة حتى توقفت على بعد أمتار منه وترجلت منها شيراز التي كانت تجمع شعرها الفوضوي في ذيل حصان ثائر يتراقص مع كل خطوة تخطوها نحوه، أنفاسها كانت متسارعة ووجهها كان شديد الحمرة والحياة، ترتدي فستان أبيض رقيق جدا وقصير جدا
يكشف عن سيقانها التي بدت كرحلة مميتة تنتهي بحذاء أبيض رياضي ضخم، غيرة وحب ونزق واحتياج وانفعال وشوق وألف ألف شعور تجمعوا في صدر حكم الذي وقفت أمامه تقول
" لمَ كنت تصرخ بالهاتف "
نظر حكم للهاتف الذي كان مازال مفتوحا بينهما وأغلقه وقال
" بدوتِ في مكان مزدحم وقلقت عليكِ " قالت شيراز
" تبدو عكر المزاج، هل معنى ذلك أنك لن تتحمل ضجيج الفتيات وسيتحتم علينا العودة من حيث أتينا "
قال لها حكم
" ما هذا "
التفتت شيراز تنظر للحافلة وقالت
" كان لدي اليوم أكثر من عيد ميلاد بالدار، الفتيات كن متحمسات لنعد حفل جماعي ولكن أيضا يهدين متحمسة من أجل حفل الحناء الذي وعدتها بها ففكرت لمَ لا نحتفل جميعنا معا، الفتيات بالحافلة سيقتلهم الحماس خاصة حين أخبرتهم أنك تملك العديد من الخيول، أعلم كانت جرأة أن أتخذ قرار كهذا دون إبلاغك لكن …
صمتت شيراز
تسبل أهدابها قبل أن تنظر له وتقول
" لم أشك لحظة أنك ستمانع فهنا بين زوايا هذا المكان تعلمت أن أحيانًا يحمل الله شعور العائلة لنا في أشخاص لا يحملون من دمائنا قطرة، وأظن هؤلاء الفتيات ستكن سعيدات إذا شعرن بدفيء المكان هنا الذي أشعره كلما عبرت إليه " صمت حكم يتأملها قليلا ثم قال
" قلت من قبل أنكِ سيدة المنزل وأقولها لكِ اليوم أنتِ سيدة المزرعة "
ازداد وجه شيراز إشتعالًا وازدادت لمعة عينيها وقالت بتوتر
" لا تبالغ حكم "
قال لها حكم
" لا أبالغ شيراز أنا أضعك أمام الأمر الواقع"
قالت له بذهول
" هذه الأمور لا يمكنك التعامل معها بطريقة فرض الأمر الواقع يا حكم، أنا بت أتقبل صرامتك وحزمك ونزقك وعصبيتك لكن هذا لا يعني أن تمارسهم عليّ، كوني أعلم أنك طيب القلب لا يعني أبدا أن تستغل تفهمي لتدفع بي لحيز ضيق يسمة إرادتك وتنتظر مني الخضوع، أنا فكرت كثيرا ….
قاطعها حكم قائلا
" هذا جيد جداً…. قاطعته بسرعة تقول
" ووجدت أن حقا أعاني من رهاب الارتباط، العيب بي اطمئن "
قال لها حكم
" جيد، ضيفي على رهابك رهاب يسمي غضب حكم المنصوري، أنا أريدك بعيوبك ها قد حل الأمر "
ابتسمت شيراز بذهول بالغ وقالت
" كأنه لا مفر "
رفع حكم رأسه وقال " لا مفر "
ثم نظر إليها بغيظ وقال
" ثم مفر ممن؟ مني! "
قالت شيراز مقرة
" منك حكم "
قال لها
" تحلمين على ما يبدو، شيراز أنا أخبرتك أني لن أطيق أن أبقى يومًا بين تلك الجدران وحدي وأنتِ مازلتِ لم تفطني أن الوقت الذي منحته لكِ نهايته غدا، اسعدي كيفما شئت فربما غدا تكونين أنت أيضا عروس …عروس حكم المنصوري "
هدر قلب شيراز في صدرها بعنف وتسارعت أنفاسها وتحولت سخونة وجنتيها لنيران بحتة وارتجف جسدها وترنح ما بين صدمة وشعور آخر يشبه الاختطاف المباغت، تحرك حكم نحو رجاله يأمرهم بأن يتركوا أكبر مجال للخصوصية بالمكان بينما بقيت شيراز مكانها وهول حصاره لها ويا للمفاجئة يحملها إلى الاعلى بشكل آمن لا يوجد به سقوط.
༺༻

بعد ساعات ….

