آخر 10 مشاركات
[تحميل] مشكلتي مع كلمة / للكاتبة الفيورا،سعودية (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          كلوب العتمةأم قنديل الليل ؟! (الكاتـب : اسفة - )           »          صمت الحرائر -[حصرياً]قلوب شرقية(118) - للمبدعة::مروة العزاوي*مميزة*كاملة & الرابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          الصحوة ( الجزء الأول من مذكرات مصاص الدماء ) - كامل - (الكاتـب : Dalyia - )           »          715- رحلة غرام -عبير ميوزيك (أصلية) (الكاتـب : Just Faith - )           »          طلب مساعدة (الكاتـب : ام هدى وعدنان - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          أنتَ جحيمي (82) للكاتبة المُبدعة: Just Faith *مميزة & مكتملة رابط معدل* (الكاتـب : Andalus - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree8Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-02-21, 09:07 PM   #391

شمس علاء**

? العضوٌ??? » 448047
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 357
?  نُقآطِيْ » شمس علاء** is on a distinguished road
افتراضي


الفصل هينزل حالا يا قمرات

شمس علاء** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-02-21, 09:08 PM   #392

شمس علاء**

? العضوٌ??? » 448047
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 357
?  نُقآطِيْ » شمس علاء** is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السابع والعشرون
======
العقاب نجاة…
والأمل أحياناً آفة تفسد محصول الصبر..
والابتسامة سيف غادر ينحر القلب بسكينٍ ثلم…
أما الضمير...مرآة النفس..
أحياناً يكون وجوده غير مرحب به وسط دُجنة الليل الذي لا يزول…
والقلب...يبحث عن حبيبه، يجوب الطرقات باحثاً عن رجل كان أمانها يوماً..
فأتت هي وتخلت عن أمانه بسبب غباءها…
فعلتها الفادحة التي نكأت جرحه..
أدمت كرامته..
فكان القرار هو التخلي..
وهي لا تلومه..
صدقاً لا تلومه..
من يستحق اللوم هي..
هي من باعت نفسها دون مقابل..
هي من دفعت نفسها إلى الدرك.
محتجزة به….لا تقوى على الفرار…
أحكم القدر طوقه من حولها…
ومن ثم…
أخرج من جعبته أسوء عقاب عما اقترفته في حق أهلها وحق نفسها وحق الرجل الوحيد الذي أحبها بصدق…

جسدها يُهان بنظرات قذرة..
واذناها تصرخان أعترضاً على كلمات خادشة..
عينان حزينتان أصبحتا لوحة للخوف والترقب..
أنها تموت ببطء، وهذا أسوء عقاب..
لقاءها القاسي مع أمجد قتلها…
ذبح قلبها في غمضة عين..
بكت...صرخت..لامت نفسها…
نعم…
أنه نفس الشعور الذي يكتنفك حين يأخذك سحر البدايات فتنجرف إلى طريق وعر...وأنتَ تدرك قساوة وعورته..
ومن ثم سقطة، وأنفجار الدماء من جسدك..
سقطة عقبها خمود..
سقطة لم تكن سوى كلمة النهاية…
وحين تأتيك فرصة لتسرق فرصة واحدة قبل الاستسلام تسرع نحوها لاهثاً…
ترتشف كل كلمة...كل نظرة..
فالنهاية تقترب، والساتر أوشك على الانسدال..
أما هي في وقفتها على خشبة المسرح تشعر بأرضه تهتز من تحتها…
أما هو فيقف أمامها متماسكاً…
يزين ظهره سكين الغدر الذي قامت بطعنه به…
وها هي سقطت ولم يكن بنيتها الوقوف…
يكفي هذا…
يكفي…

انتفضت جود شاهقة حين اقتحمت تمارا المطبخ هاتفة بحنق :
_جود، لماذا تبكين ؟؟؟

مسحت جود دموعها بظاهر كفها، ثم اغتصبت ابتسامة باهتة على شفتيها لتقول بنبرة متحشرجة :
_لا شيء، أشتقت ليونس وأبي فقط..

وكانت محقة !
فهي فعلا كانت تنوي زيارتهم..
تنوي الاعتذار…
لكن صورتها المدنسة وهي تهرب من بيتها فجر يوم غاب يونس فيه ليصلي الفجر بالمسجد..
وأبيها يصلي بغرفته..
و أميرتهم الصغيرة..
كانت تهرب، تهرب لتذبح عنقهما بسكين العار والخطيئة..
ليتها لم تهرب…
ليتها أدركت أن نظرة يونس لمهاب كانت حقيقية…
لكن هي…
سيطر عليها حماس البدايات..
ونشوى حقيرة دفعتها قسراً لتسقط من سرح أحلامها الشاهق إلى القاع..
قاعٌ كانت تخشى الاصطدام بأرضه فأحترقت بناره !

ضاقت عينا تمارا الذابلتين بعدم تصديق، فهربت جود من نظرتها وهي تداعب حافة كوب القهوة التي باتت تتناوله بشكلٍ مبالغ به، غير مهتمة بالضرر الناجم عما تفعله..
زفرت تمارا بقلة حيلة، ثم أقتربت منها لتطبع قبلة هادئة على وجنة جود، ثم ابتعدت وهي تقول بفتور :
_ سأذهب أنا الآن، زوجي العزيز ينتظرني بالأسفل…

رعشة اشمئزاز عصفت بجسدها، ودموع القهر تتراقص على جفنيها…
فتماسكت، أغمضت عينيها بهدوء شديد وهي تفكر…
تمارا لا تحب زوجها هذا الذي يدعى محمود…
بل لا تطيقه من الأساس..
إذا لماذا ألقت نفسها بجُبٍ عميق ستخرج منه فاقد لروحها ؟؟؟
هي تريد أن تثبت إلى أحدهم بأنها لا تهتم…
لكنها تهتم وتهتم وتهتم !
أنها تهذي باسمه ؟
"رائف"
تحلم به…
وتقول أسمه بعفوية وسط حديثها عن محمود…
محمود القذر الذي يتعمد أن يلمح لها تلميحات قذرة…
يعلم جيداً أن الاعتراض غير مباح بالمرة…
يعلم ويعلم ويعلم..
أنها تخشى أن تتخلى عنها تمارا أن أعترفت لها بما يفعله زوجها الذي عُقد قرانه عليها منذ فترة…
وها هي صديقتها تنتظر حفل الزفاف بفتور…
مرحها توارى خلف غيمة مقيتة..
وعيناها تسافران إليه…
إلى من أحبته فطعن كبريائها…
فتحت جود عينيها بتثاقل، ثم قامت من مكانها ببطء شديد..
تتجه نحو شيء وقعت عيناها عليه فاشتعلتا ببريقٍ مخيف…
مدت كفها لتلتقط من يعاقبها على خطأها…
مقص !
مقص قربته من خصلات شعرها الذي يصل إلى نصف ظهرها، ومن ثم في طرفة عين كانت خصلاتها تسقط إلى الأرض بعد أن حملتها ذرات الهواء بحسرة…
خُصلة…
ثم الثانية..
ومن ثم أصبح شعرها الطويل يتعدى أذنيها بقليل…
دموعها تنهمر على وجنتيها الشاحبتين دون توقف…
وقلبها يحتضر ألماً…
تلهث بعنفٍ غريب بدا كشهقات مستنجد…
وعيناها الحزينتان تحولتا إلى جمرتين مشتعلتين…
اليوم...هو يوم العقاب…
اليوم يوافق ذكرى التخلي…
يوافق سخافة التمني..
نفس اليوم الذي هربت مع حبيبها المُخادع…
نفس اليوم الذي ودعت فيه حياة السكينة..
خلعت ثوبها الشريف لترتدي بدلا منه ثوب العار !
وبالرغم من أنه لم يمسها…
لكن العار كلمة لا تحتاج إلى علاقة محرمة…
العار عار وكفى!!!!

