آخر 10 مشاركات
اخطأت واحببتك *مميزة*& مكتمله* (الكاتـب : Laila Mustafa - )           »          أغلال الحب - قلوب زائرة- للكاتبة الرائعة : أميرة الهواري *مكتملة & بالروابط*مميزة (الكاتـب : Just Faith - )           »          ثارت على قوانينه (153) للكاتبة: Diana Palmer...كاملة+روابط (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          وعانقت الشمس الجليد -ج2 سلسلة زهور الجبل- للرائعة: نرمين نحمدالله [زائرة] *كاملة* (الكاتـب : نرمين نحمدالله - )           »          مرايا الخريف -ج3 سلسلة زهور الجبل- للكاتبة المبدعة: نرمين نحمدالله *كاملة & بالروابط* (الكاتـب : نرمين نحمدالله - )           »          رواية المخبا خلف الايام * متميزه و مكتملة * (الكاتـب : مريم نجمة - )           »          قيود ناعمة - ج1سلسلة زهورالجبل - قلوب زائرة - للكاتبة نرمين نحمدالله *كاملة&الروابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          و أَمَةٌ إذا ما ابتُلِيَت في شرَكٍ ما جنتَ *مميزة* *مكتملة* (الكاتـب : فاطمة عبد الوهاب - )           »          كل مخلص في الهوى واعزتي له...لوتروح سنين عمره ينتظرها *مكتملة* (الكاتـب : امان القلب - )           »          7 - غراميات طبيب - د.الأمين (عدد حصري)** (الكاتـب : سنو وايت - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree429Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-09-20, 08:28 PM   #101

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي البدايات الجديدة - الفصل الأربعون


البدايات الجديدة
الفصل الأربعون

خرجت بسمة من عند سلمى وتوجهت الى المشفى وهى تعلم انها تأخرت عن الميعاد المعتاد الذى تلتقى فيه مع شريف ..

ركبت سيارتها الجديدة التى اشترتها بعد أن أشارت عليها سلمى بشرائها .. فقد علمتها سلمى سواقة السيارات وساعدتها فى استخراج رخصة القيادة .. كانت تستمع الى موسيقى " مون آمور " التى تحبها كثيرا .. ولا تمل سماعها .. وكلما سمعتها شعرت بانها وشريف عبارة عن روح واحدة فى جسدين .. لاتصدق انها بعد ايام أو اسابيع قليلة سوف يفترقان وسوف تترك له ذكرى أليمة لباقى العمر ..

سارت بسمة وهى لا تفكر سوى فى شريف .. وفى الدور المأمورة به من قبل والده .. هل ستنجح فى اتقانه أم لا؟ .. متى سيخبره والده بموافقته الكاذبة على ارتباطه بها .. ومتى سيعود له بصره .. ومتى ستبدأ دورها الحقير الذى ستقوم به رغما عنها .. ومتى سيفترقان ؟ .. وماذا ستفعل هى ويفعل هو بعد الفراق ..؟

ظلت تفكر حتى سمعت جرس تليفونها .. فنظرت الى الشاشة نظرة سريعة .. ثم توقفت بالسيارة على جانب الطريق خشية ارتكاب حادث وهى تقود االسيارة وهى حديثة عهد بقيادة السيارات ..
بسمة : ألو .. شريف حبيبى ..
شريف بلهفة : انتى فين يا حبيبتى .. اتأخرتى على ..
بسمة : أنا فى السكة .. الطريق كان زحمة شوية .. دقايق وأكون عندك ..
شريف : مستنيكى يا حبيبتى .. عندى لك مفاجآت بالجملة ..
بسمة : بجد .. ؟!! .. عموما مش حتأخر عليك يا قلبى ..
أغلقت الخط .. وفكرت فى تلك المفاجآت .. بالطبع احداها هو الموافقة المزعومة من والده على ارتباطهما .. مما يعنى أن النهاية قد اقتربت ..
دخلت بسمة الى غرفة شريف بالمشفى وهى ترسم ابتسامة زائفة تعودت على ن ترسمها أمام جميع من يعرف شريف فى الآونة الأخيرة .. لكن اعتقدت ان الميزة الوحيدة فى عدم ابصاره هو أن لا يرى أى شيء زائف منها ..
كانت خلود جالسة على احدى مقاعد الانتريه الملحق بالغرفة .. أو بالأحرى بالجناح الذى يطلق عليه الجميع حجرة الدكتور شريف .. فابتسمت بشدة ووقفت تخطو خطوات سريعة نحو بسمة لتحتضنها وهى تقول : بسمة حبيبى .. مب... هنا قاطعها شريف بشدة قائلا: ماما .. أرجوكى سبينى أنا اقولها ..
خلود ولازالت مبتسمة : حاضر يا حبيبى .. حقك .. اللى يريحك .. أنا حسيبكم علشان تقولها كل اللى حابب تقوله براحتك .. ثم مضت نحو باب الغرفة وهى تقول : بسمة حبيتى .. جمدى اعصابك .. اشوفك بعد شوية ومعايا مفاجأة تانية ..
لم ترد عليها بسمة سوى بإيماءة بسيطة وهى تبتسم كأنها سعيدة ومترقبة لمفاجئاتهم .. فقال لها شريف وهو يمد لها يديه : قربى .. قربى منى يا بسمتى ..

اقتربت بسمة واللوعة تعتصر قلبها .. فكل دقيقة تمر تقربها من نهاية حبهما الكبير .. أول حب فى حياتها .. والذى تظن فى تلك اللحظات أنه الأخير .. فهى على يقين انه لن يكون بعده رجلا ايا كان يمكنه ان يستحوذ على كل ذرة فى قلبها كما استحوذ عليها شريف ..
شريف : حلوة البلوزة اللى انتى لبساها يا حبيبى .. أنا مشفتكيش لبساها قبل كده ..
لم تنتبه سلمى للوهلة الأولى مما قاله شريف .. ثم انتبهت .. شريف يثنى على ملبسها .. اذن .. شريف يرى .. نظرت الى البلوزة التى ترتديها ثم نظرت الى شريف فى دهشة وتعجب وعينيها المتسعتين تكادا أن تشمل كل جزء فيه وبالأخص عينيه .. نسيت بسمة كل شيء ثم انطلقت منها صحيحة عالية ..وهى تضغط على كلتا يديه : شريف .. حبيبى .. أنت شايفنى .. انتى رجعلك نظرك ثم جلست على ركبتيها أمام السرير أو بالأحرى انهارت من جمال المفاجأة تقبل يديه وتبكى .. ليرفعها شريف بكلا يديه برفق وهو يقول : ايوة يا حبيبتى .. الحمد لله .. أنا شايفك زى ما انتى شايفانى .. نظرى رجعلى يابسمتى .. يا حب عمرى ..
بسمة وهى مازالت تنشج بالبكاء : الحمد لله .. أحمدك يارب .. احكيلى .. احكيلى يا شريف .. امتى وازاى ده حصل .. ولا أقولك .. مش مهم .. مش مهم أى حاجة .. المهم انك رجعت تشوف .. أنا مش عايزاك تنفعل أبدا .. أرجوك يا شريف .. ارجوك يا حبيبى .. اهدى خالص ..
شريف وقد اخذ كلا كفيها بين كفيه هو يربت عليهما : أنا بخير يا حبيبتى .. متخافيش .. واطمنى .. واسمعىى بقى الخبر الأحلى .. سكت قليلا حتى أطمئن انها قد هدأت قليلا ثم قال : بابا وافق على ارتباطنا .. ياللا بقى حددى لنا ميعاد مع السيد الوالد فى اقرب فرصة ..
لم يكن الخبر مفاجئا لها .. فهى تعلم هذا السيناريو جيدا .. ولولا انها تريد الخير لشريف وتحبه ربما اكثر من حبها لنفسها .. ما رغبت أن يعود اليه نظره له بهذه السرعة .. فعودة النظر له انما هو بمثابة ناقوس فراقهما الذى قد دق أول دقة فى مشوار نهاية حبهما .. ليعلن بداية العد التنازلى لتلك النهاية .. وعليها أن تبدأ الجزء الثانى من الخطة .. وهو أن تبدأ فى أن تجعله يكرهها ..
انهمرت دموع بسمة بين فرحة لعودة البصر لحبيبها وحزن يعتصر قلبها من الأيام القادمة وما عليها أن تفعل فيها وما تحمله اليها ولحبيبها من نتائج تكره حتى أن تفكر فيها ..
لاحظ شريف دموعها فنزل من فوق سريره .. وهو مازال ممسكا يدها ولا يريد أن يفلتها وكأنه إن أفلتها لن يستطيع ان يمسكها مرة أخرى .. اقترب منها ومسح دموعها باحدى يديه وهو ينظر فى عينيها ويقول : بسمة حبيبتى .. بتبكى ؟!!
بسمة وهى تبتعد بعيونها عن مرمى عيونه : دى دموع الفرح يا حبيبى .. أنا فرحانة انك رجعت تشوف ياحبيبى ..
عند هذه اللحظة طرق الباب ثم فتح ليظهر أبغض رجل الى قلب بسمة .. والد شريف .. ومن خلفه زوجته الطيبة خلود .. لينقبض قلب بسمة التى اصبح لديها فوبيا تتمثل فى انقباض القلب من مشاهدة أو سماع صوته أو حتى سيرته ..
دخل الدكتور مجدى مبتسما ابتسامة الأفاعى أو الذئاب .. نظر الى بسمة وهو يقول لها : أهلا .. أهلا يا دكتورة بسمة ..
نظرت اليه بسمة وقد تسارعت دقات قلبها وانتابتها نفس المشاعر والخوف الذى عاشته وهى بمكتبه بالجامعة ولكنها حاولت أن تتمالك نفسها حتى لا يشعر مجدى بخوفها أو يلاحظ شريف توترها من لقاء والده فردت بهدوء مرتعش : أهلا بحضرتك ..
فاجأ مجدى الجميع عندما توجه الى بسمة بالكلام قائلا بوجه لا يعبر عن شيء : يا ترى يادكتوررة بسمة نقدر نزوركم فى البيت امتى .. أنا حابب أتعرف على السيد الوالد والعيلة ..
نظرت اليه بسمة فى تعجب لا تدرى ماذا تجاوبه ثم قالت : حضرتك تشرف فى الوقت اللى يناسبك ..
مجدى : أنا اجازتى يوم الجمعة .. لو كان يناسبكم ..
بسمة : اللى حضرتك تشوفه .. أنا حدى والدى خبر النهاردة ومعتقدش انه حيكون عنده مانع فى أى يوم يناسب حضرتك .. ثم قالت بتهكم : اصله على المعاش ووقته كله يسمح بالمقابلة ..
مجدى بفخر وزهو بنفسه بأنها رغم تهكمها تعلم حدودها وحدود والدها العاطل عن العمل : عظيم .. عظيم .. اسيبكم أنا دلوقتى علشان ميعاد العيادة .. ثم عاد بعد أن خطى الى الباب خطوتين وقال لها : لو ممكن يادكتورة بسمة تعدى على فى مكتبى بالمستشفى خلال ربع ساعة : كنت حابب اتكلم معاكى شوية ..
بسمة بدون اهتمام وهى تعلم جيدا فحوى الكلام الذى يريد ان يقوله لها : حاضر يا دكتور ..
لكن خلود قد دارت بنظرها بين الثلاثة ثم ركزت النظر على زوجها ... تشعر منه الغدر .. هى تعلم اى حقير هى متزوجة منه .. هى تعلم انه لا يستسلم عن رغباته بسهولة .. ولا يتنازل عن قراراته بتلك البساطة .. تتساءل ما الذى غير وجهة نظره .. ما الذى يريد أن يقوله لبسمة .. وأى شيء هو يخطط له ؟؟!!
لم يشغلها عن تفكيرها سوى ابنها وهو يقول لبسمة بعد أن خرج والده من الحجرة : أنا حاسس انك عجبتى بابا وانه اقتنع بيكى يا بسمة .. هو قال لى انكم اتكلمتم مع بعض فى الجامعة وان شخصيتك عجبته .. انتى ليه ماقلتليش عن الموضوع ده قبل كده ..
بسمة وهى تتظاهر بالفرحة : بصراحة هو طلب منى انى ماقولش لحد عن كلامنا مع بعض .. الظاهر انها كانت فترة اختبار كان محتاجها علشان يقرر اذا كنت مناسبة لك ولا لأ .. والظاهر انى نجحت فى الاختبار ..
شريف بسعادة : انتى يا حبيبتى مفيش حد يتعامل معاكى الا ويحبك ويحترم شخصيتك ... والا مكنتش وقعت فى حبك لشوشتى .. ولا ايه يا أمى ؟؟!!
لم تنتبه خلود لما قاله شريف .. فقد كانت شاردة فيما يخطط له زوجها لعلاقة شريف وبسمة .. كان قلبها منقبضا لا تشعر بالرضا للتغيير المفاجئ فى موقف زوجها .. فأعاد شريف عليها السؤال : هه .. ماما .. انتى سرحانة فى ايه ؟
انتبهت خلود فقالت: بتقول حاجة يا حبيبى ؟
شريف : كنت بقول ان كل اللى يتعامل مع بسمة يحبها ويحترمها .. بدليل ان بابا لما اتعامل معاها اقتنع بيها ووافق على خطوبتنا ..
خلود ولا زالت شاردة : ايوة طبعا يا حبيبى عندك حق .. بسمة فعلا شخصية تتحب ..
قاطعتهم بسمة التى لم تهتم مطلقا بما كانوا يتحدثون فيه وقالت لهم : طيب استأذنكم أنا واروح للدكتور مجدى ..
شريف : طيب يا حبيبتى .. متتأخريش عليى .. تحبى آجى معاكى ..؟
بسمة وعلى شفتيها ابتسامة مصطنعة : لو كان عايز يتكلم ادامك كان اتكلم هنا .. اروح اشوفه عايزنى فى ايه .. ثم تركت الغرفة بدون ان تتيح لأى منهم بتعليق آخر ..
طرقت بسمة باب مكتب مجدى بالمشفى فدعاها للدخول بصوته الأجش ونبرته المخيفة .. فدخلت بسمة الى المكتب ووقفت فى منتصف المسافة بين باب المكتب الفاره وبينه وهو يجلس على مقعد المكتب ينظر اليها .. ثم اتكأ على المقعد وقال لها : طبعا الخطة كده اتغيرت شوية .. مقدرش اقول طبعا ان موافقتى اللى بلغتها لشريف النهاردة من ساعات على ارتباطه بيكى هى اللى رجعت له نظره .. ببساطة لان شريف فاجئنا ورجع له نظره امبارح بالليل .. الظاهر انك زودتى له جرعة الحنان اللى عطيتيهاله امبارح العصر .. اعتقد انها هى اللى ساعدته على ان نظره يعود له بسرعة ..

نظرت اليه بسمة متسعة العينين تريد ان تنفجر فيه وفى وقاحته .. ولكنها شعرت بأنه يريد أن يستفزها وحسب فتمالكت نفسها وقالت له : أظن مفيش داعى لكلام لا حيقدم ولا حيأخر .. ايه المطلوب منى دلوقتى .. أنا عايزة أخلص من الحكاية السخيفة دى النهاردة قبل بكرة ..
مجدى : لا لا لا .. متبوظيش لنا الطبخة .. المفروض اللى جاى فيها يستوى على نار هادية .. مش كده يا دكتورة .. اللى جاى هو المهم .. بلاش نستعجل علشان متخسريش كل حاجة فى النهاية ..
لم تلتفت بسمة لتهديده الواضح وقالت وهى تنظر اليه بقرف : ياريت حضرتك تدخل فى الموضوع ..
مجدى بتهيدة ساخرة : ماشى يادكتورة .. ندخل فى الموضوع .. سكت قليلا وهو يركز نظره الى سطح المكتب ثم ينظر اليها فجأة وهو يقول : اعتقد ان دورى فى القصة دى انتهى .. بمعنى انى وافقت على ارتباطكم وطلبت منك اننا نتعرف على العيلة الكريمة .. وهنا بقى ييجى دورك .. الدور الأهم فى الحكاية من أولها لآخرها .. واعتقد انك حفظاه كويس .. ولا تحبى اراجعه معاكى من جديد ..؟
بسمة وهى مستسلمة لقدرها : لا .. اطمن حضرتك .. مفيش داعى انك تفكرنى بيه .. أنا عارفة كويس أنا مطلوب منى ايه .. وعارفة ازاى حنفذه .. واطمن مرة تانية انه حيتم .. وكل واحد ففينا حيروح لحاله .. بس اللى عايزاك تعرفه ان لو دى رغبتك قيراط .. فهى رغبتى اربعة وعشرين .. عارف ليه يا دكتور .. ؟؟
مجدى وقد شعر بها تريد ان تكيل له بعضا من اهاناته لها فقال وهو يتهرب من مرمى عينيها : ميهمنيش انى أعرف ..
بسمة فى تحد : بس انا بقى يهمنى .. ومصرة انك تعرف ..
مجدى بنفس تحديها : والله لو ده حيريحك .. اتفضلى قولى ..
بسمة : ايوة يريحنى .. ثم سكتت قليلا تستجمع شجاعتها وترتب كلامها ثم قالت .. بالرغم لحبى لشريف وانى متأكده انه هو كمان بيحبنى .. ويمكن اكتر من حبى له .. الا أنى مصرة على انى انا وهو منكنش لبعض .. لانه ببساطة زى ما انت رافض عيلتى .. أنا كمان رافضة انك تكون فى يوم من الأيام أبو جوزى .. وزى ما انت رافض أهلى بسبب بساطتهم الاجتماعية .. أنا كمان رافضاك بسبب قوة المال والنفذ الاجتماعى اللى خلاك تتكبر على خلق الله ونسيت ان فيه ربنا وهو اللى يؤتى الملك لمن يشاء وينزعه ممن يشاء .. سخرت من والدى اللى رغم بساطته قدر يتساوى بيك ويكون له بنت دكتورة حتتخرج من نفس الكلية اللى ابنك حيتخرج منها .. بل فى نظرى هو أفضل .. لانه مش دكتور فى الجامعة يقدر يساعد بنته فى دراستها وفى حاجات تانية انت عارفها كويس .. أنا يادكتور اللى برفض الارتباط بواحد انت أبوه .. ولو كنت فاكر انك بتههددنى بمستقبلى .. فتأكد انى انا كمان ممكن اهددك بإبنك .. اللى ممكن بكل بساطة اقوله اللى انت طلبته منى ..
هنا قاطعها مجدى بقوة بعد ان كانت عينيه تتسع وتلمع ويفغر فاه غير مصدق ما يسمعه منها فطرق على المكتب بشدة لدرجة اثارت فزعها وهو يصيح : اخرسى .. انتى مين انتى علشان تقفى قدامى وتوجهيلى الكلام الفارغ دهى.. انتى مين علشان تهددينى .. ؟؟!!

لم تتمالك بسمة نفسها من الخوف والفزع ليس من صوته ونظرته لها فقط ولكن أيضا من كآبة وجهه وقد بدا لها كالوحش الذى قد يفتك بها فى لحظة .. فتراجعت تريد أن تخرج من الحجرة فما كان منه الا ان صاح من جديد : اقفى مكانك .. أنا مسمحتلكيش انك تخرجى ..
سمع كلاهما طرقا على باب المكتب فتسمرا مكانهما .. كانت خلود قد شعرت بالقلق على بسمة ففضلت ان تذهب اليها بمكتب زوجها لعلها فى حاجة اليها .. فسمعت كل كلمة صاح بها زوجها وهو ينهر بسمة ..

كانت بسمة فى حالة انهيار عندما تكلم مجدى بصوته الأجش المخيف : ادخل ..
دلفت خلود الى المكتب لتقع عينيها اول ما تقع على زوجها وهو فى حالة الغضب التى تعلمها عنه جيدا ... ثم نظرت الى بسمة التى كانت تقف بالقرب من باب الغرفة فى فزع واضح والدموع تنهمر من عينيها وقد انتابت جسدها الهزيل رعشة لم تستطيع السيطرة عليها .. لم تصدق خلود ما رأت .. ولكنها اسرعت الى بسمة تحتضنها بلهفة وهى تقول : بسمة حبيبتى .. مالك .. فيكى ايه .. ثم توجهت بالكلام الى زوجها .. انت عملت فيها ايه .. ؟؟ ..
لم يهتم مجدى بما تقوله زوجته .. فقال موجها الكلام لبسمة وهو يقترب منها : اسمعى .. لو اللى اتفقنا عليه متمش زى ما انا قلت .. صدقينى .. أنا حخليكى انت وأهلك تكرهوا اليوم اللى جيتى فيه الدنيا دى ..

لم تتمالك بسمة نفسها وقد شعرت خلود بجسدها يثقل وهى فى احضانها .. ثم يتهاوى على الأرض معلنا اصابتها بإغماءة من فررط خوفها وانفعالها ..
صرخت خلود فى زوجها الذى حاول الاقتراب من بسمة وهى ملقاة على الأرض فى احضان زوجته : انت ايه اللى عملته ده .. انت عديم الرحمة .. نادى على دكتور ييجى يشوفها .. واياك انت تقرب منها ..

مر الوقت بعد ان تم نقل بسمة لغرفة ليتم اسعافها من اغماءتها .. وفى هذه الأثناء .. طلب مجدى من خلود التى كانت تقف على باب غرفة بسمة أن تهدأ قليلا حتى ينهى ما يريد أن يقوله لها ..
هدأت خلود مرغمة لعلها تفهم ما الذى يحدث ولكنها فوجئت به يقول لها : اسمعى يا خلود .. ده مش وقته افهمك اللى حصل .. بس كل اللى اقدر اقولهولك ان شريف مش لازم يشعر بأى حاجة من اللى حصلت دلوقتى .. لانه فى فترة نقاهة وممكن اى انفعال يسببله انتكاسة يفقد فيها بصره نهائيا ..

ألقى قنبلته وعرف كيف يبتز زوجته ليجبرها على ان لا تقول لشريف شيئا .. ثم اردف ببروده المعتاد الذى يحاول ان يغلفه بطيبة مصطنعة : أنا لازم امشى دلوقتى علشان متأخرش على العيادة .. اطمنى .. بسمة حتفوق بسرعة .. هى بس انفعلت شوية .. بس ياريت بعد ما تفوق متدخلش لشريف وهى بالشكل ده علشان مينفعلش من القلق عليها .. قولى له انها مشيت معايا نتكلم فى العربية علشان ميعاد العيادة .. وأنا حبقى اطمن عليها بالتليفون ..
ترك مجدى زوجته وهى فى ذهول وقلة حيلة .. فهى من ناحية تريد أن تعرف ما الذى يدور مع هذه المسكينة بسمة .. وما الذى أوصل الكلام بينها وبين زوجها أن ينفعل عليها هكذا .. ومن ناحية أخرى تخاف على ابنها من انتكاسة يفقد فيها بصره الى الأبد .. فلم تملك الا ان تذهب الى حجرة ابنها الذى سألها عن بسمة وعن سبب تاخرها لدى والده .. فاخبرته باضطراب بما قاله لها زوجها ..

تعجب شريف من الأمر ولكنه كان سعيدا بحسن العلاقة التى اصبحت بين حبيبته ووالده ..
عادت خلود بعد دقائق الى حجرة بسمة التى كانت قد افاقت من اغماءتها ..
جرت خلود الى بسمة تجلس بجوارها على طرف السرير وأخذها فى حضنها وهى تسألها بلهفة : بسمة .. حبيبتى .. انتى بخير .. ؟
بسمة بوهن : الحمد لله يا طنط .. أنا كويسة .. متقلقيش ..
خلود : مقلقش ازاى .. انتى رعبتينى من الخوف عليكى .. ايه اللى حصل يا حبيبتى .. ليه مجدى كان بيزعق بالشكل ده .. وليه انتى كنتى بتبكى .. ؟!
بسمة بتردد : أبدا مفيش . هو مكنش بيزعقلى .. هو كان بيزعق لحد فى التليفون .. بس انا اتفزعت من انفعاله .. علشان كده بكيت ..
خلود : متخبيش على يا بسمة .. أنا سمعته وهو بيزعقلك قبل ما ادخل .. صوته كان واصل خارج الأوضة بوضوح .. قوليلى يا حبيبتى .. ايه اللى حصل ..؟
بسمة وقد صعبت عليها نفسها فوضعت وجهها فى المخدة وهى تقول باكية : ارجوكى يا طنط .. قلت لك مفيش حاجة ..
خلود وقد خافت عليها من الانفعال مرة اخرى : طيب .. طيب يا بسمة .. براحتك يا حبيبتى .. أنا مش حضغط عليكى ..
بسمة وقد تحكمت فى البكاء قليلا : شريف عامل ايه .. يارب ميكونش حس بحاجة .. المفروض انه مينفعلش ولا يقلق فى الفترة دى .. ارجوكى يا طنط .. اوعى تقوليله حاجة ..
خلود : اطمنى يا حبيبتى .. هو سأل عليكى لما اتأخرتى بالشكل ده وأنا قلتله ان باباه طلب منك انك تركبى معاه العربية يوصلك وبالمرة تتكلموا فى السكة علشان ميتأخرش على العيادة .. انا عموما حسيبك دلوقتى تستريحى .. بس احنا لنا كلام تانى بعدين .. ما أنا يا حبيبتى لازم أفهم اللى بيحصل ..
لم ترد عليها بسمة وأومأت ايماءة بسيطة وهى تنزل من على السرير وهى تقول : أنا حاسة انى بقيت كويسة .. لازم امشى دلوقتى علشان محتاجة انى اريح شوية وعلشان ميقلقوش على فى البيت ..
خلود : طيب يا حبيبتى .. تحبى آجى أوصلك بعربيتى ..
بسمة : لا يا طنط .. متتعبيش نفسك .. أنا معايا عربيتى ..
خلود : بس أنا مش حبقى مطمنة وانتى بتروحى لوحدك .. وكمان حتسوقى العربية بنفسك .. اسمعى أنا حوصلك وحخلى سواق من المستشفى يوصلك عربيتك لغاية البيت .. أهو على الأقل أعرف بيتك .. ولا انتى مش عايزانى اعرفه ..
بسمة : يا خبر يا طنط .. انتى متعرفيش معزتك عندى اد ايه ..

عادت بسمة الى البيت .. بعد ان استطاعت خلود اثناء توصيلها الى بيتها بسيارتها ان تعلم منها كل ماحدث بينها وبين زوجها واللعبة القذرة التى قد خطط لها مجدى و عقد العزم على ان يلعبها ويجبر بسمة على تنفيذها كى يتخلص من ارتباطها بابنه .. بل ويجعله يكرهها .. وبالرغم مما حدث لبسمة من فزع ورعب وتهديد إلا انها كانت تشعر بالفخر وشيء من السعادة من انها استطاعت ان تقف أمام مجدى وجبروته تقول له ما قالته وترد بينها وبين نفسها اعتبار والدها الذى قد أهين دون أن يعلم ودون أن يدافع عنه أحد .. استطاعت ان تهينه وتقف فى وجهه .. كما ان خبر عودة النظر لحبيبها قد جعلها تتحمل أى شيء بعد أن اطمأنت عليه .. ولكنها شعرت فى نفس الوقت بغصة فى قلبها من اقتراب الفراق بينها وبين شريف .. فقد حان الوقت لتقوم بتمثيلية تكره أن تقوم بها .. ولم يخطر على بالها ان تقوم بها فى يوم من الأيام .. لكنها قررت أن لا تبدأ مهمتها التى قررت ان تقوم بها من دافع اقتناعها بأن زواجها من شريف أصبح مستحيلا الا بعد أن تمر فترة نقاهة شريف .. يجب عليها ان تأخذ وقتها حتى تنهى هذه القصة بأقل خسائر .. بالرغم من أن اقل خسائرها هو أكبرها .. الا وهو ان تجعل شريف يكرهها ..

لم ترجع خلود الى المشفى لابنها ولم تعود لبيتها .. بل توجهت الى عيادة مجدى .. التى هى فى الأصل عيادة ابيها .. دخلت العيادة وطلبت من الموظفة المسئولة عن استقبال المرضى أن تبلغ مجدى انها تنتظره وانتظرت فى الحجرة المجاورة لحجرة الكشف وهى حجرة كان والدها قد أعدها لنفسه يقيم بها معظم الوقت بعد أن تزوجت هى من مجدى وأصبح والدها لا يطيق أن يقيم فى المنزل بدونها .. فكان يقضى معظم وقته فى العيادة وفى احيان كثيرة بيت بتلك الحجرة .. واليوم يستخدمها زوجها فى استقبال خاصته ..

مرت نحو عشرون دقيقة قبل أن يدخل مجدى الى الغرفة متجهما حيث تنتظره خلود .. ثم بادر بوجهه العابث : خير يا خلود .. ايه سبب الزيارة واحنا كنا لسة مع بعض فى المستشفى .. وبسرعة لو سمحتى .. أنا عندى زباين كتير بره مستنيين ..
خلود : اعتقد انك عارف كويس ايه سبب الزيارة .. ولو انت مستعجل فعلا وعايز تروح لزباينك .. تفهمنى انت ليه عملت كده مع ابنك .. ومع البنت المسكينة اللى من رعبها منك فقدت وعيها .. انت ايه يا اخى .. مفيش فى قلبك ذرة احساس ولا حمة ..

لم يهتم مجدى لكلامها ولم يجيبها على أى من اسئلتها ولكنه سألها ببروده المعتاد: أحب الأول اعرف ايه اللى وصلك من البنت اللى بتقولى عليها مسكينة .. ويا ترى ايه اللى حصل بعد ما سبت المستشفى وجيت العيادة .. يا ترى جرت على شريف وحكت لكم على اللى حصل .. ولا لسة حتكمل لعبتها القذرة بطريقتها الخاصة ..؟؟
خلود بقرف : انت ايه يا اخى .. فاكر كل الناس زيك .. ملهاش هم غير السطوة والنفوذ .. فاكر انك من طينة وهمة من طينة تانية .. كل همك جمع المال وزيادة نفوذك وسلطتك ولو على حساب سعادة ابنك .. بس لغاية هنا وكفاية يا مجدى .. أنا مش حسمحلك تدمر سعادة ابنى زى ما دمرت سعادتى وسعادة بنتى ..
مجدى بسخرية : سعادتك انتى اللى بتدمريها لما بتعارضينى وبتمشى فى طريق عكس اللى أنا بمشى فيه .. لكن سعادة ولادى .. دى اللى مش حسمح لك تدخلى فيها .. أنا أبوهم وادرى الناس بايه اللى يسعدهم وايه اللى يتعسهم .. وبعدين مالها بنتنا .. جوزتها احسن جوازة من احسن عيلة فى البلد ..
خلود بانفعال : انهى سعادة دى اللى بتتكلم عنها .. بنتك عمرها ما حبت ولا حتحب جوزها .. عارف ليه .. لانها عمرها ما حبت الا أكرم زميلها فى الجامعة .. واللى سيادتك اعترضت عليه لمجرد انه قل شوية فى المستوى .. مع انه كان قادر يعيشها فى نفس المستوى اللى طول عمرها عايشة فيه .. بس حضرتك كنت بتدور على السلطة والنفوذ جنب المال اللى جمعته طول عمرك من دم المرضى الغلابة اللى كانوا مضطرين يدفعولك حتى لو سرقوا فلوس علاجهم فى مستشفياتك الاستثمارية اللى هى تجارة بمرض الناس ليس الا ..
مجدى وقد بدا الغضب يزداد عللى ملامحه : اسمعى ياخلود .. شريف مش حيتجوز البنت دى .. حتى لو فقد حياته مش بصره ..

انفعلت خلود بشدة بعد جملته الأخيرة : اخرس .. بعد الشر عليه من اى سوء .. الظاهر ان مفيش فايدة من الكلام معاك .. بس اللى حابة انى اقولهولك .. بسمة هى اللى رافضة الارتباط بابنك .. بالرغم من حبها ليه .. عارف ليه .. علشان انت ابوه .. أطمن .. نجحت فى انك تفرق بينهم .. بس صدقنى انت كده بترتكب أكبر غلط فى حق ابنك .. أما بالنسبة لى فأنا خلاص .. مش قادرة استحملك أكترر من كده .. وبقولهالك وأنا الكسبانة لو نفذت طلبى .. "طلقنى" .. أنا خلاص مش قادرة اتحمل وجودك فى حياتى اكتر من كده ..
نظر اليها مجدى محاولا رسم البرود وعدم الاهتمام وقال بهدوء : صدقينى . أنا كمان معدتش قادر استحملك .. بس بالنسبة للطلاق طلبك مرفوض .. لسبب وحيد .. وهو الشكل الاجتماعى للعيلة مش اكتر ..
خلود بتحدى : يبقى انت اللى اخترت الفضايح لك وللعيلة اللى بتتكلم عنها .. أنا حخلعك يا مجدى .. عارف يعنى ايه حخلعك ..
نظر اليها مجدى متسع العيني غير مصدق ماقالته : انتى الظاهر اتجننتى .. أو يمكن شايفة نفسك لسة صغيرة وشايفة لك شوفة ..
خلود بغضب ونرفزة : اخرس يا حقير .. الكلام ده تقوله لحد تانى غيرى .. انت نسيت نفسك ونسيت اصلك .. صحيح كان عنده حق بابا لما حاول يمنعنى عنك .. بس أنا اللى كنت عبيطة وعامينى حبك اللى قتلته جوه قلبى بأفعالك المقرفة ..

لم يكن مجدى يفكر فيما تكيل له من اهانات .. فهى فى النهاية لم تقل سوى الحقيقة .. ولكن كان جل اهتمامه وخوفه فى تلك اللحظات من ان تنفذ تهديدها وترفع عليه قضية خلع .. لذا حاول أن يستميلها وقال بصوت ناعم : اسمعى يا خلود .. زى ما انتى شايفة العيادة مليانة وأنا مش فاضى .. واضح ان اعصابك مشدودة بسبب اللى حصل لبسمة والكلام اللى قالتهولك .. بس احنا لو قعدنا واتكلمنا بالعقل .. حنقدر نتفاهم وحنوصل لحل يرضينى ويرضيكى .. لو سمحتى .. ترجعى للبيت وأنا حخلص العيادة واحصلك و انا متأكد اننا لما حنتكلم حتقتنعى بوجهة نظرى .. ولو مقتنعتيش ياستى أنا حعمل اللى يريحك ..

