آخر 10 مشاركات
283 - الحب لا يكذب - كارولين اندرسون (الكاتـب : عنووود - )           »          أسيرتي في قفص من ذهب (2) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          خلاص اليوناني (154) للكاتبة: Kate Hewitt *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          أسيرة الكونت (136) للكاتبة: Penny Jordan (كاملة)+(الروابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          رهين الشك _ شارلوت لامب _ روايات غادة(مكتوبة /كاملة) (الكاتـب : منة الله - )           »          زوج لا ينسى (45) للكاتبة: ميشيل ريد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          جدائلكِ في حلمي (3) .. *مميزة و مكتملة* سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          ألـمــــاســة الفــــؤاد *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          كلوب العتمةأم قنديل الليل ؟! (الكاتـب : اسفة - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree678Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-10-20, 02:59 AM   #331

mansou

? العضوٌ??? » 397343
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,018
?  مُ?إني » عند احبابي
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » mansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond repute
?? ??? ~
«ربّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتي، وَأجِبْ دَعْوَتي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي.»
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملك علي مشاهدة المشاركة
على الاقل علي و ملك يردو على بعضاهم 🙄 كريم مسكين يسمع كي التمثال و هي وحدها اللي تتكلم بلا حساب 😅😅😅
هههههههههههه بالعة شريط وهو يشوف وخلاص


mansou غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-10-20, 11:17 PM   #332

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي




البارت الرابع و الستون تهديد 🔥





عادت ملك الى الغرفة مجددا لتجد مريم تحاول الاغفاء , لكنها سارعت و شدت الغطاء من عليها ثم خاطبتها بحزم

" هيا سنعمل بعض التمارين , قلت بأنه ليس وقت النوم "




" يا الهي كم انت لحوحة , قلت لا أريد "

تذمرت مريم من اصرارها المتواصل , و قد بدأت تفكر جدية في الاشتكاء لعلي لتنحيتها ,


هي لا تريد القيام بكل ما تشير به , لا تجد العزيمة و الحماس لفعل كل ما تقوله ,
لا تريد الا البقاء في حياتها الهادئة و المستكينة , التي لا يزعجها فيها أحد ,


و الشيء الوحيد الذي يردعها عن صرف ملك , هو أنها تستمتع برفقتها كثيرا كصديقة , فهي تؤنس وحدتها و لديهما الكثير من مجالات الاهتمام بينهما


" ألا يمكن أن تبقى في هذه النطاق ؟

و لا تمارس عليها تسلطها كطبيبة , كما فعل كل من عالجها سابقا ؟

ستكون حينها راضية جدا "


كان كل ما تفكر فيه مريم , و هي تغمض عينيها بتمثيل واضح , كطفل يرفض الاستيقاظ للذهاب الى المدرسة



تنفست ملك بعمق و هي تقف أمام سريرها , و تضع يديها على خصرها بتحد , فكرت قليلا ثم خاطبتها


" حسنا لنبرم اتفاقا اذا "




خطفت بكلماتها انتباه مريم التي اعتدلت في جلستها , و هي تعرف أن ملك لا تمزح و لا تحاول خداعها


" أي اتفاق ؟ "

سألت بفضول كبير باحثة عن أمر جديد يسليها قليلا



" تفعلين ما أقول , و أنا أعدك بمفاجأة "

وضعت ملك يدها على صدرها , و قد بدت جادة جدا في اقتراحها



اتسعت عينا مريم بحماس و سارعت للاستفسار

" أي مفاجأة ؟ "



شعرت ملك أن رنا تقف أمامها فجأة بفضولها الطفولي , بمجرد أن قالت كلمة مفاجأة السحرية ,
لكنها قررت أن تراوغها قليلا

" لن أقول حتى ننفذ ما اتفقنا عليه "



تأففت مريم قليلا تفكر و هي تقضم أظافرها , لا تريد أن توافق ثم تتورط في شيء لا تحب القيام به

" حسنا ما الذي تريدينه ؟

بشرط ألا تشمل المفاجأة الخروج من هذه الغرفة , أو استخدام هذا الكرسي البشع "


قالت مشيرة الى الكرسي المتحرك , الذي رغم أنه من آخر طراز و بتحكم آلي , الا أن مريم لديها حاجز نفسي للجلوس عليه .





ترددت ملك قليلا مؤجلة طلبها , و سألتها بصوت هادئ

" لم لا تحبين الكرسي ؟ لم ترفضينه بهذا الاصرار ؟

أليس أفضل وسيلة للتنقل بدل البقاء طوال الوقت في السرير ؟ "





عضت مريم على شفتها و طأطأت رأسها , و كأنها تشعر بالاحراج مما حصل سابقا ,

لكنها أجابت ملك بصوت خافت مرتجف , و هي تشبك أصابعها في حجرها بتوتر واضح



" وقعت منذ مدة من فوقه , كنت وحدي و كان علي غائبا , لم أستطع التحرك و لا رفعه من فوقي , أو استدعاء أحد الخادمات بالجرس الذي فوق السرير ,

بقيت كذلك لساعتين أستلقي باستسلام , حتى أنني تبولت على نفسي , الى أن وجدتني فاطمة حينما أحضرت غدائي , و من يومها لم أجلس عليه "



شعرت ملك بغصة في حلقها , و نغزها قلبها بسبب ما سمعته , حتى أنها ندمت لأنها سألت من الأساس ,

فقد بدا واضحا أن الموقف كان مذلا لها بكل المقاييس , و هي تجلس هناك كمن قام بذنب كبير



لكنها استعادت عزيمتها و اقترحت مجددا , مقدرة الثقة الكبيرة التي منحتها اياها , لتخبرها أمرا محرجا كهذا


" و اذا أخبرتك أنني سألازمك كظلك كلما جلست عليه , و لن أغادر الا حينما تعودين الى سريرك ,

هل ستوافقين ؟ "





رفعت مريم رأسها و حدقت اليها بتشوش , فقد توقعت أن تسمع تأسفها بسبب طرح السؤال ,
أو كلمات شفقة و تغبن منها , كما سمعتها من الجميع يومها ,


لكنها تفاجؤها بمحاولة ايجاد حل يرضيها , و لم تجد الا أن تبتسم لها ابتسامتها الجانبية

" لنسمع أولا اقتراحك , ثم نقرر بشأن الكرسي البغيظ "





من جهتها كانت ملك تدرك جيدا أن الكرسي , هو بمثابة الرجلين اللتين فقدتهما مريم ,

و سيكون وسيلة جيدة لتعاطيها مع من حولها , و فرصتها الوحيدة للعودة الى حياتها العادية , و الانخراط مجددا في حياة عائلتها الصغيرة ,


لكنها لم تود الضغط عليها , و قررت أن تأخذ الأمور بروية و تدريجيا , يكفيها أنها تتقبل منها ما لا تقبله من غيرها , و هذا يحمسها كثيرا للاستمرار





لذلك سارعت هي أيضا بتغيير الموضوع , و تجددت بهجتها المعدية و التي اعتادتها مريم , و اقترحت بنبرة مغرية

" نقوم ببعض التمارين , ليس الكثير فقط لنصف ساعة , و اذا لم تعجبك لن نكررها "





تنهدت مريم بيأس و قبلت أخيرا , و الا فان هذه اللحوحة لن تتركها طوال اليوم

" حسنا لكن اذا تعبت لن نكمل , مدربة الرياضة تلك كانت تضغط علي كثيرا "



" أعدك أنها ستكون حصة خفيفة , و اذا أعجبتك نعيدها يوميا "

فرحت ملك لتجاوبها أخيرا و لو بمقدار ضئيل , و سارعت للتنفيذ قبل أن تمل و تغير رأيها .



بعد موافقة مريم المتململة , ساعدتها ملك للجلوس على طرف السرير , مؤجلة أمر الكرسي المتحرك ,

ثم أحضرت بعض الأثقال , و أدوات الرياضة من خزانتها الخاصة , و بدأتا في ممارسة حركات خفيفة .





خلال الحصة حرصت ملك على تدريب , الجزء الأيسر من جسد مريم المصاب بالشلل , فقد لاحظت أنها لا تستخدمه تماما , رغم أن الاصابة جزئية ,

و لكنها كانت قد قرأت سابقا , أن المريض مع مرور الوقت , يتجاهل الجزء المشلول من جسده , في ردة فعل رافضة للعجز الذي يعانيه ,

و كأنه يدرب عقله الباطن , على وضعه على دكة الاحتياط , و اكمال حياته دون استخدامه , في خطة واضحة للهروب من الاعتراف بالحقيقة .





بعد مضي نصف ساعة , أنهت ملك الحصة حتى تضمن فرصة أخرى للقيام بالأمر ,

أثناء ذلك عادت سارة من المطبخ , و صدمت حينما رأت بأن مريم خضعت أخيرا , و قد تمكنت ملك من اقناعها مخيبة ظنها ,


بمجرد رؤيتها حملت ملك منشفتها و همت بالخروج , لكن دون أن تنسى أن تقول كلمتها , اقتربت من سارة و همست لها


" هناك دائما طريقة للحصول على موافقة المريض , ليس من الممتع قبول رفضه من أول مرة "



ثم ابتسمت لها في تحد و استدارت الى مريم

" المفاجأة بعد ساعتين من الآن , سأرسل الخادمة لمساعدتك على الاستحمام , جهزي نفسك "




و غمزتها و كأنهما تخفيان سرا كبيرا , لم تعلق مريم شيئا , و اكتفت بالابتسام و هز رأسها , من هذه البلية التي ابتليت بها ,


في المقابل كانت ملامح سارة يعلوها الاستياء الشديد , من هذه المتطفلة التي تعتقد نفسها ملكة هنا .

.
.
.

