آخر 10 مشاركات
ومازلنا عالقون *مكتملة* (الكاتـب : ررمد - )           »          عذراء فالينتي (135) للكاتبة:Maisey Yates(الجزء 3 سلسلة ورثة قبل العهود) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          83 - عصفورة الصدى - مارغريت واي (الكاتـب : فرح - )           »          صبراً يا غازية (3) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          زوجة مدفوعة الثمن (44) للكاتبة:Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          وقيدي إذا اكتوى (2) سلسلة في الغرام قصاصا * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : blue me - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree229Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-10-18, 11:24 PM   #321

manar.m.j

? العضوٌ??? » 425938
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 472
?  نُقآطِيْ » manar.m.j is on a distinguished road
B3 star


فصل جميل كما عودتنا😗😗
حقا اردت ان ابكي على ياسمين
وهذا فريد😡😡😡
اريد قتله🔪🔪🔪
لارا يا لك من حمقاء هل كل من يكون اسلوبه جميل معك
تنخدعين
هذا مايزعجني بالبنات
يطربها بكلمتان سارت وراءه بكل حماقه
مازن لم احب ما فعله رغم عدم حبي لسيف
لكنه يرفض زواجها ابداا
مسكينه ليندا لاترى ان علاء يريد الابتعاد حتى عن ماتدعوه صداقه🙀🙀
خالد يا له من انسان حقير وسافل وكل شيء😠😠
فصل رائع شكرا حبي❤❤❤💙


manar.m.j غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-18, 04:26 PM   #322

Khawla s
 
الصورة الرمزية Khawla s

? العضوٌ??? » 401066
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,978
?  نُقآطِيْ » Khawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond reputeKhawla s has a reputation beyond repute
افتراضي

الحقير خالد والواطي سعيد رح يدمر لارا الله ياخذهم😒😒
تسنيم خسرت مازن يلا يختي خلي الحبيب ينفعك واكيد رح تكتشفي انه واطي
طارق مسكين ماتوقعت اسيل هيك تحرجو ياشيخة عيب عليكي ابن عمك ماقصر معك بس عجبتيني الزلمة قرب يقع😂😂
قلبي واجعني على ياسمين شو مصيرها مع الواطي فريد ورانيا والخدامه عم بخططو للانتقام منها
بس حاسة انه فريد رح يحبها ويتعالج من مرضه
تسلم ايدك ايوشتي فصل بجنن 😘😘


Khawla s غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-10-18, 10:19 PM   #323

manar.m.j

? العضوٌ??? » 425938
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 472
?  نُقآطِيْ » manar.m.j is on a distinguished road
Rewitysmile14 star

من متشوق للفصل😄😄
احس ستكون به احداث نار
مع اضافت ملح وبهارات😜
بالانتضار حبي😘😘


manar.m.j غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-10-18, 09:56 PM   #324

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
Elk

الفصل السادس والعشرون


سحب سعيد السيجارة منه ليأخذ منها نفساً طويلاً ، ثم قال بخبث : " لا أعلم لِمَ تتعب نفسك معها ؟ ، بإمكاننا إحضارها إلى الشقة ، و إعطائها مخدر ما ، و وقتها ستكون تحت سيطرتك الكاملة " .
لمعت عينا خالد بخبث من أفكار صديقه الشيطانية ، و هتف بتساؤل : " و كيف يمكننا إحضارها إلى الشقة ؟ "
ازدادت ابتسامة سعيد اتساعاً و قال ببساطة : " ليس صعباً .. فتياتنا كثر .. و أكثر من واحدة تستطيع إحضارها لنا بسهولة " .
نالت الفكرة إعجاب خالد و هتف بمكر : " و وقتها ستكون لي بكامل إرادتها .. و سأُشبع رغبتي بها ، لا أعلم كيف لم تخطر لي هذه الفكرة من قبل " .
هتف سعيد بمرح : " حتى أنا لا أعلم .. فهذه أسهل طريقة للحصول عليها " .
و أردف بخبث : " المهم ألا تنسى نصيبي فيها عندما تشبع منها " .
أحاط خالد كتفيه و قال بوعد : " و هل يمكنني أن أنساك ؟ ، يكفي أنك مَن جئت لي بهذه الفكرة " .
ثم ابتعد عنه ليقول بتردد : " لكن " .
رفع سعيد أحد حاجبيه بتساؤل و قال : " لكن ماذا ؟ ، لا تخبرني أنك لن تنفذ هذه الفكرة " .
ألتقط خالد السيجارة ليأخذ منها نفس ، ثم قال : " هذه الفتاة .. الواحد لن يشبع منها مرة واحدة ، سأحتاج أن أتذوقها لأكثر من مرة " .
تساءل سعيد بتعجب : " و ما المشكلة في هذا ؟ "
هتف خالد باستنكار : " ما المشكلة ؟!..، كيف ستأتي إلينا مرة أخرى بعد ما نفعل معها ما سنفعله ؟! "
ابتسم سعيد بخبث و قال : " بسيطة أيضاً ، نصورها و هي معنا و نهددها بالصور " .
حرك خالد رأسه بعدم اقتناع و قال : " فكرة جيدة و نسبة نجاحها كبيرة ، إلا أن هذه الفتاة متهورة و تصرفاتها غير متوقعة ، من الممكن أن تخبر أحد أفراد عائلتها و بعدها سنضيع نحن ! "
زفر سعيد أنفاسه بيأس و قال : " إذاً ، كيف سنحصل عليها ؟ "
صمت خالد مفكراً ، ليتابع سعيد التفكير دون جدوى ، فكل أفكاره قد أدلى بها لصديقه !
صاح خالد فجأة بسعادة : " وجدتها " .
ثم صمت مبتسماً بسماجة و هو يرى أنظار الطلاب تتوجه إليه ..
هتف سعيد بلهفة : " ماذا سنفعل ؟ "
ابتسم خالد بغموض و قال : " سأتزوجها " .
انصدم سعيد مما قاله ، فنهض صائحاً باستنكار .. ملفتاً المزيد من الأنظار إليهما : " تتزوج مَن ؟ ، أ جننت ؟ ، كي تمتلك فتاة تورط نفسك و تتزوجها ! "
أجلسه خالد بالقوة و قال : " أسمعني يا غبي " .
هتف سعيد بعدم رضى : " أسمع ماذا ؟ ، جنونك !..، اسمعني أنت ؛ أنا لن أجعلك تتورط في هذا " .
صاح خالد بخفوت كي يصمته : " أنا لن أتزوجها " .
انعقد حاجبي سعيد بعدم فهم و هتف بارتياب : " ستتزوجها و لن تتزوجها !..، قد بت أتأكد أنك جننت ! "
زفر خالد أنفاسه بنزق و قال : " لو تسمعني فقط " .
تربع سعيد في جلسته و قال : " أطربني بأفكارك العبقرية " .
هتف خالد بحماس ممتزج بالكثير من الدناءة : " سأعقد قراني عليها .. وقتها سيمكنني الإقتراب منها كيفما أشاء دون أن تعترض ، و حتى إن أعترضت فسأستطيع السيطرة عليها ببعض الكلمات الغزلية ..
و حالما أشبع منها أحولها إليك ، لتتمتع بها مرة و بعدها نرميها إلى والدها و أطلقها " .
هتف سعيد و هو يفكر في خطة صديقه : " و هل أنت واثق أن والدها سيوافق عليك ؟ "
هتف خالد بغرور : " بالطبع .. مَن ذا الذي يرفض خالد غنيم ! "
ابتسم سعيد و قد بدأ يشعر بقرب حصولهما على الفتاة التي لطالما رغب صدبقه بها ، ليقول بثقة : " و لارا سيكون لها دور في موافقته أيضاً ، لذا عليك التأثير عليها قبل أن تتقدم لها " .
هتف خالد بثقة مماثلة : " بالتأكيد ، ثم لا تقلق أنا أشعر بإعجابها بي ، يكفي غضبها من معاملة صديقتها لي ، هذا أكبر دليل على أنها تحمل لي مشاعر خاصة " .
صفق سعيد بجذل و هو يقول بسعادة متمكنة منه : " و أخيراً سنستمتع " .
لمعت عينا خالد بالرغبة و قال : " و سنتذوق تلك الفاتنة ! "
**********
صعدت لارا إلى السيارة لتحيي علاء و أمير بخفوت : " السلام عليكم " .
ردا عليها علاء و أمير ، ليعقد علاء حاجبيه باستغراب ، فهذه أول مرة تصعد إلى سيارته دون مرحها و شقاوتها المعهودة ، كان ليرجح هذا على أنه خجلاً من وجود أمير ، إلا أن ما حدث بينهما من قبل جعله يبعد هذا عن عقله !
نظر إليها من خلال المرآة و قال باستغراب : " ماذا بكِ حبيبتي ؟ "
ردت لارا بتجهم و ملامح عابسة : " بعض الإرهاق من طول اليوم " .
هز علاء رأسه بتفهم ، في حين أن أمير سألها بشوق جاهد كي لا يظهر في نبرته : " كيف حالكِ لارا ؟ "
أجابته باقتضاب : " بخير عمي " .
و لثاني مرة تناديه بهذا اللقب !
قبض على كفه بغضب ، يود أن يصيح بها بأنه ليس عمها ، أن مشاعره نحوها أبعد ما تكون عن هذا اللقب الغبي ..
عض على شفتيه بقوة ليمنع نفسه من التفوه بهذه الكلمات ، على الأقل الآن !
لكن قريباً سيكون له كل الحق في قول ما يريده .. دون أن يلومه أو يمنعه أحد !
سيعاقبها على كل مرة دعته فيها بعمي بطريقته الخاصة ، و سيحاسبها على مجابهتها له بتلك القوة ذلك اليوم الذي كانت تجلس فيه مع أصدقائها !
قال علاء مقاطعاً أفكاره : " إلى أين تود المدللة الذهاب ؟ "
عبست لارا بملامحها ، كانت ترغب في الذهاب إلى أي مكان و الإستمتاع بهذا الجو المنعش ، لتنسى تحكم والدها بعلاقاتها مع أصدقائها ، و الحزن الغريب الذي سيطر عليها منذ أن منعها عن الحديث مع خالد !
إلا أن وجود أمير مع عمها بالتأكيد لن يمنحها الإسترخاء الذي تنشده ، بل على العكس .. من الممكن أن يزيد من توتر أعصابها !
لذا باستسلام قالت : " لنذهب إلى البيت عمي ، أشعر بالتعب و أريد النوم " .
اندفع علاء بالقول مستغرباً : " لارا ترفض الخروج !..، ماذا حدث بالدنيا ؟ "
تأففت و لم ترد عليه ..
في حين سيطر على أمير هاجس أنها تراجعت عن رغبتها في الخروج بسبب وجوده ، و دون أن يعطي نفسه فرصة للتفكير ، قال كي يتأكد من ظنونه : " إن كنتِ لا تريدين الخروج معي فأحب أن أطمئنكِ بأن علاء سيصلني لبيتي أولاً " .
سارع علاء يقول بحرج : " لا تظلمها يا أمير ، تعلم كيف يكون اليوم الدراسي طويلاً و مرهقاً ، ثم ما بينكما كي ترفض الخروج معك !..، أنت تبالغ في ظنونك " .
بينهما الكثير .. يكفي ما حدث بينه و بين اللزج صديقها ، و لولا أن أبن عمه هو مالك المطعم ، لكان النادلين طلبوا لهم الشرطة حرصاً على سمعة المطعم ..
لم تبالي لارا بحديث عمها ، و هتفت بشجاعة تميز شخصيتها و صراحة معتادة عليها : " جيد أنك أخبرتني ، إذاً عمي سأفكر في مكان ما لنذهب إليه لحين أن تصل صديقك إلى منزله " .
تلون وجه علاء من الحرج ، و التفت إليها ليقول بعتب ممزوج بالغضب : " لارا ، احترمي نفسكِ و لا تتحدثين " .
قاطعه أمير قائلاً بكذب : " لا تشغل بالك علاء ، كلماتها لا تؤثر بي ، فبالنهاية هي لازالت طفلة " .
ليتابع بداخله : " طفلة تستحوذ على قلبي دون أن أدري " .
لمعت عينا لارا بغضب من نعته لها بالطفلة ، ما باله كل مرة يراها بها يطلق عليها اسم مختلف ..
مرة كومة شعر ..
مرة القزمة ..
و الآن طفلة ..
تُرى ماذا سيدعوها المرة القادمة ؟!
هتفت بوقاحة غير مبالية بحرج عمها : " لِمَ تعنفني عمي ؟ ، من حقي أن أختار الأناس الذين سأتنزه معهم ، و أنا لا أحبذ الخروج مع هذا الرجل ، فهو يثير استفزازي و يجعلني " .
" اخرسي " ، صاحها علاء بحدة و هو يود لو أن يصفّ السيارة خصيصاً كي يضربها على وقاحتها و عدم احترامها لصديقه ..
سارع أمير يقول برجاء : " بالله عليك أهدأ و لا تبالي بكلماتها ، اجعلها تقول ما تريده لا أهتم " .
تنفس علاء بقوة و قال بغضب : " أتركها لتتواقح أكثر !..، صحيح أننا دللناها أكثر مما ينبغي " .
زمت لارا شفتيها بضيق ، من حديث عمها عنها .. خاصة أمام أمير ، و قالت بعتاب : " أ فرطوا في دلالي أنا عمي ! "
هتف علاء من بين أسنانه : " أخرسي لا أريد أن أسمع صوتكِ ، و لعلمكِ أنتِ ممنوعة من الخروج لمدة أسبوع ، حتى تتعلمين الأدب " .
هتف أمير بهدوء مثيراً استفزاز لارا : " ليس هناك داعي لهذا يا علاء صدقني " .
هتفت لارا بحنق : " لن يطلب منك أحد التدخل " .
تأفف أمير بقوة و همس : " ناكرة الجميل " .
هتف علاء بصرامة : " لا حديث أكثر في هذا الموضوع ، و حسابنا عندما نعود إلى المنزل يا لارا " .
صمتت بعدها لارا متأففة .. و حزينة في نفس الوقت لأنها أغضبت عمها منها ، و لكن كله بسبب هذا المتطفل !
صفّ علاء السيارة و هو يقول : " لقد وصلنا يا أمير " .
ثم لمح والد أمير و هو يخرج من البيت ، فترجل كي يحييه ..
التفت أمير إلى لارا قبل أن يترجل و قال : " قريباً .. عندما يكون لي حق بكِ سأحاسبكِ على ما فعلتيه اليوم " .
و للمرة الثانية .. و دون أن يعطيها فرصة للرد .. ترجل من السيارة .. متجهاً إلى والده و علاء ..
عقدت لارا حاجبيها بقوة ، هذا .. ما قاله الآن ، مشابه لما قاله لها من قبل ، عندما أقنعها أنها تتخيل و أنه لم يقول شيئاً !
و لكن اليوم .. تقسم أنها لا تتخيل ، لقد قال أنه سيكون له الحق فيها ، و كأنه سيملكها !
مَن يظن نفسه ليقول لها هذه الكلمات بهذه الثقة ؟!
ثم .. ماذا تعني كلماته ؟
حركت رأسها باستهزاء ، أ تتساءل عن معناها و هو واضح وضوح الشمس !
سيكون قريب منها .. له الحق فيها .. يحاسبها على أفعالها ..
هل يريد الزواج منها ؟
ارتسمت الصدمة على ملامحها ، و نظرت له و هو يقف مبتسماً مع والده و عمها ..
عقدت حاجبيها بتفكير ؛ هي .. تتزوج من هذا الطويل !
هذا الرجل الذي لا ينفك عن إثارة استفزازها و الإستهزاء منها في كل مرة يتقابلا !
هل جن ليفكر في هذا ؟!
ثم .. كيف له أن يتحدث بهذه الثقة و كأن موافقتها أمر مفروغ منه ؟
هل يظن أنها سترحب بالزواج منه .. قافزة على السحب من السعادة ؟
مخطئ إذاً ؛ فهي لن توافق على الزواج منه و لو انطبقت السماء على الأرض !
**********
وقفت في أحد الأركان تنظر له بحذر دون أن ينتبه إليها ، أو هكذا تظن هي !
تأملته ملياً ؛ بتواضعه في التعامل مع العاملين ، بملابسه البسيطة و التي تجعله يبدو كواحداً منهم ، بابتسامته التي تجعل نبضات قلبها تتسارع دون أن تدرك !
أمالت برأسها قليلاً متمعنة في كل حركة يقوم بها و على شفتيها ابتسامة غريبة ، في الحقيقة .. لقد بدأت تعتاد وجوده في حياتها ، تعتاد اقترابه منها كل يوم و سؤاله المختصر .. الخجول عن حالها ، و نظرته إليها !
مشاعر غريبة تنتابها في وجوده لا تعلم ماهيتها و لا متى سيطرت عليها ، إلا أنها تمنح حياتها لوناً مختلف !
و ما يجعلها تتمادى في مشاعرها هو أنها تظن أنه يشعر بما تشعر به !
و إلا ما السر في لمعة عينيه و هو ينظر إليها ؟
و اسمه الذي لا ينفك عن إخبارها كم هو رائع من شفتيها ، و كأنه يتعمد إحراجها !
أنزاحت عينيها عنه للحظة ، لحظة كانت كافية لرسم الحزن على ملامحها .. و الغيرة في عينيها !
فهناك على إحدى الطاولات ، كانت تجلس عائلة مكونة من أب و أم و طفلة ، طفلة كانت تتدلل على والديها بابتسامة شقاوة تزيد من جمال ملامحها ، و والداها يستقبلان دلالها هذا برحابة صدر و رغبة في إسعادها مهما كان ما تريده !
يا الله .. كم تتمنى أن تكون مكان هذه الطفلة ، أن تعود السنوات إلى الخلف .. عشرة أو أكثر ، يكونا والديها لازالا على قيد الحياة .. و هي تعيش معهما ، ألا تدخل لهذا الدار الذي لم تجد فيه سوى البؤس و الحرمان ، أن تكون كأي فتاة في مثل سنها حالياً ، تخرج و تتنزه و تشتري الكثير من الملابس و أحدث الأجهزة الإلكترونية ، لا أن تعمل ليلاً و نهاراً لتوفر ما يكفي لإطعامها و إيوائها ..
ليت والدبها لم يمتا ، ليتها تملك عائلة تحتويها ، على الأقل كان حالها سيكون أفضل مما عليه الآن !
**********
كان مدركاً لتأملها له .. و عينيها التي تحاصر كل ما يفعله ، و كم أسعده ذلك !
ففكرة أن تكون تبادله الإعجاب تجعل قلبه يقفز سعادة ، لا ليس الإعجاب .. بل الحب ، لقد تعدى معها مرحلة الإعجاب بمراحل ، إنها تجذبه .. بعفويتها .. بابتسامتها على الرغم من الحزن الذي يلتمع بعينيها .. بشجاعتها و عدم خوفها طالما هي على حق ، إنها تمثل بالنسبة له نموذج مختلف تماماً عما يعرفه من خريجي دار الأيتام ، و هذا ما يجعله لا يتوقف عن التفكير فيها و تحليل تصرفاتها .
التفت بوجهه قليلاً .. لتقع نظراته عليها ، محاولاً ألا تنتبه هي لذلك ، فتفاجأ و قد أبعدت عيونها عنه .. لتتركز مع عائلة تجلس على إحدى الطاولات .
نظر إلى ما تنظر إليه ، لينقبض قلبه بألم عليها ، لقد كانت هناك طفلة لا يعطيها أكثر من عشر سنوات .. تضحك بسعادة و والدتها تُطعمها برفق .. و والدها يشاكسها في نفس الوقت .
عاد بنظراته إلى ريناد ليرى الغيرة التي تلتمع بعينيها ، و لم يحتاج إلى الكثير من الذكاء كي يدرك سبب هذه الغيرة ، فرغبتها في أن تكون مكان تلك الطفلة كانت جلية .
اقترب منها و الشفقة تظهر في عينيه رغم كل محاولاته كي يزيلها ، كي لا تحزن هي أكثر !..، و كم تمنى أن يقترب منها أكثر و يعوضها عما لاقته في الدار و عن رحيل والديها !
وقف بجانبها .. إلا أنها ام تشعر بوجوده ، فما كانت تنظر إليه استحوذ على كل انتباهها و مشاعرها ، و هو بدوره أبقى نظراته على تلك الطفلة ، و همس و هو ينظر إليها :
" ليحفظها الله لوالديها " .
أجفلت على وجوده بجانبها ، و مع ذلك لم تنظر إليه .. خشية من أن ينتبه على الألم و الحزن المرتسمين على ملامحها ، و همست :
" ليحفظ والديها لها " .
التفت إليها و سألها : " جميلة ، أ ليس كذلك ؟ "
ظهرت ابتسامة خفيفة على شفتيها و قالت : " جمالها ينبع من سعادتها و شقاوتها " .
سألها فجأة ، دون أن يفكر حتى في سؤاله : " و أنتِ ؟ "
سألته بعدم فهم : " أنا ماذا ؟ "
صمت للحظة منتبهاً إلى ما قاله ، يا له من غبي !
كان يقصد بسؤاله إن كانت سعيدة أم لا ، و كأن من تحيا مثل حياتها تطرق السعادة أبوابها !
ابتلع ريقه بتوتر لا يعلم ماذا يقول لها ، بل لا يعلم ما الذي جعله يتوتر و يسألها هذا السؤال !
و عندما وجدته صامتاً تحركت من أمامه و هي تقول : " اسمح لي سيد بشار ، سأذهب لأتابع عملي " .
أوقفها بسرعة ، لا يريدها أن تبتعد عنه : " ريناد ، ألم تزوري دار الأيتام الذي كنت فيه بعدما خرجتي منه ؟ "
لينتبه إلى تهوره للمرة الثانية ، فيعض على شفتيه بندم .
وقفت مكانها في صدمة ، ليرتسم الجمود على ملامحها فجأة ، التفتت إليه ببطئ و قالت :
" عفواً ، ما سبب هذا السؤال ؟ "
لم يستطع أن ينظر إليها و هو يقول بحرج : " انسي الأمر ، لقد كان مجرد فضول " .
إلا أنها قالت بجمود : " ذهبت إليه مرة واحدة لأسأل عن صديقتي ، و وقتها طردتني المشرفة متذمرة من عودتي إلى هناك مرة أخرى ، و كأنني عائدة إلى الجنة ! "
أطرق وجهه بحزن ، و برر سؤاله قائلاً : " لقد أعتقدت أنكِ تذهبين إلى الدار باستمرار لرؤية صديقاتكِ " .
ابتسمت بسخرية و قالت : " صديقاتي .. اثنتين منهما خرجتا من الدار و هما لم يتما العاشرة بعد ، فأنستهما الحياة و جمالها صديقاتهما ، و الأخيرة خرجت من الدار و لا أستطيع العثور عليها ، ثم مَن تخرج من دار مثل ما كنت فيه لا تعود إليه مرة أخرى .. حتى لو لزيارة ! "
همس بأسف : " أعتذر على تطفلي " .
ابتسمت بسماحة ، تود أن تخبره أنها مرحبة بتطفله هذا طالما أنه لن يجعله ينظر لها بشفقة ، أو يراها أقل منه !
مع أنها بالفعل أقل منه في كل شئ ، كمادياً و علمياً ، حتى في الشكل .. تعتقد أن ملامحها البسيطة أقل بكثير من ملامحه الجذابة الواثقة !
هتفت ببساطة : " لم أشعر بأي تطفل " .
ثم سارت لتتابع عملها ، في حين هو تابعها مبتسماً و عينية تلمع بطريقة .. جعلت قلب رشدي ينقبض خوفاً مما قد يحدث في المستقبل !