لم تقتنع خلود بما قاله مجدى ولا بطريقته الناعمة التى تعحفظها عن ظهر قلب ويستخدمها كلما احتد الموقف أو النقاش بينهما خصوصا وهو فى عجلة من أمره .. لذا آثرت ان تنهى النقاش معه وقالت : أنا حمشى يا مجدى .. حمشى لأنى عارفة ان مفيش فايدة من الكلام معاك .. لكن اوعى تفتكر ان الموضوع انتهى لغاية هنا .. المرة دى الأمور وصلت لنهايتها معاك .. واللى ربنا رايده هو اللى حيكون ..

تركته خلود وخرجت وهى فى ضيق شديد تفكر فى ابنها وفى بسمة .. وكيف تنقذ سعادة ابنها وسعادة تلك الفتاة البسيطة ذات السهل الممتنع فى كل شيء فى حياتها .. لقد احبتها كثيرا ..
أما مجدى .. فتنهد تنهيدة الخلاص منها ومن فضيحة كانت على وشك أن تدوى بالعيادة اذا ما ثار غضبه وعارضها أكثر من ذلك .. فخرج من الحجرة الى حجرة الكشف عن طريق باب داخلى بين الحجرتين وأكمل يومه وكأن شيئا لم يكن ..

رجعت بسمة الى بيتها تجر اذيال الخيبة واليأس .. لاتعلم ماهى خطواتها القادمة .. رجعت كتائه فى صحراء لا يدرى اين يسير وفى اى اتجاه .. يخاف من ان يخطو خطوة لا يعلم عواقبها .. ولا يعلم ا ذا كانت الخطوة القادمة سوف تهوى به فى بقعة من الرمال المتحركة التى ستهوى بها وتغوص فيها ولا تستطيع الخروج والنجاة منها .. أم ستكون على أرض صلبة تتحملها وتتحمل ثقل همومها وثقل أيامها القادمة..

دخلت الى بيتها وهى ترسم الابتسام الكاذب على وجهها حتى تهرب من قلق والديها عليها .. جلست معهم جلسة خفيفة تتبادل معهم الحديث والضحك كعادتها .. ثم استأذنت ودخلت حجرتها لعلها تنعم بشيء من الراحة بعد هذا اليوم العصيب ..
وبالرغم من انها كانت تعيش لحظات من التمزق الا انها كانت لا تفكر سوى فى شريف .. فهى سعيدة بعودة بصره .. وهذا هو المهم الآن ومن حقها أن تعيش لحظات السعادة تلك وتشاركه فيها الى أن يحين وقت بداية النهاية .. لذا قررت أن لا تفكر فى شيء مطلقا .. فامسكت تليفونها وطلبت رقم شريف .. الذى رد عليها بعد رنتين .. فهو كان ينتظر هذه المكالمة بفارغ الصبر .. ولكنه كان يرجيها خوفا من ان تكون بسمة لازالت مع والده يتحدثان ويقتربان اكثر من بعضها البعض .. كان يرجو هذا .. بل ومتأكد من ان والده رغما عنه سوف يحب بسمة مثلما احبتها والدته ..
رد بلهفته المعتادة عليها : بسمة .. حبيبتى .. اتأخرتى على .. طمنينى عليكى .. يا ترى مقابلتك مع بابا كانت عاملة ازاى .. احكى لى كل حاجة بالتفصيل ..
بسمة وهى تقاوم غصة بقلبها : تمام .. كله تمام يا حبيبى ..
شريف : يا حبيبتى بقولك احكى لى بالتفصيل ..
بسمة : كان كلام عادى ياشريف ..
شريف : مالك يا بسمة .. أنا حاسس ان فيه حاجة مزعلاكى .. هو بابا ضايقك فى حاجة ؟
بسمة : أبدا يا شريف .. كل الحكاية انى مرهقة شوية .. اليوم كان طويل .. والمفاجآت فيه كانت كتيرة ..
شريف : سلامتك يا قلبى .. لو تحبى ننهى المكالمة واسيبك تريحى شوية ..
بسمة : أكيد حننهى المكالمة ياشريف .. أنا فعلا محتاجة اريح بشدة .. بس الأول طمنى عليك ..
شريف : أن بخير يا حبيبتى .. ومفيش حد أسعد منى فى الدنيا ..
بسمة : يارب يا حبيبى دايما تكون بخير وسعادة .. سكتت قليلا ثم قالت : شريف.. امتى حتخرج من المستشفى ..
شريف : يومين .. هما يومين تحت الملاحظة وبعدين اخرجلك يا حبيبتى .. وأول حاجة حنعملها هو زيارتكم .. ياللا يا بسمتى .. شدى حيلك واستعدى .. قريب أوى حيجمعنا بيت واحد ان شاء الله .. أنا عايز اننا نتجوز فى اسرع وقت .. ايه رأيك نعملها أول مانخلض الترم ده ..
انسابت دموع بسمة من جديد .. وهى تقول له : شريف حبيبى .. أنا حاسة انك منفعل أوى .. وده مش كويس على حالتك .. ممكن أطلب منك طلب ..
شريف : أنا بخير يا حبيبتى .. متقلقيش .. واطلبى اللى انتى عايزاه .. لو عيونى اللى عرفت قيمتها بعد ما فقدت بصىرى مش حتردد لحظة واحدة انى اديهالك ..
بسمة : تسلم لى عيونك يا حبيبى .. أنا كل اللى طالباه اننا نأجل الكلام فى موضوع الارتباط والزيارة لغاية ما نطمن عليك ..
شريف وقد صدمه طلبها ولم يتوقعه منها مطلقا : انتى بتقولى ايه يا بسمة .. نأجل .. طيب ازاى .. احنا ما صدقنا ان الأمور كلها اتحسنت واصبحت فى صالحنا .. تيجى دلوقتى وتقوليلى نأجل ..
بسمة وهى تتمزق من كونها بدأت تمثيليتها دون مقدمات : حبيبى .. هما اسبوع أو اسبوعين بالكتير مش اكتر .. وبعدين احنا مع بعض .. حنتقابل ونشوف بعض كل يوم ..
شريف بضيق : بالرغم انى مش مقتنع أبدا بموضوع التأجيل ده .. بس اللى يريحك يا حبيبتى .. بس هو أسبوع واحد مفيش غيره ..
بسمة : ان شاء الله يا حبيبى .. عايزاك دلوقتى انت كمان تريح ومتفكرش فى اى حاجة .. وأنا كمان حدخل السرير وأنام .. حاسة انى محتاجة أنام بشدة بعد ما اطمنت عليك ..
شريف : طيب يا عمرى .. أنا حاسس بيكى .. اسيبك تريحى .. بس على شرط متفكريش غير فيه ..
بسمة : انت عمرك ما بتغيب عن فكرى لحظة علشان افكر فيك ..
شريف : يا حبيبتى يابسمتى .. ربنا يجمعنا مع بعض فى اقرب وقت علشان متغبيش عن عينى زى ما انتى مابتغبيش عن فكرى لحظة واحدة ..
بسمة : تصبح على خير يا حبيبى ..
شريف : تصبحى على خير وسعادة وهنا العمر كله يا عمرى ..

خطت بسمة خطواتها الأولى فى الابتعاد عن شريف .. خطتها وهى تعلم انها سوف تتعذب لفراقه .. تتساءل هل كرامتها التى اهينت على يد والده تساوى الابتعاد عن حبها .. باتت لا تعلم .. يمكنها أن تصارح شريف بحقيقة الأمر .. وينتهى كل شيء .. هى تعلم انه سوف يحارب من اجلها .. ولكنها تخاف عليه .. فأى حرب سوف يخوضها ضد والده .. انه لا يقوى على مواجهته .. انه لا يقوى على الدفاع عن حبه لها .. فكيف له أن يخوض حربا أو حتى معركة صغيرة فى سبيل أن تكون له .. لقد هزم شريف من اول مواجهة .. بل لقد هرب فى فقدان البصر من مواجهة ابيه والدفاع عن حبه .. ان هذه الحرب ليست حربها .. بل هى حربه هو .. فمن ناحيتها هى موافقة على الارتباط به وأيضا اسرتها لن يكون لديهم مانع .. بل على العكس سوف يكونوا أسعد الناس بهذا الارتباط .. فلم عليها ان تدخل حربا ليست حربها .. فشريف هو من يجب ان يفعل ومعه والدته التى صارحتها بكل شيء .. الآن الكرة فى ملعبهم وعليهم حسم الأمر ..
الآن استطاعت أن تجيب على السؤال .. فكرامتها وكرامة أهلها التى أهدرت على يد والده أغلى من حبها له .. وان لم يدافع شريف عنها وعن كرامتها فهو غير جدير بها ..
عقدت بسمة العزم على المضى قدما فيما بدأته اليوم .. فهى على يقين أن والدته لن تخبره بشيء مما علمت به خوفا عليه من انتكاسة ..

على الجانب آخر .. كان خميس قلقا على ابنته .. فبالرغم من انها حاولت جاهدة ان لا تظهر لهم ما تمر به .. الا انه يشعر بها انها تعانى من شيء ما .. ومنذ فترة ..
طرق باب حجرتها وكانت فى تلك اللحظة تبكى وهى جالسة فوق سريرها تضم رجليها الى صدرها وراسها فوق ركبتيها وبين ذراعيها .. انتبهت فحاولت مسح عينيها بيديها ثم اذنت لوالدها بالدخول .. كانت فى حالة ضعف كبيرة مما مرت به فى الفترة الأخيرة ومن الضعوط النفسية التى يمارسها عليها والد شريف .. خصوصا ما مرت به معه اليوم ..
هال منظرها والدها .. الذى اقترب منها وهو يقول : بسمة .. مالك يا حبيبتى .. انتى بتبكى .. ؟
بسمة وهى تحاول أن تهرب من نظرات والدها اليه .. لا تريد ان تنظر فى عينيه حتى لا يقرأ بها الألم الذى تعيشه فيضغط عليه أكثر : لا يا بابا .. أنا كويسة .. بس الظاهر داخل على دور برد .. علشان كده عينى بتدمع كتير ..
خميس فى أسى : المسألة مش مسألة برد أبدا .. انا حاسس بيكى .. انتى بقالك فترة فيكى حاجة متغيرة .. فيه حاجة مزعلاكى .. وأنا متعودش منك انك تكونى بعيدة عنى بالشكل ده يا حبيبتى وتخبى على ابوكى حبيبك أى حاجة مضايقاكى .. ولا أنا خلاص مبقتش بابا حبيبك ..
بسمة وقد وصلت الى ذروة ضعفها .. فألقت برأسها على كتف والدها الذى احتضنها يربت على ظهرها وهى تبكى بحرقة وتقول : متقولش كده يابابا .. انت بابا حبيبى وحتفضل أكبر حب فى حياتى طول عمرى .. ثم انهارت فى البكاء ووالدها يضمها اليه كلما زاد بكائها .. ثم قال : أهدى .. اهدى يا حبيبتى .. واحكى لبابا على اللى مضايقك .. ثم اردف بصوته الحنون وهو يبتسم ابتسامة بسيطة محاولا ان يطمئنها : مش احنا متفقين ان القفة أم ودنين يشيلوها اتنين ..
بسمة وهى لا تزال متشبثة بوالدها كأنها تحتمى به : أنا تعبانة .. تعبانة أوى يا بابا .. حاسة بهم تقيل فوق صدرى .. ومش عارفة اللى انا بعمله ده صح ولا غلط ..
خميس وهو يبعدها عنه برقة وينظر فى عينيها ويقول بحنانه المعهود : لو حابة تتكلمى يا حبيبتى اتكلمى .. أنا دلوقتى صاحبك مش أبوكى .. ولو حاسة انك مش حابة تتكلمى بلاش .. أنا حقدر اللى انتى بتمرى بيه .. بس يا حبيبتى حفضل قلقان عليكى .. أنا صحيح راجل بسيط ومش متعلم زيك .. بس يمكن لو حكيتى لى يكون عندى الحل .. وحتى لو مقدرتش اجيب لك الحل اللى يساعدك أو يريحك .. حترتاحى لانك فضفضتى لحد بتحبيه وواثقة فيه .. وبعدين احنا مش متفقين من أيام ماكنتى فى اعدادى انك متخبيش على بابا أى حاجة .. حتى لو حبيتى أو عجبك شاب فى يوم من الأيام .. ولا انتى نسيتى اتفاقنا ده يا بسمتى الحلوة ..

هدأت بسمة قليلا بعد كلماته تلك .. وقررت أن تبوح لابيها بكل شيء لعلها ترتاح ولو قليلا .. فعلى الأقل سوف يرتاح ضميرها من السر الذى خبئته عن أهلها وكانت غير مبسوطة وهى قد أحبت شابا وتقابله ووالديها ليس لديهم فكرة عن ذلك .. كانت كثيرا ما تشعر انها تخون ثقتهم فيها ..
بدأت بسمة تتكلم بتلعثم وتردد فى البداية ثم سرعان ما اطمئن قلبها قليلا فبدأت تحكى كل شيء بينها وبين شريف الى والدها ثم ماحدث لشريف وحدث من والده .. لم تخبئ عن والدها شيء .. ثم أنهت كلامها وهى تقول له : أنا عارفة انى غلطت انى خبيت عنك علاقتى بشريف .. بس صدقنى يا بابا .. فى كل مرة كنت انوى احكى لك كان فيه شيء جوايا بيمنعنى .. يمكن كنت خايفة انك تطلب منى وعد انى انهى الموضوع ده ومتكلمش مع شريف .. وده كان حيبقى طلب منك صعب على تنفيذه .. لكن صدقنى .. والله شريف انسان محترم جدا وفعلا بيحبى من قلبه وعلاقتنا ببعض علاقة كلها احترام .. وتأكد انى مش ممكن أعمل اللى يغضب ربنا منى أو اخون ثقتك فى ..

كان خميس يستمع اليها غير مصدق ما تسمعه اذناه من ابنته التى تقص عليه قصة لم تكن تخطر له على بال أن تحدث من ابنته .. ولكنه لم يظهر لها غضبا كان يجول بصدره حين علم انها خبئت عنه حبا ومقابلات مع من احبت استمرت اكثر من عامين .. سكت طويلا مطرقا برأسه ينظر الى الأرض بعد أن انهت كلامها حتى انها ندمت انها قد حكت له .. ولكنه تكلم أخيرا فى هدوء : يمكن أنا زعلان منك انك خبيتى على موضوع زى ده من الأول .. بس زعلى مش علشان انك حبيتى أو قابلتى شاب .. زعلى يا بنتى .. انى كنت ممكن انصحك النصيحة اللى تخليكى من البداية متمريش بكل اللى مريتى بيه ده .. وأوفر عليكى مشوار نهايته اللى انتى فيه ده يا حبيبتى .. سكت قليلا كأنه يتأمل الماضى فى ابتسامة ملئها السخرية .. ثم اردف وهو يهز رأسه : ياه ياولاد .. اد ايه الدنيا دى صغيرة .. سكت قليلا مرة أخرى ثم قال .. أنا ببساطة يا بسمة ححكيلك حكاية يمكن ساعتها تحسى ان كرامتك وكرامة ابوكى منصانة يا بنتى .. ومفيش حد فى الدنيا يقدر يهين حد فينا .. عارفة ليه يا بسمة ؟ .. لاننا شرفا يا بنتى .. شرفا فى زمن الشرف فيه أصبح سلعة غالية .. وناس كتير فى الزمن ده مبيقدروش على تمنه .. اسمعى يا بسمة .. مجدى ده أبو شريف أنا أعرفه ويعرفنى كويس أوى ..

نظرت اليه بسمة متسعة العينين تتعجب من جملة ابيها الأخيرة .. الذى اكمل : أيوة أعرفة من ساعة ما كنا شباب فى قرية واحدة فى نفس البلد .. وأعرف قصته أكتر من أى حد .. ثم أخذ خميس يقص عليها الظروف التى نشأ فيها مجدى وما تكبدته عائلته فى سبيل تعليمه ثم نكران الجميل الذى قابل به مجدى معروف عائلته معه .. وأخبرها أنه هو من دل اخيه الأكبر عن مكانه .. فهو قد عمل فترة بالمشفى التى كان يعمل بها خميس موظفا بالأرشيف .. وهى نفس المشفى التى كان يعمل بها والد زوجة مجدى .. والذى علم كل شيء عن مجدى من خميس .. فالذى حدث أن مجدى قد تشاجر مع خميس بسبب ارشاده لأخيه عن مكانه وقد سمع والد زوجته بأمر الخناقة بينهما فدعا خميس الى مكتبه وكان مجدى فى هذه الفترة بدأ يحوم حول خلود .. فحكى له خميس عن سبب الخناقة وعن كل شيء يعرفه عن مجدى ..

انهى خميس الحكاية ثم قال لبسمة : مجدى يا بنتى انسان وصولى مبيحبش الا نفسه وبس .. وأشك حتى انه بيحب ابنه .. وصدقينى هو لو دلوقتى رافض ارتباطك بابنه علشان الفرق اللى بينه وبينا .. فبكرة لما يعرف انتى بنت مين مش ممكن حيوافق ابدا على انه يرتبط بواحد عارف اصله كويس .. بس اللى عايز اقولهولك .. انك ترفعى راسك وتفخرى بنفسك وأبوكى وعيلتك .. لاننا اغنى بكتير من مجدى وامثاله .. احنا يابنتى عمرنا ما اتنكرنا على اللى منا .. ولا بعنا اهلنا علشان منصب ولا غيره .. أنا عايزك ترفضى ابنه وانتى الكسبانة .. حتى لو حبتيه بجد .. لكن لو حبك له أكبر من قدرتك على رفضه فصارحيه بالحقيقة .. وخليه هو اللى يختار .. بلاش حكاية انك تكرهيه فيكى .. مش لازم انك تبقى انتى الضحية أول وتانى .. وهو لو كان يستحقك حيدافع عنك وعن حبك وحيقف ادام الدنيا كلها علشانك .. اما لو كان ضعيف او كان حبه ده مجرد نزوة فصدقينى حيسقط فى اول اختبار حقيقى فى الدفاع عن عنك .. أما عن حكاية تهديد مجدى ليكى .. فدايما يا بنتى افتكرى انه لو الدنيا اجتمعت على انها تضرك أو تنفعك بشئ .. فمش حيضروكى أو ينفعوكى الا بشيء كتبه الله ليكى .. علشان كده متخليش تهديده ليكى يخوفك ..
استمعت بسمة الى والدها وهى منبهرة به وفخور بان لها أب مثله .. شعرت فى تلك الدقائق القليلة التى تكلم فيها عن مجدى ثم نصحها تلك النصيحة العاقلة انه اشرف واغنى من مجدى .. هذا الطبيب المتعجرف .. الف مرة .. وأن لديه الخبرة فى الحياة وعقل راجح لمعالجة الأمور .. بل هو أيضا رجل عصرى يعرف جيدا كيف يعالج أمور ومشاكل الحب .. ومتفهم لمشاعرها ومقدر انها كائن يمكنه ان يحب .. بل من حقها ان تحب وتشعر بمشاعر الحب الجميلة .. طالما كانت فى اطار الطهر والعفاف .. وقبل كل هذا شعرت ان لها سند ظهر يمكنها ان تستند عليه وقت الشدة .. فابيها بالرغم من طيبته ليس بالرجل الضعيف .. بل هو قوى بحكمته ويستطيع ان يحميها من الغير .. حتى من نفسها ..
لم تجد بسمة ردا على ماقاله لها ابيها سوى ان ارتمت على صدره واحتضنته وهى تقول : ربنا يخليك لى يا حبيبى وميحرمنيش منك ابدا .. انت فعلا احسن اب فى الدنيا .. صدقنى أنا بندم انى محكتش لك من الأول .. انت فعلا ريحتنى راحة ما بعدها راحة .. حبيبى يا بابا .. قالتها واستكنت برأسها فى صدره كالعصفور الذى يختبئ فى حضن امه من برد الشتاء ..

اتفقت بسمة مع والدها على أن تقف بجانب شريف حتى يشفى مما اصابه ولا ينتكس من جراء علمه بما حدث من والده تجاهها .. لم يكن الغرض من ذلك غرضا انسانيا وحسب .. بل كان يريد لابنته ان تخرج هى الأخرى من هذا الموضوع بدون خسائر .. فقد فكر انه اذا ما انتكست حالة شريف فسوف تظل بسمة بجواره وهذا ليس من مصلحتها فى ظل وجود والده واصراره على ان يفرق بينهما ممارسا عليها ضغوطا لا تتحملها وتهديدا لمستقبلها .. كما انه اراد لها ان تخوض التجربة الى النهاية حتى يعطى شريف فرصة ليدافع عن حبه أو تتركه هى بعد أن تكتشف انه غير جدير بها ..

كان خميس فى حالة من الحزن والتعاسة بسبب عدم قدرته على حماية ابنته او مواجهة مجدى ابن بلدته القديم .. فهو يعلم انه اذا فعل فهو فى معركة هو وابنته الخاسرون فيها .. لذا كان يتألم من داخله .. ولكنه لم يظهر لها ما به ..

عاد مجدى ليلا متأخرا الى فيلته على أمل أن تكون خلود قد نامت او هدأت قليلا حتى يستطيع مواجهتها دون أن يدخل معها فى شجار يزيدها اصرارا على ان تنفصل عنه .. ولكنه عندما دخل وجدها فى انتظاره .. والغضب باديا على وجهها .. ألقى عليها التحية ببروده وابتسامته البغيضة : مساء الخير يا حبيبتى .. انتى لسه صاحية .. الساعة عدت واحدة ..
لم تجيبه خلود على سؤاله ولكنها دخلت فى الموضوع مباشرة : اسمع يا مجدى .. المرة دى أنا جبت آخرى .. ومفيش قدامك غير حل من اتنين .. يا إما توافق على على جواز شريف من بسمة وتنهى المهزلة اللى انت عاملها فى ابنك وفى البنت المسكينة دى .. يا إما تطلقنى وكل واحد فينا يروح لحاله .. أنا خلاص معدتش مستحملة العيشة معاك بسبب تصرفاتك اللى استحملتها سنين طويلة .. أما لو موفقتش على اى حل من الحلين دول فالحل الثالث حيكون من عندى .. وانت عارفه كويس يا مجدى ..

كان مجدى يستمع اليها فى بروده المعتاد .. لا يهتم ولا يفكر بتهيدها له .. فقد تعود على تهديدها له من قبل فى أمور شتى فى حياتهم .. وهاهى للآن تقف أمامه ولا تزال زوجته .. ولن يسمح لها سوى ان تكون كذلك .. كان فى تلك اللحظات يفكر فى خطته التى رسمها وفى نهايتها سوف يبتعد شريف عن بسمة .. بل وسوف يكرهها ..
نظر اليها مجدى ثم قال لها .. أنا محتاج وقت أفكر يا خلود .. محتاج كام يوم أفكر فى الحلول اللى قولتيها .. وحبلغك بقرارى .. بس مش عايز أفكرك .. شريف لو خد خبر باللى بيحصل ده مش حيكون كويس بالنسبة له .. أى انتكاسة نظره حيروح وصعب انه يعود له تانى لو انتكس .. أنا دكتور وعارف بقول ايه .. فياريت تتصرفى بشكل طبيعى انتى واللى اسمها بسمة .. وحذارى انه يشعر بشيء ..

وصلت خلود الى حائط مسدود كعادتها معه .. الا انه ربما يكون هناك بصيص أمل تتمسك به وترجو من الله ان يتغير ويوافق على زواج شريف من بسمة .. لذا قالت له فى إباء وتحذير : هو اسبوع .. مش اكتر يامجدى .. بس خللى بالك .. لو مردتش على كعادتك .. أنا مش حفتح معاك الموضوع تانى .. وحتصرف زى ما قلك لك .. فمتنساش انى حذرتك .. ثم تركته وتوجهت الى السلم الداخلى للفيلا وهى تقول له .. على فكرة .. من النهاردة أنا حنام فى اوضة تانية ..
لم يرد عليها مجدى ولكنه جلس على احد المقاعد يفكر قليلا فى خطواته التالية .. هو بأى حال من الأحوال لن يسمح بهذا الارتباط الذى يفكره بالفقر والفقراء .. وكم هو يبغض كلاهما .. ولكنه كان مجهدا من عناء اليوم الطويل بين العمل فى الجامعة والمشفى ثم العيادة .. لذا آثر أن يخلد للنوم كى يستريح ليبدأ جولته مع بسمة فى صباح الغد ..
------------------------------------------------------------------------


Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-09-20, 04:09 PM   #102

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي البدايات الجديدة - الفصل الواحد والأربعون

البدايات الجديدة
الفصل الواحد والأربعون


عاد خالد وأمينة من باريس .. كانا فى اشتياق شديد للجميع .. فقد مدا رحلتهما اسبوع آخر بعد ان كانا قد خططا من قبل لأسبوعين فقط .. ففى نهاية الأسبوع الثانى وقبل ان يغادرا للعودة بيومين فاجأ خالد أمينة برغبته فى أن يمد الرحلة لأسبوعين آخرين .. كانت أمينة فى منتهى السعادة وهى تسمع رغبته تلك .. ليس لأن لديها رغبة فى أن تبقى فى فرنسا وتتمتع مع خالد بشهر عسل حقيقى .. ولكن فقط وجود تلك الرغبة لديه .. انما هو بالنسبة اليها اعتراف منه بأنه يرغب فى الحياة معها وأنه سعيد بوجوده معها وأنها هى فقط وحدها تملأ عليه دنياه .. لقد نجح خالد بالنسبة لأمينة فى ان يمحو أى آثار لوجود سلمى فى حياته أو فى مخيلة أو فى تفكير أمينة .. ولكنها فى النهاية اتفقت معه على اسبوع اضافى واحد لأنها اشتاقت كثيرا لأولادها .. فلو فالأمر بيدها لأكتفت بأيام معدودة بعيدا عن أولادها .. ولكنها فى نفس الوقت لا تريد حرمان خالد من السعادة التى تراها فى عينه وتصرفاته وهم سويا فى تلك الرحلة .. فى النهاية تريد أن تعود الى اولادها ومملكتها .. فمهما كانت سعادة الأم بأمور السفر ومتعة شهر العسل .. فهى تظل أم .. لا تكتمل سعادتها الا بوجودها فى وسط أولادها .. مهما كانوا كبارا .. ويستطيعون الاعتناء بأنفسهم .. هكذا هى الأم .. كانت وستظل تتصرف وترغب مثل أمينة .. وهكذا هى الزوجة .. المحبة لزوجها .. تريد أن تتفانى فى اسعاده .. وهكذا هى أمينة .. تعشق بيتها ومملكتها التى عاشت فيها مع خالد وابنائها سنوات طويلة فى ود ورحمة وسكينة ..

انتهى يوم العودة بكل تفاصيله من ترحاب بعد اشتياق .. وعناق ودموع فرح بعودة خالد وامينة .. فتلك هى المرة الأولى التى يبتعدا فيها عن أولادهما الثلاثة وعن رنيم ..
ظلت أمينة تحكى لغادة ورنيم عن الرحلة حتى غلبها النوم وهى تجلس معهما بحجرة غادة التى كانت كعادتها تثرثر كثيرا بعد ان حكت لهما امينة عن جمال الرحلة والأماكن التى زاروها هى وخالد .. وكم هى سعيدة بتلك الرحلة .. فى حين جلس خالد مع ولديه يتحدثان أيضا عن الرحلة .. ثم عاد أشرف ورنيم الى بيتهما ليجلس خالد وأمير يتحدثان فى أحوال الشركة فى الفترة التى غاب فيها خالد عن الشركة .. وتحمل أمير ادارتها بمعاونة بعض المديرين ذوى الخبرة والثقة لدى والده ..

استيقظت أمينة فى الصباح التالى فى العاشرة صباحا فلم تجد خالد بجوارها .. فقد خرج الى الشركة قبل ان تستيقظ بساعة ولم يشأ ان يوقظها .. فقد نامت أكثر من عادتها من تأثير تعب السفر .. خرجت من حجرتها تتفقد البيت فوجدت أم سعيد قابعة بالمطبخ وقد بدأت فى تجهيز الفطار .. فرحبت بها .. فى حين كانت غادة لا تزال نائمة فى سريرها ..
أم سعيد : حمد الله على سلامتك يا ست أمينة .. يارب تكونى انبسطى فى سفريتك ..
أمينة : الله يسلمك يا أم سعيد .. الحمد لله انبستط أوى .. بس كان نفسى الولاد يكونوا معانا ..
أم سعيد : ربنا ما يحرمك منهم ولا يحرمهم منك ..
أمينة : تسلمى يا أم سعيد .. انت عاملة ايه وازى سعيد واخواته ..
أم سعيد : بخير ... كلنا بخير والحمد لله .. سعيد نجح واتخرج من الكلية والحمد لله ..
أمينة بسعادة : بجد .. ألف مبروك .. عقبال ما تفرحى بيه وهو عريس ..
أم سعيد : الله يبارك فيكى يا ستى .. بس موضوع عريس دى لسة بدرى اوى عليها .. ربنا يسهل ويلاقى الشغل فى الأول ..
أمينة : متحمليش هم الموضوع ده .. أنا كلمت خالد من فترة وهو عارف ان سعيد حيتخرج السنة دى .. وحاجز له مكانه عنده فى الشركة..
أم سعيد فى سعادة بالغة : إللهى يسترك يا ست أمينة .. وفرتى علينا كتير .. والله مش عارفة اودى جمايلك وجمايل الباشمهندس فين ..
أمينة : ولا جمايل ولا حاجة يا أم سعيد .. انتى واحدة مننا .. وسعيد ده زى أمير وغادة .. أنا حفكر خالد النهاردة وحخليه يحدد لسعيد ميعاد يروح له الشركة ..
أم سعيد : ربنا ما يحرمنى منكم ابدا يا ستى .. أن ححضرلك الفطار حالا .. تحبى تفطرى على السفرة ولا فين ؟
أمينة : على السفرة يا أم سعيد .. وأنا على ما تجهزى الفطار حكون صحيت غادة علشان تفطر معايا .. اصلى ملحقتش اشبع منها امبارح ولا من رغيها .. النوم غلبنى وهى بتتكلم مع رنيم .. ونمت فى اوضتها .. ولما قمت فى الليل أروح الحمام كانت هى فى سابع نومة جنبى .. سبتها وروحت اوضتى علشان تاخد راحتها فى سريرها ..
أم سعيد : ربنا ما يحرمكم من بعض ..

استطاعت أمينة ان توقظ غادة التى كانت تجبر نفسها على النوم اجبارا لعلها تستكمل الحلم الجميل الذى تعيشه مع سعيد فى منامها .. صاحبتها الى السفرة وهى تدللها حتى تستفيق من نومها ليتناولون الافطار سويا .. وكعادة غادة بعد ان استفاقت .. بدأت فى الثرثرة مع أمينة .. تسألها عن كل صغيرة وكبيرة فى رحلتهم ..

ساد الصمت بينهما قليلا حتى تكلمت امينة : انتى طمنينى عليكى يا حبيبتى .. يا ترى ابتديتى تستعدى للثانوية العامة .. احنا ان شاء الله مستنيين منك مجموع عالى يا غادة .. يعنى لازم تخدى الموضوع جد من دلوقتى .. وتسيبك من أى حاجة تشغلك عن دراستك ومستقبلك ..
غادة : اطمنى يا أمونة .. أنا نوياها باذن الله السنة دى .. وان شاء الله اجيب المجموع اللى يفرحكم ..
أمينة : يا ترى لسة حابة تدخلى الهندسة ..؟
ردت غادة بابتسامة عريضة وهى تتذكر سعيد الذى سوف يعمل بشركة ابيها قريبا : أكتر من الأول .. ان شاء الله ادخلها واشتغل مع بابا وأمير ..
أمينة : بس يا بننى بيقولوا دراستها صعبة .. وكمان مش مناسبة للبنات .. مش تشوفى حاجة سهلة كده تخلصيها بدرى ومتتعبكيش ..
غادة بابتسامتها الجميلة التى تغلق فيها عينيها وتصبح ضيقة ومملوؤة بالشقاوة فى نفس الوقت : مش ملاحظة يا ماما ان مفيش فى اخواتى حد فرح بابا ودخل نفس كليته .. أنا بقى ناوية افرحه وأبقى مهندسة زيه ..
أمينة : يا حبيبتى سعادة بابا لما يشوفكم كلكم سعدا ناجحين .. مش مهم عنده التخصصات ..
غادة : عموما يا مامى .. أنا حابة الهندسة وكمان مش حتجوز غير مهندس ..
أمينة: يا سلام .. افرضى بقى ان اللى اتقدملك وحسيتى انه عاجبك مش مهندس .. حتعملى ايه ساعتها .. حتخليه يروح يدرس هندسة من جديد ..؟!!
غادة بابتسامة : لا ماتخافيش .. أنا ظابطة .. اقصد .. حظبت قلبى على مهندس ..

انتاب امينة فزع قليل لم تلاحظه غادة من جملتها الأخيرة .. كانت تخشى ان تكون غادة تعيش علاقة جديدة .. ولكنها لم تعلق .. وقالت : ماشى يا ستى .. ظبطى قلبك زى ما انتى عايزة .. بس أعملى حسابك ان ده مش حيحصل الا لما تكونى قربتى تخلصى جامعة .. وكمان لازم كلنا نكون موافقين عليه .. يعنى من الآخر يكون مناسب ليكى ولينا احنا كمان ..
غادة : بالرغم من ان الموضوع سابق لأوانه ولسه بدرى عليه أوى زى ما بتقولى .. بس تقصدى بايه انه يكون مناسب ليكم .. هو مين اللى حيتجوز .. أنا ولا انتم ..؟

بدأ القلق يساور أمينة من تعليق غادة .. ولكنها لم تريد ان تدخل معها فى مناقشة من هذا النوع .. أو بالأحرى خافت أمينة من شيء يحاكى صدرها ويجعلها غير مطمئنة لغادة .. فقالت لها : بقولك ايه .. أنا شايفة انه مش وقته الكلام فى المواضيع دى .. خلينا فى الثانوية العامة وبس .. ولا ايه .. وياللا جهزى نفسك .. أنا عايزة أخرج اشترى هدية مولود علشان نزور جميلة .. عرفت من أمير واحنا فى فرنسا انها ولدت .. ومن الذوق اننا نبارك لها .. هى ما بتخليش مناسبة الا وبتكون جنبا ..
غادة : الله يا مامى .. يعنى أنا حشوف واشيل بيبى مولود .. ده انا بموت فيهم .. خصوصا فى ريحتهم فى السن ده ..
أمينة بتمنى وهى تمسح على شعرها : عقبال ما نفرح بيكى انتى وأمير يا حبيبتى .. وعقبال ما ربنا يقومك لنا بالسلامة يا رنيم .. ثم ضحكت وى تقول : وتجيبى لنا عبد العال .. على رأى اشرف ..
غادة : يا مامى متقوليش عليه كده .. حنسميه اسم تانى ان شاء الله .. وبعدين انا نفسى فى بنت .. هى بنت باذن الله ..
أمينة : بنت ولا ولد .. المهم يكون من السعدا دنيا وآخرة باذن الله ..

