12-10-20, 09:08 PM | #437 | ||||
| البارت الثاني و السبعون انقلاب مفاجئ 💔 " أرني ، هل جرحت يدك ؟ " سأل علي باهتمام كبير , و قد نسي في لحظة كل أيام الخصام الماضية , لكن ملك كعادتها تحاول تخفيف الأمر " أجل , لكن ليس شيئا سيئا " لكن علي ثارت ثائرته , برؤية حال يدها الغارقة في الدماء , و التي سارع لسحبها منها لمعاينتها , متجاهلا ارتجافها الواضح تحت وطأة لمسته الدافئة " يا الهي كيف ليس سيئا ؟ ألم أطلب منك ألا تلمسي الزجاج ؟ لم أنت عنيدة ؟ انظري كاد كفك ينشطر إلى نصفين " علا صوته باستياء شديد , و هو يأخذ منديلا من على الطاولة ، و يحاول إيقاف النزيف ممسكا بيد ملك ، التي بقيت ساكنة و لم تجد بما تجيبه . في الجانب تجمدت مريم في مكانها , و قد شعرت بالاستياء أكثر من قبل ، كانت تقبض على كرسيها بشدة محاولة التماسك , و قلبها يرتجف داخل صدرها بمراقبة ما يحصل , هي لم تقصد أن تؤذي ملك , فقد كان مجرد حادث غير مقصود في لحظة انفعال , لكنها لا يمكنها إلا أن تشعر بالغيرة ، لرؤية علي يعاملها هكذا بكل لطف و باهتمام بالغ , أصبحت عيناها رطبة لكنها منعت دموعها من النزول ، و لزمت مكانها حتى لا يتأزم الوضع أكثر . " لنذهب إلى المشفى " قال علي بصوت منزعج , قاطعا الصمت الذي كسا المكان ، و قد بدا غير راض عن حالة الجرح , و هو الذي لطالما كره منظر الدماء و الجروح , لكن ملك لم ترد تهويل الأمر , و اعطاءه أكثر من حجمه , خصوصا أن وجه مريم كان في غاية التأثر , و قد بدت على وشك الدخول في نوبة بكاء " لا داعي هذا مجرد قطع سطحي ، سأطهره و أضع ضمادة ، سيكون بخير خلال أيام " آخر ما تريده ملك الآن , أن تختتم هذه الليلة المميزة لمريم بذكرى سيئة , لأنها متأكدة أنها سترفض النزول الى هنا مجددا , لكن علي استمر في محاولة ايقاف النزيف , دون أن يتوقف عن نهرها لتهورها , و هو يقف أمامها على ركبة واحدة , فيما هي تجلس القرفصاء على الأرض , و تمد يدها ناحيته كطفل , على وشك التعرض الى عقاب بالفلقة , كانت ملك تحدق ناحيته بألم , من الجرح الذي كان يعتصره المجنون باصرار , و لم تشأ أن تدخل معه في نقاش أمام زوجته , خاصة أنه بدا قلقا فعلا عليها . أثناء جدالهما دخلت فاطمة ، التي حضرت بسبب الجلبة ، و تفاجأت بما يحصل هنا , سارعت و استدعت إحدى الخادمات للتنظيف ، و أمرت أخرى باستكمال تقديم التحلية , استغلت مريم مجئ فاطمة ، و طلبت منها بهدوء اصطحابها الى غرفتها ، تحت أنظار علي و ملك , اللذين لم يفهما ما الذي حصل معها , ليتغير مزاجها هكذا فجأة ؟ مريم بمجرد دخولها غرفتها , صعدت إلى فراشها بمساعدة فاطمة ، و التي بمجرد أن غادرت المكان , حتى أغمضت عينيها و شرعت في البكاء ، و هي تضع الغطاء على وجهها ، الآن صارت شبه متأكدة أن بين هذين الاثنين ، علاقة تماما كعلاقة الزوج بزوجته , هي لم تر علي يعامل أية امرأة , بهذه المراعاة و الحنان غيرها هي و علياء و الآن ملك " ألم يكن يستطيع الانتظار , حتى أموت و يجلبها إلى هنا ؟ كان بإمكانه فتح بيت من أجلها بعيدا عن هنا ؟ لم جعلها تقاسمني بيتي و تتقاسمه معي ؟ " ألف سؤال كالسكاكين كان يدور ببالها و يخترق قلبها , و قد شعرت مريم بضعفها , أكثر من أي وقت مضى ، فلا سبيل للمقارنة بينها و بين ملك ، فهي عليلة حبيسة الفراش دون أية فائدة ، حتى أنها فقدت جمالها بسبب المرض , أما ملك فشابة جميلة متعلمة بصحة جيدة ، بامكانها القيام بكل ما تعجز هي عن فعله ، و الأهم بامكانها منح علي الأولاد الذين يرغب بهم . لم تكن هاته المقارنة مؤلمة إلى هذه الدرجة ، لو لم تر مريم بعينيها كل ذلك الاهتمام من طرف علي ناحيتها , كان الرجل متوترا جدا , و هو يرى يدها المصابة , لدرجة نسي وجودها بينهم , و هي التي اعتقدت أنه سيفرح أكثر , بحضورها بعد كل ذلك الغياب . لطالما التقت مريم الكثير من النساء , المتكاملات و المثاليات يدخلن حياة علي ، لكنها لم تكن تتأثر و تشعر بالغيرة ، لأنها لم تكن تراهن في عيني زوجها ، لم يكن ينافسنها على قلب علي و اهتمامه , المشكلة بالنسبة لمريم هنا , لم تكن احتلال ملك لبيتها , أو واجباتها أو حتى علاقتها برنا ، المشكلة كانت في ما رأته من مشاعر في عيني علي ، و