آخر 10 مشاركات
256 - دائرة الخطر - هيلين بيانشين ... ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          1107-معركة التملك-شارلوت لامب د.ن (ج2 من السداسيه كاملة)** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          عاطفة مجنونة (27) للكاتبة: Helen Bianchin *كاملة+روابط* (الكاتـب : ميقات - )           »          انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          دموع بلا خطايا (91) للكاتبة: لين جراهام ....كاملة.. (الكاتـب : *ايمي* - )           »          نوح القلوب *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )           »          البديلة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hollygogo - )           »          178 - قيد الوفاء - سارة كريفن - روايات عبير القديمة(كامله)** (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree474Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-11-20, 10:59 PM   #1361

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زياد محمود مشاهدة المشاركة
اول واجمل لقاء بين فريده وتيمور
يا رب تكون اللى بتولد دى فريده

اللى فى الاول سامر وفدوى

زعلانه جدا ان الرواية هتنتهى

كانت رحلة ممتعه جدا
حبيبتي ياأم زياد الرحلة كانت جميلة وممتعة بيكم😘😘
سعدت جدا بمتابعتك ودعمك للرواية طول الفترة اللي فاتت❤️


Heba aly g متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 12:02 PM   #1362

عبير سعد ام احمد
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبير سعد ام احمد

? العضوٌ??? » 351567
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,136
?  نُقآطِيْ » عبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond repute
افتراضي

انا نفسي أقرأ تاني كل مشاهد تيمور وفريدة خاصة الاولي

عبير سعد ام احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 12:56 PM   #1363

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الورد 🌺 🌺
مفيش حد مسجل حضور ليه 🙈محدش منتظر الختام يابنات🤔🙃


Heba aly g متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 12:59 PM   #1364

Aengy

? العضوٌ??? » 446210
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 20
?  نُقآطِيْ » Aengy is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور مستنيه من الصبح ♥️♥️

Aengy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 01:25 PM   #1365

نورسه

? العضوٌ??? » 426042
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 213
?  نُقآطِيْ » نورسه is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضووووووور ♥♥

نورسه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 01:36 PM   #1366

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي




صباح الورد سيتم تنزيل الفصل الاربعون والخاتمة تباعا

الفصل الأربعون


تململت في نومها بعد ليلة قضتها مابين الأرق والنوم المتقطع، تحاول أن تنقلب يمينا أو يسارا ولكن الثقل الذي كان يٌجثم على صدرها جعلها لا تستطيع التحرك خاصة وأن هناك كف مٌتملكة توضع أعلى بطنها المنتفخة ،مسدت بكفها على كفه بحنان فهو يتحمل معها تعبها وأرقها وكأنه يريد أن يقتسم معها آلامها كما اقتسما معا كل شيء ،أبعدت يده برفق عن بطنها وهي تبتسم فهي عادته طوال شهور الحمل أن يضع يده على بطنها يتابع حركة جنينها ويحدثه وكأنه لم ينجب من قبل...

اعتدلت قليلا واستندت برأسها على ظهر السرير، كان شعاع شمس الصباح يتسرب من فتحات الستائر الثقيلة فجالت بعينيها في حجرتها الحبيبة ،ملاذها الآمن ، هنا خلف هذا الباب المُغلق كانا يقضيان أحلى الأوقات،أوقات مسروقة بعيدا عن الجميع وربما هذا كان سببا لعدم تسرب الملل إلى علاقتهما
هنا كانا يجتمعان مساءا بعد أن ينام الجميع وربما لم يتسنى لهما اللقاء طوال اليوم فكان لقاءهما آخر الليل كافيا،
هنا كانت قبلة مختلسة في وسط النهار لاتستغرق سوى ثواني ولكن تمد بالطاقة اللازمة لإدارة منزل كبير به ستة أطفال ليسوا صغارا يحتاجون إلى رعاية واهتمام،هنا يختلفان ويتفقان ويتشاوران في كل شيء بعيدا عن الأولاد وبالخارج أمام الأولاد هما أب وأم للجميع لايختلفان على شيء أمامهما...

نظرت إلى المنضدة المقابلة لها أسفل النافذة التي تضع عليها صورهما معا ،صورعقد قرانهما وزفافهما وصورا تجمعهم بالأولاد كل مافي غرفتها من تفاصيل يجعلها دافئة
نظرت إليه نظرة حانية وهو مستغرق في النوم بعد أن سهر معها بالأمس حين جفاها النوم وعادت بذهنها إلى ثمانية أشهر للخلف يوم أن عرفت بخبر حملها

قبل ثمانية أشهر

قرب غروب الشمس وبعد أن انتهت من كل مهام المنزل وطلبات الأولاد شعرت بالإرهاق وأصابها دوارا خفيفا ،تركت الأولاد جميعا يجلسون مع جدهم وجدتهم ودلفت إلى حجرتها لتأخذ حماما علها تستفيق قبل عودة تيمور من العمل وكانت قد أحضرت اختبار حمل منزلي فقد تأخرت عادتها عدة أيام وتريد أن تطمئن
قامت سريعا بعمل التحليل ووضعته على (سطح المنضدة الرخامية ) حتى تأخذ حماما وتكون نتيجته قد ظهرت جيدا ،نزعت عنها ملابسها ودخلت تحت الماء الفاتر وماهي إلا دقائق وكانت قد انتهت وأحاطت جسدها بمنشفة طويلة وتناولت أداة التحليل ولم يكن هناك مجالا للشك فالخطان كانا واضحان بشدة فاتسعت عينيها سعادة وخوفا في نفس الوقت ،سعادة لأنها ستحقق له أمنية غالية عليه وعليها، أن يحتضن رحمها طفله كانت فعلا أمنية، وخوفا من عدم تقبل الأولاد إلى جانب تعب الحمل وأن يصبح لديها طفلا صغيرا بعد أن كبر أبناءها وبناته،مجموعة من المشاعر المتناقضة تصيب المرأة في هذه اللحظة ،جلست على طرف حوض الاستحمام وهي ترتجف من رهبة الموقف

"فريداااا أين أنتِ؟"

صاح بصوت عالي وهو يبحث عنها في أرجاء الغرفة ولايسمع صوتا من جهة الحمام وهي تسمعه ولا زالت تنظر إلى الإختبار تتأكد أن ماتراه حقيقيا
فتح باب الحمام بعدما لم يسمع لها صوتا فرفعت وجهها نحوه بملامح لم يستطيع قراءتها،كانت تحيط جسدها بالمنشفة وشعرها المبلل مبعثرا على كتفيها وظهرها وتجلس ترفع وجها متجمدا نحوه فاقترب منها قائلاً :"لما تجلسين هكذا؟.. هل ضايقك أحد؟.."
هزت رأسها نفيا فاقترب منها حتى وقف أمامها مٌباشرة وأردف بشك:"لا أنتِ بك شيء...."
"نعم بي شيء"
قالتها بعينين تلمعان تأثرا وصوت مرتجف ونبرة مٌبهمة بالنسبة له وهي تبسط أمامه كفها الذي يحتوي على أداة الإختبار الذي ما أن أبصره تيمور حتى أخذه من يدها ونظر إلى الخطين ضاحكا ضحكة واسعة ،ضحكة ارتسمت على وجهه كله وطالت عينيه
"حامل"
أربعة أحرف نطقها بفرحة تقافزت من بين حروف كلمته وهو يمد يديه لها فاستندت على يديه ووقفت ليجذبها نحوه ويضمها بقوة حتى التصقا ببعضهما فهدأت رجفة جسدها مع التحامهما معا
"مبارك علينا حبيبتي لا تعرفي كيف كنت أنتظر هذا اليوم "
همس بها في أذنها بصوت رخيم
"أريدك أن تعلم أن أمامنا احتمالين إما صبي وإما فتاة حتى لا تعلق نفسك بما يتمناه قلبك دون غيره"
همست بها وهي تعرف ماذا يتمنى وتدعو الله به ولكن كل شيء بأمره وحده
أبعدها قليلا وقال بصدق:"أي شيء منكِ جميل بسكوتتي تقومين لنا بألف سلامة ويأتي سليما معافى أيا كان."
قالها ثم عاد ليضمها بسعادة مرة أخرى

بعد أن بدلت ملابسها وقفت تجفف شعرها بمجفف الشعر وأخذ هو حماما وخرج يرتدي منامة مريحة فوجدها تقف أمام المرأة ولا تزال تجفف شعرها فاحتضنها من الخلف وطبع قبلة شغوفة على عنقها قائلاً:"ماذا ستسميه؟.."
ابتسمت قائلة وهي تستند برأسها على صدره وتنظر إلى انعكاس صورته في المرأة :"كما قلت لك إن كان صبي سأسميه فؤاد على اسم أبي وإن كانت فتاة..."
ابتعد عنها قليلا وأردف ما أن تذكر :"أبي ...لم نقول لأبي وخالتي والأولاد..."
لم ينتظر منها ردا وهو يندفع للخارج فشهقت قائلة:"تيمور انتظر لابد أن نمهد للأولاد أولا.."
ولكنه لم ينتبه لكلماتها وهو يُسرِع للخارج وما أن خرجت خلفه حتى وجدته يقف في منتصف غرفة المعيشة حيث تجلس عايدة تقوم بهوايتها في عمل الكروشيه والدكتور فؤاد يتابع المسلسل التاريخي على التلفاز والأولاد جميعا يلعبون معا لعبة جماعية على هواتفهم فأردف تيمور بسعادة وضحكة واسعة:"أبي خالتي فريدة حامل..."
"بسم الله ماشاء الله ألف مبروك أحبائي.."
كانت عايدة أول من ردت عليه بابتسامة مشرقة خرجت من القلب تلاها الدكتور فؤاد الذي رفع وجهه إلى تيمور ومن خلفه فريدة قائلا بفرحة حقيقية:"ألف مبروك أحبائي ..."
رد عليه تيمور وردت فريدة التي كانت تنظر أمامها إلى تماثيل الشمع الذين يمسك كل منهم هاتفه ويحدق فيها،
شيء لم يكونوا يتوقعونه جميعا في غمرة الأجواء الغير مستقرة التي عاشوها الفترة السابقة وتباينت بعد ذلك ردود الأفعال فسهر وسمر وشمس اتسعت ابتسامتهن
:"أخيرا سيكون لنا أخ.."
قالتها شمس بسعادة
"أو ربما أخت ،لما تجزمين أنه صبي؟.."
قالتها سهر وهي تنظر إلى شمس
فقالت سمر:"أي شيء المهم أن تقوم أمي بالسلامة..."
أما عبدالرحمن فما أن زالت دهشته حتى أردف بضحكة قصيرة ولا زالت علامات الدهشة على وجهه:"سيكون لي أخ وأنا في سني هذا !"
فقال له الدكتور فؤاد :"هذا أفضل شيء حتى حين تكبر يكون هو أصغر منك ويكون عكازك وسندك في الحياة كأخي حسين ،لم ترى أنت ماذا كان يفعل معي خلال الشهور التي كنت فيها عنده.."
"هل ستحبونه أكثر مني "
نطقتها شيري بغيرة واضحة فهي الصغيرة المدللة ولم تتوقع أبدا أن يأتي من ينافسها ، اقتربت منها فريدة وجلست على الأريكة بجوارها هي وعبدالرحمن وشروق بينما كانت الثلاث بنات الأخريات على الأريكة المجاورة فضمتها إليها بحنان قائلة:"لن نحب أحد أكثر منكِ على الإطلاق ..."
جلس تيمور بجوار والده يرى تصرف فريدة مع الأولاد، أما شيري فرغم شعورها بالغيرة إلا أن ضمة فريدة لها أشعرتها بالأمان وما أن ابتعدت عنها حتى قال لها تيمور بصوت حنون وهو يفتح ذراعيه:"تعالي شيري..."
فذهبت إليه ليضمها بشدة فتغوص في حضنه تتلمس أمانا وحبا ظنت لوهلة أن هناك من سينتزعهما منها
أما شروق التي اصفر وجهها فكانت غيرتها أشد فرغم أن حالتها تحسنت كثيرا وأوقفت جلساتها ورغم صلتها التي توطدت بفريدة وأبناءها ولكن تبقى هناك نزعة تملك لوالدها لم تتخلص منها بعد
قالت سمر بتفكير وهي تنظر إلى شمس:"إن جاء صبي ماذا سنسميه؟..."
ردت عليها فريدة قائلة وهي تنظر إلى الدكتور فؤاد:"فؤاد... إن كان صبي سنسميه فؤاد..."
فرفع الأخير عينيه إلى عينيها مبتسما بامتنان فقالت سهر :"وإن كانت فتاة؟.."
"ياسمين "
قالتها فريدة بلا تردد
"حقا!"
نطقتها شروق بعينين متسائلتين
فأردفت فريدة:"حقا حبيبتي لأن هذا أكثر أسم أنتم تحبوه..."
ابتسمت شروق أخيرا ودون كلام بادرت باحتضان فريدة التي ضمتها إليها بحب وهي تربت على ظهرها بينما ينظر إليها تيمور بامتنان أنها تستطيع دائما امتصاص توتر الجميع....