انتهى الافطار ودخلت غادة الى حجرتها .. نظرت الى البحر من نافذة حجرتها .. كان نسيم عليل آتيا من النافذة مما اثار شجونها فاغمضت عينيها وهى تأخذ نفسا عميقا محملا برائحة البحر الذكية فرات سعيد بين جفون عينيها يبتسم اليها .. فتحت عينيها بسرعة لتتخلص من الصورة ولكن لم يحدث .. لا زالت ترى خياله امامها .. تساءلت .. ياربى .. كيف اتخلص مما أنا فيه .. أنا لا اريد علاقات الآن .. اريد ان اتفرغ لدراستى ومستقبلى كما وعدت والدى ..!!!! .. يارب ساعدنى ..
مرت لحظات فامسكت بالموبايل تتصفح الفيس بوك فى ملل .. وتقاوم نفسها ان تقبل طلب صداقة سعيد الذى ارسله لها منذ يومين .. تقاوم نفسها من ان تدخل مرة أخرى على صفحته الشخصية تشاهد صوره وتعليقاته مرة اخرى ..

كادت ان تضعف مثل اليومين السابقين .. فهمت ان تدخل على صفحته متجاهلة قبول الصداقة .. فدخلت عليها امينة فى تلك الحظة وهى تقول : ايه يا حبيبتى .. حابة تيجى معايا نجيب هدية مولود جميلة ؟

لم تجد غادة فرصة افضل من تلك حتى تبتعد عن ضعفها .. فقالت لها : أيوة طبعا .. علشان انقى الهدية بنفسى .. بس كان نفسى تكون بنوته علشان كنت حعرف اجيب لها حاجات البناتيت الحلوة .. ياللا .. عموما ان شاء الله رنيم هى اللى تجيب لنا البنوتة .. وساعتها مقولكيش .. حجيب لها حاجت كتير أوى ..
أمينة مبتسمة : طيب .. ياللا يا حبيبتى .. علشان منتأخرش .. عايزة ارجع بدرى اعمل لبابا وأمير الغدا بنفسى النهاردة .. وربنا يقوم رنيم بالسلامة وتجيب مولودها بصحة ونتمتع بيه كلنا ..

عادت أمينة وغادة بعد حوالى الساعتين .. وبعد أن استراحت امينة طلبت جميلة وباركت لها وأخبرتها بأنها تريد زيارتها .. وحددت معها الغد لتلك الزيارة .. ثم انهت الغداء وجلست تنتظر وصول خالد وأمير من العمل ..

انهت الاسرة الغداء .. ودخل خالد الى حجرته يستريح قليلا كعادته وطلب من أمينة ان تصاحبه ليتكلم معها فى موضوع ما .. فى حين دخل كل من غادة وأمير كل منهم الى حجرته ..

فى البداية أخبرت أمينة خالد بزيارتها الى جميلة .. فقال لها خالد : طيب كويس .. أهو بالمرة تشوفى سارة بنت اختها .. وتقوليلى رأيك فيها ايه ..
أمينة بتعجب : مش فاهمة .. تقصد ايه .. هى مش سارة دى اللى بتشتغل معاك مكان جميلة ..
خالد : ايوة يا حبيبتى .. هى بعينها ..
أمينة : طيب وليه عايز رأىيى فيها .. ما انت بتشوفها.. وبتتعامل معاها كل يوم .. هو ايه الموضوع بالظبط ؟!! ثم قالت مازحة : تكونش عاوزنى اخطبهالك ؟
ضحك خالد من كلامها وقال : فعلا .. احنا عاوزين نخطبها .. بس بالطبع مش علشانى ... علشان أمير ياستى ..
أمينة بتعجب اكثر : أمير !!!! .. مش شايف انه لسه بدرى على موضوع زى ده بالنسبة له .. ده يدوب لسة مكملش خمسة وعسرين سنة .. وبعدين اشمعنى سارة بالذات ؟
خالد : أهو اشمعنى سارة دى .. تسألى ابنك عنها .. أما حكاية انه لسة صغير .. فده مش حقيقى .. أقصد مش لازم يوصل للتلاتين علشان يفكر فى الجواز .. كل ما الواحد يتجوز فى سن صغير .. كل ما يكون افضل له ولولاده .. وبعدين .. هو انتى مش عايزة تفرحى بيه ولا ايه .. ده انا افتكرتك حتكونى مبسوطة بموضوع زى ده ..
أمينة وهى واجمة قليلا : مين قال انى مش عايزة افرح بيه .. طبعا نفسى يتجوز ويتهنى ونشيل لاده باذن الله .. بس مكونتش متصوره ان الموضوع ييجى بالسرعة دى .. وبعدين هو اللى فاتحك فى الموضوع ولا انت اللى رشحتها له .. ؟
خالد : أنا ياستى لا رشحتها له ولا أعرف أى حاجة عن اللى بينهم .. ابنك هو اللى طلب منى انى اخطبها له .. هو اتعرف عليها فى الفترة اللى فاتت .. وبيقولى انه مستريح لها .. بصى من الآخر كده واضح انهم بيحبوا بعض ومتفقين على الارتباط .. أنا كل اللى عايزه رأيك فيها قبل ما نفاتح جمية فى الموضوع ..
أمينة : مش عارفة يا خالد .. حاسة انه بيتسرع .. دول يادوب معرفوش بعض غير من شهور قليلة .. ولا انت شايف ايه .. ؟
خالد : شوفى يا أمينة .. مواضيع الجواز مش محتاجة سنين علشان ناخد فيها قرار .. وبعدين ما تحسبيها بالعقل .. هو امير ناقصه ايه على الجواز .. الحمد لله .. اتخرج وخلص فترة جيشه واشتغل ودخله كويس .. يقدر يقتح بيت .. كل اللى ناقصة اننا نساعده زى ما ساعدنا أخوه .. وبعدين من ناحية تانية .. عيلة جميلة عيلة معروفة باصلها الطيب .. صحيح همه مستواهم المادى عادى .. بس اصولهم كويسة .. وسارة اشتغلت معايا من فترة وبصراحة البنت كويسة وشاطرة ومثقفة .. والكل فى الشغل بيحبها وبيتعامل معاها باحترام .. يعنى مش حنلاقى واحدة فيها كل المواصفات دى .. وبعدين ياستى متتعبيش نفسك .. فيه فترة خطوبة حيتعرفوا فيها على بعض اكتر ..
أمينة : أيوة يا خالد .. بس موضوع فترة الخطوبة دى بنعتمد عليه لما يكون مفيش علاقة قبل كده بين العيلتين .. لكن فى حالة جميلة .. احنا علاقتنا بيهم قوية .. يعنى لو لا قدر الله الولاد متفقوش حتكون دى نهاية علاقتنا بيهم .. وأنا بصراحة بعز جميلة أوى ومش حابة انى اخسرها ..
خالد : بس دى رغية ابنك .. خليها على الله .. ان شاء الله يتفقوا ومتحصلش مشاكل تسبب بعد العيلتين عن بعض .. يالا بقى سيبينى انام شوية.. حاسس انى مخدتش راحتى فى النوم بعد مارجعنا من فرنسا ..
أمينة : طيب يا حبيبى .. انا حقفل ستاير الأوضة واسيبك تريح شوية ..
خرجت أمينة شاردة الى صالة البيت تفكر فى موضوع امير ورغبته فى الجواز من سارة بعد ان تذكرت امينة انها تقابلت معها مرة او مرتين فى الشركة علاوة عن لقاءها بها فى حفل زواج أشرف ورنيم ..

فى اليوم التالى وبعد المغرب ذهبت امينة وغادة الى بيت جميلة التى رحبت بهما ايما ترحاب فى وجود سارة التى كان قلبها يدق بسرعة واضطراب من زيارة حماتها المستقبلية .. فقد أخبرها أمير أنه فاتح ابيه برغبته فى االزواج منها .. وبالطبع قد أخبر خالد أمينة بهذ الأمر .. بمعنى ان زيارة أمينة ليست لمباركتها مولود جميلة فقط .. ولكن لتستطيع أمينة معاينتها عن قرب .. نعم .. لقد التقت بها من قبل .. لكن الأمر الآن مختلف .. فربما كانت أمينة من النوع الذى يدقق على المظهر ولا يشغله الجوهر .. وسارة طوال عمرها ترى نفسها مجرد بنت عادية .. بل أقل من العادية .. فهكذا هو شعور اليتيم أو الفقير .. خصوصا الفتيات منهم .. فالكثير منهم يشعر أنه ليس بالكفؤ لمن يعلوه .. ولو قليلا .. لذا كانت سارة خائفة ان لا تعجب أمينة .. خصوصا وهى ترى غادة وقد ازدادت جمالا على جمالها .. منذ أن رأتها يوم زفاف رنيم وأشرف ..

كانت الزيارة ودية بين أمينة وغادة من جهة وبين جميلة وسارة من جهة أخرى .. لم تتكلم فيها سارة كثيرا ولكنها حاولت ان تكون على طبيعتها بقدر الامكان .. فى البداية كانت تجيب فقط على الأسئلة التى توجه اليها من أمينة .. ثم تحررت قليلا من قلقها واضطرابها .. فتكلمت على طبيعتها وأخذت تبدى رأيها فى شتى المواضيع التى دارت بين الجميع فأبهرت أمينة وغادة بشخصيتها ولباقتها مع القدر الكبير من الثقافة التى تتمتع به .. وفى النهاية أبهرتهم بخفة ظلها .. حتى ان أمينة لم تنتظر حتى تعود للبيت وتعطى رأيها فيها لخالد وأمير الذى لم تتحدث معه الى الآن فى رغبته من الزواج بسارة .. ولكنها اكتفت بما علمته من سارة نفسها .. لذا قالت فى هدوء فى لحظة ساد الصمت بين الجميع : اسمعى يا جميلة وانتى ياسارة .. احنا بصراحة كنا جايين نبارك لجميلة على انها قامت بالسلامة وجابت لنا أمير الصغير .. بس فى نفس الوقت كنت حابة انى اتعرف على سارة عن قرب علشان اقول رأيى فيها لأمير الكبير اللى معجب بيها زى ما أنا اعجبت بيها وبشخصيتها ونفسه تكون من نصيبه .. زى ما أنا نفسى بعد ما اتعرفت عليها وحبيتها تكون بنت تانية لي وأخت لغادة وأشرف ..

انفرجت اسارير جميلة بشدة عند سماعها ما تفوهت به أمينة للتو وتهلل وجهها فرحا به .. فى حين احمر وجه سارة بشدة من المفاجأة .. فلم تكن تتوقع أبدا أن تستمع لتلك الكلمات من أمينة هانم بهذه السرعة وتلك البساطة ..

لاحظت أمينة اضطراب الموقف من مفاجئتها لهم فقالت بابتسامة عريضة : يا ترى سارة رأيها ايه .. توافقى على أمير ابنى .. ؟

لم تستطع سارة ان ترد على سؤال أمينة للتو .. فما زالت متفاجئة .. لذا تداركت جميلة الأمر وردت بشياكة اولاد الأصول : وهو احنا حنلاقى احسن من نسبكم يا أمينة هانم انتى والباشمهندس ولا احسن من أمير .. طبعا يشرفنا طلب حضرتك ..
أمينة وهى تنظر الى سارة بابتسامة المتأكد من الاجابة : بس أنا عايزة اسمع رأى سارة ياجميلة .. هى صاحبة الموضوع .. ولا ايه يا سارة ؟
ردت سارة فى خفوت ووجهها يزداد احمرارا من الخجل : اللى حضرتك تشوفيه ياطنط ..
أمينة بابتسامة طيبة : يبقى على خيرة الله .. ان شاء الله لينا زيارة تانية الخميس اللى بعد الجاى .. بس حيكون خالد وامير وأشرف معانا علشان نطلب سارة رسمى ان شاء الله ..
وانتى ياسارة قدامك فرصة تفكرى يا حبيبتى .. أقصد يعنى لو انك وافقتى علشان خجلانة منى ولا حاجة .. أنا عايزاكى تكونى موافقة على أمير بكل ارادتك .. علشان ده جواز يا حبيبتى ..
ردت جميلة مرة أخرى بالنيابة عن سارة : اطمنى يا أمينة هانم سارة موافقة .. وربنا يتمم لهم على خير ..
أمينة بتنهيدة : يارب .. يارب يا جميلة يا حبيبتى ..
غادة : مبروك يا سارة .. أنا متأكدة اننا حنكون صحاب زى ما رنيم صحبتى ..
سارة وما زالت تمر بموجة الخجل : أكيد يا غادة .. حنكون صحاب واخوات كمان زى ما قالت طنط أمينة ..
أمينة بإبتسامة صافية : طالما بقيتوا اخوات يبقى مينففعش تنادينى بطنط .. أنا من هنا ورايح ماما أمينة .. ولا انتى مش عايزانى اكون ماما بالنسبة لك ..
سارة : يا خبر ياطنط .. أقصد يا ماما .. ده أنا اسعد الناس انك تكونى فى مقام ماما ..
أمينة بلمسة حزن على وجهها : الله يرحمها .. كانت ست ولا كل الستات .. اتعرفت عليها واتعاملت معاها هى وجميلة .. ولاد أصول حقيقى ..
جميلة : منتخيرش عنكم يا أمينة هانم .. والله يرحمها ..
الجميع فى صوت واحد : الله يرحمها ..

مرت باقى الزيارة فى سلام وتفاهم بين الجميع .. لكن كان هناك من هو شارد يفكر فى أمر قلبه ومن تعلق به .. انها غادة .. التى منذ لحظة ان تكلمت أمينة عن طلب زواج أمير من سارة .. وهى تستمع الى أصول العائلات ومكانتها فى المجتمع .. وكيف ان هذا شيء مهم فى ارتباط العائلات بعضها البعض .. ظلت خلال الزيارة تفكر فى أمر حبها لسعيد .. شعرت ان علاقتها بسعيد لن تكون سهلة بالمرة .. ولن يباركها أحد أبدا .. فها هو أشرف يتزوج من فتاه وان كانت اسرتها أقل من اسرته ماديا .. الا انها تعتبر من الطبقة المتوسطة أو ممن يطلقون عليها رمانة ميزان المجتمع .. والديها ليس عليهم غبار .. ولا يشعرون بالدونية مثلما تشعر أم سعيد خادمتهم وبالتأكيد يشعر سعيد هو الآخر بذلك .. وها هى سارة التى تعمل سكرتيرة تنفيذية لدى والدها .. هى أيضا كفؤ لأمير بأصولها الطيبة .. وها هى رغد على وشك الارتباط بأيمن الذى لا تقل عائلته عن عائلتها شيئا .. وهناك العديد والعديد من الأمثلة التى تتمتع بالتكافؤ الاجتماعى فى ارتباطهم ببعض .. لكنها هى الوحيدة التى وقع نصيبها من أن تحب .. بل تعشق ابن الخادمة ..
دخلت امينة وغادة الى المنزل .. كان فى انتظارهما خالد وأمير .. تهلل وجهها وهى تقول لأمير بعد ان جلست : مبروك يا أمير يا حبيبى .. البنت ماشاء الله عليها زى الفل .. يازين ما اخترت .. ربنا يتمم لكم بخير يا حبيبى ..
خالد مبتسما : صحيح عجبتك يا أمينة ؟
أمينة : أيوة يا خالد .. بنت مثقفة ورقيقة .. وأهم من كل ده أصلها الطيب .. واعتقد مش حنلاقى لأمير افضل منها ولا من عيلتها .. أنا الحمد لله اطمنت عليك يا أمير زى ما اطمنت على اشرف .. جوازاتكم والحمد لله تشرف .. عقبالك يا غادة يا حبيبتى .. لما يجيلك اللى يستاهلك .. ويكون أهله ناس طيبين وولاد أصول زى نسايب اخواتك ..
ردت غادة بابتسامة مقتضبة وهى تومئ برأسها .. ثم وجهت الكلام لأمير : مبروك يا ميرو .. حقيقى سارة عروسة تستاهلك .. ربنا يتمم لكم على خير ويسعدكم ..
أمير مبتسما ابتسامة الفرح والسرور : ميرسى يا غدغود .. شكرا يا أمونة .. يعنى بابا يقدر دلوقتى يحدد ميعاد لزيارة سارة وطنط جميلة طالما سارة نجحت فى كشف الهيئة ..
مين ده اللى يحدد ميعاد .. هو أنا لسة حستنى .. ما أنا خلاص اتكلمت معاهم وحددنا الميعاد الخميس اللى بعد الجاى ..
تفاجأ أمير وخالد .. ونظرا الى بعضهم البعض .. ثم قال خالد : بتتكلمى جد يا أمينة .. انتى فاتحتيهم فى الموضوع فعلا ؟
أمينة بفخر : طبعا .. هو أنا كان ينفع امشى الا لما اضمن انها فعلا عايزة امير حبيبى زى ما هو عايزها .. واكتر كمان .. كان لازم افتح الموضوع علشان اعرف كل ده لما ابص فى عينيها واعرف اللى انا عايزة اعرفه ..
أمير بخبث : وياترى عرفتيه يا أمونة ؟
أمينة بنفس الفخر والزهو : طبعا .. ولو كنت حسيت للحظة ان رغبتها فيك مهزوزة ولو شوية مكنتش حددت معاهم ميعاد زيارة علشان نطلبها رسمى ..
خالد وهو يهز رأسه مبتسما : مش سهلة انتى خالص يا أمينة ..
أمينة : طبعا مش سهلة .. والا مكنتش أخدت احسن راجل.. وربيت اجمل ولاد فى الدنيا ..
خالد وهو يقترب من أمينة ويضمها اليه بأحد ذراعيه بحنان : وأنا لو لفيت الدنيا دى كلها .. عمرى ما الاقى ضفرك يا حبيبتى ..

مالت أمينة برأسها على صدره .. ليصدر كل من غادة وأمير صوت الكمان كأنهم يعزفون لحنا رومانسيا فى موقف ممازحة لوالديهم .. ليضحك الجميع على تصرفهم هذا ..

مرت أكثر من الساعة وهم على العشاء بين الجد والمزح .. حتى استأذنت غادة منهم لتدخل الى حجرتها مهمومة .. تجر معها اذيال خيبتها فى حبها .. فهى تشعر بانجذاب شديد نحو سعيد تخر قواها امامه فى اتخاذ قرار يبعدها عنه .. وفى نفس الوقت قد أصبحت تعلم ان مجرد فكرة ارتباطها به أو ان يتقدم لها حتى بعد ان يكون قادرا ماديا على الزواج هى فكة مرفوضة من الاساس ..

جلست على سريرها تفكر فى سعيد ثم أمسكت بالموبايل تتصفح الفيس بوك .. وبدون ان تدرى .. وجدت نفسها تدخل من جديد على صفحة سعيد .. تتأمل فى صوره وتقرأ ما ينشره حتى وقعت عينيها على بوست لشاب وسيم شاحب الوجه والبدن ينظر الى فتاة وكأنها نجمة مضيئة بين نجوم السماء وتحت الصورة تعليق يقول فيه "أنا هويت وانتهيت" ..
شعرت بقلبها يعتصر ثم ينبض بسرعة .. فتحركت يدها بدون إرادتها وضغطت على زر قبول صداقته ..
لم تمر الا دقائق قليلة حتى استقبلت غادة رسالة محادثة من سعيد يقول فيها : شكرا على قبول الصداقة ..

مرة أخرى أخذ قلبها ينبض بشدة وسهم الحب قد آلمه بشدة .. لا تعرف هل تقبل الحديث معه عبر الفيس بوك .. أم تمتنع .. كانت تمر فى تلك اللحظات بمشار مضطربة .. كانت خجلة من نفسها انها قبلت صداقته .. ولديها شعور بخيانة الأمانة بعد أن وعدت ان لا يشغلها بعد قصتها مع حسام سوى مستقبلها .. وخائفة من مصير تلك العلاقة .. ثم فى النهاية كانت سعيدة بتطور العلاقة بينها وبين سعيد الى هذا الحد .. ولكنها فى نفس الوقت لا تعلم بماذا تجيبه على كلمة الشكر التى ارسلها اليها للتو ..

حاولت جاهدة ان تنتقى كلمات طبيعية بعيدا عن اى كلمات يشعر بها انها تبادله مشاعره فكتبت له : أهلا يا باشمهندس ..
سعيد : أهلا بيكى يا آنسة غادة .. ارجو انى مكونش بضايقك بتصرفاتى .. أقصد بطلب الصداقة .. أو بكلامى معاكى دلوقتى ..
غادة : لا أبدا .. أنا لو مش حابة مكنتش قبلت الصداقة .. وبرضه لو مش حابة اتكلم معاك كنت مردتش عليك ..
سعيد : شكرا على صراحتك ووضوحك .. وشكرا على انك بتتكلمى معايا دلوقتى .. بصراحة أنا مش مصدق نفسى اننا بقينا اصحاب على الفيس وانى بتكلم معاكى دلوقتى ..
غادة : أفضل نسميها اصدقاء .. بلاش كلمة اصحاب .. اليومين دول بتتفهم غلط .. وبعدين مفيش شكر بين الاصدقاء .. وأنا شايفة انك بتشكر كتير ..
سعيد : عندك حق فى الجزء الأول .. كلمة اصدقاء أفضل .. بس بالنسبة انى بشكر كتير .. فده شيء طبيعى لإنى بصراحة مش مصدق نفسى .. فاعذرينى لو فضلت فترة اكرر شكرى ليكى على انك سمحتى لى اننا نكون اصدقاء واننا نتكلم سوا من وقت للتانى ..
غادة : الظاهر انه صعب انى اقنعك ان مفيش داعى للشكر .. على الاقل فى الوقت الحالى .. عموما خليك على راحتك لغاية ما تشعر انه فعلا ملوش لزمة ..

مر الوقت وهما يتحدثان سويا عبر الشات .. ومرت الأيام تلو الأخرى وهما يتحدثان يوميا فى موعد محدد ولم تكن غادة تشعر بمرور الوقت فى كل مرة وهما يتحدثان فى امور شتى .. فقد اطلقت غادة لنفسها العنان فى علاقتها معه .. لأنه ببساطة كانت لقاءتهما خلال تلك الفترة عبر الشات لا تتطرق الى ما يقلقها .. كانت لقاءات شيقة لكليهما .. علمت غادة خلالها انه يتمتع بقدر كبير من الثقافة والنضوج .. لم يحاول مرة واحدة خلال حديثه معها ان يتطرق الى مدحها أو مغازلتها أو أن يبوح لها بمشاعره تجاهها .. أو ان يبدى اعجابه بها .. ولم يطلب منها ان يلتقيا أبدا .. ولكنها بالرغم من هذا كانت تشعر بسعادة بالغة وهى تتحدث معه .. كل منهم يطرح سؤالا أو رأيا فيرد عليه الآخر .. كانت تشعر بألفة وهى تتحدث معه وكأنها تعرفه منذ زمن بعيد .. لم تشعر ابدا انه غريب عنها أو بهذا الفرق الاجتماعى بينهما ..فثقافته واتقانه للشعر الذى كان من خلاله فقط يقول لها ما يريد ان يقوله عن مشاعره لها بطريقة غير مباشرة .. كل ذلك جعلها تحبه أكثر فأكثر... حتى اسلوبه فى الكلام بعفوية لم يظهر من خلاله الفرق البيئى والذى يتمثل فى كون امه خادمة لديهم أو انهم يسكنون فى بيئة أقل بكثير من بيئتها .. كم تمنت غادة فى تلك اللحظات لو أن أمه لم تعمل يوما لديهم .. فسعيد ليس به عيبا واحدا من وجهة نظرها سوى ان صفية أمه هى خادمتهم ..

علمت يوما غادة من سعيد أنه قد قابل والدها عندما دعاه للعمل بشركته .. وبالرغم من سعادتها لحصوله على وظيفة تليق به .. الا انها كانت مغتمة قليلا وهى على علاقة به وهو قريب من والدها ويضع ثقته فيها وفيه .. وهو حسب فهم ومسميات الآخرون يطعنه من ظهره بعلاقته مع ابنته والتى هى كذلك تقوم بنفس الدور.. كانت تشعر بذنب كبير كلما جاءت عينيها بعين والدها أو عين أمير ..

مرت أيام قليلة بعد أن التحق سعيد بالشركة .. شعر كلاهما بحاجز تجاه الآخر .. أو بشيء من عدم الراحة بعلاقتهما بعد أن عمل سعيد لدى والدها بالشركة .. خصوصا من تجاه غادة التى كانت تستمع لكلمات مدح كل من ابيها وأمير على سلوك وأخلاق سعيد وتميزه فى العمل .. ربما كانت تشعر بشيء من السعادة بذلك المدح ويعطيها أملا فى انه ربما يوافق والدها يوما على زواجها منه .. ولكنها لازالت تشعر بالخيانة .. وبالرغم من ذلك كانت علاقتهم تتوطد أكثر فأكثر .. يوما بعد يوم ..

تكلم سعيد معها كالعادة .. ولكنه فى تلك المرة لم يكن على طبيعته التى اعتادتها منه .. كان مغتما بعض الشيء .. فسألته غادة : سعيد .. ليه حاسة انك مش مبسوط بقالك كام يوم ..
حاول ان يتظاهر بانه بخير وان اجهاد العمل طوال اليوم هو السبب فى حالته .. ولكنه سكت فجأة وساد الصمت بينهما للحظات .. ثم تكلم وقال لها بتردد : بصراحة فيه موضوع كده كنت عايز اتكلم معاكى فيه .. بس خايف انك تفهمينى غلط ..علشان كده وللمرة الأولى والأخيرة حطلب منك اننا نتقابل ..
ردت غادة بنفس تردده بعد ان انقبض قلبها وخافت من انه يريد انهاء العلاقة بينهما : نتقابل .. انت أول مرة تطلب منى طلب زى ده .. للدرجة دى الموضوع مهم ؟
سعيد : أيوة يا غادة والا مكنتش طلبت اننا نتقابل .. أنا عارف انى تخطيت حدودى .. بس صدقينى .. الكلام اللى حابب أقوله حيتحدد عليه حاجات كتير فى حياتنا وفى علاقتنا مع بعض ..
غادة بتوتر : بس أنا أخاف حد يشوفنا يفهم اللى بينا غلط ..
سعيد : صدقينى يا غادة .. أنا كمان خايف اكتر منك .. بس أوعدك انى عمرى ما حطلب منك اننا نتقابل مرة تانية .. هى المرة دى وبس ..
غادة بعد صمت وتردد : عموما أنا كمان حابة اتكلم معاك فى موضوع بس خايفة انك برضه تفهمنى غلط ..علشان كده انا مواقة اننا نتقابل ..
سعيد وقد سعد بردها ولكنه انقبض قلبه من كلامها وشعر بخوف شديد فسألها بتلعثم : خير يا غادة .. يا ترى كنتى عايزة تتكلمى فى ايه ..
غادة : حقولك بس لما نتقابل واسمع منك اللى انت عايز تتكلم فيه معايا .. وخايف انى افهمك غلط ..
سعيد : حقولك .. بس أرجوكى تفهمينى وتقدرى موقفى ..

مرت ساعتين طلت غادة بعدهما على سعيد كالفراشة الحزينة .. كان ينتظرها فى احدى الكافيهات البعيدة عن اعين من قد يعرفوا اى منهم .. لكن بالرغم من حزنهما وشعور كلاهما بالخيانة الا ان السعادة كانت تشملهما وترفرف على قلبيهما ..
رحب بها سعيد .. وظلا صامتين لدقائق ينظر كل منهما الى الآخر غير مصدق هذا اللقاء الذى حلم به كلاهما .. فقطعت غادة الصمت وهى تقول بخجل زاد من جمالها ورقتها : انت حتفضل باصص لى كده كتير ؟
رد سعيد بانبهار : والله أنا مش مصدق نفسى انك قاعدة معايا دلوقتى ..
غادة وقد ازداد خجلها واحمرار وجنتيها : سعيد .. بطل الكلام ده .. وقوللى ايه الموضوع اللى كنت عايز تتكلم فيه ..
.. لم يرد سعيد على الفور .. كان يفكر كيف يبدأ .. هل يصارحها بحبه أولا ثم يتطرق الى شعوره بالذنب تجاه أهلها وامه التى وعدها أن لا يفكر بغادة .. أو يبدأ بالأخير أولا ؟؟ ولكنه فى النهاية تكلم عن احساسه بالذنب من ان تكون هناك بينهما علاقة .. حتى لو كانت علاقة صداقة .. وهو يعمل لدى والدها .. أو حتى لو لم يكن يعمل لدى والدها .. فيكفى ان يكون لوالدها الفضل عليه وعلى اسرته باكملها وهو حسب فهم الآخرين يطعنه فى ظهره بعلاقته بابنته .. وانه فى حيرة من امر نفسه .. فهو لا ولن يستطيع ان يبتعد عنها وفى نفس الوقت لا ولن يستطيع ان يتحمل شعوره بالخيانة .. وللمرة الأولى وجد نفسه يعترف لها بحبه الجارف لها منذ اللحظة التى وقعت عينيه عليها للمرة الأولى .. سكت كثيرا قبل أن يتكلم وهو ينظر الى عينيها الجميلتين التى كانت تتهرب بهما من نظراته تارة وتنظر اليه تارة أخرى حتى قال : أنا من ساعة ما عرفتك يا غادة وانتى اصبحتى كل شيء فى حياتى ..

كانت غادة تستمع اليه وكانها تستمع الى نفسها .. كانت تستمع اليه وقد بدأت دموعها تزرف من عينيها .. لا تعلم هل من الفرحة على اعترافه بحبه لها .. أم من الحزن على موقفه وما ينتظر علاقتهما الجميلة ومشاعرهما التى تعصف بها رياح ظروفه ..

سمعته بقلبها قبل اذنيها وهو يقول لها .. أنا بحبك يا غادة .. بحبك من اول لحظة وقعت عينى عليكى .. وعمرى ما حبيت ولا ححب بعدك .. بحبك غصب عنى وامنيتى الوحيدة فى الحياة انك تكونى ليا بالرغم من انى مدرك الفرق الكبير بينى وبينك .. أو بمعنى اوضح .. الفرق اللى بينى وبين عيلتك .. بس زى ماقلت لك كل ده حصل غصب عنى .. سكت للحظة ثم أكمل .. انتى عارفة ظروفى .. وعارفة ان ارتباطنا شبه مستحيل .. واكيد عارفة الاسباب اللى مبحبش حتى افتكرها ..
لم تتحكم فى مشاعرها وهى تقول له باكية : وأنا كمان حبيتك يا سعيد من أول ما شفتك .. ومقدرش اعيش من غيرك .. ولازم يكون فيه حل للوضع ده لانى أنا كمان عندى نفس احساسك تجاه بابا وأمير .. حاسة انى بخون ثقتهم فيى .. وخايفة لو شعروا فى يوم من الأيام باللى بينا تكون دى النهاية .. يا سعيد لازم نشوف حل ..
سعيد : الحل صعب أوى يا حبيبتى .. بس مفيش منه بد .. هو طريق اتكتب علينا ولازم نمشيه ..
غادة : تقصد ايه ؟!!
سعيد : أقصد انه مش ممكن اهلك يوافقوا على علاقتنا وطبعا على انك تكونى ليا .. وأنا ابن ..... سكت سعيد ولم يستطيع أن ينطق بها ثم اكمل .. أنا بالنسبة لهم واحد ممكن يعطفوا عليه ويشغلوه معاهم .. لكن من الصعب انهم يقبلونى كزوج لبنتهم .. وأنا بعذرهم وعارف انه من حقهم يرفضوا لأن المسألة مش مسألة فرق مادى وبس .. السبب يا غادة معروف للجميع .. وببساطة هو شغل ووضع أمى بالنسبة لهم .. حتى أمى رافضة الموضوع وحذرتنى من انى اقرب .. بس أنا اللى مقدرتش على مشاعرى نحيتك .. حبك اقوى يا غادة من أى مقاومة ..
غادة بحيرة : طيب والعمل يا سعيد ..؟؟!!
سعيد : أنا فكرت كويس فى الموضوع ده ومفيش حل ادامنا غير انى اسافر وأبعد ..
غادة وقد شعرت بوخزة تدمى قلبها : انت بتقول ايه .. يعنى ايه تسافر .. طيب وأنا .. أنا حعمل ايه ..
سعيد : أنا حسافر وابعد ياغادة علشان يمكن فى يوم من الأيام أقدر أقرب .. يمكن الوضع يكون اتغير ويقبل أهلك انى اتقدم ليكى .. لو قدرت الاقى عقد عمل فى اى دولة من دول الخليج ساعتها الفلوس اللى حقبضها حتكون كافية انى اصرف على البيت وحقدر اطلب من امى انها تسيب الشغل عندكم ومتشتغلش الشغلانة دى .. ويبقى حلينا نص المشكلة .. ويفضل النص التانى .. وهو ان الأيام تنسى أهلك وضع أمى بالنسبة لهم .. ويمكن ساعتها يقبلونى .. بس فيه حاجة كمان لازم نعملها احنا الاتنين ..
غادة : ايه هى ..؟
سعيد : اننا نمتنع عن الكلام تماما مع بعض .. على الأقل علشان نرضى ضميرنا ناحية اهلنا ..
غادة بانفعال : الكلام اللى بتطلبه ده مستحيل ..
سعيد : لا يا غادة .. سميه صعب .. لكن مش مستحيل .. أنا يا حبيبتى بتقطع لمجرد انى أفكر اننا حنبعد عن بعض .. بس صدقينى .. ده افضل ألف مرة من انهم يعرفوا اللى بينا .. وساعتها ارتباطنا هو اللى حيكون المستحيل بعينه ..
غادة : وقد بدأت تقتنع قليلا : سعيد ........ سعيد .. يعنى مفيش حل تانى ..
سعيد : لا يا غادة .. للأسف هو ده الحل الوحيد .. ارجوكى تساعدينى على تنفيذه .. وادعيلى ان ربنا يوفقنى فى عقد عمل كويس ..
غادة بتوسل وقطرات من الدموع تتسرب من مقلتيها : ارجوك يا سعيد فكر فى حل تانى ..
سعيد : صدقينى يا غادة .. مفيش حلول تانية لحالتنا دى .. وبعدين متنسيش انك السنة الجاية عندك ثانوية عامة .. وانك لازم تركزى علشان تجيبى اكبر مجموع ..
غادة : اللى انت بتقوله ده مش حيخلينى اركز فى أى شيء فى الدنيا .. أنا من دلوقتى مش متصورة فكرة بعادنا عن بعض ..
سعيد : أرجوكى يا حبيبتى .. متصعبهاش علينا .. أنا مش مستحمل .. أنا زيك ويمكن اكتر مش متصور بعادنا .. بس زى ماقلت لك من البداية .. هو طريق اتكتب علينا ولازم نمشيه ..
غادة : طيب .. أنا موافقة على اننا نبعد أو تسافر .. بس خلينا من وقت للتانى نتكلم .. أرجوك مش لازم نبعد بالطريقة دى ..
سعيد : صدقينى يا حبيبتى .. أنا نفسى محتاج لكلامى معاكى خصوصا فى غربتى ووحدتى .. بس ده مش حيكون فى مصلحتنا .. لانه زى ما قلت لك لو حد عرف باللى بينا .. ارتباطنا حيكون مستحيل .. علشان كده احنا حنفترق لفترة على عهد بينا اننا حنعمل كل اللى نقدر عليه علشان نكون فى النهاية لبعض ..
غادة والحزن يكسو وجهها وعينيها : يعنى مفيش حل تانى ..
سعيد : الحل اننا نحكم العقل فى الوقت الحالى .. ويوم ما أقدر أكون جدير بيكى مش حيبقى فيه مكان للعقل وححاول ساعتها من كل قلبى وحيكون كل همى فى الدنيا انى اسعدك وبس ..
افترق سعيد وغادة بعد أن تعاهدا على ان تكون له ويكون لها .. على ان تنتظره حتى تتحسن ظروفه ولو قليلا .. افترقا وقلبيهما ينزف حزنا من فراقهما بعد أول وآخر لقاء اعترفا فيه وللمرة الأولى بحبهما الجارف لبعضهما البعض ....

