آخر 10 مشاركات
تراتيل الماضي ـ ج1 سلسلة والعمر يحكي - قلوب زائرة - بقلمي: راندا عادل*كاملة&الرابط* (الكاتـب : راندا عادل - )           »          نيران الجوى (2) .. * متميزه ومكتملة * سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          420 - الوجه الآخر للحب - روبين دونالد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          الملاك والوحش الايطالي (6) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          متاهات بين أروقة العشق(1) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          نوح القلوب *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          الثأر -ج3 من سلسلة بريد الشتاء- للكاتبة الأخاذة: هبة الفايد [زائرة ] *كاملة&بالروابط* (الكاتـب : هبةالفايد - )           »          إنه انت * مكتملة * (الكاتـب : الكاتبة الزرقاء - )           »          وَرِيث موريتي(102) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء1 من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree566Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-07-20, 04:56 PM   #21

Eman o
 
الصورة الرمزية Eman o

? العضوٌ??? » 407439
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 203
?  نُقآطِيْ » Eman o is on a distinguished road
افتراضي


الف مبروك يا قمر بالتوفيق ودايما من نجاح لنجاح



Eman o غير متواجد حالياً  
قديم 08-07-20, 03:13 PM   #22

Walaa sham

? العضوٌ??? » 410159
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » Walaa sham is on a distinguished road
افتراضي

ماشاء الله عنك مبدعة😍😍😍😍😍😍😍🌹🌹🌹🌹🌹

Walaa sham غير متواجد حالياً  
قديم 08-07-20, 08:16 PM   #23

همس القوافي

نجم روايتي وراوي القلوب .. أيقونة كنز سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية همس القوافي

? العضوٌ??? » 439514
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 4,318
?  نُقآطِيْ » همس القوافي has a reputation beyond reputeهمس القوافي has a reputation beyond reputeهمس القوافي has a reputation beyond reputeهمس القوافي has a reputation beyond reputeهمس القوافي has a reputation beyond reputeهمس القوافي has a reputation beyond reputeهمس القوافي has a reputation beyond reputeهمس القوافي has a reputation beyond reputeهمس القوافي has a reputation beyond reputeهمس القوافي has a reputation beyond reputeهمس القوافي has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم
مبروك عزيزتي مي نزول الجزء الثالث من السلسلة
تابعت معاك من اول جزء واستمتعت معك كثير
بدون مجامله وصدقا كنت انت وراء تسجيلي بالمنتدى
بعدما قرأت الجزء الاول

وكمان مبروك لقبك الجديد عزيزتي
بانتظار الاحداث بشوق كبير
وياريت تعملنا تصاميم للثنائيات اذا كان ممكن

هما شاهي وريناد احد بطلات هذا الجزء ولا لأ
ومتى موعد تنزيل الفصول؟

بتمنى لك كل التوفيق والنجاح عزيزتي


همس القوافي غير متواجد حالياً  
قديم 08-07-20, 10:21 PM   #24

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الف الف مبرووك الجزء الجديد 💃💃💃🎉🎉

زهرورة غير متواجد حالياً  
قديم 09-07-20, 01:18 AM   #25

WEDDO

? العضوٌ??? » 198749
?  التسِجيلٌ » Sep 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,851
?  نُقآطِيْ » WEDDO has a reputation beyond reputeWEDDO has a reputation beyond reputeWEDDO has a reputation beyond reputeWEDDO has a reputation beyond reputeWEDDO has a reputation beyond reputeWEDDO has a reputation beyond reputeWEDDO has a reputation beyond reputeWEDDO has a reputation beyond reputeWEDDO has a reputation beyond reputeWEDDO has a reputation beyond reputeWEDDO has a reputation beyond repute
افتراضي

شكررررررررررررررررررررررر ررررررررررررررررررررررررر رررررررررررا

WEDDO غير متواجد حالياً  
قديم 12-07-20, 09:29 PM   #26

eylol

? العضوٌ??? » 448333
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 118
?  نُقآطِيْ » eylol is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور مستنيين الفصل💕💕💕