بعد الظهر عاد علي من صلاة الجمعة , بمجرد أن دخل سأل عن رنا يريد رؤيتها , لكن فاطمة أخبرته أنها مع ملك في المطبخ ,



بالتوجه الى هناك كانت الاثنتان منهمكتان الى جانب الحوض , محاطتان بالكثير من المكونات من بيض و طحين و شوكولا ,

مع أيد و وجوه ملطخة بالعجين , ترتديان مئازر متشابهة , و تضعان منديلين على رأسيهما ,


كانت رنا تقف على كرسي صغير , لتصل الى مستوى وعاء ملك , و تطيل عنقها لتراقب ما تفعله حتى تقلدها , و قد بدا واضحا أنهما تطبخان شيئا ما ,


ابتسم علي للمنظر فهو لم ير ابنته مهتمة سابقا , بأي نشاط كما هي الآن مع كعكة ملك ,

فما كان منه الا أن استدار بهدوء عائدا أدراجه , دون ازعاجهما فقد صار الأمر عاديا بالنسبة له .





" ألا تريد رؤية رنا ؟ "

سألت فاطمة حينما رأته يغادر المطبخ

" لا بأس هي مشغولة الآن , دعيها تتسلى سأراها لاحقا "

" حسنا بني "





اتجه علي بعدها الى غرفته , لكنه عاد و نزل بعد نصف ساعة , و خاطب فاطمة التي لم تبرح مكانها منشغلة بترتيب الصالون

" فاطمة أنا خارج للركض , لم أفعل ذلك منذ زمن "

" حسنا بني لا بأس "



كان علي قد غير ما يلبسه الى بدلة رياضية , وضع السماعات في أذنيه و غادر .





بعد ساعة كان قد أنهى ركضه , في المساحات الخضراء حول منزله و عاد أدراجه ,

بمجرد دخوله البيت لمح ملك , تحمل كعكة و تركض على الدرج ,

لحقتها بعدها رنا مباشرة , تحتضن الكثير من الحلوى و الشوكولا بطريقة عشوائية , لدرجة أنها أسقطت بعضها على الأرض ,




نادى عليها علي لتنبيهها

" هاي رنا تعالي الى هنا , أين تذهبين مع كل هذه الحلويات ؟ "


و التقط ما أوقعت خلفها , لكن الطفلة عادت فقط لأخذ ما وقع , و عادت أدراجها دون أن تجيب عن أسئلته و كأنها لا تراه .





"....."

لم يفهم علي ما الذي يجري , الى أن قدمت فاطمة هي الأخرى , تحمل صينية فيها أكواب شاي و عصير , و خلفها خادمة تحمل سلطة فواكه و بعض المقبلات


" ما الذي يجري فاطمة , لم الجميع يركض الى فوق , هل لدينا ضيوف ؟ "





أشارت فاطمة للخادمة بالصعود , و أجابت بكل بساطة

" لا لكن ملك تقيم حفلة "

قالتها مبتسمة بتسلي





"...."

" أية حفلة ؟ "

سأل علي باستغراب رافعا حاجبيه و أجابته المرأة بحماس

" هي و رنا تقفان في المطبخ منذ ساعتين لاعداد كل هذا , أخبرتني أنها ستجعل مريم تأكل معهم ,

تعرف مريم تعاني من فقدان الشهية منذ زمن , و ملك أخبرتني أنها أجلت حصة التصفية الى المساء , حتى تستطيع أكل ما تشتهيه "





علي يعرف جيدا مشكلة مريم مع الأكل , يحفظ عن ظهر قلب الحمية التي يجب أن تتبعها ,

هو يعرف أيضا كم تعشق مريم الحلويات , و الشوكولا و الموز و غيرها , و لكنها توقفت عن تناولها بعد مرضها ,

في المقابل هي تكره بشدة الأكل الصحي الذي معظمه خضراوات , و الذي يجبرها متخصص التغذية على اتباعه , لكنه لم يجد يوما حلا لتغيير الأمور ,



لكن ذلك اليوم ملك قالت أنها غيرت مواعيد التصفية , لتسمح لمريم بأكل ما تريد قبلها

" هل هي عنت أن تفعل ذلك مع رنا ؟ "

سأل علي نفسه , لكنه لم يجد ما يقوله

" حسنا , لكن انتبهي "

" لا تقلق بني "

طمأنته فاطمة و اتجهت الى الأعلى للحاق بالحفلة





جر علي رجليه متجها الى غرفته , أخذ دشا و غير ملابسه الى أخرى بيتية مريحة ,

لكن أمر مريم بقي يشغل باله , هو لا يريد سوء فهم آخر مع ملك , رغم أنه لا يعتقد أنها تتلاعب بصحتها , الا أنه فضل التأكد من جلال ,


اتصل به و لكنه بمجرد أن سرد عليه ما الذي يحصل , حتى بدأ الرجل بالضحك حد القهقهة قبل أن يعلق



" أوه يا الهي علي , أين وجدت هذه القطعة الفريدة ؟ "

امتعض علي من الاطراء , لكنه لم يظهر الأمر و اكتفى بالسؤال

" لماذا ؟ "



أجاب جلال بصوت مبتهج

" أنا اعتقدت أنها ستجعل سيدة مريم , تعود الى الأكل الذي تحبه في بعض الأحيان ,
لكن لم أتصور أنها ستلعب على وتر الحالة النفسية ,


مجرد جعلها تشارك الآخرين الأكل , و خاصة رنا يحسن مزاجها , لا تنسى أن فقدان الشهية الذي تعانيه , هو نفسي بالدرجة الأولى ,

لذلك أعتقد أن ملك وجدت أخيرا الشيفرة لحل مشكلة مريضتي "





" مرة أخرى يناديها باسمها دون سيدة أو دكتورة "

استاء علي مجددا و لكنه لم يقل شيئا , قطع جلال شروده بصوته

" دعها علي أنا واثق أنها ستبلي حسنا , لن نخسر شيئا أصلا جربنا كل شيء دون فائدة ,

دعنا نرى ان كانت طريقة ملك ستنجح "





صمت علي لدقيقتين قبل أن ينطلق صوته بنبرته الباردة

" جلال ؟ "

" نعم ؟ "

" اسمها سيدة ملك أو دكتورة "

علق علي باستياء , و لكن الطبيب لم يمانع بل ابتسم و أجابه

" احمم أكيد , تصبح على خير "

" تصبح على خير "





أغلق علي الخط ثم فكر بهدوء لبعض الوقت , غادر بعدها غرفته باتجاه غرفة مريم ,

كان الباب نصف مفتوح , ألقى نظرة سريعة في الداخل , كانت مريم تجلس على سريرها , تتناول قطعة كعك و تضحك بعذوبة ,


سارة و فاطمة و حتى الخادمات , يجلسن في حلقة يصفقن على رنا , التي تحاول الرقص في المنتصف , بمساعدة ملك التي شغلت الموسيقى بصوت عال ,



كان الجميع يضحك على ملامح رنا , التي تبدو و كأنها اكتشفت المشي للتو , و ملك تشجعها بالاستمرار , و تبتسم من وقت الى آخر ,



في لحظة نسي علي نفسه و هامت أفكاره بعيدا , هو لم يسمع ضحكات تتعالى هنا منذ سنوات , حتى الابتسامات تكون صامتة , و كأن الدنيا استخسرت فيهم الفرحة بصوت عال ,


لم يشغل أحد الموسيقى منذ الأزل , البيت كله و كأنه دخل غيبوبة , منذ أكثر من أربعة سنوات , و هذه الغرفة بالذات تعيش حدادا منذ ذلك اليوم المشؤوم .



لطالما بدا الجو كئيبا في أرجاء هذا القصر , كل فرد يعيش في عالمه الخاص ,
مريم في عزلتها لا تغادر غرفتها , رنا مع لعبها و صمتها المطبق ,

و هو يغرق نفسه في أعماله , الكل يهتم بالآخر عن بعد , لكن لا أحد يقترب من الخط الفاصل شبرا واحدا .



لكن يبدو بأن ملك لا تريد التأقلم مع هاته الكآبة , و تريد أن تخلق الجو الذي تحبه .




انتبه علي فجأة الى جزئية مهمة :

هل يعقل أن مجرد صدفة , قد تعيد الحياة الى هذا البيت المقبرة ؟



" أو ربما لم تكن مجرد صدفة ؟ "

سأل علي نفسه بتوتر , و قد قطب جبينه و عقد حاجبيه , و هو يعود شاردا الى مكتبه



" هل يعقل أن كل ما حصل مع ملك من جنون , كان قدرا منذ البداية للوصول الى هذه اللحظة ؟

هل يعقل أن ابتهالاته برؤية عائلته الصغيرة المكلومة سعيدة , قد استجيبت بهذه الطريقة العجيبة ؟ "



لم يجد علي اجابة على أسئلته الغريبة , التي أصبحت تخيفه جدا مؤخرا , لكنه صار مؤمنا بأمر واحد

" أن هناك ملائكة تقع من السماء " .





استمرت الحفلة لساعتين أخريين , حيث كان الجميع يستمتع ,

و الابتسامة لم تغادر وجه مريم , التي حاولت في وقت ما الرقص مع رنا , و تعليمها طريقة الدوران حول نفسها برشاقة ,

ففي السابق كانت تمارس الباليه بتقطع , حينما لا تكون مريضة و متواجدة بالمشفى .




كان الأمر أشبه بحفلة عيد ميلاد نادرة , فلا أحد هنا يحتفل بعيد ميلاده و لا حتى رنا

لأن الأمر يعتبر عبئا نفسيا كبيرا , فالحفلات تحتاج تجمع الأصدقاء و العائلة , و حالة مريم لم تسمح يوما ,


اضافة الى أن عيد ميلاد رنا , يعيد ذكريات سيئة باصابة مريم التي أرقدتها الفراش , و توقف رنا المفاجئ عن الكلام ,

لذلك حتى الطفلة لا تحظى باحتفال , و يقتصر الأمر على تلقي الهدايا من علي و المقربين .





