انّي ابتُلِيت هوَاه (1) .. سلسلة ويشهد قلبي *مميزة ومكتملة*

[زمردة عابد]

الفصل التاسع عشر



ما الحبُّ الاَّ ومْضة في خافقي
بشَعاعها يتألقُ الوجدان



" عبد الرحمن العشماوي "


******

ترتدي واحد من تلك الاثواب الغالية التي اشتراها لها مراد ، تمشي غير مشيتها ، برأس مرفوع ، وثقة زائفة
توقفت امام السراي تحدق فيه بحدة تقفز من عينيها قفزا و يديها تنقبضان بعنف جانبيها ..

لن تنسى ابدا المهانة التي شعرت بها وهو ينظر اليها ذلك اليوم كحشرة ثم تركه لها كأنها لا تسوى اي شىء في الوجود وكأنه بذلك سيمحي خطأً حدث عندما ربط يوما اسمه باسمها..
حسنا ، ذلك لم يعد ممكن الحدوث باي شكل كان الان
ليس وقد قررت بعد كل شيء ان تلملم نفسها للعودة مجددا ، للانتقام ، وهي تملك من القوة ما يكفيها لذلك ..

صعدت السلالم تبتسم لنفسها ، وهي تعلم انها بذلك ستنقض اولى اتفاقها معه ، ولكن .. ماذا في ذلك وهي كانت تخطط منذ البداية لذلك ..

التفتت كل الرؤوس نحوها ما ان دخلت .. لكن رأسا لشخص واحد فقط من كانت تريد رؤيته ...

ليلى ..
تلك التي شحب وجهها حد الموت الان .. ابتسامة شامتة صبغت شفتيها اكثر من الحمرة التي تلونه ..

مذهولا مصدوما من الجرأة التي تملكها شكرية على القدوم بهذا الشكل ، توقف عقل مراد عن التفكير ثوان قبل ان يتحرك اخيرا بحدة بدت ظاهرة في انتصاب ظهره نحوها ، قبض على ذراعها وهو يقول من بين اسنانه :
" تعالي معايا..."
لا يرغب بان يفسد حفلة اخته لاي سبب من الاسباب حتى لو كانت احدى هذه الاسباب هذه المرأة ، اتجه بها نحو مكتبه امام نظرات الحاضرين الفضولية ، اماء لعزت بعيناه اشارة منه لاكمال الحفل ، ليتحرك عزت بعدها طالبا من الفرقة الموسيقية ان تستأنف العزف ليعود الوضع الطبيعي للحفل مجددا ..

نهرها بغضب ما ان اغلق الباب خلفهم :

" انتي ازاي تجرؤي تقتحمي السرايا بالشكل ده ؟؟"
اتسعت ابتسامتها باستفزاز وهي تجيب :
" وهو حرام الواحدة اليومين دول تجي بيت جوزها ؟؟"

وبغضب خارج عن سيطرته هز ذراعها الذي تحت قبضته والذي آلمها من ضغطه عليه بشدة وهو يرد :

" اعدلي كلامك يا شكرية ، وانطقي ايه اللي جابك هنا "

لكن شكرية تمكنت من سحب ذراعها من بين يديه، وهي تطلق انفاسها الحانقة :

" لازم اجي طبعا يا سي مراد ، لان عندي خبر ليك ميقدرش كان يستنى اكتر من كِده "

اتسعت ابتسامتها وهي تتشدق ملىء ثغرها :

" انا حامل .."
شهقة صدرت من خلفه .. شهقة تحمل الما بقدر ما حملت صدمة ، ولم يحتاج لاي تفكير ليعلم انها صدرت من زوجته الحبيبه ...

..

..

..

دخلت ليلى جناحها ، لا ترى حولها ، لا تسمع ، ولا تريد ان تتحدث لاحد

فقد كان كل شيء .. ماذا ؟؟... مؤلم ...
اكان ذلك الوصف المناسب لما تشعر به الان ؟؟
اليس هناك بعدا اقوى واشد من هذه الكلمة لتختصر هذا الشعور ؟؟
لانها تتألم كثيرا وجدا ، تتألم في قلبها ، في عقلها ، في كل ذرة من جسمها الضعيف

كان تظن ان شيئا كهذا قد يكتب له الحدوث يوما
لكن ان تعلم ان تظن شيئا ، وان تشعر به هما شيئان مختلفان تماما ..

بحار دموعها هوت بتألم اخر مماثل للذي تشعر به ..
كم كانت تتمنى لو تكن هي من تزف هذا الخبر الى مراد يوما ... كم تتمنى لو كانت هي من تحمل طفله الان ؟؟
كم تتمنى لو لم تطلب منه الزواج ابداا ، لو كانت تمتلك تلك الانانية لفعل ذلك ؟
لكنها لا تملكها ، ولم تفعل
وتزوج مراد ، وها هي تلك الفتاة الصغيرة اتت
لتقتحم ما تبقى من حياتها التي تمتلك الجزء الاكبر منها الان

...