eylol غير متواجد حالياً  
قديم 12-07-20, 10:57 PM   #27

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني

ا
بتسمت رواء وهي تنظر لانعكاسها في المرآة بعينين لامعتين ويدها تلامس خصلاتها الطويلة برقة، قبل أن تشدها من خلف ظهرها لتستقر بنعومة فوق صدرها وواصلت مداعبتها بهيام .. عضت شفتها ووجهها يحمر أكثر بينما تستعيد ما حدث حين ذهبت للشركة لترى والدها .. لم تكن أول مرة تمر عليه في عمله لكنّها المرة الأولى التي تقابل ذلك الشاب الغريب .. تراقصت نبضاتها بينما تتذكر بخجل اصطدامها به وكيف أمسكها قبل أن تسقط، نظراته لها التي جعلت قلبها ينتفض بجنون سيطرت عليه بصعوبة حتى لا يفضحها أمامه قبل أن تسرع هاربة إلى مكتب والدها وأنفاسها تهرب منها هي الأخرى .. فاجأت والدها بظهورها لكنّه كعادته أسرع يستقبلها بابتسامته الحانية التي لم تتغير بينما يرد على مجاملات زملائه التي تمتدحها .. كانت تعرف أنّه يتضايق عندما يحدث هذا وحذرها مراراً من القدوم إليه ولفت الأنظار .. زمت شفتيها وهي تنظر لشعرها في المرآة .. حسناً .. تعرف أنّه لن يرضى حتى ترتدي الحجاب كما وعدته لكنّها لا زالت تماطل وتعلم أنّ هذا يحزنه لكنّها ممتنة لأنّه لم يجبرها .. ضحكت وهي تتذكر وعدها له أنّها لن تكرر الأمر وإن اضطرت يوماً لزيارته في مكتبه فستربط شعرها الجميل بإحكام حتى تداري جماله عن العيون ... عاد قلبها لينتفض وهي تتذكر عينين محددتين سرقتا نومها طيلة الأيام التي مضت على رؤيته .. ذلك الشاب الذي يبدو أنّ وجهه انحفر في عقلها منذ ذلك اللقاء .. ضحكت وهي تستعيد مشهد دخوله لمكتب والدها لتصطدم برؤيته مرة أخرى وهي تتحدث مع والدها .. سرت قشعريرة في جسدها وصوته يتردد مرة أخرى بعقلها بنبرته الثقيلة تلك التي لم تفهم كيف تثير رجفة في قلبها
"صباح الخير سيد بدر .. صباح الخير جميعاً .. كيف حال العمل؟"
نظرت له بدهشة بينما ردد الجميع تحيته باحترام ورأت بغرابة كيف سرى التوتر على الغرفة بحضوره بينما نهض والدها مبتسماً ليصافحه
"مرحباً سيد سالم .. أنرت مكتبنا"
زمت شفتيها دون أن تشعر .. سالم .. اسمه سالم؟! .. أليس قديماً بعض الشيء؟ .. احمر وجهها عندما انتبهت لنظراته لها والتي تركزت لوهلة على شفتيها المزمومتين وانتفض قلبها بشعور غريب .. تململت في وقفتها بينما أشاح هو بوجهه سريعاً محدثاً والدها
"من الآنسة؟ .. هل هي موظفة جديدة معنا؟"
ضحك والدها قائلاً وهو يضمها إلى جانبه
"لا .. إنّها ابنتي"
رفع حاجبيه مغمغماً بكلمات لم تلتقطها قبل أن تلمع عيناه بطريقة جعلتها تبتلع لعابها بتوتر شديد وهو يردد
"ابنتك؟ .. اعتذر إذن عن الخطأ"
ومد يده نحوها مسبباً ارتباكاً أكبر لقلبها بينما يردد بنبرة ثقيلة
"الشركة أنارت .. تشرفنا آنسة .."
اختلست النظر بتردد لوجه والدها المقطب في غير رضا، ولكنّها وجدت نفسها تمد كفها دون إرادة لتصافحه هامسة بارتباك
"رواء"
سحبت يدها بسرعة من كفه الدافئة بينما اتسعت ابتسامته وتراجع مردداً اسمها كأنما يتذوق أحرفه
"روا"
انتفض قلبها مع الطريقة التي نطقه بها وارتعدت بخوف فطري وقلبها حذرها أنّها توشك أن تخوض أرضاً لا قِبَل لها بها .. قبل أن تنفذ رغبتها في الهرب كان هو قد التفت لوالدها وقال بصوتٍ عملي
"حسناً سيد بدر .. سأمر في وقتٍ لاحق لأناقش معك بعض الأمور المتعلقة بالعمل"
أومأ والدها مقطباً بحيرة بينما اتسعت ابتسامة سالم وهو يلتفت لبقية زملاء والدها في المكتب قائلاً
"عملاً موفقاً أيها السادة"
ردوا بهمهمات وهم يهزون رأسهم باحترام بينما عاد هو يلتفت نحوها بابتسامته التي تربك نبضها تلك وقال
"تشرفنا مرة أخرى آنسة رواء .. يوماً سعيداً"
هزت رأسها بارتباك ليتحرك هو مغادراً بجسد ممشوق تحيطه تلك الهالة الغريبة من السيطرة .. لم تدرك أنّها كانت تحبس أنفاسها حتى غادر وسمعت والدها يقول بضيق
"ستتأخرين على محاضرتكِ يا رواء"
التفتت له بوجه محمر وهتفت
"آه .. لا تقلق .. لا زال هناك بعض الوقت"
ومدت يدها نحوه قائلة بمرح
"والآن يدك على كل ما في محفظتك أيها السيد الوسيم .. نسيت أنني طلبت منك نقوداً لشراء الكتاب؟ .. اليوم آخر يوم للدفع"
مال نحوها خفية عن زملائه وقرص أذنها
"أنتِ من نسيتِ أن تخبريني يا نصابة"
ضحكت برقة وغمزت له خفية
"حقاً؟ .. أتساءل من أين أتيت بهذه الذهن الشارد دوماً"
هز رأسه ضاحكاً بيأس بينما يفتح محفظته ويعطيها المبلغ الذي طلبته، ولم تقاوم نفسها واقتربت بحماس تقبل خده
"شكراً يا أحلى بدر في الدنيا"
تراجعت بخجل حين دوت ضحكات رفاقه بالمكتب بينما مط شفتيه يرمقها بنظرة لائمة، فأسرعت تبتسم بخجل وتحركت بسرعة لتغادر
"حسناً سأذهب .. يوماً سعيداً أيها المحترمون"
دوت ضحكاتهم خلفها فضحكت ما أن غادرت المكتب وعضت شفتها وهي تجري خلال الطرقات متجهة نحو السلالم .. تعرف أن في انتظارها محاضرة جادة وشديدة اللهجة من والدها بعد أن تعود للبيت لكن الآن لتنس ما حدث ولتسرع لجامعتها قبل أن .. شهقت فجأة وهي تدور في الزاوية التي تسبق السلالم
"مرحباً مرة أخرى يا حورية"
تراجعت هاتفة وهي تمسك بقلبها
"سامحك الله .. أفزعتني"
كان يقف مستنداً للحائط أمامها وعلى شفتيه تلك الابتسامة المربكة ليعتدل مردداً بعبث
"هذه أحلى (سامحك الله) سمعتها في حياتي"
انفرجت شفتاها بصدمة واندفع الدم سريعاً إلى وجنتيها لتنتبه أنّ نظراته توجهت إليهما بافتتان زاد احمرارها، فتحركت متمتمة بهمسات نزقة لتشهق مرة أخرى عندما تحرك بسرعة ليقطع الطريق عليها فهتفت بضيق
"لو سمحت .. ابتعد عن طريقي"
كتّف ذراعيه قائلاً برقة وترتها
"أنا أرغب في المساعدة لا أكثر يا حورية"
قطبت هاتفة بحنق
"أنا لست حورية .. لو سـ .."
قاطعها قائلاً بنبرة ناعمة
"أعرف .. أنتِ روا"
تنفست بحدة وهي تسمعه من جديد يداعب اسمها بطريقة تخيفها، ثم هتفت باعتداد وصرامة
"أنا رواء بدر العزايزي .. إن كنت لا تعرف من هو بدر العزايزي فدعني أناديه لتتعرف عليه"
انفجر ضاحكاً مسبباً لها شعورين متناقضين .. قلبها الأحمق رفرف مع ضحكته بينما الجزء العاقل منها اشتعل بغيظ قبل أن تسمعه يقول
"بالطبع أعرفه .. وأعرفه جيداً"
رمقته بغيظ وغمغمت وهي تحاول تجاوزه
"ما دمت تعرفه فابتعد عن طريقي قبل أن تسبب لنفسك مشاكلاً أنت في غنى عنها"
عاد يضحك وهو يلحق بها على السلالم التي قفزتها بسرعة
"لماذا أشعر أنني وقعت في المشاكل وانتهى الأمر؟"
توقفت خطواتها في منتصف السلم ليتوقف بدوره والتفتت له بنظرات حائرة بينما تشعر أنّه يعني شيئاً أكبر بكلماته تلك .. قابلتها ابتسامته الواسعة لتشيح بعينيها بينما عاد يردد
"سأوصلكِ للخارج فقد لاحظت أنّكِ تتوهين بسرعة"
رمقته شذراً ثم نفخت بحدة وعادت تقفز السلالم هاتفة بنزق
"احتفظ بمساعدتك لنفسك يا هذا"
هتف وهو يقفز السلالم خلفها
"لماذا يا حورية؟ .. نحن في الخدمة .. ربما تتوهين أو تتعثرين مجدداً و"
التفتت له بغضب ولم تنتبه لخطواتها .. هتافها الغاضب توقف في حلقها بينما تتسع عيناها فزعاً وجسدها يهوي للخلف لكنّ يده التي أسرعت تمتد إليها أوقفت سقوطها وهو يقبض على رسغها بإحكام قبل أن يشدها إليه لتصطدم به مرة أخرى .. حدقت بصدمة في عينيه العابثتين بينما يقول غامزاً
"أخبرتكِ يا حورية .. تتوهين وتتعثرين بسرعة .. لكن لا بأس .. أنا موجود"
شهقت وهي تدفعه في صدره وابتعدت عنه بوجه تكاد الدماء تنفجر منه وهتفت
"أيها الوقح .. إياك أن تلمسني مرة أخرى"
ابتسم بتسامح وهو يرفع كفيه باستسلام بينما نظراته العابثة تخبرها شيئاً آخراً فرمته بنظرة نارية وزفرت بقوة وهي تشيح بوجهها وتعاود نزول السلالم مغمغمة بهمسات نزقة
"أحمق .. يظن نفسه وسيماً بابتسامته هذه"
سمعت صوته من خلفها يهتف
"بالمناسبة يا رواء بدر العزايزي"
توقفت مرغمة والتفتت له بتقطيبة حانقة لتجده لا زال واقفاً حيث تركته وابتسامته تلك تزين شفتيه قبل أن يغمز قائلاً
"أنا سالم يحيى المنصوري .. لا تنسي هذا الاسم أبداً"
ابتسمت له بسماجة تواري خلفها ارتباكها منه، وانتصر جانبها العنيد فرفعت قبضتها المضمومة فاردة إبهامها لتوجهه لأسفل بإشارة مغيظة جعلته ينفجر ضحكاً من جديد لترمقه بغل وعادت تعطيه ظهرها وتنطلق بينما يهتف خلفها بصوت أعلى
"حسناً يا حورية .. أنا واثق أنّكِ لن تنسيه أبداً وواثق أيضاً أنّنا سنلتقي مرة أخرى"
قاومت حتى لا تلتفت وتلقي عليه نظرة أخيرة أو حتى لترميه بعبارة تحطم غروره وسمعته قبل أن تختفي تماماً عن ناظريه
"أراكِ قريباً يا رواء بدر العزايزي"
انتبهت من شرودها على ابتسامتها السخيفة في المرآة فضربت جبينها ضاحكة
"حمقاء .. أنتِ تثبتين صحة كلامه"
وزمت شفتيها وخشّنت صوتها تقلده
"أنا واثق أنّكِ لن تنسيه أبداً"
وضحكت وهي تلتقط فرشاة شعرها لتبدأ تصفيف خصلاته الطويلة جداً وعيناها تغيمان وتنهدت بنعومة وشفتاها تتمتمان اسمه كترنيمة رقيقة
"سالم يحيى المنصوري .. سالم يحيى المنصوري"
واتسعت ابتسامتها وهي تنظر لعينيها الهائمتين
"المغرور .. كان محقاً"
همست لنفسها وهي تتوسل قلبها الذي يتراقص بين ضلوعها بحماقة مع كل مرة تردد فيها اسمه .. كان يجب أن تعلم أنّ قدميها توغلتا في أرضً ليس لها قِبَلٌ بها، لكنّها مع هذا تشعر أنّ هذا الغرق ليس سيئاً على الإطلاق .. ليس سيئاً أبداً