حتى القصائد حين الفراق تمزق فلما مازالت كلماتك باقية بداخلي.
༺༻

داخل فيلا منصور الجوهري …

كانت بيان تقف أمام والدتها التي ترمقها بنظرات صارمة وتقول
" بيان ماذا يحدث بالضبط، ولماذا استدعانا خالك بهذا الشكل وأكد على حضوركِ أنتِ خصيصا "
قالت بيان بعبوس
" لا أعلم يا أمي، لا أعلم …سألتني هذا السؤال مئة مرة منذ وصولنا كأن لديك شكوك أني أخفي عنك شيء رغم أني كنت نائمة وأنت من أيقظتني على هذا الخبر "
قالت والدتها بحيرة
" شاهين استدعى العائلة بأكملها الجميع متوترين لكن وحدنا من استدعانا خالك بنفسه، ترى ماذا يحدث "
قالت بيان باستخفاف
" لعلها كارثة جديدة بينهم وبين الشافعية من يعلم يا أمي "
قالت والدتها وهي تلمح أخيها شاكر والذي امتنع عن الاجتماعات العائلية منذ فترة ينضم لهم
" خالك شاكر هنا، أمن الممكن أن يكون جاء ليعتذر عما بدر من علِيّ في حق العائلة " صمتت للحظة ثم قالت " أو ربما لرد اعتبارنا جميعا وخطبتك على الملأ وإلا لمَ أكد خالك منصور بنفسه على حضورك "
تجمدت بيان ونظرت لوالدتها بصدمة وقالت " أتظنين ذلك "
قالت والدتها
" كل شيء واضح، انظري …
أخوالك، شباب العائلة، الجميع يتوافد ودخول شاكر محني الرأس، كل ذلك لا تفسير له سوى ذلك "
وضعت بيان يدها على قلبها وقالت "
لا أصدق …لا أصدق يا أمي "
نغزتها أمها وقالت
" إذا سألك خالك لا تعطيه موافقتك، إياك أتسمعيني، قولي الرأي والشورة لوالدي، عززي نفسك ودعي والدك يتصرف معهم " هزت بيان رأسها بحماس
وقالت
" مؤكد هذا ما سأفعله "
كان قلب بيان على وشك التوقف لتلتفت الأنظار نحو سيارة علِيّ التي توقفت بمدخل الفيلا بجنون تبعها سيارة آصف الذي ترجل منها شاهين مسرعًا وركض نحو سيارة علِيّ ووقف يدفع الباب ليمنعه من الترجل منها وهو ينظر له ويقول
" لقد فعلت لك ما تريده، تريث يكفي ما فعلته يا علِيّ "
قال له علِيّ بقهر فتت أضلعه
" ما فعلته كفيل بأن يوضح لك أني ما عدت باقيًا على شيء، ابتعد يا شاهين …ابتعد " ابتعد شاهين عن باب السيارة مستسلمًا فيما وقف آصف بهدوء يبحث عن سيدرا بعينيه حتى وجدها وتوجه نحوها فيما اندفع علِيّ يصرخ
" من الجيد أن ساعات الطريق كانت كافية لتجتمعوا جميعًا " منظر علِيّ أسقط قلب والده وجعل بيان تنظر لأمها بوجه شاحب فقال علِيّ
" مؤكد تتسائلون عن سبب ذلك الاجتماع الطاريء، في الحقيقة يؤسفني أن أخبركم أنه سبب مخزي كتربيتكم لبناتكم تماما "
قال منصور بحدة
" علِيّ الجم لسانك، أكلما وقفت أمامنا تطاولت "
قال علِيّ بتهكم مرير " عذرًا يا عمي منك ومنهم، وكنت أتمنى ألا أقول ما سأقول لكن الحقيقة أنكم فعلا لم تستطيعوا تربيتنا جميعا كما يجب، منذ الصغر وكل التفاصيل التي تجمعنا كانت بلا أسس، نحن عائلة بالاسم فقط، ليفكر فرد منا أن يخالف القطيع وحينها سيرى الوجه الاخر، وجهكم الذي تتخلون به حتى عمن يحملون دمائكم، وجه لم يكن يتوجب عليّ أن أراه لأني عشت مخلص ومطيع للأوامر لكن ماذا أقول وقد خرج قلبي عن حدود الأمر " تحرك شاكر نحو علِيّ وقال له بصدمة
" ما بك، ما الذي أوصلك لتلك الحالة " قال له علِيّ
" دعني يا والدي لأفعل ما يحلو لي فقد طلقت زوجتي للتو والسبب الآنسة المحترمة ابنة الأصول، ابنة أختك بيان "
توجهت الأنظار تجاه بيان لتصرخ والدتها بغضب
" أكلما حدثت مصيبة ألصقتوها يابنتي، أخرجوا ابنتي من رأسكم، مالكم بها "
قال علِيّ هادرًا
" مصيبة !!! حاشا لله يا عمتي أن يكون ما فعلته ابنتك مصيبة، حاشا لله …إنها كارثة، ابنتك اتفقت مع عاهرة بعدما خدرتني أن تستدرجني للسرير ورتبت لتمسك بي زوجتي في وضع مخل "
شهقت سيدرا ووضعت يديها على أذنيها وقد توسعت عيناها ليعبر منصور نحو علِيّ ويوشك على لطمه وهو يقول
