آخر 10 مشاركات
فضيحة فتاة المجتمع الراقي (83) لـ:مورين شايلد (الجزء1 من سلسلة فضائح بارك أفينو)كاملة (الكاتـب : * فوفو * - )           »          في أروقة القلب، إلى أين تسيرين؟ (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          كوابيس قلـب وإرهاب حـب *مميزة و ومكتملة* (الكاتـب : دنيازادة - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          شيءٌ من الرحيل و بعضٌ من الحنين (الكاتـب : ظِل السحاب - )           »          سارية في البلاط الملكي * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : هديرر - )           »          نساء من هذا الزمان / للكاتبة سهر الليالي 84 ، مكتمله (الكاتـب : أناناسة - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-07-18, 12:56 AM   #11

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي


عزيزتي قمت بتعديل مكان الروابط فلا يجوز ان تقطع الفصل وجعلتها بعد المقدمة ... نيجي للفصل
إيه كل العنف والشتم والضرب الرهييب ده ومن اول فصل عملوا ايه رنيم ورؤى لكل هذا الانتقام الشديد واي انتقام فى العالم يبيح لرجل ان ينتقم من انثى بهذا الشكل السادي وهذا التعذيب ...هناك حلقة غامضة ..ايضا تلك العلاقة الغريبة والغير مفهومة بين رؤى ووالدتيها لماذا تنكر امها الحقيقية وما سبب اختيارها لأخرى وكيف توفى والدها وما دور رنيم ومن يكون الدكتور نادر...هناك الكثير من الغموض والاكثر من العنف لدرجة اكبر مما يجب ...ايضا لاحظت انك دوما تحولين الدال لذال ...وهناك لفظ تستخدمه رنيم بكثرة فى السباب وهو لفظ الشاذ والشاذين وهو لفظ غير معتاد وله معنى سيئ فهل هم فعلا شواذ ام هي سبة وكيف تستخدمها فتاة المفروض طبيبة بتلك الطريقة ...رؤى ايضا المفروض طبيبة حتى لو كانت طبيبة اطفال لكن اليس غريبا انها عندما وجدت الهام ملقاة ارضا لم تستطع حتى فحصها للتأكد من حالتها ..اتمنى ان يكون القادم اقل عنفا واكثر توضيحا للغموض بانتظارك



التعديل الأخير تم بواسطة رغيدا ; 25-07-18 الساعة 01:16 AM
رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-18, 01:23 AM   #12

يوجّين
 
الصورة الرمزية يوجّين

? العضوٌ??? » 410657
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 326
?  نُقآطِيْ » يوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond repute
افتراضي ( الفصل الثاني...........) ( لحظة...... وداع )

----------------------------------------------------------
لم أستطع النجاة من شيء إسمه قفص الأحزان أبدا..!!..
أصبحت كجثه مسجاة على رماد روحي الكسيرة..!!..
لم يمحى من ذهني الماضي السحيق..!!..
فكلما أردت النسيان لم أقوى..!!..
أوصال روحي تمزقت كتمزق خرقة بالية..!!..
أصبحت لا أرى وهج النجوم في سمائي كما السابق!!..
حتى نسيم الخريف رمى بأوراق حياتي البائسة في بئر عميق..!!..
صفعة الأيام التي خلت جلَّدت قلبي و أوقفت نبضه..!!..
فلم يعد النسيم يبعث ذلك السلام في ذاتي
لما كنت بحضنك..!!..
حثى الطيور لم تعد تشدو لي كما كانت تفعل في حضرتك..!!..
بل صرت أسمع كل حين صوت نشيد موتي
فذلك القرب الذي كنت أسعى فيه لمناجاتك
لم يعد لي منه شيء..!!..
يتيمة أنا يا راحل..!!..
بل معذبة من بعدك يا أبتاه..!!..
فقدتك و فقدت أماني في آن..!!..
ما سألت عني؟!...
فصار قلبي يسألني عنك ألا تدري؟!..
أسفي عنك و من بعدك الذي قتلنا..!!..
أسفي عن و من هجرك الذي سلب أرواحنا جميعا..!!..
ذكراك الآن أوقفت نبض قلبي بعد أن سقيت من هجرك سما مميت..!!..
ولما تيقنت بأنك لن تعود..!!..
تمنيت أن أتمرغ في وحلي حتى أموت و أهنأ..
لقد ضعت في الطريق حقا يا أبي..!!..
فجلست في وسق الدجى أشتكي من ظلم الأيام و ظلمك

----------------------------------------------------------

-هل تأخرت مجددا يا ملاكي؟!..
قالها نسيم بعدما نزل من السيارة بخفة و هم بتقبيل رؤى من جبينها ثم حملها بين ذراعيه فردت عليه و هي تشيح بوجهها نحو البعيد:
- قليلا.. لم تتأخر كالمرة السابقة .. لكنك دوما تتأخر علي..
أنزلها برفق قائلا: لم أقصد يا سمرائي العنيدة كانت الطريق مزدحمة.. كيف تبلين في الإمتحانات؟!..
تألقت نظراتها فجأة ببريق لامع فأردفت مبتسمة: جيد جدا.. لا تقلق على ذكائي!..
إبتسم نسيم لضحكتها الخفيفة فقال مستمتعا بعد أن ربط حزام الأمان في سيارته: هذا رائع!!.. هيا إربطي حزام الأمان يا سمرائي العنيدة و دعينا نغادر.. إشتقت لإلهام صحيح؟!..
أجابت رؤى بهدوء و بكلمة واحدة و هي شاردة الذهن: كثيرا...
نظر إليها والدها من المرآة الأمامية فوجدها شاردة على غير العادة تنظر للطريق بغرابة.. تأملها قليلا فقال: رؤى .. ما بك ؟! هل هناك شيئا ؟! هل ضايقوك في المدرسة تانية ؟! أخبريني حبيبتي..
نظرت إليه بصمت فإستطردت بعد وقت قصير: لا شيء أبي.. أشعر بالجوع الشديد فقط..!!..
فقابلها بصمت مماثل متعجبا من سكونها ثم قال بعد دقيقتين: لم يتبقى كثيرا على وصولنا للبيت..!!..

فتح نسيم باب الشقة فإنحنى بملوكية قائلا بمزاح: شرفت يا سمرائي العنيدة..!!..
فرفعت رؤى ذقنها بترفع و أجابته و هي تذلف الشقة: لا داعي للرسميات.. كبرنا على مثل هذه الخزعبلات يا هذا..!!
ضحك نسيم ضحكة طويلة ..فمط شفتيه بإستياء مصطنعا و هو يقول: غير صحيح.. هيا أدخلي يبدو أن المدرسة قد أثرت على خلايا عقلك..
سمعت إلهام صوت المفاتيح على المنضدة فخرجت من المطبخ ثم إلتمعت عيناها بفرح كبير هاتفة : تأخرت...
قبل نسيم جبينها و عيناه لا تحيدان عن عينيها الضاحكتين قائلا بمحبة: كانت زحمة شديدة في الطريق حتى أنني قد تأخرت قيلا على رؤى.. اه لو ترينها و هي تنتظرني كانت تزم شفتيها هكذا ..
قلب نسيم شفتيه فضحكت إلهام مستمتعة ثم إستطرد قائلا من جديد:كانت ستأكلني و هي تقول لي أنت دوما تتأخر علي بابا...
-و أين هي الآن؟! أين تركتها يا متأخر؟! ..
إستدار نسيم و قد توقف عن الضحك بعدما وجد صحن المنزل فارغا قائلا بغرابة:إنها .. لقد كانت ورائي ..
فأعاد نظره لإلهام محدثا إياها بهدوء: كلانا دخلا الشقة .. غريب أين ذهبت؟!..
إبتعدت عنه إلهام و قد شعرت بشيء يوخز قلبها قائلة: يبدو أنها في الغرفة مع شاهيناز .. سوف أرى إن كانت موجودة هناك ..
-لا داعي لذلك ماما.. لقد خرجت ..
نظروا صوبها في لمح البصر كانت إبنتهم الصغيرة تقوم بضفر شعرها البني البراق بعد أن فتحت باب الغرفة.. تأمل نسيم باب الشقة بوجل.. فأسرع بخطواته نحو شاهيناز ثم جثى على ركبتيه ماسكا بوجه إبنته قائلا : شاهناز .. يبدو أنك تخيلت ذلك فقط ..كلانا دخلا الشقة حبيبتي فرؤى لا تخرج وحدها .. أهي لعبة منكما؟!..
قبلت شاهي خده بعدما حركت رأسها نفيا فأردفت: أعرف ذلك.. لكنها خرجت بعد وضعك المفاتيح على المنضدة مباشرة و خلعك للسترة و وضعها على الأريكة هناك .. رأيتها تخرج من غرفتي.. و إلم تصدقني فأنظر لباب الشقة إنه مفتوح.. أختي سريعة الحركة..
حول نسيم بصره صوب الباب فوجده مردودا حقا قد يبدو من بعيد أنه مغلق لكنه في الحقيقة ليس كذلك...
صعقت إلهام بعد أن وضعت كفها على فمها تكتم شهقتها هامسة : معقول!!.. إبنتي...
أسرع نسيم قائلا بوجل:سوف أبحث عنها..
خرج مذعورا يتسائل بحيرة.. هي لم تقدم على هذا سابقا.. فما الذي جعلها تفعل ذلك الآن؟! ..أين ستذهب من دون إخبار أي واحد منهم؟! أين؟!..
وقف أمام الدرج يمسح عرقه.. لا يعرف لماذا قادته قدماه لذلك المكان بالضبط.. أسرع في خطواته ثم توقف ثانية قبل أن يفتح باب السطح.. دعا ربه ألا يخيب ظنه ففتح الباب.
تنهد تنهيدة حارقة من أعماق روحه و هو يهمس:الحمد لله...
شعر بداخله يحترق و لا يعرف سبب ذلك.. فتقدم صوبها بتثاقل يتأملها بحب.. كانت واقفه على كرسي صغير تتأمل صخب المدينة .. تتنفس ببطء شديد جسمها كله مرتخي و خصلات شعرها الفحمية تداعبها نسائم الشتاء العليلة.. وقف ورائها فربت على رأسها قائلا:
ما هذا يا رؤى؟! .. أهذا تصرف من فتاة عاقلة مثلك؟! تخرج وحدهها و لا تخبر أحدا؟!..
رفعت رأسها إليه في سكون فبدت كالملاك حقا وهو يتأملها في خشوع لا يدري لماذا تبادرت لذهنه صورة تلك المرأة من جديد .. فطرد تلك الأفكار قائلا في نفسه :كفى يا نسيم.. عد إلى رشدك!!..
حقا كانت نسخة منها.. تنهد بعمق ثم قال بعد تانية ملؤها التوتر: حبيبتي رؤى.. هل تعلمين أنك إقترفت خطأ و أنا سأعاقبك عليه لأنك خرجت من دون علم والديك..
أجابته ببساطة: أجل أعرف هذا..
فقال متأملا المدينة: إذن لماذا فعلت ذلك؟! ..
أشاحت بوجهها عنه هامسة بصوتةخافت حزين: أردت أن أبكي فقط و لا يراني أحد..
توجع خاطره بشدة فقد كانت حقا تبكي.. عيونها كانت شديدة الدموية و الإنتفاخ فإبتسم بأسى بعدما رفعها و أجلسها في حجره بينما هي إستطردت بدموع: لقد سبق و أخبرتني بأن الإنسان عندما يبكي يخفف عنه ألام القلب و الروح.. لقد بكيت كي أرتاح لكن هذا لم يحدث.. أشعر بشعور غريب جدا هل هو الحزن يا أبي؟!..
بدأت ترتجف بشدة فرفعت مقلتيها إلى عينيه و نظرت إليه بغرابة و هي تقول بإرتعاش:
لماذا أراها في كل مكان ؟! المرة السابقة رأيتها في المحل التجاري عندما كنت بصحبتك أنت و أمي و الآن في المدرسة... أحس بشعور غريب داخلي عندما أراه.. أحس بالألم.. أجل هذا هو...!!
تسائل عما تتحدث عنه إبنته ماذا تريد أن تقول له ؟! لم يشعر بنفسه إلا و هو يضمها بقوة.. من يريد إختطاف فتاته منه ؟! من ؟! من هذه ؟! لم يستطع قول شيء بعد ذلك.. ما الذي تراه حقا؟!..
شعر بقلبه يكاد يتوقف من شدة بكائها و إرتجافها فرفع رأسها قليلا ثم نظر لخدودها المحمرة و عيونها المتورمة .. بكت روحه ونزفت ألما .. ملاكه الصغير يتألم .. سمرائه تبكي و هو غير قادر على فهمها .. آخر شيء كان يتوقعه أن تتألم رؤى بهذه الطريقة .. ليس ألم الجسد .بل ألم الروح .. و ما أقساه من ألم!!..
فتاته تتمزق مند فترة و هو لا يدري؟!.. أوصال روحها تتلاشى و تحترق في مضجعها و ليس له علم .. ما هذا يا اللّٰه؟!!.. بئسا لي من أب!!.. قالها في نفسه..
زفر زفرة مشتعلة و هو يشعر بضياع غريب فتناول كفهاقائلا : هلا أخبرتني ما الذي ألم بك لهذه الدرجة؟!.. من هي التي ترينها دائما؟!
_ إمرأة يا أبي..
هز رأسه بألم و كان قلبه قد قفز من جوفه و روحه قد إنتقلت لمكان بعيد و هو يقول بشحوب : أي إمرأة؟!. هل تعرفينها؟! .. هل تعرفان بعضكما؟! .. أهي مدرِسة ؟!
تمتمت رؤى ببكاء: أنا لا اعرفها لكنها هي تعرفني.. هيا قالت ذلك قبل قليل ..
- هذا طبيعي حبيتي.. قد يعرفوننا أشخاص و نحن لا.. فنحن نصادف أحيانا العديد من الاشخاص في الطرقات في الشارع.. إن كانت مدرسة فبالتأكيد تعرفك حق المعرفة أستاذك كثيرا ترينه و كذلك نادر.. الدكتور نراه تقريبا كل يوم عندما أصطحبك لمدرستك...
إبتعدت خطوة فأطرقت برأسها دون رد فقرأ بحدسه ما يدور في بالها لا شك أن هناك شيئا آخر لا تود الإفصاح عنه ليتوجه نحوها بشيء من الأسى المرتبط بالتوتر الغريب على ما روته هي.. إنحنى بركبتيه و ربت على رأسها قائلا بحنان ممزوج بألم كبير:يعني.. هل رأيت هذه السيدة في المردسة قبل قليل؟! .. هل تكلمتما ؟! .. هل تحدتث معك أنت فقط؟! ..
أشاحت بوجهها دون رد فأعاد الكرة: يا رؤى من أين سأعرف إلم تخبريني؟!
إستدارت نحوه بمقلتيها الغائرتين الدمويتين فأغمض عينيه صارخا من أعماق روحه وسط سراب في رمال الصحراء القاحلة.. إستشعر الألم الذي إحتل تلكما العينين البريئتين بكل ذرة في جسده فقد أعادته تلك اللمعة الحزينة في حدقتيها لزمن تمزقت فيه روحه و نثرت على جديب أيامه..
فقالت تبكي: تنتظرني دائما قبل مجيئك و تتحدث معي قليلا و أحيانا تضمني و أحيانا أخرى...
تكلم نسيم بهدوء: و أحيانا ماذا؟!..
نزلت دمعتين من عينها اليسرى أحرقت خدها المحمر فمسحتها بعشوائية و هي تقول :أحيانا تتمتم بكلمات لا أفهمها.. تقول إبنتي عندما تضمني يا أبي.. هل أنا حقا إبنتها؟!.. ألست إبنتك أنت و إلهام؟!
إرتخت عضلاتها فجأة و سكنت رعشاتها قليلا و هي لا تزال تستطرد: أنا لا أشبه ماما إلهام في شيء.. على عكس شاهيناز أختي الصغيرة التي تصغرني بأربع سنوات تشبهها كثيرا في ملامحها.. لما لا أشبهها على الأقل في شيء واحد يا ترى؟!.. لقد طرحت هذا السؤال مرارا فلم أجد له إجابة أبدا.. على عكس تلك المرأة دائما كانت تقول بأني أشبهها كثيرا.. و أرتني الوحمة السوداء التي على ذراعها الأيسر.. مثل وحمتي تماما... ههه أهذا كله صدفة؟!

شعر نسيم أقناء ذلك بدلو مبللا بالمياه الثلجية يضرب جسده المصعوق..ما الذي تتفوه به هذه الفتاة؟! هل تتحدتث عن شخص يعرفه؟!
فتاته الصغيرة التي لم يتجاوز عمرها 12 سنة.. حقا هي لا تشبه إلهام في شيء.. شعرها الطويل الحريري الأسود كجناح الغراب لا يشبه شعر زوجته و لا إبنته الصغيرة كما قالت.. لون عينيها الكحيلتين ككحل مكة ليس ذلك اللون البني الذي تمتلكانه كل من شاهناز و إلهام.. أي شيء فيها لا يشبههما..
فهل هي لحظة الإعتراف؟!
مهلا مهلا... سمرائي تتحدث عن وحمة.. هه هذا مضحك جدا؟!
لو كانت رؤى تتحدث عن نفس المرأة الذي يعرف فهي قد ماتت منذ زمن أيعقل أنها؟!...
إقترب منها قليلا فإبتعدت عنه خطوتين حملق فيها بذهول فلم يكد يصدق ردة فعلها حتى قالت: لما تخبرني أنها هي والدتي؟!.. ترى من أنتم إذن.. أمي أهي ليست أمي... أبي أحقا لست أبي أنت أيضا؟!...
تكلم أخيرا بعد طول إنتظار: ماذا تقولين يا رؤى؟!
صرخت باكية: أنا لا أقول شيئا بل هي التي تقول أنا فقط سمعتها و أخبرتك...
أمسك أناملها بقوة و أعتصرهم بين كفيه كاليتيم فلم تتوقف عن البكاء بتاتا.. ظل يهدهدها في حضنه حتى إستكانت.. رفع رأسه يتضرع لله فوجد نفسه يتألم بدوره و هو يتخيل صورة هذه المرأة .. قبل وجنتيها المحترقتين من فرط مطر تلك العبرات.. يا إلهي!!..
لم يتصور أن الأمر سيكون بمثل هذه الصعوبة و بمثل هذا الالم.. زهرته الصغيرة سوف تدبل إذا بقيت في تلك المدرسة ..و قد تموت!!.. سوف يعاقبهم بشدة بل و يقسم على هدم تلك المؤسسة على رؤوسهم .. الأوغاد مزقوها!!..مزقوا إبنتي!! .. رددها نسيم بإرتعاش
آه منك يا إمرأة ليتك لا تكوننين أنت!! .. ليتك!!..


