06-10-20, 10:46 PM
| #381 | ||||
 
|  البارت السابع و الستون لننجب لها إخوة 💖 " كيف تشعرين الآن ندى ؟ " سألت أسيل التي تجلس الى جانب صديقتها , المستلقية على السرير في غرفتها , بعينين دامعتين و ملامح شاحبة و منهكة , و التي مسحت أنفها و دموعها , و ردت عليها بصوت متحشرج " ما رأيك أسيل ؟ أنا أعيش أسوء أيام حياتي , ليتكم تركتموني أموت يومها " عدلت أسيل غطاءها عليها و نهرتها " لا سمح الله , كنت ستموتين عاصية , لا تفكري في أي شيء الآن , سنتدبر الأمر ان شاء الله , لكن اياك و تكرار الحماقة التي ارتكبتها , أقتلك بيدي و الله " ابتسمت ندى من بين دموعها , و تمسكت بيدي أسيل و سألتها بنبرة متوسلة " أخبريني أرجوك , ألم يتصل بك ولا مرة ؟ " هزت أسيل رأسها بأسف و ردت عليها " لا لم يعد يرد علي أنا الأخرى منذ يوم المشفى , لكن لا تقلقي أكيد سيفيق قريبا , و تعود المياه الى مجاريها , الأهم الآن أن تركزي على صحتك و حياتك , لا شيء يستحق " صمتت الاثنتان كل واحدة في عالمها الخاص , قبل أن تسأل ندى باهتمام " أسيل ما تلك الكدمة أعلى خدك ؟ " توترت أسيل و رفعت يدها لتخبئتها , و تمتمت بينها و بين نفسها " يا الهي اعتقدت أنني غطيتها جيدا بكريم الأساس " لكنها سارعت بالابتسام كعادتها , هزت كتفيها و أجابت بهدوء , هاربة بعينيها في الاتجاه الآخر " لا شيء خطير ندى , ارتطمت بباب الحمام أمس , لا تشغلي بالك " لكن ندى لم تهضم ما سمعته , و حاولت مواجهتها فالأمر أصبح لا يطاق " الأمر صار يتكرر كثيرا يا أسيل , لدرجة أنك لم تعودي تكلفين نفسك , عناء ايجاد تبريرات جديدة , نفس القصة كل مرة ان لم يكن باب الحمام , فهو باب الغرفة أو حنفية المطبخ , أنا لست غبية يا صديقتي , فالأمر واضح وضوح الشمس , أردت فقط أن أنبهك أن تضعي حدا للموضوع , فالنتائج لا تكون دائما محمودة " قالت ندى بنبرة لائمة لصديقتها , محاولة مواساتها بسبب تعرضها للتعنيف في كل مرة , رغم أن أسيل لا تقول شيئا أمام أحد صحيح هي تجيد اخفاء الآثار تحت الملابس , الا أن الكدمات على وجهها تظهر , بمجرد أن يزول الكريم الذي تضعه . لكن أسيل لم تجبها بشيء , غير أنها وقفت من مكانها و حملت حقيبة ظهرها , و حاولت الاستئذان هربا من الحديث في موضوع يزعجها كثيرا " حسنا ندى اعتني بنفسك , سأكلمك لاحقا و أمر غدا للاطمئنان , و كما اتفقنا أي شيء يحصل تخبرينني مباشرة " " ابق قليلا أشعر بالضجر " حاولت ندى استبقاءها لكن أسيل لم توافق " آسفة اذا تأخرت أكثر من هذا , فستخبر خالتي والدي و خالد , و سأجدهم ينتظرونني أمام الباب , شكرا لا أفكر في اثارة غضبهما " أدارت ندى عينيها بتذمر " منذ متى أصبح خلودي رجلا , و حب الشباب لا يزال يشوه وجهه ؟ أو لأنه أنبت بعض الزغب على شاربيه صار مهابا ؟ يدور في كل مكان ينفش ريشه كالديك , و لا يظهر مراجله الا على شقيقته " ضحكت أسيل بصوت عال من سخريتها , و أجابتها و هي تفتح الباب " لا تقولي ذلك أمام والدي و والدته , هم يرونه رجلا حتى أنهم يفكرون في تزويجه , حسنا سلام أنا مغادرة " " لا تطيلي الغياب أسيل , أنت صديقتي الوحيدة " " حاضر " ردت عليها أسيل بصوت عال , و هي تخرج من باب بيتهم . بعد نصف ساعة كانت أسيل تفتح باب بيتهم , بمجرد أن ولجت الصالون , حتى سمعت صوت المرأة التي تستفزها , بصوتها الحاد و كلماتها المتكبرة " صدقيني يا أم خالد ابني رائف بريء , المحامي طمأننا أن البراءة مضمونة , لقد كادوا له أولاد الحرام , لكن الله سيظهر الحق " قالت بنبرة باكية مستجدية مؤازرتها أجابتها المرأة التي تجلس الى جانبها الى الأريكة , و هي تربت على يديها المليئتين بالأساور الذهبية , تحدق الى القطع ببغض و حسد كبيرين , لتواسيها بكل تملق و زيف " أكيد يا أم رائف , لا تحتاجي أن تبرري أي شيء , رائف زينة الشباب و بتربية جيدة , واضح أن الوضع ملفق منذ البداية , و كما قلت سيبرؤ ان شاء الله " تنهدت أسيل التي كانت تقف بباب الصالون , تستمع الى موشح المرأتين , ثم اتجهت ناحية غرفتها , لكن قبل أن تعتلي الدرج سمعت ما أثار حفيظتها " طبعا تعرفين يا أم خالد أن ابني يحب أسيل , و قد وصاني خلال زيارة البارحة أن أطمئنها أنه بخير , و انا و أبو رائف لازلنا متمسكين بعلاقة المصاهرة بيننا , سيفك الله حبسه و أقيم لعروستنا الجميلة أكبر عرس , تتحدث عنه البلد كلها " تحدثت المرأة لاغرائها , و ساندتها أم خالد مباشرة , و هي ترفع حاجبها بتأفف " دون أن تقولي يا عيوني , أسيل و أهل أسيل تحت أمركم , اتركي رائف يخرج من شدته , و سيكون كل خير " قبل أن تتحدث أم رائف و ترد عليها نفاقها , قاطعها صوت ارتطام على الطاولة أمامهما , حدقت المرأتان للأغراض التي ألقتها أسيل هناك , ثم وقفت تكتف يديها مقابلهما , قبل أن تخاطب المرأة البغيضة " أعتذر سيدتي , لكنني أريد أن تستعيدي هذه الأغراض , و تخبري ابنك تمنياتي له بالسلامة " كانت الحزمة فيها طقما ذهبيا ثمينا , مع خاتم خطوبة و بعض الهدايا , من عطور و ماكياج و غيرها شهقت المرأة لما سمعته و خاطبت أم خالد " ما الذي يعنيه هذا ؟ " لكن أسيل قاطعتها لتجيب , بدل زوجة والدها التي تجهم وجهها , و هي تحاول توسيع عينيها و تلعيب حواجبها , لتنهاها عما تريد فعله " أقصد ما فهمته يا أم رائف , أنا أفسخ الخطوبة التي لم أوافق عليها من الأساس , و كما قلت هذه الهدايا التي أحضرتموها , و بالمناسبة أنا حتى لم أقس الخاتم , بامكانكم خطبة شابة أخرى به , طبعا بعد أن يقضي العشرين سنة محكوميته في السجن , و يكون أكثر نضوجا ليجد من تليق به أكثر مني " شهقت المرأة و ضربت على صدرها , و قامت من مكانها تلملم عباءتها " لم تقولين مثل هذا الفأل السيء على ولدي ؟ ان شاء الله في أعدائه , عن اذنك يا أم خالد , لم أعرف أن ابنتكم قليلة التهذيب الى هذه الدرجة " جمعت المرأة رزمة الهدايا و خرجت مهرولة , و هي تتذمر بصوت عال و تدعو على أسيل . بمجرد أن صفقت أم رائف الباب خلفها , اتجهت أم خالد ناحية أسيل بملامح ساخطة , أمسكتها من ذراعها و هزتها لنهرها " هل جننت ؟ ألم يقل والدك ألا تتصرفي , حتى نعرف ما حصل بالضبط ؟ لم تحبين الاساءة له هكذا و تصغيره , و قد أعطى كلمته للرجل ؟ " ابتسمت لها أسيل بسخرية و أجابتها " ما الذي تريدون فهمه بالضبط ؟ فالرجل المحترم الذي ربطني والدي به , كبقرة الى جذع شجرة دون أخذ رأيي , ملقى في السجن بتهمة تعاطي مهلوسات و تحرش جنسي , الفتاة القاصر التي اعتدى عليها اشتكت عليه , و اتضح أنه اضافة الى انحرافه و وضاعته هو انسان أحمق , فقد صور نفسه معها , و أرسلها الى عدة أشخاص شهدوا ضده , على والديه أن يحمدا الله , اذا أفلت من تهمة الاعدام " هزتها زوجة والدها بعنف , و صرخت في وجهها بحنق كبير " دائما ما تتفلسفين يا ابنة هند , لا يعجبك العجب في أي شيء يفعله والدك " غص حلق أسيل بذكر والدتها المرحومة , و هي تدرك أن المرأة أمامها لا تزال تغار منها , و تفعل ذلك عمدا لايلامها , لكنها جمدت ملامحها رغم قلبها النازف و أجابتها " أستغفر الله العظيم , لا أفهم فعلا يا خالتي , كيف ترين أن رائف هذا هو رجل من الأساس ؟ في رأيك اذا استمررت في هذه الخطبة , هل سأنتظره عشرين سنة حتى أشيب ؟ أو ربما أصطحب والدي مع امام ليعقد لنا في السجن , حتى أتمكن من زيارته من وقت الى آخر ؟ أنا لا أصدق أن والدي استوردني من آخر العالم , من أجل نكرة مثل رائف هذا " أطلقتها المرأة أخيرا من قبضتها , و زفرت في وجهها و قد أصابها اليأس من جدالها " هذا كل ما نجنيه حينما نفكر في صالحك و مستقبلك , لكنك أكثر غباءا و جحودا مما نعتقد " مسدت أسيل ذراعها التي آلمتها , و هي متأكدة أنها ستتحول الى اللون الأزرق صباحا , و ردت عليها بهدوء كبير " صالحي أنا أعرفه جيدا خالتي , شكرا لكم على اهتمامكم , لكن الزواج ليس من أولوياتي الآن , أريد أن أتخرج أولا , و أفتتح مكتبي الهندسي الخاص , بعدها كل شيء قسمة و نصيب " شهقت المرأة أمامها بصوت حاد كالزامور , و ضربت يدا على الأخرى فوق بطنها المنتبجة , رفعت حاجبا رفيعا احتجاجا , و أجابتها بسخرية بالغة , " و من أين للأميرة كل هذه الأموال لتحقيق أحلامها الوردية ؟ من والدك الذي يعاني على شفير الافلاس ؟ أو من أحد الشحاذين الذين لن تجدي غيرهم للزواج , بتفكيرك المتعالي و المتزمت هذا ؟ " أخذت أسيل نفسا عميقا و ردت عليها " لا تقلقي يا خالتي سأجد كما وجد غيري " قالت بتلميح الى وضعها قبل الزواج بوالدها , و قد انتقلت من فقر مدقع في بيتها , الى التمرغ في عز كبير , لكن المرأة فهمت همزها عليها , ضربت صدرها بيدها و استنكرت ذلك " هل هذه آخر تعبي عليك يا ابنة هند ؟ تعايرينني بكل وقاحة ؟ على العموم سأتصل بوالدك و هو يتصرف معك , أنا سئمت من جدالك الذي لا ينتهي " رغم تهديدها الصريح لها , و رغم أن أسيل تعرف ما ستكون النتائج مساءا , الا أنها هزت كتفيها بلامبالاة , صعدت الى غرفتها و جلست الى طاولة التصميم خاصتها , رفعت شعرها ذيل حصان , و تناولت القلم لتسرع في انهاء مشروعها , قبل وصول الدعم من شقيقها و والدها . في الصالون لم تكن المرأة تهدد هباءا , فقد رفعت هاتفها و اتصلت بالفعل على زوجها , في هذه الأثناء كان سالم يجلس مع كريم , و مسؤول الشؤون المالية في الشركة في قاعة الاجتماعات , منهمكين في مداولات تخص الشراكة , بعدما غادر علي على عجالة , بسبب اتصال من البيت , بمجرد ان رأى سالم رقم المتصل حتى أغلق , لكنها استمرت في الاتصال حتى وترت أعصابه , فاستأذن من كريم لتلقي المكالمة , هز كريم رأسه بصمت , و عاد للتدقيق في الأوراق أمامه , و اتجه سالم الى النافذة ليتلقى المكالمة . بمجرد ان انفتح الخط , حتى بدأت المرأة بالصراخ من الطرف الآخر , كادت تخرق طبلة أذنه و أثارت حفيظته , فما كان منه الا أن استفسر , بصوت هامس يخرج بين أسنانه " ما بها أسيل ؟ تكلمي على مهلك " بمجرد ان سمع كريم , اسم الشابة التي ترصدته ذلك اليوم , حتى رفع رأسه بفضول غير مسبوق , و ركز سمعه محاولا التقاط ما يحصل , لكنه قطب جبينه بمجرد أن لاح الغضب على وجه سالم , و قد بدا على وشك الانفجار وسط قميصه , بعدما روت زوجته على مسمعه ما فعلته ابنته , و زادت في تنميق بعض التفاصيل , كتأخرها في العودة الى البيت , تحدثها بوقاحة معها و عدم اهتمام , بما سيقوله بخصوص خطبتها المزعومة . بعد أن استمع سالم لشكواها باختصار صرخ فيها " غبية غبية , هل جنت ؟ كيف تطردها هكذا ؟ ألم أقل أن ندعهم يفسخون الخطبة من جانبهم , حتى لا نعيد تلك الهدايا الثمينة ؟ " قالت المرأة لصب الزيت على النار " ابنتك قالت أنه دخل السجن , فلا داع للاستمرار في العلاقة , و أم رائف خرجت غاضبة من هنا " و نهرها زوجها بحدة " رائف دخل السجن لكن والده خارجه , ألا تعرف أن بيننا شراكة و أعمالا ؟ هذه المجنونة البليدة ستقضي علي أكيد " تنفس بعدها سالم بحنق كبير , و سارع لانهاء الأمر , لا يريد اثارة انزعاج كريم " هيا أغلقي الآن , سيكون حسابها معي حينما أعود " طبعا لم يفهم كريم سبب كل هذا الغضب , لكنه هز رأسه بقلة حيلة , و قد تذكر اقتحام العلقة , غرفة تغيير الملابس عليه ذاك اليوم , و علق بينه و بين نفسه " أكيد ارتكبت تلك المتهورة أمرا مجنونا , فالرجل على وشك أن يفقد عقله " لم يطل سالم الوقوف , عاد بارتباك الى الطاولة , و استأنفوا الحديث من آخر نقطة ناقشوها . . . . " سأخبرك قصة جميلة , أنت تحبين قصص قبل النوم صحيح ؟ توقفت ملك لسماع ردها , ثم أضافت بصوت هامس " لكن هذه قصة حقيقية " صمتت ملك قليلا و هي تحاول جمع أفكارها , فيما انتاب علي الفضول و قرر الجلوس على الدرج , و الاستماع هو الآخر لقصة قبل النوم . بعد خمس دقائق من الصمت المطبق , استرسلت ملك بصوت رقيق " حينما كنت في العاشرة من عمري , كنت نحيفة جدا و قصيرة القامة , يعني أقصر من زملائي الذين كنت أصغرهم بسنتين , و قد كان الأمر كذلك منذ ولادتي , كنت أبدو غريبة بينهم , بشعري الكستنائي و لكنتي المميزة , إضافة الى أنني كنت أضع نظارات طبية للرؤية , و بسبب ذلك كنت أتعرض للكثير من المضايقات , حتى من أطفال السنوات الأخرى " بلعت ملك ريقها و أكملت بنبرة ساخرة بمرارة و رغم أنني كنت ذكية مقارنة بهم , إلا أنهم كانوا ينعتونني بالقزمة الغبية و العمياء , و كان يصل الأمر أحيانا الى الايذاء الجسدي , حاولت كثيرا تجاهلهم تماما , أو التعود على ما يحصل لكنني فشلت , في النهاية اضطر والدي الى تغيير المدرسة , التي أدرس بها الى أخرى جديدة , لكن الأمر لم يتحسن أبدا , بل على العكس ازداد تنمر زملائي الجدد سوءا ، و اضافة الى الصفات الأولى التي التصقت بي , كان الجميع يقول بأنني تلميذة فاشلة ، طردت من مدرسة بسمعة جيدة بسبب تخلفي " توقفت ملك قليلا دون أن تفتح عينيها , و كأنها تتذكر تفاصيل ما كان يحدث و أضافت " لم يكن أحد يكلمني أو يلعب معي , لأنه سيتعرض للمضايقات هو الآخر بسببي , حتى الأساتذة كانوا يضعونني وحدي في آخر طاولة , و ينسون وجودي أثناء الدرس , كنت أرفع يدي مطولا للاجابة , لكنني كنت أهمش بتعمد , و استثنى حتى من المشاركة في الدروس , و في النهاية توقفت عن محاولة أن أكون , الطفلة النجيبة التي يمقتها الجميع " غضبت في البداية , و حاولت التقرب من بعضهم و مصادقتهم , لكن الأمر كان يزداد سوءا , لأنني أصبحت بعدها المتطفلة عديمة النفع " ابتسمت ملك بعناء , و هي تتذكر كل تلك الشتائم , و الصفات التي حفرت عميقا في ذاكرتها لسنوات , لكنها لم تتوقف عما كانت تقوله " أثناء اختيار الفرق الرياضية خاصة كرة السلة , كنت آخر تلميذ يتم اختياره , و كان أعضاء الفريق كلهم يشعرون بالاحباط , و خيبة الأمل لوجودي معهم , و كانوا يحملونني مسؤولية الخسارة , حتى لو بذلت جهدي كاملا , بعد وقت طويل من المعاناة , قررت أن أتوقف