بعد مرور شهرين

كان يقف بجوار سرير الكشف في عيادة الطبيبة التي تتابع معها فريدة الحمل ،المفترض أن يعرفان اليوم نوع الجنين ،كانت فريدة تستلقي والطبيبة تمرر الجهاز على بطنها يمينا ويسارا ،وهي لا تحيد بعينيها عنه تتمنى أن يعطيها الله مايتمناه تيمور
تعرف أنه سيرضى في كل الأحوال ولكنها تريد له السعادة وأكثر كان يميل قليلا نحو الشاشة بتدقيق والطبيبة تكبر موضعا معينا قائلة:"هل رأيت جيدا يادكتور أعتقد يتضح جدا.."
ابتسم تيمور وهو يستقيم قائلا لها:"بإذن الله.."
أعطت الطبيبة فريدة مناديل ورقية وابتسمت لهما قائلة:"ألف مبروك.." ثم عادت إلى مكتبها
اعتدلت فريدة وقالت له بلهفة وهي ترى نظرة السعادة في عينيه:"ماذا؟.."
كانا يقفان خلف ستارة فاصلة بين مكتب الطبيبة وسرير الفحص فضمها إليه بقوة قائلا بهمس:"ولد بإذن الله..."
شعرت برجفة قلبه فرحا فاختلج قلبها في صدرها فرحا لفرحه
وما أن خرجا معا من العيادة حتى رن هاتفها وكان عبدالرحمن الذي يقف في منتصف الحديقة وحوله جميع البنات جميعهم مترقبون ،ردت فريدة فقال لها بتساؤل:"ماذا يا أمي عرفتِ النوع ؟.."
:"سيأتيك أخ ياعبدالرحمن.."
قالتها بهدوء فصاح هو فيمن حوله بنبرة المنتصر وهو يرفع قبضته:"لا مزيد من البنات في هذا البيت سيأتيني أخ"
لتعم السعادة بين الجميع فجميعهم كانوا يريدونه ولدا

************
عادت فريدة من ذكرياتها مبتسمة وحاولت الاستقامة في جلستها فأطلقت تأوها مسموعا انتفض له تيمور قائلا وقد استفاق من نومه:"ماذا يافريدة هل ستلدين؟؟."
قالت له وهي تضع يدها على بطنها :"لا أنا فقط أشعر بالثقل.."
قال لها وهو يتحسس بطنها بكفه:"الطبيبة قالت لابد أن تمشي كثيرا هذه الفترة"
"لقد مللت طالت الفترة.. قالتها بضجر ثم أردفت ضاحكة:حتى علية التي كنا نسير طوال حملنا معا وضعت منذ عدة أسابيع"
ابتسم قائلا:"ابني يأخذ حقه كاملا ثم أردف وهو يستقيم ليغتسل :ارتدي ملابسك وهيا لتتمشي قليلا ألم تقولي أن هناك بعض الملابس لم تحضريها له..."
قالت له بكسل :"أشعر إنني لن أستطيع المشي.."
قال قبل أن يغلق باب الحمام:"قومي يافريدة كفاكِ كسلا ..."

بعد أن ارتدت فستان قطني مريح ووشاح بألوان مبهجة جلست على المقعد المجاور لباب الشقة لترتدي حذائها الطبي المريح فلم تستطيع أن تميل لتلبسه فلمحها هو وتقدم منها ودون كلام جلس أمامها على عقبيه ووضع الحذاء في قدميها كما يفعل كلما وجدها تحتاج إلى المساعدة فابتسمت له ابتسامة صافية
قال لها وهو يرتدي حذائه الرياضي المناسب لحلته الرياضية الأنيقة :"الأولاد مازالوا بالأعلى؟.."
أومأت برأسها قائلة:"نعم جدهم بات بالأمس أيضا معهم.."
قال لها وهو يمد يده لها:"هيا لنمر على أبي في الحديقة قبل أن نخرج .."
فوضعت يدها في يده وسارت معه ببطء أما عند باب المطبخ فكانت سماح الشابة التي تساعد في أعمال المنزل تقف وتنظر إليهما بهيام فاقتربت منها شقيقتها نجلاء قائلة بتساؤل:"ماذا تفعلين؟..."
قالت لها وابتسامة حالمة ترتسم على شفتيها:"أنظر إليه وهو يساعدها في ارتداء الحذاء وأتسائل متى سيأتي من يساعدني في ارتداؤه.."
قالت لها باستنكار:"هل تتركين جلي الصحون لتفكري في ذلك؟ ثم أردفت وهي تدفعها للداخل :أنا من سأقذفك بالحذاء إن لم تكملي ما وراءك..."
دلفت معها لتكمل عملها وهما تضحكان معا

**************
جلس بجوار مهد الصغير الموضوع في حجرة نومهما بجوار فراشهما ينظر إليه بلهفة لم تفتر وبإحساس بالحب يزداد يوما بعد يوم ،كان جميلا صغيرا ينام في مهده كملاك صغير، ابتسم له فادي ابتسامة حانية ثم عاد لينام قليلاً فالصغير سهر كثيرا طوال الليل ،
كانت علية تنام نوما عميقا فهي لم تعتاد بعد على النوم المتقطع هذا والسهر الكثير، تقلبت في الفراش حتى اقتربت منه فجذبها إلى حضنه فاستكانت بين ذراعيه كقطة ناعمة وأكملت نومها العميق أما هو فأخذ يمسد على شعرها الناعم وكتفها العاري وهو يعود بذاكرته قليلا للخلف فيبدو أنه لن يستطيع العودة إلى النوم بسهولة

منذ ثمانية أشهر


بعد أن عادا معا من قضاء إجازة شهر العسل التي كانت بالفعل أحلى من العسل قضيا على الأغلب اسبوعين إلى أن بدأت علية تشعر ببوادر القيء الصباحي واضطراب المعدة وبعد أن شك كلاهما في الأمر أحضر لها اختبار حمل منزلي وهاهو يقف أمام الحمام ينتظر خروجها ليعرف النتيجة
فتحت علية باب الحمام وخرجت بوجه شاحب فظن أنه لايوجد حمل لذلك هي حزينة ولكنها قالت له بصوت خافت"بالفعل هناك حمل كما ظننا "
بالنسبة لفادي لم يكن يعرف بالضبط ماهية مشاعره، قديما لم يكن حلم الأبوة يراوده حين كان مستكفيا بأبناء فريدة وحين كان من الصعب إن لم يكن مستحيلا حمل أماني لذلك لم يكن يحلم بهذا الحلم أما بعد زواجه من علية فتمناها ولكن لم يتوقع أن يحدث بهذه السرعة فكانت مشاعره مختلطة
احتضنها وقبل رأسها قائلاً بقلب خافق:"ألف مبروك حبيبتي "
كانت لاتزال متخشبة بين يديه فأبعدها عنه قليلاً ونظر الى نظرة القلق في عينيها قائلا :"لما لا أشعر انك سعيدة"
زمت شفتيها قليلا ثم قالت له بعينين حائرتين:"ليس كذلك أنا فقط ظننت أننا سنتزوج وتكون حياتنا كلها مرح لعدة أشهر لم أتوقع أن يحدث بهذه السرعة ثم إنني أشعر بالخوف أنني سأحمل طفلا إلى جانب تعب الحمل نفسه "
قال لها مشاكسا :"بالنسبة للسرعة فهذا أقل شيء عندي حتي تعرفين قدرات زوجك العالية ،لكزته في كتفه وهي تخبيء وجهها في صدره خجلا فأردف :وبالنسبة لخوفك فلا تقلقي سأحمله معك باذن الله "
رفعت وجهها قائلة له بشك:"كيف ستحمله معي وأنا حامل؟ "
قال ببراءة:"لا أقصد وأنتِ حامل بل حين تضعيه "
دائما ينجح في إخراجها من أصعب لحظاتها كأبة وحزنا بطريقته هذه فضحكت وضحك معها وعاد لاحتضانها بين ذراعيه فتشبثت به أكثر وهي تمسح وجهها في رقبته تستشعر من قربه الإطمئنان وكلاهما لا يعرفان الكثير عن هذه المشاعر الجديدة ولكنها لاتحتاج إلى معرفة فيكفي أن يسير الإنسان خلف فطرته وإحساسه وهو سيدله
كانت علية محقة في خوفها فهي كفتاة مدللة ضعيفة البنية كان الحمل بالنسبة لها متعبا على مدار الأشهر التالية وكان فادي متفهما مراعيا لأقصى درجة حتى أنه كان يصنع لها الطعام بيده

بعد مرور أشهر الحمل الطويلة جاء اليوم المنتظر الذي أتى فيه الصغير إلى الحياة
كانت غرفة علية في المستشفى ممتلئة بأهلها وأهل فادي وكانت علية خرجت من غرفة العمليات هي والصغير ،الصغير الذي حمله والده وأخذ ينظر إليه مشدوها وهو لايصدق أنه يحمل بين يديه مزيجا منها ومنه ،جلس على المقعد المجاور لسرير علية وأخذ ينظر إلى عيني الطفل المتسعتين وهو يشعر أنه يذوب أمام هذه النظرة الأكثر براءة في العالم فرفع عينيه إلى علية قائلاً بصوت منخفض النبرة فشل في أن يجليه أكثر من ذلك:"عينيه كعينيكِ..."
ابتسمت قائلة:"أرني إياه..."
أعطاه لها فتأملته بحنان وهي لاتعرف بالضبط كيف ستتعامل معه وهو صغير هكذا ،حرك الصغير يديه يمينا ويسارا وبدأ في البكاء فنظرت علية إلى أمها قائلة :"لماذا يبكي ؟.."
فقالت أمها بابتسامة حانية:"مؤكد جائع حبيبتي ..لما تندهشين هكذا ألم تشاهدي تالية وهي صغيرة ؟"
كانت تريد أن تقول لأمها أن المشاعر مختلفة والإحساس مختلف فكرة أن يكون طفلا ملزما منها لا مجرد تحمله دقائق ثم تعيده إلى أمه ما أن يبكي ولكن الصغير صوته ارتفع بالبكاء فقامت والدتها لتساعدها وتوضح لها كيف ترضعه بطريقة صحيحة أما فادي فذهب للجلوس في زاوية الغرفة بجوار أختيه اللتان كانت كل منهما تشاهد رود أفعاله مع الصغير ويحمدان الله أن رزقه ،قال فادي لفريدة وهو يشير إلى بطنها المنتفخة:"وأنتِ متى سنفرح بكِ؟ ألم تكونا معا .."
قالت بأسى مصطنع:"الطبيبة قالت ليس الان ثم أردفت ضاحكة:أنت ابنك من تعجل في المجيء ..."
قهقه ضاحكا وأردف:"لقد تجاوزت الثلاثين الولد جاء في وقته وربما تأخر قليلا.."
فأردفت فدوى بنظرة خاصة :"كل شيء بأوانه حبيبي جاء في موعده ،كلها أقدار الله ..."
"ونعم بالله.."
قالها وهو يداعب الصغيرين في عربتهما الصغيرة ويتعجل أن تنهي علية ارضاع صغيره ليأخذه ثانية ...


تنهد فادي وهو يسترجع ذكريات هذا اليوم القريب أما علية ففتحت عينيها فجأة وقالت له:"أين عبدالعزيز؟.."
قبل رأسها قائلاً:"زيزو نائم يأكل أرز مع الملائكة يمشي معكِ أبو عبدالعزيز..."
ابتسمت قائلة:"أريد أن أنام.."
قال لها بحنق طفولي:"هل ستضيعين هذا الوقت الثمين في النوم؟.."
قالت له مدعية المسكنة :"ألا ترى كيف أسهر به طوال الليل .."
زفر قائلا من خلف قلبه:"حسنا ياعلية نامي.."
كانت لاتزال بين ذراعيه فشعرت بالتعاطف معه أو ربما اشتاقت له فمررت ابهامها على ذقنه فنظر إلى النظرة العابثة في عينيها قائلاً وهو يقربها منه:"أنا قلت أنا لن أهون على أم زيزو أبدا ..."
قهقت ضاحكة ضحكة عالية فأردف وهو يضع يده على شفتيها:"اخفضي صوتك يابنت الولد سيصحو ويضيع الوقت هباءا..زمت شفتيها ولازالت الضحكة العابثة تلمع في عينيها فأردف هو بجدية وهو يتأمل براءتها وجمالها الذي يزداد في عينيه توهجا يوما بعد يوم :علية هل تتذكرين حين كنتِ في حيرة تتزوجيني أم لا وقلتِ أن عليكِ المغامرة ؟ أومأت برأسها ونظرة متسائلة تبدو في عينيها فأردف متسائلا :هل أنتِ سعيدة معي ؟هل فعلا قربنا من بعض يستحق هذه المغامرة؟" "هذه أجمل مغامرة قمت بها في حياتي ،قالتها بعينين صادقتي النظرات ثم أردفت وهي تحيط جانب وجهه بأناملها :فادي أنت تستحق كل شيء جميل يكفيني معك أنني طوال الأشهر الماضية وأنا أشعر بحبك وحنانك وكرمك ويكفيني أنني أحبك..."
كلماتها كانت كنشان صائب أصاب قلبه مباشرة فهو لأول مرة بعد زواجهما يسألها هذا السؤال كان يريدها أن تشعر من أفعاله بأنه حقا يستحقها ولكنه مؤخرا كان يريد سماعها من بين شفتيها وما أن نطقتها حتى أطبق على شفتيها بقوة لتضيع أي كلمات أخرى في صخب هذه اللحظة التي حٌرم كلاهما منها شهرا كاملا منذ ولادتها وشهرا كاملا قبلها نظرا لتعبها في الحمل

