آخر 10 مشاركات
صدمة الحمل(32)للكاتبة:Lynne Graham(الجزء الأول من سلسلة طفل دراكوس) *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          سحر الانتقام (13) للكاتبة المُبدعة: بيـــــان *كاملة & مميزة* (الكاتـب : ورد احمر - )           »          أزهار قلبكِ وردية (5)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          354 - نشوة الانتقام - مادلين كير - روايات احلامى (الكاتـب : samahss - )           »          الانتقام المُرّ (105)-قلوب غربية -للرائعة:رووز [حصرياً]مميزة* كاملة& الروابط* (الكاتـب : رووز - )           »          جمرٌ .. في حشا روحي (6) .. سلسلة قلوب تحكي * مميزه ومكتملة * (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          قيود العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : pretty dede - )           »          2- مرارة الإنتقام - روايات رومانس** (الكاتـب : Just Faith - )           »          دانتي (51) للكاتبة: ساندرا مارتون (الجزء الثاني من سلسلة الأخوة أورسيني) .. كاملة.. (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree8Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-07-20, 11:32 PM   #151

شمس علاء**

? العضوٌ??? » 448047
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 357
?  نُقآطِيْ » شمس علاء** is on a distinguished road
افتراضي


الفصل التاسع
======
"لا تعري نفسك أمام شخصٍ تركك مطعوناً بسكين غدره"
............

-كما قولتِ ليّ أن هذا لا يحق ليّ...

هل كانت عيناه تنظر لها بعتابٍ خفي أم أنها تتوهم؟!

هل أذاقها من نفس كأس الإهانة بكل هدوء ورقة فصارت كالمذنبة تشعر بجرم ما أقدمت عليه!

كيف تمكنت من جرحه بهذه الدرجة؟!

أهانته وأهانت رجولته وهو لم يبذل أي جهد في إخفاء جرحه منها!
لا يعلم أنها متهورة لا تلجأ إلى عقلها سوى في أوقات قليله...تترك لسانها يتحكم في الموقف فيفسده ويزيد
الأمر سوءاً..
لماذا لا تلجأ إلى الجزء الكامن بقلبها...ينمو باستحياء نحوه...لا تريده ينمو لكنها في أعماقها تعترف أنها لم ترَ منه سوى الحنان...والحزم الرفيق!

لم يؤذيها أبداً رغم قساوة طبعه مع الآخرين...

فكرتها نحوه تزداد رسوخاً رغم ما توقنه تجاهه وما تعلمه عن ماضية وما حدث له وخصوصاً انتزاع روحه منه...فصار بعدها مسخ لشخصٍ فقد روحه وبقي بدونها!

ورغم كل ما تعلمه إلا أنها تقسو عليه دون أي سبب مقنع...بل هناك سبباً قوياً وهو طريقة زواجه منها.....زواجه منها بتلك الطريقة أثار نفورها..لم ترَ لهفته وحنانه نحوها رغم أفعالها المُستفزة..بل رأت أنه رجلٌ رغب بها فتزوجها...أراد كسر عينيها كي لا تقوى على رفعهما إليه!

حين لاحظ سليم شرودها وعينيها الحمروين..ودموعها المنسدلة على وجنتيها الشهيتين....هتف بصوت مشتد ملوحاً بذراعيه وقد فقد السيطرة على نفسه...:
-غبية...أنتِ غبية ولا تمتلكين عقل من الأساس...تعتقدين بتفكيرك العقيم أنني أردت كسر عيناكِ وكبرياؤك....أنا لم أتزوجك كي أنتقم منكِ..وعلى ماذا انتقم أصلا؟!...أجيبيني...

أنهى عبارته بصرخة مهتاجة...فتراجعت مليكة إلى الخلف بخوف من هيئته قرأ أفكارها بكل سهولة؟!!!!!!!...كتمت شقتها بكفها المرتعش...فرمقها سليم بنظرات مجروحة وكل ذكرى معها تعاود مداهمته فتزيده جنوناً...

كُسِرت رجولته و تصدعت روحه...فانطلق غضبه ضارباً تعقله و تريثه عرض الحائط!
إلى متى سيتحمل سخاقتها و قذائفها..؟

كز على أسنانه بقوة حتى كاد يسحقهم، وهتف ضارباً الحائط بقبضته بقوة فتورمت من قوة ضربته :
-أنا أعرف طعم الفراق وأنتزاع الروح بكل برود....فكيف
سأقوى على تذوق طعمه مرة اخرى....تطلبين مني أن ابتعد فابتعدت....اعترفتِ ليّ بنفورك نحوي دون أن تهتمي بجرحي وقتها....أعترف أنني أخطأت حين تزوجتك بتلك الطريقة الأشبة بالزاوج من جارية...لكنكِ أخطأتِ بتصرفاتك و نفورك الغير مبرر...ما سببه فقط اخبريني ما سببه!

اتسعت عيناها بشدة فبدتا كبركتين عميقتين...بينما كفها الموضوع على شفتيها سقط بجوارها مثل صاحبة...تلك المضخة الكامنة في يسارها تخفق بشدة ضاربةً صدرها
بقوة مؤلمة..ودموعها ازدادت هطولا....ألهذه الدرجة جرحته بسكين ثلم دون شعور منها..فقط كل فكرها كان منصب على أكتساب نقطة في حربٍ باردة لم يدخل بها من الأساس!

ستكون كاذبة لو قالت أنها لم تشعر بحنانه نحوها....بل كانت تشعر بالرضا وهو يترفق بها....تشعر بقبلاته الليلة المختلسة ولم تمانعه...شغفه الرقيق يستطيع السيطرة عليها دون أي جهد!

السؤال هنا!
لماذا لم تمد كفها مرحبة به وبحنانه وبشغفه الفتاك...لم تمد كفها إلى نظرته التي يخصها بها فقط...

ألم تتمنى ان تتزوج من رجلٍ لا يستقوى عليها بقوته بل يحنو عليها............
لماذا لا تمد كفها له تطلب منه المزيد...وهو لن يتركها تشحذ اهتمامه!
أبداً.....

أغمضت عينيها بشدة...تحجب الرؤية عنهما كي لا ترى هيئته الأشبه بأسد يزأر...غضبه يتفاقم بداخله...صوت لهاثه تسمعه بأذنيها المرهفتين تكاد تكون شهقات...

أنفرجت شفتاها المرتجفتان، وهتفت بتحشرج :
-لا أعرف سببه صدقني.....
-ولن تعرفي لأنكِ تفتعلينه...

هدر بها بقوة فنفرت عروقه و أصابه صداع عاصف في ثوانٍ....ليغمض عينيه الثائرتين..ويرفع كفه يسندهما إلى الحائط!

أما مليكة شعرت بالشفقة نحوه....بعدما فسرت ثورته المُفاجأه بأنه تعب...وفجأة دوى صوته في أذنيها من بعيد حين كانت تعنفه بعدما تلقت كلمة "قبيحة"للمرة الثانية من سالم "أنا تعبت، تعبت منكم ومن نفسي....تعبت!!....صراع صراع والمطلوب مني التصدي لكل هذا حمايتك وحماية مروان وحماية أناس كثيرة..وماذا عنّي.. ألم تترقفوا بي؟؟.."

هو تعب بالفعل وهي تعبت من كل هذا ومن صراعها مع نفسها...ستمد كفها هذا ما تريده وبشدة.....وما يريده هو رغم ثورته المفاجأة وعلي ما يبدو هناك شيء اشعل فتيل غضبه وتحكمه بنفسه....

سحبت نفساً عميقاً...واجبرت قدميها على التحرك نحوه....يلهث بعنف والصداع يكاد يغشي عينيه.....ها قد فقد السيطرة على نفسه وأخرج ما يكتمه بنفسه متحملا سخاقتها ومشاعرها القاتلة نحوه...غضب غضب عاصف أكتنفه كليًا.....لم يقوَ على التحكم به وخصوصاً بعد مشكلة مروان الكارثية!

شعر براحتيها تنبسطا على كتفيه العريضين...فتشنجت
عضلاته وفتح عينيه بسرعة مبهوتاً من تصرفها...بينما هي همست بصوت لا يكاد يسمع حتى أنه أرجع رأسه إلى الخلف قليلا كي يسمعها :
-آسفة....أنا..أنا آسفة...تغاضيت عن تصرفاتك معي رغم فظاظتي....ووضعت جام تركيزي على جرحك فقط وفكرتي نحوك بأنك تربية سالم...فبالطبع لا تعرف...........الرحمة...لكنك وبصراحة في هذه النقطة بالذات قتلت فكرتي....رغم كل عيوبك وأنا لن أتردد في قولها....تربية سالم أثرت بكَ يا سليم!
ابتسامة ساخرة انطلقت من بيني شفتي سليم دون مرح، واشتعلت عيناه للحظة وهو يهز رأسه مستهزئاً :
-لو كنتِ تهتمين بمعرفة قصتي بأكملها لكنتِ عرفتِ أنني تربية أمي...رغم خنوعها وجبنها إلا أنها زرعت بي أهم شيء يجعلني أتميز عن سالم ...زرعت بي الرحمة وقالت ليّ...من ذاق الظلم لا يقدر على أذاقته لغيره..فقط هذا ما يفرق بيني وبين سالم...ولا أظنه يفرق معي كثيراً.......

أسبلت عينيها المتقرحتين وهتفت بصوت خفيض مربتة على ظهره كأول بادرة منها :
-أهدأ وخذ نفساً عميقاً...وانس ما حدث الآن...أنعم بقليلٍ من الراحة...

فعل سليم ما قالته فهو يحتاج هذا بالفعل صدره يؤلمه بشدة والصداع يزداد قساوة... فتأوه بصوت مكتوم مدلكاً رأسه بأنامله...فراقبت مليكة ما يفعله و أبعدت كفيها كي تمسح دموعها بسرعة......وبعدها أمسكت كتفيه وادراته لها...فهالها احمرار وجهه وعينيه...
هتفت بصوت مرتبك :
-هل تشعر بالصداع...؟
أومأ برأسه دون كلام....فعضت على شفتيها بقوة تفكر أين تركت المسكن خصاتها....إلى أن تذكرته....

جذبته من كفه بتلقائية نحو الفراش...فصعق سليم من تصرفها وهمّ برفض مساعدتها إلا أن الصداع ازداد حدة....فتابعها دون صوت...
أجلسته على طرف الفراش...ثم همست بتلعثم :
-سآتي إليك بالمسكن...دقيقة واحدة...

ثم هرولت نحو جرور صغير فتحته وأخرجت منه شريطاً معروفاً..أمسكته بكف بينما كفها الأخر سحب كوب الماء بخفة وبعدها اتجهت نحوه....أخرجت قرص من الشريط بعدما وضعت الكوب بكفه المرتجف من فرط صراخه وتوتر أعصابه بعد كل نوبة غضب....مدت كفها بالقرص نحو شفتيه فلامست أناملها شفتيه الصلبتين....ليرفع عينيه الفضيتين لها بنظرة غريبة...فأشاحت بوجهها عنه بارتباك...
انغرست ابتسامة باهتةً على شفتيه وهو يرى الاحمرار يغزو وجنتيها...