نزل بها للشقة يضمها إليه بقوة... يخاف أن تضيع فلذة كبده منه و تُأخد منه.. و قف أمام زوجته فحدقت فيه بعينين وجلتين.. لم تنطق بأي حرف.. تقدم بها نسيم صوب غرفتها فحملقت فيه شاهيناز لدقيقة كاملة ثم توجهت بسرعة صوب والدتها قائلة: أمي ألن نذهب إلى المسرح؟!. لقد وعدتموني..
فتكلمت والدتها بحزن تنظر للغرفه المجاورة:لن نستطيع الخروج اليوم شاهي... سوف نذهب للمسرح لاحقا...
مطت شاهيناز شفتيها في إستياء فإنحنت إلهام القرفصاء أمامها ثم ربتت على خدها بحنان هامسة: رؤى لن تستطيع ذلك.. يبدو أن أختك مريضة سوف نظل بجانبها كما أنها تحتاجك الآن و بشدة..
نظرت شاهيناز صوب غرفتهما فتسائلت تقول في براءة: هل صدقتموها؟! هناك إمرأة تشبه أختي كثيرا.. لقد رأيناها معا..!!..
إغتصبت إلهام إبتسامة شاحبة على شفتيها و هب تستطرد في هدوء: ماذا تقولين شاهي؟! عن أي إمرأة تتحدثين؟!
-شاهيناز!!.. رؤى تناديك.. هيا إذهبي إليها...
قالها نسيم و هو يتقدم ببطء تجاه زوجته بينما كانت شاهيناز تختفي من أمامهما فجأة..
-ما الذي يجري؟!
هتفت بها إلهام بخوف فتخطاها نسيم بخطوات متثاقلة نحو المنضدة بصمت.. عادت تسأله من جديد بنبرة لا تخلو من الحزن و الوجلماذا يجري معك؟! ما الذي حدث مع رؤى و أين وجدتها؟!..
تنهد نسيم تنهيدة حارقة و ناظرها بعمق هامسا بتلخبط: لا أدري ما يحدث... بث لا أدري أي شيء.. لا أستطيع فهمها يا إلهام!!.. تحدتث عن إمرأة تشبهها و قالت بأنها..
صمت فجأة فخانه صوته الذي بدا كصوت عجوز أثقله الدهر و هو يقول بحشرجة: تقول بأن بعض الأشخاص أشفقو عليها.. بأنها ليست إبنتنا.. أجل ليست...
أخرسته بيدها التي وضعتها على شفتية المرتجفتين قبل أن يكمل حديثه فقد كان كالجمر الملتهب يكوي نياط قلبها..إرتجفت كينونتها و أحست بالنار تحرق مضجعها بينما هو.. لم يقوى على إزالة يدها بل إستسلم بإخراسها له مغمضا عينيه كأنه يستجديها.. فقالت بارتعاشة مُزجت بإنتحاب باك: أصمت! أصمت يا نسيم.. لا تقل هذا مجددا.. لن أسامحك إن كررت هذه الكلمة ماحييت.. رؤى إبنتي.. بل قلبي الذي ينبض.. هي لن تعرف الحقيقة الآن حتى و إن أظطررنا للسفر بها إلى آخر بقاع الارض..
بدأت تبكي بحرقة كبيرة بعد أن جثث على الارض تلتقط أنفاسها فإسيقظ جسده على إنتحابها الخافت المعذب.. أبعد الكرسي بعنف و قام بضمها إلى صدره بقوة وسط أنينه الصامت و شلال دموعها الذي لا يتوقف فرفعت رأسها إليه ببكاء حارق و هي تتمسك بياقته هامسة بدموع: لكن إلى متى؟! إلى متى سوف نخفي عنها الأمر يا نسيم؟! رؤى تكبر كل عام عاجلا أم آجلا سوف تعرف الحقيقة..
-يكفي يكفي!.. إلهام لا تزيديني ألما فوق ألم..
تشبتت به بقوة و إتسعت عيناها بإرتياع فنظرت إليه كالجاحظة و هي تستطرد: أمي أخبرتني بذلك.. قالتها و لم تخطئ.. أجل.. نسيم سوف تأخدها مني.. سوف لن تتهاون في أخدها أبدا..
أمسك نسيم ساعديها بقوة هاتفا بسخط: هل عدت لهذيناك تانية؟!.. بالله عليك أفيقي من هذا الوهم.. كفي عن فعل هذا بنفسك..
صرخت ببكاء: ماذا أفعل كي تصدقني؟!.. لقد أقسمت أمي أنها رأتها يوم زفاننا.. صحيح أنني لا أصدقها لغدرها بي مرارا و تكرارا و كذبها علي.. لكن يوم حدثتني بأنها رأتها لم أستطع تكذيبها.. لقد كانت تقول الصدق.. هي لم تكن تكذب انذاك.. و يا ليتها فعلت!!.. يا ليتها يا نسيم!!..
إبتعد عنها بجدعه لا يكاد يصدق حديثها و هو يهتف: يا اللّٰه..!! أنت حقا مجنونة.. كيف تصدقينيها بعد ما فعلته فيك لقد باعتك لإبن عمك المريض و لو لم أكن أنا في ذلك الوقت لكنت....
صمت قليلا فنهضت بجهد تضم ساعديها لصدرها قائلة بنبرة ساخرة: أجل لو لم تكن أنت لكنت جسد إمرأة بلا روح.. روحها إغتصبت من طرف عائلتها المريضة أو بالأحرى من طرف التي أنجبتها قبلا..
تنح قليلا قبل أن يكمل و قد أشاح ببصره عنها كليا: يكفي..! ذاك أصبح من الماضي!! تبا لهم جميعا لقد أخدنا حقنا فيهم..
فقالت إلهام بهدوء بائس: أنا لا أتحدث عن عائلتي المريضة... لا أتحدث عن شعوذتهم بل أتحدث عنا يا نسيم.. أتحدث عن تلك المرأة التي رأتها رؤى قد تكون...
-أصمتي... أصمتي يا إلهام و كفي عن إحياء الماضي..!!
صرخ فيها بكل جنونه و شياطين عينيه تقدح شرا فتيبست روحها قبل أن يكمل حديثه كالطير الذبيح بنبرته القاسية رغم خفوتها: هي لم تعد موجودة.. لم تعد في هذه الحياة.. لقد توفيت و غادرت هذا العالم البشع.. ندين ماتت مند زمن.. زوجتي ماتت!! قتلوها...!!.. إفهميها و خلصينا!!..

إنكسرت كلماته و تهدج صوتة الباكي فخبط على المرآة بقوة.. نزف بعض دمه على الأرض ثم جلس على الكنبة يخفي وجهه بأنامله الدامية.. كل جزء منه يئن.. روحه تبكي من شدة الألم الذي يشعر به.. ظن أنها لن تعلم الحقيقة أبدا.. و حتى و إن عرفتها فسوف تكون طفلة بالغة تعي حساسية الأمر و تحسن التعامل معه.. لكن ما رآه في عينيها قبل قليل في السطح .. لم يكن كذلك .. كان يود لو يكذب إحساسه .. لو يدفنه في أعماق روحه .. لو ينسى بأنه يوما ما سوف يخبرها بسره بل بسرهما معا..
تلك الدمعات الحارقة التي نزلت من حدقتيها المرتعشتين و إصطكاك أسنانها و نظرة الشك التي لم تفارق عينيها مهما حاول أن يتدارك الأمر .. أنذاك... علم بأن رؤى.. ملاكه الصغير .. سمرائه العنيدة لن تسامحه ابدا..

***********

- لقد أشرقت الشمس..!!
نطقت بها السيدة المتشحة بالسواد و هي تستند على الزجاج مغمضة العينين في سكون
و عندما لم تجد ردا أردفت من جديد بنبرة لا تخلو من الحنان: عندما إتصلت بي البارحة و سمعت صوتك بعد هذه المدة الطويلة لم أصدق.. ظننت أنني أتوهم صوتك حقا لكن ..
نظرت إليها بعد مدة قصيرة فأكملت بصوت مرتعش: لكن عندما إستنجدتني شعرت بالرعب ظننت أن مكروها أصابك يا إبنتي..
إقتربت منها والدتها أكثر.. فجلست على حافة السرير و ربتت على ظاهر يدها الذي كان يمسك يد الجسد المسجى على السرير قائلة بحب: رنيم ..ماذا بك ؟!.. لم تخبريني لحد الآن .. ماذا جرى؟! ..من تكون هذه الفتاة؟! .. أنظري لوجهي و كلميني مند البارحة و أنا أريد معرفةما حدث لكنك لا تتكلمين أبدا ..
رفعت رنيم رأسها بعدما سحبت يدها من يدي والدتها بهدوء فنظرت إليها بعمق..
آه على هذا الوجه المنير!.. كم إفقتدت قسماته!!.. ظلت تنظر إليها بمقلتين مبللتين بالدموع فأمسكت والدتها بخديها ثم إستطردت : حبيبتي.. ماذا جرى؟! .. من تكون هذه الفتاة ؟!
نطقت رنيم كالميتة : إنها عائلتي ..هيا غادري من هنا .. الخطأ خطئي لما إتصلت بك ..
آلمتها في الصميم فتكلمت المرأة وهي تستقيم بقهر كبير : سوف أخرج كي أستنشق بعض الهواء وبعدها أعود لنتحدث..
أشاحت رنيم بوجهها في صمت و لما لم تجد منها ردا ساقتها قدماها للخارج. إفترشت إبتسامة بائسة على وجهها و هي تسير في رواق المشفى ببطئ فوقفت تتذكر نبرة إبنتها الميتة و هي تطلب منها الرحيل..
قبل أن تنظر للمرأة الوجلة أمامها بإشفاق ..
_ أجل أجل .. رؤى حسن إسماعيل .. في أي غرفة توجد؟!
أجابتها الممرضة بود : و هي تشير بإصبعها في الفراغ : الغرفة رقم 6 في آخر الرواق..
أسرعت ندين في الرواق حثى إختفت فإتسعت عينا السيدة و هي تحدق في إختفاء ندين بتركيز محدثة نفسها : كيف ؟! إنها نفس الغرفة التي تتواجد فيها رنيم .. أيعقل ان تكون هذه هي والدة تلك الفتاة ؟!..
لم تشعر بنفسها إلا و هي أمام باب الغرفة تسمع هتاف السيدة من الداخل ببكاء : رنيم .. تكلمي .. ماذا بك ؟! ماذا حدث لرؤى؟! مند البارحة و أنا أتصل بك و هاتفك مغلق ..
أجابتها رنيم بحشرجة : هذا لأننا .. لأننا نقلنا رؤى للمستشفى و.. بقيت معها طوال الليل لم أنتبه لهاتفي أبدا ..
كتمت ندين شهقتها قائلة بصوت مرعوب : ماذا حدث لإبنتي؟!..
فنظرت إليها قائلة بجمود و عيناها لا تفارقان جسد رؤى أبدا: لا أستطيع إخبارك شيئا .. رؤى من ستفعل عندما تستيقظ .. إعذريني سوف أخرج قليلا .إبقي بجانبها فهي تحتاجك الآن ..
نظرت إليها ندين مطولا قبل أن تشيح بوجهها في صمت ثم إقتربت صوب رؤى باكية ..
_ ألزلت هنا؟!..
نطقت بها رنيم بعد أن أغلقت باب الغرفة ورائها فإستندت عليه هامسة السيدة أثار مبارك .. مضى وقت طويل ... طويل جدا ..
حدقت فيها أثار بإرتعاشة مكررة : أجل طويل جدا يا إبنتي..!!

لم تعطها مجالا للحديث أبدا فقد كانت رنيم تتجه للمصعد ببطء تاركة إياها وراء ظهرها فتبعتها هذه الاخيرة تقول : سوف أذهب معك
أجابتها رنيم مغمضة العينين و ألم معصمها يصيبها بالجنون: لا داعي لذلك!!
أمسكتها آثار من ذراعها بلطف ثم أدارتها إليها ففتحت رنيم عينيها تنظر لها بنفس الجمود هامسة : أنا أمك ...
فهمست رنيم بصوت يقطر ثلجا: أمي ماتت مند زمن بعيد..!! بقيت ذكرى خيانتها فقط ..
إنفتح المصعد فخرجت رنيم تمشي ببطء شديد بينما كانت أثار مصعوقة من ردها و هي تشعر بالأرض تميد بها و تكادت تُسقطها فتبعتها بحزن إلى أن توقفت لتوقف رنيم أمام رجل..
شهقت أثار شهقة خفيفة مختلطة بجزع طفيف فإلتفت إليها رنيم تنظر إليها بعمق شديد .. ودت لو تبكي في حضنها... عيناها كانتا تمشطان كل جزء في جسد والدتها فهمست بصوت متهدج : أهذا هو ؟! هل .... هل هو زوجك ؟!
أغمضت آثار عينيها بقوة بينما كان الرجل الأربعيني يتقدم نحوها ببطء ثم أردف و هو يحيد نظارتيه لتزيد لمعة عينيه الخضراء مع أشعة الشمس : مرحبا رنيم .. كيف حالك؟! لقد كبرت حقا و صرت شابة رائعة..
تجمدت رنيم لنظرته الدافئة و عينيه الضاحكتين كانتا شبيهتين بعيني والدها كثيرا.. بللت شفتيها الجافتين قائلة بإبتسامة مريرة بخير سيد زيد ..شكرا لإهتمامك مع أنه في الحقيقة يجب علي أن آخد إهتماما أكثر من بعض الناس و ليس من حضرتك..
أجابها زيد بنفس الهدوء بعد أن إقترب منها أكثر ليضيف بنبرة حنونة : لقد كنا معك دائما يا رنيم فلا تنسي هذا أبدا.
ثم أمسك بمعصها يضغط عليه ببطء قائلا بحزم شديد: أما الذي تسبب في هذا فسيكون مصيره مما فعله بك صدقيني..
عادت إليها نظرتها الثلجية تقول و هي تزيح يدها من كفه ببطء : لا داعي لأن تمثلوا دور الأب و الأم معي .. تلك التي تسمي نفسها أما لم تكلف نفسها حتى بالسؤال عني بينها حضرتك تحاول حمايتي لا بأس سيد زيد أستطيع حماية نفسي من الآن فصاعدا فقط إهتموا بطفلكم المدلل بدل تتبعي ..
ثم نظرت صوب آثار و قالت بسخرية : خد زوجتك المصون و إذهبوا لا مكان لكم هنا ..
تنهد زيد تنهيدة قوية ثم توجه صوب آثار و أمسكها من يدها مبتسما .. شعرت رنيم بالجحيم يأكل مضجعها فزمت شفتيها بقوة
بعد أن أشاحت بوجهها..
قال زيد بنبرة حنونة : لا بأس يا آثار لنذهب لا مكان لنا هنا حقا كما قالت رنيم ..
نظرت إليها آثار بحرقة ثم تقدمت منها خطوة بعدما وضعت يدها على ذراع إبنتها قائلة و قد إهتزت حدقتيها بإرتعاش رنيم سوف نذهب إن إحتجت لشيء فسنكون بجانبك دوما.. تذكري هذا جيدا ..
ما الذي تقوله هذه المرأة الغبية ؟!..
متى سوف تفهم بأنني لا أحتاج منها شيئا؟! ..
لا أريد منك شيئا فقط غادري!!!
قربك يحرقني .. غادري غادري غادري..!
فتح زيد السيارة فناداها : أثار هيا ..
و هاهو الزوج المصون يناديها فلتحترقوا في الجحيم في القريب العاجل إن شاء اللّٰه.. تبا لكليكما ..
إستدارت رنيم تبحث عنها فوجدتها قج غادرت حقا .. تركتها تانية و قد إختارت زوجها مرة أخرى ...
اه يا إلهي!!! .. يا لقسوة هذه الحياة! ..
تنهدت رنيم بحرقة و خيط الدموع يلمع على خديها قائلة بصوت متهدج جا: آه يا أبي جوفي يحترق..

و في السيارة كانت أثار تبكي بحرقة شديدة تلعن الدقيقة التي ركبت فيها هذه السيارة و تركت إبنتها وحيدة هناك .. هاهي قد إبتعدت عنها مرة جديدة وخدلتها .. تركتها تتخبط في آلامها و غادرت لما لم تكابر و تعاند كي تبقى معها؟!.. لما سمحت لنفسها بالمغادرة هكذا دون توقف؟! .. لما لم تضمها و تروي ظمأ إشتياقها من رائحتها؟! و لو لدقيقة..
إختلج صوتها و إنتحب بشدة فأطبقت آهة عنيفة بعد أن ضربت مقعد السيارة الأمامي و إستندت عليه باكية : إبنتي.. إبنتي .. لما يحدث هذا معي ؟!.. ما الذنب الذي إرتكبته ؟!..
إقترب منها زيد و ضمها بقوة قائلا بنبرة حنونة : لا يا آثار ليس هكذا تحل الأمور.. توقفي عن البكاء رجاء.. أنا بالدات لم أحبذ بقائك معها فهي سوف لن تتهاون في أن ترميك بسهام حقدها.. بل سوف تكون راضية عن ذلك جدا.. لأنها لاتزال تظن بأنك السبب في موت والدها .. دعي الأمور تهدأ أولا و بعدها سوف نتحدث معها من جديد ..
هزت رأسها بضياع فأمسكت ياقته بإستجداء و دموعها كالسيل المنهمر قائلة: لقد كادو يقتلونها .. كادو يقتلوا إبنتي يا زيد .. كيف غفلنا عنها ؟!.. لقد إتصلت بي و طلبت النجدة .. رنيم لم تفعل ذلك طوال حياتها ..لم تتصل بي أبدا يعني أن الأمر كان خطيرا جدا .. و نحن لم نفعل شيئا .. كيف غفلت عن حبيبتي .. كيف ؟! إنها تكرهني .. تكرهني .. أنا السبب في كل شيء ..