بعد انتهاء الحفلة المفاجأة , ساد الهدوء مجددا البيت الكبير ,
و فيم بدأت فاطمة و الخادمات بتنظيف الفوضى , شرعت ملك بتجهيز مريم من أجل حصة التصفية ,

تمددت هذه الأخيرة و غفت , أما رنا فقد قصدت غرفتها بعد توديع والدتها , أخذت حمامها و بدأت مراجعة دروسها .





كانت فاطمة ممتنة جدا لدرجة ذرف الدموع , لم تر مريم و رنا بمثل هذه السعادة سابقا ,

لم تفهم حتى كيف أقنعت ملك مريم بفعل ذلك ؟



في المقابل مريم رغم تعبها , الا أنها لم تستطع الا أن تكون ممتنة , لرؤية ضحكة ابنتها و فرحها ,

هي أدركت ربما متأخرة أنها كانت أنانية لدرجة ما , لتنعزل و تترك ابنتها المريضة في رعاية الآخرين ,
متنازلة بانهزامية كبيرة عن دورها كأم لها ,

أو ربما لأنها كانت تعاقب نفسها , على التسبب في فقدانها الكلام .



لكنها اكتشفت اليوم فجأة , أن رنا لم تعد تلك الطفلة الباكية و العنيدة , و أنها أصبحت مطيعة و متفهمة جدا ,


ربما هي كانت محتاجة فقط الى من يقوم بدفعة صغيرة , لادراك الوضع الذي هربت منه مطولا , و لم تعرف حتى متى تبدلت المعطيات , من أمر كئيب تفر منه الى شيء مبهج .


و هذا ما فعلته ملك تماما بكل سلاسة , لتجعلها ترى ما كانت تفوته , بانعزالها عن ابنتها و بيتها ,

لذلك هي لم تعترض كما تعودت , و تركت نفسها لتستمتع بما يقدمه الآخرون .







تركت ملك مريم في رعاية سارة , و قصدت المكتب نزولا عند طلب علي ,

وقفت أمام الباب لدقيقتين , تحاول أن تأخذ أنفاسها , هي تعلم أن صداما آخر قادم , و هي بدأت تشعر بالتعب من الأمر ,

لكنها حزمت أمرها و دقت الباب , فهي لم تهرب يوما من المواجهة , ثم دخلت بعد أن سمعت صوته من الداخل بالاذن




" مساء الخير "

ألقت التحية و أغلقت الباب خلفها , لكن دون أن تتقدم خطوة واحدة , لا زالت تشعر بالرهبة من تواجدها مع علي في مكان واحد ,

رغم أنها لم تعد تشعر بالغثيان من رائحة عطره كالسابق , لكن الأمر ما زال سيئا .




" مساء الخير "

قطع عليها علي تأملها

" تفضلي "

و أشار الى الكرسي أمامه



تقدمت ملك بخطى متثاقلة , و هي تحدث نفسها عن أنه سيحاسبها , عما حصل اليوم لذلك بادرته

" اذا كانت سارة قد أتت لتشتكي , فأنا أريد أن أقول أنني أعلمتك سابقا مع دكتور جلال , أنني سأغير مواعيد التصفية "



قاطعها علي بهدوء

" أعلم "



حدقت ملك اليه قليلا بتوتر ثم أضافت

" بالنسبة للتمارين مريم وافقت بالفعل و أنا لم أجهدها , أما بالنسبة للأكل فدكتور ... "



مسح علي وجهها المتوتر , بطريقة متأملة لكل حركة من حركات عينيها حاجبيها شفتيها ثم قاطعها

" أعلم "

كرر الكلمة مجددا دون استرسال



صمتت ملك لبرهة و بقي فمها مفتوحا , و هي تحدق الى عينيه السوداوين بطريقة مبهمة , لم تفهم ما الذي قاله

" عفوا ؟ "



ابتسم علي بطرف فمه , و هو يرى نظرة التشوش على وجهها , و التي تلامس قلبه بطريقة لم يعهدها

" قلت أنني أعلم , لم أستدعك من أجل هذا "

قال مفسرا قصده



استندت ملك على الكرسي خلفها بارتياح , و لكن قلبها كان يدق بشدة , فنظراته غير مريحة أبدا ,

هي لم تكن خائفة , فلم اذا هناك حصان يركض داخل صدرها ؟



صحيح أن علي يحدق فيها , دون قول شيء آخر و لكن نظرته مربكة , دافئة متأملة مع بريق غريب , و كأنه يتغلغل الى روحها ليراها ,


هي تعودت منه نظرة الغضب و الحقد و السخرية , لكن نظرة اليوم جديدة تماما ,

فجأة شعرت ملك بارتفاع درجة حرارة وجهها , تحت نظراته الثاقبة المتفحصة .



لكنها لم تقل شيئا , ابتلعت ريقها و أشاحت بنظراتها لتحدق الى يديها , و تقلل من الارتباك الذي تشعر به

" اذا ماذا تريد ؟ "

سألت بصوت هامس



لاحظ علي حالتها و قرر انهاء حصة التحديق , التي لا يعلم كيف تاه فيها

" أنت طلبت أن تهتمي بمريم , لكننا لم نتفق على التفاصيل "



رفعت ملك عينيها للنظر اليه مجددا بحيرة

" أية تفاصيل ؟ "



تنهد علي و رد بتوجس

" لم نناقش مرتبك مثلا ؟ "

ثم أضاف متجاهلا نظرة الاستياء التي علت وجه ملك

" عشرة آلاف دولار شهريا , ما رأيك ؟ "





لم تسمح له ملك بأن يكمل النقاش و اعترضت مباشرة

" أنا لا أريد مرتب , لم يتغير شيء عن وضعي السابق ,

من قال بأنني سآخذ مالا مقابل الاعتناء بها ؟ "

و وقفت من مكانها فجأة



أخذ علي نفسا عميقا , و قد توقع ما ستقوله مسبقا ,
هو حتى كبح نفسه لعرض مبلغ أكبر بكثير , طمعا في أن توافق بسهولة , لكنها أكثر عنادا مما اعتقد .



مسح علي وجهه بكفه , محاولا انتقاء كلماته و أضاف بجدية

" و أنا أيضا لا أستطيع قبول أن يعتني أحدهم بزوجتي مجانا , أنا لا أقبل الصدقة ,

أنا قبلت فقط لأنك طلبت ذلك و د .جلال زكاك , و الا أنا بامكاني احضار طاقم بأكمله للعناية بها "

طبعا عليه ايجاد أشخاص , تتقبلهم مريم صعبة المراس , من أول مرة كما حصل مع ملك .





لكن ملك قاطعته مجددا

" اذا بامكانك تنحيتي و احضار الطاقم الذي تتحدث عنه , لكنني لن آخذ منك شيئا لا أريد "



بدت ملك منزعجة جدا من اقتراحه , هي تكره سيرة المال منذ وصولها الى هنا , و علي يستفزها كل مرة بذكر الموضوع ,


لكن علي يفعل ذلك لأنه يعلم جيدا أنها لا تملك الكثير , و ليس لديها مصدر آخر رغم مصاريفها القليلة , و قد بدأ يشعر باليأس لأنه لا يجد مخرجا للوضع ,

فهي لا تقبل أية صيغة , و تتصرف كأنه أعطاها جمرا قبل حتى أن تراه ,
هو لم يعرف أن الانفاق على أحدهم يوما , سيكون مشكلة عويصة الى هذه الدرجة .





" لم أنت عنيدة هكذا , من أين ستصرفين ؟ "

و سارعت ملك للقضاء على تبريراته

" تلك مشكلتي أنا , لا داعي لأن تفكر فيها , عن اذنك "



نهض علي من مكانه و استوقفها أمام الباب

" الى أين أنا لا زلت أتحدث ؟ "

" و أنا قلت ما لدي , عمت مساءا "



مرر علي يديه على شعره بانزعاج , و خاطبها باستبداده المعهود

" أنا لن آخذ ' لا ' كاجابة , خذي وقتك و فكري جيدا "



لكن ملك لم ترد عليه , و قبل أن تفتح الباب و تغادر , دخلت فاطمة و بادرت علي

" بني سيدة سعاد وصلت , تقول بأنها هنا لتراك "

ثم ألقت نظرة على ملك للتأكد من أنها بخير , بعدما سمعت جدالهما من الرواق .





تيبست حركة ملك و كأنها جمدت مكانها , انقبض قلبها و شحب وجهها , كيف لا و سعاد هي الشخص الوحيد الذي تجرأ و صفعها ,


المرأة قاطعت زيارة هذا البيت , منذ ذلك اليوم لم تأت و لا مرة , كانت تكتفي بالاتصال بمريم هاتفيا على فترات متقطعة ,


و أكيد هي هنا الآن لتستفسر عن حقيقة اعتنائها بابنتها , أكيد هي ستقدم على خنقها ان رأتها هنا .



لم يفوت علي ارتباك ملك , بل خوفها الواضح من اسم سعاد , سأل بهدوء و هو يتقدم ناحيتها بخطى متأنية

" أين هي ؟ "



استدارت ملك و نظرت ناحيته , محاولة السيطرة على ارتجافها ,

و حدقت اليه بنظرة عسلية متوسلة , و كأنها تطلب منه أن يمنعها من رؤيتها , ضاق لها صدر علي شفقة .



أجابت فاطمة

" في الصالون , لم تصعد لرؤية مريم بعد كما طلبت "

طبعا حضور سعاد الى هنا ليس من قبيل الصدفة , هي هنا بطلب من علي , و هو أمر ألا ترى مريم قبل الاجتماع به , لأن لديه ما يخبرها به .



