آخر 10 مشاركات
زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          حب في الصيف - ساندرا فيلد - الدوائر الثلاثة (حصريــا)** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )           »          52 - خداع المرايا - أجاثا كريستي (الكاتـب : فرح - )           »          ليالي صقيلية (119)Notti siciliane ج4من س عائلة ريتشي:بقلمي [مميزة] كاملة و الرابط (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          287 - كذبة العاشق - كاتي ويليامز (الكاتـب : عنووود - )           »          284 - أنت الثمن - هيلين بيانش _ حلوة قوى قوى (الكاتـب : سماالياقوت - )           »          275 - قصر النار - إيما دارسي (الكاتـب : عنووود - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree41Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-12-19, 02:46 AM   #111

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي


الفصلين الحادى والثانى عشر



اولا كدا حلا دى فظيعه الله يكون فى عون ابوها وامها من السكر اللى اتفضح بسببها

طبعا القنبلة اتفجرت وكل واحد مش عايز يشوف نفسه غلطان والضحية هنا صخر

خالد غلط اما استسلم لإرادة ابوه وطلق ليال وطلب انها تجهض الجنين وعشان كدا فضل عايش بإحساسه بالذنب ومع اول ظهور للماضى متمثل فى معرفة ان ليال ما اتخلتش عن ابنهم قرر الثورة والوقوف فى وش ابوه بس طبعا ضعفه القديم وكثرة خضوعه لقرارات ابوه خلوه ينهار ويقع من طوله

ليال غلطت برضو اما فضلت ساكته كل السنين دى ومرضيتش تعرف خالد انه عنده ابن وقررت لوحدها ومن نفسها انها تنسب ابن خالد لمعتز ودلوقتى غضبها وخوفها ان صخر يلقى اللوم الكامل عليها فى اخفاء نسبه ومرواحه لعيلة ابوه اللى نبذتها قديما عشان كدا قررت الهروب والثورة لكرامتها بس للأسف غلطها الأكبر هو استمرار تأثير خالد عليها ودا كان واضح فى كلامها مع امها اللى حاولت تخليه مجرد وصف لشخصية خالد

معتز كمان غلط اما قرر انه يجاريها فى لعبتها وينسب صخر لأسمه ويتجاهل وجود ابوه وبرضو هروب ليال دلوقتى خلاه يحس بالذنب والخوف من ترك ليال ليه واحتمال عودتها لخالد

الغلط الاكبر عند الجد اللى بكل تعنت مصر على رفض صخر دلوقتى زى مارفض خروجه للحياة زمان واجبر ابنه على تطليق زوجته

مروة كويس جدا انها بتتغير وكمان بتقف مع شمس وبتساندها فى قراراتها المتعنته من زيد اللى واضح جدا غيرته من صخر يمكن عشان كان هو اقرب واحد ليوسف فى فترة اختفائه واكيد دى غيره ورغبه فى انه يكون مكانه

حياة وتغير ملحوظ لقاسم اللى شاف الويل على ايديها وحان الوقت انه بدل السعر الدائم المرفوض ليها من ناحيته انها تاخد الخطوة وتقرب هى

صخر وطلباته الوقحه ههههههههههههه والله البت نبض دى مجنونة ربنا يكون فى عونه

تسلم ايدك ياجميل لى عودة ان شاء الله


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 21-12-19, 03:13 AM   #112

كارما مدحت

? العضوٌ??? » 458249
?  التسِجيلٌ » Nov 2019
? مشَارَ?اتْي » 34
?  نُقآطِيْ » كارما مدحت is on a distinguished road
افتراضي

روايه جميله جدا

كارما مدحت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-12-19, 06:51 PM   #113

Hend fayed

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Hend fayed

? العضوٌ??? » 434417
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 215
?  نُقآطِيْ » Hend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زياد محمود مشاهدة المشاركة
الفصلين الحادى والثانى عشر



اولا كدا حلا دى فظيعه الله يكون فى عون ابوها وامها من السكر اللى اتفضح بسببها

طبعا القنبلة اتفجرت وكل واحد مش عايز يشوف نفسه غلطان والضحية هنا صخر

خالد غلط اما استسلم لإرادة ابوه وطلق ليال وطلب انها تجهض الجنين وعشان كدا فضل عايش بإحساسه بالذنب ومع اول ظهور للماضى متمثل فى معرفة ان ليال ما اتخلتش عن ابنهم قرر الثورة والوقوف فى وش ابوه بس طبعا ضعفه القديم وكثرة خضوعه لقرارات ابوه خلوه ينهار ويقع من طوله

ليال غلطت برضو اما فضلت ساكته كل السنين دى ومرضيتش تعرف خالد انه عنده ابن وقررت لوحدها ومن نفسها انها تنسب ابن خالد لمعتز ودلوقتى غضبها وخوفها ان صخر يلقى اللوم الكامل عليها فى اخفاء نسبه ومرواحه لعيلة ابوه اللى نبذتها قديما عشان كدا قررت الهروب والثورة لكرامتها بس للأسف غلطها الأكبر هو استمرار تأثير خالد عليها ودا كان واضح فى كلامها مع امها اللى حاولت تخليه مجرد وصف لشخصية خالد

معتز كمان غلط اما قرر انه يجاريها فى لعبتها وينسب صخر لأسمه ويتجاهل وجود ابوه وبرضو هروب ليال دلوقتى خلاه يحس بالذنب والخوف من ترك ليال ليه واحتمال عودتها لخالد

الغلط الاكبر عند الجد اللى بكل تعنت مصر على رفض صخر دلوقتى زى مارفض خروجه للحياة زمان واجبر ابنه على تطليق زوجته

مروة كويس جدا انها بتتغير وكمان بتقف مع شمس وبتساندها فى قراراتها المتعنته من زيد اللى واضح جدا غيرته من صخر يمكن عشان كان هو اقرب واحد ليوسف فى فترة اختفائه واكيد دى غيره ورغبه فى انه يكون مكانه

حياة وتغير ملحوظ لقاسم اللى شاف الويل على ايديها وحان الوقت انه بدل السعر الدائم المرفوض ليها من ناحيته انها تاخد الخطوة وتقرب هى

صخر وطلباته الوقحه ههههههههههههه والله البت نبض دى مجنونة ربنا يكون فى عونه

تسلم ايدك ياجميل لى عودة ان شاء الله

ريفيو رااائع وشامل للفصلين😍
أنتِ قلتِ كل حاجة ومسبتيش ولا كلمة صغننة أعقب بيها.
حبيت رأيك بخصوص غيرة زيد، كلامك في النقطة دي صحيح تماما فعلا كل غيرته سببها رغبته في إنه يحل محل صخر عند يوسف.
أنا بجد مبسوطة جدا إن ربنا بيوفقني وبقدر أوصلك المعنى المراد وإنك بتستقبليه ببساطة ونباهة.
أنا في انتظار عودتك الحلوة وتسلم ايدك على الريفيو الجميل دا يا ست الكل..🌹


Hend fayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-12-19, 06:53 PM   #114

Hend fayed

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Hend fayed

? العضوٌ??? » 434417
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 215
?  نُقآطِيْ » Hend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كارما مدحت مشاهدة المشاركة
روايه جميله جدا
أنتِ أجمل😍 سعيدة بمتابعتك يا سُكرة.🌹


Hend fayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-12-19, 06:56 PM   #115

Hend fayed

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Hend fayed

? العضوٌ??? » 434417
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 215
?  نُقآطِيْ » Hend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الغردينيا مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته
فصلين رووعة
تسلم ايدك حبيبتى
اخيرا علاقة صخر و نبض اصبحت مستقرة
انتهى حفل الزفاف على خير دون مشاكل
بالرغم من توتر الاجواء ...
❤❤❤❤❤
أنا نهيت حفل الزفاف على خير عشان تكونوا على إستعداد لتلقي المقلب الجاي اللي هيحصل في العروسين.
آه صحيح الحفل خلص بس الليلة مخلصتش واللي جاي برعاية مع ملك مش هتقدر تغمض عينيك.
نورتيني بمرورك الحلو كالعادة يا زهرتي❤


Hend fayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-12-19, 07:39 AM   #116

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا ربنا يوفقك في امتحاناتك ويسر امرك
ثاتية ايه الفصلين الي اغلبهم رومانس دووول هههههههه
صخر فتح على البحري وقلبي الصغير لا يتحمل ههههههههه
لكن لازال جده القاسي لا يتقبله كحفيد بطريقة كاملة
لم افهم جيدا ما يخص زيد ههههه هل غرق في النوم ؟؟
ستكون فضيحة مدوية ههه<هههه
في انتظار حل معضلة فرح وانس يوسف ونغم ...
تحياتي لك


**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 22-12-19, 11:35 AM   #117

Hend fayed

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Hend fayed

? العضوٌ??? » 434417
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 215
?  نُقآطِيْ » Hend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا ربنا يوفقك في امتحاناتك ويسر امرك
ثاتية ايه الفصلين الي اغلبهم رومانس دووول هههههههه
صخر فتح على البحري وقلبي الصغير لا يتحمل ههههههههه
لكن لازال جده القاسي لا يتقبله كحفيد بطريقة كاملة
لم افهم جيدا ما يخص زيد ههههه هل غرق في النوم ؟؟
ستكون فضيحة مدوية ههه<هههه
في انتظار حل معضلة فرح وانس يوسف ونغم ...
تحياتي لك

صباح الجمال يا أستاذتي..🌹

أنا قلت أغير شوية بقى بدل بحر البؤس اللي كانوا وطبعا دا عشان احنا في النهايات خلاص وإلا كان زماني مزودة جرعة النكد ليهم كلهم.😂

اه وربنا زيد نام ودا بفعل المقلب الظريف اللي عملته ملك ووقع زيد فيه يا حرام رغم إنه مكنش هو المقصود.

عبد الرحمن صحيح علاقته بصخر تعتبر لسه مبدأتش لكن على الأقل مبقاش فيه هجوم وشد وجذب بينهم وبما إنه أعلن موافقته الأولية بدخول صخر لداره، عبد الرحمن شخصية قوية ومش من السهل إنه يعمل حاجة بدون ما يكون مقتنع بيها وأنا بعتبر رضاه عن حضور صخر للزفاف وكأنه بيعطيه غصن زيتون كمباردة سلام، هو بس محتاج حد يضغط عليه كمان شوية ودا هيكون دور خالد.

شكرا جزيلا على الدعوة الحلوة وعلى مرورك الجميل واهتمامك بالمتابعة رغم اشغالك الكثيرة أستاذتي.. ❤😍❤


Hend fayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-19, 12:26 PM   #118

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الورد
تسجيل حضور
بانتظارك


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-19, 05:43 PM   #119

Hend fayed

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Hend fayed

? العضوٌ??? » 434417
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 215
?  نُقآطِيْ » Hend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond repute
افتراضي سُلاف الفُؤاد

