17-10-20, 11:15 PM | #472 | |||||
| اقتباس:
شكرا للتحليل الجميل 🌺🌺🌺🌺🌺 و اعتقد انكم صرتم تعرفون اسلوبي و كل ما استطيع ان اعدكم به أنني ساحافظ على نفس المستوى و النسق إن شاء الله و ستكون هناك الكثير من المفاجآت و الأحداث المثيرة 😉💖💖💖💖💖🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹 | |||||
17-10-20, 11:19 PM | #473 | |||||
| اقتباس:
وضع علي راح يصير مثير للشفقة صدقيني و تصرفاته ستصير اكثر جنونا و غرابة 😉 راح تخرجلو ملك قلبو و كلو سلف و دين 😅😅 شكرا للاهتمام فرحتوني بحضوركم 💖💖💖🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌹🌹 | |||||
17-10-20, 11:40 PM | #474 | |||||||||||
نجم روايتي
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 18 ( الأعضاء 6 والزوار 12) موضى و راكان, k_meri, ملك علي, رااما, نور الدنيا, شموسه3 أعجبنى الفصل جدا و خصوصا عندما أخذت صفية حقها من وردة و أبنتها حتى و لو بالمكايدة بالنسبة لرنا الوضع سيكون صعب عليها عندما تغادر ملك مفيش أخبار عن كريم و أسيل وحشونى ههههههه | |||||||||||
18-10-20, 12:04 AM | #475 | |||||
| اقتباس:
يعني انت في حزب كريم و أسيل 🙄🧐 اذا جهزي نفسك لأنهم راح يحتلو الصدارة في الفصول القادمة مع الكثير من القنابل 😅😉 شكرا لكم احبائي 💖💖💖💖💖💖 | |||||
18-10-20, 12:29 AM | #476 | |||||||||
| اقتباس:
🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷 | |||||||||
18-10-20, 12:51 AM | #477 | |||||
| اقتباس:
في الحقيقة بمجرد أن تبدأ احداث في جبهة لا يمكنني قطع الحماس و التشويق و الانتقال الى الجبهة المقابلة القراء راح يقتلوني 😅😅🔫🔫 لكن اكيد خلال الفصول القادمة راح يكون تفاعل للشخصيات الرئيسية بطريقة مشوقة 😉💖💖💖💖 | |||||
18-10-20, 02:36 AM | #479 | |||||
| اقتباس:
يسلمك و يهنيك ربي حبيبتي 💖💖 شكرا على المشاعر الجميلة و ان شاء الله القادم افضل و اكثر تشويقا بدعم القراء الرائعين امثالك 💖💖🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹 | |||||
18-10-20, 09:25 PM | #480 | ||||
| البارت الخامس و السبعون طفلك ؟ أثناء انغماس علي في أفكاره رن هاتفه و كان كريم " مساء الخير " " مساء الخير " " ماذا هناك ؟ " كريم لا يتصل في هذا الوقت الا لأمر هام جدا , و كما توقع انطلق صوته الأجش من الطرف الآخر " أردت أن أعلمك أن التخطيطات , الخاصة بالقرية السياحية جاهزة ، لكن السيد سالم اتصل و قال , بأن رجل الأعمال التركي ، أجل موعد قدومه إلى بعد العيد " قال بنبرته الآلية " ألم يذكر أسبابا ؟ " سأل علي و هو يفرك جبينه , و قد بدا عليه الامتعاض , لأن الرجل لم يكلف نفسه , عناء الاتصال شخصيا كرجل أعمال محترم , و تبرير تأجيله كل هذا الوقت , بل و يكتفي بارسال الرسائل مع الوسيط سالم , و كأنه لا يضع له اعتبارا . " لا سيدي , قال لأسباب خاصة لا يمكنه القدوم قبل العيد " أجابه كريم للتوضيح تنهد علي و قد بدأ بفقدان صبره بالفعل ، فالانشاءات قائمة بوتيرة سريعة ، و موعد تسليم المشروع اقترب ، و على هذه الشركة أن تسرع , في عملية التشطيبات و التجهيزات ، حتى يتسنى له احترام آجال التسليم ، لكن هذا الرجل بدأ يستفزه بعدم التزامه ، و تأجيل مواعيده مرة بعد أخرى . " حسنا سننتظر الى العيد , لكن إذا ماطل مرة أخرى ، سأعلم المسؤولين و نلغي الشراكة ، لا أريد التعامل مع شخص لا يحترم كلمته " بعد لحظات من الصمت أجاب كريم " لكن أنت تعلم كم هي معارفه متشعبة هناك ، و إلا ما كان حصل على هذا الامتياز لمشاركتنا المشروع , إذا احتجينا عليه قد نخسر فرصتنا , للقيام بمشاريع أخرى هناك , كانوا واضحين جدا حينما وقعنا العقد , أن من يطلب استبعاد الآخر ، هو من سيدفع ثمن الخسائر و الشرط الجزائي " دلك علي رأسه بيده محاولا تخفيف الصداع , و قد راوده شعور بأنه وقع في فخ و تم التلاعب به " أعلم ذلك كريم ، أصلا ما كان يجب أن أقبل استلام المشروع بشروط مماثلة ، أنا اعتقدت أنه أكثر احترافا من هذا ، لكن يبدو أن بهجت هذا يتعمد إثارة غضبي " لم يجادله كريم أكثر , هو فقط أراد مناقشة الوضع معه لتخفيف الضغط عليه , لطالما فعل ذلك في