هنا إلتمعت عيناه بحدة مشتعلة ناقضت دفء حديثه جعلته يهمس بقسوة : سوف يندمون.. أعدك بهذا ..
فكفت عن البكاء لحظة فعاودت رفع عينيها الميتتين إليه قائلة : لن تسامحني مهما فعلت ..هه إنها تكرهني أتفهم .. كرهتني منذ الصغر .. حتى في المرات التي كنت أذهب لأراها كانت تنفر مني كأنني لست أمها .. تخيل معي هذا الشعور .. هي تربت وحدها مع والدها و لم تعرف شخصي أبدا ..
صمت لحظة بعد كلماتها التي أشعرته بالحزن الشديد فمنذ أن تزوجها وهو على علم بأن فرحته لن تكتمل أبدا.. فجل ما كان يحاول فعله هو أن يمحي لمحة الحزن التي باتت لا تفارق زوجته.. ألصق شفتيه على جبينها بقوة و هي لا تزال منخرطة في بكاء صامت ليستطرد بنبرة دافئة: لا تقلقي.. كل شي سوف يكون بخير .. بل بألف خير أعدك بهذا ..فقط كفي عني البكاء يا أثار..!!
فرفع حاجبه ليقول بمشاكسة :ألا تصدقين وعودي أم ماذا ؟!
شهقت شهقة خفيفة فإبستم في وجهها بحب و هو يردف مجددا: ماذا؟!.. لا تنسي بأننا في نفس العمر فأنت بمتابة كتاب مفتوح أستطيع قراءة أسراره بسهولة ..
تمتمت أثار و هي تعدل ياقته بإبتسمام شاحب : بلى.. أنت الوحيد الذي أثق فيه و أصدقه و أريده بجانبي دوما..
إتسعت إبتسامته كثيرا إلى أن ضحك ضحكة خفيفة و هو يقول بهمس: حسنا لكن أن أكون بجانبك دوما أظن أنني لا أتفق معك في هذا لأن معظم وقتي أقضيه في الشركة ..
ثم تأوه بإصطناع صبياني و هو يستطرد : يا الهي!.. أنا أتعب كثيرا في العمل.. لما العمل؟! لما ؟!
ضحكت أثار بخفوت بعد أن ربتت على صدره بحب قائلة وسط عناقها له و هي تغمض مقلتيها: أدامك الله لي..
فقبلها زيد من رأسها و هو يضمها إليه بحنان كبير هامسا : و أدامك الله لي أيضا... أعدك أن تتصلح أمورك مع رنيم في القريب العاجل... و أعدك أن أجد من نسبب في حرح معصمها بتلك الطريقة..!!

***********

نظرت إلى بقع الدم المتناترة على الأرض بألم فتوجهت ببصرها نحو الساعة الموضوعة على الكومود بكل أناقة ثم تذكرت أمس البارحة المشؤوم بكل حذافيره ..إشتعلت حدقتيها بكره قبل أن تكز على أسنانها بقوة ..
تقدمت ببطء تمسح البقع برجليها مكتفة ذراعها .. تذكرته و بريق عينيه المتوحشتين لا يفارقان ذهنها فلعنته في سرها .. أمسكت الساعة تتلاعب بها بسبابتها فعصرتها في يدها بقوة قبل أن تتمتم بإبتسامة شاردة : أظن أنك نسيت شيئا ثمينا يا قصيل الوغد..
فإزدردت ريقها قبل أن تغمض عينيها لتهمس بألم :سوف تدفع الثمن كثيرا لن أسامحك أبدا يا سافل...
توهجت عيناها إثر عبارتها الأخيرة فبدت كشيطان حقيقي أتى من قلب الجحيم و هي تقول من جديد : لن أنسى مافعلته برؤى يا إبن عبد الناصر أبدا .. لن انسى أبدا و أعدك بهذا ..
هنا إبتعدت قليلا بعد أن خبأت الساعة وهي تنظر لنفسها في المرآة بشر فأخدت الهاتف و طقطقت رقما ثم ظلت تنتظر و بعد رنتين كان صوته الهادئ يصلها و هو يقول: مرحبا من معي ؟!
إبتسمت بعدما إستشعرت دفء تلك النبرة المشاكسة فتنهدت بصوت ضاحك مسموع :إبن الرومية الأحمق .. كيف حالك ؟!
إنتظرت الرد لدقيقة كاملة فتخشبت ملامحها ببطء تكاد تلعن الساعة التي راودتها فيها فكرة كي تتصل به ..فآتاها رده الخافت الغير المصدق : رنيم .. أهذه أنت ؟!
إتسعت إبتسامتها القاسية حتى تحولت لضحكة ظافرة و هي لا تزال تلتقط هدير أنفاسه الصاخب فأجابته بنبرة حاولت ما أمكن أن تكون طبيعية : ماذا .. ألا تريد أن أتذكرك أم ماذا؟! .. آسفة سوف أفصل الخط الآن..
_ لا ..
قالها بنبرة قاطعة لا يكاد يستوعب بأنها فعلا من إتصلت به بينما هي مسمتعة بحيرته و هي تميل برأسها على الزجاج تستشعر صلابته بجبينها فأردفت بجمود : ألن تقول.. شيئا ؟!..
لم يكد يتفوه بكلمة حتى إسترجع أيامه معها.. اه كم كانت فتاة الأصفر تثير جنونه!!..
لقد مضت الأعوام بسرعة البرق.. فلم تعد جارته تطرق بابه و تستغيته .. ترى كيف هي الآن ؟!.. هل لازالت تمتلك نفس الملامح الوسيمة.. الملامح الشمسية؟!.. نفس الضحكة الجذابة ... نفس الشعر البني نفس العينين!! أم تراها تغيرت؟!..
لا لا .. لا يريدها أن تتغير.. يريدها فتاته الجامعية!!... وردته الصفراء..!!
ليهمس بصوت خافت و هو يحاول إستحضار صورتها أمام عينيه :لقد مضى وقت طويل جدا على سماع صوتك مرة جديدة لماذا إتصلت؟!..
و عند هذا الحد أسدل الستارة على ذكرياته بمهارة إعتادها لسنوات و هو يقول من جديد:كيف حالك ؟!.. كيف أنت مع العمل ؟!..كيف هي حياتك ؟!.. أتمنى أن تكون جل أمورك بخير ..
تيبس جسدها لنبرته الثلجية الروتينية فأين هو رامي القديم ؟!.. أين المشاكس المتلاعب ؟!
ضحكت قائلة ببعض السخرية : و كيف ستكون؟! حياتي هي حياتي يا رامي!!
إهتزت روحه لذكرها إسمه بقوة فكتم صراع نفسه قائلا بحيرة : ألازلت تسكنين وحدك؟! كيف حال السيدة أثار ؟!.. هل إلتقيتها ؟!..
توترت أنفاسها لمجرد ذكر إسم والدتها فصمتت.. بينما هو أردف ساخرا:أتمنى أن تكوني قد أعدلت عن أفكارك المجنونة و صرت تقطنين مع والدتك ... الوقت لا ترحم .. و خصوصا فتاة مستقلة تقطن وحدها ..
إشتعل بريق عينيها بقوة فأردفت باحتقار :أعلم .. معك حق و لقد فعلوها..
رفع رامي رأسه ببطء و هو يردف السمع لما همست به فإستطرد بجمود: ماذا قلت؟! أأنت بخير ؟!.. أين أنت الآن ؟!.. هل أستطيع أن ألقاك ؟!
إسشعرت رنيم نبرته الحانية رغم جمودها فهمست داخل روحها.. آه يا رامي!!! ..
إبقى بعيدا أنا أرجوك .. إتصلت بك فقط كي أرحم وجع قلبي ولو قليلا...
فتنهدت بإرتعاش و هي تتمسك بالستارة قائلة بصوت خافت مشتاق :إتصلت بك لأنني أردت ذلك.. لم أرد إلا أن أسمع صوتك .. صوتك فقط
صمت رامي فجأة قبل أن يستطرد بنبرة غريبة و هو يهمس: حسنا كما تشائين .. و هل شبعت من صوتي الآن ؟!.. أم أنك لازلت ؟!..
شعرت بالخواء الشديد في ركبتيا فتكلمت بعد عبارته البسيطة تنظر لمعصها بشرود : نلتقي فيما بعد.. وداعا..!!
تم فصلت الخط بعد تانية.. نظر رامي إلى الهاتف غير مصدق هامسا بصوت ساخر:لقد كانت هي... تلك المجنونة!!..
ثم أعاد إعداد الشاي بكل همة .. لكن هده للمرة ليس بالغناء كما إعتاد بل بالصمت ..

**********

-حبيبتي الصغيرة .. رؤى يا إبنتي إفتحي عينيك بالله عليك ..
تكلمت ندين تقاوم دموعها كما الذي يقاوم لسعة الأفعى السامة .. فغطت وجهها بكلتا أناملها و سيل العبرات بدا في الإنهمار هامسة ببكاء: لما يحدث هذا يا إلهي؟! .. ماذا فعلت كي تختبرني في أولادي؟! .. لما يا الله؟! لم أعد أستطيع التحمل ..
بقيت تنتحب و تبكي بخفوت إلى أن إستشعرت حركة في الغرفة ففتحت عينيها ببطء تنظر للمرضة بإرتياع ..ثم تمتمت : كيف حالها؟!!! .. أهي بخير؟!!!..لما لم تستيقظ بعد؟!!!
أجابتها الممرضة في أسف بالغ و هي تعدل الأنبوب المغدي بإهتمام : هي بخير سيدتي لا تقلقي عليها .. حبذا لو لا تستيقظ الآن كي لا تنتابها نوبة الجنون مثل الأمس .. خصوصا في هذه الفترة .. لقد نالت منهم الكثير .. المسكينة لقد تعرضت للإعتداء ...
إتسعت عينا ندين بعد أن إستقامت و توجهت ماسكة الممرضة من ذراعيها هاتفة:ماذا قلت!!! .. أي إعتداء؟!!! .. هل ...؟!!
أجابتها الممرضة بإطمئنان :لا لا لم أقصد ذلك.. الإعتداء راجع للكدمات الزرقاء في جسدها .. لقد تعاملوا معها بوحشية .. لقد حددنا نوعية الxxxx في جسمها فذاك النوع لا يوجد في أي مشفى .. فقط في مشفى المجانين .. و هذا ما حيرنا كيف وصل ذلك المصل لجسدها .. ؟!
تجمدت ندين في مكانها فاغرة فاها قائلة بشحوب :أي مشفى؟!! .. عن أي مصل تتحدثين ؟! كيف هذا ؟!
فصرخت و قد تنمرت جميع أجزاء جسمها : ماذا فعلوا بإبنتي؟!!..
إرتعبت الممرضة من ردة فعلها فإبتعدت خطوة للواراء قائلة : آسفة يجب علي المغادرة ..الطبيب سوف يشرح لك كل شيء فيما بعد..
أمسكت ندين على جبيبنها و ضغطت عليه بقوة بعد أن أغمضت عينيها و الألم يعصف برأسها قائلة بنبرة هادئة :لا لا إنتظري .. ماذا قصدت بالxxxx؟!!! إشرحي لي أرجوك فلم أفهم ..
_سيدة ندين ماذا تفعلين هنا ؟!
أتاها صوت الطبيب من الخلف ففتحت عينيها تنظر للفراغ ثم تساءلت أين إختفت الممرضة ؟! أعاد الكرة من جديد وهو يدلف للغرفة ببطء هامسا : هل أنت بخير ؟! أكنت تكلمين أحدا قبل مجيئي ؟!
نظرت إليه مرتجفة و كأنما أحدهم سكب عليها ماء باردا في عز الشتاء تتمتم بأشياء غير مفهومة : لقد .. كانت هنا .. كنت كنت أسألها عن إبنتي .. الممرضة كانت هنا دكتور..
نظر إليها بتوجس فتقدم خطوة إليها و قد كانت تنظر لرؤى على السرير بغرابة فقال و قد صار أمامها تماما : سيدة ندين تعالي معي قليلا...
ثم نظر صوب نظراتها فإتسعت حدقتيه بإرتياع فأعاد بصره نحو ندين و سألها:هل رؤى إبنتك؟!.. أليست إبنة ..؟!!
أجابته ندين باكية و عيناها تابتتين على جسد رؤى المسجى فوق السرير بسكون : بلى .. إنها إبنتي .. لكن إلهام أمها ..
ماذا تقول هذه المرأة ؟! لا يبدو عليها أنها واعية ؟!
تتحدث بغرابة و نظراتها مخيفة وجاحظة..
ربت على ذراعها برفق فإنتفضت تنظر إليه بتوجس فقال مهدئا : إهدأي .. ماذا أصاب رؤى ؟!
حركت رأسها بقوة تنظر إليه ..كان كالضباب لا تستطيع تمييز ملامحه فأمسكت بحافة السرير بترنح .. ناولها الطبيب كوب ماء فأخدته منه على الفور و شربته .. بعد قليل أصبحت الرؤية أوضح .. وصار بإمكانها تمييز الذي يقف أمامها فقالت بصوت متعب باك:لم أستطع حمايتها كما يجب .. لم أنتبه لإبنتي .. أنا أم سيئة .. ههه بل الأصح متى كنت بمتابة الأم لها ؟! لقد خنت الأمانة ... لم أحافظ عليها كما يجب .. خنت أمانة زوجي ..
فسكنت تشير لرؤى بإنكسار و هو لا يعرف كيف يقدم لها يد العون : أنظر.. أنظر .. لو كنت حافظت عليها لما وصلت لهذا الوضع .. لقد إعتدوا عليها الأوغاد .. لقد وضعوها في مشفى مجانين و قاموا بتعذيبها على طريقتهم .. كيف طاوعتهم أنفسهم أن يفعلوا بها ذلك؟!! يا اللّٰه!!! ..
هز رأسه مصعوقا فيها فأردف : ماذا؟!!! .. هل ..؟!
يا الهي .. كيف لم أفطن للإسم ؟!
التقرير الذي درسته هل كان يخص .. ؟!
و لكن كيف وصلت لمكان كذاك .. كيف قاموا بتعذيبها بتلك الطريقة؟! بل أي أنذال تعرف هذه الفتاة ؟!!
ضغط على أنفه بقوة و قد شعر بشعور غريب تجاه هذه النائمة في سكون .. ليس شعور الشفقة أو أي شعور .. شعورا لم يستطع أن يفهمه .. فأحس بغصة في حلقه و بقبضة خانقة تلف قلبه ثم تمتم خافتا: لما أنت يا فتاة؟!!!.. ماذا فعلت كي يؤدونك بهذه الطريقة؟!! ..
توقف ينظر إلى ندين في أسف بعد أن توجهت هذه الأخيرة و ضمت أنامل رؤى ببكاء .. جر قدميه خارج الغرفة فأغلق الباب مستندا عليه بوجع هامسا : ماذا أصاب هذه العائلة الصغيرة ؟! و أين رب الأسرة؟!!!... هل يتسكع كالآخرين بلهو أم؟!! ..
ثم إبتعد و كلام ندين ينخر في عقله : لقد خنت الأمانة!! .. لم أحافظ عليها كما يجب!!!.. خنت أمانة زوجي!!! ..
فإستطرد قائلا : لا يبدو أنك تتسكع كما وصفتك أنا.. لا بد أنك مربوط بقيود القدر أنت كذلك ... ولا تستطيع الفرار مثلي!!!
فتذكر كلام صديق قديم و هو يراقب ضجيج السيارات من خلف زجاج النافدة مرددا :
_ حاول أن تحافظ على حياتك و عائلتك في هذه الحياة المربكة!..
شعر بالحنين إليه فإستطرد بألم :أين أنت يا رفيق الساعة و أين إختفيت؟!! .. عد.. عد فلم يكتمل الحديث بعد؟!!

*********
" أوووه .. العرض كان مثيرا يا سادة .. لم أصدق أن هذا كله سوف يحدث مع الدكتورة رؤى "
فتحت عينيها ببطء و الظلام ينقشع شيئا فشيئا أمامها .. و كلما رأت بقعة ضوء تتسلل لعينيها التي ما عادت تشعر بهما أو بالأحرى لم تعد تشعر بأي شيء إستغربت!..
رفرفت برموشها تنظر للسقف بجمود و كم ظنت أنه كابوس مرعب و الآن حان وقت الإستيقاظ.. لكن الحلم شيء و الواقع شيئا آخر كما أنها لم تكن تحتاج لا للقليل من التفكير أو حتى الكثير منه كي تستوعب مكان تواجدها..تذكرت كل شيء مر قبل بعض ساعات .. فأفاقت من أفكارها المريرة على صوت صراخه و هو ينطق بنبرة متنمرة يتردد صداها في أذنها إلى الآن : سوف ترين يا سافلة .. سوف تتجرعين من نفس كأس صديقتك المحترمة "
الآن فقط تستطيع التيقن و بشدة أنها بمشفى آخر إثر لمحها لوجه والدتها النائمة على الكرسي تحتضن يدها و قد تبلل وشاحها بخيوط الدموع البادية على خديها المنتفختين و أنفها الأحمر .لكم تمنت لو كانت بجانبها و قاتلت من أجلها عندما كانوا يعذبونها!!..
لكم تمنت أن لا تغادر حنايا هذه المشفى و تبقى بجانب والدتها المريضة و ألا يصيبها ما أصابها!!! شعرت بأشياء غريبة .. غريبة جدا تهيج في أعماقها ..فأحست بيد قد إمتدت كقبضة حديدية لتمسكها من عنقها .. شيئا فشئيا بدت الرؤيا تنقشع أمامها تانية .. لكن هذه المرة ليس للنور بل للظلام الحالك .. نظرت للشخص الذي يريد خنقها و الغريب في الأمر أنها لم تقاومه أبدا .. كانت مستسلمة للموت حتما .. حتى والدتها لم تستشعر حركته
حاولت إيقاظها لكنها منعت نفسها..
الأم التي لم تخلق لتهتم بوليدتها لا تصلح أن تكون أما!! هكذا نطقت بها أوصال روحها اليتيمة!!.فإستطرد الشخص بصوت شرس يدوي بالرغم من خفوته : هل إستيقظت يا شاطرة؟!! .. تأخرت كثيرا!!
تقطعت أنفاسها و هي تتصبب عرقا و حرارة جسمها تزداد و تزداد بشدة فهمست و قد تيقنت أنها النهاية : م .. ماذا تركت كي لا تطبقه علي ...م.. من أعمالك الشيطانية!!! ..
أغمضت عينيها تهوي في دوامة خانقة
الشياطين تجلبها من كل مكان .. الظلام يلفها من كل جزء من جسمها و العمق أشد حلكة .. أصوات تناديها .. لم تستطع تمييز إلا صوت واحد من تلك الأصوات التي باتت تتلاشى شيئا فشيئا ..
"رؤى .. قفي على السرير .. سوف أحملك و نطير .. سوف أطير بإبنتي" ..
"لا... أبي.. توقف لا تفعل .. أشعر بالدوار"

و بعدها بوقت قصير جدا .. فتحت عينيها من جديد .. إزدردت ريقها ببطء و هي تشعر بألم في رقبتها إثر الخنق .. و قد عجزت عن تفسير ما يحدث معها من متاهات متشابكة .. أكانت تحلم ؟!! هل كان حلم ؟!

