آخر 10 مشاركات
مذكرات مقاتلة شرسة -[فصحى ] الكاتبة //إيمان حسن-مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          حب في عتمة الأكــــــاذيب " مميزة و مكتملة " (الكاتـب : Jάωђάrά49 - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )           »          موريس لبلان ، آرسين لوبين .. أسنان النمر (الكاتـب : فرح - )           »          رحلة امل *مميزة*,*مكتملة* (الكاتـب : maroska - )           »          الهاجس الخفى (4) للكاتبة: Charlotte Lamb *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          28 - الثأر - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : وردة دمشق - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          الأقصر بلدنا ( متجدّد ) (الكاتـب : العبادي - )           »          همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-06-20, 11:23 PM   #31

يامور__

? العضوٌ??? » 471914
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 41
?  نُقآطِيْ » يامور__ is on a distinguished road
افتراضي


الفصل السادس
.
.

سَافَرْتُ نَحْوَكَ . . كَيْ أَرَاكَ وَأَسْمَعَكْ
مُضْنَاكَ . . . وَدَّعَ قَلْبَهُ . . . مُذْ وَدَّعَكْ
دُنْيَايَ . . . مَا دُنْيَايَ . . .؟ أَيُّ حَلاوَةٍ
لِكُؤُوْسِهَا . . . إِنْ لَمْ أَكُنْ فِيْهَا مَعَكْ؟
سَافَرْتُ نَحْوَكَ أَسْتَعِيْدُكَ . . . لا تَسَلْ
لِلحُبِّ بَوْصَلَةٌ . . . تُحَدِّدُ مَوْقِعَكْ
فِي شُرْفَةِ الأَشْوَاقِ أَجْلِسُ . . . كُلَّمَا
جَنَّ الظَّلامُ . . . أَبِيْتُ أَرْقُبُ مَطْلَعَكْ
فَانُوْسُ شِعْرِي مَايَزَالُ . . . مُعَلَّقاً
لَوْ رُمْتَهُ يَرْوِي أَسَايَ . . . لأقْنَعَكْ
فَمَتَى تَعُوْدُ . . .؟ نُحُوْلُ جِسْمِي شَاهِدٌ
بَعْضُ الشُّهُوْدِ إِذَا تَكَلَّمَ . . . رَوَّعَكْ
طَالَ انْتِظَارُ الصَّبِّ . . . يَفْتَرِشُ المُنَى
إِنْ لَمْ تَعُدْ . . . فَاسْمَحْ لَهُ أَنْ يَتْبَعَكْ
رَتَّبْتُ فِي عَيْنَيَّ مَهْدَكَ . . . مِثْلَمَا
أَثَّثْتُ . . . مَا بَيْنَ الجَوَانِحِ مَخْدَعَكْ
وَلَكَمْ شَكَوْتُ إِلَيْكَ مِنْكَ . . . وَأَدْمُعِي
تَجْرِي . . . وَلَكِنْ مَا اسْتَثَارَتْ أَدْمُعَكْ
خَاصَمْتُ كُلَّ النَّاسِ كَيْ تَرْضَى . . . وَكَمْ
بَعْثَرْتُ عُمْرِي فِي هَوَاكَ . . . لأَجْمَعَكْ
وَشَقِيْتُ فِي صَمْتٍ . . . لأمْنَحَكَ الهَنَا
مِنْ غَيْرِ مَنٍّ . . . وَانْخَفَضْتُ . . . لأَرْفَعَكْ
وَسَهِرْتُ مُلْتَاعاً . . . لِتَنْعَمَ بِالكَرَى
وَظَمِئْتُ . . . كَيْ تَرْوَى . . . وَتَرْحَمَ مُوْلَعَكْ
وَتَرَكْتُ رُوْحِي . . . فِي يَمِيْنِكَ شُعْلَةً
وَضَّاءَةً . . . عَلِّي أُذِيْبُ تَمَنُّعَكْ
سَافَرْتُ نَحْوَكَ . . . بَاحِثاً عَنْ مُهْجَتِي
مِنْ أَضْلُعِي طَارَتْ . . . لِتَسْكُنَ أَضْلُعَكْ
أَأَعِيْشُ دُوْنَكَ . . .؟ مَنْ سَيُطْفِئُ لَوْعَتِي؟
لا بَارَك الرَّحْمَنُ . . . فِيْمَنْ ضَيَّعَكْ!
يَا سَيِّدِي . . . جَفَّتْ حَدَائِقُ بَهْجَتِي
فَمَتَى سَتُجْرِي فِي ثَرَاهَا . . . مَنْبَعَكْ؟
الحُبُ مِيقٓاتُ القلُوب سَكَنتُه ُ
مُتَبتِلاً . . . حَتَى أَرَاكٓ وأَسْمَعُكْ !!

-عيسى جرابا


انطلق الاثنان بعد ارتدائما ملابسا مريحة لا تبين حقيقة عملهما وتسهل من تحركهما..
بعد ثلاث ساعات وقد اقترب آذان العصر.. وصل الاثنين الى حيث يقف رجالهم يراقبون المكان الغريب بين الجبال..
نواف-" ها يارجال فيه شيء غريب داخل طالع ؟"
احد الرجلين-" طال عمرك دخل رجلين بالبداية وبعدها شفنا اثنين مختلفين طالعين من الكهف رايحين جهة الجبل الثاني من الخلف بعدها بفترة رجعو دخلو.. والوضع هادي بالمرة"
بدر بتفكير-" نخاف يكونون اكثر مننا شرايك نواف.. انا اقول نصبر شوي يمكن حد منهم يطلع يرجع او شيء نصيده هو ونشوف العلم منه؟!"
الرجل الاخر-" طال عمرك انا اقول كذا بعد نصبر شوي وبعدها نتحرك حتى مانغلط"
نواف-" ممم طيب نصبر شوي بس لازم قبل الليل حتى ماتصعب علينا.. لحظة هذا واحد جاي بسيارته هذي فرصتنا.. اسمعو"
والتفت الى الرجلين قائلا " بعد مسافة كويسه الحقو وصيدوه وجيبوه لنا هنا ورا هالتلة طيب؟ يله عجلو.."
ركض الاثنان الى سيارتهما بسرعة واتجها بعيدا عن مسار الرجل.. ثم التقا به يقطعان طريقه حاول الابتعاد عنهما جاهدا ولكن طوقاه جيدا فتوقف بهلع وخوف..
انزلاه من سيارته يربطون يديه وقدميه مكممين فمه .. اركباه سيارتهما التي قادها احدهما اما الاخر فتوجه لسيارة المجرم يبعدها عن مرمى النظر..
عادا بسرعة وقد بدأت الشمس تصفر..
سيقترب المغرب..
رموه امام بدر ونواف.. فاقترب الاخير يمسكه بسخرية وقرف
سائلا اياه
-" كم عددكم في الكهف ؟"
-" مما..دري ماادري وش تحكي عنه"
لكمة هشمت فكه ثم اخرى على انفه مما فجر الدماء فقال يشده من رأسه بعنف يهمس بفحيح
-" اخلص لا والله افجر راسك تعاون معنا ونتعاون معاك.. كم عددكم داخل؟"
-" ثث..لاث . ثلاث هم وانا الرابع"
رماه بقرف فكممه الرجلان وربطاه جيدا ثم القوه في السيارة مغلقينها عليه
بدر-" ها نواف لازم ندخل الحين قبل تظلم العين"
فتح حامي سلاحه وقال بقسوة
-" توكلنا على الله"
توجه ثلاثة منهم حيث بقى الرجل الاخير يراقب الاحمق في السيارة ويتأكد من خلو المكان.. وان استجد شيئا اخبرهم مسرعا..
توجهو بهدوء وبطء يمشون متفرقين..
نواف منطلقا الى بوابة الكهف.. وخلفه الرجل المساعد.. وبدر قرر الذهاب من الخلف حيث المكان خلف الجبل الاخر الذي ترددو حوله كثيرا..
وصلو بهدوء.. واستمعو الى صوت احاديث وضحكات قادمة من الداخل.. انتظر نواف ورجله قليلا لحين وصول بدر فوصل مشيرا بخلو المكان من الخلف.. سمو ثلاثتهم ودخلو مقررين مفاجأتهم..
حين رأى الرجال ظلال حاولو النهوض بسرعة وامساك اسلحتهم ولكن نواف كان اسرع فوقف بسرعة ممسكا باحد الرجال ويبدو انه اصغرهم واضعا فوهة بندقيته على رأسه
من خلفه ظهر بدر ورجله يهددون الرجلين الاخرين باسلحتهما..
استسلم الثلاثة بسرعة وبخوف بامسكوهم يربطونهم بقى معهم الرجل وتوجه نواف مع بدر الى زاوية بعيدة وصلو اليها فوجدو بابا مغلقا يفتح الى الاعلى..
نظرا الى بعضهما بابتسامة..
تقدم نواف يفتح الباب فظهر لهما سلما متصلا للاسفل
عاد بدر بعد ان حمل مصباحا يدويا من مكان المجرمين خلفهم ثم نزل يتبعه نواف..
وصلو.. ووجدو ما بحثو عنه طويلا!
هاهي الأسلحة والذخائر والقنابل بأعداد تكفي لتفجير مدينة
تمتم نواف بقهر -" الله يلعنهم ناوين يحرقون البلد"
بدر يتأمل الاعداد ويرد عليه
-" الحمدلله حصلناها ووقفنا كارثة"
-" مارح يوقفون الي وصلهم هالاسلحة يوصلهم غيرها لازم نمسكهم لازم بدر!"
هز رأسه مؤيدا..
-" باذن الله وهذا خيط بيدنا رجالهم و.. لاتنسى مناحي"
ضحك بشر
-" مناحي هذا راح انتفه بيديني من يوم صغري وانا ما ارتاح له ايا الكلب طلع متعاون مع ارهابيين!!"
***************************************

اتصل بدر بفريق الدعم الذي ينتظرهم على مسافة 20 كيلو
تكفل الفريق بكم الذخيرة المهول هذا وعاد بدر ونواف مع الرجال الذي كبلوهم..
ولم ينسى نواف ان يفترق عنهم عند وصولهم لمفرق القرية متمتا
-" باقي الكلب مناحي اسبقوني للعاصمة وجايبه وجاي باذن الله"
نزل واخذ سيارة رجله الذي ركب مكانه وانطلق في طريقه الى القرية ونظراته تشتد بوعيد..
***************************************

دخل نواف الى قريته واليل قد اسدل ستاره.. الهدوء يعم القرية.. يمشي بهدوء متجنبا الطرق الرئيسية.. قرر ايقاف سيارته والترجل للمشي على قدميه حتى لا يلفت النظر اليه فلا يريد لاحد ان يعلم بقدومه وهو سوف يعود ادراجه مباشرةً بعد الحصول على ذلك القذر مناحي..
مشى باتجاه منزله يطرق الباب.. صوت انثوي يرد عليه ب-" مين؟"
تنحنح مجيبا-" الوالد موجود؟"
-" لا والله ابوي بالمحل باقي مارجع مين اقوله"
-" لاخلاص بمره بالمحل مشكورين"
توجه بهدوء واضعا قبعة المعطف على رأسه يخفي بها الكثير من ملامحه.. يمشى يديه في جيوبه هادئا ظاهريا..
اثناء مسيره الى سوق القرية حيث محل (مناحي) للاجهزة الالكترونية..
كان هناك العديد من الناس رغم الهدوء البادي على الجو ففي قريته تنتهي الحياة باكرا في اغلب الاحيان في السوق باستثناء الاجتماعات..
انتبه في الطريق المقابل له لفتاة تمشي بهدوء وتردد.. عباءتها وحجابها ابيضين.. تمسك هاتفها بيد.. وحاملةً باليد الاخرى مجموعة اكياس..
عرفها.. انها تلك الموجعة.. ماذا تفعل بحق الله تمشي لوحدها مساءا صحيح ان الوقت مازال باكرا ولكنها القرية والناس في الغالب يتوقفون عن الذهاب للسوق في هذا الوقت وخصوصا حين تكون فتاة ولوحدها!
لم تتعض هذه الطفلة مما قد كاد يصيبها سابقا وفي منزلهم.. فكيف بمكان عام كهذا!
اقترب بغضب لا شعوري.. سحبها من يدها الى شارع صغير جدا على جانب الطريق الرئيسي المؤدي الى السوق..هامسا بغضب
-" خير خير يابنت وش مطلعك هالوقت لوحدك"
شهقت بعنف وهاتفها يسقط ارضا.. ثم ترتخي يدها الاخرى فتسقط الاغراض من الاكياس التي ما زالت لم تفلتها..
بخوف وهلع تحاول التنفس.. حتى الصرخة لم تستطع ان تخرجها من داخلها
حين رآها في هذا المنظر المحزن انزل قبعة معطفه متمتما بخفوت مقهور
-" انا نواف بن محمد اهدي لا تموتين.. بنت ردي النفس"
رمت كل شيء بحوزتها ووضعت يديها على صدرها تحاول التنفس ودموعها تتساقط تباعا.. لقد كادت ان تموت ! هي خائفة اساسا من خروجها لوحدها لو لم تكن مضطرة لما خرجت.. فكانت تمشي بارتباك وخوف تتلفت كل حين بريبة.. الى ان امسكتها يدٌ ضخمة على حين غرة تسحبها الى زقاق جانبي صغير.. يا الهي
-" بغيت.. اموت.. حرام.. علي.ك"
تنهد محاولا السيطرة على اعصابه يلتفت حوله يتأكد من عدم وجود اي عين فضولية..
ثم اعاد انظاره المرعبة اليها.. محدثها باقصى قدر من الهدوء
-" يابنت.. وش مطلعك لحالك؟"
تمسح دموعها تحاول الرد عليه بثبات فيكفي.. ضعفت امامه اكثر من الازم هذا المخيف..
-" طالعة.. احم طالعة الصيدلية"
-" وابوك وينه"
تبلع ريقها وتجيبه بخفوت
-" ليش تسأل.. خلاص هذاني راجعة البيت وخر لو سمحت"
ضيق عيناه واقترب قليلا هامسا بقسوة
-" يوم اسألك تجاوبيني يابنت.. ليش انتي طالعة وابوك وينه ماتشوفين الوقت اذن العشاء من شوي؟"
وقفت بثبات مهزوز
-" ابوي برا الديرة اليوم عنده شغل في المدينة وقرر يبقى فيها وبيرجع بكرا الصباح.. ووو وو سعد سعد ولد مرام اختي تعب فطلعت اجيب له ادوية واغراض يحتاجها.. والحين ممكن تبعد تأخرت"
باستهزاء يقلدها
-" لا مو ممكن" ثم قال بجديته المخيفة وصوته المهيب
-" ثاني مرة ما تطلعين لحالك تطلع معاك اختك او تطلبون او توصون احد او اي صرفة.. الدنيا تخوف لا تطلعون ابد لوحدكم وخصوصا في الليل.. سامعتني؟"
بطاعة تهز رأسها دون ان تركز تماما فيما يقول فحضوره طاغٍ جدا وهي خائفة منه ومن وضعها ومن الليل ومن كل شيء
-" طيب طيب.. لازم اروح الحين فيه شيء ثاني؟"
-" ايه فيه واحد لا تخبرين احد انك شفتيني سامعة؟ وثانيا امشي قدامي اوصلك بسرعة أخرتيني"
باستغراب لم تقدر السيطرة عليه وهي تتأمل الآن شكله الغريب وملابسه.. خصوصا حين اعاد قبعة معطفه على رأسه.. ثم عن ماذا اخرته وهو من سحبها كالنعجة !
-" ليش ما اقول لأح..د" بلعت كلمتها حين رأت نظراته الحادة
انزلت رأسها بخوف
-" طيب طيب"
بسخرية.. يؤشر على الطريق المعاكس للشارع الرئيسي مقررا ايصالها عبر الزقاق الصغير ومن بين البيوت ثم العودة بسرعة لعمله..
مشت امامه بخوف وتردد وارتباك.. يا الهي هي تخاف من ظلها حتى!
تنهد من ضعفها هذا.. واطمأن اخيرا حين رآها تركض الى باب المنزل وتغلقه خلفها..
قست نظراته وعاد ادراجه الى محل مناحي..
***************************************

وصل اخيرا.. ووجد ذلك المعتوه جالسا خارج محله.. يدخن ويشرب كوبا من الشاي بكل استرخاء.. هه استرخي ايها السمين فقادم ايامك جحيم مستعر..
سحب الكرسي من امامه وجلس مما جعل مناحي ينتفض بخوف ثم حين استوعب وجوده و وضعه بلع ريقه قائلا بابتسامة سمجة
-" هههلا هلا الضابط نواف نورتنا.."
بسخرية شديدة وقرف
-" النور نورك يامناحي لا المزاج عال العال ؟!"
-" هههه الله يحييك تفضل اشرب شاهي"
رمى الكوب الذي مده اليه ثم وقف يشد ياقه ثوبه.. مقربا وجهه اليه هامسا بفحيح..
-" الحين وبدون صوت تمشي قدامي بكل هدوء يامناحي لا والله افجر راسك سامع!"
-" ششفيه شفيه وش صاااير؟"
-" كل خير كل خير.. لكن ابغاك بعيد عن هنا حتى نحكي براحة ياحبيبي انت.. "
دفعه بقوة امامه ثم اقترب يمسك ذراعه بشدة داسا سلاحه على ظهر مناحي يخفي وجوده بجسده هو.. ومن حسن حظه فالطريق امامه فارغا.. متجها الى سيارته حيث ركنها..
وصل واركبه رميا على المرتبة الخلفية بعد ان وثق يديه بالحديد.. ثم فتح الدرج الامامي في سيارة الرديف.. واخرج منه شريطا لاصقا مقررا اصمات ذلك النتن حتى يصل فرأسه بالكاد يحتمل وجود انفاسه حوله فمابال صوته واعذاره الواهية وترجيه.. كمم فمه جيدا وتوجه الى مكان السائق.. متجها الى العاصمة..
***************************************

حين وصوله الى مقر عمله بعد منتصف الليل..
سحب مناحي كالخروف ودخل به ثم القاه اخيرا في غرفة التحقيق طالبا من المسؤول ان يبدا بالتسجيل..
بهدوء وهو يمشي في الغرفة التي تشبه الصندوق
-" قوم اجلس على الكرسي"
نهض على مضض وجلس بارتباك.. فاقترب نواف منه يشد الشريط اللاصق بقوة..مستمتعا بصوت الالم الذي ظهر منه.. ثم يفتح اقفال يديه..
جلس امامه اخيرا يتأمله بغموض.. تحدث مناحي
-" لوو .. لو سمحت من حقي اعرف وش الموضوع ساحبني 300 كيلو بدون لا اعرف وش ذنبي!؟ اطالب بمحامي !"
ضحكة قوية جذابة.. ثم صمت فجأة يضرب الطاولة بينهما صائحا
-" جرأتك هذي من وين تجيبها بس ابغى افهم! اسمع من الاخر اخلاقي في راس خشمي.. ايش علاقتك بالاسلحة الي بالكهف جنوب القرية؟"
يبلع ريقه باحثا عن جواب عن سكينة يهدأ بها من روعه
-" مالي.. مالي علاقة اي اسلحة اي بطيخ؟"
-" اسمع يامناحي.." سكت حين دخول احد الموظفين محضرا ملفات وصور وادلة بعد طلب بدر منه..
ثم خرج مسرعا..
امسك نواف بصورة تضم مناحي مع الرجلين السابقين..
قائلا يحرك اصبعه على الصورة
-" شايف هذول الاثنين.. حصلناهم اليوم في المستودع تحت الارض يحرسون اسلحة تكفي تفجر مدينة.. هذول راحو فيها خلاص.. السؤال الحين انت وش علاقتك فيهم؟ وليش قابلتهم اكثر من مرة في شهر واحد؟ وش بينك وبينهم؟"
امتقع وجهه واسود وفقد الشعور باطرافه.. ثم اجابه
-" مالي علاقة انا انا تاجر وهذول كانو يوصلوني بناس تجيب بضاعة احتاجها.. طلبو طلبو مني مكان محد يعرفه وماقالو لي لايش يبغونه فدليتهم على على المستودع هذا بس انا ماكنت اعرف عن الاسلحة ما اعرف شيء عن هالموضوع تكفى يانواف قصدي قصدي ضابط نواف"
وقف بسخرية قائلا
-" توقعت الموضوع يطول معاك لكنك غبي يامناحي والاغبى الي اعتمدو عليك.. الحين اعترفت بلسانك انك مشتغل معاهم ودالهم على المستودع.. الي شلون واحد مثلك بيعرف عنه الا اذا كان مستعمله بتجارة قذرة مثله.. عاد تدري اوكي احنا صدقنا انك ماتعرف طبيعة عملهم.. بالرغم من انك هنا.."
وأشار على صورة اخرى يظهر فيها مناحي في سيارة الرجلين في طريق خالي تماما..سوى من اشجار ونخل محيط بهم..
-" وهنا مثل ماتشوف راكب معاهم تجيب بضاعة لك ؟ هاه؟ بضاعة بمكان قريب من المستودع بمسافة 15 كيلو قبل لا يضيعونكم رجالي قبل كم يوم.. حمار انت والا حمار"
انسحب اللون تماما من وجه مناحي.. لقد وقع شر وقعة يالغباءه صدق والده حين قال انه اغبى ولد في الوجود نعم هو غبي واحمق وفاشل ولا فائدة كبر بالعمر ام صغر يبقى الغبي غبيا.. سمع ضحكة نواف التي تقطر انتشاءا.. ثم قال
-" عاد المحكمة بتقرر ايش جزاك ولو بكيفي كان.. هه عموما شكرا وفرت وقتي يومي كان مقرف تماما.. ويكفيني هالقرف خلاص.. عن اذنك ان شاءالله تكون اخر مرة اقابلك فيها"
ثم خرج يغلق الباب بقوة..
تاركا خلفه مناحي بعينين متسعتين ووجهٍ شاحبٍ تماما يضرب رأسه الاصلع مرارا وتكرارا مفكرا بمصيره القادم.. ثم بعد فترة..
تمتم مفكرا في داخله ونظراته تتشح بالقذارة
-" ايه انا غبي بس اني خبيث ياولد ابوك والله والله لا تندم على لعبك معاي والله لا احرق قلبك والايام بيننا ذنبي مو ظاهر مثل هالاغبياء وما اعتقد يطول سجني مايقدرون يثبتون اني فعلا لي علاقة بالاسلحة خصوصا ان الرجال عارفين قدري عند الزعيم بتوفير سيولة وبعد اماكن اختباء.. فماراح يعترفون ان لي علاقة لان ساعتها اذا ما انذبحوا في التعذيب والي سياسة سلطاتنا مافيها تعذيب شديد هه.. راح يكونون متأكدين ان الزعيم بيذبحهم في السجن.. انا غبي صح بس خبيث فانتظرني يانواف بن محمد الفيصل هه الايام بيننا"
...
***************************************