عن طلب اهتمام أشخاص لا يحبونني , و أن أبدأ الاهتمام بنفسي , و ممارسة ما أحبه أنا بعيدا عنهم , حسنا حينها لم أكن أجيد الكثير من الأشياء ، و لكنني كنت أحب الدراسة كثيرا " في هاته الأثناء توقفت رنا تماما عن البكاء , قامت من مكانها و تقدمت نحو الباب بفضول , تريد سماع تكملة القصة . لاحظت ملك الحركة خلف الباب , ابتسمت و تنهدت باطمئنان ثم أكملت " بعد امتحانات الفصل الأول تلك السنة , فوجئنا بمدير المدرسة مع أساتذتنا و المفتش يدخلون الى قسمنا , و يبحثون عن أحد الطلبة و ذكروا اسمي , في البداية أصبت بالخوف , لأنني اعتقدت أن أحدهم ورطني في مقلب كما تعودوا , لكن بعد أن رفعت يدي طلبوا مني التقدم , و أعلن المدير أنني تحصلت على أفضل معدل , ليس على مستوى المدرسة فقط , بل على مستوى الولاية كلها , أتذكر يومها أنه قال بأنه فخور بي لأنني إحدى طالباته , و أنهم سيقومون بتكريمي مع آخرين في حفل كبير , اضافة الى أنه أنب المعلم , الذي قال بأنه لا يعرف عن مستواي شيئا " ابتسمت ملك مجددا بدفء , و قد تذكرت كل تلك الذكريات " من يومها فوجئت بتغير تعامل الجميع معي , أصبح الكثيرون يطلبون صداقتي و يلعبون معي , و حصلت على الكثير من الجوائز و التكريمات بسبب تفوقي , أدركت بعدها أننا إذا أردنا تغيير رأي الآخرين فينا , لا يجدر بنا استجداء الاهتمام , لأنهم سيعتقدون أنهم سيسدوننا معروفا , و لا يجدر بنا الهروب و الاختباء , لأن تغيير المكان لا يغير الظروف ، اذا كان علينا تغيير شيء , فهو طريقة تفكيرنا و تقديرنا لأنفسنا , ليس علينا أن نجيد ما يجيده الآخرون ، ليس علينا أن ننجح فيما يريدنا الآخرون أن ننجح فيه ، بل علينا أن نجد ما يميزنا و نبرع فيه ، و نجعلهم يقدروننا لشخصنا و تميزنا , أدركت حينها أن من كانوا يزعجونني هم الضعفاء ، لأنهم بدل استغلال وقتهم لتحقيق أحلامهم ، هم يضيعونه في التركيز في حياة غيرهم , فهمت أخيرا أنني حتى لو كنت قصيرة القامة آنذاك ، إلا أنني حصلت على ارتفاع شاهق بسبب تميزي " صمتت ملك قليلا و أضافت , تكلم الطفلة خلف الباب الموصد " رنا حبيبتي , قد يكون ما نعتقده نقطة ضعفنا و نخجل به , هو بالضبط نقطة تميزنا عن الآخرين , أراهنك ألا أحد ممن أزعجك , يجيد لغة الاشارة كما تفعلين , بالنسبة لي قد لا يتذكر أحد , من أحرز هدفا في كرة السلة تلك السنة ، لكن أكيد أن الجميع يتذكر القزمة , التي كانت الأولى في المدرسة " في هاته الأثناء سمعت ملك طقطقة خفيفة ، حيث أدارت رنا المفتاح , و فتحت الباب فجأة ، دون أن تعطي ملك فرصة للابتعاد عنه , سقطت هذه الأخيرة إلى الوراء على الأرض ، و بقيت مستلقية هناك مغمضة عينيها . شعرت رنا بالفزع و شهقت , فقد اعتقدت أن ملك تأذت ، دنت منها بسرعة لتحاول ايقاظها ، لكن ملك فتحت عينيها فجأة , أمسكت بها بكلتي يديها و بدأت في دغدغتها , تعالت بعدها أصوات الاثنتين بالضحك بطريقة هستيرية ، مع الدحرجة على أرض الغرفة . علي الذي كان يجلس غير بعيد عن المنظر , بقي متيبسا مكانه لا يعرف ماذا يجب عليه أن يفعل , فما قالته ملك كان مؤثرا جدا و عميقا جدا , لدرجة أنه دفع رنا العنيدة الى فتح الباب , و غير مزاجها من الحزن الى الضحك خلال دقائق . في وقت سابق هو كان يضطر الى خلع الباب , و يليه نوبة غضب من رنا ثم عقوبة من طرفه , تدخل الطفلة بعدها في حالة حزن و انطواء تستمر لأسابيع , و لم يكن يعرف معظم الوقت , ما الذي يجول ببالها لتفعل ذلك , لكنه منبهر جدا من قدرة ملك , على قلب الأمور معها و اقناعها بسهولة , فتأثير ملك على رنا يشبه السحر , حتى طبيبتها النفسية لم تصل الى هذا المستوى من التفاهم معها . وقف علي في آخر الرواق , يضع يديه في جيبه و يغرق في تفكيره , يراقب الاثنتين اللتين تتفاعلان بكل انسجام و حب , هو لم ير ابنته تتعامل مع أحدهم يوما , بهذه الطريقة و لا حتى معه , آخر شخص توقع أن تتقبله ابنته هو ملك , حتى أنهما تبدوان كأم و ابنتها تقضيان وقتيهما سويا . شعر علي بتيار بارد يلف جسده كله , و عاد الى ما كان يفكر فيه منذ مدة " هل يمكن أن يكون دخول ملك الى حياته , مقدرا منذ البداية لتكون هاته نتيجته ؟ " هو لطالما فكر في أن يستقر مجددا مع احداهن في يوم ما , حتى يمنح رنا العائلة المستقرة التي تحلم بها , لكنه كان يتراجع لأنه لم يكن متأكدا , من تقبل ابنته الحساسة لامرأة أخرى مكان مريم , و كان متخوفا أكثر من عدم انسجام الاثنتين , فآخر ما كان يحتاجه أن تعاني ابنته مع زوجة أب لا تحبها , لذلك كان حريصا على ابقاء نسائه بعيدا عن ابنته , لكنه لم يتوقع يوما أن يحصل الأمر بصفة معكوسة , فملك هي المرأة الوحيدة التي دخلت حياته , تحب ابنته و لا تطيقه , لا تستغلها للوصول اليه أو التأثير عليه , و الأغرب أن ابنته تحبها و متعلقة بها بشدة . فيما علي غارق في تفكيره , كانت ملك و رنا قد توقفتا عن الضحك , و استلقيتا جنبا الى جنب تلتقطان أنفاسهما , و تتبادلان حوارا سريعا لم يعرف عما يدور " حسنا حبيبتي أنا تعبت , اذهبي لغسل وجهك و تغيير ملابسك , و أنا سأحضر لك بعض السندويشات مع شوكولا ساخنة , أنا أيضا جائعة ما رأيك ؟ " اقترحت ملك عليها و وافقت رنا مباشرة , قامت الاثنتان من على الأرض , اتجهت رنا بعدها الى حمامها , و غادرت ملك الغرفة و هي تحاول تعديل ملابسها , لم تنتبه الى الرجل الواقف هناك يراقبها بكل اهتمام , الا بعد أن أصبحت على بعد خطوة منه و كادت ترتطم به , شهقت ملك من المفاجأة , و وضعت يدها على صدرها " باسم الله الرحمن الرحيم " عبس علي من ردة فعلها و نهرها " هل وجهي ذميم إلى هذه الدرجة , حتى تسمين كلما رأيتني ؟ " "....." هذه ثاني مرة تفعلها ملك , و هو بدأ فعلا بالانزعاج من الأمر , لا أحد يهز ثقته بوسامته , الا هذه المجنونة التي أمامه . غيرت ملك الموضوع مباشرة , لا تريد جدالا معه الآن " ماذا تفعل عندك ؟ " حدق علي الى وجهها قليلا ثم ابتسم بسخرية , و أجاب مشيرا الى ما سمعه قبل قليل و هو يرفع حاجبيه " كنت أحاول تخيل القزم مع النظارات " "....." رمقته ملك بنظرة انزعاج و قد احتقن وجهها , فهو آخر من تريد اطلاعه على أسرارها الدفينة , فيما استمر هو بالابتسام باستفزاز , لكنه لم يرد أن يثير سخطها أكثر , فقرر تغيير التطرق الى الأهم " ما بها رنا ؟ " انتبهت ملك و كأنها تذكرت أمرا مهما , نظرت الى الغرفة خلفها بترقب , ثم الى علي و همست " لنتكلم في المكتب " وافق علي مباشرة و اتجه مع ملك الى مكتبه , جلس على الأريكة و جلست ملك مقابله تماما كالأمس " يبدو أن أحدهم أزعجها , بسبب عدم قدرتها على الكلام , و أعتقد أيضا أنهم نعتوها بالكذب , لأنها أخبرتهم أن لديها أما , و لكن لم يرها أحد يوما " قالت ملك بنبرة حزينة , آلمت قلب علي و أثارت غضبه . " ماذا ؟ من يكون هذا ؟ " " لا أعرف لم تخبرني , لكن على الأرجح أحد زملائها " زاد غضب علي و أخرج هاتفه من جيبه , و بدأ بالاتصال على أحدهم " أنا سأعرف بنفسي " " ماذا تفعل ؟ " سألت ملك بتوتر , و رد علي فيما هو منهمك بالبحث في هاتفه " أتصل بمسؤولي المدرسة طبعا , أنا لم أؤسسها لتهان فيها ابنتي , أقسم سأهدها على رؤوسهم , لم يخلق بعد من يتنمر على ابنة علي الشراد " علي كان قد افتتح هاته المدرسة بعد ولادة رنا مباشرة , و راقب على مر السنوات تفوقها و تطورها , للتأكد من جودة التعليم الذي ستتلقاه ابنته تحت عينيه , لكن اذا كانوا سيؤذونها هناك , هو سيغلقها منذ الغد , و ينقل ابنته الى مدرسة أجنبية . توترت ملك من سماع نواياه و نهضت من مكانها , و في غفلة من علي اختطفت هاتفه من يده , و أغلقت الخط قبل أن يجيب الطرف الآخر , مما أجج غضب الرجل أمامها , الذي وقف هو الآخر و صرخ في وجهها " أنت ماذا تفعلين ؟ أعيدي هاتفي فورا " أشارت ملك بالرفض " لا لن أفعل " أخفته وراء ظهرها , و تراجعت خطوتين الى الخلف . كز علي على أسنانه غيضا " أنت , أنا لست متفرغا لألعابك أعطني هاتفي , اتفاق البارحة كان أن نتعامل بطريقة جيدة , و ليس أن تتجرئي علي " نظرت اليه ملك بتحد , و هي تحاول أن تظهر أنها ليست خائفة و أفحمته " لا أعتقد أنني وعدتك أن أتوقف عن جدالك " "....." حدق علي اليها دون أن يعرف ما يقوله , هي فعلا تجد دائما ما يسكته , كان عليه اشتراط هذا الأمر , قبل عقد الهدنة معها أضافت ملك بعدما لاحظت هدوءه المؤقت " لا يمكنك فعل ذلك , اتصالك لن يحل الأمر " وضع علي يديه على خصره , و رفع حاجبه في تحد " فعلا ؟ و هل تقترحين أن أهنئهم على ما فعلوه مع ابنتي , و أدعهم يفلتون بفعلتهم ؟ " ملك متفاجئة فعلا كيف لم يقدم هذا الرجل على قتلها سابقا ؟ فهو يحب الانتقام كما يحب نفسه هذا المغرور لكنها أخذت نفسا عميقا , حدقت إلى عينيه و أجابت " من أزعج رنا زملاؤها , يعني أطفال مثلها , اتصالك بالمديرة و المسؤولين لن يحل الأمر " " يمكن أن يكونوا هم أطفالا , لكن أكيد لديهم أولياء بالغون , إن أنا أفلستهم سيتوقف أبناؤهم , عن الذهاب الى مدرسة ابنتي " "...." " يا إلهي هذا مجنون رسمي , يتجول بكل حرية دون وثائق و أدوية " قالت ملك بينها و بين نفسها , ثم أجابت دون التعليق على تهوره " هؤلاء لن يستطيعوا مراقبة تصرفات الأطفال في كل ثانية , و لا يمكنهم معاقبتهم على مجرد كلمات , بالعكس سيحقدون عليها أكثر لأنهم سيعاقبون بسببها , و سيصفونها بالواشية الضعيفة , آخر شيء تحتاجه رنا أن يتم تهميشها هناك " نظر إليها علي بتمعن و قد هدأ غضبه قليلا , فما تقوله ملك يبدو منطقيا جدا , رغم أنه لن يعترف بذلك أبدا , و كالعادة يتدخل ذلك اللسان السام " و ماذا تقترحين حضرتك ؟ هل أدع ابنتي تعود باكية كل يوم ؟ على جثتي " تنهدت ملك من تسلطه " لا لم أقل هذا , و لكنهم أطفال يغيرون رأيهم و مواقفهم بسرعة , و رنا فقط من بإمكانها جعلهم يفعلون ذلك " نظر اليها علي بقلة حيلة , و حدثها بنبرة مستاءة و متأثرة " لكن رنا حساسة , و لا يمكنها التعامل مع مواقف كهذه " و وافقته ملك مباشرة " أجل رنا حساسة أكيد , و لكنها ليست ضعيفة أبدا , يكفي أنها بإمكانها العيش بمرح , رغم الظروف المحيطة بها " قطب علي جبينه و استغرب حديثها " عن أية ظروف تتحدثين ؟ رنا تعيش في ظروف لا يحلم بها طفل في سنها " قطبت ملك جبينها تماما كما فعل هو ، و كأنها تقلده و أجابت بحدة " فعلا ؟ أتعتقد ذلك ؟ اذا كنت تقصد المال و الرفاهية المادية , فأحب أن أخبرك أن رنا بسيطة جدا , لا تحتاج الى ثروة كبيرة لتعيش بسعادة , عدا هذا كل شيء حولها مظلم و قاس , حتى بالنسبة لشخص بالغ " حدق ناحيتها علي باستنكار دون تعليق , فقد بدا أن لديها شيئا تقوله , و فعلا لم تخيب ملك ظنه " هل يمكن أن تخبرني ما الذي تملكه الطفلة بالضبط ؟ أريد جردا بسيطا لحياتها , والدة مريضة لا يمكنها حتى الجلوس معها و اللعب كأقرانها , و لا يمكنها حتى الاستعراض بها أمام أصدقائها , و الأسوء أنها تعتقد أنها السبب في حالة مريم المرضية , و جميع من حولها يغذي هذه الفكرة في رأسها , لدرجة أصبحت الطفلة تحصي عدد الدقائق , التي تقضيها برفقة والدتها , خشية أن تصاب بمكروه بسببها , و لا أحد يخبرها بأنه لم يكن ذنبها , و الجميع يكتفي باصدار التنبيهات " لا تفعلي لا تقفي لا تجلسي " كلما كانت مع مريم , أنت لا ترى مدى الذعر الذي يصيبها , حينما تدخل غرفة مريم , و تجدها مغمضة العينين , معتقدة أنها فاقدة للوعي , لا ترى استسلامها الآني , حينما يصرفها أحدهم من غرفة والدتها , و كأنها تبذل جهدها حتى لا تنتكس مريم , بتواجدها للحظة زيادة معها , لا أحد غير طبيبتها النفسية , يقدر بشاعة الموقف الذي مرت به , و هي في سن الرابعة تقف مرعوبة و والدتها تحتضر أمامها , لديها والد منشغل طوال الوقت , حتى أنه لا يحضر الاجتماعات المدرسية , و لا حتى جلساتها العلاجية , و يكتفي بحل كل الأمور المتعلقة بها بالهاتف , تماما كما كنت ستفعل قبل قليل , رنا لا أصدقاء مقربين لها , و لا حتى اخوة أو أقارب في نفس سنها , ناهيك عن مشكلة التواصل , التي تزيد انطواءها و عزلتها , وسط أطفال أصحاء يملكون كل ما لا تستطيع هي امتلاكه , فيما هي فقدت ما يصلها بالعالم الخارجي , في عمر تتكون فيه شخصيتها النهائية , رنا تشفق على نفسها , قبل أن تشعر بشفقة الآخرين عليها , تعاقب نفسها بسبب شيء لا يد لها فيه , و رغم كل هذا هي تحاول أن تتعايش مع وسطها بهدوء , و أن تمر بين الجميع دون أن يلاحظوها , هي حتى تريحكم من سماع صوتها و اعتراضها , لأنها تعتقد أنها لعنة على الكل منذ ولادتها , و أن كل من يقربها يتأذى تماما كمريم , يا الهي هل تعتقد فعلا , أن هذا جو طبيعي لطفلة في سنها ؟ " صمت علي و ابتلع ريقه بألم , و هو يحدق الى ملك , التي كانت كل ملامحها تتحرك بتأثر , من حال الطفلة التي مثل الملاك , و قد أدرك الآن فقط المعنى العميق لما تقوله , فهي محقة في كل كلمة قالتها . و رغم أنه من الواضح أنها تكبح لسانها , حتى لا تقول له كلمات أكثر ايلاما و تجريحا , الا أن ما قالته لخص حالة رنا ببراعة , يبدو أنها ليست بالبساطة و السذاجة التي اعتقدها , حتى يبدو أنها أكثر خبرة منه , في التعامل مع رنا و مشاكلها رغم صغر سنها . جاهد علي كبرياءه الدامي و سأل بهدوء " ماذا تقترحين ؟ " فكرت ملك لبرهة ثم أجابت " أعتقد أن الحل بيد رنا نفسها , عليها أن تجد نقاط قوتها , و تريهم كم أنها فتاة جيدة تستحق التقدير , لكنها فقط بظروف خاصة , حسنا بإمكاننا مناقشة الأمر مع رنا لاحقا , هي موهوبة في أمور كثيرة بإمكانها التفوق فيها . هناك أيضا الأساتذة , التلاميذ عادة يقدرون ما يقدره معلموهم , ان ترك هؤلاء المجال لرنا لاثبات نفسها , و شجعوها سيحترمها زملاؤها و ستشعر بقيمتها , ان أردت بامكانك مناقشة ذلك معهم , أما من جهتك فالأمر صعب بسبب حالة مريم , لكن أنت حاول بذل مجهود أكثر لتغيير رأيهم فيها , لا أدري تواجد أكثر في حياتها , في الاجتماعات و الحفلات المدرسية و لدى طبيبتها , مجرد أن تقلها من و الى المدرسة من وقت الى آخر , يعطيها دفعا نفسيا كبيرا , ففي النهاية أنت مصدر أمانها الأساسي " حدق علي مجددا الى هذه المرأة الغريبة , التي تقف أمامه تتحدث باسترسال و جدية عارمة , و تفكر في ايجاد حلول معه من أجل صالح ابنته , هو الرجل الذي أذاها و أذلها , كما لم يفعل في حياته مع انسان يوما , بدل أن تدس له السم في الطعام . شعر علي بوخزة في قلبه , و كأن أحدهم يعتصره بين أصابعه , لم يؤثر فيه أحد بتصرفاته يوما كما تفعل ملك , و كأنها تلقي عليه تعويذة , بمجرد أن تبدأ بالكلام , و النظر اليه بهاتين العينين العسليتين , اللتين أصبحتا بطريقة ما نقطة من نقاط ضعفه , و هو الذي لا يسمح لأحد بجداله . و خالجه مجددا ذلك الشعور البغيض بالامتنان , و الذي صار مرتبطا بكل شيء تفعله هذه العنيدة . أنهت ملك حديثها دون أية ردة فعل من علي , الذي كان يقف هناك بثبات , و يرمقها بتلك النظرة المربكة التي تصيبها بالقشعريرة , و لكن ليس بطريقة سيئة , و لوهلة لحظت ألما قاتلا فيهما . تمالك علي نفسه سريعا , فهو لم يصل بعد الى مرحلة , تعرية جراحه أمامها هي بالذات , حك رأسه بتصنع و كأنه يفكر في أمر جاد , ثم دنا من ملك يحاول مداراة أحزانه , و قد خطر على باله فكرة مجنونة فجأة " أتعرفين ؟ أعتقد أن لدي حلا آخر مناسب لكل هذه المشاكل " قالها علي بكل جدية و بنبرة دافئة جدا , و هو يقف قبالتها مباشرة , وجهه قريب جدا من وجهها , و هو يحدق الى عينيها المترقبتين , بعيني صقر يوشك الانقضاض على فريسته " ماذا ؟ " أجابت ملك بفضول و بنفس درجة الجدية , و هي تراقبه يرفع يده و يقرص وجنتها , معتقدة أنها جزء من الجواب " ما رأيك أن ننجب لرنا إخوة , و بالتالي لن تكون وحيدة أبدا ؟ " احمر وجه ملك بأكمله خجلا , خاصة المكان الذي يمسكه علي , علا الغضب ملامحها , و رمقته بنظرة زاجرة مع تكشيرة سيئة , لكنها بدت لطيفة جدا و هي تبعد يده " أتعرف أنا المخطئة لأنني أكلمك أصلا " هي لا تصدق أن هذا كل ما التقطه , هذا المنحرف عديم الحياء من كل ما قالته . كانت كلماتها مرتبكة و لكنها أسعدت علي , هو كان يعتقد أنه لا يؤثر بها و لو قليلا لكن العكس صحيح , واضح أنه وجد أمرا آخر مسل في هاته العنيدة , و هو لن يفوت أية فرصة للاستمتاع به . ألقت ملك الهاتف في حضن الرجل المستفز الذي يقف أمامها , و غادرت مسرعة قبل أن يقوم المجنون بما لا يمكن توقعه , تحت صوت ضحكاته التي وصلت الى الصالون , و وقف هو يراقب هاته المرأة , التي تتحلى بكل الشجاعة في أسوء المواقف , و لكنها تحمر خجلا و تفزع , كلما ذكر أمامها الزواج أو الأولاد , أو أية أمور حميمية و تفر كقطة , هو الآن فعلا فضولي , ليعرف التجارب التي عاشتها هاته المرأة , و لم يبدو أن حياتها العاطفية توقفت في عمر العاشرة ؟ لم تتوقف ضحكات علي الا بدخول كريم , يحمل أوراقا في يده و هو يرمقه بنظرة مستغربة , لم يره يضحك هكذا منذ مدة طويلة , حتى أن عينيه كانتا تدمعان . هو فضولي بشأن السبب , رغم أنه خمنه سابقا , حينما رأى ملك تخرج راكضة من المكتب , بوجه محتقن متجهة الى المطبخ , حسنا أكيد أن صديقه قال شيئا منحرفا , لتكون ردة فعلها هكذا , و ليضحك هو بهذه الطريقة , لكن شيء واحد هو متأكد منه , حياة علي تغيرت منذ دخول ملك الى هذا البيت , فقط المقربون منه من يدركون هذا الأمر " ماذا هناك ؟ " سأل علي بعدما استعاد أنفاسه , و لاحظ نظرات صديقه المتسائلة , لم يبد كريم شيئا بل سلمه الأوراق " أوراق المناقصة التي سنقدمها غدا , لم نستطع مناقشتها لأنك غادرت مستعجلا " " آه أكيد , اجلس سنراجعها سويا " عادت ملك الى غرفتها , تشعر هي الأخرى بارتباك كبير , فالمتسلط بدل أن يناقشها فيما قالته , قرص وجنتها كطفل يخضع للتأديب , و أسمعها تلك التفاهة عن الأطفال " أيها المجنون أنت آخر رجل , قد أفكر في انجاب أطفاله " تذمرت ملك بحنق كبير ثم رفعت يدها , و لمست مكان لمسته على خدها , و قد شعرت أن نارا تشتعل هناك , و لهيبا آخر يستعر في قلبها , لأنه يستغبيها كعادته , دون ادراك منها و يفعل ما يريد . لكنها سرعان ما نفضت عنها كل تلك الأفكار الغريبة , غسلت وجهها و اتجهت الى المطبخ , لاعداد الساندويشات التي وعدت بهم الطفلة . . . وقت العشاء فيما كان الجميع منهمكون في إعداد الطاولة , دخلت فاطمة المطبخ و توجهت إلى ملك " ملك ابنتي السيد يريدك " استغربت ملك الأمر , و هي التي تتفادى رؤيته بعدما حصل في مكتبه " لماذا ؟ و أين ؟ " على حد علمها هذا وقت عشائه , و هو عادة لا يناقش شيئا وقت الطعام . " لا أدري , يريدك في غرفة الطعام " قطعت عليها فاطمة استفهامها , و عبست ملك قليلا " ماذا هل يريد التراجع عما اتفقنا عليه البارحة , و يعيد احياء الاتفاق ؟ أو أنه سيعود إلى ازعاجها مجددا , بعدما عقدا هدنة مؤخرا ؟ أكيد نقاشها معه مساءا و انتقادها له هو السبب , حسنا لا بأس لكن إذا فكر بالتصرف بانحراف , ستكسر الصحون على رأسه " جرت ملك قدميها متجهة إلى غرفة الطعام , حيث كانت رنا تجلس إلى الطاولة ترتشف حساءها , و ما إن رأت ملك حتى ابتسمت لها ابتسامة عريضة , و قد اختفى ذلك الحزن من ملامحها , أما علي فقد كان يأكل على مهل , و يراجع الأخبار على لوحه الالكتروني , كالعادة وسط صمت مطبق , بمجرد أن لاحظ ملك تدخل من الباب بملامح متجهمة , حتى رفع رأسه ناحيتها و خاطبها بجدية " اجلسي " . 😘💞💞 ....... | ||||
|  |
|
06-10-20, 11:25 PM
| #383 | ||||||||
| بااارت منعش كالعادة 💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖 أسيل المسكينه و معاناتها يبدو أنها تقاسي الكثير و تداريه خلف قشرة مرحها متشوقة جدا لعلاقتها مع كريم و كيف سيحميها هذا الأخيييير 😍😍😍😍😍😍😍😍 القصة تحفة 👏👏👏👏👏ابدعتي فيها قصة تحمل قيم و فواىد يجب أن نستفيد منها جميعا و ليس رنا فقط ان لم نغير نحن انفسنا للافضل لن يحترمنا احد و إرضاء الناس غاية لا تدرك فعلا القصة تحفة علي يبدو ان افضل عقاب لك هو تصرفات ملك الملائكية و التي تثبت لك في كل لحظة مدى الظلم الذي الحقته بها 😥😥😥😥 ما رايك ان ننجب لرنا اخوة 😂😂😂😂😂😂علي الخبيث عرف يردلها الضربة و الله متت ضحك لما قريت العبارة مع قرصة الخد و رد فعل ملك🤣🤣🤣🤣🤣🤣🤣🤣🤣🤣 بارت جميل كالعادة مشكورة على إبداعك و في انتظار فصل جدييييد 🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹 | ||||||||
|
| |
|
06-10-20, 11:29 PM
| #384 | ||||
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 42 ( الأعضاء 18 والزوار 24) ملك علي, آلاء الليل, زمردة الاسلام, لاار, Kokinouna, Wafaa elmasry, ملك اسامة, Just give me a reason, منبع حياة, منيتي رضاك, قلب الاحزان, Lolav, لطفين, Lazy4x, أميرةالدموع, NoOoShy, nora74, Eman70 شكرا 🌹🌹🌹🌹🌺🌺🌺🌺🌺 | ||||
|
| |
|
06-10-20, 11:38 PM
| #385 | |||||
| اقتباس:
شكرا اجمل متابعة بحماسك 💖💖💖💖 بالنسبة للتفاصيل لا اعتقد ان علينا ان نكلف نفسنا عناء الكتابة لمجرد رص الكلمات 🙄🧐 من الممتع نقل تجاربنا و افكارنا الى الاخرين لنختصر عليهم بعض الطريق فالتاثير الايجابي معد 😉 على الاقل سنشعر اننا اكثر فائدة 😉💖💖 | |||||
|
| |
|
07-10-20, 01:01 AM
| #386 | ||||
| هههههه بآرت مضحك ودمه خفيف اقتراح علي بالانجاب لتغيير نفسية رنا نحو الأفضل ومن جنات وعدة أولاد هو اقتراح جدا مضحك وخاصة عندما قرصها من خدها وذهابها غاضبة وخجلة من هذا العلي المستبد ترى ماذا سيقرر باستدعائه لشاغلة قلبه هذا ما ساتابعه بالبارت القادم . | ||||
|
| |
|
07-10-20, 01:39 AM
| #387 | |||||
| اقتباس:
يعني انا قلت اريحكم قليلا من موجات نكدي المطعمة بتقلب المزاج هذه الأيام 😅😅 يعني و نعمل شوية خفة ظل ☺️ لأني خايفة يموتو الأبطال بأزمة قلبية من الضغط قبل ما نختم الرواية 😅😅 شكرا على المتابعة و التحليل 😘🌹🌹🌹🌹💖💖💖💖 | |||||
|
| |
|
07-10-20, 04:00 AM
| #388 | |||||||||||
| نجم روايتي  
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 31 ( الأعضاء 11 والزوار 20) موضى و راكان, سلوى ع, رياح النصر, ltoofsi, ام حاتم الطائي, آلاء الليل, ليلى هشام, الماسه مياسه, ملك علي, Alzeer78, nada alamal فصل خفيف و منعش للنفس من ناحية و مزعج من ناحية تنمر الصغار على بعضهم فى المدارس و تسببهم بمشاكل نفسية للبعض مشكورة على تناولك لهذه الظاهرة المستشرية ليست عند الصغار فقط ولكن بين الكبار فى البيوت و الجامعات و الشركات لو كل واحد يهتم بنفسه و لا يتدخل فى أمور الآخرين الا لو طلبوا منه المساعدة لصلح حال المجتمع | |||||||||||
|
| |
|
07-10-20, 01:53 PM
| #389 | |||||
| اقتباس:
صح التنمر من افضع التصرفات التي ممكن يتعرض لها الاطفال و قد تتسبب اضافة الى الاضطرابات النفسية في مشاكل عضوية 😔 شكرا على دعمكم الجميل 😘🌹🌹🌹🌹🌹💖💖💖💖💖💖💖💖😅 | |||||
|
| |
 |
| الكلمات الدلالية (Tags) |
| ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ، |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
678Likes
.png)
العرض العادي