يتبع

duaa.jabar and noor elhuda like this.


التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 24-10-18 الساعة 04:35 PM
Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-10-18, 09:57 PM   #325

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
افتراضي

فتحت عينيها لتجد نفسها مستقرة في أحضانه و ذراعيه تحاوطها ، نظرت إلى جسدها لتجد أن الغطاء فقط ما يغطيه !
بدأت تسب نفسها بقسوة على استسلامها له و السماح له بالتمادي معها ، لا تعلم كيف حدث ذلك ؟ ، تقسم أنها كانت ستبعده عنها ، و لكنها لم تشعر بنفسها ، و كأنه فصلها عن العالم بقبلاته و مشاعره !
أغمضت عينيها بقوة و هي تطرق الوسادة برأسها ، غبية يا نشوى ، غبية و حمقاء كما تقول عنكِ والدتكِ ، ماذا دهاكِ ؟
كيف نسيتي طارق بهذه السهولة و سمحتي لرجل أخر باحتلال مكانه بهذه السهولة ؟!
فتحت عينيها على وسعها بصدمة من أفكارها ، مَن نست ؟
و مَن احتل مكان مَن ؟
بما تهذي ؟
لابد أنها أصيبت بالجنون لتفكر أن وحيد احتل مكان طارق !
هو لم يحتله .. و لن يفعلها ، هي لا تحب .. و لا تريد سوى طارق ، طارق و فقط ، و أي ذكر غيره ليس رجلاً في عينيها !
صوت قوي من جانبها جعلها تنتفض في مكانها ، التفتت .. لترى وحيد يفتح عينيه ، و يرفع يديه بقوة ماطاً بجسده ..
لحظات و نظر إليها مبتسماً و همس : " صباح الخير يا حلوة " .
نظرت له بامتعاض ، و كلمته البسيطة أثارت استفزازها بلا سبب !
" من الواضح أنك لازلت نائماً ، أنا نشوى .. لست لمار " .
تأوه بسخرية و قال مثيراً استفزازها أكثر : " أعتذر ، تعرفين تأثير النوم و هكذا ، صباح الخير يا حمقاء " .
توسعت عيونها بغضب و صاحت باستنكار : " حمقاء ، أنا حمقاء ! "
تأفف بضجر و قال : " إن كنتِ لستِ حلوة .. و لستِ حمقاء ، فماذا تكونين ؟ "
رفعت ذقنها بغرور و قالت : " أنا نشوى ، ليس أي لقب يليق بي " .
حرك رأسه بقلة حيلة و همس بصوت بالكاد يُسمع : " أقسم أنكِ حمقاء " .
صاحت بقلة احترام : " احترم نفسك يا وحيد ، و انتبه إلى مَن تتحدث ! "
سحبها بقوة لتسقط بين أحضانه ، ثم أمسك ذقنها و ضغط عليها بقوة ، مما جعلها تتأوه بألم ، و قال بغضب مكبوت :
" أتحدث إلى زوجتي ، و التي لا تكف عن محاولاتها لإغضابي ، هل تريدبن أن نتشاجر من أول النهار ؟ "
حاولت إبعاد يده عن ذقنها بضعف و هي لا زالت تتأوه ، ليسحب هو يده بقوة .. فيسقط رأسها على صدره ، ثم أبعدها عنه بقسوة لتعود إلى جانبها من السرير .
نهض وحيد ليدلف إلى الحمام و هو يقول : " أعدي الفطور حتى أخرج " .
اعترضت باندفاع : " لن أعد لك شئ " .
وقف أمامها ليقبض على ذراعها بقوة و هو يقول : " كما توقعت إذاً ، تريدين افتعال مشكلة من الصباح ، حسناً و أنا أكثر من مرحب بذلك ، فحتى الآن لا زال هناك غضباً بداخلي منكِ أجاهد لأسيطر عليه ، لكن من الواضح أنكِ تريدين رؤية وجهي الأخر مرة أخرى ، و هذه المرة سينفجر كل غضبي ، فأنا لم أتخلص من ربعه حتى " .
ابتلعت ريقها بخوف من كلماته ، و نظر هو لها بحدة و هو يقول مشدداً على حروفه : " سأخرج و أجد الطعام معداً " .
أومأت برأسها عدة مرات بلا شعور و نظراته ترعبها ، ليقول بنبرة قوية : " لم أسمع " .
همست بطاعة : " حسناً " .
ابتعد عنها و هو يحدجها بنظرة قوية مهددة ، ثم دلف إلى الحمام مغلقاً الباب خلفه .
جلست نشوى في مكانها .. ترمش بعينيها بعدم تصديق !
ماذا حدث معها ؟
كيف أطاعت أمره ؟
بل كيف سمحت له أن يتحدث معها بهذه الطريقة ؟!
هي التي لم يرفع أحدهم صوته عليها من قبل ، يأتي هذا يصيح عليها و يهددها و يأمرها !
ضربت الوسادة بقوة و هي تصيح من بين أسنانها : " ما الذي يحدث لي ؟ ، لِمَ أصمت أمامه دون أن أستطيع أن أعترض بحرف ؟ ، أنا لم أكن هكذا ، حتى طارق كنت أقف أمامه و أجابهه بكل قوة دون ذرة خوف !
لِمَ لا أفعل هذا مع وحيد ؟ "
جاءها صوته صائحاً : " دقائق و سأخرج يا نشوى ، أرجو أن يكون الفطور جاهزاً " .
قفزت من مكانها بسرعة و هي تهمس : " سأفكر في هذا لاحقاً ، لأحضر له الآن الفطور حتى لا أرى وجهه الأخر هذا ، يكفي أن وجنتي بقت تؤلمني لثلاثة أيام عندما رأيته أول مرة ! "
دلفت إلى المطبخ و حضّرت الفطور ، ليدلف وحيد إليها فيرى أنها نفذت ما أمرها به ..
نظر إلى الطعام الموضوع على المائدة و قال : " تيم و لمار لا يأكلون البيض المسلوق ، أقلي لهما بيض و بطاطس حالما أوقظهما " .
أعترضت بتذمر : " لا .. لقد تعبت في إعداده ، و لن أعد شيئاً أخر ، إن لم يعجبهما لا يأكلا " .
رفع حاجبيه باعتراض و هو ينظر إلى ما أعدته بسخرية ، ثم نظر لها و قال : " تعبتي في وضع البيض في الماء على الموقد ، أم إخراج الجبن و المربى و وضعهما في الصحون ، لا تقولي أن إعداد الفول و تقطيع الخيار هو ما أتعبكِ " .
زمت شفتيها من سخريته الواضحة ، إلا أنه لم يعطيها فرصة للرد ، حيث أردف بأمر : " أعدي ما أمرتكِ به حتى أعود " .
خرج من المطبخ و هو يتأفف بضيق ، فهي تضطره بأن يتعامل معها بطريقة لا بحبها و لا يفضلها ، و لكنها هي مَن تجعله يخرج عن شعوره باستفزازها و عدم احترامها له ، أ لا يكفي أنه مازال متزوجاً منها على الرغم مما فعلته مع طليقها السابق !
إلا أنه يفهمها جيداً ؛ هي تفعل كل هذا كي يطلقها ، و لكنه لن يستسلم لها بهذه السهولة ، إن كان استعاذ من الشيطان و سيطر على غضبه عندما تحدثت مع طليقها و لن يطلقها ، فهل يطلقها لأنها تسنفزه بطفولة ؟!
نعم هي طفلة ، طفلة بجميع تصرفاتها و حركاتها ، و هو سيربيها من جديد !

يتبع

noor elhuda likes this.

Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-10-18, 10:01 PM   #326

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
افتراضي

خرج من المنزل غير قادر على تحديد مشاعره ، غضب .. شعور بالخيانة .. خوف !
خوف من فقدها و .. عليها !..، يخاف أن تُجرح في يوم .. أن تتأذى .. ألا تنال السعادة التي تستحقها ، وقتها كيف سيعوضها ؟ ، كيف سيُعيد السعادة إلى قلبها .. و البسمة إلى شفتيها ؟
حرك رأسه بقوة مخرجاً هذه الأفكار من عقله ، لقد اختارت ؛ وافقت على الزواج من سيف على الرغم من اعتراضه على هذا ، تحدته و وقفت أمام قراره ، و عليها أن تتحمل نتيجة أختيارها !
قادته قدماه إلى مكانه المفضل ، الذي أصبح يلجأ إليه كثيراً من بعد المشكلة التي حدثت بينه و بين شقيقته ..
جلس أمام النيل بشرود و الحزن يرتسم على ملامحه ، لابد أنها سعيدة الآن ، ترقص و تضحك و السعادة تقفز من عينيها .. غير مبالية بجرحه و حزنه منها ، و كيف ستهتم و هي التي وافقت على هذا الزواج على الرغم من اعتراضه ؟!
أغمض عينيه بأسى ؛ لقد جرحته بشدة .. لم تبالي بحبه لها .. خوفه عليها ، اختارت طريقها دون التفكير مرتين ، و نست سنوات قضاها معها و بذل ما في وسعه لأجلها !
" السلام عليكم ، كيف حالك يا صديق ؟ "
نظر مازن باستغراب إلى مَن جلس بجانبه دون حتى أن يطلب الإذن !..، ليقول بتعجب : " و عليكم السلام ، ماذا تريد ؟ "
رفع صادق حاجبيه باستغراب و أخر ما كان يتوقعه هو أن ينساه هذا الشاب !
" ألا تتذكرني ؟ "
هتف مازن باستغراب : " هل التقينا من قبل ؟ "
رد صادق باقتضاب : " منذ أيام ، و شكوت لي من زواج شقيقتك رغماً عنك " .
نعم تذكره .. يومها كان يشعر بالضيق لدرجة جعلته يشكو ما في قلبه لأي شخص مهما كان !
و الآن أيضاً يشعر بالضيق الشديد ، و لكنه لا يريد الحديث معه ، فيكفي تهوره المرة الماضية عندما شكا له ما يعانيه و هو لا يعرف عنه شئ ..
إلا أن صادق لم يكن ليسمح له بالتفكير و أخذ القرار ، حيث قال : " كيف حال شقيقتك ؟ "
رد عليه مازن باختصار : " بخير " .
رفع صادق أحد حاجبيه بتساؤل و قال : " و ماذا حدث في موضوع زواجها ؟ "
تنهد مازن و لم يرد عليه ، ليدرك صادق نيته في عدم الحديث معه ، فهتف بهدوء : " سأنصحك نصيحة من شخص عانى الفقد من قبل ، لقد توفت شقيقتي منذ سنوات بسبب إصابتها بمرض ما ، أنا اشتاق لها كثيراً .. اشتاق لوجودها و جلساتنا سوياً .. اشتاق لمرحها و شقاوتها ، لو أملك الفرصة لإعادتها إلى حياتي .. فلن أقف في وجه سعادتها أبداً .. و سأحرص على فعل ما تريده مهما كلفني الأمر ..
لا تقف في وجه سعادتها من أجل أمور تافهة ، حقق لها ما تريد كي لا تندم لاحقاً " .
لم ينتبه مازن إلى ما قاله صادق ، فلقد استمع إلى أول ما نطق به لسانه .. و بعدها شرد بعيداً .. إلى فتاة كانت بالنسبة له الدنيا و ما فيها .. فتاة رحلت عن هذه الحياة بسببه و بسبب عدم تحمله للمسؤلية !
هب من مكانه واقفاً و غادر بسرعة و الجمود يحتل ملامحه ..
فنهض صادق بذهول و ركض وراءه و هو يصيح : " مازن .. مازن انتظر " .
إلا أن مازن لم يستمع إليه .. فلقد كان عقله و روحه في الماضي ، استقل سيارته و انطلق بها بسرعة .. و صوت الفرامل قد أصدر ضجة في المكان الهادئ .. ملفتة الأنظار إلى السيارة ..
وقف صادق ينظر إلى السيارة التي غادرت المنطقة في أقل من الثانية بقلة حيلة ، ليتنهد بقوة مدركاً أن هذا الشاب سيتعبه كثيراً حتى يفتح له قلبه .
**********
قاد في الطرقات بسرعة .. ليتوقف فجأة .. و صورة شقيقته و هي ملقاة على الأرض .. و الدماء تحيط بها .. تظهر أمام عينيه ..
ضرب رأسه في المقود بقوة و هو يقول : " أنا السبب .. أنا السبب .. لقد قتلتها .. قتلتها " .
سقطت دموعه بقوة لأول مرة منذ سنوات ، فأخر مرة كانت قد سقطت فيها عندما توفت شقيقته ، و اليوم .. تسقط لتذكره يوم وفاتها ..
و في غمرة بكاءه .. ظهر أمامه وجه أخر .. وجه لا يخلو من الإبتسامة و المرح ، ليتأوه بضعف :
" أه تسنيم " .
أبعد رأسه عن المقود .. ليمسح دموعه بقوة .. و هو يقول بتصميم : " لا .. لا يجب عليّ أن أتركها تفعل ما تريده .. هي لا تعرف مصلحتها .. لازالت صغيرة لا تعلم ما من الممكن أن يجري لها .. عليّ أن أكون بجانبها و أحميها .. سأمنع هذا الزواج بكل قوتي ! "
ثم قاد مرة أخرى بنفس السرعة متجهاً إلى البيت ، حيث تقبع شقيقته .. التي لا يريد أن يمسها أي أذى في حياته !
**********
نظرت إلى الهاتف الذي يصدح صوته عالياً للمرة العاشرة بنغمته المميزة و اسم ( حبيبي ) ينير شاشته ، إلا أنها لم تتحرك من مكانها .. لم تفكر حتى في الرد عليه ، فتفكيرها في هذه اللحظة منصب على واحد .. واحد فقط يتألم قلبها عليه !
انهمرت دموعها - و التي لم تتوقف من بعد انتهاء حفل خطبتها الكارثي - و الذي تماسكت خلاله بأعجوبة حتى لا تنهمر فيه و تفضح نفسها و عائلتها ، فما الذي سيفسر بكاء عروس في يوم خطبتها .. إلا لو كانت لا ترغب في هذا الزواج ؟!
أغمضت عينيها بقوة متذكرة جملة مازن التي قالها لها بكل قسوة ( لقد خسرتيني ) ، يا إلهي كيف خسرته ؟ ، و هل كان جدياً فيما قاله ؟!
تعالى صوت هاتفها مرة أخرى لتسحبه بعنف ، و ترد باندفاع : " ماذا تريد يا سيف ؟ ، أ لا تفهم أنني لا أريد الرد عليك ؟ "
تفاجأ سيف مما قالته و قال بذهول : " ماذا حدث ؟ ، لِمَ تتحدثين معي بهذه الطريقة ؟ "
كانت شهقاتها هي الرد على أسئلته ، ليقول بفزع : " تسنيم حبيبتي .. أخبريني ماذا يحدث معكِ ؟ ، هل أنتِ بخير ؟ "
هتفت من بين شهقاتها بكلمات غير مفهومة : " مازن .. لقد خسرته .. إنه غاضب مني .. لن يسامحني " .
تنهد سيف بقوة ثم قال بنفاذ صبر : " تسنيم .. إهدأي كي أفهم ما تقوليه " .
أصدرت شهقة قوية ثم قالت : " مازن لقد قال لي " .
قاطع كلماتها زفرة قوية خرجت منه ، فلقد كان يعتقد أن هناك شيئاً خطيراً حدث لها ، إلا أنه من الواضح أن الأمر ليس سوى مشكلة افتعلها شقيقها المجنون !
تابعت تسنيم حديثها دون إدراك لما يفكر فيه خطيبها : " لقد أخبرني أثناء الحفل أنني خسرته .. لن يتحدث معي ثانية " .
سارع سيف يقول بسعادة : " حمداً لله .. إذاً لقد تخلصنا منه " .
رمشت تسنيم بعينيها بعدم فهم ، و قالت بحيرة : " تخلصنا من ماذا ؟ ، أنا أخبرك أن مازن لن يتحدث معي مرة أخرى ، هل هذا شئ يستحق أن نسعد من أجله ؟ "
قال سيف بغيرة بدت واضحة في نبرة صوته : " بالطبع ، أليس هذا أفضل من التصاقه الدائم بكِ ؟ "
صمتت تسنيم محاولة تفسير كلماته الغريبة بالنسبة إليها ، فما المشكلة من التصاق مازن بها ؟ ، أليس شقيقها ؟ ، ما الذي يجعل سيف يغار منه إلى هذه الدرجة ؟
ليتابع سيف بحنو : " كُفي عن البكاء ، إهدأي .. و انهضي و اغسلي وجهكِ .. و أنا سأعاود الإتصال بكِ بعد دقائق " .
همست تسنيم بشرود و هي لازالت تفكر في كلماته : " حسناً " .
أغلقت الخط من سيف .. لتستند بذراعيها على ركبتيها .. و تدفن وجهها فيهما ، ثم بدأت تفكر في كل ما يحدث معها ..
بدءً من ابتعاد مازن عنها بسبب موافقتها على الزواج من سيف ، و حتى غيرة سيف من مازن و محاولاته المستميتة لإبعادها عن مازن !
أخرجها من أفكارها صوت آتي من خارج الغرفة ، فنهضت بحذر لترى مَن بالخارج ، فتحت باب غرفتها .. و خطت خارجها عدة خطوات .. لتتفاجأ بمازن يقف على قرب منها ..
همست بعدم تصديق و السعادة تكلل ملامحها .. متناسية ما قاله لها في حفل خطبتها : " مازن .. لقد عدت .. أي أنك لست غاضباً مني " .
هتف مازن بإصرار : " لن أغضب منكِ حينما تتركين سيف " .
تهدل كتفيها بأسى .. فهو لا زال على قراره .. و لن يستسلم إلا عندما تترك سيف ..
اقترب منها مازن عدة خطوات .. و همس بحنو محاولاً التأثير عليها : " هل تشعرين بالراحة و أنا بعيد عنكِ .. و لا أتحدث معكِ " .
هزت رأسها بنفي و قالت بضعف : " و لكنني أحب " .
قاطعها بقوة .. و هذه الكلمة تجعل براكين من الغضب تنفجر بداخله : " اصمتي لا تنطقيها " .
ثم أصدر تنهيدة قوية قبل أن يقول : " تومي .. حبيبتي .. تعلمين كم أحبكِ و أخاف عليكِ ، صدقيني كل ما أفعله من أجلكِ .. من أجل سعادتكِ ، و سيف لن يمنحكِ هذه السعادة " .
قاطعته باعتراض .. و ثقتها في حب سيف لها تجعلها تواجه مازن بقوة : " من أين لك أن تعرف ؟ ، أنت حتى لم تتحدث معه منذ أن قرر الزواج مني " .
هتف بنبرة قوية .. غاضبة : " لا أحتاج أن أجلس معه ، فأنا أعرفه منذ زمن .. منذ أن كنا صغار .. و كان يتعمد أن يجلس و يلعب معكِ كي يثير غضبي ، هل تظنين أنه يرغب في الزواج منكِ لأنه يحبكِ ؟ ، الأمر كله يتعلق بغيرتي عليكِ .. و إثارة غضبي " .
اضطربت مشاعر تسنيم .. و جزء منها بدأ يفكر في حديث شقيقها و يصدقه ، بينما تمسك الجزء الأخر بحبها لسيف و ثقتها به ..
انتهز مازن هذه اللحظة .. التي بدأت تشك فيها بمشاعر سيف نحوها ، ليهمس بتأكيد .. مزيداً من تخبط مشاعرها : " حتى أنتِ لا تحبيه ، مشاعركِ نحوه مشاعر مراهقة فُتِنت بأول شاب أبدى إعجابه بها و بجمالها .. و أنتِ أُعجبتِ بوسامته و بمحاولاته للإقتراب منكِ .. أُعجبتِ بأول شاب أشعركِ بأنوثتكِ " .
توردت تسنيم خجلاً من كلماته ، إلا أنه لم يبالي بهذا .. و تابع مصراً على ترسيخ معتقداته في عقلها : " لكن سرعان ما سيخبو هذا الإعجاب و يختفي ، و ستندمين على كل لحظة أقنعتي نفسكِ فيها بأنكِ تحبيه " .
أطرقت تسنيم برأسها و بداخلها دوامة من المشاعر و الأفكار ، لا تعلم أ تصدق ما يقوله لها مازن .. و تندم لاحقاً - و هذا وارد -
أم أنه على حق ، و قد فهمها و فهم مشاعرها بالطريقة الصحيحة ، كما يفعل دائماً !
تعالى صوت الهاتف من داخل غرفتها .. بنغمة مميزة .. يقسم مازن أنها خصصتها لسيف ..
نظرت تسنيم داخل الغرفة بتوتر .. و أخر ما تتمناه هو أن تتحدث مع سيف الآن ، و مشاعرها بهذا التخبط و الإضطراب ..
إلا أن مازن لم يمنحها فرصة للتفكير ، ففي لحظة دلف إلى غرفتها و التقط هاتفها بعنف ، ثم عاد إليها و أعطاها إياه و هو يقول بحزم
: " انهي هذه المسرحية السخيفة ، فلا أنتِ تصلحين له .. و لا هو يصلح لكِ " .
ظهر اعتراض واهي في عينيها .. و قلبها يتلوى برفض .. مخبراً إياها بأنه متيقن من عشقه إلى سيف ، نظرت إلى الهاتف بتردد .. و لسانها لا يطاوعها في إخبار سيف بانتهاء علاقتهما ..
لمح مازن ترددها و اعتراضها بسهولة ، ليهمس بخفوت .. ضاغطاً على أكثر المناطق ضعفاً فيها : " تسنيم .. هذه أخر مرة سأُخيّركِ فيها بيني و بينه ، و صدقيني إن أخترتيه .. لن أقترب منكِ مرة أخرى .. و ستخسرين شقيقكِ و صديقكِ و والدكِ ، أقسم أنني جدي في حديثي و لن أتراجع هذه المرة " .
نظرت إليه تسنيم بضعف ، و قسمه في الإبتعاد عنها زلزل دواخلها بقوة .. فحياتها لا تكتمل إلا بوجود مازن فيها !
نعم .. قد وافقت من قبل على إتمام خطوبتها من سيف .. على الرغم من ابتعاد مازن عنها ، و لكن حينها والدها قد أقنعها أن مازن سيعود يوماً .. و أنه لن يتخلى عنها بهذه السهولة ، لكن الآن .. و هي تراه واقفاً أمامها بكل هذه الجدية .. و وجهه تعلوه القسوة ، تأكدت من أن مازن إن أبتعد لن يعود !
همست بتوسل طامعة في كسب شفقته : " أرجوك يا مازن لا تفعل هذا ، أنا مدركة حقيقة مشاعري اتجاه سيف ، و أنت إن جلست معه ستعلم مدى حبه لي ، أنت بما تفعله تحكم عليّ بالتعاسة طوال حياتي " .
و فجأة .. ترددت كلمات صادق في عقله ( لو أملك الفرصة لإعادتها إلى حياتي .. فلن أقف في وجه سعادتها أبداً .. و سأحرص على فعل ما تريده مهما كلفني الأمر ..
لا تقف في وجه سعادتها من أجل أمور تافهة ، حقق لها ما تريد كي لا تندم لاحقا ) ..
ليحرك رأسه بقوة منفضاً هذه الأفكار عن عقله ، و صوت بداخله يعلو بثقة : " إن تركتها لسيف سيجرحها و يؤذيها ، ما تفعله هو الذي سيجعلها سعيدة طوال حياتها " .
نظر لها بقسوة ممزوجة بإصرار كبير و قال : " إما أن تردي عليه أو تخسريني للأبد .. اختاري الآن " .
و أمام خسارته .. انصاعت تسنيم لما يريده ، ففتحت الخط .. ليصلها صوت سيف الحنون و هو يقول : " هل أصبحتِ بخير الآن ؟ "
نظرت تسنيم إلى مازن برجاء لأخر مرة .. تتوسله بألا يُبعدها عن حبيب روحها ، لكن ملامح مازن ظلت كما هي .. و لم تمنحها ما تريده ..
و بضعف .. و دموع على طرف عينيها ، همست و الأسف يتضح في نبرتها : " سيف أنا لا أريدك .. فلننهي خطبتنا " .
أغلقت الخط بسرعة دون أن تسمع رده ، لا تعلم كيف أستطاعت قوَل هذه الكلمات له !
صدح صوت الهاتف مرة أخرى .. لتنتفض في مكانها .. و دموع الألم قد بدأت برسم خطوطها على وجنتيها ..
التقط منها مازن الهاتف بسرعة .. و أغلق الخط .. ثم أغلق الهاتف بأكمله ، و الراحة قد ارتسمت على ملامحه بعد أسابيع من التعب و الخوف ، فأخيراً قد عادت صغيرته له .. و سيستطيع الإطمئنان عليها !