طق طق طق.. صوت مطرقة القاضي.. ثم
-" الحكم الصادر في حق المدعي عليه مناحي خلف مناحي.."
وقف الحضور ومن بينهم كان نواف وصاحبه بدر.. فلم يقدر ان يفوت على نفسه فرصة الاستمتاع بلحظة انتصار وان كانت لا تبرد الخاطر تماما.. يشعر برغبة ملحة في قتله.. الموضوع بينه وبين مناحي كان منذ طفولته قد كان ظالما قذرا في حق الاطفال.. تجاهله حين كبره بل ونسيه تماما مع مشاغله وانقطاع زياراته الى قريته.. ولكن حين تجاوز على تلك الطفلة.. لا يدري ولكن يشعر بالحمم تفور منه.. يشعر برغبة في قتله بطريقة لا تمت للانسانية بصلة.. ذاك النجس قد كاد ان يدنس براءتها ويقتلها حية.. كم يحمد الله كثيرا ان نجاها منه.. والا.. ما كان ليسامح نفسه.. هو لا يعرف لما وكيف.. لكنه وكّل نفسه حاميا ومسؤولا عنها.. تلك الطفلة التي ما فتئت تزوره بين الحين والاخر.. في باله تمر.. وفي احلامه.. ولا يدري لما وما تفسير رؤيته لها تبكي وتستجديه.. الا تعرف شيئا غير البكاء ان في الواقع وان في الاحلام!
لا يدري بأي حق تستحوذ على تفكيره صحوته ومنامه هذه الآونة.. بأي حق يشعر أنه معلق بين هدبيها.. لما لم ينتبه عليها وعلى وجودها في حياته.. ببهائها الموجع كاسمها.. لم ينتبه عليها الا وهي تبكي تحت ضوء قمرٍ بدريٍ.. شعرها متطايرا حولها وملامح الهلع تكسوها..
انها.. انه يشعر وكأنها..
ضربه بمرفق صديقه على جانبه جعلته ينتبه مجفلا.. هامسا بغضب
-" نعم يالقرد شفيه"
بصدمة اجابه بدر
-" انت الي شفيك ماسمعت الحكم؟؟؟!!"
التفت امامه فوجد مناحي يساق الى الباب المخصص للمدعى عليهم يحاوطه رجال الامن.. ولم يفته تلك النظرة الحاقدة التي رماه بها!
ابتسم له بسخرية شامتا منتشيا..
ثم قال لصحابه
-" تصدق ماسمعت مدري وش جاني !؟"
تمتم صاحبه بذهول
-" والله مالقرد غيرك وين عقلك راح حمدلله والشكر.. حكمو عليه ثلاث سنوات مع الجلد 50 جلدة.. تعرف ماقدروا يثبتون تورطه المباشر والكلاب الي مسكناهم ما اعترفو بعلاقته رغم كل التعذيب الي جاهم شيء يحير"
بعد تفكير لدقائق قصيرة رد نواف وملامح القسوة ترتسم على وجهه
-" صدقني هذا ان دل يدل على ان هالمناحي موب خلي.. صدقني واصل وله علاقة بالخلية بكبرها اذا ماكان له علاقة بالرئيس.. وش بيخليهم يدافعون عنه؟ ويتحملون تعذيب وهم اكلينها 20 سنة حبس ! عشان هالدب المكرش ! الا ان وراه شيء.. لكن ان كان يحسبني بتركه فعيوني عليه اذا طلع ان كاني من الاحياء"
بدر يتأمله مفكرا وتوقع صاحبه قد اثار اهتمامه.. لكنه قال اثناء مضيهما الى الخارج حيث سيارة نواف
-" بو محمد ليش احسك مشخصنها بقوة معاه؟"
بقسوة وعنف
-" ايه مشخصنها ولو الدنيا بكيفي ذبحته بيديني يابدر"
-" اوف اوف يارجال تعوذ من ابليس هذاه الحمدلله بينحبس"
-" مايكفي ما يكفي لين ياخذ جزاه الي يستحقه وبالكامل.. مؤبد ترضيني اذا مو قصاص مؤبد"
ركبا السيارة وقال بدر
-" لا حول ولا قوة الا بالله.. راح افكر بالاحتمالات الي تقولها اذا طلع طلعت روحه وارتحنا منه مليت منه ومن حكيك عنه كن ما ورانا الا هو"
-" بالعكس ياغبي مارح اوقف وببحث بحياته وشغله وعلاقاته ويوم يطلع بيكون الطعم الي يوصلني للخلية الي اختفت وكأنها فص ملح وذاب ! اي عن نفسي هو اهم شي بشغلي الحين!"
-" انا معاك بكل خطوة بس تكفى شوي خلني اريح مخي منه ومنك ومن افكارك الي توسوس بالواحد"
ابتسم نواف مجيبا وانظاره على الطريق امامه
-" لو مو وسوستي على قولتك كان ما حلينا قضايا كثير"
بدر بتثاؤب
-" قصدك حليت انت لاني وراك مثل القرد ما افكر في الي تفكر فيه ياخوي انت الي عنك عقل والا الي عندي حصاة اسمع ودني ستاربكس راسي قافل ابغى قهههوة"
التفت اليه نواف مصدوما ثم انفجر ضاحكا
-" والله يابدر اني صدقت حتى بهذي ياقرد شرشحت حالك تو !"
ضحك بدر قائلا
-" يابوي خلاص انت ابو العريف بكل حاجة ودني ابغى قهههههوة ورانا كرف وانت ساحبني من صباح الله عشان الكلب مناحي"
ضحك نواف ضحكته الجذابة واجابه
-" تبشر فيها بو سالم"
***************************************

صباحا شتويا مشرقا.. في شركة المجد..
تطرق مسك اسياب الشركة متجهة الى الاسفل حيث المقهى تشعر برغبة ملحة في شرب شيءٍ باردٍ.. رغم برودة الطقس الا انها تشعر بحرارة تشع منها..
اخذت عصيرا باردا.. وخرجت الى حديقة الشركة الخلفية.. الجوء رغم برودته الا انه جميل.. ومنعش تشعر انه يبرد قليلا من حرارة روحها.. تمشي في الطريق بين العديد من الشجر والنخل على جوانبه متجهة الى نهاية الحديقة حيث يقبع كرسيٌّ عتيق تجلس عليه بين الحين والاخر.. حين تشعر بالضيق.. وكم تشعر بالضيق الآن!
لقد مر شهر ونصف مذ غادرهم ادم للمرة الكم لا تعرف.. قد هوى السفر ذلك الرجل معلقا قلبها بين السماء والارض دائما.. فلا هو راحلٌ معه ولا هو مبقيه في صدرها حيث مكانه الطبيعي !
كم يعذبها.. وكم يؤلمها بهجرانه.. تتذكر لمحات من طفولتهما.. لم تكن تراه كثيرا.. لكونها كثيرا ماتكون برفقة والدتها في احدى البلدان العربية حيث وطن الاخيرة وخصوصا في العطل.. الا انها حين تعود هنا لموطنها هي وموطن والدها.. وحين تراه.. تدرك بطفولتها اهتمامه بها.. يخصها بنظرات.. يدللها.. حتى ان ابنة خالته (سمر) كانت تغار منها.. وتكيل لها المقالب دائما..
لا تعلم من اين تدفقت هذه الذكريات فجأة! لكنها تحاول دائما ايجاد مبررات لتحوله هكذا.. كان هادئا صامتا ومازال.. لكنه لم يكن مجافيا ابدا.. لم يكن يهملها ابدا.. بحق الله كان يتذكر عيد ميلادها.. يفرحها بالحلوى التي تحبها.. يبتسم في وجهها.. ويضحكها ان عبست.. فما باله!
منذ ان كبرا وهو يتحاشاها.. لكنه لم تكن تغفل اهتماما في عينيه.. وان شحت افعاله..
اما بعد عودته من دراسته التي امتدت طويلا.. ل7 سنوات تقريبا.. كانت تراه فيها مرات قليلة.. الى ان توفت والدتها قبل 5 اعوام.. فلم تعد تذهب في العطل الى بلدها الا قليلا جدا لتزور جدتها واخوالها.. ااه كم تشتاق لها.. وتحتاجها..
حركت رأسها تحاول طرد وجه والدتها والذي ان اتاها الآن وتعمقت في ذكرياتها معها.. قد تنهار في بكاء مخزي فتتحطم صورة (مسك المجد) تماما..
المهم هنا.. انه حين عاد اخيرا.. كان مختلفا تماما..
لكن الحق عليها هي.. فهي التي ربطت مصيرها بشخص لم يصرح يوما.. ولم يلقي اي وعود على مسامعها.. هي الحمقاء التي تشبثت بأمل.. او بسراب ان صح التعبير.. تراه من بعيد ماء يروي ظمأها.. فلما اقتربت وجدتها ارضا عقيما موحشة..
نعم.. هي تشعر بالوحشة !
ولكن..
على هذا الهراء ان يتوقف!
انا مسك والدها
مسك حمد المجد
كم وكم من العروض اتتها في صغرها واثناء دراستها والآن.. ورفضتها تماما مدعية عدم تفرغها والعديد من الاعذار الاخرى..
نعم هي مدركة لجمالها وحضورها.. لكن قلبها الاحمق تعلق بشخص صلب لا يرى ابعد من انفه.. مغرور يرى نفسه محور العالم..
المهم.. ان عليها ان توقف هذا كله..
لذا.. وكما قررت ليلة الامس.. ستوافق على ماهر هذا!
ماهو الذي لا تعرف عنه شيئا! ولكن من أجل شهادة والدها ورغبته ستثق به او تحاول على الاقل.. هي تريد لوالدها ان يطمئن ويرتاح.. اساسا قد نفذت منها الاعذار..
فإن وجدت عذرا لترفض هذا وذاك.. كيف تجد عذرا لترفض ابن صاحبه الشاب ذو المواصفات الفلكية..
نعم ستوافق وتمضي في امر هذه الخطبة.. ربما هذا سبب ضيقها اليوم.. انها قد حسمت قرارها.. ولكن..
لا لا توقفي يامسك..
لا لكن ولا اي استدراك بعد اليوم..
وقفت بعزم.. ملقية بعلبة عصيرها التي عصرتها تماما بين يديها من عمق افكارها..
تبتلع غصة تجرح حلقها.. واقفةً بغرورها وثقتها.. من يراها لا يظن مجرد ظن آثم أنها قد تحب وتعشق أحدا سوى.. نفسها!
هه الجهل نعمة حقيقةً.. في وضعها هي.. فلا تريد لبرجها العاجيّ أن يُهدم.. تعجبها صورة القوة هذه.. فما في قلبها لا يحق لأحد أن يعلمه سوى خالقها! حتى مالك قلبها نفسه!
اتجهت بخيلاء تدخل الشركة مجددا.. في نيتها المرور على والدها.. فلتنتهي من هذا العذاب والتفكير ولتبدأ صفحة جديدة وفصلا مختلفا في حياتها.. قد تكون صفحة متشققة وفصلا أسودا.. لكن المهم أن تتجاوز.. وتمضي..
***************************************

طرقت الباب ثم دخلت مباشرة..
لتجد والدها منكبا على عمله منشغلا تماما.. فلم يرفع رأسه إليها حتى!
اقتربت ثم جلست تنادي عليه بنبرتها المميزة
-" بابا"
-" هاه" شاردة
-" بابا بحكي موضوع مهم.. يببببه !"
انتفض مجفلا يرفع نظارته عن عينيه فتسقط على المكتب وبصدمة ينظر اليها
-" مسك بسم الله فجعتيني يابوك!"
ضحكة لا شعورية فرت منها على منظره.. رغم كل البؤس في قلبها.. تتأمله بشفقة
-" شسوي يبه مو ملقي لي بال!"
ابتسم يمسح نظارته ويعيدها على عينيه
-" الله يصلحك بس خضيتي قلبي شايفتني منسجم بهالملفات الله يعين بس"
سألت -" المشروع الجديد؟"
-" ايه يابوك فيه كم نقطة يبغالها شغل من اول وجديد "
هزت رأسها ثم قالت ببسمة حزينة وخجلى.. خديها يحمران بخفة
-" طيب يبه عندي لك خبر بقوله الحين قبل اتراجع ولأنه بيفرحك اكيد"
بتفاعل ظاهري.. وذهنه مازال مشغولا
-" اي وشو بشريني"
بدلع تتدلل على والدها ومحبوبها الاول..
-" افف يبه عطني وجه ولا بكنسل فكرة الزواج!"
انتباه كامل.. ثم ابتسامة تتسع وهي يتفحص ملامحها المحمرة وابتسامتها الخجلى
وقف متجها اليها يمسك كفيها يوقفها امامه
-" ايش ؟ وش قلتي؟"
بدلال خلق لها
-" هممم اقول بكنسل فكرة الزواج"
-" يعني؟ موافقة؟"
-" موافقة"
ضحك والدها بفرحة ثم احتضنها بقوة
-" الحمدلله اخيرا سمعتها منك ههههههه الله يرضى عليك يابنتي"
ابتعدت عنه محرجة
-" بس يبه مثل ماقلت لك ابغى وقت طويل اتعرف فيه على الشاب وو.. يعني ما ابغى نستعجل"
-" تم يابوك تم ولو اني مو حاب هالشيء بس حقك تتعرفين على الشخص الي بيكون زوجك قبل وانا اقولك الولد وان شاءالله انه ونعم مين ابوه يالله من فضلك بس بقولهم على رغبتك وان شاءالله خير"
تمتمت بابتسامة مجاملة شاردة
-" ان شاءالله خير ان شاءالله "
***************************************

في جانب اخر بعيد تماما.. كان الوقت لديهم مساءا.. يمشي عائدا الى غرفته في الفندق بعد انتهاء جلسة علاجه الطبيعي لهذا اليوم.. يشعر بتحسن كثير وخفة في يده اليسرى وقدميه ومع ذلك.. اوصاه الطبيب بعدم الاثقال على قدميه واستعمال العصا حتى ينتهي تماما من فترة علاجه ويرى بعدها..ان كان بحاجةٍ له ام يستغني عنه كما يأمل..
قد تمتد هذه الفترة الى اسبوعين اضافيين.. اعانه الله على كل ما اصابه..
دخل بتعب ملقيا بجسده على الفراش بانهاك.. راميا بالعصا امامه.. يريد النوم وفقط.. رغم الجوع الذي ينهش معدته ولكن.. يبدو انه سيؤجل الاكل لحين استيقاظه..
حرك قدميه محاولا خلع حذائيه.. في نفس اللحظة صدح صوت هاتفه معلناً عن وصول مكالمة.. اكيد هذه والدته التي تتصل عليه كل ساعتين تقريبا فان لم يكن اتصالا فرسالة وهكذا لا تمل ولا تكل.. يالقلبها
اخرج هاتفه من جيب بنطاله.. بعد ان ارخى حزامه واستقام جالسا يلهث بتعب..
وجد اسم يوسف مضيئا شاشته.. لو علم انه هو ما استقام ولنام تاركا اياه!
قرر الرد اخيرا.. فليناكفه قليلا وليتسلى به بدلا عن وحدته هذه..
-" هلا بالاب الوحيد الاعزب الي مقابل الحيطان هي انتبه تراني ولد اخوك مو زوجتك كل شوي داق علي!"
يوسف بعد صمت اجابه
-" اي تنكت ورايق دوم ان شاءالله مع ان ما اظنها دايمة بعد الخبر السعيد الي انتشر.."
عقد حاجبيه وهو يرتكي على ظهر السرير قائلا بكسل وبحة صوته زادت وطغت مع تعبه ونعاسه
-" اي خبر عمي؟"
ببرود..
-" خبر خطبة بنت عمك !"
صمت.. هدوء.. ثم صوت بارد يسأل
-" بنت عمي حمد انخطبت وخير طيب وش الجديد دايما تنخطب؟ متصل علي ومقلق راحتي عشان سخافة"
بقهر يحاول امساك نفسه عن الصراخ بأعلى صوت فما زال في المشفى حتى الآن..
-" ياللوح يالبارد يالغبي.. مو لانها وافقت وصار رسمي اتصلت اقولك!"
صمت.. يبلع ريقه.. محاولا التماسك.. ثم صوت مبحوح بارد يجيب
-" طيب.. مبروك"
-"نعععععم؟"
-" قصر صوتك فقعت اذني"
-" ياولد انت... انت ايش انت!!"
-" انا واحد تعبان وفيني النوم مو فايق لك عمي مع احترامي.. وثاني مرة لا تتصل علي عشان اخبار سخيفة مثل كذا"
بصدمة-" سخيفة؟!!"
طوط طوط طوط..
صوت اغلاق الخط.. فوقف يتأمل هاتفه بصدمة من هذا الحجري!
اما في الجانب الآخر.. وفي بلد أجنبي..
أغلق الخط في وجه عمه ثم ألقى بالهاتف على الجدار أمامه بأقوى ما يملك من طاقة.. مغمضا عينيه بألم! هاقد حدث ما كان ينتظره.. انتظار المحكوم عليه بالموت شنقا.. فالرباط على عنقه.. ينتظر وينتظر قدم الجلاد ان تطرح الكرسي فيرتفع الى الاعلى.. وترتفع روحه معه!
هاقد حدث ما خشي منه حد الهلع وحد الخوف والهرب..
الصبر لقلبي و لأحلامي الضائعة في مهب الريح.. الصبر منك يالله اما العوض!
فلا يظن أن شيئا قد يعوض خسارتها.. حبيبته السمراء ذات العينين بلون السماء!
***************************************

على سريرها.. تحاول النوم بعد ان صرحت اخيرا بقرار صعب قاتل.. وبعد ان انتشر بسرعة كأن والدها وصاحبه والخطيب المزعوم لم يصدقا خبرا.. فانهالت عليها المباركات من كل حدبٍ وصوب..
صديقاتها.. عميها وخالتها رُقية..الموظفات في الشركة.. وحتى أخوالها قد وصلهم الخبر فباركو لها!
بقي شخص واحد.. لم يعلم حتى الآن.. أو ربما علم؟
بلعت ريقها تنقلب على بطنها.. تدفن وجهها في وسادتها الناعمة.. شعرها البني القصير المموج بنعومة منتثرا حولها..
صوت رسالة.. رفعت رأسها تنظر الى الساعة بجانب رأسها.. انها الواحده بعد منتصف الليل!
مدت يدها تمسك هاتفها بملل.. لترى اسمه..
آدم !
فتحتها مسرعة لتجد كلمة وحيدة.. كلمة كنصل في خاصرة قلبها المعلق به..
"مبروك"
هذا كل ما جادت به نفسه الكريمة..
نعم.. مبروك لي حياة جديدة بعيدا عنك ايها الاحمق البغيض..
رمت الهاتف ارضا تدفن رأسها في وسادتها مجددا صارخة بقوة.. صرخةً مكتومة..
ثم انفجرت في بكاء قد تجمع من فترة طويلة.. وبكلمة من معذبها..
انهارت/ذابت/انصهرت: جميع الحمم التي تحرق روحها.. وسالت على هيئة دمعات لؤلؤية.. وآه على قلبي وعلى ضياعه تماما الآن بعيدا محلقا حيث مالكه.. كم تشعر بالخواء والفراغ..
.
.
نهاية الفصل السادس




يامور__ غير متواجد حالياً  
قديم 14-06-20, 08:50 PM   #32

Sooooo2

? العضوٌ??? » 420794
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 101
?  نُقآطِيْ » Sooooo2 is on a distinguished road
افتراضي

مبدعه كالعادة، بس عندي ملاحظه كبري حجم الخط شوي ...
بارت جميل وممتع و كمان مافيه ولا غلطة ماشاء الله، توقعت مسك ما توافق على الخاطب، وتبقى تتنتظر ادم، و نواف برافو عليه حسبها صح الله يستر لو طلعت مناحي من السجن بيروح فيها،،
وبس تقبلي تحياتي يامور وننتظر باقي الرواية على احر من الجمر😍😍..


Sooooo2 غير متواجد حالياً  
قديم 15-06-20, 12:28 AM   #33

يامور__

? العضوٌ??? » 471914
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 41
?  نُقآطِيْ » يامور__ is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السابع
.
.