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد؛
|| الفصل السابع عشر ||

بعد بضعة ساعات / في دار الجبالي
كانت زهراء وملك تقفان أمام الجناح الخاص بزيد وشمس، كلا منهما تطالع الأخرى بحيرة حتى همست ملك: " هل أنتِ واثقة زهراء من كونهما لا يزالان بالداخل؟ "
اومأت زهراء وهي تؤكد قائلة: " نعم واثقة.. عاصم وحفصة وحدهما من سافرا فجرا ليلحقا بطائرتهما التي كان موعدها قبل موعد طائرة العروسان بساعة ونصف تقريبا لكن.. (نظرت لباب الجناح المغلق وهي تردف بتعجب) العروسين لم يسافرا بعد وقد اقترب موعد أذان الظهر "
رفعت ملك حاجبا وهي تفكر مليا في الأمر حتى هتفت فجأة: " ربما يكونان قد سافرا دون أن تريهما "
هزت زهراء رأسها سلبا وهي تقول: " مستحيل.. أنا ظللت طوال الوقت جالسة على الدرج الخارجي للدار كالشحاذين في انتظار عودة حمزة بعدما تكفل هو بإيصال عاصم وحفصة إلى المطار وصدقيني هما لم يخرجا من الدار حتى اللحظة "
ابتسمت ملك بمكر وهي تهمس بتواطؤ: " إذن علينا التأكد من الأمر "
قطبت زهراء بعدم فهم تسألها: " كيف؟ "
اتسعت ابتسامة ملك بشقاوة وهي ترد: " سندخل جناحهما ونتفقد الوضع بهدوء دون أن نثير أي ضجة من حولنا "
جحظت عيني زهراء بخوف وهي تقول: " لا.. مستحيل أن أشارككِ في هذا الجنون.. ماذا إن كانا في وضع لا يصح أن نراهما فيه؟ "
هزت ملك كتفيها بلامبالاة وهي تجيبها: " سيكون خطأهما وحدهما إذ أنهما من لم يحترما نفسيهما منذ البداية "
رفعت زهراء حاجبيها تردد ببلاهة: " يحترما نفسيهما! "
عبست فجأة وهي تفكر فيما قالته ملك قبل أن تنتفض بغتة وهي تهتف بحنق: " هل جننتِ يا ملك؟ هما حرين في جناحهما.. احترما نفسيهما أم لا هذا لا يخصنا.. لا يصح أن نقتحم خصوصيتهما بهذا الشكل الفج "
زفرت ملك بغيظ وهي تغمغم: " فج! حسنًا ماذا تريدينني أن أفعل إذن لأطمئنكِ على عروسين الهناء يا سيدة زهراء؟ "
ردت زهراء بضيق: " لا أعرف.. لكن حتى لو كانا مازالا في الدار كان يجب أن يعلموننا بذلك حتى نجهز لهما الفطور "
غمغمت ملك بنزق: " عن أي فطور تتحدثين؟ ابن عمكِ على ما أظن قد التهم مخزون الدار من الطعام لثلاثة أشهر قادمة "
ابتسمت زهراء بشفقة وهي تقول: " حرام عليكِ أنتِ تظلمينه ألا يكفي أن ياسين بالأمس أخذ صينية العشاء التي جهزتها حفصة بنفسها للعروسين "
رفعت ملك حاجبيها بتعجب وهي تسألها: " متى فعلها ياسين؟ لم يخبرني أحد بذلك "
ردت زهراء وهي تكتم ضحكتها: " بعد انتهاء العرس بقليل حينها أنتِ كنتِ مع نغم على ما أتذكر "
تنهدت ملك بشفقة مصطنعة، قائلة: " إذن المسكين زيد وعروسه لم يأكلا شيء منذ الأمس "
اومأت زهراء بتعاطف وهي تجيبها: " لا لقد تكرم ياسين وأعطاه صينية أخرى أصغر حجما كانت معه ورغم ذلك اظنهما سيكونان جائعين حينما يستيقظان.. لا أعرف كيف اتأكد من وجودهما حتى أجهز لهما الغداء ولكن.. يجب أن نفعل شيئًا بعيدا تماما عن أفكاركِ العجيبة تلك "
فعبست ملك وهي تهتف بضيق مماثل: " من رأيي أن تتركيهما وشأنيهما.. خرجا من جناحهما أم قررا حتى قضاء ما تبقى من عمريهما بداخله لا تشغلي نفسك.. سافرا أم.. يا إلهي! "
قطبت زهراء بقلق وهي تسألها: " ماذا حدث؟ "
تلونت ملامح ملك برعب وهي تتمتم مولولة: " يا ويلي.. سيقتلني جدي.. الطعام "
أمسكت زهراء بمرفقها وهي تسألها بقلق: " ما به الطعام؟ "
رمشت ملك وهي تطالعها برعب هامسة: " الطعام الذي... أنا لم أقصد والله لقد أعددته لياسين ولم أكن أعلم أن المجنون سيفعل ما فعل "
تأففت زهراء وقلقها يتزايد وهي تتمتم: " ملك اجيبي سؤالي بإختصار ما به الطعام؟ "
ردت ملك بترقب حذر كمن ينتظر انفجار قنبلة في أية لحظة: " الطعام الذي قدمه ياسين لزيد.. أقصد.. الطعام كان فيه مخدر "
ضيقت زهراء عينيها للحظات معدودة وهي تحاول استيعاب ما قالته ملك حتى جحظت عينيها فجأة وهي تطالعها بصدمة بينما ملك تهز رأسها مؤكدة ما فهمته ابنة عمها بينما تردف بندم: " أعددته لياسين أقسم بالله ولم أكن أعلم أن كل هذا سيحدث "
إلتفتت زهراء تطالع باب الجناح وهي تتمتم بنفس الصدمة: " إذن فاتهما موعد الطائرة لأنهما أكلا الطعام الذي وضعتِ فيه المخدر "
غمغمت ملك بإرتباك: " يبدو... يبدو أن هذا ما حدث بالفعل "
استدارت لها زهراء بغضب وهي تهتف: " ولماذا فعلتِ ما فعلتِ من الأساس؟ "
زفرت ملك وشعور الذنب يكبلها: " أردت أن ينام ياسين مباشرة بعد أن ينهي طعامه حتى لا أنفذ ما وعدته به "
رفعت زهراء حاجبا وهي تميل بوجهها ناحية ملك سائلة بمكر: " بماذا وعدتيه؟ "
غمغمت ملك بصوت لا يكاد يكون مسموعا: " قُبلة "
ضربتها زهراء فجأة على كتفها وهي تصيح: " قُبلة يا قليلة الحياء.. وتقولينها أمامي! "
زمجرت ملك بضيق وهي تمسد موضع الضربة هاتفة: " وما ذنبي أنا؟ ألستِ أنتِ من سألتني؟ "
زفرت زهراء وهي تتخصر متمتمة بنفاذ صبر: " وما العمل الآن؟ "
شهقتا فجأة بهلع حينما انفتح باب الجناح وطلت شمس ببسمة واسعة مغتاظة كمن على وشك الانفجار ويكبته ببسالة لوقت لاحق وهي تسألهما ببراءة مدعية: " نعم ما العمل؟ كيف سنوقظ زيد من نومه الآن وهو يبدو كقطار سريع لا يريد التوقف للحظة عن السير وإلا هلك؟ "
فغرت زهراء وملك فاهيهما ببلادة وكل واحدة منهما تطالع الأخرى بذهول حتى غمغمت ملك: " أنا من هلكت "
رفعت شمس حاجبا باستخفاف وهي تقول: " لا.. لا تقولي هذا يا ملاك العائلة.. أنتِ بريئة تماما من هذا الفعل الشائن وياسين وحده من يتحمل اللوم "
عبست ملك وهي ترد: " وما ذنبه؟ هو لم يكن يعلم بأنني وضعت مخدرا في الطعام "
سألت شمس بتهكم: " وأين هو الآن؟ "
تنبهت ملك فجأة إلى أن ياسين بالفعل لم يخرج من غرفته حتى اللحظة هو الآخر، حتى أنه لم يأت بالأمس في الموعد الذي حدداه ليلتقيا في الحديقة الخلفية للدار
همست فجأة بحيرة وكأنها تكلم نفسها: " لماذا تأخر هو الآخر في النوم إن كان أعطى الطعام لزيد إلا.. "
قاطعتها شمس تكمل عنها: " إلا إذا كان أكل هو الآخر من نفس الطعام "
اومأت ملك موافقة على كلامها وهي تقطب بحنق هامسة لنفسها: " الأكول، النهم! تبًا لفجعك يا ياسين.. تبًا! "
***

مساءً
على مائدة العشاء
كانت ملك تنظر إلى ياسين بطرف عينها وهي تكتم بسمتها الشامتة بشق الأنفس أما هو فكان يطالعها بغضب مكبوت لو انفجر سيفتتها.
ابتسم سليم بلطف وهو يوجه حديثه لابنه: " لم تخبرنا حتى اللحظة بني ما الذي جعلك تغير رأيك فجأة وتقرر عدم السفر لقضاء شهر العسل في الخارج؟ "
ابتسم زيد بلطف زائف كابتا رغبته في تهشيم رأس ياسين ومن قبله ملك وهو يجيب والده: " فكرت أن هذا أفضل لأجل شمس فهي تريد تعويض كل لحظة غابتها عن عائلة أمها وفي نفس الوقت هي معي في كل وقت إذن لا مشكلة "
اومأ سليم برأسه دون تعقيب بينما قطب خالد بغموض وهو يطالع ابنه الذي تهرب من مواجهته، تاركا مقعده وهو يتمتم: " الحمد لله.. لقد شبعت "
التفت خالد يطالع ملك بنفس النظرة فغصت في طعامها قبل أن تهب فجأة تاركة مقعدها هي الأخرى متمتمة بتلعثم: " أنا الأخرى شبعت.. عن أذنكم "
فرفع خالد حاجبيه وبسمة صغيرة ماكرة تزين ثغره وهو يهمس لنفسه: " صدق حدسي إذن.. هاذان الحمقاوان ارتكبا مصيبة جديدة "
***

في الحديقة
كان ياسين يقف متخصرا، ينتظرها ويعلم جيدا أنها ستأتي وبالفعل لحظات وكانت تلحق به زافرة براحة بعد أن هربت من حصار نظرات الجميع لها.
وقفت أمامه مقطبة وهي تغمغم ببرود: " ما بك؟ تطالعني وكأنك ستنقض عليّ تفترسني "
هدر من بين أسنانه المطبقة: " ومن يلومني لو فعلتها؟ "
زمت شفتيها بامتعاض متمتمة: " ها قد بدأنا "
جذبها من مرفقها بخشونة، هاتفا بحدة: " وعلى من يقع الذنب يا هانم؟ من السبب في تلك الكارثة التي حدثت؟ "
ازدردت ريقها بخوف بينما هو يكمل هتافه: " تعلمين أن زيد لن يمررها لكِ على خير وأنا لن أستطع منعه فيما سيفعله لأن هذا حقه "