همست و قد شعرت بقبضته هشمت عظام رقبتها و كلامه إختلط مع نبضها و دمها رائف
لم يصلها أي جواب.. فقط صدى صوتها المتحشرج هو من سمعته.. فإرتجف جسدها تلقائيا و هي تشيح بوجهها عن الفراغ تريد أي شي يبرهن لها أنها لا تزال على قيد الحياة!!.. و هذه المرة ليس خوفا بل تريد النجاة من هذا العذاب حقا .. و لما رأت هذه الأخيرة نائمة تضم كفها .. عادت إليها روحها الميتة ..
هل كان سرابا؟!! ماذا يحدث يا الهي؟!! هل جننت .. ؟! لو تسند رأسها على صدر والدتها الآن!! .. لو تبكي في حضنها كما كانت تبكي في حضن إلهام!! لو تخبرها ما فعلوه بها!!! ..
لو لو لو...
حتى شعرت بشي يحرق أنفها و يؤلمها بشدة ليصل و يستقر على شفتيها هناك فزاد الحريق لهييا و ذاك السيل لا يتوقف .. يخرج من عينيها بغزارة كي ينهمر على وجهها و يحرقها بسخاء .. فتأوهت بخفوت : ما هذا الألم ؟!
هل الدموع تحرق؟!! توقفي أيتها السوائل فأنت تحرقينني ..أقسم أني لم أحرق من قبل كما أحرقتني الآن!!
********

-و كم ثمن هذه الدمية ؟!
قالتها رنيم فاغرة فاها بإعجاب و بنبرة شابها القليل من الأسى و الحنين فأجابها البائع مبتسما :هل أعجبتك ؟!
تنهدت تمط شفتيها بإمتعاض كطفلة بريئة قائلة بحشرجة : كثيرا .. إنها ترتدي الأصفر ..
قال البائع بمكر و هو يرتب بعض الدمى جانبا :هل تحبينه ؟!
نزلت دمعة حارقة على خدها الأيسر قائلة و طعم الصدأ تبتلعه مع غصة مؤلمة : أحببناه أنا و صديقتي .. و قبل ذلك .. أحببته لأن والدي كان يحب هذا اللون كثيرا .. رحمه اللّٰه
تأسف البائع قائلا : رحمه اللّٰه و أدخله فسيح جنانه ..
نظرت إليه رنيم بأسى بعد أن أعادت الدمية لمكانها بحزن فغادرت فهتف البائع وراءها :ألن تأخديها ؟!.. تعالي يا فتاة..
لم تجبه فلقد كانت تغلق أذنيها بالسماعا و هي تحتمي من أصوات الطرقات المزعجة التي كادت تفتك برأسها .. لما سآخدها يا هذا !
عذاب وسط عذاب .. ألم يغلف ألم آخر .. ألا يكفي ما أمر به الآن ؟!.. دعوا قليلا من الحزن للمستقبل رجاء..تبا لهذه الأيام الحقيرة..
_ يا فتاة .. لقد أسقطت مثلجات صغيري ..
تبا لهكذا عالم .. تعال يا ولد !! تعال إلى هنا ..
قالها الشخص موبخا صغيره .. فتمتمت رنيم بخفوت و هي تضم ذراعيها بقوة : آسفة لم أنتبه ..
تأفف الرجل يمسك يد صغيره و هو يجره ورائه قائلا بعجرفة : لا بأس .. في المرة القادمة إنتبهي..
-إنتظر .. سوف أشتري للصغير واحدة أخرى .. إنتظر رجاء!!
ثم أدركت أنها تكلم الفراغ وسط ضجيج الطرقات و الرجل يختفي مع إبنه بعيدا وسط الحشد.. إبتعدت غير آبهة لسيرها حتى وجدت نفسها بعد طول مسير جالسة أمام البحر تراقبه بشرود .. تكلمت بعد أن أشبعت بصرها من زرقته الرائعة : أنت حقا هادئ!! .. مثل رؤى تماما!! ..
فبكت بحرقة فجأة بعد فراغ جوفها تضم الرمال بأصابع قدميها وهي تنظر للبعيد: كنت صغيرة آتي للعب مع أبي أمامك فوق الرمال حتى أخدته مني يا قاسي..كنت شاهدا على كل شي!!.. شاهد على خيانتها لأبي .. في هذا المكان بالضبط و في مثل هذه الساعة..
توقفت تمسح سيل عبراتها بكم سترتها ثم إستطردت من جديد : في مثل هذه الساعة أخدته مني أبي!!.. ليتك كنت موجودا معي لقد آدوني كثيرا عذبوني فلم أستطع الدفاع عن نفسي كما علمتني أنا وحيدة من دونك وحيدة ..
فنظرت للسماء بدموع و قد حل الليل مع نجومه المرصعة في الفضاء .. فهمست: الأمر صعب..!! صعب جدا أن يدرك الانسان بأنه وحيد و سيبقى وحيد مدى الحياة.. لقد ماتوا كل من أحببتهم فأصبحت متشردة بين حنايا هذه الحياة!! لا يوجد أحد! لا يوجد أحد!! فيا بحر!! .. بلغ سلامي لوتين القلب و أخبره أنني لا أزال أذكره و أحبه!!
ثم نظرت لجزر الأمواج مخاطبة إياها :كنت أظنك لن تتركني مهما حدث لكنك فعلت لقد كنت ضعيفا جدا.. لم أتصورك ضعيفا لتلك الدرجة أبدا حتى تتركني!! لما فعلت ذلك يا أبي؟!! لما إنتحرت؟!!لما؟!!
بكت بحرقة تضم ساعديها بقوة و ألم قلبها لا يتوقف و هي تهمس: ألم فقدانك لم يشفى!! و لن يشفى .. لن يشفى أبدا يا أبي!!!

-ما الذي تفعلينه في هذ المكان في مثل هذه الساعة المتأخرة؟! ..
أتاها الصوت الرجولي بنبرة الدافئة المختلطة مع صقيع الليل الحالك فصعقت و ظلت جامدة من دون حراك.. تستشعر نبرة هذا الصوت الدفين في أعماقها وتحن لكائنها.. و كأنما توقف الزمن بها.. فعادت بها ذكرياتها لماض سحيق..
زادت من ضم جسدها المتلاشي بذراعها بقوة رهيبة بينما كان الشخص يكمل ببرود: أنا أحدثك .. هيا إستديري!!
هنا لم تستطع التحمل أكثر فقفزت رنيم تستدير بسرعة البرق جعلت قدماها تتبلل بمياه البحر .. و هو يكمل و عيناه عليها لا يوجد أحد هنا غيرك .. ألا تخافين؟!! ..
إزدادت نبضات قلبها قوة فأمسكت على صدرها فاغرة فاها فقال الشخص ببطء مجددا : يبدو أن مكوتك وحدك لفترة طويلة أذهب خلايا عقلك تماما..
إستدارت تغطي وجهها بكفيها متمتمة :لا .. لا.. ليس الأن..
فأردف وقد مال بجدعه عليها كليا :ماذا؟ .. هل وجهي الوسيم أصبح بشعا لهذه الدرجة كي لا تنظري إلي؟!!!..
فهتفت صارخة و هي تمسك بقلبها :إخرس!!
نظر إليها طويلا وكفيه في جيب بنطاله فأكملت بجنون : أغرب عن وجهي.. أغربوا عن وجههي كلكم!! .. لما اتيت إلى هنا؟! لما ظهرت في هذه الفترة بالدات لما؟!!
أجابها بنبرة غريبة و هو ينظر لحركاتها العشوائية و هي تحاول عدم البكاء فتفشل في ذلك : أهكذا ترحبين بالأصدقاء القدامى؟!! و كأننا إلتقينا البارحة ..
ثم أكمل بسخرية أوجعته و أوجعتها في نفس الوقت : اه نسيت!! .. لقد إتصلت بي البارحة و يبدو أنه كان عربون لقائنا هذا..
أمسكت رنيم بكم سترتها تمسح دموعها مجددا قائلة : سوف أرحل ... إبق أنت مع سخريتك هذه و لا تتبعني..
أجابها و عيناه لا تحيدان عن معصمها التي خبأته وراء ضهرها قائلا بصوت سعيد شرس: هيا تجاوزيني إن استطعت ذلك..
توقفت لاهتة تكتم شهقاتها فقالت بخفوت تنظر لعينيه القاتمتين : كيف يعني؟!! ..
فالتفت لمجموعة من الاشخاص يتربصون بهما .. تجمدت مكانها و كل جزء فيها يرتعب فمر شريط الأمس أمام عينيها فجأة.. ثم قالت بوجل بعدما وجدت صوتها أخيرا يخرج طبيعيا : دعنا نغادر .. كلانا سوف يغادر .. الوقت متأخر ..
نظر إليها عميقا و كم تاق لهده اللحظة لما إتصلت به البارحة فقال بجمود:هل تهذين؟!! .. مند قليل كنت تودين المغادرة وحدك.. ماذا جرى؟!!..
ثم إلتفت جانبا و قد كان شخصان يقتربان منهما يترنحان من فرط السكر.. إنكمشت رنيم مكانها تستغيث ربها أن يمر هذا الوبال على خير .. بينما رامي يمشط كل جزء فيها ..
يا الله!! لزالت كما هي!!. لم تتغير!!!
السكيران يقتربان شيئا فشيئا حيث لم تعد تفصلهما عن رنيم إلا خطوة واحدة و بعد ذلك قصف رامي من بعيد بصوته القوي الخشن و جميع أجزائه قد تحفزت لسحقهما :لا تقتربوا!!! خطوة واحدة!! خطوة واحدة و أفصل قدميكما المباركتين عن موضعهما..
فإبتعدا ضاحكين و هما يطلقان بعض الشتائم الوضيعة... جعلت رامي يردف بصوت غريب و هو لايزال ينظر لمعصمها: إقتربي..!!
نظرت إليه رنيم مذهولة .. فأعاد الكرة :إقتربي كي نغادر .. و ليس لفعل شيئ آخر.!
شعرت بالغضب الشديد فإقتربت منه وقبل أن تتكلم إستطرد هو بعدم صبر :لا أريد سماع صوتك الآن....أصمتي فقط..!!
ركبت بسيارته تشيح بوجهها و جسدها يرتعش بخفة... رامي يكون بجانبها الآن... رامي يقود بها السيارة...!! يا لا غرابة الأيام..!! تكلم هو بهدوء ساخر: متى تواضعت و صرت تتأسفين للناس؟!
حملقت فيه بغرابة و قد علمت أنه كان يتبعها مند ساعات فعادت تقول بصوت خافت : لقد كان طفلا ..
رامي العزيز ..كم تغيرت!!
ملامحك تحكي ألما لم أشاهده من قبل
فما الذي حدث؟!! ..
لما أشعر بشيء غريب يغلف شخصك؟!! ..
ترى ..ماذا فعلت فيك السنوات الماضية؟!!
إبتسم بعد أن نظر إليها ببشاشة و هو يركن السيارة في المرآب: لا تقلقي!! لم أتغير قط ..لكنك لن تستطيعي رؤية شخصي مالم أرد أنا.. لا تخافي .. على الأقل لن أدعك وحدك هذة الليلة ..
إتسعت عينا رنيم بإرتياع لا تصدق كيف قرأ أفكارها بهذه السهولة؟!.. هل هي مكشوفة أمامه لهذه الدرجة؟!!
عادت لجمودها بعد وقت قصير بينما هو فتح باب السيارة قائلا : أنا أراك كالسابق .. لا تنسي هذا أبدا!! حتى من دون أن تتكلمي ..أحفظك عن ظهر قلب يا رنيم .. هيا لننزل!!
أجابته بخفوت ..تشيح بوجهها عنه:
لا داعي لأن تصعد معي!! .. أشكرك على توصيلي!!
نظر إليها عميقا بعد صفقه باب السيارة بعنف قائلا بجمود شري: أا لأنه لم يلج شقتك أحدا قبلي؟!! ألهذا ترفضين دخولي؟!!
تذكرت رنيم قصيل فأمسكت على معصمها بقوة وهو ينظر إليها بغرابة قائلا : ما الأمر ؟! لماذا ترتعشين بهذا الشكل ؟!
أجفلت رنيم عند إمساكه لمعصمها فنترت يدها بقوة و قد إبتعدت عنه خطوة فقال رامي و كفيه معلقتان في الهواء: حسنا.. حسنا.. لنصعد ...
نظرت لخطواته المبتعدة فتألمت.. لا يا رامي أريدك أن تصعد!! .. ألا تفهم؟!!.. أرجوك غاادر فقط...
أرادت الصراخ بها بكل قوتها فلم تجد نفسها إلا و هي تتبعه بإستسلام ..فتحت باب شقتها فإستدارت إليه قائلة بود : تفضل!!
أجابها بهدوء: إن أردت ألا أدخل .. فلا بأس ..سوف أغادر..
نطقت رنيم بإبتسامة تابتة: دعنا نتحدث قليلا فلم نلتقي من زمن ..
عقد رامي حاجبيه بقوة قائلا: قبل قليل صرخت و طلبت مني المغادرة و الآن تطلبين مني البقاء .. أمرك غريب!!

نظرت إليه بمقلتين غائرتين مستندة على إطار الباب فدخل و عينيه تمشطان الشقة أغلقت رنيم الباب فقالت بخفوت : تصرف و كأنك في بيتك .. سوف أخد حماما سريعا بعد نتحدث..
- حسنا...
أجابها بعد أن جلس على حافة الكنبة لا ينظر إتجاهها فأسرعت إلى الحمام .. أما هو فظل ينظر لكل صغيرة و كبيرة في الشقة .. فتح الستائر فداعبته نسائم الليل الباردة فإبتسم محدثا نفسه: لقد إلتقينا من جديد!! ..
بعد وقت ليس بالقصير كانا يجلسان أمام بعضهما ..عيناه لا تحيدان عن مقلتيها المكحلتين فقال : ألن تأكلي؟! ألست جائعة؟!!
نظرت إليه بود قائلة : لست جائعة ..
فمسح رامي فمه بالمحرمة ثم قال و عيناه لا تحيدان عن معصمها المضمد:أنت لست على مايرام .. ماذا حدث لمعصمك؟! أخبريني!!
شبكت كفيها ببعضها البعض فإستطردت قائلة بهدوء تنفي كل شكوكه: لقد تشاجرت!! هذا فقط!!
إبتسم ساخرا بعد أن إقترب من وجهها فأمسك خصلة من شعرها أمام نظراتها الثلجية هامسا: يبدو أنك مهمومة!! .. عزيزتي لم أتصور أنه سيأتي يوم و تحزن فيه رنيم على هذا الشكل؟! ..هل سبب حزنك مالك هذه الساعة؟!
ثم أخرج الساعة بمكر فشهقت شهقة خافتة.. نظرت إليه و قد تبدلت نظراتها الودية لشراسة: أين وجدتها؟!!
-إذن توقعي صائب!! .. هل أحببته لهذه الدرجة؟!!
نهضت كالصنم تشير نحو الباب قائلة: أعدها لمكانها .. و غادر!!!
نهض رامي بتنهيدة مصطنعة و هو يهمس بجمود: كنت سأغادر ..على كل هذا ليس من شأني يا رنومة!!! الطعام كان لذيذا!! سلمت يداك ..
أمسك سترته واضعا إياها فوق كتفه بملل و هو يستطرد بكل هدوئه : لا تهتمي لكلامي!! لقد...
الغبية!! لما تبكي الآن؟!!! ضغط على أنفه بقوة.. فإقترب منها قائلا بعدم صبر: و الآن!! لما البكاء يا رنيم؟!!
إشتعلت نظراتها فجأة فعادت تتحسس وجهها بشك ثم إستدارت تجري صوب غرفتها..لحق بها رامي يطرق الباب مستمعا لسكونها الغريب:رنيم .. أأنت بخير؟!! إفتحي!!
لم تجبه فأعاد الكرة رنيم!! قلت إفتحي الباب حالا!!
فصرخت من الداخل تركل الباب بقدمها:لن أفتحه!! رامي!! غادر أرجوك..
خبط على الباب بصارخا بجنون: أقسم إلم تفتحي!!! سوف أكسر هذا الباب حالا و أكسرك معه إن تطلب الأمر!!
_يا إلهي!! يإلهي!!!
شد رامي على شعره بقوة فأعاد الساعة لمكانها شاتما ..ثم خطى خطواته نحو باب الغرفة و إستند عليه هامسا بهدوء أتى به من أعماق الأرض: لقد أعدتها لمكانها.. أقسم!!
أغلقت رنيم عينيها بقوة تعانق أديم الأرض ببكاء.. فإستطرد مجددا وهو يمسك بمقبض الباب بحزن:رنيم!! هل أغادر؟!! أتودين مني الرحيل؟!
أجابته وسط مطر دموعها تنظر للسماء خارج النافدة بشرود: أجل .. غادر لو سمحت!
فأردف بعد دقيقة كاملة و قد إبتعد خطوة للوراء إستطاعت فيها رنيم إستشعار هدير أنفاسه الصاخبة من ورائها:حسنا .. سوف أغادر!! لكنني سوف أعود.. ضعي هذا صوب عقلك اللعين ذاك!!