خرجت كلمات يائسه من فمها ، وهي تغرق بين موجات بكاءها :
" يا الله .. يا ريتني مت قبل اليوم ده ..يا ريتني مت .."

كلمات قطعت قلبه ، واقتلته خارج ضلوعه ورمته ، فتح الباب وهو يدلف اليه بعدما ارسل شكرية في سيارة تأخذها الى العزبة ، ليجدها قابعة على السرير تدفن نفسها بين احضانها
لكن لماذا وهو هنا ، اقترب منها يعطيها احضانه بدلا
وهو يتمزق لانينها الذي علا ، غمغم باسى :
" قوليلي على اللي انتي عايزاه وانا اعمله .."
رفعت وجهها اليه وقد توقف نحيبها لوهلة بينما دموعها مستمرة في السقوط ، ليضيف باسى اكبر لرؤية هذه الدموع وهو يمسحها :
" قوليلي طلعها بره البيت ، قوليلي اي حاجة وانا هنفذها بس متبكيش .. بس متدعيش على نفسك الدعوة الصعبة دي .."
لكنها لم تقل ، برغم انها ارادت بشدة ، لكن حبه لها الذي يفوق حتى وجود زوجة اخرى بطفلها الذي لم تحمله هي ، بمعجزة طبطب بحنو على ذلك الالم ليزول رويدا رويدا وداخلها يهدأ ، تحسست وجهه بكل حب له في قلبها ثم منحه ثغرها قبلة رقيقة للغاية ، ناعمة للغاية ، وحلوة للغاية ، وكأنها تعيد بذلك تلك الطبطبة على قلبه ، غمغمت وهي تدفن وجهها المبلل بالدموع اللاصقة فيها في خده :
" بحبك .... "
ولم يكن الطف ولا اقوى ولا اجمل من تلك الكلمة عندما تنطلق من شفتيها ، ولم يكن يتمنى سوى الا يسمع سواها الباقي من حياته ...


..
..
..

عاد الاندماج في الحفل بين الحضور مجددا ، اخذت نورهان جنة من يدها لتعرفها بابنة خالتها هناء التي تقيم عندها الان

و تقدم رفعت باشا مع عزت ليبارك لاشرف ، ومع بضع كلمات استئذن منهما متوجها نحو صديق قديم له ..

توقف عزت بجوار اشرف يعقد يداه خلف ظهره قائلا دون ان ينظر اليه :

" لسه مضايق .."

اجابه اشرف دون ان ينظر اليه ايضا :
" انت رأيك ايه.."

ابتسم عزت قائلا :
" امم ممكن اكون في نظرك غتت زي ما جنة وصلتلي "

نظر اشرف نحوه مع جملته ثم التقط جنته( فاتنته وفتانته الصغيرة) التي كانت تقف بين هناء و نورهان يضحكون الان فيما تابع عزت :
" لكن في النهاية انا سعيد بيك وبيها دلوقتي .."

" اللي عاوزك تعرفه.. ان اي حد مكاني كان هيتعامل مع الامر كده واكتر يا اشرف ، دون وضع اعتبار لاي صحوبية ..."

اجابه اشرف بحمية قليلة :

" انت اكتر واحد كنت عارف اني احمي جنة من نفسي حتى يا عزت "

التفت اليه مستطردا بجدية :
" ان انا ابقى عارف واشوف حاجة ، وان اللي الناس تعرفوا وتشوفوا حاجة تانية يا اشرف .."
" جنة بنت مجتمع دلوقتي ، و المجتمع مش هيهمه انت بتشوف جنة ازاي ، لان كل اللي هيشوفه هيشوفه من منظوره هو بس
وانا كأخ ، لازم كنت احمي جنة من اي كلمة ..."

مستمعا لكلماته الصحيحة جدا لم يرُد اشرف بشىء ، نظر عزت اليه قليلا مدركا ان أي غضب بداخل صديقه نحوه قد زال بكلامه الذي اقتنع به الان ، وقف امامه وهو يفرد ذراعيه في طريقه لعناقه قائلا :

" نقول مبروك ..."

استقبل اشرف عناقه في تصالح ، يربت على ظهره ...

بعد ثوان سأل اشرف بفضول واستغراب :

" صحيح .. مراد باشا فين .. ومين اللي حضرت من شوية دي"

اجاب عزت بشرود لتسآله هو ايضا مثل هذا السؤال :

" مش عارف ..."