"رواء .. ابنتي .. استيقظي رواء"
تسلل الصوت إلى أذنيها مخترقاً الغمام المحيط بها وتزايدت حدته لتنتفض من نومها رافعة رأسها لتنظر بعينين قلقتين لوالدها الراقد في الفراش وهتفت بخوف وهي تلامس ذراعه
"ما الأمر؟ .. أنت بخير حبيبي؟ .. هل أنادي الطبيب؟"
قاطعها مبتسماً بحنان ومد يده إلى وجهها لتقطب عندما شعرت بأصابعه تمسح شيئاً عن خديها ليهمس
"كنتِ تحلمين؟"
رفعت يدها شاهقة داخلها بارتياع عندما لامست الرطوبة على خدها .. هل كانت تبكي وهي نائمة؟ .. لا تذكر أنّها كانت تحلم .. قطبت وهي تنظر لوالدها بينما تتذكر جلوسها بجواره أثناء نومه تنتظر استيقاظه لتشرد رغماً عنها في ذكرياتها القديمة التي قاومت جاهدة حتى لا تعود إليها لكنّ صندوقها تحطم وانفتح عن آخره منذ رأت سالم من جديد، وما عادت تملك القدرة على حبس ذكرياتها التي تواصل مهاجمتها كلما واتتها لحظة ضعف .. لا تعرف متى سرقها النوم لتغرق فيه لكنّها لا تتذكر أنّها رأت حُلماً لتبكي هكذا .. طردت أفكارها وابتسمت له تداري مشاعرها
"لا تهتم حبيبي .. أخبرني .. هل تشعر بأي ألم؟"
تأملها بدر بحنان وتفهم، حين غيرت الموضوع، ومنع نفسه حتى لا يخبرها أنّه استيقظ على أنينها وهي تهمس اسم سالم مراراً ... يعرف كبرياءها وعنادها ويعرف أنّها لن تحب أن تعترف ولا حتى أن تعرف أنّها كانت تهذي باسمه .. قاوم غصته وهو يتأملها بشفقة وألم .. صغيرته التي نضجت سريعاً .. صغيرته التي سرقها العشق كما فعل به يوماً لكنّ حظها كان سيئاً على عكسه وأمها .. قصتها انكتبت بمداد من ألم وعذاب .. يعرف أنّها لا زالت تتعذب داخلها رغم كل ما تظهره من قوة أمامهم .. من سيعرفها مثله ومن سيشعر بها مثله؟ .. مد يده يحتضن خدها بحنان شديد
"هل تشعرين أنتِ حبيبتي؟"
خانتها رعدة خفيفة بشفتيها قبل أن تقول مبتسمة بمرح مفتعل وهي تدلك رقبتها
"نعم .. للأسف نمت بطريقة سيئة وتشنجت عضلات رقبتي"
ضحك متجاهلاً هروبها مرة أخرى، ثم ربت على خدها وقال
"كيف حال سمراء؟ .. أصبحت بخير؟"
شحب وجهها لحظة وتمتمت بارتباك
"سمراء! .. ما .. بالطبع هي بخير .. لماذا تـ .."
قاطعها بابتسامة حزينة لائمة
"أنتن .. أنت وأمك وشقيقتاكِ .. لا تُجِدنّ الكذب يا رواء"
ابتلعت ريقها بتوتر بينما غامت عيناه بأسى وردد
"هل ظننتِ أنني لن أعرف ما يدور حولي فقط لأنني رقدت في هذا الفراش؟"
أسرعت تقول وهي ترفع كفه وتقبلها
"ما عاش ولا كان من يظن بك هذا يا بدر العزايزي"
ودمعت عيناها بتهدج وهي تنظر له
"ستظل مهما حدث الرجل الأقوى والأكثر صموداً الذي عرفته في حياتي"
داعب رأسها المغطى بالحجاب ضاحكاً
"تعرفين كيف تأكلين بعقلي حلاوة مثل أمكِ تماماً يا بنت جميلة"
ضحكت وهي تمسح دمعة خائنة
"الآن أصبحت بنت جميلة؟"
قرص خدها
"يا بنت .. أنا أمدحكِ عندما أقول بنت جميلة"
رمقته بحنان وهي ترى لمعة عينيه لمجرد ذكر أمها بينما تنهد هو وقال بعد لحظات
"لم تخبريني بنيتي .. كيف حال سمراء؟"
ربتت على كفه قائلة
"إنّها بخير حبيبي .. لا تقلق .. هل كنت سأجلس هادئة هكذا لو كانت في خطر"
وواجهت نظراته بنظرات مطمئنة
"هي بخير صدقني .. ألا تعرف بناتك يا سيد بدر؟ .. سمراء قوية وستتجاوز مرضها وتقوم لنا بالسلامة"
وابتسمت وهي تميل لتقبل كفه
"تحسن أنت بسرعة وستذهب لتراها إن لم تكن هي قد تحسنت قبلك وأتت إليك بنفسها"
طرد نظراته القلقة وقلبه يدعو لسمراء بحرارة أن تكون بخير كما تقول بينما يؤلمه عجزه عن الذهاب للاطمئنان عليها بنفسه .. يقتله عجزه ومرضه عن أن يقف في وجه الخطر الذي يقترب من بناته ويتمزق في المنتصف بين خوفه عليهن أن يتركهن في الدنيا دون عائل وأن يتركهن لعائلته التي يعرف جيداً كيف سيكون استقبالهم لهن بعد كل هذه السنين من القطيعة وكل هذه الشحناء التي تركها خلفه ... بناته لن يسلمن من عائلته، حتى لو كان شهاب صادقاً في كلامه وفي رغبة أبيه إصلاح ما انقطع قديماً واحتواء بناته في حضن عائلتهن التي ستحميهن من غدر الدنيا من بعده .. لكنّه يعرف جيداً أنّه لو سمح بهذا فستكون في انتظارهن أياماً صعبة ومصيراً ربما لا تكفي القوة التي غرسها بهن أن تواجهه
"أبي .. ما الأمر؟ .. فيما شردت؟"
انتبه على سؤالها القلق فالتفت لها مبتسماً وربت على كفها ثم قال بخفوت
"هل يمكن أن تتصلي بشهاب ابن عمكِ وتخبريه أنني أريد رؤيته؟"
شحب وجهها وسحبت كفها متراجعة في مقعدها
"أتصل به؟ .. ماذا تقول يا أبي؟ .. ألم يكف ما فعله و.."
ردد بحزم وقد بدأ الحديث يرهقه
"لا تجادليني يا بنت بدر العزايزي .. اتصلي بابن عمكِ وأبلغيه رسالتي"
"أبي .. لا تفعل"
توسلته بنظراتها قبل كلماتها لكنّه مد يده يربت على رأسها برفق
"لا تقلقي .. ثقي بأبيكِ حبيبتي … لن أفعل أبداً ما يؤذيكِ أنتِ وشقيقتيكِ"
أومأت تدرك جيداً أنّه يقول ما يعنيه لكنّها رغم كل شيء تخشى .. تخشى نتيجة مقابلته بابن عمها المغرور ذاك .. تخشى أن يدير رأسه بكلماته اللعينة عن العائلة والدم وصلة الرحم .. تباً .. ألم يكونوا هم أول من قطعوا تلك الصلة؟ .. هل يتحدثون الآن عن صلة الرحم والشرف ورباط الدم؟ .. انتبهت على صوت والدها يسألها بحنان مستيقناً
"هل تثقين بي بنيتي؟"
مالت تقبل كفه بحرارة ورددت بيقين لا يهتز
"أثق بك أكثر من نفسي حبيبي"
ورفعت رأسها تقاوم مشاعرها النافرة من ذكر ذلك البغيض
"حسناً .. سأتصل به وأخبره"
ومطت شفتيها بنزق مردفة
"أنا واثقة أنّني سأجده قافزاً عندك ما أن أنهي المكالمة معه"
لم يقاوم والدها ضحكته التي ارتفعت جاعلة قلبها يبتسم بسعادة لرؤيته مستبشراً ضاحكاً واستبشر قلبها خيراً في أن تأتي الأيام القادمة بالخير رغم كل مخاوفها.
*************************

صباحات likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 12-07-20, 10:59 PM   #28