نظرت جود إلى شعرها المتساقط أرضاً نظرة فارغة..
ثم نظرت إلى المقص لثانية..
ومن ثم شهقت شهقة عنيفة وهي تسقط على ركبتيها أرضاً لتقبض على شعرها بقوة صارخة ببكاء مقهور تتخذه وسيلة بعد كل مرة تقص بها شعرها وتنتفض الذكريات لتتراقص أمامها…
صرخة باكية مقهورة عقبها همسها المتحشرج
"هذه المرة ليست لأجل العقاب على تهوري ، بل قربانا لقلبك يا أمجد"
ثم لملمت خصلات شعرها التي كانت تغرق أرض المطبخ، وضعتهم في كيس أسود، ثم قبضت بكفها على المقص بقوة كبيرة فجرحت باطن كفها وتسللت الدماء بخبث لتغرق كفها…
الألم بكفها كان شديداً…
لكنها لم تهتم…
فأي ألم جسدي هذا الذي يقارن بألم الفراق…
ألم الندم…
أي ألم !!!
======
رمشت بعينيها بصعوبة، شاعرة بألمٍ مبرح يعصف بكل عظمة بجسدها..
أما رأسها فقد كانت تشعر بصداع فظيع…
وذاك الطنين المزعج يعاود مداهمتها من حينٍ إلى أخر كلما استسلمت لضعف جسدها وألم رأسها..
أرهفت السمع جيداً كلما ازداد الطنين بأذنها !!
إنه بكاء امرأة !!!
بكاءٌ حارق، متألم…
و...وهناك صوت تأوه مثير للشفقة يعلو من حينٍ إلى آخر، فانقبض قلب صبا التي بدأ إدراكها يعود إليها شيء فشيء…
بدءً من صورها...حتى….هاني!!!!!!
وعندما وصلت أفكارها إلى هذا الخاطر انتفضت من وضعها صارخة بأول أسم نقله لسانها :
-مروان!!!!
ومن ثم شعرت بالصقيع يدب بجسدها فجأة حين أدركت أنها كانت نائمة أرضاً على أرض الغرفة الخشن…
لكنها لم تهتم بألم جسدها أو برعبها، بل جالت بعينيها في أنحاء الغرفة بحثاً عن مصدر صوت بكاء مؤلم..
فوقعت عيناها الحمراوين على جسدٍ ضئيل متكوم في ركنٍ بعيد عنها في الغرفة المخيفة، وحين امعنت النظر في ذاك الجسد وربطت الخيوط ببعضها..أدركت أن تلك المرأة التي تبكي بألم و متكومة بشكلٍ مثير للشفقة هي غادة !!!!!
المسكينة على ما يبدو تلقت معاملة سيئة…
اخفضت صبا نظرها إلى هيئتها فوجدت فستانها كما هو وحجابها كما هو حتى حذائها الرياضي لم يمسه أي شيء..
وما زاد دهشتها أنها ليست مقيدة بالحبال مثل غادة التي كانت تنتحب بشكلٍ أرعش قلبها شفقةً عليها…
لم تستطع أن تمنع نفسها من الاندفاع نحو غادة التي كانت تغمغم بنبرة مرتعشة من وسط شهقاتها :
-قولتُ لكَ يا أبي أنني لا أريد أن أتزوجه، زوجتني له يا أبي ورحلت بعدها...أنه يعذبني يا أبي، تعال وخذني معك يا أببببببي….آآآآآه…

ما تفوهت به ألم صبا بشدة وجعل دموعها تدفق دون توقف، وصوت تأوهها أجفل صبا نفسها وهي تربت على جسد غادة المرتعد هاتفة بجزع :
-غادة...غادة ردي عليّ، ماذا فعل بكِ ذاك ال(...)

لم تستطع غادة أن تنظر إليها بل تابعت بكاءها وهذيانها وهي تضرب رأسها بالأرض بلحنٍ رتيب :
-أنا أكرهه، أكرهه يا أبي، ألا يكفيه قهرتِ وذلي….أنا أكرهه أكرهه وأكره نفسي وأكره جسدي….وأكره كل البشر...كلهم…

أشفقت صبا عليها بشدة وهي تحاول السيطرة على ارتجاف جسدها الهستيري، تحاول التحلي بالعقل والمنطق بدلاً من غبائها المعتاد وانهياراتها الغير مرغوب بها…
فهي في موقفٍ لا تحسد عليه، يكفيها بأنها وبكلِ غباء وضعت مروان في موقفٍ لا يحسد عليه..
من جهة يبحث عن أبنتها...فلذة كبدها…
ومن جهة أخرى خُطِفت زوجته بسبب غبائها…
ازدادت الدموع كثافة على وجنتيها وهي تحارب شعور بالخوف والقهر يجثمان على صدرها..
فاقتربت أكثر من غادة لتحتضن جزعها بذراعيها تحاول أن تعدل جسدها...لكن ما أن ضغطت على ذراعيّ غادة حتى صرخت الأخيرة بألم وهي تهمس بتأوه :
-لا يا صبا، لا تلمسي جسدي لا يوجد به جزء سليم !!

عقدت صبا حاجبيها بشدة وهي تخفض عينيها إلى جسد غادة فهالها ما رأته !!
ملابسها ممزقة بشكلٍ موحش، وذراعيها البيضاوين يزينهما علامات زرقاء تدل على صعوبة ما تعرضت له وكم العنف الذي تعرضت له، فهتفت صبا بصدمة وقد شعرت بقلبها يتلوى ألماً :
-بماذا ضربك الحيوان؟؟؟؟

تأوهت غادة بألمٍ شديد، ثم همست من وسط بكاءها شاعرة بالذل والألم :
-بمعدن حزامه وخرطوم غليظ….

ارتعشت شفتا صبا بشدة وهي تنظر إلى جسد غادة الخامد على أرض الغرفة الباردة…
غادة التي كانت كالجثة الهامدة!!
كمَن تم تحضيره ليتم دفنه !!
قدميها يربطهما حبل سميك بشدة لاحظتها، وكفيها يربطهما حبلاً مماثلاً لكن ما آلمها أنهما مربوطتان خلف ظهرها بشكلٍ مؤلم لمن يراها…
وما زاد من صدمة صبا هو أن نصفها العلوي تقريباً مربوطاً بحبلٍ طويل التف حول جذعها عدة مرات..
ومن ثم تم القاءها على أرض الغرفة لتستقر على ظهرها في وضعٍ غير مريح بالمرة، فقد كانت تنام بالمعنى الحرفي على ذراعيها!
منظرها…
بكاءها الذي يقطع نياط القلب…
ووجها الذي يملأه الكدمات الموحشة…
ونظرة الإنكسار بعينيها…
كانوا كنصل خنجر حاد اخترق قلب صبا فجأة فأدماه..
كان كل منهم يثير خوفها...رعبها ارتعاشها…
يعزز طبيعتها المرتعبة والخائفة دائماً..
يثير مقلتيها للدموع وقد نضب نهر العسل بيهما…
الخوف...والقهر….على نفسها وعلى أبنتها وعلى مروان..
يكادا أن يصيبها بالاختناق!!!
وفجأة…
شعرت صبا بقبضة وهمية تصفعها على وجهها موبخة..
انتبهي، وتصرفي بذكاء امرأة حكيمة..
فأنتِ من أوقعتِ نفسك بهذه المشكلة..
وعليكِ تكبيل خوفك ووحوش القهر بداخلك..
تحلي بالشجاعة لأجل ابنتك..
اقهري الخوف لأجل نفسك…
اجبري نفسك على التصرف بحكمة لأجل...مروان !
فأنتِ تحملين أسمه وأن حدث أي شيءٍ سيتحمله هو..
وأهم من كل هذا...هو أنكِ في أختبارٍ صعب جداً…
أما أن تثبتِ لنفسك أنكِ تغيرتِ بالفعل ..
أو….
ينسدل ساتر النهاية معلناً عن إنتهاء المسرحية….بموت البطلة حية..
و انكسار البطل !!!

اغمضت صبا عينيها لبرهة تلململ شتات نفسها، ثم لم تلبث أن فتحتهما ونظرت إلى غادة التي لا زالت تضرب رأسها بالأرض، فأسرعت صبا تمنعها هاتفة بحزم :
-توقفي يا غادة، أنتِ تؤذين نفسك، توقفي!

ثم أمسكت برأسها ووضعتها على ركبتها، فنظرت غادة لها من وراء غيمة دموعها هامسة بصوتٍ ينضح ألماً :
-أريد أن أذهب إلى أبي يا صبا، بتُ لا أطيق نفسي، أريد أن أموت...خارت قواي ولم يعد لدي أي طاقة لتحمل أي تصرف سادي آخر...تعبت….تعبت…

انهمرت دموع صبا بشدة وهي تشعر بكلمات غادة تنكأ جرحها الصدأ دون رحمة..
وبالرغم من تعجبها بعدم ربطها أو تعذيبها مثل غادة، إلا أنها شكرت ربها بأن إحداهما تعي ما يحدث فتلك المسكينة غادة تكاد تكون جسد بلا روح…
رفعت صبا كفها المرتعش لتمسد على شعر غادة هاتفة بثبات يناقض وحوش رعبها وخوفها :
-غادة، أرجوكِ تماسكي...أرجوكِ!!

لم يأتيها أي رد من غادة التي اسبلت جفنيها بألمٍ شديد ودموعها تغرق وجهها الشاحب، فأرتعبت صبا فقد ظنت أنها…..ماتت…
فاسرعت بفحص نبضها الذي كان ضعيفاً جداً...جداً فشعرت بأنها النهاية…
لم تستطع صبا أن تتحكم في نفسها أكثر من ذلك، فقد انفجرت في بكاء عنيف وهي تكتم فمها بكفيها…
الخوف على جميلة يقتلها…
والندم الشديد على ما أقدمت عليه بكل غباء دون تفكير يخنقها..
"يا لعذابك يا مروان بسببي !!!"
جملة همست بها بألم وخوف وهي تكتم فمها بكف وكفها الآخر كانت تمسد به على شعر غادة بحنان يناقض ارتعاشه!!