" اخرس "
ليسارع شاهين يمسك يد والده وهو يقول
" هذه هي الحقيقة يا أبي، وقد كنت حاضرا حين أخرجت تلك المرأة صورة ابنة أختك من بين صور فتيات العائلة جميعًا وأخبرتنا أنها منحتها ألف دولار مقابل أن تنفذ لها تلك المكيدة وهذا تحديدا ما حدث يوم خطبتي الذي لم يتم وهو ما جعل علِيّ يخرج من الجناح يركض خلف كنزي " قالت بيان بفزع وهي تتحرك مغادرة
" هذه مكيدة وقد أحكمت حولي من أجل أن يرفع علِيّ قدر زوجته الدخيلة، يريد أن يرفع قدرها فليفعل ولكن ليس على رأسي هل تسمعون، هيا يا أمي هيا "
عبرت بيان تجاه البوابة ليجذبها شاهين بعنف توسعت له عيناها ويسمرها أمام الجميع وهو يقول بغضب
" أقسم بالله إن لم تعترفي بما فعلتِ أمام الجميع لأذهب إلى الشرطة بنفسي وأبلغ عن الفتاة التي بدورها ستحكي كل شيء وحينها ستبقى الفضيحة علنية والاعتراف لا تشوبه شائبة وكما دمرت زواج علِيّ أدمر مستقبلك فالعين بالعين والسن بالسن والباديء أظلم يا ابنة عمتي " صرخت به بيان
" هل جننت "
نظر شاهين لوالده وقال
" أليس حل منطقي، إذا كانت بريئة فيحق لها أن تسترد حقها منا كيفما شاءت وإن كانت العكس ستكون فضيحتها كافية " جذبت بيان ذراعها من قبضة شاهين القوية وقالت
" لقد جننت فعلا "
قال شاهين بحدة
" انا لا أمزح هنا فأنت من اخترت طريق الفضائح والخراب "
قال منصور لشاهين
" تكلم مع ابنة عمتك بأدب، هل تظنها مثلها مثل غيرها "
أدرك شاهين ما يرمي إليه والده ووسط ذهول الجميع قال علِيّ
" غيرها باتت طليقتي لكن ابنة أختك يا عمي لا تساوي نعل أقدامها صدقا "
تحركت عمته خلف ابنتها وهي تولول وتقول
" حسبي الله ونعم الوكيل "
ليهدر صوت شاهين يهدد بيان قائلا
" إن خرجت من تلك البوابة ستكونين قد جنيت على نفسك، الأمر لم يعد مشكلة غيرة بسيطة جعلتك تتصرفين هذا التصرف المشين، الأمر أصبح لي ذراع للعائلة فإن فعلت ذلك برجل منا دون أن يرف لك جفن غدا قد تجعلينا نقتل بعضنا البعض من خلف مكائدك، الأمر بات يخص جميع من هنا وأقسم بالله العظيم مجددا أن الوقت الذي ستستغرقيه في الوصول لمنزلك هو الوقت الذي سأستغرقه في الوصول لقسم الشرطة "
تجمدت بيان بهلع فتدخل عمها عاطف يقول
" لماذا تصمت يا منصور على تلك المهزلة، أوقف ابنك الذي أفسدت مخالطته لمؤيد ومن خلفه عقله " لم يلتفت شاهين لما يقال وهدر ببيان
" فعلت أم لا "
ارتجفت بيان ولم تنطق فصرخ بها
" انطقي "
تراجعت بيان للخلف ولم تنطق فتحرك شاهين نحو سيارته وفتح بابها وهو يقول مهددا
" هذه فرصتك الأخيرة، هل فعلت أم لا "
صرخت بيان بقهر
" فعلت، فعلت "
عمّ الصمت فرفع علِيّ يديه يمسك رأسه الذي كاد أن ينفجر من شدة الألم وهو يشعر أن كل الثورة التي تتدافعت بين عروقه خمدت ولم يبق له الآن إلا إنكساره والخسائر، نظر شاهين لوالده الذي نظر لبيان بصدمة وهي تصرخ وتقول
" فعلت لأنهي تلك الزيجة المشينة، لمَ قد تمنحوا تلك القذر زوج كعلِيّ، لمَ قد ترفعون قدرها بهذا الشكل و…
قاطعتها صفعة منصور التي أطاحتها أرضًا ليعم الصمت فيترنح علِيّ وهو يتحرك نحو سيارته ليقول عمه منصور
" لنجلس ونتحدث يا علِيّ بهدوء تام
" لا سلام ولا كلام لقد انتهينا من بعضنا تمامًا، وهذه المرة بمنتهى الجدية لا شيء قد يدفعني للتراجع عما أنتويه "
نظر علِيّ لشاهين وقال
" سأجد مشتري لحصة والدي وبدون نقاش كل ما يجمعني بكم سأنهيه وسأرحل بعيدا فما حدث يكفي …يكفي تماما، هيا يا أبي "
تحرك شاكر نحو سيارة ابنه ووقف ينظر لمنصور بلوم بالغ قبل أن يركب السيارة وينطلق مغادرًا بقلب مفطور على ابن عمره الذي لم يكن يستحق أبدا أن يطوله كل ذلك الألم.
༺༻