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

بلل يوسف شفتيه بلسانه متوتراً بينما يجلس أمام جده في غرفة مكتبه .. حاول جاهداً أن يتحجج بأي شيء ليؤخر الذهاب إليه لكنه كان يعرف أنه لا مناص من مواجهته .. تنفس بعمق وقال وهو يرفع وجهه إليه يواجه نظراته الجامدة بوجه هادئ لا يعبر عن شيء مما يدور داخله
"خيراً يا جدي؟ .. قلت أنك تريدني"
تأمله جده للحظات وترته أكثر .. رباه كم يكره أسلوبه هذا .. وحده كفيلٌ بجعله يقر معترفاً بأشياء لم يرتكبها أصلاً .. نطق جده أخيراً بعد لحظات قاتلة
"ماذا يحدث معك هذه الفترة يا يوسف؟"
ابتلع ريقه بتوتر مغمغماً
"ماذا يحدث يا جدي؟ .. أنا بخير و.."
قاطعه بصرامة وهو يشدد من نظراته التي تكاد تخترقه ليقرأ ما يخفيه من أسرار
"تعرف أنني لا أحتاج لسؤالك يا يوسف .. يمكنني أن أعرف كل شيء دون أن تخبرني .. أنا أسألك لأنني أحب أن أعرف منك شخصياً"
أومأ وقبضة تمسك بقلبه متسائلاً إن كان عرف بشأن جايدا بالفعل، وسمعه يكمل بعد برهة بنبرة ذات مغزى
"تعرف ما يحدث عندما يصلني شيءٌ لا يعجبني يا يوسف ولا أحب حقاً أن يصلني بخصوصك ما لا يرضيني قبل أن تخبرني به من نفسك"
"بالطبع جدي .. أعرف"
هتف بسرعة ثم ردد
"لكن لا شيء مقلق جدي .. صدقني لم يحدث ما يمكن أن .."
لم تكتمل كلماته حين انفتح الباب فجأة بعنف جعله ينتفض والتفت بدهشة إلى سالم الذي اندفع للداخل هاتفا بقوة وملامحه تشتعل بجنون
"يوسف .. غادر واتركني مع جدي لو سمحت"
خفق قلبه وهو ينهض مصدوماً بينما هتف جده ضارباً الأرض بعصاه في غضب
"ما هذه الوقاحة يا سالم؟ .. كيف تقتحم مكتبي بهذه الطريقة؟"
تنفس سالم بحدة والتفت نحو يوسف هاتفا بقوة أكبر
"ألم تسمع ما قلت؟ .. غادر هيا"
قطب يوسف وهو يومئ وأسرع يغادر دون أن ينتظر سماح جده بينما يحمد الله ممتناً أن اختار سالم هذه اللحظة لينقذه .. غادر بسرعة مغلقاً الباب عليهما ليصله هتاف جده من جديد
"هل جننت يا سالم؟"
زفر بحرارة وهو يبتعد داعياً لشقيقه أن يصمد بالداخل بينما يتساءل بقلق عن السبب الذي جعله ينفجر كالمجنون هكذا .. توقف عندما لمح أمه تقف قريباً من مكتب جده بوجه شاحب تفرك كفيها فأسرع نحوها هاتفاً
"أمي .. ما الأمر .. سالم ..."
قاطعته هاتفة وهي تتمسك به بعينين دامعتين
"يوسف .. شقيقك .. جدك سيغضب جداً مما حدث وسالم جن جنونه"
أحاط كتفيها مردداً بقلق
"اهدأي حبيبتي .. تعالي وأخبريني ماذا حدث"
نظرت خلفها إلى حيث اختفى ابنها الأكبر ورددت بارتجاف
"لكن .. سالم"
ربت عليها مقاطعاً
"سالم سيكون بخير أمي .. لا تخافي"
وغامت عيناه قليلاً ليواصل باختناق
"إن كلن هناك حقاً من يستطيع الوقوف لجدي في هذا البيت فهو سالم .. لا تقلقي عليه"
لم يبد عليها الاقتناع وكفكفت دموعها بصعوبة وهي تتذكر مواجهتهما العاصفة قبل عشر سنوات والتي انتهت برحيل ابنها عن البيت وعن البلد كلها وانقطاع صلته بهم .. لا تريد أن تخسره وهي ما كادت تفرح باستعادته .. أجلسها يوسف على الأريكة قائلاً برفق
"اهدأي حبيبتي .. أخبريني .. ماذا حدث لكل هذا؟"
نظرت له بلوعة وقبضت على كفه بيد مرتجفة
"سالم .. عرف بما حدث لفلك وجن جنونه"
تراجع بشحوب
"عرف؟"
أومأت متابعة ودموعها تسيل
"لقد أخرجها من محبسها وأصر على عودتها لغرفتها القديمة"
انتفض واقفا وهتف بجزع
"ماذا؟ .. أخرجها؟ .. لم تخبريه بأوامر جدي؟"
رددت بحرقة
"قلت له يا بني .. لكنه لم يهتم .. لقد حملها إلى غرفته وأمر بفتح غرفتها"
تنفس بصعوبة وهو ينظر للأعلى تجاه غرفة سالم
"وهي خرجت معه دون مشاكل"
هزت رأسها وقد ارتسم الألم على وجهها وفي صوتها
"كانت مستسلمة للغاية .. حبيبتي كانت كالطفلة وهو يحملها وكانت متمسكة به"
ارتفع حاجباه بدهشة .. لم يتوقع هذا من فلك أبداً التي كانت تصرخ بجنون كلما اقتربوا منها وحاولوا إخراجها من عزلتها .. عاد ينظر تجاه السلالم وسألها بتوتر
"هل هي هناك الآن؟"
أومأت وهي تمسح دموعها بارتجاف
"غارقة في النوم بعمق كما لم أرها تفعل منذ ما حدث"
ازدادت دهشته قبل أن يسألها بخفوت
"ماذا سيحدث الآن أمي؟"
غمغمت بلوعة
"لا أعرف بني .. أخشى أن ينفذ قسمه إن علم بخروجها"
قبض يده بقوة وهو يكز على أسنانه
"اللعنة .. اللعنة علينا جميعاً"
رمقته بلوم بينما ضرب بقبضته على صدره
"نعم أمي .. اللعنة علينا وعلى عجزنا هذا .. لقد صرت أكره نفسي أمي … أنا أختنق ولا أطيق نفسي .. حتى متى سيقيدنا هكذا؟"
رمقته بعجز تبكي سنيناً طوال عاشتها في هذا البيت .. عشرات المصائب والآف اللحظات الحزينة .. الدموع التي لم تتوقف .. جدران هذا البيت لو نطقت ستصرخ بكل القهر الذي احتوته لسنوات .. آهة حارة غادرت صدرها ليرمقها يوسف بحسرة وعاد يجلس بجوارها وضمها لصدره لتبكي بحرارة .. هي أكثر من عانت وتحملت بعد جدته .. تحملت فقدان والده وكل المصائب التي توالت على هذا البيت .. تحملت فقدانها لسالم وبكاءها فراقه حتى عاد .. تحملت ولا زالت تتحمل كجبل صامد .. ليست عاجزة ولا ضعيفة .. هي مقيدة بهم جميعاً .. يعرف أن جده قيدها بهم وبخوفها عليهم .. هذا سلاحه الذي يحكمهم به .. خوفهم على من يحبون .. ارتجف قلبه وعقله يشرد إليها .. جايدا .. ربما عرف جده بأمرها مسبقاً وتجاهل أمرها ظناً منه أنها نزوة وسيملّها قريب وربما سيعرف خلال وقت قصير، لكن ما هو متأكد منه أنها ستصبح نفطة ضعفه القاتلة حين يعرف جده بحبه لها .. سيتحكم به أكثر وسيخضع رقبته له ولا يريد أن يتخيل ماذا سيكون الثمن الذي سيطالبه به وقتها مقابل ألا يقربها بأذى .. عليه أن يجد حلاً قبل أن تتأزم الأمور .. هز رأسه طارداً مخاوفه وهمس باختناق وهو يضم أمه أكثر
"لا تخافي حبيبتي .. كل شيء سيكون بخير عما قريب"
تمتم يخبرها بكلمات هو نفسه لا يؤمن بصدقها.
****************
لم يحتمل سالم النار التي تشتعل بعروقه منذ أخبرته أمه بما حدث مع فلك قبل خمس سنوات .. لا يصدق ما سمعه .. كان يعرف أن جده قادر على فعل أسوأ من هذا بكثير .. سبق ورأى بعينيه إلى أي مدى قد يصل جبروته لكن أن يصل هذا الجبروت إلى فلك بالذات .. فلك الرقيقة ذات القلب البريء .. النقية كطفلة لم تلوثها الحياة بعد .. صغيرته المسكينة التي خانها بهروبه ليحدث لها كل هذا .. لو كان هنا .. لو كان معها لما سمح لكل هذا بالحدوث .. نار قلبه اشتعلت في عينيه بينما يرمق جده بقهر وغضب محرق واندفع نحو مكتبه الذي يفصل بينهما صارخاً