في إحدى الغرف الأخرى…

نظر هاني إلى ساعة معصمه بعينين مشتعلتين، ثم نظر إلى مساعده وقال :
-لقد مرّ أربعة وعشرون ساعة على اختفائها بالضبط !، هل وصلت لكم أي معلومات عن مروان ؟؟؟

نظر الرجل له بعينين تبرقان بشرٍ، ثم هتف وهو يقهقه، فاهتزت عضلات جسده الضخم :
-لا...زوجها المغفل كان يظن أن تدخل الشرطة ودعمها له سيساعده….لكن عندي سؤلاً فضولياً…

مط هاني شفتيه بمللٍ وهو يختلس النظرات إلى الغرفة التي قام بحجز صبا وغادة بهما، يتوق لرؤيتها...وبشدة..
زفر هاني نفساً مشتعلاً، ثم نظر إلى مساعده وأومأ برأسه سامحاً له، فقال مساعده بنبرة ساخرة نوعاً :
-لقد أوصتنا بضرورة خطف بنت شقيقك، وأكدت علينا بأننا أن لم نأتِ بها ستقتلنا، هلا أخبرتني بعد أذنك….لِمَ لم تأمن مكان البنت جيداً، فقد وصل مروان لها بالفعل وتمكن من إنقاذها ؟؟

برقت عينا هاني بشيطانية وهو يزم شفتيه بحزنٍ مصطنع، ثم هتف ساخراً :
-لم يكن هدفي من الأساس جميلة، هدفي كان أم جميلة، كما أنني لن استفاد من جميلة أي شيءٍ…فقط أردت أن أختمه بختم هاني توهامي!!....

صمت هاني لبرهة وهو يبتسم ابتسامة سمجة، ثم أضاف بتشفٍ :
-فكر أنتَ...ما هو شعورك حين تُخطف منك طفلة تعتبرها ابنتك في طرفة عين، ومن ثم زوجتك...إهانة كبيرة في حق أي رجل بالتأكيد!

أبتسم مساعده بخبثٍ، ثم غمز بعينيه هاتفاً :
_والآن ماذا سنفعل معهما ؟؟؟؟

برقت عينا هاني ببريقٍ مخيف، ثم استدار وتقدم نحو الغرفة المنشودة وهو يهتف بنبرة شريرة:
_سأدخل لهما وستقوم بتصوير الحدث كي يصل له في بث مباشر كما أخبرناه في رسالة، وبعدها سنلقيهما في الصحراء حيث السكون والصمت القاتل...فليهنأ بهما إذاً لكن ك"جثتين"
يتبع………..



شمس علاء** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-02-21, 09:10 PM   #393

شمس علاء**

? العضوٌ??? » 448047
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 357
?  نُقآطِيْ » شمس علاء** is on a distinguished road
افتراضي

ثم فتح الباب ودلف…
شفتيه تبتسمان ابتسامة مقيته، والبريق بعينيه مخيف قاتل…
انتفضت صبا الجالسة مكانها مجفلة من دخوله المفاجئ…
وكرد فعل بدا عفوياً وجدت نفسها تحيط جسد غادة الواهن بعد أن فشلت في فكه بحمائية شديدة..
فلم يكن منه سوى قهقه بغيضة اصابتها بالنفور…
أما هو…
الشيطان الخبيث يبتسم…
وابتسامته لم تكن سوى نارٍ حارقة…
نارٌ جعلتها ترفع رأسها بتماسك وتهتف بعنفٍ صادق :
_ماذا ترين مني ؟؟؟؟

لم يمنحها أي ردٍ كإجابة…
بل أشار بكفه إلى مساعده..
فرفع الأخير هاتف وصوبه نحوها هي وغادة وهاني المبتسم بتشفٍ
فانعقد حاجباها بتوجسٍ وجل، تحاول فهم ما يحدث..
فأتى التفسير قاتلاً..
شفرة سكين أجتثت قلبها حين هتف هاني بتشفٍ :
_مرحبا مروان، ها هي زوجتك…

بهتت ملامحها وارتعشت شفتاها وقد وصلها ما ينويه…
أنه يريد ذبح كبريائه…
ذبح كرامته…
يريد حرقه بنار حارقة..
نار اشتعلت بداخلها وهي تنظر إلى الهاتف بتشتت وعينين متبلدتين…

أما على الجهة الأخرى…
حيث الزوج الغاضب…
الزوج الذي يجلس كالنساء يشاهد مقطعا مصورا لزوجته وهي في قبضة آخر…
يغطي فكه بقبضته القوية…
عيناه حمراوان بشكلٍ مُخيف…
أما ملامحه...فكانت سوداء…
سوداء حد...الخوف…
يجز على أسنانه بقوة شديدة…
شاعرا بناره الموحشة يزداد لهيبها…
والقهر يمارس سطوته على قلبٍ أرهقه الألم والخوف والقلق…

وقعت عيناه المهتزتان عليها…
جالسة في ركنٍ بعيد تنظر إلى أحقر رجل على وجه الأرض نظرة باردة…
تدعي الصلابة…
لكن هو يعرفها، يعرف من سكنت الفؤاد منذ أبد الدهر..
خائفة…
هي خائفة وهو يشعر بها…
وحين أمعن النظر في الجسد المستكين بين ذراعيها اتسعت عيناه بصدمة وألم…
أنها غادة !
غادة المسكينة التي لم ترَ في حياتها سوى الذل…
جسدها مستكين بسلام لا يتناسب مع الطريقة السادية التي تم ربطها بها…
زمجرة غاضبة خرجت منه وهو يضرب ساق الطاولة أمامه بعنفٍ، فتراجعت واصطدمت بقدم الضابط الذي كان يتابع ما يحدث بصبر…
مقدرا ما يمر به…
لكن تدخله كان ضرورياً، فهتف بحزم :
_اهدأ يا مروان لو سمحت…

هل يمزح؟؟؟
هل يمزح معه أم ماذا ؟؟؟
عن أي هدوء يتحدث ؟؟؟
زوجته مخطوفة…يراها من خلف شاشة جامدة تواجه ثعلب ماكر.
فكيف يهدأ…
الهدوء في هذه اللحظة درب من الخيال…

أقترب هاني من صبا الجالسة أرضاً ببطء، ثم جثا على عقبيه أمامها ومد كفه ليلمس وجنتها هاتفاً بصوتٍ عالٍ :
_لماذا أنتِ هادئة يا صبا ؟؟؟، تكلمي، ابكي، اصرخي كي يسمعك زوجك ؟؟

زمجرة متوحشة خرجت من أثنين…
خرجت من صبا التي أبعدت وجهها بعنفٍ، وأخرى خرجت من بين شفتي مروان عقبها سبة بذيئة…
أما هاني فقد اتسعت ابتسامته وهتف بتسلٍ :
_شرس…
_وأنتَ(....)
هتفت بها صبا بشراسة وهي تخدش وجهه بأظافرها كقطة شرسة، فقبض هاني على رسغها بقوة آلمتها، ثم هوى بكفه الآخر على وجهها بصفعة تردد صداها في أنحاء الغرفة كلها…
لكن هو...شعر بالصفعة تهبط على قلبه النازف…
تعتصر روحه وتخنق أنفاسه..
تزكي نيران لا تهدأ ولا تخمد..
فانفلتت من بين شفتيه كلمة صرخ بها بألم رجل وما أقسى من ألم الرجال :
_لااااااااااا….

أما هي…
هي من صُفِعت للتو، لم يهتز بها عضلة واحدة…
بل نظرت إلى عمق عينيه متجاهلة أن مروان يشاهد كل هذا...فالنهاية آتية لا محالة :
_لا أعتقد أنك أتيت بي إلى هنا كي تصفعني ؟؟؟، أهي عادة أم رغبة في ضربي ؟، ماذا تريد يا هاني ؟….

ارتفع حاجب هاني بإعجاب، ثم غمز بعينيه وهو يجيبها بوقاحة :
_لا أنكر أنني أريدك...وكلمة أريدك وحدها تكفي، لكن حقيقة هدفي الأول هو كرامة زوجك المصون لذا….