يتبع

noor elhuda likes this.

Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-10-18, 10:03 PM   #327

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
افتراضي

جالس يشاهد التلفاز دون أن يدرك ما يُعرَض أمامه ، فكره شارداً في معاملة أسيل معه ، فلقد بدأت الأخيرة بمعاملته بطريقة رسمية تستفز كل خلاياه ، منذ ذلك اليوم الذي أقّلها إلى عملها .. و هي تغيرت معه كلياً !

قبل عدة أيام
استيقظ طارق مبكراً .. عازماً على اللحاق بأسيل .. كي يكون بجانبها عندما تقود سيارتها الجديدة ، فبالأمس قد طلبت منه هو أن يقود في طريق العودة ، فلم يكن بجانبها ليعلمها أصول القيادة في شوارع مدينته المزدحمة و التي يمتاز سائقيها بتهورهم في القيادة !
أرتدى ملابسة بسرعة كي يلحق بها قبل أن تغادر إلى عملها ، خرج من الغرفة .. فتنهد براحة عندما وجدها جالسة مع والده ..
اقترب منهما مبتسماً و قال : " صباح الخير " .
نظر له محمد و قال بابتسامة : " صباح الخير حبيبي ، أبكرت في الإستيقاظ اليوم " .
جلس طارق بجانب والده .. و نظراته مركزَة على أسيل بحذر .. خشية من أن تعترض على ما سيقوله و تفتعل شجاراً : " سأقل أسيل إلى عملها .. حتى اطمئن أنها تستطيع قيادة السيارة في شوارعنا " .
فاجئته أسيل حينما نهضت .. قائلة إلى عمها برقة : " سأذهب إلى عمتي في المطبخ .. كي أساعدها في تحضير الإفطار " .
و تحركت من أمامه .. متجاهلة كل ما قاله ، مما آثار الإستغراب بداخله ، فهل تجاهلها له ما هو إلا تمهيد لسيل من الإعتراضات و الإحتجاجات ؟ ، أم أن هدوئها سيتغلب و سترحم أعصابه المُستفزَة بسببها ؟!
دقائق و تجمعت العائلة على مائدة الطعام ، لتعطي أسيل الدواء إلى عمها قائلة بدلال : " هيا يا حبيبي .. خذ الدواء كي يحفظك الله لي " .
أخذه منها محمد بابتسامة و دون أي أعتراض ، مما جعل طارق ينظر إليهما باندهاش و بعض الغيرة ، فوالده يأخذ العلاج من يد أسيل دون أي تذمر .. على عكس ما يفعله معه ، فهو يتدلل عليه كالطفل الصغير و يعذبه حتى يأخذ الدواء ..
عادت أسيل لتأكل بهدوء و هي تتحدث مع عمها و زوجته .. متجاهلة وجود طارق تماماً ..
و بعد فترة .. نهضت و هي تقول : " الحمد لله ، سأغادر حتى لا اتأخر على عملي " .
نهض طارق على الفور .. ليغادر معها ، لتفاجئه مرة أخرى و هي تنحني لتقبل والده و والدته .. ثم تتحرك من أمامه دون أن توجه له حرف !
أسرع خلفها بعد أن ودع والديه ، ليستوقفه محمد قائلاً : " طارق لا تضايقها ، إن لم ترد أن تذهب معك .. فاتركها تغادر لحالها " .
نظر طارق إلى والده بعدم رضى و قال مودعاً : " في أمان الله يا أبي " .
هبط الدرجات بسرعة .. و هو يقسم أنها إن كانت غادرت لحالها .. فسيكون حسابها معه عسير !
ليتنهد براحة عندما خرج و وجدها جالسة في سيارتها تنتظره ، همس بداخله براحة :
" يبدو أن حالة الهدوء تتلبسها اليوم ، جيد " .
**********
خرجت أسيل من شقة عمها و هي تتنهد براحة ، مهنئة نفسها على صمودها أمام طارق .. و عدم افتعال أي حركة للفت نظره ..
همست لمفسها بتشجيع : " حان موعد المرحلة الأصعب ، سيكون بجواركِ بعد لحظات في السيارة ، عليكِ أن تتماسكي و تسيطرين على مشاعركِ " .
صعدت إلى سيارتها ، و تابعت بثقة : " أستطيع فعلها .. أستطيع نسيانه ! "
فُتِح باب سيارتها .. ليحتل طارق المقعد المجاور لها .. و ملامحه تزينها ابتسامة جذابة ..
أبعدت عينيها عنه بسرعة .. مسيطرة على دقات قلبها المتسارعة بقوة ، و هتفت بهدوء : " هل أنطلق ؟ "
" نعم .. و لكن قودي ببطء .. و انتبهي إلى الطريق جيداً " .
لم تعلق على كلماته المستفزة بالنسبة لها ، فهو يعاملها و كأنها أول مرة تقود سيارة ، إلا أن ردها عليه سيفتح مجالاً للأحاديث و المشاكسات بينهما .. هي تريد تجنبها !
لذا بدأت في القيادة بهدوء و ثقة ، و كأن طارق لا يجلس بجانبها !
وصلا إلى مقر عملها ، ليقول لها طارق بفخر : " قيادتكِ جيدة جداً ، بل رائعة " .
ردت ببساطة دون أن تنظر إليه : " شكراً لك ، و الآن هل يمكنك النزول لأصفّ السيارة و أصعد إلى عملي ؟ "
ردها المختصر أزعجه بشدة ، و مع ذلك ترجل من السيارة منصاعاً لرغبتها .. و استقل سيارة أجرة لتقله إلى عمله .
**********
منذ ذلك اليوم و هي تتحاشى ملاقاته ، لا تزور والديه في الأوقات التي يكون فيها في المنزل ، و إن حادث و تصادف وجوده في المنزل مع وقت مجيئها ، فإنها تحييه برسمية .. دون أن تنظر إليه .. و تختفي من أمام عينيه في لمح البصر ، فلا يراها إلا و هي
مغادرة !
تنهد بقوة .. فلقد اشتاق إليها .. اشتاق لإستفزازها له .. و معارضتها لأوامره ، لا يتمنى عودة أسيل الطفلة إليه .. فهو يعلم أنه لن يحصل عليها مرة أخرى ، و لكن أسيل المستفزة .. الباردة .. لا يمكنها أن تبتعد عنه هي أيضاً !
أصدر تنهيدة أخرى قوية .. في نفس الوقت الذي تعالى فيه رنين جرس الشقة ، فنهض بتكاسل ليرى مَن الطارق ..
فتح الباب .. و يا ليته لم يفتحه !
فأمامه .. كانت تقف فتاة .. مرتدية فستان أحمر ينساب على جسدها بنعومة و يلتصق بمنحنياته .. عاري الأكتاف .. يصل إلى ما تحت ركبتيها بقليل ، شعرها الأشقر منساب على جسدها بحرية .. و قد جمعته في جانب واحد .. فوصل إلى خصرها ، و عينيها الكحيلة تلمع بثقة قد اكتسبتها منذ أن نجحت في الإبتعاد عنه و إخراجه من حياتها ، أما شفتيها .. فكانت مُزينَة بحمرة قانية .. تماثل لون فستانها ، فكان مظهرها جريئاً و .. مغرياً !
رمش طارق بعينيه بذهول .. غير مصدقاً لما تراه عيناه ، هذه أسيل .. مستحيل !
تمعنت نظراته في كل شبر في جسدها بجرأة ، و في هذه اللحظة تحديداً بدأ يقتنع .. أنها قد كبرت !
تلكأت نظراته على بعض المناطق في جسدها دون خجل ، لترتفع بعدها إلى وجهها .. فتستقبلها وجنتيها المتوردتين خجلاً .. ثم عينيها المشتعلتين بغضب يناقض خجلها !
همس بإعجاب يكلل نبرته : " أسيل " .
**********
لا تنكر أن نظراته المُعجبة قد أرضت أنوثتها و أشبعت غرورها .. و جعلت قلبها يقفز بسعادة ، و لكنها سرعان ما عادت إلى رشدها .. لتُذكر نفسها أنه لا يراها الآن سوى إمرأة فاتنة .. لا ينظر إلا لمظهرها الخارجي .. متغاضياً عن مشاعرها ، هذا الخاطر جعل الغضب يسيطر عليها .. رافضة أن ينظر إليها على أنها مجرد جسد ..
كتفت يدها و هي تنظر إليه بنظرة معاتبة .. جعلته يخجل من نفسه ، و هتفت مؤنبة : " إن كنت قد انتهيت .. اسمح لي بالدخول " .
ابتعد طارق عن الباب .. مطرقاً رأسه بحرج .. معنفاً نفسه على انسياقه وراء رغباته .. و النظر إلى أبنة عمه بهذه الجرأة ..
دلفت أسيل إلى حيث يجلس عمها ، و طارق يسير خلفها .. دون إرادة منه !
دارت حول نفسها أمام عمها بدلال و هي تقول : " ما رأيك ؟ "
مرر محمد نظراته عليها بإعجاب ثم قال : " فاتنة حبيبتي ، متأكد أنكِ ستكونين أجمل مَن في الحفل " .
توسعت عيون طارق برفض .. حفل .. أي حفل ؟!
هل ستخرج من المنزل بهذا المظهر ؟
كيف لوالده أن يسمح لها بذلك؟
ألا يرى كيف تبدو جميلة ؟
إن كان هو ابن عمها .. الذي لا يراها سوى طفلة فُتِن بجمال طلتها ، فماذا سيفعلون الرجال بالخارج ؟!
عاد ليعنف نفسه مرة أخرى ، هامساً بداخله بتأنيب : " أي طفلة يا طارق ؟ ، أين هذه الطفلة التي تتحدث عنها ؟ ، إنها إمرأة .. إمرأة تملك من الجمال ما لا تملكه سواها " .
مالت أسيل على عمها لتقبله بخفة و قالت : " إلى اللقاء حبيبي ، لا تنسى أخذ دوائك " .
تحركت لتغادر .. فانتبه طارق إليها ، ليقف أمام باب غرفة والده .. مانعاً إياها من الخروج ..
رفعت أحد حاجبيها باستغراب .. مشيرة إليه بعينيها بأن يتحرك و يفتح لها الطريق ، فحرك هو رأسه بالرفض ..
عقدت حاجبيها بضيق .. و نظرت إلى عمها دون أن تتحدث إلى طارق ، ليتولى محمد مهمة القول :
" ابتعد عن الطريق يا طارق " .
نظر طارق إلى والده بصدمة و قال : " هل أنت جاد يا أبي ؟ ، هل ستتركها تخرج هكذا .. بهذا المنظر " .
تأففت أسيل بنزق و قالت أخيراً : " و ما به منظري يا دكتور ؟ "
مرر طارق نظراته الجريئة عليها دون أن يتحدث ، لتتوتر هي في وقفتها .. و تُعدِّل فستانها بتوتر ..
ابتسم محمد رغماً عنه ، فما يفعله ولده مع أبنة شقيقه لا يدل إلا على شئ واحد .. و هو أنه بدأ يقع في غرامها !
هتف طارق بحزم : " اذهبي و بدلي هذا الفستان .. و زيلي هذه الزينة من على وجهكِ ، وقتها سأسمح لكِ بالخروج من المنزل " .
هتف محمد بصرامة : " و مَن طلب منك أن تسمح لها من الأساس ؟ ، ابتعد عن طريقها " .
هتف طارق بدهشة : " لا أعلم كيف توافق أنت على خروجها هكذا ؟ ، أ لا ترى كم هي " ، ليصمت غير قادراً على المتابعة ..
تسارعت نبضات أسيل .. حتى باتت تظن أنها مسموعة لعمها و ولده ، فتنفست بقوة محاولة السيطرة على مشاعرها ، و عدم التأثر بما يفعله طارق ..
اصطنعت الضجر و هي تقول : " هلا ابتعدت عن طريقي ؟ ، لقد تأخرت " .
هتف طارق بعناد : " بدلي ملابسكِ أولاً ، لن أسمح لكِ بالمغادرة هكذا " .
صاح محمد بصرامة : " للمرة الثانية تكرر هذه الجملة يا طارق ، ناسياً أنني فقط مَن أسمح و لا أسمح لها ، ابتعد عن طريقها " .
همس طارق باعتراض : " و لكن يا أبي " .
ليقاطعه محمد بنبرة قوية : " ابتعد يا طارق " .
ابتعد طارق عن باب الغرفة راضخاً لأمر والده ، مع أن كل خلاياه تنبض بالرفض لما يحدث !
ابتسمت أسيل بانتصار ، و كل يوم يمر عليها يزداد فرحها بنجاحها .. و ثقتها بأنها ستنسى طارق يوماً ، تحركت لتخرج من الغرفة .. أمام أعين طارق المشتعلة بغضب ..
بعد أن خرجت .. هتف طارق إلى والده .. و قد بدأ يفقد سيطرته على أعصابه : " أبي كيف سمحت لها بأن تخرج ، ألا ترى ما ترتديه ؟ ، كيف ستسير بين الرجال و هي بهذا المظهر ، إنها .. إنها " ، صمت .. زافراً نفساً طويلاً يدل على تخبط مشاعره ، ليقول محمد بهدوء و ترقب : " إنها ماذا ؟ "
" جميلة .. فاتنة " ، هذا ما قاله طارق بداخله ، إلا أنه لم يستطع البوح بهذه الكلمات لوالده ..
و في حين أن محمد كان ينظر لولده بترقب و فضول ، وصلهما صوت أسيل العالي .. الخائف !
**********
خرجت من غرفة عمها .. قاضية على عتاب قلبها .. لعدم امتثالها لما يريده حبيبه ، وقفت أمام المرآة الموضوعة بجانب باب الشقة لتتأكد من مظهرها ، ثم تحركت لتغادر إلى حفل خطبة صديقتها ..
فتحت الباب .. لتتجمد في مكانها و هي تراه أمامها ، و ذكرى أخر مرة رأته فيها .. و ما كاد أن يفعله بها تهاجم عقلها ..
خطت للخلف عدة خطوات .. و الفزع يسيطر على ملامحها ، هامسة بعدم تصديق :
" إدوارد " ، لتصيح بعدها دون وعي .. مثيرة الفزع داخل كل مَن بالمنزل .
**********
استيقظ بنشاط على عكس المعتاد .. متحمساً لرؤية حلواه اللذيذة و العبث بها !..، نهض من على الفراش .. و بداخله الآف الأفكار للإستمتاع بها ، فهو من الأساس أبقاها في منزله من أجل هذا الغرض .. من أجل الإستمتاع و إشباع رغباته !
خرج من غرفته .. ليلاحظ السكون المسيطر على القصر ، فاستوقف إحدى الخادمات سائلاً إياها : " أين رانيا ؟ "
أجابته الخادمة بنبرة عملية .. دون أن ترفع عينيها إلى خاصته : " لقد خرجت سيدي ، و أخبرتنا أن نُعلِمك أنها مدعوَة للإفطار مع إحدى صديقاتها " .
" حسناً .. اذهبي و تابعي عملكِ " .
بعد أن أنصرفت الخادمة ، جال بنظراته القصر .. باحثاً عن زوجته الثانية ، إلا أنه لم يراها ، فتحرك إلى أخر مكان يتوقع أن تتواجد فيه ..
و بالفعل .. دلف إلى المطبخ ليجدها تقطع بعض الخضراوات .. و الشرود جليّ على ملامحها ..
أخذ وقته ليتأملها .. ببدلتها المخصصة لجميع الخادمات بقصره ، كانت التنورة السوداء لا تكاد تتعدى ركبتيها ، و القميص الأبيض ملتصق بالنصف العلوي لجسدها .. موضحاً كل تفصيلة فيه ..
و بعد أن تأكد من عدم وجود إحدى الخادمات بالقرب ، اقترب منها بخفة .. دون أن يصدر صوتاً .. حتى وقف ورائها ، أحاط خصرها بتملك .. و وجدت شفتيه طريقها إلى عنقها .. ليطبع عليه العديد من القبلات ..
شهقت ياسمين .. قافزة في مكانها برعب ، ليشدد هو من احتضانها .. مانعاً إياها من الحركة .. و طابعاً المزيد من القبلات على بشرة وجهها و عنقها ..
حاولت ياسمين التحرر .. إلا أن جميع محاولاتها باءت بالفشل ، فهمست بتوسل : " اتركني أرجوك ، من الممكن أن يرانا أحدهم " .
تجاهلها فريد تماماً ، و أدارها إليه .. ليميل إليها .. مقبلاً شفتيها قبلة مفعمة بالرغبة ، و يداه تتجرأ على جسدها ..
تلوت في حضنه .. رافضة ما يفعله معها .. خائفة من أن يتم كشفها ، و مع ذلك .. لم يبالي فريد بها ، حيث كان مبحراً في عالم أخر !
لينتفضا سوياً على أصوات قريبة منهما .. قريبة جداً ، جعلت ياسمين تتأكد أن نهايتها قد اقتربت ، فرانيا لن ترحمها عندما تعلم أنها زوجة لفريد الجندي !
انتهى الفصل، قراءة سعيدة


Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-10-18, 10:12 PM   #328

manar.m.j

? العضوٌ??? » 425938
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 472
?  نُقآطِيْ » manar.m.j is on a distinguished road
Lightbulb star

فصل رائع😘😘
تسنيم فسخت الخطبه بعد ضغط مازن
ماذا سيحدث؟؟
طارق😂😂😂
تسحق واكثر😛😛
اسيل مسكينه تريد ان تنسى طارق
وزاد السالفه ادوارد الحقير
ماذا يخطط وامها الحقيره😡😡
لارا وغبائها ولو هو غباء اغلب البنات😧😧
وخدعها ببعض الكلام الجميل
انقذها علاء😟😟
والحقير خالد ان شاء الله اشوف بيه يوم هو وصاحبه
كولو امين
ياسمين الفتاة المسكنه😔😔
عايشه بخوف وهذا يقتل الانسان حقا
فصل رائع كما عودتنا
ننتظر دوما ابداعك
تسلمين حبي😚😚


manar.m.j غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-10-18, 09:44 PM   #329

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
افتراضي

الفصل السابع و العشرون
انهارت جالسة على الأرضية الباردة .. و خيالها يُصّوِر لها أن إدوارد قريب منها .. يداه تتجرأ على جسدها ، فأخذت تتلوى في مكانها محاولة إبعاده عنها ..
وقف إدوارد أمامها و ابتسامة خبيثة تزين شفتيه ، كاد أن يميل إليها .. إلا أن سوزان حذرته بنظراتها .. فأي حركة خاطئة سيقومان بها هنا ستُبعد عنهما أسيل إلى الأبد .
كان طارق الأسرع في الوصول إلى أسيل ، ليجدها على الأرض .. تبكي و تصرخ بكلمات غير مفهومة ..
مال إليها و ضمها إلى صدره بقوة ، هامساً بخوف نبع من قلبه : " حبيبتي ، ماذا حدث معكِ ؟ ، لِمَ تبكين هكذا ؟ "
تمسكت بأحضانه أكثر .. فهو مَن سيحميها من هذا الحقير و والدتها ..
ملس على شعرها بحنان .. و أخذ يهدهدها بخفوت ، لتهمس له بخوف و رجاء : " لا تجعله يلمسني .. أرجوك " .
عقد حاجبيه بعدم فهم و قال : " مَن ؟ "
خرج محمد من الغرفة .. ليجد أسيل على الأرض .. و طارق يحيط بها محاولاً بث الطمأنينة إلى قلبها ..
و على مقربة منهما ، كانت تقف سوزان .. برفقة شاب غريب لم يتعرف عليه ..
" أي رياح طيبة أتت بكِ إلينا يا سوزان ؟ "
حديث والده جعله ينتبه أنه هو و أسيل ليسا لحالهما ، و أن هناك مَن يشاركهما المكان .. و بالتأكيد أنه السبب في تلك الحالة التي سيطرت على صغيرته !
حاول الإبتعاد عنها ليفهم ما يجري حوله ، إلا أنها تمسكت فيه بقوة أكبر ، رافضة أن يبتعد و يترك الفرصة لهؤلاء بالإقتراب و النيل منها .
استقام طارق و هو يضم أسيل إلى أحضانه بحماية ، ثم نظر إلى سوزان التي كانت تقف أمامه مباشرة .. تنظر إليهما بسخرية ، و بجوارها شاب أشقر .. ينظر إلى أسيل برغبة واضحة ..
هذه النظرة جعلت طارق يشتعل من الغضب و .. الغيرة !..، فسحب أسيل إلى غرفتها التي كانت تحتلها عندما كانت تمكث معهما ، مخفياً إياها عن نظرات هذا الأشقر .
**********
أجلسها على سريرها برفق ، ثم مسح دموعها و هو يبتسم لها مطمئناً ..
" إهدأي .. أنا معكِ هنا ، لن يستطيع أحد أن يمسكِ بأذى " .
هتفت من بين بكائها و كأنه لم يتحدث : " ابقى معي طارق أرجوك ، لا تجعله يقترب مني ، هذه المرة إن لمسني لن أستطع الفرار منه " .
ظهرت الصدمة على ملامحه ، و همس بعدم تصديق : " هو الذي حاول أن " .
لم يستطع متابعة كلماته ، و لم تترك هي له الفرصة ليتابع .. حيث حركت رأسها بقوة مؤكدة ما يدور في عقله .. و دموعها تزداد أكثر ..
الحقير .. الوقح ، حاول أن يغتصب أبنة عمه من قبل .. تعدى على حرمة جسدها ، و مع ذلك يقف في منتصف بيته بكل ثقة و غرور ، ينظر إليها بخبث واعداً إياها بليلة أخرى يُحكِم فيها سيطرته عليها فلا تستطيع الهرب إلا عندما يأخذ منها ما يريد !
اشتعلت عيونه بغضب و هو يتخيل هذه الأشقر فوق أسيل ، يقبلها كما يريد و يداه تتجرأ على كل شبر في جسدها ، كما حاول أن يفعل من قبل .
نهض بقوة .. و قد فقد الجزء المتبقي من سيطرته على نفسه ، فسارع للخارج .. ليجد والده يجلس مع سوزان و هذا الأشقر ، و على ما يبدو أنه لم يعرف حتى الآن مَن هو ، و إلا لما كان يسمح له بدخول بيته ، اقترب منهم بجسد متحفز و ملامح وحشية تنم عن غضبه الشديد و رغبته في إحراق هذا الماثل أمامه ..
و دون أن يتحدث .. سحب إدوارد من قميصه ليقف و يواجهه ، و دون أي تفكير .. سدد له لكمة قوية جعلته يرتد إلى الخلف عدة خطوات ، و همس بحدة :
" هذه لنظراتك الغير مقبولة إلى أبنة عمي " .
وازن إدوارد نفسه .. و اقترب من طارق و هو يتمتم بعدة كلمات عصبية بلغته ، ثم رفع ذراعه ليرد لطارق لكمته ، إلا أن طارق كان أسرع منه .. حيث أمسك بذراعه بقوة و لواه إلى الخلف ، جاعلاً إدوارد يصرخ من الألم ، و همس بنبرة مقهورة :
" و هذه اليد التي تجرأت على لمس جسدها سأكسرها لك " .
نهض محمد مصدوماً مما يفعله ولده ، و همس بتأنيب : " طارق هل جننت ؟ ، إنه ضيفنا " .
" بل حشرة .. هو حشرة علينا قتلها و التخلص منها " ، قال جملته و هو يركل ساق إدوارد بقوة جعلت الأخير ينخفض أرضاً ، بينما يداه ما زالت متمسكة بذراعه بقوة ..
اقتربت سوزان منهما و خوفها على إدوارد يطل من عينيها ، لتتمتم بكذب : " اتركه طارق ، لقد جاء كي يعتذر من أسيل " .
صاح باستنكار : " يعتذر !..، و ماذا إن كان نجح فيما حاول فعله ؟ ، هل كان سيأتي ليعتذر أيضاً ؟! "
صاح محمد بتخبط و الشكوك بدأت تراوده : " طارق .. تحدث معي أنا ، مَن هذا ؟ "
هتف طارق من بين أسنانه .. و هو يلوي ذراع إدوارد أكثر ، فيحمر وجه الأخير من كثرة الألم : " هذا الحقير .. هو مَن حاول التعدي على أسيل من قبل " .
تجمد محمد في مكانه ، مَن حاول اغتصاب أبنة عبد الله .. الأمانة التي تركها شقيقه في عنقه ، هنا في بيته .. يجلس في مجلسه .. و يرحب هو به !
هتف باستنكار : " و تملك الجرأة لتأتي إلى هنا " .
قاطعه طارق بعصبية : " هذا من شدة حقارته يا أبي ، و لكن أقسم أنني لن أجعله يخرج من هنا على قدميه " .
حرر طارق ذراع إدوارد أخيراً ، إلا أنه لم يرحمه ، بل أخذ يركله في معدته و صدره بقسوة .. و هو يسبه بقوة ..
خرجت أسيل من غرفتها .. و الدموع لا زالت تزين وجنتيها ، لترى عمها يجلس على الأريكة و الجمود يحتل ملامحه ، تاركاً لطارق مهمة الأخذ بحقها ..
حانت منها نظرة إلى والدتها ، فوجدتها تحاول الدفاع عن إدوارد بكل ما تملك من قوة ، و الرعب يتجلى في كلماتها ..
تملّك الجمود منها ، فبدلاً من أن تنضم والدتها إلى طارق ، و تنتقم من إدوارد على تجرأه عليها ، تدافع عنه محاولة تخليصه من أيدي طارق ، أي قلب تملك !
تحركت بجمود لتجلس بجانب عمها ، تنظر إلى ما يفعله طارق بإدوارد و شعور بالسعادة يتسرب إليها ، فأبن عمها ينتقم لها من هذا الحقير ..
تنهدت سوزان بقلة حيلة عندما لم تفلح كل محاولاتها في إبعاد طارق عن أبن زوجها ، فنظرت إلى محمد هاتفة بحنق : " اجعله يتركه ، لقد أخبرتك أنه جاء كي يعتذر منها " .
شبح ابتسامة سخرية ظهرت على شفتي أسيل غير مصدقة ما قالته والدتها ، فما الذي سيجعل إدوارد يعتذر و هي مَن شجعته على هذا من الأساس ؟!
اشتعلت عينيها بكره .. و ودت لو تخبر طارق أن والدتها كانت تعلم ، بل هي مَن دفعت إدوارد ليقترب منها ، إلا أن بعض الرحمة بداخلها اتجاه تلك المرأة التي حملتها تسعة أشهر جعلتها تصمت ، مع أن سوزان لم تكن تستحق رحمتها ، فمنذ صغر أسيل و هي كانت تعاملها بجفاء ، و كأنها ليست أبنتها !
" لا .. لن يتركه إلا عندما ينتقم لي منه " .
نظرت لها سوزان بغضب ، فهي تبذل جهدها كي تلملم الموضوع و ترحم إدوارد من وحشية طارق ، إلا أن ابنتها لا تساعدها .. بل على العكس تزيدها اشتعالاً !
في الحقيقة لقد تفاجئت بمعرفة محمد و ولده عن محاولات إدوارد ، فعلى حسب ما تعلم عن المجتمع الشرقي ، هو أنه شديد البأس في هذه الناحية ، و أن مَن تتعرض من بناته إلى مثل ما تعرضت له ابنتها تُحاسَب ، حتى لو كانت هي الضحية !..، لذا لم تتوقع أبداً أن أسيل ستخبر عمها عما حدث معها !
شعر طارق بالتعب فابتعد أخيراً عن إدوارد ، بعد أن سدد ركلة بين ساقي الأخير .. جعلته يصرخ و يتلوى بألم ..
اقتربت سوزي من أبن زوجها بسرعة و ساعدته على النهوض ، ليصرخ إدوارد صرخة أشد قوة و ألماً .. غير قادراً على تحريك عضلة في جسده ..
جلس طارق ثم قال و هو يبتسم بتشفي : " تستحق أكثر من هذا ، لتتعلم من اليوم أن تحترم نفسك و ألا تنظر لما لا تملكه " .
زمجر إدوارد بغضب ، لتهمس له سوزان بخفوت : " ساعدني لآخذك إلى المشفى إدوارد ، و بعدها سأعود إليها و أتصرف معها " .
نهض إدوارد بتعب و كل خلية في جسده تصرخ من الألم ، و قبل أن يغادر مع سوزان .. نظر إلى أسيل و حرك شفتيه دون أن يصدر صوت قائلاً : " سأعود لأحصل عليكِ " .
خرجا من الشقة ليقابلا سعاد على الباب ، فنظرت لهما الأخيرة باستغراب بسبب حالة إدوارد الغريبة ..
" أهلاً سيدة سوزان ، لِمَ لم تخبرينا بقدومكِ حتى نكون في استقبالكِ " .
نظرت لها سوزان باشمئزاز واضح ، و تحركت من أمامها هي و إدوارد دون أن تلقي عليها تحية حتى !
لوت سعاد شفتيها باحتقار هامسة بداخلها : " و كأنني سأموت على تحيتكِ ، حمداً لله أنني لم أكن موجودة وقت مجيئكِ " .
دلفت إلى شقتها لتجد زوجها يضم أسيل بقوة إلى أحضانه .. يحاول أن يهدأها دون فائدة ، و ولدها جالس على مقعد أمامهما بملامح مكفهرة ..
" كان لدي إحساس أن زيارة هذه المرة لم تأتي بخير ، خاصة و أنا أرى بقايا الشاب الذي معها " .
تفاجئوا من وجودها ، ليتنحنح محمد بقوة .. حامداً الله بداخله أنها لم تصل و سوزان هنا ، و إلا لكانت عرفت بما حدث مع أسيل ..
في حين أن أسيل ابتسمت وسط دموعها .. عندما استمعت لكلمة زوجة عمها ( بقايا شاب ) فبالفعل طارق لم يترك في جسد إدوارد شئ سليم ..
جلست سعاد على أقرب مقعد و قالت بفضول : " ماذا كانت تريد ؟ ، و ماذا فعل ذلك الشاب لتفعلوا به كل هذا ؟ "
هتف محمد بهدوء .. متمنياً ألا يثير الشك بداخلها : " سوء تفاهم بسيط ، خذي أسيل الآن إلى غرفتها ، فهي ستقضي ليلتها معنا " .
ابتعدت أسيل عن أحضانه و همست بصوت مبحوح : " لا عمي سأصعد إلى شقتي " .
" و لكن يا حبيبتي " .
قاطعته برجاء : " أرجوك عمي ، اتركني أفعل ما أريد " .
شعر طارق بحاجتها للبقاء مع والديه ، و ظن أنه السبب في رفضها للبقاء على الرغم من حاجتها تلك ..
" يمكنني قضاء ليلتي بالخارج و تقضين أنتِ الليلة هنا " .
كانت تعلم أن والدتها لم تصمت على ما حدث اليوم .. و أنها ستعود إليها بعد أن تطمئن على إدوارد ، و بالطبع هي لن تواجهها أمام عمها و عائلته !
" شكراً لك ، و لكنني أحتاج إلى البقاء لحالي الليلة " .
قبل محمد رأسها بحنو و قال : " كما تريدين حبيبتي " .
نهضت أسيل لتصعد إلى شقتها ، فاستوقفتها سعاد قائلة : " انتظري حتى نأكل حبيبتي " .
همست بتعب : " ليس لدي شهية " .
هتف محمد بهدوء .. مقدراً حالتها : " اتركيها يا سعاد ، أحلام سعيدة حبيبتي " .
سعيدة !..، و من أين ستأتيها السعادة و والدتها قد عادت ؟!
و الله وحده يعلم لِمَ جائت .. و ما الذي تخطط له ؟
صعدت إلى شقتها ، و الخوف بدأ يسيطر على ملامحها مرة أخرى ، هي ليست غبية .. و والدتها أيضاً ليست كذلك !
بالتأكيد طالما جاءت إلى هنا بقدميها .. فإنها تخطط لشئ كبير .. متأكدة من نجاحه ، و لكنها ستقف لها بالمرصاد .. و ستمنعها بكل قوتها عن تدمير حياتها .. مهما تطلب ذلك !