عبست بحنق وهي ترد: " لا تضع اللوم عليّ وحدي.. أنا لم أتعمد حدوث كل هذا والطعام كان لك أنت من الأساس وبما أنك أنت من أعطيته إياه إذن ما حدث ليس ذنبي "
هزها بعنف وهو يصيح بغضب: " وحتى لو كان كلامكِ الأحمق هذا منطقي إلا أنني ما كنت أعرف أن خطيبتي المصون تخطط لتلك ال... تبًا يا ملك أين كان عقلكِ وأنتِ تضعين مخدرا في الطعام؟ "
أطرقت برأسها وهي تغمغم بإرتباك: " كنت... أقصد أنا أردت أن.. "
قاطعها صارخا: " أردتِ النجاة من الكائن المتوحش الذي يلاحقكِ أليس كذلك؟ "
رمشت بخوف وهو يدفعها بخشونة بينما يتابع حديثه بنبرة ساخرة مريرة: " لو أخبرتني بخوفكِ ورفضكِ ما كنت لأجبركِ على فعل ما لا تريدين لكن.. (التفت ينظر لها بجمود وهو يردف) يبدو أنكِ لا تثقين بي يا ملاك وأنا في الحقيقة لا أعلم ماذا يجب أن أفعل لكي أجعلكِ تثقين بي.. لكي... لقد تعبت من محاولة استمالتكِ واحتواء جنونكِ.. حقا تعبت "
ابتعد عنها بصمت دون أن يردف المزيد وقد بدى حقا فاقدا الأمل في تغييرها.
رفعت بصرها تطالع ابتعاد خطواته عن محيطها بعينين تغشاهما سحابات الدمع الغزيز وهي تهمس لنفسها بحرقة: " لقد تماديتِ يا ملك.. تماديتِ كثيرا في دلالكِ حتى جعلتِ حبيبكِ ينفر منكِ ومعه كل الحق ليفعل "
***

وفي الداخل
كانت شمس تجلس في مواجهة زيد الذي بدى على وشك الفتك بأحدهم.
تعلم أن ما حدث ليس صحيحا بالمرة هي شخصيا لازالت تشعر بالضيق مما فعلته ملك وإن كان بدون قصد منها لذلك هي تتفهم موقف وشعور زيد بل وتشفق عليه لأن ليلة زفافهما التي كان ينتظرها قد خربت تماما.
بسمة ملحة كانت تكبت لجامها بالقوة فلو ظهرت ستكون أول ضحايا زيد في تلك اللحظة وهو يبدو كالثور كل ما حوله يلوح أمام عينيه باللون الأحمر.
اقتربت منه تربت على كتفه بلطف قائلة: " هون عليك زيد.. هما لم يتعمدا ما حدث لكنه القدر.. "
قاطعها زيد وهو يجز على أسنانه بغيظ: " أكرميني بصمتكِ شمس أنا على وشك قتل أحدهم.. أرجوكِ لا تكوني أنتِ "
ابتسمت رغما عنها وهي تميل بخفة، تقبل وجنته برقة هامسة: " أرجوك زيد.. إنس ما حدث ودعنا نبدأ من اللحظة "
رمقها زيد بطرف عينه، يرد بتهكم: " تقصدين دعنا نبدأ بعد أربعة أيام "
تخضبت وجنتيها بحمرة الخجل وهي تفهم قصده مغمغمة: " ليس ذنبي.. أتت فجأة و.. "
صاح بضيق: " فجأة! كيف فجأة أليس لها موعدا محددا؟ "
ردت بإرتباك خجول: " نعم لكن.. لكنها أتت في غير موعدها صدقني قد يكون هذا بسبب توتري في الفترة الأخيرة و.. "
قاطعها بسخط: " لن يفيد الكلام.. ما حدث قد حدث وليس أمامي سوا الانتظار لكن.. (التفت يطالعها بغيظ متمتما) كيف سأتحمل وأنتظر هذا ما لا أعلمه حقا؟ "
زمت شفتيها بحزن، نعم هي تشفق عليه كثيرا لكن ماذا فعلت ليحملها ذنب تلك الدخيلة السخيفة التي أتت على غير موعدها وكأن الكون كله أتفق على إفساد شهر عسل المسكين زيد.
بعد لحظات دخل ياسين بملامح مهمومة، تقدم ناحية زيد بخطى بطيئة قبل أن يقف أمامه متمتما: " أعرف أن ما حدث خطأ غير مقبول لكن... أنا آسف زيد.. أرجوك لا تغضب من ملك هي لا ذنب لها فالخطأ كان مني أنا، لو لم أعطيك الطعام الذي كان من المفترض أن آكله أنا لما حدث كل هذا "
قطب زيد بحيرة من ملامح ابن عمه التي تشي بحزنه هو الآخر.. لكن ألا يفترض به هو أن يكون الحزين فلماذا إذن حالة ياسين سيئة هكذا بل حتى تفوقه سوءًا؟
ردت شمس ببسمة رقيقة متفهمة: " لا بأس ياسين.. ما حدث كان مقلبا ظريفا من ملك.. (أكملت وهي تضحك بمرح لتخفف من كآبة الجو) تلك الساحرة الشريرة استطاعت بأقل مجهود أن توقعنا جميعا في الفخ.. يجب أن نحذر منها من اليوم فصاعدا "
اومأ ياسين وهو يتمتم بسكون عجيب: " نعم يجب أن نحذر منها "
قطبت شمس بقلق وهي ترمق زيد بنظرة حائرة ردها الأخير بأخرى مماثلة قبل أن يستقيم واقفا، متقدما من ياسين وهو يقول: " لن أكذب وأقول لك أنني لست غاضبا بل أنا فعليا على وشك الانفجار لكن.. اممم يبدو أن هذا أفضل فقد قررت قبل قليل تأجيل سفرنا لأسبوع حتى تنتهي تلك ال.. "
شهقت شمس بخجل: " زيد! "
تأفف الأخير وهو يصحح حديثه قائلا: " أقصد حتى تمل شمس منكم.. "
هتفت شمس من جديد باستنكار: " زيد! "
عبس زيد وهو يغمغم: " أقصد حتى.. ما الداعي للتبرير لقد قررت تأجيل السفر وانتهينا (التفت ناظرا لشمس متمتما) هل هناك خطأ في تلك الجملة أيضا؟ "
عبست بامتعاض فأبتسم ياسين بقلة حيلة وهو يقول: " بداية موفقة ومبشرة بالخير "
زفر زيد وهو يسأله: " هل اطمأن أحدكم على عاصم وحفصة؟ "
ابتسم ياسين بسخرية وهو يجيبه: " هل تظن حقا أن هاتف عاصم سيكون مفتوحا لإستقبال اتصالاتنا؟ يا بني لقد ترك ابنته مع حياة وحلق سريعا في الأفق "
جز زيد على أسنانه مغمغما بحقد: " المحظوظ "
هتفت شمس بملل: " اتركهما في حالهما زيد "
تجاهل زيد حديثها وهو يسأل عن حمزة: " وماذا عن أخيه؟ ألن يسافر هو الآخر؟ "
رد ياسين بتنهيد: " حمزة هو المسؤول عن التعامل في الإجراءات الخاصة بالصفقة الجديدة وبناء على ذلك هو مضطر للسفر إلى أمريكا آخر الشهر وأظنه سيصطحب زهراء معه "
جحظت عيني زيد وهو يصيح بغل: " تبًا! ما هذا الحظ البائس؟ دوما هاذان الإثنان أكثر حظا منا "
انفجر ياسين ضاحكا وهو يومئ برأسه مؤكدا فأبتسمت شمس وهي تقول: " العين أصابت الحجر يا حبيبي "
زفر بغيظ مشتعل وهو يتمتم: " وهل ستؤثر عيني فيهما؟ إنهما محصننان تماما لا تخافي عليهما "
صعد إلى جناحه وهو يغمغم بكلمات غير مفهومة بينما ياسين منخرط في الضحك وشمس تقول: " لا أصدق.. إنه حاقد عليهما بالفعل "
رد ياسين بعد أن هدأت ضحكاته: " أوافقه بصراحة حين يتعلق الأمر بعاصم لكن بشأن حمزة لا أستطيع فهو الآخر بائس لم يكمل شهر عسله "
زمت شمس شفتيها تتمتم بشفقة: " يبدو أن الأغلبية حظهم عاثر (لمعت عينيها فجأة بحماس وهي تكمل) وماذا عن صخر؟ "
رفع ياسين حاجبا بشراسة وهو يرد: " ماذا تقصدين؟ كله إلا صخر ابتعدي عنه يا شمس يكفيه بؤسا.. هذا بالأخص لا يحق لأحد أن يحسده أو يحقد عليه "
اومأت شمس متفهمة وقبل أن ترد سبقها صوت قاسم الذي حضر وهو يرد بدلا منها: " أخوك غارقًا في العسل ونحن هنا غارقين في بئر البؤس والمرار "
رفع ياسين حاجبيه ذاهلا وهو ينظر لشمس كمن يريد قول 'هل هذا قاسم حقا؟ هل هو الآخر حاقدا على صخر؟'
كتمت شمس ضحكتها وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة قبل أن تنسحب من المكان فالتفت ياسين يطالع أخوه بتعجب قائلا: " هل تحسده بعد كل ما رآه في حياته؟ "
غمغم قاسم ببرود: " وماذا رأى في حياته؟ نبض لم تتركه للحظة، حتى بعد كل الحماقات التي ارتكبها في حقها لازالت تحبه وتدعمه وهذا يكفيه لينسى حياته كلها لأجل خاطرها "
رفع ياسين حاجبا وهو يرد بشقاوة: " وماذا عنك؟ هناك من عرضت عليك الزواج ولم تفصح عن ردك بعد "
عبس قاسم وهو يرد بنفس البرود: " احترم نفسك ياسين وإلا علقتك على بوابة الدار حتى يظهر لك صاحبا "
ابتسم ياسين ببراءة مصطنعة وهو يقول: " وهل أهون عليك يا أخي الكبير؟ "
قطب قاسم بقوة وهو يرمقه بامتعاض قبل أن يغمغم بحنق: " للأسف الشديد لا تهون عليّ أيها أحمق "
زفر ياسين بضيق متمتما: " وما الداعي ل 'أحمق' هذه؟ "
رد قاسم بجدية: " لأنك أحمق بالفعل.. غضبت من ملك لسبب تافه لم تقصد منه أي.. "
قاطعه ياسين أخوه عابسا: " عذرا أخي على المقاطعة لكن... أنا لا أريد الحديث في هذا الموضوع "
زفر قاسم بغم وهو يغمغم: " ستظل أحمقا حتى النهاية.. أنت تصر على خسارتها وضياعها منك وكل هذا بسبب أمور تافهة لا تستحق "
صاح ياسين باستنكار: " لا تستحق! يا أخي لقد أضعنا الطائرة على زيد و.. "
قاطعه قاسم ببرود قائلا: " ها قد قلت المفيد 'أضعنا' أي أن ما حدث ليس ذنب ملك وحدها وأنت الآخر شريكا معها فيما حدث "
زم ياسين شفتيه دون أن يرد فتنهد قاسم يقول: " لا تكن جلفا مثلي أو لوحا جامدا كأخيك الآخر.. حاول أن تستغل فرصتك في السعادة قبل أن تملّ منك وتحلق بعيدا عنك ذاهبة لآخر "
***