فتح فمه والتقط القرص وبعدها رفع الكوب ليشربه دفعه واحدة ثم دفعه نحوها والتقطته هي بسرعة..

رأها تبتعد نحو الجانب الأخر من الفراش، فظنها ستنام بكل برود إلا أنها كانت تبحث عن شيء ما..
اتسعت عيناه قليلا....هل أنفجر بها للتو .....ألقى ما يثقل صدره....
على ما يبدو هذا أحسن تصرف.....

أما مليكة كانت تبحث عن قرص آخر لكنها لم تجد...فانتصبت واقفة...ثم عادت له بعينين متقرحتين....

راقبها سليم دون تعبير يمر بعينين جائعتين على جسدها دون أن يغفل عن جزء صغير....
انعقد حاجباه بغضب هامساً دون صوت "بماذا تفكر الآن...هل أنا مجنون!...ألم أكن غاضباً منذ ثوانٍ؟!"

زفر بقوة حين اقتربت منه وجلست بجواره...تفرك أصابعها بتوتر...وملامح ممتقعة...أغمض عينيه بقوة...ثم زفر هذه المرة دون صوت....بينما هي كانت تختلس نظرات متفحصة له.....تريد أن تهتف بعرضٍ غريب إلا أنها تخجل وكأنها إنسانٌ يشعر بالخجل فعلا...حين عم الصمت لدقائق صدح صوت سليم بقوة جعلتها تنتفض شاهقة شهقة صغيرة :
-ماذا تريدين؟!...ألن تنامي؟؟

ازدردت ريقها ببطء، وأسبلت عينيها المبللتين....قبل أن تهتف بتردد زاحفة علي الفراش قليلا كي تبتعد عنه :
-مشط ليّ شعري!

رفع حاجبه بشدة، وفغر فمه قائلا بعدم فهم :
-عفواً!

عضت على شفتيها بارتباك ، فهمست بتلعثم :
-أمي بالتأكيد نائمة ولن أستطيع الذهاب إليها كي تمشط ليّ شعري لانني لا أقوى على تمشيطه بسبب كثافته....هل يمكنك مساعدتي أم أذهب إليها و..

-هل أعتبر هذا العرض بادرة للصلح!..لأن هذا ليس وقته صدقيني!

ارتفع حاجبا مليكة....وابتسامة سريعة داعبت شفتيها...إلا أنها انتصبت واقفة وهمست متأهبة للرحيل :
-ساذهب إليها حتى لو كانت نائمة سأوقظها..شكراً لكَ....

ثم تحركت خطوة واحدة قبل أن تشهق بعنف وهي ترى نفسها فجأة تجلس علي ركبتيه بعدما سحبها بعنف....حُبِست أنفسها ورمقته بعينين هادئتين..تهز رأسها متسائلة وقد غزا الاحمرار وجنتيها... فهتف سليم بتقريع :
-إلى اين ستذهبين بهذا القميص الكارثي... هل تريدين وصلة ثانية من الصراخ والعصبية!

عضت على شفتيها بقوة حتى كادت تدميها....ورمشت بعينيها الهاربتين من أسر عينيه لاعنةً نفسها على ما أقدمت عليه...وفكرتها السخيفة كبادرة صلح غبية على أفعال صدرت منها بشكلٍ أغبى.

بينما سليم رغم غضبه الشديد منها إلا أن رغبته بها تزداد.....وعينيه تلتهمانها دون مواربة...انفرجت شفتاه وهتف محركاً كفه على طول ظهرها :
-هل هذه باردة صلح يا مليكة؟

تلجلجت قليلا....وأغمضت عينيها للحظات وحركته تلك تداعب أنوثتها المنقوصة أجمل مداعبة...ثم فجأة أومأت برأسها نصف إيمائه...فزفر سليم بكبتٍ...وهمس بتحشرج و كفه يصعد ويهبط على ظهرها....:
-وسأقبل بها لكنها لا تكفي...لأنني لا أثق بكِ وبمدى صدقك....

هل طعنها للتو بعدم ثقته أم أنها تتوهم؟....وهل يحتاج الأمر لكل هذا...؟!

يراها فتاة خبيثة...تخفي وراء ظهرها خنجر مخصصا لطعنه هو...

ألهذه الدرجة جرحت أفعالها الغبية روحه؟!
لماذا؟!
قُطِعت أفكارها حين استقام سليم واقفاً حاملا إياها بين ذراعيه....لا ينظر لها...صفحة وجهه متبلدة بقناع بروده المستفز الذي يدفعها دائماً لاستفزازه...
لم تلاحظ أبتلاع ريقه ببطء وأختلاج فكه....

تحرك بها ثم وقف أمام المرآة....ونظر إلى الطاولة الملتصقة بها ....يبحث عن الفرشاة إلى أن وجدها فسحبها وملامحه تزداد صلابة.....فعضت باطن خدها وأوشكت على البكاء مرة أخرى....
ما هذا الذي تفعله الآن.....؟!

بدأت في تنفيذ ما زعمت عليه بهذه السرعة دون أي تعقل ولو ليومٍ واحد...

عادت من تفكيرها وهي ترى سليم يجلس بها أرضاً، فتوجست قليلا وهمّت بالتراجع إلا أنها وجدت نفسها فجأة تجلس بين ساقيه وظهرها ملتصق بصدره...فشعرت بضربات قلبه تضرب ظهرها بقوة وكأنها تلكمها لكماً....

أرتباك و شعور غريب متسلل بالراحة اكتنفها كليًا...فصمتت تماما تاركةً لنفسها قبول ما يمطرها به حتى لو كانت هي من أقدمت على طلبه...

رفع سليم الفرشاة بملامح تحولت إلى الهدوء وابتسامة صغيرة داعبت شفتيه...بينما عيناه هدأتا وتعمقتا...

يراها مستكينة بوادعة لا تمتلكها منذ بداية علاقتهما....لو كان الشجار يفعل بها ما فعله الآن لتشاجر معها كل يومٍ وكل دقيقة...الفرشاة تتخلل شعرها الآخاذ بكل رقة استفزته...يتمنى ان يمشط لها شعرها بأصابعه هو لكنها كما أطلق عليها "هادمة اللذات دون منازع"

تململت قليلا....وهمهمت بعدة كلمات لم يسمعها فلم يهتم..بل أكمل ما يفعله...تمشيط شعرها متعة حقيقية....وجلوسها بين ساقيه أكبر متعة...
أرتبك قليلا يحاول أبعاد نظره عنها إلا أنه لم يقوَ وهو يلاحظ ارتعاش جسدها بفعل الجو البارد....أبعد شعرها ووضعه على كتفها...فظهر عنقها الشهي أمام عينيه.....ودون شعور....اقترب منها وحطت شفتيه على كتفها...
ارتعشت مليكة وشعرت برعشة غريبة تعصف بجسدها..................

ألا يكفيها انها كانت تشعر بالفرحة وهو يمشط لها شعرها برفق دون اي كلام....حركته داعبتها وبشدة....
ازدادت قبلاته تعمقاً على عنقها...فشعرت بقواها تنهار
تاركةً نفسها دون أي تحكمات من عقلها العقيم....وبالتأكيد فكرة "أنوثتها المنقوصة" تؤثر عليها وبشدة...

حين لاحظ سليم استسلامها....زمجر بخشونة...ثم أدراها إليه بعنف وهجم على شفتيها بعاطفة عنيفة بعض الشيء تختلف عن قبلته منذ دقائق طويلة...

أغمضت عينيها...واستكانت بين ذراعيه تهمس باسمه والخحل يكاد يقتلها.....
ابتعد سليم عنها وأنفاسه الحارة تلفح صفحة وجهها....
ثم عاود مهاجمة شفتيها لكن هذه المرة برقة.....

قام من جلسته وحملها بين ذراعيه دون أن يحررها...متجهاً إلى الفراش...

وضعها عليه مداعباً شريطي القميص عند كتفيها...فأبعده عنها... وقبل عنقها بهدوء..فذابت أكثر...
وبعدها انغمسا في عاطفة بددت شوقه إليها وبدتت "أنوثتها المنقوصة" وهي تراه يعاملها وكأنها ملكة لم يرَ مثلها من قبل...
نظراته وحدها كانت قصة لم تعرف دواخلها بعد!
======


شمس علاء** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-07-20, 11:36 PM   #152

شمس علاء**

? العضوٌ??? » 448047
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 357
?  نُقآطِيْ » شمس علاء** is on a distinguished road
افتراضي

أصوات مكتومة لحركة شخصٍ يحاول التحرك بهدوء...صوت حفيف ملابس يرن في أذنيها لكنها لم تقوَ على فتح عينيها من فرط الخجل...
أناملها متشبثة بطرف الغطاء بقوة....وذكرى ما حدث
بالأمس تعاود مداهمتها فيقشعر جسدها تأثراً...

هل كان استسلامها سببه هو ما تعرضت له من إهانة فتفاقم شعورها بالنقص بداخلها...فاستسلمت دون أي مقاومة...

هذه النقطة بالذات تكاد تقتلها...هي لا تريد أن تتحرك مشاعرها نحوه لأجل "أنوثتها المنقوصة"....
أفكارها السوداوية تتلاعب بعقلها...
ولماذا الآن بعد ما حدث بينهما....لا تعلم...

صدق سليم حين نعتها "هادمة اللذات دون منازع"
فبالرغم من مشاعرها التي تنمو بداخلها نحوه إلا أنها تغاضت عن هذا وفسرت استسلامها له بأنها وسيلة لتبديد شعورها "بأنوثتها المنقوصة".......


حين سمعت صوت إغلاق باب الحمام و صوت سريان الماء...اعتدلت في جلستها بسرعة ضامة الغطاء نحوها..بينما اناملها تحاول عبثاً في تهذيب شعرها المشعث بفعل أصابعه...إلا أنها زادت هيئتها سوءاً..

ماذا ستفعل الآن ستموت خجلا لو تلاقت أعينهما في هذه اللحظة الآن....

عضت على شفتيها المتمورميتين بفعل عاطفته ليلة أمس..
تخضبت وجنتاها بحمرة قانية، زفرت دون صوت ثم همست وهي تندس تحت الغطاء رافعةً إياه إلى رأسها :

-أفضل حل الآن...إدعاء النوم إلى أن يرحل.....


أما سليم....كان مستنداً بكفيه إلى الحائط الماء ينسدل على جسده..
ابتسامة...
ابتسامة صغيرة داعبت شفتيه سرعان ما قُتِلَت في مهدها..وهو يتذكر ما حدث لمروان......

لا يعلم كيف سيخرجه من محنته...وهذا ما يؤثر به....أنه لا يعلم الحل...