**************
جلست في شرفة منزل والدتها تحتسي فنجانا من الشاي وتنظر من أعلى على الشارع الهاديء في هذا الوقت من الصباح وتفتح هاتفها على تطبيق الواتساب حيث يتحدثان في الوقت الذي أتت فيه أمها تتكيء على عكازها وجلست أمامها فرفعت شيماء وجهها عن الهاتف وابتسمت إلى أمها التي انعكست أشعة الشمس الدافئة على وجهها وشعرها الأبيض فزادته بريقا فقالت لها :"كيف حال عمر هل يحدثك؟.."
"طبعا أمي يحدثني وهو معي الان على الواتساب" "هل أنتِ مرتاحة في هذه الحياة يا ابنتي"
سألتها أمها وهي تشعر بالقلق فأردفت قائلة بهدوء وهي تربت على يدها لتطمأنها:"مرحلة وستمر يا أمي بإذن الله ستمر ..."
"أنا من البداية كنت أرفض هذه الزيجة ولكنكِ أصررتِ"
زفرت شيماء وهي ترى أن والدتها ستبدأ في وصلة التأنيب منذ ماحدث فأغمضت عينيها قليلا ثم فتحتهما قائلة:"صدقيني أمي عمر ليس سيء هو فقط يريد من تفهمه جيدا وأنا أقدر موقفه هو معذور هو يعتبر في بداية مشواره وإن أعلن زواجنا الان سيدمر نفسه بيده.."
قالت الأم بحسرة:"وهل سيعلن زواجكما من الأساس ؟ إن كان يريد أن يعلنه لما فعلها في السر .."
"ألم تسألي الشيخ بنفسك وقال لكِ أنه ليس محرم" هدرت فيها أمها:"ليس محرم ولكنه لايحفظ لكِ أي حقوق....."
ظهرت في عيني شيماء نظرة ضعف و قالت لأمها"أمي لما تشعريني أنني كنت أعيش في الجنة وبزواجي من عمر خرجت منها ،أنا كنت مطلقة ،بلا أولاد ،سنوات قليلة وأتم الأربعين فإن لم أعيش الحياة التي أتمناها الان متى سأعيشها؟؟."
قالت الأم وعينيها تتسعان:"تعيشينها على دمار بيت آخر و..."
قاطعتها شيماء قائلة بجدية وهي ترفع سبابتها وكأنها تتقبل كل شيء إلا هذه الصفة :"لا ... أنا لست كذلك أمي هو بالفعل كان في الفترة الأخيرة يعيش معها في تعاسة وكان سيطلقها في أي وقت ،أشارت بسبابتها بعيدا وكأنها تشير إلى عمر :هو من كان يتصل بي ويشكو لي ،هو من تقرب مني لأنه أصبح لايجد معها راحته، قست نظرتها ثم أردفت:إن كان هناك من دمر بيت من قبل فهي لا أنا هي التي أخذته من بيته الأول وزوجته وأبناؤه ،ثم تحولت القسوة في عينيها إلى ضعف وهي تتذكر قلبها الذي كان يتمزق وهي تراه مع غيرها:وقتها أنا كنت موجودة ولم أكن أجروء على فعلها، كنت أنظر إليه و إلى استقراره وأقول يكفيني أن أرى سعادته أما هي فأنتِ لم تعرفي ماذا فعلت لتشغله بها وتعلقه بها صدقيني أمي لو كنتِ رأيتِ مافعلته هي لتستحوذ عليه لعرفتِ مقصدي أما أنا فهو من جاءني حتى عندي وكان بالفعل سيطلقها ..."
قالت الأم بيأس:"ومالذي يجبرك على هذه الحياة التي لاضامن لك فيها؟.."
أحاطت كفي أمها بكفيها قائلة:"الضامن هو الله ثم ألم يرضيكِ هو حين ثرتِ بعد الأزمة الأخيرة واشترى لي الشقة المجاورة لنا وكتبها بإسمي لتطمئني؟.."
"وهل أنا مايهمني المال أم يهمني سعادتك؟.."
قالت لها بثقة "سعادتي معه يا أمي أنا أثق بعمر وأقدر ظروفه هل تعرفين أن أزمته الحقيقية أنه يريد من تفهمه وتحتويه"
زفرت أمها زفرة حارة وهي تعرف أنها لن تصل معها إلى حل قائلة:"يضحك عليكِ بمعسول الكلام وأنتِ طوال عمرك تحبين العسل ..."
قهقهت ضاحكة ثم فتحت هاتفها لترد على رسائله

************
"عمر ماذا تفعل لقد تاخرت.."
كان يبدل ملابسه في حجرة القياس في المتجر ذي الماركة المعروفة في المول التجاري بالمدينة حين نادت عليه رؤى من الخارج وكان هو بالفعل ارتدى الحلة الجديدة ليجربها وفي نفس الوقت يراسل شيماء التي لم ينقطع عنها يوما منذ ماحدث ولكنه فقط أصبح أكثر حرصا ، وكيف ينقطع عنها وقد أصبحت رؤى في الفترة الأخيرة لا تطاق ليس فيما يخص شكها فيه فقط ولكن في كل شيء وكأن حالها قد تبدل
ابتعدت رؤى عن حجرة تبديل الملابس واتجهت إلى قسم ملابس النساء تبحث عن ملابس تناسبها، تشعر اليوم أن مزاجها جيدا فمنذ أن تابعت مع الطبيب النفسي بعد أزمتها الأخيرة مع عمر وأعطاها دواءا مضادا للإكتئاب الذي بالفعل أشرفت عليه وهي تشعر بالتحسن في مزاجها العام

كانت فريدة تمشي مع تيمور على مهل في المتجر متعدد الأقسام حين توقفت عند قسم الأطفال فقال لها :"لما لا تعجبك العربة يافريدة كانت تعجبني بشدة.."
"تيمور نحن اشترينا بالفعل واحدة لما ستحضر الثانية؟"
قالتها وهي تمنع نفسها من الضحك عليه وقد أصابه هوس الشراء للصغير
فاردف قائلا:"ومالمانع واحدة للاستخدام المنزلي والأخرى نستخدمها خارج المنزل.."
حين وجدته متمسكا بها وينظر عليها حين ابتعدا أردفت قائلة:"حسنا حبيبي إن كنت تريد ذلك فأحضرها.."
ابتسم لها قائلا :"صدقيني ستجدينها عملية أكثر من الأولى ...قالها وهو يتحرك عائدا ليحضرها ثم أردف: انتظريني هنا لاتبتعدي..."
أومأت له برأسها بابتسامة عذبة ووجدت أمامها منامة أطفال لبنية اللون معلقة أمامها فابتسمت ابتسامة حانية وهي تتناولها وتضعها على بطنها وتنظر في المرأة الطولية المثبتة في الحائط في نفس الوقت الذي خرج فيه عمر من حجرة القياس يرتدي حلته الأنيقة لتراها رؤى عليه ،اصطدم بمنظرها هذا ما أن خرج وهي تقف أمام المرأة والمنامة الصغيرة فوق بطنها المنتفخة فاتسعت عينيه وفغر فمه قليلاً وتسمر ثواني
وهي لم تدرك أنه يقف أمامها إلا وهي تستدير لتتفاجأ بوقوفه أمامها فتسمرت هي الأخرى لثواني فهي لم تتوقع أبدا أن تراه
"حامل من رجل آخر ويبدو أنها سعيدة"
هكذا كان حديث نفسه له ومع كل نظرة إلى بطنها يرشق في قلبه سهم بسن حاد ،ولكنه اعتاد على ذلك الشعور وأصبح يعيش به ،حين يتحول أعز الناس إلى غرباء يموت القلب، تنحنحت قائلة لتكسر هذا الصمت وتبتعد قبل عودة تيمور:"أهلا عمر..."
قالتها بسرعة وهي تهم بالاستدارة للعودة إلى تيمور فأردف هو بصوت مختلج:"أهلا فريدة كيف حالك؟.." "بخير.." قالتها على عجل واستدارت نصف استدارة فأردف بصوت حاول أن يجليه حتى لا يفضح ما بداخله:"أين الأولاد؟..."
ألا يعرف أن جدهم عندهم ؟ سألت نفسها السؤال قبل أن تجيب :"جدهم يجلس معهم منذ عدة أيام في المنزل.." ابتسامة متوترة ونظرة ثاقبة لعينيها أعقبها قوله:"نعم نعم تذكرت ..."
أومأت برأسها ثم استدارت لتنهي الموقف قبل أن.... سبق السيف العزل ،هاهو تيمور يقف خلفها بوجه مقلوب وها هي رؤى قد عادت فوقفت خلف عمر الذي لا تختلف ملامح وجهه الان عن ملامح وجه تيمور الذي جذب يد زوجته برفق وهو يحيط كفها بتملك و يوميء بوجهه بدون نفس لكل من عمر ورؤى مع ابتسامة فشل في أن يجعلها مجاملة وهو يقول:"مرحبا.."
فيوميء له عمر بوجه متصلب متمتما بكلمة ترحيب لم تتجاوز شفتيه وترد عليه رؤى قائلة :"مرحبا ..." وعيناها متعلقتان بأنامله التي تحتضن أنامل زوجته
فأخذ تيمور زوجته وابتعد أما رؤى فقد ناظرت عمر بتدقيق ،رأت انقلاب وجهه ونظرة الحنين في عينيه ولولا أنها قد أخذت دواءها بانتظام الفترة الماضية لانفعلت عليه كعادتها في الفترة السابقة ،نظر إليها عمر بنفس الملامح الممتقعة التي كان يتابع بها خطوات فريدة المبتعدة وكان يعرف ماذا يدور في رأس رؤى، لازالت تغار من فريدة وهذا هو الفرق بينها وبين شيماء أن شيماء تعرف وتقدر وتتفهم أما رؤى فلا تتفهم ولا تقدر كون أن مافي القلوب يجب احترامه لأنه ليس بأيدينا ، يستطيع أن يعدل فيما يملك أما مالايملك فكيف تحاسبه عليه؟؟؟
قال لها باقتضاب وهو يتجه إلى غرفة القياس:"الحِلة تعجبني سأبدلها..."
لم ترد عليه وانما اكتفت بنظرة صامتة تعني أنا أفهم ما أَلَمَ بك الان....
كانت تعرف جيدا مايجول في ذهنه و أخذت تنظر إلى أثر فريدة وهي تتذكر كلماتها التي كانت كطلقة رصاص حين نصحتها على المنشور الذي أنزلته ورغم أنها مسحته ولم تحتفظ به إلا أن كلماتها مازالت ترن في أذنيها وللحق فالنصيحة فعلا غالية فهي بعد ماحدث سمعت منه بهدوء وأعطته فرصته ورغم أنها لم تقتنع بكل ماقاله إلا أنها لم تمسك دليلا واحدا عليه حتى الشقة التي رأته فيها عندما عادت إليها في اليوم التالي لم تجد بها أحدا وحين سألت حارس البناية قال لها أنها كانت بالمدة ومدة صاحبتها انتهت ورحلت وحين سألته أقر لها بأن السيدة بالفعل كانت تستقبل أصدقاءها في حديقة شقتها
لذلك قررت تنفيذ النصيحة فبما أنها لا تستطيع في الوقت الحالي الابتعاد عنه ستظل معه إلى أن يجف حبه في قلبها لن تستطيع الابتعاد ولا زال في قلبها حبا له للاسف لازال لديه رصيدا في قلبها حتى وإن قل ولكنه موجود رغم معرفتها أنها تعيش معه وهناك احتمالا أن يكون بالفعل قد خانها وهناك يقينا أنها تعيش مع رجل هناك ظل لامرأة أخرى في قلبه ورغم أنها حياة ليس بها حياة إلا أنها مضطرة للاستمرار إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا فهذا حقا مايسمى الإبتلاء في الحب


يتبع




التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 30-11-20 الساعة 04:43 PM
Heba aly g متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 01:42 PM   #1367

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

كانا قد اقتربا من الكاشير فحاسب على مشتروات الصغير وهو صامت ثم خرجا معا إلى ساحة المول،
كانت تسير ببطء وتضع يدها في يده وهو صامت تماما وتعرف بالطبع سبب صمته فهو لايحب اجتماعها بعمر في مكان حتى لو صدفة ،أخذت تحرك أناملها على ساعده في حركة تعرف أنها تفقده صوابه فنظر إليها قائلاً بنظرة حانية رغم ضيقه من الموقف :"ماذا تريدين؟.."
كانا يسيران في الممر الواسع للمول الذي يوجد على جانبيه محلات صغيرة وكان أمامها ثلاجة الحلويات فنظرت إلى الثلاجة ثم عادت بعينيها إليه قائلة بنظرة مشاكسة :"أريد أرز باللبن لا أنا ولا ابنك تناولنا افطارنا.."
ابتسم قائلاً:"ألم تقولي لاتريدين الافطار؟.."
"جعت"
قالتها ببؤس مصطنع وكان يعلم أنها تشاكسه حتى تطمئن أنه لايتضايق من مقابلة عمر ولا تعلم أنه يطمئن تماما لحبها ويعرف بضرورة وجود عمر في حياة أبناؤه وأصبح لايغضب منها في مثل هذه المواقف هو فقط يغار،شيء خارج عن ارادته
اشترى طبقين من الأرز باللبن ووضعهما في عربة المشتروات وأكملا السير معا فقالت له وهي ترفع وجهها إليه:"تيمور ألا زلت تحبني كالسابق؟.."
ضيق عينيه قائلا باستنكار:"أي سابق بالضبط أنا لي عام وأشهر قليلة فقط متزوجك ليس لنا عشرون عاما متزوجان.."
ضحكت قائلة:"ولو بعد عشرون عام ستظل تحبني؟.."
"طبعا هل عندك شك.." قالها بنبرة قاطعة
قالت له بصوت خافت وبغنج متعمد يعشقه هو:"نعم ساورني الشك لك عدة أيام لم تقول لي قصيدتنا .."
قهقه ضاحكا وقال لها :"لا ليس لدي حق أعتذر سيدتي"
كانا يتجهان جهة منطقة المطاعم لتجلس وتأكل الأرز باللبن وكانت تمشي ببطء لشعورها بازدياد ثقلها فأردف قائلا وهو ينظر إليها

أحبك واحة هدأت عليها كل أحزاني
أحبك نسمة تروي لصمت الناس ألحاني
أحبك نشوة تسري وتشعل نار بركاني
أحبك أنت يا أملا كضوء الصبح يلقاني


رغم شعورها بتحجر بطنها وتكور جنينها حتى آلمها تكوره في جانب واحد إلا أنها ابتسمت بسعادة وهي تتعلق في ذراعه أكثر كطفلة صغيرة فأكمل هو بصوت دافيء رخيم

أمات الحب عشاقا وحبك أنت أحياني
ولو خيرت في وطن لقلت هواك أوطاني
ولو أنساك يا عمري حنايا القلب..تنساني
إذا ما ضعت في درب ففي عينيك.. عنواني


اتسعت ابتسامتها الواهنة ويديها تتصلبان فوق ساعده ثم أطلقت تأوها خافتا فالتفت إليها قائلا بقلق:"هل تشعرين بألم؟.."
كان تقلصا مفاجئا وزال فقالت له وهي تضع يدها على بطنها :"لا تقلق ابنك يركل كعادته.."
كان يرى الألم في عينيها فقال لها:"لا ... تبدين متعبة فعلا هيا لنعود إلى المنزل ..."
قالت له وقد وصلا بالفعل إلى منطقة المطاعم:"تعال نجلس قليلا تعبت من السير..."
كان صدرها يعلو ويهبط فلم يطمئن هو فأحاط كتفها بذراعه قائلا:"أنا أرى نرحل أفضل ..."
"ااااااه ..."
تأوهت بصوت أعلى وهي تضع يدها على بطنها وعينيها تتسعان ألما فجذبها من يدها قائلا بصوت متوتر :"هيا يافريدة ارتاحي في السيارة وأنا سأكلم الطبيبة ..."
كان الألم هدأ ثانية فسارت معه ببطء حتى باب المول وما أن وضعت قدمها خارجه حتى شعرت بمياه تغمر ساقيها فنظرت إلى فستانها المبلل وقالت له بهلع:"تيمور أنا سألد .."
نظر إلى حيث تنظر وفهم أنها بالفعل علامة الولادة فشعر بجفاف حلقه فجأة فقال لها بتوتر :"انتظري هنا لا تتحركي ثواني قليلة سأحضر السيارة.."
تركها وتحرك خطوتين مسرعا وهو يدفع عربة المشتروات فصرخت صرخة عالية فعاد إليها بسرعة وهو يشعر بالفزع من صرختها التي جعلت من حولهما يتوقفون وينظرون إليها فمال عليها بسرعة وحملها وهرع إلى السيارة تاركا عربة المشتروات التي أحضرها موظف الأمن خلفهما مباشرة ما أن رأى الوضع