اليوم التالي بالصباح..

كن متحكما …صارما ….قاسيا في كل شيء إلا أنا فمعي ليكن لك وجه آخر يختزن لي في قسماته كافة السحر الذي لم تشهده عيني مطلقا في تلك الحياة.
༺༻

بالمزرعة ….

خرجت يهدين من باب البيت الذي سيظل حنينها الاول والاخير إليه تحاول أن تداري لمعة الدموع في عينيها وهي تجذب قلنسوة سترتها على وجهها أكثر لكي لا يشعر أحد بما تعيش من شعور موحش لرحيلها الذي اختارته بكل الرضى والحب، كانت ساكنة وفي داخلها يدور صراع ما بين ذاتها السعيدة كأي عروس وجدت رجل أحلامها وذاتها الحزينة كأي ابنة تغادر بيت والدها، كانت في تلك اللحظة تتخبط من الداخل بعنف ينعكس في شكل ثبات خارجي بدأ في الانهيار وعيناها تتوسع بصدمة وسعادة وتأثر حين وجدت حكم يقف في انتظارها وخلفه طايع ورشيد وسراج وفياض وخلفهم خمسة سيارات فارهة تقطعت أنفاسها حرفيا من انبهارها بالمشهد لتبتسم باتساع ثم تبكي وتركض تجاه حكم الذي فتح لها ذراعيه فترتطم بصدره بعنف تأوه له وهو ينحني ليقبل رأسها وهو يقول " فكرت أن الاستعداد للزفاف يجب أن يكون ذا تخطيط أفضل من التخطيط للمعارك " قالت يهدين وهي تنظر للسيارات
" أنها رائعة يا حكم، رائعة، يا إلهي كأنها خرجت من أحلامي " قال لها حكم
" جميعنا سعداء لسعادتك يا يهدين، وأريدك أن تعلمي أن هذا سيظل منزلك وأنا أبوكِ وهؤلاء إخوتك ورجالكِ، وأنك تملكين عزوة صعب جدا أن يطولك ألم أو سوء وهم حولك "
طفرت دموع يهدين فقال لها حكم
" إياك أن تمنحي أي شخص بهذه الحياة فرصة ليكسرك ونحن أحياء نتنفس "
أمسكت يهدين يده بقوه ومالت تقبلها وهي تقول
" سأقولها لك دائما، أنا لم أكن لأحظى بأب أفضل منك، شكرا لك على كل شيء حكم "
همّ حكم بالرد عليها ليقاطع رشيد تلك اللحظات المؤثرة وهو يقول "
بهدوء يا حبيبتي، القبلات لا يجب أن تكون بذلك العنف نحن لم نصل للعريس " أزاح سراج رشيد بعنف من أمامه وهو يقول بحدة
" لا تتواقح "
ثم جذب يهدين يضمها بقوة وهو يقول
" مبارك لك يا حبيبتي، لتسعدي إلى الأبد " تمسكت يهدين به وبكت فقال رشيد
" يكفي دراما صباحية، نحن مازال أمامنا سفر "
ثم فتح باب سيارته وقال
" تفضلي يا عروس " مسحت يهدين دموعها وقالت بحماس
" أنا من ستقود " تجهم وجه رشيد وهمّ بالاعتراض فقال له حكم
" العروس تأمر فقط، هي من ستقود " ركضت يهدين تدور حول السيارة وتجلس بحماس خلف عجلة القيادة وتلمسها بانبهار، لتخرج من باب المنزل فاطمة تجر حقيبتها، خلفها شيراز التي تتعلق نورسين بذراعها وخلفهما سيادة التي تضم ماسة النائمة وملكوت، تقدمت شيراز تنظر للسيارات المتوقفة بإنبهار بينما هناك نقش حناء يمتد من حيث لا يعلم إلا الله وينتهي ببداية عنقها المكشوف من فتحة القميص الواسعة فقالت لها يهدين
" اركبي "
قالت شيراز بحماس
" مؤكد سأركب"
فقال حكم
" ستركبين بالسيارة الأمامية "
رفعت شيراز عينيها إليه ثم نظرت للسيارة وقالت
" لا بأس "
تحركت شيراز ومعها نورسين نحو السيارة فهمست لها نورسين بفضول
" هلا وصفت لي ملامح زائر الليل وآخره، وقع صوته يدل على شخصية قوية "
التفتت شيراز ترمق حكم بطرف عينها وقالت بهمس
" أنه رجل ستظني كثيرا أنه لا وجود لأمثاله بهذه الحياة حتى تقابليه فتتغير فكرتك تماما وأنت تتيقنين أنه لا وجود لغيره "
في تلك اللحظة التفت حكم ينظر إليها ولا تعرف لما لوهلة بدت كل مخاوفها محض سراب..
༺༻