ما أقدم مروان عليه كان تصرفاً أهوجاً....... لو كان عاد إليه لكان منعه......
زفر بقوة..ثم عاد بتفكيره إلى ليلة أمس....ليلة كانت غريبة بدايتها صراخ وعصبية ونهايتها عاطفة هوجاء سيطرت عليه كليًا فلم يقوَ على الصبر أكثر من ذلك....

هو يعلم ما شعرت به حين نعتها "بالقبيحة"...طعنتها الكلمة وطعنت أنوثتها...
غبية...لا تعرف مدى تأثيرها عليه...أمامها يصير مأخوذاً بجمالها البسيط الذي يحرك به كل شيء....عاطفته وقلبه....
غبية هي ولا تعلم أنها سكنت قلبه بجمالها البسيط بينما هي تظن نفسها تمتلك أنوثة غير مُرضية....غبية وتفكيرها عقيم......فقط لو ترى ما يشعر به نحوها إلا أنها عمياء النظر والقلب....متبلدة المشاعر.....ولا تثق بنفسها....

تزعم أنها ذات كبرياء وهي لم ترَ دقيقتين ثقة من الأساس...
أبتسم رغماً عنه، ثم أغلق الماء..وأرتدى ملابس مريحة مكونة من بنطال أسود ضيق وكنزة صوفية....الطقس صار بارداً جداً...
صفف شعره بعشوائية...ثم خرج من الحمام وعيناه مرتكزتان على جسدها المخفي كلياً بالغطاء....فابتسم بعبث واقترب من الفراش على أطراف أصابعه........

جلس على طرف الفراش....ثم أبعد طرف الغطاء عن رأسها وهمس بجوار أذنها بصوت أجش :
-مليكة استيقظي....

أغمضت مليكة عينيها بشدة.....وعضت على شفتيها بقوة...بينما جسدها أرتجف بشكلٍ ملحوظ...فشعر سليم بارتباكها......ليبتسم بهدوء...ثم قام من مكانه وأتجه نحو النافذة، وقف أمامها دون أن يفتحها كي لا تبرد....وبعدها همس بصوت هادئ :
-هيا قومي...وأنا لن أنظر إليكِ.....أسرعي...

فتحت مليكة نصف عين...تتحقق من صدقه...فوجدته يعطيها ظهره....واضعاً كفيه في جيبي بنطاله، فاعتدلت بسرعة ثم لفت الغطاء حولها تزامناً مع همسها بصوت مبحوح :
-أخرج من الغرفة...

ارتفع حاجب سليم وبرقت عيناه بخبث....يقاوم نفسه كي لا يلتفت لها ويعاود مهاجمتها بعاطفته العنيفة....لكنه أتشح بالثبات الظاهري وهتف وهو يهز كتفيه ببساطة :
-لن أخرج من غرفتي سأبقى بها وإضافة إلى ذلك أنا لن أخرج من الغرفة اليوم...عفواً...أقصد القصر....سأبقى في القصر....لذا بالتأكيد سأبقى في غرفتي...أمامك خيارين أما أن تقومي وتذهبي إلى الحمام بسرعة قبل أن ألتفت...أو تلجئين إلى الحل الأخر وأنا مرحب به وبشدة...

رمشت مليكة بعينيها..وهمست بغباء :
-ما هو...؟!

كتم سليم ابتسامته وهتف ببراءة :
-سأحملك أنا وسأقوم بهذه المهمة..
-لااااااااا...
صرخت بها بفزع وهي تنتفض من مكانها ممسكة بالغطاء
بقوة....ثم فتحت باب الحمام وبعد دخولها صفقته بقوة اختلطت مع صوت قهقهته العالية...مائلا إلى الأمام بجذعه......فابتسمت هي بتوتر و اغمضت جفنيها بشدة..

أنتهى الأمر ستمد كفها نحوه تطلب أهتمامه وهو كما قالت لن يتركها تشحذ أهتمامه...أبداً..لكن أطمئن كل شيء على ما يرام وسأظل معه....

خفتت ابتسامة سليم شيئاً فشيء...إلى أن اختفت تماما....تحركت ساقاه إلى الكومود كي يأخذ هاتفه...ثم جلس على طرف الفراش وأستند بمرفقيه إلى ركبتيه وطلب رقماً سرعان ما جاء صوت صاحبه بسرعة...فهتف سليم متنهداً :
-نسيم.....أين كنتَ يا رجل.....أختفيت فجأة..ولم تجيب على أي اتصال مني....هل حدث لكَ شيء؟!

أتى صوت نسيم هادئاً لا يتناسب مع كلماته:
-أختفت لأنني حصلت على ضربٍ مُبرح من سالم.....أنا ومجموعة من الرجال...

انتفض سليم فجأة...وتسبيت انامله الممسكة بالهاتف....ليهتف بصوت مشتد قلق :
-ماذا؟!....ضربكَ....هل أصابك اصابات خ...

ابتسم نسيم ابتسامة صغيرة....وهتف مقاطعاً عبارة سليم القلقة :
-أهدأ.....لا تهتم هو فقط أستعمل ذكاءه وشعر بوجود جسوس بين رجاله وبدأ في الأستجواب......لم يصبني أي شيء خطير...فقط كسر مُضعف في ذراعي
الأيسر....وعشرة قطيبات في جبيني....وثلاث في ذراعي
الأيمن..و...
-أخرس يا نسيم أخرس....

صاح بها سليم بعصبية شديدة...وشعوره بالذنب نحو نسيم يتفاقم بداخله.... نسيم سيتعرض لأسوء من ذلك لو بقى عند سالم وعلم بالحقيقة...لذا يجب أن يترك العمل عنده ويرحل من هنا....لذلك هتف بصوت صارم رغم تحشرجه :
-نسيم أنا لن أتحمل ذنب آخر فوق كاهلي....ستترك العمل عند سالم وترحل من هنا أنتَ وزوجتك.....أنا سآمن حياتك ولن أتركك....سأحميك منه. ..فقط أرحل من هنا...أنا من اخطأت حين قبلت بمساعدتك.....أرجوك أرحل....

لم يأتِ أي رد من الجهة الأخرى إلى دقائق طالت...فانعقد حاجبا سليم بتوجس وهمّ بالتحدث....لكن صوت نسيم أتى حاداً بارداً :
-هل تمزح....أخبرني هل تمزح يا سليم....تطلب مني الرحيل وتركك وحدك.....ألم نقسم أننا أخوة لن يفرقنا أحد...سيساعد كلا منّا الأخر إلى أخر نفس؟؟؟....والآن تأمرني بالرحيل...وهل رحيلي سيمنع سالم عنّي..أخبرني....أنا وأنت نعلم أن التراجع في الحرب بهزيمة......فهل ستقبل بالهزيمة....سأجيبك أنا لا....وستحاربه وحدك...وأنا لن أقبل!....نقطة وأنتهى السطر...والآن أغلق الخط....موعد دوائي قد حان....

ثم أغلق الخط دون أن يضيف كلمة أخرى....فهتف سليم باسمه بعصبية وبدأ الخوف يتسلل إلي قلبه...:
-نسيم نسيم.....تباً لكَ....

ثم قذف هاتفة بكل قوته في الحائط....فانفك إلى أجزاء....
وضع رأسه بين كفيه...وأغمض عينيه بشدة....
كف....كف صغيرة ناعمة ربتت على كتفه بهدوء.....جعلته يرفع رأسه ببطء وملامح وجهه شاحبة، ممتقة...بينما فكه يتحرك دون كلام....

رمقته مليكة بثبات..وملامح هادئة...تلف جسدها بمنشفة....والأحمرار يعلو وجنتيها حتى كاد يبتلعها كليًا ورغم ذلك بدت شهية...

ملامح وجهها وشت بأنها سمعت الحوار.....ورغم ذلك لم تثر بل جلست بجوارة...ترمقه بعينين خبيرتين....فأشاح بوجهه وزفر بعصبية....لكنها رفعت أناملها وأدارت وجهه نحوها..فنظر سليم لها بعينين زائغتين...
ضاقت عيناها وهتفت :
-ماذا حدث؟؟....لماذا كل هذا الصراخ والخوف ؟!

نظر لها نظرة غريبة...ثم أبعد عينيه عنها وهتف بصوت عاد البرود إليه :
-وهل تهتمي من الأساس؟!....ستتحملين مشاكلي المعقدة؟؟.....
الأجابة هي لا!....إذاً شكرا لسؤلك!

انعقد حاجبا مليكة قليلا، وهتفت مربتة على ذقنه بتلقائية :

-أحكِ ليّ....ماذا حدث؟!...ومن سبب غضبك وثورتك؟؟...هل حدث ل....لمروان شيء سيء.

عاد سليم بعينيه لها يطالعها بقوة، ثم أمسك كفها الموضوعة على ذقنه يضغط عليه بقوة :
-صدقيني...لن تتحملي ما أريد قوله...وأنا لا أريدك أن تسمعينه من الأساس...

ارتبكت مليكة...وتأوهة بخفوت...هامسة من بين شفتيها بتساؤل :
-لماذا؟!

كز سليم على أسنانه بقوة...ثم ترك كفها وهب متجهاً نحو النافذة....يزفر بصوت عالٍ وساقه تهتز بعصبية..... يريد البوح لها بمشكلة مروان إلا أنه لا يقوى..
وماذا ستفعل له لو حكى لها القصة...!
مليكة!
صاحبة المواقف القاتلة و الكلمات اللاذعة....ستحل الأمر معه بود!
رغم ما حدث بينهما إلا أنه سيكون ساذحاً لو وثق بها بهذه السرعة..!
هذا يسمى جنون...أمامهما طريقاً طويلاً ينتظرها....ينتظر مشاعرها نحوه ومدى صدقها!
لن ينسى أبداً فعلتها البشعة حين أتهمته أسوء أتهام.....أتهمته بالاغتصاب وهو زوجها!
حينها صفعها لم تكن الصفعة لأجل ثرثرتها السخيفة بشأن حبها لرجل آخر..بل لأجل فعلتها...
لن ينساها أبداً ولو بعد سنوات لن ينساها......

زفر هذه المرة دون صوت.....فاقتربت مليكة منه ووقفت خلفه مباشرةً...ظلت واقفة لدقائق...تريد التحدث لكنها تخشى غضبه في هذه اللحظة....

العجيب في الأمر أنها هادئة.......لم تغضب لأنه يرفض البوح لها بكل ما يجيش بصدره....
لأنها شبة موقنة بنظرته إليها...
وهو محقٌ لكن ليس تماماً من وجهة نظرها...
-سأذهب إلى عمتي!

قالها فجأة على حين غرة منها، فاجفلت وصمتت لدقيقة.....ليلتفت لها سليم بتساؤل........