التي لا تدركها حتى ملك نفسها . بعد التأكد من أن الجرح لم يكن خطيرا ، و هو يرى ملك تضع عليه ضمادة لتغطيته , صعد علي إلى غرفة مريم للاطمئنان عليها , هو يعرف أنها أصبحت مزاجية منذ مدة طويلة ، لذلك هو لا يعارضها فيما تريد ، و رغم أنها تصرفت بغرابة اليوم , الا أنه أرجأ الأمر إلى تأثرها ، بسبب مشاركتهم الطعام بعد فترة كبيرة من الانقطاع ، تماما كما انهارت يوم قامت بتحميم رنا . لذلك قرر أن يترك لها بعض المساحة ، حتى لا تتوتر و تتراجع مجددا , دخل بتأن غرفتها , لكنه بمجرد أن اقترب من سريرها ، و حاول أن يكلمها و يسأل عن حالها , حتى ادعت النوم هربا من مواجهته ، ستموت ان بدأ بمعاتبتها عما حصل مع ملك , فما كان منه إلا أن قبلها على جبينها ، عدل غطاءها ثم أطفأ الأنوار و غادر بهدوء . حتى ملك اكتفت بالاطمئنان عليها بعدما نامت , و عادت أدراجها دون ازعاجها . مريم التي لم يغمض لها جفن تلك الليلة ، كانت تريد أن تتأكد من شكوكها , التي صارت مضاعفة بشكل رهيب , تريد أن تسمع الحقيقة من فم أحد ما تثق به , هي تعلم أن علي متعفف لا يتخذ عشيقات ، رغم أن الكثيرين غيره يفعل ذلك ، لكن هذا لا يمنع من أن تكون ملك زوجته , و هي تريد استبيان حقيقة زواجهما من عدمه ، أو أن ما بينهما مجرد مشاعر متبادلة ، لم تصل إلى خطوة رسمية بعد ؟ كانت مريم تريد جوابا للسؤال الذي يؤرقها " هل أحبها بعدما أتت ؟ أو أنها أتت لأنه أحبها ؟ " جالت كل أنواع الأفكار السوداوية , في عقل مريم إلى أن بزغ الفجر , حزمت بعدها أمرها و رنت جرس استدعاء فاطمة ، التي انتهت لتوها من الصلاة , كانت الساعة تشير إلى الخامسة صباحا , حضرت فاطمة فورا و قد اعتقدت أنها تريد شيئا من المطبخ ، لكنها طلبت أمرا آخر فاجأها " فاطمة أريد الخروج إلى الشرفة قليلا , أريد استنشاق هواء الفجر " استغربت فاطمة الطلب قليلا ، لكنها لبته دون تردد و عن طيب خاطر , ساعدتها للجلوس مجددا على كرسيها , وضعت شالا دافئا على كتفيها , و اصطحبتها على مهل ناحية شرفتها . مريم تعلم أن غرفتها أشبه بمزار ، سارة علي رنا ملك و حتى الخادمات ، قد يدخلون في أي وقت ، و هي لا تريد لأي كان , أن يقاطع محادثتها الهامة مع فاطمة , هي تعلم أيضا أن هذه المرأة هي الشخص الوحيد ، الذي سيخبرها بالحقيقة مجردة , دون وساوس و لا نثر ورود . بمجرد أن أصبحتا في الخارج ، سألت مريم مباشرة و دون مقدمات " فاطمة من تكون تلك المرأة ؟ " كان صوتها خافتا لكنه ثابت بطريقة غريبة , و كانت تحدق الى الفراغ أمامها منتظرة الاجابة . نظرت فاطمة إلى مريم باستغراب و سألتها " من تقصدين يا ابنتي ؟ " حدقت مريم قليلا إلى وجهها , تحاول قراءة ملامحها و كررت ما قالته " تعلمين أنني أتحدث عن ملك , من تكون عدا عن كونها طبيبة , أحضرها علي لرعايتي ؟ " توترت فاطمة و قد استشعرت الاستجواب القادم , و سارعت للتهرب بصوت مرتجف " لا أعرف عما تتحدثين يا ابنتي ؟ " تصنعت فاطمة الجهل ، و اشاحت بعينيها في اتجاه الحديقة ، لتتفادى نظرات مريم الثاقبة , آخر شيء ترغب فيه , هو أن تكون من يخبرها عن أمر ملك ، لأن ذلك ليس من صلاحياتها أولا , و لأنها ستحزن كثيرا ثانيا . لكن مريم لا تتراجع , و قد قررت الاطلاع على الأمر بأية طريقة , و لن تسمح لها بالخروج من هنا قبل أن تنال مرادها , تريثت قليلا ثم وزنت الكلمات مليا في رأسها , قبل أن تسترسل بنفس النبرة الواثقة , و التي تناقض النيران المشتعلة في قلبها " أعرف أن لديها علاقة ما مع علي , و أريد معرفة طبيعتها " قالت لاستفزازها بما أنها تعرف معزة علي لديها , و هي لن تقبل أي اتهام مشين يمسه . و بالفعل جفلت فاطمة للتعبير المسئ , و سارعت للإجابة و هي تضرب على صدرها بيدها المجعدة " لا سمح الله يا ابنتي ، تعرفين بأن السيد لا يقرب الحرام " " هل هي زوجته إذا ؟ " قالت مريم بشبه تأكيد ، و نظرت إلى وجه فاطمة بعينين ثابتتين , و كأنها ترى خلال عينيها . فاطمة التي أدهشتها دقة التخمين , لم تعرف بأن هذا نتاج تفكير متواصل لأيام طويلة , و همست لها بملامح مصدومة " كيف عرفت ؟ " كان كل ما أجابت به مؤكدة لمريم ظنونها , و التي لم تحتج أكثر من تلك الخناجر , التي خرجت من فمها , لتقطع شرايينها التي كانت تنزف لأيام و تقتلها . تحولت ملامح مريم فجأة الى حزن ظاهر , غص حلقها و ارتجفت يداها , ثم تمتمت لها و كأنها تكلم نفسها " إذا هي زوجته حقا ؟ " قالت بنبرة معذبة آلمت فاطمة بشدة ، و التي سارعت و جلست إلى جانب الكرسي المتحرك , حتى تكون على مستوى وجهها و بادرتها " في الحقيقة هي زوجته سيدتي ، و لكن ليس كما تفكرين , ليس بينهما شيء " نظرت إليها مريم بعينين يائستين , دون أن تقول شيئا بعدما اختفت كل كلماتها ، و قد كان حدسها صحيحا و ليته لم يكن . أخذت فاطمة نفسا عميقا محاولة ترتيب أفكارها , و هي تعلم أن ما ستقوله الآن , سيترتب عنه الكثير من النتائج , التي تدعو ألا تكون مدمرة , و تحت أنظار مريم اللائمة , أضافت فاطمة بصوت متشنج " السيد علي حينما أحضرها ، قال بأنها زوجته على الورق فقط ، صدقيني ابنتي لا يحدث بينهما شيء ، هي هنا فقط بسبب بعض الظروف الخاصة بها ، و سترحل قريبا أقسم لك يا ابنتي " كانت نبرة فاطمة صادقة و متأثرة , و رغم أنها تعرف بأن مشاعر علي ناحية ملك تتعدى ما قالته , الا أنها لن تقول ذلك أمام مريم أبدا , خصوصا أنه لا يحدث شيء , مما تخمنه على أرض الواقع . أغمضت مريم عينيها بشدة ، تحاول هضم مرارة قلبها ، لكن دون أن تقول أية كلمة , و كأنها اختارت الصمت لدفن أحزانها . برؤية استكانتها المقلقة , أضافت فاطمة تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه " حسنا ابنتي لا تستمعي لرأيي فيها , أنت تعاملت معها لوقت طويل ، و تدركين أي نوع من الناس هي ، و الله ملك طيبة و خلوقة " فتحت مريم عينيها الدامعتين , و ردت أخيراً بنبرة منتقدة مهزوزة كاهتزاز ثقتها , بأقرب الناس اليها و أحبهم الى قلبها " أنا عشت معكم طوال عمري فاطمة ، و لم أعرف أي نوع من الناس أنتم بعد " قالتها بسخرية قاتمة و جارحة , أوجعت قلب المرأة الجالسة إلى جانبها . لكن فاطمة كانت تقدر مدى الألم الذي تعانيه الآن , و حاولت مواساتها و تبرير الوضع " صدقيني بنيتي الأمر مؤلم لها , تماما كما هو بالنسبة لك , هي لا تريد شيئا من عائلتك ، و لا تحاول بناء علاقة مع علي من أي نوع ، حتى أنها تقيم تحت في غرف الخدم , يا الهي هي لم تطأ غرفته يوما " حدقت مريم إليها قليلا بعيون محتقنة ، و لا يبدو بأن المعلومة خففت شيئا من ألمها و أجابتها " ليس من الضروري أن تقاسمه غرفته ، ليكون بينهما شيء ما فاطمة " قالت بصوت مبحوح هامس و هي شاردة النظرات , و كأن روحها غادرت جسدها . كانت فاطمة تقصد العلاقة الجسدية ، بينما قصدت مريم العلاقة الروحية ، فما رأته في عيني علي , يقول أنهما أكثر من مجرد زوجين , لمحت روحين متناغمتين , لا تحتاجان جدرانا لاثبات ارتباطهما , في الأسفل رأت مريم الحنين و اللهفة , رأت القلق و الاهتمام ، و الأسوأ من كل ذلك رأت الحب . لم تضف مريم كلمة واحدة ، بعدما شعرت بأن المقربين منها خذلوها ، كذبوا عليها و أخفوا أمورا هامة كهذه عنها . علقت دمعة يتيمة في طرف عينيها ، فدفعت الكرسي عائدة إلى الغرفة بمساعدة فاطمة ، و اندست مجددا في فراشها , لتستسلم للحزن الذي يتآكلها , و الذي صار أضعافا بعدما سمعت ما ترغب بمعرفته . قلقت فاطمة كثيرا لردة فعلها ، و بقيت تراقبها بحزن كبير , لكن لا يمكنها فعل شيء ليس باليد حيلة ، و اكتفت بالانسحاب بهدوء , فكرت بداية في إخبار علي ، لكنها تراجعت فقد يصبح الأمر أكثر سوءا ، ففضلت الصمت و تركت الأمر في يد مريم ، إن هي أرادت مناقشة هذا الموضوع الحساس مع زوجها فهي حرة . في الصباح الباكر بعد الإفطار ، قصدت ملك كعادتها غرفة مريم ، التي كانت لا تزال نائمة , شغلت جهاز المراقبة و حاولت ايقاظها " صباح الخير مريم ، كيف تشعرين اليوم ؟ " فتحت مريم عينيها بتكاسل و ردت " صباح الخير " قالتها بامتعاض يملؤ صوتها ، و هي تشيح بنظرها إلى الجهة الأخرى , دون أن تلاحظ ملك شيئا . خلال دقائق بدأت ملك في فحصها الروتيني , قبل أن يحضروا فطورها , و كانت مريم تضغط على نفسها , للسماح لها بفعل ذلك , و لأول مرة تضطر الى ارتداء قناع , دون القدرة على قول حقيقة مشاعرها لمن أمامها , بعد دقائق دخلت سارة ألقت التحية ، و انهمكت في تحضير الأدوية اللازمة ، و هي تحاول تخمين تأثير عشاء مريم , مع عائلتها البارحة على ثقتها بملك , عليها الاعتراف أنها تفاجأت للأمر , و قد شعرت بالاحباط الشديد , لدرجة أنها فوتت عشاءها , لأن ملك تمكنت من اقناعها بالأمر الذي رفضته مطولا , فيما بدا خطوة أخرى ثابتة للتقدم الذي تحرزه ملك , و الذي سيجعلها محل ثقة علي أكثر من السابق . أطالت ملك مدة الفحص , لأن الضغط كان مرتفعا و النبض متسارعا , لكن مريم ضاقت ذرعا بما تفعله " ألم تنتهي بعد , أم أنك تستمتعين بتعذيبي ؟ " قالت بقلة صبر محاولة السيطرة على انفعالها , و هي تنظر باستياء ناحية ملك . هاته الأخيرة لم تفهم قصدها ، و لكنها أرجعت توترها الواضح , إلى الجهد الذي بذلته البارحة ، للنزول و العشاء معهم لذلك ردت عليها بهدوء , و هي تزيل السماعات من أذنيها " ضغطك مرتفع أحاول إيجاد تفسير " و أزالت آلة قياس الضغط من ذراعها , لتسارع مريم بسحبه و تمسيده بتأفف . في الجهة الأخرى على عكس ملك ، توقفت سارة عما تفعله , و قد فهمت قصد مريم من الجملة , ابتسمت بخبث خلسة و شعرت بتجدد أملها ، لمعت عيناها بترقب , و قد بدا الارتياح على ملامحها , لأن الرسالة التي تحاول إيصالها ، منذ بداية اعتناء ملك بمريم وصلت أخيرا , و قد نجحت في خلق الشقاق بينهما ، و ها هي مريم قد انقلبت عليها ، بعد أن كانت راضية عنها تماما ، و أكيد سيتم طردها قريبا , و ستكون سعيدة جدا بالوقوف و التفرج . لم تعلق ملك كثيرا على تذمر مريم , أخذت جرعة زائدة من دواء الضغط ، مع باقي الأدوية و وضعتها أمامها " تناولي دواءك لنبدأ التمارين " نظرت إليها مريم بانزعاج و حنق كبير " لا أريد " تنهدت ملك و سألتها بصبر أكبر " لا تريدين التمارين أو الدواء ؟ " نظرت إليها مريم بتحد , و قد تجدد غضبها الذي حاولت تهدئته منذ ساعات " الإثنين ، أجبريني إذا استطعت " لم تفهم ملك سبب ظهور , هاته الشخصية العنيدة مجددا , لكنها أمسكت بحبتي الدواء ، و قربتهما من فم مريم , مع كأس ماء في اليد الأخرى " لن نجري التمارين إذا أردت ، لكن عليك أخذ دوائك " قالت ملك بحزم رافضة الخضوع لتمردها لكن مريم أشاحت بوجهها إلى الجهة الأخرى " قلت لا أريد ، ألا تفهمين الكلام ؟ " " لكن ضغطك مرتفع عليك أخذه " أصرت ملك أكثر مما أغضب مريم ، التي دفعت يد ملك بشدة , حتى أوقعت حبتي الدواء ، و انسكب كأس الماء على ملابسها , و في هذه اللحظة بالذات تقدمت سارة ناحيتهما ، و هي التي كانت تكتفي بالمراقبة ، محاولة الاستفادة من الموقف ، وسط دهشة ملك من ردة فعل مريم العنيفة , فقد كانت مريضتها دائما هادئة ، نادرا ما تغضب أو تحاول ايذاء أحدهم . " دعيني أجرب دكتورة " اقترحت سارة متظاهرة بمحاولة المساعدة ، و بالفعل انصاعت مريم حالا , أخذت الدواء من يدها و تناولته , و لم تظهر أية مقاومة , بهذه الحركة أدركت سارة , أنها استعادت مكانتها التي هددتها ملك , و أن مريم تفضلها عنها حاليا , ربما لأنها تشعر ناحيتها ببعض الامتنان ، لأنها الوحيدة التي حاولت تنبيهها ، و فتح عينيها على الحقيقة . شعرت ملك بغرابة الموقف ، بعد أن أدركت أن اعتراض مريم ، ليس على الدواء بل عليها هي شخصيا , و استفسرت منها مباشرة " مريم ما الذي يجري ؟ هل أنت بخير ؟ " نظرت إليها مريم بتحد غير معتاد , و لأول مرة ترى ملك , لمحة حقد في عينيها المسالمة " أكيد أو أنك تتمنين العكس ؟ " تلميح مشبوه آخر و اتهام غريب و مبطن . لكن ملك تمالكت نفسها , هي لا تريد الدخول في جدال مع مريضتها " أكيد لا ، أنا أريد دائما أن أراك بصحة جيدة ، لكن رفضك للدواء قد يعيق ذلك " ردت مريم بلهجة حادة , و هي تصر قبضتها على فراشها , مستمدة منه بعض الدعم " و الله أنا حرة ، أنت عليك أن تقولي ما المطلوب ، و أنا بإمكاني الرفض أو الموافقة ، لهذا السبب بالذات أنا أدفع لك , لتكوني طبيبتي و تحت أمري و ليس العكس " كانت نبرتها وقحة جدا و قاسية , فاجأت سارة قبل ملك , هي لم تتوقع أنها شرسة , الى هذه الدرجة حينما تغضب . كانت ملك تقف مندهشة من التغير الفجائي ، فرق كبير بين حالتها الأمس و اليوم ، كالفرق بين الأرض و السماء , وقفت ملك مكانها تحدق الى مريم , التي تشيح بوجهها عنها , و تقضم شفتها بغل واضح , دون