مضت عدة أيام .. لم يستطع كلاهما أن يمتنع عن لقاءاتهما عبر الشات .. كان سعيد كل يوم يخبرها بتطورات بحثه عن عقد عمل بدول الخليج .. حتى جاء اليوم الذى أخبرها فيه أن أحد اصدقاؤه يعمل فى شركة بالكويت قد بشره بأنه قد وجد له فرصة عمل بنفس الشركة وبمرتب مجزى ومزايا كثيرة .. وسوف يرسل له صورة عقد العمل قريبا .. وأخبرها بانه سوف يبدأ يمهد لوالدها ولأمير بأنه سوف يترك العمل بالشركة ليسافر للعمل بالخارج ..

بالطبع لم تكن غادة سعيدة بهذا الخبر .. فها هى النهاية المؤقتة لعلاقتها بسعيد سوف تبدأ قريبا .. سوف تنقطع أخباره عنها .. ولن تستطيع ان تعلم عنه شيئا حتى من خلال امه التى سوف تترك العمل لديهم .. كانت تتساءل هل سيستطيع سعيد أن يمتنع عن الكلام معها كما يفعل الآن .. وهى ستستطيع هى ان تتحمل هذا ؟؟!!! .. ولم عليهما ان يمتنعا عن لقاءتهما المعتادة عبر الشات .. وما الفرق بين كلامهما الآن وبعد أن يسافر ..
هى وافقت على سفره لعله يستطيع ان يكون لها فى يوم من الأيام .. ولكنها لن توافق على ان يمتنع عن الكلام معها مثلما قال ..

مر يومان وتلقى سعيد صورة عقد العمل .. فذهب الى خالد بمكتبه وطلب لقاؤه .. وعندما تقابل معه خالد رحب به واطمئن على احواله وشكره على اجتهاده فى العمل .. ثم سأله عن سبب طلبه لمقابلته ..

كان سعيد خجلا من نفسه وقرار تركه للعمل بتلك السرعة .. فهو لم يمر على عمله معه سوى فترة قليلة .. لا يعلم كيف يبدأ الكلام أو كيف سيخبر خالد بهذا القرار .. وهو الذى منحه فرصة يحلم بها العشرات ممن هو اكثر خبرة من سعيد نفسه ..
لاحظ خالد تردد واضطراب سعيد فقال له : خير يا باشمهندس سعيد .. ليه متردد انك تقوللى انك لقيت فرصة عمل تانية وعايز تسيب الشركة ..

انتبه سعيد بشدة لما سمعه من خالد .. وظن للوهلة الأولى أن غادة قد أخبرت والدها بالموضوع .. ولكنه تماسك وجاوب على نفسه بأن هذا مستحيل .. فكيف اذن علم خالد بهذا الأمر .. فسأله سعيد بتلعثم : حضرتك عرفت منين ان هو ده الموضوع اللى انا طلبت حضرتك علشانه ..
ابتسم خالد وضحك ضحكة بسيطة تدل على سخريته .. ثم تحرك من على كرسى مكتبه الى الكرسى المواجه لسعيد أمام المكتب وجلس عليه وهو ينظر فى عينى سعيد اللتان تتهربان من نظرات خالد اليه وهو يقول : الخبرة .. الخبرة والحياة ياسعيد هما اللى قالولى ايه هو الكلام اللى انت عايز تقوله ومتردد .. سكت للحظات ثم أكمل : كل يوم بيمر على الانسان فى الحياة ياسعيد بيكسب خبرة وحكمة وبصيرة .. وبيكسب فوق كل ده نظرة ثاقبة بتخليه يفهم ويعرف الناس أكتر واكتر .. عارف ليه .. علشان كل يوم بيمر عليك تجربة جديدة .. والتجارب بتتكرر هى .. هى نفسها بالكربون .. وان اختلف الاشخاص .. أنا مر على المواقف دى كتير يا باشمهندس .. علشان كده أنا فهمت اللى انت جاى تتكلم فيه من غير ماتقوله بلسانك .. عيونك وترددك قالولى .. وقبلهم ظروفك اللى أنا عارفها كويس .. واكتر من أى حد هنا ..
قاطعه سعيد وهو مازال مطرقا براسه ينظر الى الارض : أهى هى ظروفى دى بالذات يا باشمهندس هى السبب فى طلبى ده .. أنا فعلا جاى استاذن حضرتك انى اسيب الشركة واسافر بعقد عمل للكويت ..

ساد الصمت بينهما حتى تكلم خالد برزانته المعهودة : شوف ياسعيد .. انت يابنى تهمنى علشان الست الوالدة احنا بنعتبرها واحدة من العيلة .. وعمرنا ما اتعاملنا معاها غير من المنطلق ده .. علشان كده المفروض على انى اقولك الكلام اللى حقولهولك ويا ريت تفكر فيه كويس .. والقرار لك فى النهاية ..
لو انت مسافر علشان تعمل فلوس وتحسن من مستوالك المادى فده حقك .. بس اللى عايز أفكرك بيه ان الرزق اللى ربنا كاتبهولك واحد سواء اشتغلت معايا فى الشركة أو فى شركة تانية .. وسواء فضلت فى مصر أو رحت الكويت .. هو نفس الرق .. بس ده لو انت مؤمن ان الزق مش عبارة عن فلوس وبس .. الرزق ربنا بيبعته لكل واحد على هيئة حاجات كتير .. فلوس وزوجة واهل واولاد وصحة واصحاب وراحة بال .. وحاجات كتير يابنى الرزق متقسم عليها .. يعنى مثلا ممكن تكسب فلوس كتير .. بس تتجوز واحدة ميكفيهاش مال قارون وولاد فاسدين يضيعوا مالك على الفاضى والمليان.. وممكن يكون رزقك قليل .. بس ربنا يزقك بزوجة صالحة هى حسنة الدنيا فيبارك لك فى الرزق البسيط وفى صلاح ولادك .. وممكن يكون رزقك واسع .. بس صحتك وصحة مراتك وولادك تعبانة .. وممكن يكون عندك مال كتير وتتمنى لو ربنا ياخد كل اموالك ويديك عيل واحد .. والأمثلة فى موضوع الرزق ده كتيرة يا سعيد ..
وحاجة تانية عايز انبهلك ليها .. ناس كتير حوالينا سافروا وعاشوا سنين طويلة متغربين عن اهاليهم واصحابهم وبلادهم .. صحيح عملوا فلوس ..بس لما رجعوا بعد السنين الطويلة اللى قضوها فى الغربة معرفوش يعيشوا تانى فى البلد ولا مع اللى منهم .. معرفوش يتأقلموا مع احوال اللى حواليهم وأحوال البلد .. عارف ليه .. لآنهم رجعوا ناس تانية غير اللى سافروا .. الغربة واحوال البلد اللى عاشوا فيها غيرتهم .. خليتهم ناس تانيين ..
أنا ياسعيد أقرب اصحابى الله يرحمه سافر فى بداية حياته واشتغل وعمل فلوس كتير بس خسر فى النهاية كل حاجة .. فى البداية خسر ولاده ومراته اللى كان بالنسبة لهم عبارة عن ماكينة فلوس مش اكتر .. وفى النهاية فسدت العلاقة بينه وبين ولاده ومراته لأنه كان بيمر الشهور والسنين وهمه بعاد عنه وهو بعيد عنهم .. الاسرة يابنى بتستقيم وبتكون اسرة سوية لما الأب والأم والولاد يجمعهم اربع حيطان ويتقفل عليهم باب واحد بالليل ويباتوا تحت سقف واحد كل يوم .. كل واحد عايش مع التانى وللتانى .. عايش وحزنه وآلامه واخفاقه .. زى ماهو عايش فرحه وسعادته ونجاحه .. وعلشان تعمل الفلوس اللى انت متخيلها محتاج سنين من التعب والشغل ويمكن فى الآخر تكون المحصلة صفر أو حتى بالسالب .. تعرف ان صاحبى الله يرحمه بعد النجاح والثروة اللى عملهم من الغربة رجع مصر نهائى .. بس للأسف رجع على كرسى متحرك .. حتى ولاده اللى صرف عليهم دم قلبه معرفوش يودوه ولا يراعوه بالرغم انه ضيع عمره عليهم لانه ببساطة ما اهتمش انه يبنيهم ويبنى العلاقة بينهم وبينه .. هو اهتم فقط بانه يبنى لهم .. والفرق بين الأتنين كبير يا باشمهندس .. والنماذج اللى زى صاحبى من الناس اللى سافروا علشان يعملوا ثروة كتير .. وان اختلفت نهاية قصة كل واحد فيهم .. وعلى النقيض .. الناس اللى قررت انها تفضل فى البلد تشتغل هنا و تبنى نفسها وتبنى اسرتها وهى فى وسطيهم نماذج معظمها ناجح .. حتى لو ربنا مكتبش لهم انهم يعملوا ثروة .. والدليل الراجل اللى قدامك وبيكلمك دلوقتى .. أنا ياسعيد مورثتش الشركة دى من ابويا ولا ابتديت حياتى بورث كبير .. أنا كنت فرد من اسرة متوسطة فى المجتمع .. درست واجتهدت فى دراستى وشغلى وكان ليى هدف .. وهو انى اكون صاحب شركة .. ابتديت صغير .. أصغر من أى مقاول فى البلد .. وتعبت كتير لغاية ما وصلت للى انت شايفه دلوقتى .. بس فى النهاية مش بارادتى ولا باجتهادى ولا بتعبى وصلت للى وصلت له .. هو بس توفيق وارادة الله .. خد بالك يا سعيد .. فى الأول والآخر هى أرزاق .. يعنى ممكن الانسان يتعب ويجتهد ويكون رزقه ضيق والعكس صحيح .. بس فى الآخر كل اللى ربنا بيكتبه لنا هو الخير .. يعنى الغنى للغنى والفقر للفقير هو الخير .. لأن ربنا سبحانه وتعالى قال فى كتابه الكريم وفى اكثر من موضع .. "إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون" .. بيعلم ايه هو الخير واللى ينجى كل واحد وبيكتبه له .. ولو كل واحد رضى باللى ربنا كاتبه له حيكون سعيد .. لان السعادة فى الرضا ..

سكت خالد قليلا ثم قال وهو يتجرع الذكريات : دلوقت أنا خلصت كلامى .. ووضحت لك نماذج من مهندسين كانوا فى مكانك فى يوم من الأيام .. كانوا فى مفترق طرق .. وكل واحد جنى ثمار اللى زرعه فى النهاية .. بس مش معنى كلامى ان مفيش نماذج ناجحة وفى نفس الوقت سعيدة فى حياتها فى الناس اللى قرروا يختاروا طريق السفر والغربة من البداية زى ما انت عايز تختار دلوقتى .. بس دول قليليين أوى يا سعيد .. ومش شرط تكون واحد منهم ..
فكر .. فكر كويس يا سعيد قبل ما تاخد قرار احتمال كبير انك تندم عليه باقى عمرك .. السفر يابنى والغربة شيء مش سهل أبدا .. وزى ما بناخد منه فلوس كتير بياخد مننا وبيغير حاجات حلوة جوانا كتير .. حدد يا سعيد انت عايز ايه من دلوقتى لحياتك .. عايز الفلوس ولا عايز نفسك ؟
رد سعيد بتلقائية : أكيد عايز نفسى يا باشمهندس .. أنا عمرى مافكرت فى موضوع السفر ده .. طول عمرى رغبتى انى ابنى نفسى هنا فى بلدى .. طول عمرى واخد حضرتك قدوة ليه .. نفسى يكون عندى شركة زى حضرتك فى يوم من الأيام .. بس زى ما حضرتك عارف .. الظروف أد إيه صعبة .. ومحتاج معجزة علشان أحقق الحلم ده ..
خالد : ولا معجزة ولا حاجة .. انت يدوب لسه متخرج .. يعنى ادامك العمر كله تحقق فيه كل احلامك .. بس انت اللى مستعجل حبتين .. أصبر شوية .. ادى نفسك فرصة تتعرف على الشغل أكتر .. ويوم ما تثبت نفسك أنا حكون جنبك .. لو حبيت تبتدى شغل مع نفسك .. أنا حساعدك ..

كان سعيد يستمع الى كل كلمة قالها له خالد وكلماته تعصف بقرار سفره بشدة .. خرج من عنده بعد ان شكره بشدة على كل كلمة ونصيحة قالها له ووعده انه سوف يفكر فى الأمر .. خرج وهو مشوش لا يعرف ماذا يفعل .. او ماذا يقرر .. فهو من قبل ان يلتقى بغادة ويقع فى حبها لم يكن يفكر ابدا فى أمر السفر هذا .. بل كان يريد أن يمشى نفس الطريق الذى مشاه خالد حتى يكون فى يوم من الأيام صاحب شركة مرموقة فى المجتمع .. كانت حكايات امه عن خالد والتى كانت تحكيها لها أمينة عن كفاحة واجتهاده فى الحياة هو الدافع الذى جعله يتخذ من خالد قدوة لحياته .. فاجتهد هو الآخر فى دراسته منذ صباه وعزم على ان يدخل نفس الجامعة ونفس التخصص حتى تفوق وتخرج مهندسا من نفس الجامعة التى تخرج منها خالد .. ولكن حبه لغادة جعله يغير خططه و يستعجل الأمور .. جعله يريد ان يهرب .. وقبل أى هدف يريد ان ينسى المجتمع طبيعة عمل أمه .. وخصوصا أسرة غادة .. يتمنى لو انها لم تعمل لديهم فى يوم من الأيام .. حتى وصل به الأمر انه قد تمنى لو انها لم تعمل فى البيوت قط .. وان كان ثمن هذا ان يعمل هو منذ صباه ويحرم من استكمال تعليمه منذ وفاة والده ..
لم يكد سعيد ان يخطو خطوات خارج مكتب خالد حتى قابل أمير ..
امير مبتسما عندما رآه : أهلا يا باشمهندس سعيد .. فينك من ساعة ما اتقابلنا يوم تعيينك وانت مختفى تماما ..
سعيد وهو يرد له الايتسامة : أهلا بيك يا استاذ أمير .. ما انت عارف شغل المواقع مبيخليش عندنا وقت للمكتب الا فى الضرورة ..
أمير : طيب يا عم ما نتقابل بره الشغل .. هو احنا حنقضيها شغل على طول ولا ايه .. ولا انت انت مش عايزنا نبقى صحاب ..
سعيد : يا خبر يا استاذ أمير .. ده شرف ليا والله اننا نكون صحاب ..
أمير : طيب وهو الصحاب بينادوا بعض بالألقاب .. ما تخلينا نرفع الألقاب ونخلى البساط أحمدى ..
سعيد : اللى تشوفه يا أمير ..
أمير : بقولك ايه .. أنا خطوبتى يوم الخميس الجاى .. احنا عاملين حفلة خطوبة صغيرة فى النادى .. ياترى لو عزمتك حتيجى ؟
سعيد بوجه مبتهج : ألف مبروك يا أمير .. ربنا يتمم لك على خير ..
أمير : حتيجى .. ماشى ..
سعيد : ربنا يسهل ان شاء الله ..
أمير : على فكرة خطيبتى من الشركة .. سارة .. اكيد تعرفها ..
سعيد : تقصد الآنسة سارة سكرتيرة الباشمهندس خالد ؟
أمير : هى بعينها ..
سعيد : اختيار موفق باذن الله .. ربنا يسعدكم ويتمم لكم على خير ..
أمير : آمين .. وعقبالك يا أبو سعده .. ياللا مش حعطلك .. أشوفك يوم الخميس باذن الله ..
غادر سعيد الشركة وهو يشعر بألفة عجيبة نحو عائلة خالد التى تتعامل معه بود وتواضع شديدين رغم الفارق الاجتماعى والمادى بينه وبينهم .. تمنى فى قلبه لو ان تتوج معاملتهم له ولأمه بموافقتهم على ان يكون واحدا منهم بزواجه من غادة .. كانت بداخله فى تلك اللحظات مشاعر كثيرة مختلفة وجميعها عكس الآخر.. وطاقة ايجابية وسلبية فى نفس الوقت .. شعر بانه يحتاج الى ان يخلو بنفسه .. يفكر مليا فى كل شيء .. ليتخذ قرار فى مستقبله المهنى ومستقلبه مع غادة ..

عاد الى موقع العمل .. حاول نسيان كل شيء حدث معه اليوم حتى يتفرغ لعمله فقط .. وعندما وصل الى منزله .. شعر بانه فى حاجة لحمام دافئ ليختلى بعده بنفسه فى حجرته يفكر جيدا ويتخذ قرارا الآن فى البقاء بشركة خالد أو السفر .. ثم بعد ذلك يتكلم مع غادة ليبلغها بما حدث معه اليوم وقراره النهائى فى مستقبله ..

استلقى سعيد فوق سريره يفكر طويلا حتى غلبه النوم من تعب اليوم بعد أن اتخذ قرارا .. ليستيقظ فى منتصف الليل ويرسل رسالة الى غادة ليبدأ حديثه اليومى معها ..
شاهدت غادة الرسالة وقد كانت فى انتظارها طوال اليوم فردت : اخبارك ايه ؟ .. طمنى .. اتكلمت مع بابا بخصوص السفر ؟
سعيد : أيوة يا حبيبتى .. اتكلمت معاه النهاردة الصبح ..
غادة : ياه يا سعيد .. ومن الصبح سايبنى كده على اعصابى .. مفكرتش تتطمنى حصل ايه واستقريت على ايه بعد ما قولت له انك حتسيب الشغل ..
سعيد : آسف يا غادة .. صدقينى مفضيتش ولا لحظة .. ولما رجعت البيت النوم غلبنى وأنا بفكر ..
غادة : بتفكر فى ايه .. هو انت مش خلاص قرت انك حتسافر ..
سعيد بتردد : بصراحة بعد ما اتكلمت مع المهندس خالد كنت فى حيرة .. ومش عارف آخد قرار .. كنت محتاج افكر .. حسيت انى فعلا فى مفترق طرق زى ما قاللى بالظبط .. ولازم افكر كويس فى القرار المصيرى اللى حيغير حياتى .. لانه قرار مش سهل ابدا يا حبيبتى .. عموما أنا وصلت لقرار وحابب آخد رأيك فيه .. بس أرجوكى يا غادة انسى دلوقتى انك غادة حبيبتى .. وانى سعيد حبيبك .. أنا عايز رأى مجرد من أى عاطفة .. ممكن يا غادة .. ؟
غادة : أنا جاهزة يا سعيد .. قول قرارك .. بس رايى فيه حيكون بعقلى ومشاعر قلبى تجاهك .. لأنى بحبك بجد .. وعلشان بحبك أوى فمصلحتك وسعادتك أهم عندى من حبى لك .. حتى لو مكنتش لى فى النهاية ..
قاطعها سعيد بانفعال : ارجوكى متقوليش الكلام ده .. انتى مش ممكن تكونى لغيرى أبدا .. أنا حاسس انى بعيش ايامى علشانك .. علشان وجودك فيها .. لو انتى مش فى حياتى يا غادة أنا ميهمنيش أى حاجة فى الدنيا .. ميهمنيش أكون ايه ولا فين .. أنا بعد ما حبيتك أصبح وجودك فى حياتى هو الحياة .. ومن غيرك الحياة والموت عندى سواء ..

كانت غادة تستمع اليه وكل كلمة ينطق بها هذا الشاعر الوسيم تدمى قلبها وتجعلها تتمنى لو انها بجواره الآن تضمه كالأم الحنونة التى تضم طفلها الصغير الحزين ..
اردف سعيد يقول : بعد كلامى مع المهندس خالد وبعد ما فكرت كويس .. أنا قررت انى اكمل فى مصر .. مش حسافر ياغادة .. مش حسافر بالرغم من صعوبة وجودى فى مصر ومن التعقيدات اللى فى حياتى واللى انتى عارفاها كويس .. أنا عارف ان السفر والغربة كانوا صعبين .. لكن وجودى فى مصر أصعب بكتير .. خصوصا وانتى قريبة منى واحنا مش قادرين نكون لبعض فى النور .. وعلشان كده قرار وجودى فى مصر حيكون مرتبط بقرار تانى ياريت تساعدينى فيه ..
استمعت غادة لقراره وقلبها يرقص بين ضلوعها من السعادة لبقائه بجوارها فى نفس البلد .. ولكنها استفاقت على جملته الأخيرة فتساءلت عن القرار الآخر الذى يريد أن تساعده فيه : قبل ما اقول لك رأيى فى قرار عدم السفر .. ياترى ايه القرار التانى اللى عايزنى اساعدك فيه .. أكيد حتطلب منى اننا ننهى علاقتنا لحد ما الظروف تتغير ..
سعيد : أيوة يا غادة .. هو ده طلبى .. وانتى لازم تكونى مقتنعة بيه ولازم تساعدينى فيه .. أنا ما كل يوم بيمر بيزيد حبى وتعلقى بيكى .. بيزيد فضل وجمايل المهندس خالد على وكمان أمير .. ومش ممكن يكون علاقتى بيكى هو رد لجميلهم على حتى لو العلاقة بينا مفيش فيها أى شيء يمس كرامتهم .. فى النهاية اسمها خيانة .. ومش ممكن اسمح ان يكون ده جزاهم منى .. احنا لازم نوقف كل شيء بينا .. لازم نستحمل اننا نبعد عن بعض تماما كأننا متقابلناش ولا حبينا بعض .. وأوعدك انى حموت نفسى شغل لحد ما أوصل وأكون جدير بيكى .. وانتى كمان لازم تشغلى نفسك بمستقبلك وبس .. وخلى مشلعرنا جوانا .. حتتعبنا أيوة .. بس دايما حتفكرنا أن فيه هدف كبير قدامنا لازم نوصل له .. وهو اننا نكون لبعض فى يوم من الأيام .. أنا بعد الكلام اللى قالهولى المهندس خالد .. وبعد ما فكرت استقريت على ان السفر مش هو الحل المناسب للمشاكل .. السفر والبعد بيغيروا فينا حاجات حلوة كتير وبيخسرونا تقريبا كل حاجة .. احنا اتولدنا هنا وكبرنا فى البلد دى وبين الناس اللى فتحنا عنينا على الدنيا لقيناهم قدامنا .. عشنا معاهم وعاشوا معانا وعاشوا بمشاعرهم جوانا .. جذورنا هنا .. ولو قلعناها من الارض دى حنموت وتقع اوراق شجرتنا وحنبقى شجرة خاوية مفيش فيها اغصان ولا ورق يضلل حياتنا ..

كانت غادة تستمع اليه وهى سعيدة بكل كلمة يقولها .. شعرت ان حبيبها رجل كبير .. حكيم .. اكبر من كل دنياها .. يتمتع بخبرة وحكمة برغم صغر سنه .. فقالت له بعد أن صمت قليلا : أنا بحبك أوى يا سعيد .. انت شاعر حياتى .. شاعر حتى وانت بتتكلم الكلام العادى ..
انتبه سعيد على كلمتها ورد عليها : مش اكتر من حبى ليكى يا عمرى .. ولو كل كلمة بتطلع منى شعر فده بسبب انك انتى ملهمتى مش اكتر .. ثم سكت قليلا وعاد يقول : عارفة يا غادة .. أنا بحب الباشمهندس أوى وبحترمه أوى أوى .. طول عمرى بعتبره قدوتى .. والنهاردة لما اتكلمت معاه فتح عينى على مساوئ السفر .. خلانى ألغي قرارى بمنتهى السهولة .. رجعنى لحلم عمرى فى انى يكون لى شركة مقاولات كبيرة فى يوم من الأيام .. أنا عارف انه صعب .. بس أوعدك انى ححاول لحد ما اوصل باذن الله..
ردت غادة : وأنا حساعدك يا حبيبى .. أنا موافقة على كل كلمة انت قلتها وكل قرار حابب تنفذه .. ومن النهارد حنبتدى وربنا يعينا ..

انهى سعيد وغادة حديثهما الأخير على عهد بينهما بأن لا يضعف أى منهم فى يوم من الأيام ويحاول ان يتحدث مع الآخر وأن يكتما حبهما بين ضلوعهما وتكوى مشاعرهم فى القلب ليتذكروا دائما أن هناك هدفا اسمى مشترك بينهما .. وهو أن يكونا لبعض فى يوم من الأيام .. واذا ما غلب احدهم الشوق يوما ما ينظر الى البحر ويبوح لأمواجه ونسائمه بشوقه وهو على يقين ان نصفه الآخر سوف يشعر بأشواقه وحنيه اليه ..


Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-09-20, 04:53 PM   #103

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثانى والأربعون

البدايات الجديدة
الفصل الثانى والأربعون


أسيقظت رغد فى صباح هذا اليوم وهى فى اضطراب وقلق شديدين .. مجهدة بشدة .. بعد ان غفت ساعة او ساعتين فقط .. كانت تصارع عدم النوع من كثرة الكوابيس والأحلام المزعجة .. اليوم هو يوم نتيجة الكشف الدورى الأول لأيمن الذى تبعا لنتيجته سوف يتحدد مصير ارتباطهما الرسمى ..

مر عليها ايمن وانتظرها بالقرب من منزلها بعد ان ألحت عليه كثيرا ان يصطحبها معه لانها لن تستطيع الانتظار حتى يأتيها بالنتيجة .. بل ربما لانها خافت ان يخفى عنها الحقيقة حتى لا تتألم .. لذا آثرت أن تسمعها بنفسها ..

وصلا الى المشفى فى تمام الثامنة والنصف واتجها سويا الى مكتب الطبيب المعالج الذى قابلهما مبتهجا .. وأخبرهما بان نتيجة التحليل سلبية ولا يوجد آثار أورام لديه .. وهذا يعنى أن الورم لم يعاوده بعد ثلاثة أشهر من عملية استئصاله جزء من القولون ..

كانت سعادتهما لا توصف بهذا الخبر .. شكرا الطبيب الذى طلب من الحضور مرة أخرى بعد ستة أشهر لمعاودة نفس التحليل ..

خرجا سويا من المشفى واستقلا سيارة أيمن الذى طلب منها أن يذهبا سويا الى المسجد الذى أصبح يزوره من وقت لآخر ولكن على فترات متباعدة منذ اجراؤه للعملية .. كان يريد أن يصلى ركعتين شكر لله فى هذا المسجد ..

وصلا الى المسجد واستأذن أيمن رغد بأن تنتظره بالسيارة حتى ينهى الصلاة ولعله يقابل شيخه ليخبره هذا الخبر الجميل ويطلب من الدعاء له ..

صلى الركعتين ثم أخذ يبحث بعينيه عن الشيخ فلم يجده .. فتذكر أنه لم يجده ايضا فى المرتين السابقتين .. اقترب من أحد المصلين الذى تعود أن يراهم فى المسجد وسأله عن شيخه فأخبره أنه مريض منذ فترة ولا يستطيع ان يأتى الى المسجد ..
انزعج أيمن من هذا الخبر بشدة .. واستأذن الرجل أن يعطيه عنوان الشيخ ليقوم بزيارته ..


خرج أيمن من المسجد وحزنه لخبر مرض الشيخ قد انساه فرحته بخلو جسده من الأورام .. ركب السيارة فلاحظت رغد الهم والحزن باديا عليه .. فقالت له بوجه قد ظلله القلق : خير يا حبيبى .. انت دخلت المسجد مبسوط .. ايه اللى خرجك منه حزين ومهموم بالشكل ده .. ؟!!
أخبرها أيمن بما ألم بالشيخ الذى قد حكى لها عنه من قبل الكثير والكثير لدرجة انها احبته كما يحبه أيمن ..حكى لها كيف كان له الفضل الأكبر بعد الله تعالى فى تحوله من النقيض للنقيض .. من انسان غافل مستهتر الى انسان يعرف دينه ويرغب فى رضا ربه .. حكى لها عن بشاشة وجهه والنور الذى يشع منه .. عن بساطته فى الدعوة الى الله واخلاصه فى النصيحة للغير بطريقة لا تنفر احدا منه ومن نصيحته .. عن علمه وحب سماع تلاوته للقرآن وحكاياته عن الرسول والصحابة والطريقة التى يتكلم بها عنهم وعن سيرتهم وتفانيهم من اجل رضا الله .. فلا يجد المرء نفسه الا ويتعلق قلبه بهم ويريد ان يفعل افعالهم ..

تأثرت رغد بما ألم بالشيخ من مرض .. ودعت له بالشفاء .. فأخبرها أيمن انه سوف يذهب لزيارة الشيخ بعد ان يزورا والده ..

مرت ساعة قبل أن ينهى أيمن ورغد زيارة والده الذى سعد كثيرا بخبر سلبية تحاليل أيمن .. وخبر رغبة ايمن فى ان يتقدم لخطبة رغد ..

قام أيمن بتوصيل رغد الى بيتها بعد أن اتفق معها على أنه سوف يطلب من أشرف أن يفاتح والدها لتحديد ميعاد لزيارة عائلة رغد هو وابيه .. ثم هاتف شيخه ليطلب من الاذن لزيارته ..
رد عليه بعد عدة رنات صوت طفل أو طفلة صغيرة .. لم يستطيع أيمن ان يتحقق من جنسه : السلام عليكم أيمن بهدوء : وعليكم السلام ..
الصوت: مين حضرتك ..؟
أيمن بتوتر : أنا اسمى أيمن .. ممكن اكلم الشيخ عبد الله ..
الصوت: جدى عبد الله نايم ..
أيمن : طيب فيه حد كبير ممكن اكلمه ..
الصوت : مفيش غيرى أنا وأخويا الصغير عبد الرحمن ..
أيمن : وانت اسمك ايه ..
الصوت : أنا اسمى زهرة ..
أيمن : اسمك جميل يازهرة .. اسمعى يازهرة .. لو صحى الشيخ عبد الله .. ممكن تقوليله ان أيمن حسين كلمك .. وانى جاى ازوره بعد ساعة ..
زهرة : حاضر ..

مرت حوالى ساعة ودقائق قليلة .. كان أيمن قد وصل الى المكان الذى يسكن فيه الشيخ عبد الله .. كان فى منطقة من العشوائيات ولم يستطيع أيمن أن يدخل بسيارته الحارة التى يسكن بها الشيخ عبد الله .. فالشوارع فى المنطقة ضيقة للغاية والبيوت قريبة من بعضها البعض بشكل لا يتحمله بشر .. ولكن بالرغم من ذلك .. اكتشف أيمن أن الكثافة السكانية فى هذه العشوائيات التى يراها لأول مرة فى حياته كبيرة جدا .. لم يتصور أيمن فى يوم من الأيام وجود اماكن كتلك التى يتجول بها ليصل الى بيت الشيخ عبد الله .. كان يراها شيئا غير آدمى أن يسكن البشر فى مثل هذه البيوت التى تكشف أكثر مما تستر وليست صحية بالمرة .. فالمجارى تتدفق أمام كل بيت وتشكل فى النهاية مجرى مائى محمل بالقاذورات ومختلطا فى كثير من البقع والنفايات .. وحال البشر الذى يسير فى الحارات لا يسر عدو أو حبيب ..