‏لها حكم لقمان وصورة يوسف ونغمة داوود وعفة مريمِ ..
ولي حزن يعقوب ووحشة يونس وآلام أيوب وحسرة آدمِ
- يزيد بن معاوية



(( بعد مرور 4 سنوات))

على مسرح كبير يضم عددا كبيرا من الخريجين والخريجات حاملين درجة (الدكتوراه) في ادارة الاعمال.. كانت تقف من بينهم ببهائها وجمالها المبكي.. نعم يشعر برغبة في البكاء ! فيالفخره بها !
حققت ماعجز عنه هو.. ورغم حزنه وكسر نفسه الا انه سعيد.. وجدا.. من أجلها..
جالس من بين الحضور.. في اخر صف تماما وهو الذي لم يكن سيحضر.. ولكن في اخر لحظة لم يستطع الا ان يأتي ويملأ عينيه بها.. ويتأمل سعادتها وتكريمها..
والده وعميه قد سبقاه.. مقاعدهما في المقدمة عمه الاصغر يوسف كم الح عليه بالحضور.. لكنه قابل الحاحه ببرود يتقنه.. فإن كان قد جُبل عليه.. الا انه قد نماه وعظمه فشكل حاجزا صلبا منيعا تجاه كل ما يؤذيه.. يخفي خلفه كل ما يجيش في صدره.. من حزن وكسرة روح وغصة.. وقهر وأيضا القرف!
إنه البغيض ماهر خطيبها الأحمق! مالذي يريده بحق لما يأتي ويقلب مزاجه هذا المغرور السخيف.. لا صلة تربطه بها رسميا حتى الآن.. وكم هو مستغرب ! ومرتاح أيضا لا ينكر !
"الحاصلة على مرتبة الشرف الأولى.. مسك حمد المجد"
أخترق صوت مقدم الحفل أذنيه.. ثم أُخترق قلبه بسهم أرداه قتيلا.. حين مشت تتمخطر من وراء الصفوف كي تتقدم للسلام على الأمير ضيف شرف حفل التخرج وكذلك مدير الجامعة.. وتتسلم بعدها درع شكر وتقدير ووثيقة..
ثم وقفت.. خلف المايكروفون تبتسم ابتسامتها اللعينة اياها (بالنسبة له !)
مظهرة صف الماس مرصوص.. وبصوت مميز:
-" السلام عليكم ورحمة الله.. الحمدلله من قبل ومن بعد.. لحظة سعيدة جدا والفخر والسعادة يملوني.. حبيت اوجه بالشكر الجزيل لهذا الصرح العظيم الي استفدنا منه كثير ومارح يبرح ذاكرتنا بكل المواقف والخبرة والمعرفة الي تلقيناها فيه وكذلك الاشخاص الي قابلناهم سواء من كادر تعليمي خبير وعظيم او من الزملاء والزميلات.. ثم اشكر من كل قلبي من وقف معي وكان خير داعم لي بعد الله.. والدي حبيبي.. شكرا لك ولوجودك ودعمك.. شكرا لكم"
وعلا صوت التصفيق من حوله.. الا هو فلم يقدر حتى على التنفس.. والثقل قد تغلغل من جسده المتعب الى قلبه.. افلت "آه" خافتة.. وحارة جدا..
اخيرا وبعد انتهاء فقرات الحفل كان الازدحام من حوله شديدا.. فهذا يسلم على اهله.. واخر يقبل رأس والدته وكتف والده اللذان يتأملانه بفخر.. تلك تبكي على كتف والدها الحاضن لها.. واخرى تتدلل امام زوجها..
كم تمنى هذه اللحظة.. لكنها لم تقدر له فالحمدلله على كل حال..
قرر الهرب سريعا قبل ان يراه احد..
فانسحب بهدوء وببطئه المعهود عليه.. يده اليمنى ممسكة بعصا ضخمة مطرزة.. وكف يده اليسرى يغلق اصابعها ويفتحها ممرنا اياها عن اي ثقل وتنميل.. كعادته.. ومضى في طريقه..
***************************************

ركضت تنزل السلالم الى مقعد والدها.. تحاول جاهدة ألا تحرر دمعاتها أمام كل هؤلاء البشر.. لكنها لم تستطع! ركضت وألقت بنفسها على حضن والدها.. حضنها بقوة متمتما بكلمات الفخر يمسح على ظهرها بحنان.. يشعر بدمعاتها على كتفه.. المثقل بالمرض والقلق عليها من بعده !
رفعها قليلا وحضن وجهها يمسح دمعاتها.. مبتسما بوقار
حمد-" اشش بس كافي حبيبة ابوها ليش تبكين ! لو تدرين شكثر فخور فيك"
ابتسامة ممتلئة بالدموع تجيبه
-" من الفرح يبه .. وبعد تمنيت امي معانا وتشوفني.. كانت بتطير من الفرحة"
اطرق بحزن لن يبرح قلبه الذي قد عشق بجنون.. وفارقته محبوبته ولكنه فراق اللارجوع.. انما هو الرحيل الابدي.. الى بارئها..
-"الله يغفرلها ويرحمها.."
همست ب-"آمين"
ثم صدح بجانبها صوتا صاخبا مخترقا الضوضاء حولهما
-" يابنت واحنا مالنا احضان ترا بعد مبسوطين عشانك وجايين ومتعنين وهدايانا معانا"
التفتت الى ذلك الحبيب اللطيف.. عمها يوسف وضحكت بسعادة على منظره
كان يحمل باقة وردة عملاقة.. وبالونات كتب عليها اسمها .. يا الهي هي ليست طفلة! لكنها تعترف على مضض.. لقد فرحت بهم..
ركضت تحضنه.. فقبلها على رأسها ثم همس في اذنها بفرحته وفخره
ابتعدت عنه بتأثر تشكره
-" حبيبي عمي يوسف شكرا لك صدق فرحتني كثير بجيتك وهههههههه كمان الي معاك"
-" شرايك بالبلالين ؟" قالها وهو يغمز
ضحكت تهز رأسها بالايجاب-" حلوين ههههه شكرا اهم شيء اسمي !"
-" اي طبعا"
التفتت فوجدت عمها حمود مبتسما بهدوء يراقبهما.. فاقتربت منه باحترام مبتسمة.. تقبل رأسه.. فشدها يحضنها.. متمتما بمباركة متأثرة
شكرته بتأثر اكثر تمسح دمعات فرت بلا شعور..
ثم حين لمحت ذلك المدعو خطيبها.. مشت اليه بهدوء وخجل.. تهديه ابتسامتها المجرمة..
فابتسم.. ماهر-" مبروك.. حبيبتي"
بخجل -" الله يبارك فيك.. شكرا لجيتك فرحتني"
-" اكيد بجي مو انا خطيبك كيف اتركك بيوم مثل هذا!"
همست بالشكر..
فهمس بقهر -" ليش الشكر لمتى تحسسيني اني غريب عنك"
بلعت ريقها تجيبه بخفوت -" مو قصدي انك غريب.. بس.." ثم تأملت الباقة الحمراء الرائعة التي يحملها.. فقالت مغيرة الموضوع بدلال تعمدته.. ولكن الدلال قد خلق لها..
-" هممم هذي لي صح ؟ "
فابتسم.. وغضبه قد طار امام هذه الحسناء.. مادا بالباقة اليها
-" اكيد الورد للورد"
اخذتها بخدين مشتعلين بالرغم منها.. دائما ماكان يغازلها هذا الماهر.. انه رجل رائع ولكنها حتى الآن رغم كل هذه السنوات.. لم تعتاد! انه امر فوق قدرتها فكم حاولت وحاولت.. ولكن..
-" واو تهبل دايما تبهرني بذوقك"
-" انا ما اختار الا الي يذكرني فيك.. عشان تستوعبين قد ايش انتي حلوة.. واحلا بعد من هالورد"
الحمرة تزداد.. بابتسامتها اياها.. لا تدري بما ترد كم يحرجها هذا الماهر.. لا تقدر على مجاملته ولا يريد منها الشكر ! فتدخل والدها في الوقت المناسب شاكرةً له في سرها..
حمد-" ها نمشي ؟ خالتك رقية مجهزة غداء بهالمناسبة "
التفتت الى عمها حمود باحراج
مسك -" ليش ياعمي تكلفون على حالكم ! "
حمود بجزع -" حبيبتي شهالكلام اي كلافة نبغى نحتفل ببنتنا الي ما جبناها انتي تدرين شكثر رقية تحبك وما تتخيلين فرحتها فيك كانت بتجي معانا بس انشغلت بالتجهيز"
بامتنان
مسك-" والله مدري وش اقولك عمي الله لا يحرمني منكم"
رد مبتسما
حمود -" ولا منك ياحلوتنا"
حثهم يوسف على المسير.. وقد رأى وجه اخيه حمد قد أُرهق بحق..
توجهو الى سياراتهم.. متجهين الى منزل حمود لحضور الوليمة..
استقرت في مقعدها بجانب والدها الذي اصر على القيادة.. فلم تمنع نفسها وهي تتأمل الطريق بجانبها.. ان تحزن وبشدة..
لم يحضر ! لم يكلف نفسه عناء مباركة متجهمة من قبله.. صحيح انها ارتاحت من مشكلة قد تنشب بينه وبين خطيبها.. فذاك البارد لم يستسغ ماهر ابدا ولا تعرف لما! دائما بينهما حرب باردة بالنظرات.. او حتى بالكلمات المتهكمة المتراشقة بينهما والتي دائما ما يبدأها ذاك.. لاتنكر فماهر مهذب وراق جدا.. اما آدم نعم هو راقٍ جدا ولكنه ذو وجه بارد بغيض وصوت ابح مزعج وكلمات جامدة تصفع الوجه بقوة..
ومع كل هذا.. تشعر بأن فرحتها ناقصة!
هل ستراه في بيته؟ ام سيطرأ له عملا ما؟ هل سيرسل لها رسالةً اذا كتلك المباركة القاسية التي تلقتها منه قبل أعوام !
هه.. اخرج من افكاري.. انا لا اهتم.. ابتسامة سخرية خفيفة ارتسمت على وجهها .. على نفسها !
***************************************

يمشي بهيبته وضخامة جسده الرياضي في أروقة عمله خارجا من اجتماع.. ألف شغلة وأخرى في رأسه.. كم هو مرهق.. فهاهي تحركات في الخفاء.. وهمسات عن عمليات ارهابية قريبة.. تهديدات.. وأشياء مريبة.. لقد هدأ الأمر في السنوات الأخيرة.. ولكن في هذه الآونة.. الأمور لا تبشر بخير..
بعقدةِ حاجبيه.. دخل مكتبه.. انكب على عمله لبعض الوقت والتفكير في اجتماعه مع رؤساه يشتته.. فكر بأن عليهم أن ينتهوا من هذه الجماعة التي تدور حولها الهمسات وتردهم تهديدات مشفرة من قبلها.. بأي ثمن.. لقد عادت شوكتها وقوتها.. عادت تهدد بذات أسلوبها في التشفير.. يريدون أن نعلم بأنهم هم!
إنها ذاتها التي صادرو أسلحتها قبل 4 سنوات.. ذاتها المتعلقة بمناحي !
-"مناحي".. همس باسمه بوعيد واصابعه تطرق مكتبه والقلم بينها..
اختفى ذلك اللعين بعد أشهر من خروجه من السجن.. كان قد عاد الى القرية ولعائلته.. ثم وكّل زوج ابنته بمهام عمله كما كان عليه الحال في السنوات الاخيرة.. واختفى!
الأمر لا يحتاج الى تفكير لقد عاد اليهم..
ولكن مالعمل الآن؟ وكيف سيتوصل إليه؟
لابد عليه! إنه لواجبٌ عليه ودينٌ في عنقه.. وهذه المرة.. عليه أن يمسكه بالجرم المشهود حتى يتخلص منه وإلى الأبد!
قطع حبل أفكاره المعقدة والمتشابكة رنين هاتفه..
التقطه بشرود مجيبا -" نعم"
-" خالللللييي ماجيتتتتت ! وين الوعد بتجي على تخرجي !!! "
ابتسم بخفة مجيبا-" هلا حنان فقعتي اذني ترى! ومبروك التخرج"
بضحكة تجيبه-" الله يبارك فيك خالي بس ترا لا تسمن ولا تغني من جوع لازم تجي واشوفك وتهديني يله خالي عاد كم لنا ما شفناك بعد تهون عليك حنان!!!؟"
نواف-" لا ياقلبي انتي.. والله تعرفين وضعي لكن.." سكت مفكرا يميل شفتيه مرجعا رأسه للخلف ثم قال
-" متى حفلتك انتي؟"
بزعل-" طبعا انت فوتّ حفلة الجامعة بس يالله تعال لحفلتي الخاصة والاهم.. بنسويها الخميس ان شاءالله قدامك اليوم الاحد للاربعاء تخلص امورك وتجي هاه خالي؟"
تنهد بتعب مجيبا-" خلاص تم بجي ولا تنسينها لي !"
صرخت بفرح فضحك رغما عنه قائلا-" بس بس ياملسونه فقعتي اذني بصراخك الله يعين الي بياخذك"
بغرور مضحك-" والله طقته السعاااااادة"
بضحكة خفيفة -" ايه بالحيل ! يله عاد حنان لازم اسكر مشغول سلمي لي على امك والكل طيب؟ "
-" يوصل خالي نواف احبببببك وشكرا لانك ماكسرت بخاطري"
-" كم عندي من حنان وحده وناشبه بحلقي الله يعين" صرخت باعتراض
فضحك بخفة مبعدا الهاتف
-" ياملسوووونه بسكر يله بحفظ الله "
عاد لوجهه الجليدي وعقدةِ حاجبيه.. مفكرا.. أن عليه أن يستفيد من زيارته هذه فربما اكتشف شيئا..
***************************************

بعد أن أغلقت الهاتف من خالها الحبيب نواف.. أو بالأصح بعد أن أغلقه في وجهها.. ضحكت.. يقول بأن من يتزوجها كان الله في عونه.. بل كان الله في عون زوجته!
مشت تنفش شعرها القصير جدا.. الاسود الامع.. متجهة الى والدتها هند كي تخطط معها ماتبقى من حفلة تخرجها التي تحضر لها منذ فترة..
دخلت غرفة المعيشة بصخبها
فنهرها والدها مبتسما
مصعب-" بس يابنت شفيك مزعجة!"
ضحكت تركض وتجلس بجانبه تحتضنه بدلال.. -" هذا انا شسوي"
-" لا ياشيخة"
-" اي ياشيخ"
ضحكت والدتها قائلة
-" لا يا انتي وياه ! يله عاد خلونا نكمل تجهيز مابقى شيء على حفلتك"
نهض والدها رافعا يديه وبهروب
-" انا مالي دخل الي علي اني اكون ممول لكم الباقي عندكم راسي مايتحمل دوشتكم يالبنات.. يله سلام"
ضحكت الاثنتين وبدآ عملهما بهمة.. فما أكثر من عشق البنات للحفلات والتجهيزات؟
قالت بعد برهة-" ماما.. مرة كان خاطري هالحفلة تكون باسمي واسم موجعة"
والدتها بأسف-" شنسوي ماما ظروفهم ماتسمح وانتي مابترضين الا بشيء يليق فيك وفي الجماعة المهم انها بتحضر وتنبسط معاك؟"
بشهقة-" اي اكيد ياويلها ماتحضر خير اهي صديقتي الوحيدة القريبة كل الباقي زميلات او صداقات عابرة الا هي.. ثابتة بحياتي"
-" والله انها ونعم بنت مافي منها مؤدبة وخلوقة محظوظة فيها انتي بهالزمن الاقشر!"
-" اي والله ماما صدقتي وحتى هي محظوظة فيني ترى"
قالتها وهي تهز كتفيها وتتدلل
مما جعل والدتها تضحك تهز رأسها بعجز.. فابنتها خفيفة الظل.. وشقية جدا لا حل معها
-" ايه اكيد اكيد يله بس خلينا نخلص ونرتاح حتى نتفرغ حق تجهزنا احنا"
-" يللله"
***************************************

في ذات المكان البديع المترامي مابين سفوح جبال.. إلى مرتفعات منخفضة عن الجبال تنتشر فيها المزارع.. القرية الصغيرة البديعة..
وفي المنزل البسيط اياه.. في ذلك الحي البسيط..
حيث موجعة..
كانت خارجةً من منزلهم متجهةً إلى المزرعة القابعة في الخلف.. تمشي بين الحشائش والشجيرات متجهةً إلى النخيل الشاهق.. إلى والدها الذي يعمل مابين النخيل والتمر ومابين الخضروات فهو مزارع يحرث ويزرع ويحصد ثم يبيع ما يجنيه..
كانت تحمل غداءه في هذه الظهيرة الدافئة.. فحتى صيف القرية كان رائعا ككل تفاصيلها.. فلم يكن بالحار المجزع أبدا نهارا.. أما في المساء فيكون الجو لطيفا منعشا.. من تأثير المرتفعات القابعة عليها القرية وأيضا المزارع في الأسفل..
وصلت حيث البركة ثم توجهت الى الكراسي الموضوعة حولها قريبا من المدخل..
جهزت الغداء على الطاولة ثم نادت على والدها بصوتها الناعم الخافت الخجول..
-" يبه.. يبه الغداء جاهز"
كان قريبا منها فسمعها واقبل مسرعا قد استفحل به الجوع من العمل وأُرهق بحق..
هلل-" هلا موجعة هلا يبه " استدرك بعد ان رآها لوحدها.. -"ومرام وينها ليش ماجت اليوم معك!"
بأسف أقبلت تقبل رأسه ثم قالت وهي تجلس-" سعد يبه تعبان اليوم مو راضية تفك الحرارة"
-" لا حول ولا قوة الا بالله كيف نسيته ! الله يستر عليه بس اخلص شغلي بعد الغداء بسرعة واخذه للمستشفى"
-" ان شاءالله يبه الله يعطيك العافية والقوة"
-" امين يابنتي ويرزقك يارب.."
سمى بالله وبدأ في تناول طعامه مادحا اياها كعادته يمتدح طبخها وطبخ اختها دائما.. قد اخذا نَفَس والدته كما يقول دوما!
تنحنح والدها وقال:
-" يبه موجعة.."
-" لبيه يبه سم ؟"
-" تسلمين يابوك.. ماقلت لك اني ترا مبسوط فيك يشهد الله وانك رفعتي راسي وراس اختك بالشهادة الي خذتيها.. صح ماقدرت اجي لحفلة الكلية واترك شغلي واعتذر لكن.. احمد ربي واشكره الي ارسل لنا ولد الفيصل وهالعايلة كلها جميلهم نشيله فوق روسنا.. وانا مستعد لا توظفتي ابدا انا بنفسي اوديك واجيبك او اعطيك سيارتي تروحين فيها وتجين.. عموما.. هي كلمة بغيت اقولها لاني سبق وكنت معارض هالفكرة بس كنت معارضها للظروف موب للفكرة نفسها.. الله يوفقك ويرزقك يابنتي"
بدموع تترقرق-"امين يبه امين شكرا لكلامك ومايحتاج انا عارفتك زين طول سنين دراستي وانت مراعيني ومريحني وان شاءالله بس هالاسبوع راحة شوي واساسا مشغولة مع حنان وحفلتها بعد لكن ببدا من الاسبوع الجاي ادور وظيفة واساعدك بحمل البيت يبه"
-" الله يرضى عليك يابنتي"
-" امين"
نهض حامدا الله وتوجه يغسل يديه حيث الكوخ خلفه ودورة المياه الملحقة..
وقفت تلملم السُفرة.. فأقبل عليها والدها من الكوخ حاملا علبة صغيرة بحجم الكف.. مغلفة بورق هدايا احمر اللون.. ان الحجم يشبه حجم الهاتف! هل هو هاتف؟!!!
قال بحرج واضح بعد ان تنحنح وتهرب بعينيه
-" موجعة يابوك.. كان ودي اسوي لك حفلة مثل رفيقتك واغرقك من الهدايا لكن انتي اخبر بالظروف.. بس ماحبيت ما افرحك.. سمي يابوك ان شاءالله تفرحين فيه "
اخذته مسرعة تقبل رأس والدها ويديه تشكره ثم قالت مشدوهة
-" يبه هذا الايفون .. الايفون الجديد؟"
-" ايه يابوك.. احم.. سمعتك على بداية الترم تسولفين عنه مع مرام.. ومن ذاك اليوم وانا اجمع قيمته تخبرين 5000 موب شوية لكن تستاهلين والحمدلله قدرت وجبته بالوقت المناسب"
ضحكت بفرح ودمعاتها تسيح.. حضنته وقبلت يده مرة اخرى شاكرةً له من قلبها
فمسح على رأسها مبتسما بهدوء.. ولسانه يلهج بالحمد والثناء والدعاء لها ولابنته الكبرى ايضا.. وابنها اليتيم سعد..
***************************************

في منزل حمود المجد وزوجته رُقية.. كانت الأخيرة على قدم وساق تشرف على تحضير الغداء وترتب طاولة الطعام وتتأكد من زينة الحفلة في الصالة الكبيرة حيث تقبع كعكة من ثلاث ادوار طُبعت عليها صور مسك في مراحل عمرية مختلفة من طفولتها ثم اسمها يتربع وسط الكعكة.. كان المكان مفعما بالسعادة والجمال وقد عملت عليه بنفسها.. ابتسمت برضى من المنظر متمتمة في سرها كم أنها سعيدة جدا لمسك كابنتها وأكثر ! وآه كم تتمنى لو كانت (آلاء) والدتها على قيد الحياة.. ولكن لو تفتح عمل الشيطان فاستعاذت بالله ودعت لها بالرحمة والمغفرة..
دخل الباب آدم.. فوقف مشدوها يتأمل الجمال وجو الحفلات العامر منزلهم ورائحة البخور والشموع المشتعلة تفتح النفس..
اقترب من والدته التي لمحها على باب الصالة الكبيرة تتأمل انجازها وتوثقه بصور..
سلم بصوت مسموع كي لا يجفلها..
التفتت بحماسها وطيبتها المعتادة
-" اشوى جيت ادوم تعال شوف شغلي وش رايك ؟؟"
مازال مندهشا فقال-" ماشاءالله الصراحة قلتي لي بتسوين حفلة بس ماتوقعت هذا كله"
بفخر -" اي تسلم يدين امك وافكارها ومسك حبيبتي تستاهل والله فرحتي فيها ما تتصور قد ايش"
اطرق مبتسما بهدوء -" تستاهل بنت عمي"
بأسف تتأمله.. مدركه لكل مافيه هذا الحبيب.. كم تؤلمها قوته قدر ما تفرحها ! تريده ان يعبر ويشكو ولكنه جَلِد لدرجة تبكيها ! رغم حزنها على مرضه وكسرها والحالة التي وصلتها حين علمت به قبل 4 سنوات.. الا انها قد تأقلمت وتعايشت فإن كان هو صاحب الشأن واقفا رغم ثقل قدميه .. وتعبه وارهاقه.. مكافحا يحاول أن يتغلب ويصلب نفسه.. فكيف لها ان تنهار بل عليها ان تقوي نفسها وتكون له خير العون.. وتفخر به.. ورغم ادراكها لكونه شديد الحسرة لعدم قدرته على اكمال دراسته في الخارج كما كان يحلم.. الا انه ايضا لم يظهر بل ولم يتوانى عن اظهار فرحه وفخره بمسك.. قلبه نظيف حفظه الله لها واراحه ومتعه بالصحة والعافية كي تراه دائما صالبا طوله واقفا بطوله وهيبته..
قالت وهي تراه يتأمل الزينة وقد ارتدى قناع البرود..-" ان شاءالله شوي ويوصلون ارسلي ابوك قبل دقايق.." وبتردد -" ومعاهم ماهر خطيب مسك"
عقد حاجبيه بانزعاج لم يُخفيه
-" مو عاجبني حالهم ابدا !"
-" وش تسوي يا ادم ظروفهم حالت بين زواجهم لكن مصيرهم يتزوجون"
-" وطيب ليش اخذ راحته معاها وباقي مافي صفة رسمية تجمع بينهم!"
-" ادم نرجع ونعيد نفس الكلام كل مرة! طلبتك امسك نفسك ولا تحرجنا وياهم ! خلاص هو خطيبها رضينا او لا والولد يعرفونه من زمان ويعرفون ابوه يعني مامنه خوف"
بازدراء لم يخفيه امام والدته..
-" هو كشخص مو قادر ابلعه عشان اريحكم من غثاي انا ماشي!"
-" نعم ! شهالكلام ادم بزر انت"
-" يمه انتي الي شهالكلام! عندي اشغال ماني فاضي ببارك لهم اول مايوصلون وامشي واريحكم من قلة ذوقي.." وبهمس مبتعدا بعرج وثقل ويده اليمنى ممسكةً بعصاه..
"واريح حالي بعد ! "
تأملت والدته ظهره الشامخ رغم كل شيء..
كم تتمنى على استحياء.. لو كانت مسك له!ولكن ليست كل الاحلام تتحقق.. وابنها عنيد وذو كبرياء تنازل عن .. حبه.. من اجل مرضه.. بل وعزف عن كل النساء والزواج بأكمله فلا يريد ارهاق احد بحاله الغير مضمون! هداه الله لنفسه فكم هي مقهورةٌ عليه وتريد له الراحة والسعادة ! وتريد امرأة طيبة تقف معه حياته الباقية.. تؤازه وتسانده وتطبطب عليه.. اطفال يحملون اسمه ويكونون كالبلسم على قلبه الحزين..
قالت بحسرة هامسة-" ياوجع قلبي عليك ياولدي ياحبيبي الله يعوضك ويجبر قلبك قادر ربي"
***************************************

