آخر 10 مشاركات
حبي الذي يموت - ميشيل ريد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          [تحميل] مهلاً يا قدر ،للكاتبة/ أقدار (جميع الصيغ) (الكاتـب : Topaz. - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          ذاكرة خائنة (الكاتـب : غارقة في بحر اليأس - )           »          الغيـرة العميـــاء (27) للكاتبة الرائعة: فـــــرح *مميزة & كاملة* (الكاتـب : فرح - )           »          روزان (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          ثارت على قوانينه (153) للكاتبة: Diana Palmer...كاملة+روابط (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          لا تتركيني للأوزار (الكاتـب : تثريب - )           »          فالكو (52) للكاتبة: ساندرا مارتون (الجزء الثالث من سلسلة الأخوة أورسيني) .. كاملة .. (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1791Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-04-18, 08:44 PM   #3481

sareta jwad
 
الصورة الرمزية sareta jwad

? العضوٌ??? » 357092
?  التسِجيلٌ » Nov 2015
? مشَارَ?اتْي » 326
?  نُقآطِيْ » sareta jwad is on a distinguished road
افتراضي


تسجيلللل حظظظظظوووووووووور لعيون كاري العسل ودراكولا وكل الرقة

sareta jwad غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-04-18, 08:47 PM   #3482

memo77

? العضوٌ??? » 409380
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 95
?  نُقآطِيْ » memo77 is on a distinguished road
افتراضي

انا جيت
يلا بالانتظار


memo77 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-04-18, 08:48 PM   #3483

deegoo

نجم روايتي وفراشةالروايات المنقولةوبطل اتقابلنافين؟وأميرةخباياجنون المطروكنزسراديب الحكايات ونجمةكلاكيت نجمةمسابقةشخصيةفي رواية

 
الصورة الرمزية deegoo

? العضوٌ??? » 333511
?  التسِجيلٌ » Dec 2014
? مشَارَ?اتْي » 3,620
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Yemen
?  نُقآطِيْ » deegoo has a reputation beyond reputedeegoo has a reputation beyond reputedeegoo has a reputation beyond reputedeegoo has a reputation beyond reputedeegoo has a reputation beyond reputedeegoo has a reputation beyond reputedeegoo has a reputation beyond reputedeegoo has a reputation beyond reputedeegoo has a reputation beyond reputedeegoo has a reputation beyond reputedeegoo has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تسجيييل حضووور بأنتظاررك زهررتنا

deegoo غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 10-04-18, 08:53 PM   #3484

Gigi.E Omar

نجم روايتي و راوي القلوب وكنز سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية Gigi.E Omar

? العضوٌ??? » 418631
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 3,166
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Gigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك carton
?? ??? ~
لا إله إلا انت سبحانك إني كنت من الظالمين 💙 لا تتنازل عن مبادئك و إن كنت و حدك تفعلها ✋️
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

لذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 248 ( الأعضاء 143 والزوار 105)
‏Gigi.E Omar, ‏ايه شريف, ‏cadbury chocolate, ‏kouki kouki, ‏نونا لبنان, ‏لورا2, ‏مريم توليب, ‏ست عمها, ‏a7la sweet, ‏غموض الليل, ‏khaoula Ci, ‏canad, ‏memo77, ‏33Zain, ‏Hagora Ahmed, ‏sara osama, ‏رهف احمد90, ‏Nina nona, ‏deegoo, ‏kenzaa, ‏الاوهام, ‏Basmaa masoud, ‏ام ايلوو, ‏ريما اشرف, ‏نوّووور, ‏الأسيرة بأفكارها, ‏Gouda, ‏عطر الوردة, ‏اسيرة الظلام, ‏هيون القحطاني, ‏خجل الاوتار, ‏Raheeek, ‏ToOoOmy, ‏هدوء الدوشة, ‏امازيتا, ‏همس الريح, ‏tamtam 24, ‏هبة الله 4, ‏Dona ashraf, ‏حمبصيصة, ‏رنا اسامه, ‏omshama, ‏samarezat, ‏مريم المقدسيه, ‏جواهر الخليج, ‏مي مؤمن, ‏أسمهان الأمين, ‏الحب غالي, ‏حسناء_, ‏Yara717, ‏بفسچية, ‏Soy yo, ‏Malak_, ‏سحرمجدي, ‏Aya youo, ‏Jojo90, ‏lelly, ‏بنتن ل محمد, ‏تفاءل..., ‏soha, ‏Ghada R, ‏safsf, ‏روميرو, ‏حنان ياسمين, ‏زهرة الحزن, ‏انسه ريلاكس, ‏قمر الزد, ‏نجاح جنا, ‏mesa lahloub, ‏جيسكان, ‏حروف السكر, ‏dina naguib, ‏بسمه كمال, ‏bnsh, ‏هبه عجلان, ‏Benan, ‏هبه رمضان, ‏Madde, ‏خريف عمري, ‏طُعُوْن, ‏قمر وأنجم, ‏nabilahamdy, ‏Ese, ‏يسورة93, ‏oushy, ‏yawaw, ‏aa elkordi, ‏Rawand khaleel, ‏نهيل نونا, ‏Totooولا أحلا, ‏زهرة القمرD, ‏Alzeer78, ‏زهره الشيكولاته, ‏nada13omar, ‏mohamed goda, ‏almoucha, ‏sosobarra, ‏مروة ميروو, ‏مهووسة قراءة, ‏سراج النور, ‏غروب الامل, ‏ام احمد 22, ‏riyami, ‏SOL@RA, ‏littlebee, ‏نهى حسام, ‏ام علي اياد, ‏gentle dona, ‏Electron, ‏زالاتان, ‏Agaiaa, ‏غـــزلــ, ‏روحي حرة, ‏abnsak, ‏soso kassap, ‏نوفيلا, ‏shy tara, ‏مكاوية و الخطوة ملكية, ‏مشميكا, ‏nouriya, ‏AyOyaT, ‏Malak25, ‏sweet123, ‏Lara swif, ‏منو6, ‏عين تبحث, ‏طوطه, ‏mnmhsth, ‏أمل 1, ‏Chaimaalb, ‏ايمان امام, ‏Khawla s, ‏sadn, ‏دودي وبـس, ‏sam_23, ‏donia ezzatl, ‏Lujain30, ‏MS_1993, ‏الاميرة نور, ‏Reham Sabry, ‏غيـم, ‏ألين ♡

Elbayaa likes this.

Gigi.E Omar غير متواجد حالياً  
التوقيع
" و استغفروا ربكم "
رد مع اقتباس
قديم 10-04-18, 08:57 PM   #3485

الاوهام
alkap ~
 
الصورة الرمزية الاوهام

? العضوٌ??? » 252190
?  التسِجيلٌ » Jul 2012
? مشَارَ?اتْي » 1,023
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond repute
افتراضي

مساؤكم ورد
مساؤكم مطر ورعععععععععععععد
تسجييييييييييل حضور
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 257 ( الأعضاء 148 والزوار 109)

‏الاوهام, ‏سحرمجدي, ‏noooor.23, ‏**ضوء القمر **, ‏Alice laith, ‏kenzaa, ‏shadow fax, ‏Jojo90, ‏Soy yo, ‏بسنت ١٩٩٦, ‏لورا2, ‏زهرة القمرD, ‏ابتسام عبدالله, ‏امازيتا, ‏ست عمها, ‏Gigi.E Omar, ‏rontii, ‏memo77, ‏خجل الاوتار, ‏خجل الروح, ‏ايه شريف, ‏cadbury chocolate, ‏kouki kouki, ‏نونا لبنان, ‏مريم توليب, ‏a7la sweet, ‏khaoula Ci, ‏canad, ‏33Zain, ‏Hagora Ahmed, ‏sara osama, ‏رهف احمد90, ‏Nina nona, ‏deegoo, ‏Basmaa masoud, ‏ام ايلوو, ‏ريما اشرف, ‏نوّووور, ‏الأسيرة بأفكارها, ‏Gouda, ‏عطر الوردة, ‏اسيرة الظلام, ‏هيون القحطاني, ‏Raheeek, ‏ToOoOmy, ‏هدوء الدوشة, ‏همس الريح, ‏tamtam 24, ‏هبة الله 4, ‏Dona ashraf, ‏حمبصيصة, ‏رنا اسامه, ‏omshama, ‏samarezat, ‏مريم المقدسيه, ‏جواهر الخليج, ‏مي مؤمن, ‏أسمهان الأمين, ‏الحب غالي, ‏حسناء_, ‏Yara717, ‏بفسچية, ‏Malak_, ‏Aya youo, ‏lelly, ‏بنتن ل محمد, ‏تفاءل..., ‏soha, ‏Ghada R, ‏safsf, ‏روميرو, ‏حنان ياسمين, ‏زهرة الحزن, ‏انسه ريلاكس, ‏قمر الزد, ‏نجاح جنا, ‏mesa lahloub, ‏جيسكان, ‏حروف السكر, ‏dina naguib, ‏بسمه كمال, ‏bnsh, ‏هبه عجلان, ‏Benan, ‏هبه رمضان, ‏Madde, ‏خريف عمري, ‏طُعُوْن, ‏قمر وأنجم, ‏nabilahamdy, ‏Ese, ‏يسورة93, ‏oushy, ‏yawaw, ‏aa elkordi, ‏Rawand khaleel, ‏نهيل نونا, ‏Totooولا أحلا, ‏Alzeer78, ‏زهره الشيكولاته, ‏nada13omar, ‏mohamed goda, ‏almoucha, ‏sosobarra, ‏مروة ميروو, ‏مهووسة قراءة, ‏سراج النور, ‏غروب الامل, ‏ام احمد 22, ‏riyami, ‏SOL@RA, ‏littlebee, ‏نهى حسام, ‏ام علي اياد, ‏gentle dona, ‏Electron, ‏زالاتان, ‏Agaiaa, ‏غـــزلــ, ‏روحي حرة, ‏abnsak, ‏soso kassap, ‏نوفيلا, ‏shy tara, ‏مكاوية و الخطوة ملكية, ‏مشميكا, ‏nouriya, ‏AyOyaT, ‏Malak25, ‏sweet123, ‏Lara swif, ‏منو6, ‏عين تبحث, ‏طوطه, ‏mnmhsth, ‏أمل 1, ‏Chaimaalb, ‏ايمان امام, ‏Khawla s, ‏sadn, ‏دودي وبـس, ‏sam_23, ‏donia ezzatl, ‏Lujain30, ‏MS_1993, ‏الاميرة نور, ‏Reham Sabry

Elbayaa likes this.