لكنها لم ترد عليه لدقيقة أخرى...فتوجس سليم وأنعقد حاجباه منتظراً ردها.......
هتفت مليكة بصوت غريب :
-حسناً أذهب لها وأنا سأرتدي ملابسي و سآتي خلفك...
-ذكرتيني...
قالها سليم بخبث، فطالعته بعدم فهم..سرعان ما أختفى وهي تراه يمد كفه محيطاً به خصرها ليجذبها نحوه...
فاصطدمت بصدره...
تخضبت وجنتاها وهمست بتلعثم وهي تتلوى بين ذراعيه تحاول التحرر منه :
-ماذا؟!..أبتعد...
-لن أبتعد قبل أن أحصل على ما أريده...
قالها وهو يقترب بوجهه منها..فلكمته بقبضتها في صدره محاولة أبعاد وجهها إلا أنه تمكن من التهام شفتيها بشفتيه...حاولت الهروب من بين ذراعيه إلا أنه أحكم التمسك بها وهاجم شفتيها بقوة...فرفعت ذراعيها بتردد نحو عنقه....لكنها ابقتهما مكانهما...وتجاوبت معه على استحياء....بعد مدة قصيرة
أبعد وجهه عنها يلهث بعنف ..ضربات قلبه تشعر بها تحت كفها
فأخفت مليكة وجهها في كتفه تخفي وجهها الاحمر بخجل، فأمسك هو طرف المنشفة ينوي ابعادها إلا أنها ابتعدت عنه راكضة إلى الحمام مرة أخرى...هاتفة بتلعثم :
-ألم تكن ذاهباً إلى أمي...هيا أذهب....
تسمّر سليم مكانه لثوانٍ....يرمش بعينيه وكأن دلوا من الماء البارد سقط عليه.....

أنتزعته متبلدة المشاعر من فورة مشاعرة...كز على أنسانه بغيظ وتحركت ساقاه وهو يغمغم بغيظ :
-تباً لكِ...لو تعلمين لقبك عندي..تباً لكِ مرة أخرى هادمة اللذات دون منازع...سأريكِ.....تباً لكِ للمرة الثالثة...
قال جملته الاخيرة بصوت عالٍ كي تسمعه ثم صفق الباب بقوة فضحت غضبه منها...فابتسمت ابتسامة صغيرة بدأت تتسع حتى شملت وجهها بأكمله...
حسناً على ما يبدو.....أنها اتخذت قرارها بالفعل !
======
جلس بجوارها على الأرض....تحرك حبيبات سبحتها بخشوع....
يراقبها مبتسماً بهدوء..هي فقط من تسطيع مساعدته.....بكل حكماتها وصفاء قلبها ونظرتها للحياة يمكانها مساعدته.....هي من تقدر ألمه، فتربت على جروحه بكفها الحنونة ونظرتها العميقة!

يخفي أموراً كثيرة....لا يتحدث عنها كثيراً...لكنها تشعر به وبما يؤلمه...عمته داليا بروحها تستطيع جبر خاطرة وترميم روحه ولو مؤقتاً....

نظرت داليا له بعينين دامعتين، ووجه محمر، وهتفت بصوت متحشرج :
-مروان؟!.....مروان وقع في هذه المشكلة..كيف أقدم أبي على هذا الفعل بعدما كان السبب في يُتم مروان..والد مروان قُتِل بسبب افعال ابي....ألهذه الدرجة غشي الحقد قلبه وعينيه!

تنهد سليم بكبت، ثم هتف بحيرة :

-عمتي...مروان وقع في مكيدة لن يستطيع الخروج منها....الأمر معقد من جميع الجهات!!... "هاني" يرفض تعويض مادي للتنازل...وبعدها لو أراد أن يأخذ صبا وابنتها فليأخذهما ويرحل بالمال لكنه رفض!
-وماذا تظن...عرضت عليه تعويض مالي وأبي بالتأكيد يدعمه بضعف ما عرضته..وأضافة إلى ذلك الخطأ يعود لكَ أنت...

عقد سليم حاجبيه مشدوهاً، وانفرجت شفتاه...قائلا بصدمة :
-أنا يا عمتي!

أومأ داليا برأسها، واردفت بحزم لا يتناسب مع عينيها المبللتين :

-نعم أنتَ..هل كان الأمر صعب عليكَ لتوفير مكاناً أخراً لصبا تلك.......أو تدبير أمر الفتاة بشكل أفضل...أبي وصل لها عن طريقك أنت حين وصلت للطفلة وفي وقتها ذهبت لهما....بالتأكيد كنت تحت مراقبته!

عض سليم جانب شفتيه بقوة حتى كاد يدميها، داليا محقة هو المخطيء...لكن خطأه لا يقارن بخطأ مروان في تسرعه.....
لو كان أخبره لكان تدبر الأمر..كيف غفل عن تلك النقطة.....
تسرعه وعدم اتخاذه الحذر وهو يبحث عن جميلة جعل
سالم يفوز بنقطة وبدأ في التحرك بسرعة غريبة...
فقط لو تمكن من أقناع هاني....وأعطاءه ما يريده قبل أن يتعرض مروان لمخاطر يعلمها جيداً....
-لماذا لم تلجأ إلى المرأة التي وجدت الطفلة وأخذتها معها..؟!
قالتها داليا بعد تفكير...فانتبه سليم له من شروده...ونظر لها وهو يفكر في الأمر لكنه هز رأسه برفض وهتف :
-لو فعلت كما قولتِ....هذا يعني أن المرأة هي من خطفتها...وغير ذلك....الطفلة كانت مع صبا ومروان حين هجمت الشرطة عليهما....وهذا ما أثبت التهمة عليهما!...لو لجأت للمرأة لن تفيدنا في شيء...السر يكمن في "هاني"وماذا يريده...وهذا بالطبع سيتم بعيداً عن سالم..لأنه يريد حبس مروان و كسر عنقه....أنتِ تعرفين...
-خطأ يا سليم.....أبي يريد أن يجبر مروان على أخذ تار أبيه!...وهذا بالتأكيد ليس لأجل حق ابنه بل لأجل أسمه أمام رجال البلدة..وأنت تعلم جيداً لو حدث هذا يا سليم سيضيع مروان في غمضة عين!....
قالتها داليا ودموعها تسقط بغزارة علي وجنتيها تأثراً بذكرى تحركت أمام عينيها ببطء...

صوت صراخ عمّ على البلدة بأكملها..سقط أبن سالم الأمير قتيلاً بسبب خلافات كانت قائمة بين العائلتين.........

أنفعل سليم وانتفض من مكانه هادراً بصوت عالٍ أجفل داليا :

-هذا ظلم......سالم بعدها لم يسكت بل أطلق رجاله عليهم وقتل نصف رجالهم...كانت حرب دماء يا عمتي...وقتها رفضت خوض تلك الحرب القاسية مع سالم لأنني لا أحب الدم....والآن يريد مروان كي يأخذ حق عمي رحمه الله!...ما هذا الجبروت والظلم!
صدرت من داليا مشيج باكي تأثراً بذكرى موت شقيقها، كانت ذكرى مؤلمة...حتى أنها لا تريد تذكرها يكفيها ما شعرت به وقتها وهي ترى شقيقها غارقاً في دمه....شقيقها الثاني رأت جسده مسجى أرضاً ودماء مُفزعة تحيط به...وقتها صرخت صرخة طويلة...صرخة هزت البلدة بأكملها...كان أقربهم لها...حنون، شهم....
قُتِل في غمضة عين وترك خلفه صبي صغير كانت تحتضنه كل يوم وهي تبكي كان يشبهه...فقط عيناه هي المختلفة....تتذكر لونهما حتى الآن....
أغمضت جفنيها بقوة وبكت بهدوء، فنظر سليم لها بعينين مشفقتين حنونتين، ثم اقترب منها واحتضن رأسها..هامساً بتحشرج :
-لا تبكِ يا عمتي.....سيخرج وسترينه....لن أترك الأذي يطوله....سأبذل قصارى جهدي..لكن لا تبكِ....
رفعت داليا كفها المرتعش المجعد وربتت على ذراعه الصلب، هامسة بترجٍ :
-أريد أن أراه...خذني إليه أرجوك!

صمت سليم قليلا وظهر الرفض جلياً على وجهه لكن رجاءها أرهف قلبه...فزفر دون صوت ثم قبل رأسها وقال :
-حسناً.....سآخذك له غداً..أهدئي قليلا كي لا تتعبي....وهيا قومي معي كي تتمددي على الفراش...ستؤلمك قدمك !
فجأة فُتِح باب الغرفة بقوة جعلته يصطدم في الحائط مصدراً صوت مزعج جعل داليا تشهق بفزع وسليم أجفل لكنه تمالك نفسه كي لا يظهر هذا عليه...

نظرا إلى الباب...فوجدا مليكة تقف عنده تنظر لهما بعينين ضاقتا بتفحص...تحمل بين يديها صينية تضع فوقها كوبين من عصير البرتقال.....فرفع سليم حاجبه بعدم فهم ونظر إلى داليا...فهزت رأسها بعدم فهم هي الأخرى.....ليعود بنظرة إليها يزجرها بقوة!

تقدمت مليكة منهما تتحرك برشاقة وعباءتها الحمراء الهفهافة تتحرك بجانبها...بينما شعرها كانت تخفيه بوشاح وضعته بإهمال غير مهتمة بخصلات شعرها المتمردة..
وقفت أمامهما ترمقهما بتفحص، ثم هتفت بصوت غريب :
-تفضلا....

ثم مالت بجذعها وهي تمد الصينية نحوهما، فأبعد سليم ذراعه عن داليا..وأمسك بالصينية ليضعها جانباً...وبعدها نظر إليها وهتف بصوت مشتد :
-الأبواب صُنِعَت للطرق عليها.....وأنتِ دخلتِ كالثور الهائج دون أن تطريقه؟!

رفعت مليكة حاجبها، ثم وضعت كفيها في خصرها وهتفت ببديهية :
-ولماذا أطرقه من الأساس...أنتَ زوجي وهي أمي!...إذاً فما فعلته كان أمراً طبيعياً!

ابتسم سليم بخبث، ثم امسك بالكوب وهتف بصوت غامض :
-هذه نظرية رائعة....سنتناقش مع بعضنا في هذا الأمر!

ارتبكت مليكة وتخضبت وجنتاها بحمرة قانية جراء تلميحه الوقح!

تابعها سليم وهو يرتشف أول رشفة من العصير بينما
داليا كانت تقلّب عينيها بينهما في نظرات متفحصة...
مروراً بابنتها المرتبكة ووجنتيها الحمرواتين....و سليم الذي يرمقها بنظرات غامضة...

انغرست ابتسامة صغيرة على شفتيها رغماً عنها وأشاحت بوجهها كي لا يلاحظا ابتسامتها.....
-بشع....العصير بشع جداً...

قالها سليم بتقزز وهو يبعد الكوب عن فمه...فكورت مليكة فمها وهتفت بعصبية :
-هل تمزح؟!

هز سليم رأسه برفض ...وأردف وهو ينظر له ببراءة :
-هل هذا عصير أصلا...سامحكِ الله حبيبتي...

فغرت فمها مشدوهةً حتى كاد يعانق الأرض...بينما عيناها جحظتا..وكلمة "حبيبتي" ترن باذنيها كالنقوس...
هل قالها للسخرية أم قالها بجدية....
قشعريرة غريبة أصابتها...
وقلبها يخفق دون سبب!!