"كيف تفعل هذا بها؟ .. كيف هانت عليك؟"
ضاقت نظرات جده واشتدت قبضته على مقبض عصاه قبل أن يردد بصوت منخفض بنبرة ثلجية محذرة
"اخفض صوتك يا سالم وإياك أن تنسى نفسك وأنت تتحدث معي"
لم يعد قادراً على احتواء غضبه الذي يتفجر في عروقه فاقترب ليضرب سطح المكتب بكفيه هاتفاً
"سأتحدث كما أريد وأنت ستسمعني جيداً"
ضرب الجد بعصاه على الأرض محذراً لكن سالم لم يتراجع وانتفض جسده وهو يميل مستنداً بكفيه للمكتب
"كيف طاوعك قلبك أن تفعل هذا؟ .. فلك .. فلك من بين الجميع تفعل بها هذا؟.. كيف؟"
صرخ بها ضارباً بيديه مرة أخرى بينما رمقه جده ببرود ثم رد بنفس النبرة الثلجية
"من الأفضل لك أن تهتم بشؤونك يا سالم"
تراجع محدقاً فيه كمن ينظر لمجنون قبل أن يرفع كفيه يغرس أصابعه في شعره وشده هاتفاً
"اهتم بشؤوني؟ … اللعنة … يقول لي اهتم بشؤونك"
وعاد يميل مستنداً للمكتب قائلا
"لماذا لا زلت أندهش بعد كل ما رأيته منك؟ .. لماذا يصدمني ما فعلته؟ .. تباً يا جدي .. إن كنت فكرت سابقاً أنك لا تملك قلباً فاليوم صرت متأكداً مليون مرة أن ما يقبع في صدرك هذا مجرد حجر صوان .. أنت لا تملك قلباً من الأساس ليشعر .. كيف ألومك على ما تفعله بنا؟"
واختنق صوته وهو يتذكر حالتها ليتابع
"لكن هي على الأقل .. تصورتك سترحمها قليلاً"
ونظر له هازاً رأسه بغير تصديق
"فلك؟ .. فلك يا جدي؟ … ماذا أجرمت بحقك لتفعل بها ما فعلته؟"
وعاد صوته يحتد ليصرخ
"ما الجريمة التي ارتكبتها لتحطمها بهذا الشكل؟"
كز جده على فكه وهو يرمقه بنظرات حادة، وضرب الأرض بعصاه بقوة
"اخفض صوتك يا ولد"
عض شفته بقهر بينما واصل جده بصرامة
"أنت لن تعلمني كيف أؤدب ابنتي"
اهتزت شفتاه وعشرات الكلمات والصرخات تحتشد بعجز أمام شفتيه بينما جده يتابع
"فلك أخطأت وكان يجب أن تعاقب"
عض على شفته يقاوم دموع قهره ثم هتف
"ليس بهذه القسوة .. لقد حطمتها .. هل يعجبك حالها؟"
لم تختلج عضلة واحدة في وجه جده ليتراجع ضاحكاً بمرارة
"وماذا يهمك حقا؟ .. بالطبع لا يفرق معك"
وشوح بيده هاتفاً بعنف
"ألم تكتف؟ … سبق وقتلت ثلاثاً من أبنائك .. هل تنوي الآن قتل الوحيدة التي بقيت لك منهم؟"
هتف جده بعنف وهو يضرب بعصاه مرة أخرى
"سالم .. لا تتعد حدودك"
صرخ مقابله
"سأتعدى حدودي كما أريد .. لقد سمحت لك بفعل ما تريده حتى الآن .. لكن فلك لا يا جدي .. سمعت .. إلا فلك"
رمقه جده رافعاً أحد حاجبيه قبل أن يخبره بصرامة
"إن كان يهمك أمرها لهذا الحد فالحل في يدك"
تراجع بتوتر وخفق قلبه بتوجس ليتابع جده بعينيّ ثعلب تلمعان بالمكر الذي يمقته فيه بشدة
"نفذ اتفاقنا يا سالم وعندها تستطيع أن تفعل ما تريد بشأنهم جميعاً"
توقفت غصة شديدة في حلقه لتلمع عينا جده أكثر كأنما أدرك ارتباكه وتردده ليردف
"أخبرتك .. سأتنازل لك عن كل شيء وسأترك لك التصرف في شؤون الجميع .. بالمقابل ستنفذ رغبتي وتتزوج الفتاة التي سأختارها لك"
شحب وجهه بشدة .. كان هذا اتفاقهما بالفعل ولم يستطع مقاومة العرض .. لم يفرق معه الزواج من أي امرأة .. سيكون زواجاً كغيره .. لهذا عاد وقبل خطبته لوتين هاشمي .. ولحسن حظه كانت مثله ووافقت على شروطه ورغبته في زواج صوري .. كانت خطته حتى يجد مخرجاً .. حتى يسيطر على كل شيء ثم يتخلص من آخر قيود جده .. هل كان غبياً وسلّمه قياده دون أن يشعر .. هل وثق كثيراً في نفسه حتى دلّاه بغرور ليسقط في فخه؟ … رفع رأسه ناظراً له بعينين مظلمتين بينما جده يخبره وهو يهز كتفيه بابتسامة زادته حنقاً واختناقاً
"لو كنت أتممت زواجك من حفيدة هاشمي لكان كل شيء أصبح طوع بنانك الآن لكن .."
ومط شفتيه بأسف مفتعل قبل أن ينهض من كرسيه وتحرك نحوه باعتداد .. تنفس سالم بحدة وقهر وهو يكز على فكه مقاوماً رغتبه في الصراخ قهراً وغضباً بينما اقترب جده بنظراته المتحدية وربت على كتفه قائلاً
"لا زالت الكرة في ملعبك يا حفيدي العزيز .. ابنة الوزير التي أخبرتك عنها عادت من سفرها، وأنا في انتظار فقط أن تحدد الموعد لنذهب لخطبتها"
قبض على كفه بقوة وأنفاسه تتسارع بعنف بينما يسمعه يردد بنبرة ذات مغزى
"أرجو ألا يكون قد حدث ما يجعلك تتراجع عن وعدك"
انتفض قلبه بعنف وهو يلتفت له وقد أحس أنّ كلماته تنطوي على شيءٍ خطير .. هل عرف بشأن رواء؟ .. ألهذا يتحداه أن يختار مجدداً بينها وبين عائلته؟ .. اتسعت ابتسامة جده كأنما قرأ كل ما يدور داخله ليربت على كتفه مرة أخرى قائلاً
"فكر جيداً قبل أن تقرر .. في النهاية مصير عائلتك يتوقف على اختيارك ومن الواضح رغم كل السنوات التي انقطعت فيها عنهم أنّك لا زلت تهتم لهم .. كثيراً"
ارتعدت شفتاه مع الطريقة التي نطق بها جده كلماته وسمع خطواته الواثقة تبتعد عنه ليغادر المكتب ويتركه مكانه متجمداً بقلبٍ مختنق .. سقط على المقعد المقابل للمكتب محدقاً أمامه بشحوب .. لقد سقط في فخه بالفعل دون أن يدري .. ها هو قد عاد ليسقط بين المطرقة والسندان .. قبل أيام فقط كان يمكنه أن يختار دون لحظة تردد .. أما الآن .. بعد أن عادت لحياته .. بعد أن وجدها أخيراً ليكتشف أنّ عشقه لها لا زال حياً داخله وأكثر من أي وقتٍ مضى .. كيف له أن يختار بين خيارين أحلاهما مر كالعلقم؟ .. كيف له أن يتركها تضيع من يده مجدداً بينما على الكفة المقابلة يقبع مصير عائلته كلها وأولهم فلك المسكينة؟ .. مصير عائلته التي يتمزق ألماً وندماً على خيانته لهم قديماً .. دارت عيناه بضياع على جدران مكتب جده ليستعيد عقله ذكريات آخر مواجهة حدثت بينهما قبل عشر سنوات حين انكسر حاجز احتماله وانفجرت ثورته وغادر متمرداً على كل شيء ليعود ويكتشف الآن أنّ شيئاً لم يتغير .. لا زال كما هو .. ظن أنّه تحرر هذه السنوات لكنّه كان مقيداً بخيطٍ رفيع سحبه جده بكل براعة ليعيده لسجنه من جديد والآن .. لم يعد خيطاً رفيعاً .. رفع كفه إلى عنقه شاعراً باختناق شديد .. تحول الخيط ببراعة إلى حبلٍ سميك يشعر به يشتد في كل لحظة منذ عاد إلى هنا .. تنفس بحدة ويده تنقبض إلى جانبه بينما عادت صورة فلك ترتسم أمامه ليقسم متوعداً
"لا .. لن تعود لتتحكم بمصيري يا سالم بك .. والله لن تفعل .. أنا سأصنع مصيري من الآن فصاعداً"
هتف داخله وهو ينهض من مكانه ويندفع للخارج كالإعصار يردد قسمه داخله دون توقف علّه يتحول داخله إلى يقينٍ لا ينفصم.
*************************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 12-07-20, 11:02 PM   #29