الاوهام متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-04-18, 08:58 PM   #3486

Soy yo
عضو جديد

? العضوٌ??? » 390429
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 483
?  نُقآطِيْ » Soy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيل الحضور ...نحن بانتظارك و انتظار ابطالنا

Soy yo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-04-18, 09:07 PM   #3487

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

مساء الورد اليكم الفصل التاسع

" تنويه هام : لا احلل لاي موقع او جروب نقل فصولي واتمنى من اي قارئة تشوف فصولي يتم نقلها لموقع اخر ان تخبرهم ان هذا غير محلل لهم وارفضه بشكل قاطع "



الفصل التاسع

بيت الصائغ .. قبيل اذان الفجر .. غرفة رعد ..

يصارع الغطاء في نومه .. ساقاه تتحركان بعنف وهو يتقلب في السرير .. جبينه يتصبب عرقاً غزيراً والغطاء يسقط عن السرير أرضا..

انفاسه تتسارع وكأنه يركض في منامه !

هل كان يركض هرباً ام يركض اندفاعاً لانقاذ ما لم يستطع انقاذه ...

يركض في اروقة متداخلة .. في بيتهم القديم .. بيت امه وابيه .. يفتح الابواب يبحث عن شيء مفقود ... تتلاشى انفاسه شيئا فشيئا والهلع يسيطر عليه ...

لقد كان في .. السابعة عشرة .. هكذا يشعر بنفسه .. هكذا يراها ... فتى مراهق في السابعة عشرة ..

ما زال يبحث عن باب محدد والاختناق يباغته والروح تكاد تفارق الجسد.. وقلبه معصور عصراً ..

اخيراً فتح الباب المطلوب .. اخيراً وجده .. لكنه كان يشعر مسبقا بتأخره .. يشعر ببرودة مغادرة الروح للجسد !

هذه غرفة والديه .. غرفة باتت لامه فقط بعد رحيل الاب .. فحافظت على كل ذكرى تركها لها زوجها .. كل لمسة فوضوية منه .. كل عطر استخدمه باسراف وازعجها منه ..

تقدم رعد وجسده يختض ببرودة جليدية حتى وقف جوار السرير يحدق في وجه امه الساكن..

كانت في عينيه .. نائمة.. في رغبات قلبه المعصور.. نائمة .. في وجع الطفل الذي ما زال داخله هي كانت ... نائمة... نائمة .. نائمة !

يرفض أو .. يؤجل الاعتراف بالمحتوم ...

فيحدق فيها رعد بشوق عجيب .. يمد انامله المرتعشة لملامحها التي سكنت الى الابد ..

يلامس برودة بشرتها التي ذبلت .. يلامس شعيراتها البيضاء التي لم تعد تهتم بصباغها منذ وفاة والده ...

انها هنا .. لكنها رحلت .. رحلت .. رحلت ..

بشهقة من اعماق روحه استيقظ رعد من نومه عنوة والانفاس تدخل رئتيه من جديد ...

بضبابية الألم والحلم الرهيب يحدق فيما حوله يستوعب اين هو ...

ثم تحرك لينزل ساقيه عن السرير فتمس قدماه الحافيتان الارض الباردة وتلامس اذناه صوت مكيف الهواء المزعج ..

تتباطأ ردة فعله ليستوعب حالته أكثر ..

وجهه وصدره العاري وكل جسده كان ينضح بالعرق ...

لا .. لم يكن العرق فحسب ما يغسل وجهه ..

بل الدموع .. دموع ما زالت تسيل حتى اللحظة..

اغمض عينيه بقوة ورفع يده لشعره الكثيف يبعثره بين اصابعه حتى نكشه نكشاً !

احنى جذعه وهو يستند بكفيه على حافة السرير من الجانبين ...

اخذ تدريجياً يعود لاستقرار نسبي تتبعه كآبة مباغتة ..

مضت سنوات لم يحلم هذا الحلم !

لماذا عاد اليه الليلة ؟!

هل هي اجواء بيت الصائغ من اعاد له ذكريات طمسها بنفسه ؟!

منذ تركه الوطن قبل عشر سنوات كان قد قرر ان ينسى كل شيء ولا يفكر فيه مرة اخرى...

ربما نجح بالقمع والطمس لتلك الذكريات لكنه لم ينجح بحذفها من اعماقه ...

انها ما زالت هناك حية وتنبض بالحياة ..

منذ وفاة والده ثم تبعتها بعام وفاة امه وحتى مضى عام اخر يوم مغادرته للوطن ...

وآآآه من ذاك اليوم !

عاد للوراء سنة بعد سنة حتى وصل لذاك اليوم الصيفي الحار .. يوم بتاريخ ربما كتاريخ هذا اليوم ...

نهاية عام دراسي .. نهاية مرحلة ..

ظنها مجرد مرحلة دراسية لكنها كان مرحلة حياة بأكملها ...

في منتصف النهار وقد أخذ للتو نتيجة نجاحه بالمرحلة الجامعية الاولى ، فركب سيارته التي اشتراها له عمه ليذهب للمعمل ويبشره بنفسه .. وجها لوجه ..

في الواقع لم يكن يريد ان يحمل البشرى لعمه فقط بل لـ ... حبيبة القلب .. غيداء !

اراد ان يراها ويأخذها في احضانه يذوب فرحاً لانها موجودة في حياته تشاركه نجاحاته...

اغمض رعد عينيه وعادت الذكرى حادة كنصل سكين يضرب في مركز الذاكرة في رأسه فيشقها لتنزف بالذكريات ...

دخل الى مكتب عمه لاهثا فلم يجده ولم يجد سكرتيرته (غيداء) .. ولا يوجد حتى أثر انهما حضرا لهذا اليوم !!

شعر ببعض الاحباط وألهته لهفته وفرحة النجاح عن شعور استغراب لغيابهما معاً !

تحرك ناحية مكتب وميض (مساعد المدير) وساعده الايمن ..

رغم كره رعد التلقائي لوميض الا انه كان يتحمله لاجل عيون غيداء ...

دخل بتلك اللهفة وفوران الشباب في التاسعة عشرة ليسأل وميض باندفاع وابتسامة سعيدة واسعة " اين عمي ؟"

كان وميض بضخامته يكاد يبتلع الكرسي الجلدي الذي يجلس عليه ..

مؤكد هو وسيم بشعره الداكن الكثيف وعيناه الواسعتان ولحيته الانيقة ..

لكن مؤكد ايضا فيه شيء منفر ...

كحركة شفتيه الممتلئتين وهو يرد عليه الآن وقد رسمتا تهكماً وخبثاً " هل نجحت ؟"

يرد رعد بابتسامة فخورة " نعم .. الحمد لله .. أردت أن ابشر عمي بنفسي "

ابتسامة منفرة على تلك الشفتين ثم جملة قالها وميض وهو يعود بظهره للخلف يتأرجع بكرسيه الجلدي الدوار

" اذن تستحق هدية عمك .."

يتساءل رعد بعفوية " هدية عمي ؟ "

نظرات وميض اليه كان فيها انتصارا وشيئا آخر لم يفهمه رعد على الاطلاق بينما يأخذ وميض وقته بالصمت قبل ان يقول

" جواز سفرك وتذكرة السفر الى بلد سياحي مجاور مع مبلغ من المال ستجدها في غرفة نومك .. لقد ارسلتها اليوم الى بيت عمك بيد احد سائقي المصنع والخادمة هناك وضعتهم لك في الدرج الجانبي لسريرك .."

للحظة شعر رعد بالاحباط .. لم يكن يريد السفر ! كيف يسافر ويترك غيداء ؟!

حاول عقله ايجاد عذر لرفض هدية عمه القيمة بينما يضيف وميض

" لو كنت اعرف انك ستتلهف للمجيء هنا حتى تخبر ..عمك.. بنجاحك لما ارسلتهم لك..هناك .."

تردد رعد وهو يقول متلكئا مُحرجاً " لكني.. اخبرت عمي.. اني لا اريد.. السفر ."

عندها بدت ملامح وميض قاسية .. قاسية بشكل ساخر عجيب وهو يرد بكلمات أعجب

" ربما .. هو من يريدك ان تسافر .."

عقد رعد حاجبيه وحدس غير مريح سيطر عليه بينما يتساءل " ماذا تقصد ؟! "

بنفس الملامح قال وميض " عمك عريس .. لقد عقد قرانه صباح اليوم .. باكراً .. "

كانت مفاجأة .. مفاجأة مباغتة صادمة !

تمتم رعد وهو يرفع حاجبيه عاليا

" عمي ... تزوج ؟! "

لتشع عينا وميض بنظرة رهيبة .. شيطانية قاسية تموج بالدناءة والتشفي

" نعم تزوج... وانا كنت شاهداً على العقد في المحكمة .. وكيف لا أكون والعروس هي اختي الصغيرة ... غيداء .. ؟! ثم اوصلت العريسين للفندق بنفسي قبل قليل .. "

خدر .. خدر اقرب للشلل اجتاح جسد رعد بأكمله .. حتى الرؤيا تخدرت .. كل حواسه باتت لا تتفاعل .. بل حتى قلبه تخدر !

لسانه لم يسعفه وهو يتمتم ببلاهة الصدمة

" مـ ..ما...ماذا ... قلـ..ـت؟"

لا يرد وميض بشيء فقط ما زال ينظر نحوه بتلك النظرات الشيطانية المتشفية وكأنه يستمتع باحساس سادي بعذابه ذاك ...

تخلخل توازن رعد فامتدت كفاه عفويا ليستند على حافة مكتب وميض ..

يحاول التنفس والتخلص من حالة الشلل التي سيطرت عليه .. شيئا فشيئا تحول الشلل لغضب.. غضب يتسارع لينتشر في كل اوصاله فتخرج الكلمات من فمه بنبرة مشتعلة

" مستحيل ... لا يمكن .. انت كاذب..."

فجأة نزع وميض ثوب التملق الخبيث الذي كان يمارسه ليظهر الوحش القبيح داخله فانتفض واقفاً وهو يضرب بيده على سطح المكتب الانيق هادرا بصوت كفحيح الافاعي

" حاول ان تفسد على اختي فرحتها ايها الفتى الغر وسأدمرك .. "

يحدقان ببعض ... غضب يواجه غضب ...

غضب عاشق لاجل معشوقته التي يرفض خسارتها وغضب نخاس لاجل بضاعته التي باعها بافضل سعر ولن يرضى بافساد البيعة !

اخذ رعد يتمتم من بين اسنانه بثقة واهية وكأنه لم يستوعب حتى اللحظة ما حصل

" غيداء ... ستتزوجني أنا .. غيداء تحبني انا.."