بينما داليا ادارت رأسها لتنظر إلى ابنتها الواقفة كتمثال من شمع لا تتحرك....الكلمة آثرت عليها...هذه ملاحظة رائعة يا داليا...

هكهذا حدثت نفسها.....وهذا بالضبط ما فكر به سليم وهو يراها متسمّرة مكانها كالتمثال...
مرّت ثانيتين قبل أن ترمش بعينيها...وتستعيد تمسكها....فهتفت بصوت متحشرج مشيرة إلى كوب العصير :
-هات الكوب...أنا سأشربه بدلا منكَ....شكراً على كرمك...
-لا لن تأخذيه.....
قالها سليم وهو يهز كتفيه ببساطة، ثم رفع الكوب وشربه دفعه واحدة...وبعدها وضعه واستقام وافقاً..

مال بحذعه نحو داليا الجالسة أرضاً، ثم مد ذراعيه وأمسك بذراعيها هاتفاً بابتسامة صغيرة :
-قومي معي يا عمتي كي تتمددي على الفراش...

أومأت داليا برأسها بهدوء، ثم قامت معه بصعوبة تشعر بألم مزعج في قدميها......

وقفت فسندها سليم بذراعيه برفق ...ثم سحبها نحو الفراش أمام عيني مليكة اللتين نظرتا لهما نظرة غريبة..وتردد ظهر على ملامحها بسهولة...فانعقد حاجبا سليم باستغراب وهو يساعد داليا في الجلوس..فتحركت هي الأخرى لتساعد داليا...

حين انتهيا....تجرأت مليكة وقالت وهي تشيح بوجهها عنه تتظاهر بترتيب الوسادة :
-سأذهب معكما!

للحظة لم يرد سليم عليها...فظنته لن يهتم بها...لكنه هاتفه بصوت حاد جعلها ترتبك أكثر:
-إلى أين؟!...أنا لا أفهم...

عضت مليكة على شفتيها بقوة..وأغمضت عين واحدة وهي تهمس بحذر وبصوت خفيض للغاية:
-إلى مروان...أريد أن أذهب معكما!

سحب سليم نفساً عميقاً ومسح وجهه بكفه بنفاذ صبر ..ثم لم يلبث وهتف برفض قاطع :
-لا لن تذهبي ولا تتناقشي معي..هل تعتقدين أنني سآخذك معي إلى قسم الشرطة هل تمزحين؟!

أغمضت داليا عينيها بتعب....وعادت برأسها إلى الخلف تسند رأسها إلى الوسادة...تنظر مشاجرتهما...
فتحت مليكة عينها...والتفتت له ترمقه بنظرات غاضبة، فأبتسم لها باستفزاز ونهب المسافة بينهما بسرعة...فأجفلت مليكة وصرخت بفزع ففتحت داليا عينيها بخوف...

فجأة وجدت وشحها وحفنة من شعرها بين قبضة سليم، تجمدت مكانها مصدومة..بينما سليم هتف وهو يهزها كطفلة مذنبة :
-وكيف عرفتِ أصلا أنني سأذهب إليه أنا وعمتي...هل أنتِ ممن يطمئن على صحة الأبواب بأذنه!

كتمت داليا ضحكتها بصعوبة وهي ترى وجه مليكة يزداد أحمراراً..تحاول التحدث لكن سليم لم يعطيها فرصة للتحدث بل سحبها معه نحو الباب تزامناً مع هتافه مخاطباً داليا :
-لا تقلقي عمتي....أبنتك في يد أمينة!

ثم أغلق الباب خلفه، نظرت داليا إلى الباب بابتسامة صغيرة وهمست بتأكيد :
-هي في يد أمينة فعلا.....

اشتعلت عينا مليكة بغضب وهي تحاول تخليص نفسها منه..لكنه أحكم قبضته على شعرها وجرها جراً خلفه وهو يضحك بصوت مسموع...فزاد غضبها منه وصرخت به وهي تضرب ظهره بقبضتها :
-أترك شعري يا سليم...أنت تؤلمني...

وقف سليم فجأة فاصطدمت بظهره وتأوهت بصوت مكتوم.....

وجدت قبضته تترك شعرها فجأة، فتراجعت خطوتين ودلكت رأسها بحاجبين منعقدين وعينين غاضبتين....

نظر سليم وقد اختفت ابتسامته فجأة...ظل صامتاً يراقب حركتها....

طفلة تبدو طفلة متذمرة تريد الصراخ وقذف سمومها....لكنها تمالكت نفسها بقوة ثم نظرت إليه بغيظ...

اقترب منها بخطواتٍ فهد شرس....فتراجعت خطوة ولم تستطع أن تتراجع أكثر من ذلك وهي تشعر بنفسها تطير في هواء وذراعين صلبتين تحت قدميها وظهرها تحملها بقوة....فشهقت بقوة وتعلقت بعنقه تلقائياً....

تجمدت للحظتين وهي تراه يصعد الدرجة الأخيرة المؤدية للطابق الخاص به هو فقط..لحظتين ثم هتفت بعصبية ضاربة إياه في صدره :
-ماذا تفعل أنزلني أشعر بالدوار..أنزلني....
رفع حاجبيه ثم نظر لها بتحدٍ وعينين مشتعلتين..ثم وقف أمام باب الغرفة.....
وضع ذراعه على مقبض الباب دون أن يتركها ليفتح الباب....وهي تصرخ به كي يتركها لكنها لم يمتثل لها ..بل دلف إلى الغرفة ثم أغلق الباب بقدمه...
حينها هتفت بصوت عالٍ نوعاً :
-سليم..ماذا لو كان أحد الخدم قد رآنا في هذا الوضع...

وقف سليم، ثم نظر لها بعينين مشتعلتين مما جعلها تبتلع كلماتها وتتعلق عيناها بعينيه....

مال بوجهه نحوها ثم همس بصوت مبحوح :
-هل هذا سبب رفضك؟!...

همست مليكة بغباء بدا مثيراً له:
-هاا....

زفر سليم بعصبية...ثم أقتنص شفتيها بقبلة عنيفة قبل أن يهمس بصوت أجش وهو يضعها على الفراش :
-أنسيتِ نظريتنا التي تحتاج إلى مناقشة!...
======
أعصاب احترقت، و دموع أغرقت وجهها البريء...تجلس على المقعد ووجها بين كفيها....لا...هذا كابوسٌ بالتأكيد..ما رأته بعينيها ليس حقيقياً...رأت حبيب قلبها غارق في دمائه.....ملامحه مطموسة بالدماء...وقميصه أغرقته دماء جرح بطنه...كان...كان أشبه بمن فقد روحه وسكن جسده دونها....
حالته صعبة..هي تعلم كذلك وهذا ما يحرق قلبها الذي يترنح بين ضلوعها صارخاً...
تلك المضخة تؤلمها وبشدة...وروحها...روحها تئن...
تريد أن تراه أمام عينيها سالماً....تخشى أن تفقده...
تخشى أن تفقد حبيبها الوحيد....حبيب المراهقة والشباب...
لا تعلم كيف جاءت إلى هنا بملابسها البيتية....
ولا تعلم كيف بقت جالسة هكذا منذ أمس...
تشعر بقدميها كالإسفنج الرخو...لا تقوى على الوقوف....
عيناها ذابلتان.....ووجهها شاحب حتى كاد يحاكي وجوه الموتى...
شفتاها ترتجفان وفقدت لونهما الوردي...

الخوف...الخوف يقتلها وما أدراكم وما الخوف...

قاتل حين تشعر به، يشعرك وكأن روحك على وشك الأختناق وقلبك يتألم بشدة..
هذا ما تشعر به الآن..فقط ما تمتلكه هو الدعاء له...الدعاء بكل تضرع.....

عينان متفحصتان ترمقها بنظرات غريبة....عينان متورمتان ملتهبتان....عينان رائف الغامضة...
هو ليس بغبي كي لا يرى لهفتها وخوفها الهستيري على يونس...
مشهد هستريتها وهي تتفحص نبض يونس بحكم عملها جعله متأكد من شكه...
تلك الصرخة التي انطلقت من بين شفتيها بأسمه كانت صرخة عاشقة، دموعها الغزيرة وارتعاد جسدها كان أكبر دليل، شحوب وجهها يماثل شحوب وجهه، ببساطة هي تتألم كعاشقة على أعتاب فقد حبيبها!

تنهد رائف بكبت، وأشاح بوجهه عنها...
ألم، ألم حاد يكاد يقتله...كل قطعة بحسده تؤلمه، لكنه أصر على البقاء في المشفى مع أمجد و لجين التي استغلت مهنتها كي تبقى لكنها لم تقوَ على التواجد في نفس الغرفة كثيراً...
لو كانت مروج مكانها لكانت وقفت بصمود و تحملت كل هذا أما لجين فهذا المتوقع منها ..
أنعقد حاجباه فجأة...
مروج كيف تركها هو وأمجد وحدها....
غابت عن عقلهم في غمرة ما حدث....
ماذا سيفعل الآن!
حاول الوقوف لكنه تأوه بصوت مكتوم، وعاد برأسه إلى الخلف يسندها إلى الحائط....
لديه موعد سفر إلى المدينة المجاورة مع فريق الكرة...لكنه بالطبع لن يستطيع اللعب وكم محزن هذا بالنسبة له...رغم رغبته في ترك النادي إلا أنه يعشق اللعب...هو مهوس بالكرة والشهرة طموحه....
سيغادر المدينة غدا في الصباح الباكر....
صمت....صمت قاتل عمّ عليه منذ أتى بيونس إلى هنا، فقط ينظر إلى هذا وذاك دون أن يضيف أي كلمة أخرى..

هل هذا يعود إلى طبيعته الهادئة...هو يعلم الجواب....وهو ببساطة...لا

يونس يذكره بشخصٍ عزيز عليه....وما حدث بالأمس أحيا ذكرى وأدها منذ فترة طويلة...طويلة جدا بالنسبة له....

جرحه يعاود إلتهابه من جديد..وهذا الجرح بالذات يضاهي جرح آخر....جرح لن ولم ينسه أبداً....أبداً...
زفر بتعب واللكمات على وجهه طمست جمال ملامحه...
حتى ليل عيناه أختفى في غمرة ما حدث وما تذكره..

-هذا يعني أن الشجار كان بسبب بنتين...إحداهما شقيقة يونس والأخرى....عفواً من؟!

التقطت أذناه صوت الحاج عبد العزيز وهو يتحدث في الهاتف، ملامحه صلبة جامدة...تجاعيد وجهه سر قوته وحدة نظراته صرامة....

تجمد أمجد وتيبست أنامله وهو يلتقط كلمة"شقيقته"...