أن تفهم مالذي يجري هنا ، لكن بتخمين بسيط بإمكانها إدراك حقيقة , أن مريم تحاول استفزازها و جرحها , بما تقوله متعمدة منذ اللحظة الأولى , دون أن تفهم سببا منطقيا لذلك , فالمرأة كانت ودودة جدا الى آخر لحظة البارحة . هزت ملك رأسها بتفهم , أخذت نفسا عميقا و حدثتها بهدوء " آسفة مريم , و لكن كما قلت بنفسك أنا طبيبتك , و عليك تنفيذ ما أقوله بحذافيره , عملي أن أجعلك تتلقين العلاج ، للحصول على نتائج إيجابية ، و كما تعودنا بامكانك مناقشة أية تفاصيل معي , أما إذا رأيت أنت العكس ، فأنا آسفة لا يمكنني القبول بذلك " بسماع ما قالته ملك , بنبرة عقلانية و كأنها تحدث طفلا ، انفجرت مريم في وجهها , و قد استفزتها معاملتها لها , و كأنها بلهاء ناقصة الأهلية , لا تعرف مصلحتها و هي هنا لتأديبها , فيما كانت تشعرها نفس الجملة , بالدفء قبل يومين فقط " حسنا إذا هذا اختيارك , أنا حرة بخصوص حياتي , امرأة ناضجة و عاقلة كفاية , لا أقبل طبيبا يفرض علي كل شيء و كأنني دمية ، اذا لم يعجبك ذلك و رأيت أمرا مخالفا , فلا حاجة لي بك , غادري غرفتي و لا تعودي مجددا " قالت مشيرة الى الباب بيدها لطردها أفرغت مريم كل طوفان , مشاعرها المخدوعة في كلماتها السامة , التي لم تصدق هي نفسها أنها تفوهت بها , لكنها لم تبد أي بوادر للتراجع و سحب ما قالته , فهذا ما تريده من كل قلبها , أن تختفي هذه المخادعة من أمامها و من بيتها كله . كانت ملك تقف تحت الصدمة ، و قد أجفلها ما سمعته و ما رأته , و كانت سارة تحاول تهدئتها بخبث " دكتورة غادري الآن ، و أنا سأتحدث معها " نظرت ملك إلى وجه سارة للحظات , و فاجأتها بأن ابتسمت لها ، و قد أدركت أخيرا ما يدور هنا , فلم يعد هناك شيء يوجع قلبها ، بعد كل ما عانته منذ أول لحظة لها في هذا البيت , أشارت لها بيدها لتستوقف تدخلها , و قالت بنبرة هامسة لا مبالية " لا داعي لتكلفك العناء سارة , السيدة حرة هي محقة ، إن كانت لا تقبل بي كطبيبة مشرفة على حالتها فهذا حقها ، و لا يمكنني إلا احترام رغبتها و القبول بالأمر ، عن اذنك " غادرت ملك الغرفة محاولة التظاهر بالتماسك ، فيما عاودت مريم إغلاق عينيها متظاهرة بالنوم ، و قد قررت العودة إلى نمط حياتها القديم ، الذي غيرته ملك منذ قدومها . أثناء خروجها قررت ملك ألا تعود هنا مجددا , نزولا عند رغبة مريضتها ، و كانت سارة من اعتنى بها طوال اليوم ، و قلبها تأكله الغبطة و التشفي . . . . " كيف حالها دكتور ؟ " سال علي طبيب والدته , و هما يجلسان في الرواق المؤدي الى غرفتها في بيتها , و قد وصل قبل ساعة على جناح السرعة , بعدما اتصلت به مدبرة منزلها , و أخبرته أنها عانت ضيقا في التنفس , و لحسن الحظ استدعت طبيبها قبل ذلك . " نفس المشكلة القديمة سيدي , انسداد شرايين القلب الذي تعاني منه منذ سنوات , مع ارتفاع في السكري , أخبرتكم قبلا أنها لا يجب أن تتوتر , عليكم مراعاة سنها و حالة قلبها , حتى لا تتكرر الأزمة في كل مرة , الحمد لله انتهت على خير اليوم , لكن لا أضمن شيئا لاحقا " قال الطبيب و هو منهمك في كتابة , بعض الأدوية الاضافية لتحسين حالتها " أعطها هذه الأدوية بانتظام , و سأعود غدا لفحصها " " شكرا لك دكتور " بعد انصراف الرجل عاد علي , بخطوات منهكة ناحية غرفة والدته , و قد صار يخشى أن يفقدها في أية لحظة , و هي عائلته الوحيدة المتبقية . كانت صفية مستلقية على سريرها الملكي , بوجه شاحب و عينين غائرتين , مع خصلات من شعرها الفضي و الأسود , متناثرة على وسادتها بعد أن انزلق خمارها عنها . جلس علي بهدوء الى جانب سريرها , و أمسك بيدها الباردة بين يديه متنهدا , فهذا أكثر مشهد لا يحب رؤيته , أن تكون هكذا ضعيفة و خائرة القوى , تعطيه طاقة سلبية مخيفة , بأنها ستختفي من حياته الى الأبد , و هي التي رآها طوال حياته , كبرج صامد لا تهزه أية عواصف . " كيف حالك يا أم علي ؟ " قبل علي يدها , و خاطبها بصوت دافئ محاولا مشاكستها , فهي تستفز بهذا اللقب , الذي يجعلها تشبه أكلة شعبية قديمة , لكنها تحبه في نفس الوقت , و هو يذكرها بأهم مكانة حصلت عليها في حياتها , أن تكون أما لقرة عينها . لكنها جمدت ملامحها مخفية تأثرها بحنانه , الذي لا يظهره الا في مرضها , فابنها لا يجيد اظهار عاطفته أبدا , أكثر صفة ورثها عنها , لكنها تعرف مقدار معزتها في قلبه . " بخير بني " أجابته باقتضاب بصوت مجهد " ما الذي حصل معك , كنت بخير صباحا حينما كلمتك ؟ " اتصالات علي الصباحية بوالدته و اطمئنانه عليها , ثابت من ثوابت حياته , التي لا يتخلى عنها و لو كان يحتضر " أخبريني ما الذي أزعجك الى هذه الدرجة ؟ " أضاف علي أمام صمتها المطبق تنحنحت المرأة قليلا , و أجابته بصوت مكتئب و عينين حزينتين " حضرت طهور ابن أحد المعارف اليوم , و التقيت وردة هناك " هز علي رأسه , و هو لا يفهم لم التقاء وردة هذه , قد يوصل والدته الى انتكاسة ؟ " تقصدين ابنة خال والدي ؟ " استفسر للتأكد من المعلومة , و هزت والدته رأسها " أجل و كانت وفاء برفقتها , ابنتها هل تتذكرها ؟ " لمعت خلايا عصبية في رأس علي , حك رقبته بتوتر و أجاب بطريقة مبهمة " تقريبا ما بها ؟ " هو لا يتذكرها فقط , بل يصاب بالهلع لسماع اسمها , فالفتاة التي لم تتجاوز الثامنة عشر من عمرها , كانت من مرشحات والدته للزواج منه قبل سنتين , و قد توقفت عن مزاولة دراستها الثانوية , و تفرغت لتحضير نفسها للارتباط به , ما أزم الوضع حينها أن صفية خطبتها , دون علمه لأنها أعجبتها , و تسبب الأمر في سوء فهم سيء داخل العائلة , فقد كان علي مراهقا حينما ولدت , أو بالأحرى عمره ضعف عمرها , و لطالما اعتبرها مجرد طفلة مدللة , و هي الى وقت خطبتها , لم تكن تجيد حتى التحدث بطلاقة , فكيف تؤسس أسرة معه . المشكلة أن الشابة انهارت و دخلت المشفى , لأنه قال صراحة أنه لن يتزوجها , و أنها تستحق رجلا أفضل لكن ليس هو , يا الهي كم عانى تلك الأيام , و الشعور بالذنب و الاحراج يكاد يقتله , و هو يظهر مظهر المنحرف مستغل مشاعر الأطفال , لكنه ارتاح حينما سمع أنها تزوجت منذ أشهر , حتى أن والدته حضرت عرسها , أو أنها تطلقت و عادت للترشح مجددا ؟ قاطعت والدته شروده , بأن قالت بصوت حانق , و قد أصبحت نبرتها حادة فجأة " حامل في توأم " "...." بلع علي ريقه و قد شعر بالارتياح لسماع الخبر " يعني لم تتطلق الحمد لله " همس بينه و بين نفسه في المقابل تجهمت ملامح صفية , لأنها أدركت فيما يفكر , لكنه سارع لتشتيت انتباهها " فعلا ؟ مبروك لها , هل تريدين تحضير هدية لها و لطفليها منذ الآن ؟ " قال بنبرة متسلية و رمقته والدته بنظرة زاجرة , ثم قالت ما توقع سماعه " هل تسخر مني ؟ لو كنت سمعت كلامي , و أطعتني كوالدة لك تحترم رغباتها , لكان هذين الآن طفليك , و فرحتي بهما لا توصف , و لم أكن لأستمع الى كل تلك السخرية من المرأة و ابنتها , و كل من في الصوان يتشفى في والدتك " قاطعها علي بلهجة منزعجة " لا حول و لا قوة الا بالله أمي , ما هذا الذي تقولينه ؟ كل شيء قسمة و نصيب , و لو كانت وفاء هذه من نصيبي لما فرقنا شيء " برمت صفية شفتيها بتذمر و نهرته " هذا ما أناله بمناقشتك اللف و الدوران , و كيف يحصل هذا النصيب , و أنت ترفض كل ما يتعلق به ؟ لكنك أتعرف يا ابن بطني , ستستفيق حينما أرحل من هذا العالم , و أنت لم تحقق لي الرغبة الوحيدة التي تحرق قلبي , رغم قدرتك على فعل ذلك بسهولة " قالت بصوت باك مشيرة الى مسألة انجاب أحفاد لها , و التي تؤرق نومها و تنغص عليها حياتها . " لا سمح الله أمي , لم تأتين على ذكر الموت ؟ تعرفين أنني لا أحب سماعك تتكلمين بهذه الطريقة " بدا صوته حزينا و يائسا , لكن والدته صعدت كعادتها " و كيف تريدني أن أتحدث ؟ و أنا أرى ابني الذي مثل الأمراء لا ينقصه شيء , متزوجا من اثنتين أحداهما أعطب من الأخرى ؟ " "...." اتسعت عينا علي من الصدمة , لسماع انتقادها لمريم و حتى ملك , التي لا علاقة لها بما يحصل هنا , و قبل أن يبدأ بالرد عليها و الدفاع عنهما استرسلت هي " احداهما مريضة طريحة الفراش , و الأخرى متمنعة و كأنها مراهقة في الخامسة عشر , و ابني الصنديد يسمح لهما بالاقامة في غرف منفصلة , دون أن يفرض عليهما رأيه , مريم و تفهمنا وضعها البائس منذ سنوات , ما تبرير الأخرى اذا حتى لا تحمل بعد كل هذه الأشهر ؟ بالله عليك كيف ستنجب أطفالا بهذه الوضعية ؟ متأكدة أنك ستموت وحيدا بعد سنوات طويلة " مسح علي وجهه بيديه , أفلت يد صفية و تراجع الى الأريكة وراءه , و قد وصل الى نقطة الانسداد , في حواره مع والدته ككل مرة لكنه لا يمكنه لومها فمن حقها رؤية ذريته , لكن ليس بيده شيء يفعله , خصوصا خلال هذه الفترة , فمريم بدأت تظهر بوادر تحسن بعد سنوات من العزلة , و هو لن يحطم كل شيء بزواجه فجأة , أما ملك فوضعها استثنائي , و هي لن تقبل به حتى لو وجه مسدسا الى رأسها , كما أنه لا يمكنه ارغامها , هو لا يريد اضافة وصف متحرش , الى القائمة المشرفة التي تحتفظ بها عن أوصافه , لكنه مهما قال فلن تستوعب والدته الأمر أبدا , اضافة الى أنه لن يعترف لها بما اقترفه و لو قتلوه , لذلك قرر مراضاتها بطريقته الخاصة " حسنا أمي أدع لي أنت فقط من قلبك , و أنا واثق أن كل مشاكلي ستحل سريعا " لمعت عينا المرأة سريعا بأمل جديد , و سارعت تهتف أمامه بغبطة " يعني ستنجب قريبا أحفادا لي ؟ " " ان شاء الله أمي , ان شاء الله " رد علي بابتسامة قلة الحيلة التي صار يتخبط فيها و بالفعل تورد وجه المرأة بسماع ما قاله ابنها , و طلبت من الخادمة تحضير طعام , لأنها تشعر بالجوع بعدما كانت ترفض الأكل , أما علي فقد جلس بوجوم و هو يستغفر , بسبب كذبته التي تحتاج وقتا طويلا لتصبح حقيقة , و هو ذكي كفاية حتى لا يحدد لها مدة زمنية , لكنه على الأقل سيعطيها هذا الأمل الزائف الآن , فلا يمكنه أن يعاندها و هي في حالتها هذه . مكث علي لساعتين لدى والدته , و قبل انصرافه عرض عليها مرافقته الى بيته " ما رأيك أن تأتي معي ليومين أو ثلاثة الى أن تتحسن حالك ؟ و ستكون ملك بالقرب في حالة حصول عارض " قال و قد بدأ يفكر بتحويل منزله , الى مشفى تشرف عليه العنيدة , و قد بدت الفكرة مغرية جدا لكن صفية رفضت كعادتها " لا بني , تعرف أنني لا أبيت خارج بيتي أبدا , اضافة الى أنني قد أصاب بأزمة قلبية , اذا بقيت أراقب وضعية زوجتيك عن قرب " "...." ( حسنا ما كان عليه دعوتها من الأساس ) كلم نفسه ثم قام للمغادرة " سأعود غدا لرؤيتك أمي , لا تجهدي نفسك أرجوك " قبلها على جبينها و استأذن , تاركا اياها غارقة في دعواتها له بالسداد و الوتفيق . . . في المساء عاد علي إلى البيت ، دون أن يعلم شيئا عما حصل بين زوجتيه , و قد استنزفته أزمة صفية نفسيا , مر العشاء بهدوء دون أن يستغرب غياب مريم عن الطاولة ، هو يعلم بأنها تحتاج وقتا , للتأقلم مع الوضع الجديد ، كما أن ملك لم تشر الى أية تطورات جديدة , و لكنه تفاجأ بعد الصعود الى غرفتها ، بعدم وجود ملك ككل يوم في هذا الوقت . كانت مريم تغمض عينيها كالبارحة ، متظاهرة بالنوم لا تريد الدخول في جدال معه ، هي متأكدة بأن ملك ركضت إليه ، بمجرد دخوله و اشتكت له منها ، و هو هنا لمعاتبتها و إنصاف حبيبة قلبه . لم يجد علي بدا من أن يسأل سارة " كيف حالها ؟ " " بخير سيدي ، فقط ارتفاع طفيف في ضغط الدم صباحا " " فعلا ؟ و الآن كيف أصبحت ؟ " " لا لا بأس , بعد تناول دوائها و حصة التصفية استقر الضغط " هز علي رأسه برضا , و لم يحاول إزعاج مريم أكثر " طيب , تصبحين على خير " " تصبح على خير سيدي " كانت سارة تطير فرحا داخل قلبها ، ها هو علي رغم علمه أن مريم طردت ملك من هنا ، إلا أنه لا يقول شيئا لمؤازرتها أو الدفاع عنها ، و هذا مؤشر جيد إلى قرب رحيلها من البيت كله , أكيد هو لن يزعج زوجته المريضة من أجل تلك النكرة , هي راهنت على مكانة مريم في قلبه ، حينما بدأت وسوستها لها , و كسبت الرهان للتخلص من تلك المتطفلة , بعدها سيخلو لها الجو لتبدأ خططها من جديد . علي الذي لم يشك في شيء ، قصد الصالون و جلس هناك , منتظرا قدوم ملك التي استدعاها , و خلال دقائق دخلت ملك بهدوء ، و جلست قبالته على الأريكة , حيث كان يضغط بين عينيه لتخفيف الصداع حينما بادرته هي " كيف حال السيدة صفية ؟ " حدق علي ناحيتها باستغراب من سؤالها عنها , و لم يجد ضيرا من طمأنتها " بخير مرت بأزمة خفيفة , تتحسن حاليا شكرا لاهتمامك " " جيد , أتمنى لها الشفاء " همست له بصوتها الرقيق " شكرا " صمت بعدها علي قليلا يحدق الى وجهها , و قد صار يحب فعل هذا الأمر كثيرا مؤخرا , و سرعان ما اقترح عليها بصوت دافئ " ما رأيك أن تأتي معي لاحقا لرؤيتها ؟ ستفرحها زيارتك لها كثيرا " علي يدرك أن ملك لا تخرج من البيت , الى أي مكان منذ وصولها , و قد رأى بأن زيارتها لوالدته , قد تكون تغييرا يبهجها لعلمه بهوسها بالمرضى . رفعت ملك حاجبيها و قد استغربت اقتراحه , لكنها لم تمانع ابتسمت له , و هي تحك جبينها باحراج " أكيد أحب زيارتها , فقط أخبرني قبلها بوقت كاف " " حاضر " رد عليها بعينين متأملتين ساد بعدها صمت المكان , قبل أن يتذكر علي سبب استدعائها " صحيح سارة قالت أن مريم , عانت من ارتفاع في ضغط الدم اليوم " أجابت ملك باقتضاب و قد تجمدت ملامحها " أجل " " كيف ذلك ؟ هل عادت الى رفض الدواء مجددا ؟ " قال مستغربا و حدقت إليه ملك قليلا , و قد أدركت أنه لم يعلم بعد بما حصل , و طبعا لن تكون الواشية بينهم " لا أدري " أجابت بخفوت وتر علي الذي استغرب ردها " كيف لا تدرين , ألست طبيبتها ؟ " مما يعرفه أن ملك تهتم بكل التفاصيل , و لم تكن يوما مهملة في عملها صمتت ملك قليلا تزن اجابتها ثم قالت " لم أعد كذلك " " كيف ذلك , من قال هذا و منذ متى ؟ " اعتدل علي في جلسته متحفزا و قد استفزه الخبر , لكن ملك لم تتخل عن هدوئها و رصانتها " منذ هذا الصباح , مريم لا تريد ذلك " " و السبب ؟ " " لا فكرة لدي اسألها " لم يفهم علي ما الذي يجري , و أضافت ملك سريعا " أنا أصلا كنت سأكلمك ، للاتصال بدكتور جلال و وضعه في الصورة , أعتقد أنه من الأفضل أن تكلمه أنت و تعلمه بالأمر , عن اذنك أنا متعبة ، تصبح على خير " غادرت ملك المكان تاركة علي في حيرة كبيرة ، فهي لم تقل شيئا مفهوما ، سوى أنها توقفت عن الاعتناء بمريم نزولا عند طلبها , و تطلب منه أن يسألها إذا أراد أجوبة , لكنه كعادته لا يسأل أحدا , أو على الأقل أصبح كذلك , منذ ما حصل مع ملك من سوء فهم ، أصبح يحب أن يرى كل شيء بعينيه و يحكم , و قد تضاعف هوسه و وساوسه اتجاه الآخرين . قصد علي مكتبه أغلقه عليه و أدار التسجيلات , لكنه لم يصدق ما رأته عيناه ، تصرف مريم بعدوانية و قلة احترام , اتجاه ملك صباحا لا يبرره شيء ، و تلك العنيدة لا ترد و لا تشتكي ، لم تقل كلمة واحدة عما حصل بينهما , كم أن قدرتها على تحمل اساءة الآخرين غريبة . كان علي جالسا في مكتبه , يفكر بشرود في أن تغير مريم , ليس من دون سبب , هو يعرف جيدا أنها لم تكن يوما امرأة متشككة " هل يعقل أنها علمت بأمر ملك ؟ " كان التفسير الوحيد لثورتها المفاجئة " لكن كيف ؟ " أعاد علي التسجيلات إلى أيام مضت ، باحثا عن شيء قالته أو فعلته ملك , أثار شكوك و استياء مريم , مشط ساعات من اللقطات , لكن ظنه خاب بشدة , لأن ما كانت ملك تفعله مع مريم فاق كل توقعاته ، كانت أشبه بأم تعتني بابنتها ، لم تحرجها أو تسيء لها يوما , لم تغضب من تصرفاتها و لم تضغط عليها ، كما أن مريم لم تشتك منها مسبقا " لم إذا هذا الانقلاب المفاجئ ؟ " . 😘💞💞 ........ | ||||
12-10-20, 10:46 PM | #438 | |||||||||||
نجم روايتي
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 29 ( الأعضاء 13 والزوار 16) موضى و راكان, ملك علي, نوره خليل, amana 98, رهف أوس, NoOoShy, nefrt, آلاء الليل, Lilan22, هدوء الصمت222, منبع حياة, بلانش, Berro_87 منورين يا حلوين مساءكم سكر زيادة أسفة للحضور متأخرة سوف أقرأ الفصل و من ثم أعلق عليه | |||||||||||
12-10-20, 10:51 PM | #439 | |||||
| اقتباس:
مرحبا بيك و بيهم حبيبتي في اي وقت 🌺🌺🌺 انتظر رأيك بترقب كبير 💖💖💖💖 | |||||
12-10-20, 11:20 PM | #440 | ||||||||
| السلام عليكم 🌷🌷🌷🌷🌷🌷 في الحقيقة تعاطفت جدا مع مريم و عذرتها لتصرفاتها كان خطأ من كل من ملك و علي في عدم مصارحتها من البداية لأنها تستحق هذا 😥😥😥😥 فاطمة لم يعجبني تصرفها في عدم إخبار علي أو ملك بمعرفة مريم للحقيقة و هي تعلم مدى حساسية وضعها الصحي ملك دااااائما و ابدا تعجبني عزة نفسها و شموخها مريم لا تريدها فانسحبت مباشرة متمنية الوضع بينهم يتصلح البارت الجاي لأني اشتقت لصداقتهم 🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹 Ps: اشتقنا لكرييييييم و اسيل 😍😍😍😍😍😍 | ||||||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ، |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|