بعد دقائق.. فُتح باب المنزل فسمعت رُقية صوت حمود يهلي ويرحب فأقبلت مسرعة من غرفة الطعام لاستقبالهم في بهو المنزل..
رحبت وهلت بحمد وماهر واسرعت تحضن مسك وتنثر دمعتين تأثرا والاخيرة تمسك نفسها بقوة حتى لا تنهار مرة اخرى.. قبلت رأسها وردت على ابتهاج رُقية ودعواتها الأمومية
-" خالتي الله يبارك بايامك وشكرا لك على الغداء ماكان له داعي .."
نهرتها بسرعة
-" اسكتي بس ولا كلمة مثل كذا خليني افرح ببنتي الي ماولدتها زي ما ابغى! "
ثم التفتت الى حمد الواقف بجانب ماهر مبتسما بتأثر ووجه قد أُهلك تماما
-" الف مبروك يابو مسك الله ينولك فيها الاعلى والاجمل تستاهل حبيبتي مسك.."
-" الله يبارك فيك يارقية تسلمين ياختي وكثر خيرك .."
-" ابدا ما سويت شيء لا تزعلوني منكم!" وبتحفظ حدثت المبتسم برقي وهدوء وتعالي لا يخفى برغم طيبته وذوقه الذي لن تنكره!
-"اهلا تفضل ماهر.. حياك"
-" الله يحييك خالتي ام .. ادم"
قال حمود عاقدا حاجبيه..
-" الا وينه ادم يارقية؟ لايكون موب حاضر!"
بابتسامة مرتبكة اجابت
-" موجود لاتقلق.. احم تفضلو الصالة حياكم"
فُتح باب المصعد وخرج آدم..
فابتسم ببرود وأقبل يقبل رأس والده وعمه حمد مباركا لهما..
ثم وقف مقابلا لمسك.. التي شعرت وكأن العالم قد توقف.. وخلا إلا منها ومنه.. يتأملها ببرود.. وتتأمله بهدوء و.. سكينة..
لقد اشتاقت اليه! للأسف.. لاتقدر على الانكار.. لم تره منذ فترة..
منشغلةً بدراستها.. وهو لاهٍ بين عملين يُرهق نفسه بهما.. بدون شعور تأملت عصاه العتيقة التي يحملها.. والغصة إياها تسد حلقها عندما تحاول التفكير بما به؟ مابه بحق الله؟ مابها قدمه!
قُطع حبل افكارها بكلمة باردة بصوت أبح يخترق شغاف قلبها.. ومتهكمة ابعدت أي شعور آخر غير الغضب منه !
بسخرية -" مبروك يابنت عمي .. الف مبروك يا خطيب بنت عمي!"
اجابه ماهر ببرود مماثل وتعالٍ هو جزء من طبيعته
-" يبارك فيك"
تتأمل نظراتهما لبعضها.. تلك التي ان كانت تقتل لسقط الاثنين مغشياً عليهما!
ولا تفهم.. لماذا كل هذا؟
تدخلت رقية تمسك يد ادم تشده الى الصالة.. وصائحة بحفاوة مبالغ بها بالاخرى وصاحبها
-" حياكم حياكم يمه تفضلي مسك تفضل ماهر.. طالعو الكيكة شرايكم فيها!"
بدون شعور وجدت مسك نفسها تصرخ بفرحة.. كطفلة! متخلية عن قناع البرود والغرور الذي تلفه حول ذاتها بهالة الا اقتراب / الا احتياج / الا اقبال
قائلة
-" واو واو خالتي رقية ايش هذاااااا!!! يمه طالعو صوري واااااي شكثر كنت اهبل قممممر "
ضحكو.. وابتسم ادم بلا شعور ابتسامة لم يكد يراها احد.. لسرعة ما لملمها مطرقا.. ولكنه لمح نظرة حادة من ذلك الخطيب..
ولم يهتم ! هو بالذات فليذهب الى الجحيم!
بل ورفع رأسه مرة اخرى مثبتا عيناه عليه بتحد وسخرية شديدة باردة.. والاخيرة يحدجه بنظرة نارية..
رن جرس الباب فذهبت الخادمة تفتح.. فدخل يوسف وقد مر على مدرسة ابنه تيم الذي قد بلغ الثالثة عشر من عمره.. عمر حساس جعل علاقته به تتذبذب بكل أسف!
دخل يوسف بابتهاجه المعتاد صائحا يدفع ابنه امامه والذي دخل بغضب مكبوت يقدم ابتسامة مجاملة صفراء
-" مرحباااا بالجميع .. واو شهالابداع يارقية ماتتركين حركاتك انتي؟ وربي ابداع"
ضحكت بفرح لاطرائه"تسلم يوسف ياهلا نورت.. هلا تيم حبيبي كيفك؟"
ابتسم بهدوء هذه المرة وحاول بسط ملامحه فهذه امرأة طيبةً جدا قد احسنت اليه كثيرا..
-" هلا خالتي رقية الحمدلله انا طيب "
تقدم يقبل رأسها وسلم على البقية باحترام..
ولم ينسى ان يُلقي على والده نظرة ناقمة قابلها الاخيرة بتجاهل وهو يلتقط حلوى يضعها بفمه بتلذذ وتجاهل متعمد مكبرا عقله عن هذا الاحمق والذي يكون ابنه..
قال آدم بعد برهة ومازال على وقوفه بجانب باب الصالة بينما الاخرين جلوس.. ويوسف فقط يتحرك هنا وهناك بحيويته المعتادة..
-" احم.. اعذروني انا استأذن عندي شغل مهم.."
قال والده بعدم رضى وبنظرة غاضبة ادركها ادم وتجاهلها..-" وش هالشغل ياولدي مايصبر ! اقعد بس وعين خير تغد وتوكل شوف اشغالك"
القى نظرة باردة صقيعية على ماهر.. الذي يتأمله بتعالي.. وتجاهل سبب بؤسه وعذابه تلك التي تتأمله ببرود وغرور.. رغم النيران التي تحرقها.. شاعرا بنظراتها المسلطة عليه..
-" ما اقدر والله يابوي مضطر.. بالعافية عليكم وشرفتونا.. الف مبروك عمي الف مبروك.. مسك.. انا ماشي بحفظ الله"
لم يعترض احد.. بل ردو السلام.. يتأملون وقفته الشامخة رغم ثقل مشيته وميلانها والعصا العتيقة الغليظة بين اصابع يده اليمنى..
وصل اخيرا الى الباب واغلقه خلفه بهدوء.. ثم استند اليه يلتقط انفاسه بتعب.. وبؤس..
استعاذ بالله وجر قديمه جرا هاربا من كل شيء.. الى اي شيء..
المهم ان يبتعد الآن !
***************************************

عند خروجهم قبيل صلاة العصر من غداء رُقية.. وقف ماهر بجوار مسك التي تتأمل عمها ووالدها يتحدثان.. منتظرة والدها ان ينتهي حتى تقود هي به فيبدو متعبا بحق.. حفظه الله لها ولا اراها به مكروها..
قال ماهر
-" اسمعي مسك خليني اوصلك محتاج احكي معاك بكم موضوع"
ارتبكت قليلا لكنها اجادت الاخفاء قائلة
-" ما اقدر شايف ابوي تعبان بسوق فيه انا واوصله البيت.. واوعدك بالليل اذا حصلي او بكرا نتقابل.. ونحكي.."
بعدم رضى اجابها
-" طيب.. لازم نحكي ترى! لا تتأخرين علي ممكن؟"
" ان شاءالله "
حين اقبل حمد سلم عليه وتوجه لسيارته الفارهة.. ومسك تتأمله.. مفكرة بأن لحظة الصفر قد أتت ولابد للنقاط أن توضع على الأحرف..
ركب والدها بتعب فقالت وهي تستقر في مقعدها وتشغل السيارة
-" بابا قلبي مو مرتاحة شرايك امر فيك المستشفى اخاف زاد عليك شيء"
بتعب اسند رأسه للخلف واغمض عيناه
-" لا يابوك مافيني شيء الحمدلله كلها ارهاق اصلي العصر وانسدح شوي للمغرب واموري طيبة"
بعدم اقتناع توزع نظراته مابين الطريق وبينه..
-" اخذت علاجك تو صح؟"
-" اي يابوك ما شفتيني الله يصلحك بس لا تقلقين ولا شيء طولي بالك"
-" شلون ما اقلقل يبه انت دنيتي كلها مابي يصير فيك شيء!"
-" مو صاير الا الي ربك كاتبه وما بتقدرين تردينه.. وكلي امرك لله وخليك قوية ايمان"
بحزن وغصة اجابته..
-" ونعم بالله.. الله يخليك لي يا يابوي بس"
-" ويخليك لي ياقلب ابوك " وبنغزة "وافرح فيك عروس فبيت زوجك عشان ارتاح"
بلعت ريقها تجيبه
-" ان شاءالله خير يبه.. راح احكي انا وماهر اليوم او بكرا "
-" اي يامسك يبه ماصارت لازم تتفقون وتخلصون من الموضوع كل فترة والثانية متحججين بشيء. انا عارف الاعتراض جاي منك انتي.. الله يهديك لنفسك يابنتي"
بانزعاج اجابت
-" يبه مو بتخطيط مني ظروف صارت وش اسوي! بالاول حصلت له فرصة عمل برى ويبغاني اروح معاه اسفه ما اقدر اتركك واترك ديرتي واسكن هناك حتى دراستي مادرست الا هنا لاني مابغى ابعد.. بعدين بديت دكتوراه ولما جاء كنت بغرق الشغل والتعب.. وهذاني تخرجت الحمدلله.. فبنجلس و.. ونقرر.. ان شاءلله خير"
والدها بشك يتأملها.. يحاول الفهم فقط!
-" وليش للحين احسك مترددة! بعد كل هالسنوات للحين ماتحسين انك تعرفين ماهر!"
-" مو عن كذا.. الا اعرفه وخوش ولد هو بس.. لا تشيل هم يبه ان شاءلله زواجنا وبيتم باذن الله"
-" الله يهديك يابنتي ويسهل امرك"
بشرود افلتت -"آمين" هامسة وهي تركز في الطريق أمامها..
أمتدت يد والدها.. لمسجل السيارة .. والذي يشاركها حب (أبو نورة)
فصدح صوته يشدو برائعته (صوتك يناديني)
فأرهفت السمع كوالدها الشارد بأنظاره على نافذته.. تستمع بقلبها.. وبدمع يتلألأ في مآقيها الزرقاء..

"تذكر.. صوتك يناديني

تذكر.. تذكر..

تذكر الحلم الصغير

وجدار من طين وحصير

وقمرا ورا الليل الضرير

على الغدير..

لا هبت النسمه تكسر !

جيتي من النسيان..

ومن كل الزمان..

اللي مضى.. واللي تغير

صوتك يناديني.. تذكر

ناديتي خانتني السنين اللي مضت راحت..

ناديت ماكن السنين اللي مضت راحت..

كنا افترقنا البارحة..

البارحة صارت عمر

ليلة.. ليلة ابد عيت تمر

ياجمرة الشوق الخفي..

نسيت انا ! وجرحك وفي..

يتذكر الحلم الصغير.."
***************************************

في سيارة يوسف حيث تيم ابنه على يمينه.. يتأمل الطريق من نافذته صامتا متجاهلا أحمق كبير الحجم يسمى والده!
ناداه للمرة الثانية فلم يجبه.. هذا الولد يختبر صبره!
كل هذا من اجل انه رفض ذهابه مع والدته سارة وزوجها الى الخارج كي يكمل الاخير دراسته.. اهو احمق ام مجنون ليدع ابنه لدى ذلك اللزج زوج طليقته! وحتى ان كان رجلا مثاليا هو لن يدع ابنه يعيش ويكبر الا بجانبه هو.. لم يحرمه منها ابدا حين كانت مستقرة في الوطن بل كان يقضي اسابيع عديدة لديها قبل زواجها وبعده ايضا.. اما الآن فهذا صعب جدا.. صعب فهو الوحيد المتخم بوحدته وخيبة أمله.. أيدع الانسان الوحيد الذي يخصه كي يذهب ويتركه ؟! اهو احمق؟!
ان كانت هذه انانية فلا بأس.. انه ابنه بحق الله وتلك.. طليقته تملك الآن زوجا تحبه عوضا عني انا الذي لم يفلح في كسب ودها عوضا عن قلبها! كم كانت تكرهه.. تبث نقمتها من اهلها الذين اجبروها على الزواج منه من اجل مكانة عائلته ورغبة في تشديد اواصر ارتباط العائلتين تجاريا.. وكانت هي الضحية! بل هو الضحية الاخيرة والوحيدة المتبقية في النهاية.. فها هي قد عادت لمن احبته..ابن خالتها المهووس بها! والذي عزف عن الزواج بعدها منتظرا اياها! وها هو ابنه منها.. يتهمه بالقسوة والتحكم ويبث عليه نقمته كل حين لأنه متمسك به!
هل هو ذنب أن يتمسك الأب بابنه الوحيد! بل كل عائلته!
ثم ان والدته ليست بحاجته عليه ان يفهم هذا.. تحب تيم ونعم ولكنهما الاثنين لم يعوضانها عمن خسرت.. والآن وقد حصلت على حبيبها وابنا منه.. ماذا تريد بهما!
مالذي تريده من ابن نسخة مصغرة من زوج سابق امعن في عذابها كما ترى هي..
قطع افكاره وقد اشتد به الغضب واحساسه بالخذلان من كل جانب.. حين
وصلا المنزل ونزل تيم مسرعا.. تبعه بهدوء مصطنع ينادي عليه والاخير يتجاهله مقررا الصعود الى غرفته مباشرةً.. فجأة كف تشد على ذراعه النحيف وتديره بقوة وصرخة اصمت اذنيه
-" تييييييممممم !! لما اناديك ترد علي ابوك انا ماني واحد من اخوياك"
ببرود وعيناه على كل شيء الا عينا والده الشبيهه بعينيه..
-"نعم"
-"طالعني"
-"مابي اشوفك"
-"وليش ان شاءالله! ذابح لك احد انا! حاكيني زين ياولد!!"
صرخ بانفعال مراهق
-" مابيييييك ياخي افهم مابيييك انت انسان متحكم وماتترك الانسان براحته كل شيء تتدخل فيه لبسي اكلي اصحابي دراستي مابي اعيش معك ابي اروح مع امي متى تفهم امي تركتك وراحت لان العيشه معك صعبة وانت كريه"
صفعة على وجهه.. وعينا ابيه لامعة حمراء.. احساس بالقهر والغبن..
صاح يوسف ببحة قهره
-" ما اعرف سارة وش سممت عقلك فيه زي كل مرة لكن اذا انت غبي ومصر ارميك بالكلام الجارح مثل ماتعاملني انا ابوك! فاسمع! امك لقت الي يعوضها عن كل شيء الي تحبه ويحبها لقت زوجها وجاها منه ولد جاوبني اي ولد بتحبه ولد حبيبها والا ولد الكريه الي قدامك"
بارتجاف
-" امي مو مو كذا.. امي تحبني"
بهدوء وعينان تشعان ألما لابنه وله ايضا!
-" امك تحبك بس وش سوت عشان تاخذك مني! ماسوت شيء غير انها تضيق خلقك وتخليك تكره الشخص الوحيد الي يحبك من قلب ومتمسك فيك ومستعد يبيع الدنيا عشان يسعدك! فاهمني؟"
يهز رأسه والدموع تلمع في عينيه..
-" انت تكذب تبي توجعني وبس"
-" انا اوجعك! انا ابي افتح عيونك عشان تفهم بس مين الشخص الي يحبك فعلا ومين الي الي.. استغفرالله العظيم تيم يابوك انت كبير وفاهم وواعي الحين وتذكر كيف كنا عايشين انا وامك.. انا ما اقول امك ماتحبك والا اتركها والا اقطعها.. بس لا توجعني على حسابها! لا تجرح ابوك الي ماعنده غيرك! هي عندها ولد وزوج وام وابو وخوات واخوان بس انا مين عندي غيرك؟"
سقطت دموع ابنه وفر هاربا الى غرفته..
حوقل ومسد شعره بتعب وقهر من تلك ال.. استغفرالله العظيم مازالت تريد ان تعذبه في حياته بوجودها وفي بعدها وحين حصولها على مرادها لا تريده أن يهنأ.. نادى على مربية المنزل الخالة فيروزة فأقبلت من المطبخ مسرعة وهي التي كانت تستمع بقلب وجل فقد كثرت مشاجرات الاثنين الاعز على قلبها..
-" امرني ابو تيم؟"
-" الله يرضى عليك خالة انتبهي لتيم يحبك هو ويرتاح لك خليه بس يهدى شوي وروحي له خليه ياكل واحكي معاه.. خليه يفهم اني احبه اكثر من اي حد ثاني.. انا طالع سلام"
-" حاضر لا تشيل هم ياولدي استودعك الله.. يعني مارح تتعشى هنا؟"
-" لا ياخالة فيروزة طالع مع اصحابي خليه يرتاح مني شوي ويفكر زين"
-" الله يصلح قلوبكم ويؤلف بينكم"
-" آمين آمين.. بحفظ الله"
وخرج ينهي عملا ثم يتوجه الى اصحابه.. بدر والذي يكون ابن خالة لطليقته سارة! وصديقه نواف.. وقد يأتي آدم.. سوف يتصل به ويصر عليه ذلك البارد العنيد!
***************************************

تأكدت من نوم والدها بعد تناول دوائه في العاشرة مساءا.. وكلها خوف ان تنتكس حالته ويصاب بنوبة قلبية أخرى كتلك التي اصابته قبل أشهر.. منذ يومين يبدو مرهقا بشدة.. اطرقت بحزن تتمتم بالدعاء له متجهة الى غرفتها..
استلقت بتعب.. ثم تذكرت خطيبها.. -"اه" خافتة خرجت منها ثم جلست تتكئ على ظهر السرير مقررة ارسال رسالة له تؤكد عليه تعب والدها اليوم.. وتدع حديثهم غدا ان شاءالله..
اختارت ارسال.. وبقيت على حالها تتأمل الفراغ وتموج بين ألف فكرة وفكرة.. أهمها بأن.. أنها لا تريد الزواج!
ولكن مالعمل.. والحلول صفر والخيارات متمحورة حول ماهر خطيبها منذ 4 سنوات.. ! وكذلك والدها المتعب.. لا تريد أذيته أبدا.. ولكن..
ولكن لا يوجد حل آخر.. يامسك كفى عبثا..
ستمضي.. والحمدلله على كل حال
وصلها رد ماهر مؤكدا على لقائهم غدا في مقهى شهير وصاخب ولكن حسنته أنه قريب من شركتهم..
رددت وهي تستلقي متعبة.. ترمي شعرها القصير والذي استطال لانشغالها في الآونة الاخيرة فوصل الى كتفيها.. يضايقها.. لابد ان تقصره اكثر..
-" اللهم اكتب لي الخير حيث كان ثم ارضني به "
***************************************

رن جرس الباب جارا ادم بجانبه غصبا والاخير غاضب بشدة يبعد يد عمه عنه ثم يمسك عصاه جيدا ويستقيم.. بميلان.. هامسا
-" يمين بالله مافي اكره منك يانشبة غصب اجي معاك!! والله حالة!!"
تجاهله بنظرة ممتعضة يمط شفتيه بلا رد وهو يرن مرة اخرى ملحا..
فنهره
-" بس بس فضحتنا ياخي ماتستحي انت خلاص خلنا نرجع شكل خويك مو في البيت"
-" اقول انطم ادم ولا يكثر "
ثواني وفتح الباب وظهر امامها بدر بابتسامة شاسعة.. فتأمله يوسف بابتسامة مماثلة.. وادم يتأملهما ببرود وامتعاض.. قائلا بخفوت ممتعض
-" من شابه صاحبه فما ظلم"
ضحك بدر وصافح يوسف بشبابية وبحرارة ثم شده ودفعه امامه مرحبا.. والتفت لادم الواقف خلفه قليلا متكئا على عصاه والجدار خلفه..
-" هلا هلا بو حمود ابرك الساعات تو مانور المكان.. تفضل تفضل"
-" زاد فضلك"
دخل يتقدمه ببطء.. اغلق بدر الباب ووصل الى الصالة بعد ادم منتظرا اياه بكل ذوق.. ثم ما ان جلس ادم على اقرب اريكة.. راميا بالسلام على نواف الذي يشرب من كوبه ويدقق اوراق امامه بتركيز.. ويوسف يشاغبه..
فجلس بدر قريبا من ادم يتأمل سخافة يوسف المضحكة بالنسبة له والبغيضة جدا بالنسبة لنواف الذي التفت يمسك بعنق يوسف يشد على اسنانه بغيض قائلا
-" اقول ياحضرة الدكتور الحشري بلا سخافتك ماني فاضيلك لا اذبحك الحين"
-" يمه منك حضرة الضابط خوفتني"
خنقه بشدة فسعل يوسف بوجه احمر كاتما ضحكاته.. فتركه نواف مبتسما..
ثم توجه بانظاره لبدر الذي ضيف ادم بكوب شاي..
-" كيف حالك ادم"
-" بخير جعلك بخير نواف"
-" ابد بس ياخوي مرة ثانية تعال بدون هالقرد"
ضحك ادم واجابه يوسف بسخرية
-" لايكون جاي لبيتك بس "
بسخرية مماثلة
-" بيت بدر بيتي والا يابدر" تأمل نظرات نواف النارية ثم نظرات يوسف الذي ضيقها ينتظر رده فقال متوترا لا يدري من يرضي
-" هاه لا ايه لا .. اقوووول يابوي على تبن انت وياه البيت بيتي لا يكثر بس"
ضحكو جميعهم.. وقضو سهرة امتدت الى منتصف الليل متناسين همومهم ومشاغلهم الكثيرة..

.
.
نهاية الفصل السابع


يامور__ غير متواجد حالياً  
قديم 17-06-20, 06:25 AM   #34

Sooooo2

? العضوٌ??? » 420794
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 101
?  نُقآطِيْ » Sooooo2 is on a distinguished road
افتراضي

😔😔😔😔😔😔😔😔😔😔😔😔
حزنت على ادم كثير، واتوقع مسك ما توافق على زواجها من ماهر او يتعرض ابوها لنوبة جديده وتتراجع في موضوع الزواج، ماهر اتوقع داخل على طمع مش حبًا فيها، ننتظر الجاي بفارغ الصبر 🥺استمرررري انا معاك للنهاية😍


Sooooo2 غير متواجد حالياً  
قديم 20-06-20, 11:21 PM   #35

يامور__

? العضوٌ??? » 471914
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 41
?  نُقآطِيْ » يامور__ is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sooooo2 مشاهدة المشاركة
😔😔😔😔😔😔😔😔😔😔😔😔
حزنت على ادم كثير، واتوقع مسك ما توافق على زواجها من ماهر او يتعرض ابوها لنوبة جديده وتتراجع في موضوع الزواج، ماهر اتوقع داخل على طمع مش حبًا فيها، ننتظر الجاي بفارغ الصبر 🥺استمرررري انا معاك للنهاية😍
شكرا لتعليقاتك ، وانا مكملة للنهاية باذن الله❤❤


يامور__ غير متواجد حالياً  
قديم 21-06-20, 12:51 AM   #36

Stella1

? العضوٌ??? » 452012
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 125
?  نُقآطِيْ » Stella1 is on a distinguished road
افتراضي

بارت رائع جدا
وصفك للأحداث نار
الشخصيات كمان حلوة
ننتظر البارت القادم بفارغ الصبر....
لك مني أجمل تحية.