************
ترقد في سرير الولادة في غرفة العمليات والوجع يشتد عليها ويصل بها إلى أقصى حده
تلك اللحظة التي تشعر فيها المرأة أن الموت أقرب لها من الحياة ،الأطباء والممرضات حولها وطلق الولادة يأتيها كل عدة ثواني منذ أن وقَعَت عليها الطبيبة الكشف وأقرت أنها فعلا ولادة ومن ثم وضعت لها محلولا يساعدها على الولادة ومن وقتها والألم لايطاق وهاهي في حجرة العمليات تتأوه بصوت عالي وتنظر حولها لاتجد تيمور رغم أنه اتفق معها أنه سيكون معها أثناء الولادة،
سالت دموعها وهي تجول بعينيها في الغرفة المُقبِضة للقلب وتشعر من كثرة الألم أن روحها ستنتزع منها وقتها لم تشعر بالخوف على نفسها بل على أبناءها جميعا إلى أن وجدت من يقف بجوارها فرفعت عينيها لتجده تيمور فقالت له ودموعها على وجهها :"أين كنت لما تركتني؟.."
جلس بجوارها على مقعد صغير وضغط على يدها بيده قائلا وضربات قلبه قد ازدادت :"كنت في التعقيم لن أتركك أبدا لا تخافي ...."
كانت الطبيبة تقف أمامها وحولها الممرضات وقد أدركن جميعهن اقتراب الولادة ،كلما ازداد الطلق عليها وتقارب كان وجهها يتعرق أكثر فأخذ تيمور يمسح جبهتها براحته يدعي الصلابة وهو بداخله ينتفض
"هانت يافريدة ...تماسكي حبيبتي دقائق وينتهي الأمر"
قالت باكية وهي تشدد على قبضته :"لا لا أشعر إنني سأموت صدقني سأموت....."
لا يحب أبدا ذكر سيرة الموت رغم إيمانه بأنه حق علينا فارتجف جسده وغامت عينيه بالدموع مع ازدياد صراخها وتشنج جسدها فقال لها بصوت مرتجف وهو يشدد بقبضته على راحتها:"لا تقولى ذلك يافريدة ستقومين بألف سلامة.."
ثم نظر إلى الطبيبة باستجداء فأردفت وهي ترى أن لحظت الولادة تقترب:"الأمر كان صعب قليلا لأنها لها فترة طويلة منذ أخر ولادة ..ثم أردفت قائلة لفريدة لتحفزها:اقتربنا يافريدة حين يأتي الوجع تدفعين بأقصى استطاعتك ..."
قالت لها فريدة وقد جف حلقها من الصراخ والنشيج :"أشعر إنني لا أستطيع... تبعت كلماتها بصرخة عالية ارتج لها جسد تيمور كله وهو يراها هكذا فهو لم يمر عليه هذا الأمر من قبل فزوجته الأولى كانت تلد ولادة قيصرية ،قالت لها الطبيبة:"لا ستقدرين هيا لننهي الأمر بسرعة ..."
ازدادت آلام المخاض عليها والألم يحرقها من الداخل وجاءتها طلقة شديدة فقالت الطبيبة بنبرة عالية:"هيا الان..."
ولكن فريدة كان التعب قد حل بها وفعلا لاتستطيع الدفع فأردفت وهي تلهث:" لا أستطيع .."
فصاحت فيها الطبيبة قائلة:"أنتِ لا تساعديني هيا ادفعي..."
فصرخت فيها فريدة :"قلت لكِ لا أستطيييييييع ..."
مع صرختها كانت الدفعة القوية التي ساعدت على خروج روح من روح وسبحان من جعل هذا الألم الشديد يتبعه مُباشرة الاستسلام التام لجسدها وزوال الألم الشديد
وعوضا عن صراخها صرخت روح أخرى خرجت للتو إلى الحياة
فغرت فريدة شفتيها ونظرت أمامها ومثلها تيمور ينظران إلى الطبيبة التي تحمل الصغير الذي يصرخ بصوت عالي فلفته في لفافة وأعطته إلى تيمور قائلة بسعادة:"ألف مبروك يادكتور ثم التفتت إلى فريدة قائلة:ألف مبروك مدام فريدة شاهدا الطفل قبل أن يأخذه طبيب الأطفال والتمريض..."
أخذه منها ومشاعر جياشة تموج في صدره ،حنان عجيب شعر به تجاهه ما أن حمله ونظر إلى عينيه فقربه بجوار وجه فريدة لتراه عن قرب قائلاً بصوت مختلج :"فؤاد يافريدة...."
نظرت إلى وجه الصغير الذي يبكي بشدة وسالت دموعها مرة أخرى وهي تتحسس الأسورة الموضوعة حول رسغه مكتوبا عليها نجل فريدة عبدالعزيز ولكن هذه المرة كانت دموع الفرح وقالت بصوت واهن فقد كل قوته في معركة ضارية:"ابننا يا تيمور..."
قاطعتهم الممرضة قائلة:"بعد إذنك يادكتور نريد الطفل وما أن يتم فحصه وتنظيفه حتى نعيده إليكم ..."
أعطاها تيمور الولد وتابعها بنظره حتى ابتعدت داخل الغرفة الملحقة بحجرة العمليات ثم عاد بنظره إلى فريدة التي كان وجهها لوحة معبرة عن الألم الذي عاشته لساعات وعاشه معها بكل تفاصيله ولكنه فجأة وجد رأسها ترتخى وجفنيها ينسدلان فنظر إلى الطبيبة التي كانت مشغولة بعمل ما قائلا بفزع :"ماذا بها؟ ماذا حدث لها ؟..."
رفعت الطبيبة وجهها إليه قائلة بابتسامة صغيرة:"لا تقلق أخذت جرعة مخدر خفيفة لترتاح قليلا ونتمكن من تقطيب الجرح...."
أخذ نفسا عميقا وهو يمسح من على وجهها بقايا العرق ويحمد الله على فضله ويدعوه أن تقوم له بالسلامة

***********
طفل جديد وجه جديد رزق جديد

بعد أن خرجت فريدة من غرفة العمليات وخرج معها صغيرها بصحة جيدة كان في استقبالها جميع أفراد العائلة ما أن عرفوا بالخبر،كان في غرفتها في المستشفى الدكتور فؤاد والجدة عايدة و فدوى وفادي وعلية وجميع الأولاد وزوجتي شهاب وإياد بينما يجلس شهاب وإياد وسامر في الغرفة الخارجية الملحقة بغرفة فريدة ومعهم تيمور الذي يجلس معهم قليلا ويدخل بعدها ليطمئن على فريدة وفؤاد الصغير

كان فؤاد الصغير نائما في السرير الصغير المخصص للمواليد وحوله إخوته الستة ينظرون إليه بانبهار ،كل مافيه صغير ومبهج
لم تكن ملامحه محددة بعد ولكنه صغير وجميل جميعهم ما أن رأوه حتى شعروا بمحبته قد زرعها الله في قلوبهم حتى شيري التي كانت تغار منه قبل أن يأتي أخذت تداعب راحته بسبابتها وما أن قبض على سبابتها بحركة لا إرادية حتى صرخت فانتفضت فريدة قائلة وهي لاترى الصغير من التفافهم حوله:"ماذا حدث ماذا به؟.."
فالتفتت إليها شيري قائلة بسعادة:"لقد مسك اصبعي يا أمي..."
ابتسمت فريدة لنظرة الجذل في عينيها فأردفت شمس:"هو لايعي شيء من الأساس هذه حركة لا إرادية.."
فأردفت شيري بحنق:"لا هو يقصدني وسيحبني أكثر منكم جميعا لأنني الأقرب له سنا ثم رفعت وجهها إلى عبدالرحمن قائلة:أليس ذلك ياعبدالرحمن؟.."
قال لها عبدالرحمن الذي يجلس خلف رأس الصغير مباشرة:"بالنسبة لأنه يقصد الإمساك بيدك فيؤسفني أن أقول لكِ أن شموسة لديها حق وأنه لايقصدك ...ظهر الإمتعاض على وجهها فأردف مكملا :وبالنسبة لأنه سيحبك أكثر منا جميعا فهذا يتوقف على مدى لطفك معه.."
مطت شفتيها ولاذت بالصمت وهي تداعب أنامل الصغير فقالت سمر وهي تربت على شعره الناعم :"أنا سأعد له رضعته وأطعمه.."
"وأنا سأحممه .."
قالتها شروق بابتسامة صافية ولا تعرف كيف تسرب حب الصغير إلى قلبها بهذه السرعة
أما سهر فمالت على جبهته وقبلتها ثم قامت وجلست بجوار أمها تطمئن عليها حيث أنها منذ أن أتوا وهي تراها مرهقة بشدة

طرقت الممرضة باب الغرفة ودخلت قائلة لتيمور :"موعد الزيارة قد انتهى وعلى المرافق الذي سيبيت فقط التواجد مع السيدة .."
استقام تيمور وقال لها:"هل الطبيبة قررت أنها ستبيت؟.."
قالت الممرضة:"مادامت الحرارة لم تنخفض فستبيت.."
أومأ لها برأسه ورغما عنه تسرب القلق إليه من حرارتها التي لا تنخفض من بعد الولادة

بعد أن خرجت الممرضة قال تيمور لشهاب :"شهاب هل من الممكن أن تأخذ أبي وخالتي والأولاد إلى المنزل؟.."
فقال له شهاب وهو يربت على كتفه:"حسنا ياتيمور لاتقلق عليهم..."
استقام سامر هو الآخر ونادى من الخارج على فدوى فخرجت له عند الباب الفاصل بين الحجرتين فقال لها :"هل ستبقي مع فريدة وآخذ أنا الاولاد معي؟.."
قالت له:" نعم خذ روان ودع لي مروان..."
فوقفت علية وقالت :"لا يافدوى لن يستطيع رعايتها ارحلي أنتِ معه وأنا سأرسل عبد العزيز مع فادي إلى أمي وأبقى أنا معها...."
ابتسم فادي وهو ينظر إليها وقد اندمجت مع اخوته وأصبحت تتحمل قدرا كبيرا من المسئولية،صغيرته نضجت كثيرا في الفترة الماضية وهذا يسعده بشدة
فقالت لهما عايدة :"حبيباتي أنتما كل منكما معها طفل صغير ابقوا مع صغاركم وأنا سأبيت معها ..."
وقف تيمور في منتصف الحجرة قائلا:" شكرا لكم جميعا لمشاعركم الجميلة ولكني أنا من سأبقى معها..."
ابتسم الدكتور فؤاد وهو ينظر إلي ابنه وكان يعلم أنه سيفعل ذلك فقال له تيمور :"هيا أبي لترحل مع شهاب أنت وخالتي والأولاد .."
فأردف فادي :"وأنا سآخذ عبد الرحمن والبنات معي" نظر إليه تيمور نظرة متسائلة وقال له:" لماذا يافادي سيذهبون مع أبي وخالتي والبنات ونحن باذن الله في الغد تكون فريدة تحسنت ونخرج..."
لم يحب فادي أن يقول أنه من الافضل مادامت فريدة ليست بالمنزل أن يكون الاولاد معه حتى لايلقي مسئوليتهم على الدكتور فؤاد أو خوفا من أن يعرف عمر ويعترض فقال بدبلوماسية:"أنا فقط اشتقت اليهم وأقول أن يأتوا معي أنا وعلية أسهر أنا وعبد الرحمن على المقهى قليلا وسمر وسهر تجلسان مع زيزو وفي الغد سآتي بهم"
قالت فريدة لتيمور:"إن أرادوا الذهاب فليذهبوا "
فقال عبد الرحمن ومن بعده البنات:"حسنا نذهب اليوم عند خالو فادي "
نظرة واحدة سيطرت على بنات تيمور وهي نظرة احباط أنهن سيبيتن وحدهن ولن يسهرن ويتسامرن ويلعبن معا ككل يوم
اقتربت رودينا من فريدة قائلة بابتسامة مجاملة:"ألف مبروك مرة أخرى يافريدة .."
ومن خلفها نورين قائلة:"بارك الله لكم فيه حبيبتي بإذن الله نطمئن عليكِ حين تعودين بيتك بالسلامة..." ابتسمت لهما ابتسامة واهنة قائلة:"بارك الله لكما..."