تقدم علي ناحية الباب , و أشار الى ملك بصوت حنون , و كأنه يحاول تهدئة روعها

" تعالي "

حركت ملك رأسها بالرفض

" لا لا أريد رؤيتها "



ابتسم علي من جبنها , يبدو أنها لا تحصل على درع الشجاعة الا أمامه , و حاول طمأنتها

" لا تخافي لن تفعل شيئا , أنا معك تعالي "

و أشار اليها بالخروج





ترددت ملك قليلا تزن الأمر , لكنها فاجأته بأن تقدمت و تعلقت بكم قميصه , في أول مرة تدنو فيها منه الى هذه الدرجة طواعية ,
و سارت الى جانبه و كأنها تختبئ خلفه ,


شعر علي بأن نبضات قلبه تسارعت , و هذه العنيدة تلتصق به بهذه الطريقة الحميمة غير المسبوقة ,

و أن دفء يدها التي تلامس مرفقه , يرسل موجات تدفئ روحه لدرجة الارباك , كما أن صوت أنفاسها المتسارعة يدغدغ أذنيه بطريقة لذيذة ,


و قبل أن يدرك علي ما يحصل معه , أفلتته ملك و هرولت مبتعدة , بمجرد أن تجاوزا المرأة التي كانت تلتهمها بعينيها , معتقدة أنها كانت تتودد اليه عنوة حتى تستفزها



رافقها علي بعينيه الى أن وصلت المطبخ و دخلت مسرعة , تمالك بعدها نفسه سريعا , ثم استدار ليكلم عمته , التي كانت تلتهم شفتيها من شدة غيظها ,

لكنها لم تستطع أن تقول كلمة واحدة لملك و علي يرافقها

" احمم مساء الخير عمتي , تفضلي الى المكتب "





دخلت سعاد خلف علي الى المكتب , و هي تحتفظ بملامحها الغاضبة و الممتعضة تلبس قناع التمنع ,

فقد اعتقدت أن علي استدعاها لاسترضائها و تطييب خاطرها , و أنه سيجعل ملك تعتذر منها و تغادر هذا البيت

و لكن تفكيرها كان بعيدا جدا عن الحقيقة



" مساء الخير "

قالت باقتضاب و أضافت

" فاطمة قالت أنك تريد رؤيتي , خيرا ان شاء الله "





جلس علي و ارتاح على كرسيه , و أشار لعمته بالجلوس , ثم تحدث بصوته البارد

" أجل , بخصوص ما حدث هنا في المرة الماضية "



نظرت اليه سعاد بتأمل و عتاب لكنه صدمها

" لا أريد أن يتكرر ما حصل مجددا "

قال و هو يحدق اليها بجدية




أمالت عمته فمها معربة عن عدم رضاها , ثم قالت ما تفكر فيه بطريقة فظة

" و أنا التي اعتقدت أنك طردت تلك المتسولة , و تريد الاعتذار مني "




ضبط علي نفسه حتى لا ينهرها , حينما نعتت ملك بالمتسولة , و حدق الى أصابعه المتشابكة

" أعتقد أن المخطئ هو من عليه الاعتذار عمتي "



ثم أشار اليها برأسه و أكمل

" و لا أرى أنني و لا ملك أخطأنا في شيء , نحن لم نضرب أحدا على وجهه "


قال في إشارة مبطنة على عدم رضاه عما فعلته بصفعها , و التزمت سعاد الصمت رغم اعتراضها الواضح .





علي كان قد وعد نفسه , ألا يجعلها تبكي مجددا بسببه , و أنه مسؤول عن سلامتها , مادامت تحت سقف بيته ,

بعيدا عن وعده السري لجدها , و حتى و إن كانت مذنبة في نظره , هو لم يعد يتحمل الشعور بالذنب الذي يراوده , كلما نظر الى عينيها العسلية اللائمة ,

لذلك قرر أنه لن يدع أحدا يتعرض لها و البداية تكون بعمته .





أضاف علي باعتراض واضح

" أنا تغاضيت بالفعل عما حصل سابقا هنا , و اعتذرت لها نيابة عنك , مقدرا حالتك النفسية يومها ,

لكن أنا اليوم أريد أن أضمن , ألا يتكرر ما حدث بأي شكل من الأشكال ,

أريدك أن تحترميها تماما كفرد من هذا البيت "



صدمت كلماته سعاد و زاد غلها و حقدها , على المتطفلة لتي احتلت مكان ابنتها و ردت بغضب

" أنا في مقام والدتك , كيف تكلمني هكذا و من أجل من ؟ "



قبل أن تكمل كلامها بإهانة أخرى لملك

" عمتي "

استوقفها علي و نظر اليها بحدة و أضاف

" أنا لا أهدد ، أنا أنفذ مباشرة "



جفلت المرأة من نبرته , و ابتلعت ريقها محاولة تفسير كلامه , فهي تعلم أنه جاد طوال الوقت , و لكنها تحدته مجددا

" فعلا ؟ و ماذا ستفعل لردعي ؟ "



حدق علي الى عينيها مباشرة , و رد التحدي بنبرة أكثر حدة

" أية اساءة لملك من طرفك و لو بالنظرات , كل معاملات الشراكة مع عم أحمد و أنسبائك ستلغى في الدقيقة الموالية "



شحب وجه المرأة و ارتجفت يداها , لم تتوقع أن علي سيصل الى هذا الحد للدفاع عن تلك المرأة ,

لكن علي لم يتوقف عند هذا , يريد أن يعرفها مكانة ملك هنا

" و أنت تعلمين من الخاسر الأكبر في الموضوع , بعد كل شيء ملك ستظل زوجتي , و ستبقى هنا في بيتها معي "





سعاد تدرك جيدا أن علي هو الداعم الاقتصادي الأول , لزوجها و لأزواج بناتها مرام و مروة , حتى أنهن تزوجن عن طريقه ,

كل العلاقات لشركة زوجها في السوق , هي بسبب اسم علي و وزنه كرجل أعمال و علاقة المصاهرة معه ,

إن خرج حرف واحد عن اختلاف بينهم , سيصبحون على قارعة الطريق في يومين .



علي يعلم أن الكلام معها بالحسنى لن يفيد لألف عام ، و لكنه ذكي كفاية ليدرك أن المال هو نقطة ضعفها الوحيدة ،

و هي غير مستعدة للتنازل عن المستوى الذي تعيش فيه ، لأي سبب من الأسباب ، حتى من أجل كرامة مريم كما تزعم ,

و هو قرر استغلال الأمر ، لردعها نهائيا عن إزعاج ملك .





صمتت سعاد لبعض الوقت و هي تنظر إليه ، و هي تشد على عباءتها بيديها مفرغة بعض غلها , ثم رسمت بسمة مصطنعة على شفتيها و قالت بتلعثم

" أي قطع علاقة يا بني , لا سمح الله ليس الى هذه الدرجة ،

أنا فقط اعتقدت أنها مجرد مخادعة ، و كنت خائفة منها عليك و على عائلتك "



لم يقل علي شيئا و اكتفى بالتحديق , فيما أضافت سعاد

" لكن بما أنك واثق منها , اعتبر أنني لم أقل شيئا "



و حولت عينيها إلى الجهة الأخرى ، محاولة ابتلاع مرارة قلبها ، لكن علي بادرها

" جيد و أمر آخر , ملك تشرف على علاج مريم مع طبيبها "



اتسعت عيناها و تجدد غضبها , و حاولت زجره و هي تضرب بيدها على صدرها

" يا ويلي , هل ستدع ابنتي تحت رحمتها ؟ "



صمت علي للحظات قبل أن يرد عليها ببرود

" عمتي مريم زوجتي منذ أعوام طويلة ، أنا أخاف عليها أكثر من أي انسان آخر ، لم يسبق أن ناقشت مع أحد ما تحتاجه العناية بها ,

و لا أحتاج لاحقا تدخلك لأقوم بواجباتي ناحيتها أو ناحية ابنتي "

اكتفت المرأة بهز رأسها موافقة رغما عنها , فهي لم تطلع يوما على تفاصيل علاج ابنتها , و لن تبدأ الآن فالأمر كثير على فهمها .





بعدما تأكد علي استيعابها للأمر أضاف

" ما حصل هنا الآن لا أريد لمخلوق أن يعرف به ،

و شيء آخر مريم لا تعرف من تكون ملك ، فلا داعي لأن أذكرك ألا تقولي شيئا أمامها

مفهوم ؟ "



" مفهوم "



كلام علي كان واضحا جدا و لا مجال لتأويله ، و سعاد لا تجرؤ على تحديه ،
هي تعرف أنه لا يتراجع عن أمر قاله أبدا , و هو سينفذ تهديده ذاك في رمشة عين .



انصرفت بعدها من مكتبه ، و لا شيء يشغل بالها أكثر من استماتة صهرها ، في الدفاع عن تلك المرأة بهذا الشكل

" أكيد سحرته هاته اللقيطة ، هو لم يكن مفتونا بامرأة يوما كما هو الآن ،

لكن أنا سأعرف كيف سأخرج هاته الأفعى من بيت ابنتي "



لكنها تعود و ترد على نفسها

" اهدئي يا سعاد لا تتهوري , هو هدد بافلاس أحمد و هو مجنون يفعلها ,

لن تجن شيئا من إخبار مريم و تأليبها عليه , هي لم تعد تدير المنزل ، و هو لن يستمع إليها إن هي اشتكت ،

و قد يرسلها إلى منزلك و يبقي الساحرة هنا , كيف ستتمكنين من العناية بها و هي على هذه الحالة ؟ "

قالت بينها و بين نفسها بخوف , و هي متجهة لزيارة مريم .





طبعا علي رجل متزن و صلب ، و لديه مبادئه التي لا يحيد عنها ،

بالنسبة له مريم هي ركيزة هذا البيت ، و لو اضطر هو للخروج سيفعل ، لكن مريم لن تغادره إلا إلى قبرها ،

لكن من الفائدة ألا تعلم سعاد بهذا الأمر ، و أن تعتقد أنه قادر على فعل ما هدد به ، حتى لا تتعرض لملك مرة أخرى .










أعتذر على التأخير محوت الفصل خطأ و اضطررت لاعادته


😘💞💞



..........



ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-20, 01:32 AM   #333

mansou

? العضوٌ??? » 397343
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,018
?  مُ?إني » عند احبابي
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » mansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond repute
?? ??? ~
«ربّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتي، وَأجِبْ دَعْوَتي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي.»
افتراضي

بردلي قلبي علي في سعاد ناس تمشي كان بالعين الحمرا
ملك بدت المشاعر نتاعها تجاه علي بالتغير وحتى هو لكن ماهمش فاهمينها
اليوم كريم ما بانش هو والمجنونة اسيل
بارك الله فيك ملوكة على الفصل


mansou غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-20, 01:44 AM   #334

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mansou مشاهدة المشاركة
بردلي قلبي علي في سعاد ناس تمشي كان بالعين الحمرا
ملك بدت المشاعر نتاعها تجاه علي بالتغير وحتى هو لكن ماهمش فاهمينها
اليوم كريم ما بانش هو والمجنونة اسيل
بارك الله فيك ملوكة على الفصل




يبارك فيك حنونة 😘💖💖 انت اللي تبرديلي قلبي بتحليلاتك 💞💞💞💞
بالنسبة للمشاعر علي و ملك انتقلا من الكره و العداوة الى الحرب الباردة و الانكار وصولا الى تشوش المشاعر دون القدرة على تحديد طبيعتها و الاتي اكبر 😍😍🤫
شكرا لتفاعلك 🌺🌺🌺🌺🌺🌺


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-20, 01:45 AM   #335

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 35 ( الأعضاء 13 والزوار 22)
‏ملك علي, ‏mansou+, ‏رسوو1435, ‏ريما حرب, ‏Alzeer78, ‏bahija 80, ‏ام منار, ‏رياح النصر, ‏ملك اسامة, ‏Alaa_lole, ‏ظبية البان$, ‏ban jubrail, ‏Berro_87




شكرا 💖💖💖💖💖💖💖💖


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-20, 06:52 PM   #336

آلاء الليل

? العضوٌ??? » 472405
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 477
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » آلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

بارت جميل كالعادة علاقة علي و ملك بعد كل التوتر اللي عاشته و بعد ما كل واحد كان شاهر سلاحه فوجه الآخر و أخيرا استسلمو و حطو الأسلحة دون التخلي عنها نهائيا الشك في الآخر لا زال موجود و الصراع لازال
متشوقة لأبعاد التغير فعلاقتهم و كيف راح تأثر الشخصيات الباقية فيهم 😊😊😊😊😊😊
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹


آلاء الليل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-20, 09:59 PM   #337

منبع حياة

? العضوٌ??? » 460219
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 27
?  نُقآطِيْ » منبع حياة is on a distinguished road
افتراضي

متى موعد نزول البارت

منبع حياة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-20, 10:24 PM   #338

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي




البارت الخامس و الستون شعور بالامتنان 💘





" كيف حالك مريم ؟ "

سألت سعاد بنبرتها الحميمية , المبالغ فيها عن حال ابنتها , التي كانت تخضع لجلسة التصفية ,
و هي تجلس أمام سريرها مبتعدة قليلا ,


كانت تضع يدها على أنفها , لأنها لا تتحمل رائحة الدم المنبعثة من الجهاز .



ابتسمت مريم بعناء , و قد بدت مجهدة بعد الترفيه الذي حصلت عليه ,

لكنها لم تعلق على حركات والدتها التي لا تحاول اخفاءها , فقد تعودت الأمر منذ مدة طويلة , و اكتفت برد دبلوماسي مقتضب

" بخير أمي الحمد لله "



نظرت اليها سعاد بتمعن و هي تحدق في أرجاء الغرفة ثم أضافت

" أخبروني أنك حصلت على طبيبة باقامة دائمة هنا "


قالت مشيرة الى موضوع ملك , قطبت مريم جبينها استغرابا من معرفتها بأمر كهذا ,

فأمها و عائلتها لم تتدخل يوما في علاجها حتى قبل زواجها , و تكتفي بالمراقبة من بعيد ,

تاركة الحمل كله على ظهر علي , الذي يقوم بالواجب و زيادة بما فيه الدعم النفسي ,


لكنها لم تمانع الاجابة على استفسارها

" أجل , طبيبة شابة طيبة جدا , و نحن نتفاهم بشكل جيد "



مصمصت سعاد شفتيها متنهدة , و كأنها تحاول منع كلمات معينة من الانفلات من بينها ,
و سألت بطريقة شبه طبيعية لكن فضولها كان قاتلا

" و كيف هو زوجك معك ؟

أمازلتما تنامان في غرفتين منفصلتين ؟ "



عبست مريم بطريقة واضحة , و هي لا تفهم لم تأتي والدتها , على ذكر الموضوع القديم مجددا , و هي تعرف الوضع بالفعل ,

و قد استاءت لأنها لا تراعي حساسية الأمر بالنسبة لها , لكنها تنهدت بخفوت , و أجابتها برقتها المعهودة

" أنا و علي بخير أمي , لا داعي لقلقك "




قالت مريم محاولة انهاء الموضوع الحميمي , الذي لا تحب مناقشته مع أحد , حتى و لو كانت والدتها ,


لكن هذه الأخيرة استفزتها الاجابة , و انتفضت من مكانها بوجه متجهم , متناسية الرائحة المزعجة و أنبتها

" ما الذي ينقصك حتى لا تنامي في سرير زوجك , و تعطيه حقوقه لا أفهم ؟

لست أول أو آخر امرأة تصاب بفالج ,
عليك أن تقومي بمجهود أكبر للمحافظة على رجلك , قبل أن تختطفه امرأة أخرى منك , و تصبحين على قارعة الطريق "



ظهرت ملامح الألم على وجه مريم , لذكر عجزها لكن والدتها لم تتوقف , ضربت بيديها على فخذيها بسبب غضبها ,

و قالت بنبرة تشبه الفحيح السام

" كل يوم تدخل هذا البيت امرأة مختلفة , بداية بتلك الشقراء الأجنبية , وصولا الى الطبيبة الشابة ,

الى متى تظلين حمقاء و تثقين في الجميع ؟

عليك أن تفتحي عينيك فالرجال لا يؤتمنون "

قالت ملمحة الى امكانية تورط علي , في علاقة مع احداهن تحت سقف بيتها ,



صحيح هي وعدت علي , ألا تذكر أمر زواجه من ملك أمام ابنتها , لكنها لم تعده ألا توعيها و تريها صالحها ,

لا تريدها أن تعود اليها مطلقة , لأن امراة أخرى احتلت مكانها .




انزعجت مريم أكثر من كلام والدتها المكرر , عن امكانية خيانة علي لها ,

فبعيدا عن توتر العلاقة الحميمة بينهما , و التي يديرانها بطريقتهما الخاصة , الا أن والدتها لا دخل لها في الأمر , لذلك أسمعتها رأيها للمرة الألف

" أمي علي ليس رجلا منفلتا أخلاقيا , و أنا أثق في زوجي كثيرا ,

لذلك لا داعي لما تقولينه "





زفرت سعاد بحنق من غباء ابنتها و نهرتها مجددا

" لا أمان للرجال صدقيني ابنتي , و سيأتي اليوم الذي تقولين فيه أمي قالت "



ضاقت مريم ذرعا من تدخل والدتها السافر في علاقة زواجها , لكنها اكتفت باغماض عينيها , و كأنها على وشك النوم ,

حتى تدفعها للتوقف عن ثرثرتها التي تجرحها , خاصة أن صداع الشقيقة بدأ في التزايد .



التقطت والدتها الرسالة , و عادت للاعتدال في جلستها , تضع منديلها على أنفها ,
و سارعت لقول ما تريده قبل أن تنام مريم

" المهم مرام ستلد بعد أسبوعين , و أردت أن أشتري للمولودة هدية ذهب ,

و بعض الحاجيات المهمة لها , قاسم كما تعرفين بخيل و لا يفيد في شيء "

قالت مشيرة الى ابنتها البكر , التي ستلد بنتا للمرة الرابعة , أملا في الحصول على الذكر , الذي يهدد زوجها بتطليقها اذا لم تنجبه .



شعرت مريم ببرودة تلف قلبها و أطرافها , بذكر الانجاب و الأطفال أمامها ,

هي نقطة ضعفها الوحيدة التي تؤلمها , و والدتها خير من يعلم , رغم ذلك لا تتوانى عن التحدث فيها أمامها دون مراعاة ,



حبست مريم دموعها داخل عينيها , و هي تتأكد في كل مرة أن عائلتها لا تتذكرها , الا حينما تريد سحب مبلغ ما من المال و كأنها بنك ,


شقيقاتها لا يكلفن نفسهن عناء الزيارة حتى , بدعوى انشغالهن المستمر , لكنهن لا يترددن في ارسال والدتهن لتلبية طلباتهن ,


خاصة أن علي أعلى شأنا من أزواجهن و أكثر كرما , و ربما هذا ما يثير غيرتهن منها و حنقهن عليها , أو على الأقل هذا ما يقوله كل أفراد العائلة الكبيرة

" مريم العليلة لا تستحق رجلا مثل علي "





لكنها بلعت غصة قلبها المرة , و هزت رأسها بهدوء

" حاضر أمي سأطلب من علي ارسال المبلغ الذي تريدينه الى حسابك "

قالت مريم معتقدة أن هذا سيرضيها , لكن سعاد رفعت حاجبها بتأفف و انتقدتها

" لماذا يجب أن يعرف بكل ما يخصك ؟

ألا يمكنك أن تمرري المبلغ بنفسك لحسابي ؟

تجعلينه هكذا يعتقد أنه يمن علينا بماله "



لم تعد مريم تتحمل الانتقاد اللاذع لعلي أمامها , حتى لو كان الشخص والدتها , و لم تتردد في الاجابة عليها بحدة

" أولا هذا ماله أمي , و من حقه أن يعرف أين أصرفه ,

ثانيا أنا حبيسة الفراش , و لا أجيد القيام بأي معاملات عبر الهاتف أو الحاسوب "


" ستبقين بليدة طوال عمرك "

تذمرت سعاد لمرة أخيرة , ثم نهضت من مكانها و قد نالت مرادها , وضعت خمارها و حملت حقيبتها

" حسنا اذا اهتمي بنفسك , سأمر عليك في وقت لاحق "

استدارت و غادرت دون حتى أن تقبلها .