Stella1 غير متواجد حالياً  
قديم 21-06-20, 03:55 AM   #37

Sooooo2

? العضوٌ??? » 420794
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 101
?  نُقآطِيْ » Sooooo2 is on a distinguished road
افتراضي

متشوقة لبقية الاحداث 😍 ، متى موعد البارت ؟؟؟؟
ننتظرك على احر من الجمر🥺😍😍.


Sooooo2 غير متواجد حالياً  
قديم 21-06-20, 10:28 PM   #38

يامور__

? العضوٌ??? » 471914
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 41
?  نُقآطِيْ » يامور__ is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثامن
.
.

إني لأكتم في الحشا حبا لها ، لو كان اصبح فوقها لأظلها
و يبيت بين جوانحي وجد بها ، لو بات تحت فراشها لأقلها
-بشار بن برد


صباح مشرق وتغريد عصافير.. باب يُطرق بإلحاح.. فنهضت موجعة تخبر والدها ومرام بأنها حنان تريد منها الذهاب الى المدينة معها للتسوق.. مصرةً.. فقال والدها
-" ميخالف يابوك روحي معها.. وهاك... هالفلوس اشتري لنفسك"
اخذتها محرجة تشكره وتقبل رأسه وسلمت عليهما..ثم توجهت الى الباب تلبس عباءتها السوداء وحجابها الاسود وتفتح الباب بعصبية مصطنعة
-" بسسس بس فضحتيني!!!"
-" وينك يابنت كم لي انتظر"
-" مادريت انك جادة وبتجيني من صباح الله"
-" وش قالولك بزر اكذب عليك يله يله بس قطعتينا"
ضحكت قائلة وهي تغلق الباب خلفها
-" والله ياحنان مدري وش اقولك لكن تم على كيفك"
حنان بغرور ترقص حواجبها
-" اكيد بكيفي يله قدامي حياتي"
-" بس اسمعي صدق تراني محب اطول بالاسواق خلينا نختار بسرعة ونخلص طيب ؟" حنان بضحكة
-" ما اوعدك "
-" حناااان"
-" خلاص صدق اصلا ماباقي الا الفستان وكم غرض بسيط وانتي بعد فستانك وناكل شيء ونرجع تم؟"
-" تم تم وش بيدي وانتي جارتني من صباح الله"
-" اي عشان يمدينا مسافة الطريق روحة ورجعة"
-" افف الله يعين زملت كارهه طريق المدينة من مشاوير الجامعة"
-" يابنتتتتي راحت سواليف وهذانا نحتفل بتخرجنا"
بضحكة خفيفة محرجة
-" انتي الي تحتفلين الا شوفي ماوريتك ابوي وش اهداني !"
اخرجت هاتفها فصرخت حنان بفرح تبارك لها وترد الاخيرة بفرحة وحرج
" يبارك فيك"
-" تستاهلين حياتيييي ياحبي له ابوك الله يسعده"
-" امين بعد قلبي هو"
-" ماقلت لك؟"
-" ايش؟"
-" خالي نواف بيجي لحفلتي الخميس ان شاءالله"
بلعت ريقها واشاحت بوجهها للنافذة قائلة
-" حياه وانا شكو"
حنان بنغزة
-" اها ايه فعلا بس حبيت اعلمك يعني عشان يمكن قلبك يرفرف شويه والا شويتين"
بصرخة ووجهها الثلجي قد تلون بالاحمر..
-" حنانووه لا تألفين"
-" ايه صح صح أنا عقلي فيه شيء وعيوني بعد "
-" ايه انتي غبية وعمياء فكيني منك حنان!!"
-" طيب طيب اهدي"
تأملت موجعة ضحكتها وترقيصها لحواجبها بقهر ووجه محمر ثم تجاهلتها تماما مدعية الغضب الشديد
حنان تتجاهلها ايضا وهي تضحك.. ففتحت في سماعة السيارة اغنية وبدأت ترقص عليها.. قليلا وشاركتها موجعة الرقص والضحك مجبرة على رقصات حنان المضحكة..
***************************************

منكبا في مكتبه يبحث بين الاوراق والملفات.. يفكر ويحلل ويوقع هذه وتلك..
دخل بدر قائلا بجدية
-" نواف تهديد جديد وصلنا"
-" وين!!"
-"رسالة على جوال الرئيس متعب..!!"
-" عيال الكلب!! ماصارت واضح هالمرة ناوينها بس .. بس وين مقررين صعبة نحدد فبلاد كاملة!! "
-" التهديدات واصلتنا احنا نقول تقريبا العاصمة هدفهم الاول"
-" ممكن بس مانقدر نجزم مانقدر!! اذا الي معاهم الحين اسلحة وذخاير نفس المرة الي فاتت وبعددها صدقني مصيبة وناوينها شر للبلاد كاملة.. حسبي الله ونعم الوكيل"
-" اهدى انت.. ان شاءالله بنقدر نسيطر على الوضع"
-" كيف اهدى يابدر كيف واحنا ماندري كلها رسايل وتهديدات.. طرف خيطنا الوحيد هو مناحي والي اختفى ومن بعد اختفاءه رجعت التهديدات! لازم احصله لازم"
-" اختفى النجس كل مكان دورنا فيه ماحصلناه واهله مايدرون ماعاد تواصل معاهم وهواتفهم مراقبة اصلا"
-" بس هو.. غبي.. غبي ومصيره بيغلط واذا طاح بيدي راح يندم ومارح يفلت منها هالمرة وعد مني"
-" ماعليك اصلا اكيد هالمرة باعها وتوغل فيهم تماما والا ليش اختفى.. بس بنحصله احنا ان شاءالله واكيد لما نحصله بتكون ادانته سهلة وبأدلة وبيروح فيها.. بس وينه !!"
-" اخ اخ يالقهر.. لو تدري احيانا الوم نفسي.. لو قبل 4 سنوات سوينا اي شيء بحثنا كويس وراه عشان نضمن مايطلع.. بس ماتوقعت ابدا انه نجس كذا.. بس تدري"
بدر يتأمله وهو يفكر عاقدا حاجبيه..
-" كان لازم اتبع شكي تتذكر قلت لك هم ماغطو عليه بهالشكل الي يضمن خروجه الا لان هو مهم ! وواضح مهم حييييل للجماعة والدليل اختفاءه الحين"
-" احنا تطمنا انه بالسجن ولهينا باشغالنا.. لكن هالمرة مابيفلت ياصاحبي باذن الله"
-" يارب يارب الله يضعف شوكتهم ونحصلهم ونحمي هالبلد.. الله يسترها علينا يابدر قول امين"
-" امين امين الله خير حافظا.."
-" ونعم بالله"
صمت وكلاهما شاردا بافكاره حول هذه القضية المستعصية..
قال نواف فجأة..
-" اسمعني انا نازل للقرية الخميس عشان حفلة بنت اختي.. تعال معاي"
-" وليش ان شاءالله!!"
-" مدري احس لو نبحث زيادة هناك بشغله وتجارته واهله .. بنفسنا يمكن نحصل شيء يوصلنا له.."
بعد تفكير اجاب بدر
-" تدري.. خلاص بيجي معاك يمكن نطلع بشيء فعلا"
"- محنا مطولين.. خميس جمعة وسبت راجعين.."
-" تم على خير"
***************************************

دخلت الى المقهى القريب من شركة المجد منتصف النهار.. تتلفت الى ان وجدته اخيرا يؤشر لها مبتسما.. اقتربت بهدوء ترد الابتسامة له وبثقة تجلس ملقية بالسلام.. رد عليها..
-"وعليكم السلام اهلا وش اخبارك عقب امس؟"
-" الحمدلله وانت كيفك؟"
-" طيب.. والوالد بشري عنه؟"
-" لا الحمدلله احسن.. احم" انزلت رأسها بعد احساسها بنظراته العميقة الحارة التي تفترس ملامحها.. ثم رفعت رأسها تشبك اصابعها وبثقتها المعتادة الفطرية ونبرة صوتها المميزة تحدثت..
-" تفضل ماهر.. احكي الي بخاطرك"
-"يعني عارفة ان بخاطري اشياء"
-" ادري.. ومعاك حق لكن صدقني الظروف هي الي حالت بيننا مو شيء ثاني"
-" يعني افهم من كلامك انك راضية فيني كزوج بس الحب ما وصل لقلبك فعادي ماتفرق معاك نتزوج الحين بعد سنة بعد عشر سنوات عادي عندك لاني انا عادي بالنسبة لك.. صح؟"
تنحنحت ونفضت عنها الاحراج مقررة الحديث بصدق وصراحة.. فلابد لأي بناء أن يبنى على أسس واضحة وقوية.. أهمها الصدق..
-" ماهر.. ما ابغى اكذب عليك وبحكي بصراحة"
-" وهذا الي ابغاه منك!! لا تكذبين احكي واصلا.. هه بقولك على شغلة حتى لو كذبتي بلسانك عيونك تفضحك"
بلعت ريقها تعقد حاجبيها الجميلين وبريبة
-" كيف يعني؟!"
-" مو مهم.. جاوبي على سؤالي الحين.. انا عادي بالنسبة لك وما قدرتي تحبيني طول هالسنين؟"
-" ماهر انا اسفة بس القلوب مو بيد اصحابها.. بس هذا ما يعني انك سيء بعيوني بالعكس ماتتخيل شكثر احترمك ومعجبة بشخصك كثير ولا يعني اني.. اني مثلا في قلبي حد ! لا لا بس ماقدرت وما يعني انك انت مو أهل للحب بالعكس بس المشكلة فيني"
-" عارف.. المشكلة مو فيك في قلبك وهذاك كذبتي"
-" بايش!!"
-" قلبك يابنت حمد مليان.. فيه غيري.. وانا بس حاولت افهم وش موقعي من الاعراب الفترة الي راحت كلها.. بالبداية كذبت عيوني.. وكذبت احساسي.. بس بعد تهربك مني ومن زواجنا وتحججك باي عذر.. ولا كأن المفروض تكونين مع الي حيكون زوجك في مختلف الظروف وما تكون حائل بيننا.. عموما في الاخير ماعاد فيه مهرب ولا اي حجة.."
-" انت وش تقول! ماهر؟"
-" اقول انك تحبين ولد عمك وعلى فكرة.. هه .. اهو بعد يبادلك الشعور ولا انتي ولا هو حاسين.. عموما انا بقولك الحين.. اني حاولت كثير ومافي نتيجة.."
بانفعال تجيبه وبصدمة
-" انت تخبص شهالكلام ؟ انا جاية بنتفق على زواجنا بس بس ماتوقعت هالكلام منك!! مو صحيح على فكرة! انت تتوهم!"
-" اه فعلا.. خليني اكمل كلامي ممكن؟"
-" تف.. تفضل"
-" جاني وقت اقول مو مهم خل الاثنين يحترقون انا شكو فيهم؟ في النهاية انا فزت ببنت ولا كل البنات جميلة وغنية ومحترمة وتشرفني.. وللاسف خذت مساحة بقلبي! بس بعدين حسيت اني افقد احترامي لذاتي يامسك.. ان زوجتي يكون قلبها مو ملكي ملك حد ثاني!! ايش يخليني ارضاها لنفسي بينما اقدر احصل الي تحبني بكل مافيها!"
بصدمة وفم مفتوح تتأمل وجهه.. وحاجبين معقودين تحاول استيعاب ماتفوه به
همست
-" وو.. ويعني؟"
ابتسم بهدوء.. يتأمل تحفة بشرية.. متوغلا في عينين بأحداق زرقاء صافية.. مستوعبا حجم خسارته.. ولكن خسارة حب ولا خسارة كرامة! ينتهي الآن منها قبل أن يجرب قربها أكثر فيذبح نفسه ويؤذيها هي بعلاقة غير صحية محكوم عليها بالفشل..
-" يعني يامسك.. احنا بننهي الي بيننا.. الي اساسا مايحمل صفة رسمية.. والوجه من الوجه ابيض.."
-" ماهر.. انا.."
-" لا يهمك.. ترى ماجاني منك اي سوء مقصود بالعكس كنتي رسمية معاي وعمرك ماخطيتي.. لدرجة مستفزة ! عموما سامحيني لو قد غلطت عليك انا في حاجة ولا انفعلت.. ولا تشيلين هم ابوي وابوك انا بكلمهم ان شاءالله"
-" اسفة.. جد اسفة! انت متأكد انك بتسحب نفسك كذا ؟! والله ماكنت متوقعة هذا كلامك كنت جاية على اساس بنحدد يوم زواجنا وراح امضي بهالزواج.. لكن"
-" لا لكن ولا اي استدراك انا انقذت نفسي وانقذتك.. انتبهي على حالك واتمنى اكون ذكرى حلوة مرت في حياتك!"
-" ماهر!"
-" اي يمكن ما اشوفك قريب لاني ناوي استقر بدولة شغلي الجديد .. واتزوج من هناك.. "
بصدق ومن كل قلبها رغم صدمتها
-" اتمنى لك كل خير من قلبي ياماهر انت شخص رائع ومحظوظة الي بتفوز فيك.. صدقني انت مثالي ماشاءلله عليك واسفة !"
-" لا تتأسفين.. وشكرا لاطرائك.. وانتي بعد اروع بنت قابلتها في حياتي.. ومحظوظ ولد عمك.. ان قلبك ملكه.."
-" ماهر شهالكلام !! مو صحيح!!"
ضحك برقي ونهض بتعاليه الفطري يعدل نسفة شماغة.. ثم حين وقفت مد يده يصافحها.. شد على يدها بقوة.. ثم قال..
-" رحلتي بكرا ان شاءالله.. اشوفك على خير مدري متى! لكن كوني بخير ولا تضيعين عمرك اكثر ولا تكابرين وبعد لا تسوين اشياء لصالح الناس على حساب نفسك.. خذيها نصيحة مني"
ابتسمت بامتنان.. تهز رأسها ودمعات تسبح في عينيها..
ردت ..
-" شكرا .. وتوصل بالسلامة.. دربك اخضر ماهر"
-" واياك.. استودعك الله.."
-" بحفظ الله!"
على وقفتها تتأمل مضيه.. وحزن خفيف يغشى قلبها وامتنان.. امتنان قوي لكونه حررها وبادر هو.. امتنان رغم حزنها للذي سببته له وكيف استشعر هو انها مغلوب على امرها.. وواقعة في شرَك الحب!
كم هو رائع ومثالي ولكن المشكلة انه ليس بآدم! يالغباءك ياقلبي هاقد ضاع عليك انسان رائع بهذا القدر.. من اجل احمق جامد.. أقال ماهر أنه يحبني؟!! يالها من مزحة ثقيلة..
بلعت ريقها والصدمة في الواقع لم تغادرها.. فكيف تأتي من أجل تحديد موعد الزفاف والغصة تخنقها ان لا مفر هذه المرة.. وتغادر حرة من أي التزام.. سبحانك يارب !
" يارب اجعلها خيرة لي وله وعوضنا خير "
***************************************

عادت الى الشركة شاردة تفكر ومشدوهة مازالت غير مستوعبة.. قررت عدم الصعود تشعر بالضيق وتريد استنشاق الهواء.. والتفكير.. فلتذهب الى مكانها السري المُنتحي بعيدا عن اي عين متسللة..
مشت في الممر المحفوف بالشجر والنخيل الى ان وصلت الى كرسيها.. جلست بهدوء تضع ساق فوق الاخرى.. واغمضت عينيها تستشعر هبوب نسمة لطيفة انعشت دفء الطقس..
وراحت تفكر.. كيف يعقل هذا يامسك؟
أغارقة أنتي إلى هذا الحد؟ فهاقد لاحظ عليك ماهر.. وهرب مؤمنا بقوة مشاعرك لذلك ال.. البغيض.. ماعاد بإمكانها أن تنكر.. هي تحبه حد الوجع.. تحبه وتتمنى لو تكسر تلك العصا التي يستخدمها.. كم تحتار بسبب اصابته؟
ولكن لا احد اخبرها.. لا والدها ولا خالتها رُقية ولا عمها يوسف هؤلاء الذين قد يخبروها.. ولكن لم يخبروها هم ولا أحد غيرهم.. ولم تتجرأ وتسأل!
جل ما تتمناه الآن أن تحافظ على سرها الذي كشفه شخص حتى الآن.. فلتصمت ياقلبي ولتنطفئي يا عيناي فلا تلمعي حين تريه.. فهل رأيتي قمرا؟ إنه مجرد آدم
بعرض منكبيه.. وعيناه الباردة.. ووسامته القاتلة.. وصوته الأبح.. وعصاه العتيقة.. وميلانه مشيته.. وشموخه رغم الميلان!
تبا.. كم.. تحبه.. !
***************************************

يوم الخميس.. ازدحام في قصر العائلة العتيق عصرا.. حيث الخدم يرتبون والعمال يتأكدون من وضع الزينة في الخارج والطباخين على قدم وساق يعملون من أجل الضيافة والعشاء..
كانت حنان في غرفة علوية تتخذها غرفة لها في قصر أجدادها..
تصرخ بعنف في الهاتف
-" ياااامووووجعععععة وجع يوجع عدوك يالمحزم الفاااااضيييي وينك للحيننن ماجيتي"
موجعة تبعد الهاتف قليلا.. ثم تلتفت بحرج لوالدها الذي ابتسم.. مدركا شقاوة حنان.. يقود سيارته باتجاه قصر الفيصل..
اعادت الهاتف الى اذنها وردت بقهر تشد على اسنانها
-" قصري صوتك ياخي فقعتي اذني!!"
-" موجعة اخلصي ويينننكككك لا اذبحك!"
-" اففف منك اقولك تكلمي شوي شوي هذاني بالطريق مع ابوي فضحتيني ياخي!"
ضحكت باحراج واجابت ممسكة بفستانها تضعه على جسدها تتأمله
-" يختي وش اسوي احسبك للحين فبيتكم يله بسرعة اذا جيتي نحكي"
-" بالله"
-" طوط طوط"
همست بقهر
-" سكرته بوجهي قليلة الادب"
ضحك والدها.. مرددا الدعاء لها ولصاحبتها بالستر والصلاح والرزق والتوفيق دنيا وآخرة..
وصلت.. ثم دخلت باب الحديقة المشرّع.. تتأمل العمال والزينة والازعاج من حولها..
ثم وقفت بحيرة حين دخلت باب المنزل لا تعرف من اين تتجه؟
اخرجت هاتفها بقهر من حنان اللامبالية.. رأت خادمة مقبلة نحوها فقررت ان تسألها بدلا من الاتصال بتلك المزعجة..
-" لو سمحتي وين احصل حنان"
-" اهلا انسة موجعة شرفتي.. انسة حنان تنتظرك فوق.." نداء من احدى الخادمات تصيح فيها بغضب ان الرئيسة غاضبة منهم..
فارتبكت وردت بحرج ووجه محمر وبسرعة
-" عذرا انسة موجعة مقدر اوصلك لكن بوصفك لك الغرفة اصعدي من السلم في البهو وبعدين ثاني غرفة على يمينك متواجدة فيها الانسة حنان.. والحين عن اذنك.."
ثم هرولت مسرعة الى المطبخ..
تأملتها موجعة بارتباك.. ثم قررت الصعود..
صعدت من السلم الكبير الطويل تتأمل تفاصيل المنزل والدرج الفخم.. ثم الألواح على الجدار.. تضم صورا لافراد العائلة.. وصلت اخيرا..
وقفت تتأمل السيب الطويل بحيرة تحاول التذكر.. هل قالت ثاني غرفة يمينا ام يسارا !
لقد نسيت!! ضربت جبهتها بقهر
-"اففف منك ياموجعة امداك تنسين ! والله نسيت وش قالت وتتكلم بسرعة.. اف ان شاءالله مافي احد غريب؟! بجرب همممم اليسار! بسم الله"
اقتربت.. طرقت الباب بهدوء طرقتين.. ثم فتحته بسرعة دون انتظار الرد..
مبتسمة وصائحة
-" هلووووو..."
شهقت وجحظت عيناها لما رأت.. أو لمن رأت..
واقفا الى سرير امامه.. هاما بخلع قميصه المفتوحة ازرته لكنه توقف.. ملتفتا برأسه الى الخلف باستغراب وحاجبين معقودين.. ثم حين ادرك من هي.. دار بكليته امامها متخصرا.. مبتسما بسخرية شديدة..
-" هلوو فيك !"
بلعت ريقها وقررت الاعتذار ثم الانسحاب.. اطرقت برأسها هامسة همسا لا تعرف كيف وصله!
-" اسف. اسفة.. حسبت هنا حنان"
ثم خرجت مسرعة دون ان تغلق الباب..
نادها بسرعة
-"لحظة وقفي" فوقفت تغمض عينيها بخوف واحراج.. ثم التفتت.. رأته متكئا على الباب بذات بسمته الكريهه الساخرة.. مكتفا يديه..
يتأملها.. فأنزلت رأسها.. تشبك يديها أمامها بارتباك شديد.. ورجفة..
استقام في وقفته بعد ان تأمل كل شبرٍ فيها.. لم يرها منذ سنة ربما! لا يذكر بالتحديد..
تحدث بهدوء..
-" حنان بالغرفة الثانية الي على يدك يمين.."
همت بالذهاب فناداها باسمها هذه المرة.. فوقفت تشعر برغبة بالبكاء.. انها تخافه وتأمن له يثير حنقها بسخريته منها ومعجبة بكل تفاصيله!
-" موجعة"
-" هل هل ه.. هلا"
-" الف مبروك تخرجك"
بصدمة تأملته.. وجهه هادئ بلا سخريته المقيتة..
بلعت ريقها واجابت بخوف/حرج/حشرجة بكاء
-" شكرا كله بفضل الله ثم انت"
ابتسم ابتسامة صغيرة جدا وعقّب..
-" ماسويت شيء.."
-" بالعكس.. احم عن اذنك"
وركضت مسرعة الى الباب المقصود..
***************************************

