05-06-23, 06:45 PM | #11 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| غروب بألوان الطيف 6 + 7 . . لاصقت أشعة الشمس تلك النوافذ الزجاجية الكبيرة و الواسعة ، حتى استطاعت أن تسخنها، بل و تحرق من يضع إصبعه عليها، بلدة عربية متقلبة الفصول ، أمرها غريب ،فما ذنبنا نحن ؟ . . قرب إحدى تلك النوافذ، انتصب ذلك الرجل واقفا أمامها، و عرقه يتصبب على جبينه من شدة توتره ، قضم اظفر إبهامه و قال بخفوت و حسرة: يا الهي !! التفت خلفه و وجّه نظره نحو الفتى المقيّــد مع الكرسي ، و يبدو أنه تلقى ضربا مبــرحا بأداة مــا . رفع سوطا يمسكه بيده اليمنى بتردد و قال بلهجة متوترة : هل ... هل ســ ستقول الحقيقة أم لا ؟ أما الفتى فرفع رأسه المنكس ببطـء و قال بوهــن : لم اقل لــك غير الحقيقة يا أستاذ . فغضب الأستاذ أكثر و أمسك الفتى من تلابيب قميصه قائلا بحدة : كفاك خداعا ، فالمسدس كان بحوزتك ! و أردف قائلا : كما أنك كنت ستقتلني ، و شهدت عليك تلك الفتاة . استغرب الفتى قليلا و قال بهدوء : لم أكن كذلك ، ثم و أي فتاة شهدت بذلك ؟ ضحك الأستاذ بازدراء ثم قال و هو يشد بقبضته على السوط : إما أن تعترف بالحقيقة ، أو أنك ستلقى حتفك في سجوننا . فقال الفتى بداخله بألم :" أخبرتك بالحقيقة ، لكنك لا تصدقني " و رفع رأسه ثم قال بضعف : لم يريدون قتلك أستاذ ؟ هل أنت ملاحق مثلا ؟ نظر له الأستاذ بغضب شديد و قال بصوت مرتفع : أوَِِِ تدعي بأنك لا تعرف أيها الحقيــر ؟ و قال كلمة (الحقير) و كأنه سينفجر غيظا . أما الفتى فابتسم رغم كل تلك الكدمات على وجهه ، و حتى تلك الجروح التي سالت دمائها بأنحاء مختلفة من جسده ، و هنا جن جنون الأستاذ الغامض ، فرؤية الفتى يبتسم هكذا تجعله يتمنى لو أنه كان بإمكانه تقطيعه قطعة قطعة ، فهذا ليس طبيعيا ، قاتل و يبتسم أيضا . فقال للفتى ببرود : لماذا تبتسم ؟ فأجابه الفتى قائلا و هو لا يزال يحافظ على تلك الابتسامة الطاهرة : و هل تزعجك ابتسامتي ؟ قطب الأستاذ حاجبيه و قال و هو يرفع ذقن الفتى بمقبض السوط ليرفع رأسه قليلا : سألتك فأجــب !! فقال الفتى بابتسامة : صاحب الحق ، يظل يبتسم لأنه على حــق .. فقال الأستاذ و هو يبتعد عنه ليجلس على أريكة قريبة : هذا سخــف ، مثلك . . . و بعد ساعتيــن تقريبا ( 6:56 ) ، . . رن هاتف المنزل ، فاتجه الأستاذ ليرد عليه قائلا : أهلا ، فهـــمت ، أرجو أن لا تتأخــر . ثم عاد يجلس و صرخ على خادمته بقوة ، ليطلب منها عصيرا باردا يهدئه من قمة ثورانه و غضبه . و أسرعت الخادمة بإعداد العصير الذي طلبه ، خوفا من العقاب ، و قدمته على طاولة قريبة منه . . . و لم تمض سوى دقائق حتى وصل ذلك المتصل ، و الذي لم يكن سوا أحد قادة الشرطة المهميـــن في البلاد ، برفقته الشاهد و الذي لم يكن سوى مهــا ، . دخل و صافح الأستاذ بينما مهما مطأطئة رأسها بندم، ثم التفـت على الفتى الذي نكس رأسه من التعب و لم ينتبه على أحد من حوله ، و أعاد نظره للأستاذ و قال بجدية : لم ضربته بقسوة هكذا ؟ فأجاب الأستاذ و هو ينظر للفتى بكل حقد : قاتل مثله ، يستحق كل هذا و أكثــر !! فعقد الرقيب حاجبيه و اقترب من الفتـى ، أخفض جسده و بدأ يفك القيـد . فصرخ الأستاذ بغضب : أيهــا الرقيب ! ما الذي تفعله ؟ تجاهله الرقيب و رفع رأس الفتى و قال له بهدوء : سامر بني . نظر له سامر و لم يعرفه لأن الصورة كانت مشوشة عليه من الإرهاق . و ما إن فك الرقيب القيد حتى سقط على صدره جسد سامر الهزيل . فربّت على ظهره بلطف و قال له بخفوت: لا تخف، فأنت بخير الآن . لم يعرفه سامر رغم سماعه لصوته ، لكنه قال و هو يذرف دمعه بخفية و خفوت : لسـت أنـا ، صدقني . فابتسم الرقيب و أجابه بهدوء و خفوت أيضا: أعلم ذلك يا بني ، أنت لست كذلك أبدا . نظرت مها للرقيب و قالت بداخلها : " أبي ، ما الذي تفعله ؟ " أما الأستاذ فقال و هو يصر بأسنانه: إلى أيــن ؟ حمل الرقيب سامر و اتجه نحو الباب قائلا بحدة : إلى المشفــى بالتأكيـد ، فأنت بالغت في ضربه حسب ما أرى. فتبعه الأستاذ قائلا بغضب : بالغت ! ألم تكــن ابنتك شاهدا على ذلك أيضا. فرمق الرقيب ابنته مها و قال له بحزم: ابنتي لم تر ما حدث منذ البداية، لن أعتبرها شاهدا أبدا، ثم انك ستعاقب لأنك عاملت هذا الفتى بأسلوب الحيوانات. + و شدد على كلمة (حيوانات)، كما أنه قالها بصوت مرتفع جدا. خرج و قال لهما : اتبعاني ، فهناك سيكتمل التحقيـق . فانصاعا لأوامــره ، و خرج الأستاذ بسيارته الخاصة ، و أما مها فذهبت مع والدها، حيث جلست في المقدمة ، بينما سامر ممدد في الخلف . نظر الرقيب لابنته و قال لها بحــزم : سأعرف كيف أعاقبك أيتها المتسرعة ! ارتجفت و شعرت بالقشعريرة تسري بجسدها و قالت بصوت منخفض : لكنني رأيته يحمل المسدس بيده يا أبي . حرك والدها السيارة و قال لها بحده : فلتصمتي ، لن أسمع كلام متسرعة ، فالولد سيموت بسببك . خفق قلبها لوهلة فقالت بندم: أنت تعني ما قلت ؟ نزع قبعته الرسمية و قال و هو يزيد سرعة السيارة أكثر: ليس إن وصلنا مبكرا. فقالت مها بداخلها : " يا الهي ! ما هذه الورطة ؟ " . . أما في منزل السيد سامح فكانت الأحوال طبيعية ، بسبب رسالة سامر الصغيرة ، و التي تركها على باب الثلاجة في المطبخ ، قرأتها السيدة سمية و قالت بانزعاج : سامر و كالعادة بلا فطور . أتساءل كيف ستستمر حياته هكذا ؟ خرجت لتجد عمرا يرتدي حذائه للخروج ، فقالت له : خذ هذه يا بني . أمسكها و قال باستغراب : و ما هذه ؟ فأجابته بعفوية : إنها علبة لغداء سامر ، فهو لم يتناول شيئا . هز عمر رأسه و قال : حسن فعلتِ ، إلى اللقاء . ودعته و اتجهت تكمل أعمالها اليومية . أما هو فاتجه نحو والده الذي ينتظره بالسيارة . فقال له السيد سامح و هو يخرج يده من النافذة بانزعاج: هيا يا بني ، تأخرتٌ عن العمل . ثم أردف بخفوت : و سامر هذا ، لا أعرف لم هو منطو هكذا ؟ ألا يعرف أنني أخاف عليه ؟ فجلس عمر و هو يقول بضجر : سأوّبخه لا تقلق . و قاد السيد سامح سيارته متجها نحو مدرسة عمر الثانوية . ليوصله ثم يعود لمكان عملــه . rolleyes و بسرعة اتجه عمر نحو فصل سامر ، دخل بعد أن ألقى التحية على الجميع ، ثم أردف سائلا : أين سامـر ؟ فأومـأ الجميع له بأنه لم يأت منذ الصباح ، و كما أن مقعده فارغ تماما . خرج عمر مستغربا حتى أن لم ينتبه على حمزة الذي تسمّر و هو يناديـه ، فانتبه عمر و قال بعدم استيعاب : ما الأمــر ؟ فرد عليه حمزة و قال بمرح : كيف حالك يا عمــر ؟ هز عمر رأسه قائلا : بخـير ، ماذا عنك ؟ فأومأ له حمزة بالإيجاب ، ثم سأله : سمعت أن سامر أحد أقربائك من زملائي ؟ فابتسم عمر و قال بتوتر : هههه أجل ذلك صحيح .. فبادله حمزة الابتسامة وقال له : لكنه لم يأت منذ الصباح ، أتساءل عن السبب ؟ فهز عمر رأسه نفيا و غادر قائلا بحيـرة : صدقني لا أعلم !bored . . أما الأحوال في ذلك المبنى الضخم ، والذي لم يكن غير المستشفى، فكانت قلقة، متوترة ، و كل أنواع مشاعر الخوف و الرهبة من النتيجة، حدقت مها بتلك الساعة الجدارية و هي تجلس على أحد مقاعد الممر ، و قالت بداخلها بتوتر : " يا الله ارحمنا " مضت نصف ساعة و الحال كما هي ، و مضت نصف ساعة أخرى و الحال كما هي عليها ، و لازالت كذلك حتى بعد مرور ساعة أخرى .confused . . لم تهدأ و لم تنفك قدمها عن ضرب الأرض بقوة ، حتى خرج الرقيب أو بالأحرى والدها بنفس الوقـت ، و هو يحدق بها و بذلك الأستاذ الذي يجلس بعيدا عنها تقريبا ، فأشار عليهما بالدخول بعد أن خرج الطبيب ، . . يتبع.. | ||||||||
05-06-23, 06:46 PM | #12 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| . . فدخلا ليجدا سامرا جالس على كرسي تلف جسده الضمادات، و رأسه كذلك أيضا، و لم يرفع رأسه لرؤيتهما البتة . جلس الرقيب قرب سامر بهدوء و أشار لابنته و الأستاذ أن يجلسا ، ثم بدأ حواره قائلا بجدية : أخبرني سامر بكل ما حدث ، بداية أنا أصدقه ، و أود لو تفعلا هذا الأمــر أيضا . فقال الأستاذ بغضب : كيف عينوك رقيبا ؟ ابتسم الرقيب و قال : أنا مـربّ قبل أن أكون رقيبا . ثم أردف : أولا يا أستاذ سأتهمك أنا بسوء الاحترام و المعاملة ، فما هكذا يعامل البشـر ، أيها البشري ! و أكمل بجدية أكثر : و ثانيا هل تعلم لو أنه مات ، ستكون قاتلا ، و ستنعكس الأدوار ، فسيكون القاتل هو الضحيـة ، أما بالنسبة لابنتي الشاهد الذي لم ير شيئا . فنهضت هنا مها بغضب و قالت بقلة احترام : لـست كذلك ، فأنا رأيــتــ ... فقاطعها بصفعة سريعة و قوية ، نظرت له بحقـد و وضعت يدها على خدها "موضع صفعة والدها " ثم قالت له و هي تبكي بحرقة : بالتأكيــد كان هذا طلب سامر .. فنظرت لسامر الذي رمقها بنظرة هادئة و قالت له بكره شديد : أكـرهك ، أنــا أكرهــك أيها .. الــ فقاطعها والدها بقوله : متـسرعة دائما باتخاذ القرارات ، في الحقيقة أنا من اقترح على سامــر أن أصفعك جزاء لفعلتك ، لكــن .. "توقف الرقيب عن الكلام ، و تحولت ملامحه الجدية إلى طيبة واضحة ، فأدار سامر رأسه و نكســه ، حتى أكمل الرقيب قولــه بعفوية : لكـن سامــر رفض ذلك ، و هل تلومينني بأنني أطلقت لقب المتسرعة بلا سبب . نظرت مها لسامر الذي لم يهمس بحرف ، و شعرت بمكانتها ، و كم أنها غبيــة و حمقاء و دنيئة أمام ذلك المتواضع هنــــاك ، أو هكذا كما كانت هي بنظرهــا . فقال الأستاذ و هو يزفـر بحدة : إذا ما هو دليــل أن سامرا ليس الذي كان يريد قتلي ؟ صمت الجميع ، فقد ساد الصمت المكان بل و أخرسه ، مضت دقيقة ، و لا صوت أو حتى إجابة . حتى شــرّع أحدهم الباب فجأة ، كان أول شخص تقع عليه عيناه هو سامــر ، ركض باتجاه سامر المندهــش ، و قبــّل يديه و هو يبكـي و يردد بندم و أســف : أنــا آسف ، صدقني لم أرد أن يصيبك ما أصابــك .. أرجوك سامحني ، ليرتاح ضميري . نظر الرقيب لسامر منتظرا منه إجابة، لكن الفتـى قال للرقيب و هو يمد يديه له و يقول: اقبض عليّ، فأنا من كان سيقتل ذلك الرجل، نعم انه أنــا. و أردف قائلا: كنت سأقتله لكنّ هذا الفتى أوقفني، (( و أشار لسامر )) و تابع قوله : هذا الفتى منعني من ذلك ، صدقوني ، بصمات أصابعي على ذلك المسدس أيضا. فنهض الأستاذ بغضب و اتجه يضرب الفتى، حتى أوقفه سامر بعد أن قال بجدية امتزجت فيها الحدة: دعـه و شأنه، فالرقيب هنـا. نظر له الأستاذ بصدمة . فقيـّده الرقيب و قال له بجدية: سنتحقق من كل شيء في قسم الشرطة. و في هذه الأثناء كان شرطي قد دخل الغرفة بعد أن أدى التحية العسكرية للرقيب و قال : سيــدي إليك التقـرير.. فقال الجميع ما عدا الرقيب و الفتى: تقــرير !! اقترب الرقيب و أخذه و قال: انه تقرير للبصمات الموجودة على المسدس و هناك ثلاث أنواع، اثنان نعرفها، و هما لسامر و الأستاذ و الثالث لا نملك كشفا لصاحبها أو حتــى ملف. فألقى بناظريه على الفتى و قال له: هيا بنا إلى القسم. أخذ رجال الأمن المتواجدون في هذه الأثناء الفتى و وضعوه بسيارتهم الخاصة ، أما سامــر فارتدى قميصه الممزق و المرقع بالدماء من كل جانب . و انصرف برفقة الرقيب و ابنته، و الأستاذ ركب سيارته وحده. . . وصل الجميع لقسم الشرطة ، و بدأت التحقيقــات حول الفتــى، حتى تم مطابقة البصمات و بالفعل هي بصماته، و حاولوا معرفة سبب إقدامه على فعل مثل هذه الجريمــة، فأجابهم بصدق أنه ليس له علم غير أن هنالك من أحضر له حقيبة بها أموال مقابل قتل ذلك الشخص، و أنهم أخبروه بأنه رجل مجرم و قاتل أيضا ، و طلبوا منه تخليص العالم منه . . . فانقض عليـه سامر الذي كان يجلس قبالته في غرفة التحقيقات ، و أمسكه من تلابيب قميصه و شده بقوة و قال له بعد أن حاول تحمل ألمه بنبرة منكسرة : هل هذا العمـل الخيـّر الذي وجدته ؟ هل هذا ما وجدته حقـا ؟ كيف تقدم على مثل هذا العمـل ؟ من تحسب نفسـك ؟ لست من يصنع العدالة هنا أو يشرّعها يا رجل ..!! هـزه سامر بقوة و هو يكاد يذرف دموعه على حال من أمامه فأردف قائلا بخفوت : أنا آسف ، فيبدو أن نصيحتي هي السبب ! فرد عليه الفتى و قال له : لا تعتذر ، فأنا من أوصلك على هذه الحال ؟ فقاطعه سامر بوضع شيء في قبضة الفتـى و قال له بخفوت: لقد.. سقطت منك .. فتح الفتى قبضته و أدمعت عيناه فورا بعد أن رأى تلك القطعة من النقود في يده،فقال لسامر بامتنان : لن أنساك أبدا ما حيـيت ، صدقني ! عاد سامر و جلس مكانه و التفت عنه، فقال الرقيب بجدية و خاصة بعد أن انكشفت ملابسات القضية : و الآن نتائج التحقيــق . أنصت الجميـع باهتمام ، فقال الرقيب مكملا كلامه : خرج سامر من هذه القضيـة بـــبراءة، و الفتـى الذي تبيّن لنا أن اسمه هو "سامي" سيعاقب بالحبس لمدة أسبوع فهو أقدم على فعل جريمة و كان أداة فيها ليس إلا، أما بالنسبة للأستاذ "فـريـد" معلم العلوم النفسية في الثانوية، فهو أولا يديـن بحياته للشاب سامر، و ثانيـا سيقفل ملف هذه القضية، على أن يفتح ملف آخــر للسيد فريــد كوننا علمنا أنه مطارد من قبل أحدهم لسبب لا نعرفه و ربما يعرفه هــو. فتنهد الأستاذ فريد و قال بخفوت: يا الهي ! مصيــبة كبرى .. !! . . و أنهى كلامه بقولــه: فلتنصرفوا !! و اتجه نحو سامر الذي كاد يغادر لولا أن أمسك الرقيب بذراعه بعد أن قال له : اتبعني . تبعه سامر بلا مناقشة ، حتى وقفا أمام الأستاذ فريــد و استهل الرقيب الحديث بقوله : سيد فريـد أظن أنك نسيت شيئا قبل أن تغادر ، فأنت تدين لهذا الشاب بمعروفه عليك . أشاح السيد فريد بوجهه و قال ببرود : اطلب ما تشاء ، مال ، أو حـتــ... فقاطعه سامر قائلا : أريد .. طلبا واحدا فقط .. إن كان ممكنا.. تنهد الأستاذ فــريد و قال : و ما هــو ؟ فقال له سامر و الرقيب يراقبه باهتمام : طلبي هو أن تكون على قدر مسؤوليتك في التعليــم . نظر الأستاذ فـريد لسامر باهتمام و فهم المغزى تقريبا، ثم قال له بإعجاب: و ماذا تقصــد ؟ بينما نظر سامر بعينين حادتين قائلا : يعاني الجميع بسببك حضرة الأستاذ المبجل ، من عصبيتك الزائدة ، أسلوبك في التعامل ، نظراتك الحادة بلا سبب ، تدميرك للممتلكات المدرسية كالـ 45 سبورة ، و كذلك تدخل بلا شرح و تخرج كذلك ، ألا ترى الكره في أعين الطلاب لك ؟ صدقني أنا لم أكرهك و لن أفعل ذلك أبدا ، إلا أنك تثير التساؤلات حقا ، لماذا تفعل شيئا بل أشياء كهذه ؟ فأجابه الأستاذ فـريد بخفوت : هل هذا طلبــك ؟ اعذرني فهو سيتأخر حتى تحل مشاكلي الشخصية . فقال له سامر معاتبا : إذا فلتأخذ إجازة لنفسك حتى تحل هذه المشاكل ، و اتركنا برعاية أستاذ غيرك . فرد عليه الأستاذ فريد بعفوية : لكنني أحب المدرسة ؟ سامر بجدية: إن المحب لمن يحب مطيــع ، أنت تعاكس هذا البيت من الشعر تماما، فلو أنك تحب المدرسة حقا لعملت بمبادئها. ++ كان سامر يتحدث بأسلوب لفت انتباه الرقيب و أعجز الأستاذ فريد عن الرد ++ سامر و هو يكمل : هل ترى هذا صعب المنال ؟ أليس هذا واجبك ؟ أخبرني ما ذنب أولئك الطلاب الذين يحضرون المدرسة و هم متعبون، فمنهم المريض و منهم المرهق، أنت لا تعلم ما هي أحوالهم المنزلية، هناك من لا أب له و لا أم و لا حتى نفقة، يعمل فقط ليحضــر أستاذا يعلــّمه و لا يهتم إن فهم الشرح أم لا، فهو يعمل بوقت محدد، أما أنت فأستاذنا نحن ، ملكنــا فقط ، لماذا لا تسعدنا ؟ لماذا ؟ لماذا لا تحاول فتح حوار بينك و بين الطلبة ، صدقني ستلاحظ الفرق ، مادة العلوم النفسية رائعة ، و تريحنا من همومنا ، حقيقة أنــا .. أنا لم أجد فرصة كهذه كي أفاتحك بالموضوع ، هذا طلبي فقط ، أرجوك . . . اتسعت حدقتا عيني الأستاذ عجبا ، و تعجبا ، و كذلك الرقيب . صمـت سامر بعد أن علم أنه أطال بالحديث قليلا و غادر المكان لولا أن قال الأستاذ فــريد: انتظـر يا سامــر !! التفت سامر بمكانه فقال الأستاذ فـريد بارتباك : هـل .. هل سيتقبلونني إن تغيـّرت ؟ ابتسم سامر و هز رأسه إيجابا ، فسأل الأستاذ مجددا : و هل سيتقبلون أخطائي ألن يؤثـر ذلـك .. ؟ فقاطعه سامـر بجدية : حتى القرود تسقط من الشجر يا أستاذ ! (مثل ياباني بمعنى : حتى الخبير بالشيء يخطئ) ربـــّت الأستاذ على كتفي سامر و قال له بأسف : اعتذر يا بني ، أظنني .. أنا ..أخطأت .. ابتسم سامر ابتسامة باهتة و قال ببرود :لا بأس عليك ، كلنا نخطىء ... الرقيب بسعادة و مـرح: إذا إلى المدرسة يا رفاق ؟ فابنتي قد تكتب في سجل الغياب و هذا لا يجوز بعائلة الرقيب. . . انصرف الجميــع نحو سياراتهم، و اصطحب الرقيب ابنته و سامر أيضا. الرقيب و هو يقود: هل ستغيّر ثيابك يا بني ؟ نظر سامر لنفسه و قال بمرح: لا أعتقد ذلك، فهو الأول و الأخيـر الذي أملكه. فقال الرقيب بمرح: بالمناسبة، كنت رائعا و جريئا أيضا يا سامر قبل قليل. فأجابه سامر بهدوء : لن تستطيع إمساك صغير النمر إذا لم تدخل عرينه. ثم أردف قائلا: و معناه أنك إذا لم تكن جريئاً لن تحصل على شيء، و أتمنى أن نحصل على شيء من الأستاذ. أدار رأسه ناحية النافذة و بدأ يتأمـل ما حوله .. ابتسم الرقيب و قال بداخله : "فتـى نادر ، لن نرى مثلك أبدا " ثم سأله بتلهف: و لكن لم اخترت طلبا كهذا، لم لم تطلب المال مثلا.. ؟ فأجابه سامر بهدوء و هو ينظر من النافذة : أحب مصلحة الجماعة ، ثم أن ترى الشيء الصحيح ولا تقدم عليه يعبر عن افتقارك للشجاعة، فقد رأيت بأن الصحيح هو هذا الطلب لا غيـر ، و لم أتوانى بذلك . . و مها كانت صامتة طوال الوقــت ، تتأمل سامر تارة و إلى حديثه تارة أخرى . . . | ||||||||
05-06-23, 06:48 PM | #13 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| . . وصلوا إلى المدرسة أخيــرا ، فتوجه الرقيـب ليدخل بصحبتهما إلى المديـر ، لكن وصول الأستاذ فريد عرقل دخولهما فقد أصــر على اصطحابهما بدلا من الرقيب ، و فلح بذلك ، بعدها توجهوا لمكتب المديـر ، و عندما دخلوا بعد أن استأذنوا ، صرخ المدير بغضب طفيف : و أخيرا يا أستاذ فريـد ، لقد سببت لنا مشاكل كثيرة و خرجت . فانحنى الأستاذ فريد و قال بأدب : أرجو المعذرة ، لكن اسمح لنا بالتحدث عن ذلك لاحقا ، فأومأ له المدير بالموافقة ، و خاصة بعد أن رأى سامر بتلك الضمادات ، فتقدم باتجاهه و سأله باهتمام : ما بك يا بني ؟ ما كل هذه الجروح ؟ نظر الأستاذ فريد لوهلة لسامر ثم أشاح بوجهه بعيدا بحزن ، قلقا من إجابة سامـر ، الذي قال بهدوء : لـقد كادت تصدمني سيارة و الأستاذ فريد أنقذنـي . فالتفتت مها نحوه باستغراب و كذلك الأستاذ فريد، و الذي لا يزال يعجب بسامر ثانية بعد ثانية ، فقال المدير : حمدا لله على سلامتك بني ، من الجيد أن الأستاذ فريـد كان معك .. فشطبوا بعد ذلك أسمائهم من الغياب و توجهوا نحو صفوفهم ، طرق سامر باب فصله بأدب، فالتفت الأستاذ نحوه و قال له بدهشة من شكله و ملابسه : تــ .. تــففــ .. تـــفضل يا بني ..! لم يكن الأستاذ هو الوحيد الذي دهش بل و الطلاب أيضا ، كانوا يتهامسون حول سبب إصابة سامر هذه. جلس سامر على يمين حمزة و قال له بخفوت: مـرحبا !! ابتسم حمزة بوجهه و قال له بخفوت أيضا: أهلا بك .. و عاد الأستاذ لشرحه : و عندمــا نضيف رقم ثمانية هنا ، بالتأكيد سيتغيـر الرقم ، فعندما نقسمه على ناتج الضـرب و ... حتـى انتهت حصة الحساب ، و أتت الحصة التي يحبها الجميــع، و هي حصة السيد أكــرم معلم العلوم و الأحياء دخل و ألقى التحية على الجميع و هم فعلوا ذلك أيضا، ثم سأل سامر بفضول : حمدا لله على سلامتك يا سامـر ، ما سبب إصابتك؟ أجابه سامر بهدوء : حادث بسيط ، أستاذ أكـرم ! فقال الأستاذ أكرم بمــرح : آهــا ، .. فضحك الطلاب على طريقته في الكلام ، و بدأ يشرح درسه بعد أن كتب على السبورة العنوان و قال بجدية: العنوان كما هو مكتوب على السبورة "ما هو الإسفنج؟" . و أردف قائلا بمرح : أتساءل عن الإجابة ؟ و بدأ يشير بإصبعه عشوائيا و هو يقول: أمممم ! من هو سعيـد الحظ الذي سيجيب عن سؤالي ؟ ( طبعا الطلاب متوترين بشدة ) >>>>>>>>>يعني صــف كسالى هههه فقال الأستاذ أكرم بخبث: لنجرب سؤال طالبنا الجديـد "سامر بـدر" ثم أردف قائلا بمرح: و طبعا جاوب و أنت جالس، لأننا نهتم بصحتك. كتم الطلاب ضحكاتهم بينما قال سامر بجدية : الإسفنج حقيقة ما هو إلا حيـوان بحري . ثم ّ صمت فابتسم الأستاذ و صفق لسامر بمشاكسة و قال: أحســنت يا بني، إجابة صحيحة. ثم اتجه نحو السبورة و كتب ما قاله سامر الإسفنج حقيقة ما هو إلا حيـوان بحري و التفت و هو يقول: هل انتبهتم للكلمة التي تحتها خـط ؟ هز الجميع رؤوسهم إيجابا ، فتابع الأستاذ قوله : أريـد منكم تفسير هذه الكلمة . فأجابه أحد الطلبة قائلا: أستاذ، بما أن سامر هو من قالها، فلم لا يفسرها، فلا أظن أن أحدا منّا حظّر هذا الدرس. هز الأستاذ رأسه و هو يكتف يديه و قال: معك حق يا هيثم ، كله من علاماتكم . فأشار لسامر أن يفسرها، و لم يمانع سامر حيث قال بثقة: ذكرت كلمة حقيقي، لأن الإسفنج الذي نشتريه من المخازن في هذه الأيام و نستعمله في تنظيف المطابخ ، ليس أسفنجا حقيقيا بل هو مادة مصنوعة من مواد مركبة و هو يظهر و يعمل كالإسفنج و يبدو أنه مفيد جدا. نظر له الطلاب باندهاش بينما ضحك الأستاذ و قال لسامر بسعادة: لو لم تكن متعبا يا عزيزي، لجعلتك تشرح الدرس بدلا مني ، فمعلوماتك وفيرة جدا ، و أظنك تجاوزت ما بالكتاب قليلا حسب ما أرى . ثم أردف و هو يتجه ليكتب على السبورة قائلا بهدوء: بالتأكيـد والدك فخور بك يا بنّي، أتمنى أن يحظر اجتماع أولياء الأمــور قريبا. نكّس سامر رأسه بحزن واضح و قال بداخله :"سيكون فخورا بي ، لـو كان هنا " و هاهو الأستاذ أكرم يسأل مجددا: من هو الرجل الذي أثبت أن الإسفنج حيوان، بعدما كان العلماء متفقين على أنه نبات ليس إلا ؟ فرفع حمزة يده و قال : أستاذ !! سمح له الأستاذ فأجاب قائلا : بيت هوفن .. نظر الأستاذ له بغباء و الجميع فعل ذلك أيضا ، و هو ينظر لهم بتوتر ، فقال بارتباك : مــاذا ؟ ربّت الأستاذ على كتفيه و قال له : لا تقلق ، سأخبر أستاذ الموسيقى بأن يرفع درجاتك. فهم حمزة أن إجابته خاطئة فقال : إذا انه كولومبس بلا شــك .. فصرخ الأستاذ: حمزة، كفاك لهوا... لم قـد يقضي كولومبس وقته في مراقبة الإسفنج بينما اكتشفت أمريكا على يديه ؟ فهــزّ حمزة كتفيه و قال بتوتر: أمم ! لا أعلم يا أستاذ . تنهد الأستاذ و اتجه يكتب اسم هذا الرجل ليريح نفسه و أنفس الطلبة أيضا. حتى قاطعه ســامر قائلا ببرود : ( روبرت جــراند ) توقف الأستاذ عن الكتابة و التفت ينظر لصاحب الإجابة و قال: كان عليّ أن أعلم أنه أنت يا ســـامر، كان عليّ ذلك حقــا !! جلس على كرسيه و قال باهتمام: من أنــت يا ســـامر ؟ أجابه سامر ببرود : أنــا ســــامر ! فرد عليه الأستاذ قائلا: كيف علمت باسمه يا رجــل ؟ ارتبك سامر فكذب بقولــه : قرأت الـدرس .. فقال الأستاذ بصوت مرتفع : اكتبــــوا ما على السبورة يا شبــــاب . ثم ابتسم و اقترب من سامر و همس له بخفوت: لم يذكـر اسمه في الدرس، لا يليق بك الكذب . نظر له سامر بقلق، ثم قال له بخفوت: لم تترصدني هكذا، صدقني في المرة القادمة لن أجيب على أسئلتك أبدا . حمزة بداخله باستغراب : " يترصد !! من ..؟ لكن .. لكن ..انها مجرد اجابة !!.." ابتسم الأستاذ و همس له مجددا : ستأتي معي في الفسحـة إن لم يكن لديك مانع ! زفــر سامر بقوة و قال له ببرود : لا بأس . و عاد الأستاذ لمكانه ، و قال منبها بجدية : أحبائي ، أرجو أن لا تنسوا الإجابة على السؤال المكتوب أمامكم فهو واجــــــــب . أجابه الجميع باحترام : حــــــــــــــاضر أستاذ أكرم .. و انتهت حصته و جاءت التي بعدها و هي أبشع الحصص لدى الطلاب. صرخوا بتململ شديد : أووووووه الأستاذ فريد قادم . فقال له آخــر : بل عفريـــت . فقال آخر: ألا ترون أنه وسيم و يزداد وسامة يوما بعد يوم . فقال له أحدهم باستهزاء: آه، نعم نعــم ، و خاصة حينما يقطب حاجبيه نظر لهم سامر بينما سأله حمزة: لم لا تنقل نفسك إلى صف آخـر؟ لاسيما و أن بعض الأساتذة قد تـرصّدوك كما تقول. فأجابه سامر قائلا و هو يضع كتب المادة على الطاولة: لأنني أريد الأستاذ فـريد. نظر له حمزة باستغراب و قال متعجبا و هو يرفع أحد حاجبيه : أنت تعلم أنه لن يدرسنا فلم تخرج كتب مادته ؟ ابتسم ســامر و قال بهدوء: الأحوال في تغــيّر دائم يا صديقي . و سمع الجميع خطوات الأستاذ فريد القوية تقترب منهم، فعادوا لأماكنهم، و جلسوا بانتظام . . . و عندما دخل الأستاذ فريــد، و خارق الوسامة كما يسميه الطلاب ، للفصل ، وقف الجميع ليلقوا عليه التحية ، أما هو فوقف أمام طاولته المخصصة له في زاوية الفصل و نظر لهم بهدوء ، فقال الطلاب بخوف: أستاذ لقد نسخنــا الجملة ألفي مــرة، و اتجهوا يضعون الأوراق على طاولته،و هو ينظر لهم بصمت بينما قال أحد الطلبة بقلق : أرجو المعذرة أستاذ لم .. لم أنسخ إلا ألفا و خمسين مرة لأني كنت أساعد والدي، فنظر له الطلاب بإشفاق خشية من قرار المعلّم. هنا تذكر الأستاذ فـريد جملة سامر " فمنهم المريض و منهم المرهق، أنت لا تعلم ما هي أحوالهم المنزلية " و الجميع ينظر للأستاذ الذي لم ينطق ببنت شفة ، أما سامر فقد نظر له نظرة مختلفة ، و كأنه يقرأ أفكاره ، فبادله الأستاذ النظرة ، و كم كان قلقا من قراره الصائب ، فتنهد و أمسك قلما ثم كتب عنوان الدرس بينما الذهول يعتلي وجوه أولئك الطلبة. و عاد يجلس و هو يقلّب أوراق النسخ أمامه فقال بهدوء: اجلسوا.. ففعلوا ذلك باستغراب شديــد ، و تابع هو كلامه قائلا بعفوية : فلتخرجوا دفاتركم، حقيقة درسنا اليوم مشوق جدا، سأشرح أول درس مقرر عليكم . فقاطعه هيــثم قائلا: لكننا المفروض في الدرس الثالث عشر الآن. فأغمض الأستاذ فريد عينيه و قال ببرود : لا تقاطعني من فضلك . فأخفض هيثم رأسه و قال : أنا آسف .. الأستاذ فريد : اجلس . جلس هيثم بارتباك ، و قال الأستاذ بهدوء : سأبدأ الشرح منذ البداية، و كأننا في أوّل العام الدراسي، و سأحاول أن ألحق بالدروس حتى نجاري بقية الفصول، و سنناقش جميعنا هذه الدروس، و بالنسبة للنسخ فسأضاعف درجات الجميع، فقد كان القصور من طرفي و ليس منكم لسبب شخصي. فرح الطلاب كثيرا و الأستاذ فريد بدأ بمناقشة درسه بحرص، - كما أنه يحب مادته – و اهتمام واضح، فكان يشرح و هو يتمشى بثقة بينهم و يأخذ برأي هذا و ذاك ... و مضت الحصة على غير طبيعتهـــا . حتى حان وقــت الفسحة، شعر سامر بقلق قليلا لأن الأستاذ أكرم طلبه لكنه تحمــّل و ذهب إليه و هو يتمتم : لم و لن أرتاح لهذا المتبجح ! لن يعرف شيئا عني مهما فعل ، هه ! . . انتهى الجزء على خيــر ، لكن ماذا يريد الأستاذ أكرم من ســامر ؟ لا تتساءلوا كثيرا، فالجزء القادم هو من سيجيبنا !! <<< ما اعطيكم فرصة هههههه .. | ||||||||
05-06-23, 06:51 PM | #14 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| غروب بألوان الطيف 8 . . بالتأكيــد كلنـا يعرف أن آلام الجسـد أهـون من آلام الضميـر، disappointeddisappointed و أراهن على أننــا كلنـا تهون علينـا شتـى أنواع الجروح ، و رغم أننــا ندفع الأموال الطائلة مقابل شفاء أجسادنا منــــ مرض مـا و من آلام تقـطـّعنا أشلاء، إلا أننــا نرضى بهـــــا مقــابل أن لا يتألم ذلك الضمـير الكائن بداخلنـا ، فلــــــــيس علاجـه بســهل أبدا ، و ليــــــــــس شفاؤه سريعا بتــــــاتا ، و لكـن إذا أخطــأنا حقــا فلا يجب أن نتردد في إصلاح الخطأ قد يكون هذا الإصلاح سبيلا لإصلاح الضميــر المكسور أيضا. فكــلا الطريقيــن يؤديــان إلى رومـــــــــــا . و لنعلم أن الألم مصاحب للسرور ، فمادام هنالك سرور ، سيكون هنالك ألم ، و مادام هنالك ألم فهنالك سرور . . . ضجة و ضجيج و إزعاج و عجيج، هـرج و مـرج في أحشاء تلك المدرسة الثانوية ، بالأخص ذلك الجناح الذكوري ، جنــاح الفتيــان، كيف لا و هم في الفسحـة الآن. فالبعض يخرج كل طاقته المكبوتة فيها، حتى لو كان ذلك الكسول و المنطوي بالفصل، بالتأكيد في الفسحة يحدث العكس، و شيء بديهي، ليس الجميـع الجميع !! . . اتجه ذلك الفتى نحو غرفة المعلمين التي دلّه عليها أحد زمـلائه في الفصـل. طرق بابها بأدب و دخـل بلا تعبير واضح على قسمات وجهه . ابتسم ذلك الأستاذ في وجهه و أشار له بالجلوس قائلا بضحكة مرحة: اجلـس يـا سـامر. فقال له سامر ببرود : لا أظن أن حديثنا سيطول لأجـلس . ففاجئه الأستاذ بقوله : أنت محــق !! تعجـّب سامر بداخله و نجح في عدم إظهار ذلـك و قال له : لم طلبتني ؟ نهض الأستاذ و الذي لم يكن سوى الأستاذ أكــرم و أعطاه كتابا يخص المادة . فأخذه سامر و قال بهدوء: ما هذا ؟ ابتسم الأستاذ أكرم قائلا بدعابة: انه كتــاب.. !! زم ّ سـامر شفتيه و قال: أعلم أنه كتاب، لم طلبتني ؟ تقدّم الأستاذ أكرم منه و فتح الكتاب على صفحة معينة و أشار بسبّابته على العنوان قائلا: انظر، طلبتك لأجل هذا، انه درس الإسفنج، الدرس الذي شرحته قبل ساعة تقريبا . غضب سامر و وضع الكتاب على المكتب و هـمّ بالخروج غير أن الأستاذ أوقفه عندما وقف بينه و بين البـاب، و رفع حاجبيه بصمت. أشاح سامر بوجهه بعيدا و قال بخفوت: أبتعد، أريد أن أخرج. حرّك الأستاذ رأسه نفيـا و قال : أبدا ، ليس قبل أن تجيبني على أسئلتي الـ .. فقاطعه سـامر بصوت مرتفع frown طلـبـــــــك مـرفوض ) . الأستاذ أكرم بخفوت: أنت طالب جديـد هنا، لم تأخذ كتبك حتى الآن، و فوق ذلك شرحت لي معلومات لم تكن موجودة في الكتاب. حـدّق سامر بعيني الأستاذ و قال له بحدة: و ما العجيب في هذا ؟ قرأت ذلك في الشبكة العنكبوتيـة . ابتسم الأستاذ بخبث و قال: لم كذبت عليّ منذ البدايـة إذا.. ؟ لماذا ؟ صمت سامر و لم يعرف ما يقولـه، فأكمل الأستاذ قائلا: أنا مهتم بـأمرك كثيرا ، أعجبتني يا سـامر. سامر بانزعاج : و ما الذي أعجبك بي ؟ أنا فتى عادي مثل البقية . فهـزّ الأستاذ رأسه نفيا قائلا: أبدا، أبــدا لست كذلك، فيبدو أنك قد درست خارج هذه البلاد العربية، لنقل أمـريكا، أو ربما أوروبـا. فصرخ سامر غضبا: و ما المثير في الدراسـة خارجــا ؟ لست الوحيد الذي درس هناك ! فقال الأستاذ بخبث: إذا فأنت قد درست خارجا كما توقعـت. زفـر سامر بقوة و قال: اكتفيت. ابتعد الأستاذ عن الباب و قال: صدقني سأعرف سبب تصرفاتك هذه. جلس و أردف قائلا: في الحقيقة ليس هذا ما طلبتك لأجلـه. التفت سامر بلا كلمة ، و تابع الأستاذ و هو يخرج ورقة مــا : هنالك مسابقة علميـة في مادة العلوم و الأحياء و كم أتمنى أن تشــارك بهـا، فمـا رأيـك ؟ كما أن الفائز فيها سيحصد مبلغا ضخما .. أمسك سامر مقبض الباب بغضب و قال ببرود : لن أشارك . ضحك الأستاذ بقوة و قال: كمـا توقعـت تماما، يمكنك الانصراف يا بنيّ ، لكن تذكر ، خلال أسبوع يمكنك مراجعه أمرك و الموافقة عليها . ثمّ أردف : و تأكد أنني أنتظرك ان غيرت رأيك !! خرج سامر و اتجه من فوره لدورة المياه، نزع قميصه الملطخ بالدم و فتح صنبور الماء ليغسله ، حتى لا يرى عمه أو عمر أي شيء. و نجح في إزالة البقع و قلـّب قميصه ليتفحصه قائلا بداخله : " لازالت هنالك بعض البقع الصغيرة ، هه و تلك التمزيقات أيضا " ارتدى قميصه ببـطء و اقشعرّ جسده قليلا من برودته و غادر. . . فتوسعت عيناه عندما شاهد عمر ينتظره عند باب الفصل، اختبئ خلف الحائط و قال بداخله :"سأزيل هذه الضمادة التي تلف رأسي ، سيراها عمر و يخبر عمّي بأني مصاب ، و ستقع على رأس الأستاذ فريد في النهاية" و أسرع فعلا من تنفيذ خطته،و اتجه إلى الفصل بهدوء و تجاهل عمر و كأنه لم يره و كاد أن يدخل لولا أن عمـر سحبه من قميصه من الخلف. و قال له بغضــب : سامر ، لا تتجاهلني . نظر له سامر بقلق و قال بارتباك :أهلا عمـر ! مـا الأمـر ؟ فقال عمر بانزعاج : كيف تفعل بنا هذا ، لقد .. انك أحمق حقا يا سامر ، ثم ّ ما به قميصك ممزق و مبلل أيضا . ضحك سامر باصطناع و قال : ههه لقد سقطت على بعض الطين في الفسحة و .. فقاطعه عمـر باستغراب : و هل تريدني أن أصدق قصتك ؟ عندها تغيّرت نظرة سامر للـجد و قال ببرود : إذا سأخبرك بالقصة الحقيقة في المنزل ، لكـن ساعدني أولا . عمر بارتباك : أســاعدك ، في مـاذا ؟ سامر بجدية: سأذهب قبلكما إلى المنزل، لن أركب مع عمّي اليوم ، أرجوك أخبره أنني ذهبت قبلكما . عمر بانزعاج: و لماذا كل هذا ؟ سامر : سأخبرك لاحقــا ، أرجوك . زمّ عمر شفتيه و قطـّب حاجبيه قائلا: حسنا هذه المرة فقط، و هذا غداءك أعدّته أمي لك . ابتسم سامر و قال له : شكـرا لك يا صديقي . و انصرف لفصلـه، بينما اتجه عمر لفصله هو الآخـر و هو يحادث نفسه قائلا بتعجب: صديقي، هل نسي أنني ابن عمـّه قبل ذلـك ؟ . و في الجانب الآخــر ، حيث جناح الفتيات . كانت مهــا صامتة طوال الوقـت ، لا تجيب على أسئلة المعلّمة ، لا تتناقش مع الطالبات ، أو حتى تتحادث مع زميلاتها كالمعتاد ، كان كل ما يشغل بالها هـو ذلك الفتى ســـــامر. . . قاطعت أفكارها اقتراب معلمة اللغة الفرنسية منها ، فرفعت رأسها المنكس بوجه المعلمة الغضوب و قالت بارتباك: ما الأمر معلمتي ؟ تنهدت المعلمة و قالت بحدة: (مــهــا)، تعلمين أنك إحدى أهم فتياتي في الفصل فأنت متميزة دائما، تناقشينني و تحاوريني و حتى تسألينني، ما بك اليوم ؟ فنهضت مها بقلق و قالت بتوتر: آســ .. آسفة، أنا متعبة قليلا. ابتعدت المعلمة عنها و هي تقول بجدية: هذا واضح حقــا. فقالت مها بداخلها بحزن : " كله بسبب سامر هذا ، لا أعرف لم ورطت نفسي معه" . . مضت بقية الحصص بهدوء، و كالأيام العادية تماما، أستاذ يدخل، أستاذ يخرج، أستاذ يدخل، أستاذ يخـرج وفسحة تفصلهما و هكذا، حتى بلغت نهايـة هذا الدوام المتعـب . و مــع رنيــن الجـرس ، انصرف الجميـع نحو بيوتهم ملتهبين بشتى أنواع المشاعر، منهم، سعيد لأنني أنجزت فروضي، و آخر، تعيس فالأستاذ وبّخنـي ، و بعضهم متعـب ، و غيره السهارى ، كل انقضى لحالـــه ، و في الحقيقة الذي ارتاح هو الأساتذة، ارتاحوا من أولـئك الكسالى ، و غير المهذبيـن ، و بالتأكيد مشتاقين لذوي الفطنة و الدهاء و الأدب. فلنكــن من فئة المؤدبين نكسب حبهم و رضاهم . . . اتـّجه سامر نحو منزل عمـّه راكضـا لوحده ، و بسرعة هائلة متجاوزا كل جروحـه و آلامـه . فقال و هو يركض بقوّة : " يجـب .. أن أصل قبل عمـيّ " أدار رأســه للخــلف و هو يركض و قال بخفوت : "أتمنـى حقـا أن ينجح عمـر في تشويش عمـّي و إبطائه قليلا ريثما أصل " . . و بعد دقــائق تصل إلى الربع ساعة، وصل سـامر للمنزل، و بحركة جنونية نزع حذاءه و فتح الباب بآن واحد، متجها نحو غرفته في الطابق العلوي، دخـل الغرفة و هو يلهث من الركض ، و فتح خزانته و أخرج بنطالا أزرق اللون ، و قميصا أسود عليه نقوش حمـراء، دخل لدورة المياه و أخذ حمـّاما سريعا مدته لا تتجاوز الدقيقة ، و خرج يرتدي ملابسه >_< . جلس على أريكـة صغيرة في غرفته و أخذ نفسا عميقا، و قال و هو يجفف شعـره الأسود اللامع بخـفوت: حمدا لله أني وصلت قبلهما، شكـرا لـك يـا عمـر. نهض من الأريكة و أغمض عينيه متألما و هو يضع يده على رأسه، يبدو أن لإزالة تلك الضمادة تأثير عليه، نظر بضعف للمـرآة أمامه، و قال و هو يتمالك نفسه: أنــا بخـير، لابد و أن هذا الصداع سيزول. و فجـأة يدخل عمـر ليجد سامرا على وضعيته السابقة فيقترب منه بقلق: سامر، ما الأمـر ؟ فيقول سامر باصطناع مخفيا ألمـه: كنت ألمس شعري أتحسس إن جـفـّ أم لا ! ثم أردف قائلا: كنت أريد مشـطا، فلم أجده هنــا. اتجه عمر للطاولـة و أخرج مشطا من أحد أدراجها و قال باستغراب: بدوت لي متألما، و لم أكن أعلم أنك تتحسس شعرك يا سامر. نظر له سامر بصمـت ، ثمّ أخذ المشط منه قائلا ببرود : كنت كذلك حقـا . تنهـد عمـر و قال: لا فائدة ترجى منك يا سامر، لا فائدة. وقف سامر أمام تلك المرآة الطويلة و بدأ يمشط شعره، و قال ببرود : كيف استطعت تأخيـر والدك ؟ تمـدد عمـر على سريره بتعب و قال بضحكة قصيرة : بصراحة، لقد كاد يجـنّ، أخبرته أن منزلنا بحاجة لبعض الطلبات، و كلّمـا أحضرنا شيئا قلت له أنه لا يكفي و أننا بحاجة للمزيـد، كان يدخل للجمعية و يخرج مـرارا و تكـرارا ، ههههههه . ابتسم سامر ابتسامة باهتة و قال بهدوء: لقد عـذّبته..و ماذا لو عرف أننا لسنا بحاجة لتلك المشتريات. توقف عمـر عن الضحــك و قال بخوف : هذا مــا نسيــته تماما . و لـم يـكد ينهي جملته حتى سمع صراخ والده السيد سامح : (( عمـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــر أيها المخادع )) ابتلع عمـر ريقه و قال بقلق : انتهيـــــــتــــ ..... ساعدني سامر !! رد عليه سامر باستغراب: و هل عمـّي مخـيف إلى هذا الحـد. هزّ عمـر رأسه: أجل أنت لا تعرفه عندما يغضب، تتغيـر شخصيته بالكامـل. فقال لـه سـامر و هو يخرج : سأبذل قصارى جهدي .. | ||||||||
05-06-23, 06:52 PM | #15 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| نزل من السلالم بهدوء و دخل غرفة المعيشة و قال : مـرحبا . كـان السيد سـامح جالسا هناك، وفي قمـة غضبـه أيضا، و ما زاد غضبـه هو رؤيته لسامر المختفـي منذ الصبـاح،. فقال و هو ينفذ الهواء من أنفه بقوة: أهلا أهـلا بالسيد خفـي . نكـّس سامر رأسـه بتوتر و قال متأسفا : لم أقصد أن أختفي ، لم أرغب في إتعابك معي فقـط ، يـا عمـّي . فقـطّب السيد سامح حاجبيه غضبا: انه لمن الغباء أن تتعامل مع غبي ، و هذا مثل معروف ، أنا لست غبيـا يا سـامر ، لم خرجت منذ الصباح الباكـر ؟ لم ينطـق سـامر بشيء و ظلّ واقفـا بمكانه ، فتدخـلت السيدة سمـية و قالت بارتباك و هي تـربـت على كتفي سامر بلطف: لا بأس عليك يا عزيزي فهو لن يكـررهــا مجددا، أسأله بنفسـك. فهـزّ سامر رأسه إيجابا و قال : أجـل يا عمـّي ، أنـا آسـف حـقا . فقال السيد سـامح بغضب شديد : أريـد أن أعـرف فقط سبب هذا الكذب . فقال سامر نافيا عن نفسه هذه الصفة : أنـا لا أكـذب ، أنـا حقـا لم .. صمـت و لم يكمل كلامه ، و بدا الحزن جليا على وجهه ، فأردفت السيدة سمـّية : الغضب لا يفيدك بشيء يا سامـح ، فلتهدأ . نهض السيد سـامح و اقترب من سامر فـحدّق فيه و قال بـتحد : إذا بالغ الشخص في الأدب، فاعلم أنه غير مؤدب . توسـعت عينا سـامر مما سمعه ، خاصة مـن شخص ليس أي شخص ، شخـص اسمـه عــمّ ، شخص بمنزلة الأب . فقال بشفتيه المرتجفتـين : أنــا غيــر .. غير مؤدب . التفت عمـه عنه قائلا بجديـة : فلتعتبرها مـا شئت . كان عمـر يقف عند الباب بصمت و حزن ، يستمع لما يقوله والده ، فقال بنفسه :" لا أحب والدي عندما يتحدث بجديـة " ثم أردف بخفوت : لا أريده غاضبا هكـذا ، سيهلك سامر بالتأكيـد ، سأتدخـل . . . و دخـل و هو يقول برجـاء : أبــي ، ما بك ؟ لقد انقلبـت فجأة . فحد السيد سامح عينيه و قال لابنه : حسابك عسير أنت الآخــر ، لقد كـذبـت علــي أيضا بشأن المشتريات . أنهى كلامه و جلس ، اقترب عمـر من سـامر و همس له : أرجوك انس ما قاله والدي . فقال سـامر بهدوء : حسنا سأخبر والدك أنني من طلب منك الكذب . فصاح عمـر : هــل أنت مجنون ؟ انتبه السيد سامح لهمــا و قال بحدة : بماذا تتهامســان يا بينوكيــو ؟ عمــر : لا ، لاشيء .. و قال بداخله : " هه ، يا للعار ، أصبحت أنا بينوكيو الكاذب ". فقال سامر بهدوء: هل تسمح لـي بالانصراف، من فضلك ؟ السيد سامح بغضــب : لا اااااااااا .. عمر بانزعاج : أبــي ! كفاك .. فقال والده بغضـب : أعد ما قلــت .. عمر برعشة في جسده: لا، لا شيء أبــدا .. السيدة سمــية و هي تصطنع الغضب : في الحقيقة إن زوجي سامح لم يقصد إزعاجكما ، أو توبيخكما بقسوة ، فقد كان يعني بكلامه أن الكلمات الرقيقة لا تملأ المعدة . هـزت رأسهـا و هي تغمز لهما بخفية عن زوجها و قالت : فهمتــمـــا !! ابتسم سامــر ، بينما قال عمــر بصوت مسموع : أمي تغمز لنا بغير علم والدي ،.. هاهاهاها.. ضربته على رأسه برفق و قالت : كفاك استهزاء يا بنـّي .<<<< يعني ترقع خخخخخ .. عمر بمرح : إذا هل نذهـب ؟ فقال السيد سامح بقسوة : اذهبا و لأعاقبكما اليوم ، لن تتناولا الغداء . تنهد عمر و غادر قائلا بندم : هه و كأننــي جائع . و بهذه اللحظــة أصدرت معدته صوتا قويا، فصـرّ على معدته الخاويـة قائلا : فضحتنـــي . ضحك سامر و كذلك السيدة سمية و عمـر ، و كاد ينسى عمــّه ، الذي ضحك بداخله أيضــا . فقالت السيدة سمـية و هي تجلس قرب زوجها سامح: هيـّا يا عزيزي سامحهما لهذه المـرة فقط . فقال السيد سامح و هو يقلـّب صحيفة بيديه: ما حدث مرتين سيحدث للمرة الثالثة، عليهمــا أن يتعلمــا هذا الدرس. و انصرف كل منهما، و قرب الباب سمع سامر السيد سامح يقول لزوجته: سمـيّة عزيزتي، أوصلي لهمـا الغداء في غرفتهما، و أخبريهما أنك أحضرته بدون علمــي ، فهمــت . ضحكت و قالت : هاهاها ، كنت أعلم ذلك ، يكفي أن اسمك ســامح ، مشتق من المسامحة . ابتسم و عاد يكمل قراءة ما بيديه . ابتسم سامر و كم أسعده أن عمــّه لا يزال يحبـه ، رغم كل شيء ، و تبع عمـر للأعلى . أما السيدة سمــيّة ذهبــت للمطبــخ تنفذ ما طلبه. . . في منــزل آخــر ، حيث كان الإزعاج سيــد المكان ، صرخـت سيدة تبدو في الأربعينيات ، اتضح أنها الأمٌّ هنــا ، و قالت بصوت حاد : يكــفي يا خالد ، صوت التلفاز مرتفع جــدا . فـــردّ عليــها خالد الذي كان يجلس أمام شـاشة التلفاز بضجـر: أوووه ، أمـــــــــــــــي ..!! فقالت له والدتـه: بنـي ، أنت و إخوتك لا تنصتون إلي ، لا أرى طاعة لي في المنــزل . أغلق التلفاز و اتجه لوالدته التي كانت تقف عند باب الغرفة، قــبـّل رأسها و قال بلا مبالاة: ها قـد أطعتك، و مـاذا أيضا ؟ تجاهلته و دخلت قائلة بعصبية: أوســاخ و أوساخ... و .. ++ فحملــت أحد القمصــان المرميــة على الأرض بطرف إصبعها و هي تضع يدها على أنفها باشمئــزاز ++ ثم أردفــت بانزعاج شديــد: و أوســــــــــــــــــــــ ــاخ، خـــالد أيها القـذر، متى ستتعلم ؟ متى ستفرحني بنظافة غرفتك ؟ . اتجه خالد بعدم اكتراث و جلس على إحدى الأرائك في غرفته الواسعة. أما والـدته فقالت بخبــث: تخافون من والــدكم فقــط، سأخبره عنك و عن هذه المستقذرة المــسمــاة بــغرفــة . فنهض خوفا و قال لهــا بهلع : مستحيــل ، أنت لن تفعلي خطوة مجنونة كــهذه أبدا . ابتسمــت بوسع شفتيها و قالت بهدوء: بــلى. فدخل في هذه اللحــظة شــاب آخــر و اتكئ على الباب بيده ، حاملا كتبه الجامعيـة باليد الأخــرى. التفــت خـالد نحوه و قال بصوت مرتفع: مـاذا أنــت الآخــر ؟ تثاءب الشــاب و قال بمرح: لا شيء، فقد سمعت ضجة و عرفت أن والدتي تقوم بالتفتيش الصحي المعتاد، هــذا فقــط. اقتربت منه والــدته و نظـرت إلى يده قائلة بقلق: ماذا حـلّ بهـا يا أمجــد ؟ نظر إليها أمجــد ببرود و قال بابتسامـة : حــرقتها أثناء قلي البيض في الصبــاح . تنهدت ثمّ خرجت حاملــة تلك الأكوام من الملابس غير النظيــفة ، متجهـة نحو غرفة الغسيــل في الأســفل. أمــا أمجــد فقال بهدوء لشقيقه خــالد : هل سمعــت بآخـر الأخبار ؟ خالد باستهزاء: نعم، أمي قامت بتنظيـف الغرفة للمرة العاشرة على التوالي في هذا الأسبوع. فدخل أمجد للغرفة و جلس قبالة شقيقه و قال : لا يا أيها الأحمـق ! هل يعقل أنك لم تسمع بما قامت به مــهــا ؟ بدا الاهتمام جليا على وجه خالد الذي يبدو أن الموضوع قد أعجبه حقا، فقال بانتباه : لا ، و أتمنى أن أعرف . وضع أمجد كتبه جانبا و قال بصوت خافت: لقد كانت شاهدا على جريمة قتـل. تعـجـّب خالد و قال: معــقول، مــها أختي أنــا. فضرب أمجد خالد على رأسه برفق و قال مستهزئا: و أختي أنا أيضا، إنها مها بشحمها و لحمــها . فتسـاءل خالد و قال : و كيف علمت بهذا ، بعكسي أنا الذي لا أعلم شيئا ؟ نظر له أمجد بغباء ثم قال : لأنك يا عزيزي لم تتحرك من المنزل . كـتـّف خالد يديه بانزعاج قائلا : معك حق ، فكل أبواب الوظائف أغلقت بوجهي ، فقد أمضيت طيلة تلك الأسابيع أبحث عن وظيفة و لم .. قاطعه أمجد : نعلم ، نعلم يا أخي ، لا داعي للشرح . و تابع : بصراحة لقد أتيــت برفقتهما قبل دقائق . خالد بخوف: تعني أن والدي هنــا. هز أمجد رأسه بخبث : أجــل ، و ينتظرك أيضا في الأسفل . ابتلع خالد ريقه و قال : من فضلك أكمــل . أمجد بخفوت: كانا يتحدثان بشأن جريمة مـا و اتهمها والدي أيضا ، أوّل مرة أرى مهـا غاضبة هكـذا، لو لم يكن والدها لالتهمتــه كلــه . | ||||||||