كان أيمن يفكر فى تلك اللحظات كيف لشيخ جليل مثل الشيخ عبد الله خريج الأزهر الشريف أن يسكن فى مكان كهذا .. بل كيف لأى بشر أن يعيش ولو ليوم واحد فيه .. ومن اين يأتى الشيخ الذى لم يراه أيمن الا منمقا فى ملبسه النظيف الى المسجد بابتسامة الرضا تلك التى لا تبارح وجهه المضيء .. عجيب أمر هذا الشيخ .. وعجيب رضاه عن نفسه وعن ربه ..
بعد عدة اسئلة للمارة .. وصل أيمن فى النهاية الى البيت الصغير الذى يسكن فيه الشيخ عبد الله والذى لا يتميز بشيء عن باقى بيوت المنطقة .. كان البيت مكونا من اربعة طوابق من الطوب الأحمر ذات البناء الغير منتظم والواجهات الغير مطلية .. فى حارة لا يتعدى عرضها المترين والنصف .. تحاوطه البيوت المماثلة له من كل جانب ..

كانت تقف سيدتان بدينتين أمام مدخل البيت .. ألقى عليهما أيمن السلام وسأل عن الطابق الذى يسكن به الشيخ عبد الله .. نظرن له بتعجب .. ثم اخبرته احداهن أنه يسكن بالدور الأرضى .. حيث توجد نافذتين لشقة الشيخ عبد الله تطلان على الحارة الضيقة .. ولولا ستارة من القماش وضعتا على النافذتين .. لكنت تشعر أن سكان البيت يقيمون بالحارة وليس داخل حيطان تؤيهم..

دخل ايمن الى بهو البيت المظلم فى عز النهار .. وكانت هى شقة واحدة فى الدور .. طرق الباب القديم .. وبعد لحظات قليلة فتحت فتاة صغيرة الباب وهى تنظر الى هذا المارد الوسيم ذو الرائحة العطرة يقف أمامها بملابسه النظيفة ووجهه المبتسم ويحمل عدة اكياس فى يديه ..يقول لها : السلام عليكم .. انتى زهرة ..
ردت زهرة بصوتها الطفولى فى هدوء وتوتر واخيها الأصغر يقف خلفها يتطلع الى أيمن ببراءة وممسكا بردائها يحتمى بها : أيوة .. مين حضرتك ؟

كانت تلك المرة الأولى التى تقابل زهرة و اخيها عبد الرحمن مثل هذا الرجل التى لم ترى فى حياتها مثله فى كل انحاء المنطقة .. أو حتى على شاشات التلفاز الذى من الاساس لم يمتلكون واحدا فى يوم من الأيام ولم يتطلعوا حتى على شاشته عند أحد الجيران ..
أيمن بابتسامة محاولا ان يهدء من روعهم الواضح لمقابلة غريب مثله : أنا عمو أيمن اللى كلمتك من شوية وقلت لك انى جاى أزور جدك الشيخ عبد الله ..

تحركت زهرة قليلا الى الخلف وهى تزيح أخيها الممسك بردائها وواضح عليه الرهبة من الزائر وهى تقول لأيمن : اتفضل حضرتك .. جدى جوه .. أنا قلتله لما صحى من شوية انك كلمته وانك جاى تزوره ..بس هو رجع نام تانى .. اتفضل ..

دخل ايمن الى صالة البيت المتناهية فى الصغر .. ولا تحتوى سوى على كنبة قديمة وامامها طاولة صغيرة تحاكيها فى القدم .. وكرسيين متهالكين فى أحد اركان الصالة ..
دخلت امامه زهرة لترشده الى مكان جدها ومازال عبد الرحمن ممسك بردائها .. ينظر الى أيمن فى ريبة وخوف .. فاذا التقت عينيه بعين أيمن ابتعد بنظره عن وجه ايمن ..

دخل أيمن الى الحجرة التى ينام فيها الشيخ عبد الله على سرير حديدى صغير و قديم ملتصق بالحائط المواجه لباب الحجرة وفى الركنين اللأخرين توجد كنبتين .. وعلى مايبدو ان زهرة تنام على احداهما وينام عبد الرحمن على الأخرى .. لان ايمن لم يلاحظ وجود حجرة أخرى بالبيت ..
خجل أيمن ان يوقظ شيخه النائم .. فجلس على احد الكنبتين .. وتوجه بالكلام الى عبد الرحمن : انت اسمك ايه ..؟
لم يرد عليه عبد الرحمن .. فبادرت زهرة وقالت : اسمه عبد الرحمن ..

قضى أيمن حوالى نصف ساعة يتحدث مع زهرة وعبد الرحمن الذى بدأ يرد على اسئلة وملاطفة أيمن له رويدا رويدا .. خصوصا بعد أن قدم لهما أيمن الحلوى واللعب التى احضرها لهما .. فأخذ منها عبد الرحمن ولكن يبدو ان زهرة قد امتنعت فى انتظار موافقة جدها .. وعلم أيمن من زهرة القليل من المعلومات .. فهى تبلغ من العمر الست سنوات و عبد الرحمن يصغرها بعامين وأنها تعيش هى واخيها مع والد امها بعد أن توفت امها منذ عامين .. وعندما سألها عن والدها لم تستطيع أن تجاوب عليه ..

استيقظ الشيخ عبد الله من غفوته .. كان شاحبا بدرجة آلمت مشاعر أيمن بشدة ..
تفحص الشيخ عبد الله أيمن .. لم يعرفه فى البداية من شدة التعب والاجهاد الذى قد حل عليه .. وقبل أن يذكره أيمن بنفسه نطق الشيخ مرحبا به : أهلا يا أيمن يا ابنى ..

اقترب منه ايمن وجلس على طرف سريره وامسك بكفه وطبع عليها قبلة العرفان بقدره .. ثم قال بمشاعر مضطربة : سلامتك يا شيخى .. ألف سلامة عليك .. ثم لم يتمالك أيمن نفسه مما يراه من تعب واضح على شيخه فبكى ..
تلكم الشيخ مجاهدا آلامه : بخير.. أنا بخير والحمد لله يا أيمن .. متبكيش يا ابنى ..
أيمن : شدة وتزول باذن الله يا شيخى ..
الشيخ وهو يلتقط انفاسه بصعوبة : ان شاء الله .. ان شاء الله .. الحمد لله على كل حال ..
علم أيمن من الشيخ أنه مريض بنفس مرضه ومنذ سنوات .. ولكن المرض الذى يكمن فى الدم قد اشتد عليه فى الفترة الأخيرة فلزم البيت من التعب والآلام المبرحة التى تحل عليه من وقت لآخر ..

عاود الشيخ نوبة من الألم الحاد فى وجود أيمن .. راح بعدها فى سبات عميق لمدة تزيد عن الأربع ساعات .. فطلب أشرف تليفونيا فى بدايتها وشرح له حالة الشيخ وطلب منه أن يأتى ليقلا الشيخ الى المشفى ..

استيقظ الشيخ فوجد نفسه بمشفى فاخر ومحاوط بالعديد من الأجهزة ومعلق له المحاليل .. وبجواره أيمن واشرف .. احتاج للحظات تقترب من الدقيقة حتى يدرك أين هو ومن بجواره .. فكان أول جملة قالها وهو يرفع رأسه من على مخدة السرير بخوف ولهفة : الولاد .. فين الولاد يا أيمن ..
ربت أيمن على كف الشيخ مبتسما يحاول بعث الأمل فى شيخه : الولاد بخير .. يا شيخ عبد الله .. هما قاعدين فى الاستراحة برة .. اطمن انت .. ومتشغلش بالك بيهم .. هم فى امان معايا باذن الله .. اطمن .. ثم طلب من أشرف ان يخرج ليطمئن عليهم ..

وضع عبد الله رأسه على مخدة السرير بهدوء .. ثم قال بعد أن اطمئن على حال اولاد ابنته : طيب هو أنا ايه اللى جابنى نا ..؟
أيمن : أنا يا شيخى .. أنا وأشرف اللى جبناك .. وياريت ترتاح ومتجهدش نفسك .. دى أوامر الدكاترة .. واطمن .. المستشفى هنا ممتازة وحيعملوا كل اللازم .. وان شاء الله تقوم لنا بالسلامة ..
عبد الله : بس يا أيمن يابنى .. أنا مقدرش على مصاريف مستشفى زى دى .. ولا حتى مستشفى حكومى .. اديك شفت الحالة بنفسك .. رجعنى .. رجعنى بيتى يابنى الله يسترك .. أنا مش حمل مصاريف المستشفيات ..
أيمن ولا يزال مبتسما ممسكا بيد شيخه : اسمع يا شيخ عبد الله .. أنا لأول مرة حخالفك ومش حقدر انفذ اللى بتطلبه منى .. سامحنى .. أنا مش ممكن اسيبك فى الظروف دى .. انت فضلك على كبير .. ومهما عملت ومهما قدمت لك مش حقدر اوفيك حقك على .. واطمن .. ولاد بنتك الله يرحمها أمانة عندى لغاية ما تقوم بالسلامة ..

بكى الشيخ عبد الله .. وهو ينظر الى سقف الحجرة .. فانسابت دموعه من مقلتيه لا يستطيع ان يوقف اى منها .. قال بعد سكوت طويل .. والله يا أيمن لولا الولاد اليتامى الصغيرين دول اللى مش عارف مصيرهم حيكون ايه بعد ما يسترد ربنا وديعته .. أنا كنت حكون راضى وسعيد بحكم الله وقضاه وانى حقابل وجه رب كريم حاولت انى ارضيه ويارب أكون نجحت ونلت رضاه .. أنا يمكن أكون دلوقتى راضى باللى كتبه الله على.. لكن مش حقدر اكدب على نفسى ولا على ربى لو قلت انى سعيد وأنا سايب اليتامى دول ومش عارف مصيرهم ايه .. لكن فى النهاية ليهم رب رحيم .. هو اللى خلقهم .. وهو ارحم منى ومن اى حد عليهم ..
سكت مرة اخرى ثم عاد يقول : أنا يا أيمن مش حطول .. وعارف انى فى المراحل الأخيرة من مرضى وانى والله اعلم مش فاضل لى كتير.. فوصيتك الولاد .. تحطهم فى دار رعاية كويسة .. وتطمن عليهم من وقت للتانى .. أنا حاطط لهم قرشين فى البنك يغطوا مصاريفهم .. كنت بحرم نفسى واحرمهم من حاجات كتير علشان اقدر اوفر لهم الفلوس دى .. وكمان اتفقت مع صاحب من المسجد ساكن جنبى انه يشترى الشقة وفلوسها على الفلوس اللى فى البنك يساعدوا شوية .. أنا حكلمه وأفهمه انك انت اللى حتكون مسئول عن الولاد علشان محدش يضايقك .. أبوهم عايش .. بس للأسف مدمن ولو وصل لهم ممكن يبيعهم علشان الهباب اللى بيطعاطاه .. هو كان انسان كويس .. كويس جدا .. بس للأسف اتلموا عليه ولاد الحرام اللى اتسببوا فى انه يدخل المعتقل .. وبعد ماخرج بقى انسان تانى من التعذيب اللى شافه .. اتحول مية وتمانين درجة وأدمن وحاله بقى صعب .. وميقدرش يتحمل مسئولية البنت والولد دول .. أنا عارف انى ممكن اكون بحملك أمانة كبيرة .. علشان كدة أنا مش حكون زعلان منك لو طلبت انى اعفيك منها .. فكر يا أيمن ورد على .. بس متتأخرش على فى الرد .. الوقت مش فاضل فيه كتير ..
ربت أيمن على كف الشيخ مبتسما وهو يقول : أمانتك فى عينيى يا شيخى .. بس ان شاء الله ربنا حيقومك لنا بالسلامة .. وباذن الله انت اللى حتكمل المشوار معاهم .. أنا الدكاترة طمنونى على حالتك .. والحالة مش متأخرة زى ما انت بتقول ولا حاجة .. ان شاء الله حتخف وحتبقى زى الفل .. وحترجع تأمنا فى المسجد مرة تانية .. ونستمتع ونستفيد من دروسك عن الرسول والصحابة ..

نظر اليه الشيخ وهو يعلم انه يهون عليه حاله .. يعلم انه لن يخرج من هذه المشفى الا فى كفن الى مثواه الأخير .. ولكنه ابتسم ليرد له جميله فى مواساته وهو يقول .. ان شاء الله يا ابنى ..
أيمن وقبل أن يغيب الشيخ مرة أخرى عن الوعى : اسمع يا شيخى .. أنا حسيبك ساعتين تلاتة .. حوصل زهرة وعبد الرحمن البيت عندى .. وارجعلك .. اطمن .. أنا مش عايش لوحدى .. أنا رجعت اعيش مع والدى .. وعندنا ست كبيرة فى البت هى اللى بتخدمنا .. يعنى اطمن .. الولاد حيكونوا بخير معانا ومعاها ..
رد الشيخ فى لهفة : أفهم من كده انك وافقت تشيل الأمانة ..؟
أيمن بابتسامة عريضة : ما قلت لك يا شيخ : الولاد حيبقوا فى امان معانا باذن الله .. ثم ربت على كفه وخرج الى الصغيرين الذين كان يجلس أشرف بجوارهما يداعبهما ...

خرج أيمن من الحجرة .. جلس مع أشرف والأولاد دقائق يداعبهم ويطمأنهم على جدهم .. ثم ابتعد قيلا ليتكلم مع والده ويشرح له الأمر .. فى البداية رفض والده فكرة وجود الطفلين لديهم وتحمل مسئوليتهم .. ولكنه رضخ فى النهاية عندما اخبره أيمن انه فى حالة رفضه لهم سوف يعود للعيش مع الأولاد بشقته ..

كان أيمن يمر بحالة من الحماس للوقوف بجانب الشيخ أو بالأحرى بجانب الطفلين اليتيمين .. فهو يعلم تمام العلم من الأطباء أنها الأيام أو ربما الساعات الأخيرة لشيخه صاحب الفضل الكبير فى هدايته بعد الله تعالى ..

كان فى حالة حماس لدرجة انه بدأ يفكر فى مستقبل الطفلين منذ أن عقد العزم على تحمل الأمانة وتحمل مسئوليتهما .. وانساه حماسه فى تلك اللحظات خططه مع رغد ..

اصطحب الطفلين الى منزل والده .. ووصى الست انيسة صاحبة الخمسون عاما عليهم .. ثم عاد بعد ان قضى معهم بعض الوقت ليطمئنوا لوضعهم الجديد .. ثم عاد الى الشيخ بالمشفى .. ولكنه تلقى تليفون من رغد وهو فى طريقه الى المشفى ..
رغد بسعادة : ايمن حبيبى .. انت لسة مروحتش .. انا سامعة صوت عربيات ..
أيمن : أيوة يا حبيبتى .. أنا رايح المستشفى .. اصلى نقلت الشيخ عبد الله للمستشفى .. حالته صعبة جدا ولازمه علاج ..
رغد : لا حول ولا قوة الا بالله .. تحب اجيلك يا حبيبى ..
أيمن : لا يا رغد الوقت اتأخر .. خليكى انتى مستريحة وعلشان كمان بابا وماما ميقلقوش من خروجك المفاجأ ده .. وأنا لم أرجع حكلمك .. بس أوعى تنامى .. أنا حابب اتكلم معاكى ضرورى ..
رغد : طيب يا حبيبى .. أنا حستناك .. خللى بالك على نفسك .. مع السلامة ..

وصل أيمن الى المشفى .. دخل الى الحجرة فلم يجد الشيخ عبد الله .. فانقبض قلبه بشدة واسرع الخطى الى حجرة الممرضات يسأل عنه فأخبروه أن الحالة قد تدهورت فجأة واضطروا أن يدخلوه الى العناية المركزة ..

سارع أيمن الى العناية المركزة ولكن كانت هناك أوامر بعدم دخول أى أحد اليه ..

ذهب أيمن الى الطبيب المعالج ليستففسر عن الحالة فأخبره أن الحالة اصبحت متدهورة للغاية .. وان ما يفعلونه ليس الا لتخفيف الآلام التى يمر بها .. ولكنه على أى حال لم يتبقى له سوى ساعات قليلة .. الا اذا حدثت معجزة من عند الله .. ثم طلب من أيمن أن يكثر له من الدعاء ..
اغتم أيمن بشدة وجلس خارج العناية المركزة .. لتمر الساعات وقد فصل شحن تليفونه وهو لا يشعر وقد نسى ان يتكلم مع رغد .. بعد منتصف الليل بقليل جاءه الطبيب وقال له أن الشيخ يطلب مقابلته ..

نظر ايمن الى وجه الطبيب وقرأ حالة الشيخ من وجهه .. فارتعب من مواجهة تلك اللحظة وحط سواد الحزن على قلبه من قبل أن يلتقى بشيخه لمرة الأخيرة ..
دخل الى الحجرة يجر قدميه جرا ليقترب من سرير الشيخ ..

نظر اليه الشيخ بصعوبة بالغة بالرغم من انه قد عاد لوجهه النضارة التى عهدها أيمن عليه يوم التقى به للمرة الأولى .. حتى ان ايمن تعجب مما يراه .. فقد أكد له الطبيب منذ لحظات ان الحالة متدهورة وانه يقترب من النهاية .. فكيف له يراه على مثل هذه الحالة الطيبة ؟؟!!!! .. فعلى وجه الشيخ ابتسامة طيبة وكأن الآلام قد بارحته .. تأمل ايمن تلك الابتسامة بتعجب .. فهو لم يعهد مثلها فى حياته .. شعر وكأنها ابتسامة نورانية ملئت الحجرة بسكون عجيب .. يبتسمها الشيخ لشيء لا يراه ولا يدركه أيمن من حوله .. علم أيمن انها أجمل وآخر ابتسامة من شيخه .. فزرفت عينيه الدموع التى انسابت على خديه وهو يقول باكيا : شيخى ..

ظلت الابتسامة حية .. مرسومة على وجه الشيخ عبد الله على الرغم من انه قد فارق الحياة .. ظلت تخبر أيمن بان شيخه الآن فى أمان .. وتذكره بالأمانة .....
مرت ثلاثة ايام كان خلالهما ايمن مشغول بوفاة ودفن الشيخ عبد الله .. ولكن شغله وهمه الأكبر كان مع زهرة وعبد الرحمن .. فبجانب ان قلبه يتمزق علي حالهما .. وهما لا يعلمان الى الآن برحيل جدهم .. كان يفكر فى طريقة تجعل وجود الطفلين معه قانونى ..

ذهب مرة أخرى الى سكن الشيخ عبد الله وقابل جيرانه فعلم منهم ان الشيخ والأولاد ليس لديهم اقارب بالمرة .. او بالأحرى لا يعرفون عن اقاربه شيئا فهم لم يلاحظوا دخول أو خروج احد الى الشيخ من قبل بالرغم من السنوات الطويلة التى عاشها معهم .. ففى البداية عاش هو وابنته ثم عاش بمفرده فترة عندما تزوجت .. ثم عادت الى بيت ابيها ومعها الطفلين بعد ان تركت زوجها .. ثم مرضت وماتت من عامين ..

تردد ايمن فى البداية فى السؤال عن مكان والد الطفلين خوفا عليهما من تصرفه معهم كما أخبره الشيخ ولكنه قرر فى النهاية أن يجده على أمل أن يقنعه بالعلاج من الادمان ليتحمل مسئولية اطفاله ولكن اى من الجيران لم يكن يعرف مكانه ..
كان أيمن على تواصل مع رغد ولكن الحديث بينهما كان مختصرا .. يقتصر فقط على ما يقوم به أيمن فى تلك الأيام من أجل الطفلين ..

مر أسبوعين على نفس الحال وهو يبذل جهدا كبيرا مع الطفلين الحزينين بعد أن أخبرهما بوفاة جدهما .. كان يرى اليتم متجسدا امامه فيهما لدرجة انسته فى تلك الأيام رغد وحبه لها ومشروع الارتباط الذى كان على وشك أن يبدأ بينهما .. وبالرغم من قربها منه فى تلك المحنة وهى تحاول ان تساعده وتساعد الطفلين على ان يتخطوا محنتهم وآلامهم .. فهى بالفعل متعاطفة معه ومع الطفلين.. الا انها فى نفس الوقت قد بدأت تتذمر بداخلها .. تنتظر ادنى خطوة ايجابية من حبيبها .. تنتظر منه أن يطلب من أشرف الذى كان يشاركه ويشارك الطفلين ظروفهم .. أن يتكلم مع والدها لتحديد ميعاد الزيارة التى سوف يتقدم فيها لوالدها لطلب يدها .. ولكنه لم يفعل .. كانت تشعر أن شغفه بها بدأ يتحول نحو الطفلين اللذين أحبهما بشدة ..

كان أيمن بالرغم من حزنه الشديد على الشيخ الا انه كان سعيدا بالتغيير الكبير الذى احدثه مع زهرة وعبد الرحمن من ملبس ومأكل وتنزه معه ومع رغد وأشرف ورنيم وأسرة أشرف خصوصا أمينة التى تعاطفت مع الطفلين بشدة .. بذل الجميع كل جهدهم لرعاية الطفلين والعطف عليهما ..
ظلت رغد بمرور الأيام تزداد غضبا من أيمن ومن اهماله لها حتى انها بدأت تتيقن ان حبها فى قلبه قد خبا .. فانتهزت يوما وجود زهرة وعبد الرحمن لدى أمينة وتكلمت معه ..
رغد بتردد : أيمن .. انت فين يا حبيبى ..
أيمن : فى الشغل يا حبيبتى ..
رغد : طيب حتخلص امتى .. أنا عايز أشوفك .. حابة اتكلم معاك شوية يا حبيبى ..
أيمن بدون اهتمام وبدون كلمات الحب التى اعتادت رغد سماعها منه : طيب يا رغد .. حكلمك أول ما أخلص شغل بحيث نتقابل وبعدين نروح لطنط امينة علشان آخد زهرة وعبد الرحمن ..

شعرت رغد فى تلك اللحظة بضيق شديد من رده وبدأت تشعر بنوع من الغيرة والحقد ولأول مرة على الطفلين .. ولكنها لم تظهر له ذلك وردت : اوكى يا حبيبى حستنى تليفونك ..
مرت عدة ساعات وانهى ايمن عمله ولكنه قبل أن يطلب رغد رغب ان يطمئن على الأولاد .. فطلب امينة التى ردت عليه بعد عدة رنات .. سألها أيمن عن الطفلين فأخبرته بأنهما بخير ولكنها تشعر ان حرارة عبد الرحمن قد تكون مرتفعة قليلا وانه خامل بعض الشيء ولا يريد ان يتناول الطعام ..
دب القلق فى قلب أيمن واضطرب بشدة واخبر أمينة انه آتى اليها فى الحال .. وبالطبع نسى اتفاقه مع رغد ولم يطلبها ..

وصل الى بيت امينة بسرعة .. وبالفعل وجد عبد الرحمن يعانى من ارتفاع درجة الحرارة و بدأت تظهر على جلده بعض البثور .. فقالت له امينة انه ربما يكون قد اصيب بالحصبة .. ولكنه آثر أن يذهب به الى المشفى ليطمئن عليه .. فحمله وجرى مسرعا هو وأمير الذى وصل الى البيت منذ دقائق قليلة واستقلا سيارة أمير وتركا زهرة لدى أمينة ..

وصلا الى المشفى بعد نصف ساعة .. ليبدأ الطبيب الكشف عللى عبد الرحمن .. وفى هذه الأثناء اتصلت رغد بأيمن الذى نظر الى شاشة التليفون ولم يرد .. فعاودت الاتصال به فرد عليها بعد الاتصال الثالث .. فقالت بغضب والكلمات تخرج منها كطلقات الرصاص : انت فين يا أيمن .. انت لسة فى الشغل ولا ايه ؟ ليه ما اتصلتش بى لغاية دلوقتى .. هو مش المفروض انك حتعدى على ..
كان أيمن فى تلك اللحظات فى قلق واضطراب شديد ولكنه حاول أن يتمالك نفسه فرد عليها : أنا مشغول دلوقتى يا حبيبتى .. ممكن تقفلى دلوقتى وحكلمك أول ما أفضى ..
رغد وقد نفذ صبرها واستشاطت غضبا من رده : انا بقولك انت فين وليه لحد دلوقتى متصلتش بى .. ويا ترى مشغول فى ايه ..
أيمن : عبد الرحمن تعبان يا حبيبتى وانا معاه فى المستشفى دلوقتى ومستنى الدكتور يطمنى عليه .. حكلمك أول ما الدكتور يطمنى يا حبيبتى ..
رغد بنفس النرفزة : لا وعلى ايه تكلمنى .. وعلى على ايه حبيبتى من اصله .. انت خلاص مبقتش فاضى لى .. خليك مع عبد الرحمن وزهرة لغاية ما تجوزهم وتطمن عليهم .. ثم أغلقت الخط بعصبية وانهارت فى البكاء فوق سريرها ..

لم يهتم أيمن بما فعلت رغد على اساس ان الذى بينهما اكبر من اى خلاف بينهما وانه سوف يحتوى غضبها بمجرد ان يقابلها .. هو يعذرها .. ولكنه فى نفس الوقت يحاول أن يوفى بوعده للشيخ .. كان يتمنى ان تفهمه وتعاونه على ما يمر به وتعينه على الحفاظ على امانته ..
لاحظ أمير الذى كان جالسا بجوار أيمن اثناء مكالمته مع رغد .. لاحظ تأثير المكالمة بين ايمن ورغد التى كان صوتها قد وصل الى مسامعه عبر التليفون من شدة غضبها وانفعالها على أيمن .. ولكنه اكتشف انه لم يعد يهتم وما عاد يفكر فى أمرها أو ما يصيبها من حزن أو سعادة .. فعمله الدائم ومسؤولياته التى تزيد يوم بعد يوم فى الشركة واحتواء سارة له ولجميع ما يمر به فى العمل من مشاكل أو احداث تشاركه فيها الرأى والمشورة .. واللحظات القليلة الجميلة خارج العمل التى يقضيانها سويا قد جعل سارة هى حبه الأخير ..

مرت الأيام وأيمن ملازم لعبد الرحمن يرعاه حتى يشفى من الحصبة التى اصابته .. كان كل يوم يمر يقربه أكثر من الطفلين ويبعده عن رغد التى لم تفكر أن تتصل به مرة واحدة بالرغم من انه ظل يتصل بها كل يوم مرات عديدة حتى بدأ يمل من تدللها عليه خصوصا بعد ان اضطر الى ان يشتكيها لاشرف ورنيم ولكنها أصرت على ان لا تقابله ولا تتكلم معه حتى يضع حدا لما سمته بالمهزلة .. وهى وجود الطفلين معه .. ووضعت شرطا لقبول لقائه وهو ان يضع الطفلين بدار رعاية حتى يتفرغ لها ..

لم يفقد أيمن الأمل وطلب من رنيم وأشرف ان يحضروا رغد الى النادى بدون ان تعلم انه سوف يأتى .. وبالفعل قابلها فى ذلك اليوم .. وبعد دقائق قليلة تركهم أشرف ورنيم ليتكلموا ويضعوا حلا للمشاكل التى بينهم .. فى البداية حاولت رغد أن تقوم لتغادر .. ولكنه أمسك بيدها وهو ينظر اليها لعلها تلين ولو قليلا وطلب منها ان تجلس وتستمع اليه فاضطرت للجلوس وهى تبدو فى حالة عصبية وضيق منه .. ولكنها كانت فى قرارة نفسها ترغب فى ذلك لعلها هى التى تستطيع ان تقنعه بطلبها ..

مرت اكثر من ساعة وهم فى نقاش كل منهم يحاول اقناع الآخر بوجهة نظره .. فأيمن قد أخبرها انه مازال يحبها ولا يستطيع ان يتصور حياته بدونها .. ولكنه فى نفس الوقت لن يستطيع أن يبتعد عن الطفلين ولن يأمن عليهما فى دار الرعاية ابدا .. أخبرها أنه على استعداد أن يتقدم لها للزواج ولكن سيظل يرعى الطفلين فى شقة صغيرة سوف يشتريها بجوار شقة الزواج فى وجود الخادمة الحالية لترعاهم .. ورغد أخبرته برفضها لتلك الفكرة .. فهى لا تضمن كم من الوقت سيتركها ليقضيه مع الطفلين .. وانه ليس ذنبها أن تبدأ حياتها معه بهذه الطريقة .. فوجود الطفلين فى حياته سوف يفسد عليهما الحياة .. اخبرته انها متمسكة بوضع الطفلين فى دار الرعاية وان هذا كان منتهى طموح الشيخ عبد الله قبل الوفاة .. أو البحث عن والدهم وتسليمهم له ..

فى النهاية أصر كل منهم على موقفه .. فقامت رغد وتركت المكان بهدوء وهى تقول له : اسمع يا أيمن الظاهر اننا مش حنتفق .. واننا وصلنا لنهاية علاقتنا .. ومع ذلك انا حصبر عليك اسبوع تفكر فيه كويس .. ولو قرارك زى ما هو فاعتبر ان العلاقة انتهت .. ثم تركته وذهبت ..

كان أيمن ينظر اليها غير مصدق ما يسمعه منها .. هل بهذه السهولة تتركه رغد .. لم يكن يتصور أبدا أن تنتهى علاقتهما بهذا الشكل .. ولكنه هو أيضا قد اوجعته كرامته ورفض اسلوب الابتزاز هذا الذى تتعامل به معه .. فأخذ قراره فى الحال وأمسك بتليفونه .. وكتب لها على الواتس آب ..
"ستظلين حبيبتى الى نهاية عمرى .. وستظل نبضات قلبى تنادى عليكى فى كل ثانية .. ولكنى أرفض اسلوبك القاسى هذا وارفض ان تنتظرى اسبوعا كى تعلمى قرارى .. فقد اتخذت قرارى يا حبيبتى .. وساحيا للوفاء بامانة الشيخ عبد الله فى محراب حبك .......وداعا يا من لم أحب قبلها ولن أحب بعدها .... ...."


استيقظت سلمى ذات صباح وهى تشعر باشتياق لعلا ابنتها .. فمنذ أن قررت علا أن تعود لبيتها وتتفرغ لتربية أولادها لم تتصل بأمها سوى مرات قليلة .. كانت تشعر سلمى خلالها بحزن ابنتها الشديد على حالها .. لذا قررت فى هذا اليوم ان تزورها فى بيتها لتطمئن على احوالها واحوال حفيديها .. فقد افتقدتهما كثيرا .. وفى نفس الوقت تخبرها بقرار زواجها من نادر ..
طلبت سلمى علا تليفونيا وبعد أن اطمأنت عليها وعلى احوالها .. أخبرتها بانها سوف تأتى مساءا لزيارتها ..

وصلت سلمى الى بيت علا فى المساء .. وبعد الترحاب وكلمات الاشتياق .. سألتها سلمى عن ياسر .. وهل تلقت عنه أى أخبار .. فاخبرتها علا بانه بالفعل قد هاتفها منذ عدة أيام من دبى .. فقد سافر منذ شهرين وبدأ عملا جديدا فى دبى .. وأنه يحاول أن يعود اليها ..
ردت عليها سلمى والتى تفاجأت بنبرة الاستسلام من ابنتها : طيب واتى ايه رأيك يا علا ..؟
لم تجاوبها علا على سؤالها ولكنها فاجئتها بسؤال آخر : انتى ليه يا مامى مقلتليش ان الست اللى خانى معاها ياسر هى سمر .. ليه خبيتى عنى ..؟
تلعثمت سلمى وهى ترد عليها : وانتى عرفتى منين انها كانت سمر ..
علا : مش مهم عرفت منين .. المهم ان دى هى الحقيقة وانكم انتى وجمال خبيتم على ..
سلمى فى محاولة منها ان تخرج من هذا المأزق .. فهى ليست لديها اجابة مقنعة على سؤال ابنتها : اسمعى يا علا .. اللى حصل حصل وكل شيء راح لحاله .. سمر راحت للى خالقها وهو يحاسبها على اللى عملته فى حقك وحق اخوكى وحق نفسها قبل كل شيء .. وأكيد هى دلوقت أخدت جزاءها .. انا خبيت عنك وقتها علشان كنت خايفة من تهور أخوكى لوعرف و كمان علشان أمنع خراب البيتين .. لكن القدر يا حبيبتى كان له كلمة تانية لما أخوكى عرف بالصدفة .. وأهو مراته راحت فيها .. وولاده ايتموا .. فانسى يا علا .. انسى يا بنتى لانك انتى الوحيدة اللى حتتعبى من التفكير .. حاولى تتفرغى لولادك .. أنا بحاول ليل ونهار مع اخوكى علشان هو كمان ينسى ويبدأ حياته من جديد ..
علا وهى مستسلمة كأنها تحت تأثير مخدر ما : فعلا .. عندك حق .. اللى حصل حصل .. .. وأنا الوحيدة اللى طلعت خسرانة .. هى ماتت واتعرف مصيرها .. وجمال يوم والتانى وينسى اللى حصل هو كمان ويشوف حياته .. وياسر سواء رجعنا أو مرجعناش لبعض حيعيش حياته هو كمان .. لكن أنا أعمل ايه .. ومعايا الولدين .. اختار انى ارجع لأبوهم علشان خاطر ميعيشوش مشتتين بينا .. طيب أنا حستحمله ازاى .. ولو أنا استحملته .. أخويا المسكين ده حيكون موقفه ايه منه .. ؟ !! .. سكتت قليلا وهى تتجرع مرارة كلماتها ثم قالت والدموع ملئ مقلتيها : ساعات كل الخيارات بتبقى طريق مسدود ومش قادرة تمشى فى أى واحد فيهم ..

تحركت سلمى من مكانها واحتضنت ابنتها .. تربت على ظهرها وتضمها اليها بشدة : لا حول ولا قوة الا بالله .. ربنا يفك كربك يا حبيبتى .. أنا مش عايزاكى تستسلمى للحزن اللى أنا شايفاه فى عنيكى ده يا علا .. ولادك محتاجينك يا بنتى .. انتى طول عمرك قوية .. لازم تنفضى اليأس ده من عليكى وتنتبهى لنفسك ولولادك ..