بعد أن رحل الجميع وقف تيمور بجوار فراش الصغير ينظر إليه نظرة حانية في الوقت الذي طرقت باب الحجرة إحدى الممرضات ودلفت لتعطي فريدة الأدوية ثم قالت لها :مارأيك لو تأخذين حماما ليساعد على خفض حرارتك"
قالت لها فريدة :"أنا فعلا أريد ذلك كنت أنتظر فقط أن يرحل الجميع...."
ابتسمت الممرضة متوسطة العمر قائلة لها :"حسنا هيا لأساعدك..."
فأردف تيمور بلباقة" أشكرك أنا سأساعدها.."
فقالت فريدة:" لا تيمور ابقى أنت مع الصغير وهي ستساعدني..."
نظر إليها تيمور نظرة متسائلة فأردفت الممرضة وقد لاحظت أن فريدة تريدها هي وربما لاتريد زوجها نظرا لوضعها الصحي :" مارأيك أن تأخذ أنت رضعة الصغير وتعطيها له إلى أن ننتهي...."
نظر تيمور إلى زجاجة الرضاعة وإلى صغيره وقال لها :"حسنا أحاول...."
دلفت فريدة مع الممرضة إلى الحمام بينما حمل تيمور الصغير بيد واحدة ووضع في فمه الصغير زجاجة الإرضاع وبدأ الصغير في الرضاعة ويبدو أنه كان جائعا بالفعل
مشاعر استثنائية يعيشها هذه اللحظة وهو يحمل صغيره الذي هو قطعة منه ومنها يطعمه بيده وهو يضمه إلى صدره بحنان، لقد تعلق به قبل أن يراه، تعلق به قبل أن تحمل به أمه ،تعلق بطفل منها وحقق الله له أمنيته ولكن الحلم شيء وتحققه أمام أعيننا شيء آخر له وقع مختلف
لم يشعر تيمور بالوقت وهو يرضع الصغير الذي كان يفتح عينيه ويجول بهما يمينا ويسارا في نظرات عشوائية إلى أن أنهت فريدة حمامها وخرجت له وبعد أن اطمأنت الممرضة عليها وعلى أنها أخذت كل أدويتها وعلى الصغير حتى قالت لهما قبل أن تنصرف :"تصبحان على خير وإن احتجتما أي شيء سأكون متواجدة طوال الليل..."
قالت لها فريدة :"اشكرك"
وضع تيمور الصغير النائم في السرير المجاور لسرير أمه ثم جلس بجوارها قائلا:"هل تشعرين بالتحسن الان؟"
قالت له بصوت منخفض:"الحمد لله أفضل ولكني أريد أن أنام "
قال لها وهو يربت على وجنتها:"نامي ولا تقلقي عليه أنا بجواركما..."
استلقت في السرير فمال عليها ومسك يدها وقبلها قائلا:"ألف سلامة حبيبتي تعبتِ جدا اليوم وطوال الشهور الماضية.."
ابتسمت ابتسامة ضعيفة قائلة:"زال التعب ما أن رأيته"
كانت مرهقة بشدة وتريد أن تنام فأخذت تتقلب يمينا ويسارا ولا تستطيع فقال لها تيمور:"ماذا بكِ؟..."
فأردفت بعينين مرهقتين :"لا أعرف لا أستطيع النوم أنت تعرف لا يأتيني نوما بعيدا عن فراشي.."
مسد على شعرها قائلا:"بإذن الله تتحسني غدا وتعودي إلى بيتك لتنيريه أنتِ والدكتور فؤاد الصغير ..."
ابتسمت قائلة:"اخترت له المهنة من الان؟..."
رفع حاجبيه قائلاً:"سيكون امتداد لأبيه وجده بإذن الله.."
ضغطت على يده قائلة:"بإذن الله حبيبي..."
وجدها مازالت لا تستطيع النوم فمد يده لها قائلا :"استقيمي يافريدة.."
وضعت يدها في يده وأطاعته دون أن تعرف السبب فجلس خلفها مباشرة قائلا وهويستند بظهره إلى ظهر السرير ويجذبها نحو صدره لتستلقي علي الفراش ورأسها على منتصف صدره وظهرها يرتاح فوق جذعه :"هل ترتاحين هكذا؟.."
كانت في الايام الاخيرة حين لاتستطيع النوم بسبب ثقلها كان يفعل ذلك فترتاح وتنام
قالت له وهي تشعر بالفعل بالاسترخاء :"ولكنك أيضا تريد النوم لن تستطيع النوم هكذا..."
مسد على شعرها بحنان قائلا:"لا حبيبي أنا أرتاح هكذا المهم أن تنامي أنتِ،ثم أردف بمزاح: ثم ألست أنا من تسببت في تعبك هذا لابد أن أساهم بشيء بسيط .."
قبلت باطن راحته التي تحيط وجنتها قائلة:"أنت السبب في أجمل شيء حدث لي، ثم أردفت وهي تنظر إلى سرير الصغير:أريد أن أضمه ياتيمور ..."

وهي لا تزال تستند على بطنه مال قليلا وأخذ الصغير من فراشه وأعطاه لها فضمته إلى صدرها وأحاطته جيدا ،كان صغيرا جدا بالكاد رأسه تستقر فوق صدرها وقدميه تصلان عند بطنها، قبلت رأسه قبلة حنونة فقال لها تيمور وهو يمرر راحته فوق ظهر الصغير :"سأعيده إلى فراشه حتى تستطيعين النوم "
قالت له وهي تحتضنه أكثر:"لا دعه ينام في حضني .."
وجدها تحكم ضمه وشعر أنها تحتاج إلى ذلك فتركه معها واستند برأسه على ظهر السرير يشعر بالإرهاق الشديد هو الاخر فاليوم كان صعب من أوله ...
شعر بانتظام أنفاس فريدة فأحاط كفيها المحيطين بالطفل بكفيه باحكام حتى لا تفلت الطفل وهي نائمة ولا يعرف أن هناك جزأ في عقل كل امرأة لاينام حين تنام يظل متصلا بصغيرها حتى إن حدث أي شيء له يرسل تنبيها إلى مخها لتستيقظ فورا،
لم تكن فريدة لتفلته
لقد كانت متشبثة به بشدة
ولم يكن تيمور ليتركهما فقد كن متشبثا بكليهما بشدة أكبر وفي نومتهم هذه كان كل منهم مصدر أمان للآخر فالصغير غفا وهو مطمئن في حضن أمه وأمه غفت في حضن رفيقها بعد أن طغت رائحة الأمان المنبعثة أثر قربه منها وهو غفا وهو يحتضن قطعتين من قلبه كلاهما غالي عليه أغلى من حياته

*************
صباح جديد أتى من ضمن عدة صباحات جميلة مرت عليها طوال الشهور الماضية ،تسللت شمس الصباح إلى غرفتها الجديدة في بيتها الجديد، وهي التي عاشت لسنوات في مملكة من صنعها ظنت أنها لن تبارحها أبدا
نظرت أماني حولها فوجدت شمس الصباح قد ملأت الحجرة فنظرت بجوارها فوجدت رائف مازال مستغرقا في النوم
تحسست جانب وجهه بأناملها الرقيقة وهي تتذكر كم كانت الفترة الماضية منذ زواجهما هي الأجمل في فترات حياتها كلها
رائف أصبح في حياتها مرادفا لمعاني جميلة
الحب ،الامان ،التفهم ،الاستقرار
مع رائف وجدت نفسها
وجدت أماني الحقيقية
أدركت وجها آخر للحياة لم تكن تدرك وجوده
أدركت معنى الزواج القائم على المودة والرحمة

على أثر لمساتها الرقيقة فتح عينيه فوجدها تتأمل وجهه بحب وابتسامة جميلة تزين ثغرها فقال لها بابتسامة عذبة:"فيما كنتِ تفكرين وأنتِ تنظرين إلي وأنا نائم اعترفي ..."
قهقهت ضاحكة وقالت:"من قال لك إنني كنت أفكر في شيء ربما كنت أتأملك فقط دون أن أفكر في شيء..."
أردف قائلا:"تعرفين جيدا أنني أستطيع قراءة العيون ومارأيته في عينيك كان تفكير ..."
قالت له وهي لاتزال تتحسس ملامح وجهه :"كنت أفكر أين كنت منذ سنوات ولما لم يرسلك الله لي إلا مؤخرا أنا رأيت معك حبا كنت أبحث عنه طوال عمري..."
أردف قائلا وهو يبسط ذراعه فتتوسده هي :"ربما لأنكِ كنتِ تبحثين بقوة ،كل الأشياء الجميلة التي تقع في طريقنا تأتي في الوقت الذي لا نتوقعه وربما في الوقت الذي يكون اليأس قد تسرب إلينا بالفعل تماما كما قال نزار قباني (فإن الحب لايأتي إذا نحن أردناه ويأتي كغزال شارد حين يريد) قالت له ضاحكة :"هل تعرف أن من أكثر ماأحبه فيك دمجك مابين الشعر والهندسة..."
قهقه ضاحكا ثم ضمها إليه ضمة حانية أعقبها بقبلة رقيقة على شفتيها
ما أن ابتعدت عنه حتى قالت له:"هيا حتى لا نتأخر على موعدنا..."
قال لها بجدية:"هل أنتِ مصرة يا أماني؟..."
"جدااا...."
قالتها بحماس فأردف بتردد:"أنا فقط أخاف من تحمل مسئولية طفل ونحن في هذا السن..."
قالت له بنفس الحماس وهي تستقيم جالسة على ركبتيها أمامه على الفراش:"حبيبي نحن سنكفل طفل من دار الأيتام وسنزوره ويزورنا في الاجازة الإسبوعية لن تتأثر حياتنا في شيء.."
قال لها بتردد مايجول في صدره:"أنا أخشى فقط أن يكون قد تسرب إليكِ الملل من حياتنا معا لذلك تبحثين عن هذا الطفل"
اتسعت عينيها قائلة :"رائف هل تتحدث بجدية ؟ أي ملل هذا ونحن لم نكمل العام بعد ؟ أي ملل وأنت تغرقني في عسل دائم منذ زواجنا؟.."
استقام رائف جالسا فاقتربت منه قائلة بصوت يمتليء بالشغف:أنا فقط أشعر بمشاعر أمومة متدفقة وأشعر أن هذه المشاعر استغلالها الصحيح سيكون مع طفل محروم ..."
"إذا كان الأمر هكذا فأنا سأحقق لكِ ماتريدين..." قالها باستسلام
نفضت عنه الغطاء قائلة بحماس شديد:"هيا إذن حتى لا نتأخر..."

**************
كانت أماني تمشي ببطء في الحديقة الواسعة الملحقة ب دار الأيتام رائف علي يمينها ومديرة الدار على يسارها ترتدي فستان طويل بلون زيتي وحذاء أنيق بكعب متوسط وتجمع شعرها في عقدة مرتخية أسفل رأسها وجهها الصافي شديد البياض الخالي من مستحضرات التجميل يجعلها في عينيه تماما في براءة الصغار من حولهما
قالت لها مديرة الدار وهي تشير حولها :"هؤلاء جميع الأطفال المتواجدون في الدار كل مجموعة مع الأم البديلة المسئولة عنهم لدينا جميع الأعمار من أشهر حتى الثانية عشرة تستطيعين الجلوس مع كل أم والتعرف على مجموعة الأطفال معها وتحددين أي طفل سيميل له قلبك..."
أومأت لها أماني برأسها وهي تشعر بطاقة رهيبة دبت في جسدها من مجرد تواجدها في هذا المكان الواسع الممتلئ بأحباب الرحمن
أخذت تتجول في الحديقة تنظر إلى كل مجموعة من الأطفال مع الام البديلة لهم وهي تشعر أنهم براعم صغيرة شديدة الجمال زهور متفتحة حرمهم القدر من نعمة الإستقرار في حياة طبيعية
ورائف الذي كان معترضا على الامر منذ البداية شعر برجفة تسري في جسده وهو يشعر بالشفقة على كل طفل يجري أمامه يمرح ولكنه يثق أن بداخل كل منهم ألف وجع
"أمي ....أمي .... أنتِ أمي أليس كذلك؟.... "
سمعت أماني صوت كزقزقة العصافير يأتي من الخلف مصاحبا ليدين صغيرتين تجذب ثوبها فنظرت خلفها لتجدها طفلة صغيرة جميلة لا تتجاوز الخامسة
نظرت إليها أماني نظرة طويلة دون أن تتكلم فاردفت مديرة الدار :"هذه الطفلة أتت منذ عام تقريبا والديها توفيا في حادث سير ولم يتم التوصل لأي أقارب لها ،هي تحتفظ بصورة أمها وفعلا تشبهك كثيرا ..."
ظهر التأثر الشديد على وجه أماني فنزلت بجسدها كله إلى مستوى الطفلة حتى أصبحت أمامها مباشرة فقالت لها بصوت حنون:"ما اسمك ياجميلة؟.."
قالت الصغيرة :"اسمي أمنية .."
شعرت أماني بفورة مشاعر الأمومة بداخلها فقالت لها وهي تمسد على شعرها الناعم الطويل:" أنا اسمي أماني..."
قالت الصغيرة :"اسمك يشبه إسمي ..."
فأردفت أماني بنظرة حانية:"اسمك يعني أمنية واحدة فقالت الصغيرة ببراءة :وإسمك ماذا يعني؟..."
قالت أماني وعينيها تلمعان :" إسمي يعني أماني كثيرة وهناك من يفسر معناه على أنه من الامان أي المعاني تفضلين أنتِ؟.."
قالت الصغيرة بنفس ضحكتها الحلوة:"أفضل الأماني الكثيرة ..."
قالت لها أماني:"وأنا أيضا أفضل هذا المعنى..."
كانت الصغيرة إضافة إلى جمالها الهاديء الذي يجذب الأنظار تتمتع بطلاقة اللسان فكانت تتحدث بلباقة وثقة رغم صغر سنها ،قبلت أماني يدها ثم استقامت وهي لاتزال تمسك بيدها ونظرت إلى رائف نظرة طويلة مترجية عرف منها ماذا تريد على وجه التحديد وحين لم تجد منه رفضا التفتت إلى مديرة الدار قائلة:"ماهي الإجراءات اللازمة لتبني طفل تبني كامل وليس مجرد كفالة؟؟؟."
وكأن أماني كانت في غفلة من أمرها لسنوات وهي لا تدرك أن في الحياة مشاعر جميلة تستحق أن تعيشها وكأن في هذا التجمع من الأطفال مسكنا للالام
أدركت أن من يشتكي هما فعليه النظر حوله ليدرك نعم الله عليه ويدرك تفاهة مايدعيه من ألم وحزن
وكأن ماعاشته لسنوات من مشاعر غير مستقرة كان ترفا وأن هناك مشاعر في الحياة أحق أن يشعر بها الإنسان
*****************
وقفت فدوى في حمام غرفتها تستند بظهرها إلى الحائط وأمامها سامر الذي يقف عاري الجذع يحلق ذقنه أمام المرأة وقالت له :"من أين جاءتك فكرة هذه الشقة الأخرى ياسامر؟..."
مط شفتيه ثم قال لها وهو يتابع حلاقة ذقنه:"بعد أن أصبح لي أولاد شعرت أن علي أن أؤمن لكِ ولهم مستقبلكم ..."
لم يقول لها أن دنيا قالت له يوم مشكلة منى أن هذا البيت بيت الجميع ،هي شقيقته وهو يعلم أنها قالتها تحت ضغط انفعال اللحظة،ولكنه لم ينساها ومن وقتها وهو يفكر أن عليه أن يكون له شقة تخصه
نعم هو جلس هنا من أجل والدته ولكن هذا لايمنع أن يكون لديه شقة ملكه حتى لو لم يكن سيعيش فيها ،أكمل حديثه قائلا:لا أحد يضمن عمره يوما واحدا حتى إن حدث لي شيء في أي وقت يكون لكِ سكن خاص أنتِ والأولاد ..."
قالت له بجزع:"بعيد الشر عنك حبيبي لا تقول ذلك بارك الله لنا في عمرك"
قال لها وهو يرى نظرة الرعب في عينيها:"حسنا ياحبي هي أمان للأولاد فقط .."
قالت له بتفكير:"بالتأكيد فكرة جيدة ولكن ماما ألن يضايقها ذلك؟.."
قال لها متسائلا :"لا بالطبع لما تتضايق نحن لن نتركها يافدوى أمي معنا في أي مكان ثم أن الشقة التي أقول عليها إن أعجبتكِ وأخذناها فمساحتها كبيرة ستأخذ وقتا كبيرا في التشطيب فحتى لو قررنا الانتقال لها فليس الان وأمي بالطبع معنا..."
أومأت برأسها متفهمة ثم أردفت :"أجمل مافي الأمر أنها في نفس شارع فريدة .."
ضحك قائلا:"أي خدمة أنتي تأمري أمرا يافيدو.." قهقهت ضاحكة وقالت له:"وهل أنا من طلبت أنت من فاجأتني بها..."
قال لها موضحا:"كنت منذ مدة أقول أمام تيمور أنني أريد شقة جيدة وما أن وجد الإعلان أمامه حتى قال لي ،بإذن الله نذهب غدا لنراها.."
قالت له:"بإذن الله نذهب لنطمئن على فريدة ثم نرى الشقة... ثم أردفت :سأذهب لأجهز الأولاد حتى نذهب إلى الطبيب..."
كان قد أنهي حلاقة ذقنه وغسل وجهه وجففه فجذبها من ذراعها قائلاً بعينين تلمع فيهما الرغبة:"مازال على موعد الطبيب ساعة كاملة اعتبريني فيها ابنك الثالث..."
أطلقت فدوى ضحكة بصوت عالي فأغلق الباب بسرعة قائلا وهو يضع أنامله فوق شفتيها:"ستفضحينا يافدوى ... ستفضحينا..."