05-06-23, 06:53 PM | #16 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| جـلس الرقيــب أو والـد مهـا في غرفة المعيشة و هو يتنفس بعمق ، خلع معطفه و قبعته قربه و صاح بصوت مرتفع : خــالــد ، خـــالد . حتى نزل خالد الابــن الأكــبر و الذي يبلغ الـ24 من عمـره و قبـّل جبيـن والده ثم جلس قربه بأدب . فالتفـت والده له قائلا بجدية : هل وجـدت وظيـفة ؟ أجابه خالد : لا يا أبي ، حتى الآن ، فآخـر شـركة قدمـت فيها أوراقي لم تصلني منها أية إجابة . زمّ شفتيه و قال و هو يهز كتفيه : و أنــا أنتظر . تنهد والده قائلا : عليك أن تسرع يا بني ، فأنت تعلم أني لا أحب أن أرى أبناءي متقاعسين عن العمـل. حـرك خالد رأسه إيجابا، و قال: لا تقلق فأنا مثلك أحـب العمـل. فسمع صوت والدته السيدة أمينة و هي تقول من بعيــد بقهــر: صحــيح، تحب العمــل كثيرا. و انصرفت و هي تتمتم: غرفة قذرة، و ملابس أقذر، و يريد وظيفة محترمة، هذا و لم يطلب زوجة حتى الآن، أتــساءل كيف ستعيش معـك ؟ يا الله !! تـحــسـّر خالد بداخله قائلا : " يا الهي إن بدأت والدتي الحديث فلن تنتهي ، تخرج كل ما بجعبتها أمام والدي لتفضحني " فقــال والده السيد جـاسر بتعـب : أرجــوك يا أمينة ، عجـلـّي في وضع الغداء فأنا متعـب و جائع، و كم أتمنى أخذ قسط من الراحـة. فقالت له بلطف: انه جاهـز، وضعته على المائدة. ثم دخلت عندهما و قالت لخالد: بني، اذهـب و اخبر إخوتك بأني وضعت الغداء. اتجه خالد لينادي إخوته بينما انصرف والده للمائدة . . و على المائدة كـان الترتيب كالتالي ، تقابل كل من الأبويـن و ترأســا المائدة، بينما جلس كل من أمجد و خالد قرب بعض على الجانب الأيمن ، و فاتن الابنة الكبـرى أخذت الجانب الآخـر قرب والدتها و ظل مقعد مهــا فارغا. استغربت السيدة أمينة كثيرا خلو مقعد ابنتها الصغرى مهـا فقالت : أيـن مهـا يا خــالد ؟ أجابها خالد و هو يأكــل بنهم: إنها لا تريد، ليست جائعة. فصرخـت: خــــــــــــــــــــالد !! رفع رأسه ببطء و أجابها ببرود : نعم . تابعت أكلها قائلة : بني ، كـل بأدب . هز رأسه و عاد يأكل بنهم مجددا، فرمقه والده بنظرة جانبية، جعلته يأكل أفضل من المؤدبيـن. أنهت فاتن طعامها و غادرت قائلة: شــبعت، حمدا لله.. نظر الجميـع لهـا بهدوء حتى غادرت عن أنظارهم . فقال خالد متسائلا: أبي، تبدو منزعجا اليوم. >>> يعني يسحب السوالف خخخخ تنهد والده و قال بحزن: أفواه الناس لا تغلق أبداً يا بنـيّ، صدمتني ابنتي بتسرعها أمام الناس، لكن ما حدث لها اليوم سيكون درسا مفيـدا لهـا ، فكما تعلمون خطأ شخصٍ ما هو إلا درس لشخصٍ آخر. أمجد بتطفل : هل يعني هذا أن مهـا غير مخطـئة . تجاهله والده و نهض من المائدة متجها لغرفته لينام . فلحـقت بـه السيدة أمينة ، تستفسر عمـّا حدث . . . أمــّا مهـا فكانت تجلس وحيدة بغرفتها ، اتجهت نحو نافذتها الواسعة و قالــت و هي تفتحها بهدوء : لقد كـدت أٌدخلـه السجـن بسبب تسرعي ، لحظة لم أنا مهتمة به إلى هذا الحد ، فما حدث فات و مات و انقضى ، كــلا لقد حدث قبل ساعات قليلة، لكــن .. أنا رأيته .. ربما لم أره منذ البدايـة .. هل ما فعلته كـان .. + و بقيـت تتكلم مع نفسها كالمجنونة + حتى قاطعها دخول والدتها الغرفـة ، التفتت مها لها و هي تـشد الستائر بقوة من شدة غضبها و ندمها فقالت بهدوء : أمي ..!! ابتسمت والدتها و اقتربت منها قائلة بعفوية : أخبرني والدك بما حدث ، بصراحة أعجبني ذلك الفتـى سـامر ، انه رجل بحـق ، لكنني أظنه أخطأ باختلاسه النظـر. فقالت مها بغضب : و هل جـئت تمتدحيــنه و تذمـيني ؟ ضحكت والدتها قائلة : لا يا ابنتي ، من يستطيع خدش درّته المكنونة ، أنت هي درتي يا مهــا . هدأت مها قليلا و تلألأت عيناها بالدمـوع و قالت بحـزن : أنــا... لم .. فقاطعتها والدتها بطيبــة: أعرف يا ابنتي، أعرف ما توديـن قوله لكن كان عليك أن تعرفي أن القلب أهم من المظهر . و أكملــت : لطالما رددنا هذه الجملة، و لطالما سمعناها ، لكــننا نسمع من أذن و نخرج ما سمعناه بالأخـرى، نقول ما لا نفقهه، و كأننا ملزمون بذلك فقط. ابتسمت مها بعذوبة و انسدلت بعض خصلات شعرها على وجهها المتورد ، و قالت و هي تضم يد أمها إليها بحنان: شكـرا لك يا أمـي، كم أحـبـّك. ضمـتها والدتها بحنان و قالت لهـا بلطف: و أنــا أحبك يا ابنتي أيضا، أحبكم جميعـا . و كما أقول " ستتـوسع الأحداث أكـثر تحليلاتكم و آرائكم حول شخصيات القصـة . | ||||||||
05-06-23, 06:57 PM | #17 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| ^.^ غروبـٌٌٌـ بألوانــِ الطــّيــــفِِِِ ^.^ -----> قصة هادفة *.* 9 حـلّ المساء خجلا بحليه اللامعة و البرّاقـة، بصحبــة البدر المكتمل، و تلكمـٌ النجوم المتراقصـة، أضيئت مصابيح الحـيّ السكني بخفة ، و خفوت ، هدوء و سكينــــة، أخـرستا الشارع إلا من بعض تلك القـططـ التي بدأت تجوالها المعتاد، فهــا نحن نسمع مواءهـا كل ليلة . . . جلـسا في أحد الغرف الواسعة، و الواضح أنها للدراسـة فيما يبدو، و كـانا يتجاذبان أطـراف الحديث، فقال الأول و هو يكتب: هل تعلم يا سـامر أنني أفضّل وقت المساء للدراسـة ؟ فأجابه سامر بهدوء: آه ، ربمـا . بالتأكـيد عرفتم أن المتحدث في البداية كان عمــر ، و في هذه اللحظـة دخلت أمل الصغيرة و جلست بينهما و هي تقول بمرح : أريد أن أرسم معكمــا . عمـر بضجـر : لسنا نرسم ، ابتعدي يـا أمـل من فضلك . غضبت أمل و ضربت عمر بطرف قدمها على بطنه و اتجهت لسامر و هي تقول بتدلل : سـامر عزيزي ، هل تعيرني قلما و ورقـة ؟ ضحك سامر برقـة و أعارها قلمه قليلا و قال بابتسامة باهتة : هل يعجبك هذا ؟ هـزت رأسها إيجابا و أخذته و بدأت تخـربش و هي تقول بخبث : أنـا أرسم عمــر لوحده و سامر و أمي و أبي و أنــا معـا. ابتسم عمـر لدى سماعه لجملتها و كذلك فعل سامـر ، فغمـز عمر لسامر و قال بفضول: و ماذا أيضـا يا أمـل ؟ فأجابته أمل و هي مشغولة بالرسم: أنت سأرسمك في السجـن، و سـامر هو الشرطي هههههه . فقام بمداعبتها فورا، بينما سامر تمعـّن بما قالته قبل قليل " سجـن " قال بداخله بحزن : " لولاك يـا سـامي و لولا اعترافك الصريح لكنت خلف القضبان الآن " فقال له عمـر بسعادة: ألم أخـبرك أن والدي سترتفع رتبته في عمله ؟ أي سيترقى . ابتسم سامر و قال بسعادة هو الآخر: حقـا !! فأومأ له برأسه موافقا إياه : أجـل ، و هذا يعني أنه أصبح ذا أهمية كبرى . نهض سـامر قائلا: جيـد . عمر باستغراب : إلى أيــن ؟ سـامر بتعب : أشعــر بالصداع قليلا ، أريد أن أنـام ؟ فقال له عمر : لا بــأس ، فأنا سأبقى بصحبة هذه المشاغبة . نهضت أمـل و قالــت : لست مشاغبة أنــا أمـل . نظرا لهـا بغباء و قال عمـر : حسنا يا أمــل . + و شدد على اسم أمــل + غادر سـامر الغرفة لينام ، و عمر يتشاجر مع أخته ، . . بينمــا السيد ســامح يجلس في غرفة العمل خاصته ، يحتسي كوبا من القهوة الفرنسية ، و يمـارس عمــله ، دخلت عليه زوجته و هي تضع طبق الحــلوى قربه و جلست و هي تقول: ألم تنته بعد من رسم هذه اللوحــة ؟ فقال و هو يرسم بهدوء : لا يا سمــيّة ، لكـن بقي القليل فقـط . ثم أردف قائلا بجدية : يمكنك الذهاب للنوم ، أنا سأبقى ساهرا هنـا . قالت له بتململ : أوووه يا سامح ، هل تبيع راحتـك لأجل لوحات سخيفة ؟ سامح بانزعاج : هذه اللوحات السخيفة هي مصدر النقود التي تنفقينها !! سميـة بانزعاج أكبر : لقد سئمنـا حقــا ، أرجوك ابحث عن غير هذه الوظيفة المتعبة. سامح بحـزن و هو يخط بريشته: مع أنك أكثر شخص يعلم بمدى حبي للرسم إلا أنك أول شخص يعارض هذه الهواية المحببة على قلبي أيــضا. سمية بامتعاض : أعلم ، لكنك تحب القراءة ، اشغل نفسك بها . رد عليها سامح بهدوء : سمية ، لن أناقش في هذا الأمـر أبدا . سميـة بخفوت : سـامح ، أنت تقسو على نفسك فقط . سامح بغير اكتراث : أخبري عمـر أن لا يتكلّم بصوت مـرتفع ، فصوته يؤثـر على مزاجي . سميـة بغضب: صاحب هذا الصوت فتى يسمــى ابنك، أم أنك تفضل لوحاتك السخيفة عليه ؟ سامح بجدية: أنت تعلميـن أن لوحاتي هذه تعرض في الصحف يوميا، فماذا سيقول القـرّاء إن وجدوا خطأ بها ، ستفشل الصحيفة . سمية بانزعاج: فلتفشل، تعلم أن الصحـف لا تجلب غير المشاكل، يكفي أن شقيقك بدر مات بسبب وظيفته، هل تريد أن تذهـب بسهولـة يا سامح ؟ هل تـريـد ؟ تنهــد سامح و احتسى قليلا من كوب القهوة الساخنـة ثمّ قال بهدوء : لقد أحببت أخي كثيرا ، و أحببت كل ما يفعله ، أردت أن أكون مثله ناجح في شتى أنواع المجالات ، لكنه كان أفضل مني . صمـت فترة ثم تابع بحزن :دخل في مجال الصحافـة و رفع اسم صحيفته التي لم تكن معروفة عاليــا ، رفعها بفضل قلمه ، بفضل موهبته ، أصبح اسم عائلتنا يصدح ، كان كالهواء الذي يعرفه الجميع و يتنفسـه. فقالت سمـية بحـزن : أرجـوك ، أنت عاقل يا سامح ، بل و أكثر تعقلا مني ، و تعرف مصلحتك جيــدا، أنا لم أقل لك نكــّس اسم عائلتك ، لكن اختر الوظيفة التي تناسبك . نهض سامح و هو يقول بلطف: سمـية، عزيزتي ، على المـرء أن يعمل ما يحب، و لا يحـب ما يعمـل، حتى يتفنن و يتقن عمله، بل ويدعمه بهواياته . انصرفت سميـة و هي تقول : لا فائدة منك يا سامح ، أظن أن سامر أخذ صفاته منك . ابتسم سامح بخفة و أغلق الأنوار و خرج من الغرفة ، متجها نحو عمــر . دخـل و اتكئ على البــاب ثم ابتسم و هو يرى ولداه عمـر و أمـل معـا . فقال بداخـله بسعادة : " حمدا لله على نعمـة الأبناء ، كم أحبكما يا ولـداي " ركزّ هنـا و هنــاك، ثم انتبه على عدم وجود سـامر، فتساءل قائلا: عمــر ! أين هــو ســامــر ؟ انتبه عمـر لوالده و قال بارتبــاك و هو ينهض : انه ... انــه نائم. السيد سامح باستغراب: نــائم !! الوقــت يجري بسرعــة حقـا، و لم أنت مستيقظ حتى الآن ؟ نظر عمـر لنفسه قليلا و قـال بغبـاء: أنــا !! تنهد والده و انصرف قائلا بخفوت : انــس الأمــر . ثم قال و هو يصعد السلالم بصوت مرتفع: أمــل يا ابنتي تعالــي لتنامي. أمـل و هي تخربش: لا، أريد أن أرسم عمـر. نظر لها عمـر بطرف عينه و قال ببرود : مسكين أنت يا عمــر . و جلـس معها يتابع مشاكسته، بينما اتجه السيد سامح نحو سـامر، يريد أن يطمـئن علـيه . فتح باب الغرفة بهدوء و استرق النظـر، فشاهد سـامرا نائم، اتسعت شفتيه بابتسامة خفيفة و قال بخفوت: نومــا هنيئا يا بنـيّ، نوما هنيئا . أغلق الباب و هو يسمــع سعال سامر القوي فقال بداخله بانزعاج : " الزكام غالباً يؤدي إلى جميع أنواع الأمراض ، بدا لي متعبا اليـوم " اتجـه نحو غرفته و قال بخفـوت: لابد و أني قسـوت عليـه كثيرا. . . . نـزلت مهـا من الدور العلوي و جلست في غرفة المعيشة بضيــق ، كان الدور السفلي مطفأ الأنوار ، الظلمـة طاغية عليه ، إلا ضوء المـمر الباهت ، فقالت بنفسها :" سأسلي نفسي بالتلفاز"، و فتحته ، و شرعت تقلــّب ما بجعبته من محطات فضائية . حتى فاجئــها صراخ أحدهم من خلفهــا : BBooooooooooo قفـزت مها و هي تصـرخ : آآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ،!! تلفـتت يمنة و يسرة تبحـث عن مصدر الصرخة المرعبــة ، بدأت شفتيها ترتجفان بشدة ، حتى سمعت صوتا هـٌمـس بإذنها و هو يقول بخفوت بشكل مـرعب: مـــها، سأقتلـك..!! فالتفتت ناحيته فلم تجـد شيئا، فاتجهــت تشعل ضوء المصابيح، و فعــلت، لتــجد صاحب ذلك الصوت يضحــك عليهــا، فصرخت باسمه منزعجـة: أمـــــــــــــــــــــــ ـــــــجـــــــــــــــــ ـــــــــــد ! أكــرهك ، أكـرهك ..!! جلس أمجد على الأريكة و هو لم يتوقف عن الضحك، كتـّف يديه حول بطنه من شدة الضحـك. حتى اقتربت منه و شدتـه من ياقة قميـصه و قالت بغضــب: لمــاذا ؟ ماذا فعلــت لك ؟ بدت ملامح الجديــة على وجه أمجد الذي قـال : بصراحة حروق يدي سبب وجيـه . مها بانزعاج : لــست أنــا ، انه إهمالك ، أيهـــا الأحمــق . أمجد ببراءة: ليتنــي أنعم بالاحترام من قــبلك يا مهــا. مها ببرود : قـلت شيئا .. انصـرف أمجد قائلا بخفوت: انسي الأمــر.. فأوقفته عندما قالت بـخجـل و هي تجلس باستسلام: أمجد انتــظر ثم أردفت بخفوت : أنـا جائعة . نظـر لها أمجد بلطـف و قال بخبث: و ما المطلوب مني ؟ تعلميـن أنني لست امرأة لتطهو لك. مـها و هي تنظر للأرض بخجـل: أعلم ، لكنك طاه ماهر ، اطبــخ لي، أي شيـء. ضحك ضحكة قصيرة و جلس قربهـا قائلا بمرح : أي شيـء ، أحب أن أراك خجـلة دائمـا . نظرت له بانزعاج و قالت : ماذا تقصــد ؟ أمجد بابتسامة : أعني ، أنني أشعر عندهـا أنك فتــاة على الأقـل . فضربته ببطنه بقوة و نهضـت و هي تقول بعجرفة : هه ، غبي ، أكــرهك . نظر لها و هو يتأوه من الألـم ، فقال بطيبة : إذا لا تريديـن طعاما . لم تلتفت له و قالت بخفوت : تحـبون إزعاجي دومـا .. الكل حاقد علي ، مها مهـا مهــا ، هه . فرد عليها أمجد بلطـف : لا تكوني متسرعــة يا أختي ، أنـا لم أقصد . مها بحـزن : لا ، أنـا لست متسرعـة ، بل أنتم .. ثم صرخت : أنتم من يطلق تلك الأحكام المتسرعــة . اقترب منهــا أمجد و قال بعفويــة : مها ، أختي ما بك ؟ ثم أردف بابتسامة :إذا لا تريدين طعاما . نظرت له بطرف عينها ببرود : لا أريـد ، ذهب الجوع . ++ فأصدرت معدتها صريرا قــويــا ++ وضعت يدهـا على بطنها بخجــل ، بينما ضحك أمجد بصوت مرتفع و قال : هيــا بنــا إلى المطبــخ يا مهــا ، أريدك في شيء . . . تناول أمجد مـئزر الطـبخ و بدأ يطهــو الطعــام ، بينما مهــا تجلس بصمـت ، فقال لها : مهــا ، هل بإمكاني معرفــة ما يشغل بالك ؟ مها بعدم اكتراث : لا ،ثم لا تنسى أنك قلت بأن هنالك ما تريد قوله لي ؟ أمجد بخــبث : هل سامر مهم لهذه الدرجــة ، حتى تشغلي بالك فيــه ؟ مها بانزعاج : لا تأتي بذكر اسمه أمامي ، انه ... انه .. مجرد ساكن في مقبرة الماضي ، فهمــت . نظر لها باندهاش ثمّ قال بهدوء: مهــا، لماذا لا تقولين الصــدق ؟ توسعت حدقتا مها تعجبا فقالت متوترة و مترددة: أنــا، إنني .. فهم أمجد مشــاعر مهـا جيدا ، و أنها تحاول أن تتناسى ما حدث ، كان يريد مسـاعدتها ، لكنها تغلق جميع الأبواب بوجهه . نظر لها بحـزن ، فقال لها بغضــب مصطنع : أنــتـ ماذا يا فتــاة ؟ نظرت له و هي تحرك رأسها نفيا و أخرجت حروفها المقطعة قائلة : أنــ .. أأأ .. أنـــا لا أعرف .. !! فأفــزعها عندمــا وضع الطبــق بقوة على الطاولــة ، و أردف قائلا بمرح : انتهيــت من إعداده .. نظرت له بصمت ثمّ قالت بقلق : أمجد ، هل حقــا أنــا متسرعـة ؟ أومأ لها إيجابا : أجــل يا مها أنت كذلـك ، أنــا لن أكذب عليك أبدا ، فأنت متسرعة حقـا ، تطلقين دائما أحكامك بسرعـة . مها بارتباك : لم تقول لي الصـدق ؟ ضرب أمجد بكفه الطاولـة و قال بانزعاج: مهــا، أنت غريبة اليوم، كيف أكذب عليك ، أنــا شقيقك و لم و لـن أكذب عليــك أبدا مـا حييت ، فهمتي !! بدأت مها بتناول طعامها و قالت ببرود : شكـرا على الوجبــة ، يمكنك الانصراف ، فأخشى أن تكسر الطاولــة بكفك الحديديــة . صرخ أمجد: تحسدينني يــا مهـا ! ألا يكفي أنني أحرقتها بسببك . فقالت له ببرود : لكنها كانت عكس ذلـك قبل قليل . تنهد و انصرف و هو يقول بضجر: ها قد عاد الألم مجددا. ضحكت مها عليه و مـدّت طرف لسانها بمرح. ثم قالت بداخلها بسعادة : " شكرا لك يا أمجد ، أنت تخفف عني دوما " . . أنهت طبقها و هي تتأمله بهدوء ، تنهدت بضيق و اتجهت تغسله . خرجت من المطبخ و شاهدت خالدا في غرفة المعيشة يتحدث بالهاتف ، و المشكلة في وقتـ متأخر من الليل . اختبأت خلف الجدار و قالت بداخلها بقلق : "خالد يحادث شخصا في منتصف هذا الليل " ثمّ أردفت بمكر : " بالتأكيد هي فتاة " نكـّست رأسها و قالت بحزن : يجب أن لا أتسرع ، فأنا المتسرعة . غادرت لغرفتها لتنام ، بينما خالد يتحدث بقلق . خالد للمتصل بانزعاج : افهميني أنـا ... لا أستطيع . صمـت فترة ثم قال بتوتر : هل تمزحين ؟ قلت أنا لا أستطيع . غضــب فجأة و أغلق سمـّاعة الهاتف بانفعال ، ثم ارتشف ماء من الكأس الموضوعة على الطاولة قربه . و رمـى بنفسه على الأريكة و قال بانزعاج: فتيات اليوم ، كله بسبب هذا الكأس من الماء . حرّك الكأس يمينا و يسارا وضحك بهدوء فقال بتعجب: هه ، تتصل في أواخر الليالي ، و تطلب مني أن أتزوجها . تمـعـّن بما قاله ثم ضحك بصوت مرتفع . حتى دخل أمجد الذي خرج بعد أن أزعجته مها و شاهده يضحك بجنون . جلس قربه و قال باستغراب : تضحك ؟ نظر له خالد ووضع كفه على وجهه من شدة الضحك . نظر له أمجد بغباء و قال : مجنون . صعد السلالم المفتوحة على غرفة المعيشة و هو ينظر لخالد بطرف عينه . . . . أفاقت شمس اليوم الثاني بنشاط ، و هي تنثر أشعتها في كل مكان ، لتزرع ضوءها و دفئها حول الكائنات . . . استيقظ سامر على صوت منبه الساعة المزعج ، فمدّ يده ليسكتها لكن عمرَِ أخذها قبله و رماها على الأرض بقوة حتى تحطــمت . نظر سامر لعمر النائم على سريره و قال له بذهول : عمــر !! أزاح عمر الغطاء عنه و قال و هو يجلس بغضب : ماذا الآن ؟ اتجه سامر نحو الباب و قال و هو يفتحه ببرود : انس الأمر ! فأنت على غير طبيعتك الآن . عمر بامتعاض : هه . و كالعادة الروتين اليومي <<< تعرفونه ، فقد ذكرته سابقا . و بعد ربع ساعة بالضبط ، أي في الخامسة و النصف . نزل سامر و عمر إلى مائدة الإفطار . فوجدوا فيها كلا من أمل و والدها فقط . جلس سامر و هو ينظر لعمـّه باستغراب و قال : صباح الخير عمـيّ . ردّ عليه عمـّه و هو يقلّب الصحيفة بهدوء : صباح النور . فجلس عمـر و شعره منتثر بلا كلمة . فرماه والده بملعقة أمامه و قال بحدة : أين تحيّة الصباح ؟ عمر بانزعاج : و منذ متى تسأل عنها ؟ السيد سامح بحزم : منذ هذه اللحظة . زفـرَ عمر بقوة و غادر المكان منزعجا . بينما سامر كان يشعر بالقلق ، فعمر غاضب ، بل انه عود ثقاب جاهز للاشتعال . ضحك السيد سامح بقـوة و قال لأمل بمرح : أمل حلوتي ، نادي شقيقك المغفل . أمل و هي تضرب بملعقتها بالطاولة : حااااااااضـــر يا أبي . غادرت خلف شقيقها .. تردد سامر و سأل عمّه قائلا بخفوت : ما به عمـر ، يا عمّي ؟ أجابه السيد سامح بعفوية : لا تقلق عليه ، هو خائف و متوتر لا أكثر . سامر بتوتر: مـمَّ ؟ السيد سامح بمرح : انه دائما هكذا في أيام الفحص الطبي . سامر باستغراب : فحص طبي . السيد سامح : أجل ، سيكون في مدرستكم اليوم ، انه يخشى أن يظهر به مرض لا يعلم به ، فيتوتر بهذا اليوم إلى حد الخوف . ثم أردف باستهزاء: لم أجد من هو أغبي منه، يخاف من أتفه الأشياء. ابتسم سامر و بدأ يتناول فطوره حتى تساءل عمه عن سبب ابتسامته تلك . فأجابه سامر بعفوية : تذكرت مثلا قديما "الطفل الأغبى في العائلة هو المحبوب أكثر" ضحك السيد سامح بعد سماعه للمثل وقال ممازحا : انه عمر هههههه . سامر : هل فصل عمر هو الوحيد الذي سيتم فحصه ؟ السيد سامح و هو ينهض لارتداء سترته : لا يا بني فالمدرسة كلها سيتم فحصها، تعلم، فقد كان الطلاب قادمين من عطلة، فلا يعرف أهلهم أو حتى هم إن كان بهم مرض ما أو ما شابه. صمت و هو يزر قميصه ثم أردف : و سيتم إعلام أهاليهم بالأمر ، ففي العام الماضي اكتشفنا أن عمـر مصاب بفيروس ، لكنه ليس خطيرا ، من الجيد أن مناعة عمر كبيرة ، لذلك يخاف أن يتم فحصه هذه السنة . سامر بداخله بقلق : " إن تم فحصي سيرون تلك الخدوش التي تركها أثر سوط الأستاذ، سيعلمون بنهاية الأمـر أنه من فعل هذا بي بطريقة أو بأخرى، بالتأكيد سيتعرض الأستاذ للطـرد " فقاطع عمـّه شروده و هو يهز كتفه برفق : سامـر بنيّ . أدار سامر رأسه نحو عمـه و قال بهلع : ماذا هناك ؟ حدق عمـّه به و قال بقلق : ما بك يا بني ، أناديك و لا ترد ؟ نهض سامر و قال بارتباك : اعتذر لم أكن منتبها . فتقدمت أمل من والدها و قالت بتدلل : أبي أحضر لي قطعة حلوى . أخفض والدها جسده ليصبح بطولها و قال و هو يربت على كتفيها : حسنا يا حلوتي ، لكن أين هو شقيقك ؟ أمل ببراءة : ركب السيارة لوحده يا أبي . والدها بغضب مصطنع: لا تقلقي سأوبّخه . أمل بسعادة: لا ، لا تفعل ، فأنا سأرسمه في السجن كما فعلت البارحة . ضحك والدها و قال : إذا انه لك أيتها الشرطية الصغيرة . ثم اتجه خارجا و هو يقول : هيا يا سامر . التقط سامر حقيبته و قال و هو يرتدي حذاءه : قادم . . . . قفــز من أعلى السلالم حتى هبط على الأرض ، بدا و كأنه يبحث عن شيء مـا ، كان يدخل غرفة و يخرج من أخرى . فقالت له والدته التي كانت تحيك وشاحا صوفيا بانزعاج : أمجد . من فضلك كـفّ عن الركض . أجابها أمجد بقلق : لا أعرف أين وضعت كتبي الجامعية ؟ السيدة أمينة باستغراب : و كلٌّ هذا الركض لأجل تلك الكتب . أمجد بارتباك : أنت لا تعلميـن أن أستاذي متوحش ،انه يريدنا أن ننسى كتبنا فقط ، حتى يتخلص منا بأية طريقة . تنهدت والدته و تركت الحياكة و قالت بخبث : إذا ابحث جيدا . اقترب أمجد منها حتى وقف أمامها و هو يقول بانزعاج : كيف أمكنك البقاء هادئة هكذا ، لم لا تساعدينني ؟ أخذت والدته تحيك و هي تقول له بخفوت : كتبك ، أنت المسؤول عنها . فقــفز خالد كما فعل أمجد و هو يركض في أرجاء الغرفة بسعادة ، و كأنه قد سجـّل هدفا للتو . نظرت له والدته بانزعاج و قالت : ما بال الكبار اليوم ؟ تقفزون من أعلى السلالم . بدأ خالد يقفز على الأريكة من الفرحة ، حتى غضبت والدته و قالت : إن لم تنزل و الآن ، فسأجد لك عقابا أيها الابن الأكبــر . خالد بسعادة : ألن تسألاني عن سبب سعادتي ؟ أمجد باستهزاء : أمي قالت لي لا تتدخل بشؤون الآخـرين . خالد بعد أن جلس : لكنني لست الآخرين ، أنا خالد شقيقك يا أمجد و ابنك أنت يا أمي !! والدته بغضب : أرجوك ، هات ما عندك بسرعة ، فقد رفعتما ضغطي . خالد و هو يحاول إثارة حماستهما : لقد ... لقد .. لقـد ... فضربته والدته بوسادة قربها : بسرعة قل ما عندك . خالد بانزعاج : ألا يجب على الأم أن تستمع لأبنائها ؟ تنهدت والدته و قالت له متأسفة و متظاهرة بالهدوء : أكمل يا بني . خالد بسعادة : لقد تم قبولي في الشركة ، سأتوظف، أعني لقد توظفت . فرحت والدته و قالت : رائع ، مبارك لك يا بني . خالد بابتسامة : شكرا لك يا أمي ، ما بك يا أمجد ألست فرحا ؟ أمجد بانزعاج : هه ، لا أهتم .. فسأل خالد والدته قائلا بخفوت : ما به ؟ أجابته : أضاع كتبه فقط . خالد و هو يتذكر: تعنين كتبه التي جاء بها أمس ، إنها على الطاولة في غرفتي . هنا قفز أمجد و حضـن شقيقه خالد و هو يقول بسعادة : مبارك لك وظيفتك ، سأحضر كتبي الآن ... هاهاهاها . و اتجه للأعلى ، ليصادف والده جاسر الذي بدا مستعجلا فقفز من أعلى السلالم هو الآخر و هبط و هو يهز الأرض لشدة ضخامته . حتى صرخت السيدة أمينة : هذا غير محتمل ، سألغي هذه السلالم من البيت، و أضع حبالا .. و نهضت و اتجهت نحو المطبخ و هي تتمتم : هه ، و أقول من أين ورثوا مهارة القفز ، من أبيهم ، و كأننا قردة . . نزلت مها و هي ترتدي حقيبتها و قالت بصوت مرتفع : على السيد جاسر ، و الذي هو والدي أن يوصلني فقد تأخرنا . السيد جاسر و هو يلتهم الطعام بسرعة : قادم ، قـادم . ثمّ جلست قربه و قالت بداخلها بحقـد : " هه ، فاتن الخبيثة ، ذهبت و تركتني، ألسنا في المدرسة ذاتها ؟ فقط لأنها معلمة تحاول إيجاد الفروق الألف بيننا" ثم وقفت و هي تقول بقهر : و كأننا لسنا أختان ، الغبية ، حتى في السيارة تحاول إيجاد فروووووووووووق. صفق كل من أمجد و خالد و قالا معا : تمثيل رائع ، إتقان و براعة . نظرت لهما بعينين مشتعلتين ثم حاولت أن ترفق بهما فقالت : مبارك لك وظيفتك يا أخي . خالد بتفاخر : شكرا ، آنسة (لا أٌنزل مكانتي) .. مها بامتعاض : عدنا لذلك اللقب . اقترب أمجد منهم و قال:عجيب أمرك يا مها ، لاشك أن ورائك مصلحة من تهنئة خالد . مها بتدلل مصطنع: آها ، أمر بديهي أن تطلب فتاة صغيرة و بنفس الوقت أخت لأخي الكريم خالد طلبا صغيرا بمناسبة توظيفه . خالد بتفاخر : اطلبي ما تشائين يا أميرتي الصغيرة ، مئة ، مئتين ، ثلاثة، أربعة. فقالت بخبث : أريد خمــسة . خالد بانزعاج: لم أذكر هذا الرقم . مها و هي تحرك حاجبيها بدهاء : لكنني أريده . أمجد بنبرة مسكين : طلبت منك خمسة ، طبعا هذا طلب صغير ، و أنا لا شيء ، غير معقول . خالد و هو مصدوم : لكن .. لكن أنا لم أوافق . فقاطعهم والدهم و هو يقول : هدوء أيها الأبناء المزعجون ، أفضلكم فاتن المجتهدة ، ذهبت منذ الصباح الباكر . سحب أمجد شقيقته مها و قال : إلى السيارة قبل أن يرن الجرس . توّجه بعدها والدهم نحوهم و هو يثبّت قبعته الرسمية . . . ركب الثلاثة السيارة ، و كل في حاله صامت إلا أمجد المرعوب . أمجد و هو يرتجف : تأخرت ، تأخـرت .. تنهد السيد جاسر و قال له ببرود : بني ، لقد كبرت لتخاف من تلك الأشياء . بدأ أمجد يأكل أظافره بتوتر: انه أستاذ و ليس " تلك الأشياء " يا أبي !! رد عليه والده : إلى هذه الدرجــة . فقاطعه أمجد حين فتح باب السيارة و هو يقول: وصلنـــا. نظرت له مها من النافذة ثم قالت بخفوت : ذلك المتسرع نسي كتبه . أدار والدها وجهه نحوها وقال باستهزاء : ماذا ؟ متـسرع ! فتلعثمت مها و (رقعت) لنفسها بقولها و هي تفتح النافذة : أمجد نسيـــت كتبك . التفت أمجد لها ثم نظر ليديه الخاليتين فوجه نظره مجددا لها ولطم وجهه قائلا : يا حسرتي كدت أنسى الكتب . نزلت مها من السيارة و تقدمت لأمجد و سلّمته كتبه ، فتوجه لداخل الحرم الجامعي ، و هو يركض بسرعة . . عادت مها للسيارة ، و اتخذت المقدمة مكانا لها ، فقالت بضجر:لقد رنّ الجـرس . حرّك والدها السيارة و هو يقول بانزعاج : في المرة القادمة استيقظي مبكرا ، حتى تذهبي برفقة شقيقتك فاتن . مها بغضب : إذا علمنـي القيادة . أوقف والدها سيارته و التفت لها قائلا و كأنما لم يسمع: أعيدي ما قلته من فضلك. تنهدت مها و قالت: كنت أقول أنك لحسن الحظ علّمت فاتن القيادة. هزّ السيد جاسر رأسه و قال بحذر : آها ، هكذا إذا . . . تحبـون مرافقتي لمعرفة كيف هو وضع أمجد في المحاضرة ؟ . إن كان جوابكم نعم فهيــّا بنا . . قاعة تكفي لـ 200 شخص، كبيرة بما فيه الكفاية لإلقاء كبير الأساتذة محاضرته براحة. مليئة بالطاولات المصنوعة من الخشب الفاخر ، و النصف مستديرة ، ليجلس الطلاب خلفها براحة ، على تلك الكراسي من النوع الطبي . ضرب الأستاذ عصاه على الطاولة بقوة و قال و هو يخلع نظارته الشمسية : مـا كلٌّ هذا التأخيــر يا سيـد أمجد ؟ أمجد و هو يحاول تبرير تأخره : آآآ... أأأ .. أنا .. أنا في الحقيقة .. أشار له الأستاذ بالسكوت و قال و هو يفتح دفتر العلامات بلطف : أمجد ، طالبي المهذّب ، كم يسعدني أن تنال الصفر الثالث على التوالي لهذا الشهر في السلوك . { الأستاذ يحب طالبه أمجد لذكائه و أدبه ، و دائما يتظاهر بأنه يضع له أصفارا كي يشــدَّ من أزره أكثر ، لا لتثبيط عزيمته ، لكنه يكره فيه سرحانه الدائم } . . . أمجد محاولا إقناع الأستاذ بتردد : لكن ، انظر للناحية الايجابية أستاذ ، فأنا كنت آخذ ثلاثة أصفار على التوالي في الأسبوع الواحد ، أما الآن فقد تطوّرت . ابتسم الأستاذ ابتسامة خبيثة بوسع شفتيه و قال : صحيح ، لذلك سأستدعي والدك غدا ، لأهنئه على مستواك المتحسن . أمجد بفرح : حقا أستاذ . تجاهل الأستاذ أمجد و قال للطلبة: هل هناك من نسي كتبه ؟ الجميع : لا .. الأستاذ براحة : جيد ، سنبدأ المحاضرة الآن ، و سيد أمجد اجلس ، فأنا لن أعاقبك كما في السابق . جلس أمجد متعجبا مستغربا و قال بداخله : " عجيب أمر هذه الدنيا و أهلها " الأستاذ و هو يشرح إحدى النظريات : هذه النظرية قائمة على أن هذا العدد يكون دائما مضروبا في نفسه ، على أن ............. الخ . ابتسم أمجد بينه و بين نفسه و قال بصوت مسموع : كم هذا رائع . الأستاذ بحماسة: أجل إن هذا رائع بالفعل، فهي أسهل نظرية حتى الآن. أمجد و هو يتظاهر بالاستماع للأستاذ: أهَ ، أجل .. نعم . ابتسم الأستاذ و هو يرى تجاوب أمجد معه، و كلاهما مخدوع طبعا . . . أما مها المتسرعة مها بغضب : كفاك يا طيار ، أنا لست متسرعة . كانت تنتظر إعطاءها ورقة للإذن لدخول الفصل، أعطتها المعلـّمة الورقة ثم اتجهت لفصلها لتجد في طريقها شقيقتها فاتن . فاتن بحزم : لم كلٌّ هذا التأخير ؟ تجاهلتها مها ثمَّ قالت بعدم اكتراث : الفضل لك . . . سامـر، عمـر، و حمزة و الجميع كانوا يصطفون صفا أمام العيادة للفحص الطبي. عمر بقلق : أنا سليم ، أنـا سليم ، لا أشكو من شيء ، لا أشكو من شـيء . نظر له سامر ببرود و حمزة بتوتر . التفت عمر لهما و هو يقول: أخبراني هل أنا بخير ؟ حمزة و هو يتظاهر بالشجاعة : أجل . ثمّ ضرب كتف عمر بارتباك ، ليوحي له بقوته و رباطة جأشه ، و أشار له بقبضة يده رافعا له إبهامه . تشجـع عمر قليلا و تنهد براحة ، أما سامر فقال لحمزة بخفوت : تبدو شجاعا أكثر من اللازم يا حمزة . تظاهر حمزة بذلك و قال بارتباك: و لــو .... ههه ابتسم سامر و قال بداخله : " ما عساي أن أفعل " أخيرا بعد نصف ساعة وصل الدور لعمـر . دخل عمر الغرفة و هو يقول بتوتر : ادعوا لي . حمزة بقلق : لا تقلق ، أنت سليم . جلس عمر قبالة الطبيب بارتباك شديد ، و كان الطبيب عجوزا طاعنا في السـن . عمر بتوتر : مرحبا ، أنا عمــر . الطبيب : ماذا ؟ لم أسمعك جيدا يا بني ؟ عمر بقلق : عمــر ، عمــــر ..!! فقال الطبيب : آها ، سمــر . أهلا بك يا سمـر ؟ عمر بجدية : عمر ، عمــر يا حضرة الطبيب . الطبيب : اذا ، يا سمر ، غريب لقد أخبروني أن موعد الفتيات فيما بعد ،لكن لا بأس . عمر بغضب بداخله : " كيف عينوه ، كيف ؟ " . . همس سامر بإذن حمزة: هل تساعدني ؟ حمزة: بالتأكيد، لكن ماذا ؟ فهمس سامر مجددا: ستدخل معي و تنفذ ما أقوله لك. هزّ حمزة رأسه موافقا و بدأ يستمع لسامر . و بعد أن سمع مطلبه صرخ : مــاذا ؟ هل تمزح معي ؟ سامر بجدية: و هل يبدو لك هذا الوجه كذلك ؟ حمزة بتردد : و لكــن ، أنا .. سامر بخبث : و أين تلك الشجاعة التي كانت هنا قبل قليل ؟ حمزة بارتباك: إذا، سـ فقاطعته الممرضة و هي تقول: بعده، الطالب سامر بدر . خرج عمر و عادت له نفسيته و قال فرحا : هيــه ! شباب .. أشار له سامر قائلا : فيما بعد يا عمر. دخلت الممرضة و دخل بعدها سامر و حمزة الذي دخل بخفاء. عمر بصوت مرتفع : هيــه ! حمــزة إلى أيــن ؟ حمزة بصوت منخفض : صـه! جلس سامر على المقعـد قبالة الطبيب و أشار لحمزة بالقيام بالمهمة. كانت الممرضة في غرفة داخلية ، لا تعلم عمــّا يجري . ذهب حمزة و أخذ ورقة الأسماء التي يكتبون فيها ما إذا كان الطالب سليما أم لا، من على المكتب القريب من الطبيب ، بينما الطبيب لا يزال يسأل سامرا عن اسمه . أخذ القلم و وضع علامة صح أما كلمة {سليم} . ثمّ أشار لسامر بأنه أتمّ المهمة . الطبيب لسامر : بني ، اقترب لــ .. فأدار سامر كرسي الطبيب المتحرك بطرف قدمه من تحت ، فبدأ الطبيب بالدوران على كرسيه ، و انصرف سامر خارج الغرفة بينما جلس حمزة بسرعة بدلا منه .. و قال بعفوية: أيها الطبيب ما بك ؟ تدخلت الممرضة و قالت باستغراب : هيـه ! من سمح لك بالدخول ؟ حمزة بتوتر : لأنّ دور الفتى الذي كان قبلي قد انتهى ، و و.. الممرضة بحدة : و ماذا ؟ حمزة : و الفتى أخبرني بأن الطبيب استدعاني . ارتاحت الممرضة و لكنها قررت التأكد من كشف الأسماء ، و حمزة يجلس على نار من القلق . نظرت للكشف و وجدت تلك العلامة قرب اسم سامر و قالت للطبيب : حضرة الطبيب ، هل كان الطالب الأخير سليما ؟ أومأ لها الطبيب ، و هو لا يعرف شيئا فقد أثرّ فيه الدوران بشدة . . و هكذا انقضى الفحص الطبي بسلام . . . خرج حمزة و هو يحضن سامر: لقد كدت أنتهي يا سامر . هدّأ سامر من روعه و قال له ممتنا : شكرا لك ، يا حمزة ، لن أنسى صنيعك هذا أبدا . حمزة متسائلا : و لكــن لمَ كلٌّ هذا ؟ سامر بارتباك : في الحقيقة إنها قصة طويلة . حمزة بانزعاج : إن كانت كذلك فأنا لست من محبي سماع القصص الطويلة . سامر بابتسامة: حمزة، هل أنت متفرغ اليوم ؟ حمزة و هو يتذكر: لا ، لا أظن ذلك . لكن لم تسأل ؟ سامر بجدية: إذا نهاية الأسبوع . حمزة: أجل ، أنا متفرغ . سامر: أمــر جيد ، لأننا سنخرج جميعا في نزهة . ما رأيك ؟ حمزة بسعادة : و لم لا ، فأنا موافق ، لقد كانت أمي تحثني على ترويح نفسي في نهاية الأسبوع و ستسعد حتما بخروجي للتنزه .. . . ثمَّ اتجه الجميع بعد ذلك لحصصهم ، جلسوا بانتظام حتى دخل الأستاذ أكرم و هو يقول بانزعاج : هيا جميعا اصطفوا اثنين اثنـين خارجا . تساءل الجميع عن السبب فقال الأستاذ أكرم : خذوا دفترا للملاحظات فقط ، و اتركوا بقية الكتب ، فهمتم ؟ أومأ له الجميع و فعلوا ما طٌلب منهم . فاصطحبهم الأستاذ إلى الحافلة و قال و هو يصفق بكلتا يديه بهدوء : اجلسوا بانتظام ، لا أريـد إزعاجا . جلس الجميع مستغربين ،فأمر الأستاذ سائق الحافلة بالتحرك ، و فعل . ثم أخذ مكبّر الصوت و قال بسعادة : أعزائي ، طلابي المجتهدون ، قررت اليوم بعد عذاب و تعذب في إقناع مدير ثانويتكم أن أشرح درسي عمليا . صمت الجميع و لم يفهموا ، أما سامر فقال بداخله : "يريد تطبيق نفس ذلك النظام المتبع في الدول الأجنبية" فأكمل الأستاذ : من حضـّر درس اليوم ؟ رفع الجميع أيديهم فقال الأستاذ لوليـد : تفضـّل يا وليد ، عمّ يتحدث درس اليوم ؟ وليد : يتحدث عن الدلافيـن بشكل عام . الأستاذ أكرم بسعادة غامرة : أحسنت أيها المجتهد . جلس وليد و مشاعر الفرح تقلب خافقه ، فقال الأستاذ موضحا : الملخص المفيد هو أننــا سنذهب لزيارة الدلافين عن قرب ، و نسجل الملاحظات المهمة حولها ، كلٌّ في دفتره . هتف الطلاب بفرح : هيـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــه !! فسأل هيثم أستاذه قائلا : لكن ، لم نذهب لزيارة الدلافين ، و نسجل الملاحظات المهمة حولها يا أستاذ ؟ أجابه الأستاذ برحابة صدر : في الحقيقة أيها الهيثم ، العقل البشري لديه قدرة هائلة على تخزين الصور أكثر من حفظ المعلومات ، لذلك ستكون هذه الزيارة خطوة جيدة تسهل علينا حفظ الدرس و استيعابه . هزّ هيثم رأسه متفهمــا . الأستاذ و هو ينظر لطلبته : هل هناك أي استفسار أحبتي ؟ ثم أردف بمرح : هيا بسرعة قبل أن أجلـس . ضحك الطلاب و قالوا له : لا يا أستاذ ، فلتجلس . جلـس الأستاذ أكـرم و قال ممازحا : أنتم الخاسرون . . . وصل الجميع أخيرا لبحيرة الدلافين في حديقة الحيـوان ، كان اليوم يومٌٌ مخصص لطلاب المدارس ، لذلك استغل الأستاذ الفرصة و أتى . نزل الجميع من الحافلة بانتظام و دخلوا الحديقة و هم يحدقون في ساكنيها من الكائنات الحية . فقال لهم الأستاذ و هو يشير لطريق ما : من هنا ، سنصل لمكان الدولفين . توجهوا حيث طلب منهم الأستاذ و وصلوا إلى مسبح كبير تستعرض فيه الدلافين مهاراتها ، تحيط به مجموعة من المدرجات للجلوس . صفـّر الأستاذ بصفارته و قال بصوت مرتفع : اجلسوا بهدوء ، و لا يقترب أحدكم من هذا الحوض رجاء . أومأ له الجميع بالإيجاب ، و بدأ الأستاذ يتكلّم مع أحد مدربي تلك الدلافين . ثم بدأ يطرح أسئلته فاستهل الحديث قائلا : أحبائي اخرجوا دفاتركم ، فقد حان وقت الحسم . ثم أردف : في البداية قبل أي شيء ، هل تعرفون ما هو الدولفين ؟ رفع كمال يده و قال بعد أن أذن له الأستاذ : انه ليس سمكة بل حيوانا لبونا ، ينتمي إلى طبقة الحيتان فهي ترضع صغارها الحليب ، و تتنفس كالحيتان من ثقب يخرج منه الهواء بشكل نافورة و .. فقاطعه الأستاذ قائلا: أحسنت يا كمال، معلوماتك جيدة ، فليكمل أحد غيره . فاستأذن رائد و سمح له الأستاذ: عندما تخرج الدلافين إلى السطح تفتح منخرها و تستنشق الهواء، و هناك أمـر غريب بالنسبة للدولفين، فذنبه أفقي و ليس عامودي كأذناب السمك و هذا الوضع يساعد الدولفين على الغطس السريع . | ||||||||
05-06-23, 06:58 PM | #18 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| في هذه اللحظة صفق مدرب الدلافيــن السيد رمـّاح لطلاب الأستاذ أكرم و قال بسعادة: طلابك رائعون يا أكرم ، مدهشون و مجتهدون أيضا ، يذكرونني بكـ عندما كنت صغيرا .. هتف الطلاب بسعادة : هيــــــه !! نريد أن نعرف عن ذلك الصغير سيد رمـّاح .. ضحك السيد رمـّاح و قال : لا بأس سأخـبـ... قاطعه الأستاذ أكرم بخجل : يكفي يا أولاد ، لقد جئنا لنتعلم ،.. صاح أحد الطلبة قائلا : أستاذ وجهك أحمــر .. الأستاذ أكرم بخجل : ماذا ؟ يا ولــد ... انتبه على ما .. (( و فجأة انزلقت قدم الأستاذ ببعض الماء غير الجاف على الأرض فسقط على ظهره في الحوض ، و ضحك عليه الطلبة و كذلك السيد رمـّاح )) أخرجه السيد رمـّاح و قال له بسعادة : هيا أيها المشاغب ، كان علي أن أعرف أنك ستسقط هنا كعادتك .. همس حمزة لسامر قائلا : يبدو أن السيد رمـّاح يعرف أستاذنا جيدا .. هل هما صديقان يا ترى ؟ رد عليه سامر قائلا : انظر !السيد رمـّاح يبدو أكبر بكثير من أستاذنا ربما يكون صديق والده أو ما شابه .. هزّ حمزة رأسه متفهما : هكذا اذا ، أظنك على حق .. السيد رمــّاح :لقد طال العرض عليهم يا أكرم ، هيا ..!! فقال الأستاذ أكرم ممازحا :أتمنى أنهم أعجبوك ، و أظنهم يستحقون عرضا رائعا للدلافين بالمجان . ضحك السيد رمّاح و قال ممازحا هو الآخر : لهم و ليس لك . ما رأيك ؟ فضحك الأستاذ أكــرم و قال : إذا فليبدأ العرض . اتجه قرب طلابه و جلس بثيابه المبتلة ، بينما ارتدى السيد رمّاح ثياب الغطس و غاص . و بدأ العرض مع خروج الدلافين للسباحة ، فهي تتحرك برشاقة و تسبح في سلسلة من الانحناءات الطويلة بحيث تخرج للتنفس و بعدها و حالما تغطس في الماء لا نرى منها سوى الزعانف الخلفية . و هنا سأل أحد الطلبة أستاذه قائلا بعد أن سمع صوت الدلافين : أستاذ أكرم، هل يستطيع الدولفين التكلٌّم ؟ أومأ الأستاذ له بأن يتريث قليلا حتى نهاية العرض . فتساءل حمزة وقال لسامر بخفوت : ما هذا السؤال ؟ بالتأكيد لا يستطيع !! فردّ عليه سامر قائلا : لا تستعجل كثيرا ، و اسمع تلك الدلافين جيدا . حمزة باستغراب : هل أنت عاقل أم مجنون ؟ كيف لحيوان أن يتكلم ؟ لم يجبه سامر ، فقال حمزة : هيه! سيد سامر !! حمزة بحيرة : كيف لدولفين أن يتكلم ؟ هل يتكلم ؟ همس حمزة لنفسه: إذا سألت ربما سيكون الخجل للحظة، ولكن إذا لم أسأل سيكون الخجل معي طوال الحياة . ثمّ سأل سامر مجددا : هل يتكلم حقا يا سامر ؟ هل يتكلم ؟ غضب سامر من طنين حمزة قربه فنهض و قال بصوت مرتفع و هو يشير الى ناحية الدلافين: ألا تعلم أن هنالك شيء في الحبال الصوتية للدولفين يمكّنه من إصدار الأصوات التي تشبه صوت الإنسان، كما أن العلماء قد أجروا بعض التجارب لفحص ذكاءه، و لمحاولة الاتصال بهذه الحيوانات، هل فهمت الآن ؟ جلس سامر و كتّف يديه و هو يتمتم بغضب، أما حمزة فلم يستوعب شيئا إلى الآن . بينما الطلاب و الأستاذ وجهوا نظرهم لسامر بصمــت. ضحك الأستاذ بداخله و قال بخفوت : إنسان غريــب . . . بعد انتهاء العرض و شكر السيد رمّاح عاد الجميع للحافلة، فرحين بهذه الرحلة القصيرة، فتحركت بهم نحو المدرسة . و في هذه الأثناء سأل الأستاذ أكرم الجالس قرب السائق طلابه و قال و هو يثبـت نظارته السوداء باهتمام : هل هنالك أي استفسار يتعلق بالدرس ؟ فقال حمزة بأدب: هل يتكلم الدولفين، أستاذ أكرم ؟ ابتسم الأستاذ و قال: سؤال جيد . ثمّ التفت و نظر لسامر الذي يجلس قرب حمزة و قال: و أظن أن سامرا قد أخبرك قبل قليل . أشاح سامر بوجهه بعيدا و قال بداخله : " هه ، فقط يراقب سامر المسكين " حمزة : و لكنني لم أفهم شيئا تقريبا . عاد الأستاذ لوضعه و قال : ما يجب أن تعلمه و تفهمه هو أن هنالك ثمّة شيء غريب حول هذا الحيوان، و هو أنه عرف عنه أنه يقلّد كلام الإنسان و بالتأكيد هو يفعل ذلك بطريقته الخاصة . كان الجميع يستمع باهتمام ، و الأستاذ يشوقهم أكثر بفضل طريقته في التحدث . هيثم باهتمام : من فضلك أكمل أستاذ . هزّ الأستاذ رأسه و قال: هنالك حالة رويت عن استوديوهات (المارين) في فلوريدا ، حيث قيل أن أحد الدلافين بدأ فجأة بتقليد صوت الإنسان ، و قد نجح لدرجة أن زوجة ذلك الرجل التي كانت حاضرة بدأت بالضحك، فبدأ الدولفين بتقليد ضحكتها . استمتع الطلاب بالحديث و بدؤوا بالضحك حول رواية الأستاذ . التفت الأستاذ أكرم و قال لهم بمرح : ما بكم تضحكون هكذا أيها الرجال ؟ ابتسم سامر عندما سمع كلمة "رجــال" ، و قال بسعادة بداخله : " كلّما سمعتها تذكـرت والدي " ثمّ تذكـر موقفا عندما كان صغيرا حيث كان يجلس قرب مكتب والده الذي يكتب خبرا ما في ورقة، حين قال له والده بابتسامة عذبة: اقرأ لي هذه يا بني . هز سامر رأسه مبتسما و بدأ يقرأ العنوان: دولفين يتكلم ، قام العلماء بإجراء بعـ .. { لطالما كان سامر يقرأ كل ما يكتبه والده من أخبار قبل وضعها في الصحيفة ، حتى أنه يراجعها بعد والده ، و يقضيان الوقت تسامرا } . . انتهت الرحلة الشيقة و المثيرة ،أتمنى أن يكون انطباعكم عنها رائعا ، أرجو أن تكونوا من محبي الدلافيــن ، لذلــك أريد طرح سؤال واحد فقط . هل تؤيدون الرحلات التعليمية بدلا من الجلوس و الاستماع للشرح ؟ أنا لن أقول أننا سنستغني عن الشرح فالأستاذ أكرم عندما يرجع سيشرح النقاط المهمة و يجمع الأخرى من الطلبة . هنالك نقطة سلبية ضد هذا التأييـد ، و هو أخذ وقت بقية الحصص ، لأن الرحلة تستغرق وقتا بالتأكيد ، هذا ما رأيته أنا فماذا رأيتم و ما هو رأيكم ؟ هل أنتم مؤيدون لهذا الشيء ؟ . . | ||||||||
05-06-23, 07:02 PM | #19 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| غـروبــ بألوانــ الطيفــ ...}الجـزء الـ ع ــاشر... (10)..}. . . عادت تلك الحافلة ، التي غادرت لبحيرة الدلافين ، لأحضان أمها " مدرسة الأمــل الثانويـة " نزل الجميع منها بانتظام عائدين لفصلهم بسعادة ، لكن هناك من يفسد عليهم سعادتهم ، و يبدو أنه المديـر ، الذي كان ينتظرهم عند الفصل و هو يضرب بقدمه الأرض ، و بدا في قمة غضبه . تيبـس الطلبة عند الباب و لم يدخلوا ، لأن المدير صرخ بهم : لم كل هذا التأخيـر ؟ هل تعلمون أنكم أخذتم حصتين من غير حصة الأستاذ أكرم؟ لم يجبه الطلبة بل كانوا يتبادلون النظرات ، فقال هيثم :حضرة المدير ، أنت تعلم أن الرحلة هذه ليوم واحد في السنة ، و لا يمانع الأساتذة خروجنا لرحلة تعليمية في هذا اليوم ، و لا أظنها ستؤثر بالدراسة. المدير بغضب مصطنع : لكن لن تستطيعوا اللحاق بالفصول الأخرى ، ستتأخر مناهجكم عن البقية . ثمّ أردف : و أيـن هو أستاذكم أكرم ؟ فأتى الأستاذ أكرم و هو لا يعلم بوجود المديـر : هيا لم لا تدخلون ؟ ثمّ انتبه على وجود المدير فقال :مرحبا أستاذ نظام . المدير : أهلا أهلا !! لم كل هذا التأخيـر ؟ الأستاذ أكرم : استغرق عرض الدلافين وقتا كثيرا ، و كذلك نقاشنا حولها . المدير : في المرّة القادمة تذكر أن تبلغ الدلافين سلامي . الأستاذ أكرم بمرح : لم لا ؟ سيصلهم باذن الله . نظر له المدير بسخرية و قال : كان عليك أن لا تتأخر ، ثمّ ان كل حركة ستؤخر ترقيتك لرئيس قسم ، فلا تنسى أنك أحد المؤهلين للرئاسة . ابتسم الأستاذ أكرم رغم ما سمعه، فتدخل رائد هنا قائلا : حضرة المدير بامكاننا أن نجتهد أكثر و ندمج درسين في حصة و بذلك نكون قد عوضنا ما فاتنا و نجاري بقية الفصول . فهتف بقية الطلبة مؤيدين لرأي رائد . عبس وجه المدير قليلا ثم انطلق نحو مكتبه . الأستاذ أكرم بجدية : حضرة السيد نظام . لم يجبه السيد نظام ، فعاد مع تلاميذه للفصل . . . و في الجانب الآخــر " جانب الجناح الأنثوي " جلست مها بضجر و هي تستمع لشرح معلمة اللغة الفرنسية ، فهمست لها صديقتها المقربة "اعتماد" قائلة : ما بك متمللة ؟ أجابتها مها بخفوت : لا أدري ، مزاجي غير طبيعي اليوم . اعتماد بخفوت أكثر : ما الذي تعنينه ؟ مها بانزعاج : صدقا لا أعرف . اعتماد بغضب طفيف : حسنا ، لا تعرفيـن . أشاحت مها بوجهها بعيدا و علامات عدم الاكتراث تمسح وجهها : هه !! نظرت لها اعتماد باستغراب و قد اتسعت حدقتا عينيها تعجبا و عجبا . ثم أشاحت بوجهها هي الأخـرى قائلة بعدم اكتراث مصطنع " هه !! فضربت معلمة اللغة الفرنسية مسطرتها الطويلة بالطاولة و قالت بغضب : فلتقفا أنتما الاثنتان . مها بانزعاج : و لكـن .. المعلمة : مها ، احترمتك أكثر من اللازم . انزعجت مها أكثر و قالت بصوت مرتفع :و لكنني .. قاطعتها المعلمة : للخارج أنت و اعتماد ، حاولت التغاضي عن تصرفاتكما بالحصـة، لكن بلا جدوى . اعتماد بخجل : سامحينا ، نحن آسفتان . تنهدت المعلمة و تماسكت أعصابها قائلة : اجلسا ، شرط أن تصحبا والديكما غدا . مها بارتباك : والدي ... أنا .. المعلمة : أجـل .. أنت و اعتماد أيضا . زفرت مها بقوة ثم أردفت : ما رأيك أن أخرج بدلا من استدعاء والدي . المعلمـة : و ماذا ان قلت "لا" ؟ مها بضجر : حسنا . جلست كل من مها و اعتماد ، و كل تنظر للأخرى على أنها هي السبب . مها بداخلها : تغيرت كل حياتي بعد أن صادفت ذا المشاكل "سامر" ، أكرهه . اعتماد بداخلها : مها تصبح أشد غرابة كل دقيقة ، أتساءل عن الذي يشغل بالها الآن . . . رنّ جرس انتهاء حصة اللغة الفرنسية و حان وقت الفسحة الأخيرة لهذا اليوم ، انفجر الطلاب من صفوفهم و انتثروا في أرجاء هذه الفسحة العظيمة بالنسبة لهم . خرجت مها مسرعة نحو دورة المياه و لحقت بها اعتماد . دخلت الأولى و هي ترتب شعرها . نظرت لنفسها بالمرآة ثم قالت بحزن : أبدو كالغبية ، انها المرة الأولى التي تطردني معلمتي خارج الفصل . فسمعت صوتا يقول من بعدها : " بل تطردنا " التفتت مها و قالت بعفوية : اعتماد . ابتسمت اعتماد و حضنت زميلتها و صديقتها بل و أختها المقربة و قالت : تذكري يا مها انها المرة الأولى لنا التي طردنا فيها معا في هذه المرحلة . ابتسمت مها ابتسامة باهتة و قالت : نعم و الثانية في حياتنا .. ضحكت اعتماد و قالت : تذكـرت أوّل يوم لنا كصديقتيـن ، أتذكرينه ؟ هزّت مها رأسها و قالت بلطف : و كيـف لي أن أنسـى ؟ أمسكت اعتماد معصم مها و قالت : لنخرج في الساحة ، فدورة المياه ليست مكانا جيدا لاستعادة الذكريات الجميلة. . . جلستا على أحد المقاعد في الفسحة و بدأتا تستعيدان ذكرياتهما فقالت اعتماد بسعادة و الهواء يلعب بخصلتي شعرها المنسدلتين أمام أذنيها: أتذكرين ذلك اليوم ؟ ابتسمت مها و قالت : كنـّا حينها بالمرحلة الابتدائية . ضحكت اعتماد قائلة : أجل ، أذكر أننا طردنا معا لأننا تشاجرنا على قلم . فأكملت مها قائلة : و بدأنا نتعارك عليه فوبختنا المعلمة و طردتنا معا . ابتسمت اعتماد و قالت : و سنظل هكذا ، نطرد معا ، نبتسم و نضحك معا ، نحيا معا . أمسكت مها بكفي اعتماد و قالت بجدية : اعتماد ، نحن لن حيا معا فقط ، بل و سنموت معا . اعتماد ممازحة : اذا لنصنع نهايتنا بأنفسنا ..!! مها باستهزاء : هيا لنقف أمام سيارة معا كي تصدمنا . اعتماد بخبث: و ماذا لو حالف الحظ احدانا و لم تمت ؟ ضربت مها اعتماد برفق و قالت و هي تضحك : يكفي تشاؤما .. ههههه.. ضحكتا معا بشكل غريب ، أثار من حولهما ، فكل من شاهدهما تضحكان بطريقة غريبة ضحك معهما ...... هه أمر غريب .. . . . انتهى الدوام المدرسي الطويـل و الشاق ، و عاد كل يشق طريقه نحو منزله الذي اليه ينتمي . . . كالعادة يوقف السيد سامح سيارته عند باب المدرسة مباشرة ، مما يصـّعب مرور الطلاب ،ههه . رفع السيد سامح يديه عاليا و هو يهتف باسم ابنه و ابن شقيقه . فسمعا صوته قبل أن يشاهداه ، فقال عمر بمرح : اسمع صوت والدي يا سامر ؟ ابتسم سامر و قال : اسمعه بوضوح .. التفت سامر لحمزة و قال مودعا اياه : الى اللقاء ..لا تنسى نهاية الأسبوع .. أومأ له حمزة و هو يبتعد و قال : اذا نهاية الأسبوع .. الى اللقاء .. سامر بسعادة : هيا يا عمر قبل أن يغضب عمّي سامح . ركض عمر و هو يقول : محق ههه !! . . ركبا السيارة و مـرت فترة و هما يضحكان ، فتساءل السيد سامح :هنالك ما يضحك ؟ غمز عمر لسامر و قال :لا شيء مهم ، صح سامر ؟ ابتسم سامر و قال متجاهلا عمر : أأ أأأأ عمــّي انتبه هنالك قطة ستعبر الطريق . بطـّأ السيد سامح السرعة و قال و هو ينظر من خلال مرآة السائق :حسنا سأنتبه ، لكن تلك السيارة تتبعنا منذ فترة ، أمرها غريب . عمر بحماسة : رررررائــع ، سنعيش فيلم آكشن ، أمر رائع . السيد سامح و هو يحدق بالسيارة من خلال المرآة : لا يا عمر ، انها.. أنهى جملته غير المفهومة و أوقف السيارة ، فتح بابها و نزل متجها نحو تلك السيارة التي ادّعى أنها كانت تتبعه ، فنحن لم نتأكد من صحة الأمــر .. . . طرق نافذة السائق بلطف و هو يقول : هيـه ! مـرحبا .. أٌنزلت النافذة ، و انكشف وجه السائق للسيد سامح . ابتسم السائق و قال : مرحبـا ، هنالك شيء تريده ؟؟ ابتسم السيد سامح باصطناع و قال : لا . ثمّ أردف بغضب طفيف : و لكنك كنت تتبعنا منذ فترة . . . في السيارة الأخرى ضرب عمر - الذي كان يشاهد والده من النافذة الخلفية للسيارة - رأسه و هو يقول : يا الهي ، أبي لا يحسن التصرف . سامر بانزعاج : انه والدك يا عمـر . التفت له عمر و قال له : هل شاهدت في حياتك بطلا في فيلم بوليسي أو آكشن يكشف غايته أمام عدوه . سامر بجدية امتزجت بالبرود : عمر! نحن في الواقع ، لسنا في أحد أفلامك . ابتسم عمر وهو ينظر لوالده و قال بسعادة: يا الهي ، لكمة والدي أطاحت بذلك الرجل أرضا . سامر باستغراب: يا الهي تبدو كالأطفال في تصرفاتك أحيانا . ثم تذكر موقفا ما فاحمر خجلا أنه كان كالأطفال فيه . <<< خمنوا ما هذا الموقف ؟ عمر بعفويـة :و لكننا أطفال ، لا داعي لأن نكـبّر أنفسنا ، لنعش الحياة كما هي . ( كلمات عجيبة خرجت من فيه عمر ، و يبدوأنها أثرت بسامر الذي فضل السكوت على مجادلته ) سامر بداخله : يا الهي ، كانا يتضاربان ، و الآن يصافحان بعضيهما ، هه عمـّي أغرب شخص أعرفه . عمر بضجر : هل تصالحا ؟ أتمنى أن لا يكونا كذلك .. سامر ببرود : لم كل هذه الأنانية ؟ عمر : لست أنانيا ، بل باحثا عن الاثارة . اعتدل سامر بجلسته و قال بجدية :لأنك تهتم بنفسك و بمتعتها على حياة الناس و علاقاتها معا . أرجو أنك فهمت . تجاهل عمر سامر و قال : أريد أن أعرف لم يضحكان يا سامر ؟ سامر بملامح غبية : ماذا؟ لم تسمعني !! . . ركب السيد سامح سيارته و قال بمرح : هيا الى البيت ، فاليوم لدينا ضيف عزيز .. و قديم أيضا .. عمر بجدية : لا تقل لي أنه هو ذلك الشخص الذي كان يتبعنا و تشاجرت معه ثمّ ضحـ.. قاطعه والده قائلا : بلى ، لذلك أرجوك كـفـَ عن الثرثرة . جلس عمر و قد زمَ شفتيه للأمام بحزن مصطنع . ابتسم سامر و قال لعمـّه : حدثنا عنه يا عمـّي ، نريد أن نعرف عن ضيفنا . السيد سامح : انه صديق قديم لم التقه منذ خمس سنوات تقريبا ، كان معي أيام الجامعة قبل أن أتزوج .. عمر : صدقا بأنني بدأت أحقد عليه بلا سبب .. سامر بانزعاج : عمـــــــــــــــــر .. عمر : آآآآســف ، لم أقصد .. تنهد السيد سامح وقال: هه أطفال .. سامر مجاملا : تفضل عمـّي أكمل القصة ! هزّ السيد سامح رأسه و قال : كنـّا اذا أردنا أن نسلم على بعضنا تضاربنا برفق ، و أتذكــر أنه دعاني في ذلك اليوم و الذي لن أنساه أبدا ما حييــت .. اندمج كل من سامر و عمر بحديث السيد سامح و كانا يهزان رأسيهما مع كل كلمة يقولها . فأكمل السيد سامح قائلا : لقد التقيــت بالخطأ مع أجمل فتاة في هذا العالم ، كانت أخته ، التففنا حول مائدة العشاء معا و صدقا لم آكل جيدا ، لأن الطعام كان يهوي على الطاولة بدلا من بلعومي .. كم كانت رائحة عطرها فاتنة .. كرهت العطر الذي استعمله . عمر بغضب : سيصل كل ما قلته لوالدتي ، كيف لك أن تقول ذلك براحة و .. وو.. و.. (رقــّع )سامر بسرعة و هو يقول : وصلنـــا ، هيا لننزل . . . دخل كل من الشابين بينما بقي السيد سامح و الضيف خارجا . رمى عمر كتبه على الأريكة في غرفته و هو يقول : كشفت ماضي والدي . جلس سامر و هو يفتح أزرة قميصه و قال بضجر : عمر تصرفاتك اليوم كطفل في رياض الأطفال قد حرم من تناول الحلويات ، فتراه يشاغب أكثر من اللازم . عمر بغباء : أنا .. أنا لا أعرف ما أقوله .. سامر بضحكة استهزائية : هه! ألم تعرف بعد ما كان يرمي اليه والدك أيها الغيور ؟ عمر : أبدا ..و لا أريد لأنني سأنزل و أضرب ذلك الرجل الخبيث.. هتف سامر بقلق و توتر : لا ، انتظر ، أنت لم تفهم .. انه .. نزل عمر للأسفل فوجد والده و ضيفه يضحكان ، فقال والده : تفضل يا بني و سلـّم علـى.. فقاطعه عمر قائلا : لن أسلــّم عليه مهما حصل . نظر له والده بغباء ، فقال له : اذا أخبر سمـية بأن تعد لنا العصير و تحضر لرؤية ضيفنا . عمر : ماذا ؟أتريــد جرح مشاعرها مباشرة ، و أمام أعين أبنائها ، يا لكــ من .. نهض السيد سامح بغضب : بني لم لا تفهم ؟ تعالت أصوات الأب و ابنه في أرجاء البيت ، فاستيقظت أمل الصغيرة بخوف ، و نزلت السيدة سمية للأسفل ، دخلت غرفة المعيشة و هي تقول : متى ستكفان عن .. صمتت و هي تنــظر لذلك الضيف الذي نهض من فوره لدى رؤيته لسمية ، اتجهت نحوه بسعادة و هي تقول بفرح : زيــــاد .. ابتسم زياد و حضنها قائلا : سمــية ، كم اشتقت لك ، لا تعلميــن مدى شوقي لرؤيتكــ .. سمية و هي تذرف دموع الفرح : و أنا أيضا يا زياد ، و أنا أيضا . نزل سامر و وقف ينظر اليهم بسعادة عند الباب ، بينما عمر يتأتىء بكلماته . عمر : كيف ذلك ؟ لا أب عاقل أو أم عاقلة ؟ اقترب منه سامر و همس له ببضع كلمات فشهق عمـر و التفت لسامر قائلا : هل تمزح ؟ سامر بابتسامة واسعة : للأســف بعد كل الذي أفسدته يا عمــر .... لا .. اقترب عمر من زياد و بدأ يمعن النظر اليه جيدا ثمّ أشار بسبابته قائلا بارتباك : هل هل أنتــ من أحد اقاربنا مثلا ؟ حضنه زيــاد بعفوية و قال : بل أنــا شقيق والدتكــ أيها الغيور ..هل تعرف معنى ذلك أم أشرح لكـ ؟ ضحك سامر على منظر عمر الذي بدا كالأطفال و قد اكتمل الآن .. ابتعد عمر عنه قليلا و قال : اذا بما أنك شقيقها ، فهذا يعني أنك ابن أمها و أبيها ، و بمــا أنكما .. ابتسم السيد سامح قائلا : سيحتاج لشجرة العائلة حتى يفهم العلاقة .. ضحك عليه الجميع ثم هتفوا بصوت واحد : انه خالــــــــــــــــك ... خالك .. شقيق والدتك .. ابتلع عمر ريقه و قال بتوتر :خالي ، صحيح ، أنت خالي . أجلسه سامر و قال :سيستوعب بعد فترة ، لا عليكم .. جلس زياد و هو يقول لسمية بلطف : ان عمر يشبه والده كثيرا ، خاصة عينيه . ابتسمت سميّة و قالت : معك حق ، فهو يشبهه . ثمّ التفت و قال : اذا أنت سامر ؟ هزّ سامر رأسه قائلا :أجل . التفت زياد لسامح و قال له : انه يشبه والده و كأنه نسخة عنه ، أتساءل عن أخباره ؟ كيف هو ؟ صمت الجميـع فاستغرب زيـاد قائلا : ما الأمـر ؟ مــا بكم ؟ فـقال سامر ببرود : لقد مات . أصيب زياد بصدمة فالتفت لسامح و قال له بقلق : هل ما سمعته حقيقة ؟ تنهد سامح و قال بحزن : لقد توفي هو و زوجته ، و حتى ابنته الصغيرة . توسعت حدقتا عينا زياد فقال بارتباك : و كيف حدث ذلك ؟ لم يرد السيد سامح أن يقول أي شيء لأن سامرا كان يجلس معه ، لم يــشأ فتح ذلك الجرح الذي انتظر التئامه . فقال سامر بهدوء :كتب عنهم مقالة أثارتهم ، لأنه اكتشف حقيقتهم فقط ، فنصبوا له فخا و قتلوه. زياد بتوتر : من هم ؟ من الذين قتلوه ؟ أخبرني ؟ ربـّت السيد سامح على كتف زياد و قال له بخفوت : زياد هذا يكفي . سامر ببرود : انهم جماعة ، نستطيع اطلاق كلمة "ارهاب"عليهم ، جماعة غربية دنيئة ، حتى جاك السّفاح يبدو أرحم منهم . ثمّ أردف بحزن : لازلــت أحتفظ بتلك الصحيفة التي ظهرت فيها سيارة والدي ، تأكلها النيران ، و لســوء حظه لم يستطع أحد اخراجه ، بل وقفوا متفرجيــن ، و كأنهم يشاهدون أحد أفلامهم التي ينتجونها . زيــاد بحزن عميق : يا الهي ! و أين أولـئك الأبطال الذين لطالما كنـّا نراهم ، يسارعون في انقاذ الضحايا . سامر بسخرية : هه ! انهم أبطال بلا شك ، أبطال على الورق ، مجرد صور لا غير و لأنّه عربيُّ فقط ، تناسوه و تغافلوا عنه . زياد : و ماذا عنك يا سامر ؟ أيـن كنت حينئذ ؟ سمية بانزعاج : زياد ، أرجوك لا تحمل الفتى فوق طاقته . سامر بلطف : لا يا خالة ، حقيقة أنا أرتاح ان أخرجت كل ما ينبض به قلبي ، أنا الآن مرتاح أكثر من الســابق ، لن يؤثـر بيً أي شيء . ابتسمت و قالت لزياد : لحسن حظك أن محاورك هو " ســامـر " . تجاهلها زياد و قال لسامر : كيف نجوت يا سامـر ؟ أنا مهتم بمعرفة التفاصيل . سامر : كنــت قد خـرجت لأنّ والدتي قد طلبت منّي بعض المشتريات من مركز المدينة للتسـوق ، لم تكن تستطيــع الخروج لأن أعمالها المنزليـة كثيرة في ذلك اليوم ، فـفاجئها والدي بنزهة جماعيــة ليروح عن نفسها من هموم البيت . ثمّ أردف : يبدو أنها ارتاحت الآن . زياد : و كيف علمت بأمر الحادث ؟ سامر بابتسامة باهتة : كنت قد رأيت تجمعا ضخما و بالتأكيد دخانا متصاعدا ، تساءلت عن السبب كثيرا ، و تفاجئت عندما رأيــت السيارة قد تفحمت ، لم يكن هنالك أي جثة واضحة الملامح ، حتى تلك الصغيرة قد ذابت . زيــاد بغضب : و هل كانوا يقفون بلا حراك ، ألم تحركهم مشاعرهم الانسانيـة ؟ سامر بهدوء : لقد كان الذي اتصــل برجال الاطفـاء هـو أنــا . مــرّت فترة صمت حتى سأل زياد ســامرا حين قال له : و ماذا عن جهـــاد ؟ هل كان معهم ؟ سامر : لا أعرف عنه شيئا ، ربما كان داخل السيارة المحترقة ، و احترق معهم . زياد بأسى : يا الهي ! هل كل الغرب هكذا ؟ السيد سامح : لا يا زيـاد ، فبالتأكيـد ليس كل العرب متشابهين ، فذلك ينطبق على الغرب . سامر :الغربيـــون ! هه ، كلهم عندي سواء ، أناسٌ بلا رحمة أو حتى قلب . تنهدت السيدة سميـة و قالت محاولة الترفيه على قلوبهم : هيـا هيّا بنا لحديقة المنزل ، فالجو يبدو رائعا جدا . انصرفت و هي تقـول : سأحضر العصير و الكعك ، فلتذهبـوا خارجا . . . . كشفنا الغطاء قليلا عن سامر و ماضيه ، و انضمت شخصية زيـاد الى أرفف القصـة ، لكن هنالك اسم غريب بين تلك الأرفف و قد ذكرته ، ألا و هو اسم {جهـــاد } ؟ من هو جهاد هذا ؟ و هل مات حقا ؟ البارت كان قصير ، لكنه كان حافلا بالمعلومات ، و لأني أود اعطاء نفسي فرصة للتنفس ، فقد انتهت الامتحانات البارحة . . . لا تنسون الانتقادات >_< . | ||||||||