نظرت علا الى طفليها اللذان يلعبان حولهما وقالت فى أسى : ولادى ..!! ولادى همه الشيء الوحيد اللى بيجبرنى على انى أفضل مستمرة فى الدنيا دى .. ولولا وجودهم أنا كنت اتخلصت من حياتى من ساعة ما اكتشفت خيانته .. أنا يا مامى لا باكل ولا بنام .. وتعبت .. تعبت من التفكير وقلة الحيلة .. ومش عارفة اذا كنت حقدر استمر واربيهم ولا النهاية حتكون قريبة وفى الآخر حيربيهم أبوهم الخاين .. واتنسى مع الأيام حتى لو كنت أنا الضحية ..
سلمى .. وقد انتابها فزع شديد من كلمات ابنتها وتفكيرها : ايه الكلام اللى بتقوليه ده يا بنتى .. استغفرى ربك ومتنسيش ان اللى انتى فيه ده مجرد اختبار من ربنا سبحانه وتعالى .. وعلينا اننا نرضى بكل ابتلاءاته .. يا حبيبتى .. الدنيا مش نهاية المطاف .ولا هى دار عدل .. الدنيا طريق بنمشية علشان نوصل من خلاله للآخرة اللى فيها العدل المطلق .. ولو حد ظلمك فى الدنيا لازم يكون عندك يقين ان ربنا سبحانه وتعالى حيقتص لك منه فى الدنيا .. ولو ده محصلش يبقى فى الآخرة يا حبيبتى .. أوعى يا على الشيطان واليأس يخلوكى ترتكبى فى حق نفسك وحق ربك غلطة تكونى من بعدها من الخالدين فى النار .. الانتحار يا حبيبتى اللى بتفكرى فيه ده هى دى آخرته ..

سكتت سلمى قليلا تفكر فى كلمات أخرى تقولها لابنتها لعلها تزيد من قوة ايمانها وثباتها فقالت : وبعدين يا علا لو كل واحد شايف ان الانتحار هو الحل لمشكلته كان زمان البشرية فنيت من زمان .. لان مفيش حد خالى يا بنتى من المشاكل والصعوبات .. طيب ذنب الولاد دول ايه .. وايه حيكون مصيرهم .. يهونوا عليكى .. يهونا يا علا ؟ .. ثم سكتت سلمى مرة أخى لتقول بعد قليل : اسمعى يا علا .. أنا كنت جاية النهاردة اطمن عليكى واقولك خبر يخصنى .. بس بعد الحالة اللى أنا شيفاكى فيها دى .. أنا مش ممكن أسيبك .. وهو حل من اتنين ملهومش تالت : يا اما ترجعى تعيشى معايا ومع أخوكى .. يا اما يرجع أخوكى فيلته وأبقى أنا معاكى ومعاه هنا .. وأهو الفيلتين قريبين من بعض .. أما بخصوص الموضوع اللى كنت حابة اكلمك فيه .. فممكن يتأجل أو حتى يتلغى .. المهم عندى تكونى انتى واخوكى وولادكم بخير ..
علا وقد بدأت تنتبه الى كلام امها وتترك هذا الاستسلام الذى يبدوا عليها : موضوع ايه ده يا مامى اللى كنتى عايزة تتكلمى معايا فيه ..؟
سلمى فى اضطراب : مش مهم .. انسى كل المواضيع يا حبيبتى .. انتى عندى دلوقتى الأهم ..
علا : بس أنا مصرة انى أعرفه ..
لم تجد سلمى بدا تحت اصرار علا من أن تخبرها عن موضوع زواجها من نادر وهى فى تردد واضطراب شديدين ..
علا : بعد ان سكتت طويلا وكأنها لا تريد أن تتسرع فى الرد على ما أخبرته به امها : مبروك .. مبروك يا مامى .. ده من حقك .. وانكل نادر راجل بمعنى الكلمة .. ثم ضمت اليها أمها وهى تقول : ربنا يسعدك يا حبيبتى ..

لم تصدق سلمى نفسها وهى تسمع ابنتها صاحبة المحنة الكبيرة وهى تبارك زواجها من نادر فى تلك الظروف .. لذا قالت لها : الله يبارك فيكى يا حبيبتى .. بس أنا خلاص .. قررت أطلب من نادر اننا نأجل الموضوع لحد ما تشدى حيلك كده واطمن عليكى .. ولو مش حيصبر .. يبقى خلاص .. مفيش نصيب ..
علا بلهفة : أوعى .. أوعى يا مامى تاخدى الخطوة دى .. انكل نادر ميتعوضش .. و بالنسبة لى .. اطمنى .. أنا حكون كويسة ..
سلمى : عايزة اصدقك يا علا .. بس الاستسلام للحزن اللى شايفاه فى عنيكى مخوفنى عليكى يا حبيبتى ..
علا : صدقينى يا مامى أنا استريحت لما اتكلمت معاكى .. ومفيش أفكار وحشة بتدور فى دماغى .. أنا حتى بفكر انى ارجع شغلى .. أهو يشغلنى شوية عن التفكير ..
سلمى وكأنها وجدت ضالتها : فعلا يا علا .. يا ريت ترجعى الشغل .. لانه هو الحاجة الوحيدة اللى حتنسيكى كل همومك .. بس فى نفس الوقت عايزاكى تفكرى يا حبيبتى فى أولادك .. حتعملى ايه بالنسبة لأبوهم ...
علا : أبوهم ده قصة وانتهت يا مامى .. الرجوع له مستحيل .. عارفة لو كان اللى خانى مع أى واحدة غير مرات أخويا واللى فى الأصل كانت صاحبتى .. كان ممكن ارجع له .. على الأقل علشان خاطر الولاد ميتربوش مفارقين .. لكن دى مرات أخويا .. وأنا مش ممكن احطم أخويا مرتين .. مرة لما عرف بخيانة مراته مع جوزى .. ومرة تانية لو رجعت له ..
سلمى : يبقى لازم تبلغيه انك مصرة على الطلاق .. وياريت هو كمان يفهم ويقدر وجهة نظرك ويبعد على طول ومن سكات .. ونخلص بقى من الموضوع ده ..
علا : متقلقيش يا مامى .. أنا حعرف اتفاهم معاه على كل شيء .. وانه من مصلحتنا احنا الأتنين ومصلحة ولادنا انه ينسانا ويبعد للأبد ..
سلمى : يارب يا علا .. يارب تعرفى تتفاهمى معاه بهدوء وتنهى الموضوع ده على خير ..

جلست سلمى مع علا واحفادها ما يقرب من الساعتين يجترا من الماضى والحاضر والمستقبل مواضيع كثيرة ثم عادت الى منزلها بعد ان تكلمت مع نادر مكالمة سريعة حددا فيها ميعادا للغد يتقابلان للترتيب لحفلة بسيطة لزواجهما القريب .. ثم تكلمت بعدها مع جمال تطمئن عليه وعلى الأولاد ثم طلبت بسمة التى كانت فى طريقها للجامعة لحضور محاضرة بعد الظهر لتطمئن على أحوالها وتخبرها بآخر تطورات موضوع علا وموضوعها مع نادر .. واتفقا بعد ذلك على ان يتقابلا مساءا عند سلمى كى تخبرها بتفاصيل تطور حالة شريف وعودة نظره له مرة أخرى وما حدث من والده .. وأيضا بما حدث بينها وبين والدها ..

وصلت بسمة الى الجامعة وحضرت المحاضرة ثم خرجت من المحاضرة لتتلقى مهاتفة من مجدى الذى بمجرد ان رأت اسمه على شاشة التليفون انقبض قلبها بشدة .. ردت بسمة بعد عدة رنات : ألو ..
مجدى بهدود وود لم تتعود عليه بسمة منه من قبل : دكتورة بسمة .. أنا الدكتور مجدى ..
بسمة باقتضاب : أيوة .. عارفة ..
مجدى : كنت حابب اتكلم معاكى شوية .. أنا فى المستشفى .. ممكن نتقابل فى الكافيتريا اللى جنب المستشفى بعد نص ساعة ؟
بسمة : دكتور مجدى .. بصرف النظر عن اللى حصل من حضرتك آخر مرة .. بس أحب اطمنك .. أنا عند اتفاقنا بالنسبة لموضوعى أنا وشريف .. اطمن حضرتك .. كل يوم بيمر على بزيد اصرار على تنفيذ اللى احنا اتفقنا عليه .. ثم قالت بطريقة تأكيد على كل كلمة .. أنا .. اللى .. رافضة .. انى .. أرتبط .. بشريف .. حتى .. لو هو .. آخر راجل .. فى الدنيا .. .. ثم اكملت .. ومفيش داعى أكرر لحضرتك السبب ..
رد مجدى بكل برود : تمام .. أنا كنت بس حابب اطمن انك مغيرتيش رأيك بعد اللى حصل .. وأفكرك ان أى تغيير فى اللى اتفقنا عليه حيضر بشريف .. وحيكون هو الضحية ..
بسمة بنرفزة : يا ريت حضرتك تبطل اسلوب الابتزاز لعواطف اللى حواليك .. لان ببساطة اللى بتستخدمه ده فى ابتزاز عواطفنا للأسف يبقى ابنك .. وابنك الوحيد على ما اعتقد .. يعنى المفروض انك تكون اكتر واحد خايف عليه .. عموما أنا مش فاضية .. وآسفة انى مش حقدر اقابل حضرتك .. اعذرنى .. أصل بابا عرف الموضوع .. وهو كمان رافض نسبكم .. وبشدة كمان .. اصلكم طلعتوا بلديات .. ويعرف حضرتك كويس جدا من أيام ما كنتم عايشين قى قرية واحدة .. علشان كده هو كمان رافض ارتباطى بشريف .. واعتقد ان دى الحاجة الوحيدة اللى اتفقتم فيها انتو الاتنين .. واعتقد ان ده يطمنك أكتر ..

كان يستمع الى ما تقول .. و للمرة الاولى يراجع فى نفسه اسمها بالكامل .. ليفقد توازنه من شدة المفاجأة ويجلس على مقعد المكتب فى ذهول وكأن الماضى قد عاد فجأة ليضربه على رأسه ضربة قوية تفقده توازنه وتعيده الى اصوله التى ظل طوال حياته يتهرب منها محاولا نسيانها .. عادت اليه الذاكرة تعصف بماضيه وحاضره ومستقبله وتكشفه أمام بسمة كما كشفته من قبل أمام خلود ووالدها .. ليفتضح أمره وأصله من جديد .. ولكنه حاول تدارك الأمر بدم بارد .. فتجاهل ما قالت تماما وكأنه لم يسمعها من الأصل .. وكأنها لم تقل شيئا ليرد عليها بنفس البرود : تمام .. يعنى الكل متفق على رفض الارتباط ده .. وده علىى ما اعتقد حيسهل مأموريتك .. واتمنى اننا ننتهى من الموضوع ده فى اقرب وقت ..
توقعت بسمة رد فعله هذا فردت عليه : اطمن يا دكتور .. قريب جدا ان شاء الله حتسمع اخبار تسرك ..
مجدى : بصراحة يا دكتورة بسمة أنا كنت عايز منك كمان انك تتكلمى مع خلود .. اصلها واخدة الموضوع على صدرها حبتين ومصممة تعمل مشاكل بينى وبينها بسبب انى رافض جوازك انتى وشريف .. فياريت تتكلمى معاها بهدوءك ده وتقنعيها بأنه مفيش داعى للمشاكل اللى حتعملها لانه زى مانتى عارفة .. ده مش من مصلحة شريف ..

ابتسمت بسمة ابتسامة سخرية على الطرف الآخر من المهاتفة وهى تهز رأسها لا تصدق تصميمه على ابتزاز جميع من حوله مستخدما مشاعر حبهم لشريف .. ابنه الوحيد .. فردت عليه : اعتقد يا دكتور ان اقناع خلود هانم بحاجة زى دى صعب شوية .. خصوصا بعد اللى عرفته .. وبعد اللى شافته بينا فى مكتب حضرتك .. لكن على العموم أوعدك انى أحاول ..
مجدى : شكرا يا دكتورة .. وعلى فكرة أنا على وعدى ليكى بخصوص موضوع مستقبلك وتعيينك معيدة فى الجامعة .. بس انتى شدى حيلك معايا فى التفوق ..
بسمة وما زالت ابتسامة السخرية والحزن تعلوا شفتيها : لا يا دكتور .. متشغلش بالك بموضوع مستقبلى والكلام ده .. صدقنى .. أنا بعمل اللى بعمله علشان انا اصبحت مقتنعة بانى أنا الكسبانة من عدم ارتباطى بشريف .. وحكررها لحضرتك تانى .. السبب انت عارفه كويس ..

انهى مجدى مهاتفته مع بسمة وهو يستشيط غضبا مما قالت له ومن هزيمتها له وفضحه امام نفسه .. أما هى فقد توجهت الى بيتها ودموعها قد غلبت مقلتيها وقلبها يعتصر حزنا على حبها الضائع وعلى حال حبيبها بعدها ..
عادت الى البيت .. جلست مع والدها بعد ان تناولا الثلاثة الغداء .. وتوجهت امها لتنظيف المطبخ .. حكت له ما دار بينها وبين مجدى .. فضمها اليه بعد ان غلبتها دموعها أمامه .. كان يشعر بحبها الكبير لشريف .. ولكن لم يكن بيده شيء يقدمه لها سوى هذا الحضن الطيب الحنون لعله يعوضها قليلا عما تشعر به من حنين الى شريف ..

تذكرت بسمة موعدها مع سلمى ولكنها كانت فى مود لا يسمح لها بان تلتقى بأحد خصوصا أن اللقاء سوف يكون مساءا .. وحتما سيكون جمال بالبيت .. طلبت سلمى لتعتذر عن اللقاء ولكن سلمى أخبرتها بان جمال سوف يتأخر فى العمل وأنها وحشت الأولاد وبيسألوا عنها دايما .. فردت عليها بسمة : وأنا كمان وحشونى أوى ونفسى العب معاهم شوية .. يمكن الواحد ينسى اللى هو فيه .. عموما دقايق واكون عندك ..

دخلت بسمة الى منزل سلمى فاستقبلها الأولاد بفرحة غامرة كل منهم يريد أن تحمله وهو يصيح باسمها بلكنتهم الطفولية الجميلة .. وبالفعل اندمجت بسمة معهم وأخذوا يلعبون ويصرخ ثلاثتهم وهم يجرون هنا وهناك حتى تعبت بسمة وجلست تستريح وكلا الطفلين يجلس فوقها ..
نظرت سلمى الى ثلاثتهم لا تصدق سعادة الثلاثة .. ولا تصدق تلك الطاقة الايجابية التى تبعثها بسمة فيمن حولها بالرغم من قلبها الذى يعتصر حزنا على فقدانها الوشيك لحبيبها ..

جلس الطفلين بجوار سلمى وبسمة يلعبون سويا .. فانتهزت سلمى فرصة سكونهما وسألت بسمة عن أخبارها .. فأخبرتها بسمة بكل ماحدث خلال اليومين السابقين .. شعرت سلمى بالحزن من اجلها ولكنها فى نفس الوقت كانت تشعر بشيء من السعادة .. فما يحدث من تدهور فى علاقة بسمة وشريف .. ربما يكون فرصة لجمال فى ان يعيد حساباته ومشاعره تجاه النساء ويرغب فى ان يرتبط ببسمة ..

مر الوقت وبدأ النشاط يدب من جديد فى الطفلين وبدءا يطلبان من بسمة ان يلعبا من جديد .. فبدأت بسمة فى الهرب منهما وهما يجريان خلفها ثم تتعمد ان تسقط فوق الأريكة ليجلسا فوقها بنشوة الانتصار عليها بانهم استطاعوا ا يمسكوا بها ..

ظلا هكذا عدة مرات حتى تفاجئت بسمة بانها قد اصدمت بأحد وهى تجرى غير منتبهة .. فقد وصل جمال وفتح باب الشقة ودلف الى الداخل لا يشعر به سوى سلمى التى كانت تنظر هى وجمال فى سعادة الى لعب بسمة والأطفال بصخب لم يسمح أو تلاحظ بسمة بسببه وصول جمال ودخوله الى البيت ..
فزعت بسمة وهى تجد نفسها ترتطم بجمال الذى أمسك بها من ذراعيها قبل أن تسقط على الأرض بسبب ارتطامها به ..

سحبت بسمة يدها فى خجل بعد ان استعادت توازنها وهى تقول : يا خبر .. أنا آسفة ..
رد جمال وهو مازال مبتسما لها ومن حيويتها وطفولتها مع الأولاد : لا أبدا .. محصلش حاجة .. انتى كويسة ..؟
بسمة : فى اضطراب وهى تتجه الى سلمى : آه .. آه .. بخير .. ثم توجهت بالكلام الى سلمى : طيب يا طنط سلمى .. أنا اتاخرت .. لازم امشى .. كمان عندى شوية مذاكرة ..
جمال : ايه يا دكتورة .. هو اذا حضرت الشياطين ذهبت الملائكة ولا ايه ..
بسمة فى خجل : يا خبر .. لا أبدا .. بس فعلا أنا عندى شوية مذاكرة ..
جمال : طيب على الأقل اقعدى شوية مع الولاد وأنا حدخل اوضتى لو وجودى عاملك ازعاج .. اصل الولاد مبيبطلوش يسألوا عنك ..
بسمة : لا أبدا .. أنا حقعد شوية معاهم علشان تتطمن ان وجودك مش عاملى اى ازعاج ..

جلست بسمة تتسامر مع الأولاد تارة وتتكلم مع سلمى وجمال أخرى .. كان جمال خلال الجلسة يتوجه بأسئلة كثيرة لبسمة .. وفى كل اجابة لها برقتها المعتادة ولباقتها .. كان جمال يشعر بشيء من الاعجاب بها وبشخصيتها .. فانتهز الفرصة وقال لها : بسمة .. بعد بكرة الجمعة يوم اجازة يعنى .. وأنا وعدت الأولاد انى اخرجهم للنادى .. وبصراحة كنت عايز أطلب منك انك تيجى معانا .. وطبعا ماما حتكون معانا ..
لم تتوقع بسمة أن يطلب منها جمال طلب كهذا .. فردت بتردد : بصراحة مش عارفة ظروفى حتسمح ولا لأ .. عموما حشوف وارد على طنط سلمى ..

ارادت سلمى ان تطرق على الحديد وهو ساخن فقالت : اسمحيلى يا بسمة اطلب منك نفس الطلب .. يعنى احنا والولاد دلوقتى اربعة على واحد .. ولازم توافقى .. لانى بصراحة بتبهدل فى الخروج معاهم .. وانتى الوحيدة اللى بتعرفى تسيطرى عليهم .. وكمان أنا وعدت نادر اننا حنتغدى معاه فى النادى .. وعلا كمان حتكون موجودة بولادها .. ولو حابة كمان ممكن اكلم بابا وماما ييجوا معانا .. ان شاء الله نقضى يوم جميل ..

وجدت بسمة نفسها بين مطرقة وسندان لم تستطيع ان تتفلت من رغبتهما فى انضمامها اليهم يوم الجمعة القادم .. ردت فى خجل المضطر : تمام .. اللى تشوفيه يا طنط .. بس معتقدش ان بابا وماما حيوافقوا ييجوا معانا .. عموما انا حبلغهم .. ولو وافقوا حقول لحضرتك ..

شعرت بسمة ان هناك شيئا ما يحاك بين سلمى وجمال بخصوصها .. ولكنها لم تتيقن هل هذا مقصود أم اتى بالصدفة .. تذكرت شريف فى تلك اللحظة واشتاقت اليه .. فلم تلقى باللا لما دار بخلدها .. واستأذنت سلمى وجمال فى ان تذهب بعد أن نام كلا الطفلين وهما جالسين بجوارها .. كل متكأ على احدى جانبيها .. فقام جمال وحمل طفله ووضعه فى سريره ثم رجع وحمل طفلته ووضعها فى سريرها .. وعاد ليودع بسمة التى تركتهم وعلى وجهها ابتسامة بسيطة وخجل يزيدها رقة وجمالا ..

أمسكت بهاتفها بعد ان دلفت الى حجرتها تتفحصه بعد أن كانت قد تركته على الصامت .. هى تعلم أن شريف سوف يتصل بها .. بل سيتصل بها كثيرا .. تعمدت أن لا ترد عليه .. كجزء من خطتها فى ان توصل له رسالة ما .. وجدته قد اتصل بها أكثر من عشرين مرة .. بجانب عدة اتصالات من خلود .. وبمجرد ان بدلت ملابسها سمعت تليفونها يرن .. فأمسكت به وكان شريف هو المتصل ..
شريف بغضب ونرفزة .. انتى فين يا بسمة .. مش معقول عمال اتصل بيكى من بدرى مبترديش ليه ..
بسمة بدوء : أبدا يا حبيبى .. أنا كنت عند طنط سلمى ونسيت التليفون فى البيت ..
شريف : يعنى هو باباكى أو مامتك مش سامع التليفون ..
بسمة : هما مش متعودين يردوا بالنيابة عنى .. وبعدين محصلش حاجة ياشريف .. ادينى رديت عليك ..
شريف : فيه ايه يا بسمة .. أنا حاسس انك متغيرة .. ليه بتتعاملى معايا ببرود كده .. أنا عملت حاجة ضايقتك يا حبيبتى ..
بسمة : بغضب : أبدا يا شريف .. انت اللى بقيت حساس حبتين .. المهم انت عامل ايه دلوقتى يا حبيبى ..
شريف : حاسس انه مبقاش يهمك حالى .. عموما انا كويس .. بكرة الصبح حيعملوا آخر اختبار للنظر وقاع العين .. ولو كله تمام احتمال أخرج آخر النهار .. أنا عايز أشوفك ضرورى بكرة يا حبيبتى .. انتى وحشتينى أوى ..
بسمة بعد ان صمتت لحظات : بكرة .. بكرة .. اعتقد انه صعب يا شريف .. أنا وعدت ماما بكرة اننا حنزور جماعة قرايبنا .. خلينا نرتبها بعد ما تخرج بالسلامة باذن الله ..
شريف بحزن : معقول .. معقول يا بسمة .. كنت فاكر انك حتكونى اسعد واحدة وأنا بخرج من المستشفى معاكى ادام كل الناس بعد ما بابا وافق على جوازنا ..

كانت بسمة يعتصر قلبها عصرا من تلك التمثيلية السخيفة والقاسية التى تقوم بتمثيلها على حبيبها .. ولكنها حاولت أن تتقن دورها وتنهى الأمر فى اسرع وقت .. فهى تتعذب بما تفعله .. وتعلم انه بدأ يتعذب معها . وسوف يتعذب أكثر وأكثر فى القريب العاجل ..
ردت بسمة : معلهش يا حبيبى .. انت فاجئتنى بموضوع خروجك ده .. وانا كنت وعدت ماما .. خليها مرة تانية ..
شريف مغلوبا على أمره : طيب يا بسمة .. مفيش مشكلة .. تحبى نتقابل بعد بكرة ..
سكتت بسمة طويلا .. حتى ظن شريف انها لن ترد .. فأردف : هو فيه ايه يا بسمة .. انت مش شايفة انك بتهربى من مقابلتى .. ولا أنا غلطان ..
بسمة : طبعا غلطان يا حبيبى .. هو أنا ايه بس اللى حيخلينى اتهرب منك .. كل الحكاية انى كنت مواعدة طنط سلمى اننا نقضى اليوم مع بعض فى النادى مع ولاد ابنها .. ما أنا حكيت لك عنهم وقلت لك اد ايه الولاد اتعلقوا بى ..
شريف : آه .. سلمى .. وولاد ابنها .. ويا ترى همه بس اللى اتعلقوا بيكى ولا ......
بسمة فى غضب : تقصد ايه يا شريف ..
شريف بسخرية : لا أبدا .. مقصدش حاجة .. عموما براحتك .. لما تبقى تفضيللى .. ابقى اتصلى بيه ..
بسمة وقد خافت على ان يغضب شريف لدرجة تجعله ينتكس أو يتأذى من جديد فقالت بود : حبيبى مش عايزاك تزعل منى .. صدقنى هى الظروف جت كده .. عموما أنا مش حروح الكلية بكرة وحكون عندك من الصبح .. هه .. لسة زعلان منى ..
فرح شريف بداخله ولكنه لم يظهر لها .. فرد عليها باقتضاب : اعملى الى يريحك .. أنا مش حضغط عليكى ..
بسمة : اللى يريحنى أنا قلته خلاص .. بكرة الصبح حكون عندك ..

باتت بسمة ليلتها يجافيها النوم فتارة تبكى وأخرى تتماسك .. حتى جاء موعد الفجر فقامت متهالكة من قلة النوم تتوضأ وتصلى الفجر ثم جلست تدعو الله ان يثبتها ويقويها ويسامحها على ما هى مقدمة عليه .. وتدعو لشريف أن ينسيه الله حبه لها .. غفت ساعة أو ما يقرب من الساعتين قبل أن يدق جرس منبه الموبايل لتستيقظ متحاملة على نفسها من ارهاق قلة النوم .. تسير نحو الحمام وكأنها عجوز طاعنة فى العمر ثم تتوجه الى ملابسها لترتدى أى شيء وقعت عليه يدها وتخرج لتجد والديها يدعوانها للافطار .. فجلست شاحبة الوجه على الطاولة تتظاهر بأنها تفطر معهم .. وتحاول جاهدة أن تكون على طبيعتها .. ثم ماهى الا دقائق قليلة وتستأذنهم للذهاب الى الجامعة .. التى بالطبع لن تذهب اليها .. لانها وعدت شريف أن تذهب اليه بالمشفى ..

وصلت الى المشفى وطرقت باب حجرة شريف الذى تهلل وجهه حين رأها تطل عليه كالشمس فى نهار شتاء قارس البرد .. شعر بدفئ عجيب يملأ الحجرة ويملأ قلبه حين رأها .. فنهض من سريره وتوجه اليها مبتسما الى ان اقترب منها على بعد خطوة واحدة وهو يمنع نفسه بشدة من ان يضمها الى صدره .. وهو يقول : بسمتى .. وبسمة عمرى كله .. وحشتينى ياعمرى .. متشكر اوى انك جيتى ..
ردت بسمة بكلمات مهتزة وهى شاحبة الوجه تحاول الابتسام : وانت كمان يا شريف وحشتنى أوى ..

كانت تتعمد أن تقلل من مناداته بكلمات الحب الذى اعتادها منها .. والذى كان يحب سماعها منها .. كانت تتعمد أن لا تتكلم وتثرثر كثيرا أو تلقى النكات والقفشات كما تعود منها .. وأيضا حاولت أن يعتاد على غيابها .. فلم تكد تجلس معه دقائق معدودة .. هو فقط من يتكلم ويحكى ويحلم خلالها .. الا وتحججت بشيء ما لتتركه وتذهب .. لذا قضت معه أقل من النصف ساعة بقليل .. وما أن دخل أحد الأطباء لاجراء الاختبار الأخير على العين قبل أن يخرج من المشفى حتى أبلغته أنها سوف تذهب لاتباطها بموعد مع احدى الزميلات ..

نظر اليها شريف بتعجب .. لم يعتاد منها مثل هذه الأعذار .. كان يتوقع ان تظل معه حتى تطمئن على نتيجة اختبار البصر .. وربما توقع أيضا ان تصطحبه الى البيت فى حالة قرر الأطباء خروجه من المشفى .. لذا اقترب منها فى وجود الطبيب يقول لها : انتى بجد حتمشى ؟ !! مش حتستنى لغاية ما تطمنى على نتيجة التست ..

بسمة وهى تتهرب من مرمى عيونه تبحث عن تليفونها وحقيبتها : معلهش يا شريف .. دى بالذات صعب انى اطنش ميعاده .. دى اكتر من مرة تطلب نتقابل علشان اشرح لها حاجة فى المنهج وكل مرة ظروفى كانت بتخلينى اخلف ميعادى معاها .. أنا يدوب حقعد معاها شوية وبعدين حروح لزيارة جماعة قرايبنا مع ماما زى ماقلت لك عموما انا متفائلة بنتيجة التست .. ابقى طمنى بالتليفون اول ما توصلك النتيجة .. ثم لم تعطيه ادنى فرصة للرد عليها وحملت حقيبتها ووضعت بداخلها الموبايل وهى تسرع لخروج من الباب وهى تقول : باباى يادكتور .. باى باى يا شريف ..

خرجت من الحجرة وهى لا تصدق ماذا فعلته للتو .. خرجت ترتعش لتدخل أول مرحاض يقابلها وتغلق على نفسها وتبكى بشدة .. لا تصدق ولا تريد ان تفعل .. ولكنها بالفعل قد فعلت .. بدات تدخل الشك والريبة فى قلبه .. بدأت تدخل الحزن والحيرة فى قلب حبيبها .. ظلت لدقائق بالداخل حتى هدأت وخرجت عائدة الى بيتها .. فاستقلت سيارتها وهامت بها على وجهها .. لا تدرى لها وجهة .. حتى وصلت الى كورنيش النيل .. فترجلت من سارتها ودخلت احدى الكافيهات القابعة على كورنيش النيل .. جلست على احدى الطاولات .. تنظر الى صفحة النيل .. الى امتداده واتساعه .. تتذكر كل كبيرة وصغيرة من الذكريات مرت بينها وبين شريف .. جلست يعاتبها قلبها على ما تفعله بحبيبها .. ويحيها عقلها عليه .. وهى ممزقة بين هذا وذاك .. حتى انتبهت على رنين تليفونها ..
بسمة بصوت متحشج من البكاء : ألو ..
شريف بصوت حزين : حبيبتى .. انتى كويسة ..
بسمة : أيوة يا شريف .. أنا بخير .. ايه اخبارك .. نتيجة التست طلعت ؟
شريف : النتيجة تمام يا حبيبتى .. انتى طمنينى عليكى ..
بسمة : أنا تمام ..
شريف : أنا خارج كمان ساعة .. ياترى حقدر اشوفك مرة تانية النهاردة ..
بسمة بتلعثم وتوتر : حبيبى مش حينفع .. أنا قدامى حاجات كتير النهاردة .. بس ممكن نتقابل بعد بكرة ان شاء الله .. انا بكرة مشغولة مع طنط سلمى وولاد ابنها زى ما قلت لك ..
شريف بحزن : طيب يا بسمة .. أنا مش حضغط عليكى .. بس انتى فيكى حاجة متغيرة .. واعتقد اننا لازم نقعد ونتكلم .. واعرف ايه اللى مخليكى متغيرة بالشكل ده .. أنا يا حبيبتى قلقان عليكى أوى ..
بسمة : صدقنى يا شريف .. أنا مش متغيرة ولا حاجة .. كل الموضوع انى مجهدة الفترة دى .. الظروف اللى مرينا بيها كلنا أكيد مأثرة على نفسيتى وتصرفاتى .. ومع ذلك لما نتقابل بعد بكرة حتعرف ان مفيش حاجة تستدعى القلق اللى انت فيه ده ..
شريف : كان نفسى اقضى باقى اليوم معاكى النهاردة .. بس واضح انه صعب .. عموما انا حعد الساعات لغاية ما نتقابل بعد بكرة .. بس خللى بالك اليوم كله حنقضيه سوا مع بعض .. ومش حقبل اى اعذار أو حجج ..
بسمة : أطمن .. أنا كمان عندى نفس الرغبة .. ياللا بقى علشان صحبتى جاية من الحمام ومش عايزاها تاخد بالها .. علشان مش حخلص من سين وجيم ..
شريف ممازحا : للدرجة دى هى فضولية ..
بسمة : أوى .. أوى يا شريف .. ياللا بقى باى ..
أغلقت الخط .. كان شريف سعيد بالمكالمة كسعادة الأطفال حين تلاطفه امه .. أما بسمة فقد كانت فى تلك اللحظات شاردة .. تتعجب من نفسها ومما أصبحت عليه من اتقان للتمثيل والكذب ..

فى صباح الايوم التالى استيقظت بسمة فى التاسعة .. خرجت الى والديها تحاول ان تكون مشرقة كعادتها معهم .. جلست على الطاولة المملوءة بافطار يوم الجمعة الشهى الذى تعود والدها أن يقوم بتحضيره كل يوم جمعة .. فيعمل بيديه الفول والفلافل البيتى الشهية والبيض المقلى والمسلوق والزيتون والجبنة والمربى البيتى التى يصنعها بنفسه .. وفوق كل هذا المخللات التى ايضا يصنعها بنفسه .. فقد أصبح بعد المعاش يتفنن فى أمور المطبخ بعد أن أصبح من مدمنى مشاهدة قنوات الطبخ ..

نظرت بسمة الى الطاولة وهى تقول : صباح الخير .. ايه ده كله .. أنا كنت قايمة مش حاسة انى جعانة .. بس شكل الأكل حسسنى بالجوع .. تسلم ايدك يا أبو بسمة .. أنا بحب يوم الجمعة علشان الفطار الجميل ده وقاعدتنا مع بعض .. بيوحشنى الفطار معاكم أوى ..
حسنة وهى تنظر اليها بحنان : يا حبيبتى يا بنتى .. ربنا ما يحرمنا منك أبدا ..
خميس : تعالى يا حبيبتى ..يا نور عينى .. اقعدى بينا .. بس قربى منى شوية .. أنا بعمل الفطار ده مخصوص علشانك ..
حسنة بلوم : اخص عليك يا خميس .. علشان بسمة وبس .. طب يا راجل قولها مجاملة ..
خميس : يا خبر يا ام بسمة .. ده انتى الخير والبركة .. ده كل حاجة بتتعمل هنا علشانك ومن فضلة خيرك ..
حسنة : أيوة يا خويا .. كل بعقلى حلاوة كل .. هى عادتك ولا حتشتريها .. كل مرة تضحك عليا بكلمتين .. وانا من عبطى اصدقك .. اعمل ايه فى طيبة قلبى دى .. عموما .. أنا وبسمتى واحد .. مش أنا اللى مخلفاها .. يعنى لما توجه لها كلام حلو كأنك وجهتهولى تمام .. عموما .. تسلم لى ويسلم لى فطارك ..
التفتت بسمة الى امها وأمسكت بخديها بكلتا يديها ثم طبعت على خديها قبلتين بشدة وهى تقول لها : حبيبتى يا ناس أم قلب طيب ..
خميس : طيب أخرج أنا منها .. ناس تتعب فى تحضير الفطار وناس تانية تتباس ..
التفتت اليه بسمة وهى تفعل معه كما فعلت مع والدتها وهى تقول : والنبى ما تزعل يا أبو بسمة .. على رأى الست حسنة .. تسلم لى ويسلم لى فطارك ..
ضحك الثلاثة وتناولوا افطارهم فى سعادة .. ثم استاذنتهم بسمة بخروجها مع سلمى وأولاد ابنها .. فرد عليها خميس : وياترى الاستاذ جمال حيتكون معاهم ؟
بسمة فى عدم اهتمام : مش عارفة .. بس معتقدش ..