تدخل نادر بينهما معانقا اشرف ومباركا له ثم سألهما مازحا :

" ها اتصالحتوا ... "

محاطبا عزت اضاف :

" هتبيت اشرف معاك النهاردة ؟؟ ..."

باتفاق ان يقيم اشرف هذه الفترة بعد ان كان ضيفا عند عزت يبات في الجناح المقابل لجناح جنة في قصر نادرحتى يقام حفل الزفاف الاسبوع المقبل حيث سينتقل مع جنته الى قصرهما الذي اشتراه حديثا والذي يرغب بان تكون اول من يدلف اليه ويفتتحه جنة ..

وباستياء لانه مضطر لاسبوع اخر حتى تصبح جنة زوجته قانونا وفعلا ، تشدق اشرف بسخرية :

" لاء هبات عندك يا خفيف ..."

ضحك نادر واعيا لسبب استياءه، فيما تحرك عزت ليكمل دور المضيف بعد اختفاء ليلى ومراد ...

في تلك اللحظات كانت نورهان قد استطاعت التسلل دون ان ينتبه اليها احد خارج الحفل ...


*يتبع*

[زمردة عابد]

قصر الباشا هاشم
" العزبة "



اغلقت عينااها نائمة اخيرا بعد يوم اخر مر كانت صامته فيه عيناها لا تتحرك من البؤرة التي تنظر اليها والتي بدت بعيدة للغاية ... انها هكذا منذ انهارت باكية بين يديها ذلك اليوم ... تخاف عليها حقا، ولا تملك سوى ان تدعو الله ان يحن اشرف لوالدته ، ان يرفق بحالها بعد كل شيء ويأتي لعله بذلك يعيد اليها بعضا من الحياة مجددا ..

اغلقت لبيبة باب الجناح عليها وخرجت ، تنزل درجات السلم واسى يسيطر عليها الى ما آل عليه كل شيء ... حفيديها غادرا القصر ، وزوجة ابنها اصبحت غائبة عن كل شيء ، وابنها ... ابنها ماذا ؟؟
ادارت مقبض الباب تدخل عليه المكتب حيث يقضي هذا الابن اغلب وقته ، حيث يفني عمره باكمله حتى يجد نفسه فجأة كهلا لا احد بجواره ...
التفت اليها بين يديه كأس شراب ، تقدمت على عكازها :
" ليه صاحي لحد دلوقتي ..."
اخذ رشفة من كأسه اجاب بعدها :
" معنديش نوم يا نينة.. منمتيش ليه انتي .. تعبانة؟؟ ..."
جلست على الاريكة تتكأ بدقنها على عكازها :
" لاء ... بفكر ..."
" بتفكري !!"
تنهدت تنظر اليه :
" اشرف ابنك حفلة خطوبته على جنة بنت حميدة الليلة..."
ابتسم انما بمرارة وهو يأخذ رشفة اخرى :
" سمعت ...بعتلك دعوة ليه مروحتيش.."
تعجبت من ردة فعله :
" اروح !! وفردوس مين هيكون جنبها..."
وبانفعال خرج رغما عنها لبروده تابعت :
" وبعدين ليه بتتكلم كأن اللي بنتكلم عنه ده مش ابنك ...."
نظر اليها قائلا بابتسامة اخرى غريبة :
" ابني اللي مبعتش دعوة ليا ... بس ده مش مشكلة عندي .. اكتر ما يهمني انه مش هيتجوز بنت خدامة ، من حسن حظه انها طلعت بمفاجأة اخت لمراد باشا .. .."
" بس !! ده كل اللي يهمك ؟!"

وفي حين لمحت غضبا في عينيه ، ظنت انه سيذكر المرة التي خرج فيها اشرف عن سيطرته وكاد ان يقتله لولا انه فاجئها بدلا ولمعة الغضب تتعمق في عينيه :
" زي ما قولتلك يا نينة انا ميهمنيش غير انه ميتجوزش خدامة ، ميتجوزش اللي اقل منه ، لان اي حاجة من دي هتحصل هتخلف جريمة بشعة مستحيل تغتفر ..."
اتسعت عيناها والم عميق يلتمع فيهما ، وهدأت عيناه يلمع فيهما ارهاق مفاجىء :
" انا تعبان .."

" تسمحيلي انام على رجلك يا نينة "
هزت رأسها ودمعة تلتمع في عينها ، افسحت له المجال وهو يقترب حيث ضم قدميه معا واستقر رأسه على قدميها كطفل صغير ، اخذت تمرر يدها على شعره الذي يلتمع فيه البياض الان ودموع عينيها تتساقط من كل جهة ، اغلق هاشم عينيه واستكان كما دوما فقط بين يدي والدته ...