وبعد ال"لذا" كان الأصعب على مروان…
مروان بوجهٍ خاص…
حين أقترب الثعلب من شفتي الضحية ينوي اقتناصهما…
وقد حدث فعلا…
حدث ومست شفتاه شفتيها…
فشعر مروان بأنه على وشك الموت…
انفاسه حُبِست وعيناه خرجت من محجريهما….
ومن ثم صرخة قهر انفلتت من بين شفتيه…
صرخة إثر حريق أشتعل بصدره وأطاح بقلبه…
صرخة قهر رجل أُهينت كرامته…
قهر الرجال كالجحيم..
وهو يحترق في جحيمه…
والتمعت الدموع بعينيه…
من فرط الغضب...الألم والقهر…
ومن ثم…
صرخة..صرخة رجل آخر…
صرخة متألمة وسبة خادشة أنطلقت من بين شفتي هاني النازفتين !
عضته !
حين لامست شفتاه شفاتيها شعرت صبا بالإهانة والقهر يخنقان روحها…
وما زاد تقززها ورفضها وقهرها أن حبيب القلب يرى ما يحدث..
مقهور..مكسور وهي تعلم…
قهرها أمام قهره دفعها لتنتقم…
احتقرت شفتيه بين اسنانها تضغط عليهما بقوة وقهر وذل وهو يئن بألمٍ…
مذاق دمائه بفمها أمتعها…
فتشبثت بشفتيه أكثر تضغط وتضغط وتضغط حتى أن مساعده لم ينجح في أبعادها…
مذاق دمه المدنس مغرٍ…
هي تنتقم الآن بطريقة سهلة..
تنتقم لنفسها ولزوجها وحبيبها الذي كان يراقب رد فعلها العنيف…
لهث بعنفٍ من فرط الانفعال والقهر والغضب الأهوج…
حررت شفتيه بابتسامة متلذذة متشفيه…
تراقب الدماء على شفتيه وتسمح دمائه من فمها بتقزز…
تألم هاني بصوتٍ مسموع وهو يكمم فمه الدامي بينما سيل من الشتائم الخادشة للحياء صرخ بها بتألم وحشي..
اتسعت ابتسامة صبا المتشفية ابتسامة أدهشت مروان الذي كان يتحرك في الغرفة كأسد حبيس…
هتفت صبا بتشفٍ وهي تسمح شفتيها بعنفٍ :
_ها قد ثأرت لنفسي في نفس ذات اللحظة...وأن أقتربت مرة أخرى ستكون الضاربة الثانية لن تتحمل ألمها…

نبرتها القوية كانت مجرد قشرة..
قشرة تخفي تحتها نهر من الدموع..
وخوف هائل..
رعب قاتل…
وألم شعرت به برأسها حين ضربها هاني بعصا غليظة على رأسها فامتزجت صرختان يفصل بينهما أميال وأميال…
صرخة صبا المتألمة عقبها إغماءه ودماء ظهرت من حجابها الفاتح…
وصرخة أخرى...قوية..
متألمة…
صرخة ممتزجة بدمعة ساخنة أحرقت وجنته….
صرخة مروان التي شقت سكون الليل
"سأقتلللللللللللللك"
ومن ثم أنقطع البث فجأة فتوقف نبض قلبه…
صورتها الأخيرة تتراءى أمام عينيه الدامعتين…
يتصور اسوء التوقعات عن خطوة هاني القادمة…

هتاف جاد جاء من خلفه…
ضابط آخر غير الذي كان بالغرفة يهتف بجدية شديدة :
_لقد تم تحديد مكان الهاتف وشريحة صبا ومروان في مكانٍ واحد !
======
يتبع……..






شمس علاء** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-02-21, 09:12 PM   #394

شمس علاء**

? العضوٌ??? » 448047
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 357
?  نُقآطِيْ » شمس علاء** is on a distinguished road
افتراضي

تلك الابتسامة التي تزين وجهها كلما رأته أمامها غريبة!!
راحة غريبة تسيطر عليها كلما تحدثت معه..
كلما سألها عن حالها..
كلما وبخها..
كلما عنفها على عصبيتها المبالغ فيها..
حتى عصبيته كلما تمردت على شيء ما تشعرها بالتسلٍ..

زمت شفتيها بقوة حتى تمنع نفسها عن الابتسام بوهن وهي تقف امامه كتلميذة مهذبة..
فنظر لها نظرة غاضبة، ثم صاح بوجهها موبخاً :
_أنتِ مُصرة مِس مروج على التصرف بتهور!!!

عضت شفتيها بتوتر سيطر عليها حين أدركت أنه غاضب بالفعل، فازدردت ريقها، ثم رفعت ذقنها بثبات مصطنع لتهتف :
_أعترف أني أخطأت مستر إياد، كان يجب عليّ أن أتصرف بتعقل !
زفر إياد بغيظ وهو يهز ساقه بعصبية، يحدجها بنظرات كانت ترعبها، لكنها تمسكت بقشرة الصلابة التي تتخذها كدرعٍ واقٍ، لكن إياد فلم يعد يتحمل دور مدير المدرسة الصارم، فقد كان يشتعل غضباً، فضرب سطح المكتب بقوة فانتفضت مروج مكانها وهي تنظر إليه بذهول من أنفعاله، أما هو فقد انفرجت شفتاه ليهتف بغضبٍ :
_لقد حذرتك من والد أمير بالذات يا مروج وأخبرتك بأنه رجل عصبي لا يطيق حتى نفسه...لكن أنتِ برأسك اليابس هذا عاندتِ معي وكسرتِ كلمتي كما أريد أن أكسر رأسك اليابس هذا، هل أنتِ طفلة بالله عليكِ لتفعلي ما فعلتِه، جعلتِ من لا يسوى يتعدى عليكِ بكل قلة أدب بسبب عنادك…

احتقن وجه مروج بحرج من تعنيفه لها، فأطرقت برأسها بخجلٍ وهي تشبك اصابعها خلف ظهرها فبدت كطفلة تتلقى من والدها تعنيف شديد عما فعلته…
هي تعترف أن تصرفها كان متهوراً نوعا مع علمها بأن والد أمير رجل عصبي وبشدة…
لكن في لحظة غضب وقليل من فقدان السيطرة على النفس تهورت حتى وصل الشجار إلى تعدي بعد أن قبض والد أمير على ذراعها بقوة وصار يصرخ بطريقة ارعبتها…

قبل نصف ساعة…
كانت مروج تشرح إلى إحدى الأطفال في كتابه بأسلوبٍ سلس وهي تداعب خصلات شعره، ثم ختمت شرحها البسيط قائلة بابتسامة حنونة :
_رائع جداً، لقد فهمت ما أشرحه لكَ بسهولة..

ابتسم الطفل بسعادة وهو يصفق بكفيه بطفولية وقال :
_شكرا جدا…

ثم أبتعد عنها وهو ينظر إلي كتابه شاعرا بفخر طفولي..
أما مروج فقد كانت تشعر بتعب غريب وهي تسند رأسها إلى كفها تفكر…
لقد مر على عملها هنا شهر تقريباً..
فأصبح يومها مشغولا دائماً…
بين دراستها وامتحاناتها التي توشك على البدء…
وبين عملها هنا في المدرسة..
تشعر بأنها باتت مسؤولة عن اشياء كثيرة فجأة..
وما يزيد الضغط عليها هو تغير أمجد وتقوقعه على نفسه فجأة..
تعلم أن الانتكاسة التي تعرض لها سببها شيء ليس بالسهل…
تنهدت مروج بتعب، ثم لم تلبث أن عقدت حاجبيها باستغراب حين سمعت صوت طرق على باب الغرفة، فنظرت إلى ساعة معصمها لتجد موعد إنتهاء اليوم الدراسي لم يأتِ بعد، فدفعت نظارتها الطبية بسبابتها بعد أن أجبرها أمجد على ارتدائها…
فتحت الباب بحزمٍ، فأطل عليها رجل طويل يمتلك عضلات مبالغ بها، فرمشت بعينيها بعدم فهم لسبب وجوده في القسم المنفصل الخاص بالروضة، فهتفت بتهذيب مستفسرة :
_هل هناك شيء ؟؟؟، ماذا تريد ؟؟

نظر لها الرجل بعدم رضا عن أسلوبها البارد، فأبعد نظارته الشمسية بحركة مختالة، ثم نظر لها باستخفاف وهتف بتهكم :
_طريقتك مُهذبة جدا يا آنسة….

اشتعلت عينا مروج واعتدلت في وقفتها بتحفز، فأضاف الرجل بلهجة لم تعجبها :
_أريد أمير، أنا والده..