لا تعلم بسمة لماذا أخفت على ابيها أن جمال سوف يكون مع سلمى والأولاد .. فهو من طلب منها مصاحبتهم فى الذهاب للنادى .. ربما لم ترغب فى المزيد من النصائح والتنبيهات .. فوجود أو عدم وجود جمال لا يعنى لها شيئا .. ولكنها لاحظت نظرات متبادلة بين والديها تعنى لها شيئا لا تريد أن تفكر فيه .. على الأقل فى الوقت الحالى ..
------------------------------------------------------


Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-09-20, 09:52 PM   #104

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي البدايات الجديدة - الفصل الثالث والأربعون ... "الأخير" .....

البدايات الجديدة
الفصل الثالث والأربعون .. والأخير ..

ذهبت بسمة الى النادى لتقابل سلمى وجمال والأولاد .. رحبت بها سلمى .. وابتسم لها جمال ابتسامة امتنان على انها قد وفت بوعدها وجاءت الى النادى لتقضى الوقت معه ومع امه واولاده .. أما الأولاد .. فقد كانوا فى قمة سعادتهم بحضورها .. فأخذو يلتفون حولها ويصرخون باسمها من الفرحة .. فهى صديقتهم الكبيرة الصغيرة قد حضرت وسوف يستمتعون ايما استمتاع اليوم وهى تلعب معهم ..

لم تمضى سوى دقائق قليلة حتى حضر نادر وبصحبته ابنته ريم .. فتاة تقترب من الخامسة عشر .. نحيفة بدرجة ملفتة للنظر .. من يراها للوهلة الاولى يدرك كم هى متحررة ومتمردة .. ترتدى بنطالا من الجينز الممزق عند ركبتيها .. يبرز نحافتها اكثر مما هى عليه .. وفوقه بدى ملاصق لجسدها ويبرز مفاتن صدرها الذى بالرغم من نحافتها وصغر عمرها .. الا انها تتمتع بصدر يفوق مواصفاتها ..

اقترب نادر من الطاولة وبجواره ريم فألقى على الحاضرين السلام مبتسما : صباح الخير عليكم .. معلهش اتأخرنا شوية .. الست ريم هى اللى اخرتنى .. من بدرى مش عاجبها أى لبس .. وفى الآخر لبست شوية الهلاهيل اللى عليها دى ..

نظرت اليه ريم شذرا معترضة على ما تفوه به امام الجميع .. خصوصا .. تلك هى المرة الأولى التى تلتقى بهم .. ولكن تداركت سلمى الأمر فقالت وهى تنظر بابتسامة صافية الى ريم : لا يا نادر .. معندكش حق .. ده حتى لبسها جميل ولايق عليها أوى .. وبعدين دى موضة الجيل ده .. ايش فهمك انت فيها ..

ردت اليها ريم دفاعها عنها بابتسامة حمقاء من ابتسامات هذا الجيل الذى يفتقد معظمه الى اللياقة والذوق فى المعاملة .. ولكن لم تهتم سلمى لرد فعلها هذا .. فهى تعلم ما يدور بخلدها .. خصوصا انها فى القريب العاجل سوف تصبح زوجة ابيها .. ودخيلة على حياتها .. لذا لا بد ان تتعامل معها بحنكة وصبر على تصرفاتها حتى تستقيم الأمور بينهما ..

تداركت بسمة ايضا الأمر وتدخلت لتنهى تلك السخافة التى تسبب فيها نادر بحماقة غير مقصودة فى اول لقاء بين سلمى وريم فمدت يدها الى ريم وهى تقول مبتسمة : أهلا يا ريم .. أنا بسمة .. جارة طنط سلمى ..

مدت ريم طرف يدها بتأفف وجلست على مقعد كان بجوار جمال الذى ألقى عليها تحية مقتضبة : أهلا يا ريم .. أنا جمال .. ثم نظر الى بسمة مبتسما وهو يقول : وطنط سلمى تبقى امى ودول ولادى .. ياسين و وملك ..
قاطعته ريم بصلف وتهكم ليس له مبرر وهى تنظر فى عينيه : أفهم من كده ان بسمة تبقى مراتك .. ؟
صعق الجميع من سؤالها .. وساد الصمت وهم ينظرون الى بعضهم البعض مما قالت .. فرد نادر بحدة : ريم ..

لاحظ الجميع الفزع الذى انتاب ريم من ردة فعل والدها فحاول جمال ان يخفف من وطأة الموقف .. فقال وهو ينظر الى بسمة : والله ده شرف ليى .. لو كان اللى بتقوليه ده حقيقى .. بس للأسف بسمة جارتنا زى ما ماما قالتلك ..

قاطع الأولاد الجميع بصوتهم الطفولى البريء وهم ينظرون الى بسمة ويمسكون بطرف فستانها : بسمة .. ياللا نلعب .. فشعرت بسمة بان الله قد ارسل اليها طوق النجاة من هذا الموقف المحتد بدون داعى .. وقالت لهم : ياللا بينا ..
رد جمال : على فكرة يا بسمة .. فيه هنا مكان للعب الأطفال .. قريب .. أنا حاجى اوصلكم له ..
بسمة بابتسامة مقتضبة : لا .. مفيش داعى تتعب نفسك .. أنا عارفاه .. انا جيت هنا كتير قبل كده ..

تعجب جمال من ردها وتساءل فى نفسه .. لم .. ومن اين لها ان تأتى هنا كثيرا وهى ليست عضوا بالنادى على حسب علمه بمستواها المادى والاجتماعى .. وهل هى على علاقة بأحد تأتى معه الى النادى كثيرا .. هل هى تحب ..؟ ومن هو ؟؟ .. اسئلة كثيرة أخذت تدور بخلده .. حتى انتبه الى تساؤلاته تلك .. فسأل نفسه السؤال الأخير .. لماذا هو مهتم بأمر بسمة الى هذا الحد ..؟ !!!!

كانت سلمى فى تلك اللحظات شاردة فى امر ريم .. فى حين كان نادر يحادثها فى أمور كثيرة .. اهمها ميعاد الزواج والترتيب له .. كانت شاردة .. تفكر فيما هى مقبلة عليه .. هل ستستطيع ان تكتسب ثقة وصداقة ريم .. ؟ هل ستتحملها حتى تستطيع تقويم سلوكها ومشاعرها تجاهها .. بالتأكيد هى مقبلة على تحد جديد وصعب لا تعلم عقباه .. لا تعلم هل سينجح زواجها من نادر فى وجود ريم .. أم هى بداية لمشاكل جديدة واخفاق آخر فى حياتها ؟؟!!!!!!!

أما ريم فى تلك اللحظات فقد كانت تطيل النظر الى جمال الذى كان شاردا فى أمر نفسه وأمر بسمة .. كانت تتعمد ان تنظر اليه وهو بجوارها لعله ينظر اليها ويبدأ الحديث معها .. ولكنه خيب ظنها عندما وقف فجأة وقال : أنا رايح أشوف بسمة والولاد ..
لكن ريم لم تترك له الفرصة فوقفت هى الأخرى وهى تقول : ممكن آجى معاك .. بصراحة القاعدة هنا مملة ..
رد جمال بتلقائية : آه طبعا يا ريم .. ياللا بينا ..
لاحظ نادر شرود سلمى وهو يحدثها فى حين انها لا تتجاوب مع أى شيء مما يقول .. فسألها : سلمى .. حبيبتى ..
انتبهت سلمى وردت : هه ..
نارد : ياه .. واضح انك مش معايا خالص ..
سلمى : لا ابدا .. ليه بتقول كده ..
نادر : أنا من بدرى عمال اكلمك وانتى بتهزى راسك وبس .. فيه ايه يا حبيبتى .. ايه اللى شاغلك بالشكل ده ..
ردت سلمى دون تفكير : ريم ..
نادر بتعجب : مالها ريم ..؟
سلمى : تفتكر ريم حتتقبل وجودى فى حياتك بسهولة .. ؟

نادر وكأن هما قد حط على قلبه فجأة : أنا عاف ان الموضوع مع ريم مش حيكون سهل .. ولازم اكلمك بصراحة .. ريم بنتى متمردة لأبعد الحدود .. لكن مش من الصعب انك تحتويها .. يمكن ترويدها يتعبنا شوية .. بس انا متفاءل اننا فى النهاية حنقدر نقوم سلوكها ونكسبها فى النهاية .. انا مش عايزك تقلقى من الموضوع ده .. وأنا معاكى فى اى اسلوب تتعاملى بيه معاها و شايفة انه حيكون فى مصلحتها .. انسى دلوقت الحكاية دى .. وركزى معايا شوية .. كويس ان الجميع مش هنا .. فيه موضوع مهم عايز اتكلم معاكى فيه ..
سلمى وقد عقدت حاجبيها قليلا : خير .. موضوع ايه ؟
نادر : ياسر .. ياسر جوز علا اتصل بيى من دبى امبارح .. وعايزنى اصلح بينهم .. عايز يصفى اللى بينهم ويرجعوا يعيشوا مع بعض .. خصوصا انهم حيعيشوا فى دبى . يعنى حيبعدوا عن جمال تماما .. انتى ايه رأيك ..
سكتت سلمى طويلا تفكر فى الأمر .. ثم قالت : مش عارفة يا نادر .. أنا عن نفسى مش حابة انها تتطلق وولادها يتربوا مفارقين .. بس فى نفس الوقت مش قادرة اسامحه على اللى عمله فى ولادى .. سكتت قليلا ثم اردفت : عارف لو كان خانها مع حد غريب كانت المشكلة ممكن تعدى .. لكن ده خانها مع مرات اخوها وفى نفس الوقت اقرب صحابها ليها .. والمصيبة انه اتسبب بعملته الهباب دى فى موتها .. أنا ابنى يا نادر محطم وكره الستات بسبب خيانته هو ومراته .. كلى أمل ان ربنا يبعت له اللى تنسيه اللى حصل وتكمل معاه مشواره وتربيله ولاده وتعوضهم عن امهم .. سكتت مرة اخرى شاردة ثم قالت : عارف يا نادر .. نفسى ان بسمة تكون هى الشخص اللى يكمل المشوار ده مع جمال .. انت ايه رأيك فيها ؟
نادر : بسمة بنت ممتازة .. بس ازاى ممكن ده يحصل وهى متعلقة بشاب تانى زى ما حكيتى لى قبل كده .. وكمان جمال سبق له الجواز وعنده طفلين .. وهى دكتورة ومفيش حاجة تعيبها علشان توافق بأرمل معاه طفلين ..
سلمى : لا .. ما حكايتها معاه مش ماشية .. أبوه رافض تماما انه يرتبط بيها .. شايف ان عيلتها اقل من عيلته بكتير .. بالرغم من ان ابنه حيموت عليها لدرجة انه جاله فقدان بصر مؤقت لما ابوه رفض .. بس الحمد لله نظره رجع له بعد ما اوهمه ابوه انه موافق على جوازه منها .. بس خلاص هى قررت بعد اهانات ابوه ليها ولعيلتها انها مترتبطش بيه .. واليومين دول بتحاول تتخلص من الموضوع وبتكرهه فيها .. بالرغم من انها لسه بتحبه .. وبالنسبة لظروف جمال فانا متأكدة ان بسمة لو اتخلصت من موضوع شريف ده مش حتفكر فى ظروفه دى .. لانها هى وولاده متعلقيين ببعض اوى .. بالعكس يمكن حبها للولاد هو اللى يقربها من ابوهم وتوافق عليه ..
نادر : معقول .. معقول الكلام ده .. فيه حد لسه بيفكر بالغباوة دى .. ده احنا كأننا بنعيش فى زمن الأبيض والأسود .. مين ابوه الغبى ده اللى بيحرم اتنين بيحبوا بعض بالشكل ده ويفرق بينهم لمجرد فرق مادى او اجتماعى ..؟!!
سلمى : الدكتور مجدى عبد الباسط ..
نادر بتعجب : مجدى عبد الباسط .. ده كل قضاياه عندى .. مكتبى هو المحامى بتاعه .. هو صحيح بيدفع لنا كويس .. بس فى نفس الوقت راجل صعب أوى .. ومحدش فى المحاميين عندى بيحب يتعامل معاه بالمرة .. علشان كده بيتعامل معايا مباشرة .. سكت قليلا ثم قال : تحبى اتكلم معاه بخصوص بسمة ؟
سلمى : حسب اخلاقه اللى وصفتها لى بسمة .. وحسب مواقفه السخيفة معاها .. معتقدش انه حيتراجع عن اللى فى دماغه .. وبعدين أنا معرفش رأى بسمة ايه فى انك تكلمه .. معتقدش انها حتوافق .. هى خلاص اخدت قرارها .. خصوصا بعد ما حكت لأبوها عنه وطلع يعرف ويعرف اصله .. وهو كمان رافض ارتباطها بابنه .. سكتت للحظة ثم قالت له : لكن انت ازاى بتقبل انه يكون لك عملا بالشكل ده .. المفروض انك ترفض تتعامل مع شخصيات بالشكل ده ..
نادر بابتسامة : يا حبيبتى .. لو ححط شروط لقبول العملا عندى فى الزمن ده .. صدقينى مش حنلاقى عملا من اساسه .. وحنقفل المكتب .. وبعدين هو من الاصل مكنش عميل عندى .. والد مراته الله يرحمه هو اللى كان عميل عندى .. ولما مات .. الأخ ده ورثه زى ماورث كل حاجة مع مراته .. ولقيته عميل عندى بالوراثة .. عموما خلينا دلوقتى فى موضوع علا وجوزها .. ياترى ايه قرارك فيه ..؟
سلمى : أنا مش صاحبة الشأن يا نادر علشان يكون لى قرار فى موضوع زى ده .. اعتقد ان علا هى صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة فيه .. وكمان جمال .. لازم ناخد رأيه .. مع انه صعب على أى حد انه يجيب سيرة ياسر ادامه .. علشان كده افضل انك تتكلم مع علا .. وتشوف رأيها .. بس لازم تفهمها انها لو وافقت ترجع له فأنا وجمال حنكون بره العلاقة دى تماما .. بمعنى انه مش مسموح له انه يقرب مننا فى يوم من الأيام .. على الأقل علشان نحافظ على مشاعر وكرامة ابنى .. ولا ايه ؟
نادر : مفهوم .. مفهوم .. عموما أنا اتكلمت مع علا امبارح بالليل بعد مكالمة الأخ ياسر ..
تفاجأت سلمى وسألته : ورأيها كان ايه ؟
نادر : قالت لى انها محتاجة وقت تفكر .. ولما سألتها اد ايه الوقت ده علشان ابلغ ياسر .. قالت لى مش اقل من شهر .. والمفروض ان ياسر حيتصل بيى النهاردة وحبلغه بردها ..
سلمى بتعجب : واشمعنى شهر .. ؟!! مش عارفة ليه حاسه ان علا بترتب لحاجة .. بصراحة أنا خايفة عليها أوى .. مش عارفة هى بتفكر ولا بتخطط لايه خصوصا انها كانت المفروض تيجى تقضى اليوم معانا النهاردة فى النادى .. بس الصبح كلمتنى واعتذرت .. ربنا يستر ..
نادر : متقلقيش يا حبيبتى .. أنا جنبك وجنبهم .. احنا بس عايزين نعجل بموضوع الجواز ده علشان اقدر اكون قريب منهم اكتر ويكون لى بعض الحق انى اتدخل فى امورهم .. سكت لحظة ثم سألها : ايه رأيك لو نعمل حفلة جوازنا الخميس اللى جاى ؟
ردت سلمى بفتور وهى مازالت شاردة فى امر علا وجمال وريم : اللى تشوفه يا نادر ..
تهلل وجه نادر وهو يقول : بجد .. بجد يا حبيبتى .. يعنى ارتب للحفلة ..
سلمى بنفس الفتور ولكن يشوبه بعض الخجل : رتب .. رتب يا نادر .. بس يا ريت تكون حفلة بسيطة .. مش عايزة أى بهرجة ..
نادر وهو فى قمة سعادته : حاضر .. حاضر يا حبيبتى .. انت تأمرى ..

وصل جمال وريم اللى منطقة لعب الأطفال .. وقف من بعيد هو وريم التى كانت مازالت تنظر اليه متنمية ان يوجه اليها اى كلام .. وقف يراقب بسمة والصغار بابتسامة صافية وهم يلعبون كعادتهم فى مرح وكأنها طفلة من عمرهم حتى تعثرت ملك ووقعت على الأرض فسارع اليها جمال فى نفس اللحظة التى سارعت اليها بسمة ليلتقطها كلاهما وينهضا بها من فوق الأرض .. لتتلاقى اعينهما فيطيل جمال النظر الى عينيها وهو اقرب ما يكون منها فتبتعد بسمة بعينيها من مرمى نظراته اليها لتشاهد اماها شريف الذى كان يقف واجما من المشهد بعد ان كان على وشك ان يفاجأها بوجوده ..............

لم تشعر بسمة الا والدنيا تدور من حولها لتسقط على الأرض بعد ان تحركت خطوات قليلة تجاه شريف الذى اعطاها ظهره ومضى مسرعا فوقعت على الأرض مغشيا عليها ليسرع جمال الخطى اليها ويدنو منها محاولا ان يفيقها .. ولما لم تستجيب حملها بذراعيه وجرى بها الى عيادة النادى وهو يأمر ريم : خدى بالك من الولاد يا ريم .. أو وديهم لماما ..

وصل جمال الى العيادة وبسمة فوق ذراعيه .. لازالت تعانى من الاغماء .. فوضعها فوق سرير الكشف وأمره الطبيب بان يخرج حتى يستطيع مالجتها من الاغماء ..
خرج جمال فى اللحظة التى وصلت فيها سلمى ونادر .. فى حين ظلت ريم عند الطاولة مع الطفلين ..
سلمى بلهفة : ايه اللى حصل يا جمال .. طمنى يابنى .. بسمة بخير ..
جمال بتوتر : ان شاء الله .. ان شاء الله يا أمى تكون بخير .. هى دلوقتى جوه .. الدكتور بيحاول يفوقها ..
سلمى : يا حبيبتى يا بسمة .. ايه اللى حصلها .. يمكن مفطرتش واغمى عليها بسبب اللعب فى الشمس مع الولاد .. ؟!!
نادر وهو يقترب من سلمى : اهدى يا سلمى .. دلوقتى الدكتور يخرج ويطمنا ..

تذكرت سلمى الشخص الذى رأته يمر من امام طاولتها مسرعا .. نعم انه هو .. هو شريف .. بالتأكيد قد شاهد بسمة مع جمال والأولاد .. بالتأكيد هذا هو سبب ماحدث لبسمة ..

قاطع تفيكرها الطبيب حين خرج من العيادة وهو يقول لجمال : الحمد لله .. المدام بخير .. هى بس كانت اغماءة بسيطة .. الظاهر انها مفطرتش كويس ..

لم يلتفت جمال لما ذكره الطبيب الذى حسب ان بسمة هى زوجة جمال .. ببساطة لأنه هو نفسه كان يشعر بمسئوليته تجاهها وكأنها بالفعل زوجته .. كما ان الفكرة قد ترسخت فى وجدانه بعد ان تكررت فى اقل من ساعة من شخصين غريبين عنهما .. ريم . والطبيب .. فشكر الطبيب بابتسامة وايماءة بسيطة ..
سلمى : ممكن نطمن عليها يادكتور ..
الطبيب : طبعا يا فندم .. ممكن تدخلوا لها .. هى بخير .. وان شاء الله تخرج معاكم بعد ما ينتهى المحلول اللى بتاخده دلوقتى ..
استأذنت سلمى نادر وجمال ان تدخل لها بمفردها احتراما لخصوصيتها .. فعاد كلاهما للطاولة ودخلت اليها سلمى بلهفة وكأنها امها : بسمة حبيبتى .. انتى بخير .. طمنينى .. انت كويسه ..
بسمة بابتسامة واهية : انا بخير .. اطمنى .. مش عارفة ايه اللى حصل لى فجأة ..
سلمى : الحمد لله يا حبيبتى انك بخير .. سكتت لحظة ثم قالت : انتى شوفتى شريف ؟
بسمة والحزن يكسو وجهها وهى تنظر الى يدها القابعة بحجرها : أيوة .. أيوة شوفته يا طنط ..
سلمى : وايه اللى حصل ؟
بسمة : أبدا .. سابنى ومشى .. الظاهر انه شافنى وانا وجمال بنشيل ملك لما وقعت على الأرض فافتكر ان فيه حاجة بينا .. علشان كده غضب ومشى قبل ما اتكلم معاه .. سكتت للحظات والدموع بدأت تجرى من مقلتيها ثم قالت : الظاهر ان كل الظروف بتساعدنى انى موضوعنا ينتهى باسرع مما توقعت ..
سلمى وهى تضع يدها على كف بسمة بحنان : يا حبيبتى يا بسمة .. ربنا يعينك .. متعرفيش الخير فين .. وايه اللى مكتوب لك .. ان شاء الله خير ..

ظلت سلمى مع بسمة بالعيادة حتى خرجا سويا فقالت لها بسمة : طنط .. سامحينى .. أنا لازم امشى دلوقتى .. حابة انى اكون لوحدى .. حاسة انى عايزة استريح شوية ..
سلمى : أنا فاهماكى يا حبيبتى وحاسة بيكى .. ماشى يا بسمة .. بس مش حسيبك تروحى لوحدك .. انتى شكلك لسة تعبانة .. أنا حاجى أوصلك ..
بسمة : لا يا طنط .. أنا كويسة .. واقدر اسوق العربية بنفسى .. مفيش داعى تسيبى الاستاذ نادر .. خصوصا ان دى اول مرة تتقابلى مع ريم .. ميصحش انك تسيييهم ..
سلمى : ريم .. !! .. الظاهر ان ريم دى حيكون ليى معاها قصص وحكايات .. ربنا يستر ..
بسمة : ليه بتقوللى كده يا طنط .. دى حتى بنوتة جميلة .. وممكن تحتويها بسهولة ..
سلمى : يسمع منك ربنا .. اسمعى بقى .. طالما مش عايزانى اوصلك يبقى جمال هو اللى حيوصلك .. ومش حسمح لك ترفضى .. أنا مش حطمن عليكى الا لو حد فينا وصلك لحد البيت ..
بسمة : صدقينى .. مش حينفع .. وكفاية اللى حصل ..
سلمى : محصلش حاجة .. وبعدين ماهو ده اللى انتى عايزاه .. ولا انتى نسيتى ..
بسمة بحزن واسى : أيوة .. بس مش بالسرعة دى ..
سلمى : يا حبيبتى يا بسمة .. ربنا يصبرك يا حبيبتى .. بس علشان خاطرى اسمعى كلامى .. سيبى عربيتك هنا .. انا حرجع بيها وجمال يوصلك ..
بسمة : يعنى انتى مصرة ..
سلمى : علشان ابقى مطمنة عليكى .. مش اكتر يا حبيبتى ..
عادت بسمة وجمال فى سيارته .. سكت كلاهما طويلا بعد ان قال لها : حمد اله على سلامتك يا بسمة .. انتى بخير دلوقتى ..
بسمة : الله يسلمك .. أنا بخير .. الخمد لله ..
جمال : أنا آسف على اللى حصل .. الظاهر الولاد تعبوكى ..
بسمة : ابدا يا جمال .. ده انا حتى مبشبعش منهم .. ربنا يحفظهملك ..
جمال وهو يقول فى نفسه "ويحفظك لينا" : متشكر جدا ..
بسمة : على ايه
جمال : على انك بتحاولى تعوضيهم عن امهم ..
سكتت بسمة ولم تستطيع ان ترد .. شعرت ان الكلام سوف يأخذ مجرى آخر ليست مستعدة له الآن وفى حالتها تلك .. فكل تفكيرها الآن مع شريف .. كيف حاله .. تخاف ان يكون قد انتكس من جديد .. ويرعبها التفكير فى هذا الأمر ..



مر الأسبوع .. حاولت بسمة عدة مرات الاتصال بشريف فلم تتلقى منه ردا قط .. ولكنها اطمأنت من والدته انه حالته الصحية مستقرة ولم يصبه مكروه ..

اليوم هو يوم الخميس .. اليوم هو موعد زفاف سلمى ونادر .. اليوم سوف تنتقل سلمى للعيش مع نادر وريم ..

واليوم هو نفسه .. حفل خطوبة سارة وأمير .. وسوف يحضره الأهل والأصدقاء فى حفل عائلى بسيط بالنادى ..

واليوم أيضا وللصدفة هو يوم زفاف أمجد ونهلة باحدى الكنائس .. والذى وعد خالد أن يحضره لدقائق معدودة بسبب ارتباطه بخطوبة أمير وسارة ..

قضيا أمجد ونهلة فترة خطوبة قصيرة .. لم يعترض كلاهما على قصرها .. فقد أيقن كل منهم أن العمر يجرى بهما ولابد من أن يتزوجا قبل فوات أيام أخرى من عمرهما.. لذا لم يطيلا فترة الخطوبة .. فكلاهما جاهز للزواج من جميع النواحى .. ما عدا ناحية واحدة .. وهى القلب .. ربما تكون هذه الناحية تمثل لسواهما أهمية كبيرة .. ولكن بالنسبة لظروف أمجد ونهلة .. لم تكن أمور القلب ومشاعره على هذا القدر من الأهمية لهما .. خصوصا عند أمجد الذى بعد مرور كل هذه السنوات علم .. بل أيقن أن حبه لنيفين لن يخرج من قلبه بسهولة .. ربما يحتاج الى نفس العمر الذى ظل يحبها فيه مع نهلة حتى تتخلص دماءه من ادمان حبها ..

أما نهلة .. فبعد ان علمت بكل شيء عن أمجد وخصوصا قصة حبه المستحيل .. قررت أن ترتبط به بعقلها .. وان كان قلبها قد بدأ ينبض بحبها له .. ولكنها كان لديها من الحكمة والتريث ما يجعلها تتحلى بالأمل فى ان يبادلها نفس شعورها فى يوم من الأيام .. ولعله يكون قريبا .. فهكذا كانت ترى أن امجد ربما يكون فرصتها الأخيرة فى الزواج من رجل ميسور الحال يحقق لها طموحها الذى لن تستطيع ان تحققه فى امتلاك شركة مثل شركة خالد أو أمجد .. علاوة على انه ربما يكون فرصتها الأخيرة فى انجاب طفل لطالما تمنته منذ كانت صبية تشعر بالحب لخطيبها السابق ..

اتفق أمجد مع نهلة على انه سوف يصحبها من بيتها الى الكنيسة فى تمام الثامنة مساءا .. فخرجت فى الثانية عشرة واتجهت الى الكوافير .. وعادت الى بيتها فى حوالى الثالثة عصرا ..

دخلت منزلها التى تعيش فيه بمفردها .. وجلست تنظر الى جوانبه .. تسترجع ذكراياتها به قبل ان تدخل الى حجرتها وترتدى فستان الزفاف .. ولكنها بعد دقائق بين الشرود فى الذكريات وبين بداية ومستقبل جديد ينتظرها فى فيلا أمجد انتبهت على صوت جرس الباب .. فمشت خطوات قليلة وفتحت باب الشقة .. وبمجرد ان فتحته تسمرت فى مكانها من هول المفاجأة .. معقول ماتراه .. هل من المعقول أن يكون هو .. وكيف أصبح بهذا المظهر وتلك النحافة .. نعم .. هو .. كمال .. ولكن لماذا جاء اليها .. ولماذا اليوم بالتحديد ..؟!!

نظرت اليه بامعان وهى تتفحصه جيدا .. لعل خيالها هو من صور لها انه كمال .. فوجدت نفسها تسأله وهى فى حالة من الذهول : كمال .. انت كمال ..؟!!!!!!!
كمال : وهو على رأسه الطير .. ينظر اليها شارد الذهن .. وكأنه جاء من زمن بعيد .. ومن مكان أبعد : أيوة .. أنا كمال .. أنا كمال يانهلة ..
نهلة : وقد ازداد تعجبها وخوفها فى نفس الوقت .. انت كنت فين طول المدة اللى فاتت .. وليه سبت الشركة ومشيت بالشكل ده .. وليه رجعت دلوقتى .. سكتت قليلا ثم قالت : استنى .. استنى .. انت ليه جيت عندى انا بالذات .. وايه اللى عامل فيك كده .. أقصد ليه دقنك وشعرك طوال بالشكل ده ...
كمال بتعب واجهاد : طيب ممكن بس ادخل .. أنا لازم اتكلم معاكى ضرورى .. المسألة حياة أو موت .. أرجوكى مش حينفع أفضل واقف كده واقول اللى جاى لك من الصعيد مخصوص علشان أقوله ..
نهلة بتلعثم : أيوة .. بس النهاردة يوم زفافى .. ومعنديش وقت .. لو ممكن ..
قاطعها كمال بحدة : لو سمحتى .. ثم اكمل برجاء .. أنا عارف ان النهاردة يوم زفافك .. ومش حاخد من وقتك غير عشر دقايق .. ارجوكى اسمعينى .. وبعدين قررى اللى انتى عايزاه .. أنا بقالى أيام مبنامشى ..
نهلة وقد صعب عليها حاله : بس انت عرفت ازاى ان النهاردة يوم زفافى ..
كمال : أنا متابع أخبارك كويس .. وعرفت من أحد الزملا فى الشركة انك انتى وأمجد حتتجوزا النهاردة .. علشان كده أنا جيت النهاردة قبل ما ده يحصل ..
نهلة بعصبية ونرفزة : انت بتقول ايه .. أنت حترجع تتكلم تانى فى موضوع حبك ليى .. والكلام الفارغ ده .. ثم أجبرت نفسها على الهدوء بعد ان نظرت الى السقف وأخذت نفس عميق وأكملت : يا كمال جوازى منك مستحيل .. انت فاهم يعنى ايه مستحيل .. انت لازم تنسانى وتعيش حياتك زى ما أنا حعيشها مع أمجد .. لازم تدور على اللى من سنك ومن طايفتك وتتجوزها .. حتى لو كنت مبتحسش بيها بقلبك زى ما انت حاسسنى .. صدقنى .. مش كل جواز لازم يتبنى عن حب .. فيه جوازات كتير بتبتدى بالعقل .. وبعد كده بتتكون ألفة بين الاتنين وبيحبوا بعض وبيعيشوا جواز ناجح .. يمكن اكتر من الجواز اللى بيتبنى على الحب .. كانت تشعر فى هذه اللحظة انها تقول هذا الكلام لنفسها قبل ان تقوله لكمال ..
كمال : بس أنا مش حتجوز غيرك .. سكت للحظة ثم قال : اسمعينى يا نهلة .. أنا خلاص .. قررت انى أغير طايفتى .. وحدخل طايفتك .. يعنى مش حيبقى فيه مشكلة تمنع جوازنا .. واذا كان على الفلوس .. صدقينى .. أنا عندى الفلوس اللى تكفينا .. نقدر بيها أنا وانتى نبتدى حياتنا .. وكمان ممكن نعمل شركة صغيرة أشتغل فيها أنا وانتى ومع الوقت أكيد حننجح ونكبر وتبقى شركتنا أكبر من شركة أمجد ..
نهلة وقد جن جنونها مما يقوله : أنت بتقول ايه .. طايفة ايه اللى حتغيرها .. انت فاكر المسألة بالبساطة دى .. انت من الصعيد .. فاهم يعنى ايه الصعيد .. يعنى أهلك مش حيسيبوك .. ولا حيسمحوا ان ده يحصل .. وعلى فرض انهم قبلوا الكلام ده .. أنا بقولك يا كمال أنا مش عايزة .. أنا بحب أمجد .. وخلاص .. النهاردة يوم زفافنا .. وعرضك مرفوض .. ومن فضلك بقى .. ممكن تسيبنى علشان أنا بالشكل ده حتأخر ..

ساد الصمت بينهما للحظات كان فيها صدر كمال يعلو ويهبط بسرعة ووضوح وهو ينظر الى الأرض .. ثم نظر اليها وهو يقول بغضب وقد احمرت عيناه بصورة ملحوظة .. حتى ان نهلة ارتعبت من مظهره : يعنى ده آخر كلام عندك ..

حاولت نهلة ان تتحلى بالشجاعة وعدم الاهتمام بمظهره او بما يقول : فردت عليه بجرأة ما يجب ان تبدو منها : أيوة .. ده آخر كلام عندى .. والأفضل انك تمشى دلوقتى ..
كمال : وأنا قلت مش حتكونى لغيرى يانهلة .. ثم جرى تجاهها وهو يخرج من جيب بنطاله منديل به دواء يجعلها تذهب عن الوعى ووضعه على انفها وفمها .. بعد أن احكم ذراعيه حولها .. فلم تستطع حتى أن تصرخ أو تستنجد بأحد .. وما هى الا لحظات حتى وقعت على الأرض مغشيا عليها .. وهو ينظر امامه فى وجوم ..

مرت الساعات القليلة المتبقية على وصول أمجد الى نهلة .. كان منذ أكثر من ساعتين يداوم على الاتصال بها .. ولكنها لم تكن ترد عليه ..

كان كمال قد أعد خطته البديلة فى حالة رفض نهلة لعرضه .. فبمعاونة أحد اصدقائه من ايام الجامعة .. استطاع أن يأخذ نهلة وهى مغشيا عليها ويضعها فى عربة كانت تنتظره أمام سلم الخدم .. ويمضى بها هو وصديقه عائدا الى بلدة صديقه الذى يسكن منطقة نائية فى قرية من قرى العرب غرب الاسكندرية ..

وصل أمجد الى بيت نهلة فى السابعة والنصف .. كان طوال الطريق لا يمل الاتصال بها لعلها ترد عليه .. حتى وصل الى شقتها وهو يدعو الله ان تكون بخير وان لا يكون قد اصابها مكروه ..

أخذ يرن جرس المنزل عدة مرات .. ثم بدأ فى الخبط على باب الشقة بيده وهو ينادى عليها حتى احدث ازعاج للجيران .. فبدأ الجيران فى الخروج والاستفسار عن سبب طرقه لباب الشقة بهذه الطريقة .. وفى النهاية قرر أمجد أن يكسر باب الشقة حتى يطمئن على نهلة التى أيقن انها قد أصابها شيء قد جعلها لا تستطيع ان ترد على اتصالاته .. أو على طرقه باب شقتها بهذه الطريقة ..