بعد شهر
استيقظت نغم قبل بضعة دقائق قليلة على صوت رنين هاتفها المُلح وهي تصب لعنات غير مفهومة على الشخص المستفز الذي ازعج نومها، سحبت هاتفها لترى هوية ذاك الأحمق في نفس اللحظة التي انقطع فيها الرنين ووصلتها رسالة نصية.
وها هي منذ قرأت الرسالة جاحظة العينين، تحدق في شاشة الهاتف ببلادة ومن يراها يظنها قد أصابها الجنون.
لحظات وهبت من فراشها تصيح بولولة وهي تدور حول نفسها كالمجاذيب: " يا إلهي! سيفعلها المجنون ويفضحني.. ماذا أفعل يا ربي ساعدني؟ "
طرقت علية الباب بغتة فهرولت نغم تفتح لها وهي تسألها بحذر: " هل وصل؟ "
قطبت علية بعدم فهم وهي ترد: " ماذا؟ هل تنتظرين أحد نغم هانم؟ "
رفعت نغم حاجبا وهي تسألها: " ماذا تريدين؟ "
ردت علية ببساطة: " معتز بك ينتظركِ على الفطور "
سألت نغم بتوتر: " وماذا عن أمي؟ هل استيقظت؟ "
هزت علية رأسها نفيا وهي تقول: " لا ليال هانم لم تصحو من نومها بعد "
زفرت نغم براحة وهي تتمتم: " الحمد لله.. يجب أن اتصرف سريعا "
***

بعد خمس دقائق
ارتفع حاجبي معتز بدهشة وهو يرى نغم مقبلة نحوه بمنامتها الطفولية على غير عادتها المتأنقة وزادت دهشته حينما جلست على الكرسي المجاور له وهي تقول بتوتر: " لقد وقعت في ورطة كبيرة يا أبي وأريدك أن تساعدني في الخروج منها "
اعتدل معتز في جلسته بتأهب وهو يقول بقلق: " ماذا حدث يا نغم افصحي بنيتي؟ "
رمقته بإرتباك خجول وهي تعض على طرف شفتها السفلى دون رد فحثها معتز على الكلام وقد بلغ منه القلق مبلغه: " تكلمي يا نغم.. أي ورطة اوقعتِ نفسكِ فيها؟ "
ازدردت ريقها قبل أن تجيبه: " أنا أحب يوسف "
قطب معتز وكأنه لم يفهم ما قالته بينما اردفت هي بتوتر بالغ: " ويوسف أيضًا... يحبني ويرغب في... الارتباط بي "
هنا ارتفع حاجبي معتز بصدمة جعلتها تهتف بحمائية: " هو لم يتخط حدوده معي أبدًا.. كل ما فعله أن... "
هنا عاد مضمون رسالته يحلق في سماء أفكارها وهي تتذكر اعترافه المجنون.
** أنا أحبكِ يا نغم.. أحبكِ مذ رأيتكِ للمرة الأولى.. قبل أن أراكِ كنت أظن أن مقولة (الحب من النظرة الأولى) ما هي إلا خدعة واهية لا أساس لها من الصحة لكن... لكني وقعت في فخ تلك الخدعة فور أن رأيتكِ.. أنا اليوم بل اللحظة على أتم الاستعداد لكي أحارب الجميع من الصغير وحتى الكبير لأجل أن أفوز بكِ ولا أنتظر منكِ سوا إشارة صغيرة بالموافقة حتى أبدأ فورا بالمطالبة بما هو من حقي.. بالمطالبة بكِ في حياتي التي ليست بالحياة طالما أنكِ لا تسكنينها.. لو تعلمين فقط كم أحبكِ وكم يرهقني هذا الحب في غيابكِ فسوف ترأفينِ بقلبي ولن تطيلي التفكير قبل أن تمنحيني موافقتكِ التي هي في الأساس شهادة ميلادي من جديد! أنا في إنتظار ردكِ فراشتي لكن اعلمي أن صبري قارب على النفاذ **
شعرت اللحظة برغبة ملحة في البكاء.. كلماته المجنونة دون أن يعلم منحتها السكينة والثقة بنفسها، لقد سطر ميلادها بكلماته واعترافه الحار.
وجدت نفسها دون شعور تجهش في البكاء وهي تغطي وجهها بكفيها هاتفة بيأس: " أنا أحب يوسف يا أبي.. أحبه بجنون "
قبل أن ينطق معتز بكلمة كان صوت ليال له السبق وهي تهتف بامتعاض: " ما شاء الله على الأدب.. لا ينقص إلا أن تطلبي منا مرافقتكِ لعائلته حتى تطلبين يده للزواج "
هبت نغم من مكانها وهي تتمتم بحرج: " أمي أنا... لم أقصد هذا لكن... "
رمقتها ليال بغموض قبل أن تتجه نحو معتز، ببساطة مالت تقبل وجنته قائلة: " صباح الخير عزيزي "
اومأ معتز كرد على تحيتها دون أن يستطع الرد بالكلمات بينما نغم أخذت تفرك كفيها بتوتر وهي تنظر إلى أمها قائلة: " يوسف أخبرني أنه يريد زيارتنا حتى يتحدث معكما بشأن موضوع ارتباطنا لكني رفضت... (تابعت بقهر وهي تخفض بصرها للأرض ودموعها تنهمر بلا توقف) أنا أعلم أن الأمر شبه مستحيل لكن... لكنني لم أستطع كتم مشاعري أكثر من هذا حتى لو... حتى لو لم يتم ارتباطي بيوسف أبدًا.. أنا شعرت بأنه من الواجب عليّ أن أعترف لكما.. بحبي له "
حلّ الصمت عليهم فجأة وبرغم أن الرفض لاح في مقلتي معتز إلا أن رد ليال كان غامضا محيرا وهي تقول: " هل أخبركِ يوسف عمن سيأتي معه لطلب يدكِ للزواج؟ "
جحظت عينيّ نغم بذهول بينما هتف معتز: " ماذا تقولين يا ليال؟ هل أنتِ موافقة على هذا الهراء؟ "
ردت ليال بهدوء غامض دون أن تبعد نظراتها عن ابنتها: " الزواج رباط مقدس بين شخصين وليس فيه أي هراء يا معتز.. الأمر جدي وهام "
شعرت نغم بأن قلبها يقصف بجنون بين أضلعها وهي تستمع إلى رد أمها الذي أتى على غير ما توقعت منها تماما.
ضرب معتز على المائدة بقبضته وهو يهتف بعصبية: " هل تمزحين يا ليال؟ هل توافقين على أن تتزوج ابنتكِ من يوسف الجبالي؟ "
ردت ليال بهدوء مستفز: " وما به يوسف حتى أرفضه؟ "
صاح معتز وهو يهب من مقعده: " ما به أنه من عائلة الجبالي.. هل تسمعين من أي عائلة هو؟ إنه من العائلة التي لفظتكِ خارج حياتها "
نزلت الكلمات على ليال كمطارق حادة، اجفلتها قسوته فطرفت عينها لوهلة قبل أن تنهض من مكانها بهدوء يخالف ما تشعره بداخلها، واجهته في وقفته بتحدي وهي ترد عليه ببرود: " ونفس العائلة اليوم تريد إدخال ابنتي إلى حياتها وترحب بها كفرد جديد بينهم فهل جزاء ذلك أن أظل اعاقبهم على ذنب حدث في الماضي؟ "
ضيقت نغم عينيها بتفكير، هناك أمر حدث وأمها تخفيه عنهم هذا واضح من تغيرها المفاجئ من خصم لعائلة الجبالي إلى حليف لهم.
عبس معتز، قائلا برفض متعنت: " الكلمة لي في النهاية.. ابنتي لن تتزوج أحد أبناء تلك العائلة "
سألت ليال بإيجاز: " لماذا؟ "
فكان رد معتز كصاعقة جمدت ذلك الذي لتوه قد دخل وكان يهمّ بإلقاء التحية عليهم: " أنا لا يشرفني نسب تلك العائلة "
شحبت نغم وهي تضع يدها على فمها مصدومة من حضور صخر المفاجئ والذي لم تكن صدمته بأقل منها بينما ليال التي لم تنتبه له هتفت بمجابهة: " الأمر ليس شأنك وحدك يا معتز.. نغم ابنتي أنا الأخرى ومن حقي أن... "
قاطعها معتز بتسلط، تحركه الغيرة: " الموضوع انتهى ولن أقبل بأي مناقشة فيه "
وحين استدار وهمَّ بالمغادرة صدمته نظرة الوحشية التي رآها كنيران أضرمت فجأة في مقلتي صخر فحالتهما سوادا حالكا لا رحمة فيه.
الصمت القاتم هو ما خيم على رؤوسهم لبضعة دقائق قبل أن يخرج صوت صخر هازئا: " إذن قررت نبذي أنا أيضًا يا... دكتور معتز "
اتسعت عيني معتز وهو يدرك الخطأ الذي وقع فيه متأخرا بينما صخر يضيف: " أنا الآخر من عائلة الجبالي.. تلك العائلة التي لا يشرفك نسبها يا دكتور معتز "
هتف معتز مبررا بعصبية: " هل جُننت صخر؟ كيف تفكر في هذا أنت ابني؟ "
رد صخر بقوة: " أنا ابن خالد الجبالي "
ألجم رده لسان معتز بينما صخر يضيف بنفس النبرة: " أنا ابن الرجل الذي لازلت تغار منه رغم أنه لا ينافسك على أي شيء ولم يلومك على خداعك له فيما يخص ابنه ولم يرفع عينيه بنظرة إلى زوجتك التي كانت ذات يوم زوجته قبلك "
اومأت ليال برأسها وهي تنظر إلى ابنتها بنظرة ذات مغزى فانسحبت الأخيرة إلى غرفتها وهي تدعو الله بأن يمرر الأمر على خير بينما ليال عادت إلى مقعدها بهدوء وشرعت في تناول فطورها دون أن تبالي بالحرب الطاحنة التي تدور على مقربة منها.
هي تعلم أن معتز يحب صخر أكثر من نغم حتى، تعلم أنه يرفض خسارته بأي شكل من الأشكال لكن غيرته من خالد لاتزال تسيطر عليه وتدفعه دفعا إلى التصرف بعصبية غير محسوبة كما لم يفعل من قبل، وإن كانت هي قررت التنازل لأجل سعادة أبنائها فبالطبع لن تسمح لمعتز بأن يفعل غير ذلك فحبها لأبنائها يبقى غالبا على حبها لزوجها.
ازدرد معتز ريقه وهو يقول بتجهم: " صخر لا تخلط الأمور ببعضها.. الأمر لا يتعلق بك و... "
قاطعه صخر بسخرية: " أنا أيضا ابن الجبالية الذين لا يشرفك نسبهم يا دكتور "
هتف معتز بحدة: " لماذا تناديني ب 'دكتور' هذه؟ هل نسيت أنني والدك؟ "
قطب صخر وهو يرمق أمه التي غمزت له بطرف عينها بمكر فرمش لوهلة مصدوما من المعنى الذي وصله، للحظة بدى كمن سينفجر في الضحك لكنه بقوة كبت ضحكاته وهو يقول بجمود: " لقد تعبت من ظلم الجميع لي ولم أكن أظنك يوما ستكون في نفس صفهم ضدي لكن... "
قاطعه معتز بقوة: " أنا لا أظلمك وأبدا ما كنت لأفعلها بك.. ألا تعلم كم يهمني أمرك؟ "
تنهد صخر بكآبة زائفة وهو يخفض بصره للأرض متمتما: " لكنك بدون قصد تتسبب في تعاستي يا دكتور معتز... "
قاطعه معتز بغيظ: " كف عن مناداتي ب 'دكتور' "
رمقه صخر بحزن مصطنع وهو يقول: " لقد وضعت حاجزا بيننا فكيف تريدني أن أناديك بغير ذلك؟ "
عبس معتز وهو يطالعه بامتعاض متمتما: " صخر كف عن الادعاء وأخبرني ماذا تريد؟ "
رمش صخر ببراءة وهو يجيبه باستعطاف: " أنا لا أريد شيئًا لنفسي يا أبي أنا فقط أتمنى السعادة لأختي وسعادتها مع يوسف "
زفر معتز وهو يشيح بوجهه جانبا فأردف صخر متبعا أسلوب الضغط: " يوسف ربيب صديق عمرك العم مختار.. هل نسيت صديقك يا أبي أم تراك تريد التهرب من الوصية التي كان دوما يوصيك بها؟ "
جز معتز على أسنانه وهو يقطب حاجبيه بقوة بينما صخر يتابع حديثه بلين: " أنا أثق بأنك تحب يوسف وتتمنى له السعادة كما تتمناها لي.. لطالما اعتبرته دوما ابنا لك مثلي تماما والأب عادة لا يتمنى إلا كل الخير لأبنائه وها أنا حظيت بنصيبي من السعادة والخير ولم يتبق إلا يوسف ونغم فهل ستضني عليهما بنصيبهما من السعادة يا أبي؟ "
كان معتز كمن وقع بين فكي الرُحى، وقف متخصرا ينظر تارة إلى ليال التي لا توليه بالا منشغلة ظاهريا بتناول الطعام وتارة إلى صخر الذي يطالعه بنظرات استعطاف ورجاء فزفر بغيظ للحظات قبل أن يتمتم وهو يخفض رأسه قليلا: " إذن اتفقتما سويا عليّ "
اومأ صخر كاتما ضحكته وهو يقول بأدب: " أبدًا، نحن فقط نثق بكرمك ولطفك يا أبي "
تأفف معتز بقوة قائلا: " حسنا لن أكذب عليك أنا لازلت أغار من أبيك و... "
قاطعه صخر بلطف: " خالد الجبالي شخصيا سيأتي ليطلب يد ابنتك لابن أخيه وأقسم لك هو لا يضمر لك في قلبه إلا الخير "
عبس معتز وقد ظهر التفكير العميق في حدقتيه الشاردتين بينما صخر يضيف بإلحاح: " أبي أرجوك لا تخذلني وتكسر بخاطري إنها المرة الأولى التي أطلب منك شيئًا "
لحظات معدودة من الصمت مرت وكأنها دهرا كاملا حتى أطلق معتز زفرة استسلام طويلة قبل أن يقول بهدوء: " حسنا أنا موافق "
رفعت ليال اصبع الإبهام علامة النصر بينما صخر يغمز لها بتواطؤ وشقاوة قبل أن يصيح بصوت جهوري: " بنت يا نغم.. يا عفريتة "
لحظات وأتت نغم فزعة من صياحه وهي تقول: " ماذا حدث؟ هل ستقع الفيلا على رؤوسنا أم ماذا؟ "
قرصها صخر من وجنتها بمشاكسة وهو يخبرها بحبور: " أبشري يا عفريتة وافق والدكِ على تزويجكِ لأول عريس سيطرق الباب ويتقدم إليكِ "
قفزت نغم كالأطفال وهي تصفق بكفيها بابتهاج هاتفة: " سأخبر يوسف... "
قاطعها والدها بامتعاض وهو يقول: " بأسلوبكِ هذا ستجعلينه يفر هاربا "
رفعت نغم رأسها بغرور قائلة: " لا طبعا.. إنه يحلم باليوم الذي سيقترن بي فيه "
ابتسم صخر وهو يربت على رأسها قائلا بحنو رقيق: " مبارك يا فراشة "
قبلت وجنته وهي تهمس له برقة: " شكرا صخر لولاك لما وافق أبي "
رمقها صخر بحنو وهو يقبل جبينها قبل أن يقول بهدوء: " سأغادر الآن حتى ألحق بموعدي مع أحد المرضى "
اومأ معتز بصمت بينما مال صخر يهمس لنغم بتواطؤ: " سأذهب اليوم إلى المدينة حتى أكون إلى جوار يوسف وهو يخبر العائلة بشأن ارتباطكما.. لا تقلقي سيمر كل شيء على خير ويتحقق ما تتمنين بإذن الله "
عانقته نغم بقوة وهي تتمتم بسعادة: " لا حرمني الله منك يا أخي "
***