تأمل جريها مسرعة ثم دخولها بشكل أسرع وإغلاقها للباب خلفها..
تعمقت نظراته.. وهام في ذكرياته لآخر مرة رآها فيها وهي المرة الوحيدة من بعد تلك المصيبة التي كادت أن تقع على رأسها في بيتهم!
لم يصادفها أبدا.. أبدا.. ولم يحاول حتى.. بل كان يعذب ذاته ويحجم أي رغبة دنيئة في رؤيتها وإن من بعيد.. مجرد لمحة.. لم يكن يرضاها.. بل كان كابحا لجماح نفسه.. ورافضا أن يعترف بأن كل هذا بسبب مشاعر .. فهو يكره المشاعر!
نعم هي كغيرها ولم تنقش اسمها بوجع في قلبه وزوايا ذاكرته !
هي كغيرها.. وإن زارته في منامه تبكي ! ولا يدري لما؟ لماذا تبكي بحق الله.. دوما؟ بل وتستنجد به.. يالها من أحلام مريعة بل كوابيس يصحو عليها بين فترة وأخرى.. فيجد نفسه متصلا على حنان في الصباح الباكر يسألها بشكل عام.. عن الجميع.. كيف حالهم؟!
نعم.. هي كغيرها وهو لا يهتم..
لذلك لم يحرص على رؤيتها طيلة السنوات الفائتة.. أراد أن يثبت لنفسه ولذلك الهمس الخفي.. الذي يخبره بأنها ليست كغيرها..
بأنها كغيرها!
***************************************
قبل سنة.. كان في طريقه من العاصمة الى قريتهم.. تبقى له ساعة تقريبا ويصل.. كان قد اخبر والدته عن قدومه.. ورده اتصال منها فاستغرب.. مابهم؟
رد عليها بتحفز
-" هلا يمه هلا بالشيخة امريني عسى ماشر؟"
-" هلا يمه نواف وشلونك ؟"
-" بخير عساك بخير هذاني بالطريق قايلك بخلص شغلي بدري وبجيكم تامريني على شيء فيكم شيء!"
-" ابد ياولدي الحمدلله بس هذي حنان وصديقتها بنت وافي.. السواق اليوم انشغل في تعب ولده الصغير وماقدر يرجعهم اذا تقدر تمر على المدينة ترجعهم معك ما حصلنا احد الكل لاهي"
نظر لساعته التي تشير الى 11 صباحا..
وسألها..
-" وهم متى يخلصون دوام؟"
-" وحده ونص "
-" زين زين يمديني اجل ما اتأخر عليهم.. يله هذاني بروح لهم توصيني على شيء ثاني؟"
-" الله يرضى عليك ياولدي ماكان ودي نتعبك وانت جاي وماسك طريق بس شنسوي رحمة من ربي انك جاينا اليوم والا كان تورطنا في البنيات"
-" ابد الحمدلله اي تعب يالغالية؟ خيرة جيتي صدقتي يمه ولا يجلسون هناك ويتأخرون.. يله بحفظ الله.."
-" الله يحفظكم ياولدي"
اغلق واتجه مع المخرج المؤدي لطريق المدينة منعطفا الى اليمين.. ومحاولا الاسراع فتبقى ساعة ونص على المدينة.. سيصل في الوقت المناسب ان شاءالله..
حين وصل.. في الواحد والربع تقريبا..
اتخذ موقفا جانبيا ثم اتصل بحنان..
فاجابته بانهن قادمات.. عقد حاجبيه حين رآها مقبلة مع حنان.. خديها حمراوين من اشعة الشمس اكثر من حمارها المعتاد.. حجابها ابيض وتمشي بجوار حنان تبتسم لقولها بحرج وعيناها.. آه من عيناها.. قد كحلتهما من اعلى فبدت.. موجعة بحق!
هز رأسه بعنف طاردا تأثيرها وهمس شاتما.. ثم استغفرالله وارتدى قناع الجدية..
فتحت حنان الباب بجانبه وركبت تسلم بصخبها المعتاد..
رد السلام ثم استقبل حضنها كعادتها حين تراه وكعادته ضرب مؤخرة رأسها مبتسما بخفة..
كانت موجعة تبتسم بخجل وتشتت نظراتها بينهما وبين الطريق.. التفتت حنان الى وقوفها ثم قالت بدهشة
-" بنت شفيك اركبي!! حرقتنا الشمس "
-" طي.. طيب"
كان مسلطا انظاره على الشارع امامه.. سمع همسا خافتا بالسلام.. ثم اغلاقها للباب.. فرد عليها..
-" وعليكم السلام.."
-" شكرا خالي ما خليتنا نخيس في الشمس والحر اشوى انك جيت"
-" اي كثر الله خيري"
-" امين يالمغرور"
ابتسم بخفة.. وعدل من المرآة الامامية.. فسقطت انظاره عليها..
لحظة فقط.. ثم اولته جانب وجهها المنحوت.. وخدها المحمر..
شعر باطمئنان لانه رآها بخير.. واحس بذلك..
استعاذ بالله من شر شيطانه وكوابيسه..
وانطلق متجها الى القرية..
حين وصلوا انزلها اولا في منزلهم ثم توجه الى قصر عائلته.. سألته حنان بنظرة ذات معنى..
وبنبرة تحقيقية كان بوده أن يضحك ولكن هيبته لم تسمح بذلك فتلك الشقية قد تجاوزت الحد.. هو يعذرها ولكن يعذر نفسه ايضا !
-" ها خالي تطمنت عليها بنفسك ؟ شفت انها بخير ؟"
-" وش قصدك؟"
بنظرة جانبية
-" مادري عنك!"
-" مادري عنك انتي! يابنت استحي واحترميني شهالتلميحات !"
ضحكت ثم قالت
-" معليش خالي نواف حركاتك تشكك ماني متطمنة لا لك ولا لها بعد"
-" عفوا؟ وهي شفيها ؟"
-" ولا شيء"
-" حنااااان!"
-" اوف خالي مافيها شيء شفيك ؟ وتلومني يوم اشك"
ضربها على رأسها مندهشا
-" يابنت رجال يخافون مني وانتي تشكين فيني بهالشكل!"
-" والله عاد انا صديقتك ولاتنكر ياخالي ماني موظفة عندك" قالتها ترقص حاجبيها
فضحك هازا رأسه
-" مامنك فايدة وربي لكن اسمعي اخر مرة اقولك طلعي الخرابيط ذي من راسك واحترميني وجع"
-" اوف طيب !"
-" لا تتأففين!"
-" اوف... طيب طيب خلاص لا تناظرني كذا"
ابتسم رغما عنه.. ولانت نظراته فهذي الغبية ليست صديقته بل ابنته ان صح التعبير!
***************************************

حين غابت الشمس.. بدأ احتفالهم.. كانت الحديقة بديعة المنظر بالزينة والانوار والطاولات وما تحتويه من اصناف الحلوى والطعام والشموع.. كان الجو رائعا والهواء لطيفا..
اقبلت حنان بفستانها الاحمر وشعرها القصير تضحك لهذه وتسلم على هذه ثم تتراقص قليلا مع احدى الزميلات.. ثم تتجه لموجعة الواقفة بهدوء وابتسامة بجانب مرام الناعمة وشيخة ابنة خالتها..
موجعة ذات الرداء الاصفر.. تاركةً شعرها الطويل الاسود مسرحا على ظهرها ورغم انه ضايقها كثيرا وارادت رفعة فهو طويل وكثير.. الا انها تحاملت على ضيقها وابقته هكذا مسرحا.. كانت تبدو كطفلة.. ومرأة في آن واحد.. الاصفر اضفى عليها طابعا بريئا مع براءة ملامحها وبداعة خلقها ثم شعرها الذي اكمل اللوحة البديعة على قد نحيل ولكنه مثير ايضا ببشرتها الثلجية..
سحبتها حنان لترقص معها فرقصت بخجل..
كان الحفل رائعا..
في جانب اخر من القصر.. كان نواف مع صاحبه بدر يجلسان في غرفة بعيدة نسبيا عن هذا الصخب والتجمع النسائي.. بجوار والده محمد.. تجاذبو اطراف الحديث قليلا ثم حين نهض والده الى غرفته فموعد نومه قد حان.. نهض الاثنان ليخرجان من الباب الخلفي حيث الجلسة الخلفية حتى يصلان لبوابة القصر.. وذلك كي يتجنبان النساء في الجهة الاساسية للقصر حيث الحديقة الكبيرة والتي تصل الى البوابة بممر كبير..
عند وصلوهما للمر الموصل للبوابة لمح نواف مجموعة فتيات يتراقصن فغضب وتحرج من الموقف ومن وجود صاحبه الذي وقف قليلا لثوانٍ فاتحا فمه ثم اصدر صفيرا منبهرا.. وانفجر ضاحكا حين لكمه نواف على جانبه بعنف فتأوه بدر عاجزا عن السيطرة على ضحكاته..
اما نواف فكان غاضبا ولكن فجأة لمح من بينهن حنان وبجانبها.. تلك الحمقاء الاخرى ! مالذي تفعله بلون فاقع كهذا!
فغضب بشدة وسحب بدر بعنف والاخير يتلكأ بسخافة قائلا
-" احم اصبر طيب خلني امشي بروحي لا تسحبني كني خروف"
-" هه قلتها بنفسك خروف ياخروف سكر فمك ذا وامش ياقليل الحياء ماا استحيت مني في بيتنا وماتكسر عينك ياعديم المروءة"
-" اهدى اهدى بو محمد ههههههههههه اهدى مو قصدي بس انت تعرفني انصدمت بس والا مو قصدي وانت ادرى باخلاقي اسف حقك علي"
-" ايه فعلا انا ادرى باخلاقك الخايسة"
-" افاااا حرام عليك"
-" امشش اطلللللع الشرهة علي"
-" هههههههههههه احم اسف اسف بس تصدق انا قررت اتزوج واتزوج من قريتكم بالذااات شهالجما... اااااه نواااف !!" صرخ بوجع ووجه ضاحك متألم في آن واحد بسبب قبضة نواف الذي ضربته في معدته..
توقف اخيرا والقاه على سيارته الجيب ثم التفت بغضب وطلب رقم شيخة..
لملم بدر ضحكاته حين استوعب غضب صاحبه فوجهه محمر تماما ما باله لقد كان يمزح وهو يعرفه ويعرف بانه لم يطل النظر فقط النظرة الاولى التي يملكها ثم كسر عينه وبدأ في المزاح الذي يبدو بانه اغضب نواف بحق!
ابتعد نواف قليلا ثم صرخ بصوت مكتوم غاضب اوقف قلب من على الطرف الآخر..
-" شييييييييييخة !"
-" سم سم خالي شفيك!"
-" قولي لحنان الزفت تنقلع عن الممر الي يودي للبوابة عندها الحديقة شكبرها فضحتني عند صاحبي هي والي معها يتراقصون قدام الباب !"
-" اوه اسفين خالي بدون قصد الحين انبه عليها"
-" اي خبريها وصاحبتها بعد! واستحو على وجيهكم مالها داعي المبالغة وبعدو عن المداخل !!"
بهدوء ولمحة زعل في صوتها لصراخه هذا في اذنها.. اجابته..
-" طيب خالي.. واسفين ماكانت مقصودة”
تنهد.. ثم قال
-" اتصلت عليك انتي مابغيت اهاوش حنان بيوم حفلتها.. مع انها تستاهل كسر راس! لا تزعلين ! "
-" ولا يهمك خالي.. حصل خير"
-" اي خير وصاحبي شاف.. استغفرالله العظيم يله حبيبتي بسكر واسف على صراخي.. سلام"
-" سلام!"
تنهد وعاد بانظاره الى صاحبه الذي يتأمله مضيقا عيناه يحلل مابه! فصرخ نواف
-" خييييير !"
بادعاء الخوف شهق بدر ووضع يده على صدره ثم بسمل وركب في المقعد الرديف متمتما
-" الخير بوجهك"
ركب نواف واغلق بابه بعنف ثم شغل سيارته ومشى في طريقه الى حيث نوى مع صاحبه وهو يخرج سيجارة ويشعلها مستغفرا بهمس.. همس بدر وهو يفتح نافذته
-" اقسم بالله خنقتني"
-"نعععععم؟!"
-" ولا شيء يخي بكيفك احرق حالك بس المشكلة اني معاك وبتحرقني معاك!"
-" بقلعتك !"
-" مجنون يمين بالله"
-" ايه مجنون شتبي "
-" مابي شيء غير الله يصبرني لين بكرا وارجع وابعد عنك يومين يومين مارح اشوفك فيهم"
-" لا عاد يابدر تكفى شلون بتنفس هاليومين"
-" حبيبي حاس فيك لكن اجلس دخن واحرق اعضاءك لين يجي الاحد وتشوفني"
-" يبوي كل ***"
انفجر بدر ضاحكا فهذا الاحمق عصبي بذيء اللسان لا نفع معه.. ولا غنى عنه للاسف!
***************************************

في جانب اخر.. في شركة المجد والذي اقامت حفلها السنوي لذكرى تأسيسها العشرون..
كانت مسك بفستان اسود يضيق من عند الخصر ثم يتسع باكمان واسعة قليلا وانيقة.. ثم توربان ابيض على رأسها وتزين عنقها المغطى بياقة الفستان بوشاح انيق فضي اللون..
عيناها الزرقاوين كحلتهما من الاعلى فبدتا مسحوبتين كعيني قطة.. واكتملت لوحة الجمال المتحرك باحمر شفاه دموي اللون.. وابتسامة تنبئ عن صف الماس مرصوص وغمازة تحفر خدها الايسر..
واقفا في جانب من القاعة يتجاذب اطراف الحديث مع رجال اعمال مهمين.. وعيناه تجوبان بحثا عنها.. وحين رآها تطرق الارض بكعب حذائها.. مبتسمة ترمي بسهامها الزرقاء هنا وهناك..
شد على عصاه بقوة.. وانشغل عن حديث الرجال حوله بها وحولها ولها.. يتأمل مشيتها الى ان وصلت اخيرا الى عمها يوسف الواقف مع رجل وامرأة يتحدثون عن شيء ما..
سقطت انظاره في بحر عينيها.. كم تقولان الكثير ولكن.. هو لا يفهم!
يؤسفه أنه لا يفهم عيناها الناطقتين.. أميٌّ وجاهلٌ هو وفاشل.. فلم يفده علمه بقراءة عينا محبوبته!
بالمناسبة.. انها حرة الآن يا آدم!
ولكنك مكبل بقيد المرض ياهذا الذي لن يتركك.. وبهذه العصا التي تتأملها هي كثيرا.. هل تراها محتارة بأمره؟ أم هي لا تهتم مطلقا وإنما لمجرد الفضول ؟
سحب عيناه محاولا النجاة من الغرق في هذا البحر العميق.. والذي قد اطبق على انفاسه وتشبعت رئتيه به فلا فائدة ان جدف وان شد وان اشاح فقد غرق وانتهى الامر!
ولكن على الاقل فليلملم شتات روحه فهي لن تصبح له بل لن يحاول حتى..
هكذا افضل له ولها..
لن يحتمل نظرة شفقة واحدة من عينيها ابدا.. يُفضل الموت على ذلك !
انه معقد لهذه الدرجة ولكنه مرتاح بعقده هذه.. !
***************************************

حين وصلت الى عمها يوسف وقفت وسلمت مبتسمة بثقل وجمال لمن معه وتجاذبو اطراف الحديث قليلا حول العمل والشركة وهذه الامور.. ثم انصرف الاثنين.. فالتفت يوسف اليها سائلا
-" مسك وش صار على ابوك للحين زعلان؟"
برطمت ثم تنهدت بهم
-" اي عمي للاسف! يقول كله منك ماخذتي الموضوع بجدية!"
-" هممم شويه صادق هو"
-" لااا عمي حتى انت! صدقني ظروف ظروف حالت بيننا انتم تشوفونها اعذار بس صدق ماكنت اقدر اوافق ونتزوج بهذيك الفترة لان لان.. خلاص ليش احكي بالاخير هو الي سحب نفسه وش اسوي انا!"
-" طيب طيب اهدي انا ما الومك، اساسا تدرين بقولك على شغلة اخيرا اقدر اعبر عنها ! "
بفضول سألته
-" ايش هي؟!"
-"عمري ماشفتكم لايقين على بعض مو لانه سيء هو كماهر بالعكس ونعم فيه بس ككيمياء بينكم سبحان الله احس فيه شيء غلط"
ابتسمت باحباط.. ثم قالت
-" كلشي خيرة ونصيب الحمدلله وانا راضية بنصيبي واصلا ما يهمني اتزوج بس ابوي مصر يزوجني عشان يرتاح مدري حالتي الحين تكسر الخاطر مثلا او ناقصني شيء الحمدلله مو محتاجة اي شيء ولاهية بشغلي بس مو راضي يقتنع!"
-" لا يامسك شهالكلام الزواج سنة الحياة وشلون بتبقين طول عمرك وحيدة لا زوج ولا شريك ولا ابناء يوسعون صدرك!"
برطمت مرة اخرى ثم قالت باحباط فغضب والدها الصامت ذاك منها يؤلمها كثيرا.. كم تريد ان تريحه ولكن ما العمل؟! وقلبها ماذا تفعل معه؟!
-" خلاص عمي نقفل عالموضوع احسن"
-" الله يهديك" ثم نظر الى آدم وعصاه.. وعقب -" ويهدي الي في بالي"
عقدت حاجبيها ثم تلفتت ونظرت الى تيم ابنه حيث يقف بجانب والدها وعمها ثم قالت مبتسمة بأسف
-" تقصد تيم؟ للحين يخاصمك؟"
انفعل وقال من بين اسنانه
-" لا ما اقصده بس دامك جبتي طاري هالقرد فصدق الله يهديه كثفي دعاء بالله عذبني هالولد وكله بسبب امه الله لا ... استغفرالله بس!"
مسدت على ذراعه وبحنان تواسيه..
-" معليش عمي حبيبي ترا اهو بعمر حساس وحاز بخاطره انكم منفصلين مهما كان متقبل للوضع بالبداية الحين هو كبر وفهم اكثر وعلى اعتاب مرحلة حساسة فتحمله معليش.. وامه الله يهديها صدق ما اعرف ليش تسوي كذا مفروض تريح ولدها حتى لوهو بعيد عنها بالعكس لانه بعيد تحرص انه يرتاح ويستقر نفسيا اكثر!"
-" هههها ضحكتيني وانا ما ابغى ليش جبنا سيرتها الحين! تسوي كل هذا نكاية فيني ما علينا الحين دوري واقولك نقفل الموضوع احسن!"
-" نقفله ليش لا.. بس عمي بقولك شغلة انت الصدق احس ولا بنت تستاهلك والله العظيم مافي مثلك بهالزمن الحين طيب وخلوق وحنون وخفيف دم ودكتور!! و ورقة وكلم واكتبي معايا ياست الكل مابخلص وانا اعدد ميزاتك خلها تولي هذيك!"
ضحك بانشراح وقد رفعت معنوياته فهو هكذا طيب وبسيط الروح.. ثم قال
-" اموت فيك تدرين اني احب المدح وتعرفين متى تمدحيني وتمتصين غضبي براڤو "
شاركته الضحك والذي اجتذب انظار العديد من الرجال اليها ان لجمالها وان لصوتها ذا النبرة المميزة.. حتى ان احدهم صاحب العصا شد على اسنانه وتمتم بغيض لنفسه
-" ليش ماتسكت هذي ؟؟!! اكلوها بعيونهم!!"
التفت اليه الرجل بجانبه سائلا باستغراب
-" سم استاذ ادم قلت شيء؟"
-" ها لا احمم.. ابد سلامتك "
***************************************

في طريقهما الى حيث يسكن ذلك المجرم مناحي او حيث كان.. فهو مختفي تماما الآن..
ترجل الاثنان وملامحهما تشتد بقسوة الضباط.. طرق بدر الباب ثم وقف بجانب نواف الذي ينهي سيجارته التي لا يعلم كم!
رماها.. ثم وضع يديه في جيب بنطاله الاسود وتنحنح حين فتح الباب.. وطلت من خلفه امرأة محجبة تعقد حاجبيها بريبة..
-" السلام عليكم" قالها نواف
-" وعليكم السلام.. ياهلا ولد الفيصل صاير شيء!"
-" ماصار الا الخير.. جاي اسألكم للمرة الاخيرة يابنت مناحي.. ارسلت رجالي كذا مرة وماحصلو جواب شافي.. وين ابوك؟"
بلعت ريقها.. وعدلت من حجابها بيد ترتجف بخفة شديدة.. التقطها الاثنين بسهولة.. نظرا لبعضهما ثم قال بدر
-" تواصل معكم؟"
-" لا.. لا ماندري عنه شيء من شهور جاوبنا اكثر من مرة!"
نواف يضيق عينيه يقرأ لغة جسدها والتي اخبرته بأنها كاذبة!
-" زوجك وينه؟"
-" زوجي بالمدينة يشرف على المحلات واذا سكرها رجع ويرجع متأخر "
-" كل يوم يروح؟"
-" لا اكيد هو المدير هناك.. بين يوم ويوم يروح"
-" يعني بكرا مارح يداوم ؟"
-" ايه"
-" خبريه ان الضابط نواف والضابط بدر بيقابلونه"
قالت بانفعال
-" بس قلت لكم الي بيقوله !! احنا مانعرف شيء واكثر من مرة نجاوب على رجالكم!!"
نواف ببرود واستفزاز وحاجب مرفوع
-" وراح تجاوبون لحد مانحصله.. وراح نسأل لحد مانتأكد انكم مو متورطين اساسا!"
-" عفوا!!!"
-" الي سمعتيه.. احنا ماشين ولا تنسين تخبرين زوجك.. محنا فاضين نلاحقه من مكان لمكان!"
بنرفزة بانت على وجهها..
همست -" ان شاءالله"
تأملها قليلا ثم ضرب بدر على بطنه بخفة ورجع الاثنين الى السيارة..
قال بدر حين استقرا
-" نواف زوج بنته شرايك فيه؟"
-" والله هو للامانة رجال كويس وادمي وجماعة القرية تعرفه لكن.. يبقى على صلة بمناحي وصلة قوية! بنشوف كلامه بكرا"
-" نشوف بكرا.. وانا كلمت رجالنا يرجعون يتتبعون حسابات مناحي القديمة والجديدة بعد ماخرج وكمان حسابات الشركة.."
-" وحسابات زوج بنته فراس وبنته بعد!"
-" تم بقولهم"
-" اخ بس مقهور فوق ماتتصور!"
بتهكم.. قال بدر
-" من ايش بس انت كله معصب "
-" اكيد من مناحي بلا سخافتك !! من وين يعني فيه شيء شاغل مخي هالفترة غيره والكلاب الي معاه.. الله يستر قلبي ناغزني يابدر!"
-" والله الوضع يخوف ياصاحبي والبلد مو بأمان.. ولكن الله يستر!"
-" امين امين"
-" والحين وين" قالها بدر وهو يتثاءب
رمقه بسخرية ثم قال
-" انت يادجاجة ماقلت لك بنسهر عند ماجد صاحبي!"
-" ايييه ايه صح.. زين على خير مع ان النوم ذابحني بس كل حياتي عذاب من عرفتك"
-" والله محد متعذب غيري يالثلجة "
-" ترا تمدحني الحين اجل انت الي شوي وتحرق نفسك والي حولك بغضبك الغير مبرر"
-" بدر **** وانطم لا تقعد تتفلسف علي!"
-" يمين بالله انك غثيث!!"
-" داري داري بس اسكت"
قالها وهو يشعل سيجارة لعلها تشتت تفكيره قليلا.. بينما بدر يضحك بقلة حيلة من هذا عكر المزاج أبداً اعان الله من ستعيش معه طيلة عمرها بل واعانه هو فهاهو يقابله اغلب وقته..!
***************************************