دخل الى الشقة هو وبعض الجيران ينادى عليها ولكنها لم تجيبه .. بحث فى كل مكان حتى وصل الى حجرة نومها فلم يجدها .. وجد فقط فستان الزفاف الذى اشتراه معها منذ اسبوع ملقى فوق سريرها ..
----------------------------------------------
على الجانب الآخر بالاسكندرية .. استيقظت أمينة هذا الصباح مبكرا كعادتها .. سعيدة بخطوبة ابنها وحبيب قلبها أمير ولكن ينتابها شيء من التوتر الذى نشعر به جميعا فى مثل هذه المناسبات .. وما هى الا دقائق قليلة حتى سمعت أم سعيد تفتح باب الشقة لتدخل مبتسمة اليها : صباح الخير ياست أمينة ..
أمينة : صباح الخير يا أم سعيد ..
أم سعيد : ألف مبروك على خطوبة سى أمير .. ربنا يتمم له على خير ..
أمينة : الله يبارك فيكى .. عقبال ما تفرحى بسعيد واخواته ..
أم سعيد : فى حياتك يا ست أمينة .. أنا جبت الحاجات اللى قولتيلى عليها امبارح .. حدخل المطبخ أحضر لك الفطار .. ولا تحبى أعمل حاجة تانية الأول ..؟
أمينة بتوتر : مش عارفة يا أم سعيد .. خلى الفطار شوية لما يصحى خالد والولاد .. نفطر مع بعض كلنا .. ممكن تعملى لى شوية بابونج يمكن يضيع التوتر اللى عندى ده .. مش عارفة ليه حاسة بتوتر.. فرحانة بس قلقانة فى نفس الوقت ..
أم سعيد : من عنيا يا ستى .. بس والنبى ما توترى نفسك ولا تقلقى .. انشاء الله يكون يوم جميل وتفرحى بيه هو وعروسته .. وعقبال ما تفرحى بالست غادة .. ده سعيد ابنى مالوش سيرة الكام يوم اللى فاتوا دول غير سيرة سى أمير وفرحان له أوى من ساعة ماعزمه على الخطوبة وقاله انهم لازم يبقوا صحاب ..
أمينة : تسلمى يا أم سعيد .. بقولك ايه .. انتى النهاردة تروحى بدرى علشان تجهزى نفسك وتيجى الخطوبة مع سعيد ..
سكتت أم سعيد واطرقت برأسها الى الأرض ثم قالت بتلعثم : سامحينى أنا يا ست أمينة .. اعذرينى .. أنا مش حقدر أحضر االخطوبة ..
أمينة بتعجب : ليه بقى .. معقول متحضريش خطوبة أمير .. !!
أم سعيد : على عينى والله يا ستى .. بس انتى عارفة ان كل اللى فى الشركة حيحضروا الخطوبة .. وبصراحة أنا مقدرش أقلل من سعيد .. أكيد فيه ناس يعرفونى من صحاب سى أمير ويعرفوا انى يعنى بشتغل عندكم .. وأنا مرضاش لسعيد يتحط فى الموقف ده ..
أيقنت أمينة ان ام سعيد على حق .. فقالت لها : أنا مقدرة كلامك ووضع سعيد .. علشان كده أنا مش حضغط عليكى .. وان شاء الله ربنا حيجازيكى كل خير على تربيتك لولادك وتعبك وخوفك عليهم ..
أم سعيد : تسلمى لى يا ست الكل .. اروح أنا احضر لك البابونج .. بعد اذنك يا ستى ..

جلست أمينة تفكر من جديد فى أم سعيد التى تكن لها حبا واحتراما بالرغم من انها مجرد خادمة لديها .. ولكن صبر وجلد تلك المرأة البسيطة وسعيها لأن يكون لديها اولاد اربعة متفوقين فى دراستهم واخلاقهم يجبرها على احترامها .. فهى منذ سنوات تكافح من اجلهم بدون رجلا يكون لها سندا ومعين فى تربيتهم والصرف عليهم .. لا تدرى لماذا تذكرت آخر مقابلة لها مع سعيد منذ عام تقريبا عندما جاء لاصطحاب امه التى شعرت بوعكة فى هذا اليوم .. تذكرت بره بأمه .. وسامته وحسن اخلاقه فى المعاملة معها .. بل وثقته فى نفسه فى اللحظات التى تكلم فيها معها .. فقالت فى نفسها .. مثل هذا الشاب تتمناه اكبر العائلات لفتياتها .. لولا مهنة امه ..

بعد حوالى الساعة والنصف كان الجميع قد استيقظ وجلس على السفرة يتناول الفطور .. يتحدثون عن ترتيبات اليوم .. وعن المدعويين .. وتصورهم لليوم واحداثه .. ثم ما لبثوا وطرق الباب ليدخل أشرف ورنيم بجلبة وسرور .. فشاركوهم افطارهم .. وهم يتحدثون فى امور شتى حتى قاطعت غادة الجميع بسؤالها عن رغد .. وعن موعد خطوبتها على أيمن ..

لم يجيبها اى من اشرف أو رنيم على الفور وبدا عليهم شيء من الحزن .. فتداركت أمينة الموقف .. فهى على علم بالقصة واحداثها من رنيم .. فقالت : مش وقته يا غادة .. خلينا النهاردة فى خطوبة امير وسارة ..
فتساءلت غادة وهى واجمة : هو أنا قلت حاجة غلط ..أنا من كام يوم عرفت من أمير انهم حيتخطبوا قريب .. ده كل الموضوع ..
رنيم بحزن : الظاهر مفيش نصيب يا غادة .. واضح انهم متفقوش ..
غادة بحزن : ليه كده بس .. دول كانوا لايقين على بعض أوى ..
أمينة : عموما محدش يعرف الخير فين .. ثم توجهت بالكلام لرنيم وهى تبتسم : طمنينى يا رنيم يا حبيبتى .. انتى عاملة ايه اليومين دول .. لسه بتحسى بتعب زى الأول ..
رنيم : لا الحمد لله يا ماما .. التعب خف شوية .. ربنا يهون بالكام شهر اللى فاضلين ..
خالد وهو يربت على يد رنيم بحنان : ان شاء الله يا حبيبتى .. كله بيمر يا رنيم .. وبتبقى الأيام دى ذكرى جميلة حتى لو تعبنا أو اتألمنا فيها .. ان شاء الله الأيام تمر بسرعة .. والحق اشيل أول احفادى ..
انقبض قلب أمينة وقالت : بعد الشر عليك يا حبيبى .. ربنا يديك طول العمر ويمتعك بولادك وولاد ولادهم باذن الله ..
خالد وهو يضحك : يا يا أمينة .. ده أنا ساعتها حكون راجل عجوز كركوب .. ويمكن ساعتها معرفش اللى حوليا ..

كان أمير فى تلك اللحظات شاردا .. يفكر فى أمر ايمن ورغد .. لا يدرى لماذ شعر بشيء من الحنين لرغد .. ظل لدقائق يفكر فيها .. يتمنى لو يراها ويتكلم معها .. يواسيها .. ثم انتبه لما يفكر فيه .. تذكر سارة وتذكر ان اليوم هو يوم خطبته عليها وانه وعدها بالسعادة .. ووعدها اخلاصه .. فحاول ان يبعد شبح رغد عن مخيلته .. ولكنه لم يستطيع ..

مرت دقائق بعد الافطار ثم رن تليفون خالد .. فاتجه بتليفونه قريبا من احد نوافذ صالة البيت المطلة على البحر ورد على الطالب : آلو ..
الطالب : صباح الخير ..
خالد : صباح النور .. مين معايا ..
الطالب : أنا ابراهيم .. ابراهيم توفيق .. ابن المهندس توفيق .. صديق حضرتك يا عمى ..
خالد : أهلا يا ابراهيم يا ابنى .. ازيك وازى توفيق .. هو بخير ..
ابراهيم : بخير يا عمى .. بس هو طلب منى اكلم حضرتك .. هو موجود فى مستشفى القلب هنا فى اسكندرية وعايز يشوفك ضرورى ..
خالد .. وبالرغم من غضبه القديم من توفيق الا انه رفق لحاله فقال : خير يا ابراهيم .. ماله توفيق .. قلقتنى عليه يابنى..
ابراهيم : خير يا عمى .. بابا حيعمل عملية قلب مفتوح بكرة ان شاء الله .. وحابب انه يشوفك النهاردة ضرورى ..
خالد بحزن : لا حول ولا قوة الا بالله .. طيب يا ابراهيم .. أنا ساعة وحكون عنده ان شاء الله ..
لاحظت أمينة شرود خالد بعد المكالمة التليفونية فاقتربت منه وهى تربت على ظهره بحنانها المعهود وسألته : مالك يا حبيبى .. سرحت فى ايه بعد المكالمة دى .. ؟
خالد بأسى : أبدا يا أمينة .. ده ابراهيم ابن توفيق بيبلغنى ان توفيق فى مستشفى القلب هنا فى اسكندرية وبكرة حيعمل عملية فلب مفتوح وعايز يشوفنى النهاردة ضرورى ..
أمينة بحزن : لاحول ولا قوة الا بالله .. طيب حتعمل ايه ..؟
خالد : حروحله يا أمينة .. مهما كان ده عشرة عمر ومريض .. وزيارة المريض واجب .. ولا ايه ؟
أمينة : طبعا يا حبيبى .. طبعا .. ربنا يجعله فى ميزان حساناتك ..بس متتأخرش علشان تقدر تجهز نفسك للحفلة ..
خالد : حاضر يا أمينة .. عموما لسه بدرى على الحفلة .. اطمنى .. حزوره وارجع على طول ان شاء الله ..
دخل خالد الى حجرة توفيق بالمشفى .. كان توفيق فى حالة صعبة .. تحاوطه الأجهزة .. وعندما رأى خالد زرفت الدموع من عينيه ومد اليه ذراعاه بصعوبة ليحتضنه .. فاقترب منه خالد وضمه اليه برفق وهو يقول : سلامتك .. سلامتك يا توفيق .. شفاك الله وعافاك ..ثم جلس على مقعد بجوار سريره .. فأشار توفيق لزوجته وابنه ان يخرجا ويتركاه مع خالد ..
توفيق : متشكر يا خالد انك وافقت تيجى تزورنى .. أنا عارف أنك زعلان منى ..
قاطعه خالد : ايه الكلام ده يا توفيق .. مش وقته .. ارجوك متتعبش نفسك .. الكلام خطر عليك ..
توفيق : ارجوك انت يا خالد اسمعنى .. أنا مش عارف ان كنت حعيش لغاية بكرة لما اعمل العملية ولا قدرى مش حيمهلنى .. علشان كده ارجوك اسمعنى .. أنا عايز اعترف لك بشيء اخطأت بيه فى حقك .. ونفسى تسامحنى .. قبل ما اقابل وجه كريم ..
خالد : مفيش داعى يا توفيق .. أنا مسامحك لو انت اخطأت فى حقى ..
توفيق : علشان خاطر العشرة اللى بينا اسمعنى ..
خالد : قول يا توفيق لو ده اللى حيريحك ..
توفيق بصعوبة بالغة : أنا عارف انك انت وسلمى حبيتم بعض أوى .. وكنتم على وشك الجواز .. بس أنا بغيرتى منك تصورت انى حبيتها وقدرت افرق بينكم .. بس فى النهاية هى مكنتش من نصيبك ولا من نصيبى .. وكانت من نصيب مصطفى .. أنا بعملتى دى لخبطت كل الأوراق .. وخليت الكل .. بما فيهم أنا .. يعيش فى تعاسة .. علشان كده بطلب منك انك تسامحنى وتغفر لى غلطى فى حقك وحق سلمى .. أنا اتكلمت معاها من يومين وطلبت انى أشوفها علشان استسمحها .. بس هى اعتذرت لان النهاردة فرحها وكان من الصعب عليها انها تيجى من القاهرة لاسكندرية علشان تقابلنى .. هى سامحتنى ياخالد .. وياريت انت كمان تسامحنى ..
عندما توفيق وصل الى هذا الحد من الكلام قد تعب كثيرا وخارت قواه .. فامسك خالد بيده وهو يبكى على حال صديقه يطمئنه وهو يقول له .. مسامحك .. مسامحك يا توفيق .. بس انت اهدى .. وارجوك متتكلمش اكتر من كده ..

خرج خالد من عند توفيق بعد عدة دقائق بعد ان سامحه ووعده ان يزوره فى الغد ليكون بجواره هو واسرته اثناء جراحته الخطيرة .. ركب سيارته وهو يتذكر ذكرياته الجميلة مع مصطفى وامجد وتوفيق ايام الجامعة .. بكى .. وآثر ان يقف بالسيارة على جانب الطريق .. ليترجل منها ويقف أمام البحر ينظر اليه .. فلم يشعر بنفسه الا وهو يطلب رقم سلمى .. لم يكن يشعر فى تلك اللحظة انه يخون أمينة .. فهو على يقين من حبه لها .. ولكنه أحب فى تلك اللحظة ذكرياته القديمة وحبه لسلمى ..
ردت عليه سلمى بعد لحظات : ألو ..
خالد بصوت مبحوح من البكاء : آلو .. ازيك يا سلمى .. أنا خالد ..
سلمى : وقد دارت الدنيا بها .. لا تصدق انها تسمع صوت خالد اليوم .. واليوم بالذات : ازيك انت يا خالد ..
خالد : وحشتينى .. أقصد وحشتونى .. انتى والأولاد ..
سلمى وما زال قلبها ينبض بحبه القديم : وانت كمان واحشنا أوى .. انت بخير يا خالد ..
خالد : ايوة يا سلمى .. بخير .. اطمنى ..
سلمى : بس صوتك مش بيقول كده ..
خالد : لا ابدا .. بس متأثر شوية بعد ما زرت توفيق فى المستشفى .. أنا لسه نازل من عنده من شوية .. وعرفت منه ان فرحك النهاردة فحبيت انى اباركلك ..
سلمى .. وقد ادركت ان توفيق اشعل فتيل حبهما من جديد بعد ان خبا واوشك كل منهم على نسيان الآخر : ميرسى يا خالد .. وعقبال ما تفرح بأمير وغادة ..
خالد : النهاردة خطوبة أمير .. ولولا كده كنت جيت أنا وأمينة نباركلك بنفسنا .. انتى تستاهلى كل خير يا سلمى ..
سلمى : ميرسى يا خالد .. سكتت للحظات على أمل أن يقول خالد شيئا آخر .. نسيت خلالها ان خالد رجل متزوج .. تمنت لو أن زفافها اليوم يكون معه هو وليس اى رجل آخر .. تمنت ان تكون لخالد بعد كل تلك السنين .. ثم ادركت سكونهما فقالت : الف مبروك لأمير .. ان شاء الله ابقى اتصل بامينة وابارك لها ..
خالد : ان شاء الله ..
سلمى برجاء : متقطعش سؤالك علينا يا خالد ..
خالد : حاضر يا سلمى .. وسلمى لى على الولاد وعلى جوزك .. وان شاء الله نتعرف عليه فى اقرب فرصة ..
سلمى : ان شاء الله .. مع السلامة ..
خالد : فى سلامة الله يا سلمى ..


أغلق خالد الخط .. ثم شرد من جديد .. يفكر فى تلك المشاعر التى تأججت من جديد نحو سلمى .. ولكنه تنبه من شروده على صوت تليفونه ففتح الخط وهو يقول : أيوة يا أمينة .. أنا راجع يا حبيبتى فى السكة ..
أمينة : طمنى على توفيق ..
خالد بحزن وأسى : بخير .. بخير يا أمينة .. ادعيله ..

فى المساء ..كان الجميع قد تجمعوا حول حمام السباحة بالنادى فى انتظار وصول سارة وأمير .. حضر أيمن وبصحبته والده وزهرة وعبد الرحمن .. وحضرت رغد واسرتها .. وسعيد وبعض زملاء الشركة ..

كانت غادة تتحرك حول الجميع كفراشة جميلة تلفت اليها جميع الانظار .. خصوصا شباب الشركة الذى تمناها كل منهم فى نفسه .. ولكنها لم تكن تشعر أو تنظر الا لواحد فقط .. واحدا تتمناه من كل ذرة فى قلبها .. ولا تشعر بوجود أحد سواه .. وكان هو ينظر اليها خلسة من وقت لآخر حتى لا يلفت الانظار ..

وكان أيمن يتطلع الى رغد لا يصدق تصرفاتها وتجاهلها له ولأبيه .. فقد تعمدت ان لا تنظر اليه وتحاول أن تستثير غيرته .. فكانت تتحرك حول الجموع .. وتتعامل مع الجميع بمرحها وخفة ظلها ولم تقترب ابدا من طاولته أو حتى تفكر من ان تلقى السلام على والده ..

وصلت سارة تتأبط ذراع أمير الذى كان شاردا .. يفكر فى رغد ثم يحاول أن يبعد صورتها عن مخيلته .. ينظر مبتسما الى سارة التى كانت تنظر الى عينيه فتشعر أن بهما شيء ما قد تغير ..

كان الجميع يصفق لهما وهما يمران بين الجميع مبتسمين لهما حتى اقتربا من رغد التى أومأت لهما بابتسامة واهية .. فنظرت سارة الى عينى أمير فى تلك اللحظة فقرات فيهما ما جعل قلبها ينقبض بشدة .. ولكنها اكملت السير معه حتى وصلا الى المقعد الذى اعد لهما فجلسا وكلاهما يشاور للجميع مبتسما بشفتيه ولكن ما فى القلب لا يعلمه سواهما ..

لاحظت رنيم تصرفات اختها فطلبت منها ان تراعى تصرفاتها أمام أيمن ووالده .. وطلبت من أشرف أن يذهبا لينضما الى طاولة ايمن لتخفف من وطأة تصرفات اختها التى كى تثيره اكثر ذهبت الى العروسين وأخذت فى المزح معهما .. وهى لا تدرى بما يدور بخلد وقلب أى منهما ..

كانت تصرفاتها مجنونة وغير طبيعية الى حد ما .. حتى ان والديها قد لاحظا عليها ذلك .. كانت تقترب من أمير بطريقة ملفتة لنظر الجميع .. وكان المنظر مستفزا لسارة لأبعد الحدود .. فوقفت سارة لينظر اليها أمير ويسألها : مالك يا سارة .. ليه وقفتى فجأة كده ..

سارة وقد شعرت أن الدنيا تدور بها ثم احست بجسدها يتثاقل وقبل أن تقع على الأرض التقطها أمير بين ذراعيه وهو ينادى عليها .. سارة .. سارة .. مالك يا حبيبتى ..
-----------------------------------------------------
فى القاهرة .. وبالتحديد فى نفس المكان الذى خرجت سلمى مع نادر للمرة الأولى .. كانت سلمى تتأبط ذراع نادر وتدخل معه الى حفل زفافهما .. كانت ترتدى فستانا ابيض بسيط للغاية يصل الى اسفل الركبة ببضعة سنتيمترات .. ورفعت شعرها فى تسريحة انيقة على الجنب يوضح طول رقبتها وهى تسير بخيلاء ووقار الملكة مما يبرز جمالها وانوثتها أكثر وأكثر ..

كان نادر يسير بجوارها ممسكا بكف يدها التى يتأبطها وكأنه خائف من ان تتفلت منه .. كان يرتدى بدلة سوداء فوق القميص الأبيض والبابيون الاسود ... كانا يبدوان للجميع مدى توافقهما لبعضهما ..

حضر الحفل بسمة وأولاد سلمى .. وحضرت ريم ابنة نادر على مضض .. ولولا علمها بحضور جمال ربما كانت قد رفضت الحضور ..

حضر أيضا بعض اصدقاء نادر وكبار العملاء لديه .. ومنهم الدكتور مجدى وزوجته وابنه شريف الذى تعمد نادر أن يدعوه بنفسه بعد أن اقنع سلمى بأن تترك الأمر بين بسمة وشريف يأخذ مجراه الى النهاية وانها لا يجب ان تتدخل أو تحاول ان تقرب بين بسمة وجمال على حساب حب بسمة وشريف .. وانه يجب أن يعطوا فرصة لشريف أن يدافع عن حبه واختياره لدى والده ..

كما حضر ايضا عميلا آخر وهو الدكتور عبد القادر وزوجته اجلال التى تفاجأت بها سلمى .. وكانت سعيدة للغاية بحضورها وبما حدث لها من تطور ورقى فى حياتها بعد ان عوضها الله بالزواج بالدكتور عبد القادر ..
كان الجميع ينظر للجميع ..
فسلمى بالرغم من سعادتها الا انها كانت تنظر من وقت لآخر الى ريم وهى تتأمل أن تسير الأمور بينهما فى طريق لا تفسد فيه سعادتها ببدايتها الجديدة مع نادر .. ثم تنظر الى جمال وعلا وهى تبتسم وتتمنى لهما السعادة القريبة .. والى بسمة وشريف وهى فى حيرة .. هى تتمنى ان تستقيم امورهما ويكتب لهما القدر الزواج .. أم ستكون اسعد لو انها تزوجت من جمال ابنها واسعدته .. وتنظر الى اجلال وتتعجب من عظيم رحمة الله بعباده .. ولكنها بالرغم من انشغالها بجميع الحاضرين .. تجد نفسها تفكر فى مهاتفة خالد لها منذ ساعات قليلة .. تسترجع كل كلمة فيها .. وتتمنى لو كانت طالت بينهما قليلا ليعترف لها اعترافا انتظرته لسنوات وسنوات .. اعتراف بحبه بعد مرور كل تلك السنين .. ولكنها كانت تضحك وتسخر من تفكيرها .. فما هذا الهراء الذى تفكر فيه وهى متأبطأة ذراع زوجها الجديد ..

ونادر كان لا ينظر سوى لسلمى .. حلمه الذى انتظر طويلا ليتحقق ..

وشريف لا ينظر الا لبسمة التى كانت تبادله النظرات فى شوق لا يقل عن شوقه اليها ..

وجمال كان ينظر ايضا الى بسمة بعد ان بدأ قلبه يتحرك نحوها بشدة فى الآونة اخيرة .. فى حين كانت ريم المراهقة تنظر اليه وتتمنى فيه الأمانى ..

وعبد القادر واجلال ينظر كلاهما الى الآخر وهما يتمنيان بين كل لحظة واختها أن يولد طفلهما معافى مما عليه اخته من متلازمة داون .. وقد أصر كلاهما الا يحاولان معرفة جنينهما فى فترة الحمل ..

أما علا فم تكن تجد احدا تنظر اليه وينظر اليها حتى لاحظت شبحا قادما من بعيد يقترب منها .. فجعلها وجعل جمال والجميع يتسمر فى مكانه لا يصدق أنه هو .. ياسر .......

تم بحمد الله الجزء الأول من البدايات الجديدة ...
الى اللقاء فى الجزء الثانى باذن الله ..


Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-20, 11:18 AM   #105

um soso

مشرفة وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومراسلة خاصة بأدب وأدباء في المنتدى الأدبي

alkap ~
 
الصورة الرمزية um soso

? العضوٌ??? » 90020
?  التسِجيلٌ » May 2009
? مشَارَ?اتْي » 33,769
?  مُ?إني » العراق
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » um soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الخيرات

الف مبروك ختام الجزء الاول من الروايه وان شاء الله تعود قريبا بجزئها الثاني
تعلم صراحتي لذا ساقول لك هي روايه لم تنتهي وانما بالعكس كل القصص بقت مفتوحه وحتى من كنا نعتقد انها انتهت او قصص نهايتها تقريبا واضحه

بالفصل الاخير قلبت الامور وادخلت تعقيدات جديده ولخبطت حياة كل الابطال واعدت فتح حكايات انتهت

حتى خالد وسلمى اعدت فتح موضوع مشاعرهم من جديد وهذا الثنائي بالذات كنت افضل انهاء حكايتهم ومشاعرهم القديمه نهائيا خصوصا سلمى تزوجت بنادر فلماذا هذا الاحياء للمشاعر بينها بين خالد المستقر مع زوجته ... رأيي الشخصي كنت افضل الاشاره الى ان احساسهم ببعض تحول لصداقه واخوه وانهم متعجبين من انفسهم وحديثهم الاخوي الخالي من المشاعر وتوضح ان الاثنان لهما الان مشاعر لازواجهم بدلا من العوده لنقطة الصفر

الان اشعر ان الروايه وكنها توقفت ولم تنتهي فهذه لايمكن ان تسمى نهايه ابدااا
الروايه انتهت دون اي بدايه جديده ماعدا اجلال

فخالد وسلمى بقيا يحملان مشاعر لبعض
وامجد لم يبدأ بدايه جديده وادخلته متاهة خطف وافكار ممكن تصل به لاعتداء ومن ابن حبيبته المستقره بقلبه
وايمن لم يبدأ مع رغد وشريف وبسمه وجمال حكاية صعبه جدااا دون بدايه لاحد
وريم المراهقه

وامير لم يلحق يبدأ مع ساره لانك قتلت فرحتها وصعبت عليها المهمه وماحصل لها لاينسى ابدااا فحالها من حال امينه

اتمنى ان تعود فورا بالجزء الثاني كي لاننسى الاحداث وكي نرى البدايات الجديده للكل


بالتوفيق




التعديل الأخير تم بواسطة um soso ; 06-10-20 الساعة 12:06 PM
um soso غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى وبياض ثوبك يشهدُ

https://www.rewity.com/forum/t406572.html#post13143524

روايتي الثانيه والروح اذا جرحت
https://www.rewity.com/forum/t450008.html





رد مع اقتباس
قديم 06-10-20, 02:55 PM   #106

نوارة البيت

? العضوٌ??? » 478893
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,845
?  نُقآطِيْ » نوارة البيت is on a distinguished road
افتراضي

رواية جميلة بالتوفيق

نوارة البيت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-10-20, 09:07 PM   #107

هيفااا

? العضوٌ??? » 426083
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 85
?  نُقآطِيْ » هيفااا is on a distinguished road
افتراضي

ساقول رأيي بصراحة هناك ضعف شديد جبكة الرواية وتسلسل الاحداث غير مقنع والشخصيات ضحلةالتفكير
هل من المعقول ان يمر حدث كالخيانة الزوجية وخيانة الصداقة معا ثم وفاة الزوجة ونجد جمال بعد مضي اشهر قليلة يفكر ببسمة
احترموا عقولنا قليلا ولتمر فترة كافية لكي تستوعب جميع الاطراف الصدمة ثم بعدها ننتقل لخط جديد
بالرواية وكذلك موضوع امير وسارة ورغد وكل العلاقات بالرواية غير ناضجة وغير مقنعة ولا ادري ما الحكمة من تعليق الاحداث لجزء اخر


هيفااا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-10-20, 12:35 AM   #108

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso مشاهدة المشاركة
صباح الخيرات

الف مبروك ختام الجزء الاول من الروايه وان شاء الله تعود قريبا بجزئها الثاني
تعلم صراحتي لذا ساقول لك هي روايه لم تنتهي وانما بالعكس كل القصص بقت مفتوحه وحتى من كنا نعتقد انها انتهت او قصص نهايتها تقريبا واضحه

بالفصل الاخير قلبت الامور وادخلت تعقيدات جديده ولخبطت حياة كل الابطال واعدت فتح حكايات انتهت

حتى خالد وسلمى اعدت فتح موضوع مشاعرهم من جديد وهذا الثنائي بالذات كنت افضل انهاء حكايتهم ومشاعرهم القديمه نهائيا خصوصا سلمى تزوجت بنادر فلماذا هذا الاحياء للمشاعر بينها بين خالد المستقر مع زوجته ... رأيي الشخصي كنت افضل الاشاره الى ان احساسهم ببعض تحول لصداقه واخوه وانهم متعجبين من انفسهم وحديثهم الاخوي الخالي من المشاعر وتوضح ان الاثنان لهما الان مشاعر لازواجهم بدلا من العوده لنقطة الصفر

الان اشعر ان الروايه وكنها توقفت ولم تنتهي فهذه لايمكن ان تسمى نهايه ابدااا
الروايه انتهت دون اي بدايه جديده ماعدا اجلال

فخالد وسلمى بقيا يحملان مشاعر لبعض
وامجد لم يبدأ بدايه جديده وادخلته متاهة خطف وافكار ممكن تصل به لاعتداء ومن ابن حبيبته المستقره بقلبه
وايمن لم يبدأ مع رغد وشريف وبسمه وجمال حكاية صعبه جدااا دون بدايه لاحد
وريم المراهقه

وامير لم يلحق يبدأ مع ساره لانك قتلت فرحتها وصعبت عليها المهمه وماحصل لها لاينسى ابدااا فحالها من حال امينه

اتمنى ان تعود فورا بالجزء الثاني كي لاننسى الاحداث وكي نرى البدايات الجديده للكل


بالتوفيق
السلام عليكم ..
اشكرك كثيرا على متابعة فصول الرواية من بداية الجزء الأول وحتى نهايته .. واشكر دعمك ونقدك البناء ..
أود فقط ان احدد موقف خالد تجاه سلمى .. فهو لم يكن ابدا عودة لمشاعره تجاهها .. هو كان عودة لحظية لذكرياته مع اصدقائه ومع سلمى .. فقد ذكرت بالنص " بكى .. وآثر ان يقف بالسيارة على جانب الطريق .. ليترجل منها ويقف أمام البحر ينظر اليه .. فلم يشعر بنفسه الا وهو يطلب رقم سلمى .. لم يكن يشعر فى تلك اللحظة انه يخون أمينة .. فهو على يقين من حبه لها .. ولكنه أحب فى تلك اللحظة ذكرياته القديمة وحبه لسلمى .."
وهذا يعنى اننا احيانا نسترجع الذكريات ليس الا خصوصا عندما نتعرض لموقف مؤثر كالذى تعرض له مع توفيق وهو بهذا الضعف من المرض ويؤكد ظنونه التى عاش بها لسنوات طوال وهى انه هو المسئول عن افساد ما كان بينه وبين سلمى .. ما اود ان اقوله انه من الطبيعى ان تعمل الذكريات بالقلوب شيئا ما ولكنه لابد ان يخبو سريعا .. فيعود كل منهم لحياته الطبيعية ..
النهايات لم تأتى بعد لجميع شخصيات الرواية .. حتى اجلال وعبد القادر فقصتهما ما تزال لها بقية ..
حياة البشر ودواخلهم عجيبة بمعنى الكلمة .. فكمال ابن المرأة التى احبها أمجد تحول بفعل الحب من رومانسى الى مجرم .. اقحم نفسه فى جريمة خطف لا يعلم انها قد تؤدى به الى نهاية غير محمود عقباها .. وليس هناك ذنب لنهلة أو أمجد بما فعله كمال بطيشه وتهوره ..

وأمير وسارة ليس لهم ذنب فى حماقة وانانية رغد لجذب انتباه أيمن واثارة غيرته عليها .. لم تفكر فى مشاعر ايمن تجاهها وتجاه شيخه .. وان ما فعله مع احفاد الشيخ انما امتنانا لموقف الشيخ معه فى فترة صعبة من حياته .. لذا لم تشعر بنفسها وهى تفعل ما تفعل وتقتل فرحة سارة كما تقولين .. لذا فحكاية الأربعة ما زالت قائمة ولها بقية ..

أما حكاية بسمة وشريف فربما توافقينى الرأى ان تسلسلها واحداثها فى السياق الطبيعى .. وهى أيضا لم تنتهى بعد ..

وبخصوص جمال ومشاعره التى فى بدايتها تجاه بسمة .. فهناك أكثر من سبب لتلك المشاعر .. أولا ارتباط ابناؤه ببسمة والحب المتبادل بين بسمة وبين الاولاد .. ثانيا ..تربية جمال .. فهو قد تربى على الانانية وحب الذات وان كل ما يريده يناله .. ثالثا حبه لسمر لم يكن حبا لروحها بقدر حبه لجسدها وما تعطيه من متعة .. رابعا هو يشعر بتوجيه صفعة اليها حتى بعد مماتها فكونه يرتبط بسواها بعد شهور قليلة من موتها انما هو نوع من رد الاعتبار لكرامته المهدورة بخيانتها له .. وأخيرا .. ربما هناك شيء فى عقله الباطن يحركه للارتباط ببسمة دون ان يدرى ليسترد مال ابيه الذى يعتقد انه من حقه وليس من حق بسمة وابيها ..
ارجو ان يجيب الجزء الثانى على جميع التساؤلات ..

اشكرك مرة اخرى .. وارجو ان استطيع البدء فى الجزء الثانى قريبا ..


Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-10-20, 04:35 PM   #109

Rere4040

? العضوٌ??? » 345623
?  التسِجيلٌ » Jun 2015
? مشَارَ?اتْي » 427
?  نُقآطِيْ » Rere4040 is on a distinguished road
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
مش كتير بقول رأيي في الروايات اللي بقرأها و يا ريت ما تزعلش منه الرواية بدأت قوية و بعدين بدأت تبقى ضعيفة و سطحية فعلا كان يهمنى اشوف امينة هتعمل ايه علشان تغير جوزها و يحس بيها و نفس الشيئ مع سلمى و مصطفى علشان نقدر نقول بدايات جديدة و قصة غادة و سعيد كنت أتوقع انا غادة مش هتدخل في اي علاقة غير و هي في الجامعة ممكن تتدرب عند والدها و تقابل سعيد و توصل اللي عايز تقوله و قصة شريف و بسمة أكيد لازم شريف يبقى عارف طبع بباه و لذلك المواجهة كان لازم تحصل بعد ما يتخرج و يشتغل و يحاول يستقل بحياته و تكون بسمة اتخرجت و تحس ان الشخصيات مهزوزة في تصرفاتها غير ان في بعض الجمل و العبارات بتتكرر اكتر من مره آسفة اذا أزعجتك


Rere4040 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-20, 02:28 PM   #110

defne

? العضوٌ??? » 37300
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,246
?  نُقآطِيْ » defne has a reputation beyond reputedefne has a reputation beyond reputedefne has a reputation beyond reputedefne has a reputation beyond reputedefne has a reputation beyond reputedefne has a reputation beyond reputedefne has a reputation beyond reputedefne has a reputation beyond reputedefne has a reputation beyond reputedefne has a reputation beyond reputedefne has a reputation beyond repute
افتراضي

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

defne غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:24 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.