ضحكة قميئة من وميض ثم هدأت من فورها ليقول باشمئزاز من سذاجة رعد وبكلمات مهددة صريحة " تفوه بهذه الحماقات مرة اخرى وسأجعلك تدفع ثمناً باهظا .. ثمناً يفوق خيالك على تصوره ... كن ذكياً يا رعد وتقبل الامر الواقع .. غيداء تزوجت عبد السلام وانتهى الامر .. تماماً .."

لم يحتمل رعد ليتحرك بزوابعه ويلتف حول المكتب يمسك بخناق وميض وهو يصرخ فيه

" اجبرتها على هذا الزواج ايها الحقير .. هل بعت اختك يا نذل ؟"

عندها اخذ وميض يقهقه بفكاهة ثم يقول

" بعت اختي ؟! غيداء تبيع بلدا بكل سكانه لو شاءت وانا وانت اول المعروضين لو اقتضت مصلحتها .. وقد كانت بمنتهى الذكاء لتخطط وتنفذ حتى تحصل على صفقتها .."

للحظة لم يستوعب رعد لكن الكلمات ضربت جزءا خفياً من افكاره .. افكار كان يتجاهلها عن عمد ويقصيها بحزم ...

يواصل وميض فحيح الافاعي قائلا " غيداء كانت تلهو معك بينما تجر عمك الى فخها من وراء ظهرك .. وانا تركتها تلعب لان كل شيء سيكون لمصلحتي في النهاية .. "

اصابع رعد التي كانت تمسك بمقدمة قميص وميض ارتخت ليبعدها وميض عنه وكأنه يكش الذباب من حوله ثم يعاود الجلوس على كرسيه ليضيف بتهديد جدي صريح " ان فكرت للحظة واحدة ان تفشل ايا من مخططاتي سأخبر عمك انك تهجمت على اختي في المصنع وحاولت اغتصابها .."

رعد يحدق في وجه وميض وهو يعيش حالة لا توصف .. غضب تيه جمود حقائق صاعقة و... برود ثلجي كالموت ! انه ... العذاب ...

جاءه صوت وميض مستمتعاً بعذابه ذاك

" ولك ان تتخيل ماذا سيفعل عمك عندما تشتكيه عروسه من ابن اخيه المراهق !"

ترتعد اوصاله مرارا وعقله يرفض الاستيعاب بينما يتمتم " تشتكيني .. انا ؟!"

فيبدي وميض ملامح التأكيد البريء المتصنع بشكل مسرحي كريه " مؤكد ! غيداء هي من ستخبره بتفاصيل محاولاتك الدنيئة للتهجم عليها .. هنا في المعمل .."

رعدة جديدة تمر عبر عموده الفقري تجعل جسده يختض بينما يتهكم وميض قائلا بقساوة يوضح له ما كان واضحاً من الاساس

" انت غر ابله لانك صدقتها وهي تدفعك هذه الفترة بحجة ان تركز بامتحاناتك .. هي من كانت تريد التركيز بامتحانها الاخير مع عمك ... وقد نجحت أيما نجاح!"

كان رعد يشعر بسخونة الاحتراق في رأسه وهو ينظر لوجه وميض وللمرة الاولى يلاحظ الشبه الشديد بينه وبين اخته الصغرى !

كان كالميت الذي يرفض الموت ..

لا يعرف كيف خرج صوته وهو يقول

" انت احقر ما مر علي .."

فيرد وميض معترفاً وتشع منه التعابير الشيطانية من جديد " نعم .. انا حقير لكني صياد ماهر .. خططت بدقة لأضرب عصفورين بحجر واحد .. احدهما يقع في حضني والاخر يطير فزعاً مني .. وهكذا كان وحصل .. عبد السلام وقع في جيبي وانت ستطير هارباً كما طار اخوك قبلك هاجراً اياك بانانية .."

ما زال رعد يشعر بذاك الشعور انه ميت وانفصل عن جسده يرفض ما يحدث له فينازع فيما انتهى النزاع عليه ليقول " اذن غيداء كانت مجرد ..حجارة ..."

بفخر عجيب يقول وميض مستمتعاً

" تربيتي ... "

تحرك رعد .. تحرك وخطواته تقوده ببطء وكأنها تحمل نعشاً بينما تلاحقه كلمات وميض " سافر رعد ... سافر واستمتع وصاحب الفتيات الجميلات لينسينك حبك الفتي السخيف .. امض الوقت الذي تشاؤه .. شهر .. شهرين .. الى الابد ! "

ساعات امضاها لا يعلم اين اخذته خطواته في العاصمة .. يلف في شوارعها وكأنه كان يلف بنعشه فيها يودعها الوداع الاخير ...

اظلم الليل وهو يترنح مذبوحاً لا يقو حتى على تجميع افكاره ليفهم ما حصل !

من غبائه اخذ يلف على بعض الفنادق المشهورة دون ان يستوعب عما يبحث عنه بالضبط لكنه ايضا لم يجد غيداء ولا عمه ..

لم يعد لبيت عمه حتى منتصف الليل ...

وهناك ماجت روحه بغضب متفجر وقتلته دموع الفتى الغر الذي يبكي حبيبته الخائنة.. خانته وهجرته وها هو وحيد .. ربااااه كم هو وحيد ...

دخل بيت عمه الذي ينتشر فيه الظلام وكأنه يضم عزاء لا زفافاً ...

يهرول على الدرج يتسلقه بانفاس لاهثة ..

لن يبق دقيقة اخرى في الوطن .. سيرحل .. سيهجرهم جميعاً كما هجروه ...

دخل غرفته ثم تحرك لخزانة ملابسه وخلال دقائق كان يجمع كل ما يخصه في حقيبة السفر ...

داخله يموج بانفعال مجنون لا نظير له... يريد الرحيل .. الآن .. يبحث بالادراج عن بغيته حتى وجدها .. جواز سفره وتذكرة سفر وحفنة مغرية من المال ...

فجأة شعر بمن يغلق باب غرفته فالتفت بعنف ليراها !

تقف حافية القدمين بثوب حريري بلون الدم قصير .. فاجر في اغرائه الشيطاني .. شعرها مسترسل حولها .. عيناها الواسعتان فيهما لمعة الدموع !

همست له " كنت اعرف انك ستعود .. لهذا اصريت على عبد السلام ان نبيت في البيت الليلة "

تقدم نحوها وانفاسه تزأر قبل كلماته

" تقولينها هكذا ببساطة ؟! (عبد السلام) ؟! خائنة خائنة .. عودي اليه .. لم اعد اريدك.. "

امسك بذراعيها العاريين يهز جسدها هزاً وهي صامدة لا تقاومه فقط تهمس باسلوبها المهدئ معه " لا تؤلم نفسك هكذا .. انا هنا.."

دفعها بعنف لتتراجع للخلف خطوتين وهو يصرخ فيها " اذهبي اليه .. اذهبي ..."

اقتربت منه خطوة وهي تقول بسيطرة رهيبة

" عبد السلام نائم .. اعطيته منوماً في العصير ولن يستيقظ حتى صباح الغد ولو ملأت البيت صراخاً .."

يرفع قبضتين متوترتين من عنف ما يشعره ليسألها بجنون

" لماذا فعلت هذا بي ؟! لمااااذا ؟"

عادت لمعة الدموع وكأنها تتوجع لحالهما معاً فتهمس له بأنوثة " وهل أملك الخيار ؟ انا مجرد بيدق بيد وميض .."

بأمل واه يقترب منها يسألها باضطراب يحاول ان يكذب على نفسه " هل تقولين انه اكرهك على فعل هذا ؟! هل أكرهك وميض ؟ "

لكنها كانت تعرف ان لا فائدة من خداعه ..

لا تريد خداعه .. انها تريد بقاءه وهو مدرك للحقيقة .. قالت ببساطة

" لا .. لم يُكرهني.. بل رباني على هذا .."

تحجرت عينا رعد وشحبت شفتاه وهو يحدق بلا تصديق فيها ليتمتم " انت... ساقطة !"

ودون ان يفكر كان يرفع كفه ليصفعها

تأوهت " آآآه ..." ثم رفعت يدها لتلامس خدها الساخن المصفوع قبل ان تضيف بنظرة مشتعلة " ربما تعلمت (نظرياً) أعمال الساقطات لأتحضر للدور الذي لعبته .."

ثم أرخت يدها الى جانبها لتتقدم اليه باغراء ونظرات عشق تشع منها هامسة بصوت مبحوح يفيض بالعاطفة التي تكنها له " هذه أنا .. لكنك تحبني .. وانا احبك .. وسط كل قذارات الحياة التي تجعلنا نختار اوسخ الطرق لنصل .."

انحشرت انفاسه رغماً عنه يتأثر بها .. رغماً عنه يتجمد جسده في انتظارها فيتمتم في نضال غير عادل " انت حقيرة .. حقيرة .. انا سأسافر ولن أعود .. لن أعود .."

بدت هلعة ضعيفة للحظة لتقترب جدا وهي تقول بتملك عنيف " لن تتركني .. لن تفعل... وميض حصل على صفقته التي ارادها وعبد السلام حصل على عذريتي قبل ساعات.. لكن ايا منهما لن يحرمني منك .. كفاهما ما اخذاه مني .."

قبل ان يفيق كانت تغيبه من جديد تلصق نفسها به بشوق جنوني تهمس " اشعر بي .. ألم تحلم دوما بلمس جسدي كما تشتهي دون حواجز .."

كان ينهت وعيناه جاحظتان في جوع اجباري لا قبل له على ردعه ...

تقترب واصابعها تعبث بازرار قميصه تفكها على عجل ولهفتها اليه لا تقل عن لهفته اليها..

بمقاومة خرقاء يحاول دفع اصابعها

" أأبـ...ـتعدي .. آآآه ... غيدا...ء..."

حطمته وهي تلامس صدره العاري فيرتجف بقوة فتخلع عنه قميصه ليعاوده شعور المقاومة يحاول دفع اصابعها العابثة به دون ان يملك حتى قدرة النطق فتبتسم بانتصار والنشوى تحرقها كما تحرقه لتقبل عنقه هامسة باغواء شيطاني جعل الغرفة من حولهما وكأنها تشتعل بالنيران " لا تقاوم .. فما بيننا غير قابل للمقاومة.. ما بيننا عشق غرام شغف ... ما بيننا حياااااه ... رعععععد..."

إنهار وهو يضمها بجنون اليه يقبلها بجوع مفترس .. انهار ولم يعد بقادر ان يقول لا ...