********

-بدر حبيبي!! تعال إلي.. كم إشتقت إليك!!
أسندت إلهام رأسها على السرير بتعب تمد يدها تجاه ولدها الصغير..
إبتسمت بشحوب فعادت تناديه:يا قلب أمك!! إقترب..
إقترب بدر بخطوات بطيئة ينظر لوالدته بعينين غائرتين.. فقبل جبينها بحب بينما الطبيب ينظر إليهما بأسى .. فقال بحشرجة:
لما لم تخبروني؟! أمي .. منذ متى و أنت في هذا المكان؟!
نظرت إليه بحزن فأردفت بجهد :أنا أردت ذلك حبيبي .. لم أرد أن تراني في هذه الحالة ..
مالت شفتاه لبكاء حارق و هو يعانقها بقوة .. بينما أشاح الدكتور وجهه عنهما تجاه النافدة.. فقامت إلهام بضمه كفرخ صغير محدثة إياه بخفوت :يجب علي السفر يا بدر!! سأسافر كي
ثم توقفت تسترد أنفاسها لاهتة: كي أتعالج ..سوف أشتاقك!! سوف أشتاقكم كلكم!!
لتعاود الهمس بصوت متهدج و هي تنظر للطبيب بإنكسار: دكتور!!..أين هي رؤى ؟!!
إفترش إبتسامة مريرة على شفتيه بعدما شعر بإنكسارها أوغر صدره ..ماذا عساه يقول؟!!
هل يخبرها أيضا ما آل إليه مصير إبنتها؟!! لا .. لن يفعل!! لن يزيد حطام قلبها!! إقترب منها مبتسما .. عينيها تتفحصان ملامحه ..قائلا وهو يربت على كفها: لا بد أنها في الخارج سوف أناديها!!
أومأت له بشحوب و قبل أن يغادر الغرفة توقف ينظر في الرواق الطويل بغرابة ..ما الذي يحدث مع هذه العائلة؟! ما هذا الألم الذي حاوط بحياتهم؟!!
توجه صوب غرفة رؤى يطرق الباب بأدب ..فتحته ندين بلهفة فجرت الطبيب ورائها بينما أشارت بسبابتها نحو رؤى قائلة بخوف :منذ أن فتحت عينيها و هي تنظر للفراغ أكلمها فلا تجيبني .. ماذا أفعل دكتور؟!!
نظر ناذر إلى رؤى فإستطرد:منذ متى و هي مستيقظة؟!!
أجابته بصوت مبحوح:منذ قليل!!..
نظر إليها لمدة ليست بالقصيرة فأردف بنبرة جادة: أتركينا بمفردنا رجاء!!
ححلقت فيه ندين بغرابة: و لكن!!...
لكنها فهمت مقصده فخرجت مطأطأة الرأس..بينما هو كان قد إقترب من رؤى و عيناه لا تحيدان عن جسدها ككل .. تأملها لبرهة فناداها: رؤى!!..
رمشت بعينيها مرتين كجسد بلا روح.. فوضع كفه على جبينها يستشعر حرارتهافقد كانت طبيعية!!..ثم أشاح بوجهه نحو حافة السرير و ملامحهه تحكي سطورا من ألم تجاه هذه النائمة متنهدا: يا إلهي!!..
رفعت رؤى رأسها بهدوء ..تنظر لظهره الصلب المتحفز ..ثم نادته بنبرة تقطر ثلجا أخرجته من بوتقة سكونه العاصف:منذ متى و أنا هنا؟!!..
أفاق من حزنه فإلتفت ببطء يناظرها .. هادئة و جميلة!!سمراء اللّٰون!! سوداء العين و الشعر!!
لكن..!! هل هي بخير؟!!
قال مقتربا: هل أنت على ما يرام؟!!
نطقت بعينين متسعتين و محمرتين: لم تسافر أم.. صحيح؟!!!
تبدلت ملامحه من الحزن لغرابة سؤالها فأجابها بالنفي.. بينما أكملت بنفس الهدوء:متى سوف تسافر؟!!
أجابها ناذر متفرسا ملامحها الهادئة الممتزجة بالشحوب .. لا تنظر إليه قائلا..: الليلة!! ..لقد سألت عنك!!..
إستدارت تنظر إليه ببطء شديد ..تحاول ما أمكن أن تجلس.. فإقترب منها الطبيب بخفة و أسندها على السرير آمرا: لا حراك يا رؤى!! ستبقين في السرير حتى تطيبي!!
أنزلت قدميها من تحت اللحاف تمس الأرض فقال آمرا للمرة التانية: قلت لا!! لن تستطيع والدتك التحمل أكثر!! إرحميها يا فتاة!!
هنا يعود الدوار يغلبها فيتراخى جفناها من جديد و تسكن بين ذراعيه قليلا.. تطلعت إليه و نظرت في عينيه هامسة: سوف أودعها.. لذلك يجب عليك مساعدتي!!
حملق فيها مترددا: أساعدك؟!! في ماذا؟!!
فأجابته بهدوء شاحب و عيناها على عينيه: لا أريدها أن تراني بهذه الملابس؟!! سوف أنهار!!
أغمض عينيه بقوة بعدما فهم مقصدها.. يعاود إخفاء حزن مقلتيه كي يحتمي من هذا الصراع الذي قسم روحه لنصفين.. فقال: حسنا!....

_سيدتي!! إحذري!!
هتفت بها رنيم بجزع فضحكت إلهام بسعادة ماسكة أذن بدر بقوة: أتضرب أمك!! و نعم الإبن البار!!
ضحك بدر صارخا.. يحاول الإفلاث منها بعدما أحكمت إمساكه جيدا من خصره قائلا: ضربة جزاء!! حسنا أعترف بها!! كان عليك درس ضرباتي .. يا والدتي العزيزة!!
إتسعت إبتسامة رنيم فبدت مشرقة كشمس لامعة تبعتها ضحكة خافتة .. خافتة جدا مصحوبة مع دمعة ملتوية على خدها:إنتبه لها يا بدر ... والدتك تعبانة ..
أشار لها بدر بسبابته مشعت الشعر : لا أدري كيف تتحملك أختي رؤى؟!! يالك من مملة!! مند ساعة و أنت صامتة تراقيبننا.. مابك يا دكتورة!!
حدجته والدته بنظرة خطيرة فصمت.. بينما إستطردت رنيم و قد إتسعت إبتسامتها أكثر:
_ دعيه .. دعيه!! جينات رؤى ما شاء اللّٰه!! مشاكس!!...
ثم خفتت ضحكتها شيئا فشيئا فغلف الحزن ملامحها الشاحبة بعدما نظرت إليها إلهام بعمق فإستطردت: رنيم!! أين رؤى؟!
آه!! يا سيدتي!! ألم تجدي غير هذا الوقت كي تسأليني؟!رؤى!! تبا لي من حمقاء!! لما أتيت لهذا المكان و أنا على علم بأنها ستسألني عن إبنتها؟!! لما قادتني قدماي إلى هنا؟!!
راقبت مقلتيها الغائرتين بعينين ضيقتين فأكلمت: لقد سألت الدكتور نادر عنها أخبرني أنه سوف يبحث عنها .. هل كل شيء على مايرام؟!!
أجابتها رنيم بعدما وجدت صوتها يخرج مبحوحا من حنجرتها: هي بخير!! سوف أناديها..
إبتسمت إلهام بعدم راحة فمدت يدها تمسك بمرفق رنيم .. إ ستدارت هذه الأخيرة مفزوعة فتلاقت نظراتهما طويلا ثم قالت إلهام مبتسمة: لا بأس حبيبتي!! إبقي .. لا شك أن رؤى سوف تأتي بعد وقت قصير!! أخبريني أنت.. هل كل شيء على مايرام؟!! تبدين شاحبة و لست على طبيعتك البشوشة..
إرتعشت بقوة وهي تشعر بروحها تتكور شيئا فشيئا إلى أن صارت نقطة صغيرة فتلاشت في الفضاء.. شعرت رنيم بقدميها تصحبانها إلى السرير فجلست على حافته ثم إستطردت و قد بدا مطر دموعها كعاصفة هوجاء وسط الرصيف تجمع الأخضر و اليابس:لم أعرف أنه سيحدث ذلك؟!! أقسم .. أقسم!! لم أدرك مدى خطورة الأمر سيدة إلهام!!
أخفت وجهها بأناملها المرتعشة و بكائها قد أوغر صدر إلهام وسط إنعقاد حاجبا بدر .. لا يعرف كيف يعتذر منها بعدما أوهم نفسه أنه السبب في بكائها
_ لن تسامحني!! أنا السبب فيما حدث!! ليتني وصلت قبل ذلك!! يا ليت!!
هتفت إلهام بعدما قامت بحضنها لصدرها الخافق بقوة:ماذا بك يا رنيم؟!! أخبريني حبيبتي!!
تألمت رنيم في الصميم فتشبتت بصدرها خائفة وسط إحتراق روحها:لا أستطيع! لا أستطيع ذلك!! لن تسامحني.. لن تسامحني.. يا اللّٰه!!
ثم أمسكت يداها بقوة تمطرانهما قبلات بشفتين مرتعشتين هامسة :رؤى .. محظوضة بأم مثلك.. ليت أمي تشبهك ولو قليلا.. ولو قليلا..
_أمي ماذا يحدث؟!!.. هل أنا السبب؟!!
هتف بها بدر بأسى فنظرت إليه والدته بإطمئنان قائلة: لا يا عزيزي!! يبدو أن رنيم ليست على مايرام!!.. إبحث عن رؤى في رواق المستشفى ...هيا بسرعة!!
_حسنا.. آه عفوا.. من حضرتك؟!!
نظرا كل من بدر و والدته صوب المرأة الواقفة التي كانت تمسك مقبض الباب بقوة تكاد تكسره .. فتكلمت إلهام و هي لا تزال تحتضن رنيم بحب: عفوا!! من أنت؟!!
أفاقت أثار على صوتها الحنون فنظرت لعمق عينيها بأسى تكتم آهات حزينة ثم إنتقلت لجسد رنيم الذي لا يضهر منه سوى كومة الشعر على صدر إلهام وإستطردت:كنت أبحث عن رنيم .. إبنتي!! أخبروني أنها في هذه الغرفة.. هل أزعجتكم؟!!
إتسعت عيناي إلهام فجأة بينما نهضت رنيم تشيح بجسدها عنهم كليا و هي تمسح دموعها فإستدارت تنظر لأثار بحرقة قائلة ببرودلماذا أتيت؟!! ألم نتفق على ألا نلتقي مجددا؟!!
ثم كزت على أسنانها تكتم صرخات روحها الملتوية وسك أشواك الحياة القاسية: لا أريد رؤيتك .. لا أريدك يا إمرأة!! ألا تفهمين؟!!
أجابتها بنبرة خافتة ممزوجة بألم دفين: لما تفعلين هذا بنا؟!! أرجوك يا رنيم!! كفي عن لومي.. لم أعد أقوى.. صدقا لم أعد أحتمل..
شدت رنيم رأسها بقوة فأشارت بسبابتها نحو والدتها بسخط: بالله عليك كفى!غادري.. غادري.. أنا أرجوك!! دعيني في أحزاني .. أنا التي لم تعد تحتمل!! لقد أخدتم مني كل شيء.فأنت لم تستطيعي الإكتفاء بخيانته فقط بل قتلته أيضا!
ثم صرخت بأعلى صوتها : قتلته!! و ستقتلينني بدوري إلم تبتعدي عني!!
إتسعت عينا إلهام بإرتياع كبير بينما إنكمش بدر في مكانه خائفا إثر الصفعة المدوية في الغرفة.. زمت أثار شفتيها ببكاء حارق تنظر لكف إبنتها و هي تغطي به مكان الصفعة قائلة بحشرجة: أهكذا تكافئين والدتك؟!
كيف إستطعت قول ذلك؟! .. أأنا المتسببة في إنتحاره؟! و أسفاه عليك يا إبنتي!! و أسفاه!!..
تكلمت إلهام بخوف لا تدري ما تقول:
_إهدأوا رجاء..
فأزاحت رنيم كفها من على خدها المحمر..ثم نظرت لبكاء والدتها بإبتسامة واهية تشفي بها غليلها: أجل يا أثار مبارك.. أنت من قتلت إبن عمك.. قتلته بخيانتك.. لو لم تخونيه لما إنتحر .. خيانتك هي التي أودت به لذلك المصير المشؤوم ..
صرخت أثار بجنون تمسك رأسها بألم:لم أخنه!! أقسم أنني لم أفعل!! لم أفعل!!
ثم إقتربت من رنيم تحاول إمساك كفيها وسط عاصفة الدموع التي إجتاحتها هامسة : أنا من تنازل عن حضانتك.. أجل أعترف بذلك.. لأن هذا كان إتفاقنا.. هو من منعني من الإقتراب منك.. حتى أقسم على السفر لمدينة أخرى إلم أبتعد عنك.. فكنت أراك من بعيد.. أقسم.. لقد هددني بأبشع الطرق..
مسحت وجهها بكم وشاحها الأسود الطويل فإستطردت بإرتعاشة:أجل .. كنت أراك من بعيد و لا أستطيع الإقتراب منك و لا ضمك.. و لا حتى قول "إشتقتك" .. لقد كان صعبا جدا علي!! صعب يا إبنتي..
إبتسمت رنيم فهتفت بجنون غير آبهة لنظرات إلهام الحزينة: مادام هذا كله إتفاق.. أين كنت عندما توفي؟!! أين؟!! لقد مضى على موته أربع سنوات.. فأين منك يا سيدة؟!!
أجابتها بهدوء باك: لم تكوني لتتقبلينني..
كأنه الجواب الذي كانت تنتظره رنيم فأشارت بسبابتها نحو الباب و هي تكز على أسنانها كذئب متوحش: و لن أتقبلك أبدا..لن أتقبلك كأم مهما فعلت!! غادري!! لم أعد أطيقكم جميعا.. إرحلوا عني! ..
إرتجفت روح أثار بقوة بعدما شعرت بكره إبنتها الشديد.. ثم أشاحت بوجهها عنها فتلاقت نظراتها بنظرات إلهام الحزينة.. تذكرت كيف كانت إبنتها تتشبث بهذه الإنسانة..
مسحت دموعها بخفة فإستدارت ترحل قائلة:بالشفاء العاجل سيدتي!!
أومأت إلهام بإبتسامة قائلة بحزن: شكرا لك..
أمسكت مقبض الباب راحلة..فأصدمت بعينيها الكحيلتين.. كانت تقف تتشبت بالدكتور وجلة.. بالكاد تستطيع الوقوف على قدميها..بينما ندين تقف خلفهما..نظر الطبيب خلف ظهرها عاقدا حاجبيبه بشدة :عفوا منك.. هلا سمحت لنا بالدخول؟!!
أفاقت آثار على صوته الرجولي المأدب فإبتعدت خطوة للوراء وسط نظرات إبنتها الصقرية..وقفت رؤى تزيح ذراع الطبيب قائلة بود: أستطيع الوقوف وحدي الآن.. شكرا لك
إبتسم لها بعطف فإلتفت رؤى تنظر لأثار بإبتسامة: لا شك أنك والدة رنيم؟!! تشبهينها كثيرا.. لقد عرفتك بالنمش في وجهك..
إبتسمت أثار بحب بعدما أحست بسعادة طفيفة تغلف فؤادها بسخاء و كأنما كلام رؤى أعاد لها بصيص أمل لإستعادة إبنتها ..فإلتفت تنظر لرنيم التي كانت كالصنم عيناها لا تحيدان عن جسد رؤى..وطأت قدما رؤى داخل الغرفة خطوة خطوة.. فقفز بدر معانقا إياها بمشاكسة: أختي!!.. حبيبتي!!..
قبلت رؤى رأسه ضاحكة: حبيبي بدر!! إشتقتك!! كيف حالك أخي الصغير؟!!
حاوط خصرها بذراعيه بينما غرس رأسه بصدرها قائلا بخفوت:أنا أيضا.. لما لم تخبريني بشأن سفر والدتنا؟!! أنا غاضب منك!!
تأوهت رؤى داخل روحها المحترقة تستغيث ربها متى تجلس قبل أن تسقط مغشيا عليها..
آه يا بدر!! كفى أنا أرجوك يا أخي!! يجب عليك أن تصمدي يا رؤى!! ليس وقت إنهيارك!!
فإبتسمت له بهدوء: نتكلم في هذا الموضوع لاحقا؟!!
ثم أبعدت ذراعيه جانبا بينما قدماها تقودانها لحافة السرير.. جلست عليه ماسكة آنامل والدتها بإشتياق فقبلتهما بقوة و قد شعرت بأنها عادت لمسكنها الآمن هامسة و الدموع تغرقها من جديد: إشتقتك يا نعمة الدار!! إشتقت لرائحتك!! إشتقتك ككل!!




يتبع 🌷🌷


يوجّين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-18, 02:19 AM   #13

يوجّين
 
الصورة الرمزية يوجّين

? العضوٌ??? » 410657
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 326
?  نُقآطِيْ » يوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond repute
افتراضي (تكملة الفصل الثاني.......)