اقترب يوسف من ادم الواقف لوحده يتحدث بهاتفه بعد ان ابتعد قليلا عن رجال الاعمال الذي كان يحادثهم..
اغلق من والدته التي اصبحت تقلق عليه بعد علمها بمرضه زيادةً على قلقها المبالغ به اساسا! اعانها الله فكم يؤلمه حزنها ولكن.. الحمدلله على كل حال فحاله ليس بذاك السوء مازال واقفا يخدم نفسه بنفسه.. حتى القيادة مازال يمارسها رغم غضب والده وخوف والدته ولكنه لا يرى نفسه قد وصل لمرحلة استعمال سائق.. صحيح ان في بعض الايام قد يكون متعبا او يشعر بثقل اكبر فيضطر الى الركوب مع سيارات الأجرة.. او مع يوسف او والده احيانا.. ولكن في اغلب الايام هو من يقود بنفسه..
اقترب يوسف ضاربا على كتفه فانتبه من شرودة مبتسما بسخرية لنظرات يوسف ذات المغزى الذي يعرفه ويتجاهله.. ولكن هذا العم مصرا على ادخال الموضوع بعينه ان تجاهل بل وبرأسه..
-" هلا بالخطابة!"
انفجر يوسف ضاحكا.. ثم قال من بين ضحكاته المبتهجة كعادته رغم الظروف..
-" يمين بالله راضي اصير خطابة ولو تبغى رقاصة ارقص بعرسك بس انت افعلها ياخي"
-" يمين بالله صرت تزن على راسي اكثر من امي وابوي احترم قراراتي ياخي!"
-" ماني محترم قرارات غبية مثلك ياغبي.. البنت حرة الحين الووو يامخ فيه ارسال"
ضربه بخفة على بطنه مشيحا بنظرته عن عمه فوقعت عليها بجانب احدى سيدات الاعمال تحادثها وتضحك معها ضحكتها اللعينة.. كم هي آسرة.. وكم هو مسكين مغلوب على أمره قد وقع في أسرها.. وكم هو تعيس فلا هو بالواصل اخيرا اليها ولا هو بالمنطلق في حياته محطما قيدها الناعم على قلبه.. ياليته قيدا واقعيا فيحطمه بكل مطارق العالم.. ولكنه قيد خفي رقيق مذيب للاعصاب رغم شدته وحرقته لقلبه الا انه لين هين ويؤنس قلبه الحزين!
ياللحزن! "مالهذا الحزن آخر؟"
انتبه من شروده فيها وحولها على نظراتها اياها له.. ثم بردت نظراتها واشاحتها بغرور تنظر الى محدثتها وما تخبرها به..
التفت الى يوسف حين قال بجانب اذنه
-" عمري في حياتي ماشفت حد يعذب حاله مثل ماتسوي انت بنفسك!"
-" عمي ارحمني مليت من التكرار انت مامليت"
-" مليت الله يشهد بس مشكلتي دمي حار يفور بسرعة مقهور عليك يا ادم مقهور كيف تضيع سنوات بينكم عشان عشان.."
بحدة واجهه ادم وببحته التي اشتدت لغضبه الذي يحاول اخفاءه..
-" عشان ايش ؟ سخافة؟ عقد؟ عمي انا مريض كوني للحين واقف على طولي ما يعني اني تشافيت حط هالشيء في بالك وفكني الله يرضى عليك.."
-" امنا بالله مريض بس ما انت مريض بمرض معدي ولا مرض يمنعك تمارس حياتك الزوجية.."
حدجة ادم بنظره ممتعضة..
فاكمل بلا اهتمام-" ايه وانا صادق!! وبنت اخوي اقولك اياها صدقني انت غالي بالنسبة لها والله يا ادم ! تخاف تشفق عليك ؟ او تصدك؟ انا اقولك انت ماتعرفها وتظلمها بسوء ظنك كثير وجربها على الاقل بدال هالجفاء!"
-" اي غالي عليها واهي كانت مخطوبة لهذاك ال... استغفرالله العظيم خطبة دامت سنوات يا يوسف!"
-" انت قولي ليش انتهى الي بينهم رغم السنوات؟!!!"
-" وش دراني!!"
-" يوم اقولك انك غبي صدقني "
-" غبي معقد مجنون ولا تنسى مريض جسديا فوق المرض الفكري ومعاي عصا هاه لا تنسى والحين اسكت وفكني تكفى"
هز يوسف رأسه وقرر الصمت اخيرا رحمة بغضبه الذي اوشك على الانفلات.. بعد ان اعطاه جرعة من "الحنة" المعتادة..
قد كان سابقا يضايقه بأمر الزواج ككل ايا كانت تعيسة الحظ.. اما الآن وبعد ان انتشر خبر انتهاء الخطبة مابين مسك وماهر.. لما لا؟ فليرجع الحلم القديم وليجمع بين احب شخصين على قلبه بالحلال ! لمْ يكذب ادم حين دعاه ب(الخطابة) !
.
.
نهاية الفصل الثامن


يامور__ غير متواجد حالياً  
قديم 27-06-20, 06:47 PM   #39

Sooooo2

? العضوٌ??? » 420794
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 101
?  نُقآطِيْ » Sooooo2 is on a distinguished road
افتراضي

اهلاً مساء الخير كاتبتنا المبدعة 🥺🥺
مافي بارت اليوم ؟؟؟


Sooooo2 غير متواجد حالياً  
قديم 29-06-20, 03:05 PM   #40

يامور__

? العضوٌ??? » 471914
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 41
?  نُقآطِيْ » يامور__ is on a distinguished road
افتراضي

الفصل التاسع
.
.

لو كانَ لي قلبان لعشت بواحدٍ
وأفردتُ قلباً في هواكَ يُعذَّبُ
لكنَّ لي قلباً تّمَلكَهُ الهَوى
لا العَيشُ يحلُو لَهُ ولا الموتُ يَقْرَبُ
كَعُصفُورةٍ في كفِّ طفلٍ يُهِينُها
تُعَانِي عَذابَ المَوتِ والطِفلُ يلعبُ
فلا الطفل ذو عقلٍ يرِقُّ لِحالِها
ولا الطّيرُ مَطلُوقُ الجنَاحَينِ فيذهبُ
-قيس بن الملوح


بداية أسبوع جديدة.. يمشي بهيبته متجها الى مكتبه مسلما بثقل على هذا وذاك.. وصل اخيرا ودخل ينهي بعض العمل الورقي قبيل اجتماعه المهم مع الرئيس متعب..
دخل بدر دون اي طرق على الباب.. يتثاءب.. حاملا كوبين من القهوة..
رفع نواف انظاره ثم ضيق عيناه ببرود..
-" ماتعرف تطق الباب؟"
-" اقول لا يكثر خذ قهوتك بس"
-" مابي شربت قهوتي"
-" مالت عليك اشربها انا.."
قالها وهو يجلس باريحية ويرتشف من الكوب الاخر ببرود مماثل لصاحبه..
-" انت ماتكبر؟"
-" وانت ما تتأدب؟"
-" اوووف لا حول ولا قوة الا بالله.. ليش جاي مشغول تراني؟"
وضع ساقا فوق الاخرى.. وارتشف قهوته مصدرا صوتها رائقا وختمها بتنهيدة..
ثم التفت على نواف وبسخرية
-" اي بس انت المشغول يا رئيس البلاد!"
ابتسم بخفة نواف..
-" لا صدق ليش جا؟ مداك تشتاق لي ؟"
بجدية قال وهو يتعدل في جلوسه ملتفتا بكليته الى نواف
-" اقول اسمع بو محمد.. مو انا وصيت الرجال يراقبون حسابات مناحي.. شغله واهله؟"
-" ايه؟"
-" فيه مبالغ كبيرة تطلع من حسابات فراس وزوجته.. تنسحب كاش.. وعلى فترات بعيدة.. بس منتظمة! مجمل هذي المبالغ كبير جدا وعلى مدى 6 سنوات.."
-" يعني الشيء الوحيد الي يشكك انها فترات منتظمة؟"
-" ايه.. كل عقب شهرين ينسحب مبلغ من حسابات البنت وحسابات فراس.. واكيد مناحي"
-" ومحد قد سألهم ليش؟ البنوك؟"
-" لا ليش يسألون بالنهاية فلوسهم وما يسحبون مبلغ مهول لا يتوزع ما بينهم.."
-" هممم الحين عندنا اجتماع.. نخلص منه ونطلع مباشرة للبنك الي يتعاملون معاه.."
-" تم"
-" هه شكلهم خلية عائلية! بوكل ناس تراقبهم.. وبعد مانخلص بروح للقرية بنفسي وبسألهم عن هالأموال وين تروح !"
-" بروح معك"
-" وليش ان شاءالله؟"
-" حبيت قريتكم صراحة" قالها وهو يسترخي بجلسته..
نواف بامتعاض
-" طيب الله يعين والحين تقدر تتفضل بخلص شغلي قبل الاجتماع انقلع"
-"مالت عليك اقول"
قالها وخرج مغلقا الباب..
اشتدت نظرات نواف.. لائما نفسه.. كيف لم يبحث بالموضوع سابقا! صحيح انه تفصيل صغير جدا لكنه مثير للريبة..
وحين لقائهم قبل يومين بفراس.. كانت ردوده واثقة وحكيمة.. العمل نظيف تماما ولم يتواصل معه مناحي ابدا فلا يعرف عنه اي شيء وان عرف سيخبرهم! ايعقل انه وجه ثعلب مكار! هو لا يأمنه ولا يثق به ولكن الرجل مستقيم لم يرى ولم يسمع حتى اي خطأ صدر منه.. لذلك لم يعره اهتماما سابقا.. اما الآن.. سيركز عليه انظاره تماما.. فلربما كان هو الخيط الموصل للخيط الاكبر مناحي ثم الوصول اخيرا الى الخلية والقضاء عليها..
كانت نشاطاتهم التفجيرية قبل 5 سنوات.. ثم هدأوا الا من تهديداتهم.. وحين اكتشفو ذخيرتهم قبل 4 سنوات.. خبأ أمرهم تماما.. وحين خرج مناحي.. الوضع مستتبا تماما حيالهم.. فانشغل عنه بمهام اخرى وقضايا يشيب لها الرأس.. وحين اختفى عادت تهديداتهم.. هو يخاف ان يعاودو التفجيرات.. يا الهي الستر والسلامة من عندك!
********************************************

بعد الاجتماع خرج الاثنين الى البنك.. وصلو اخيرا الى مكتب المدير ..
وقف مرحبا بهم.. ودعاهما الى الجلوس ببشاشة..
-" حيا الله الضابط نواف الفيصل والضابط بدر السعد.. حياكم تفضلو بايش اقدر اخدمكم"
تنحنح نواف.. وقال بجدية
-" الله يحييك استاذ سالم.. احنا الحقيقة عندنا مجموعة اسئلة تخص قضية مهمة بالنسبة لنا.. نرجو تجاوبكم معانا"
بريبة يعقد حاجبيه ويجيب..
-" اكيد باللي نقدر عليه! تفضل.."
-" اول شيء هل سياسة البنك عندكم ما تسأل عن الاموال الكاش لما تخرج من عندكم.. اذا كميتها كبيرة؟"
-" والله لا ما نسأل اكيد الا اذا تجاوزت الحد "
-" حتى لو كان على اوقات منتظمة ؟"
-" كيف يعني؟"
قال بدر بعد ان لمح نواف يحاول كبح غيظه..
-" اسمعني.. لاحظنا اشخاص يهمونا في سير احد القضايا.. حساباتهم عندكم كل شهرين ولمدة 6 سنوات يسحبون من عندكم مبلغ كبير كاش.. هالشيء ما يثير الريبة!"
-" بالنسبة لنا ولسياستنا لا احنا نتعامل بخصوصية تامة للعملاء فبما انه مو بيوم واحد طلب مبلغ مهول عادي البنك يسمح.. يعني يطلب مبلغ كبير جدا بيوم واحد اكيد ما نسمح واساسا النظام ما يقدمها له .."
قال نواف بقوة
-" يعني خلاصة الكلام انكم ما تشكون بهالنوع من الناس ولا تلاحظونهم وتمنعونهم؟"
-" لا ليش نمنع!"
حوقل نواف وقرر النهوض.. صافح الرجل وخرج مسرعا وبدر خلفه يبتسم ويلطف الجو على المسكين المصدوم من عصبية الضابط نواف.. بلا ذنب فعله ! ثم خرج يلحق به مسرعا قبل ان يمضي بسيارته بدونه قد يفعلها ذلك المتوحش..
********************************************

-" ممكن تهدى؟"
-" ياخي ما اتحمل الغباء"
-" اي غباء ياخي اهم حسبوها صح فعلا تصرف ما يثير الريبة خصوصا انهم يصرفون بالشهرين مرة وكل مرة بحساب مختلف مين فاضي يدقق!"
بوعيد قال..
-" الحين نشوف ايش تبريرهم على الاموال هذي وين راحت"
بصدمة وهو يستوعب الطريق امامه
-" هي نواف وين بتاخذني!"
-" مابنروح للقرية بنروح للمدينة الي فيها محلات مناحي.. نشوف رد فراس"
-" الحين؟!!"
-" ايه الحين"
-" طيب هدي السرعة "
-" لا تقولي هدي ياخي مقهوووور.. مقهور من نفسي"
-" وانت شدخلك مجنون انت!"
-" كيف شدخلني ذا قدامي طول عمري وما حطيت عيني عليه ليش وليش ما دورت وراه كويس لما كان في السجن!"
-" انت شكلك نسيت القضايا الي مسكناها عقب ! ترا كنا بايام ضغط مايعلم فيها الا الله طبيعي بنتجاهل الموضوع لما جاء شيء اكبر منه.."
بقهر
-" انا ما نسيته تصدق.. اساسا مناحي سوى لي شيء يخليه ما يطلع من بالي ابد ابد.. بس صدق لهيت اني ابحث ماقدرت ولا حصلت وقت ! وكنت متطمن انه في السجن وماعاد تواصلو معانا الجماعة.. "
بحذر سأله بالمهم.. الذي لا يعلمه !
-" وش.. سوى ؟ "
هدأ قليلا.. ونيران تشتعل في عيناه.. ثم قال بصوت غريب
-" شيء يخليني ابغى اذبحه بيديني "
-" لا تخوفني ! شهالكلام وش مسوي ؟"
تنهد ملقيا على صاحبه نظرة.. ثم ركز عيناه في الطريق..
-" خلنا نركز في المهم.. "
********************************************

خرج من الشركة وهي خلفه ببرود وهدوء.. بعد ان قرر ابيه وعمه ان يذهبا هما نيابة عنهما الى مؤتمر يمتد الى 3 ايام يخص رجالات الاعمال والشركات الوطنية يتحدثون فيه عن توجهات الدولة من حيث الاقتصاد والاستثمار ودعم المشاريع الوطنية والسياحة والترفيه..
وصل الى المواقف متكئا على عصاه.. يخفي عينيه بنظارة سوداء عن اشعة الشمس..
التفت اليها وهي تكمل سيرها حيث سيارتها على يساره..
فتحدث ببحة
-" على وين؟"
التفتت تضيق عيناها فالشمس ساطعة جدا في التاسعة صباحا ولم تحضر نظارتها من مكتبها للأسف.. وضعت يديها على عينيها ثم قالت..
-" بركب سيارتي بعد اذنك! "
-" بالله؟"
مدت كفها الاخرى والتي تعلق حقيبتها على ذراعها.. تشير له باصابعها بماذا..؟
فتخصر مجيبا
-" بنروح سوى لنفس المكان لها داعي سيارتين ؟"
-" عادي وش المشكلة؟"
-" تعالي بس اركبي مافيني اطول واقف.. وصل الى باب سيارته ففتحه ثم التفت اليها.. بحاجب مرفوع..
حقدت وضربت الارض برجلها.. ثم مشت بطاعة! استغربتها من نفسها.. بل لا هي تعرف سببها.. تريد خلوة بريئة معه.. مع صمته وهدوءه.. او مع حديثه البارد المستفز.. يكفيها شعورها بوجوده بجانبها اقرب قدر ممكن.. رغم البعد والحواجز بينهما والتي لا تعلم ماهيتها بالضبط!
ركب الاثنين.. فتأملته وهو يضع عصاه المزخرفة في الخلف.. ثم يمرن كفه الايسر متنهدا بألم.. فعجنت جبينها بألم مماثل وهالها الوجع في قلبها!
بلعت ريقها حين رأته يشغل السيارة حين استكان ثم يمضي في الطريق دون ان يلتفت اليها او يحادثها بكلمة..
شعرت بغصة قوية ان تراه يعاني وتعلم انه يعاني ولكن دون ان تعرف السبب بالضبط.. وجهت انظارها الى نافذتها تشد على حقيبتها على حضنها.. ثم قالت بصوت واهٍ..
-" ادم"
التفت يرمقهت بنظرة من طرف عينيه ثم التفت الى الطريق..
وببحة
-"هلا "
وبخسارة.. قررت التنازل والسؤال..
-" شفيك بالضبط؟ "
-" شفيني بالضبط؟"
تأملت جانب وجهه الهادئ..
-" اقصد.. العصا.. والتعب و.. يعني.."
-" مافيني شيء.. رجلي بس.."
-" ايه شفيها ؟"
وقف عند الاشارة.. فالتفت اليها.. تلتقي نظراتهما.. القلوب تدق بعنف.. والألسنة ممتلئة بالحكايا على أطرافها..
ولكنه الكبرياء اللعين..
ابتسم بخفة ابتسامة اردتها قتيلة.. الهوى..
وأجاب ببحته الشهيرة
-" تعبانة على خفيف "
بلعت ريقها وملامحها ترتخي بحزن.. ادركه جيدا..
سمعها تهمس ب-" سلامتها" ثم توليه جانب وجهها.. يدرك بأن جوابه لم يرق لها.. بل كان بمعنى (لا تدخلي اكثر من هذا الباب)
توسعت ابتسامته وحنية تغزو عيناه.. رغم وجع قلبه.. هي حزينة من اجله! رغم عدم علمها بأي شيء.. ويبدو ان جهلها يضايقها.. او هو الفضول؟ عموما يكفيه هذا.. فلا يريد شفقة أو رحمة أو اي شيء من هذا القبيل..
********************************************

ظهيرة حارة.. ويوسف يخرج مسرعا من المشفى يحمد الله ان انتهى من عمليات اليوم باكرا..
قد ورده اتصال من مدرسة ابنه يخبره بأن ابنه مصاب في ساقه ويتطلب الامر حضور ولي الامر.. فقد اشتبك في شجار مع بعض الطلاب !
انطلق في سيارته والقلق يأكل قلبه..
مانوع اصابته؟ ومع من تشاجر؟ والاهم لماذا؟! هو ليس بالعدواني ابدا رغم قلة أدبه معه هو ولكنه بحق ولد مؤدب بشكل عام وهادئ بل بعقل يفوق عمره.. لولا تدخل الشيطانة سارة المدعوة بوالدته مع الاسف!
وصل الى المدرسة ودخل الى غرفة المرشد الطلابي وهاله ما رآى!
تيم جالسا بغضب وملابس ممزقة.. بشعر منكوش وقدم منتفخة.. رفع رأسه فرآى جرحا في خده وكدمة بجوار عينه اليسرى!
اقترب جالسا القرفصاء امامه بعد ان سلم على المرشد وخرج الاخير يخبره بانه سيعود بعد قليل ليحادثه بشأن هذا التصرف..
همس يوسف مصدوما..
-" تيم !"
يراقب والده بعينين غارقتين بالدموع.. يأبى أن يفلت عقالها مدعيا قوة وصلابة..
نفخ صدره وقال
-" ماسويت شيء غلط بس اخذت حقي !"
-" حقك من مين ولايش؟"
بانفعال وعروق رقبته النحيلة بارزة بشكل زاد من شفقة والده..
-" من مشاري قريب امي الكلب قاعد يعايرني قدام العيال ان امي انحاشت مني ومنك وراحت مع رجال ثاني!"
يتأمل انفعاله بهدوء.. ثم قال ويده على ركبة ابنه..
-" مشاري ولد عبدالملك؟"
-" ايييييه! الكلب .."
-" اشش اهدى تيم مايصير كذا تنفعل.. الحين خلنا من كل هذا وقوم معاي اجلس في السيارة لحد ما اكلم المرشد واوديك المستشفى وبعدين نحكي بهالموضوع.."
-" لا مارح احكي ابد خلاص هذا الي صار وقلت لك بس عشان تدري اني ماغلطت على احد! هو الي غلط علي وانا عرفته قدره ! ومابي اتكلم ولا اسمع نصايح وفلسفة ومارح اروح مستشفى مافيني شيء!"
بهدوء وحكمة قال محاولا امتصاص غضبه..
-" اول شيء اهدى ولا تصارخ علي ثاني شيء قوم الحين خلني اتكلم مع المرشد واجيك ونشوف وش نسوي"
نهض وامسك بكف ابنه يشده واقفا.. فأن بلا شعور بسبب الكدمة في قدمه.. اغمض عيناه قليلا ثم فتحهما قائلا بكبرياء
-" عادي ماتعور مرة!"
يوسف مسايراً
-" طيب طيب .."
خرج به فقابلا المرشد الذي قال مشفقا رغم غضبه وصدمته في تيم مقررا تأجيل الحديث للغد..
-" يابو تيم روحو الحين الله يساعدكم وطمنا على ولدنا وان شاءالله عدت سليمة.." وبنغزة وهو يتأمل تيم المشيح بوجهه -" ان شاءالله عدت على الولد الثاني بعد بدون اصابات قوية.. لكن بكرا الصباح ابغاك بمكتبي.."
-" حاضر طال عمرك.. شكرا لك.. "
-" الله يحفظكم.."
خرج به ووضعه في مقعده بجانبه ثم استقر في مكانه..
شغل سيارته وانطلق الى المشفى متأملا شرود ابنه..
انتبه تيم الى طريقهم المختلف عن طريق المنزل..
قال مستنكرا
-" يبه ! وين ماخذني ابي البيت !"
-" للمستشفى نشوف رجلك ونرجع.."
-" انت مو طبيب شوفها بالبيت وخلاص!"
-" ليش انا عندي اشعة في البيت! بعدين انا جراح ماني حق عظام انت وراسك ذا"
تنهد بغضب وقرر الصمت فوالده عنيد جدا ولا يعيره اي اهتمام..
بعد ساعتين خرج الاثنين تيم مكتئا على والده بقدم ملفوفة في شاف ابيض بعد ان تبين انها مجرد كدمة ولم يتضرر عظمه..
حين وصلا الى المنزل استقبلتهما الخالة فيروزة بجزع فهذه اول مرة يتأخر فيها تيم لهذا الحد ورغم مكالمة يوسف التي طمأنها بها الا ان القلق لم يدعها فاقلبت تحضن تيم وتقبله وذاك متحرجا يحاول ابعادها
-" بس خالة الحمدلله مافيني شيء بعدين تراي كبرت"
ضربته على رأسه ضاحكة..
-" اي ماشاءالله كبرت بس تبقى بعيوني وعيون امك وابوك هذاك الطفل نفسه.. " وبشهقة تتأمل وجه ممسكةً به في يديها الحنونة -"سلامتك يمه !!! كسر يكسر ايدين الي سوى فيك كل هذااا!!"
ضحك يوسف قائلا..
-" ادعي بس ربك يسلم الي ضربهم والا الحمدلله ولدنا مافي شيء"
-" وليش كل كذا ! تيم يمه ماهي عادتك!"
ابتعد متجها الى السلم ينوي الاستحمام والخلوة مع ذاته العصبية..
-" مابي احكي رايح انام لا تصحوني.."
تأمل والده صعوده.. ثم التفت الى فيروزه التي تتأملهما الاثنين سائله بحزن..
-" الله يهديه لنفسه هالولد!"
-" امين خالة امين.. تعبني وامه تزيد الطين بلة مو مقدرة عمره وحالته ابدا.."
-" للحين تبغاه يجي عندها؟"
-" مو تبغاه لو تبغاه فعلا تكلمت معي بالموضوع بس كل الي فالحه فيه تكلم الولد وتضيق خلقه وتحسسه اني انا الظالم الي حرمته منها.. "
-" الله يسامحها ! وش تبغى منك ومنه مو حصلت على الي تبيه وش تبي اكثر"
بسخرية وهو يجلس على الاريكة في غرفة المعيشة الدافئة الجانبية والخالة فيروزة التي لحقت به ثم وقفت على الباب تتأمل منظره مشفقة وهو يضع مرفقيه على فخذيه ويمسك رأسه بيديه
-" ماتبيني ارتاح مقهورة على سنينها الي ضاعت معي الوحش القبيح يوسف !"
شهقت تضع يدها على صدرها
-" عمى بعيونها ما القبيح غيرها وغير فعايلها فعايل شيطانة! ماعليك منها يمه يوسف انت ونعم فيك وهي الخسرانة من بعدك"
ضحك ثم قال وهو يستلقي..
-" احب المدح كثري خالة بين فترة وفترة امدحيني.."
تنهد بتعب ثم قال وهو يضع يده على عينه
-" بنام هنا خالة وصحيني بعد ساعتين عندي اشغال"
باشفاق قالت
-" والغداء؟ ليش ماتاكل لا انت ولا تيم بتاكلون! ماهي حالة ياولدي"
-" خليه عشاء نتعشى سوى ان شاءالله"
اغلقت الستائر ثم وارت الباب ولسانها يلهج بالدعاء ليوسف وتيم دعاء وصل الى مسامع يوسف فابتسم يحمد الله على وجودها في حياته.. ومؤمنا بكل خشوع
-" الله يصلح حالكم وشانكم ومابينكم ويجبر خواطركم ويجعل السعادة ماتفارق قلوبكم ويغمر هالبيت بالراحة والطمأنينة..."
********************************************