ألم...ألم...ليته يهدأ.....
أغمض عينيه للحظة، ثم فتحهما حين شعر باقتراب عبد العزيز منه... بملامح غير مبشرة بالمرة..
وقف عبد العزيز أمامه...ثم هتف بصوت عالٍ نوعاً فانتبه رائف الغارق في تفكيره...وأبعدت لجين كفيها عن وجهها :
-سبب الشجار بين يونس و عادل...هو تخطي عادل حدوده....والخوض في عرض "جود" شقيقة يونس..عادل صديق ابن خال يونس وجود وبالطبع علم كل ما حدث وسبب أختفاء جود!

بهتت صفحة وجه أمجد، وأختلج فكه بشكلٍ ملحوظ بينما عيناه كانتا قصة...قصة محتواها الألم والغدر و الحسرة...قصة هو وحده كان بطلها!!....
زم شفتيه بقوة..ثم هتف بتحشرج :
-وما هو السبب؟!
اشتدت ملامح الحاج عبد العزيز، وهتف بصرامة :
-لا دخل لنا..ولن نخوض في أعراض البشر...فقط ما أريد أخبارك هو أن شقيقتك "لجين" هي السبب الآخر للشجار..

أنتفض رائف من مكانه رغم شعوره بالألم...وأتجه نحو أمجد وعبد العزيز بملامح مشتعلة...

أشتعلت عينا أمجد بغضبٍ أسود نادراً ما يظهره أمام أحد....شقيقته كانت سبب الشجار بين يونس و عادل...بين رجلين...ابنته تداول اسمها بين رجلين...وفي حي شعبي...بالتأكيد ستطولها الشائعات وتشويه سمعتها!

اشتعل غضبه أكثر وهتف بصوت حاد غريب على طبعه :
-شقيقتي أنا...وما دخلها بالأمر؟!...لجين ما دخلها بالأمر يا حاج....
انعقد حاجبا لجين بعدم فهم!!
عن أي شقيقة يتحدث...هي....هي كانت السبب في ذاك الشجار الخطير؟؟
هي..كيف كيف حدث هذا..هي لا تفهم لا تفهم!
فهمها بات معدوماً منذ ليلة أمس...
انتبهت إلى هتاف أمجد، فنظرت له بعينين تائهتين لكنه لم يكن ينظر لها من الأساس بل كان ينظر إلى عبد العزيز بملامح حادة...عبد العزيز الذي هتف بصوت هادئ نوعاً مقدراً ثورة أمجد :
-أمجد..رجال الحي سيتجمعون في بيتي فور خروج يونس من المشفى...وبالتأكيد سنحل الأمر شقيقتك جميعنا نعلم أخلاقها ونقاء روحها...

هذه المرة تحدث رائف بحدة لم يستطع إخفاءها أكثر :
-من حقنا أن نعرف مدى صلة شقيقتي بالموضوع...لأنكَ تعلم ما سيطولها من شائعات بشعة وأنا لن أقبل هذا لشقيقتي!

تردد عبد العزيز قليلا أمام رجلين غاضبين من أجل شقيقتهم...
أراد أن يؤجل أخبارهما بالتفاصيل حتى يخرج يونس من المشفى ويتم حل الأمر بين رجال الحي...لكن أمجد لن يتركه قبل أن يعرف....ورائف كذلك....لذا سيخبرهم. .
انفرجت شفتاه، وهتف محاولا انتقاء الكلمات :
-على حسب ما أخبرني به رجلي حين أمرته بمعرفة سبب الشجار بأي طريقة.....
عادل قال حديث قبيح جدا على جود شقيقة يونس ولجين شقيقتك....قال أن شقيقتك على علاقة بيونس وأنه يريدها له هو..لا أعلم صحة هذا الحديث لكن شقيقتك لها دخل بهذا الشجار وهذا مؤكد....

اشتعلت عينا أمجد أكثر وأندلع غضب أسود بصدره، سنين سنين كان فيها يبذل كل جهده كي لا يتأذى أي من مروج ولجين...لكن ضاع جهده هباءاً...أمام شائعات مجحفة في حق فتاة سيطولها شائعات أكثر في الأيام الآتية..
ليس لديه اي ذرة شك في تربية لجين فهو من رباها ويعرف أخلاقها جيداً....
لن يسكت لو طال أسمها أي شائعة قذرة كتلك...لن يصمت أبداً..عند هذه النقطة بالذات لن يصمت وسيطلق سراح وحشة حمايةً لشقيقته.....
أما رائف فقد ازداد غضبه أكثر وهتف بصوت حاد وعينين مشتعلتين :
-ماذا تقول؟!....هل تعرف أن هذا سيؤذي شقيقتي حتى لو كانت مجرد شائعة...شجار بين رجلين كانت أختي سببه...دعنا نتغاضى عن جود شقيقة يونس فهمي منذ مدة طويلة لا نعلم أين هي؟!...لكن شقيقتي...شقيقتي ستكون حديث نساء الحي...وبالطبع عند هذه المشاكل ينتشر الخبر بسرعة البرق وتزداد الشائعات....والله لو أضطر الأمر للتشابك مع عادل مرة أخرى لأفعل وسيرى وجه أبناء الأميرية الحقيقي...

لأول مرة يستخدم رائف أسم عائلتهم في غمرة غضبه..لكنه محق...وجه الأميرية لن يتحمله أحد!
حتى لو كانت قلوبهم رحيمة لكن دماء الأميرية تسري في أوردتهم ولو زاد الأمر سوءاً فأهلاً بوجه الأميرية وغضبهم الأسود..
نظر الحاج عبد العزيز إليهما وعينيه رافضتين لحديث رائف الذي يحمل شيئاً من التهديد..فهتف بصوت حاد صارم :
-هل تهددني؟!...أنا أقدر غضبك..لكني لن أسمح لكَ بالتمادي!!!

همّ رائف بالتحدث، لكن أمجد سبقه وهتف بصوت مشتد..:
-حاج عبد العزيز.....أنتَ تقدر غضبنا..فمن تتحدث عنها شقيقتي رائف وشقيقتي وابنتي أنا....فهل تريد منا الهدوء؟!...
صمت عبد العزيز لدقائق و قلّب نظره بينهما...ثم نظر إلى لجين بطرفِ عينيه فوجدها جاحظة العينين، فارغة الفاه لا تقوى على التحدث و الدموع تزداد كثافة على وجهها الشاحب.....

ثم عاد بنظره إلى أمجد وهتف بحكمة :
-الصبر يا ابني...ستأخذ حق أختك لكن بطريقتي أنا...لأنني لن أسمح بتدخل الشرطة لو شب بينكم عراك أخر.....سنحل المشكلة ودياً أمام رجال الحي!

نظر رائف إلى أمجد بغضب ووجه يزداد أحمراراً، يضم قبضته بقوة غير مهتم بألمه...فنظر أمجد له بعينين اشتعلتا بغضب أسود لا يظهر كثيراً في عينيه الحنونتين، ثم عاد بنظرة إلى عبد العزيز وهتف بصوت غامض :
-وهل سآخذ حق شقيقتي ممن قال في حقها كلاماً أنت تعرف جيداً بشاعته؟!.....

زم عبد العزيز شفتيه، ثم هز رأسه بقلة حيلة..لن يستطيع
التحكم بهما الآن غضبهم وصل إلى المحك.....وللصراحة معهما حق في كل كلمة...


في زاوية قريبة منهم كان ياسين يتابع الحوار بعينين جاحظتين لا يصدق ما سمعه للتو....
عن أي علاقة يتحدث؟!
لجين لديها علاقات غريبة كما سمع من ذاك الرجل الغريب...
لا يصدق أخلاقها لا تدل على هذا أبداً....
شخصيتها شفافة بدرجة غريبة..من يتعامل معها يعلم أنها لا تعرف عن هذه الأشياء أي شيء
وما أدراك أنتَ..كم من فتاة رأيتها تتظاهر بالبراءة وهي في الحقيقة ذات أخلاق....قذرة!!!!!

هكذا حدث نفسه...ثم هز رأسه بقوة و حاول تمالك نفسه و أبعاد الدهشة عن وجهه...ثم اقترب منهم وقال بصوت هادئ كاذب :
-عذراً يا "آنسة" لجين...لا يمكنكم البقاء أكثر من ذلك...واحد فقط هو من سيظل مع المصاب لأن ذلك غير مسموح..أنا سمحت لكم بالبقاء فقط للاطمئنان عليه...لكن الآن يجب أن ترحلوا ويبقى واحد فقط....

رفعت لجين عينيها له...ملاحها تكاد تكون فاقدة للدماء..وعيناها حمروان متقرحتان من فرط البكاء!
هل سمع ما تفوه به عبد العزيز..والله ستموت لو كان سمع تلك الشائعة...لكنها لم تسطتع قراءة ملامح وجهه فاخفضت وجهها...
-حسناً....سيرحلوا جميعهم وسأبقى أنا معه!
قالها أمجد فجأة بصوت جامد، وملامح باردة غريبة، فرفعت رأسها له وهتفت بتلعثم :
-سأبقى معكَ...
لم ينظر أمجد لها بل نظر إلى رائف نظرة فهمها، فأومأ رائف برأسه، ثم تحامل على نفسه وأتجه نحو لجين بخطوات متعثرة...
أمتقع وجه لجين من تصرف أمجد الغريب، وكأنما تلبسته روح شخص أخرى...

ابتعد ياسين عنهم بهدوء، كفيه في جيبي معطفه...
وقف رائف أمام لجين، ثم هتف بغضب مكتوم :
-هيا قومي معي كي نعود إلى البيت...
ظهر الرفض جلياً على وجهها، وهمّت بالرفض، لكن صوت أمجد الحاد ألجمها :
-قومي...وأرحلي من هنا...
ازداد امتقاع وجهها ودهشتها، لا..لا ما تحياه الآن كابوس قبيح.....هذا بالتأكيد كابوس...
أغمضت عينيها بألم، ثم قامت من مكانها لا تقوى على الوقوف لكنها أمتثلت لأمره..ورحلت مع رائف!!

فزفر أمجد بغضب، وأطرق برأسه....
يحاول تهديء غضبه وثورته لكنه فشل..!
مشكلة لجين...و..وجرح قديم كانت سببه "جود"...ما هذا الذي يحياه الآن؟
======

واقفة في غرفة أمجد عينيها متورمتين من فرط البكاء...
تركوها وحدها، تروكها في البيت وحدها وهي تهاب الوحدة!

للحظة تصلب جسدها وهي ترى xxxxب الساعة تتحرك دون ان يظهر أحدٌ من أخواتها...

لا تعلم كيف أجهشت في بكاء عنيف خوفاً من بقائها وحدها....في بيت شعرت به هادئا حد القتل...

وقتها ساقتها قدماها نحو غرفة أمجد، لن تستطيع النوم وحدها في البيت...

غرفة أمجد هي مخبئها حين يختفي....
غرفته دافئة مثله، فيها شيء من الأمان...
أمان تفقده حين يبتعد أمجد...
أندست تحت الغطاء، ثم ضمت ركبتها إليها ونامت في وضع الجنين...تنشج بخفوت بينما جسدها كان يرتجف خوفاً...