في المساء
على مدار الشهر الماضي بأكمله كانت ملك كلما رأته تطالعه بشماتة مستفزة وهي تتمتم: " من أعمالكم سُلِطَ عليكم "
وكانت محقة تماما في قولها فبعد أن كان هو الغاضب منها والكل يحاول أن يراضيه حتى يتصالحا قبل موعد عرسهما أصبح هو الوحيد الذي يصب قاسم جام غضبه عليه كلما ذكر أحدهم موضوع زواجه من حياة.
اليوم بالذات فاض به الكيل وقاسم يجعله كيس الملاكمة خاصته فصاح فجأة وهو يشعر بالإرهاق والألم في كل جزء من جسده: " تبًا للحب ولحياة ولكل عروض الزواج بأكملها.. لماذا لا تناديها هي وتضربها؟ ما فعلت أنا لتفرغ غضبك بي؟ "
فيرد قاسم ببرود متعمد وهو يرمي قفازات الملاكمة على الأرض: " ألست أخي؟ "
تجهم ياسين وهو يصيح: " ليست حجة مقنعة لتكيل لي اللكمات يوما بعد آخر كلما فتح أحدهم موضوع زواجك من تلك الحمقاء "
غمغم قاسم بتهديد: " صن لسانك أفضل لك ياسين قبل أن أقصه لك "
رفع ياسين رأسه للسماء بقلوب حياة يتمتم: " الرحمة والصبر من عندك يا رب "
خفض بصره لأخيه، يقف متخصرا وهو يسأله من بين أسنانه: " قل لي سببا واحدا مقنعا لصمت الجبال الذي تتبعه بشأن هذا الموضوع بالذات.. أخبرني فقط حتى يطمئن قلبي من أنه ليس هناك أي خلل لا أعلمه "
لم يرد قاسم بكلمة وهو يتجه إلى الأريكة الجانبية في زاوية غرفته، يرتمي عليها بتعب فزفر ياسين يغمغم: " لن أحتمل أن أُضرَب كل يوم بهذا الشكل "
رمقه قاسم باستفزاز وهو يغمغم: " ليس هناك بديلا غيرك "
قبل أن يتمكن ياسين من الرد كان صخر يطرق الباب طرقة واحدة قبل أن يدلف للداخل عابسا بشدة وهو يصيح بنزق: " بات الأمر سخيفا، مستفزا، وغير محتمل إطلاقا "
تبسم قاسم ساخرا وهو يعقد ذراعيه أمام صدره قائلا بتهكم: " أنظروا من أتى يمنحني الحكم والمواعظ؟ الدكتور صخر بجلالة قدره هنا عندنا.. يا ألف أهلا سهلا "
تجهمت ملامح صخر وهو يتمتم من بين أسنانه: " لا تتلاعب بالكلمات يا قاسم ليس هذا الوقت المناسب للهزل.. نحن الآن بصدد أمر هام فعلا "
رد قاسم بنفس النبرة: " حقا! وما هو الأمر الهام أخبرني؟ "
تخصر صخر هو الآخر فبدى شبيها بياسين في وقفته وهو يصيح بضجر: " ألن ننتهِ من موضوع زواجك هذا أم تراك تؤجل النطق بالقرار حتى العام القادم؟ "
اتسعت بسمة قاسم بمرح ساخر وهو يومئ برأسه قائلا: " نعم أجلت النطق بالحكم حتى العام القادم وربما العام الذي يليه صراحة لم أقرر بعد "
التفت صخر يطالع ياسين الذي طالعه بدوره وكلا منهما يخبر الآخر بصمت أن قاسم لابد وأنه قد جُن تماما.
لحظات وصاح ياسين باستياء: " أنا لا مانع لدي حتى وإن قررت ألا تتزوج أبدًا المهم أن تتركني في حالي فأنا مقدم على الزواج ولا أريد أن أكون بقايا عريس في ليلة عرسي "
ضحك قاسم بسخرية قائلا: " أنظروا للتعيس الذي يخاصم عروسه ويفكر في شكله ليلة العرس "
زفر صخر بملل فالتفت قاسم يطالعه بمكر وهو يردف: " اممم وأنت ما شاء الله الرضا بات يظهر جليا على محياك الصخري الذي منذ يوم قريب كاد يتفتت من اليأس والبؤس لكن اليوم... السعادة تخط معالمها بوضوح عليك رغم طبعك الفظ الذي لم تغيره بعد "
كتم ياسين ضحكته وهو يقول: " إنه عريس يا أخي "
هز قاسم رأسه وهو يؤكد: " أعلم.. هذا واضحا للأعمى.. عريس غارق في العسل، صدقني مظهره يُبدي ذلك بوضوح "
انفجر ياسين ضاحكا بينما صخر يطالعهما بامتعاض متمتما: " هل تركتما الموضوع المهم الذي نتحدث بشأنه وحولتما مجرى الحديث عني وعما يخصني؟ "
رفع قاسم حاجبه باستفزاز يجيبه: " بالطبع فأنت الأهم الآن وبما أنك سبقتنا وخضت هذه المغامرة الكبيرة المسماة بفخ الزواج فأخبرنا بتجربتك حتى يستفيد أخوك الأصغر المقدم على الزواج وقد يعجبني الأمر فأسرع في إبداء قراري وألحق بكما أنا الآخر "
رفع صخر سبابته في وجهه مهددا: " قاسم لا تتواقح معي لمصلحتك "
ابتسم قاسم بسماجة يرد عليه: " يا أخي الحبيب كيف لا أتواقح معك وأنت بئر عميق من الوقاحة؟ "
جز صخر على أسنانه مغمغما: " لكل شيء حد "
فضحك قاسم يرد: " وأنت للحق فُقت كل الحدود "
ضيق صخر عينيه وهو ينظر لياسين فرفع الأخير كفيه باستسلام يقول: " لا دخل لي.. هو ليس أخي ولا أعرفه، منذ اللحظة أنا بريئا منه "
غمغم قاسم بفظاظة: " أيها النذل "
فأبتسم ياسين بمرح يقول: " إنه الصخر يا حبيبي، أترضاها لي أن تورطني معه فيحطمني وأنا... "
زمجر قاسم وهو يقاطعه: " تبًا! أخرس.. عرفنا أنك عريس مقبل على حتفه "
شهق ياسين بصدمة فربت صخر على كتفه كاتما ضحكته وهو يصحح كلام قاسم: " يقصد الزواج لا تبتأس هكذا يا عريس واعتبره خطئا غير مقصود "
نفض ياسين يد صخر عنه وهو يغمغم بحنق بينما يتحرك مغادرا الغرفة: " مقصود أو غير مقصود لقد قالها في وجهي وسمعتها على أي حال "
بعد خروج ياسين أولى صخر إهتمامه لأخيه وهو يقترب منه بهدوء حتى جلس إلى جواره يسأله بصبر: " قاسم ما الأمر؟ أخبرني أخي فما تفعله ليس منطقيا ولا أجد له تفسيرا "
عبس قاسم للحظات يبدي عنادا شديدا معناه أنه لن يخبره أو يصرح له عما يفكر به فتنهد صخر بطول صبر جديد على طبعه وهو يقول: " أنا متأكد من أنك تريد إتمام زواجك اليوم قبل الغد لكن هناك ما يمنعك من هذا وأيا كان السبب فلا أرى منه فائدة "
أشاح قاسم بوجهه وهو يصر على الصمت فقال صخر بهدوء: " كل ما تفعله أنك تؤجل المحتوم يا أخي.. زواجك من حياة أمر لا شك فيه فلما تجعل الأمر موقوف التنفيذ؟ "
عيل صبر صخر من صمت أخوه فزفر بإحباط وهو يقول: " ألا تفكر في حياة على الأقل؟ الجميع لاحظ حالتها البائسة منذ عرضت عليك الزواج ولم تجبها بكلمة تطمئن قلبها.. إلام تسعى بالضبط يا قاسم لقد بت لا أفهمك؟ "
تنهد قاسم فجأة باستسلام وهو يطرق برأسه متمتما: " أنا خائف ومتردد "
ردد صخر وهو يقطب بعدم فهم: " خائف ومتردد! ممَ بالضبط؟ "
التفت قاسم يطالعه بيأس مجيبا: " أخشى أن أمنح قلبي تصريحا بالسعادة فتأتي حياة على غفلة مني وتنتزعه منه، أخشى أن تصدمني برفض جديد أو حجة أخرى تحول دون إتمام زواجنا "
زاد تقطيب صخر بينما قاسم يردف: " أنا أتعذب في صمتي المقيت هذا.. أتظنني لستُ راغبا في إعلان موافقتي الأكيدة وتحديد موعدا لعقد القران في أسرع وقت؟ بلى يا صخر أنا أكثر من راغب في هذا لكن... صدقني أنا خائف على قلبي منها "
زفر صخر وهو يطالعه بغيظ قائلا: " ستجلطني أقسم بالله.. الفتاة تكاد تبكي وتركع أمامك تتوسل إليك حتي تخرج عن صمتك، هي لا تنتظر منك سوا كلمة نعم وأنت تجلس أمامي تقل لي أنك خائفا على قلبك منها إن أردت الحق فأنا من أخشى على قلبي أن يتوقف بسببك اللحظة "
صاح قاسم بحنق: " إن كنت ستسخر مني ومن معاناتي فأخرج واتركني وحدي "
رفع صخر حاجبيه متعجبا وهو يقول: " ما شاء الله هل حولت هذا الأمر الصغير إلى معاناة دفعة واحدة؟ "
تأفف قاسم فزفر صخر يتمتم بضيق: " ما هذا الدلال يا بني؟ إن كان موضوعك التافه هذا تحسبه معاناة فماذا بخصوص ما يحدث معي؟ "
رمقه قاسم بإهتمام وهو يسأله: " ماذا تقصد؟ هل حدث أمر جديد يخصك ولا أعلمه؟ "
تبسم صخر ساخرا وهو يجيبه: " لا تقلق ليس هناك جديد عدا ما يخص تجاهل جدي لي وعلاقتي المتوترة مع أبي بالإضافة لعودة ذاك الحقير إياد "
هنا قطب قاسم يسأله من جديد: " من إياد هذا؟ "
فأجابه صخر بجمود وهو يجز على أسنانه: " ابن خالة نبض "
اعتدل قاسم في جلسته وهو يقول: " يبدو أنك لست مرتاحا له "
تمتم صخر بنفس النبرة: " أبدًا "
فقال قاسم بإهتمام أكبر: " لماذا؟ ماذا فعل لك؟ "
رد صخر بتذمر: " لم يفعل لي شيء لكني لا أحبه "
ابتسم قاسم بفكاهة ساخرة وهو يقول: " لم يجبرك أحد على طلب يده للزواج "
زفر صخر بضيق فعبس قاسم يقول بحزم: " لا تدع غباء البغال هذا يتمكن منك كما حدث مع زيد في البداية أثناء مواجهته لك.. إن لم يكن هناك سببا حقيقيا لانزعاجك منه فأرجوك تعقل حتى لا تجرح نبض ولا تنس أنه ابن خالتها ولن تقبل له بالإساءة كما لا تقبلها لك "
طالعه صخر بقوة وهو يرد بإندفاع: " بالطبع لن تقبلها لي فأنا زوجها "
واجهه قاسم بنفس القوة دون أن يتراجع: " وهو ابن خالتها.. تعقل صخر ولا تجعلها تقع في حيرة بينكما "
أشاح صخر بوجهه للحظات صامتا بوجوم حتى تكلم أخيرا يقول بصوت بارد: " إنه يكرهني ولا أعلم السبب في هذا فأنا لم أؤذيه أبدًا "
لم يعقب قاسم بشيء بينما صخر يردف: " هناك ما أخشاه أنا الآخر (زفر بهم قبل أن يكمل حديثه) علاقتي ونبض لازالت في طورها الأول، للتو بدأت أشعر بالاستقرار والهدوء يزور حياتي والتوقيت الذي أختاره ذاك السخيف لعودته ليس مناسبا بالنسبة لي أبدًا "
رد قاسم بما هو متيقن منه: " نبض تحبك ولم تتأخر مرة في إظهار تمسكها وارتباطها بك فعلام تخشى إن كانت هي معك ومنحتك وعدها بألا تترك جانبك مهما حدث؟ "
أدار صخر رأسه ليواجه أخوه وهو يجيبه: " أعلم ذلك.. العيب في أنا يا قاسم.. أنا لازلت بحاجة للهدوء والسلام النفسي في هذا الوقت حتى أرسخ علاقتي مع نبض أكثر، حتى اتأكد من أن الأرض التي تطأها قدماي ثابتة لن تهتز من تحتي فجأة وتسقطني "
سأل قاسم بعدم فهم: " وما دخل إياد ذاك بما تقول؟ "
رد صخر بغيظ من بين أسنانه المطبقة: " البغيض عاد ليعكر عليّ صفو حياتي.. منذ عاد وهو لا ينفك عن زيارة نبض إما في البيت أو في الجامعة هذا بخلاف العزائم التي لا تنتهي عددها التي تنهال علينا بها السيدة خالتها وكأنهما حقا يتعمدون افتعال المشاكل "
طب قاسم بجدية يقول: " كل هذه سخافات بيدك أن تحجمها حتى لا تؤثر على علاقتك مع زوجتك من ناحية ومن الناحية الأخرى لا تتوتر علاقة نبض بخالتها "
غمغم صخر بنزق: " أتمنى من كل قلبي لو تقطع علاقتها بخالتها حتى الأبد "
ضحك قاسم وهو يلكزه في كتفه قائلا: " أصبحت تفوق يوسف نزقا "
فأبتسم صخر بسماجة وهو يرد: " من عاشر القوم يا أخي "
لم يعقب قاسم حتى رفع صخر حاجبا يقول باستفزاز: " والآن دعنا نعود للموضوع الرئيسي الذي أتيت خصيصا لأجله "
تأفف قاسم فجأة وهو ينهض من مكانه متمتما: " من الأفضل لك أن تعود إلى زوجتك وتفكر في حل لمشكلتك مع خالتها وابن خالتها البغيض "
طالعه صخر بسماجة قائلًا: " وأترك أخي وحده يعاني.. بالطبع لن أفعل.. هل أخبرك أحد عني بأنني نذل لهذه الدرجة؟ وعلى كل حال إجازتهم قاربت على الإنتهاء وسيسافرون قريبا إلى أمريكا "
رمقه قاسم بطرف عينه ببرود قبل أن يتوجه إلى خزانة ملابسه متمتما: " جيد اتركني وشأني إذن "
رد صخر ببراءة زائفة: " وهل تراني أقيدك يا بني؟ ها أنت حرا تماما "
زمجر قاسم بضيق وهو يلتفت له صائحا: " صخر قل لي ماذا تريد حالا قبل أن أصب عليك جام غضبي فكل ما أراه اللحظة يلوح لي باللون الأحمر "
غمغم صخر بامتعاض وهو ينهض من مكانه هو الآخر: " ثور "
اتسعت عيني قاسم بشكل طفيف لكنه مخيف وهو يهتف بتهديد: " ماذا؟ ماذا قلت للتو؟ "
رمقه صخر بنفس الامتعاض وهو يرد كاذبا: " لم أقل شيئًا "
أولاه قاسم ظهره من جديد وهو يعبث في خزانة ملابسه بينما صخر يقترب منه قائلاً: " يجب أن تحسم أمرك يا قاسم حتى ننتهي من هذه الفوضى.. الأمر ليس مزحة لكي تتجاهل مواجهته بهذه الطريقة "
زفر قاسم بقلة حيلة وهو يرد: " أخبرتك بشأن مخاوفي "
وضع صخر كفه على كتف أخوه بمؤازرة يقول بجدية: " أنا أضمن لك ألا تتحجج حياة بالمزيد من الأمور الواهية وألا تفعل إحدى حماقاتها.. هذا لك وعدا مني.. ماذا تريد أكثر؟ "
قطب قاسم بصمت فأبتسم صخر بتودُد واستعطاف يقول: " هيا أخي قُل نعم ودعنا نقيم العرس.. أريد أن أكون على رأس من يجهزون له.. لا تحرمني من تلك الأمنية "
رمقه قاسم بعبوس لحظة قبل أن تنفرج ملامحه الوسيمة بابتسامة أكثر حنانا ومحبة تغضنت لها زاويتي عينيه، قائلا: " عليك إذن أن تكون هنا منذ اليوم الأول للتجهيزات "
اومأ صخر باسما بسرور وهو يؤكد بالقول: " سأكون الأول لا تقلق "
اتسعت بسمة قاسم بينما يتمتم صخر بينه بين نفسه بشعور عجيب: " سأعد عرس أخي الأكبر بنفسي "
وكأن قاسم استمع لحديث نفسه فربت على كتفه بحنو ورفق وهو يقول: " سعادتي لن تكتمل أبدًا في يوم من الأيام إلا بوجودك وياسين إلى جواري.. أنتما حصنيّ أماني وسندي "
لمعت مقلتي صخر البنينين ببريق الرضا والسعادة وهو يتمتم بما يمليه عليه وجيب قلبه: " هل تعلم ما أشعر به اللحظة يا قاسم؟ لا أشعر بأنك أخي الأكبر بل بأنك أبي، ومرسى الأمان الذي افتقدته لسبعة وعشرين سنة كاملة، حصنا كنت فاقدا لمدده وقوته والآن فقط بعد أن كنت وحدي أصبحت أشعر بالأُنس "
حرك كتفيه بخفة وهو يردف بسعادة: " أريد الصراخ عاليا.. عاليا جدًا حتى يبلغ صدى صوتي ربوع الكون كافة، حتى تسمعني كل البرية بل كل المخلوقات على وجه الأرض.. أريد أن يعرف الجميع بأنني لم أعد وحيدا.. أنا معي أخوة هم الأفضل، معي حبيبة هي الأنقى والأطهر.. أنا بكم لا خوف عليّ أبدًا "
عقب قاسم برجاء مبطن: " وأب يتمنى صفحك لتكتمل سعادته هو الآخر فلا تضني بها عليه "
أطرق صخر للحظة يخفي لمعة الدموع في مقلتيه وهو يرد بسكينة ملكت روحه وحنين لشيء لم يملكه بعد: " لقد فعلت يا قاسم.. سامحته دون أن يطلب ليس لأجله هو بل لأجلي أنا.. لأنني أستحق أن أتنعم في كنفه ما بقى لي من عمري، لأنني أستحق أن أشعر بحنانه وخوفه عليّ، لأنني أستحق أن أرى عطفه وحبه لي "
رفع رأسه ينظر لقاسم بملامح موجوعة وهو يضيف: " مشتاق أنا لحضنه يا قاسم.. إن سألتني لأي حد بلغ شوقي هذا سأخبرك أنه كغريق يبحث له عن طوق نجاة في منتصف بحر لا نهاية له، كضال في بادية لا تعلم لها قرار، كظمآن يبحث عن شربة ماء وسط صحراء جرداء "
طالعه قاسم بحنان بينما صخر يردف ودمعة حارة تسيل على خده: " قُل لي يا قاسم كيف هو الشعور بحضن الأب الحقيقي فأنا لازلت طفلا يتيما لا يعلم ماهية هذا الشعور؟ "
رد قاسم بتأثر: " كشعورك حين تحقق حلم عمرك، حين تلمس يداك إحدى نجوم السماء أو كشعورك مثلا ونبض بين أحضانك "
ضحك صخر وهو يمسح دمعته متمتما: " إن كان كشعوري بنبض حقا فأعلم بأنني سأخرج من عندك رأسا إلى أبي "
شاركه قاسم في الضحك وهو يقول: " هكذا إذن؟ "
غمز صخر بطرف عينه بشقاوة وهو يرد: " صدقني مجرد الفكرة تبدو مغرية جدًا "
تنهد قاسم بعمق بعد لحظات وهو يراقب خروج صخر من الغرفة بملامح أخرى أكثر إشراقا مما دخل ودون شعور منه كان يرفع كفيه هامسا بتضرع: " اللهم لا تحرمه من السعادة وكلل بها أيامه حتى يملّ منها.. اللهم هون عليه كل عسير وبدله يسرا جميلاً يا كريم، وارزقه الراحة والسكينة والرضا "