حين وصلا الى المدينة توجها مباشرة الى محل مناحي الكبير في قلب المدينة..
ترجلا ودخلا بهيبتهما.. كان فراس في مكتبه حين سأل نواف احد العاملين..
استوقفه بدر قائلا بهمس
-" نواف.. وصلتني رسالة يقولون البنك انه تم سحب مبلغ من حساب فراس من الفرع هنا.."
ارتفعت حواجبه ثم اشتدت عيناه بغضب وتوجه مسرعا حيث المكتب يفتح بابه بعنف وخلفه بدر..
التفت العميل الذي يُقابل فراس والاخير ايضا بهلع وحين رآه واستوعب وجوده مجددا!
فز واقفا
-" الضابط نواف! عسى ماشر !"
التفت الى العميل المرتبك بنظرات حادة.. والذي التفت الى فراس قائلا..
-" انا ماشي راح اجيك بوقت ثاني نوقع العقد"
وخرج مسرعا تشيعه نظرات الثلاثة..
اثنين منها غاضبة قاسية والاخر حاقدا فهاقد ضاع عليه مبلغا كبيرا بسبب همجية هذا الضابط ! هل يظن نفسه رئيس البلاد !
بلع ريقه وقال مجددا يدعوهما للجلوس
-" تفضلو.."
جلس الاثنين والقسوة تملأ ملامحهما..
بدأ نواف الحديث وبماشرة سأل..
" وش سالفة المبالغ الي تطلع من حساباتكم كل فترة؟"
-" عفوا!!"
ضرب المكتب واقفا بعنف
-" جاوبنيي!!! اقولك وش سالفة الفلوس الي تطلع من حسابك وحساب زوجتك وحساب مناحي من 6 سنوات واكثر وعلى فترات متباعدة الكاش هذا وين يروح ؟!"
-" حضرة الضابط هل يعقل نعطي الدولة تفسير بكل تصرفاتنا بأموالنا؟"
-" ايه نعم انت ملزم الحين وبحالتك هذي كون والد زوجتك متعاون مع ارهابيين ومختفي صار له شهور وخريج سجون برضو"
تدخل بدر بكل هدوء وسخرية
-" اسمع.. اليوم طلع من حسابك مبلغ.. وين راح؟"
-" راح للشغل !"
-" وين الاثبات؟ عطنا فواتير اي حاجة تثبت انك صرفتها للشغل ؟"
يعقد حاجبيه بحيرة وخوف خفي ولا يعلم كيف سيتملص منهما..
اجاب.. متجاهلا نظرات نواف الحارقة ووقفته التي يوشك بها ان يغتاله.. موجها انظاره الى بدر الذي لا يقل شراسه ولكنه قابل للحوار على الاقل..
-" عطيتها مورد.. "
-" ومين هو ؟"
-" سامر نصار .."
قال نواف مكتفا يديه
-" راح نبحث عن هالسامر يافراس بس تأكد انك بين انظارنا.. كل شيء يخصكم مراقب ننتظر بس الزلة الي تخلينا نشيلكم ونرميكم رمية كلاب في السجن المكان الي يليق في ارهابيين"
-" انا مووووو ارهابي!!!"
-" لكن تساعد ارهابي ! بيض الله وجهك صراحة.. المهم يافراس.. عيونا عليكم.. وخبر مناحي اذا تواصل معاك.. هه ما اعرف كيف يتواصل معك لكني صرت متأكد انه يسويها وبعرف كيف! المهم تقوله ان الضابط نواف بن محمد الفيصل هالمرة راح يتأكد ان حد السيف يكون على رقبتك !"
خرج يفتح الباب بقوة فاصطدم بالجدار ثم عاد مجددا.. امسكه بدر يتأمل فراس بتدقيق.. ثم خرج يتبع صاحبه..
حين تأكد من خروجهما.. بنظرات تُخفي رعباً جماً.. فتح درجا صغيرا في الاسفل على يمينه.. ثم اخرج هاتفا قديما.. طالبا رقما معيناً وصدره يعلو وينزل بانفعال الغضب والخوف..
********************************************

يصرخ بانفعال على إحدى العاملين لديه كي يفهم أوامره.. ثم يصرخ على آخر ليحضر له الشاي..
جلس أخيرا يلهث بغضب من كم الحمقى حوله وتحت إمرته.. ولكن مالعمل فالرئيس وكله بإدارة الأمور لحين عودته..
وحين يعود.. سيحدث أخيرا ما انتظروه لسنوات..
ضحك ومزاجه اعتدل تماما.. حين فكر في أعمالهم القادمة.. بل انجازاتهم..
يالحماسه.. وبالطبع.. لن ينسى أهم عمل سوف ينفذه بنفسه.. من البداية.. و إلى النهاية!
نظراته تتشح بالخبث يتأمل الفراغ أمامه ويضع سيناريوهات لما سوف يعمله.. وضحكة نتنة تصدر منه..
أحضر الشاب الشاي ثم خرج مسرعا متفاديا لصراخ هذا السمين عليه.. فلينفذ بجلده بما إنه يبدو شاردا ومزاجه تبدل تماما!
رن الهاتف يقطع شروده وافكاره القبيحة وخططه المدمرة..
تأمل الرقم ثم أسرع يفتح الخط صارخا
-" خير خير ماقلت لك لا عمرك تتصل على رقمي !!!! اذا بغيتك انا اتصل !!!!"
صرخ الاخر غاضبا
-" اقول اسمعني ! ماقلت لك صعبة اعطيك الفلوس بهالفترة ونواف يحوم حولنا ! شوفه اليوم جاء وشك في الفلوس وين راحت !"
-" بسيطة مو انا احنا نتعامل مع المورد سامر النصار؟"
-" ايه قلت كذا بس ماصدقني.. ذا داهية يامناحي "
-" اخس واقطع انت وهو.. مايقدر يسوي شيء"
-" سواها المرة الاولى!"
بغضب يصرخ وهو يهب واقفا..
-" كل تببببن ! هذاني طلعت منها ومو قادر يحصلني يدور يدورني زي الكلب ومارح يحصلني تفهم! وانت ياويلك تقول شيء!!"
يبلع ريقه.. ثم يمسد جبهته واحساس بأن السوء قادم يسيطر عليه!
-" طيب طيب اكيد مارح اقول شيء.. اصلا مايقدر يثبت هو (الشك) الوحيد الي يملكه بس بدون اي ادلة"
-" وانت اجمد ولا تفضحني! لا تعطيه اي تلميح ولا اي زلة تفهم!!"
-" افهم"
هدأ قليلا.. فعاد مكانه يجلس باسترخاء.. ثم قال بخبث
" اسمع.. انا جاي للقرية قريب.. مو هالايام لكن قريب"
-" نعععععمم!! وش يجيبك !!!"
-" ماااللك دخل ! احترمني يالكلب !! "
-" حقك علي ! بس بس شلون تجي اقولك نواف مو مخلينا نتنفس يدور عليك ومراقبين حساباتنا وجوالاتنا.. واي ترى هذي اخر دفعه اطلعها من عندي دبر نفسك"
بسخرية
-" اسمع اقول تراها دراهمي الي متنعم فيها.. المرة الجاية ابغاك تحول مبلغ جامد لحساب معين.. بس هين موب هذا موضوعنا الحين.. ابي يوم اجي للقرية اقابلك وأأكد عليك بشغلتين"
-" يامناحي افهمني اقولك احنا مراقبين"
-" تدبرها ماعلي منك! انا لازم اجي.. او تدري.. بقابلك برى القرية.. نتكلم عن التفاصيل بعدين.. سكر سكر الحين ولاعاد تدق انا اذا قرب الوقت بتصل انسق معاك تسمع"
تنهد بقهر.. واجابه بغبن
-" امري لله زين زين "
اغلق الهاتف.. وامسك بكوب الشاي يحتسيه بتلذذ.. والحماس يملأ روحه القذرة.. والافكار والخيالات تشعره بال.. الانتشاء
همس بعد ان شرب الشاهي مصدرا صوتها متلذذا.. وبنبرة خبيثة..
-" يله هانت.. هانت يامناحي"
********************************************

وصلت الى المنزل اخيرا.. بعد هذا اليوم المرهق للاعصاب تماما فهو يوم برفقة ادم ! ياله من يوم..
وجدت والدها جالسا في اريكته المعتادة امام التلفاز.. وعلى نفس انشغاله..
سلمت واقبلت تقبل رأسه.. فلم يرفع عينيه.. مدركة هي بمدى ضيقه منها ومن موضوع انتهاء خطبتها الطويلة.. الطويلة جداً! بابن صديقه.. ولكن مالذي بإمكانها عمله؟! أتلقي بنفسها عليه وهو ماضٍ في دربه؟ أم تكذب عليه ؟ وهو الذي عرف بسرها ولم يعد يُجدي أي تبرير..
لم يُكتبا لبعضها..
وفي الواقع تشعر وكأن صخرة وانزاحت عن قلبها.
ولكن تبقَّى صخرة اخرى مع كل:
الأسف الشديد..
والحزن العتيق..
والدمع البغيض..
لا أمل في تزحزحها..
تدعى بآدم!
لا يهم.. كل ما يهم الآن أن تُرضي والدها..
يعز عليها ضيقه منها وقلقه عليها..
اجلت صوتها وقالت
-" يبه.. كيفك اليوم؟ اخذت دواك؟"
-"ايه" دون ان يعرف رأسه..
بلعت ريقها.. وقررت عدم التجاهل وإنما الخوض في الموضوع والإنتهاء منه تماما
-" يبه لا تضيق خلقك تكفى كل شيء قسمة ونصيب.. ولا تخاف علي دايما اقولك"
رمى بالقلم ثم اعتدل يسند ظهره الى الاريكة.. ينظر اليها بعينين ضيقة..
-" ايوه كملي؟ جاني فضول اعرف تبريراتك الواهية ل4 سنوات خطبة.. 4 سنوات!! "
انزلت رأسها قليلا.. ثم رفعته قائلة بتنهيدة
-" يبه صدقني كلها ظروف حالت بيننا.. ولما قررنا نتفق على الموعد اخيرا.. صار فيه .. فيه نقاط اختلاف ماقدرنا نعالجها.."
شبك يديه واضعا مرفقية على ركبتيه.. مقتربا منها قليلا.. وقائلا بغضب.. هادئ بلا اي صراخ.. ومفعوله اقوى على قلبها! ليته يصرخ!
-" لو كنتو جادين في رغبتكم قدرتو تعاجلون كل اختلاف او مشكلة لكن واضح كنتي تسكتيني.. وهو مثل.. الله يهديكم"
-" لا يبه صدقني حاولت.."
-" ماحاولتي من كل قلبك!!!!! عموما.. قفلي الموضوع خلاص.. الي صار صار "
عاد الى اوراقه وجهازه المحمول.. فاقتربت تجلس بجانبه بدلا عن مكانها في اريكة فردية عن يمينه.. اقتربت تمسك ذراعه.. وبنبرة حزينة لينة.. تكسر كل دفاعاته بكلمة..
-" طيب بتجلس كذا زعلان مني والي صار صار!! وكل شيء نصيب؟ وانا وحيدتك مسك؟ ها حمودي؟"
ابتسم بخفة.. ثم تأمل عيناها الزرقاء.. وبحزن قبل رأسها.. وقال
-" كل الي ابيه اني ارتاح عليك من بعدي.. واشوفك مستقرة.. واشوف عيالك! صعب الي اطلبه؟!"
انزلت رأسها.. تقبل كفه.. ثم قالت بحزن
-" الله يخليك لي ويطول بعمرك.."
-" ويخليك لي ويطول بعمرك.." سحب يده منها.. ثم قال متجاهلا اياها.. حتى تدرك عظم غضبه وعدم رضاه على قرارها الاحمق.. فالقلق يأكل قلبه الآن.. والمرض يشتد عليه.. اللهم طمن بالي! قال ببرود عائدا الى عمله
-" روحي غرفتك ارتاحي.. وترى للحين زعلان.. ومارح ارضى غير لين تتزوجين.."
بدهشة ثم غضب لذيذ قالت
-" يبببببه!!"
بسخرية يرمقها ثم يعود بأنظاره الى عمله.. قالت محاولةً لاستدراجه
-" طيب ما سألتني عن المؤتمر؟"
-" ولا راح اسألك.. بتصل في آدم ويخبرني"
شهقت ثم قالت بوجه محمر وهي تهب واقفة.. تنوي الصعود فعلا..
-" ترى انا بنتك مو ادم! زين يبه زين انا اوريك"
على الدرجات الاولى سمعته يقول ساخرا
-" زينين يابنت ابوك.. زينين وانا الي بوريك"
شهقت والتفتت اليه.. وحين رأت نظراته الساخرة يالهي كم استفزها.. والدها بارع تماما في اغضابها..ولا تستطيع التنفيس.. فهو والدها.. ضربت الارض بقدمها بحركة طفولية تلازمها.. اضحكت والدها عليها.. ثم توجهت الى غرفتها تنوي الاستحمام ثم النوم ولا شيء غير النوم..
من خلفها حمد يتأملها بحزن.. يده على قلبه المريض.. داعيا بهمس حنون.. متنهدا بحسرة
-" يارب طمني فيها وارزقها ولد الحلال الي يصونها وارتاح انها معاه.. يارب قبل اموت ما ابغى غير ازوجها للكفو"
********************************************

أغلق من عمه مستغربا سؤاله هو عن المؤتمر بدلا عن مسك أمامه؟!
تحامل ووقف يصلب طوله.. امسك عصاه وتوجه الى الاسفل حيث والديه.. ليتناولوا عشاءهم..
حين اقبل الى غرفة الطعام كانت والدته تقدم الى والده صحنه ممتلئا.. وضعته اماه ثم رفت يديها تدعو بصوت مسموع وبلهجة حارة
-" يالله ياربي لا تحرمني شوفته عريس ينزف قدامي يارب يارب"
عقد حاجبيه مبتسما
-" للحين على نفس الموال ؟"
رمقته بقرف.. ثم قالت بغرور وهي تأخذ صحنا من أجله وتملؤه بأصناف الطعام وتضعه أمامه هو الآخر..
-" وش تبي محد كلمك انت؟"
ضحك بدهشة ثم قال وهو يعدل من جلوسه.. ويُسند عصاه بجانبه على الطاولة.. يقابلها ووالده حمود مبتسما عن يساره..
-" ماشاءالله ومين تقصدين اجل؟"
ببرود تجيبه
-" اقصد يوسف ! انت مالت عليك"
هز رأسه مبتسما..
-" امين اجل هههه .."
التفت الى والده الذي قال..
-" وكيفك اليوم؟ والمؤتمر ايش سويتو فيه فيه اشياء مهمة ؟"
-" الحمدلله كل شيء تمام.. وفيه كم نقطة تخص قوانين جديدة راح اكلمك عنها تو خبرت عمي حمد عنها دق يسألني.. بس بعد العشاء شوف رُقية كيف تطالعنا"
ضحك والده وهو يلقي بأنظاره على زوجته الغاضبة.. والتي قالت
-" كلمة وحده عن الشغل يا ويلكم!!"
حمود
-" طيب طيب هدي يا ست البنات.."
ابتسمت قائلة حين رأت ادم يرفع يده اليمنى علامة الاستسلام..
-" اي شاطرين"
قال حمود
-" وليش حمد دق عليك مو مسك رايحة معك؟"
-" الا.. بس مدري صراحة انا مثلك استغربت.."
تدخلت رُقية قائلة
-" حمد زعلان منها اكيد قاعد يستفزها.."
ادم سأل بحذر
-" كيف؟"
امه تنقل انظارها بينه وبين والده الذي هز رأسه مستوعبا..
-" مو هي كنسلت الخطبة مع ولد صديقه ماهر! فحمد متضايق من هالموضوع.."
بلع ريقه.. ثم قال.. بهدوء شديد
-" اهم شيء راحتها.."
قال حمود وهو يتأمله..
-" بس حمد معه حق يبي يرتاح عليها وهي في بيت زوجها.. اخوي تعبان يا ادم وحالته تزيد.."
رفع رأسه.. وإشارات لم ترقه تصله من حديث والده..
-" بسم الله عليه ربي يطول بعمره على طاعته"
-" امين امين استودعه الله.. بس قصدي معاه حق يتضايق منها! زودتها الله يصلحها ! لازم تتزوج وتستقر.."
رُقية بمداخلة ناغزة
-" هي وغيرها.. لازم يستقرون ويريحوننا ! "
يمضغ اللقمة بهدوء.. وأنظاره على صحنه يستمع الى تصريحاتهم! فهي واضحة وضوح الشمس ولا يُعقل أن يعتقدوا أنها مجرد تلميحات..
بلع مافي فمه بصعوبة.. ثم اخذ كأس الماء يرتشفه.. ووقف على مضض تشيعه انظار والديه بضيق!
امسك عصاه وقال بابتسامة صغيرة جدا.. وموجوعة جدا..
-" الحمدلله.. تسلم يدينك يمه.. طالع للحديقة تذكرت عندي اتصال مهم.."
ومشى امامهما.. فالتفتا الى بعضهما بضيق..
حمود يهز رأسه بقلة حيلة.. ورُقية تمنع دمعاتها عن السقوط بصعوبة..
********************************************

في القرية.. مساءا.. وفي بيت صغير بسيط..
تأكدت مرام من نوم سعد ابنها.. ثم خرجت الى غرفة موجعة لعلها تتسامر معها قليلا..
طرقت الباب ثم فتحته تدخل بخفة فوجدتها على إضاءة الأبجورة الصفراء الخافتة.. تجلس على سريرها تمسك كوبا من الحليب بالشاي.. وامامها جهازها المحمول تتابع فيلما ما..
ابتسمت ثم اقتربت منها فافسحت لها موجعة بجانبها..
جلست مرام تسند ظهرها على السرير بميلان وقدميها على الارض.. بينما موجعة منسجمة تماما في ماتراه..
نغزتها مرام فهمهمت موجعة بلا انتباه
تحدثت مرام بهدوء وغصة تسد حلقها.. محاولة التجاهل.. عبثاً..
-" بنت موجعة.. عطيني وجه"
-" مرام متحمسة اص"
-" اف ابي اسولف طفشانة"
-" انتظري لين اخلص فيلمي.."
تنهدت مرام بضيق.. تشعر بحزن شديد.. فهاقد ألحّت عليها ذكرياتها مع زوجها الحبيب.. أنس.. رحمه الله..
تشعر بالحزن على فقده.. رغم مرور السنوات.. وهي التي لم تبرأ بعد من جرح فقد والدتها.. الذي لم يبرأ أبدا.. ولن
تساقطت دمعتين غصبا عنها.. تتأمل ظهر موجعة امامها والذي تشوش بفعل غمامة الدموع هذه..
استلقت تماما.. تضع ذراعها على عيناها.. هامسة لأختها.. والدمع الحار بحرارة الفقد والشوق.. يحرق وجنتيها
-" صحيني لصلاة الفجر"
موجعة باستغراب
-" شعندك بتنامين عندي؟" التفت ترى منظرها.. وجدتها تعظ على شفتها السفلى بقوة.. تحجب عيناها.. فأدركت مابها..
ابتسمت بشفقة وحزن.. واقتربت تقبل رأسها..
غطتها جيدا وابتعدت مع جهازها كي لا تزعجها..
.
.
نهاية الفصل التاسع


يامور__ غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:17 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.