استلقت مريم على فراشها تتآكلها آلامها , و ضربت بقبضتها على الوسادة بكل يأس .



بمجرد ان لمحت ملك سعاد تغادر من باب المنزل , حتى صعدت للاطمئنان على مريم , التي أنهت تصفيتها للتو ,
قامت باطفاء الجهاز و أزالت المعدات الخاصة ,


و قبل انصرافها لاحظت شحوب وجهها

" مريم هل أنت بخير ؟ "

سألتها بقلق فقد كانت سعيدة جدا مساءا .



هزت مريم رأسها بأنها بخير , لكن دمعتها خانتها و تدحرجت على خديها , مع أول سؤال مهتم دافئ , لم تكلف والدتها نفسها عناء سؤاله ,
قبل أن تلقي في وجهها كل حقدها على علي .



جفلت ملك من رؤية حالتها , و سارعت للاقتراب منها للاطمئنان

" مريم هل يؤلمك شيء ؟ "


هزت مريم مرة أخرى رأسها بالنفي , لكن ملك لم تقتنع , و شرعت في فحصها بتوتر ,

الا أنها فاجأتها بأن تمسكت بيدها بشدة رافضة اطلاقها , و بدأت بالبكاء بصوت مكتوم ,


شعرت ملك بالفزع هذه المرة , و قبل أن تفكر في القيام بأية خطوة ,
فتح الباب خلفها و دخل علي بملامح منهكة



حدق الاثنان الى بعضهما لثوان , قبل أن تبادر ملك بلهجة متأثرة

" أنا لا أعرف ماذا أصابها ؟ كانت بخير قبل قليل "

قالت متوجسة من اتهام من طرفه بازعاجها



لكن علي اكتفى بأن هز رأسه , بأنه يعرف و طلب منها بهدوء

" لا بأس دعيني معها "

مع شبه ابتسامة على فمه , و كأنه يشكرها على وجودها معها .




التزمت ملك الصمت , و قد شعرت ببعض الراحة لوجوده هنا , و اكتفت بأن ربتت على شعر مريم لمواساتها ,

ثم استأذنت للمغادرة و هي تحمد الله , لأنها لم تضطر لسماع انتقاد جارح من علي ,
كما يحدث كل مرة , و مستغربة من ردة فعله الهادئة , و كأنه يعرف مما تعاني .



لكن علي كان قد سمع بالفعل , كل السم الذي قالته نسيبته , لكنه لم يملك أن يتدخل قبلا مراعاة لمريم نفسها ,


لو كان الأمر بيده لمنعهم كلهم من زيارتها , لكنه يعرف أن مريم تحب رؤيتهم ,
حتى و ان أساؤوا اليها , و هو لا يستطيع التصرف و قطع علاقتهم بها .



تقدم علي من سرير مريم , و دون أن يقول شيئا , استلقى الى جانبها و أخذها في حضنه

" هل يمكن أن تستضيفني في غرفتك الليلة ؟ "


سألها بنبرة حنونة , و هو يقبل شعرها و يمسد ذراعها ,
و قد اجتاحها دفؤه و رائحته المحببة , ليمحيا كل البرود و القسوة التي عانت منهما .



و اكتفت مريم بالاستسلام و الموافقة , متشبثة به كطفلة رأت كابوسا ,
و قد كان صمته أقوى تأييد حصلت عليه , فهو يفهمها دون حتى أن تشتكي و دون أن يسأل ,


و سرعان ما غطت في نوم عميق , هربا من واقعها المؤلم , بين ذراعي الشخص الوحيد الذي يساندها و يمتص همومها .



رغم أن ملك كانت قلقة على حال مريم , الا أنها لم تعد للاطمئنان عليها ليلا , مفسحة المجال لها مع علي , فهو أفضل شخص يتعامل معها .

.
.
.



في الغد بعد عودة علي من عمله ، أول شيء فعله كان استدعاء ملك لمناقشة أمر مرتبها ،

هو لن يسمح لها بأن تنفذ ما تفكر فيه ، هاته المرة هو سيكون أكثر عنادا منها , و سترضخ لاصراره مهما فعلت ,



لكن بمجرد أن دخلت المكتب خاصته ، و قبل حتى أن يخبرها عن سبب استدعائها ، دقت رنا الباب و دخلت مباشرة ،
متجهة الى حضن ملك , مع عيون متوسلة ناحيتها ,



شعر علي ببعض الغيرة ، فابنته حتى لم تفكر في إعطائه قبلة ، و هي الآن تندس في حضن ملك ، و تطالبها بأمر وحدهما يعلمان ماهيته



" ماذا هناك حبيبتي ؟ ألن تقبلي بابا أو أننا متخاصمان ؟ "

قال محاولا اخفاء نبرة استيائه من تجاهله



نظرت اليه ملك بعيون محتارة , فهي تشعر فعلا بالدهشة , للتحول الذي يطرأ على هذا الرجل , بمجرد أن يرى ابنته ,



لكنها أشاحت بعينيها سريعا ناحية الطفلة , و حثتها بلطف على الذهاب و تقبيله , الشيء الذي لم ترفضه رنا ,

لكنها بقيت تحدق باتجاهها من حجر والدها ، حتى تكلمت أخيرا بعدما أشار لها علي , مستفسرا عما يحدث مع ابنته



" اممم , هي تعتقد أننا سنتناقش ككل مرة ، و أنني سأكون مستاءة بعدها و لن أساعدها "

ردت ملك بنبرة محرجة و قد احمرت وجنتاها




رفع علي حواجبه و نظر الى ابنته باستغراب

" هل يعني أن هذه الطفلة تقوم بحماية ملك منه , و منعه من التسبب في ازعاجها ؟

يا للهول "



" و ما الذي تريده بالضبط ؟ "

سأل علي بهدوء مصطنع محاولا اخفاء انزعاجه




" لديها واجب مدرسي لرسم جزء من المنزل ، و تريدني أن أساعدها ,

و أنا سبق و وعدتها بذلك "


صمتت ملك قليلا تحت نظرات علي المترقبة , ثم أضافت بنبرة مستجدية

" هل يمكن أن نؤجل حديثنا الى وقت لاحق ؟ "



لم يجد علي بدا من الموافقة , و الا فقد تخططان لعملية لربطه و الفرار , لذلك قبل شعر ابنته و أجاب

" لا بأس أنا أيضا لدي ما أقوم به الآن ، بامكانكما الذهاب سنتحدث لاحقا "



ابتسمت الطفلة باشراق , و ركضت ناحية ملك مجددا ، و هي تجرها من يدها للخروج من المكتب .





خرجت ملك مع رنا متجهتين ناحية النافورة ، و التي وقع اختيار الطفلة عليها لرسمها ,

كانتا تحملان الكثير من الأوراق و أقلام التلوين و الغراء ، و حتى بعض الأصداف و أعواد الثقاب للتزيين .



انهمكتا سريعا فيما تفعلانه و مر الوقت ، كانتا تتحدثان تارة و تلونان تارة أخرى ،
و تعلو ضحكاتهما في كل مرة تتلطخ فيها أيديهما أو وجهيهما بالألوان ,


كانت القهقهات تصل الى أذني علي داخل مكتبه , رغم أنه حاول تجاهل الأمر و التركيز فيما يفعله ، إلا أنه استسلم أخيرا , و جر رجليه ناحية النافذة ليلقي نظرة عليهما ,


و شعور عارم بالفضول يعتريه , لمعرفة سر كل هذه البهجة , التي اجتاحت المكان و ساكنيه .




وقف علي لدقائق تائها في منظرهما و سحر ضحكاتهما , قبل أن يلفت نظره أمر غريب ،

قطب جبينه و وضع يديه على صدره , متمعنا فيما يحصل في الفناء , قبل أن يستدعي فاطمة التي قدمت مباشرة

" ماذا هناك بني , هل تحتاج الى شيء ؟ "



أشار علي الى الخارج , دون أن يشيح بنظره

" أنظري فاطمة "



مشت فاطمة ناحية النافذة , و ألقت نظرة على المشهد في الخارج ، لكنها لم تفهم ما الذي يريدها علي أن تراه ,

فهاتين الاثنتان علاقتهما بهذا الشكل منذ أول يوم , فما الذي يشير اليه بالضبط

" لم أفهم بني , هل هناك مشكلة ؟ "




صمت علي قليلا ثم أشار الى الخارج

" منذ متى تتحدث ملك مع رنا بلغة الإشارة دون انقطاع ؟ "



ابتسمت فاطمة و قد فهمت قصده

" جازاك الله خيرا بني لقد أفزعتني , اعتقدت مكروها حصل معهما لا سمح الله "



حكت المرأة جبينها لتجد الاجابة على سؤاله ثم استرسلت

" في الحقيقة لا أتذكر بني ,

لكن ملك و رنا تتحدثان بلغة الإشارة منذ وقت ، أعتقد أكثر من شهرين ,

لماذا ؟ "



لم يزح علي نظرته من الفناء و سألها مجددا

" هل علمتها الطفلة ؟ "



بدا علي مستغربا لأن ملك لا تحتاج الى الكتابة , لفهم الاشارات المعقدة و السريعة التي تشير بها الطفلة ،

من غير المعقول أن تكون تعلمتها , هكذا لوحدها في ظرف وجيز , الا اذا كانت رنا قد أعطتها دروسا مكثفة .