*************
بعد أن انتهيا من زيارة طبيب الأطفال كانت فدوى تريد السير قليلا في الهواء الطلق فسارت معه على مهل وهو يدفع عربة الاطفال بينما تتناول هي المثلجات التي تعشقها فقال لها مبتسما:"متى يكبران ويطلبان المثلجات كأمهما.."
ابتسمت ابتسامة حلوة وهي تشعر بالحنين لأيام مضت ثم قالت له وعينيها تجولان حولها في الشوارع التي حفظتها وواجهات المحلات المألوفة بالنسبة لها :"سيكبران ياسامر تماما كما كبرنا ألم نكن مثلهما صغارا وها نحن الان نحملهما صغارا؟ ألم نكن مسؤلون نحن من آباءنا ولا نحمل للدنيا هما وها نحن الان مسئولون عنهما نفديهما بأرواحنا ؟،الأيام تمضي بنا وعجلة الأيام تدور ولا تتوقف مهما حدث وصغير الأمس هو شاب اليوم وهوعجوز الغد..."
رفع حاجبا واحدا وقال لها بشيء من التعجب:"ماذا بكِ يافيدو لما تحولتي فجأة هكذا لما ألمس لمحة حزن في نبرتك؟..."
ابتسمت قائلة:"ربما لأننا نقترب من الحي الذي ولدت وعشت فيه حياتي كلها ويحمل كل ذكريات طفولتي وشبابي..."
أردف قائلا:"فعلا الإنسان حين يكبر يشعر بالحنين للمكان الذي عاش فيه عمره وحين تاخذه قدميه لأماكن بها ذكرياته يصيبه التأثر مثلما أصابك.."
قالت له :"حسنا دعنا من الشجن والذكريات الان هانحن نقترب من بيت أبي مارأيك لو نصعد ونجلس مع فادي قليلاً ؟..."
قال لها:"حسنا اتصلي به أولا لتتاكدي إن كان موجودا.."
أخرجت هاتفها واتصلت به فوجدته بالبيت وأخبرته بزيارتهما وما أن اقتربت هي وسامر من شارع والدها حتى وجدت أمامها نسمة تسير بجوار زوجها وتدفع عربة طفلها الذي يجلس ويرى الأشخاص من حوله وتلمع عينيه ببريق الحياة فابتسمت فدوى بسعادة لتبادلها نسمة الأبتسامة بأجمل منها فتتعانق الصديقتان القدامى عناقا حارا ويصافح سامر عبدالله بابتسامة مجاملة قالت فدوى وهي تنظر إلى عبدالله:"كيف حالك عبدالله؟.."
قال لها بمودة:"بخير حال الحمد لله ..."
مالت فدوى على الصغير وقبلت يده وداعبت نسمة روان التي كانت مستيقظة وتنظر إلى محمد بجذل فقالت نسمة وهي تشير إلى مروان:"كنت أريد أن أراه وهو مستيقظ..."
قالت لها فدوى:"المرة القادمة بإذن الله..."
صافحت كل منهما الأخرى وسارت مع زوجها فنسمة كانت آتية من بيت والدها متجهة إلى بيتها الذي ازداد نوره بوجود محمد وفدوى كانت في طريقها إلى شقيقها كل منهما تبدو حياتها بخير فكلتاهما عاشت فترة طويلة من حياتها في انتظار المستقبل وها هو أتى وجلب لهما الخير كله

يتبع بالخاتمة


Heba aly g متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 01:55 PM   #1368

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الخاتمة

بعد مرور شهر

كان جميع الأولاد يجلسون في غرفة المعيشة الخاصة بهم في نهاية رواق غرفهم يشاهدون برنامجا للمسابقات يضم مجموعة من المتسابقين الذي يقومون بمغامرات ومهمات صعبة وفي نهاية كل حلقة اسبوعية يتم استبعاد أحدهم وتتم التصفيات إسبوعيا إلى أن يصل متسابق واحد فقط إلى الجائزة الكبرى
وكل منهم كان متحمس بشدة لمتسابقه المفضل لذلك كانوا يشاهدون الحلقة بحماسة عالية

أما فريدة فكانت تجلس في غرفة المعيشة الأساسية مع الدكتور فؤاد الذي يتابع برنامجا طبيا ويتابع صفحته الطبية على الفيسبوك ليجيب على أسئلة المتابعين
وعايدة كانت تقوم بهوايتها التي عادت إليها بعد انقطاع وهي شغل الكروشيه بينما تجلس فريدة على الأريكة تقوم بإرضاع الصغير الذي تجاوز الشهر بعدة أيام في الوقت الذي فتح فيه تيمور باب الشقة ودلف قائلا:"السلام عليكم ..."
ردوا جميعا عليه السلام فاقترب من والده وقبل رأسه قائلا:"كيف حالك الان يادكتور فؤاد؟.."
فقال له فؤاد مشاكسا:"بخير يابني لم يكن دور برد صغير ماجعلك تتصل بي طوال اليوم وتقلق هكذا..."
ابتسم تيمور وهو يعلم أنه يكابر حتى في المرض وقال له:"أدام الله عليك نعمة الصحة أبي..."
ثم اقترب من عايدة وقبل رأسها قائلا:"كيف حالك حبيبتي؟.."
ابتسمت قائلة:"بخير ياحبيبي .."
وأخيرا جلس بجوار فريدته وصغيره ومال عليها مقبلا وجنتها قبلة غير بريئة فابتعدت عنه قليلا واتسعت عينيها وهي تشير بعينيها نحو والده وخالته فأشار لها بما يعني أنهما لا ينتبهان ثم مال على جبهة الصغير مقبلا إياه قبلة حنونة
فؤاد الصغير وجوده في البيت صنع بهجة خالصة داخل البيت ... قال لها وهو يمسد على شعره:"اتضحت ملامحه كثيرا ..."
قالت له بهمس وهي تنظر إلى نهري العسل الذائبين في عيني الصغير الذي يشبه والده تماما:"من حبي فيك جاء نسخة طبق الأصل منك..."
أردف قائلا:"أنا شخصيا كنت أريده شبهك ولكن ماباليد حيلة .."
ابتسمت قائلة وقد أغمض الصغير عينيه ولا زال يرضع :"مؤكد أنك جائع .."
قال لها :"سأموت جوعا.."
"بعيدالشر عنك حبيبي سأنهي ارضاعه وأجهز لك فورا..."
قالتها بقلب خافق لا تعرف لما تشعر بالألم حين يقول لها أنه جائع فأردف بخبث وعينيه تلمعان بالتسلية:"جائع لأشياء أخرى..."
رمقته بنظرة موبخة وهي تقول له بصوت خافت:"قم ياتيمور أبي وطنط عايدة يجلسان..."
استقام بالفعل ليأخذ حماما ويبدل ملابسه وما أن غفا الصغير حتى وضعته في عربة الاطفال بجوار عايدة ودلفت إلى المطبخ لتجهز لتيمور الطعام وما أن أنهى حمامه حتى دخل خلفها فوجدها أعدت له الطعام على المنضدة الصغيرة فجلس وجلست بجواره وما أن بدأ في تناول الطعام حتى قال لها:"أنتِ من طهوتِ اليوم؟.."
قالت له:"من أدراك؟.."
ابتسم قائلا وهو يكمل طعامه:"وهل لا أعرف مذاق طعامك عن مذاق طعام سماح!..."
ابتسمت قائلة:"الحمد لله تحسنت صحتي وأنت تعرف أني لا أحب أن يطهو أحد يكفي مساعدتهما لي ..."
قال لها:"وبالطبع أعددتِ معهما لطعام الغد؟..."
قالت له:"بالطبع فمن سيطهو في عقيقة إبني غيري..."
قال لها مؤنبا:"اهتمي بصحتك يافريدة ولا ترهقي نفسك يكفي الأيام التي عشناها عقب ولادتك والتعب الذي عشتِ فيه.."
قالت له:"الحمد لله أنا أتحسن لا تقلق وسماح ونجلاء تتحملان القدر الأكبر..."
أومأ لها برأسه وقال لها:"لما لا تأكلين؟.."
قالت له:"أكلت معهم منذ قليل.."
فغمز لها بعينه قائلاً:"مادامت صحتك تحسنت فلما لا تنتظريني طالما الصغير نائما وأنا سأجلس مع الأولاد قليلا وآتي إليكِ.."
ابتسمت له وهي تشعر بشوق إليه يفوق شوقه أضعافا وقالت له :"حسنا..."

بعد قليل

بعد أن جلس تيمور مع الأولاد وشاهد معهم نهاية الحلقة و اطمأن أن كل منهم ذهب إلى حجرته فعبدالرحمن دلف إلى حجرته وشيري غفت فحملها هو إلى الغرفة ووضعها في فراشها المجاور لفراش جدتها أما الأربعة بنات فكان اليوم يوم سهرتهن في غرفة احداهن فاجتمعن في غرفة شروق وشمس يستمعن إلى الأغاني ويرقصن ويتسامرن