رغماً عنها تذكرت مالك وقتها، مالك والدها الثاني وحبيبها
الأول والأخير، رغم فارق السن بينهما والذي يعادل فرق السن بينها وبين أمجد إلا أنها لم تشعر بأي فارق أبداً وهو بجوارها...طبيعته مرحه، متحررة، يبحث عن كل شيء يجعله يبتسم...
كان ماضيه يؤثر على شخصيته وبشدة!
دائما كان يسمع بأذنيه لقبه....دائما كان لسانها ويخونها لتهينه في لحظة خلاف بينهما...
مع العلم بأنه تربى وسط عائلة بسيطة احتوته و اعتبرته ابنها...ونشأ هنا في الحي بأنه ابنهما...
لكنهم بالطبع يعلموا حقيقته....مالك ظل في الدار لمدة عشر سنوات..إلى أن وجد من يحتويه ويأخذه من الدار....فأصبح لديه أبن وأم فجأة لكن هذا لم يمحي أي شيء مما رآه هناك وهي تعلم جيداً....


خرجت من شرودها قسراً، حين التقطت أذناها همهمات النساء من شرفاتهم وأسم لجين يتردد على لسانهم مقترناً بيونس وجود....

انعقد حاجباها بتوجس، ووقفت خلف الستار تستمع لهم بتركيز.....فسمعت جارتهم المجاورة تهتف وهي تمصمص شفتيها "هل سمعتِ يا "صباح" ما حدث...يقولون أن لجين على علاقة بيونس وأنّها سبب الشجار بين يونس وعادل..."

لم ترد صباح عليها بل تابعت نشر الملابس دون أن تشارك في الحوار ، بينما ردت جارتها الأخرى بسخرية "نعم سمعنا و هذا الموضوع أصبح حديث نساء الحي كلهن، حتى في السوق سمعتهن..الموضوع أصبح منتشراً، تلك الفتاة اللعوبة بمظهرها اصحبت حديث النساء وأصبح أسمها مقترناً بالوقاحة وقلة الأدب"

هنا لم تتمالك مروج نفسها، فانحنت تلتقط طرحة صغيرة، عصبتها على رأسها لتبعد شعرها الغزير عن عينيها، ثم رفعت ذراعي العباءة وفتحت الشرفة فجأة...فصمتت من كانت تتحدث ونظرت لها بتوجس...

أسندت مروج ذراعيها على حاجز الشرفة ثم هتفت بصوت عالٍ :
-من التي نعتيها بالوقاحة وقلة الأدب للتو!

نظرت الجارة المقابلة لها بجمود، لا تبدي أي رد فعل، يبدو انها ستنسحب لكنها لم تفعل ذلك بل رفعت حاجبها المستفز وهتف بصوت عالٍ مثلها :
-شقيقتك حبيبتي.....وهذا ما تستحقه فعلاً....هي وقحة وعديمة أدب...

التمعت عينا مروج بشراسة، وأعتدلت ثم فجأة صفقت بيديها عالياً لتجذب الأنظار.....وكان اولهم مالك الذي كان يسند رأسه إلى مقعد سيارته...
-هل سمعتم؟!..نعتت شقيقتي بالوقحة عديمة الاخلاق..
هل سمعتم يا اهل الحي؟!....حبيبتي لجين أشرف منكِ أنتِ ومن تحدث عنها يا عديمات الأخلاق...

امتقع وجه المرأة، وازداد غضبها أكثر، ففعلت المثل، وصرخت :
-هل رأيتم من تتكلم...المعقدة صاحبة الأنف المرفوع في السماء دون سبب...هل نسيتِ نفسك يا معقدة أم أذكرك بما حدث لكِ ؟!

ابتسمت مروج بعصبية...ثم مالت برأسها وهتفت من بين أسنانها :

-أنا معقدة.... هل تريدين مني أخرج عقدتي عليكِ؟!

التف الناس حول بعضهم رأس كل شخص فيهم مرفوعة....منتظرين المزيد...
بينما المرأة، مصمصت شفتيها، وضربت حاجز الشرفة بيديها وهي تصرخ :
-أريد أن أرى حبيبتي....وانا سأفعل المثل.....
لماذا كل هذا الكبرياء....أنسيتِ يوم ترككِ خطيبك ولم يأتِ إلى عقد القران....ترككِ وحيدة يومها...تنتظرين قدومه لكنه لم يأتِ.....ترككِ لأنكِ مغرورة ولا يستطيع أحد تحملك...


أمتقع وجه مروج للحظة، لحظة شعرت بها بألم مبرح يعتصر قلبها وبشيء يوخز صدرها بقوة مؤلمة...ألم عصف بها، فظهر الألم في عينيها للحظة وشحب وجهها تسترجع شعورها وقتها وبالتأكيد لا يضاهي ما تشعر به الآن....لكنها تمالكت نفسها بقوة تحسد عليها..وأنفرجت شفتاها تنوي بالصراخ...

أما مالك فقد ضرب وجهه بكفه، هامساً من بين أسنانه بغيظ وهو يراقب الموقف من نافذة سيارته :
-تباً لكِ يا امرأة.....لماذ ذكرتيها الآن؟!.. لو تماديتِ أكثر ستقفذ من شرفتها إلى شرفتك وستبرحكِ ضرباً...

صرخت مروج وهي تصفق بيدها عالياً بينما شعرها بلونه المائل إلى البني...يتطاير من حولها :

-وما شأنك أنتِ يا عقربة...والله لو سمعت أسم شقيقتي على لسانك سأقطعه لكِ دون أن أشعر بتأنيب ضمير!

أرتفع حاجب المرأة أكثر، وتفاقم الغضب داخلها أكثر وأكثر، فمالت بجذعها أكثر وصرخت تقذف الكلمات قذفاً :
-وما شأنك؟!...هي وقحة ولم ترَ دقيقتين تربية..على
علاقة برجل بينما أخر يريدها ومن المحتمل أنها تفعل المثل مع عادل...

عضت مروج على شفتيها بقوة، ثم مالت هي الأخرى بجذعها وصرخت بغضب :
-أقسم بالله سأقفذ من شرفتي إلى شرفتك وسأبرحكِ ضرباً حتى يظهر لكِ صاحب...امرأة مزعجة....
كيف تمكنتِ من فعل ذلك..أنتِ ومن مثلك...
لجين كانت تهتم بكِ حين وضعتِ طفلك...كانت تساعد كل شخصٍ في هذا الحي حين يمرض..بحكم أنها ممرضة...ومع ذلك حين أتى وقت الشدة ظهر معدنك أنتِ ومن تحدث عن لجين...لجين شقيقة أمجد ورائف...أشرف منكن جميعاً، هل سمعتم يا أهل الحي...لجييييين أشرف منكم....

ثم دخلت وصفقت باب الشرفة بقوة...تلهث بعنف وصدرها يهبط ويعلو بعنف مماثل..
لا تصدق ما فعلته منذ دقيقة واحدة...
هي..مروج وقفت في الشرفة ودافعت عن لجين...
دافعت عنها و أحترق دمها لأجلها وكأن كلماتهم موجهة لها هي ..
دافعت عنها وصرخت بوجه من تحدث عنها ببشاعة..
رمشت بعينها مرتين فسقطت دمعتان على وجنتيها، فعقدت حاجبيها بتوجس، ثم رفعت أناملها تتلمس دموعها بأناملها..
قهر....قهر تشعر به يحرقها حرقاً، جرح عميق...عميق يؤلمها وبشدة....دمعة اتبعتها الأخرى..صرخة تريد أن تصرخ صرخة طويلة..فقط لتهدأ نيران قلبها المطعون بعد مرور ثلاث سنوات...ثلاث سنوات تحيا على جرح صعب...
ومن مكانها تتحمل ما حدث لها..تركها حبيبها يوم عقد قرانهما وأبتعد..تركها مكسورة القلب..محطمة داخلياً....كانت ذات التسعة عشر...صغيرة لكنها كانت تحبه ما بينهما لا يتوقف على السن بل على رابط غريب نشأ بينهما لكنه وبكل غدر قطعه رافضاً إياها!

أغمضت عينيها بقوة، وضمت شفتيها المرتجفتين تكتم شهقة عنيفة تريد التحرر....ستموت قهراً...الذكرى تمرّ أمام عينيها ببطء قاتل!!!
ليزداد شعورها بالقهر والألم وتزداد دموعها...
صوت طرق عنيف على الباب بعض الشيء أخرجها من شعورها بالقهر والألم....أختناق غريب تشعر به......

مسحت دموعها بقوة، ثم ارتدت قناعها الشرس، لتفتح باب الغرفة وتهبط درجات السلم بسرعة مغمغمة بإصرار :
-لو كان من يطرق تلك العقربة، لن أتردد في ضربها!

فتحت الباب بعنف، ثم صرخت بقوة رافعة حاجبها بشر :
-ماذا...ماذا تريدي..

صمتت فجأة وهي تتبين ملامح وجه من يقف أمامها ينظر لها بشوق، عيناه تجريان على ملامح وجهها....شعرها الجميل بطوله الذي لا يتعدى كتفيها بكثر، وعيناها العسليتين ببريق غريب، ووجهها الابيض بياض ناصع....
توقفت عيناه عند ذقنها حيث ذاك الشق الطفيف الظاهر به!
وبعدها عاد بعينيه إلى أنفها المرفوع بكبرياء!
يبحث عن شيء تائهة في وجهها....
أين براءتها...ملامحها فقدت أي أثر للبراءة واصطبغت بالجمود والشراسة..
نظرة عيناها قاتلة كادت ترده صريعاً...ألهذه الدرجة آثرت فعلته بها؟!

همسة خرجت من بين شفتيها جعلته ينتبه لها :

-أخرج من هنا...أنا لا أريد أن أراكَ الآن!

لم يمتثل مالك لأمرها بل تحرك إلى الداخل، ثم أغلق الباب خلفه، فجحظت عنياها بصدمة ونظرت إلى الباب الذي أغلقه بنفسه للتو بصدمة، ثم عادت بعينيها إليه وصرخت به مشيرةً بسابتها إلى الباب :
-هل جُننت يا مالك....أفتح الباب وأخرج الآن...الأمر لا ينقصك أنتَ الآخر...أخرج يا مالك أنا هنا وحدي وهذا لا يصح!

ثم صمتت منتظرة خروجه بعينين بدأتا في لسعها بحرارة دموعها المكتومة، وقلبها اللعين بدأ في الهتاف أشتياقاً، وهي بالفعل مشتاقة له وبشدة..مشتاقة لرؤية ملامحه الصلبة.....وعيناه...حبيبتاها.. مشتاقة لكلمة حانية منه .....لنظرة كان يخصها بها....مشتاقة ومشتاقة وستظل مشتاقة لكنها تعلم بأن رأب الصدع بينهما بات مستحيلاً، هو من فعل بها هذا وهي لن تسامحه....