خلال دقائق سقط معها على سريره يغرقان اكثر واكثر في وحل قذر يدنسهما معاً .. يشعران بذاك الوحل يلطخهما لكنهما لايقاومانه.. تصرخ غيداء في خضم الانهيار

" كما تخيلتك بالضبط ... حار .. شغووووف.. بالفطرة .. بل انت .. أروع ... أروع يا رعد .."

دموعهما هما الاثنان تسيل وهما يتشبثان ببعض في جنون عاطفة واحتياج فوق ذاك السرير الذي جمعهما في تخبط مشاعر وجوع غريزة .. المشاعر والغريزة اجتمعتا بشراكة ضارية لتنهكه حتى آخر قطرة وتلغي عقله ..

لم يكن يعرف لماذا تسيل دموعه هكذا .. ولا يعرف لماذا تسيل دموعها ....

فقط يعرف انه يريدها معه .. كانت حلمه .. ملجأه .. الدفء والحنان والعشق !

لماذا خسرها ؟! لماذا هي الاخرى ؟!

" آآآآآآآه .. املكني يا رعد .. املكني الآآآآآن "

للحظة اصابة الجمود و رهبة التجربة الاولى تشله لثوانٍ وهو يحدق بعريها المذهب للعقل والادراك .. للحظة غلبه صغر سنه وارتجف كل جسده في تردد اللحظة الحاسمة...

لكنها لم تعتقه وقد ادركت ما يعانيه من تردد طبيعي لمن يمر بتجربة كهذه للمرة الاولى فتحثه بعاطفة مشبوبة وصلت لاوجها واكثر حتى يُتم اخر خطوة..

" املكني رعد... لا تتردد... انا احبك .. اعشقك ... املكني وامنحني تلك البهجة لانسى اي شيء عدا وجودك الآن معك.. املكني وسأكون لك كل ليلة .. كل ليلة عروس لك .. ولن يعلم احد ابدا ... فقط انا وانت ..."

فجأة شعر ببشاعة ما يحصل !

في ظلمة غرفته ينظر اليها وينظر لنفسه فيها.. اجل كانا وجهين لعملة واحدة من البشاعة والقذارة والضحالة .. في الدرك الاسفل منها..

كل شيء تلاشى .. تبخر ...

جدران الغرفة التي كانت تبدو له وكأنها شاشات عرض ضخمة لالعاب نارية تحتفي بهما قد تحولت فجأة لظلام قبيح بارد وخانق ..

تلك الجدران اخذت تطبق على انفاسه وتسخر من فعلته الشنيعة وتلبسه ثوب الخاطئين المُقبر...

ابتعد عنها دفعة واحدة وكأنه يسلخ نفسه من ظلام القبور هذا ... وهي تناديه ...

لكنه لم يكن يسمع .. لم يكن يسمع ..

يرتدي ملابسه وانفاسه باتت كالاحجار الثقال في صدره ...

لم يشعر ان غيداء قد غادرت السرير هي الاخرى بعريها الذي يدعو للمجون وقد اخذت تتعلق بذراعه تحاول منعه من ارتداء قميصه ..

يدفعها موقعاً اياها أرضا دون ان يشعر وقد اهتاج داخله في عنف رهيب يفوق اي اهتياج اخر شعر به اليوم .. ضحكات شيطانية ساخرة لا يعلم من اي مكان انطلقت لتصل مسامع ادراكه وهي توصمه بالعار والخطيئة...

سحب حقيبة سفره وفتح الباب ورحل بخطوات بدت له وكأنه كان يركض هارباً من الجحيم ...

غادر ولم ينظر خلفه .. لا يجرؤ ان ينظر للذنب العظيم الذي ارتكبه ..

لم يخرج من تلك الليلة القميئة الا بنقطة بيضاء واحدة متناهية في الصغر وسط الدنس الذي غرقا فيه..

ربما لا قيمة لها بعد كل ما حصل بينهما ..

لكنها تبقى نقطة بيضاء انه ... لم يخطُ اخر خطوة ليملكها كما اشتهت منه ...

ما زال رعد على جلسته وهو يستعيد ذكرى ذاك اليوم العصيب من حياته ...

تحرك اخيرا ليغادر سريره وهو يمسح وجهه بكفه ... النظرات في عينيه جامدة ترسل القشعريرة لمن يراها ..

لكن لا احد يراه .. لا احد يشعر بخزيه وذنبه الذي سيلاحقه حتى قبره ...

خلال دقائق كان قد اخذ حمامه بهدوء حتى لا يزعج احدا من سكان هذا البيت الكريم الذين استضافوه ...

ارتدى زيا رياضيا خفيفا ليغادر غرفته بنفس الهدوء ... الحمد لله ان المطبخ ملاصق له ولن يؤثر على احد.. انه يحتاج للقهوة .. يشعر بحاجة هائلة لما يعيد اليه تركيزه فيعود لواقعه من جديد حيث يدعي النسيان ....


خرج من غرفته وبينما يغلق الباب بحرص حتى لا يصدر صوتاً أجفله قليلا صوت الحاجة سعاد وهي تقول


" صباح الخير بني .. هل صحوت لتصلي الفجر؟"

التفت نحوها بابتسامة عريضة تلقائية وهو يراها بإزار الصلاة الكحلي ذي الورود البيضاء فيرد تحيتها قائلا بمراوغة " صباح الخير حاجة سوسو.. سأصليها لاحقا.."

تعبس وهي تصر عليه " لا .. اذهب وصليها الآن .. الشمس تشرق .. ثم تعال وجالسني .. لا اشعر برغبة في العودة للنوم .."

يرفع سبابته ليضعها اسفل عينه اليمنى ثم يحركها اسفل اليسرى بالتتابع وهو يقول

" من هذه العين قبل العين الاخرى .. هل ستشربين معي القهوة ..؟ "

فتهز رأسها بحركة طفولية وهي تسأله بفرح

" هل تعرف كيف تعد قهوة تركية ؟"

يغمزها وهو يرد بفخر " كل انواع القهوة تجدينني خبيراً فيها .. فقط اصلي ثم أعود اليك لترشديني اين اجد الاشياء في المطبخ.."



بعد عشر دقائق كانت الحاجة سعاد تضحك من قلبها لفكاهاته بينما هو يمسح الخزانة بالفوطة الخاصة بالمطبخ ليقول بابتسامة عبث شقية " لو رآنا أبودي الآن سيظن بنا الظنون .. وله حق ان يغار عليك .. اذا كنت انا نفسي اغار عليك ..! "


تغرق الحاجة بالضحك وهي تنهره بأمومة قائلة " يا ولد ... كف عن اضحاكي سيتوقف قلبي اقسم بالله ..."

يتقدم منها رعد وبعفوية يميل نحو رأسها ليلثم اعلاه هامساً

" سلم الله قلبك من كل شر.."

بعدها أخذت الحاجة سعاد تهذر وتهذر ..

تكلمه عن رفيقة عمرها بدرية وعن الحاج عقيل الصائغ رحمه الله وعن ابنائها واحفادها واحدا واحدا ... يستمع لها رعد ويستعيد هدوء نفسه تدريجيا ويكاد .. فقط يكاد .. يكاد أن ينسى ما يريد نسيانه ...




بيت العطار .. غرفة رقية ..


الفجر يشق ظلمة الليل ورقية شاردة الانظار تراقبه عبر شباكها بينما يدها تتحرك بشكل آلي بطيء وهي تكوي قميصها ...

اليوم هو امتحانها ما قبل الاخير وغدا سيكون اخر يوم لها كطالبة جامعة ...

كم تشوقت لهذا اليوم .. اليوم الذي تبدأ فيه ببناء مستقبلها بشكل عملي مثمر ...

اذن .. لماذا تشعر بهذه الكآبة ؟!

لماذا تشعر انها تشرد من نفسها بهذه الطريقة؟

لماذا تشعر بالشوق لـ.. ابيها ...

شوق عجيب مرير يوجع القلب ...

تريد ان تتكور في حضنه كما كانت تفعل وهي طفلة صغيرة .. تختبئ هناك لتظن ان حضن والدها هو العالم بأسره ... عالم تملكه هي وحدها ...

انها تذكر حضن ابيها اكثر من ملامح وجهه!

بل تذكر حتى الحكايات التي كانت تنسجها بمخيلتها وتسردها هناك لنفسها وبصوت مسموع.. بينما والدها يستمع ويضحك...

" آآه... "

لسعت نفسها بالمكواة فأخذت تشتم..

ثم تمتمت بحنق " ماذا جرى لاصابعي ؟! لا تكف عن لمس ما يلسعها !"

بغتة قفزت صورة رعد الضاحك لمخيلتها فشعرت بالتوتر الشديد ...

اغمضت عينيها بقوة تحاول محو صورته والتركيز بشكل مختلف فأخذت تحدث نفسها هامسة " تجاهليه رقية .. تجاهليه .. تجاهليه في داخلك وستكونين بخير .. "

ما زالت تغمض عينيها بقوة وهي تشعر ان ثقتها بنفسها تخذلها على نحو غير مسبوق ..!

دوماً كانت ذكية باختيار اهدافها لتحققها..

ذكية حتى بتحديد الاهداف القابلة للتحقق ضمن قدراتها وامكانياتها ..

لكن هذه المرة تشعر ان الهدف من اختارها على نحو قدري ... هدف اختارها ولم تختره !

عاودها شعور الكآبة والحنين فهمست بعينين زرقاوين لامعتين " اشتقت لك .. بابا ..."

يتبع..






التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 10-04-18 الساعة 09:47 PM
كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-04-18, 09:15 PM   #3488

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

جناح عبد الرحمن ورباب ...


" صباح الخير يا قرفة ..."

كان ينظر لوجهها متيماً .. وجهها مقابل وجهه وهي تنام جواره وتتوسد وسادته ... بينما جسدها كله في حضنه وبين ذراعيه يضمه اليه ...

تتمتم وهي ما زالت بنعاس النوم

" صباح .. الخير ..."

يرفع اصابعه ليلامس خدها ثم فجأة يقرصه فتتأوه مجفلة وهي تعاتبه بحنق رقيق

" اووه .. لماذا قرصتني ..؟! "

فيرد بعينين ضاحكتين

" لاتأكد انك حقيقية .. تنامين حقاً في حضني وتحتلين وسادتي بكل ديكتاتورية.."

تتورد لكنها تجادله بالقول " انا لم احتل وسادتك .. انت دوماً من تجرني اليك لتلصقني بك عنوة .."

يبتلع ريقه ويعض شفته السفلى قائلا بصوت مبحوح مشاكس " وهل جعلتك ليلة الامس تبادلينني العشق عنوة ؟!"