دلفت إلى شقتها .. لتسرع إلى الشرفة منتظرة قدوم والدتها ، حتى تستقبلها قبل أن تذهب إلى شقة عمها ، فسوزان حتى الآن لا تعلم أن أسيل أصبح لديها شقتها الخاصة .
و بالفعل .. بعد مرور ساعات قليلة ، توقفت سيارة أجرة أمام منزل محمد .. و ترجلت منها سوزان بهيئتها الباردة و التي لا تتناسب مع الغضب المتقد في عينيها !
سارعت أسيل بالخروج .. و وقفت على الدرج منتظرة صعودها ، و ما هي إلا عدة ثواني و كانت سوزان واقفة أمامها .. رافعة أحد حاجبيها باستغراب ..
صعدت أسيل إلى شقتها مرة أخرى ، دون أن توجه لوالدتها كلمة ، و سوزان خلفها .. مستغربة من عدم دخول أسيل إلى شقة عمها ، و لكنها فهمت الأمر عندما دلفت أسيل إلى شقة أخرى .
جلست بغرور على الأريكة ، ثم هتفت باشمئزاز : " هل أعجبكِ ما فعله ابن عمكِ المتخلف ؟ "
بقت أسيل على وقفتها ، و ظهرت السخرية على ملامحها و هي تقول : " متخلف !.. ، متخلف لأنه دافع عني !..، لأنه أخذ حقي من الحيوان الذي شجعتيه على الإقتراب مني ! "
تبدلت ملامح سوزان إلى الإنزعاج و قالت : " لِمَ تكبرين الموضوع ؟ ، لقد حاول أن يقيم علاقة معكِ لا أكثر " .
قاطعتها بحدة : " علاقة ؟ ، بهذه البساطة ! "
عادت سوزان إلى برودها المشهورة به و قالت بقسوة : " نعم بهذه البساطة ، و لكنكِ مَن لا تنظرين و لا تنتظرين سوى ابن عمكِ ، تطمحين بأن ينظر لكِ يوماً " .
ثم مررت نظراتها عليها و قالت بسخرية : " مع أنني أعتقد أنكِ لن تنتظرين كثيراً .. طالما تتبعين هذا الأسلوب معه " .
عقدت أسيل حاجبيها بعدم فهم ، لتتابع سوزان بسخرية أشد : " الغريب أنكِ رفضتي إقامة علاقة مع إدوارد متحججة بأن دينكِ لا يسمح بهذا ، فهل دينكِ يسمح بأن ترتدي هكذا لرجل لتلفتين نظره و تجعليه يقترب منكِ " .
فُجِعت أسيل من اتهامها ، فوالدتها تظن أنها امتنعت عن إدوارد من أجل طارق .. و أن طارق إن كان مكان إدوارد لكانت رحبت به !
" أنا لا أرتدي هكذا من أجل طارق ، و مستحيل أن أجعله يقترب مني طالما لا يوجد رابط شرعي بيننا " .
أصدرت سوزان ضحكة سخرية .. مُعلِمة ابنتها أنها لم تصدق حرف مما قالته ، ثم قالت بأسى مصطنع : " أخشى أنه لن يكون هناك رابط شرعي بينكما يوماً ، فإدوارد فور أن يستيقظ سيُحرر محضراً ضد طارق يثبت فيه ما حدث " .
أصفر وجه أسيل من الخوف و همست بتشتت : " ماذا ؟ "
ابتسمت سوزان بانتصار و قالت : " حبيبكِ العزيز سيقضي بضع سنوات في السجن ، إلا إذا ! "
نظرت أسيل إلى والدتها بتوسل ، لتتابع سوزان : " أجمعي أغراضكِ ، سترحلين معي إلى بريطانيا و تتزوجين من إدوارد " .
شحبت ملامح أسيل حتى قاربت الموتى ، فوالدتها تُخيّرها بين حياتها و حب حياتها !
نعم .. لقد قررت أن تنسى طارق و تُخرجه من حياتها ، و لكنه سيظل يحتل جزءاً من قلبها .. و لو صغيراً ، سيظل هو أول مَن احتل قلبها و علّمه الحب ، و ستتمنى له السعادة دائماً ..
ثم أنه ليس من العدل أن يُسجَن بسببها .. بسبب دفاعه عنها ، لن تسمح بذلك !
حسناً .. ماذا تفعل ؟
هل توافق على عرض والدتها ؟
تترك وطنها و عائلتها مرة أخرى .. ذاهبة إلى وطن لم تشعر يوماً أنها تنتمي له !
تتزوج من شخص تشعر بالإشمئزاز عند رؤيته .. توهبه حياتها و جسدها و هي تعلم يقيناً أنه لا يحبها !
يا إلهي .. ما هذا الإختيار الصعب ؟
ابتسمت سوزان و هي تلاحظ تشتت ابنتها ، تعلم أن طارق هو حب حياتها ، و أنها مستعدة للدفاع عنه بكل قوتها إن شعرت أن هناك خطر يحيط به ، لذا استغلت ما فعله لصالحها ، كي تستطيع السيطرة على ابنتها التي لا تنصاع إليها بسهولة .
" أريد قراركِ الآ يا أسيل " .
أغمضت أسيل عينيها .. تحاول إسترداد قوتها و إيجاد فكرة للخروج من هذا المأزق ، فهي لن تضحي بحياتها .. و لن تُدخِل طارق السجن بيديها فتُعذِب قلب والديه عليه .
مرت دقائق كانت سوزان تنتظر فيها أسيل بثقة ، و أسيل تحاول بشتى الطرق إيجاد حل ، لتفتح الأخيرة عيني يظهر فيهما التحدي ، فوالدتها مَن اختارت اللعب بقذارة !
" حسناً أمي ، حررا محضراً ضد طارق ، و قصا فيه كيف ضرب إدوارد بوحشية " .
تفاجئت سوزان مما قالته ابنتها ، فلقد كانت تعتقد أن أسيل من المستحيل أن تقبل أن يمس طارق أذى ، و أنها ستضحي بحياتها من أجله ، و لم تتوقع أنها ستتنازل عنه هكذا بسهولة !
تابعت أسيل بخبث لمع في مقلتيها : " اسمحي لي الآن ، سأذهب لعمي و طارق لأخبرهما عن تلك الليلة ، و أنكِ كنتِ السبب فيما كاد أن يحدث لي " .
نهضت سوزان بفزع ، فإن علم محمد بهذا ستكون نهايتها .. و لن يتردد لحظة في قتلها ، فأسيل عنده خط أحمر .. فهي أبنة الغالي كما يقول ..
" ماذا ؟ ، هل جننتِ ؟ "
رفعت أسيل أكتافها بلا مبالاة و قالت : " لا عيب في الجنون إن كان سيأخذ لي حقي ، و طالما في كل الأحوال طارق سيُسجَن ، فلابد أن يكون السبب يستحق " .
همست سوزان برجاء : " و أنا ؟ ، أ لا تعلمين ما من الممكن أن يفعلاه بي إن علما ؟ ، أ أهون عليكِ ؟ "
انقلبت ملامح أسيل إلى الوحشية و قالت بقسوة : " كما هنت عليكِ أنا عندما سلمتيني لقذر مثل إدوارد ، لِمَ سأشفق عليكِ و أنتِ لم تشعري بالشفقة اتجاهي ؟ "
ابتعلت سوزان ريقها بتوتر و حاولت التفكير في حل لإعادة سيطرتها على الجلسة ، لترفع أسيل إصبعيها و تقول مُنهية اللقاء
: " أمامكِ اختيارين أمي ..
إما أن تخرجي من هذا الباب .. و تعودي إلى بلادكِ أنتِ و ابن زوجكِ .. و تنسيني للأبد ..
أم إنني لن أتردد لحظة في إخبار عمي عن كل مارتكبتيه في حقي " .
لترفع كتفيها قائلة ببساطة : " القرار لكِ " .
لم تكن سوزان بحاجة لأن تقرر من الأساس ، فحياتها هي أهم ما لديها ، لذا بدون تفكير التقطت حقيبتها و غادرت حياة ابنتها للأبد .. دون أن تودعها حتى !
حالما خرجت .. جلست أسيل على أقرب مقعد بتعب .. مصرة على ألا تبكي ، فسوزان لا تستحق دموعها !
**********
استلقى طارق على سريره ، و على الرغم مما مر به في هذه الليلة ، إلا أنه كان يشعر بالراحة ، ليس فقط لأنه انتقم لأسيل و أخذ بحقها من الحقير الذي حاول اغتصابها ، بل لأنها لم تذهب إلى ذاك الحفل !
ربما يظنه البعض مجنوناً في تفكيره هذا ، إلا أنه حقاً كان يشعر بالغضب من خروجها بهذا المظهر أمام الكثير و الكثير من الرجال ..
عاد ليتذكر مظهرها ، كم كانت تبدو جميلة بفستانها الأحمر .. عيونها الكحيلة .. شفتيها المغريتين و .. جسدها !
أغمض عينيه رافضاً أفكاره ، ليس عليه التفكير فيها بهذه الطريقة ، إنها أسيل .. أسيل أبنة عمه الصغيرة ، مَن اقتحمت حياته قبل أن تُتم الخمسة عشر عاماً .. و عاشت تحت جناحه و في حمايته ..
همس صوت بداخله باعتراض : " ليست صغيرة يا طارق ، لم تعد صغيرة ، لقد كبرت .. و أصبحت قادرة على إغراء أعتى الرجال .. حتى أنت لم تنجو من إغرائها " .
فتح عينيه ، و قال لنفسه مؤنباً : " إغراء !..، استيقظ يا طارق .. ما الذي تقوله ؟ ، ما الذي يحدث معك ؟ ، ثم أ نسيت أنها كانت زوجة لك من قبل و لم تحرك فيك شعرة " .
عاد الصوت بداخله ليقول : " هذا لأنها كانت صغيرة ، نعم كانت فاتنة ، و لكن ليس كما تبدو الآن ، لقد نضجت عقلياً و جسدياً ..
كما أنه بالماضي كانت هناك عدة أسباب تمنعك عنها ، أهمها إجباركما على هذا الزواج .. و حبك لنشوى " .
زفر أنفاسه بقوة مقتنعاً بكل ما قيل ، ليعلو صوت أخر قائلاً بسخرية : " حسناً و ما الذي ستستفيده من هذه الأفكار ؟ ، هل ستتزوجها مثلاً ؟ "
توسعت عيونه بذهول مما يدور بخلده : " أتزوجها .. مَن ؟ ، أسيل !
بحق الله إنني أكبرها باثني عشر عاماً ، كيف أتزوج طفلة ؟! "
صاح صوت بداخله : " طفلة مرة أخرى !..، هل سنعود إلى نفس النقطة كل مرة ؟ ، ثم ما المشكلة إن كنت تكبرها بكثير ؟ ، العديد من الأزواج بينهما فارق كبير في العمر و مع ذلك يحيون بسعادة " .
حرك رأسه بعدم تصديق : " لقد جننت ، حقاً جننت ، ما الذي أفكر فيه ؟ "
وضع يده على جبهته و هو يقول : " لا .. أنا متعب ، و هذه آثار التعب ليس إلا ..
من الأفضل أن أنام و أرتاح ، ففي النهاية .. قد كان اليوم عصيباً " .
**********
" لقد هاتفتني أسيل و اعتذرت عن المجئ اليوم " .
ترك كمال ما في يده و نظر إلى شقيقته بقلق جاهد كي يخفيه ..
" لماذا ؟ ، هل تشعر بالتعب ؟
إنها حتى لم تأتي إلى الحفل أمس ، مع أنكِ أخبرتيني أنكِ دعوتيها ، ماذا يحدث معها ؟ "
حاولت ملك كبت ضحكاتها على قلق شقيقها الواضح على أسيل ، فمهما أنكر .. هو منجذب لها ..
" على رسلك يا أخي ، أي سؤال تريدني أن أجاوب عليه أولاً ؟ "
انتبه كمال إلى فشل محاولاته لإخفاء قلقه ، فتنحنح بقوة و قد أحمر وجهه ، و قلبه ينبض بخوف على أسيل .. على الرغم من عدم اعترافه بذلك !
لم تستطع ملك تمالك نفسها أكثر ، فانفجرت ضاحكة و هي ترى ملامح شقيقها الخجولة ..
استندت بذراعيها على مكتبه و قالت بمرح : " طالما أنك مُعجَب بها إلى هذه الدرجة .. لِمَ الإنكار ؟ "
تظاهر بالنظر إلى الأوراق التي أمامه و قال بتهرب : " لا أعلم عما تتحدثين " .
قالت بشقاوة : " يا أخي ، انظر في عيني و اخبرني أن مشاعرك لم تتحرك نحو أسيل و لو قليلاً " .
ابتلع ريقه بتوتر و قال : " ملك .. كُفِي عن الحديث في هذه المواضيع و اذهبي و تابعي عملكِ " .
صاحت بطفولية : " كما تريد ، لكن ثق أنه سيأتي يوماً تحتاج فيه إلى مساعدتي ، لا تنسى أني صديقتها المقربة " .
و لكن .. و قبل أن تغادر مكتبه ، استوقفها قائلاً باستسلام .. مفصحاً عما يقلقه منذ ليالي : " ملك ، مَن هذا الذي جاء إلى هنا منذ أيام و أقلها إلى منزلها ؟ "
التفت ملك إليه .. مبتسمة بانتصار .. فأخيراً استطاعت سحب الكلمات من فم شقيقها ، و قالت بتلاعب :
" على أساس أنك لا تشعر نحوها بشئ " .
زم شفتيه و قال : " الخطأ خطأي أنني سألتكِ " .
ضحكت بقوة ثم قالت بمرح : " لا تغضب بهذه السرعة ، سأخبرك عن ذاك الرجل ، بل سأخبرك بقصة أسيل كاملة ، و أرجو أن تفكر ملياً قبل اتخاذ أي قرار " .
لتتبدل ملامحها إلى الجدية قبل أن تقول : " طارق أبن عمها هو مَن جاء إليها ذلك اليوم و .. زوجها السابق " .
قال كمال بصدمة : " زوجها ! "
سارعت بالقول : " اسمعني أخي و لا تقاطعني .. أرجوك " .
أصدرت تنهيدة قوية ثم قالت : " كما أخبرتك من قبل أن أسيل والدتها بريطانية و والدها مصري ، و قبل أن يتوفى والدها زوّجها من أبن عمها .. لأنه لم يكن يريد لأسيل أن تعيش مع والدتها ، و لا تسألني عن الأسباب لأنني لا أعرفها " .
سألها بتوجس : " و لِمَ تطلقت ؟ "
صمتت للحظة ثم قالت : " هذا من أسرار أسيل .. لا أستطيع الإفصاح عنه " .
زفر أنفاسه بعصبية و قال بغيرة تفاجأ من وجودها : " و هل تحبه ؟ ، أم هذا أيضاً من أسرارها ؟ "
هتفت ملك بجدية : " أخي ، أسيل عندما تزوجت طارق كان عمرها خمسة عشر عاماً ، و لم تقضي معه سوى بضعة أشهر قليلة و بعدها تطلقا ، أي أن أي مشاعر تحملها له فهي مشاعر مراهقة لابد أن تتخلص منها " .
همس بأسى : " أي أنها تحبه " .
هتفت بتصميم : " و ربما لا ، ربما هي تعتقد أنها تحبه لأنه لم يدخل شخصاً أخر حياتها و يعلمها ما هو الحب " .
نهضت لتقف خلفه و تربت على كتفه بحنو : " إن كنت متأكد من حبك لها فاسعى كي تحصل عليها و امنحها السعادة التي تستحقها ، فأسيل عانت كثيراً في حياتها و آن الأوان لها أن ترتاح " .
ثم خرجت من مكتبه .. تاركة إياه في دوامة أفكاره و مشاعره .