الأزمات التي مرت بها الأعمال , و علي يثق دائما في نظرته الى الأمور . صمت علي قليلا ثم أضاف " لا يهم سننتظر الموعد القادم ، لكن عليه أن يدعو الله ، ألا أمسك عليه زلة أخرى , ثم أنا لا يهمني فيما يفكرون فيه ، المهم ألا تتأثر سمعتي في السوق , أصلا لا أفهم لم اشترطوا دخوله معنا , فالبناء علينا نحن و نحتاج فقط الى التجهيزات ، لأننا نريد تغيير النمط المستخدم في قرانا السياحية ، لجذب المزيد من السياح ، دون التأثير على الطبيعة المحيطة ، لكنني لن أتحمل تماطله أكثر مما فعلت " رد علي باستياء واضح ، و أجاب كريم من الجهة الأخرى " فهمت , تصبح على خير " أغلق كريم الخط و على ذكر اسم سالم ، تذكر ابنته المتطفلة أسيل ، هو كان ينتظر أن تأتي لتزعجه مجددا لكنها خيبت ظنه , فهو لم يرها منذ ذلك اليوم في الورشة , و لم تقابله منذ يوم المطعم . " يبدو أنها ليست مشاغبة بالقدر الذي ظننته " تمتم كريم لنفسه و هو يقف وسط مطبخه , لكنه لم يشغل باله كثيرا , ألقى نظرة أخيرة على قطعة الكعك المحنطة في المجمد , و التي أصبحت مؤنسه في الآونة الأخيرة , أطفأ الأضواء بعدها و ذهب للنوم . في اليوم الموالي , انشغل علي و كريم طوال النهار بالعمل و الاجتماعات ، و لم يتسنى لهما حتى تناول الطعام . في الثالثة عصرا ، غادر كريم المكتب باتجاه البنك ، لتسليم بعض الأوراق المهمة , بخصوص تمويل تهيئة مول تجاري على أطراف المدينة , بمجرد أن أصبح في المرآب و دنا من سيارته ، حتى لمح وجها مألوفا يجلس القرفصاء إلى جانبها , " أذكر الشيطان " همس في سره بتسلي , فالبارحة فقط هو كان يفكر فيها , و الآن هي أمامه مثل عفريت العلبة . كانت أسيل تتكئ إلى جانب الحائط ، ترتدي سروالا زهريا متوسط الطول ، مع حذاء دون كعب و قميص أبيض اللون ، و تعلق حقيبتها الزهرية الصغيرة كساعي البريد , كانت تجلس بملل تداعب خصلات شعرها الحريري ، الذي تسدله على كتفيها و هي تحدق في هاتفها . تأملها كريم لدقائق بتفحص , قبل أن يقطع عليها انشغالها بصوته الخشن " ماذا تفعلين هنا ؟ " قفزت أسيل من مكانها واقفة ، اتسعت عيناها و قد أفزعها صوته في البداية ، لكنها سرعان ما انفرجت أساريرها ، بعدما رأت صاحب الصوت ، تماما كمن ينتظر خبرا سعيدا . وضعت أسيل الهاتف في حقيبتها ، و اتجهت ناحيته بعينين مبتسمتين و غمازتين مثيرتين , فيما بدت متحمسة جدا بلقائه . كريم الآن مستغرب فعلا من هذه العلقة " هل هي توزع هاته الابتسامات بمقابل أو ماذا ؟ " " مرحبا كيف حالك ؟ " كانت أسيل من بادر بالتحية قاطعة عليه تأمله , سألته بمرحها الذي اكتشفه في لقائهما السابق . حسنا هو أدرك الآن فقط , أن هذا ثالث لقاء بينهما ، دون حساب يوم الورشة , الذي راقبها فيه من بعيد دون دراية منها , و هو لا يعرف سبب استمرارها بالمجئ إلى هنا ، و كأن بينهما معرفة قديمة , يا الهي هي حتى لا تعرف من يكون . لم يرد كريم بكلمة واحدة عليها ، و وقف يراقب الفتاة التي بدأت بتدليك رجليها ، و تحريكهما بطريقة هزلية في كل الاتجاهات ، لكن دون أن تتوقف عن الابتسام له ، حتى بعد أن تجاهلها و لم يرد على سؤالها , و هو يقف و يرمقها بنظرات مستغربة . برؤية ملامحه المتسائلة عن سبب الزيارة الكريمة , بادرت أسيل للشرح بصوتها الرقيق ، دون أن تتخلى عن ابتسامتها العذبة " آسفة سيد كريم , أشعر بتنميل في ساقي " استمر كريم في تجاهلها و كأنها غير موجودة ، و اتجه الى سيارته ليفتح الباب ، لكن قبل أن تصل يده إليه , تكلمت أسيل مجددا بتردد " أنا كنت أجلس هنا أنتظرك " قالت مجيبة عن سؤاله الأول بحرج , و قد خفتت نبرتها في آخر كلمة , و عضت على شفتها السفلى , و هي تحدق ناحيته بعيون متأملة . تفاجأ كريم لسماع الأمر و رفع حاجبه ، فكيف أنها لا تعرفه و لكنها تنتظره ، ثم تذكر أنها تعتقد أنه مجرد سائق , و لا تعرف أين يعمل و لا كيف تتصل به ، لذلك فهي تبحث عن سيارته , في الموقف الخاص بالشركة ، و تبقى أمامها حتى تلتقي به , كطريقة ترصد جديدة ابتكرتها هذه العلقة , حسنا هذا مفهوم بالنسبة له , و لكن ما لا يفهمه هو " لماذا ؟ " فلا شيء في ملامحه أو تصرفاته معها ، يوحي لها بأنه مرحب بها هنا ، بالعكس هو يعاملها ببرود لا مثيل له , من المفروض أن تكون خائفة جدا الآن , من عدم مراعاته لخاطرها , و خشونته في التعامل معها ، و أن تبتعد هاربة كلما رأت وجهه . لكنه لا يفهم لم تستمر باقتفاء أثره مثل قط ضائع ؟ استدار كريم ناحيتها , و الاستغراب يعلو وجهه المتجمد ، و لم يبد عليه أنه يفهم شيئا مما يحصل هنا . برؤية ملامحه المتجهمة و المنزعجة , و التي على وشك التحول الى غضب , ردة الفعل الوحيدة التي تخافها أسيل ممن تتعامل معهم , و التي لا تنتهي عادة الا بتعنيفها , بهتت الابتسامة من على وجهها , و احمرت وجنتاها بسبب الشعور بالاحراج , و قالت بصوت هامس و ملامح متوسلة " أنا أنتظرك هنا منذ الساعة الحادية عشر " داعية في سرها ألا يرفع يده عليها , لأن صفعة من هذا الهرقل قد تزهق روحها . زادت دهشة كريم حدة , و رفع يده للتحديق في ساعته , و التي أشارت الى تجاوز الوقت الثالثة بقليل . " هل هذا يعني أنها تجلس هنا تنتظره , منذ أكثر من أربع ساعات دون يأس ؟ هل هذه الفتاة مجنونة أو أنها مترصدة ؟ لا عجب أنها كانت تعاني من تشنجات في رجليها قبل قليل " لكن ما لا يفهمه كريم دائما هو لماذا ؟ ما سبب انتظارها له باصرار لهذا الوقت الطويل ؟ لم يرد كريم أن يضيع وقتا أكثر لأنه مستعجل , و سأل مباشرة كعادته بلهجة مخيفة و هو يعبس " ماذا تريدين ؟ " و أراد أن يضيف اجابته الجاهزة مسبقا ألا و هي " لا " بما أنه يعرف أن هاته العلقة , لا تجلب معها الا المشاكل و الشغب , و هو متأكد أنها أتت , لتطلب أمرا مزعجا مثلها , لكنه شعر فجأة بالفضول , و يريد أن يسمع ما لديها على كل حال قبل أن يصدها . بسماع سؤاله ابتسمت أسيل مجددا , و قد تجدد أملها و قالت بصوتها المرح " أريدك أن ترافقني الى مكان ما " تجهم وجه كريم أكثر من التعبير , و قد شعر كأنه حقيبة يد , ستأخذها للتباهي بها في مكان ما , أو ربما هي تعتقد أنه يقدم خدمة مرافقة مجانية . برؤية نظرته الحادة ناحيتها , أدركت أسيل أنها أخطأت التعبير و تداركت سريعا " أقصد أريدك أن تقلني الى مكان ما " نظر اليها كريم بنظرة مستهجنة مجددا و نهرها , لا يريد ان يفقد أعصابه أمامها " اسمعي أيتها الطفلة , أنا لست سائقك الخاص , ثم أنا غير متفرغ لدي أعمالي الخاصة " ثم قصد باب سيارته و فتحه , منهيا الجدال قبل أن تبدأ بالثرثرة . لم تحتج أسيل على وصفها بالطفلة كما حصل سابقا , بل استاءت لرفضه طلبها الهام , و بادرت بصوت مستعطف " آسفة سيد كريم لم أقصد هذا , أريدك فقط أن تقلني الى مكان ما , و أنا سأعطيك كل ما تطلبه كأجرة , فقط رافقني لا أستطيع الذهاب هناك لوحدي , أرجوك " نظر كريم الى هيئته و هو فعلا محتار " أي شيء في مظهره يوحي بأنه فقير و مسكين يحتاج مالا " لكن لم يكن هذا ما شغل باله , بل ما قالته لاحقا هو ما حرك فضوله " أي مكان هذا الذي لا تستطيع الذهاب اليه لوحدها و تريد مرافقة ؟ " فكر عقل كريم فورا في أماكن مشبوهة , كملهى ليلي أو حفلات ماجنة في شقق خاصة , أو ربما أحد الأحياء المعدمة حيث يبيعون المخذرات . بتفكيره المتوجس زادت نظرة الاستهجان على ملامحه , حدق ناحيتها بحركة واحدة و سألها بصوت مهدد " أين تريدين الذهاب و لا تستطيعين وحدك ؟ " هو شبه متأكد أن هذه الفتاة متهورة , و هي أكيد تنوي على أمر مريب و تريد توريطه معها . صمتت أسيل قليلا تراقب وجهه , و كأنها تحاور نفسها في اخباره من عدمه , خاصة أنه لم يعدها أن يرافقها بعد , لكنها أجابته أخيرا بصوت هادئ متردد " المباني السكنية قيد الانشاء خارج المدينة " قالت و هي تشير بأصبعها بحذر الى الخارج عبس كريم بشدة فهذا أسوء مما توقع , المكان قيد التعمير لا وجود لسكان هناك , فقط عمال انشاء و مهندسين , معظمهم من جنسيات أجنبية , و كلهم تقريبا من الرجال . " لم تريد هاته العلقة الذهاب الى هناك ؟ " فكر كريم قليلا و هو يحدق اليها بتوجس , ثم خطا خطوتين متأنيتن ناحيتها و بادرها " لكن المكان هناك شبه مهجور , لا وجود الا للعمال فيه , ثم سيستغرق الأمر أكثر من ساعة للوصول اليه " لخص كريم الوضع كما يراه عقله الأمني . هزت أسيل رأسها بالموافقة فورا " لهذا بالضبط أريدك أن ترافقني " رغم مجادلتها بخصوص المكان , الا أن كريم أجاب سريعا , قاطعا عليها الطريق للاستمرار في اقتراح الأمر " آسف لا أستطيع , أطلبي من أحد سائقي والدك أن يقلك , أو خذي احدى السيارات منه , أنا لست متفرغا للعبك " لكن أسيل كانت ترفض الانصياع , مصرة على الاستمرار في استعطافه , و قد طبع على ملامحها وجه حزين , دون أن تنتبه الى أمر معرفته بوالدها " أرجوك سيد كريم لا أستطيع , لا يجب أن يعرف والدي عن ذهابي الى هناك , ان طلبت من أحد سائقيه أن يقلني سيخبره بالتأكيد , و لا أستطيع المجازفة و أخذ سيارة وحدي , أنا لدي شهادة لكنني لا أجيد القيادة , آخر مرة أدخلتها في حائط الجيران , و أقسم والدي ألا يسمح لي بلمس المقود مجددا , حتى أنه باع السيارة التي تلقيتها هدية في عيد ميلادي , اضافة الى أنني لا أستطيع أخذ سيارة أجرة , أخاف الذهاب الى ذلك المكان المقفر وحدي مع غرباء " قالت بكل جدية و هي مشغولة , في تعداد الأسباب الهامة على أصابعها الرقيقة . "...." حسنا كريم الآن ليس مصدوما , لأنها قالت كل ذلك في نفس واحد , و لكنه مندهش من صبره في الاستماع لها , و هي على وشك أن تحكي له قصة حياتها بأكملها , و هما يقفان هنا وسط مرأب . " ثم ما قصة غرباء هاته ؟ " على حد علمه هو ليس ابن عمها , الذي تربى معها منذ الصغر , فهو أيضا غريب و بالكاد يعرفها , فقط لأنها تلاحقه في كل مكان مفسدة عليه حياته . حدق كريم اليها قليلا و رفع حاجبه باستنكار , فبقدر ما هاته الفتاة ثرثارة , بقدر ما كلماته هو نادرة , خلطة غريبة جدا تكاد تفقده صبره . أخذ الرجل المستفز لدرجة الحنق أنفاسا عميقة , وضع يديه على خصره بتأهب , و انطلق صوته الجليدي " من ستلتقين هناك ؟ " اختصر كريم الجدال و سأل , بعدما تآكله الفضول عمن ستقابله هناك , و لا تريد أن يعرف والدها بأمره " أكيد هو حبيبها أو صديقها الحميم , هل قررت مثلا أن تفر معه , أو أنهما يخططان فقط للقاء حميمي بعيدا عن الأعين ؟ " تساءل في سره و لزم مكانه منتظرا اجابة مفيدة , و كأنه بصدد استجواب متهم يقف أمامه . فكرت أسيل قليلا بعد و أجابته , متجاهلة دائما نبرته المتهمة " لا أستطيع اخبارك آسفة , لكنني أقسم أن الأمر مستعجل و هام , هي قضية حياة أو موت , و الا ما كنت طلبت مساعدتك , أرجوك , أرجوك , أرجوك " كررتها ثلاث مرات , و كأن ذلك سيغير شيئا في الموضوع , فقد هز كريم رأسه مجددا بالرفض القاطع " آسف قلت أنني لا أستطيع مساعدتك , لدي عمل هام و لن أذهب الى أي مكان , أنت لا تقولين شيئا يقنعني بالمرافقة , ثم لو ذهبنا الآن سنعود بعد حلول الظلام " رغم تردده الا أن كريم لم يود الذهاب , و كأنه شاة تجر الى مكان مبهم , اذا أرادت منه هذه العلقة الخدمة , فيجب أن تكون صريحة معه , و تخبره كل التفاصيل التي يريدها , على الأقل يكون على بينة فيما سيتورط ان ساء الوضع . بسماع اجابته الحاسمة , صمتت أسيل و قد شعرت بخيبة أمل , ظهرت بسرعة على ملامحها , و كأن وجهها مرآة تعكس كل ما يدور بداخلها " حسنا لا بأس , شكرا لك على أي حال , سأتدبر أمري بنفسي " انحنى فمها الى الأسفل بحزن , ثم طأطأت رأسها و همت بالمغادرة , و قد بدت على وشك البكاء . " تبا " تنهد كريم بعمق و راقبها تغادر مخيبة , و قد راوده شعور سيء فجأة , فهو رغم معرفته القليلة بهذه الفتاة , الا أنه يدرك أنها متهورة و لا تخشى شيئا , اذا قررت الذهاب الى هناك , فستذهب مهما كلفها الأمر , حينها سيكون في مأزق اذا حدث لها شيء , لأنه سيكون آخر من رآها . كما أن باله كان مشغولا فعلا , من أن تتعرض للأذى و قلبه لا يطاوعه , خاصة أنه لا يعرف أية مصيبة تفكر في اقترافها . تردد كريم قليلا و هو يراقبها , تبتعد بخطوات متثاقلة ثم خاطبها " أنت انتظري " توقفت أسيل و استدارت ناحيته , منتظرة ما الذي يريد قوله , دون أن تغادر الملامح المبتئسة وجهها فكر كريم مليا و أضاف , و هو يعرف أنه سيندم لاحقا " سأقلك لكن عليك أن تنتظري , حتى أوصل هذه الأوراق أولا " انفرجت أساريرها فجأة للمرة الثانية اليوم , و ارتسمت ضحكة على فمها , أشرق معها وجهها الذي كان مكتئبا , و ظهرت غمازتيها الجميلتين مجددا , ركضت بعدها أسيل بخطوات سريعة ناحية كريم , الذي فاجأه الأمر و قد بدت , و