هذه المرة تتخضب بالحمرة ليزيد من حمى خجلها هامسا قرب شفتيها " وهاتان الشفتان كانتا تقبلانـ.........."

قاطعته وانفاسها تتسارع حياء " كفى رحمن .. ارجوك .."

يتنهد هامساً " متى تقولينها يا قرفة ..؟ حتى اللحظة لم اسمع منك كلمة (احبك)"

تخجل بشكل مختلف وتحتار ولا تعرف كيف ترد فلا تجد الا ان تمنحه قبلة بارتباك شديد وحالما ابتعدت عاد وقربها اليه يعتصرها هامساً بعاطفة اتقدت من جديد

" افضل من لا شيء ... لكن لن تخدعيني .. سأظل انتظرها .."

فجأة ابتعد بوجهه عنها هامساً بانفاس متسارعة عاشقة لانفاسها " لتثبيت المواقف انا قلتها لكِ بما يتجاوز المئة مرة حتى الآن .. ودينك ثقل جدا معي يا ابنة العطار .."

ثم عاد اليها فتتشبث به بقوة تبادله الغرام غراماً وكأنها تقولها له مئات المرات دون ان ينطقها لسانها ..

رباااه ما هذا الخجل السخيف الذي يحشر الكلام في القلب ؟!



بعد ساعتين ...


كان عبد الرحمن مبتهج المحيا وهو ينزل على درجات السلم حتى وصل آخره وفجأة شعر بمن يمسك ذراعه ويسحبه ثم صوت مغتاظ خشن يهمس له " قل لصديقك أن يخفف من ظرافته ! منذ الصباح الباكر وهو يثرثر مع امي لتكتمل الجلسة بحضور الخالة بدرية ! "

صوت الضحكات هلّت من جانب المطبخ ليميز عبد الرحمن صوت الخالة بدرية مع صوت امه فيبتسم تلقائيا وهو يقول " اذن لقد عادت باكرا من زيارة بيت ابنها .. ظننتها ستبيت لبضعة ليال وليس ليلة واحدة فقط .. رضا سيفرح لعودتها "

كزّ حذيفة على اسنانه وقال " دعك من ام اخينا بالرضاعة وركز معي .. هل استوعبت ما قلته لك ؟"

يكتم عبد الرحمن ضحكاته وهو يتعمد مشاكسة اخيه بالقول " ماذا فعل لك لتعاديه هكذا ؟ ثم ألم تكن متشوقاً لتتعرف بصديقي دراكولا ؟"

يعقد حذيفة حاجبيه بعبوس شديد فيبدو وجهه مخيفاً بشكل مضحك لعبد الرحمن بينما يهدر حذيفة بخفوت " دراكولا.. غريندايزر ... لا تهمني مسمياته .. فقط قل له ان يجمع خفة دمه التي يبعثرها بإسراف على الجميع .."

يواصل عبد الرحمن اغاظة اخيه قائلا بابتسامة مستفزة " غريندايزر !! من اي جيل انت يا رجل ؟! "

يرتخي جفنا حذيفة حتى النصف ليحدق في وجه اخيه الصغير يرد له استفزازه بالقول " من الجيل الذي كان يغير لك حفاظك يا ابن الامس القريب .."

ينفجر عبد الرحمن ضاحكاً لتتعالى بنفس الوقت الضحكات من جهة المطبخ من جديد فيتحفز جسد حذيفة وهو يشعر بالاستفزاز الصبياني فيمسك عبد الرحمن بذراع اخيه يهدئه وهو يحاول السيطرة على ضحكاته قائلا " سأخبره حالا ان ظرفه حالة غير مقبولة في بيت الصائغ .."

ينزع حذيفة ذراعه من اصابع عبد الرحمن ويرفع سبابته في تهديد صامت اخير قبل ان يتحرك ناحية الباب المؤدي للملحق فيسأله عبد الرحمن وهو يتحرك بالاتجاه المعاكس نحو المطبخ " أين خوخة ؟"

دون ان يستدير نحوه يرد حذيفة بخشونة

" اسمها خلود يا مدلل آل الصائغ .. و .. خلوووود التي تسأل عنها قد خرجت لعملها باكراً كالمعتاد.."

يتحرك عبد الرحمن والابتسامة المنشرحة لا تفارق وجهه .. وحالما يدخل المطبخ يكاد لا يصدق تلك الالفة التي يتعامل بها رعد مع الجميع ..

يجلس على الكرسي بوضع معكوس قبالة الاريكة الصغيرة التي تجلس عليها كلا من امه والخالة بدرية .. والاثنتان تبدوان في قمة الاستمتاع وهما تتكلمان معه بانطلاق بينما رعد يستمع ويلقي النكت بين الفينة والاخرى مما يجعلهما ضاحكتي الوجه على الدوام ..

من حق حذيفة ان يغار منه !

صديقه دراكولا ينشر تأثيره السحري بسرعة عجيبة .. فيه شيء يجعل الالفة معه تلقائية .. محببة .. طبيعية للغاية ..

ألقى عبد الرحمن التحية ليدخل اخوه رضا في نفس الوقت عبر باب المطبخ المطل على المرآب ...

يقف رعد باحترام وهو يبعد كرسيه عن الطريق بينما يتقدم رضا بهيبته فيراه رعد كيف يميل برجولة ليقبل الخالة بدرية قائلا بنبرة تمس القلب " اشتقت لك اماه .."

لتلثم الخالة بدرية لحيته وهي تقول له بحب متدفق واضح " قلبي اشتاقك اكثر يا حبيب اميّك .."

يضحك رعد بخفة وهو يلمح الحاجة سعاد تبدي غيرتها من تدليل بكرها لامه الثانية ويظل يراقب بفضول كيف يراضي رضا الصائغ اميّه وهما تجلسانه وسطهما فينعم بحبهما معاً .. بل تتنافسان حبه كما تتشاركانه ...

كان غارقاً بعمق فيما يراه عندما اخرجه صوت عبد الرحمن وهو يسأله " رعد .. ألن تغير ملابسك وتأتي معي ؟"

فيلتفت اليه رعد قائلا بصوت منخفض

" اليوم لدي عمل على حاسوبي .. ربما سأقعد في مقهى قريب اشرب القهوة و .."

يقاطعه صوت الحاجة سعاد وهي تقول " بل ابق معنا .. اي قهوة سيئة هذه ستشربها خارج البيت ؟! "

يتحرج رعد بعض الشيء وهو يشعر بوجوب مغادرته للبيت في غياب رجال آل الصائغ ..

ثم تتعلق نظرته بنظرة ابي جعفر للحظات طوال قبل ان يقول رضا بهدوء " البيت بيتك يا رعد .. والحاجة سعاد سيؤنسها ان تكون معها في النهار حيث لا احد منا في البيت .. واظن عبد الرحمن سيعود قبل منتصف النهار.. وانا نفسي سأعود وقت الغداء.."

للحظة لم يستطع رعد ان يزيح عينيه عن هذا الرجل .. رضا الصائغ ...

رجل غير عادي .. فيه بساطة شديدة وفي نفس الوقت عمق دافئ ..

رجولته مشعة عبقة برائحة المسك الذي يستخدمه كعطر .. فطن بالفطرة ويبدو وكأن له حدسه بالناس..

لا يعلم لماذا أثرت به نظراته لهذا الحد ..

لماذا يشعرها فيها معانٍ كثيرة ..

وكأنه يمنحه الاحتواء دون ان يهمل التنبيه لحرمة بيته ... هز رعد رأسه وهو يتمتم

" كما تشاء يا ابا جعفر .."

فيكتفي رضا بالابتسام واصابع يده اليسرى تتلاعب بخاتم مميز في بنصره الايمن .. ابتسامته عجيبة كنظراته ..

لم يلتق برجل كهذا من قبل..!



حي الشيخ ...


يلتهم البيض من الصحن التهاماً .. يستخدم اصابعه لتقطيعه ثم رفعه وحشره في فمه بشهية مفتوحة ... لقد طلب منها ان تقلي له ست بيضات دفعة واحدة .. فيأكلها بشراهة منفرة بعض الشيء لكن في نفس الوقت يبدو لها وكأنه مرت سنوات لم يأكل !

تجلس حسناء على السرير ترقع بملابس قديمة لوالدها .. لا تعلم لماذا شعرت بحاجتها لفعل هذا .. بينما تحسين يجلس على الاريكة الوحيدة في المكان يلتهم طعامه وعيناه لا تحيدان بعيدا عنها..

أنهى صحنه ثم يمسح فمه بكم الجلباب وهو يطلب منها " اريد شايا .."

تهز رأسها بنعم وهي تتحرك لتغادر السرير وتضع ما تخيطه جانبا ...

عيناه تفترسان مشيتها .. تفترسان قدها المتحرك من تحت جلبابها .. تفترسان وجودها كله ... هذا هو الجوع الذي لن يعرف الشبع ابداً ...

ليلة الامس نامت جواره .. انها المرة الاولى التي ينام قربها ليلا دون تأثير الخمر ...

في البداية كانت متصلبة وبعيدة في طارف السرير وكأنها تخشى ان يتراجع عن وعده لها.. لكنه ويال الغرابة لم يتراجع ...

فكانت جائزته الكبرى ان يراها تسترخي ثم تغفو ثم..تتقلب امام ناظريه المسهدين ...

اراد ان يلمسها فقط .. ان يشمها .. لكن لم يفعل .. لم يرد ان يخسر ما يراه ويشعره ..

"تفضل ..."

ينظر لكأس الشاي في يدها فيرفع نظراته اليها ويتمتم في سره

" رباااه يا لَ هذا الحُسن الذي حباها الله به ..."

ياخذ الكأس من يدها لكن تمتد يده في نفس اللحظة لتتشبث بجسدها ..

تجفل وتقاوم بارتعاش رعب تلقائي تعوده منها بينما يرتشف من شايه مصدراً صوتاً عالياً ثم يقول " لقد نحلتِ .. لماذا لا تأكلين .."

لا تنطق بشيء .. فقط هلعها يطفو على السطح وهي تحاول التهرب منه دون ان تثير غضبه فيضيف بصوت مبحوح ويده تتجرأ اكثر على جسدها " اريدك ممتلئة رياااانة .."

لم تحتمل وهي تسلخ نفسها بعيدا وانفاسها تتحشرج تحدق فيه بارتعاب واضح ...

تتصلب ملامح تحسين ويضع الشاي جانباً ثم يقف على قدميه ويقترب منها وهي تتراجع للخلف حتى ارتطمت بالسرير فتتجمد هناك وعيناها متسعتان بوجل ..