..

..

..

في الضوء الخافت للسينما كانت عيناه لا ترى سواها فقط ، يتأمل ضحكاتها التي لا تنتهي ، وعيناها التي تلمع فرحة ..

ايمكن ان يرى اجمل من هذا المنظر في حياته قط ؟!!!

" اما اسماعيل ياسين ده نجم هايل ، موتني من الضحك .."

هتفت نورهان بفرحة وهما يخرجان من السينما ، التفت يوسف برأسه قائلا :

" عجبك الفيلم .."

شددت على الحروف وهي تقول :

" جدااا "

" انت معجبكش الفيلم ... مسمعتكش بتضحك خالص ..."

لمعت عيناه وهو يرد بنبرة خرجت دون ان يعي تحمل بعض المشاعر :

" لاء .. عجبني .."

توترت ولم تدري لما ؟؟ لا يمكن ان يكون يغازلها الان ..

هربت بعينيها عنه ، لا تريد ان تبني امالا زائفة :
" يوسف ..."
عيناه تبتسم اليها :
" هاااا "
تعض شفتيها بخجل قالت :
" لازم اعترفلك بسر .."
انتظرها ، يسلط عينيه عليها بشكل جعلها تستقر بوجهها ارضا :
" انا كذبت عليك .. انا رحت السينما مرة قبل كده .."
" عارف ..."
رفعت نظرها اليه ، عيناها متسعتان بدهشة :
" عارف !!!"
هز رأسه :
" امممم ، مش قولتلك قبل كده ان وشك اكتر وش شفته في حياتي بقدر اقرأه ... ومن هنا اقدر اقولك انك متعرفيش تكذبي ..."
" لكن ايه السبب ؟؟ "
تخضبت وجنتها وهي تهز كتفيها بخفة مجيبة :
" مش عارفة ... يمكن كان نفسي اروح السينما معاك ..."
ضربت كلماتها قلبه الواهن بالفعل ، قلبه الذي حطمت حصونه حصنا حصنا فلم يتبقى له اي قدرة لمنع تأثره لتلك الكلمات البسيطة ..
" انت ليه بقى خدتني معاك اذا كنت عارف اني بكدب ..."

تنحنح وهو يبتعد بنظره عنها ، جزء منه يرفض الاعتراف بشيء كان حديثا للغاية لان يطلقه اللحظة ... متهربا من سؤالها ، قال وهو يشاور لعربة حنطور :
" احنا اتأخرنا ..."
التفت اليها مبتسما :

" والمفروض ارجع سندريلا قبل ما حد يكتشف غيابها .."

..

..

..



قصر عزت
" حي جاردن سيتي "





توقف اشرف يمسك جنة بين يده في منتصف القاعة جاذبا اهتمام الحضور اليهما ، ارتفعت يده التي تتمسك بيدها في الهواء ، لا تستوعب ايا مما يفعله بعد جذبها نحوه بذراع واحدة

كحية تلتف حول فريستها التفت تلك الذراع بتملك حول خصرها تتشبث به بقوة ثم رفعها بخفة قليلا عن الارض في مراعاة منه لكون الرقص سيكون مرهقا لقدمها ...

قلبها يكاد يهجر مكانه من قوة نبضاته ، يفاجئها كل دقيقة بحركاته التي لم تعتادها بعد ،اعترضت بخفوت :
" اشغف .. الناس .."
قاطعها وهو يتمايل معها على انغام الموسيقى :
" انتي دلوقتي بتاعتي ، محدش ليه انه يقول حاجة.."
هتفت حانقة قليلا بوجهه كالعادة تخفي خجلها وتوترها خلف غضب :
" انا هقول .."

ابتسم مجيبا لها بتسلية تلمع في عيناه :
" انتي مش هترتاحي الا ما اقطعلك لسانك ده خالص.."
على وشك الرد عليه ،اندفعت ذراعه الملتفة حولها تدفعها نحوه بقوة حتى التصق خدها بخده ، شهقة خافتة فلتت من بين شفتيها من المفاجأة ومن شكة ذقنه لبشرة خدها ، همس:
" اللي لازم تعرفيه يا جنتي .. هو اني لو عاوز ابوسك قدام الناس دي كلها دلوقتي ، محدش هيقدر يمنعني...

" ده الدرس التاني ليكي .."
ازدردت ريقها وصمتت وهي تغلق عينيها ، تشبثت يدها الحرة دون ان تدري بسترته تاركة له قيادة الرقصة باستسلام تام ..