نظرت يهدين لفاطمة وقالت
" إذا أنت من ستركب معي "
قالت فاطمة
" محال أن أفعل فأخر سيارة ركبتها معك انقلبت بنا، أنا سأركب مع أي أحد إلا أنت " رفعت يهدين عينيها لسيادة التي كانت تتحسس رأس ابنتها الدافئة بقلق فقالت لها سيادة التي فهمت دعوتها الصامتة
" أنا معي طفلة، أنا سأركب مع ….
التفتت سيادة تنظر لفياض الذي كان صامت جامد لا يرفع عينيه عن هاتفه الذي ينظر له بنظرات إجرامية وقالت بارتباك " سأركب مع سراج " ابتسم رشيد وقال ليهدين
" يبدو أني سأكون رفيق رحلتك يا عروسة "
فتح سراج باب سيارته لسيادة التي ركبت وجاورتها فاطمة لتتحرك نحوه ملكوت بتوتر استوقفه للحظة قبل أن يفتح لها باب المقعد المجاور له فتركب وهي تبتسم برقة، تحرك حكم نحو السيارة الامامية يركبها وهو يشير لطايع أنهم سيتحركون، أسرع طايع الذي كان شاردا في عالم آخر بركوب سيارته، ليجلس حكم خلف عجلة القيادة ويهم بتحريك السيارة لكنه يتوقف ويلتفت لشيراز بعقل مشوش بسبب نقش الحناء الذي لا يفهم لما يشعر أنه غارق في التفكير به، نظرت له شيراز بعدم فهم لسبب توقفه فعبس حكم في وجهها قبل أن يتحرك نحو المجمع السكني حيث ينتظرهم باقي الشباب ليتحركوا سويًا.
༺༻