يتبع...

noor elhuda and السكر like this.

Hend fayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-19, 05:54 PM   #120

Hend fayed

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Hend fayed

? العضوٌ??? » 434417
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 215
?  نُقآطِيْ » Hend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond reputeHend fayed has a reputation beyond repute
افتراضي سُلاف الفُؤاد

حلّ المساء وهو لازال بدار عائلته في المدينة الجبلية، كان القلق يعصف به وهو يحاول للمرة العاشرة الاتصال بنبض لكن الأخيرة لا تجيب.
زفر بتوتر وهو يرسل لها رسالة نصية بينما يتحرك بعصبية جيئة وذهابا في باحة الدار الأمامية قبل أن يجفله فجأة صوت والده وهو يقول: " ماذا بك بني؟ هل أنت بخير؟ "
إلتفت صخر يطالعه بصمت وتردد.. إنها المرة الأولى التي يسمع منه سؤال كهذا، المرة الأولى التي يقف كل منهما أمام الآخر دون صحبة أخرى.
نبرة خالد كانت مغلفة بالحنان الصادق والقلق الأبوي الذي أشعر صخر فجأة بحرقة في قلبه وعينيه وكأنه يريد أن... يبكي.
رمش لوهلة قبل أن يزدرد ريقه، خافضا بصره للأرض وهو يتمتم: " لقد حاولت مهاتفة نبض أكثر من مرة لكنها لا تجيب على هاتفها وأنا قلق عليها "
تكلم خالد بمهادنة يقول: " لما لا تحاول مرة أخرى؟ "
اومأ صخر ولازال مطرقا برأسه وبالفعل حاول الاتصال بها من جديد وفي آخر لحظة وقبل أن ينقطع الرنين أجابت نبض برقة: " السلام عليكم "
عبس فجأة وهو يوبخها ناسيا وجود والده: " أين كنتِ يا نبض؟ ألم أنبه عليكِ ألا تتركي الهاتف بعيدا عنكِ أبدًا حتى أستطيع الوصول إليكِ بسهولة في أي وقت "
ردت برقة تحاول امتصاص غضبه: " آسفة يا صخر لقد كان صامتا حتى أتمكن من استذكار دروسي دون أن يشغلني... "
قاطعها بحنق هاتفا: " وماذا عني؟ كدت أجن من القلق عليكِ؟ "
ضحكت بنعومة وهي تقول: " ولما القلق يا حبيبي؟ هل تركتني في الصحراء وخشيت أن تكون أكلتني الضباع؟ "
رغم تراقص قلبه على صدى ضحكاتها إلا أنه أبى إظهار تأثره وهو يرد بخشونة: " أنتِ زوجة غير مسؤولة أبدًا.. مجرد طفلة مستفزة وحين آتي إليكِ سوف... "
قاطع حديثه صوت نحنحات والده الذي حاول تنبيهه إلى وجوده الذي كان بالفعل قد غفل عنه.. رمقه صخر بطرف عينه فوجده ينظر إلى السماء متصنعا عدم سماعه وهو يقطب حاجبيه بجدية وكأنه يفكر في شيء ما.
لا يعلم صخر حينها لماذا ابتسم؟ حقا ابتسم وهو يطالع والده مقطبا حاجبيه بنفس الطريقة فأضحى شديد الشبه به ولم يخرج من أفكاره إلا على صوت نبض التي ناكفته بدلال: " هيا تابع حديثك يا سيد متوحش.. قل لي ماذا ستفعل في جنتك الصغيرة؟ "
عض على طرف شفته بشقاوة قبل أن يخفض صوته وهو يجيبها: " سوف آكلها دفعة واحدة فأنا أكاد أموت شوقا لجنتي الصغيرة "
تعالت قهقهات نبض فيغرد قلبه طربا قبل أن يسمع صوتها وهي تقول بدلال رقيق: " صخر أنت تخيفني هكذا "
كبح لجام ضحكته بإرادة قوية وهو يرد عليها هامسا بصوت أجش: " أقسم بالله يا نبض لن أغادر دار الجبالي الليلة إلا بعد أن أقدم جزيل الشكر لملاك.. أنا لا أصدق أنكِ تتدللين عليّ حقا! لا أصدق أن جنتي تفتحت أخيرا وأضحت... "
قاطعته بتوبيخ وعتاب خجول: " ما شاء الله على الوقاحة وقلة الحياء.. لا ينقص إلا أن تخبر ياسين بحسن حظه لزواجه من ملك ولما لا تطلب منها تلقين بقية بنات عمومتك دروسا أيضًا في... تبًا يا صخر كفاك! أنت تُحرجني "
فلتت منه ضحكة صغيرة وهو يقول: " وهل تفوهت بكلمة يا صغيرة؟ أنتِ من كنتِ تتكلمين على فكرة "
وصلته زفرتها الحانقة قبل صوتها وهي تهتف: " أنا اخاصمك "
رد وبسمة حنونة تعانق شفتيه: " على راحتكِ لكن في الغد سأبحث عما يرضيكِ وأفعله لكِ حتى تصالحينني "
تكلمت بلهفة تسأله: " ألن تأت الليلة؟ هل ستتركني وحدي يا صخر؟ "
أجابها بنفس بسمته: " بالطبع لا.. نغم ستصل إليكِ بعد قليل ومصطفى سيكون في الخارج إن احتجتما لأي شيء أطلباه منه "
صمتت بإحباط فأردف صخر برقة: " اعذريني حبيبتي أنا حقا مضطرا للبقاء هنا الليلة ولو كنت أعلم بأنني لن أنهي ما جئت لأجله باكرا كنت انتظرت للغد وجئنا معا "
أخيرا تنهدت باستسلام قائلة: " حسنا لكن لا تتأخر عليّ.. طلب الغياب لليلة واحدة يا دكتور هل تفهم؟ "
رد ضاحكا: " طبعا يا قلب ال 'دكتور' "
تمتمت نبض بعد لحظات: " نغم وصلت "
فرد صخر بحنان: " حسنا حبيبتي سأترككِ الآن مع العفريتة.. أراكِ في الغد على خير بإذن الله "
بعد أن ودع نبض وأغلق الهاتف تنهد بعمق وهو يتمتم بالحمد لله لأنه أطمأن على نبض ولكن بغتة أجفله صوت والده وهو يقول: " أنا سعيد لأنك استقريت أخيرا في حياتك "
عبس صخر وهو يهتف باستياء: " هذه ثاني مرة تجفلني خلال بضعة دقائق.. لاحظ أبي أنني لم أنجب بعد و... "
قاطعه خالد بلهفة طفل صغير حصل على الجائزة الكبرى وقد توقفت عجلة الزمن به عند كلمة 'أبي' التي قالها صخر فتمتم بصوت أجش: " لقد قلتها مرة ثانية بعد أن ظننت أنك... أنك... "
أقترب صخر منه متأثرا بلهفة والده حتى وقف أمامه وقال: " ظننت أنني لن أقولها! ظننت نفسك لن تسمعها مني بعد تلك المرة التي خرجت مني رغما عن أنفي! "
اومأ خالد إيجابا وهو يطالعه قائلا بحزن: " ظننت أن الموقف الحرج حينها هو ما أجبرك فقط على قولها وصدقني ظللت رغم هذا أُمني نفسي بسماعها منك مرة أخرى ولم أهتم بأنه من الممكن أن يطول انتظاري ويخيب رجائي "
رمش صخر وقد عاوزه الشعور بغصة البكاء والحرقة من جديد، لحظات وخفض بصره للأرض وهو يتمتم: " ها أنا قُلتها مرة ثانية دون أن يجبرني شخص أو حتى موقف على قولها.. قُلتها وأنا أعنيها وأشعر بها.. يا أبي "
اتسعت عيني خالد بتأثر بينما صخر يردف بتذمر طفولي وكأنه طفل مشاغب: " ولكن لا تمني نفسك بسماعها مرة ثالثة إلا لو كنت ستدفع مقابلا لها فأنا لا أقولها صدقة.. كل شيء وله ثمن يا سيد خالد (رفع بصره عن الأرض يهتف بمكر مشاكس) ها ماذا قلت؟ هل ستدفع أم أبحث عن مُشتري آخر؟ "
دمعت عيني خالد بتأثر شديد وهو يجذب صخر ناحيته بخشونة، معانقا إياه بقوة وهو يربت على ظهره تربيتات حملت حنان العالم أجمع وكأنه يربت على جراح الماضي ويحاول أن يضمدها حتى تشفى وتغادر قلب ابنه إلى غير رجعه.
أما صخر فقد اطبق أجفانه بقوة فانهمرت عبراته دون إرادة منه وهو يبادل والده العناق، شاعرا بأنه اللحظة امتلك كل شيء ولم يعد يفتقد لأي شيء.
ماذا سيريد أكثر من هذا.. حبيبة، أم، أب رباه وآخر حمل جيناته وقطعة من روحه، وبدلا من الأخت لديه اثنتين بالإضافة إلى أخويه اللذين يتمنيان لأجله سعادة الكون وعائلة كبيرة كل من فيها يحبونه بمن فيهم المغرور زيد الذي قالها لها صريحة يوم عرسه
'لو لم تحضر العرس لشعرت بأن هناك نقصا كبيرا صعب أن يعوضه أحد لكن بحضورك أتممت فرحتي يا ابن العم'.
تمتمات والده اخرجته من أفكاره الشاردة وهو يسمعه يقول بحنان بالغ: " لا تبحث عن أحد فأنا هنا اشتريتك أنت لكن مال الدنيا كلها لا يكفي لأن يكون مقابلا لوجودك أمامي اللحظة "
رفع صخر رأسه عن كتف والده، يطالعه بتأثر بينما عيني خالد المغرورقتان بالدمع كانتا أشد تأثرا وهو يقول: " ليس معي للأسف ما يكفي لكي ادفعه لك مقابل كلمة 'أبي' منك فهل هذا يعني أنك تفض الصفقة بيننا؟ "
رد صخر بإندفاع وهو يشعر بأنه صبي صغير، حقا دموع والده كان لها عليه أشد التأثير فيرفع يده إلى وجه والده يمسح دموعه بلطف وهو يرد: " بل يعني هذا أنك الأحق دومًا بأن أناديك ب 'أبي' يا أبي "
ضحك خالد من بين بكائه وهو يقول: " لا أظن بأن سجدة شكر واحدة ستكفي بل عليّ سجود العمر كله وما بعده أيضا حتى أعبر عن امتناني وشكري لجزيل عطاء ربي وفضله عليّ "
ابتسم صخر بود وهو يرد: " اممم لما لا نصلي معا إذن فأنا الآخر بحاجة للتعبير عن شكري لله وليس هناك طريقة أفضل من الصلاة للتعبير عما أريد أليس كذلك أبي؟ "
اومأ خالد بقوة وهو يرد باسما بإشراق وكأن روحه المسلوبة منه قد عادت أخيرا: " بالطبع يا قرة عين أبوك.. تعال معي "
استسلم صخر برضا لسحب والده له من يده وكأنه حقا طفل صغير يخشى والده إن أفلت يده أن يضيع منه.
***

في العاصمة
وقفت نبض أمام الباب متخصرة وهي تقول: " هل جُننت يا يوسف؟ كيف تركت صخر هناك وأتيت أنت إلى هنا؟ "
رد يوسف بتململ: " يا نبض كفى لقد كررتِ نفس السؤال عدة مرات "
صاحت نبض بحنق: " ولن أتوقف عن تكراره حتى تخبرني بإجابة مقنعة وإلا سأهاتفه حالا وأخبره عما فعلته يا سيد "
صمتت لحظة ثم عادت وصاحت بغيظ: " لقد ذهب إلى هناك في الأساس لأجلك وأنت ماذا فعلت؟ تركته هناك وأتيت تتسكع هنا! "
تأفف يوسف وهو يتخصر في مواجهتها هاتفا بامتعاض: " لقد أثرت عليكِ ملك بطريقة سيئة جدا.. رحم الله أياما كنتِ تخجلين من الوقوف أمامي لدقيقتين حتى "
ضربت نبض على صدرها بشكل مسرحي وهي تشهق قائلة بنفاذ صبر: " هل أهنتني للتو؟ إلى هنا وكفى.. لن أحتمل أكثر من هذا، أنا سأهاتف صخر حالا "
تحركت للداخل مهرولة دون أن ترد على ندائه وبعد لحظات وجد نغم تخرج له بوجه متورد خجلا وهي تقول: " نبض كانت تمزح معك.. في الحقيقة أنا... أنا من طلبت منها ذلك لأنني لم أكن أريد مقابلتك "
قطب بعبوس يردد: " ماذا؟ "
تنحنحت بتوتر وهي تجيبه: " لا أريد أن نفعل شيئًا قد يفسد ارتباطنا يا يوسف.. أرجوك فكر بتعقل كما كنت تفعل فأنا لا أفهم سبب تغييرك من الأساس لتتحول فجأة الى شاب لحوح مندفع بعد أن كنت رزينا متعقلا "
زفر بإحباط وهو يتمتم: " وبرغم ذلك لم تأت الرزانة بالنتيجة المرجوة "
رد نغم ببسمة رقيقة: " بلى أتت بنتيجة إيجابية للغاية يا يوسف.. أنا أحبك رزينا كفاني صخر مندفعا اندفاع الثيران طوال الوقت "
صاحت نبض من الداخل: " احترمي نفسكِ يا نغم وإلا أقسم بالله سأهاتف صخر حقا "
زمت نغم شفتيها بينما ارتفع حاجبي يوسف يهمس بخفوت: " كيف سمعتكِ؟ هل تتنصت علينا؟ "
عضت نغم شفتيها بحرج قبل أن تخبره: " أيضًا أنا من طلبت منها ذلك حتى تتدخل إذا تماديت في حديثك معي "
فغر فاهه مصدوما وهو يطالعها بنظرة خاطفة من رأسها إلى أخمص قدميها قبل أن يغمغم: " أنا في الحقيقة لستُ معتادا على كمية التهذيب الضخمة هذه منكِ دفعة واحدة "
أشاحت بوجهها جانبا وهي تبتسم بخجل قائلة: " أراك تلمح لوقاحتي السابقة "
ضحك بذهول وهو يرد: " ما شاء الله وتعترفين ببساطة أنكِ كنتِ وقحة معي فيما مضى! يبدو أنكِ نادمة على ذلك "
قالها على سبيل المزاح لكنها حين ردت كانت أجابتها صادقة وجادة جدا: " نعم نادمة جدا يا يوسف.. لقد أخطأت في كل مرة تواقحت فيها معك.. أنت لا تعرف ما تسببت فيه من ألم لصخر بسبب وقاحتي تلك.. ذات مرة جعلته... "
سكتت وهي تشعر بالمرارة من تلك الذكرى، لازالت دمعة صخر تلك ذات أثر حارق بداخلها.
ابتسم يوسف بشقاوة ليبدد من كآبة الجو وهو يقول: " إذن تعرفين أنكِ تحبين رزانتي نغم هانم! "
إلتفتت له تطالعه برقة وهي تجيبه: " ظننتك تعرف "
اومأ بحنو وهو يقول: " الآن بتُّ أعرف يا فراشتي "
ضحكت بمرح قائلة: " ها قد عدنا للقب الذي يعلمه الشعب كله "
شاركها الضحك وهو يرد: " ليس كله أظن بأنني نسيت البعض "
تأففت نبض وهي تصيح بامتعاض: " على فكرة هذا بيتي وأنا أريد النوم باكرا وبالطبع لن أترك باب بيتي مفتوحا طوال الليل حتى تتسامرا يا محترمان فهلا التزمتا بأبسط قواعد الذوق وانهيتما حديثكما سريعا قبل أن ينفذ صبري واهاتف صخر؟ "
غمغم يوسف بغيظ: " تبًا لبيتكِ ولصخر نفسه "
ظهرت نبض فجأة متجهمة وهي تسحب نغم من ذراعها للداخل هاتفة بتعالي: " للأسف لن أستطيع استقبالك أكثر من هذا بسبب تطاولك على صاحب البيت.. هيا ارحل إنتهت المقابلة وحظا سعيدا في المرة المقبلة "
ودون أن تنتظر سماع رده كانت تغلق الباب في وجهه وتتركه يحدق فيه بصدمة قبل أن يتحرك مغادرا وهو يغمغم بنزق.
أما في الداخل وقفت نبض متخصرة أمام نغم التي كانت تبتسم بهيام: " هل تعلمين ماذا سيفعل صخر فينا لو علم بما حدث؟ "
ردت نغم وهي ترتمي على الأريكة، ساحبة إحدى الوسائد إلى حضنها متمتمة: " بالطبع سيصنع منا شطائر باللحم المفروم "
ابتسمت نبض بتهكم وهي ترد: " الحمد لله أنكِ توصلتِ إلى الإجابة الصحيحة بنفسكِ دون الحاجة لمساعدة "
لم تعقب نغم وإنما أغمضت عينيها وهي تبتسم، لحظات وبدأت ابتسامتها تتسع تدريجيا حتى تحولت إلى ضحكات صاخبة سعيدة فطالعتها نبض بذهول وهي تتمتم: " سامحك الله يا صخر.. ألم تجد سوا نغم حتى ترسلها إليّ لتؤنسني في غيابك؟ يبدو أنها جُنت وفي أي لحظة ستنقض عليّ وتقتلني "
مع استمرار ضحكات نغم هرولت نبض بخوف إلى غرفتها وبعد أن أغلقت الباب بالمفتاح صاحت بامتعاض: " أنتِ يا مجنونة هانم إن شعرتِ برغبة في النوم كالبشر الطبيعيين بعد أن تنتهي موجة ضحككِ المخيفة بالطبع فأمامكِ الكثير من الغرف أنتقي منهم ما تعجبكِ وإن أعجبكِ المطبخ فلا مانع عندي هو لكِ فقط لا تقتربي من غرفتي إذا سمحتِ "
لم تسمع رد على حديثها سوا المزيد من الضحكات التي أطلقتها نغم فتوجهت نبض إلى فراشها وهي تغمغم بحنق: " ستفضحنا تلك المجنونة أقسم بالله "
***