يقف قريبا جدا بل يلصق جسده بجسدها بشكل متعمد منفر خشن لكنه يفاجئها بالقول الخافت

" اذا استحممت كل يوم .. هل .. ستتقبلينني حسناء؟"

تحدق فيه وقد عجزت عن فهم ما يرمي اليه حقاً من سؤاله .. ليضيف تحسين وملامحه تتوتر بشكل أخافها أكثر " اذا اخبرتك اني.. لن اقرب امرأة عداك قط .. هل ستسلمينني نفسك وانت راضية ...؟ هل ستعاملينني جيدا ؟ هل ستأكلين معي ؟ "

ينظران لبعض .. هي لا تصدقه .. بل ربما لا تصدق انه قادر على ما يعدها به .. والانكى ان حتى وعوده هذه ليست كافية لتتقبله ..

لا تعلم من اين نبغ حدس الانثى لتستغل هذه اللحظة والفرصة وتسأله بتضرع

" دعني أعود للعمل يا تحسين .. اتوسل اليك.. "

قدحت عينا تحسين بالرفض وهو يعبر عن رفضه بالقول " العمل.. لا ... يا حسناء .. "

تتوسله عسى ان تستطيع اقناعه

" ارجوك تحسين... اشتقت الحلال .."

صرخ فيها وهو يبتعد عنها كمن لدغته أفعى

" قلت لك .. لاااا .."

لكنها لم تيأس لتواصل رجاءها منه علّ قلبه يرق لكلماتها " انا اشعر اني كسجينة هنا .. دعني اقضي وقتي واكسب لقمتي بحلال يشبعني .. فأنا لا يشبعني غير الحلال .."

زمجر بصوت مخيف واقترب بخطوة خاطفة اعادتها لشعور الرعب فترفع يديها عفوياً تحمي نفسها منه وهي تتوسله باختناق الذل والخوف " لا تؤذني ارجوك ..."

يرفع قبضته وبدلا من أن يضربها فإنه يضرب رأسه بعنف هادراً " اللعنة ......"

ثم يبتعد ليخلع عنه الجلباب رامياً اياه بعنف ثم يرتدي ملابس خروجه ليتحرك بعدها نحو الباب وهو يسب ويشتم ...

كانت قد انكمشت متعلقة بحافة عمود السرير النحاسي وهي تراه يوشك أن يغادر لكن قبل ان يفتح الباب يتسمر مكانه لحظات ودون ان يلتفت يأتيها صوته متشنجا للغاية " انت لم تردي على سؤالي ! قلت لك اذا استحممت وامتنعت عن النساء الاخريات .. هل ترضين؟"

لم ترد ... فيلتفت نحوها صارخاً

" ردي يا امرأة ! هل أكلم الحجر ؟!"

فتهمس باختناق وعيناها جاحظتان رعباً

" كيف تريدني ان ارد ؟! انا اخافك ومرعوبة منك حد الموت .. وانت تبتهج بشعور الخوف هذا من كل ممن حولك.."

وجهه الغاضب المتجهم لم يتغير وهو يقول

" هل تصدقين.. انت فقط دوناً عن باقي البشر لا اريدك ان تخافيني !"

ظلا يحدقان ببعض ..

هي لا تعرف ما تقوله له كرد .. لا تعرف علاجا ناجعاً يطهره ويشفيه من شيطانه ..

لا تعرف كيف تقنعه بالحلال الذي يرفضه..

وهو يحدق يريدها ان ترضى به كما هو .. قد يتنازل عن بعض ما يؤذيها منه لاجل رضاها ذاك .. لاجل ان يشعرها تقبله ولو قليلا .. لكن ابدا لن يستطيع التخلي عن (تحسين) الفتوة الذي يرعب كل من حوله ...

لن يعود صغيراً تدوسه الاقدام ويسحقه الفقر والذل ... ابدا لن يعود .. حتى لاجل حسناء ..

قست نظراته وهو يأمرها قبل ان يغادر

" لاتغادري البيت ابدا .. هل فهمتِ ..."





المدرسة


تبحث عنها عيناه وقلبه الخافق يرتج في صدره شوقاً وعشقاً.. يناظر الممرات في المدرسة يميناً وشمالا ولم يجدها ..

مرّ من امام مكتب الادارة فيتجاوزه ببضع خطوات عندما لمحها اخيرا في نهاية الممر تكلم احدى زميلاتها المعلمات وبضع اطفال يتراكضون من حولهما .. تجيش مشاعره في صدره حتى تكاد تشقه نصفين ..

هل يعقل سيصمد لاسبوع حتى يجس نبضها ويتأكد .. يا قلبه اذا استطاع واحتمل وفعل ..

يتحرك خطوة واحدة نحوها عندما اوقفه صوت المديرة من خلفه وهي تناديه

" خليل .. بني .. تعال لو سمحت .."

شعر بالغيظ ويكاد يفقد زمام سيطرته ليترك المديرة تقف حيث هي ويتجاهل نداءها .. لكن المديرة رضاب اعادت النداء

" خليل .. خليل .."

فتنهد وهو يلقي آخر نظرة ليراها تضحك لشيء قالتها زميلتها ويا لهف قلبه كيف سيفعلها ويبوح ... ترا هل ستضحك له يوماً هكذا ؟!

استدار محبطاً صاغراً ليرد نداء المديرة التي تقارب عمر والدته قائلا

" نعم .. ست رضاب ؟"

فتبتسم بوجهه ابتسامة وقورة وهي تفتح باب مكتبها وتقول " تعال معي الى مكتبي .. اريد ان اتناقش معك بشأن الصفوف الخلفية "

اخفى تنهيدة اخرى بينما يعود اليها فتفسح له طريقاً ليسبقها الدخول الى الغرفة ..

في نهاية الممر ودّعت شذرة زميلتها وتبتسم في وجه الاطفال الذين يحتفلون بآخر يوم امتحانات باسلوبهم الصاخب ...

" صباح الخير انسة شذرة .."

التفتت شذرة لترى الاستاذ مصعب يقف مكانه وهو يحدق فيها بنظرة غريبة ..

ردت تحيته " صباح الخير .."

تنظر اليه باستغراب ليتقدم منها خطوة قائلا

" اريد عشر دقائق من وقتك .. هناك موضوع خاص .. وعاجل .."

رمشت بعينيها وهي تقول بدهشة تلقائية

" تكلمني انا ؟! لكن .. الحافلة .."

يفند حجتها قائلا " الحافلة لن تتحرك قبل نصف ساعة .. ارجوك انسة شذرة .. فقط عشر دقائق .. هل يمكننا الذهاب لغرفة المعلمين.. انها خالية الآن .."

بحزم ردت " انا اسفة لا استطيع الانفراد بك هكذا في غرفة خالية .. لن يكون مناسبا.."

فاقترح بإلحاح " حسن .. اذن اخر الممر الاخر هناك.. فقط كي أتكلم براحة دون ان يسمع حوارنا الرائح والغادي.."

تمتمت بتوتر وقلبها يتسارع بحدس ينتابها

" نعم ..."

بعد دقائق كانت شذرة تحدق بوجه مصعب تستوعب مفاجأته .. تستوعب نظراته المختلفة اليها .. تستوعب التوقيت العجيب لطلبه ... ترى هل هذه اشارة لترضى نصيبها؟!

يأتيها صوت مصعب الاجش وهو يلح بنبرة عاطفية متلهفة

" ارجوك شذرة .. اتصلي بخالتك الآن لاخذ موعدا غدا الخميس حتى نحضر للزيارة ... امي متلهفة لتلتقي بك وبأهلك .."

اتسعت عيناها بمزيد من الصدمة وهي تتمتم

" غدا ؟ بهذه السرعة ؟ "

يبدو انه شعر بهلعها وارتباكها العفويين فحاول ان يهدئها بالقول " فقط للتعارف .. لا تقلقي .. امي تنتظر ردا مني الآن .. لا تتخيلين مدى فرحتها لاني قررت اخيرا الزواج .. اخواي الاكبر مني والاصغر تزوجا ولم يتبق الا انا "

كانت في قمة الارتباك وتحتاج حقاً ان تكلم خالتها ابتهال .. ليس فقط لتسألها بل لتمنحها ثباتاً وسط التخبط الذي تشعره ..

يحثها مصعب وهو يبتسم " هيا .. شذرة .. فقط خذي رأيها بموعد الغد للتعارف .."

أخذت شذرة تهز رأسها وكالمخدرة اخرجت هاتفها واتصلت بخالتها ابتهال ..

مرت دقائق وشذرة تواجه الحائط وتولي ظهرها لمصعب الذي يقف على بعد مترين مانحاً اياها خلوة في المحادثة مع خالتها ..

تستمع شذرة بذهن مشتت لخالتها وهي تقول بفرح وترحاب " ما شاء الله.. هل هو شاب جيد يا ابنتي ؟"

ردت شذرة بشكل آلي " نعم .. خالتي .. أظن ذلك.. "

ثم ترتبك وهي تضيف " لا اعرف خالتي .. لا اعرف لماذا اشعر هكذا .. مرتبكة ومشتتة.. هل .. هذا طبيعي ؟!"

تحتوي الخالة ابتهال ارتباكها وان لم تحزر لماذا تشعر شذرة بكل هذا الارتباك الغريب لتقول لها بأمومة " لا ترتبكي هكذا حبيبتي .. انت فقط خجولة اكثر مما يجب .. تذكرينني بنفسي وانا في عمرك .. باذن الله يكون من نصيبك اذا كان يستحقك "

ثم تضيف الخالة ابتهال بجدية " اسمعيني شذرة .. أكدي عليه ان هذه ستكون زيارة تعارف بسيط فقط .. "

فتهمس شذرة " نعم ..."

لتعود الخالة وتوصيها بحزم " شذرة .. لاتخبري احدا الآن .. ولا حتى خلود .. لا نريد ان ننشر الخبر حتى التقيهم بنفسي .."

فترد شذرة " حاضر.. خلود خرجت من المدرسة بسيارة اجرة .. لديها موعد في مستشفى تخصصي لحالتها .."

ثم قالت ابتهال اخيرا " جيد .. اذن اعطه رقم هاتف بيتنا لتتصل بي امه بنفسها وتطلب زيارة التعارف .."

ترقرقت دمعة عجيبة في عينيها وشعرت شذرة ان قلبها ينقبض ...!

لكنها أطاعت وقالت " سأفعل خالتي .."

أنهت المكالمة واستدارت لمصعب بنظرات مطرقة للارض وخلال اقل من دقيقة كانت تخبره بما قالته خالتها ابتهال وتعطيه رقم البيت ثم تنسحب مسرعة لتلحق بالحافلة ومصعب يتنفس الصعداء ويبتسم بثقة انها ستكون من نصيبه ..