كأنها على وشك احتضانه , تراجع خطوة الى الخلف الى أن ارتطم بسيارته , و قد سحب يده أمام صدره استعدادا لردعها , تيبس مكانه محدقا في وجهها بترقب , و منتظرا ما الذي تفكر في فعله , فلا شيء يربكه بقدر التواصل الجسدي مع الآخرين . أما أسيل فقد توقفت أمامه مباشرة , ضمت يديها أمام وجهها بامتنان شديد , و حدثته بنبرة حالمة , و عيون تطلق قلوبا " شكرا لك سيد كريم , أنت الأفضل على الاطلاق " كان يبدو و كأنها على وشك تقبيله , و هي تقف على أطراف أصابعها , على بعد انشات من وجهه تحاول شكره . احمرت وجنتا كريم فجأة , لسماع الاطراء غير المتوقع , و قد شعر بالخجل و الارتباك بسبب تصرفها , كما أن قلبه تسارعت دقاته بطريقة غريبة . لم تنتبه أسيل الى ردة فعله اللطيفة , التي حاول اخفاءها بنهرها للابتعاد عن وجهه " الام تحدقين ؟ هيا أسرعي و اركبي أو سأغير رأيي " زجرها و هو لا يصدق أن هذه العلقة , تحطم كل الحواجز التي يضعها , عادة حوله من أجل الجميع و تتعامل معه دون بروتوكولات , لم يسبق أن سمح لأحد أن يدنو منه أكثر من متر , لو كان شخصا آخر لكان فاقدا لوعيه بالفعل , فحساسيته الأمنية كارثية , لكنه لا يعرف كيف تثبط هذه العلقة جهاز انذاره , الذي روضه لسنوات , و لا يستفيق الا و هي تدخل حيزه الخاص , دون أية ممنوعات أو انذارات , تقول و تفعل ما تريده , و المشكلة أنه لا يحتج و يدعها تفعل ما يحلو لها . هزت أسيل رأسها بالموافقة سريعا , و استدارت لركوب السيارة كما طلب منها . لمس كريم وجهه و قد شعر أن حرارته قد ارتفعت " هل أنا على وشك أن أمرض أو أنني مرضت فعلا ؟ " تساءل بتوتر ثم أخذ نفسا عميقا , و دخل سيارته آخذا مكانه خلف المقود . بركوب سيارته توقع كريم أن يجد أسيل , جالسة في الكرسي الذي بجانبه , لكنها فاجأته بأن فتحت الباب , انحنت على الكرسي و قامت بسحبه الى الخلف , ثم دخلت الى المكان المقابل للدواسات , عند موضع الأرجل و تكورت كقطة هناك . صحيح أن سيارة كريم واسعة , بما أنها سيارة دفع رباعي , الا أن المكان ضيق لاستيعاب انسان , و بالكاد كان يسعها لولا حجمها الصغير , أغلقت أسيل بعدها الباب بكل هدوء , ثم رفعت نظرها لتلتقي عينيها , بعيني كريم المصدومة من حركتها . " ماذا تفعلين عندك ؟ " كان أول ما سأل كريم باندهاش , فيما يبدو أن لا شيء تفعله هاته الطفلة منطقي , و كأنها تتعمد ذلك لتشويش تركيزه و ارباكه . لكن أسيل ابتسمت بهدوء و ردت عليه " لا شيء لا تشغل بالك , قد أنت السيارة و حسب , و أنا سأبقى هنا الى أن نغادر وسط المدينة " لكن كريم لم يحرك ساكنا , و نهرها بلهجة أكثر حدة " لم تختبئين هناك ؟ أخرجي من عندك " لوحت له أسيل بيدها محاولة طمأنته " لا بأس أنا بخير , لا تشغل بالك سيد كريم لنغادر فقط " و لكن كريم أصر على عدم الانطلاق , منتظرا منها التوقف عن شغبها غير المبرر " قلت اخرجي من هناك ألا تسمعين ؟ أو سأغير رأيي " هددها بجدية بالغة عبست أسيل لما قاله , و علت حمرة خدودها بسبب الاحراج , و ترددت قليلا قبل أن ترد عليه " حسنا لا أستطيع , اذا رآني أخي أركب معك السيارة سيقوم بضربك بشدة , و أنا لا أريد أن تتأذى بسببي , يكفي أنك تساعدني , أرجوك دعني هنا أنا مرتاحة " صمت كريم قليلا و قد فاجأته كلماتها , و تحولت نظرته من استغراب الى غضب , لكن دون أن تلاحظ أسيل هذا التغير " و أنت ألن يعاقبك ؟ " سأل بصوت مستهجن خافت , و سرعان ما ردت أسيل بعفوية دون أدنى تفكير " بلى لكن أنا متعودة على ذلك " قالتها مع بعض المرارة , التي لم تنجح ابتسامتها الدائمة في اخفائها , و قد مر طيف ألم على بركتي الشوكولا خاصتها . عقد كريم حاجبيه و قد ازداد استياؤه " هاي أنت , هل تتعرضين للتعنيف باستمرار أو ماذا ؟ " واضح مما قالته أنها متعودة , على التعرض للضرب و الاساءة , من عائلتها خاصة شقيقها هذا , لكن ما يفاجؤه أنها تحاول حمايته , و هي لا تستطيع حتى حماية نفسها . بسماع سؤاله أدركت أسيل زلة لسانها , و سرعان ما اختفت ابتسامتها و تجمدت ملامحها , ابتلعت أسيل ريقها , و تفادت النظر في عيني كريم , اللتين تخترقانها لاستبيان الحقيقة و أجابت " لا تبالي بما أقوله , هيا علينا أن نذهب , تأخر الوقت أرجوك " كانت اجابتها المتهربة ردا بالايجاب على سؤاله , هو يعرف كم هي صريحة و مباشرة , و لو أنه أساء الفهم , لكانت صححت له مباشرة و أنبته , لكنها بتفاديها النظر في عينيه أكدت شكوكه . شعر كريم بغضب يجتاحه , و ضغط بيديه على المقود بشدة بغية التنفيس عنه , صحيح أنه رجل ضخم قوي البنية , بامكانه القتال مع خمسة رجال و هزمهم دفعة واحدة , لكنه لم يظلم امرأة في حياته , و لم يتنمر يوما على من هم أضعف منه , حتى أن الأمر يثير سخطه و يوتر أعصابه . نظر كريم الى وجه أسيل مجددا , و فكر لوهلة أن يخرجها من هناك بالقوة , و ليجرؤ شقيقها على فعل شيء معه , لكنه تراجع لأنها بدت خائفة فعلا , و لأنه يعرف جيدا أن أخاها سيجبن عن مواجهته , لأنه بامكانه صرعه بضربة واحدة , لكن في المقابل من سيتلقى العقاب , هو هذه الفتاة الساذجة , و هو لن يكون قادرا على حمايتها لذلك لن يورطها . " تبا " قال كريم بصوت هامس , و قد أدرك أنها قد تكون في ورطة فعلا , و هو وافق على مساعدتها دون ادراك الوضع . " ما الذي دهاك ؟ لم يجبرك أحد على الانصياع " نهر كريم نفسه ثم مد يده لفك حزام أمانه , نزع بعدها سترته و ألقاها على رأسها " ضعي هذا عليك , سيبدو غريبا اذا رآك أحدهم تجلسين هناك , و كل هاته الكراسي فارغة " " شكرا لك " ابتسمت أسيل مجددا لتعاونه , عدلت السترة فوق جسمها المتكور , و لم يبق منها الا وجهها . انطلق بعدها كريم بالسيارة , و الفضول يتآكله عما تتورط به هذه العلقة , و على وشك توريطه هو الآخر . مر كريم في طريقه أولا على البنك , و سلم الأوراق المهمة على عجالة قبل موعد الاغلاق , ثم عاد ليرافق أسيل الى خارج المدينة , أثناء انشغاله بالقيادة , اشتمت أسيل السترة التي تلتف بها و سألته " عطرك زكي جدا , من أية ماركة تشتريه ؟ " "...." صدم كريم لتصرفها و تعليقها " يا الهي , ألا تدرك هاته الغبية أية حركة جريئة هذه ؟ " سأل نفسه و لكنه لم يجبها , و اكتفى بنظرة زاجرة من عينيه ناحيتها . لكنها لم تبال و قد تعودت على ردات فعله المتجاهلة اتجاهها , و التي لم تزعجها يوما , و لا تمنعها أبدا من الاسترسال في فضولها اتجاهه . عادت بعدها و تدثرت بالسترة , لكنها لمست هاتفه داخل جيبها , فمدت يدها و أخرجته . أثناء ذلك كان كريم قد عاد للقيادة بكل تركيز , غير مدرك لاستيلاء هذه المتطفلة على هاتفه الخاص , و فيما هو شارد مع ملامح جدية , استغلت هي الأمر و التقطت له صورة , مما أربكه و فاجأه و كاد يحيد عن الطريق . " أنت ماذا تفعلين ؟ " اكتفى بالسؤال بحدة قبل أن يدخل في حادثة سير , و أجابت أسيل و هي تحدق الى الهاتف بتمعن " آخذ صورة لك , أتعلم أنت لا تبتسم أبدا , سيبدأ وجهك في الانكماش قريبا , تبدو كئيبا حينما تعبس , أنظر ألا تبدو الصورة بشعة ؟ " "...." صدم كريم لتعليقها غير المراع , فهو في الحقيقة رجل شرقي , حنطي البشرة بملامح دقيقة , و عينين سوداوين تغطيهما رموش كثيفة , حتى شفاهه تبدو و كأنها مرسومة بلون داكن , جسمه الرياضي و قامته الهائلة , يصنفانه ضمن الرجال الوسماء , و لطالما تلقى الاطراء على مظهره , لكنه هو من لا يبالي , و الآن تأتي هذه العلقة لتقول أنه بشع يا للهول . " أعطني هاتفي " نهرها كريم بشدة لاخافتها , مد يده اليمنى ناحيتها , و ثبت المقود باليسرى مستمرا بالقيادة . لكن أسيل لم تبال بغضبه , و بدل تسليمه هاتفه كما طلب , قلبت الكاميرا ناحيتها و قالت له " أنظر " ثم أخذت صورة لنفسها و هي تبتسم , و تشير بأصابعها اشارة النصر , بعدها وجهت الشاشة ناحيته , و أرته الصورة التي التقطتها , ثم رفعت حواجبها بتحد " أترى الفرق بين الصورتين ؟ أراهنك أنني سأعيش أطول منك " "...." صعق كريم مجددا , هذه الفتاة لا تعرف الممنوع من المسموح , تتصرف كقطار يدهس في اتجاه واحد دون تراجع , و الشيء الوحيد الذي هو متأكد منه , أنه فعلا لن يعيش طويلا , لأنه اذا استمر بالالتقاء بهذه المتطفلة , فسيموت بجلطة دماغية قريبا جدا . ضغط كريم على المكابح بشدة , و أوقف السيارة جانبا , ثم انحنى عليها و اختطف الهاتف من يدها , و ألقاه بنرفزة على لوحة القيادة أمامه , مستغلا انشغالها بفرك جبهتها , التي ارتطمت بالكرسي أمامها بعد التوقف المفاجئ . " أنت , ألا تعلمين أن التفتيش في أغراض الآخرين , دون اذن قلة أدب ؟ " عبست أسيل بسبب الألم و تأنيبه لها " لم أكن أفتش , أنا فقط أخذت صورة , و أنت موجود هنا كيف يكون ذلك دون اذن ؟ ثم ألا يجب أن تنبهني قبل أن تفرمل ؟ ماذا كان سيحصل لو أصبت بارتجاج في المخ ؟ " " تستحقين " قال بين أسنانه شامتا بها . " حسنا ليس بامكانك التهرب مني , اذا شعرت بأية أعراض ستتحمل المسؤولية كاملة , و تضمنني لزوجي المستقبلي , فمن سيتزوج شابة بنصف دماغ ؟ " " تقصدين دون دماغ , لأنك ستفقدين الربع الذي تمتلكينه الآن " جادلها كريم بغيظ , و هو يدعو الله ألا يحصل معها مكروه , لأنه لا يعرف كيف سيتخلص منها حينذاك . " أنت عديم الذوق " احتجت أسيل على وصفه لها , و أشاحت بوجهها الى الطرف الآخر , لكنها ابتسمت مباشرة لأنها متأكدة الآن , أنه سيتوقف عن ازعاجها . أخذ كريم نفسا عميقا محاولة تهدئة نفسه , و هو يلعن اللحظة التي وافق فيها على مرافقتها , و كأنها ألقت عليه سحرا لتقنعه , ثم عاد لتحذيرها بنبرة جدية جدا متجاهلا تعليقها " اسمعي اما أن تبقي هادئة و تتوقفي عن ازعاجي , أو سأغير رأيي و سأنزلك هنا , و لن أبالي بما ستفعلينه " جفلت أسيل لتهديده و اتسعت عيناها , وضعت يديها على فمها حتى لا تتكلم مجددا , و هزت رأسها لتؤكد له أنها لن تزعجه أبدا , بدا منظرها مضحكا جدا , و منح كريم شعورا بأنه أب , يحاول تأديب ابنته المشاغبة , كان على وشك الضحك و لكنه تراجع , لأنه لو فعل فستبدأ مناوشاتها مجددا , و هو لم يعد يتحمل . بعد انصياعها قاد كريم السيارة مجددا , و بمجرد أن أصبحا خارج المدينة , جعل أسيل تخرج من مخبئها و تجلس مكانها , بقيت هادئة و لم تكن تتكلم كما وعدته , و لكن يديها لم تتوقف عن تلمس السيارة , و البحث في كل الزوايا و كأنها تستكشفها , كانت عيناها تعكسان انبهارها , بكل الأمور حتى البسيطة منها , كطفلة صغيرة كلما كف يدها عن مكان , بحثت عن آخر لتعبث به . فجأة وصلت يدها الى المسجل , و شغلت الموسيقى بصوت عال , ثم صرخت في أذن كريم الذي أجفله صوتها " يا الهي لا تخبرني أنك تحب فيروز , أنا أيضا أحبها كثيرا , أخيرا لدينا شيء مشترك بيننا أيها الرجل التمثال " قالت بعينين حالمتين , و بدأت تردد أغنية " حبيتك تنسيت النوم " معه بصوت عال تفاجأ كريم مرة أخرى , و قد تشوش ذهنه مجددا , عما ان كانت هاته الفتاة تدرك ما تفعله , أو أنها تقوم بهاته الأمور من منطلق سذاجة ؟ ستكون مصيبة أن تعاملت بهذا العبث مع كل من تراه , لكن ما هو متأكد منه , أنها تعاني من فرط حركة مرضي , يحتاج علاجا و أهلها يهملون الأمر , و عليه هو أن يدفع الثمن الآن من أعصابه . شعر كريم بالحرج مجددا , و أسيل تردد على مسامعه كلمات الأغنية , التي يحبها و تهديها له بالحركات , لم يتعود أن يغني أحد له أو أمامه , و لكن هذه العلقة دائما الاستثناء , فما كان منه الا أن مد يده و أطفأ المسجل , تحت أنظار أسيل المستاءة , و قبل أن تقول كلمة تذمر واحدة , رفع أصبعه أمام فمه لاخراسها و نهرها ثانية " قلت لا تلمسي شيئا , و الا أقسم بالله سأنزلك هنا " انزعجت أسيل مما فعله كريم , لكنها لم تقل شيئا , و اكتفت بادارة وجهها ناحية النافذة , و بدأت في تأمل الخارج في هدوء تام , حتى لا ينفذ هذا الضخم ما هدد به . ظهرت شبه ابتسامة على طرف فمه , و قد شعر بالرضا لأنها انصاعت أخيرا , فقد كادت تصيبه بالجنون , لهذا السبب بالذات هو لا يريد الزواج و الانجاب , لأنه سيضطر للتعامل مع تلك المخلوقات الصغيرة , التي لا تتوقف عن الحركة و الكلام , و الآن هو لا يعتقد أنه سيغير رأيه قريبا . . . . " أرني " اعتدلت مريم مكانها , و مدت يدها لتعدل نظاراتها الجديدة , لمراقبة كراسة رنا و تصحيح واجبها المدرسي كانت تقرأ بترو قبل أن تثني عليها " صرت تجيدين الرياضيات أفضل من السابق " هزت الطفلة رأسها بفخر , ثم أشارت لها أن ملك تشرح لها , بطريقة أبسط مما تفعله المعلمات , و هي لا تجد صعوبة كبيرة الآن . برؤية اشارة ابنتها التي تخصصها لاسم ملك , و هو وجه امرأة جميلة مع قبلة في الأخير , توترت مريم مجددا , و عادت للتحديق في