و كانت اجابة فاطمة بسيطة

" حسنا ليس تماما ، لأن ملك على حد علمي , قرأت كل كتب لغة الاشارة و لخصتها منذ وقت ،

و هي الآن لا تحتاج الى مراجعة , حتى تتحدث الى رنا بطلاقة ؟ "



لم يفهم علي تماما ما قصدته , نظر ناحيتها مستفسرا

" أية كتب للإشارة ؟ "



استغربت فاطمة جهله للموضوع

" باسم الله بني ، الكتب التي سمحت لملك باستعارتها من مكتبتك , أو أنك نسيت الأمر ؟ "



انتبه علي أخيرا الى ما كانت ملك طلبته سابقا ، و هو وافق عليه بصعوبة بسبب شكه في نواياها


" هل كانت تريد هذه الكتب منذ البداية ؟ "

همس بينه و بين نفسه , و قطب جبينه و قد بدأ يشعر بالخجل من تصرفه



هو يذكر كيف زجرها ذلك اليوم و سخر منها ، حينما قالت أنها لا تريد أن تصاب بالخرف هنا ،
و حاول تصعيب الأمر عليها بوضعها تحت رقابة فاطمة ,


لكنه لم يدرك أنها كانت تريد الكتب للتواصل مع ابنته , ابنته التي لم يكلف نفسه و هو والدها , عناء حفظ تلك الكتب للتفاهم معها .





قاطعت فاطمة شروده بنبرة متأثرة

" في الحقيقة هي أسدت رنا معروفا كبيرا ، و أصبحت مترجمتها الشخصية ،

في السابق كانت تكرر حركاتها عدة مرات ، و تحاول الكتابة مرات أخرى حتى نفهم عليها ,

حتى أنها كانت تغضب و تغادر , حينما لا نتمكن من فهم حركاتها ،

لكن الآن ملك جازاها الله خيرا تترجم عنها , و لا تأخذ أكثر من بضع ثوان حتى تنال ما تريده "





شرد علي مجددا في السعادة الغامرة التي تكسو وجه ابنته , و قد استوعب تقريبا سبب تعلق الطفلة بملك

ساد المكان صمت مطبق , قبل أن تضيف فاطمة بلهجة حزينة متحسرة

" أنا أفكر في اليوم الذي تغادر فيه ملك هذا البيت ،
كيف سيكون حال رنا ؟ "





سمع علي ما قالته فاطمة قبل أن تغادر , و لكنه لم يرد عليها ،

و استمر في التحديق الى الخارج , يفكر في أول مرة التقى فيها بملك , حينما اعتقد أنها متعجرفة و مدعية , و لا تجيد الا التسبب في الازعاج ,


بعد ذلك هو بدأ يغير رأيه تدريجيا , بسبب صدامهما في كل مرة , و الذي كشف جزءا كبيرا من شخصيتها المتميزة ,

لذلك هو كان شبه متأكد , أنها ستلجم نفسها عن أذية مريم و رنا ،
و سمح لها بالاعتناء بمريم , أو على الأقل هذا ما خمنه بسبب مواقفها ،


لكن ما لم يتوقعه أبدا , هو أن تقوم بجهد إضافي للعناية بهما ,
رغم أنها آخر شخص على وجه الأرض , مطالب بالتدخل و تسهيل الحياة على عائلته .





أغمض علي عينيه بشدة و أخذ نفسا عميقا ، و لأول مرة يسأل نفسه

" أي نوع من البشر اخترت أذيته يا علي ؟ "



لأول مرة يكون علي صريحا بينه و بين نفسه ، و يعترف كيف أن هذه المرأة غيرت تفكيره ، و بعض معالم شخصيته منذ دخلت حياته .



" هل يعقل أنني اخترت الاساءة لشخص طيب بهذا القدر ؟ "



تنهد علي و عاد الى كرسيه مشوش الذهن ، و قد خالجه شعور قاتل بالذنب فجأة ,

فقط لو يرجع الزمن الى الوراء ، فقط لو كانت لديه فرصة أخرى لاتخاذ القرار ،


ربما ما كان سمح لنفسه بالانجرار خلف جنونه ، و الانتقام من انسان لا يبدو أنه فعل شيئا خاطئا من الأساس .



لكن لو لم يحصل ما حصل ، هل كان سيرى المنظر الذي رآه قبل قليل ؟

هل كان سيشعر بما يشعر به الآن ؟

هل كان سيتعرف على ملك و يدخلها حياته ؟


بالتفكير في الأمر يبدو مستحيل الحدوث , فملك تنتمي الى عالم مختلف تماما عن العالم الذي يعيش فيه ،
و لولا ما حصل بينهما لم يكونا ليلتقيا و لو بعد ألف سنة .



حدق علي الى الفراغ أمامه بتيه كبير , و سأل نفسه بسخرية لاذعة

" أية لعبة مجنونة لعبها معك القدر يا علي ؟ "





أصبحت مشاعر علي الآن , مشوشة أكثر من أي وقت مضى , فما يشعر به ناحية ملك شيء مختلف لا يمكنه الانكار ،

فهذا ليس مجرد امتنان , أو احترام أو احساس بالذنب ، لكنه شعور يجعله غير مرتاح , بالتفكير في اليوم الذي سترحل فيه ، أمر يفاجئه هو شخصيا .



أرجع علي رأسه الى الوراء للاسترخاء , أغمض عينيه و تمتم

" ليس رنا فقط من سيعاني اذا رحلت ملك "

في رد على ما قالته فاطمة سابقا ، تاركا ابتسامة على طرف فمه و غصة في قلبه .





بعد بعض الوقت سكتت الأصوات في الباحة , و دخلت الاثنتان اللتان كانتا مبللتين , بسبب لعبهما بالماء بعد الانتهاء من الواجب الى البيت ,

كانتا تبدوان كثورين عائدين من حلبة مصارعة ، و أكثر شيء تحتاجانه هو حمام ساخن .



ركضت رنا في اتجاه فاطمة في الصالون لتساعدها على الاستحمام ، فيما اتجهت ملك ناحية غرفتها ،

و لكنها توقفت بعد أن لاحت لها فكرة مجنونة ، فعادت أدراجها و اقتربت من رنا

" رنا حبيبتي , ما رأيك أن تحممك ماما مريم اليوم ؟ "




فيما اتسعت عينا الطفلة بحماس بالغ , شحب وجه فاطمة و شعرت بالارتباك ,
فمريم لا تفعل ذلك منذ مدة طويلة ، و هي تخشى أن يزعجها الأمر و تثور ثائرة علي ,


لكن قبل أن تعترض صراحة , أشارت لها ملك بعينيها ، أن لا بأس سأتكفل بالأمر ,

كانت ملك تعلم أنها مغامرة غير محسوبة النتائج ، لكن من لا يغامر بشيء لا يكسب شيئا .




اقتادت ملك الطفلة أمامها , بعدما كادت ترقص فرحا للاقتراح , و اتجهت الى غرفة مريم ،

و فاطمة تتبعهما في محاولة يائسة و أخيرة , لثنيها عن فعل ما تريد , مخافة خروج الأمور عن زمام السيطرة ,

لكن ملك كانت عنيدة كعادتها , و مصرة على تنفيذ ما فكرت فيه .




دخلت ملك الغرفة و رنا تتمسك بيدها ، وجدت مريم تجلس على سريرها ككل وقت ,


كانت نائمة قبل قليل ، و لكنها استدعت الخادمة بعدما أفاقت ، و طلبت منها فتح الشرفة و ازاحة الستائر ،
و استمتعت بآخر عشر دقائق من لعب رنا مع ملك .



ما إن تقدمتا ناحيتها , حتى بادرتها ملك بنبرة مستعطفة

" مريم رنا تريد الاستحمام ، و تريدك أن تساعديها ,
ما رأيك ؟ "



جفلت مريم لبعض الوقت و شحب وجهها , لم تتوقع طلبا كهذا

" لا أستطيع "

همست بشفتين مرتجفتين , و أشارت بعينيها إلى يدها اليسرى المشلولة





لكن ملك سارعت للاقتراح قبل اعتراضها النهائي

" لا بأس أنا سأغسل شعرها , و أنت ستنظفين جسمها بالليفة "



أرادت مريم الاعتراض مجددا ، لكنها لم تستطع الرفض , تحت نظرات رنا المتأملة ،

فبمجرد أن أشارت برأسها نعم , حتى بدأت الطفلة تقفز أمامها بكل فرحة .



عادت فاطمة تحمل المناشف و أغراض استحمام رنا , التي قامت بخلع ملابسها , و دخلت بنفسها الى الحوض ,
رغم أنها كانت تحتج ألف مرة , قبل أن تدعهم يحممونها .



أثناء ذلك استغلت ملك الموقف لاقناع مريم بأمر آخر

" ما رأيك أن نضعك على الكرسي ؟

فقط خلال الاستحمام ثم تعودين الى فراشك "



ترددت مريم قليلا , لكنها لم تجد بدا من الموافقة ,
بما أنها وعدت رنا بتحميمها , فعليها أن تقصد الحمام بطريقة ما , و استخدام الكرسي المتحرك أفضل خيار .



ابتهجت ملك كثيرا بموافقتها , و سارعت بمساعدة الخادمة لوضعها على الكرسي ,
و خلال خمس دقائق كانت المجموعة داخل الحمام , وسط فوضى أخرى صاخبة .





سكبت ملك الشامبو على رأس الطفلة , و بدأت في غسل شعرها محدثة رغوة كبيرة ,


بينما كانت مريم التي لا يمكنها استخدام سوى يدها اليمنى ، تغسل جسمها و وجهها بلطف كبير ،
بعدما سكبت لها رنا صابون الاستحمام على الليفة .



بدأت بعدها ملك تمشط شعرها الطويل ، تحت النظرات المتأثرة من مريم ، التي كانت بالكاد تحبس دموعها ,

بعد حمام سريع أخذت مريم المرش من يد الخادمة ، و بدأت بسكب الماء على رأس ابنتها , تحت قهقهات رنا الرقيقة .