مأخوذا هو بنشوة قربها اغمض عينيه كسكير غارق في ثمل اللحظة لا يريد ان يفيق ابدا ، مدركا فقط الان ان كل النعيم الذي سمع عنه طيلة حياته لم يكن سوى لحظة بين احضان المحبوب يسمع فيها نبضات قلبه التي تدق عزفها لاجله ...


*يتبع*

[زمردة عابد]

قصر نادر

"حي جاردن سيتي "



بعد ساعة ...


حملت كمال الباكي من مهده تضمه اليها ، تهزه وهي تتحدث بشكل مائل وكأن بذلك سيفهم طفلها ما تقوله ، ليس وقد غلبت لغتها الثانية معظم كلماتها :
" خلاااص .. مامي اتت ..."
" انت جائع .. هل تريد ان تأكل.."

يستند بجذعه على الباب ، يحدق فيها وهي تضم طفلهما الرضيع بحلاوة ، كما هي عندما تتحدث تماما بتلك اللغة فيهوى قلبه في غرامها اكثر ...

لا يصدق انه سينتظر شهرا اخر حتى يقربها ، انه مشتاق اليها من الان ، حتى في يوم كهذا حرمته من صحبتها عندما اعتذرت من ليلى وجنة بانها لا تستطيع المجىء وتترك كمال وحيدا ...

عندما لمحته متكأ على الباب يحتضن ذراعيه ينظر اليها توقفت عن هز الطفل مبتسمة قالت :
" انت هنا من امتى ؟؟"
اعتدل في وقفته يتقدم نحوها :
" من ساعة ما اتحولتي ..."
قال مشيرا الى لغتها التركية ، ضربته بخفة :
" انت اللي بتتحول مش انا .."
اتسعت ضحكته وهو يحيط خصرها بيده يقربها منه فجأة وكأن طفلهما لا يقف بينهما :
" وانا هبقى طِعم كده لو اتحولت.."
تخضبت وجنتها ، بينما مال يقترب نحو شفتيها اطلق طفلهما صرخة تبعها بكاء عندما هو جائع بالفعل وقد توقفت الان عن هزه ايضا ، ابتعدت عن يد نادر تحاول تهدئته مجددا :

" عملت ايه في الحفلة ؟؟ "

تنهد نادر :

" كنت واقف لوحدي زي اليتيم .."

ضيقت عينيها وهي تقول مازحة :

" يعني عاوز تفهمني ان عينك مراحتش هنا او هنا .."

ضحك وهو يقترب منها مجددا قائلا :

" ايه اللي جاب سيرة عيني في الموضوع ...عيني بره الحسبة ..."

ضربته قائلة :

" دي عينك هي كل الحسبة .."

" يعني عاوزاني اعمل ايه يعني لما تعدي واحدة لابسة .. استغفر الله يعني .. فستان قليل الادب .. اغمض عيني ؟؟ "

ضحك وهي تضربه انما هذه المرة بغضب :

" ايوه تغمض عينك وتسيب الحفلة خالص كمان .."

امسك يدها التي تضربه مقبلا باطنها وهو يقول بصوت ابح :

" لو كنتي جيتي معايا الليلة كنتي هتشوفي ان عنيا متعرفش تبقى غير عليكي انتي بس ... حتى لو مرت واحدة .. استغفر الله يعني ... مش لابسة حاجة خالص .."

ضحك وهي تضربه اكثر حتى في النهاية غلب عبوسها المزيف ابتسامة ، اسند رأسه بوجهها هامسا :

" فكري بقى في اليتيم الطيب ده ، وخلينا نجيب دادة .."

" انت عارف اني مبحبش الدادات..."
اقترب من خدها يطبع قبلات صغيرة عليه محاولا التأثير عليها برأيه:
" اوعدك هنجيب دادة كويسة ..."
نازعته في ظل ضعفها به :
" انا مش عاوزة حد يربي كمال غيري..."
" وانا .. مين اللي هيقعد معايا.."
همس بمسكنة زائفة ، وصرخ الطفل مجددا بين يديها يطلب اطعامه ، اجابته وهي تهرب من بين يده :
" بطَّل بقى .. واطلع بره عشان انيم كمال .."
لم يعرف لما أغضبه هذا ليرد عليها بانفعال كبير :
" الظاهر ان لسانك اتعود على موضوع طردي ده كتير.."
وقبل ان تنبس باي اجابه اضاف رخ بغضب :
" عموما يا ستي انا طالع مش من الاوضة بس .. انا طالع من السرايا بحالها وسايبهالك خالص..."

ابتعد بخطواته عنها خارجا كما قال ، وما هي ثوان حتى سمعت صوت سيارته ، ظلت على مكانها ساكنة للحظات تتسآل عن سبب غضبه هكذا ، وقد تكون هذه اول مرة يصرخ عليها بهذا الشكل ..