-يا روح نعمة الدار أنت!!.. أين كنت؟!! أين تركت والدتك يا رؤى!!
همست بها إلهام تعانق رؤى بود.. فإنكمشت هذه الأخيرة على صدرها تروي من دفئه ظمأ روحها الميتة..ثم أجابتها بإبتسامة واهنة: كنت بالجوار ماما!! لم أتركك..
إلتفت إلهام تنظر لندين بصمت فأومأت لها بإبتسامة شفافة.. ثم مدت لها كفها قائلة:ندين!! أمسكت ندين كفها تربت عليه بعدما جلست على حافة السرير مقابل رؤى.. و ذراعا بدر يحاوطانها من خصرها قائلة بهدوء: إلهام.. كيف تشعرين الآن؟!! ألزلت تشعرين بالتعب؟!
هزت إلهام رأسها في نفي فنظرت لأثار بحزن تقف وحدها أمام إطار الباب.. و نظرات الأسى تكاد تخترق جسد رنيم كالسهام.. ثم نادتها: تعالي يا إمرأة!! لا تقفي عند الباب هكذا..
أجفلت أثار على صوت إلهام الواهن.. فنظرت لرنيم بعمق..ثم إستطردت قائلة:هذا لا يجوز سيدتي!! يجب علي الذهاب..
ثم إلتفتت رنيم تنظر لوالدتها بطرفة عين..
إلتمعت عينا أثار ببريق خفي.. بريق مليء بشظايا الحزن المشتتة على روحها الكسيرة..
فتأوهت في مكانها:أنت لا تودين مني الرحيل يا رنيم!!!لا تودين ذلك!!فكفى عنادا بالله عليك!!
ثم تقدمت ببطء بعدما تجاوزت إبنتها و وقفت بجانب بدر مبتسمة.. بينما إستطرد الدكتور قائلا بمرح:هذا يوم سعدك سيدة إلهام.. كل العائلة موجودة عندك هذا المساء!!
ضحكت رؤى تداري شعور الموت داخلها هامسة: أجل .. لاحظت ذلك..
إنتبهت رنيم لتصرفاتها الغريبة فإقتربت إلى جانب ندين و أمسكت كف رؤى بعفوية قائلة بحشرجة: رؤى!! كيف تشعرين؟!!
شدت رؤى على كف رنيم بقوة فتأوهت هذه الأخيرة بألم.. بينما إستطردت قائلة بنبرة غريبة .. لن يفهمها أحد سوى رنيم: أشعر بتحسن كبير.. و كيف لا أشعر؟!! و قد عدت لموطني..
إنعقدا حاجبا إلهام بقوة فأشاحت ندين بوجهها نحو الدكتور ثم همست والدتها و قد شعرت بغرابة تصرفات إبنتها قائلة: رؤى... مابك؟!!
إنتفضت رنيم بقوة تنظر لرؤى الهادئة و قد شعرت بروحها تطعن بألف سكين حاد..لم تود هذه المواجهة من رؤى.. أرادت أن تصرخ في وجهها و تسبها و تقتلها..لكن.. ليس هكذا!! ليس بمثل هذا الهدوء..ماذا يحدث لك يا رؤى؟!!
صرخت بها في أعماق روحها.. و كأنما سمعتها رؤى فأجابت وهي تحاول سحب كفها برفق فأبت رنيم أن تتركه:لا شيء!! لم يحدث شيء بسببك يا رنيم!!! كفي عن لوم نفسك بهذا الشكل!!
ضمت إلهام كل من آنامل رؤى و رنيم لصدرها قائلة بإمتعاض: ماذا يحدث بينكما أنتما الإثنان؟!! لما تتحدثان بالألغاز ها؟!!
ثم إنعقدا حاجباها بقوة: هيا أخبراني!!
ضحكت رؤى ضحكة خافتة.. فقرست خد رنيم وسط نظرات أثار الغريبة قائلة:رنيم أوقعتني من على الدرج.. فسقطت..
إتسعت عينا إلهام بإرتياع فأخدت تتحسس جسد رؤى بخوف هاتفة:حبيبتي.. أأنت بخير؟!! كيف وقعت..و أين يا رؤى؟!! لما لم تنتبهي؟!!
إبتسمت رؤى بحب مفعم بحنان و هي لاتزال تضم آنامل رنيم تستمد الطاقة منها: أنا بخير الآن ..أمي..
كانت تنظر إليها والدتها و هي تعقد حاجبيها بقلق..
و كم بدت لها رؤى شاحبة لا تدري ما تقول..
و ليس هذا فقط.. مقلتيها الدامعتين و السواد الذي تكوم تحت جفونها..كانا كفيلين أن تعرف أنها ليست على ما يرام..لهذا تنحنحت بخفة لتعاود مشاكستها: حسنا..حسنا.. صغيرتي لا تنتبه لنفسها و هذا سيء..
فوصلتها زفرتها الخافتة رغم مشاكستها التي تلاها صمت طويل: إنتبهي لنفسك جيدا يا قرة عيني!! مفهوم يا رؤى!! لا أريدك أن تتأدي أبدا.. من الآن فصاعدا يجب عليك الإستماع لندين.. سوف تكفين عن السهر ليلا مع رفيقاتك و..
و كأنها لم تكن تحتاج أكثر من هذا لتغرق في بحر عبراتها بين حزن و جنون..
بكت بحرقة و هي تشهق: أ... أمي!! لا تفعلي! لا تتحدثي و كأنك سوف ت..سوف ترحلين عني!!
معاناة لا يستشعرها إلا من ضمتها لصدرها بقوة إستطاعت مقاومة دموعها بشق الأنفس فتحدث بعياء شديد: لا..لا..يارؤى!! لا تبكي..ليس الآن يا صغيرتي!! ليس الآن..لن أسمح لك أبدا..
و كأن رؤى لم تعد تهتم لأي شيء فربتت على جانب صدرها تعانق خفقات قلبها القوية بشهقاتها الخافتة: لا أستطيع تحمل هذا أمي!! كيف أكون من دونك أنا.. لا ترحلي ..لا تتركيني!! لم أعد أشعر بالحياة أبدا.. سوف أموت من دونك.. في الأول أبي و الآن أنت.. لما تتركونني واحدا تلو الآخر؟!! لما؟!!
أشاح الدكتور بوجهه في حزن و قد شعر بشهقات رؤى تقرس نياط قلبه فتوجعه أكثر..
ثم أمال رأسه نحوهما من جديد بشبه إبتسامة زينت ملامحه الحزينة قائلا:هذا لا يصح يا رؤى!! كفي عن بكائك هذا!!
جن جنونها فجأة فكان هتافها قريبا لمواء قطة يتيمة و هي تهمس بدموع: لما؟!! لما أنت بالدات؟!! أنا أتلاشى..أتلاشى من دونك..

رمقت ندين ظهر رؤى المحتمي بصدر إلهام بنظرة طويلة.. قد عجزت كلماتها على وصف ما يجول بخاطرها المكوي بألم إبنتها..فتكلمت بهدوء:رؤى!! أنت تؤلميننا هكذا جميعا!!
ثم أسبلت أثار جفنيها مع إبتسامة واهنة.. عرفت طريقها قسرا إلى شفتيها و هي تنظر لرنيم متأملة كل جزء منها..لا تصدق أنها أمام إبنتها أخيرا!! آه.. كم إشتاقت لضمها كما في الصغر!! متى تحين لحظة العناق و القبل..متى؟!!..
ربتت رنيم على رأس رؤى بحنان و هي تشعر بشهقاتها المنتحبة تلسع روحها كأفعى مجلجلة سامة.. فبكت هي الأخرى:كفى يا رؤى!! كفى يا حبيبتي!!
ثم ضمتها إلهام بقوة لعلها تستكين في دفء صدرها.. تكاد تقسم بأن هذا الفراق أقصى و أقوى من الموت نفسها.. ثم همست:يا اللّٰه!!.. كم هذا قاس و متعب!!... كفوا أرجوكم..
ثم أمسكت وجه رؤى بكفيها تمسح الدمع المنساب من عينيها الكحيليتين..تأبى تصديق ما تمر به الآن..فهزت إبنتها رأسها برفض متمتمة بصوت واه.. واه جدا: أيقظوني من هذا الكابوس..أنا أرجوكم..لا أتحمل سفرك من جديد يا نعمة الدار!!.. هذا غير منصف!!
تنهد الدكتور بقوة في صمت بعدما أشبع قلبه من بكائها.. فلم يعد يتحمل كمية المشاعر التي إجتاحته فجأة.. تألم في صميم روحه بينما نحيبها الخافت يصيبه بمقتل.. ثم تقدم قائلا بحزم:كفى.. إنهضي يا رؤى!! لا أسمح لك بإتعاب مريضتي أكثر.. هذا سيء..
صرخت رؤى في وجهه بشراسة قطة يتيمة: بل أنا التي لا أسمح لك بإبعادها عني!!!..
ثم عادت تضم والدتها بوهن.. و كل من ندين و أثار يحاولن التخفيف عنها أبعدت إلهام وجهها تنظر لبدر المنكمش على الكنبة يبكي بدروه بحرقة.. فأغلقت عينيها بقوة كي تدع سيل دموعها ينهمر كشلال وسط صحراء فؤادها القاحلة و يزيد من إحراق وتين قلبها..
ماذا تفعل؟!... كيف تشرح لهم؟!!..كيف تودعهم؟!! كيف تصبر على فراقهم؟!!كيف.. كيف.. كيف؟!!ثم عادت رؤى تعتصر صدرها الدافئ بأنامل مرتعشة هامسة: ما أقساه من رحيل!!! ما أقساه يا أمي.!!..
تحدثث إلهام بعد طول بكاء بدر و عينيها لم تحيدا عن عينيه الباكيتين: الرجال لا يبكون!! أبوك لم يكن ليبكي أبدا..
فتنفست بقوة و تنهيداتها يصاحبن خفوت صوتها قائلة: أريد البقاء وحدي.. رجاء أتركوني وحدي لبعض الوقت..
همست رؤى بخوف: لا .. لا.. لن أتركك مهما حدث.. لن أسمح لك..
فهتفت إلهام صارخة و قد شعرت بقوتها قد إستنزفت بالمرة:كفى.. ماهذا الضعف يا رؤى! قلت دعوني لبعض الوقت وحدي.. ألا تفهمين!!
حملقت فيها رؤى شاردة فأمسكتها ندين تسحبها للخارج.. بينما سبقهم بدر بعينين مبللتين بالدموع..و كل من رنيم و أثار ينظران لإلهام بأسى .. قطعت إلهام شرودهما الملفت بإستطرادها: رنيم إبقي بجانب رؤى.. لا تتركيها مهما حدث يا إبنتي..
ثم توجهت ببصرها لأثار قائلة بحنان: و أنت أيضا.. لا تتركي رنيم مهما كان ماضيكما.. حاولا ألا تبتعدا عن بعضكما.. كفى أحزانا!!
أومأت أثار برأسها في حزن..فتكلمت بعد إلتفاتها لجانب رنيم: هيا.. رنيم إبنتي..
نظرت إليها رنيم ببرود.. كارهة تواجدهما في نفس المكان..فخطت خطواتها تجاه الباب ثم توقفت مجابهة لوالدتها ثم نظرت إليها بعمق..
و إبتسمت بغرابة.. إنتفضت أثار شاهقة شهقة خافتة إثر تلك النظرة الغائرة..فتبعتها دون كلام..لم يبقى في الغرفة سوى إلهام و الدكتور فأطرق برأسه ضاحكا: يالها من مأسات!!
تنهدت إلهام بإبتسامة واهية ثم تكلمت بعد شرودها لوقت قصير:أحسسوني بأنها النهاية.. إقتربت نهايتي يا دكتور.. لن أنجو..
ضحك ناذر محاولا تلطيف الجو و هو يقول: و ها قد مات الصرصور رعبا....
لم تعد تستطيع إلهام كبت دموعها فتساقطت كمطر غزير على عظمة وجنتيها بكت بحرقة و هي لا تزال تنظر للباب المغلق بأسى..يا ليتها لم تطرد رؤى!!..يا ليتهم بقوا معها و لم يغادروا!!يا له من إحساس قاتل..
ثم إستطردت باكية:ما أصعبه و ما أقساه الرحيل!!
عادت تستدير كي تنظر لوجه الطبيب قائلة بوهن:أرجوك إفعل المستحيل كي تبقي على حياتي في هذه الشهور المتبقية.. أريد أن أرى زوجي قبل أن أموت.. أرجوك يا دكتور ناذر!!
إقترب منها الدكتور ضاحكا فربت على يدها قائلا بإقتضاب: ماهذا الذي أسمعه؟! سوف تشفين!! قوي عزيمتك فقط..و سوف تعودين لزوجك و عائلتك و أقربائك..
ثم عقد حاجبيه قليلا و تجرأ و سألها السؤال الذي كان ينخر بعقله منذ أيام: أين زوجك؟!! لما لا أراه معك؟!
أغمضت عينيها هامسة: أنا أيضا لا أستطيع أن أراه.. لم أره مند زمن طويل.. طويل جدا ..
إنسحب الدكتور في كلامه قليلا.. فتحدث بخفوت: سوف أبعث ممرضتي لمساعدتك..بعد ساعة ستكونين في المطار.. تجهزي جيدا سيدة إلهام..
لمعت عيناها ببريق حزين إستشعره سريعا فأخدت نفسا عميقا تطفئ به حريق روحها و هي تهمس: سوف أكون جاهزة.. لن أدع المرض يهزمني..
تبسم الدكتور أجمل إبتساماته مع إستطرادها الحزين..ثم غادر..!!..

(بعد ساعة.. في المطار)

إبتسمت إلهام بإشراق وسط عائلتها الصغيرة..سعيدة لتواجدهم في المطار كل السعادة.. فإبتعدت عن الممرضتين تحتضن كل من رؤى وبدر لصدرها هامسة: أحبائي!!..
نظر إليها بدر بإبتسامة مختلطة بدموع طفل هامسا بحشرجة: أمي!!... سوف أشتاق إليك جدا..
عادت تقبله في جبينه بقوة بعدما نزعت نظاراتها الشمسية فلفت أشعة الشمس مقلتيها فومضتا بوميض بني رائع هامسة: يا روح أمك!!.. لا تقلق سوف أشفى سريعا و أعود إليك..
تقدم الدكتور من وراء رؤى هاتفا بمتعة مصطعة: الطائرة سوف تقلع.. هيا ودعيهم بسرعة..
تنهدت إلهام بخفوت و قد شعرت بخوف رؤى الكبير قائلة بعتاب خافت: بالله عليك يا دكتور!! ألا تحترم لحظة الوداع!!
فرفع ناذر يديه بإبتسامة خجولة زادته وسامة
إقتربت إلهام من ندين ببطء.. تأملتها عميقا ثم إستطردت هذه الأخيرة تضم كفيها: القميص الأزرق.. إنه رائع..
ضمتها بقوة.. فشهقت ندين بخفوت بينما تكلمت إلهام في أذنها:أرجوك.. ليس الآن يا ندين!! لا تضعفي أمامي هكذا.. سوف أعود سريعا أعدك!!.. إهتمي ببدر جيدا.. و كذلك رؤى..إهتمي بها هي الأخرى.. لا تدعيها وحدها مهما حدث.. أبنائي يا ندين!! أبنائي!!...
ثم أبعدت رأسها عنها بينما أومأت ندين في صمت مطبق.. فتكلمت أثار مبتسمة: سوف ننتظرك.. لا أعرفك لكن..
توجهت ببصرها نحو رنيم المنزوية في ركنها مع رؤى فإستطردت: يكفي أن تحبك إبنتي كي أعرف مدى مكانتك عند الغالين..
ضحكت إلهام بسعادة..فضمت كف أثار هامسة:
شكرا لكم جميعا.. سأشتاق إليكم كثيرا..
ثم توجهت لآخر فرد تودعه.. وقفت أمام رؤى تضم وجهها الشارد هامسة: إبنتي!!....
رفعت رؤى وجهها في وجه أمها البشوش محدثة إياها بصوت واه:سوف ترحلين الآن...
تقطعت روح إلهام لعدة أجزاء إثر سماع أنين إبنتها القاتل..فدمعت عينها اليسرى و هي تقول بدموع: لكنني سوف أعود يا رؤى!!.. إنتظريني بضع شهور فقط.. لن أتأخر...
فتشت رؤى في حقيبتها ببطء..فأخرجت وشاحا أسود.. نظرت إليه إلهام بوجل..ثم إبتسمت رؤى و قد عاد سيل دموعها قائلة ببحة صوت حزينة:ظننت أنك سوف تحتاجينه فجلبته لك..
_ وشاحي!!..
خرجت كلمتها منتحبة مع الأصوات العالية في المطار..فقامت رؤى بربطه حول رقبتها هامسة بإبتسامة: سوف ننتظرك.. سوف أدعوا اللّٰه لك في كل صلاة.. عودي فقط..
أمسكت إلهام على كفي رؤى بقوة فقبلت عينيها الباكيتين هامسة بعد ضمها لرنيم:نلتقي في آخر الخريف..إلى اللقاء!!
نظرت صوب كل واحد منهم تمشط ملامحهم التي ستشتاقها كثيرا..فإبتعدت خطوة للوراء و قد وضعت نظاراتها الشميسة مجددا ثم توقفت و إستدارت تشبع عينيها من عائلتها الصغيرة.. و بعد ثواني كانت تنطلق في رحلتها..

***********

_ ألن نذهب؟!! منذ ساعة و أنت تراقبهم من الأعلى.. فماذا كان إستنتاجك؟!!.. تبا!!..
هتف بها قصيل بسخط.. يكاد يكسر الزجاج بقبضته أمام هدوء رائف المستفز و عندما لم يجد ردا.. قام ليغادر صارخا و الشرر يتطاير من عينيه: يا ليتك قتلتها و إنتهينا منها يا رائف!!.. تبا لها.. تبا لها..سوف أغادر.. لم أعد أطيق التواجد معك و أنت في هذه الحالة!!..
إستدار رائف ببطء ينظر إليه بهدوء حير قصيل ثم قال بجمود: نلتقي بعد ساعة في الشركة فقد هاتفني والدي و أرغمني على الحضور..
ثم أشار بسبابته نحو الباب قائلا بنفس النبرة: و أنت أيضا!!
نظر إليه قصيل مليا و هو لا يزال يتكئ على إطار الباب فتوجه ببصره نحو الصورة المعتصرة في قبضة يد رائف الحديدية قائلا بجمود يماثل جموده:حسنا.. سوف أكون في الموعد.. رائف!!.. ما قصة تلك الصورة؟!!
إهتز ذقن رائف بقوة.. فتنمرت ملامحه بشراسة..ثم عادت لجمودها الأولي..بعدما إرتدى سترته و وقف أمام قصيل قائلا: لا شيء.. دعنا نغادر!!
تنهد قصيل بقوة وهو يفسح الطريق لرائف بقنوط هامسا و قد إبتعد عنه رائف بضع خطوات: حسنا.. أظنك تخطط لأشياء كثيرة أيها الوغد...