أمام المشهد الصادم و نادر الحدوث ، لم تجد فاطمة مفرا من استدعاء علي من مكتبه ، لا تريده أن يفوت هذا ,

صدمة علي بعد قدومه كانت أكبر ، كان يقف وسط الغرفة , مقابل الحمام يراقب الثلاثة بدهشة , و قد تحولت معركة الماء من الفناء الى هنا ,

كانت الضحكات تتعالى ببهجة واضحة ، و رنا لا تحتج كما تعودت كل مرة ,



شعر علي أن الزمن عاد سنوات الى الوراء , حينما كان يساعد مريم في تحميم ابنتهما , و ينتهيان غارقين في حوض الاستحمام ,


ضاق صدره و توقف تنفسه للحظات , و كأن أحدهم ضغط على قلبه الذي انقبض ,

و بالكاد تمالك نفسه واقفا على رجليه , و قد اختلطت المشاعر عليه , بين فرح و حزن و أمل في قادم أفضل .



بعد ربع ساعة أنهت المرأتان ما تفعلانه ، دون أن تلاحظا الأعين التي تراقبهما باهتمام ,

وضعت ملك منشفة على رأس رنا ، و ساعدتها مريم في ارتداء ثوب الحمام ,

أخرجتاها بعد ذلك من هناك ، لترتدي ملابسها قبل أن تصاب بالزكام ,

و رنا بكل براءة أعطت قبلة لمريم , و أخرى لملك تعبيرا عن امتنانها .





و الآن فقط لاحظتا وقوف علي خلفهما ، يحدق دون حراك و يضع يديه في جيبه , و عينيه تتجول متصفحة الأوجه بتأثر كبير ,



شعرت ملك بالارتباك ، هي لا تعلم ماذا ستقول , إن بدأ بالعتاب كما يفعل دائما ؟

لكنه فاجأها بالتزام الصمت ، و نقل نظراته بين الثلاثة أمامه بطريقة دافئة ,


سارعت ملك لاقتياد رنا أمامها ، متجهة الى غرفتها مع فاطمة ، أما مريم فقد بقيت مكانها و كأنها تجمدت هناك .



و بمجرد أن وقعت عينيها في عيني علي ، حتى بدأت بالبكاء بشدة ، و دخلت في شبه نوبة .

انتبه علي من شروده أخيرا ، سارع اليها جثا على ركبته الى جانب الكرسي , و احتضنها بقوة الى صدره ،
فلا شيء يؤلمه بقدر رؤية من يحبهم باكين



" لم تبكين ؟ هل يؤلمك شيء ؟ "

قال و هو يربت بلطف على ظهرها ، و يبعد شعرها عن وجهها





أشارت مريم برأسها نافية

" لا , لكنني لم أحمم رنا منذ كانت في الرابعة ، الآن فقط أدركت كم كبرت ,

لقد صارت امرأة دون حتى أن أدرك ذلك "



و استمرت في البكاء بشدة ، و علي يحتضنها و يحاول التخفيف عنها

" لا بأس , بإمكانك تحميمها الى أن نزوجها ,

لا تقلقي لديك متسع من الوقت "

ابتسمت مريم وسط دموعها للهجته الساخرة ، و اختلط حزنها مع سعادتها .





كانت ملك تقف قرب الباب تراقب الموقف , عادت سريعا و قد تركت فاطمة لتساعد رنا ، لأنها شعرت بالقلق بعدما سمعت بكاء مريم ,

و لكنها اصطدمت بالمشهد أمامها ، فلأول مرة ترى الجانب الحنون من علي لشخص غير ابنته ، حتى والدته يعاملها بكل رسمية ,



رأته غاضبا مجنونا قاسيا ، يتعامل بكل برود و تعال , لكنه مع مريم يتحول الى شخص طيع و عاطفي ,


أكيد أن ما قالته فاطمة عن حبه لمريم صحيح ، و إلا ما بقي معها طوال هذا الوقت , رغم أنها مريضة و لا تستطيع القيام بشيء

أو ربما هو أكثر وفاءا مما اعتقدت ؟

لكن هذا لا ينفي كثرة علاقاته النسائية ، و الحياة الماجنة التي يعيشها .



نفضت ملك أفكارها بخصوص علي من عقلها , و قررت الانسحاب و ترك المجال لهذين الاثنين ، اللذين يبدوان و كأنهما يلتقيان بعد فراق طويل .





غادرت ملك تحت نظرات علي الحائرة , التي صار يرسلها ناحيتها مؤخرا , و التي صارت تربكها دون أن تعرف سببها ,


لكن علي كان يعاني من تشوش أكبر , فللمرة الثانية اليوم هو يشعر بالامتنان ، لنفس الشخص و لسببين مختلفين ,

لم يعتقد أنه سيعيش يوما ، ليشعر بالامتنان ناحية أي انسان ، لأنه لم يسمح لأحد يوما أن يداينه ,

غريب كيف أن تلك العنيدة تشكل الاستثناء دائما , و الأغرب أنها أكثر شخص من المفترض أنه يحقد عليه .





لكن ملك تفعل كل ذلك و تخلط حساباته , و لا تعطيه حتى فرصة للتعويض ، من جهة تقيده بأفضالها ، و من جهة أخرى لا تريد مقابلا و لو بالكلمات ,

نوع منقرض من البشر ، لم يكن يعلم بوجوده حتى الآن .




في المقابل سارعت ملك الى الحمام في الطابق الأرضي ، بمجرد أن أغلقت الباب استندت عليه و نزلت الى الأرض ،
غرست رأسها بين كفيها ، و هي مشوشة لدرجة الجنون


هي لا تعلم لم يجب أن يشعرها المنظر بالألم ؟

لم تتألم لحزن هؤلاء الناس ، و لم تفرح لفرحهم ؟

ألا يجب أن تكون غير مهتمة لما يحصل معهم ؟





ما فعله رب هذه العائلة معها , يجعلها ترغب في الانتقام من الجميع ، و تتمنى أن يحل الخراب على رؤوسهم جميعا ,


و لكنها لا تستطيع غير الشعور , بالتعاطف و الشفقة و ببعض الغيرة ،
الغيرة لأنهم يحظون ببعضم ، فيما أجبرت هي على الافتراق عن عائلتها ,

يحترق قلبها كلما تذكرت والديها ، و هي تحاول الهاء نفسها طوال الوقت دون جدوى .





كانت ملك تفكر أيضا في كلام والدتها ، عن أنها لا يمكنها وضع انسان , في نفس الخانة طوال الوقت ,


فكل انسان خلقه الله فيه الخير و الشر ، قد يتغلب أحدهما على الآخر في أي وقت ،
لنعتقد أن هذا الشخص ملاك أو شيطان ,


و أن كل انسان مهما بلغ شره حتى الطواغيت ، لديهم أناس يحبونهم و يضعفون أمامهم ، و لا يجرؤون على أذيتهم و احزانهم ,


و هذا الرجل الذي اعتقدت في وقت ما أنه مجرد من المشاعر ، مجرد كتلة متنقلة من الجليد , تبين أن لديه نقطة ضعف و هي
" مريم "


تلك المخلوفة الضعيفة التي لا تؤذي ذبابة , تجعل ذلك المغرور يجثو على ركبته أرضا لمواساتها .





تنهدت ملك بألم و هي تتساءل

" لم أنا عالقة بين هذين الاثنين , لم لا تكون لي عائلتي أنا أيضا ؟

لم لا يكون لي رجل يضعف أمام ألمي و قلة حيلتي ؟

يراعي مشاعري و يخاف من رؤية دموعي ؟ "



هي أمنية بسيطة لكل امرأة أن تملك رجلا يحبها ، يقدرها و يخاف ألمها و لا يدع أحدا يؤذيها ,

لم يبدو اذا أمرا مستحيلا بالنسبة لها و بعيد المنال ؟



فبعد ما فعله علي معها تحطمت ثقتها بكل الرجال ، و لم تعد تصدق أن هناك رجلا حقيقيا ، فيه المواصفات التي تحلم بها .



الآن فقط بدأت ملك تحلل كل ما حصل بينهما ، هو لم يصدمها نفسيا فقط ، هو قضى على فرصتها في أن تلتقي برجل أحلامها ,


من سينظر لها و الكل يعتقد أنها امرأة سيئة ، هربت و تزوجت من رجل دون علم والديها ,

حتى و إن عادت ستعود بورقة مطلقة ، هذا ان حصلت عليها فعلا ،
و لم يلغ هذا الرجل عقد الزواج المخترع ، فهو يبدو أكثر ضيقا بهذه العلاقة منها .



هي لن تجرؤ على إخبار أحد أنه تم الايقاع بها ، الأمر محرج و الأسوأ أنه غير قابل للتصديق ,

من سيصدق أنها بقيت تحت سقف واحد ، مع رجل يقول أنه زوجها لسنة كاملة ، و لم يحصل بينهما أي شيء ,

هي حتى لا تستطيع أن تقول أنها لا تزال عذراء ، لأن الأمر سيصبح أكثر ريبة ، و ستفقد ماء وجهها ,



ربما عليها أن تتخلى عن فكرة الزواج نهائيا , فهي لا يمكنها أن تثق في أي رجل و تسلمه قلبها ,

حتى أن حلم الثوب الأبيض ، الذي كان يراودها كأي فتاة أصبح لا أهمية له ،
بعد أن احتل طيف علي يقظتها قبل نومها و حطم كل أحلامها .



لعبت هذه الأفكار المحبطة بعقل ملك لوقت طويل ، قبل أن تأوي الى فراشها ,
أرادت أن تغفو قليلا و تنسى ألمها , رغم أن الليل لم يحل بعد ، لكن ظلام قلبها كان أكثر حلكة .









😘💞💞





.......




ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-20, 10:25 PM   #339

آلاء الليل

? العضوٌ??? » 472405
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 477
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » آلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تسجيييييل حضوووور بانتظار بارت جديييييد لاجمل رواية و أر ع كاتبة 😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


آلاء الليل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-20, 10:38 PM   #340

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آلاء الليل مشاهدة المشاركة
تسجيييييل حضوووور بانتظار بارت جديييييد لاجمل رواية و أر ع كاتبة 😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘😘
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺



مرحبا بيك حبيبتي 😘💖❤️
نزلت البارت احب اسمع رابك 😉🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ،

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:28 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.