بنفس الوقت داخل المجمع السكني كان منذر يوقف سيارته أمام منزل ليل ليتفاجأ الجميع بوجوده ويتحرك أسد ناحيته ويسألة بوجل
" هل حدث شئ، ما الذي أتي بك "
قال له منذر
" لم يحدث شيء، مالكم تنظرون لي بصدمة هكذا، أنا هنا لأجل أصالة، أين هي "
سأله رائف بتوتر
" لأجل أصالة كيف " ابتسم منذر لرائف وقال
" لا تقلق يا عريس، معي لها رسالة، ما لكم متوترين هكذا "
قال أسد بعبث
" اتركهم للتوتر وانظر لفخر العزايزه، هذا الحماس الذي يعيشه يذكرني بالذي مضى " التفت منذر ينظر لفخر الذي كان يتحرك ذهابا وإيابا وهو يبتسم بلا هدف فابتسم منذر وقال " عظمة البدايات "
قال أسد
" فعلا "
التفت منذر لليل الذي لا يرفع عينيه عن أخيه وقال
" ليل يبدو متأثرا "
قال له أسد
" أنت لم تر شيء، لقد فاتتك جلسة الوصاية المئة التي أقامها له فجرا "
قال منذر وهو يمشط الجمع بعينيه
" لم تخبراني أين أصالة "
قال رائف بتوتر يزداد
" مازالت بالمنزل " قال منذر
" أنا سأدخل لها " تحرك منذر تجاه منزل ليل وطرق الباب وولج إليه لتصدم سمراء من وجوده وتقول
" منذر ماذا تفعل هنا "
قال منذر
" استقبالكم جرح كبريائي حقا، أين أصالة يا سمراء " نظرت سمراء يمينا ويسارا قبل أن تقول
" ربما بأحد الغرف لست متأكدة "
قال لها منذر
" أنا سأتأكد بنفسي " ثم أسرع نحو السلم وهو ينادي
" أصالة ..أصالة "
فتح باب إحدى الغرف وخرجت منه أصالة تنظر لمنذر بصدمة وتقول
" لمَ أتيت، هل حدث شيء، هل بهية بخير " حرك منذر رأسه بيأس وقال
" الجميع يشعرني أني أجرمت بقدومي، ماذا ألهذه الدرجة أنا شخص لا يتوقع أحد منه شيء "
قالت أصالة
" في الحقيقة حضورك مريب "
ابتسم لها منذر وقال
" مقبولة منك لكني قدت سيارتي لساعات ولم أنم لكي أصل قبل أن تتحركوا وأقابلك وأقولك لك كلمتين " اقتربت منه أصالة أكثر وسألته بخوف شديد
" أي كلمتين "
أخذ منذر نفس عميق وقال
" أصالة أنا قدمت لأخذك بنفسي بصفتي زوج أختك وفي مقام أخيك الكبير، أنا وبهية لم نرد أن تشعري أنك لا تملكين أحد لذلك أتمنى أن تعتبريني مثل أخيك بالضبط، وتتيقني أنكِ غالية عليّ وبت في مقام أختي الصغيرة التي سأظل دائما أدعمها وأفتح لها بيتي، أنا مدرك أن ربما حديثي صادم بالنسبة لك لأن علاقتنا مازالت حديثة العهد لكن صدقيني يا أصالة هناك علاقات لا تقوم إلا على وجود طرف ثالث هو الذي يجعل منطق العلاقات مرهون ومنطو به لا بباقي البشر، والطرف الثالث بيننا هو بهية التي تحبك أكثر من أي شيء في الدنيا ومن حبها فيك جعلت معزتك في قلبي تزداد حتى أني شعرت أني يجب أن أكون في حياتك شيء أكبر من مجرد زوج أخت ولهذا أتيت "
تجمدت أصالة بصدمة لثواني قبل أن تبكي بقوة فصدم منذر من رد فعلها وقال بتوتر "لماذا تبكين "
قالت أصالة
" لأني كنت أدعو الله للتو أن يمنحني عوضًا عن أبي وإخوتي الذين تخلوا عني وجعلوني في يوم كهذا أشعر أني وحيدة رغم كل من حولي "
نظر منذر لأصالة بتأثر إنسان شعر بقيمة ما يستطيع فعله وتقديمه لمن حوله ثم قال لها
" توقفي عن البكاء لكي لا يظن أحد أني أحزنتك، ودعينا ننزل ونسعد بهذا اليوم المميز فبهية في إنتظارك "
هزت أصالة رأسها بطاعة وتحركت نحو غرفتها فيما إستدار منزل لينزل وينتظرها بالاسفل ليتفاجأ بأسمهان تقف خلفه وترمقه بنظرة موترة لا يظن أنه يومًا سيفهمها.
༺༻
بالخارج…..