************

_ هل أساعدك حبيبتي؟!!.. هل تودين مني النزول؟!!..
همست بها ندين وهي تمسك بكفي رؤى تحتضنهما بقوة بعدما أوقفت السيارة أمام إقامتها..فنظرت إليها هذه الأخيرة قائلة بشحوب: لا داعي لذلك.. سوف آخد بعضا من ملابسي و بعض الكتب أيضا.. لن أتأخر..
فإستطرد بدر قائلا بخفوت:سوف أنزل أنا أيضا.. أريد أن أكون مع أختي..
تنهدت ندين تنهيدة حارقة بعدما أومأت برأسها متفهمة.. دلف بدر الشقة و أول شيء فعله هو الإختلاء بنفسه في غرفة والدته باكيا.. تأوهت رؤى بألم شديد فأخدت تنظر للشقة الفارغة بحزن ثم نطقت بإختناق: إنك موحشة!!.. موحشة من دونك...لن أدخلك بعد هذا اليوم أبدا..إنك تحرقينني!!..
شعرت بالخواء في ركبتيها فجلست على الأرض بإنتحاب خافت تحتضن ركبتيها:
_هل حقا غادرت أمي؟!! هل سافرت مجددا؟!! كيف عاد إليك؟!!.. كيف؟!!أكرهك أيها المرض الخبيث.. أكرهك أيتها السرطانات اللعينة!!.. قاتلة!!. قاتلة!!.. قاتلة!!....
ظلت ترددها باكية.. لا تريد تصديق رحليها..
فهمست همسة خافتة و الفراغ يحرقها من جديد: لماذ؟!!..
إستجمعت نفسها قليلا بعدما ظلت تبكي لأكثر من نصف ساعة..قامت بأخد بعض الملابس و كذلك بعض الكتب الطبية التي تحتاجها..ثم إتجهت تطرق الباب على بدر.. تناديه و بالكاد يخرج صوتها: بدر.. هيا لنغادر.. تأخرنا على أمي..
لم يصلها جوابه فعادت تطرق مجددا و شهقاتها الخافتة تصاحب إستطرادها المختنق:هيا يا بدر!.. كفى إختلاء بنفسك يا عزيزي.. لنرحل من هنا..
صرخ بدر من الداخل بقوة: إذهبي إن أردت.. أنا لن أغادر هذا المكان..
صرخت رؤى بالمثل فضربت بكلتا يديها الباب متأوهة: قلت إفتح.. مع من ستبقى هنا ها؟!! لا يوجد أحد.. أمنا سافرت.. سافرت.. تقبل الموضوع كيفما تقبلته أنا..
لم تمضي إلا تانية إلا و كان بدر قد فتح الباب هاتفا بشراسة: لما هي بالدات؟!! لما إختارها السرطان هي بالدات؟!! ألا يوجد نساء في هذا العالم دونها؟!! أكرهك لأنك أخفيت علي الأمر.. أكرهكم جميعا!!..
شدت رؤى على رأسها بقوة.. بعدما أغمضت عينيها بتأوه ثم إستطردت بخفوت:حبيبي بدر!.. ماذا نفعل؟!! هذه هي الحياة!!
ثم إبتعدت بترنح وسط نظراته الباكية قائلة:إجمع أغراضك.. سوف نغادر هذه الشقة دون رجعة..أفهمت؟!! لم يعد داع لتواجدنا فيها من دونها.. سوف نعود عندما تعود هي..
ظل ينظر إليها باكيا.. و هو يمسك الباب بكلتا يديه لعله يخفف إرتعاشة جسده.. لم تقوى رؤى على الصمود أكثر فوجدت نفسها تترنح شيئا فشيئا على الطاولة بينما بدر يختفي كالشبح الحزين وسط الشقة..حاولت الصراخ بأقصى ما تملكه من قوة..
حاولت جاهدة أن تتشبت أكثر و أكثر..
لكن ما لمحته هو الفراغ وسط كفيها..فتاهت نظرات مقلتيها الكحيلتين للشخص الآتي صوبها..تأملته بضبابية لا تقوى على الحراك.. خطواته البطيئة خلفت صريرا مزعجا كصرير باب صدئ في عقلها.. فهمست بضياع: من.. من أنت؟!!
ثم باتت الصورة واضحة..أجل إنه دكتور!! ماذا يجري الآن؟!!.. ألن أرتاح؟!! ألن تدعونني و شأني؟!! رأته يجثو أمامها و هي غير قادرة على تحمل الرعب الذي غزا كينونتها فجأة إثر الشخص الذي رأته.. إتسعت عينيها بإرتياع.. بينما تلكأت الحروف في جوفها معلنة موتها تحت سياطه.. فهمست بخفوت: أنت؟!!!! را.. ر.. رائف!!!....
تكلم رائف بتنمر و هو يمسك على معصمها بشراسة تذيب العظام.. و يده الأخرى بها حقنة أجل تلك الحقنة!!..:
_خائفة؟!!.. ظننتك قوية على هذا الضعف؟!!
دكتورة رؤى!!....
إمتدت قبضته لذراعها فعصرتها دون رحمة.. وسط إستجداء رؤى: لا تفعل؟!! إياك!! إبتعد أرجوك.. دعني!!..
- رؤى....!!..
ظل يوقظها بدر مرعوبا من هذيانها..فقد كانت منكمشة حول نفسها على الأرض تعانق أغراضها بقوة.. و مطر دموعها لا يتوقف..
و لما شعر بأنها ليست على ما يرام.. صرخ بقوة مناديا بإسمها.. ففتحت عينيها ببطء ناظرة للسقف بشرود.. بعينين جاحظتين جعلت بدر يهمس بخوف و هو يضم أناملها: أختي... لما نمت هكذا؟!!..
نظرت إليه رؤى لزمن يقارب الدقيقة الكاملة فهمست بحشرجة:لقد كان كابوسا!! ظننته حقيقيا.. كان كابوسا خانقا..
ساعدها بدر على الوقوف فأمسك بأغراضهم قائلا بدموع: لنرحل من الشقة!!
وقف كل من بدر و رؤى أمام باب الشقة بأسى.إستدارت رؤى متأملة كل جزء من تلك الشقة الخاوية بغصة مؤلمة في حلقها.. البارحة.!!. كانت مليئة بأصواتهم السعيدة.. فأين من تلك الفرحة؟!! أين من تلك الأصوات؟!!
تكاد تقسم أنها تسمع همسات أمها في الداخل.. لا تود الرحيل.. لا تود الإبتعاد مهما حدث.. هذه الشقة الصغيرة التي جمعت سوى ضحكاتهم .. فماذا جرى؟!! أين ذهبت يا نعمة الدار؟!!..
كيف حدث هذا فجأة؟!! كيف قلبت حياتنا رأسا على عقب في ليلة!! تسائلت رؤى تكفكف دموعها بحرقة..فأمسكت بمقبض الباب ثم أغلقته هامسة وسط عاصفة روحها التي تئن: لنرحل من هنا..

*********

-أهلا بك حبيبتي حور نورت البيت يا غالية..!!..
قالتها رجاء و هي تمد لحور كوب قهوة بسعادة لا تضاهيها سعادة.. فإبتسمت هذه الأخيرة بخجل ثم إستطردت قائلة في أدب: شكرا لك عزيزتي رجاء... إشتقت إليكم كثيرا..
تأملتها رجاء بحب ثم هتفت ضاحكة: اه لو تدرين مدى إشتياقي لك حور.. لماذا لا تأتين لزيارتنا كثيرا..؟!!.. ألا يسمح لك أخي؟!!..
إستطردت حور قائلة بإرتياع: لا..لا.. ليس هكذا رجاء.. السبب دراستي فقط..
ثم إبتسمت رجاء و عادت تقول:كيف حال البنات معك؟!!.. رحيق!! جهاد..!! روضة.. و تلك الأفعى إسمهان.. هل تؤذيك؟!!
شهقت حور شهقة خافتة تبعتها ضحكة رنانة قائلة:لا بأس.. لم يعد يؤثر في سمها..
لتعاود الضحك من جديد و هي تمسك كف رجاء قائلة بود: و أنت!!.. كيف حالك مع السيد لبيذ؟!! أبنائك.. أنا لا أرى أي أحد هنا..
وجدت رجاء نفسها تجلس أمام حور بعدما تركت كوب قهوتها جانبا.. فقالت و هي تمسد خد حور بسعادة ممزوجة برجاء خفي: الكل بخير.. لا تقلقي علينا حبيبتي!!.. ما أرجوه منك هو أن تسعدي ميثم قدر إستطاعتك.. لا تتركيه أبدا يا حور!! إنه يحبك كثيرا..
ظلت حور تنظر لحدقتيها في هدوء.. ثم إستطردت و هي تشد على كفها أكثر قائلة بثقتها المعهودة: لو تعرفين مدى تعلقي و حبي له!!.. لو تعرفين كم أعشقه و أعشق روحه.. حتى التفاصيل الصغيرة!!.. لا تقلقي..أعدك بأنني سوف أسعده حتى مماتي..
حدقت رجاء مشدوهة في كلماتها الصادقةو تكلمت و قد لاحظت ترقرق الدموع في عينيها الجميليتين: أنت أصدق ما رأته عيناي..مكانتك خاصة في قلبي.. سوف أرى الأولاد البيت بيتك يا زوجة أخي..!!.

نهضت حور تدور حولها كفراشة.. تحدق في كل صغيرة و كبيرة في هذا البيت..تسأل نفسها بذهول: "كيف لسيدة مثل رجاء أن تكون بهذا اللطف و التواضع في هذا القصر المبهر؟!!..
لم تكن لتصدق أنه يوجد مثل هذه البيوت الرائعة..!! كانت على يقين بأن بيت زوجها الكبير أشد جمالا و أكثر تراء و فخامة.. لكن هذا...
توقفت تجول ببصرها في رواقه الطويل هامسة لنفسها: هذا البيت رائع..!! بل أكثر من رائع..!! إنه كالقصور حقا..!..
لتعاود النظر للوحات الفخمة المعلقة في الرواق.. تقدمت تتحسسها بفرح طفلة.. لتقع يداها على تلك الصورة التي وضعت وسطهم بكل أناقة.. أمسكتها بأناملها و حدقت فيها مشدوهة.. نفس العينين..!! نفس الشفتين.!! بل نفس ملامح الوجه ككل..!!.. همست لنفسها بصدمة: لو لم يكن الشيب قد غزا شعرك الآن.. لقت أنت يا عالية!! ما هذا الشبه؟!!.
-زوجة خالي!! متى أتيت؟!!
وصلها الصوت الخشن قريبا فإنتفضت هاتفة بجزع:رائف!!.. أهذا أنت؟!! لقد أخفتني يا رجل!!..
حدق فيها رائف بعينين قاتمتين يستند على الجدار عاقدا حاجبيه..فإبتسمت حور و هي تقترب منه بعدما عدلت حجابها قائلة في هدوء: كيف حالك؟!!..
أشاح ببصره عنها كليا قائلا: بخير و أنت كيف حالك و حال خالي ميثم؟!!
أجابته بود: كلنا بخير رائف.. لما لا تزورنا؟!!
تجاهل رائف سؤالها و هو يقترب منها... أمسك الصورة من بين آناملها و أعادها لمكانها فتمتمت بكلمات إعتذار بائسة بينما إستطرد هو في هدوء مماثل لهدوئها: لمن شبهتها؟!! هل ذكرتك بأحد ما؟!!
إبتسمت حور و هي تراقب نظراته القاتمة تجاه الصورة فقالت: لا عليك.. من تكون هذه الفتاة؟!!.
ليعاود التحديق في عينيها و ذكرى تلك اللية لا تفارق ذهنه بتاتا.. قائلا بنبرة غريبة: أصال.. خطيبة ذمار!!
سألته حور بفضول: لا أراها أين هي..؟!!.
تغضنت ملامحه فجأة ثم إستطرد مبتعدا عنها: لننزل.. أظن أن خالي قد وصل للتو..!!
نزلت حور بموزاة رائف.. و رؤية ذلك الوجه ينخر عقلها.. إنه شبه ليس بطبيعي أبدا؟!!
قالتها بخفوت و هي تنظر لظهر رائف المتصلب و هو يلتفت إليها قائلا: أصال.. توفيت منذ أحد عشر عاما..
و يكمل سيره.. توقفت حور فجأة تمسك على السلالم بقوة.. الآن عرفت سر نظرة ذمار..!! نظرة ميته أليمة!!.. لطالما تسائلت.. ما الذي ينقص شخص مثله كي يتزوج؟!! شخص بمثل بهائه و ذكائه و رزانته..!! لا يفكر حتى في إقامة علاقة..!!.. ظلت تحدق لرائف الذي كان يسلم على زوجها في هدوء غريب!!. رائف ليس كبقية إخوته.. التوحش يغلب على طبعه الهادئ الذي يظهره إلا قليلا.. عكس ذمار.. الرجل المبتسم و الرزين.. و الإثنان يتعارضان مع طبع سادن الوقح و المتهور.. لكن ما يميزه هذا الأخير هي إبتسامة الجذابة التي لا تمحى من على ثغره.. مشت حور بتثاقل و وقفت بجانب زوجها بأدب.. قبلها ميثم على جبينها بقوة فكادت تحترق خجلا أمام رائف و رجاء.. بينما إستطردت هذه الأخيرة بعفوية و هي تمسك كف رائف: الحمد لله أنك إلتقيت رائف.. أظن أن ذمار و سادن في الشركة حبيبتي..
إبتسمت حور في إشراق حتى بانتا الغمازتين العميقتين كبئرين في الصحراء قائلة:لا بأس.. أراهما فيما بعد..
ليقول ميثم في أسف و هو يرفع معصمه ينظر لساعته: حور.. سوف أتأخر على الإجتماع عزيزتي..!! سوف أدع رائف يوصلك للمقهى لتلتقي بأخاك بعدها سوف يعيدك للبيت.. كنت أود أن أتعرف عليه أكثر لكن..
فقاطعته حور بإبتسمامة واثقة: لا بأس.. نزوره سويا في المرة القادمة..