وضعت بعد وقت كمال في مهده بعدما ارضعته ونام ، وقد نوت بعد تفكير ان تبقى مستيقظة حتى يعود و ستقوم بعدها بمصالحته...

لكنه اطال البقاء في الخارج حتى انه غلبها النعاس وهي جالسه تنتظرة على الكرسي وكمال الذي استيقظ مرة اخرى نائم في حضنها الان ..

عندما دخل في منتصف الليل كان ثملا، ولكن ليس لحد كبير ، توقف يشاهدها وهي نائمة بهذا الشكل الجميل وكمال بين احضانها ، كانت رقيقة للغاية لان تكون اما ، لكنها برغم ذلك كانت جذابة للغاية وهي تقوم بهذا الدور ..

التقط كمال من بين يديها يضعه في مهده ، اقترب منها بعد ذلك يحملها بين ذراعيه ، افاقت قليلا وهو يحملها اذ همست فقط :
" انت جيت .."
طبعت قبلة صغيرة على خده ، بعدها لفت ذراعيها بشدة حول عنقه وهي تستكين نائمة مجددا بين يديه ..
شبح ابتسامة هادئة مرت على شفتيه وهو يسير بها نحو السرير ، وضعها بلطف ، بدل ثيابه وبعد لحظات كان بجوارها يضمها اليه حتى غلبه النوم سريعا بجانبها ....



..

..

..



تركيا ...

الكرنفال





تفرق الجمع بعد انتهاء العرض ، وانتظر هذه المرة ...

يستعدون الان للمغادرة ، رآها تزيل الشعر الاحمر المستعار الخاص بزي البلهوان الذي ترتديه وتحرك نحوها

التفتت بفزع خفيف عندما اصبح امامها ، لكنها سرعان ما سكنت ، يشعر برغبة في تقديم ثناءه لاول مرة قبل ان يغادر تشدق باللغة التركية :
" كان العرض رائعا الليلة ايضا .. لقد استمعت به كثيرا"

رمشت مرتين ،عيناها مسلطة عليه فيما تهتز في وقفتها بطريقة غير طبيعية ، حتى ابتسمت فجأة قائلة وهي ترفع كتفيها مع كل كلمة تنطقها بشكل ابدى له للوهلة الاولى ان ذلك لانه ربما تكون خجلة :
" انا .. بعرف..ك ..انا ..شفتك ..مرة ..من ...قبل .. كنت ..و..اقف ...من ...بعيد .. وانا... كنت... رح... اوقع .."
لم يكن يتوقع انها عربية ، لكن ذلك لم يشغل باله بقدر ما شغله طريقة كلامها المتقطعة مع تجنبها لاتصال عينهما وهي تتحدث والتي جعلته يصل الى استنتاج ما ، عن نوع من الاضطرابات قد سمع عنه سابقا يسمى ( التوحد )...

برغم انها بدت طبيعية تماما وهي تتراقص في العرض ، ربما لم تكن تتحدث ، لكن تمثيلها كان جيدا ...

اعاد انتباهه اليها مجددا ، كان وجهها ملطخا بالالوان الصارخة ، وجها لم يراه حتى الان ، فقط تلك العينان من تعرّف عليهما .. شعرها كان طويلا مسترسلا فوق ظهرها ، لكنها كانت تخفيه دوما اسفل الشعر المستعار ... وبشكل ما شكلها البرىء هذا ذكره بطفلة لم تترك صورتها عقله منذ سنين مضت ، طفلة يتساءل كل لحظة ترى كيف اصبح شكلها الان ...

تحدث اليها بالمصرية هذه المرة :
"كان عرض النهاردة جميل ، يمكن دي اكتر حاجة هفتقدها لما ارجع وطني .."
عبست قليلا حتى استوعبت ما قاله ، لتنطق اخيرا :
"انت .. ب..دك ... تمشي .."
هز رأسه :

" انا راجع مصر .."

و بينما لمح الرجال الثلاثة الذين كن يقفن الان على بعد بضع انشات منهن وكأنهن ينتظرنها قال :
" انتي هتمشي معاهم ؟؟"
التفتت نحو الرجال ثم عادت تقول وهي تبتسم بفرحة طفولية غريبة :
" ه..دول هني ...اخواتي .. مالن غيري .."
وباتساع لابتسامتها اكثر ، هتفت :
" انااا ... اسمي .... لينا .."
مد يده اليها وشبح ابتسامة يمر على شفتيه ، ابتسامة لم يعرف وجهه طريقا اليها منذ وقت طويل للغاية :
"وانا اسمي عمر .. "
لكنها لم ترد اليه المصافحة بل انطوت قليلا على نفسها ، متذكرا ان لدى مثل هؤلاء الاشخاص مشكلة في الملامسة