دلف هو إلى حجرته فكان الصغير في فراشه وكانت فريدة قد خرجت للتو من الحمام تحيط جسدها بمنشفة متوسطة الطول ففتح ذراعيه لها ما أن رأها واحتضنها بشوق فهي منذ الولادة وصحتها لم تكن جيدة فتركها لتسترد صحتها كاملة وكان يراعيها ويعطيها مكملات غذائية حتى تتعافى ،انكمشت في حضنه وقالت له بصوت ناعم:اشتقت إليك.."
رفع ذقنها بسبابته وإبهامه ينظر إلى وجهها الذي عاد إليه حيويته وشفتيها التي عاد اليهما توردهما ومال عليهما ليقطف من ثمار جنته في الوقت الذي علت طرقات عالية على باب الغرفة فانتفض كلاهما فقال تيمور:"من؟..."
فقالت شيري من خلف الباب:"افتح أبي..."
قال تيمور لفريدة:"ماذا بها ألم تكن لها فترة ملتزمة بغرفتها؟.."
قالت له بقلق:"افتح ياتيمور لنرى مابها..."
فتح الباب المغلق بالمفتاح وقال لها :"ماذا بكِ حبيبتي؟..."
قالت له بنبرة تثير الشفقة:"أريد أمي رأيت حلما مزعجا ..."
كانت فريدة قد بدلت ملابسها سريعا فخرجت من الحمام وقالت لها:"تعالي حبيبتي ماذا بك؟..."
أخذتها في حضنها فقالت لها شيري بمسكنة وهي تقوس شفتيها للأسفل :"جدتي نامت وأخاف من النوم بمفردي في الغرفة .."
فقبلت رأسها قائلة :"تعالي حبيبتي.."
فنامت في فراشهما وقالت وهي تنظر إلى فؤاد النائم في فراشه:"ألا ينام بجواركما؟.."
قال لها تيمور وهو ينام بجوارها من الجهة الأخرى:"لا ياشيري لاينام بجوارنا نريده أن يكون معتمدا على نفسه ويعتاد على النوم بمفرده.."
قالت له وهي تحيط جذعه بذراعها:"إن كنت تقصدني فأنا بإذن الله سأكبر ذات يوم وأعتمد على نفسي لا تقلق..."
قال لها وهو يشعر بالإحباط لفشل الليلة التي كان يُمني نفسه بها وهو ينظر إلى فريدة التي تغطي فمها بيدها تكتم ضحكتها :"بإذن الله حبيبتي ستكبرين وأنا أيضا سأكبر ولا أضمن صحتي حين أكبر ..."
أشارت له فريدة أن يصمت وهي لا تزال تضحك عليه وعلى إحباطه البادي على وجهه فأشار لها بيده فيما يعني أنها حين تغفو سيحملها ويضعها في فراشها فأومأت له فريدة برأسها ولم تمضي سوى دقائق معدودة حتى كان هو يغط في نوم عميق من أثر تعب اليوم وخلفه مباشرة غفت شيري أما فريدة فما أن شعرت بفؤاد يتململ في نومه حتى حملته لترضعه ليعود إلى النوم مرة أخرى لتنام هي الأخرى ففي الغد أمامها يوم طويل ... وما أن عاد إلى النوم حتى ضمته إلى حضنها ونامت وهو بجوارها وبجواره شيري وعلى الطرف الآخر تيمور
**************
توقف فادي بسيارته أمام محل الحلويات الشهير المجاور لمحل الورود قبل أن يذهب إلى عقيقة فؤاد الصغير وبجواره علية التي تحمل صغيرها وقال لها :"سأنزل أحضر علبة حلوى وباقة ورد .."
قالت له بضجر:"خذني معك لقد مللت من الجلوس في المنزل وتعبت من حمل الصغير طوال الوقت ..."
كان فادي قد لاحظ أنها في الفترة الأخيرة أعصابها متوترة، الضغط الذي تعيشه مع طفل صغير يبكي طوال الوقت يجعلها تنهار وبرغم أنه يساعدها كثيرا إلا أنها أصبحت كثيرة الإنفعال في الفترة الأخيرة ونبهته فدوى أنها ربما يكون لديها اكتئاب ما بعد الولادة
فنظر إليها فادي وإلى وجهها الذي تبدو عليه علامات الإرهاق قائلا:"مارأيك أن تتركيه معي وتدخلي أنتِ تشترين بنفسك ما اتفقنا عليه.."
لمعت عينيها كطفلة صغيرة وقالت له :"حقا ؟..."
قال لها وهو يخرج حافظة نقوده:"نعم...فأنتِ تتوترين من بكاؤه وزنه وهاهو يبدو عليه سيبدأ الوصلة ..."
أعطاها النقود ونزلت هي وهي تشعر أنها خفيفة دون مسئولية حتى ولو لدقائق معدودة وما أن دلفت داخل المحل حتى بدأ الصغير في البكاء فاخذ فادي يهدهده قائلا:"لما تبكي ياصغيري ألم ترضع للتو..."
أخذ الصغير يبكي بشدة فنزل فادي من السيارة وأخذ يسير به ذهابا وعودة أمام السيارة المصفوفة أمام محل الحلويات إلى أن هدأ قليلاً
بجوار محل الحلويات كان هناك متجر لملابس الأطفال وكان فادي يقف بالقرب منه يهدهد الصغير حين وجدها فجأة أمامه
"أماني !"
"فادي!"
نطقها كل منهما مع اتساع في العينين وارتفاع في الحاجبين وكأنهما لم يتوقعا أن يتقابلا يوما حتى ولو صدفة
كان فادي أول من تغلب على وقع المفاجأة قائلا بنبرة عادية وإن كانت تحمل مودة قديمة:"كيف حالك يا أماني.."
كان ينطقها بلهجة عادية ورغما عنها رنت في أذنيها جملته حين كان يقول لها أنتِ أماني لأني أجد لديكِ الأمان ولكنها رغم الذكرى لم تتأثر وكأنها اقتنعت أن الحياة مراحل ومحطات وفادي على وجه الخصوص كان محطة هامة توقفت عندها قليلا ثم أكملت رحلتها لتتوقف في النهاية وترسو سفينتها في ميناء رائف الذي أصبح هو معنى الأمان الحقيقي في حياتها "ابنك؟..."
قالتها أماني بدهشة وهي تنظر إلى الصغير فقال لها فادي وهو ينظر إلى صغيره نظرة حانية :"نعم عبدالعزيز... ثم أردف وهو ينظر إلى الصغيرة التي كانت تشتري لها للتو ملابس جديدة:ولكن بالتأكيد هذه ليست ابنتك "
ابتسمت قائلة :"اعتبرها ابنتي..."
لم يفهم فادي فأردفت هي قائلة بابتسامة عذبة:"وأنا أيضا تزوجت من شخص غاية في الإحترام.."
شعر بالسعادة الخالصة لها ما أن نطقتها ،شعر أنه ارتاح لكون تجربتهما لم تترك فيها أثرا سيئا فأردف بابتسامة حلوة:"ألف مبروك حقيقي سعدت لكِ جدا.." قالت له وهي تحتفظ بنفس ابتسامتها الحانية وهي تنظر إلى الصغير الذي يتحرك بين يديه ويبدو عليه التذمر:"طبعا لا حاجة لي للسؤال عن أم الصغير فأنا أعرفها منذ أن كانت تشغل بالك منذ زمن..."
ابتسم قائلا:"بالضبط هي..."
أردفت قائلة بابتسامة خارجة فعلا من قلبها تقصد بها المزاح لا أكثر:"لابد أن تشكرني فلولا موقفي الصارم آخر مرة لما تزوجتما ولما أصبح معك هذا الصغير الجميل..."
ابتسم لها قائلا :"أشكرك سيدتي ...ثم أردف بلهجته التي تجمع مابين الجدية والمزاح:ومادمتِ قدمتِ لي خدمة فعلي أن أٌسدي إليكِ نصيحة وهي ألا تلفتي انتباه زوجك لأي امرأة أخرى كما فعلتي معي فربما لايكون من الأساس ينتبه لها ومن تنبيهك الدائم تلفتين أنظاره إليها ،ثم أردف بضحكة قصيرة وهو ينظر إلى الصغير نظرة حانية:وتكون النهاية كما ترين.."
ابتسمت له ولم ترد ،لم يتغير فادي ولن يتغير مازال مشاكسا خفيف الظل وإن كانت نظرتها له أصبحت أكثر نضجا ،
ربما قال لها جملته الأخيرة من باب النصيحة وربما قالها ردا على جملتها السابقة التي لَمَحَت من خلالها بأنه كان يحب علية وهو مازال معها وهذا لم يحدث

نظر فادي إلى باب محل الحلويات وهو يخشى أن تخرج علية في أي وقت وقتها ستكون فرصة وجاءتها لتفريغ ثورة هرموناتها المتضخمة هذه الفترة وهو لايريد ذلك فأردف قائلا:"سعيد جدا برؤيتك وبسماع خبر زواجك..."
ثم مسد على شعر الصغيرة التي كانت تحمل أكياسا بها ملابسها الجديدة وتركها ودلف إلى داخل المحل حيث توجد علية...
************
كانت أشعة شمس مابعد العصر تلقي بظلالها الذهبية الهادئة على حديقة الدكتور فؤاد وكان الجو رائع الجمال فالصيف على وشك الانتهاء والخريف على الأبواب وكان التجمع اليوم لعقيقة فؤاد الصغير الذي تأخر الإحتفال به نظرا لحالة والدته الصحية الغير مستقرة بعد ولادته
كان الدكتور فؤاد يجلس في منتصف الحديقة وحوله أبناؤه جميعا وزوجاتهم وعايدة والحاجة تهاني التي أصرت فريدة على وجودها بينهم بعد أن غابت الفترة السابقة عند أبناءها وإخوة فريدة فادي وزوجته وابنه وفدوى وسامر وصغارهما وأمه التي أصبحت هي وعايدة صديقتان
الجميع يلتف حول مائدة عامرة من أشهى الأطعمة التي تداعب رائحتها أنوف الجميع وأغاني السبوع تنبعث من مشغل الأغاني الذي يشغله الصغار
قال الدكتور فؤاد بعد أن أعد كل منهم طبقه وبدأوا في تناول الطعام :"سبحان الله آخر سبوع تم هنا كان سبوع فرحة ابنة سالم وقتها ظننت أنه آخر سبوع يقام هنا.." نظر تيمور وفريدة إلى بعضهما للذكرى وشاركهما النظر الدكتور فؤاد فإن كان هناك ذكرى في هذا المكان فهو شاهد عليها
قالت له عايدة:"أدام الله الأفراح في بيتك يادكتور..." وقالت وفاء :"بإذن الله تفرح بأبناء أبناءك..."
ثم عاد الجميع ليكملوا طعامهم بشهية مفتوحة في جو أسري رائع ورائحة عطرة تغلف المكان وهي رائحة الحب

بعد أن انتهوا جميعا من تناول الطعام حملت سماح ونجلاء الأطباق ومعهم جميع البنات ليساعدن فالعدد كبير وما أن أنهوا حتى عادوا مرة أخرى ومعهم حقيبة كبيرة بها هدايا السبوع المطبوع عليها إسم الصغير ووزعوها على جميع الحضور بسعادة وذهبوا ليعطوا بنات سالم منها
كانت الحاجة تهاني منذ أن جلست وهي تتابع علية وتتابع تصرفاتها وحديثها تنظر إلى ملابسها الأنيقة وجمالها الأخاذ وكانت تجلس على مقربة منهما فقالت وهي تشير بيدها:"ولد يافادي تعال هنا.."
فقالت له فدوى التي كانت تجلس بجواره:"عينيها تقول ماذا تريد أن تقول.."
فأردف فادي قبل أن يستقيم ليذهب إليها :"استر يارب.."
ذهب إليها وجلس أمامها على عقبيه قائلاً:"نعم يا أمي."
مالت عليه قائلة كمن تقول له سرا:"زوجتك جميلة ...تليق بك ..تشبهك.. ثم أردفت بتوبيخ :ومادمت تستطيع الانتقاء لما لم تنتقي من البداية ياخائب..."
رفع حاجبيه قائلاً باستنكار :"ألن أرتقي درجة نتيجة تحسن ذوقي يا أمي هل سأظل خائبا طوال العمر؟.."
قالت تهاني بنبرة أمومية صادقة:"لا حبيبي سلامتك من الخيبة أنا أمزح معك بارك الله لك فيها وفي صغيرك.."
ربت على كفها الضعيف الذي تبرز عروقه بشدة ويتجعد سطحه قائلا:"وبارك فيكِ يا أمي..."
عاد للجلوس بجوار علية فقالت له بفضول وهي تميل نحوه:"هذه المرأة كانت تنظر لي بطريقة غريبة أشعر انها كانت تتحدث عني.."
قال لها مؤكدا:"هي بالفعل كانت تتحدث عنكِ كانت تقول لي يازين مااخترت وكانت تمدح فيكِ.."
قالت له علية بسعادة داخلية:"حقا قالت هذا؟ "
قال لها وهو يربت على كفها:"حقا ياعمري ..."

كانت فدوى تجلس في ركن هي وسامر بينما والدته تجلس مع عايدة يتسامرون بجوار الدكتور فؤاد
فقال لها سامر وهو يميل نحوها لتسمعه من بين صخب الأغاني:"مارأيك ما أن ننتهي نمرعلى الشقة لتري التعديلات التي تمت بها؟.."
قالت له:"كنت سأقول لك ذلك ..."
بكت الصغيرة التي كانت ترتدي فستان أبيض صغير فتبدو كالأميرات فحملها سامر من عربتها وما أن قربها منه وهمس في أذنها حتى ضحكت فنظرت فدوى إليهما حتى الضحكة يتطابقان فيها لون عينيها كلون عينيه بلون الزيتون الأخضر الطازج
نظر مروان إلى أمه وهو يمد لها يديه لتحمله فحملته فدوى قائلة بمزاح:"ياقلبي يجعلونك تشعر بالغيرة هو و ابنته لأنهما يشبهان بعضهما يحملها هي ويتركك..."
قهقه سامر ضاحكا وقال لها :"وهو يشبهك كثيرا إذن سيكون في البيت فريقين .."
قالت له :"أريد أن نكون جميعنا فريق واحد ويد واحدة..."
قال لها :"بإذن الله حبيبتي..."

وفي ركن الحديقة كان أبناء فريدة وبنات تيمور وأبناء شهاب وابنة اياد ومعهم بنات سالم يقفون بجوار مشغل الاغاني ومعهم عربة فؤاد ولكن عبدالرحمن كان يفرض عليه حراسة فلم يدع أي طفل صغير يقترب منه خوفا عليه

ذهبت شيري إلى فدوى قائلة بحنق:"طنط فدوى هل لي أن أحمل مروان أو روان لايدعوني أحمل أخي..."
قالت لها فدوى بحنان :"اجلسي بجواري حبيبتي واحملي مروان فؤاد مازال صغيرا ولن تستطيعين حمله جيدا "
جلست بالفعل شيري بجوارها وحملت مروان الذي ما أن حملته حتى أخذ يضحك لها بشدة فضحكت هي الأخرى قائلة:"ضحك معي ..."

قامت فريدة وأخذت عربة فؤاد من عبدالرحمن قائلة:"ليس جيدا أن تكون مكبرات الصوت قريبة منه هكذا حبيبي..."
تركه لأمه التي عادت به حيث والده وجده وأعمامه
فرن هاتف شروق فأغلقت الصوت فقال لها عبدالرحمن بجدية وحمائية :"هل ضايقك أحد ثانية على الهاتف؟..."
قالت له بصدق :"لا إطلاقا..هذه صديقة لي ولن أستطيع الرد عليها الان"
لا يعرفان من أين ظهرت شيري وكيف سمعتهما فقالت بنبرة تبدو فيها الغيرة جلية:"أنا هناك من يضايقني على الهاتف..."
لم تكن تعرف عن ماذا يتحدثان ولكنها تريد فقط جذب الإنتباه فقهقه عبدالرحمن وشروق ضاحكان وقال عبدالرحمن:"لا طبعا لا يرضينا أن يضايقك أحد ياصغيرة قولي لي من يضايقك وأنا أعاقبه فورا...."
شعرت بالزهو فرفعت كتفيها في خيلاء قائلة:"حسنا حين أتذكر سأقول لك..."
ثم تركتهما وانضمت لسمر وسهر وشمس
اللاتي يرقصن على أنغام الموسيقى في ركن من الحديقة

كان شباب المستقبل يشجعون ويرقصون على أنغام الأغاني الحديثة فنظر إليهم الدكتور فؤاد قائلا بتعجب :"ماهذه الأغاني العجيبة التي أسمعها؟.."
قال له إياد ضاحكا:"أغاني مهرجانات يادكتور...."
قال باستياء:"لا تقل أغاني لأنني لا أسمع أي غناء .."
قال شهاب بعينين لامعتين :"لك زمن لم تغني لنا يادكتور.."
أردفت فريدة باشتياق:"نعم أبي ثم قالت له بعينين مشتعلتين بالحماس:أحضر العود؟.."
ضحك ضحكة واسعة ثم أومأ لها برأسه ايجابا

التف الكبار والصغار حول الدكتور فؤاد بعد أن أغلق الأطفال مشغل الأغاني وجلسوا أرضا حوله وعلى المقاعد جلس جميع الحضور
أبناؤه جميعا وبجوار كل ولد زوجته واخوة فريدة وبجوار كل منهم رفيقه وخالتهم عايدة بصحبة الحاجة وفاء والحاجة تهاني في دائرة حوله وهو يعزف على عوده الحبيب ويدندن بصوت عميق لايقل عمقا عن صوت صاحب الأغنية الحقيقي

على قد ما حبينا وتعبنا فى ليالينا
الفرحة فى مشوارنا تانى هتنادينا
على قد ما حبينا وتعبنا فى ليالينا
الفرحة فى مشوارنا تانى هتنادينا


كان شهاب بجوار زوجته وبجواره إياد وزوجته يستمعان وعلى وجوه كل منهم ابتسامة حلوة فوالدهم روحه تُرد له ويكون أكثر حيوية وحماسة حين يمارس شيء يحبه ،أخذ الدكتور فؤاد ينظر في وجوههم جميعا يرى بشاشتهم وسعادة كل منهم مع زوجته وأبناؤه وهو يدندن