- ضعي حزام الأمان لو سمحت..!
قالها رائف بهدوء و هو يقود السيارة بسرعة أخافت حور.. فهمست هذه الأخيرة بعدما وضعت حزام الأمان:رائف.. خفف السرعة رجاء..!!
تنهد رائف بضيق و هو يخفف السرعة فعلا بعدما تمتم بكلمات إعتذار خفيفة.. فإبتسمت و قد نالت مبتغاها قائلة بحزن: أنا اسفة..!! لم أكن على ذراية بأن أخاك كان خاطبا من قبل..
ضيق رائف عينيه و هو ينظر إليها بطرفة عين هامسا بقتامة: ها قد عرفت.. ماذا تغير؟!!
شهقت حور لوقاحته في الكلام فإستطردت بنفس الهدوء و هي تتطلع للنافدة: لا شيء.. لن يتغير شيء.. أسفة للمرة الثانية!!
وقف رائف بسيارته أمام المقهى المقصودة.. و قبل أن يلتفت إلى حور كانت قد طارت من السيارة فعلا.. فإتكئ على المقعد هامسا بفتور:هذا ما كان ينقص.. ما هذا العالم؟!!
وقفت بحجابها تنظر لشروده الملفث..فإبتسمت ملئ شدقيها و هي تقترب منه من الخلف ثم حاوطت خصره بذراعيها بقوة و همست بإنتشاء: أخي!! أخي الحبيب.. ناذر..
إلتفت إليها ناذر هاتفا و هو يضم وجهها مبتسما أحلى إبتسامته:حور..!! حبيبتي الصغيرة.. تأخرت يا شقية!!
قاطعته و هي تتعلق برقبته.. تعانقه بسعادة كبيرة قائلة: السبب تلك الزحمة اللعينة..!!
ثم إلتفتت ورائها لترى رائف الذي يتقدم نحوهما بخيلاء.. قائلة: هذا رائف.. إبن أخت زوجي..
إبتسم ناذر و هو يصافحه و رائف يرد عليه بفتور ثم إبتعد عنهما تاركا لهما مساحة الأحضان.. فقال ناذر بود و هو يجلس حور على ركبتيه: أين ميثم؟!! لما لم يأتي؟!!..
أجابته حور و هي تضم صدره بكفها الحنونة بعدما أغمضت عينيها بسلام:آسفة يا أخي.. لم يأتي بسبب إجتماعاته التي لا تنتهي.. كنت أود أن تتعرفا على بعضكما أكثر..!!..
ضمها إليه أكثر و هو يهمس: لا تتأسفي حبيبتي.. هذا ليس مهما الآن!!..
إتكئ رائف على جانب الجدار بعيدا عن مرأى الجميع.. سترته الحريرية المفتوحة لنصف صدره كانت تتلاعب بها الرياح بكل راحة و نسيم البحر يتخلل خصلاته الرمادية بكل تملك.. ملامحه هادئة رغم السعير الذي كان يعيش فيه منذ أيام.. يراقب أمواج البحر التي تتلاطم على الصخور بكل شرود.. إستدار فجأة ليراها و قد لاحت برأسها على صدر أخيها.. لا يظهر من وجهها إلا القليل بفعل حجابها.. تتوسد صدره بكل سلام و هو لم يأبه لنظرات الناس الوقحة من حوله.. لم يهمه سوى راحة أخته و سعادتها.. تارة يهمس في أذنها فتضحك و يزيد تشبتها به أكثر.. و تارة تتطلع في ملامحه و تهمس هي أيضا ليبتسم في وجهها بكل ود و حنان..
ظل يحدق فيهما لما يقارب الدقيقة الكاملة.. و هو يطلق أنفاسه الحارة في الهواء لتختلط مع نسيم البحر و تلطم وجهه من جديد.. إبتسم و هو يقاوم شعوره في تكسير هذه المقهى .. تذكر أيامه التي خلت بجوار والدته الحنون..فقد كان لا يجد نفسه إلا و هو يتمرغ في حضنها بقوة هامسا بعمر خمس سنوات: " لماذا لا تستطيعين الحصول على بنت أمي؟!! أريد أختا لي.. أحميها و أحبها و أدللها كما شئت..!!
لتحدق فيه والدته في حب كبير و تكمل بنفس همسه الطفولي: رائف!! حتى لو لم أستطع الحصول على طفلة.. لا تحزن يا عزيزي.. كما أن هناك رحيق و هي تحبك أكثر و تظل تردد أخي رائف.. أحبه أكثر من ذمار و سادن...
عاد من ذكرياته لواقعه قائلا بشرود: أي رياح أودت بك لذكرياتي يا رحيق.. مضت سنين مذ غادرتنا..!!
ليستدير بشيء من الجحود و عبارتها الهامسة أيقظته من كل شروده و ذكرياته الخالدة:هل نذهب رائف؟!!..
قال بفتور و هو ينظر للمقعد الفارغ:أين أخوك؟!!.. هل شبعت منه؟!..
لوت حور شفتيها بإمتعاض قائلة بنفس فتوره هو: ذهب.. وصله إتصالا من المشفى يخبرونه بحالة طارئة..
فتقدم بخطواته الثقيلة قائلا: إذن!!.. دعيني أوصلك لبيتك..
قالت و هي تضع حزام الأمان بشرود: لم أتوقع أن هناك أناس يتألمون و يتعذبون في صمت.. يا إلهي!! الأمراض لا تستسلم حتى تنهال من جسد الإنسان كله..
لتعاود همسها بتنهيدة حارقة وسط هدوء رائف: أتدري يا رائف!!.. عندما كنت أكمل دراستي في الخارج.. كنت أبيت وحدي في الشقة لأن الخادمة كانت تأتي في النهار لتذهب لحال سبيلها في المساء.. بينما أنا كنت أرتعد لمغادرتها و تركي وحيدة.. كنت أقول لنفسي قد أموت في أية لحظة و لا يسيق أي أحد خبر موتي.. أو أقتل في الشارع..
نظر رائف لوجهها و قد أثاره حديثها الشارد فقال: لماذ؟!!.. لماذ كنت تخافين الموت بهذا الشكل.. ألم يكن يحميك خالي هناك؟!!..
فتجيبه بعدما تنهدت و هي تهمس:ميثم كان أروع رجل ظهر في حياتي كلها.. لن أقابل أي شخص يشبهه ما حييت..
إنعقد جبينه أكثر و هو يراها تعدل حجابها بنفس الشرود و شيئا يجدبه في هذه المرأة و لا يعرف ما هو.. هل هو عشقها الكبير لخاله!! أم عينيها؟!! عينيها اللتان تذكرانه بسواد عينين كعيناي تلك الرؤى تماما..!!.. شعر بالغضب لمجرد تخيل عينيها فقال:إذن.. لماذا كنت تخافين؟!!
حدقت في عينيه لبضع تواني فإستطردت بنبرة غريبة: كنت أخاف الأمراض الخبيثة!!.. القاتلة..!! كنت أخاف أن أصاب بمرض سقيم لا أشفى منه أبدا..
إتسعت عيناه بغرابة بينما هي تكمل بنفس النبرة: تحدثنا أنا و أخي في هذا الموضوع.. أخبرني أن إمرأة قد تمكن من جسدها مرض اللوكيميا.. تصارعه للمرة الثانية.. لقد عاودها المرض يا رائف!!.. تأسفت لحالها كثيرا.. خصوصا أن إبنتها قد بكتها بحرقة كبيرة.. الأمر صعب أليس كذلك؟!!..
أجابها بقتامة و عيناه لا تحيدان عن الطريق: ربما..!!
لتبتسم هذه المرة بود ممزوج بألم ظاهر: لقد أشفق عليها أخي كثيرا و قال أنه يشعر بأحاسيس غريبة تجاه هذ العائلة..!! كأنه يعرفها منذ زمن.. أظن أنه قد أحب تلك الفتاة و هو لا يدري.!!
فتقول بتأوه بعد ذلك و هي تعيد بصرها للنافدة: تلك الرؤى المسكينة!!.. لن تستطيع تحمل فقدان أمها أبدا..!!..
حروف الإسم هجمت على ذماغه حرفا حرفا.. فإستدار ببطء ينظر إليها.. هل قالت رؤى؟!! هل نطق لسانها بإسم رؤى؟!! هل تعني رؤى التي يعرف؟!! رؤى كحيلة العينين و الشعر..!! رؤى.. رؤى.. رؤى..!! ظل عقله يردد الإسم و هو شارد عن الطريق.. و شريط إلتقائه برؤى في المقهى إلى الآن يعاد بسرعة..!! بسرعة كبيرة..!! رؤى الحمقاء!! تلك التي أخرجت الوحش القابع في روحه..!! تلك الفتاة الشيطانة!! هل يعقل أن تكون هي بلحمها و شحمها و عظمها؟!!
فسألها بنبرة تفوح قتامة و هو يوقف السيارة على جنب ببطء: هل قلت رؤى؟!!
إنعقد جبينها قليلا و هي تهمس: هل تعرفها؟!!
سؤالها ضرب آخر أمل له بقوة.. فتيقن من الإسم مليا ليعيد همسه بغضب مكتوم و حريق في جسمه: هل أخبرك بنسبها؟!
لتقول بهدوء:
- لا لم يفعل.. لماذا؟!! هل هناك شيء؟!
لم يستطع التحمل أكثر حديثها يذبحه.. يذبح كل خليه من جسمه المحترق.. يريد أن يتنفس.. يريد الهواء لرئتيه و إلا.. سوف يموت!!.. و هوائه هو معرفة نسب تلك الرؤى.. لذلك أدار السيارة بعنف شديد و ضغط على مقودها بعينين دمويتين..!! حاقديتين..!! قاتليتين..!! .يريد التأكد هل هي فعلا؟!! كيف تعرف هذا الدكتور المزعوم؟!! بل وكيف يتحدث عنها بتلك الشفقة؟!! لا.. لا... لا يمكن أن تكون هي بتاتا؟!! و إن كانت هي..إن كانت هي!! سوف يقتلع حنجرته من مكانها..
رؤى تلك الشيطانة سوف تبقى في ذمته.. يعذبها متى يشاء!! يقتلها متى يشاء!! يحييها متى يشاء!! لن تغادر مداره أبدا و إلا سوف يحرقها و يحرق هذا الكون أجمع!!.
أوقف السيارة أمام المشفى بقوة ثم دخل بخطواته الوحشية وسط هتاف حور المتوسل.
- أين أجد الدكتور نادر؟!!
هدر بها رائف في وجه الممرضة الذاهل فأجابته في تلعثم: المكتب الرابع!! في آخر الرواق..
أوقفه تمسك حور بذراعيه و هي تهتف: رائف!!! ما الذي يحدث معك؟!! ماذا تريد من أخي؟!!
أبعد يديها عن ذراعه بتنمر فإستمر عدوه الوحشي في الرواق بينما حور تتبعه بقلة حيلة و الخوف قد تمكن منها كليا..فتح رائف الباب بقوة و صوت إرتطامه على الحائط أجفل ناذر.وقفت حور ورائه و كفيها على فمها.. خائفة من القادم حتما!!
ثم حول ناذر بصره بينهما مذهولا فقال بغضب مكتوم:ما الأمر؟!! ماذا يحدث هنا يا سيد رائف؟!!
نظر رائف لعينيه بقسوة.. بغضب.. بإحتقار.. بوحشية لم يرها ناذر في حياته كلها.. فقال و هو يشدد على كل حرف ينطقه لسانه:من أين لك أن تعرف رؤى؟!!
نظرت حور لأخيها بأسف فتقدمت بثقتها المعهودة قائلة بهدوء:أنا نفسي لا أعرف ماذا حدث له؟!! بمجرد أن كلمته عن تلك الفتاة..!! أنظر إليه.. الرجل يكاد يفقد عقله!!
بادلها ناذر النظر بتأنيب فأشاحت بوجهها عنه كليا.. ثم إستدار و الشرر يتطاير من عينيه قائلا بأقصى هدوئه: عن أي رؤى تتحدث حضرتك؟!! و ما شأنك بعملي و مرضاي؟!!
ثم لم يلبث أن هتف:لما أنت صامت؟!! ماذا تريد من كل هذا؟!!
قطع رائف حديثه عندما خبط على المكتب بقوة و إحتراق القبأ في عينيه الدمويتين يزيد شرارة الشر لهيبا.. ثم همس كوحش:رؤى حسن إسماعيل..!! هل كنت تقصدها بكلامك؟!!
إتسعت عينا ناذر قليلا فظل ينظر لرائف لدقيقة كاملة و يقول دون أن يرفع عينيه من على عيناي رائف الوحشيتن: رؤى تكون مريضتي!! هل هناك مشكلة في هذا أيها السيد المحترم؟!!
ليضم قبضته و يخبطها على سطح المكتب من جديد.. هامسا بنفس الإحتراق:رؤى لا تحتاجك.. لا تحتاج منك لا شفقتك المعتوهة تلك و لا علاجك أيها الدكتور المعالج!! إبتعد عنها.. و إلا أنا من سوف يكون الطبيب و أنت العليل حينئد سوف أقوم بعلاجك على أكمل وجه!! هل فهمتني؟!!
هو ليس مستعدا للمشاكل بعد.. و تهديد هذا الوحش لا ينذر إلا بالشر.. تسائل.. كيف لرؤى أن تعرف و غدا مثله..؟!! لا..!! لن أسمح لهمجي مثله.. لحقير مثله.. لمتوحش مثله أن يملي علي ما أفعله.. لذلك طال اللقاء كثيرا بين عينيهما ليميل ناذر بجدعه على المكتب و عيناه المتوهجتين ببريق إنتصار لا تحيدان عن دخان عيناي رائف هامسا ببطء شديد: أنت من يجب عليه التنحي بعيدا فرؤى تبقى خطيبتي و عقد قراننا سوف يتم في القريب العاجل...


(إنتهى الفصل الثاني....)
قراءة ممتعة


يوجّين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-18, 02:34 AM   #14

يوجّين
 
الصورة الرمزية يوجّين

? العضوٌ??? » 410657
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 326
?  نُقآطِيْ » يوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond repute
افتراضي .....

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رغيدا مشاهدة المشاركة
عزيزتي قمت بتعديل مكان الروابط فلا يجوز ان تقطع الفصل وجعلتها بعد المقدمة ... نيجي للفصل
إيه كل العنف والشتم والضرب الرهييب ده ومن اول فصل عملوا ايه رنيم ورؤى لكل هذا الانتقام الشديد واي انتقام فى العالم يبيح لرجل ان ينتقم من انثى بهذا الشكل السادي وهذا التعذيب ...هناك حلقة غامضة ..ايضا تلك العلاقة الغريبة والغير مفهومة بين رؤى ووالدتيها لماذا تنكر امها الحقيقية وما سبب اختيارها لأخرى وكيف توفى والدها وما دور رنيم ومن يكون الدكتور نادر...هناك الكثير من الغموض والاكثر من العنف لدرجة اكبر مما يجب ...ايضا لاحظت انك دوما تحولين الدال لذال ...وهناك لفظ تستخدمه رنيم بكثرة فى السباب وهو لفظ الشاذ والشاذين وهو لفظ غير معتاد وله معنى سيئ فهل هم فعلا شواذ ام هي سبة وكيف تستخدمها فتاة المفروض طبيبة بتلك الطريقة ...رؤى ايضا المفروض طبيبة حتى لو كانت طبيبة اطفال لكن اليس غريبا انها عندما وجدت الهام ملقاة ارضا لم تستطع حتى فحصها للتأكد من حالتها ..اتمنى ان يكون القادم اقل عنفا واكثر توضيحا للغموض بانتظارك


شكرا جزيلا على تعديل الروابط عزيزتي.... 😍😍😍 طبعا ليسوا شواذ هههه... إنها مجرد سبة تستخدمها رنيم... صحيح أنها دكتورة لكنها ليست معصومة من السب و الشتم... لرنيم و رؤى ماض مشترك مع إبن عائلة عبد الناصر... إضافة لذلك أن كره رائف و حقده على رؤى راجع لكثير من الأسباب و ليس فقط بسبب صفعة رنيم له... أما فيما يخص ردة فعل رؤى إثر رؤية أمها ملقاة على الأرض حتى و إن إفترضنا أنها فحصتها أنذاك لم تكن لتستطيع فعل أي شيء... دون فحص شامل في مشفى كبير نظرا لعودة المرض لجسم والدتها... و أخيرا أقول لك أنني سأنتبه جيدا لكتابة الكلمات حتى لا أحول الدال لذال في المرة القادمة..
شكرا جزيلا لك... 🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷.


يوجّين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-18, 02:48 AM   #15

يوجّين
 
الصورة الرمزية يوجّين

? العضوٌ??? » 410657
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 326
?  نُقآطِيْ » يوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond repute
افتراضي يوجين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إبنة القمر مشاهدة المشاركة
يا له من أسلوب رائع... أحداث جميلة و غريبة نوعا ما لكنها متسلسلة و محبكة 💛💛💛 أول شيء فعلته أنني قرأت المقدمة.. كانت مقدمة غير روتينة غير تعريفية كباقي مقدمات الروايات الأخرى... أحببت تلاعبك بالشخصيات كثيرا و جعلك لها عبارة عن حروف لتستخلصي في النهاية عنوان الرواية... سرايا رائف 🙈🙈🙈🙈 عنوان جميل و يبدو من خلف هذه الحروف البسيطة عموضا كبيرا و إنتقاما جاحدا خصوصا من رائف... الوغد الشرير 😒😒 صراحة لم أحبه أبدا كرهته بمجرد وضعهه لرؤى في مشفى المجانين و تعذيبها تسائلت و تسائلت لماذا.... من أجل صفعة؟!! و صفعة من صديقتها يا إلهي كم هذا مؤلم.... لكنني فكرت كثيرا و من خلال حديثه مع رنيم تيقنت و اللّٰه أعلم أنه يعرف رؤى جيدا قد يبدو أنه سبق و إلتقيا إلا أنها لا تتذكره... و كرهه لها و بغضه الكبير منها دليل على إنتقامه و معرفته الكبيرة بعائلتها.... مسكينة رؤى لم تكن لتستحق كل ذلك منه مهما حدث..!!! 💛💛💛💛
على كل بالتوفيق الكامل عزيزتي... مسيرة موفقة 😍😍😍


لقد أسعدني حقا تعليقك الجميل هذا فيما يخص الفصل.. كل ما يجب علي إخبارك به بأنك سوف تعرفين و تفهمين كل شيء في الفصول القادمة إن شاء اللّٰه...!!...
قراءة ممتعة... و شكرا لك 🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷


يوجّين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-18, 04:12 AM   #16

رغيدا

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية رغيدا

? العضوٌ??? » 78476
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,760
?  نُقآطِيْ » رغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond reputeرغيدا has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل رائع وبدأ ظهور اشخاص جدد وزاد الغموض اكثر مع ظهور آثار وذكر اخوة رائف ترى ماذا يحمل ماضي تلك العائلة المشحون واين والد رؤي ...ولما تشك رنيم بأمها وتتهمها ...وكيف تعرف رنيم تلك العائلة ...واضح ان الفصول القادمة ستحمل لنا المزيد من القصص والابطال احسنت

رغيدا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-18, 10:50 AM   #17

أميرة الوفاء

مشرفة منتدى الصور وpuzzle star ومُحيي عبق روايتي الأصيل ولؤلؤة بحر الورق وحارسة سراديب الحكايات وراوي القلوب وفراشة الروايات المنقولةونجم خباياجنون المطر

 
الصورة الرمزية أميرة الوفاء

? العضوٌ??? » 393922
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 11,306
?  نُقآطِيْ » أميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond reputeأميرة الوفاء has a reputation beyond repute
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مبـــــروووك روايتــــك

إن شــــاء الله تنالـــي النجـــاح اللــي تتمنيـــه

لـــي عودة بعد قــراءة الفصـــول إن شـــاء الله

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


أميرة الوفاء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-18, 05:32 PM   #18

يوجّين
 
الصورة الرمزية يوجّين

? العضوٌ??? » 410657
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 326
?  نُقآطِيْ » يوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond repute
افتراضي يوجين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رغيدا مشاهدة المشاركة
فصل رائع وبدأ ظهور اشخاص جدد وزاد الغموض اكثر مع ظهور آثار وذكر اخوة رائف ترى ماذا يحمل ماضي تلك العائلة المشحون واين والد رؤي ...ولما تشك رنيم بأمها وتتهمها ...وكيف تعرف رنيم تلك العائلة ...واضح ان الفصول القادمة ستحمل لنا المزيد من القصص والابطال احسنت


يسعدني حقا أن الفصل قد نال إعجابك عزيزتي رغيدا 💛💛💛💛 و شكرا على تعليقك الجميل..❤❤❤❤❤❤ عائلة عبد الناصر لها ماض مشحون كما قلت.... و سأكشف عن كل صغيرة و كبيرة متعلقة بذلك الماضي عزيزتي و كذلك والد رؤى...!! كل أسئلتك هذه ستحصلين على أجوبتها في الفصول القادمة.... 🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷


يوجّين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-18, 05:36 PM   #19

يوجّين
 
الصورة الرمزية يوجّين

? العضوٌ??? » 410657
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 326
?  نُقآطِيْ » يوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond reputeيوجّين has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرة الوفاء مشاهدة المشاركة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مبـــــروووك روايتــــك

إن شــــاء الله تنالـــي النجـــاح اللــي تتمنيـــه

لـــي عودة بعد قــراءة الفصـــول إن شـــاء الله

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


اللّٰه يبارك فيك عزيزتي أميرة الوفاء 💛💛💛💛 إن شاء اللّٰه يا رب لما لا؟!... قراءة ممتعة و مرحبا بك


يوجّين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-07-18, 01:37 AM   #20

Gigi.E Omar

نجم روايتي و راوي القلوب وكنز سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية Gigi.E Omar

? العضوٌ??? » 418631
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 3,166
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Gigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond reputeGigi.E Omar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك carton
?? ??? ~
لا إله إلا انت سبحانك إني كنت من الظالمين 💙 لا تتنازل عن مبادئك و إن كنت و حدك تفعلها ✋️
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

وااااااااو طريقتك في كتابة المقدمة روووووووعة ..... الابطال هما حروف اسم الرواية يغنوا و يرقصوا 😍😍😍


دخلتي في أول الفصول على الشر على طووول .... انتقااام وبطريقة فظيعةة جدااا .... يا ترى الانتقام بسبب صفعة فقط !!!!!!! و لا فيه اكتر من كدا ؟؟

ايه حكاية البسكويت اللي رائف جابوا لرؤى في أول الفصل ؟؟

رؤى عندها أمين!! ريهام و ندين ..... عرفت ان ندين امها الحقيقية طب سابتها ازااي و ريهام هي الي ربتها ؟؟؟

نسيم جوز ريهام عايش و لا ميت ؟؟؟

هو بدر ابن ريهام بردو ؟؟؟ ووهو ابنها عايش مع ندين ليه ؟؟

رائف و قصيل دوول مجاااااااااااااااااانين عايزين مستنشفى المجانين !!!! دول كانوا هيقتلوهم !!!!

واضح ان حياة رائف مش سهلة و ملياانة غمووض ....

رامي من ماضي رنيم قصته معاها ايه ؟؟؟

نادر قال ان رؤى خطيبته ...... يا ترى المجنون رائف هيسكت ....

في اخر الفصل الثاني رائف قال رؤى حسن اسماعيل !!!!!! هي رؤى مش بنت نسيم ؟؟!!!

طبعا الرواية من اولها غمووووووض و دا اللي بحبه جدااا و عجبتني جدااااا

متشوووقة جداا للجااااي 🤔😇


Gigi.E Omar غير متواجد حالياً  
التوقيع
" و استغفروا ربكم "
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:19 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.