يتبع

noor elhuda likes this.

Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-10-18, 09:47 PM   #330

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
افتراضي

بدون سابق إنذار .. سقطت دموع ياسمين من الخوف .. و الآف من السيناريوهات تدور في بالها عما ستفعله رانيا بها !
كانت ردة فعل فريد سريعة ، حيث سحبها بقوة إلى خارج المطبخ ، ثم دلفا إلى أول غرفة ظهرت أمامه ..
انهارت ياسمين خلف الباب برعب .. و هي تستمع إلى صوت ميرفت .. تلقي على إحدى الخادمات بعض الأوامر ..
فمال فريد إليها .. و ضمها إلى صدره بحنو و هو يقول : " إهدأي هي لن ترانا " .
لم تهدأ ياسمين .. بل تمسكت بأحضانه و بكاءها يزداد أكثر كل لحظة ، ليبتعد فريد عنها قليلاً .. و يمسك ذقنها ليرفع وجهها إليه .. فتتقابل نظراتها الخائفة بنظراته الواثقة ، استغرق لحظات ينظر فيها إلى عينبها .. محاولاً بث الطمأنينة إليها ، ثم ظهرت ثقته في كلماته و هو يقول : " مما أنتِ خائفة ؟ ، أنتِ مع فريد الجندي ، لن يمسك سوء طالما أنتِ في حمايته " .
لم تقتنع بكلماته .. فطالما هو واثقاً بقدراته إلى هذه الدرجة ، لِمَ سحبها بخوف مختبئين في أول غرفة قابلتهما !
عادت لتنتبه إلى ما يحدث ، إنها الآن بغرفة غريبة معه ، غرفة بالتأكيد تحتلها إحدى الخادمات .. بسبب قرب موقعها من المطبخ ، ماذا سيحدث إن جاءت تلك الخادمة إلى الغرفة الآن ؟!
شهقت بخوف .. و أبعدت عينيها عنه متأملة الغرفة .. محاولة اكتشاف لمَن تعود ، لتتنهد براحة عندما اكتشفت أنها غرفتها ، فبالأخير كان القدر رحيماً بها !
نهضت مبتعدة عنه و هي تمسح دموعها ، لينهض هو الأخر .. متأملاً الغرفة التي دلف إليها ، كانت غرفة بسيطة .. بسرير متوسط الحجم و دولاب صغير يكفي لضم أغراض الخادمة ، و على الجانب كانت هناك مرآة صغيرة ..
ضيق عينيه و هو ينظر إلى الصورة الموضوعة على المرآة بعناية ، لقد كانت صورة حلوته مع فتاة أخرى لم يهتم للنظر إليها ..
اقترب من المرآة ليتأمل صورة زوجته بدقة ، كانت ترتدي ملابس بسيطة .. باهتة ، و مع ذلك كانت تبدو فاتنة ، من الممكن أن تكون ابتسامتها الخلابة و .. لمعة عينيها .. هما من أضافا لها تلك الفتنة !
كانت ياسمين تنظر له و هو يتأمل صورتها هي و ريناد ، و وجهها قد تورد بخجل إثر نظراته المعجبة ..
التفت .. و اقترب منها ، ليضمها إلى صدره مرة أخرى ، ثم همس و شفتيه تلامس أذنها : " تزدادين في عيني جمالاً كل لحظة ، كم أنا محظوظ بكِ " .
و على الرغم من كل ما يفعله بها ، إلا أن أنوثتها دائماً ما تتأثر بكلماته .. و غزله بها !
تحركت شفتيه لتقبل خلف أذنها هابطة إلى عنقها ، لتنتبه هي إلى ما يفعله .. فتقول باعتراض واهي : " ابتعد .. ماذا .. " .
قاطعها و هو يقول أمام شفتيها بحدة : " أخبرتكِ ألا تخافي طالما أنا معكِ " .
و أردف قبل أن يقبل شفتيها بشغف : " أتوق لتجربة سريركِ الصغير " .
بعد فترة
انتهى منها فريد .. إلا أنه لم يغادر سريرها ، بل على العكس .. أخذ وضعية جيدة ليرتاح في نومه ، حاولت ياسمين النهوض ، إلا أنه أحتضنها بقوة مانعاً إياها من الحركة ..
همست بتوسل : " يجب أن أخرج قبل أن تنتبه إحداهن إلى غيابي " .
كانت نظراته مركزَة على شفتيها المتورمة إثر قبلاته .. غير مبالياً بما تقوله ، و كم أثارته بحمرتها الطبيعية و تورمها ، و كأنه لم يُشبع رغبته فيهما منذ قليل !
مال ليقبلها مرة أخرى بشغف لا ينضب ، ليتركها بعد ثواني و هي تلهث محاولة التقاط أنفاسها ، ثم احتضنها مقرباً إياها من صدره .. مستنداً بذقنه على رأسها ..
دفنت ياسمين رأسها في صدره ، و مشاعر غريبة تنتابها ، كره لما يفعله بها ، و عشق لحنانه عليها !..، على الرغم من أنها لم تجرب هذا الحنان إلا مرتين فقط .. و أثناء علاقتهما الخاصة ، إلا أنه كافياً لجعل الحب يتسرب إلى قلبها ، فطوال حياتها لم يكن هناك مَن يحنو عليها و يراعي مشاعرها ، على العكس كانت تُعامل في الدار بكل قسوة من قبل مشرفاته ، و لم تكن تشعر بالراحة إلا عندما يأتي الليل .. فتُغلق عليها الغرفة هي وصديقاتها ..
قبل فريد رأسها عدة قبلات صغيرة ، ثم همس بأنانية : " سأسامح شرودك هذا إن كنتِ شاردة بي ، و لكن غير ذلك غير مسموح و .. ستعاقبين عليه " .
نظرت له بأعين متوسعة ذهولاً .. مستنكرة لما يقوله ، ليتابع بتملك : " أنتِ كلكِ ملكي .. مشاعركِ لي .. و تفكيركِ لا يشغله سواي ، فهمتي ؟ "
أومأت بصمت .. مع أنها تشعر بالغرابة من أفكاره ، فهو لا يريد امتلاك جسدها فحسب ، بل يريد امتلاكها كلها !
ابعدها فريد عنه برفق عندما لاحظ أنه تأخر كثيراً على عمله ، لينهض بخفة و يرتدي ملابسه ..
نهضت ياسمين هي الأخرى .. و هي تمسك الغطاء بقوة .. مخفية به جسدها ، التقطت ملابسها ، إلا أنها خجلت من أن ترتديها أمامه ، ففضلت أن تنتظره حتى يخرج من الغرفة .. و من ثم ترتديها ..
مال عليها فريد مبتسماً بشقاوة ، ثم هتف بوقاحة : " ارتديها .. لا تخجلين .. فمنذ دقائق كنت أضم جسدكِ العاري إلى صدري " .
شهقت بقوة .. لترتمي على السرير دافنة وجهها في الوسادة من شدة خجلها ..
قهقه باستمتاع .. و حاول أن يرفعها لتواجهه و .. ليستمتع بهذا الخجل ، إلا أنها اعترضت بقوة .. متمسكة بالوسادة بيد .. و الغطاء باليد الأخرى ..
همس بجانب أذنها : " لولا أنني يجب أن أغادر ، لما كنت لأترككِ اليوم ، و لكن بسيطة .. غداً يوم إجازتكِ ، سآخذكِ للشقة و استمتع بكِ طوال اليوم " .
ثم استقام ليهتف بنبرة صارمة : " إن خرجتي و سألتكِ إحداهن أين كنتِ ، أخبريها بأنكِ شعرتي ببعض التعب فغفيتي ، مفهوم ؟ "
رمشت بعينيها بضعف .. و قد بدأ إحساس العار يتسلل إليها مرة أخرى ، إلى جانب حيرتها من انقلابه المفاجئ .. و العودة إلى شخصيته القاسية !
كرر بحدة : " مفهوم ؟ "
همست بخزي : " مفهوم " .
**********
صفّ سيارته أمام منزلها بتهور ، مجنونٌ هو منذ أن أخبرته بعدم رغبتها في إتمام خطوبتهما و أغلقت الخط دون أن توضح السبب ، فلم يشعر بنفسه إلا و هو يلتقط مفاتيح سيارته و يذهب إليها ، غير مبالياً بالتوقيت و أن الساعة تقارب الفجر ، و لا مبالي برد فعل عائلتها عندما يروه ..
كل تفكيره كان فيما حدث معها ، و ما الذي جعلها تقول له هذا !
لقد كان يتحدث معها قبلها بدقائق و كانت كل الأمور بخير ، ليته لم يغلق الخط .. ليته ظل يُحادثها و لم يهتم بدموعها ..
ترجّل من السيارة .. و ملامحه محتقنة من الغضب و .. الخوف !
يخاف ألا توافق على الرجوع إليه و تتمسك بقرارها ، و يموت هو في بعادها ..
طرق الباب بقوة أفزعت مَن في المنزل ، إلا واحد .. كان يتوقع أن هذا ما سيحدث ..
سار بكسل ليفتح الباب ، ثم يستند عليه بملل و يقول باستفزاز : " هل هذه أوقات ملائمة للزيارة ؟ "
تفاجأ سيف بوجود مازن أمامه ، فطبقاً لما يعرفه ؛ أن مازن ترك البيت و قاطع عائلته منذ أن وافقت تسنيم على الزواج منه .. ضغطاً عليها كي تتراجع ..
لذا فوجوده الآن لا يعني سوى شئ واحد !
هجم عليه و هو يصيح بغضب : " يا حقير أنت السبب .. أنت مَن أجبرتها " .
لم يتحرك مازن من مكانه .. و لم يبادله هجومه ، بل بقى ساكناً .. مبتسماً باستفزاز ..
هزه سيف بقوة و هو يصيح بألم : " ما أحقرك .. ما أحقرك !
أبعدتها عني من أجلك .. من أجل سعادتك ، كم أنت أناني لا تهتم سوى بنفسك ! " .
و أردف بحرقة : " إن كنت لا تريدني لها .. تكرهني .. فلا مشكلة ، و لكن انظر لها " .
أشار إلى تسنيم الواقفة أعلى الدرج .. تراقبهما و دموعها تُغرِق وجنتيها : " أ يرضيك بكاءها ؟ ، أ يهون عليك ؟
ألا تقول دائماً أنك لا تستطيع رؤية دموعها .. أن سعادتها أهم ما لديك ؟
هاك .. انظر ، إنها تبكي بسببك " .
رفع مازن نظراته إليها ، إلا أن بكاءها لم يؤلمه بقدر ما آلمه أنها تبكي على سيف .. على خسارتها له ..
صوت سيف العالي أيقظ طه و هالة من نومهما ، و هبطا بفزع ليرا ما يحدث ، ليتفاجئوا بعودة مازن إلى المنزل .. بعد ما فعله بحفل الخطبة ، و وجود سيف عندهما في هذه الساعة !
كانت هالة أول مَن تحركت بخوف ، لتحاول تخليص مازن من يد سيف ..
في حين أن طه بقى مكانه .. يحاول تحليل ما يحدث أمامه ، و يبحث بعينيه عن السبب الرئيسي الذي سيجعل سيف و مازن يتشاجرا ..
و بالفعل وجدها .. تقف أعلى الدرج بضعف ، و دموعها أكبر دليل على أنها السبب ..
صاحت هالة بغضب : " اتركه سيف ، اتركه " .
ترك سيف مازن بقوة جعلته يرتد للخلف عدة خطوات ، و نظر إلى خالته بوجه محتقن من الغضب ..
" لقد تركتني تسنيم " ، قالها بحرقة تعبر عن مدى ألمه ..
ففي النهاية كان لديه حق ، عدم ثقته في مشاعر تسنيم اتجاهه لم تكن من فراغ ..
فها هي حبيبته أكدت ظنونه ، و تخلت عنه من أجل شقيقها ..
خسارة فيها كلمة حبيبة !
فالفتاة العاشقة لا تتخلى عن حبيبها ، تظل معه و تحارب الدنيا من أجله !
و لكن هي .. خذلته من أول مواجهه مع شقيقها .
ارتسمت الصدمة على ملامح هالة ، فبعد تمسك تسنيم بسيف اعتقدت أنها ستُكمل معه و تنسى مازن ..
نظرت إليها .. و على الرغم من الألم الذي احتل قلبها لحزن تسنيم الواضح ، إلا أنها ابتسمت لها بامتنان ، لأنها أعادت لها ولدها ..
استوعب طه ما يحدث ، لينظر إلى ولده بغضب ، فلا مجال للشك أنه السبب فيما حدث ..
صعد إلى تسنيم و سحبها معه إلى غرفتها ، دون أن يوجه إلى أحد الشابين كلمة ، فبالنهاية قرار تسنيم و سعادتها هو ما يريده ..
أجلسها و مسح دموعها بحنو ، لتقول هي بصوت مبحوح :
" لقد رأيت عينيه أبي .. رأيتها ، لقد كانت قاسية .. حازمة ..
و لسانه قد أقسم على أنه سيبتعد عني للأبد ..
و أنا لا أستطيع تحمل هذا ، و الله لا أستطيع " .
ربت طه على ذراعيها و همس : " أهدأي حبيبتي .. أهدأي " .
همست بطفولية : " لا أريده أن يبتعد عني يا أبي " .
تنهد بصبر ، يعلم كم مشاعرها متخبطة هذه الأيام ، و لكن ما تفعله أيضاً غير مقبول .
" تسنيم نحن لا نلعب ، لا يمكنكِ قول أنكِ تريدين سيف ، و بعدها تعودين و تقولين أنكِ لا تريدينه ، أنتِ تجرحين الاثنين بما تفعليه ، عليكِ اتخاذ قرار نهائي بلا تراجع " .
أطرقت برأسها دون رد ، ليتابع قائلاً : " لا تريدين أن يبتعد مازن عنكِ ، صحيح ؟ "
أومأت ببكاء ، فقال بجدية : " و ستتحملين ابتعاد سيف عنكِ ؟ ، ستتحملين رؤيته مع أخرى غيركِ ؟ "
نظرت له بصدمة ، و كأن هذا لم يخطر على بالها من قبل !
ليتابع رافعاً أحد حاجبيه : " ماذا هل تظني أنه سيعيش مخلصاً لكِ للأبد .. و سيظل يحبكِ مع أنكِ مَن تخليتي عنه ؟! ، حتى الروايات لا يحدث فيها هذا !
لذا قبل أن تختارين .. عليكِ التفكير في كل شئ ، و أول هذه الأشياء سعادتكِ ..
و أنا سأكون معكِ و بجواركِ دائماً ، مهما كان اختياركِ " .