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تعلقا عينا شاهين بالأمواج الممتدة أمامه تعصف بها الريح التي تضرب الشاطئ واهتزت لها الأشجار المحيطة بالفيلا التي تبعد قليلاً عن الشاطئ .. تنهد وصدره يلتقط أنفاساً قوية محملة برائحة المحيط علّها تهدئ قليلاً من رحى العاصفة التي تدور بأعماقه هو .. غامت نظراته حتى كاد السواد يغلب زرقة عينيه الداكنة بينما يغوص عقله لذكريات قديمة لا زالت تضرم النار بقلبه .. لا زالت حية رغم السنوات التي مرت عليها .. وكيف تخمد ونيران الغضب والخيانة تذكيها كل لحظة؟ .. ناره هذه لن تنطفئ حتى يأخد بثأره منه .. من الرجل الذي ظنه صديقه الوحيد يوماً لكن الطعنة القاتلة التي تلقاها في حياته أتت منه هو .. فك ربطة عنقه حين شعر باختناقه يزداد وأتبعها بأول زرين من قميصه .. تخلل شعره الأشقر بأصابعه بعصبية محدثاً نفسه
"لا بأس شاهين .. لقد اقترب الوقت .. قريباً ستحصل على ثأرك منه .. قريبا ستطفئ نارك وتشعل أخرى أشد سعيراً بقلبه هو"
قبض على كفه بقوة وهو يفكر في تلك التي ترقد في فراشه منذ ساعات وصوتٌ ضعيف تردد داخله يخبره أنها لا ذنب لها في صراعه مع سالم لكنّه أسرع يركله جانباً هامساً بفحيح ناقم
"ذنبها أنها نقطة ضعفه وسبيلي الوحيد للخلاص .. ذنبها أنها وثقت بخائن مثله .. حمقاء"
هتف بحدة وهو يركل الرمال بقدمه متنفسا بقوة بينما يتذكر أول مرة رآها مع سالم الذي لم يتوقف عن مراقبته وتتبع خطواته منذ انفصمت صداقتهما للأبد وانتهت بشجار مميت كادا يقتلان بعضهما فيه .. لم يتوقف عن انتظار أن يقع سالم ويظهر نقطة ضعف يمكنه أن يؤتى منها ليرد له الصاع صاعين، وطعنة الخيانة بأسوأ منها .. لم يتوقع أن يجدها بهذه السرعة .. حين وصلته صورهما معاً ظن أنها كمن سبقنّها في حياته وصرف نظراً عن التعرض لها لكنّه سرعان ما اكتشف أنها ليست مجرد نزوة عابرة في حياة سالم المنصوري .. المعلومات التي وصلته أكدت له أنه يهتم لأمرها وكثيراً جداً .. وقوفه إلى جانبها وحمايته المستمرة لها .. لم تكن مجرد امرأة عابرة .. بحث في ماضيها وجمع كل المعلومات عنها ليعرف من أين يمكنه أن يقترب ليسدد الطعنة .. كان يخطط لينتزعها منه لكن سالم اكتشف سريعاً بما يخطط له، وبدأ يحميها مؤكداً له بالفعل أنه كان محقاً في ظنونه وأنّ تلك المرأة غالية جداً عليه ولن يسمح لأي أذى بالاقتراب منها واضطر هو للتراجع قليلاً والانتظار بفارغ الصبر حتى تحين اللحظة المناسبة لينقض من جديد .. اسودت نظراته وهو يقبض يده أكثر يغمغم
"ارتكبت خطأً فادحاً حين ظننتني تخليت عن انتقامي يا سالم .. كان عليك أن تأخذ تهديدي على محمل الجد"
واتسعت ابتسامته مزيجاً من الشماتة والمرارة
"ما كان عليك أن تهرع خلف جدك وتتركها هكذا فريسة لي"
ومط شفتيه بأسف مصطنع
"لنرى .. كم سأنتظر حتى تأتي لتتوسلني من أجلها"
ارتفع رنين هاتفه مقاطعاً حديثه مع نفسه ليلتقطه ونظر لاسم ابن عمه على الشاشة وأسرع يجيبه
"نعم سِكندر .. نعم أسمعك"
استمع له بهدوء قليلاً ثم قال
"لا .. أنا في الجزيرة"
"في الجزيرة؟ .. ماذا تفعل عندك في الجزيرة يا شاهين؟"
أبعد الهاتف قليلاً عن أذنه مع هتاف ابن عمه الحانق قبل أن يقربه مستمعاً لهتافه النزق
"هل نسيت اجتماع الغد أم أنّك تتهرب وتنوي ترك كل شيء عليّ؟"
ضحك مجيباً
"أنا لم أهرب لأستجم يا سِكندر .. أنا في مهمة عمل سرية"
وارتفعت ضحكته أكثر وسِكندر يقول ساخراً
"نعم بالطبع .. أعرف أي نوع من المهمات السرية هذه .. حسناً .. ابق مع مهماتك اللعينة هذه ولست مسؤولاً عما سيفعله عمي قسمت إن وصله الخبر"
ابتسم وهو يتحرك مبتعداً عن الشاطئ ومتجهاً للفيلا الكبيرة
"لا تقلق .. سآتي في الغد .. اهتم أنت بكل شيء عندك حتى أصل"
زمجر سِكندر مستخفاً
"أشك في هذا أيها الشاهين لكن ما باليد حيلة"
ضحك وهو يرجع شعره الذي شعثه الهواء
"لن أتأخر أعدك .. سأصل في الموعد"
"تمام .. سأدعي أنني أصدقك .. أراك غداً شاهين"
ودعه مبتسماً وأغلق الهاتف لتختفي ابتسامته وعيناه تتوقفان على الطابق العلوي لتعود إليه أفكاره الانتقامية ترسم أمامه طريقاً خطط له منذ سنوات وها هو على وشك بلوغ هدفه .. أسرع للداخل متمتماً
"أتمنى أن أرى وجهك وقتها يا سالم .. عندما أسلمها لك جثة متحركة ستعرف معنى أن تخونني مرة أخرى"
ألقى هاتفه على أريكة جانبية ترك فوقها حقيبته وحاسوبه المحمول واندفع يقفز السلالم سريعاً إلى جناحه، وقلبه يتقافز ترقباً ليرى كيف قضت الساعات الماضية .. نظر في ساعته مبتسماً بسخرية .. لا بد أنّها استيقظت منذ ساعات وقد تركها وحدها فترة كافية لتستوعب صدمتها قبل أن يبدأ هجومها .. ضحك وهو يتذكر مواجهتهما قبل اختطافه لها .. حسناً .. كان يجب أن يتوقع أنّ لديها لساناً حاداً ومخالباً شرس، لكن هذا يزيد صيده متعةً .. توقف عند باب الجناح وتنفس بعمق ماحياً ابتسامته قبل أن يدير المفتاح في ثقبه ويفتح الباب ليدلف للداخل بهدوء .. كل الاحتمالات التي دارت بعقله لم تعده إطلاقاً للمشهد الذي قابله حين دخل جناحه .. ارتفع حاجباه وهو ينظر لخزانة الملابس الكبيرة التي تبعثر محتواها كله على أرضية الغرفة ورمق بشفقة بعض ملابسه التي مزقتها بعنف وابتسم متخيلاً أنّها ربما كانت تتخيل أنّها تمزقه هو .. مط شفتيه بأسف وعيناه تقعان على الملابس الغالية التي أمر بشرائها لها ويبدو أنّها خمنت هذا فوجهت دفة جنونها إليها .. ملابسها الثمينة هي أيضاً نالها نصيبها من التمزق ترقد على الأرض هامدة تنتحب مصيرها .. كتم ضحكته بصعوبة وهو يدير عينيه في الجناح الذي أصابه إعصارها الجنوني .. الفراش مبعثر ومفارشه ملقاة أرضاً .. أدوات الزينة فوق طاولة المرآة إلى جانب زجاجات العطور مهشمة على الأرض هي الأخرى والرائحة النفاذة التي صدمته أول ما دخل أدرك أنّها كانت بسبب هذه العطور المسكينة
"فراشة مفترسة مجنونة"
غمغم محدثاً نفسه بينما يراقب بقية التلفيات التي تناثرت في جناحه المسكين .. لو عرف أنّ هذا سيكون مصير جناحه الحبيب لحبسها في جناح الخدم لكنّ قلبه لم يطاوعه مقدراً أي فراشة ثمينة وقعت في شراكه .. صيده الثمين وعليه أن يقدره مهما كان مصيرها الذي خطه لها .. لكن أين هي فراشته الأسبانية المتوحشة؟ .. تساءل بقلق وهو ينظر نحو الشرفة المشرعة الأبواب وستائرها تتطاير بعنف مع الرياح .. قبل أن يفكر في الاحتمال الثاني ارتفعت صرختها من خلفه فالتفت برد فعل سريع مستقبلاً هجومها .. تفادى بمعجزة قضيباً معدنياً لا يعرف من أين أتت به وفي لحظة ارتفعت قبضته تمسك بالقضيب بينما يستقبل جسدها المندفع نحوه .. صرخت هي بجنون