رفعت مروج شفتيها بامتعاض وقد تذكرت تحذير إياد بشأن هذا الرجل، لذا فلم تجد بدا من التعامل بتهذيب كي لا تخالف أوامر إياد :
_لم يأتِ موعد رحيله بعد سيادتك، لكن إن رغبت بأن تأخذه فلتأخذ الإذن من مستر إياد أولاً…

لوى الرجل عنقه، ثم هتف بلهجة مهينة جعلت بركان الغضب بداخلها ينفجر :
_أنا لا آخذ الإذن من أحد يا...أنتِ، أريد أمير حالاً…
صرخ بجملته الأخيرة بوجهها، فانفلتت اعصابها وتغلبت عليهاطبيعتها العصبية، فصاحت بوجهه وهي تلوح بكفها :
_هذه مسؤولية يا أستاذ، طلبت منك أن تأخذ الإذن من مستر إياد أولاً، لا أعرف لماذا تتصرف بقلة ذوق؟؟

امتقع وجه الرجل وجحظت عيناه بشدة، فازدردت مروج ريقها بتوتر شديد من هيئته، ثم لم تلبث أن شهقت شهقة أشبه بصرخة متألمه حين قبض الرجل على ذراعها بقوة صارخاً بنبرة جعلت الرعب يدب بأوردتها :
_أنتِ قليلة أدب...وغير محترمة…

شحب وجه مروج بشدة ودمعت عيناها بحرج حين خرج جميع زملائها مصدومين مما يحدث..
حتى أن بعض زميلاتها شهقن صدمة حين وقعت أعينهم على والد أمير وهو يقبض على ذراع مروج بشدة وكانت الأخيرة شاحبة الوجه دامعة العينين تشعر بالاهانة…

جز والد أمير على اسنانه، ثم هدر بوجهها الشاحب :
_قلتُ لكِ أريد أمير...لكن أنتِ من مثلت عليّ دور المعلمة الحازمة….ها أنتِ جعلتِني اهينك أمام طلابك و زملائك…

تدخلت زميلة لها تقول بغضبٍ صادق بعد أن شعرت بخوف مروج من هيئة والد أمير :
_هذا لا يصح سيدي….أبعد يديك عنها….

نظر والد أمير إليها بطرف عينيه، ثم أعاد نظره إلى مروج التي كانت تعافر كي تخلص ذراعها من قبضته الحديدية، ثم لم تلبث أن صرخت بوجهه باكية :
_أبعد يدك عني…

وأثناء صراخها كانت قد ركضت زميلتها نحو بهو المدرسة الرئيسي وهي تعض على شفتيها بخوف حقيقي..
وحين وصلت إلى بهو المدرسة أبصرت إياد الذي كان يتحدث مع مجموعة من الطلاب، فركضت نحوه مهرولة تكاد تقع…
وما أن وصلت إليه هتفت برعب :
_مستر إياد، والد أمير يتشاجر مع مروج وتعدى عليها…

انتفض جسد إياد وبرقت عيناه بشكلٍ مخيف، ثم صرخ وقد اشتعلت مراجل الغضب بداخله :
_ماااااااذا؟؟؟؟، تعدى عليها…

لم تكد ترد المعلمة حتى وجدته يركض نحو الواجهة الخلفية للمدرسة حيث الجزء المخصص للروضة، وفي خلال دقيقة كان قد وصل إياد إليهم فالتقطت أذناه صراخ مروج الباكي :
_أبتعد عني قلت…

وفي لحظة تراجع العقل واشتعل الغضب بصدره...غضب ممتزج بغيرة حارقة وهو يرى قبضة ذلك الرجل يقبض على ذراعها بقوة..

فاندفع نحوه هادرا بصوت مخيف :
_ابعد يدك عنها…

أنصدم والد أمير من رد فعل إياد الذي أقترب منه بوجهٍ محتقن غضباً، وفي لحظة خاطفة كان إياد يقبض على ذراع الرجل بقوة حتى أن عينا الرجل قد برقتا وأحتقن وجهه بألم…
فحرر ذراع مروج التي كانت بكي دون شعور وهي تنظر إلى ظهر إياد الذي كان يخفيها كلياً…
وبالرغم من خوفها وشعورها بالتوتر مما حدث إلى أن وجود إياد ربت على قلبها المذعور مما تعرضت له...وبث بأوردتها الطمأنينة…
ابتعد الرجل عن مروج بدفعة من إياد الذي هدر بوجهه معنفاً :
_هل فقدت عقلك يا أبا أمير؟؟، كيف تتعدى عليها ؟؟؟؟

حاول والد أمير أن يرد عليه رد يحفظ به ماء وجهه فقد كان في موقفٍ لا حسد عليه، لكن تدخل مروج _بعد أن مسحت دموعها بكبرياء_ أخرسه :
_لم أفعل له ش…

بُتِرت عبارتها حين استدار إياد إليها ليحدجها بنظرة اخرستها، نظرة أخبرتها بغضبه وبما لم يستطع قوله..
عيناه صرختا بوجهها لتخرس…
فأطاعت أمر عيناه وأطرقت برأسها بصمتٍ…
عاد إياد بنظره نحو والد أمير الذي كان يشعر بالحرج والندم الذي صار يتسلل إليه عنوة…

جز إياد على أسنانه بقوة يحاول كظم غضبه الأهوج والتحلي بشخصية المدير الحازم..فهتف بصوت مخيف بينما باقي المعلمات قد شرعوا في إدخال الأطفال المرتعبون من الموقف والصراخ :
_هل تعلم فداحة ما فعلته ؟؟؟، لقد تعديت على امرأة...على موظفة….

احتقن وجه الرجل بحرجٍ وقد أدرك فعلا فداحة ما فعله، لكن غضبه أعماه، ولم يدرك بأنه أوقع نفسه في خطأ لا يغتفر…

ازدرد الأخير ريقه بتوتر، ثم أنفرجت شفتاه يعمّ بالتبرير، لكن إياد تركه فجأة، ثم التفت إلى المعلمات هادراً بحزم :
_فليذهب كلن منكن إلى عمله…

لهجته كانت قاطعة، لا تقبل أي نقاش فاسرعن في إطاعة أمره بالرغم من فضولهم الشديد لمعرفة ماذا سيحدث..

أما مروج فقد كانت تشعر بالخوف والحيرة والقلق ينهشان في صدرها، وما كان يؤلمها هو شعورها بأنها أُهينت، وحين صرخ بهم إياد ليعودوا إلى عملهم ترددت...لم تعلم هل أمره هذا يخصها أم لا...

ولم تكد أن تلتفت لترحل حتى أتاها هتاف إياد الصارم ؛
_إلى مكتبي مس مروج !

أرتجف قلبها بطريقة غريبة، وشعرت بالدموع تلسع جفنيها وهي تنظر إليه نظرة حزينة...مضطربة، حتى أنه قد شعر بألم شديد يغزو قلبه حين شعر بخوفها ورأى دموعها تدابع جفنيها، لكنه تحكم بنفسه وأعاد ما قاله مرة أخرى :
_إلى مكتبي يا مس مروج بعد اذنك !!

أسرعت مروج بالتحرك نحو مكتبه وهي تمسح دموعها بظاهر كفها بعد أن أبعدت نظراتها الرخيصة عن عينيها الحمراوين...تهرول في الرواق الواسع، شاعرة بشيء غريب يكتنفها…
ربما خوف….أو قلق…
أو شيء ثالث لا تعرف كنهه…

سحب إياد نفساً عميقاً عله يهدأ الحريق المشتعل بداخله...عله يجثم على بركانه المتفاقم ليمنع إنفجاره..
ومن ثم نظر إلى الرجل الذي كان يجز على اسنانه غضبا وغيظاً من نفسه..

هتف إياد بنبرة حادة :
_سيد ممدوح لقد تخطيت حدودك، وما فعلته لن يمر على خير….من فضلك خذ أمير وابعثه مع السائق الخاص بك، ثم ألحق بي بمكتبي لنناقش ما حدث…

ثم حدجه بنظرة جمدت الدم بأوردت ممدوح الذي أشاح بوجهه بحنقٍ وعض على شفتيه السفلى بتوتر، بينما استدار إياد مبتعدا بعد أن أمر إحدى المعلمات بأن تقف بدلاً من مروج، واتجه نحو مكتبه….

عادت مروج إلى أرض الواقع حين هدر إياد بوجهها بنبرة ارعبتها :
_أنا تعبت منكِ ومن عنادك، إلى متى ستتصرفين كطفلة متهورة ؟؟؟، وبمناسبة التهور…

قطع جملته بعمد وهو يستقيم واقفاً، ثم دار حول مكتبه ليقف أمامها مباشرة، فشعرت مروج بالارتباك من قربه والترقب إنتظاراً، لكن ما فعله إياد بعد وقوفه ادهشها…
فقد أقترب بوجهه منها في حركة مباغتة، فارتد وجهها إلى الخلف وطالعته بعينين متسعتين صدمة، أما هو فلم يجفل بل نظر بعينيه الغاضبتين إلى عمق عينيها هاتفاً بغيظ وغضب :
_لماذا لم تصفعيه على وجهه حين تطاول عليكِ؟؟؟، ألم تتصرفي بتهور وتطاولتِ عليه بلسانك ؟؟؟، لماذا لم تستخدمي تهورك في موضعه الصحيح؟؟؟،لماذا سمحتِ له بلمس ذراعك ؟؟؟؟

كلامه أربكها، غضبه المتوهج بمقلتيه ألجم لسانها، سؤاله الأخير أصاب قلبها برعشة غريبة، أما عيناها فقد اهتزتا وارتعشت شفتاها، فاشاحات بوجهها عن وجهه الغاضب، ثم هتفت بحشرجة باكية :
_تفاجأت برد فعله كما أن خطأي ليس بهذه البشاعة يا إياد، لم أقل له سوى أنه قليل الذوق...كما أن طريقته معي كانت مُهينة، لقد شُلت أطرافي وتوقف عقلي عن العمل حين قبض على ذراعي...بغض النظر عن أي شيء..