صمتت تسنيم تفكر بجدية ، فوالدها لديه حق .. و تصرفاتها الطفولية يجب أن تتخلص منها ، عليها أن تنضج .. أن تختار ما يجعلها سعيدة طوال حياتها !
**********
أجلست هالة سيف تترجاه أن يهدأ و ينتظر ما سيفعله طه ، فجلس بغضب .. و نظرات الغيرة و الحقد موجهه إلى مازن ..
في حين أن مازن لم يتحرك من مكانه ، مع أن عيونه كانت معلقة على المكان الذي كانت تسنيم واقفة فيه ، و قلبه يخبره ألا يخاف ، أنها لن تتركه بعد أن أختارته ..
ليعود عقله و يقول : " و لِمَ لا تفعلها ؟ ، ألم تترك سيف و تختارك بعد أن كانت اختارته ؟ ، فلِمَ لا تفعلها مرة أخرى ؟
ثم لا تنسى أنها جالسة مع والدك ، الذي أوضح أكثر من مرة رفضه لما تفعله معها " .
أفكاره زرعت المزيد من الخوف بداخله ، و أخذ يهمس : " لا تخذليني تومي ، أرجوكِ " .
مرت حوالي نصف ساعة أو أكثر ، كلٌ قضاها في خوفه و أمانيه ..
ليأتي طه .. وحده .. بملامح لا تنم عن شئ ..
اقترب منه سيف بسرعة و قال : " أين تسنيم يا عمي ؟ ، أرجوك اجعلني اجلس معها دقائق ، لا يمكنها تركي بهذه البساطة " .
نظر طه إلى ولده الذي لم يتحرك من مكانه خطوة .. و لم يتفوه بحرف أيضاً ، و كأنه متأكد من قرار تسنيم او .. خائف منه !
أعاد نظراته إلى سيف الماثل أمامه بأمل و رجاء ، ليُصدر تنهيدة قوية قبل أن يقول :
" أعتذر بنيّ " ، لم يستطع متابعة كلماته و هو يرى ملامح سيف المذهولة ، و كأن تسنيم لم تخبره من قبل بتركها له ، فصمت بقلة حيلة .. مدركاً أن سيف لا يحتاج إلى سماع المزيد .
في حين ان مازن تنهد براحة ، فأخيراً صغيرته عادت إليه ، كما كانا من قبل ..
ضحك سيف بعدم تصديق : " هذه مُزحة ثقيلة عمي ، أنت لا تتحدث بجدية ، أليس كذلك ؟
مستحيل ان تتركني تسنيم .. مستحيل " .
أسبل طه جفنيه ، لا يعلم بما يرد عليه ، ففي النهاية سيف معذور ، فبالتأكيد لم يتوقع أن حبيبته ستتركه بعد ساعات من إعلان خطبتهما !
التفت سيف إلى مازن ليصيح بغيرة و تهور : " ارتحت الآن .. ارتحت ، بالتأكيد تشعر بالإنتصار الآن ، تعتقد أنها أصبحت لك .. ملكك ..
و لكن استيقظ ، ما تحلم به لن يحدث ، تسنيم لن تنظر لك يوماً ، هي لا تراك سوى شقيق ، و أنا متأكد أنها لن تراك من هذه الناحية حتى عندما تعلم برغباتك اتجاهها " .
شهقة عالية صدرت عن هالة بسبب حديث أبن اختها الجنوني ..
و تجمد مازن في مكانه بصدمة من اتهامات سيف القذرة له ..
ليصيح طه بغضب : " سيف أقدر ما تشعر به الآن ، و مع ذلك لا أسمح لك بإلقاء هذه الاتهامات ، أنت لا تعي ما تقوله ، مازن شقيق تسنيم .. شقيقها و فقط " .
ضحكة أعلى صدرت عن سيف ، ضحكة يتخللها الجنون و اللاتصديق
" بل أنت الذي لا تعي ما تقوله يا عمي " .
ليُصدر تأوهاً غريباً ثم يقول : " أوه أعتذر ، أنت لا ذنب لك ، فولدك بالدهاء الكافي ليخفي ما يريده " .
نهضت هالة قائلة بغضب : " لقد جننت ، ترك تسنيم لك افقدك عقلك و جعلك تتفوه بالحماقات " .
التفت لها سيف قائلاً بوقاحة : " انا اعقل من ولدكِ ، أفهمه جيداً و أفهم ما يريده " .
لينظر إلى مازن و بتابع : " و لكن أقسم لك بحياتي أن ما تطمح إليه لن يحدث ، و تسنيم لن تنظر لك يوماً بالطريقة التي تتمناها " .
لم يستطع مازن تمالك نفسه أكثر و الصمود أمام اتهامات سيف له ، فلم يشعر بنفسه إلا و هو يسحبه بقوة ليلقيه خارج المنزل و هو يقول :
" لقد صبرت عليك كثيراً ، و لكن جنونك زاد عن حده ، اخرج من هنا و لا تعود مرة أخرى ، لأنني إن رأيتك ثانية لن أرحمك " .
و أغلق الباب في وجهه و عاد إلى والديه .. دون أن يرد أو يعلق على اتهامات سيف له !
و لِمَ سيعلق عليها و هي جنونية من وجهة نظره ؟
دلف إلى الداخل ليستقبله والده قائلاً بصدمة : " ما هذا الذي قاله ؟ "
شحب وجه مازن و قال بتوتر : " لا يُعقل أن تكون صدقته يا أبي ! "
همس طه بتشتت : " بالطبع لا ، فتسنيم شقيقتك .. شقيقتك و فقط ، أليس كذلك ؟ "
همس مازن بمشاعر متخبطة و حديث سيف يتردد في أذنه : " نعم ، شقيقتي و فقط " .
تنهد بقوة و تابع : " سأصعد لأراها " .
عاد طه إلى تركيزه و تذكر ما حدث مع تسنيم و ما فعله مازن معها
" ما فعلته معها لن يمر بسهولة ، و أرجو ألا يؤثر هذا عليها سلبياً في المستقبل " .
" كانت ستتأثر إن كانت استمرت مع سيف يا أبي ، لأنني لم أكن لأسامحها وقتها ، أما الآن فكل شئ بيننا سيكون طبيعي " .
قالها ثم صعد بثقة إلى صغيرته التي عادت إليه للتو .
**********
متمددة على سريرها .. تنظر إلى سقف غرفتها بشرود ، لا تعلم إن كان اختيارها صحيح أم لا ، إن كان سيجعلها سعيدة طوال حياتها أم ستكون التعاسة نصيبها !
كل ما تعلمه أنها لا تستطيع إتخاذ اختيار أخر ، لا يمكنها الابتعاد عن مازن و جرحه ..
مازن ليس شقيقها فحسب ، بل هو كل حياتها ، لا تستطيع أن تحيا بدون وجوده بجانبها ..
و في نفس الوقت قلبها يتألم على سيف ، فهو أحبها بحق و لا يستحق منها ما فعلته معه ..
لا تعلم كيف ستستطيع العيش من دونه ، و لكن هذا اختيارها و عليها تحمل نتائجه !
طرقات خفيفة على الباب و دخول مازن إليها أخرجها من أفكارها ، فنظرت إليه بأعين ذابلة .. متعبة ..
اقترب ليجلس بجانبها ، وجهه تعلوه ابتسامة جميلة لتكسر توتر الأجواء ، هو ليس غبياً .. و يدرك جيداً أنها ستحتاج إلى بعض الوقت كي تتأقلم على ابتعاد سيف ، و هذه مهمته !..، سيكون بجوارها دائماً .. يحنو عليها و يمرح معها ، حتى تنسى سيف نهائياً .
" لِمَ تجلسين لحالكِ ؟ "
همست بلا مبالاة : " و ماذا سأفعل و الوقت يقارب الفجر ؟ "
تظاهر بالصدمة و هو يقول بمشاكسة : " تسنيم مَن تسأل هذا السؤال ؟! ، رحم الله أيام الدراما الكورية التي كنتِ تسهرين عليها للصباح تاركة دروسكِ " .
لم تعلق على كلماته ، ليتنهد بقوة .. لا يريد رؤيتها هكذا ، يريدها كما كانت من قبل .. بنفس مرحها و ابتسامتها التي كانت تبعث السعادة إلى قلبه ..
لمعت الفكرة في رأسه ، ليسحبها من ذراعها و هو يقول بمرح :
" انهضي .. هيا " .
نظرت إليه باستغراب و قالت : " إلى أين ؟ "
" سنذهب لنعد المعكرونة ، ثم نشاهد فيلماً من اختياركِ " .
عقدت حاجبيها بطفولية : " معكرونة !. ، في هذا الوقت ! "
ضحك بقوة و قال : " و هل هذه أول مرة نفعلها ؟ ، انهضي من دون كلام .. هيا " .
تململت باعتراض و قالت : " لا ، ليس لدي مزاج ، أريد أن أنام " .
همس بمشاكسة : " حسناً ، أنتِ مَن أخترتِ " .
و قبل أن تعي مقصده وجدت نفسها معلقة في الهواء ، و هو يقول بمرح :
" سنصنع المعكرونة و نشاهد الفيلم و نصلي و بعدها سنتام ، و لن أقبل بأي اعتراضات " .
طوّحت قدميها بقوة و هي تقول : " مازن .. انزلني ، أنا لست صغيرة لتحملني بهذه الطريقة " .
هتف بعناد : " سنفعل ما قلته أم لا ؟ "
تأففت بضجر و قالت : " حسناً ، و لكن انزلني أولاً " .
أنزلها و من ثم أشار لها بصرامة : " أمامي " .
تحركت أمامه و هي ما زالت تطلق العديد و العديد من التأففات ، إلا أن هذا لم يؤثر فيه ، فهدفه واحد .. و هو إزالة الحزن من قلبها ، و لن يستسلم إلا عندما يزيله .. و يُخرج سيف من قلبها !
دلفا إلى المطبخ ، لتتخذ مكانها المعتاد ، فتجلس على السطح الرخامي .. تؤرجح قدميها بملل .. مُستغنية عن مرحها المعتاد ..
دلف مازن خلفها و بدأ يعمل بسرعة و رشاقة ، حركاته محفوظة عن ظهر قلب ، إلا أن عمله كان ينقصه مشاكسات صغيرته المعتادة !
" تعالي و قلبي المعكرونة " .
هتفت بسخرية مقلدة إياه : " و منذ متى و أنا أساعدك في صنعها ؟ ، ألست أنت مَن تعدها دائماً بينما أنا أنظر إليك ؟ "
نظر إليها بجدية و قال : " متذ الآن ستساعديني ، تعالي " .
تأففت بضجر ، و اقتربت مرغمة منفذة ما أمرها به .
لحظات قليلة و وقف جانبها و هو يقول بذهول مصطنع : " لا تقلبيها هكذا " .
لوت فمها بملل و قالت : " و هل للتقليب قوانين ؟! "
تحدث بجدية مصطنعة : " نعم .. انظري إليّ و تعلمي " .
سحب الملعقة الخشبية منها ، و أخذ يقلب المعكرونة مثلما كانت تفعل تماماً ، فقالت بتذمر :
" هذا ما كنت أفعله أنا " .
قال بمشاكسة : " لا أنا افعلها بضمير على عكسكِ " .
كتفت ذراعيها و قالت بحنق : " حقاً ؟ ، قلبها انت إذاً و اتركني بحالي " .
كادت أن تعود إلى مكانها ، لولا أنه أوقفها بقوله : " قطعي أنتِ الخضراوات " .
تأفف أعلى صدر منها قبل أن تذهب و تباشر في تقطيع الخضراوات ، و لكنه لم يرحمها أيضاً .. فوقف ورائها و صاح بتذمر
: " ليس هكذا " .
تركت السكين بقوة ليصطدم بالسطح الرخامي ، و صاحت بنزق : " ماذا أيضاً ؟ "
أمسك قطعتين كانت قد قامت بتقطيعهما و قال : " انظري هذه أكبر من هذه " .
نظرت إلى القطعتين بتعجب ، فكما ترى لا يوجد بينهما أي فرق ، و حتى إن وُجِد فلا مشكلة ، فبالأخير كل هذه القطع ستُأكل ..
أردف مازن بحزم مصطنع : " اقطعيهما متساويتان " .
تكتفت و قالت بسخرية : " و كيف أفعلها يا أذكى الناس ؟ "
وضع مازن القطعتين على بعضهما بمرح و قال : " هكذا ، ضعي واحدة فوق الأخرى و اقطعيها .. حتى تكونا في نفس المقاس " .
ضحكت بقوة على تصرفاته حتى دمعت عيونها ، ثم سحبت منه القطعتين بقوة و هي تقول : " هيا مازن لا تمزح ، لقد بدأت أشعر بالجوع " .
تنهد بارتياح حالما سمع ضحكتها ، فهذا ما يسعى إليه من الأساس ..
حملها بحنو و أجلسها في مكانها و هو يهمس : " دقائق و سيكون الطعام جاهزاً لأحلى تومي " .
عاد إلى عمله ، يطهو لها أكلتها المفضلة بمهارة و سرعة ..
لتعود هي و تشرد فيما حدث معها ، و عندما لاحظ شرودها ، غنى بصوت أقل ما يُقال عنه أنه نشاز !
أجفلت تسنيم على صوته القوي ، و عبست بملامحها بانزعاج و قالت : " مازن لا تغني ، صوتك ليس جميلاً " .
التفت إليها .. واضعاً يده على قلبه ، و قائلاً بتمثيل : " يا إلهي ، ما هذه القسوة التي تمتلكيها !..، لقد حطمتي قلبي الصغير " .
و للمرة الثانية تنطلق ضحكاتها العالية إثر تصرفاته ، ليبتسم هو بسعادة ، و من ثم يحمل أحد الصحون و يطرق عليها بقوة ، و يغني أغنية لا يحفظ كلماتها من الأساس ، فتصبح كلماتها غريبة و غير متراكبة ..
أمسكت تسنيم ببطنها غير قادرة على التوقف عن الضحك ..
" يكفي مازن ، لا أستطيع التحمل أرجوك " .
استمر مازن في الغناء و الرقص بحركات مضحكة و هو يضع المعكرونة في الصحن ، مستمتعاً بضحكاتها الجميلة .
فقفزت تسنيم بعد أن وضع الطعام في الصحون .. و سارت معه .. ليجلسا و يشاهدا فيلماً كوميدياً .. حرص مازن على اختياره كي لا تنزاح الضحكة من على وجهها ، و بدأ يُطعمها بيديه و هي تشاهده ، لتُختتم ليلتهما بسعادة .. على عكس بدايتها .

يتبع

noor elhuda likes this.

Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:24 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.