"أيها الحقير .. ما الذي فعلته بي؟"
أسرع يمسك ذراعها الأخرى يحبسها بقبضته ويشدها إليه لتشهق بعنف وهي تجد نفسها ملتصقة به بينما يده الأخرى تضغط على كفها الممسكة بالقضيب بقوة آلمتها وأدمعت عينيها حتى تخلت عنه في النهاية ليسقط أرضاً بدوي عنيف .. لم تجد الوقت لتنتفض مع صوت ارتطامه لأنّ ذراعه التفت حول خصرها لتشدها إليه لتجد نفسها مرة أخرى أسيرة ذراعيه القويتين فصرخت تضربه بقبضتيها
"أيها القذر .. أيها الحقير .. سوف أقتلك"
محاولاتها لم تثر أكثر من ضحكة متسلية منه لتدخل ساقاها في المعركة تسددان الركلات العنيفة لساقيه دون جدوى بينما تمطره بقاموس طويل من الشتائم الأسبانية واللعنات التي خصته بها من بين جميع من قابلتهم في حياتها .. أبعد وجهه مدعياً الضيق
"ما هذا؟ .. هل تربيتِ في أزقة أسبانيا يا فراشتي؟ .. لم أتوقع أنّ لكِ هذا اللسان البذئ حقاً"
جُن جنونها وضربت ساقه بقهر
"إن لم تتركني أيها الملعون ستعرف اللسان البذيء عن حق .. دعني"
لوهلة ظنته سيستجيب لتهديدها لكنّها شهقت بعنف عندما استدار بها ودفعها للخلف لتجد نفسها ملتصقة بالحائط وهو يحاصرها بخطورة واتسعت عيناها بجنون بينما يردد بعبث بينما قبضتاه تقيدان معصميها إلى جانب رأسها
"ميا آمور .. أشتاق حقاً لرؤية ما لديكِ لكن ليس الآن .. لا زلنا في بداية تعارفنا"
حدقت فيه بصدمة تحاول استيعاب هل فهمت ما يقوله حقاً أم أنّها تبالغ لكنّ غمزته الوقحة جعلتها تتأكد أنّها لم تخطئ معنى كلماته المنحرف لتصرخ بشراسة
"أيها الحقير .. من تظن نفسك؟ .. سأقتلك لو لمستني"
أمسك ذقنها يرفع وجهها إليه ووجدت نفسها ترتجف وهو يحبس عينيها في عينيه اللتين اسود زفيرهما
"مرة أخرى تستقبين الأمور فراشتي .. كله سيأتي بأوانه .. عندها سأترككِ تقتلينني بلمساتكِ كما تشتهين"
ارتجفت شفتاها بعنف مع وقاحته لتتعلق عيناه بها لثوان وشهقت عندما شعرت به يميل نحوها حتى شعرت بأنفاسه على شفتيها لتتجمد تماماً لكنّه سرعان ما رفع عينيه لها تلمعان بخبث شديد دون أن يتراجع إنشاً ثم ابتسم
"بقدري اشتياقي لتذوق الرحيق من شفتيكِ فراشتي لكنني أخشى أن تكونا مسمومتين كلسانكِ الجميل هذا"
تسارعت أنفاسها والغضب يشتعل كمرجل بخاري يوشك أن ينفجر من شدة الضغط بينما يمط شفتيه بأسف مصطنع
"لا أريد الموت الآن فراشتي"
هتفت بشراسة وجنون وهي تقاوم حصاره
"سأقتلك .. سأجعلك تندم على اختطافك لي .. أيها الوغد .. أيها الحقير"
عادت تكمل وصلة شتائمها الأسبانية التي أمدتها بشتائم أكثر انحاطاطاً ليتنهد بافتعال وبابتسامة آسفة مصطنعة
"يبدو أنّه ما باليد حيلة"
قبل أن تفهم ما يعنيه كان يحني رأسه ليقتل شتائمها البذيئة بشفتيه ليتوقف قلبها وتتسع عيناها بجنون أكبر وكل عصب فيها صرخ برغبة في قتله بوحشية .. ما كادت تتمالك أفكارها ويعود عقلها للعمل كان قد ابتعد بابتسامة ظافرة وحرك لسانه على شفتيه مردداً بعبث
"خاب ظني"
حدقت فيه بصدمة قبل أن تسمعه يقول
"ليستا مسمومتين كما خشيت .. شكراً فراشتي"
تسارعت أنفاسها بوحشية بينما يكمل غامزاً بوقاحة
"شهية"
جحظت عيناها وانفجر غضبها لترفع يدها وتنزل على خده بصفعة أودعتها كل قوتها
"أيها الحقير"
أغمض عينيه متنفساً بقوة قبل أن يفتحهما ناظراً لها ببرود لتصرخ
"إياك أن تلمسني مرة أخرى .. سأقتلك إن اقتربت مني خـ .."
انقطعت كلماتها بشهقة بينما يقبض على كفها ونظرت برعدة للنار التي اشتعلت في عينيه قبل أن يشدها خلفه إلى الشرفة وهي تصرخ فيه بغضب
"ماذا تفعل؟ .. توقف أيها الحقير .. توقف"
لم يتوقف حتى دفعها خلفه للشرفة لتتوقف بعينين متسعتين قاومت حتى لا تغزوهما دموع القهر بينما رفع ذراعه يحركها على امتداد المنظر أمامها
"انظري أمامك حبيبتي"
شوشت الدموع عينيها رغماً عنها بينما تنظر للشاطئ عاصف الأمواج والأشجار المحيطة بها بينما تراجع خطوة ليقف خلفها ومال هامساً في أذنها
"أنتِ في جزيرتي يا فراشة"
انتفضت محدقة أمامها في صدمة ليواصل وهو يميل أكثر حتى شعرت بدفء أنفاسه على بشرتها مثيرة ارتجافها أكثر
"أنتِ أسيرتي .. لا تستطيعين فعل شيء فراشتي لتهربي من أسري .. لا خروج من أسري إلا برغبتي أنا"
وأزاح خصلاتها الكستنائية الطويلة عن عنقها لترتعد بشدة، وتجمدت بصدمة، فلم تأت بحركة بينما تشعر بكفيه يتحركان على ذراعيها حتى أمسك عضديها مردفاً بنبرة جمدت الدماء في عروقها
"من هذه اللحظة مصيركِ أصبح في يدي يا بلانكا الفاتنة"
وشعرت بشفتيه تلامسان عنقها بنعومة وهو يكمل
"لا فكاك لكِ من أسري ماريبوسا"
انتفضت مع قبلته وانتزعت نفسها منه وابتعدت .. دارت تواجهه بعينين عاصفتين لم تدر أنّ الدموع غزتهما
"ماذا تريد مني؟"
لمحته يضغط على فكه بقوة ولوهلة شعرت بعاصفة أشد من العاصفة التي تضرب الشاطئ قربهما تندلع في عينيه اللتين أسرتاها لثوان قبل أن يرد بكلماته التي جعلت قلبها ينتفض
"أريدكِ ماريبوسا"
تراجعت بخطوات مرتجفة حتى اصطدمت بسور الشرفة لتتوقف بينما يقترب كصياد متمرس ومال نحوها مردفاً
"أريد حياتكِ .. ونفسكِ، وجسدكِ .. والأهم منهم .. روحكِ"
توقف قلبها مع نظراته وكلماته التي جعلتها تشعر بمدى الخطر الذي وقعت فيه بينما اقترب ممسكاً بذقنها يجبرها على النظر في عينيه
"أريد كل شيء فراشتي وسأحصل عليه .. سأسرق كل ذرة من روحكِ حتى لا يبقى منها سوى خواء"
اتسعت عيناها بفزع وارتعد قلبها مع وعده الأسود
"عندما أنتهي منكِ فراشتي وأتأكد أنّ روحكِ كلها أصبحت في قبضتي .. عندها فقط سأفتح لكِ أبواب أسركِ وأطلق سراحكِ"
وعاد يحرك كفيه بنعومة فوق ذراعيها
"ولتدعي الله وقتها أن يبقى في جناحيكِ قوة ليحملاكِ بعيداً عن هنا فراشتي"
قالها آسراً عينيها في عمق بئر روحه السحيق المطل من عينيه لتنفتح أمامها برعب هوةً للمستقبل فترى نفسها كما يقول وتدرك بهلع أنّه ربما يكون محقاً في كلماته .. إن لم تجد حلاً وتفرد جناحيها وتهرب من أسره الآن فربما لا تجد لهما قوةً في المستقبل القريب.
**************************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 12-07-20, 11:03 PM   #30