لم تشعر بسقوط دمعة واحدة على وجنتها اليمنى إلا حين تأوه بخفوت وأغمض عينيه شاتماً نفسه بقوة...
فشعرت بدمعتها حينها لكنها وللعجب لم تمسحها بل أبقتها كما هي...
محو دمعتها لن يفيدها الآن، فقلبها ينزف الماً...
أقترب مالك منها، فابتعدت على الفور نحو الباب تمسك بمقبضه بقوة، فنظر لها وهتف بتحشرج :
-سامحيني!....أرجوكِ...
أغمضت عينيها بقوة، وعضت على شفتيها المرتجفتين بقوة حتى كادت تدميها، وصمتت فظنها لن ترد عليه...
أنفرجت شفتاه ينوي التحدث، لكنها همست بصوت واهٍ وهي تفتح الباب بقوة :
-أرجوك أنتَ....أخرج واتركني الآن...رؤيتك تذكرني بما حدث!

لعق مالك شفتيه بتردد، ثم هتف بتحشرج وبوجه شاحب :
-لا أعتقد أن الأمر كان صعباً لهذا الدرجة!
ضحكة...ضحكة ساخرة عالية أنطلقت من بين شفتيها، تتشبث بالباب بأظافرها بقوة غريبة، بينما هي مالت على نفسها تدعي عدم القدرة من فرط الضحك لكنها وللحقيقة كانت تضحك ضحكة بنكهة الدموع..ضحكة انتهت بنشيج خافت ناعم.....تابعة هتاف خرج من بين شفتيها مرتعش :
-بل كان صعباً يا مالك...هل سمعت عن عريس يترك عروسه يوم عقد قرانهما حتى دون أن تكلف نفسك عناء أخباري قبل أن يأتي المأذون..ارتديت فستان..وجلست بأنتظارك....أتى المأذون و اصدقائي...حضر رجال الحي...وأنت لم تأتِ....أنتظرتك وأنتظرتك وأنت لم تأتِ....بالتأكيد الأمر يبدو لكَ لا يحتاج لكل هذا لكنه بالنسبة لي شيء أخر....شيء لن تفهمه أنتَ على ما يبدو...

تسمّر مكانه وهو يراها تبكي بنعومة، تنظر إلى الفراغ لا تريد النظر إليه...
ما تشعر به الآن هو القهر....و الألم...لا لا تريد أن تتذكر...أقسمت ألا تضعف أمامه هو خصوصاً....
أقسمت وضاع قسمها هباءاً أمام شعوره بالألم شديد كالنخجر يوكز صدرها بقوة، ودموعها تسقط دمعه تتبعها الأخرى...
أما هو فقد أطرق رأسه.....لا ما رآه الآن لم يكن يريده...
شعورها بالألم والغدر يقتله...وشعوره بالندم يزداد بداخله..
فقط لو تمنحه فرصة أخرى لتمكن من محو كل هذا الألم البادي في عينيها، فقط لو تمنحه!!!
شعر بكفها يقبض على ذراعه بقوة، بينما كفها الأخر يدفع دفعاً تزامناً مع هتافها الحاد بعدما تداركت الموقف و استعادت بعضاً من قوتها :
-أخرج...أخرج من هنا وجودك هنا لا يصح و سيؤذيني...أخرج من فضلك...


امتثل مالك لأمرها وتحرك باتجاه الباب، سيرحل الآن قبل أن تتمادى وتضطر لجرحه بطريقة هو لا يحبها ولا زالت أهانتها تدوي في اذنيه من وقتها...مرّ يوم أثنان أسبوع أسبوعين هو لا يعلم لكنه يتذكر أهانتها القاتلة...

توقف مكانه فجأة قبل أن يخرج من الباب، فوقفت هي الأخرى مرغمة، وعقدت حاجييها بتوجس.....

دفعته مرة أخرى بشيء من القوة لكنه التفت لها فجأة وأمسك بذراعها في لحظة واحدة دون إدراك منها، عيناه تنظران إلى عينيها بقوة....بينما قبضته تزداد قوة على ذراعها تزامناً مع همسه :
-عودي ليّ...لو قبلتِ سأعقد قراني عليكِ اليوم...فقط أقبلي!
لم تهتز عضلة بها، ولم يرف لها جفن، تجمدت ملامحها وفغر فمها، شعر بارتجاف جسدها...فنظر إليها بترجٍ قوي.....
لا يعلم كم ثانية مرة عليهما وهي تقف أمامه جامدة كتمثال من الشمع، إلى أن رأى شفتيها الجميلتين تنفرجا لتهمس برفض قاطع :
-لا...لا يا مالك لن أقبل...

ثم صمتت لبرهة تراقب ملامح وجه الشاحبة وكأن الدماء قد فرت منه، بينما حدقتاه أهتزتا...وأختلج فكه...
يبدو عليه الألم لكنها لن تتأثر أو هكذا تظن، فقد اردفت بصوت خرج مرتعشاً رغماً عنها :
-أبداً يا مالك، أبداً.....

لم يشعر مالك بقبضته التي ازدادت قوة على ذراعها....حتى أنها تأوهت بخفوت، لكنه كان في عالمٍ آخر...

عالم الألم، والندم، والحاجة إليها وأسترجاعها وبشدة..

الخطأ خطأه هو......هو من فعل كل هذا...وهو من أختار هذه اللحظة بالذات لمواجهة أخرى بعدما القت تلك المرأة كلماتها دون أن تشعر بما شعرت به مروج حينها...
هذه المرة المواجهة مؤلمة، أستنزفت قلبه و قوته، مواجهة بنكهة الألم والغدر، مواجهة بالنسبة له لا تقل صعوبة عن السابقة!

لم يشعر أي منهما بأنه شبه يحضتنها...إلى أن صدح صوت معروف لهما من خلفهم بقوة،
فشهقت بفزع ممتزج بالدهشة من موضعها...
-ماذا تفعل هنااااا؟أبتعد عنهااااااا!
======
أنتهى الفصل التاسع.....قراءة سعيدة وممتعة...
في انتظار تعليقتكم....



شمس علاء** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-07-20, 12:49 AM   #153

شمس علاء**

? العضوٌ??? » 448047
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 357
?  نُقآطِيْ » شمس علاء** is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 4 والزوار 6)
‏شمس علاء**, ‏سوووما العسولة, ‏MonaEed, ‏Stella1


شمس علاء** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-07-20, 03:16 AM   #154

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

يالهوى شكل رائف جه ووقعت مالك سودة

مليكة اخيرا بدأت تشوف معاناة سليم وتسمحله بدخوله لحياتها

واضح ان العيلة كلها اتعذبت على ايد سالم ربنا يهده ايه القوة والجبروت اللى بيتعامل معاهم بيه دا

النميمة اللى بتديع الحقوق وتوقع الناس فى بعضها

ومروج مقدرتش تستحمل ان الجيران يخوضو فى عرض انس واختها ودافعت عنها بالرغم من اهانتهم ليها وتذكيرها بترك مالك ليها
مالك رجع دلوقتى عايز يكفر عن ذنبه ويرجعها لحياته من تانى

تسلم ايدك


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 23-07-20, 07:14 PM   #155

MonaEed

? العضوٌ??? » 413356
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 356
?  نُقآطِيْ » MonaEed is on a distinguished road
Rewitysmile14

ياوقعة مربربة رائف دخل البيت
كملت
اختة لجين فى المشفى ومالك ومروج فى البيت

سليم سيدة السواد مليكة اهدتة وطن
ن قيها بسبب لحظة سعيدة بسبب سوديتها وغبائها الفصيلة
ابدعتى شمس
اسفة للتاخير بسبب ظروف حدثت لى


MonaEed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-07-20, 07:40 PM   #156

شمس علاء**

? العضوٌ??? » 448047
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 357
?  نُقآطِيْ » شمس علاء** is on a distinguished road
افتراضي شمس علاء

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زياد محمود مشاهدة المشاركة
يالهوى شكل رائف جه ووقعت مالك سودة

مليكة اخيرا بدأت تشوف معاناة سليم وتسمحله بدخوله لحياتها

واضح ان العيلة كلها اتعذبت على ايد سالم ربنا يهده ايه القوة والجبروت اللى بيتعامل معاهم بيه دا

النميمة اللى بتديع الحقوق وتوقع الناس فى بعضها

ومروج مقدرتش تستحمل ان الجيران يخوضو فى عرض انس واختها ودافعت عنها بالرغم من اهانتهم ليها وتذكيرها بترك مالك ليها
مالك رجع دلوقتى عايز يكفر عن ذنبه ويرجعها لحياته من تانى

تسلم ايدك
فعلا النميمة بتضيع حقوق ناس كتير والخوض في أعراض البنات وحش جدا وللأسف موجودة في الحقيقة ❤تحليلك عجبني جدا جدا يعني❤تسلمي على تقديرك ❤❤


شمس علاء** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-07-20, 07:41 PM   #157

شمس علاء**

? العضوٌ??? » 448047
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 357
?  نُقآطِيْ » شمس علاء** is on a distinguished road
افتراضي شمس علاء

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة monaeed مشاهدة المشاركة
ياوقعة مربربة رائف دخل البيت
كملت
اختة لجين فى المشفى ومالك ومروج فى البيت

سليم سيدة السواد مليكة اهدتة وطن
ن قيها بسبب لحظة سعيدة بسبب سوديتها وغبائها الفصيلة
ابدعتى شمس
اسفة للتاخير بسبب ظروف حدثت لى
هي وقعة مربربة فعلا😅😂حبيبتي ولا يهمك ربنا ييسر لك أمورك❤❤❤تسلمي على التعليق


شمس علاء** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-20, 08:48 PM   #158

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل رائع ملىء بالأحداث المشوقة
ظهرت الكثير من الحقائق فى هذا الفصل
مليكة و سليم علاقتهم أصبحت جيدة اخيرا ...
تسلم ايدك حبيبتي ٠


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-07-20, 11:20 PM   #159

شمس علاء**

? العضوٌ??? » 448047
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 357
?  نُقآطِيْ » شمس علاء** is on a distinguished road
افتراضي

مساء النور❤أولا كل سنة وأنتم طيبين❤❤❤
ثانياً أنا آسفة جدا مش هقدر أنزل الفصل العاشر النهاردة بعتذر عنه ..بعتذر منكم جدا جدا وبإذن الله هعوضكم الأربعاء بعد العيد..❤آسفة مرة ثانية❤💙
عيدكم سعيد❤💙


شمس علاء** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-07-20, 11:25 PM   #160

شمس علاء**

? العضوٌ??? » 448047
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 357
?  نُقآطِيْ » شمس علاء** is on a distinguished road
افتراضي شمس علاء

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الغردينيا مشاهدة المشاركة
فصل رائع ملىء بالأحداث المشوقة
ظهرت الكثير من الحقائق فى هذا الفصل
مليكة و سليم علاقتهم أصبحت جيدة اخيرا ...
تسلم ايدك حبيبتي ٠
تسلمي يا قمر ❤❤تعليق رائع


شمس علاء** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:14 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.