طول ما القلب صافى بحر العشق وافى
وكل عذاب الدنيا هيروق بكرة لينا
بس أمتى ليالينا ع الحلم ترسينا


كان فادي لايجد حرجا أن يمسك يد علية يضمها بين طيات كفه يبث فيها دفئا ويدعمها لشعوره أنها فعلا تحتاج لذلك فشددت على يده وعينيها تتعلقان بعينيه في نظرة عاشقة كونه يستطيع احتواءها في كل المواقف بينما ينام عبد العزيز في عربته أمامهما كالملائكة

بين ايوة ولا .. الحب بنلقاه
ما احلى الحياة بأصحابنا واهالينا
وعذاب الحياة لما نكون وحدينا
لو نروق هيجينا كل ما اتمنينا


كانت فدوى تجلس بجوار فادي وبجوارها سامر تحمل هي مروان الذي ينتبه جيدا لصوت العود ويوزع نظره بين الحضور بينما روان نائمة على ذراع والدها ،لامست الكلمات الدافئة والألحان الأكثر دفئا وترا حساسا لدى فدوى فرفعت عينيها إلى سامر في نظرة لا يعلم كنهها سواهما نظرة تعني أنا أحبك مهما مر الزمن فبادلها النظرة بمثيلتها وأضاف عليها ابتسامة جذابة وشعاع الشمس يسقط على عيونهما فيبرز خضرة عينيه الزينونيتين وعينيها البنية الداكنة

على قد ما حبينا وتعبنا فى ليالينا
الفرحة فى مشوارنا تانى هتنادينا
لو ممكن تطيب احزان الحبيب
شمس الحب تطلع من بعد المغيب
بس امتى امانينا تيجى وتدفينا


بجوار سامر كان يجلس تيمور وبجواره فريدة وأمامهما الصغير في عربته نائما وكأن صوت الدكتور فؤاد الحنون دلف إلى داخل قلب فريدة إلى منطقة نائية في قلبها تحتفظ فيها بالذكريات السيئة رغما عنها فطافت عليها ذكرى بعيدة ولكن مجرد ذكرى بلا ألم بلا شعور بالقهر أو الحزن بل برضا أن الله أخذ منها ما لم يكن من البداية لها ليعطيها ما كانت تحلم به وتستحقه بالفعل



ليه مانكنشى ذكرى فى الليله الجميله
ليه مانكنشى غنوة فى الرحله الطويلة
ماحنا ياما شقينا من يوم ما اتنسينا


نظر إليها تيمور بابتسامة مشرقة فابتسمت له ابتسامة حلوة أظهرت أسنانها البيضاء المتراصة بانتظام وأشعة الشمس تسقط على وجهها الخمري اللامع بالحياة والحيوية فيراها المرأة الأجمل على الإطلاق

لو نروق هيجينا كل ما اتمنينا
على قد ما حبينا وتعبنا فى ليالينا
الفرحة فى مشوارنا تانى هتنادينا


نظرت فريدة حولها فرأت أبناءها سعداء بين الأطفال لاينقصهم شيئا ونظرت إلى اخوتها وكل منهما بجوار نصفه الآخر سعيدا وإلى الدكتور فؤاد الذي كان في منزلة والدها فأضحى بالفعل والدها بزواجها من ابنه وإلى بنات تيمور وكيف يندمجون مع أبناءها وجميعهم كالورود المتفتحة وإلى فؤاد الصغير النبتة الصغيرة التي ستنمو وتكبر في هذا البيت بين إخوته الذين يحبونه جميعا ونظرت إلى تيمور، نظرت إلى عوض الله لها وهي تشعر أنها لا تريد شيئا من هذه الحياة سوى أن يديم الله عليهم جمعتهم ماذا ستحتاج غير ذلك أب حنون وأبناء رائعون وبيت جميل بني على الحب وحبيب تدعو الله أن يظل حبه متجددا مهما مر الزمن
وتذكرت قول الله عز وجل لرسوله الكريم ( ألم يجدك يتيما فأوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغني)
الله كان مطلع على مافي قلبها ولم يتركها حتى عوضها عن كل لحظة ألم

أنهى الدكتور فؤاد عزفه فصفق له الجميع مشجعين فتمتمت فريدة لنفسها باستياء:"البسبوسة..."
وهي تتذكر أن صواني البسبوسة في فرن الموقد وأن سماح ونجلاء قد رحلتا منذ قليل فاستقامت ودلفت للداخل لتتأكد أنها لم تُحرق وما أن وجدها تيمور تسرع للداخل حتى استقام ليدخل خلفها فقال له والده بصوت خافت:"أين ستذهب؟.."
قال له تيمور:"سأشرب ..."
ابتسم فؤاد قائلا بصوت لم يسمعه سواهما:"ذكرتني باليوم الذي أتيت فيه يوم سبوع ابنة سالم ودخلت خلف فريدة وقتها قلت لي انك تريد ماءا ووقتها شعر قلبي أنكما ستكونان لبعضكما.."
ابتسم تيمور لوالده ابتسامة واسعة ومال عليه قائلا :"هل كنت معي على الخط من اليوم الأول يادكتور فؤاد؟.."
قهقه فؤاد ضاحكا وقال له:"وإن لم أكن معك من سيكون معك؟..."
فمال تيمور على رأس والده مقبلا ودلف للداخل فوجدها تقف أمام الموقد وتعطي ظهرها له، كانت ترتدي تنورة واسعة بلون أسود مطبوع عليها نجوم صغيرة بلون فضي وبلوزة بيضاء تصل إلى أسفل خصرها النحيف بقليل وحجاب بلونين متداخلين من الأبيض والأسود وبه نجوما فضية صغيرة كتنورتها ،فتح باب الثلاجة وتناول زجاجة مياه وشرب ثم اتجه نحوها قائلا:"ماذا تفعلين؟..."
قالت له بعد أن سقت صواني البسبوسة بالعسل :"أبي طلب بسبوسة فقمت بعملها."
قال لها:"ولما لم تقولي كنت اشتريتها له؟.."
قالت له وهي تغلق باب الفرن :"هو لايحبها إلا من يدي ياتيمور وحين كنت حامل وبعد الولادة كان يستحي أن يطلب مني شيئا"
اقترب منها وجذبها نحوه وضمها ضمة حانية قائلا بجوار أذنها:"هل يرضيكِ ماحدث بالأمس..."
كانت تعرف عن ماذا يتحدث ولكنها قالت له ببراءة وهي تبتعد عنه قليلا لتواجهه:"وماذا حدث بالأمس؟..." وضع جبهته على جبهتها قائلا:"أنتِ تعرفين ثم أردف :حمدا لله أنني لم أبيع شقتنا الصغيرة مارأيك لو نذهب في الغد ونقضي اليوم هناك؟.."
قالت له وهي تبتعد مرة أخرى:"والأولاد؟.."
قال لها بنظرة خاصة:"ساعتين أو ثلاث لن يحدث شيء وجدهم وجدتهم معهم أنا اشتقت إليكِ.."
كان يريد أن يضمها مرة أخرى فابتعدت عنه لتنظر من النافذه قائلة:"تيمور ربما يدخل أحد علينا .."
اقترب من النافذة ووقف خلفها وهو يرفع الستارة قائلا وهو ينظر للخارج :"جميعهم بالحديقة لاتقلقي.."
كانت الشمس تقترب من الغروب فالقت بظلالها على الأشجار ونافورة الماء فكان شكل الحديقة رائعا.

أحاط خصرها بيديه وهو يقف خلفها ينظران إلى تجمع أحبابهما بالخارج ،فؤاد الصغير استيقظ وجده يحمله وإخوته حوله وإخوتها كل منهما منشغل بأبناؤه وإخوة تيمور يتحدثون معا والجدات الكبيرات منشغلات بالحوار معا ،الحديقة كانت لوحة فنية تنبض بالحياة فجال بذهنها أن ترسم لوحة معبرة عن هذا المشهد في القريب، قالت له وهي تستعيد ذكرى قريبة فتستند برأسها على صدره وترفع وجهها إليه:"هل تعلم أن من هنا كانت البداية من هذا المكان على وجه التحديد وغالبا في نفس الوقت من العام..."
ناظرها بنظرات متسائلة فقالت له:"أليس لكل شيء نقطة بداية؟ من هنا كانت بداية نمو بذرة حبي لك يوم سبوع فرحة وقتها جئت متأخرا وحين أعددت لك الطعام وكنت وقتها لا أعرفك إلا منذ فترة قصيرة قلت لي انك جائع ولم تأكل طوال اليوم وقلت أيضا أن لك فترة تشتهي هذا الطعام... غامت عينيها بالشجن وهي تقول: وقتها نغزني قلبي وشعرت أنك ابن من أبنائي ولكني داريت مشاعري هذه داخل قلبي وانحيتها جانبا وأنا أقنع نفسي أنه مجرد شعور وقتي ولكنه أخذ يزداد مع الوقت إلى أن كبر وتضخم وأصبحت النبتة شجرة مثمرة...."
ابتسم لذكراها الجميلة وابتسم لتشبيهاتها الدقيقة فاردفت هي وهي تطلع إلى وجهه وهي لاتزال تستند على صدره وترفع وجهها إليه :"وأنت متى كانت بالضبط نقطة البداية دائما كنت تقول لي أنك أحببتني قبل أن تراني ولكن أي يوم بالضبط منذ عرفتني شعرت بتحرك مشاعرك تجاهي؟.."
نظر إلى وجهها الخمرى المشرق وعينيها الواسعتين اللتين تبدوان كنجمتين في سماءه ثم مال وطبع قبلة دافئة بين عينيها قائلا بنظرة بها بريق خاطف لم ينطفيء منذ أن عرفها:"منذ أن فتحتِ لي باب شقتكِ أول مرة.."



تمت بحمد الله

بداية الكتابة في 2 مارس 2020
انتهاء الكتابة في 30 نوفمبر 2020

بعد النهاية....أجمل بداية






Heba aly g متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 02:13 PM   #1369

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اليوم وبعد تسعة أشهر من بداية الرحلة معكم رست سفينتنا ووصلت إلى بر الأمان
ومع كتابة كلمة النهاية يختلط عندي السعادة بالحزن
السعادة لوصول مولودتي الاولى الي النور❤️
والحزن لأن رحلتي داخل نفوس أبطالي ستتوقف حتى ولو مؤقتا 💔،
ارتبطت بهم وتوحدت معهم وعشت معهم أحزانهم وأفراحهم كأنني أنا من أحزن وأفرح لاهم ولكنه حال الدنيا كل بداية ولها نهاية
بدايتي كانت قبل بداية تنزيل الفصل الاول في مارس الماضي بستة أشهر بالتحديد في
سبتمبر 2019 حين بدأت في نسج خيوط أفكاري حول كل شخصية
ولكن هل بدأت هذه الرحلة وحدي؟
لا، فبعد فضل الله علي وتوفيقه كانت معي من أول يوم صديقتين غاليتين على قلبي وقفت كل منهما بجواري تشد أزري وتشجعني وتقرأ ما أكتبه على مدار عام فلهما مني كل الشكر وإن كان الشكر وحده لا يكفي
شكرا دعاء كامل❤️
شكرا روني عاطف ❤️

كان لابد أيضا أن يقرأ لي أحد لديه خبرة قبل أن أبدأ في عرض روايتي ويعطيني تقييما لها
فعرضتها على أكثر من أحب كتاباتها وشجعتني برواياتها على الكتابة بشكل غير مباشر ؟
هي الكاتبة الجميلة شموسة 💗
شجعتني ودعمتني بعد قراءة الفصول الاولى ونصحتني ووجهتني إلى فنيات الكتابة وثغرات ربما لم أكن لأنتبه لها في بداياتي فلها مني كل الشكر والتقدير والحب

أشكر أيضا منتدى روايتي الذي أتاح لي فرصة تنزيل روايتي الاولى أشكر كل المشرفات ولكن المشرفة والكاتبة ronti abu Raya كان لها المجهود الأكبر معي في بداية التنزيل وتوجيهي إلى فنيات التعامل مع المنتدى

أشكر الجميلة amany Ezz على تصاميمها الرائعة وتواقيع الابطال وتشجيعها ودعمها للرواية

أما متابعات الرواية اللاتي كن معي في رحلتي ووصل إلي قلوبهن ماخرج من قلبي مباشرة ❤️فلا كلمات شكر توفيهن حقهن
متابعاتي الغاليات اللاتي تابعن معي الرواية اسبوعا بأسبوع على مدار تسعة أشهر متواصلة
أسعدتني تعليقاتكن 💗
أسعدتني مناقشاتكن 💗
أسعدني أن كنت سببا في دخول البهجة إلى قلوبكن فلكن مني كل الحب والشكر والتقدير ❤️
أتمنى من كل قلبي أن لا يطول بنا الغياب فأنا أدمنت وجودي بينكن وأدمنت التواصل معكن في عالم موازي لعالمنا الحقيقي ❤️


Heba aly g متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-11-20, 02:18 PM   #1370

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 176 ( الأعضاء 45 والزوار 131)
‏Heba aly g, ‏اللؤلؤة الوردية, ‏big zero, ‏ImaneAlkoush, ‏samam1, ‏جميلة صيداوي, ‏NoOoShy, ‏ايمان مطر, ‏fevo fofa, ‏Zyzy zone, ‏sososayyed, ‏dr kareem, ‏الاوهام, ‏Suzi arar, ‏Wlaa wlaa, ‏um habiba, ‏Aengy, ‏نسمه فوزي, ‏Walaa Samy, ‏دندراوي, ‏وتر القلب, ‏صمت الهجير, ‏وردة البوفارديا, ‏نورسه, ‏Habiba eslam, ‏موضى و راكان, ‏همس البدر, ‏shf2000, ‏الاءعزيز, ‏amana 98, ‏حمامة النور, ‏طارق صلى, ‏asaraaa, ‏رهف الخواطر, ‏ملاك العمرو, ‏عاشقة الحرف, ‏عباد الرحمن3hebashah_1, ‏Mahmou, ‏شيرين الخولي, ‏سميّة, ‏شموخي ثمن صمتي, ‏قيد العشق, ‏Amanykassab, ‏Lousy, ‏ارورتي


Heba aly g متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:11 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.