وصل موكب حكم للمجمع السكني خاطفًا للأنظار خاصة أنظار سلطان الذي تحرك معتدلا يتأمل أسطول السيارات الفارهة الذي أثار إهتمامه ليقول ليل بحنق
" استعراض لا داعي له "
قال له أسد مبتسمًا
" استعراض مكلف للغاية "
قال أيوب الذي حضر ليقل والدة ملاك وأخوتها بنفسه
" قلتوا لي من والد العروس "
قال له عيسى
" مؤكد فاحش الثراء "
قال رائف الذي كان في حالة عدم تصديق لما يحدث حوله
" لا تضيعوا الوقت بالحديث ودعونا نتحرك فطريقنا سيمتد لساعات "
قال فخر بسعادة غامرة
" أنا سأذهب لإستقبالهم "
ركض فخر يسابق الريح نحو سيارة حكم التي توقفت ليقول سلطان لليل
" هلا استعجلت الفتيات، ما عاد هناك داعي لوقفتنا هذه "
هم ليل بالتحرك لكنه توقف حين لمح أسمهان تخرج من باب المنزل وهي تحمل محسن وقال
" لقد انتهين على ما يبدو "
تحرك سلطان نحو سيارته فأسرعت فاطمة الجالسة بسيارة سراج والتي توقفت مقابل سيارته تنزل رأسها للأسفل لكي لا يراها وقد تسارعت أنفاسها وهدر نبض قلبها فقالت لها سيادة بهدوء
" الزجاج معتم لا تقلقي "
رفعت فاطمة رأسها ببطء ثم أخذت نفس عميق وهي تنظر له بمليء عينيها وبشوق طال لأيام لا تعد قبل أن تسقط من عيونها دمعة لا تعرف أهي دمعة عتاب أم شوق لكن الأكيد أنها نزلت بسببه..
༺༻

بالمدينة الساحلية …


نكهة الاستعمار في هواك حارقة كأنما حتى الشعور بك ينفث في قلبي المعذب نار…..


بعد ساعات…

كانت الفتيات تقفن في استقبال الموكب الذي كان ضخما ومنظما وملفتا، بينما يقف مؤيد يضم كنزي التي كانت في حالة يرثى لها كما لو أنها ورقة يابسة ألقتها الرياح على طريق المارة فدهستها جميع الأقدام دهسا وبجواره بشر الذي يراسل نزار وعاصي اللذين تأخرا بالوصول وعيناه لا تفارق تلك التي أعلنت الالتزام بقواعد خصامه البارد فبدت كما لو أنها جنت عليه لا على نفسها، أطلقت بهية زغرودة قوية حين ترجلت أصالة من سيارة منذر الذي لوح لبهية وتحرك يأخذ أول منعطف ومنه إلى الطريق المعاكس ليذهب مع الشباب إلى الفندق الذي يقيم به بشر ويبقون هناك حتى موعد الاحتفال، بينما ركضت أصالة نحو أختها تضمها بقوة لتبادلها بهية العناق بأشد منه في موقف مؤثر، عبست ملاك حين توقفت سيارة أيوب أمامها ورغم ذلك أسرعت تفتح الباب لتترجل والدتها وأختاها متحاشية النظر تجاه أيوب الذي أطلق زامور سيارته فجأة فصرخت ملاك وقفزت في موقف مخجل جعل والدتها توبخها بينما تحرك هو يتبع منذر وأنفاسه ضائعة في نوبة ضحك عاتية، أوقف سلطان سيارته فترجلت منها أسمهان وسمراء لتميل سارة تقول له
" كيف حالك سلطان " قال لها بإقتضاب
" بخير كيف حالك أنت "
هزت رأسها وهي تقول بخير فتحرك سلطان يتبع أيوب ثم اقتربت سيارة الشباب وترجلت منها عزيزة التي كانت تجاور أسد الذي قال لسارة
" زوجتي وبناتي أمانة "
ابتسمت سارة كأنها الوحيدة القادرة على ذلك وقالت
" لا تقلق "
تحرك ليل يتبع سلطان فمرت سيارة رائف وعيسى دون توقف لتتوقف سيارة سراج وتترجل منها سيادة التي كانت طوال الطريق تحاول السيطرة على بكاء ماسة القوي الغير مفهوم فتفشل حتى أنهكت فأسرع مؤيد نحوها يسألها بقلق
" ما بها "
ناولته سيادة ماسة وقالت
" دافئة لا تكف عن البكاء حتى بعدما أعطيتها خافض للحرارة، إنها طوال الطريق على هذه الحالة "
ألصق مؤيد ماسة بصدره وركض تجاه سيارته وهو يقول لسيادة
" لنأخذها للمشفى " أسرعت سيادة خلفه تركب السيارة
وهي تقول
" أنا خائفة "
قال لها مؤيد
" لا تقلقي ربما أمر بسيط، مؤكد أمر بسيط، الاطفال كثيرا ما يصابون بالبرد، كنزي كانت هكذا في طفولتها "
أخذت سيادة ماسة من مؤيد لكي يستطيع القيادة فترجلت ملكوت وهي تهز رأسها لسارة بلطف تبعتها فاطمة التي أخذت نفس عميق وهي تدرك أن هذه المواجهة حتمية لا محالة، توسعت أعين سارة بصدمة لن يفطن لها سلطان الذي كان بالجهة المقابلة من الطريق لتقترب فاطمة تقول لسارة
" كيف حالك سارة " نظرت سارة لها بغضب شديد جعلت حورس الذي يقف بجوار دراجته النارية متخفيًا على الجانب الآخر من الطريق يسأل نفسه بحيرة وانفعال عما يدور بينهما.
༺༻