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تحركت تارا تجاه المرآة وتوقفت أمامها .. نظرت لانعكاسها الباهت أمامها بنظرات باهتة مثله تمر عيناها على قميصها الحريري الناعم الذي كشف عن بشرتها ورفعت أصابعاً مرتجفة تلامس خصلاتها تعيدها للخلف كاشفة عن جيدها .. أحاطت عنقها براحتها تتنفس بصعوبة وقاومت اختناقها بشدة ككل مرة تنظر لصورتها هكذا .. شعرت بساقيها ضعيفتين فجلست ببطء على المقعد الصغير أمام المرآة ومالت تسند مرفقيها لطاولتها .. أطرقت غارسة يديها في شعرها وأغمضت بتعب .. حتى متى؟ .. حتى متى يستمر هذا العقاب؟ .. لقد تعبت .. تعبت ولا تعرف إن كانت ستستطيع الصمود لوقتٍ أطول .. عادت تتذكر مواجهتها مع جد زوجها وهمست تلعنه داخلها للمرة المليون ربما منذ أتت هذا السجن لتصبح كنته … كل يوم تموت بين جدران سجنه اللعين .. تذكرت مواجهتها معه قبل ما يزيد عن العامين حين طفح بها الكيل وطالبت بحريتها .. يومها استجمعت كل قوتها لتقف أمامه وتخبره أنّها وأسامة عازمان على الطلاق .. نظرة واحدة منه إلى أسامة وعرفت أنّ القضية خاسرة .. أسامة من البداية حاول إقناعها أنّ أي محاولة منها ستجلب غضب جده عليها لا أكثر .. وأدركت للتو أنّه كان محقاً هما خاسران مهما فعلا .. خاسران قضيا عليهما أن يبقيا خلف هذه الجدران مقيضين لبعضهما للأبد ربما .. بقيدٍ يرفضانه هما الاثنان ..
"إن أردتِ الطلاق ستنسين ابنتكِ للأبد"
اقشعر جسدها وكلماته الثلجية الصارمة تصفعها بعنف بينما يلقي فرمانه المستبد بحقها وبحق صغيرتها التي تخطت العامين بالكاد .. صغيرتها التي شعرت أنّها عوض الله لها عن خسارتها في هذه الزيجة .. نسمة الحرية الوحيدة لها في هذا السجن
"ليس من حقك"
صرخت في وجهه يومها بكل حرقة ولوعة ولم يهتز له جفن وهو يواجه صرخاتها لتتابع بحرقة أكبر
"أنت ظالم .. مستبد .. من أعطاك الحق لتفعل بنا هذا؟ .. من أعطاك الحق لتحكم عليّ؟ .. أنت لا تملك حقاً عليّ"
قبل أن يتدخل أسامة كان جده يندفع ليمسك ذراعها بقبضة قاسية تركت أثرها على بشرتها لأيام طوال، ليخبرها بقسوة أكبر بينما يهز جسدها حتى كادت تفقد وعيها
"منذ دخلتِ هذا البيت .. لا .. بل منذ طلبت يدكِ لحفيدي وأنا أصبح لديّ كل الحق في حياتكِ تارا"
هتفت بارتعاد والدموع تطرف من عينيها
"ليس لك حق .. دعني"
هتف أسامة وهو يحاول تحريرها منه
"جدي .. دعها .. لا تفعل يا جدي .. أنت تؤلمها"
رمقه بنظرة سوداء بينما لم يتزحزح أسامة .. كانت أول مرة تراه يواجه جده بهذه الطريقة .. لم تتوقع منه بعد كل ما حدث بينهما أن يقف من أجلها .. انتزعها أسامة من قبضة جده هاتفاً
"يكفي يا جدي .. لقد قلت ما عندك .. دعها"
ابتعد جده ليقف شابكاً قبضتيه فوق عصاه يتأملهما بصرامة شديدة وتعترف أنّها رغم كل غضبها وقهرها، شعرت بالخوف منه .. تعرف أنّه قادرٌ على تنفيذ تهديده وحرمانها من صغيرتها إلى الأبد .. لقد رأت بعينيها ما هو قادرٌ على فعله .. هو لا يملك عزيزاً .. هو لم يرحم من يحملون دمه فهل يرحمها هي؟ .. سرت قشعريرة في جسدها لتميل رغماً عنها تستند لأسامة الذي ومرة أخرى يدهشها بدعمه لها وهو يسندها بينما جده يتلو فرمانه مجدداً على سمعيهما معاً
"لا طلاق في عائلة المنصوري .. سمعتما؟ .. هذا كلامي النهائي"
وعاد يرمقها بعينين قُدتا من جحيم
"وإن صممتِ على طلبه يا تارا فستتنازلين عن ابنتكِ وأعدكِ .. لن تقع عيناكِ عليها أبداً حتى آخر يوم في عمركِ"
نظرت له من بين دموع قهرها وغصة شديدة تقف في حلقها، قبل أن يقطع تواصل أعينهما ويتلفت لأسامة قائلاً بفحيح مهدد
"وإن أصريت أنت الآخر يا أسامة فأنت تعرف الثمن جيداً، صحيح؟"
شعرت بذراع أسامة خلف ظهرها ترتجف واختلست النظر لوجهه لتجده أضحى شاحباً كالموتى .. قطبت وهي تفكر في كلمات جده .. ماذا يعني بالثمن؟ .. لمحت عرقاً ينتفض في صدغه بينما يكز على أسنانه محاولاً السيطرة على نفسه .. السنوات القليلة من عمر زواجهما جعلتها قادرة على فهمه دون أن ينطق بكلمة .. أسامة مجبر مثلها لكنّها لطالما تساءلت عن السبب القاهر الذي يقيده هكذا ويجعله عاجزاً عن مواجهة جده .. سمعته يردد بصوتٍ متحشرج وذراعه تشتد حولها دون أن يشعر
"أعرف"
وكز على فكه قبل أن يردف بصوتٍ ارتجف من الغضب المكبوت
"لا تقلق .. لن نزعجك مرة أخرى"
ودون أن يمنحها فرصة أخرى للحديث كان يشدها معه ليغادرا مكتب جده وقد أيقنت أنّها خسرت فرصتها في الحرية لأنّ الثمن الوحيد لها كان أغلى من أن تدفعه .. كان روحها نفسها .. صغيرتها الغالية.
انتفضت فجأة من ذكرياتها على صوت باب الجناح يُفتح ورفعت رأسها بسرعة منتبهة على صوت خطواته التي تقترب .. انتبهت لقميص نومها الكاشف وانقبض قلبها بعنف وأسرعت تنهض مندفعة إلى الفراش حيث تركت روبها لكنّها تجمدت حين دخل أسامة .. ابتلعت لعابها بتوتر عندما التقت أعينهما وجاهدت لتحافظ على جمود ملامحها بينما كل خلية منها ترتجف وهي تتذكر كلمات أمها قبل ساعات .. اللعنة .. لماذا سمعت كلامها؟ .. لماذا تحفر قبرها بنفسها؟ ألم يكف ما حدث من قبل؟ .. لم تكن في حاجة لمزيد من التفكير لتندم على وقوفها هكذا .. نظرات أسامة الباهتة جعلت قلبها المرتجف يتوقف ساكناً لتهبط عليه الثلوج وتزيد الجليد حوله طبقة أكثر سمكاً .. نظراته التي عبرتها كأنّها هواء .. لا شيء .. هي تعرف هذا .. تعرف منذ سنوات طويلة أنّها لا شيء وأنّه لا يراها، ما الذي جد ليتألم قلبها؟ .. لم يعد هناك ما يدهشها … توقفت مكانها دون حراك بينما تحرك هو متمتماً بتحية خافتة وبدا كأنما يجره قدميه جراً على الأرض .. همست بخفوت
"حمداً لله على سلامتك"
أومأ بابتسامة بالكاد مست شفتيه وتابع حركته تتبعه عيناها باهتتين وهو يتجه إلى غرفة الملابس ويختفي بالداخل وسمعت حركته البطيئة وهو يبدل ثيابه .. تحركت هي بخطوات ميتة لتتناول روبها وترتديه ثم تصعد إلى الفراش .. شدت الغطاء الرقيق فوقها … لم يكن الجو بارداً، لكنّ البرد كان يتسلل من قلبها إلى كل خلية منها .. كانت باردة بشدة .. أغلقت المصباح الجانبي ورفعت الغطاء حتى وجهها ... استمرت عيناها تحدقان في الظلام لدقائق لم تعرف عددها حتى سمعت أنيناً قادماً من الغرفة الأخرى .. قاومت حتى لا تنهض .. لقد اعتادت على هذيانه وكوابيسه، واعتادت أن تتجاهلها وتدعي أنّها لا تسمعها .. هذه المرة لم تستطع .. شيء ما أخبرها أنّ الأمر مختلف هذه المرة .. ربما تذكرها لحالته حين دخل للغرفة .. لم يكن تعب السفر ما رأته على وجهه ولم تكن تعابيره الباردة التي اعتادتها .. نهضت عندما ارتفع أنينه أكثر وأسرعت نحو الغرفة لتفتح بابها برفق وهمست اسمه تناديه بتردد قبل أن تتشجع وتخطو إلى الداخل في إحدى المرات النادرة التي تخطو فيها إلى غرفته الخاصة .. حسناً .. غرفة الملابس التي اتخذ منها غرفته الخاصة .. فتحت النور ووقعت عيناها على جسده الراقد على الأريكة .. كان يرتجف بوضوح .. أسرعت إليه وركعت بجوار الأريكة هامسة بقلق
"أسامة .. أنت بخير؟ .. أسامة"
رفعت يدها بتردد لتلامس جبينه .. لم يكن محموماً لكنّه كان يرتجف ويهذي كواحدٍ .. لم تسمع كلماته وقاومت حتى لا تنحني نحوه لتسمع ما يقوله
"أسامة .. استيقظ يا أسامة .. أنت تحلم"
هزته برفق وتوقفت يدها فجأة حين فتح عينيه ناظراً لها، وتوقف قلبها بعنف مع نظرته التي تطلع بها نحوها .. لم تكن نظراته الميتة الباهتة التي لا تراها .. تلك النظرة لم ترها في عينيه من قبل .. لا .. سبق ورأتها ولا تحب أن تتذكر متى رأتها .. أسرعت تطرد الذكرى وهي تناديه
"أنت بخير؟ .. ماذا حدث؟"
استمر على نظراته التي قبضت على قلبها وزادتها اختناقاً .. أدركت يقيناً أنّه لم يكن ينظر لها .. تحركت لتنهض لكنّه أمسك كفها لتتجمد وسمعته يهمس بأنين مختنق
"لا تذهبي .. لا تتركيني .. آسف"
ارتجفت شفتاها وهي تنظر إليه بينما عاد ليغمض وهو يواصل بهمس
"أنا آسف"
لم تعد تعرف إن كان يقصدها هي أم يتحدث إلى خيالاته .. نظرت له بغصة رهيبة في حلقها ولم تحتمل أكثر فنهضت واقفة بينما يواصل تمتماته حتى هدأ تماماً .. رمقته للحظات طويلة بمرارة وألم وجاهدت حتى تستعيد نظراتها وواجهتها الباردة .. تنفست بعمق وهي تلقي عليه نظرة أخيرة ثم تحركت عائدة إلى غرفتها .. رقدت على الفراش لبرهة تتقلب كأنّها على جمر مشتعل حتى لم تعد تحتمل فنهضت مزيحة الغطاء بقوة واتجهت إلى المشجب لتلتقط معطفاً خفيفاً ارتدته فوق ثياب نومها وتحركت لتغادر جناحهما بخطوات هادئة .. سارت عبر ردهات الطابق الثاني في طريقها إلى الأسفل وقابلها الهدوء الذي عم البيت في هذه الساعة المتأخرة من الليل .. كانت في حاجة لبعض الهواء قبل أن تختنق .. في حاجة لتكون على بعد مسافة كبيرة منه ومن خيالاته التي تقيده وتقيدها معه .. رفعت عينيها تنظر لجدران البيت من حولها وسقفه العالي بينما تنزل السلالم .. لا فائدة من ذهابها لأي مكان .. جدران هذا البيت تضيق من حولها .. تخنقها أكثر وتقربها يوماً بعد يوم من الموت .. ربما كان هذا هو الحل الباقي .. أن تموت كالبقية .. غامت عيناها وصورة ابنتها تتمثل أمامها .. لا تستطيع الموت الآن .. هي صامدة من أجلها .. رفعت رأسها وهي تنزل للردهة الواسعة وتعبرها نحو الباب الخلفي ومنه إلى الحديقة مرددة على نفسها وعدها أن تصمد علّ القدر يفتح لها باباً ذات يوم لتنال حريتها وعندها لن تتأخر في القفز عبره.
*************************
شهقات متلاحقة كانت تغادر صدره بينما يغطي أذنيه يحاول صمهما عن الصراخ من حوله ودوي الرصاص المتلاحق .. الألم في صدره والسائل الدافئ الذي تدفق فوقه، دفعه ليخفض رأسه ينظر بعينين جاحظتين للثقوب التي سال الدم منها غزيراً .. عاد يرفع رأسه ينظر للعينين الباكيتين أمامه قبل أن يسقط على ركبتيه ماداً يديه نحوه بتوسل مختنق، وقبل أن يبتلعه الظلام تسلل لأذنيه صوت رصاصة أخيرة أظلم بعدها كل شيء وغادرت أنفاسه صدره ..
شهق إيهاب بعنف وهو ينتفض مستيقظاً، وخفض رأسه بسرعة وكفه تتحسس صدره .. لا شيء .. لا دم ولا رصاصات .. أطرق دافناً رأسه بين كفيه بأنفاس سريعة وهو يهمس
"توقف .. ارحلوا عني .. توقفوا"
نهض من فراشه وجسده لا زال يرتجف وتوقف أمام مرآته ينظر لصدره العاري .. رفع يداً مرتجفة يلامس جرحاً قديماً في صدره وحركها بعينين مسودتين بظلام ماضٍ بعيد لا زال يطارده، يلامس ندبتين فوق صدره وبطنه .. كيف ينسى وهذه الندبات باقية معه تذكره؟ .. ليته مات ذلك اليوم .. ألم يكن أرحم من الجحيم الذي يعيشه منذ سنوات؟ .. مال بجسده مستنداً بكفيه لطاولة المرآة يزفر بحرارة ويلتقط أنفاساً لم تفعل شيئاً لتخفف من اختناقه .. اعتدل بعد برهة ناظراً في عينيه بسخرية مريرة
"تذوق العذاب يا ابن المنصوري فأنت تستحقه .. تحمل عذابك حتى آخر عمرك"
تحرك بعد لحظات ليلتقط فانلة سوداء بحمالات ارتداها فوق بنطال بيجامته وتخلل شعره بأصابعه مغمغماً
"لا تظن أنّك دفعت شيئاً بعد .. لا زال مزيداً من الجحيم ينتظرك"
توقف في الشرفة ناظراً للقمر الشاحب خلف الغيوم وعيناه تظلمان بينما يغرق في ذكريات سوداء مظلمة بينما كفه دون وعي تتحرك على مكان الرصاصات اللتي لا زال ألمها حياً كيوم أصابته .. لم يقل الألم يوماً.
"ولن يقل"
همس لنفسه بصوتٍ ميت ثم تابع
"لن يقل مهما فعلت يا ابن المنصوري .. لن يقل"
صوت موسيقى خافت تسلل من مكان قريب فارتسمت على شفتيه ابتسامة باهتة وهو يتوقع تماماً من أين ينطلق .. في هذه الساعة المتأخرة من الليل؟ .. لا بد أنّها غاضبة وبشدة .. لم تتغير ولن تتغير .. ككل شيء في هذا السجن الكبير الذي يعيشون فيه .. ترك الشرفة عائداً إلى غرفته ومنها إلى الخارج .. هبط إلى الطابق الثاني، وحانت منه نظرة لا إرادية تجاه جناحها المحرم فأسرع يشيح بعينيه عنه ويسرع بخطواته نحو الأسفل ليتجمد مكانه وهو يلمح شبحاً يهبط السلالم ويتحرك بهدوء عبر الردهة .. ابتلع لعابه بصعوبة وهو يتعرفها .. رغم الضوء الخافت عرفها .. قلبه الذي انتفض كالمجنون بين ضلوعه عرفها .. حتى لو كانت وسط مئات الأجساد في الظلام سيراها ويعرفها … ضرب على قلبه يتوسله أن يوقف صرخاته التي لن يسمعها سواه، وتابعها باختناق .. أدرك أنّها تتحرك إلى الحديقة الخلفية .. ما دامت تركت جناحها في هذا الوقت إذن لا بد أنّها مهمومة .. مثله .. كانت الحديقة ملجأه عندما يشعر بالاختناق كالآن .. تراجعت خطواته للخلف بتردد ودار على عقبيه مهموماً ينوي تركها تستفرد بالحديقة حتى ترتاح لكنّه ما كاد يمشي بضع خطوات حتى أوقفه قلبه .. لم يستطع المقاومة أكثر وقلبه الذي يكاد يموت قلقاً عليها يتلهف ويتوسل من أجل أن يلقي نظرة واحدة عليها ليطمئن .. فقط ليطمئن.
*************************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:21 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.