يتبع..






التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 10-04-18 الساعة 09:46 PM
كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-04-18, 09:17 PM   #3489

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

الجامعة

ساهمة شاردة في حالة سلبية تكرهها ولا تجيد تفسيرها مما يثير غيظها وكآبتها أكثر..

تسير في الرواق الطويل للقسم لتغادره بينما ترد على زميلاتها وزملائها بلا اهتمام ..

غادرت مبنى القسم وكانت ستحيد يميناً للساحة العامة عندما واجهها الدكتور سامان بابتسامته الجذابة الذكية ...

انيقا دون اسراف في ملبسه ويحمل حقيبته الجلدية البنية لتعطيه هيبة ومزيدا من الجاذبية ...

ابتسمت له طواعيا بينما يسألها باهتمام

" كيف امتحان اليوم يا رقية .."

فترد عليه تحاول التغلب على كآبتها بالقول

" الحمد لله أجبت بشكل ممتاز..."

تلتمع عينا الدكتور سامان بذكائه اللماح ليسألها " اذن لماذا تبدين .. حزينة او ساهمة هكذا ؟"

فترد بحيرة حقيقية " لا اعلم يا دكتور .. ربما هي من كآبة التخرج .. "

فيرد وهو يرفع حاجبيه ببعض الاعجاب المحبب " مثلك لا يعرف الكآبة .. انت حيوية للغاية ومفعمة الانطلاق .."

شعرت بتحسن مباشر خفف عنها شعورها السلبي ذاك لتشكره بصدق

" شكرا دكتور سامان .."

يبتسم لها برضا ثم يقول بنبرة ذات معنى

" غدا الامتحان الاخير .."

فترد وهي تستعيد ثقتها

" اجل .. لكنه أسهل مادة عندنا .."

تتسع ابتسامته ليقول ببعض المراوغة الحلوة

" هذا جيد .. أردت أن اقول لك ان كانت اجابتك في امتحان اليوم والغد بمستوى اجاباتك بامتحانات الايام السابقة فأستطيع ان اقول وبثقة (مبروك يا معيدة) .."

ارتفع حاجبا رقية عالياً لتهتف بفرح حقيقي غامر " حقاً دكتور سامان ؟!"

للحظة برقت عيناه بشكل مختلف وهو يحدق في وجهها ثم تعود نظراته لطبيعتها الحلوة قائلا " نعم .. اليوم أطلعت بنفسي على نتائجك .."

ثم يرفع سبابته في وجهها قائلا بتحذير رقيق

" لكن هذا سر بيننا .. لا تخبري احداً .."

تضحك رقية بخفة لترد عليه " مؤكد دكتور .. شكرا جزيلا لك .."

كانت تشع راحة وسعادة الآن مما جعل الدكتور يقول لها " سعيد ان اعيد لوجهك تألقه وابتسامته .."

للحظة شعرت رقية ببعض الاستغراب نحوه لكنها تمالكت نفسها قائلة " شكرا لك .."

ثم يتلاشى استغرابها وهو يكلمها باسلوبه المعهود موصياً اياها بنبرة عملية " الفترة القادمة يجب ان تتواجدي في القسم .. وجودك ضروري .."

فتعده رقية مؤكدة بجدية " سأفعل .. لاتقلق.. كل يوم ستجدني امامك .. ولن أخذل ثقتك بي ابداً "

فيكتفي الدكتور سامان بابتسامة ودودة ثم يلقي التحية ويكمل طريقه في الاتجاه المعاكس .. تغادر رقية الجامعة وتكاد ترقص وتتمايل من شدة الفرح والابتهاج ...





شقة مهند


اخذ مهند يحرك اثاث الشقة يمينا وشمالا وانفاسه تتسارع .. وبغيظ وعناد لتسارع انفاسه دلالة تعبه كان يحمل جسده المزيد من التعب ..

باب شقته كان مفتوحاً و عامل يغادر مع انتهاء عمله بايصال منضدة مكتب وكرسي جلدي انيق ...

الهاتف محشور بين خد مهند وكتفه وهو يواصل حواره مع صديقه مجد قائلا

" نعم استقلت اليوم رسمياً ..."

فجاءه صوت مجد المذهول " لماذا تسرعت هكذا يا مهند ؟! لماذا لم تقدم على اجازة طويلة .."

فيرد مهند بشقاوته المتأصلة فيه

" هذا جزء من حلاوة الامر .. المجازفة .."

ما زال مجد متخوفاً فيبدأ قوله بالاعتراض

" لكن يا مهند ..."

يقاطعه مهند قائلا وهو يدفع الكرسي الجلدي" لاتهتم بقراراتي ولست مجبرا على الاستقالة مثلي يا مجد .. تستطيع ان تأتي للعمل معي بعد العصر .."

يصمت مجد كمن يفكر ويقلب الامر في رأسه بينما يضيف مهند ليشجعه " انا اعلم ان لديك الان طفلان وربما الثالث في الطريق وتحتاج لدخل اضافي .. وفي اسوأ الاحوال ان وجدت الامر صعباً عليك لا تقلق انسحب فوراً ولن اعاتبك .."

تنهد مجد ليقول حاسماً امره

" حسن مهند انا قررت .. سأكون معك وسأتفرغ لك خلال يومين .."

جاء صوت صغيرته من ناحية باب الشقة المفتوح " بابا .. بابا .."

يبتسم مهند تلقائيا لوجهها بينما يسمع مجد يقول له عبر الهاتف " اذهب لابنتك .. اراك قريباً .."

ينهي مهند المكالمة ويضع هاتفه جانبا ثم يجثو على ركبتيه ليستقبل ابنته بين ذراعيه يحتضنها ويدغدغها بقبلاته في رقبتها متمتماً بعفوية " حبيبة بابا .."

تدخل جوري لتقف على بعد خطوات منهما متشنجة ببعض التوتر التلقائي حالما سمعت كلمة التدليل رغم قناعتها باختلاف المقصد عن الماضي عندما كان ينادي ابنته (حبيبة بابا) لكنها تظل في داخلها وجع انثى لا تنسى جرحاً ...

شمخت وهي تقول بهدوء " مرحبا مهند .."

رفع نظراته اليها وبينما يقف وهو يحمل الصغيرة بين ذراعيه فاجأته بتسريحة شعرها فقال عفوياً " لقد قصصتِ شعرك ! متى ؟ "

ردت بنبرة حيادية لا تحمل اي خصوصية

" صباح اليوم .. الجو حار جدا .."

يبتسم ثم يقول بتقييم رجولي" يليق بك .."

تمتمت " شكرا .."

ثم تلمع عيناه قائلا بابتسامة مختلفة

" لكن احبه طويلا ... احبه جدا .."

سطعت نظرة من عينيها الرائعتين فتتسع ابتسامة مهند بمزيد من الشقاوة والحرارة العاطفية العفوية منه ثم يحني جذعه لينزل صغيرته ارضا وهو يقول لها

" اذهبي والعبي في غرفتك يا حلوة .."

تركض قطر الندى بينما يوصيها والدها

" اغلقي باب الشقة حبيبتي .."

تهتف بحماس " حاضر بابا ..."

تنفذ ما طلبه منها وتواصل ركضها لغرفتها ووالدها يبشرها بما سيفرحها

" ستجدين العابا جديدة قطرتي .."

اختفت الصغيرة بضجيجها المحبب ليبقى والداها بمواجهة بعض في وقفة صامته ..

قطع الصمت مهند وهو يشوح بذراعيه جانباً ليسأل جوري بخفة

" ألن تسألينني عن كل هذا ؟"

ردت بهدوء مثير " لا ...."

لكنه لا يهتم بلا مبالاتها تلك ليشرح لها بحماسة " انه عملي الجديد .. مكتب لبيع وشراء وتأجير الxxxxات .. لقد استقلت من شركة الاعلانات هذا اليوم .."

للحظة تخيل انها ستوبخه لكنها فاجأته وهي تقول له بجدية وتقدير حقيقي ضمني

" مبروك .. انت بارع في الترويج والاعلان وبارع في الاقناع مع الزبائن وحسن التعامل معهم كما لك عقل تجاري يجيد المجازفة بالفطرة ..."

كانت المرة الاولى في حياته كلها يجد من يصفه بهذه الصفات !

قال بصوت أجش وهو يقترب منها " هذه المرة الاولى التي تقولين لي كلاما كهذا .."

تغبرت تعابيرها وضحكة خافتة متهكمة سبقت كلامها المبطن " بل قلته كثيرا لكنك لم تكن... تسمع .."

وقف قبالتها مباشرة ينظر لوجهها المبهر دون أن يرد على كلامها الاخير ..

حدسه كرجل يخبره أنها تتأثر باقترابه هذا بينما تقول له وهي لا تنظر اليه

" اردت ان اخبرك.. بأمر ..."

بصوت رجولي خافت يقول

" كلي اذان صاغية "

رفعت عيناها مجددا نحوه وقد استعادت ذاك الهدوء الجليدي لتقول " أنا سأبدأ بالعمل عصراً لساعتين او ثلاث يومياً .."

سؤال مر عبر شفتيه تلقائيا " مع من ؟"

عيناه متملكتان غيورتان متحفزتان وعيناها متحديتان رافضتان تملكه وغيرته وتحفزه !

ردت من بين اسنانها لتعبر عن رفضها هذا

" لا يخصك مع من .. انا لااخذ منك الاذن.."

يقترب فتبتعد بينما يسألها بنبرة خافته

" اذن لماذا تخبرينني ؟"

فترد بتفسير منطقي يحجم من علاقتهما قائلة " لاني كنت سأقترح عليك ان تأخذ قطر الندى في هذه الفترة من كل يوم .. اظننا يجب ان نتفق على هكذا امور حتى نراعي ابنتنا بشكل صحيح ولتراها بشكل يومي ايضا لاجلها ولاجلك .. "

يتقدم مرة اخرى وعيناه في عينيها بينما تتراجع هي حتى احتجزها بينه وبين الحائط ليسأل بنبرة ملحة خطيرة " مع من ستعملين ؟"

رفعت يديها لتبعده عنها لكنه يطوقها ويحاصرها ويأبى التزحزح فتنهره بالقول اللاهث من شدة الانفعال " ابتعد مهند .. لا تكن طفولياً .."

لكنه يصر قائلا وانفاسه تلفح وجهها

" ليس قبل ان تخبريني .."