05-06-23, 07:06 PM | #20 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| بداية جديدة ~ +=+=+=+=+=+=+=+=+= جلسـت عائلة السيد سامح مع زياد في حديقة منزله في الفترة ما بعد الظهيرة حول طاولة متوسطة الحجم ، دائرية الشكل يزينها مفرش منقوش بالأزهــــــار الزرقاء على أطرافه ، و تتوسطها زهرية لطيفة تحمل سيقان أزهار البنفسج بداخلها . اقتربت السيدة سمية منهم و هي تحمل أطباق الحلوى و أكواب العصير بابتسامة متفائلة جعلت وجنتيها الزهريتين تتكوّران . وزّعت الأطباق و قالت بمرح : أليس الجو لطيفا اليوم ؟ ابتسم زياد و هو يتناول الطبق منها و قال بسعادة : بالتأكيد فأنا هنا . ضحك الجميع على ما قاله ، فالتفت السيد سامح لابنه عمر و قال له بخفوت : ألا زلت مصدوما ؟ و ظننت بي ظن السوء أيها المتسرع ؟! ابتسم عمر بارتباك و قال بتوتر : لم أسمعك جيدا . (( حركــــات عمر خخخ )) نظر له والده بطرف عينه و أطلق تنهيدة تعب : هه ! لا فائدة . كان الجميع مشغول بتناول أطباق سميّة اللذيذة فاستأذن سامر قائلا بهدوء : عمّي هل يمكنني التنزه مع صديقي حمزة في نهاية الأسبوع ؟ ثمّ أردف بخفوت : ان لم يكن لديك مانع . ردّ عليه عمـّه : لا يا بنيّ ، يمكنك الذهاب أينما تشاء . عمر باستغراب : و لكنك لم تذهب للنادي منذ يومين تقريبا يا سامر ، ظننت أنك ستذهب في نهاية الأسبوع . سامر و هو يفكّر : أممم ، أنت محق لكن بامكاني القول بانها نزهة اضطرارية لا أكثر . انجذب الجميع لكلمة قالها سامر فقالوا معا بهدوء : " اضطرارية " . توقف زياد عن الأكل و قال باستغراب : ماذا تقصد ؟ هل حصل شيء ؟ هل هنالك من يلاحقك ؟ السيد سامح بشك و ريبة : هل هنالك ما تخفيه عني ؟أنت متأكد بأنك بخير ؟ سميّة بتوتر : سامر ، صارحنا من فضلك . نظر كلا من عمر و سامر لبعضيهما ثمّ أطلقا ضحكة ساخرة . استغرب الجميع فقال سامر بهدوء بعد فترة من الضحك : كلٌّ ما في الأمر أنني ممتن لصديقي حمزة ، و له جميل عليٌّ ، لذلك أريدٌ أن أردّه اليه بهذه النزهة . تنهد الجميع و عادوا لأجواءهم الطبيعية . +=+=+=+=+=+=+=+=+= الساعة ( 4:35 ) عصرا في منزل الرقيب جاسر ~ كانت فاتن تساعد والدتها في أعمال المنزل ، بينما الأب و ابنيـه خالد و أمجد يلعبون بالورق في غرفة المعيشة . السيد جاسر و هو يفكر قبل أن يلعب لعبته : أممم ! لن تهزمني يا أمجد مجددا ، عليّ أن أفكّر مليّا قبل أي حركة ضدك . صرخ خالد منزعجا : ليس عدلا ، لم تتجاهلاني دوما ؟ فأنا بارع في هذه اللعبـة . السيد جاسر و أمجد بالوقت ذاته : آه نعم نعم أنت كذلك . نظر لهما بحزن مصطنع : ماذا ؟ هل أنا سيء حقا ؟ في هذه الأثناء قاطعتهم مها و هي تقول بانزعاج و خفوت : أبي . لم يجبها لأنه كان مشغولا باللعب ، فغضبت و جلست قربه و هي تهزّ كتفه : أبـــــي . التفت اليها: ما الأمر ؟ ثمّ أردف و هو يلعب لعبته : ألا تريني ألعب الآن ؟ مها باستغراب : كيف لرقيب مثلك أن يلعب هكذا ؟ لا يجوز يا أبي . السيد جاسر بضحكة : هههه ، يا ابنتي أنا في عملي رقيب ، و في منزلي أب . مها بانزعاج : أووف ! تتحدث دائما عن الأبوة و أنت لا تستمع لي حتّى . ثمّ أردفت بغضب : أين واجباتك نحوي ؟ و الاّ سأقول لخالد ما سبب جعلك له يلعب معكما رغم سوءه في هذه اللعبـة . نظر لهما خالد : ماذا ؟ كما توقعت أنتمــا ... (( دخل مشاجرة مع أمجد )) أمجد : افهمني يا أخـ.. خالد بغضب : لن أفهمكــ ..لا أريد ذلك.. تنهّد السيد جاسر و قال لهما ببرود : يكفي يا شباب ، فأنتما معتادين على أن تفسد عليكما أختكما الصغيرة مها كل شيء. مها بانزعاج : ما بك يا أبي ؟ ما هذه المعاملـة ؟ ربّت على كتفها و قال لها بمرح : أنــا أمزح . أخبريني ما الأمـر يا متسرعتي الصغيرة؟ ابتسمت و قالت : حسنا لكن عدني بأن لا تغضب . زفر بقوة و قال بهدوء: أعدك . مها بخفوت و تردد: لقد ... لقد استدعتك معلمتي اليوم بسببي . ضرب السيد جاسر كفّه برأسه برفق : يا الهي ! ما السبب هذه المرة ؟ دخلت فاتن و جلست ثمّ قالت بجدية : بسبب السرحان أثناء شرح الدرس ، بالاضافة الى الثرثرة و المشاجرة الدائمة مع اعتماد في الحصة . نظرت لها مها بغضب : ما شأنك أنت ؟ فاتن ببرود : شأني شأن بقية أبناء الرقيب جاسر ، يجب أن لا تفسدي سمعتنا بسبب سرحانك الدائم ، فمك هذا أرجوك أغلقيـه أثناء الشرح . مها بانزعاج : هه ! انظروا لمن يتكلّم . كتّفت فاتن يديها و قالت بغضب : و ما بي ؟ على الأقل أنا معلّمة و لا أثرثر مثلك . أشاحت مها بوجهها بعيدا : و كأنني لم أسمع . ثمّ نهضت و صعدت السلالم و هي تقول بعجرفة : متكبّرة . كان والدهما ينظر لهما باستغراب ، فقال بداخله : " فتياتي المتكبرات " أشاحت فاتن بوجهها بعيدا هي الأخرى و قالت بهدوء : لقد تحدّثت مع معلمتها و قررنا بعد نقاش أنه لا داعي لقدومك ما دمت أنا هناك . ابتسم والدها و قال و هو ينهض : شكرا لك يا ابنتي ، خففت عنّي . ثمّ انصرف و هو يقول بصوته الرجولي الخشن : أمينة أيقظيني بعد ساعتين ، فلدي أعمال يجب أن أنجزها . ردّت عليه أمينة من غرفة الغسيل و قالت : حسنا . صعد السلالم و هو يفرك شعره و يتثاءب من شدة النعاس . رمى أمجد الأوراق من يده و اتكىء على الأريكة قائلا باستغراب : ألا تلاحظون أنّ مها تغيّرت قليلا ؟ ابتسم خالد بسخرية و قال : يا لك من شديد الملاحظة ، انها هكذا منذ أن وٌلدت . أغمضت فاتن عينيها و قالت بهدوء ممزوج بالجدية : أنا اتفق معك يا أمجد ، أظن أن عقلها قد نضج و أصبحت مسؤولة . " فما ان انهت كلامها حتى سمعوا صوت مها من الدور العلوي " صرخت مها : لــــــــــــن يهزمني فتـــــــــــــــــــــــ ــى أبدا . ابتلعت فاتن ريقها و قالت : سأسحب كل كلمة قلتها ، الوداع . كتم خالد ضحكته : تعرفون أنها تحب التكلم مع نفسها منذ الصغر ، و أنا الذي ظننت أنها قد تركت هذه العادة . نهض أمجد متجها للخارج و قال بداخله : " سامر هذا ، دمّر شخصية شقيقتي " فقاطعه خالد : الى أيــن ؟ أمجد : لا تقلق سأعود بسرعة . +=+=+=+=+=+=+=+=+= اتجه عمر لغرفته في الأعلى برفقة سامر الذي شرع يعدّ ثيابه ليذهب للنادي ، وضع ثيابه في حقيبة الكتف خاصته و نزل الدرجات بمرونة ، و ما ان انهالت يده على مقبض الباب حتى سمع حديث عمّه من غير قصد تنهد السيد سامح : هه ! بصراحــة أنا أمر بضائقة ماليـة مؤقتة ، لكنها ستنتهي خلال شهرين . احتسى زياد كوب قهوة ساخنة و قال : و ما السبب يا سامح ؟ أهي مشاريعك يا ترى ؟ أم أشياء تخص العمل ؟ سامح بهدوء : لا ، بل انها ضغوط العمل ، فمدير صحيفتنا ما ينفك عن اصدار مشاريعه السخيفة ، لذلك كان عليـه أن يؤجل دفع رواتب الموظفيـن لمدة شهرين و يدفعها في الشهر الذي يتلوهما . همس سامر لنفسه : حمدا لله ، ظننت أنها بسببي أنا . سحب مقبض الباب بقوة حتى يبيّن لهم أنه قد أتى توا ، و اتجه راكضا للنادي . ركض على محاذاة الشارع ( الرصيف ) ، و نظر لساعة يده قائلا بسعادة : اقترب الموعد . انهى جملته و دخل النادي ~ . . بعد فترة كان أمجد يتمشى و هو يفكـّر بأن يجعل مها تهتم بكل شيء ما عدا سامر . زمّ أمجد شفتيـه و قال بخفوت : هه ! هل هو حقا كما تقول عنه مهـا ؟ ( طبعا مها لم تدع شيئا سيئا الا و قالته عن سامر لأمجد المخدوع ) تعثّر أمجد بحجر صغير فركله غاضبا : يا الهي ! و لسبب في نفســه اتجه للشاطىء ، فهو في هذه الأثناء يصبح خاليا و الأجواء حتما هادئة ، بالتأكيـد ستغير حالته . فهواء البحر له مميزاته بلا شك . رمى بنفسه على الرمال القريبـة من الشاطىء ، كانت الشمس تقترب لتعانق البحــر ، و ألوان السمـاء بدأت تعلن نهاية المسير الصباحي ، انها تتلون ، نعم تتلون بألوان الغروب ، اقتربت الشمس ، اقتربت و اقتربت حتى قبّــلت البحر . شعــّت ألوان الغروب بعيني أمجد ، اعتدل في جلسته ، و ابتسم . أمجد بسعادة : لا أعرف سبب سعادتي ، منظر بديع ، كيف لم اكتشفه من قبل ؟ ( تذكـّر أنه كلّما مرّ من هنا عطـّلته مها و ألهته عن رؤيته ، أو بدأ خالد ثرثرته معه و كان عليه الاستماع له و النظر اليه بالآن ذاته ) أطلق تنهيدة طويلة و قال بانزعاج : مشكلة أن تكون أخا لأحدهم . نهض و نفض الغبار عن ثيابه و التفت فوجد سامرا يقف على السور هنـاك . ابتسم أمجد بخبث و قال : فرصتي . ركض باتجاه معاكس لسامر حتى يتمكن من الاختباء منه و تتبعه فيما بعد . كان يحادث نفسه بهستيرية : انهض يا أمجد .. حـرّك جسدك و عظامك .. انتهز الفرصة . . . بعيدا عن توتر أمجد ، يقف سامر - كما هي العادة دوما – قال بسعادة و صوت مرتفع يطلقه لأول مـرة : جـــهــــــــــــــــــــ ـــــاد صرخ مجددا : جهـــــــــــــاد ، أيـن أنـــــت يا أخي ؟ . . نظر له أمجد بسخرية و قال : هل هو مجنون ؟ أم ماذا ؟ . . اتجه عائدا لمنزله ، لكن لسبب ما أراد أن يزور منزل الأستاذ فـريد . ( فضول هذا الولد سيقتله حتما ) سامر : لا أعرف لماذا ينتابني شعور بأن أذهب اليه ؟ حقا ستكون حـرا .. عندما تكون أيّامك غير خالية من الاهتمام بالآخرين ، لكن هل ما يفعله اهتمام أم فضول ؟ أم الاثنين معا ؟ لنـرى .. وصل سامر قرب منزل الأستاذ فـريد ، أردا أن يختلس النظر من السور ، لكنه عدل عن قراره و استبدله بأن يستأذن للدخول . ( مجنون أم مــاذا ؟ ) كانت عينا أمجد تتربصان سامر جيدا : ماذا يفعل ؟ هل هو منزله أم ؟ لا لا ، لم يطرق البـاب اذا ؟ كان سامر يطرق الباب ، لكن لا اجابه . سامر بداخله : أين سيكـون ؟ التفت متجها لمنزل عمـّه و تساءل كثيرا فقال : هل هو في المدرسـة مثلا ؟ لا و ماذا سيفعل حتى هذا الوقت ؟ . . انتهى اليوم بشكل عادي على الجميـع ما عدا أمجد الذي ختم اليوم باكتشاف أين يسكن سامر ، انه انتصار عظيم بالنسبة لــه . . . +=+=+=+=+=+=+=+=+= أستـاذ فريد ... من أنتــ ؟ في اليوم التالي :~ كالعادة و المعتاد ، فالـصباح في أيام الدوام المدرسي ممل جدا ، نفس الأحداث تتكـرر ، و كأنها شريط يعاد باستمرار ، الا ان كان فيه ثمـّة أحداث ، تفجـّر متعة بدل هذا الملل الدائم . التقى كل من اعتماد و مها أما باب المدرسـة . مها بفرح: صباح الخير . اعتماد بسعادة : صبـاح النور . توقفتا و بدأتا تنظران للأخرى ببرود لفترة ثمّ انفجرتا ضاحكتيـن ، تعانقتا و قالتا بصوت واحد : هل سيأتي ؟ هزّت اعتماد رأسها نفيا و قالت : لا ، لقد اعتذرت للمعلمـة ، و لم أخبر والدي بما جرى ، ماذا عنك ؟ مهـا بتفاخر : بصراحة ، أبي قال أن فاتن المتكبـرة قد تفاهمت مع المعلمة ، و لا داعي للذهاب . ضحكتا بانتصار معا حتى قال الحارس عند الباب : الـــــــــى الداخل . هربتا و هما تصرخان : آآآآآآآآآآآ شــريــر . . . في هذه الأثناء كان السيد سامح قد أوصل الولدان للتو . أطل برأسه من النافذة و قال معتذرا : عودا مشيا اليوم ، فأنا مضطر أن ابقى ساعات اضافيه في العمل . ابتسم سامر : لا عليــك . عمر بانزعاج : و لكـن يا أبــ.. قاطعه سامر و هو يسحبــه : الى اللقاء . افترقا ، فكل انصرف الى فصلـه . دخل سامر بهدوء : صباح الخير . أجابـه الجمـيع : صباح النور . جلس في مقعده فقال له حمزة : أأ سامر أنا اعتذر لن أستطيع الذهاب في نهاية الأسبوع معك . تحوّلت ملامح سامر للحزن : و ما السبب ؟ حل الصمت الفصل بكامله ، فقال حمزة و هو يقف بصوت مرتفع : لأننا سنذهب جميعا للتخييم برفقة الأستاذ أكرم . زفر سامر و قال متعجبا بداخله : هذا الأستاذ عجيـب بالفعل ، أفكـاره تــ... قاطعه دخول معلم اللغة العربيــة الأستاذ مروان . و هو متزوج يبلغ الأربع و الأربعون من عمره ، و أهم ما يميــّزه هو أنه أستاذ لديه خبرة في حركات الطلاب بالفصل . ( يلقبه الطلبــة بــالرادار ) تأفف أحدهم قائلا : ها قد أتى الرادار . ابتسم الأستاذ في وجهه و قال له بهدوء: للأسف يا بني أنني سمعتك ، فلتقف في الزاوية هناك . ثمّ صرخ : لأنك معاقب طيلة الحصـة . الطالب : حااااااضــر أستاذ . الأستاذ : اجلسوا ، فدرسنا اليوم ممتع ، انه يتحدث عن المفعول به . تملل الطلبة قائليـن : أستاذ انه درس سهل حفظناه حفظا أبا عن جد . الأستاذ بمرح : و ماذا عن الحفيـد هههه ؟ - لم يضحك أحد – فخجل الأستاذ بشدة و احمر وجهه و هو ينتظر ردة فعل من أي أحد الأستاذ (يرقع) : احم احــم .. نظر الطلاب لبعض ببرود فنهض حمزة و هو يصفق : ههههههههه أستاذ دمك خفيــف ، أنت رائــع ههههههه . ( فشلـــه ههههههههههه ) ابتسم الأستاذ و قال : تستحق درجتيــن كاملتيــن يا حمزة . ( مكافأة حمزة هههه ) فنهض بقية الطلبة فيما عدا سامر و نيّف قليل ، و قاموا بالتصفيق : أستاذ أنت مدهش . ( طمعا في الدرجات ) ابتسم الأستاذ في وجوههم ثمّ عبس بشكل مخيف و قال بغضب : ناقص درجتين في السلوك . ( عقابهم لأنهم ما انقذوا الموقف من بدايته ) و مضت الحصـة كالمعتاد ، مملـة . . . وما ان رنّ الجرس حتى أنه لم ينته من رنينه حتى وصل الأستاذ فريد و نفسيتــه عند أنفه ، دخل الفصل و مسح السبورة ثمّ بدأ يكتب العنوان بشكل سريع ، هذا كلـه و السيد مروان لا يزال في الداخل . ( اليـــوم الأستاذ مروان بصراحة يعني كان واحد (( مسكيــن )) ) نظر له السيد مروان نظرة فقير مسكـين بينما الأستاذ فريـد كان غير مهتما بل كان يضبط نظارته الطبيّة . خرج الأستاذ مروان و قد تم كسر هيبته ببساطة . الأستاذ مروان بغضب : من يظن نفسه ؟ ألا يعلـم أنني بعمر والده الآن ؟ . . جلــس الأستاذ فريـد يتحدث عن الدرس :حقيقة أنه لشيء عجيب أن أقوم بتدريس قيم و أشياء أنا لا أقوم بها . أليـس هذا بالأمر العجيـب ؟ هزّ الجميـع رأسـه : أجل . نهض الأستاذ و قال بمرح : جيـّد ، لكنني و بما أنني قد تغيّرت قليلا ، سأقوم بما أدعو اليـه ، هل وصلت المعلومة أم .. ؟ قاطعه الطلبـة : وصلــــت . هزّ رأسه مجددا : جيــّد . في هذه الأثناء كتب هيثم رسالة في ورقة صغيرة جدا و رماها على زميله رائد الذي يبعد عنه طاولتيــن من جهة اليمين . استقبلها رائد و قرأ : " أسأل الأستاذ عن عمــره ، ينتابني فضول حول ذلك " أومأ له رائد و قال : أأأ أستاذ هنالك اشاعة في ثانويتنا تقول بأنك تبلغ الثالثة و الخمسين . هيثم بغباء في داخله : ألم تجد غير هذا الرقم ؟ نظر له الأستاذ و قال : و أنا للأسف لا اهتم للاشاعات . رائد : اذا كم عمرك ؟ الأستاذ فريد : ليس مهما . هيثم : أرجوك أستاذ . الأستاذ باستغراب : و ما المفيد في معرفة عمري ؟ ابتسم هيثم بوسع شفتيـه : مجرد فضول . ( أظن أن الفضول صفة مشتركة بين الطلبة ) الأستاذ بجديـة : أنا في العشرين من عمري . صرخ الطلـــبــة معا : العشريـــــن . احمرّت وجنتي الأستاذ فقال : و ما في هذا ؟ رائد بفرح : أنت أكبر منــّا بأربع سنوات فقط . شعر الأستاذ بالخجل الشديد : و الأربعة سنوات هذه قليلة ؟ ( اليوم الأساتذة كلهم خجووليـــن خخخخخ ) رائد : لا و لكنك صغير . الأستاذ فريد بداخلـه : جنت على نفسها براقـش . سامر بداخله : انه .... حمزة : هل أنت متزوج أستاذ ؟ الأستاذ فريـد : و هل أنا في تحقيق ؟ هيثم : نريد أن نعرف عنك المزيد أستاذ ؟ الطلبة كلهم : أجل ... أرجوك أستاذ .. هدّأهم الأستاذ قائلا : أشرح الدرس أولا ، و ان بقي من الوقت شيئا سأجيبكم عن أسألتكم التافه ، مفهوم ؟ الجميـــــــــــــع بسعادة: مفهوووووووووووم . ( لقد تغيّر حقا ) كان الأستاذ فريد يشرح باهتمام و حرص : مع كل ثانيـة تبدأ حياتنا الجديدة ، لذلك يجب أن ننطـلق بمرح للقيـاها.. فالأفضل دائما أن نتطلع للأمام بدلا من النظر للخلـف . صمت و هو يتأمل وجوه الطلـبة باستغراب فقال بقلق : ثمة خطب مـا ؟ هز الجميع رأسه نفيـا : لا أستاذ تفضل أكمل الدرس . شكّ الأستاذ فريد قليلا : أكيـيد .. فأكمل : طلابي غير الطبيعين ، ان كل شخص منكم محتاج للشجاعة في دربـه الطويل ، حتى تصل الى بـر الأمان من الصحة و الايمان و الأمـن . فليست الشجاعة قاصرة على أوقات الشدة أو أوقات الغرام . استأذن رائد : كيف ذلـك أستاذ ؟ الأستاذ فريد و هو يتجه للسبورة – لأنه كان يتمشى بين الطلاب - : مداخلة ممتازة أيها الرائد . ثمّ أكمل : انها تعني أنك تحتاج الشجاعة دائما لأنك ستصطدم و هذا مما لا شك فيه بــعثرات في .. توقف الأستاذ فجأة و لم يكمل حتى بدأت تتلامع عيناه و كأن الدموع على وشك السقوط . سامر بخفوت : أستاذ أنت بخيــر ؟ نظر له الأستاذ و هزّ رأسه و عاد يكمل : لأنك ستصطدم ببعض العثرات في هذه الحياة ، مصائب و مشاكل و مخاطر و أشيـاء و أشيـاء . ثمّ أردف : هل وصلت المعلومة ؟ هزّ رائد رأسـه : أجل ، شكرا أستاذ على التوضيح . أخذ الأستاذ قلما و بدأ يكتب على السبورة : هيـّا أخرجوا دفاتركم و اكتبوا الدرس. الجميــع بسعادة : حــــــــــــــــــــــــ ـــاضر أستاذ . بدآية جديدة للجميـع ، أهم شخص كان أنت ، أنت أيها الأستاذ ! بدآيتك الجديدة تستحق مسمـّى جديدة حقا . لقد تغيـّرت ، و مع كل لحظة أراك فيها افرح ، و السبب مجهول ، من أنت أستاذي فريد ؟ طيـّار الكاندام على لسان سـامر ~ أهم شيء الانتقادات نبشوا عدل ههه | ||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|