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 16-06-23 الساعة 09:10 PM
شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-06-23, 03:01 AM   #423

سما إسماعيل

? العضوٌ??? » 504389
?  التسِجيلٌ » Jun 2022
? مشَارَ?اتْي » 33
?  نُقآطِيْ » سما إسماعيل is on a distinguished road
افتراضي

❤️❤️❤️❤️ قلوب كتير ع الفصل الجميل متحمسه لأحداث الفر ح وخايفه من خطة يهدين

سما إسماعيل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-06-23, 03:37 AM   #424

جيجي هاني

? العضوٌ??? » 380259
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 828
?  نُقآطِيْ » جيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond repute
افتراضي

يسلم ايدك فصل رائع براءة على قصاد كنزى بس ليه لى اتصرف كده ماهى كانت مقهوره حتى لو كانت قالتله كان مش حيعرف يثبت براءتة .............الفصل تحفة يسلم ايدك

جيجي هاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-06-23, 04:16 PM   #425

جيزانيه

? العضوٌ??? » 439207
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 24
?  نُقآطِيْ » جيزانيه is on a distinguished road
افتراضي

ماكنت ابغى علي يطلق بس شكلو خلاص ماتحمل
خصوصًا ان كرامته جرحتها كنزي
صارت المواجهه بين سارة وفاطمة
اكيد فاطمة بتعلم سارة بالسبب بس ماراح تصدقها وبتدخل يهدين وبتعلمها انها مهدده
سلطان لويشوفهابيخاصمها
يهدين شاكه في ليل وفخر
لان اكيد ماضي ابوهم كان له علاقة بهوية السيد
ليكون فخر هو السيد
او ليل وراه شي
او تكون يهدين شاكه في تولين
شكل الفترة الا اختفت فيها تولين لها علاقة بالسيد


جيزانيه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-06-23, 05:02 PM   #426

صل على النبي محمد
 
الصورة الرمزية صل على النبي محمد

? العضوٌ??? » 404607
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,174
?  نُقآطِيْ » صل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

hope galem likes this.

صل على النبي محمد غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا إله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
رد مع اقتباس
قديم 16-06-23, 08:56 PM   #427

najla1982

نجم روايتي

alkap ~
? العضوٌ??? » 305993
?  التسِجيلٌ » Oct 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,267
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي tunis
?  نُقآطِيْ » najla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
افتراضي

فصل جميل سلمت يداك

najla1982 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-06-23, 07:40 AM   #428

مي قصي

? العضوٌ??? » 415965
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 134
?  نُقآطِيْ » مي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond reputeمي قصي has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله
عزيزتي
فصل رائع وأبداع كالعاده بكل معني الكلمة
ولكن هناك سؤال لماذا لما تكمل الفصول لمدة ثلاث اشهر لا يوجد جديد
وأرجوا منك أكمل الرواية
ولا تتركنا في شوق لمعرفة النهاية
وارجواك اكمل الرواية ولاتوقف
واتمني لك التوفيق والنجاح


مي قصي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-06-23, 10:42 PM   #429

عيوش نعيم

? العضوٌ??? » 510275
?  التسِجيلٌ » Jan 2023
? مشَارَ?اتْي » 45
?  نُقآطِيْ » عيوش نعيم is on a distinguished road
افتراضي ارض السيد

ما شاء الله فصل جميل
بإنتظار فصول قادمه


عيوش نعيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-06-23, 11:10 PM   #430

سلمى عامر
 
الصورة الرمزية سلمى عامر

? العضوٌ??? » 410692
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 290
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » سلمى عامر is on a distinguished road
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك mbc
¬» اشجع ahli
?? ??? ~
نعيب زماننا والعيب فينا وما لا للزمان عيب سوانا ونهجو الزمان بغير ذنبا ولو نطق الزمان لهجنا
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تسجيل حضور فين فصل النهاردة

سلمى عامر غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:45 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.