في المدينة الجبلية
كان الليل قد انتصف حينما أستأذن في الذهاب إلى قاسم فتركه والده على مضض بعد أن أكد عليه بأنهما سيصليان الفجر حاضرا في المسجد سويا بإذن الله.
دخل صخر إلى غرفة أخيه بهدوء ظنا منه بأن الأخير نائما حينما وجد الإضاءة مطفأة وقاسم مضطجعا على فراشه لكن الأخير أجفله وهو يتنهد منقلبا على ظهره، قائلا: " تعال يا صخر أنا لازلت مستيقظا "
عبس صخر متذمرا وهو يهتف: " أوف ثالث مرة هذه.. يا جماعة كونوا أكثر لطفا معي من هذا أنا لازلت في بداية زواجي "
ضحك قاسم بفكاهة وهو يقول: " حسنا اعتذر لسيادتك يا سيد 'في بداية زواجه' ولكن أخبرني من صاحب المرتين السابقتين؟ "
رد صخر وهو يعقد ذراعيه أمام صدره: " أبي "
رفع قاسم حاجبا وهو يقول بمكر: " تقصد والدنا؟ "
بغيرة وتملك طفولي هتف صخر غير مدركا لتلاعب قاسم ونبرته الماكرة: " أقصد أبي أنا "
انفجر قاسم ضاحكا وهو يقول: " يبدو أن الكلمة أعجبتك "
رمقه صخر ببرود وهو يتمتم: " وما شانك أنت؟ "
أشار له قاسم ضاحكا أن يأتي ويجاوره لكن قبل أن يتحرك صخر من مكانه سمع صوت همهمات من الخارج فاقترب بخفة من الباب منصتا السمع قبل أن تجحظ عينيه بصدمة وهو يشير إلى قاسم بسرعة فاقترب منه الأخيرة بخفة ينصت السمع هو الآخر فانتقلت إليه عدوى الصدمة من صخر.
***

{ في الخارج / أمام غرفة ياسين }
وقف ياسين عابسا، يفرك عينيه بقبضتيه المضمومتين بحركة طفولية بينما ملك تقف أمامه مرتبكة، شابكة أصابع كفيها خلف ظهرها.
لحظات وغمغم ببرود وهو يطالعها: " ماذا تريدين يا ملك؟ "
فردت بعتاب رقيق: " أهانت عليك ملاك كل هذا الوقت؟ "
لم يرد وإنما أطرق ببصره للأرض فأردفت هي بصوت متحشرج، مختنق بغصة البكاء: " أنت تخاصمني منذ ما يزيد عن الشهر وكلما لاقيتني تشيح بوجهك عني.. ألهذه الدرجة لا تطيق رؤيتي يا ياسين؟ "
رد دون أن يرفع بصره إليها: " فعلت ذلك لأجلكِ حتى أمنحكِ فرصة لتعيدي التفكير فيما حدث لربما أكتشفتِ خطأ ارتباطنا وقررتِ الانفصال "
شحبت مصدومة من تفكيره وهي تتمتم بأنفاس متسارعة رغم اختناقها: " وأنت هل... هل أعدت التفكير في ارتباطنا أيضًا يا ياسين؟ هل تريد أن... أن ننفصل؟ "
رفع بصره يرمقها بنظرة غامضة لم تفهمها بينما يجيب: " لقد قلت أن الفرصة كانت لكِ أنتِ يا ملك وليست لي فأنا لستُ فتى غر حتى أتخذ قرار الإرتباط بفتاة ثم أعود واتراجع في قراري "
بغيرة واندفاع كانت تهتف: " لا تقل فتاة وتصمت وكأنك تتحدث عن أي فتاة كان ارتباطك بها محتملا.. أنت زوجي أنا "
هل له أن يكذب ويقول أنه لم يتأثر بغيرتها المجنونة؟ هل له أن يكذب ويقول بأن قلبه لا يتراقص اللحظة طربا على صدى كلمة 'زوجي' التي نطقتها ملاكه بتملك شديد؟ وهل يمكنه أن يكذب ويقول بأنه قصد بالفعل أي فتاة ولم يكن يقصدها هي وحدها دون كل الفتيات الأخريات؟
اردفت بتهور: " أنا أتيت خصيصا لأجل أن أصالحك كنت تريد قبلة وها أنا أتيت بنفسي إليك وأخبرك أنني أرغب في تلك القبلة أنا الأخرى "
بعتاب ناداها فطالعته بتحدي ليردف هو بلين: " لن أفعل يا ملاك لقد عاهدت نفسي بأن أمنحكِ الفرصة للتفكير بهدوء ودون ضغط مني وصدقيني حتى لو كان قراركِ النهائي هو الانفصال عني فسوف تجدين مني كل الدعم فأنا لا أتمنى لكِ إلا السعادة يا ملاكي "
كان صادقا في حديثه، صادقا في عهده، صادقا في دعمه لها، وصادقا لأبعد حد في حبه لها فقد سبق وأقسم أن قلبه لن يكون مِلكا إلا للملاك.. هي وحدها وما دونها يظل دون.
في المقابل كان حشاها يحترق لوعة وخوفا.. تخشى فقدانه فمعه ستفقد روحها وحياتها، تخشى خسارة حبه لها، تخشى أن يستبدلها بأخرى وتخاف على قلبها من الأذى الذي سيلحق به إن لفظها ياسين من حياته.
كانت يائسة في حبه مهما رأت نفسها فاتنة في عينيه تظل تشعر في داخلها بالضآلة أمامه، بأنها لا تستحقه وأنه يستحق من هي أفضل منها بكثير.
أغمضت عينيها فانهمرت دمعتين من زاويتي عينيها فسارعت أنامل ياسين لتلقفهما قبل أن تسقطا أرضا، فتحت حينها عينيها تطالعه بنظرات تحمل الرجاء وطلب الصفح وكالعادة كان ياسين أكثر منها كرما.. منحها بسمة دافئة، حانية وهو يلمس وجنتها برقة قائلا: " فكري بهدوء يا ملاكي واختاري الأصلح لقلبكِ واعلمي أنني إن لم أكن حبيبا فلازلت لكِ صديقا لكن سامحيني لن أقول أخا وإلا دخلت النار بذنب الكذب "
ضحكت، لا تعلم كيف استطاعت فعلها في موقف كئيب كهذا لكنها ضحكت وهو أشرقت حنايا روحه لسماع صدى صوت ضحكاتها بعد خصام دام لأكثر من شهر بينهما.
رمشت لوهلة قبل أن تطالعه بقوة قائلة: " حسنا اسمعني "
أولاها اهتمامه وانصاته بينما هي تسحب نفسا عميقا تهدأ به انفعالاتها قبل أن تتكلم بصوت صادق تماما مشحونا بالعاطفة الخالصة دون تصنع: " لقد فكرت كثيرا وتوصلت في النهاية إلى أنني بدونك لا شيء.. (أشارت بسبابتها على موضع قلبها وهي تكمل) هذا لا يخفق إلا على صدى إسمك ولا يستطيع أن يحيا إلا في قربك.. (ثم أشارت على عقلها وأضافت) وهذا رفض التفكير في سواك منذ وعى على الأشياء من حوله واختار أن يحيا لينسج الأحلام حولك فتكون ساكنها ومالكها.. (ثم أشارت على نفسها ككل تقول) وبداخلي روح أقسمت على ألا تهيم إلا في محراب عشقك أنت.. أنت وحدك فحسب من بين كل رجال العالم أجمع "
كان ياسين منبهرا بما يسمعه منها، إنها المرة الأولى التي تخبره ملاك بمثل هذا الحديث، المرة الأولى التي تعترف له بالحب بمثل هذا الصدق الذي خرج من قلبها سهاما بتارة أصابت قلبه في الصميم.
لقد قالت كل ما أراد أن يخبرها به، وصفت حاله، اعترفت بما اخفاه هو بداخله وأجل الإفصاح عنه حتى حين.
ظنها اكتفت ونفذ مخزون الكلام عندها لكنها فاجئته بالمزيد وهي تقول بدلال رقيق يليق بملاك مثلها أكثر من أي فتاة أخرى: " والآن يا أميري الوسيم أخبرني هل ستبادر بتقبيلي أم أكون أنا المبادرة بأخذ ما لي؟ "
رفع حاجبا وتراقصت الشقاوة في مقلتيه وهو يقول بهمس خفيض: " أنا أرى أن الأكثر إثارة هو أن تبادري أنتِ بأخذ ما لكِ فهل ستستطيعين فعلها يا حرمي المصون؟ "
اومأت برأسها تنافسه شقاوة وهي تقول: " حسنا ولكن أخبرني كيف سأصل لك يا طويل القامة؟ "
قهقه ياسين بصخب فأردفت ملاك وهي تعض شفتها بسعادة كبيرة فقد انهدم حاجز الخصام بينهما وعاد الصفاء.
شهقت بغتة حين مال يرفعها من خصرها إليه فتعلقت بعنقه خشية السقوط بينما هو عاد يضحك هامسا بمناكفة: " ماذا بعد يا قصيرة القامة؟ "
لم ترد عليه للحظات ثم غمغمت وهي تعانقه بقوة هامسة بخجل: " اعتبرني طفلة ورجعت في كلامي.. لست وقحة لدرجة المبادرة يا أميري "
وكأن النجوم تركت صفحة السماء الظلماء وفضلت السكن على صفحة مقلتي ياسين، كانت عينيه تلتمعان بالعاطفة الممتزجة بالحنان وهو يشدد من احتضانها مربتا على ظهرها برفق، هامسا برقة: " أنتِ لستِ وقحة أبدًا.. أنتِ ملاكي فحسب "
رفعت رأسها عن كتفه تطالعه ببراءة هامسة: " أنت لن تتركني أبدًا يا أميري أليس كذلك؟ "
رد ياسين بحنان عذب وهو يقترب من وجهها: " أنتِ روحي يا ملاك فهل أنا مجنونا لأفارق روحي وأكتب على نفسي الموت؟ "
بعدها لم ينبث أحدهما بكلمة وقد تعانقت الشفاه في حديث من نوع آخر.. خاص جدا وعذب للغاية وقد تفتت حائط الخصام بينهما وذهب أدراج الرياح.
***