صمتت تلهث بشدة وهي تمسح أنفها الأحمر بمنديل جراء أصابتها بنزلة برد ليلة أمس، ثم ازدردت ريقها وأضافت بنفس النبرة التي آلمت قلب إياد الذي كان يطالعها عابساً :
_أنا آسفة، وسأعتذر له !

استعر لهيب الغضب بعيني إياد الذي لم يتراجع عن وقفته القريبة منها، خنوعها أغضبه…
لم يعجبه نبرة الأنكسار بصوته..
حتى عرضها الثمين بأن تعتذر لممدوح كان رافضاً له وبشدة، لذا فهتافه الصارم رداً على جملتها كان ضرورياً :
_لن تعتذري إلى أحد يا مروج، حين يآتي الأستاذ زفت...أقصد ممدوح لن تتحدثي أبداً..

صمت قليلاً وهو يراقب سقوط دموعها دون توقف عابساً، ثم أضاف بصرامة:
_أريني إياه !

لم تفهم ماذا يقصد، فرفعت عينيها له باستفسار، فراقب إياد أحمرار وجهها عابساً، حاجباه منعقدان، وشفتاه مضمومتان بشدة يحاول كظم سيل الشتائم الموجهة لذلك المتعجرف الذي يدعى ممدوح…
حين لم يوضح إياد ماذا يقصد، سألته مروج بتوجس :
_ماذا تقصد ؟؟

عض إياد باطن خده بقوة يمنع نفسه عن أفعال غير جيدة بالمرة، وبدلا من تنفيذ ما يفكر به، رد على سؤالها موضحاً دون أن يرف له جفن :
_ذراعك، أريني إياه !
يتبع………




شمس علاء** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-02-21, 09:15 PM   #395

شمس علاء**

? العضوٌ??? » 448047
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 357
?  نُقآطِيْ » شمس علاء** is on a distinguished road
افتراضي

اتسعت عيناها العسليتان مبهوتةً، وأرتفع حاجبها بشدة حتى كاد أن يصافح مقدمة رأسها، ثم لم تلبث أن هتفت برفض مرتبكة وقد أحمرت وجنتاها :
_لا، لا يصح مستر إياد، فأنا…
_قلت أريد أن أرى ذراعك مس مروج، فأنتِ كنتِ ترفعين كميّ سترتك حتى منتصف ذراعك حين كنتِ في الفصل وقد لمحت بالفعل أثر كدمة برسغك، وها قد أنزلتِ كميّ السترة حتى لا يلاحظ احد..أريني إياه..

كانت نبرته حادة، لا تقبل النقاش، إلا أن خجلها منعها، أو ربما حرجها من الكدمة الزرقاء التي كانت تزين رسغها…
أطرقت برأسها أرضاً، فطالعها من علو بسترتها الجينز التي كانت بلون كحلي باهت، وفستان لم يتعدَ ركبتيها باللون النبيذي تحته بنطال من نفس لون السترة، شعرها جمعته بمشبك للأعلى فتدلت أطرافه البنية على الجانبين…

أنها تبدو كطفلة، وهو يبدو كمن أخرجه قسراً من أحد القصص الخيالية بملابسه الغريبة، فقد كان يرتدي بنطالاً ضيقاً من اللون الجملي وفوقه قميص أسود ملتصق بعضلاته، وللصدفة البحتة كان يرتدي نظارة طبية هو الأخر، لكن الفارق بالتأكيد شاسع..
فنظارته بإطارها الأسود اللامع باهظة الثمن، بينما خاصتها فقد كان ثمنها رخيص جداً….لكنها لم تكن مستاءة…
حرجا من شرودهما عنوة حين تعالى صوت طرق قوي نوعاً على باب غرفة المكتب، فعاد إياد إلى مكانه بهدوء شديد أثار دهشتها، ثم أرتفع صوته ليسمح للطارق بالدخول…

اعتدلت مروج في وقفتها بعد أن مسحت وجهها ووقفت بشموخ كاذب..

دخل ممدوح إلى الغرفة بملامح هادئة نوعاً، وتقدم نحوهما متحاشياً النظر إلى مروج التي كانت تشتعل غضباً وغيظاً منه..

جلس ممدوح على إحدى الكرسين الموجودين أمام مكتب إياد الذي كان يرمقه بنظرات لو كانت تقتل لقتلته، فلاحظ ممدوح أن غضبه مختلف، لكنه لم يهتم، فاعتدل في جلسته، ثم قال بوجهٍ عابس دون أن ينظر إلى مروج :
_أنا آسف آنسة مروج !

ارتفع حاجب مروج وتدلى فكها مشدوهة من اعتذاره…
هل يتحول هذا الرجل أم ماذا ؟؟؟
أما إياد لم يبدُ عليه أنه تفاجأ بل أن أرتفعت شفتاه العليا بشبه ابتسامة ساخرة، أما ممدوح فقد أطرق برأسه أرضاً ثم أضاف موضحاً :
_أنا لم أقصد أي إهانة يا آنسة، لكن سيادتك أثرتِ عصبيتي المبالغ بها، أنا أعتذر لكِ مرة أخرى على تطاولي عليكِ لقد فقدت أعصابي !

كان يتحدث بحرج شديد بالرغم من عبوس ملامحه فهو كان في موقف لا يحسد عليه، وبالرغم من غضب مروج ومن شعورها بأنها تعرضت إلى إهانة شديدة إلا أنها لم تجد رداً مناسباً سوى ما قالته...وقبل أن تنفرج شفتاها كانت قد اختلست نظرة سريعة إلى إياد الذي بدا لها أنه ينتظر ردها :
_لا بأس سيدي فأحياناً الغضب يعمينا ويجعل منا متهورين، لكن سيدي لا تجعل غضبك يفقدك أحترامك لنفسك، فأنتَ بالفعل تعديت على امرأة...حاول أن تتحكم في غضبك…

ردها أعجب إياد، فقد أحرجته بكلِ أدب وهذا ما أعجبه، أما ممدوح فقد شعر بالدماء تُسحب من وجهه، ولسعت كلماتها رأسه كالنحل..
فازدرد ريقه بحرج، ثم نظر إلى إياد الجالس على مقعده صامتاً، فغمغم ممدوح بصوت مهتز :
_أستاذ إياد، أنا أعتذر لك على ما بدر مني، أنتَ تعلم أنني شديد الغضب وسريع الأنفعال..
_لا يوجد لدي أي رد، فمس مروج قالت ما كنت أنوي أن أقوله…وبعد أذن سيادتك حين تأتي إلى هنا توجه إلى مكتبي مباشرة…

أومأ ممدوح برأسه بحرج، ثم انتصب واقفاً وتقدم نحو باب الغرفة ليخرج..

وحين أغلق باب الغرفة خلفه بهدوء، استدارت مروج على عقبيها بسرعة بعد أن أدركت بأن وقت خروجها قد فات كما أن أمجد لن يأتي اليوم ليعيدها إلى البيت كما يفعل كل يومٍ منذ أن عملت هنا خوفاً عليها من طول المسافة وهدوء المنطقة المحيطة بالمدرسة…

أسرعت من خطاها تنوي أخذ حقيبتها
..ومن ثم نزلت إلى الدور الأرضي لتخرج إلى الشارع الرئيسي تفكر هل تستقل سيارة جماعية أم سيارة أجرة وحدها "تاكسي"..
رجحت الأولى ورفضت الثانية نظراً لمصروفها وأنها تريد أن توفر منه الكثير كي تصرف على نفسها..
زمت شفتيها وهي تقف على الرصيف تفكر…
فلم تشهر بوقوف إياد خلفها، فتأملها الأخير ملياً، ثم هتف على حين غرة منها فشهقت مفزوعة:
_بالتأكيد لن تعودي وحدك…

استدارت مروج خلفها بلهفة لم تدركها، فهي في الأونة الأخيرة باتت تتلهف لرؤيته وتبتسم تلقائيا كلما ذكر أمجد سيرته أمامها..

هتفت مروج بدهشة ترد على جملته :
_سأستقل سيارة جماعية، لماذا أتيت خلفي ؟؟؟

نظر إياد إليها ببردو عاد يعتري ملامحه مرة أخرى وكأنه يريد أن يداري أنفعاله وغضبه جراء ما حدث..
رد إياد ببساطة :
_أتيت لأقول لكِ بأنني سأقلك حتى قبل الحي الذي تسكنين به بشارعين حتى لا يراكِ أحد ويبدأ في إطلاق الشائعات، ولا تقولي لا فبالتأكيد لن أتركك تعودين وحدك !