ولم يفهم نفسه ليس وقد خطط لهذا مسبقا ، عندما ارتفعت يداه فجأة نحو الساعة السلسال التي تتدلى من سترته والتي التقطها ثم مدها نحوها وهو يقول :
" اتمنى تقبلي الهدية دي مني .. امتنان مني للعروض الجميلة اللي حضرتها كل الوقت اللي كنت فيه هنا .."
ارتفعت عيناها عن الساعة تنظر اليه بعيناها الرماديتان ، بدتا رائعتين وواضحتين ، مدت الشعر المستعار نحوه حيث اسقط الساعة في جوفه ، التقطتها تنظر اليها مطولا ...

نسمة خفيفة هفت فاطارت خصلا من غرتها القصيرة وهي ترفع وجهها اليه مجددا وابتسامة جميلة متسعة للغاية تلون شفتيها بلغت عنان عيناها

و ... شعر بشكل غريب ان شيئا ما قد تغير ..

شيئا ادرك بجهل ..لم يكن من شأنه ان يعود مجددا كما كان ..

...

*انتهى الفصل *

[زمردة عابد]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تالا الاموره

تسلمي ع الفصل الجميل

واخيرا عقد قران جنة واشرف😍😍😍
اتوقع فردوس هي التي حضرت
يوسف اعترف بمشاعره تجاه نورهان بقرارة نفسه، لكن خايفه من ود فعل والدها
راضية قلبها حنين رغم ماعمله حسنين

تسلميلي انتي امورتي الجميلة

يوسف رسميا واقع في نورهان من اول وهلة بس هو بياخد وقته شوية على ما ياخد خطوة قدام ..

[زمردة عابد]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nada $

الصراحه راضيه المفروض تكون اقسئ ايه يعني نام برع ينام حتى بزباله وهي خرجت الاكل نعم ماكل
طلقها وسحبها برع البيت سحب
وفضحها وبعدين نعم سامحيني
حتى اذا مخلفه منه عشرة في اشياء مانقدر نسامح فيها حتى اذا طلق نسوانه الثنتين
حتى ماسال ماتاكد على طول صدق علشان خاتم بغرفتها اوبنديل

معاك حق اكييد مش المفروض راضية ترجع باي حال من الاحوال او تسامح خصوصا بعد المهانة اللي تعرضت ليها من حسنين ، لكن احيانا فيه حاجات بتكون اقوى من الكرامة بتجبر الشخص على العودة ...

[زمردة عابد]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأسيرة بأفكارها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

كم كانت مقابله والد ليلي مؤثرة لليلى وانجي.. وخاصه عندما احتضن كمال ...
وكم تألم من أجل ليلى عندما رأى دمعتها اليتيمة تلك ولكن مساندة ودعم مراد أراحه قليلا... بإذن الله ستحملين طفلك ليلى فلا تيأسِ رحمة الله واسعة...
....
يا رباه لبيبة أخبرت جنة بما حدث لأشرف في ماضيه وكم تألمت جنة كثيرا لأجله و ستحاول اقناعه للذهاب لفردوس هذا ما أعتقده...
.....
غضب كثيرا عندما أخبرته أنها تريد فردوس تحضر خطوبتهما وكانت قاسية معه كي تعود الأمور لمجاريها بينهما ولكن هو كان عنيدا مجروحا...
....
يوسف ونورهان يقتربان من بعضهما البعض دون ان يشعران بذلك وخاصة نور فهي منجذبة له وتنتظر رؤية أي بادرة منه...
....
كانت كلمات أشرف لجنة مؤلمة في أعماقها وكم تأثر عندما ادعى ذهابه ولكنها سعدت كثيرا لحديثه معها ووعده لها..
أدام الله سعادتكما عزيزاي..
.....
تستحق حسينين ما يحدث لك فلا زالت راضية مجروحة منك ولن تعود معك فأنت آلمتها كثيرا فتحمل غضبها وألمها منك إن كنت تريد عودتها بشدة ....
....
جميل جدا حضر يوسف لأخذ نور كي يذهبان للسينما... والآن بات منجذبا إليها كثيرا....
....
ههههههه كم غضبت جنة عندما قام أشرف بترتيب شعرها فهو لم يعجبه وذلك أغاضها...
......
تلك المرأة فردوس أعتقد ذلك ...أتت لخطبة أشرف... والذي قام بدعوتها هي جنة دون ان يعلم أشرف صحيح؟؟؟....
....
وانتهى الفصل الرائع والمبدع زمردتي الجميلة "ما شاء الله تبارك الله"....
بوركتِ وبوركت أناملك على ما ختطته وأبدعت...
في انتظار القادم بلهفة كبيرة جدا...
حفظك الله وسدد خطاك...
تحياتي وودي وقبلاتي واحترامي لك..
💕💕😘💕💕

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

مساءك كله سعادة اسورتي يا رب



المرأة اللي حضرت هتطلع مش فردوس مع الاسف

وليلى مش هتلاقي شفاء لجروحها في الوقت الحالي ...