{ في غرفة قاسم }
وقف قاسم منفعلا وهو يتمتم: " سوف أخرج وأؤدبهما على قلة حيائهما تلك... "
قاطعه صخر بهدوء: " إنهما زوجان يا قاسم "
هتف قاسم بحنق: " ليسا بعد.. لقد تخطيا حدودهما كثيرا "
تأفف صخر وهو يقف أمام مستندا عليه بظهره حتى يمنع قاسم من الخروج بينما يرد عليه: " لا أفهم ما مشكلتك معهما؟ أو مشكلتك مع القبلات بشكل عام "
رمقه قاسم بعبوس فأردف صخر: " حين قبلت نبض كان من حقك توبيخي لأنني أخطأت لكن الآن ما حجتك؟ إنهما زوجان حقا يا قاسم ولم يتبق على حفل زفافهما سوا أسبوع واحد "
هتف قاسم فجأة بإقتضاب: " سوف أخبر جدي بأنني أريد الزواج معهما في نفس الليلة "
رفع صخر حاجبيه متعجبا قبل أن يتمتم: " ما سبب هذا القرار المفاجئ؟ "
رد قاسم بيأس: " لقد نفذ صبري واحتمالي "
طالعه صخر بهدوء يقول: " أنت حتى اللحظة لم تخبر حياة بقرارك "
أجابه قاسم بشرود: " هي تعلم أنني أردت التلاعب بأعصابها فحسب لكني في النهاية سأتزوجها بالطبع فهي لي كما أنا لها.. الموضوع منتهي "
ابتسم صخر قائلا: " وما الفائدة من إمداد فترة التفكير المزعوم التي طلبتها إذن؟ "
رد قاسم بتجهم: " أردت أن أذيقها من نفس الكأس الذي أذاقتني منه.. حتى تعلم كم عانيت وأنا أنتظر منها كلمة 'نعم' فتخذلني بقسوة وهي تقول 'لا' "
لم يعقب صخر بكلمة بينما أردف قاسم: " أنا لستُ متسامحا مثل ياسين.. حياة أخطأت مرارا في حق كرامتي حتى وإن لم تتعمد ذلك لكنها فعلت وأنا لا اتساهل في حقي للأسف حتى وإن كان مع حياة نفسها لذا كان يجب أن أريها بعضا مما رأيته أنا على يديها رغم أنني لازلت أرى أنها تستحق المزيد "
قطب صخر وهو يتمتم بغير رضا: " قاسم ما بك؟ أنا لم أرك قاسيا هكذا من قبل "
رمقه قاسم ببرود وهو يجيبه: " بلى رأيتني مرة حين كنتَ مصابا في المشفى وقسوت عليك بالحديث "
ابتسم صخر برفق وهو يقول: " إذن أنت لا تقسو إلا على من تحب لأنك في النهاية لا تريد إلا مصلحتهم "
أشاح قاسم بوجهه جانبا وهو يضع كفيه في جيبي بنطاله مغمغما: " أخيرا بدأت تتعلم من لطف نبض وتحاول تجميل الصورة مهما بلغ النقص والتشويه فيها "
اتسعت بسمة صخر وهو يطلق تنهيدة عميقة متمتما: " على ذكر نبض لقد إشتقت إليها حقا "
رمقه قاسم بطرف عينه قبل أن يقول بلوم: " لقد عذبتها معك كثيرا يا صخر "
اومأ صخر موافقا رأيه وهو يرد: " معك حق لقد فعلت لكن صدقني يا قاسم ما فعلته كان رغم إرادتي، أقسم لك أنني لم أتعمد أذيتها قط.. إنها الجنة التي وجدت فيها سكينتي المفقودة وطابت في قربها جراحي كلها وذهبت إلى غير رجعة "
مال قاسم برأسه ينصت السمع له بينما صخر يغمض عينيه مردفا ببسمة حانية: " هل تعلم أني كنتُ مريضا بالقلب؟ "
قطب قاسم متحيرا وهو يردد: " مريضا بالقلب! "
اومأ صخر دون أن يفتح عينيه وهو يرد: " نعم كنتُ كذلك قبل أن يرتبط مصيري بنبض.. كنتُ أحمل بين أضلعي قلبا عليلا يحاول بكل الطرق الفرار من بين قضبان سجني، يحاول الهروب من قسوة الأوجاع التي كنت أرميها عليه بلا حساب وبدون تفكير لكنه سكن تماما حين اقتربت منه نبض.. شُفيت كل علله فجأة وأصبح يتشبث بالبقاء بداخل أضلعي بكل ما أوتي من قوة فقط ليظل يحظى بتربيتاتها الحانية عليه كلما توجع أو شكى "
فتح عينين تتلألأ فيهما النجوم وتتراقص بفرح غامر وسعادة لا توصف وهو يقول: " إنها سُلاف فؤادي.. سُقيت منها كأسا واحدا على سبيل التجربة لكنني فجأة أضحيت مدمنا عليها لا يكفيني بعضها فأنا حتى في إمتلاك كلها أشعر بأني لازلت راغبا في المزيد منها "
أردف وهو يخفض بصره بشرود حاني: " لقد أدمنت عشقها فهو السلاف الذي به تطيب أوجاعي وتسكن آلامي وتبدد الغيوم من سمائي.. هي ترياقي الخاص الذي لا يعرف عنه أحد ولم يكتشفه بشر غيري "
ضحك قاسم فجأة وهو يقول بشقاوة: " أتعلم لقد فتحت شهيتي على الزواج حقا وأنا اللحظة بتُّ مصرا على إتمام زواجي من حياة في أقرب وقت "
غمز صخر بوقاحة قائلا: " أنا في الخدمة دوما يا حبيبي "
فضحك قاسم متمتما: " لا حرمني الله من خدماتك يا طبيب القلوب "
***

فجرًا
كان صخر في طريقه للخروج من بوابة الدار بصحبة أخويه حينما استوقفه صوت جده يناديه فتوقف صخر مكانه ذاهلا وهو يشعر بأنه يتوهم ما سمعه، لا يعقل أن يكون جده قد ناداه فعلا.
حين ظل ساكنا في مكانه دون حركة لكزه ياسين في خاصرته مغمغما: " جدي يناديك.. أذهب إليه "
بينما قطب قاسم متخوفا من رد فعل صخر دون أن ينطق بكلمة في حين التفت الأخير ببطء، ناظرا إلى حيث يقف جده أمام الباب الداخلي للدار على درجة عالية من السلم، مستندا على عصاه ومن خلفه وقف ولديه خالد وإلى جواره سليم.
كان يشعر بالتردد في الذهاب إليه، يفضل أن تظل علاقتهما أقل من السطحية حتى المهم ألا يتصادمان من جديد لأي سبب لكن إشارة عمه سليم الجادة بأن يقترب محت تردده ودفعته للتقدم بثبات.
حين وصل إلى جده العابس وقبل أن ينطق بحرف وجد الأخير يقول بملل: " لماذا أتيت مسرعا هكذا؟ كنت تمهلت أكثر فلا مشكلة لدي في انتظارك لبضعة دقائق أخرى "
رفع صخر حاجبيه يطالع جده بدهشة.. إن جده يسخر منه حقا ولكن ليس هذا المهم بل الأهم أن هناك لمعة حنان تتلألأ في مقلتي جده وسط بحر قاتم من الجفاء.
هل يسمح لنفسه بالتمادي في تمني المزيد؟ هل يمكنه أن يترك لنفسه العنان بأن تحلم بحل كل العقد الليلة؟ هو حقا يتمنى أن يزول الجفاء ويحل محله الرضا والقبول.
كاد يترك اليأس والإحباط يتملكانه كعادته في تلك المواقف إذا ما آل له الأمر بمواجهة صعبة كتلك التي هو فيها الآن لكنه شعر ببصيص صغير من الأمل يناديه من بعيد.. يغريه حتى يقترب منه وكما تعلم من صغيرته المتسامحة دومًا جعل تفكيره إيجابيا فترك كل الجفاء الكثير جانبا وتشبث بلمعة الحنان الوحيدة كطوق نجاة له حتى يخرج من تلك المواجهة رابحا فقد ارهقته كثرة الهزائم.
من خلال الصمت المحيط علم في قرارة نفسه أن المبادرة يجب أن تكون منه هو وخاصة حينما أكد له والده ما فكر فيه من خلال ايماءة صغيرة من رأسه ونظرة تشجيع من عينيه الكحيلتين.
فاجئ الجميع ونفسه من قبلهم وهو يميل بجذعه للأمام، ملثما ظهر كف جده المرتكزة على عصاه قبل أن يرفع رأسه قائلا بثبات وتهذيب: " السماح منك يا جدي لأني جعلتك تنتظر قبل أن أُلبي ندائك "
ارتفع حاجبي جده بدهشة جلية دون أن ينطق بحرف وكأن ما فعله صخر قد ألجم لسانه عن الكلام بينما خالد ابتسم برضا والفخر يتربع بشموخ على سطح نظراته التي يرمق بها ابنه.
قطع سليم الصمت بقوله الودود: " سنسبقكما إلى المسجد يا أبي فلا أظنك بحاجة لنا ومعك حفيدك "
انتظر صخر أن يعترض جده ويكسر الهدنة التي يريدها أن تكون بينهما لكن جده فاجئه هو الآخر بقوله: " حسنا اذهبوا يكفيني حفيدي هو سيأخذ بيدي إلى المسجد "
للمرة الثالثة حرقة الدموع تسيطر على مقلتيه، ينظر لوالده بامتنان شديد وهو يتذكر حديثه قبل أن يتركه ويستأذن منه في الذهاب إلى قاسم 'لا تحمل همّ جفاء جدك وسخطه عليك فوالله يا ولدي ما نالني منه أضعاف ما نالك وعهدا عليّ قطعته على نفسي ألا تشرق شمس الغد إلا وقلبك يطرب فرحا بزوال الهمّ واستبداله بالراحة والسكينة'
لقد صدق والده في وعده له ووفى به دون نقصان، فتبدل حزنه فرحا وهمه سكينة وسرورا.
لاحظ انسحاب الجميع بهدوء وصمت حتى خلا المكان إلا منه وجده ولم تكد تمر لحظة أخرى من الصمت حتى قال جده: " ألن تسألني عن سبب تبدل معاملتي لك؟ "
قطب صخر يطالع جده بصمت.. إن هذا الرجل العجوز ليس ندا هينًا أبدًا وهزيمته ليست سهلة.
رد بتهذيب: " إن أردت إخباري فستجدني كلي آذان مصغية لك يا جدي وإن لم تُرد إخباري فعلى راحتك "
رفع جده حاجبا وهو يقول: " هناك شيئًا آخرا يُلح عليّ سؤالك بشأنه أكثر "
طالعه صخر بترقب يقول: " ما هو؟ "
رد جده بتهكم: " أنَّى لك بكل هذا التهذيب الجديد عليك؟ "
غمغم صخر مستغفرا بخفوت وهو يهمهم: " إنه يدفعني للجنون.. الصبر يا الله "
كان جده أكثر صبرا فلم يُلح عليه الرد حتى تنهد صخر أخيرا قائلا: " أنا أعلم أن بداية التعارف بيننا كانت سيئة بل إنها فظيعة، أنا شخصيا حين أتذكر اللقاء الأول بيننا أتمنى لو أنه لم يكن لكن... على أي حال ما حدث قد حدث بالفعل ولا نملك في أيدينا ما نفعله بشأن الماضي "
اومأ الجد موافقا وهو يقول بغموض: " إذن هو الحاضر والمستقبل ما يمكننا التلاعب به حتى يكونان كما نخطط لهما أن يكونا أليس كذلك؟ "
اومأ صخر دون رد بينما جده يردف: " والدك توسلني أن أسامحك "
احتدت نظرات صخر وهو يرد: " لم يكن عليه أن يفعل فأنا لم أخطئ في شيء حتى يطلب منك مسامحتي عليه "
رفع عبد الرحمن حاجبا ببرود يجيبه: " وماذا عن وقاحتك في الحديث معي سابقا؟ "
رد صخر بنفس النبرة المحتدة: " لقد سببت أمي أمامي هل كان يجب أن أُبدي لك شكري وامتناني حيال ذلك أم اتظاهر بأني لم أسمع شيء؟ "
سكت عبد الرحمن فرد صخر كان مقنعا للغاية وساد الصمت بينهما للحظات كانت مشحونة بالكثير من الحديث الذي أبى أن يخرج من كليهما.
خفض صخر رأسه للحظة واحدة، يطبق أجفانه بقوة وهو يغمغم لنفسه: " سيتقبلني.. يجب أن يفعل حتى لو أجبرته على ذلك فلن أضيع توسل أبي له هباء "
بعزيمة رفع صخر رأسه، يطالع جده بنظرات هادئة وهو يمد يده مبادرا بالسلام، قائلا: " هيا جدي حتى نلحق بصلاة الجماعة.. لقد تأخرنا "
لم يخذله عبد الرحمن وهو يطالعه بنظرة وشت بقبوله لمبادرة السلام بينهما لكنه جعل صخر يفغر فاهه مذهولا حين ضرب يده يقول بتذمر: " هل صدقت بأنني أحتاجك لتأخذ بيدي إلى المسجد؟ لازلت بكامل قوتي بفضل الله.. سِر إلى جواري يا ابن خالد "
رمش صخر لوهلة قبل أن تتملكه رغبة بالضحك لكن نظرة جده المحذرة جعلته يكتم رغبته في جوفه وهو يزم شفتيه بقوة مطرق الرأس وهو يضع كفيه في جيبي بنطاله منصتا السمع لصوت تمتمات جده بالذِكر.
للحظة انتابه التعجب من حال جده.. أهو ظالما قاسيا في اتخاذ قراراته وإصدار أوامره أم هو ببساطة يفعل ما يظن أن فيه مصلحة أبنائه واحفاده؟
كانا على مشارف الوصول للمسجد حينما باغته جده بالقول اللين: " إن أطال الله في عمري ومنحني المزيد من الوقت فسأجعلك في مقدمة الأولويات التي أفكر فيها.. لأنك تستحق "
على قدر سعادته في تلك اللحظة لكنه قطب يجادل جده بالقول: " الكثير من الأمور تحتاج إلى إعادة تفكير منك أيضًا يا جدي "
طالعه عبد الرحمن بعدم فهم يسأله: " مثل ماذا؟ "
رد صخر بهدوء حذر: " مثل موضوع زواج يوسف "
ضيق عبد الرحمن عينيه وهو يقول بغموض: " يهمك هذا الموضوع لأنه متعلق بأختك أليس كذلك؟ "
رد صخر بقوة وصدق: " بل لأنهما يستحقان السعادة يا جدي.. يوسف من الأشخاص الغاليين جدا عليّ وسعادته تهمني حقا "
تابع جده المسير فلحق به صخر بينما الأول يقول بهدوء غامض: " ماذا ترى بشأنهما إذن؟ "
رد صخر بجدية: " لا أرى سببا يجعلك ترفض علاقتهما يا جدي فإن كان تحفظك في البداية على نغم كان بسببي فها أنت اليوم منحتني رضاك ومن قبل أدخلت أمي إلى دارك وأظهرت ترحيبك بها "
لم يتوقف عبد الرحمن عن السير لكنه لم يرد فأردف صخر بنبرة أقرب إلى الرجاء: " دع الماضي للماضي يا جدي فهو لا يستحق أن تُعاقب يوسف بالحرمان ممن يحب لأجله "
تمتم عبد الرحمن بخفوت: " فليقدم الله ما فيه الخير يا ابن خالد "
عقب صخر فقط على آخر كلمتين متحيرا في فهمهما: " هل تقول 'ابن خالد' على سبيل السخرية أم ماذا؟ "
رد جده بفخر شع من مقلتيه: " بل أقولها على سبيل التفاخر.. صحيح أن الله وهبني الكثير من الأولاد والأحفاد لكن خالد وذريته عندي غير البقية "
لم يستطع صخر منع نفسه من التمتمة بتهكم: " لهذا كنت تقسو عليه أكثر من الباقيين؟ "
رد عبد الرحمن بهدوء: " من يُحب أحد بصدق يُحرص دومًا على أن يكون من يُحب في أعلى مكانة وأرقى منزلة.. يشهد الله أنني لم أفرق يومًا في المعاملة بينه وبين أخوته لكن خالد في كل وقت كان يفرض نفسه على المشهد والحضور "
صمت صخر ولم يعقب على شيء، لقد وجه لقاسم نفس الحديث قبل بضعة ساعات فهل يستطيع الآن أن يستنكر نفس الأمر على جده؟
الإجابة كانت واضحة.. لا هو لا يستطيع ذلك لذا فليغلق صفحة الماضي ويتركها للماضي وينظر لما هو آت فهذا هو الأهم والأكثر إشراقا.
تُرى هل سيفلح في مهمته التي بقى لأجلها ويستطيع إقناع جده بأخته نغم أم ستظل أمهما عقدة في خاصرتهما لن يستطيعا بلوغ ما يتمنيان بسببها؟

انتهى الفصل.
(يتبعه الفصل الثامن عشر)...👇

noor elhuda and السكر like this.

Hend fayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:07 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.