بالرغم من فرحتها بخوفه عليها حتى لو كان يتصنع البرود، إلا أنها رفعت ذقنها وقالت برفضٍ قاطع أثار دهشته :
_عذراً، لن أقبل بعرضك مستر إياد فالمسافة بعيدة جدا جدا...كما أنني لا أريد أن أجذب الأنتباه لنا يكفي ما حدث…

لم يفهم إياد ماذا تقصد بجملتها الأخيرة، لكنه تغاضى عن هذه النقطة أو الأصح خشى أن يكون توقعه صحيح، فهتف بجدية :
_مروج لا تعاندي معي، لقد أتصلت بأمجد وأخبرته بأنني سأقوم بتوصيلك إلى مكان قريب جدا من الحي وهو وافق لأن المسافة كبيرة جدا يا مروج ووجودك في سيارة جماعية وحدك شيء غير محبذ…

لا تعلم لماذا أصرت على رفضها، ولا تعلم أيضاً لماذا تشعر بالسعادة كلما شعرت بأنه يخاف عليها بالفعل، تشعر بأنها حمقاء بلهاء تتصرف كالمراهقات…
أما هو فقد كان ينتظر إجابتها، يضع كفيه في جيبي بنطاله، وخصلات شعره الشقراء تداعب جبينه إطار نظارته، فبدا آسراً..
تعليق أحمق مثلها قالته بسرها وهي تختلس نظرة سريعة له…
ثم لم تلبث أن عادت خطوتين إلى الخلف وهي تقول بحزم أغاظه :
_آسفة، أنا لا أوافق…

ثم استدارت وابتعدت وهي تسير بتمايل دون قصد وهو يعلم، لكن مشيتها تلك زادت من غيظه أكثر فشد خصلات شعره بقوة وهتف بحنق صبياني :
_لماذا تسير بهذه الطريقة؟؟؟، ما هذه الميوعة، أكره الدلال والميوعة أن كانت هذه صفات تظهر لشخصٍ غيري..

قالها وهو يقترب من سيارت ينوي الرحيل، لكن قلبه الذي انقبض فجأة كان له رأياً آخر..
فزم شفتيه بحنق وأغلق باب السيارة مرة أخرى بعنف...تباً لقلبه وخوفه….

صعدت مروج بحذر فساقها لم تشفَ حتى هذه اللحظة بشكلٍ تام، ثم جلست على الأريكة فكان حظها أنها جلست بجوار النافذة، فأسندت رأسها إلى الزجاج وأغمضت عينيها وهي تحتضن حقيبتها وكتبها بقوة…
أنها في حالٍ متقلب منذ أسبوع…
تحاصرها الأقاويل القذرة بأنها على علاقة بشاب غني…
كلمات تُقال بظهرها فتخترقه وتحرق أذناها حرقاً…
لقد حدث ما ظنته…
بدأت الأشاعات تتكرر وتتزايد واللسان لا يرحم..
دوما كانت تقول أن اللسان هو مصدر السموم التي يملكها البشر..
كذبة...إهانة...سبة...تفشي الفتنة بين البشر...النهش في عرض الفتيات…
نشر الأكاذيب دون تأكد..
وها هي قد بدأت تسوء سمعتها بين أهل الحي، ونظرات الأحترام التي كان يشيعها بها شباب الحي، تبدل بعضها إلى الامتعاض والاحتقار…
لو كان رائف موجودا، لكانت في خبر كان الآن..
فهي تعرف طبعه الحار، وعصبيته المبالغ بها…
بعكس أمجد الذي لم يبالي بما يقوله حتى أنه قال لها بأنه يثق بإياد ثقة عمياء ويثق بها أيضاً..
وبغض النظر عن الثقة، فأمجد لا يلتفت إلى ما يُقال من خلف ظهره حتى لا يحتدم الأمر..
فهو كشاب أتى لهما ومعه ثلاث أطفال بمختلف الأعمار، يعتبر مختلفاً عنهم، ليس من أهل حيهم….
أما بخصوص إياد فهي لا تعلم حقاً، هل تحركت مشاعرها تجاهه أم لا…
تأوهت بألم وهي تشعر بألمٍ حارق في قدمها، ثم تبعه نفس الألم مكان الكدمة في ذراعها، وقبل أن تقرر أن تفرد ساقيها، شعرت بجسد شخص ما يحتل الكرسي المجاور لها بالأريكة، فزمت شفتيها بقوة وهمست وهي تحدث نفسها
"ها قد أتى أحد ليجلس بجواري، للأسف لن أستطيع أن أفرد ساقي…"
صدر منها تأوهاً خافتاً وهي تدلك جبينها بكفٍ والكف الأحر كانت تمسح أنفها بالمنديل..
فجز الجالس بجوارها على أسنانه بغيظ وغضب وهو يختلس لها نظرات سريعة، فيشتعل صدره ويتافقم غيظه..
فلم يجد بدا مما كان ينتويه، تباً لها..

صفر الهاتف في جيب سترة مروج ففتحت عينيها بتذمر وأخرجته بنصف عين لتقرأ رسالة إياد
"بالله عليكِ ماذا تفعلين؟؟، لماذا تتأوهين أنا لا أعرف، كما أن مظهرك المرهق وميوعتك تلك تجعلك فريسة سهلة في طريق غير آمن وسيارة ضيقة ركبتاي محشورتان بظاهر الأريكة التي نجلس خلفها..منكِ لله"

عقدت مروج حاجبيها باستغراب شديد من رسالته، صارت تعيد قراءة الرسالة مرة تلو الأخرى كي تفهم، وحين فشلت أسرعت تكتب له بلهفة لم تخفِ عن الجالس بجوارها في السيارة
"ماذا تقصد؟، أنا لا أفهم !"
التوت شفتا إياد بامتعاض، ثم رد
"أنا أجلس بجوارك يا عملي الأسود، بجورك بالضبط بالسيارة الجماعية التي أصريتِ أن تركبيها، جئت خلفك لأطمئن على سيادتك لأن أمجد وصاني عليكِ وسيادة رأسك اليابس المبجل أبى الانصياع...قرف"

اتسعت عينا مروج بصدمة، وتدلى فكها ببلاهة، أ يجلس بجوارها بالفعل ؟؟
أم أنه يكذب..
حانت منها نظرة مختلسة إلى ذاك الذي يجلس بجوارها، فوجدته يرتدي نفس ملابس إياد بالفعل، كما أن ساعة معصمه المميزة موجودة..
فاتسعت عيناها أكثر حتى كادت أن تخرج من محجريهما…
لا تصدق أنه جاء خلفها وركب السيارة الجماعية التي بالتأكيد ليس معتاداً عليها..
شعرت مروج بصخب دقات قلبها وأرتعشت أصابعها وهي تحاول أن تكتب
"لم يكن عليك أن تأتي خلفي يا إياد، فأنا معتادة على هذه الوسيلة، وأخي أمجد أيضاً يعلم أني أستقلها"
زفر إياد الجالس بجوارها متخشباً حتى لا يلمسها يفصل بينهما مسافة قصيرة جداً، أنه يحدثها كتابةً لأنه لا يريد أن يعلم أحد بأنها معه، فلربما يعرفها أحد في هذه السيارة وأساء لسمعتها..
رد إياد بحنق
"لكنه لا يعلم بأنه شقيقته تجلس بالسيارة وتغمض عينيها بميوعة وتسند رأسها الذي أتشوق لكسره إلى زجاج السيارة، تتأوه بخفوت مائع مثلها، تاركة الرائح والغادي الفرصة لتأملها، مائعة "
رفعت مروج حاجبها بدهشة من رسالته الغريبة، ثم اختلست نظرة سريعة إليه وهي تكتب
"إياد...لماذا تتحدث معي بهذه الطريقة وكأنني أجبرتك بأن تأتي خلفي لتستقل نفس السيارة وتجلس بجواري كي تحميني من العفريت يا حرام؟؟، وتحدثني على "الواتساب" أيضاً وأنت تجلس بجواري"
لوى إياد شفتيه بامتعاض، ثم رد وهو يضرب بأصابعه على الشاشة بغيظ
"اصمتي ولا تستفزيني وإلا والله سأضرب ساقك التي تضايق ساقي المحشورة دون أن أهتم بوجعك، مائعة "
عضت مروج على شفتيها بغيظ شديد، ثم ردت
"إياد، لقد ثبت ليّ أنك شهم، هي أخرج من السيارة وأرحل "
انعقد حاجبا إياد عابساً، ثم رد وهو يختلس نظرة سريعة نحوها
"وأترك لكِ الفرصة لتتأوهين بميوعة ؟، والله أبدا عيب هذا مس مروج المائعة "
اتسعت عينا مروج مبهوتة وقبضت على الهاتف بقوة تحاول ألا تلتفت له ثم تصفعه على وجهه الوسيم بشكلٍ مقرف..
سحبت مروج نفساً عميقاً، ثم همت بالرد على رسالته بفظاظة..
لكن صوت غليظ خلفها تابعة أصابعه تنقر كتفها بعنفٍ :
_يا آنسة خذي أجرة الركاب بالخلف وأرحميني !
شهقت مروج متفاجئة من طريقته الفظة، فحدجها إياد بنظرة مخيفة بطرفِ عينيها، فازدردت ريقها بسرعة ورفعت كفها تنوي أخذ الأموال، لكن كف إياد سبقتها حين سحبها من الرجل بخشونة، ثم هتف بتهذيب :
_سآخذها أنا يا آنسة…