تسلميلي انتي يا حبيبة على التفاعل الجمييل دايما

ربنا يخليكي يا رب

حفك الله دوما ورعاك

[زمردة عابد]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عشق الياسمين

جرح راضيه عمييق جدا ولازم حسنين يندم أشد الندم....لأن جرح الكرامة صعب يتداوى...
اما جنة واشرف فقلبي بيخفق معاهم....ومتوقعه انه امه هي اللي حضرت...
بانتظار الفصل القادم زمردة ...

مساءك فرحة ياسمينة
اممم هو المفروض الفصل ال19 كان هينزل في معاده لكن بسبب صيانة المنتدى انا نزلته ساعتها في جروب قصص من وحي الاعضاء ، ومعلش اتأخرت شوية على ما نزلته هنا .
يا رب يعجبكم ....



تسلميلي جدااا يا حبيبة

[عشق الياسمين]

وأخيرررررا لقينا عمر 😍
وشكل لينا فيها شبه من جنه ....ويمكن برائتها وشبههامن جنه بيكون سبب لحب عمر ليها...
ياترى عمر حيرجع مصر وينسى لينا....طيب ولو رجع ايه اللي ممكن يحصل بينه وبين اشرف وجنه...

اما شكريه فانا قلتلك مستحيييل تطلع من الزواجة ديه ببلاش...
بس ليلى هي اللي حتتعذب ...ويمكن تكون شكرية كذابه او اي شيء...
اما جنة واشرف فيستاهلوا الفرحة الجمييييلة اللي بيعشوها ...ويارب تطول سعادتهم...
هاشم باشا ظهر في الاخير كطفل صغير محتاج حضن امه رغم عمره وكله قسوته...
متوقعة احداث كثيرة بوصول عمر ومنتظرة بإذن الله...
ودمت بحفظ الرحمن😙

[الأسيرة بأفكارها]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

لااااا إنها شكرية المقيتة أتت للانتقام...
ولكن بكل تأكيد سيكون مراد صارما معها عند رؤيتها...
....
لاااااااااا قلبي عليك ليلى فخبر الحمل حطم قلبك إلى قطع صغير وتلك الماكرة أعتقد أنها لنقل تكذب لكي يعيدها مراد لعصمته صحيح؟؟...
.....
كم تألم مراد لمرأى زوجته بذلك الشكل الموجع فكلماته هدأتها ولو قليلا فقط فهي تعلم أنه يحبها كثيرا وسيفعل المستحيل ليرضيها.... أواااه عليكما...
.....
أحببت كلمات عزت لأشرف وكانت صحيحة وأنا أتفق معه وأشرف أيضا اقتنع بذلك وسامحه هههههه... المهم أنكما ستتزوجان أخيرا أشرف وأتمنى ان لا يحدث شيء ويعكر صفو سعادتكما...
.....
كم تألمت لبيبة من أجل فلذة كبدها الذي عانى بالتأكيد في صغره...
.....
هههههه اذا اكتشف كذبك نور وكم سعد عندما أخبرته أنها تريد الذهاب معه لذلك كذبت عليه... مشاعره أصبحت واضحة ولكنه يحاول مداراتها أمامها...
......
أدام الله سعادتكما أشرف وجنة سعيدة حدا من أجلكما...
....
نادر غضب من انجي بسبب اهتمامها بكمال ولكنه عاد من جديد إليها فهو لا يستطيع العيش دونهما عائلته الصغيرة...
....
عمر لقد تأثرت ببراءة لينا وسيكون لها دورا كبيرا في حياتك أعتقد ذلك...فستميل إليها وبراءتها ستأسرك أكثر مما كانت تفعله جنة في الماضي...
عودتك ستكون مفاجئة للجميع وخاصة ستتفاجأ أنت بزواج جنة وأشرف... وماذا ستكون ردة فعل أشرف عند رؤيتك يا ترى...
أتمنى ان يعتذر منك كي تتصافيا..
.....
وانتهى الفصل الرائع والمبدع "ما شاء الله تبارك الله"... سلمت أناملك المبهرة زمردتي الجميله على ما خطته وأبدعت....
وفي انتظار القادم بحماس كبير جدا ...حفظك الله ورعاك...
تحياتي وتقديري ومودتي لك جميلتي...
💕😘😘💕

[الأسيرة بأفكارها]