تبرق عيناها بالغضب والتمرد لتقول له " لن أفعل ...لستُ ملزمة باخبارك بأي شيء .. يخصني .. هل فهمت ؟! "

هذه المرة ألصق جسده بها ويميل بفمه ليلامس خدها بلمسة كالريش فترتعد رغماً عنها لكنها تقاوم بعنف رهيب لتقول بغضب حقيقي " ماذا تفعل ؟! أجننت ؟! "

كان يلعب معها دورا صبيانيا شقياً يثير فيها حنيناً ترفضه .. يضحك بخفوت ثم يقول بشقاوة عاطفية " اذا كنتِ لا تريدين مني تهوراً اخبريني وسأبتعد في نفس اللحظة ..."

هتفت اسمه بمزيد من الغضب " مهند ! ابتعد أقول لك .."

فيرد عليها بعناد " لن ابتعد .. ولن يعجبك ما سيحدث بعدها ان لم تخبريني .."

شعرت انها بموقف ضعف يجب ان تخرج منه بأي ثمن فتنازلت وهي ترفع وجهها بكبرياء امام وجهه لتقول بحزم

" مع صديقتي سناء .. ابتعد الآن ! حالا وفوراً "

للحظة ابتسم قبل ان يبتعد ويمنحها الفرصة لتتنفس الصعداء ثم عقد حاجبيه قليلا وهو يتساءل " سناء المحامية ؟"

ترد عليه وهي تستعيد رباطة جأشها وبرودها

" نعم .."

بنفس العبوس يتساءل بعجب " وماذا ستفعلـ..."

قاطعته بانفعال قائلة " كفى مهند ... لا تتدخل بحياتي .."

يتخفف عبوسه ليضع يديه في جيبي بنطاله قائلا باستفزاز " انت زوجتي حتى اللحظة .. وستظلين زوجتي في عرفي حتى مماتي .. ومن الطبيعي ان اتدخل في كل ما يخصك .."

تنهدت وهي تقول بجدية " حاول ان لا تكون طفوليا وتتجاهل الواقع بهذه الطريقة التي تتبعها .. انا انفصل عنك .. استوعب هذا وواجهه .."

فيفاجئها بالسؤال " امممممم .. الست حاملا ؟"

هتفت بانفعال رغماً عنها " لا ..."

فيبتسم بنظرة شقية ويقول وكأنه لايشعر بما تعانيه

" ربما سنحاول من جديد في وقت اخر .."

ترفع يدها لتمررها على جبينها وهي تقول بيأس " رباااه .. انت لن تكبر ابدا .."

يغيظها وهو يضحك !

كأنه مستمتع بما يحصل ولا يأخذ طلاقهما على محمل الجد !

أخذت تحاول تهدئة نفسها لتسأله بجدية

" الآن اخبرني .. هل انت راغب بابقاء قطر الندى معك كل يوم بهذا التوقيت ؟"

يميل برأسه جانباً وهو يقول بمناغشة

" انا .. راغب جدا .. قطر الندى و.. أم قطر الندى لو شاءت .."

تتجاهل مناغشته لتواصل اسلوبها الجاد بالسؤال " ألن يؤثر عليك .. ربما ستشغلك عن عملك الجديد..؟"

يهز كتفيه وهو يقول بتأكيد

" لا عليك سأتدبر امري .. لها غرفتها التي تلعب فيها او اذا رغبت ان تنام .. واذا اردت الخروج سآخذها معي او ربما اعيدها بنفسي الى بيت عائلتك اذا لم استطع اصطحابها في مشاويري .."

ردت براحة اخيرا " اذن اتفقنا ... انا سأبدا مع سناء ابتداء من السبت القادم .. "

يهز رأسه موافقاً بابتسامة ناعمة ..

تستدير جوري وهي تلقي التحية لتغادر بينما تشعر بمراقبة عينا مهند لها في صمت ..

عند الباب استدارت اليه تناديه " مهند ..."

فترى عينيه بانتظارها وهو يرد " نعم ..."

لا تعلم لماذا شعرت ان عليها واجب قول ما ستقوله وقد فعلتها بصدق وهي تتمناها له

" بالتوفيق في عملك الجديد .. دوماً اردتك ان تبدأ في عمل خاص يغير من روتين حياتك الذي كان يصيبك بالملل ..."

اتسعت عينا مهند قليلا وهو يحدق فيها بينما تفتح هي الباب وتغادر تاركة اياه في وقفته تلك يحاول ان يتذكر الكثير مما تناساه عقله عن عمد و.. غباء..

لثلاث سنوات كان يعيش مع جوري اسماً وهو يقصيها جوهراً .. اقصى روحها وعقلها وقلبها.. يكاد لا يستوعب كيف لا يتذكر انه سمع منها هذا الكلام من قبل ؟!

يتبع...



التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 10-04-18 الساعة 09:55 PM
كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-04-18, 09:20 PM   #3490

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

وسط الشارع بين بيت الصائغ وبيت العطار

ترجلت من سيارة الاجرة وهي تشعر ببعض الصداع لكن مؤكد لا شيء سيفسد عليها فرحتها اليوم ... لقد ضمنت التعيين ...
فتحت حقيبتها الجلدية لتخرج المال من حافظة نقودها لتعطيها الى سائق سيارة الاجرة البليد ..كان بليدا للغاية وطوال الطريق يدور الراديو على محطات بث اذاعي بتذبذبات غير مستقرة تجعل الاصوات الصادرة مزعجة ... وعندما طلبت منه ان يخفض الصوت تأفف ليطفئه متذمرا بكلمات لم تفهمها .. لكنها لم تبالي ...
مدت يدها بالنقود للسائق فنظر اليها الرجل نظرة امتعاض ورفع حاجبا وانزل اخر قبل ان يقول ببرود مستفز " لا يكفي !"
عقدت رقية حاجبيها وهي تتساءل بتجهم
" ماذا تعني لا يكفي ؟! هذا ما اتفقنا عليه .."
ينظر ليدها الممدودة بالمال ثم ينحني نحو علبة سجائره المرمية جواره ثم وبكل برود يلتقط سيجارة يضعها في فمه ويشعلها ليقول بعدها بنفس البرود المتعمد
" لم اكن اعرف اني سأدخل لعمق الحي .."
بدأ يزعجها حقاً فردت بانفعال ساخر
" وهل دخلت لعمق كهف ؟! اننا نبعد شارعين فقط عن الشارع العام .."
مج من سيجارته وهو يحدق في وجهها بلا مبالاة ثم نفث الدخان قائلا " قلت لك .. لا يكفي.. اذا لم يكن معك فادخلي بيتك واحضري مزيدا من المال .."
لم تشعر بمن جاء خلفها ليقف ويضع اكياس البقالة أرضا بحركة حادة متعمدة للفت انظار سائق الاجرة ثم يتدخل قائلا
" اعتبرها دخلت وخرجت بي انا .. ما رأيك هل أكفي لتسديد الحساب ؟!"
التفتت رقية لترى رعد الذي زحزحها بطريقة ما ليأخذ مكانها قبالة شباك سائق الاجرة الذي قال له بسماجة " ومن حضرتك ؟!"
تراقب رقية الحوار وهي تشعر بالغيظ !
من اين جاء رعد ؟! وكيف تدخل في امر يخصها ولا يعنيه لا من قريب ولا من بعيد !
فتحت فمها لتوقف تدخله وتتولى الامر بنفسها عندما رد رعد على سؤال السائق قائلا
" انا اخوها بالرضاعة .. ابنة خالة عمتنا أرضعتنا سوية .. يا سبحان الله وكأنه حدث بالامس فقط ! وها هي تمر الايام سريعاً لأقف مع سائق أجرة في حر ظهيرة صيف يفسد علي مزاجي اللطيف ليحوله الى النقيض في ثوان.."
ضحكة ضج بها صدرها وكتمتها بشق الانفس ..
هل تستطيع ان تنكر خفة دمه ؟!
وبينما هي تكتم ضحكتها كان السائق البليد يعبس وهو يتساءل باستهجان
" هل تهددني ؟! "
يهبط رعد بكفيه بقوة فوق حافة الشباك بينما يرفع رعد حاجبيه ليقول بابتسامة وتعابير حملت شراسة مبطنة رغم اسلوبه المتفكه " لا سمح الله يا رجل ! انا اشرح لك صلة قرابتي بها فقط ... هلا تتفضل بغرفة الضيوف عندنا تشرب الشاي وتتعرف على باقي العائلة..؟ مع اني اشك انك ستحفظ كل الاسماء والوجوه .. كما أشك ان تلقى ترحيباً يعجبك .."
تأفف الرجل وقرر الانسحاب محتفظاً بماء وجهه قائلا وهو يمد يده " اعطني مالي لارحل.. فليتب علينا الله من هذه المهنة !"
بسلاسة اخذ رعد المال الذي ما زال في يد رقية ليعطيها للسائق قبل ان يتحرك الرجل بسيارته وهو يطلق الشتائم ...
يضع رعد يده على صدره وهو يسبل اهدابه ويبتسم بحركات مسرحية قائلا لرقية
" ارجوكِ لاتخجليني ! لا داعي للشكر على الاطلاق ..."
عضت طارف شفتها السفلى تقاوم رغبتها الرهيبة باطلاق ضحكات رنانة بينما تعبس عن عمد لتقول لها بترفع وسخرية " هل انت ظريف هكذا منذ الولادة ؟"
فجأة رفع نظراته ليحدق فيها باستمتاع حقيقي لا يخفيه ثم يغمزها غمزة عفوية جعلت قلبها يرتج في صدرها .. ربااه انها المرة الاولى في حياتها يرتج قلبها بهذا الشكل ...
جف ريقها وقلبها يرتج بعنف وهي تحدق في عينيه بينما هو لاه عنها يشاكسها يرد على فكاهتها بالقول " بل اكتسبت الظرافة من نفس الحليب الذي رضعناه معاً يا دمية .."
لم تستطع فعل شيء الا ... الهرب ..!
تصنعت (تعابير اللامبالاة) و(نظرات الملل) بشق الانفس ثم استدارت لتتجاوزه ناحية بوابة بيت العطار وقلبها ما زال ينتفض في صدرها ..
وبينما تفتح بوابة البيت جاءها صوته الضاحك يلاحق انتفاضات القلب قائلا
" سلامي لابنة خالة عمتنا .. وللخالة ابتهال .. وسلام خاااااص لشذرة .."



نهاية الفصل

قراءة عميقة ممتعة ... عارفة ان الفصل فيه مشاهد متعبة بس اريدكم تركزوا بكل التفاصيل ... انتظر تعليقاتكم بفااااااااااارغ الصبر



التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 10-04-18 الساعة 09:56 PM
كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:32 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.