رمشت مروج بعينيها ببلاهة، فتأفف إياد بصوتٍ عالٍ وهمس بصوتٍ سمعته جيداً
"أريد أن أكسر رأس أحدهم"
انتبهت بأنها كانت تنظر إلى الخلف حيث الرجل المتجهم، فتزحزحت سترتها وفتحة فستانها ليظهر عنقها بأكمله وبداية صدرها، فاسرعت بالاعتدال وأغلقت سترتها بسرعة…
أما إياد فقد كان يشعر بأعراض ذبحة صدرية وهو يسمع همس شبان مراهقان في الكرسي الخلفي عن مروج…
_هذه البنت تبدو غريبة، لكنها جميلة...جميلة جداً…

فهمس لنفسه
"لن أتعصب، لن أفقد أعصابي، لن أضربها "
هتف أحد الشابين من خلفه :
_لنا باقي يا كابتن…
تأفف إياد بصوتٍ مسموع، ثم هتف وهو ينظر له من فوق كتفه بامتعاض واضح :
_كم ؟!
رد الشاب ببساطة :
_لنا(...)
أومأ إياد برأسه، ثم ضبط الأموال وأخرج لهم ما يخصهم، وبدلاً من أن يعطيه أمواله بهدوء، وجد نفسه يلقي الأموال بحجره بحركة بدت عفوية، ثم هتف بفظاظة :
_تفضل يا روح الكابتن!

طالعه الشاب بدهشة، فلم يهتم إياد به بل التفت إلى مروج التي كانت عاقدة حاجبيها بتوجس من أفعاله المستفزة…

مد إياد كفه نحو مروج، ثم هتف بخشونة ووجهٍ عابس :
_أجرتك يا آنسة بعد أذنك !
أومأت مروج برأسها وهي تلملم شفتيها حتى لا تبتسم، ثم أخرجت أجرتها وأعطتها إياه، فأخذها منها بخشونة، ثم أعطى الأموال إلى من يجلس أمامه..
وبعدها عاد إلى هاتفه وأرسل لها
"وتشهقين أيضاً، ماذا ينقص بالله عليكِ، أن تعلقي على مؤخرة رأسك"مغفلة للخطف"يا بنت تماسكي لِمَ أنتِ مائعة (وجه ممتعض)"
قرأت مروج رسالته وهي تحترق من الغيظ، فردت
"أنا لستُ مائعة يا إياد، لا أسمح لك"
"وأن سمحتِ هل ستصبحين أكثر سخاءً فتكشفين بكل حماقة عما كشفتِه منذ قليل…"
رفعت مروج حاجبها بتوجس، ثم نظرت إلى الرسالة بعدم فهم، وقبل أن تسأله عما يقصده وجدته قد حذف الرسالة…
فارتفع حاجبها أكثر وكتبت
"لماذا حذفت الرسالة"
"مروج، ما رأيك بأن تصمتِ نهائياً، فجرعة الميوعة التي رأيتها منذ قليل فعلت الواجب معي وتعكر مزاجي "
ثم خرج من المحادثة ووضع هاتفه في جيب بنطاله بحنق…
بينما مروج فالتوت شفتاها بشبه ابتسامة وهي تهز رأسها بتعجب مما يفعله…
وبعد نصف ساعة…
توقفت السيارة أمام شارع ما حين أخبره الرجل المتجهم الذي يجلس خلف مروج وإياد بأنه سينزل هنا..
فتحرك الرجل محني الظهر بجسده البدين، ثم توقف بجوار إياد، ليهتف فجأة بغيظ :
_فلتبعد فخذك يا كابتن أريد أن أمر…

اتسعت عينا إياد بعدم فهم، ثم نظر إلى الرجل الذي كان يرمقه بغيظ، فهتف إياد بعدم فهم :
_وما دخل فخذي بالموضوع أنا لا أفهم ؟؟؟

أجابه الرجل بامتعاض واضح :
_أنت تفرد فخذك يا كابتن وأنا أريد أن أمر…

نظر إياد إلى قدمه عاقدا حاجبيه، ثم رفع رأسه إلى الرجل وهتف مصححاً :
_أنها قدمي يا حاج وليس فخذي، تركت القدم بكل اجزاءها وأخترت هذا الجزء بالذات...لا إله إلا الله…

لوى الرجل شفتيه بامتعاض، ثم تابع تحركه إلى أن وصل إلى باب السيارة ففتحه ثم نزل، فهتف إياد بسرعة وقد تذكر أنهم من المفترض أن ينزلا هنا :
_أنتظر يا حاج لا تعلق الباب..

ترك الرجل الباب وهو يغمغم بكلمات غير مفهومة، فتحرك إياد وهو ينظر إلى مروج الغارقة في هاتفها، فهتف بصوت عالٍ كي تنتبه :
_أنا سأنزل...لا تتحرك بالسيااااارة!
استدار السائق له وقال باستغراب :
_تفضل يا كابتن لماذا تصرخ ؟؟
انتبهت مروج بأنهم قد وصلوا، فأسرعت بلملمة اشياءها وهي تقول بسرعة :
_لا تغلق الباب يا أستاذ لو سمحت..

غمغم إياد بقلة صبر محدثاً نفسه :
_سمعتني الحمدلله…

نزلا خلف بعضهما، فتحركت السيارة مبتعدة، فتحرك إياد بعيدا عنها وأوقف سيارة أجرة أخرى"تاكسي" ثم مال نحو نافذة السائق وأخرج منها ورقة نقدية ثم مدها نحوه وهو يقول :
_أوصل الآنسة للعنوان(...)
أومأ السائق له بابتسامة بشوشة، فاشار إياد إلى مروج دون أن ينطق بحرف، فاستقلت مروج السيارة، وانطلقت بها وهي تبتسم بسعادة…
أما إياد فقد كان يهرش مؤخرة رأسه مغمغماً :
_لا زلت مغتاظاً منها...أريد أن أضربها…
======
أنتهى الفصل السابع والعشرون...قراءة سعيدة..
التأخير بيبقى بسبب التنسيق وضبط بعض الاشياء فأعذروني…



شمس علاء** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-02-21, 10:06 PM   #396

شمس علاء**

? العضوٌ??? » 448047
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 357
?  نُقآطِيْ » شمس علاء** is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 32 ( الأعضاء 4 والزوار 28)
‏شمس علاء**, ‏ريلينا بيسكرافت, ‏MonaEed, ‏Moon roro


شمس علاء** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-02-21, 10:24 PM   #397

شمس علاء**

? العضوٌ??? » 448047
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 357
?  نُقآطِيْ » شمس علاء** is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 37 ( الأعضاء 6 والزوار 31)
‏شمس علاء**, ‏احمد حميد, ‏جزيرة, ‏Moon roro, ‏ريلينا بيسكرافت, ‏MonaEed


شمس علاء** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-02-21, 10:48 PM   #398

MonaEed

? العضوٌ??? » 413356
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 356
?  نُقآطِيْ » MonaEed is on a distinguished road
Rewitysmile1

منك لله ياصبا هاتشلى مروان
مروج ياعينى هاتجلط مستر ايدو بسبب ميوعتها

جود وعذاب الضمير
تمارا ماذا سيحدث هل ستعرف ان خطيبها المبجل سافل


MonaEed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-02-21, 11:47 PM   #399

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

مروج واياد كالاطفال 😂😂😂
مشاكساتهم لا تنتهى😂
اياد سوف يصاب بالجنون بسببها
اما صبا ف دفعت ثمن غباؤها ....لقد اخطات عندما
خرجت من منزلها دون علم مروان ...
هو لن يسامحها بعد ما حدث
تسلم ايدك 💖😘😘😘


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-21, 01:03 AM   #400

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي

مشهد اياد ومروج فى العربيه يفطس من الضحك ههههههههه
منك لله ياهانى ربنا ينتقم منك زعلانه على غاده اوى وربنا يستر على صبا ومروان ما يتهور

جود يتحصد نتيجة تهورها فى الماضى بس هى دلوقتى ندمت وامجد لازم يعرف الحقيقه

تمارا اتمنى تعرف بحقيقة خطيبها الحقير

الفصل روعه تسلم ايدك


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:02 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.