الكراسة أمامها , لكنها شردت سريعا فيما حصل منذ ذلك اليوم الذي وضح فيه علي الأمور , هي لم تر ملك ثانية و لم تسمع صوتها , و عليها الاعتراف أن ظنها خاب , لأنها اعتقدت أن علي كذب عليها , بخصوص أن اخفاء الأمر عنها هو طلب من ملك , و أنه قال ذلك فقط لزيادة رصيدها لديها , بتصويرها امرأة مراعية و لطيفة , و لكن في الحقيقة كان هو من يمنعها , من اعلان زواجهما و الصعود الى هنا , لكنها اكتشفت أنه كان صادقا , لأنه من المفروض أنها بعد أن اكتشفت الأمر , فسيصبح اللعب مكشوفا , و ستبدأ ملك بالحضور الى هنا , على راحتها لاستفزازها و ازعاجها , و لكن لم يحدث ما توقعته , يعني ملك فعلا لا تريد احزانها . في البداية استمرت مريم في الغضب و الخصام مع علي , الذي لم يكن يفوت يوما , الا و يأتي ليسلم عليها و يجلس معها , كما تعود حتى و هي لا ترد عليه , و في الأخير استسلمت لطيبة قلبها و قبلت صلحه , لكنها لم تأت على ذكر الموضوع مجددا , لا تريد لسيرة ملك أن تخلق هوة مع زوجها . حاولت أيضا التمرد على البرنامج , و الترتيب الذي وضعته ملك , حتى لا تمنحها فرصة الاستمتاع , بالتمنن عليها أمام علي , فألغت التمارين و عادت للتذمر من الطعام و الدواء , حتى أنها عاودت أخذ حبوب النوم , و الاستلقاء لساعات طويلة , لكن كان هناك أمر وحيد , لم تستطع مريم التخلص منه , و هو الارتباط بابنتها التي صارت تلازمها و تؤنس وحدتها هي حتى لم تستطع اعادة حصص التصفية , الى الفترة الصباحية نكاية في ملك , لأنها اكتشفت بكل بساطة , أنها ملتزمة بتناول لمجة بعد العصر مع رنا , و التي تتكون من قطع فريز و فواكه , مغموسة بالشوكولا الذائبة وجبتها المفضلة . لذلك كانت الطفلة هي الاستثناء , من الرجوع الى الروتين القديم , فلم تستطع مريم التخلص من مراجعة دروسها معها , أو تحميمها أو التفرج على الأفلام و الأغاني سويا , لم يطاوعها قلبها أن تهملها مجددا , و هي التي أعادت الحياة الى روحها , و جعلتها ترى الدنيا بنظرة متفائلة مجددا . لكن لم يكن هذا السبب الوحيد , فقد فكرت مريم أن ملك اذا رحلت قريبا كما يقول علي , فرنا ستصاب باكتئاب بسبب تعلقها بها , و لذلك قررت أن تكون سند ابنتها في هذه الأزمة , و لا تتخلى عنها كما حصل في أزمتها الأولى . و رغم كل الحنق الذي عانت منه مريم خلال الأيام السابقة , الا أن عقلها كان يعود للتفكير , في تلك الظروف الخاصة التي تحدث عنها علي , و التي مهما فكرت في ماهيتها , لا تصل الى أية نتيجة مقنعة , هي تعرف أنه ليس رجلا يفرض عليه أحدهم شيئا , و حتى لو أجبر على هذه الزواج , فلا شيء يرغمه على الاستمرار فيه , كان طلقها في أول فرصة , زوجها مجنون و عنيد و تعرفه . لكن احساسها يقول بأن الموضوع أكبر مما تعتقد , و ما أكد ذلك هو ما رأته في عيني علي , من شعور بالذنب يوم حدثها عن ملك , كما أن نبرة الندم في صوته لم تكن مجرد وهم , صحيح أن غضبها يومها شوش تفكيرها , لكن الآن بعد أن استعادت هدوءها , هي متأكدة أن أمرا مفجعا , يتوسط كل هذا الغموض في التصريح بالأسباب , و لأنها لا تحب رؤية علي يعاني بسببها , فقد قررت التغاضي عن تواجد ملك في بيتها , و التوقف عن الضغط عليه لاخراجها من هنا , ستكون عاقلة و تكسبه الى صفها , الى أن تظهر تطورات أخرى , تنفي أو تؤكد ما قاله لها يومها . انتبهت مريم من شرودها على دخول الخادمة , تحمل صينية اللمجة ككل يوم , فتنحت قليلا حتى تسمح لرنا بالجلوس الى جانبها , و بدأت تستمتع بلحظاتهما الخاصة مع طفلتها , بعيدا عن الوسوسات التي صارت تنخر قلبها دون رحمة . . . . بعد نوبة الشغب التي أحدثتها أسيل , و التي أحبطها كريم بتهديداته المتكررة , ساد الهدوء في السيارة طوال الطريق , الى أن وصلا الى وجهتهما , بمجرد أن تخطوا مدخل موقع البناء , حتى شغل الرجل قرون استشعاره , لا يبدو بأن أسيل تعرف المكان , لم يسبق أن أتت الى هنا الأمر واضح , لأنها كانت تقرأ كل لافتة تقابلهم , و تجول بنظرها في كل مكان , و كأنها تبحث عن أمر ما أو شخص ما , لكنه لم يعرف بعد ما الذي تريده هنا . بمجرد أن ركن كريم السيارة , حتى فتحت أسيل الباب بسرعة و نزلت ثم بادرته بجدية " ابق هنا سأعود بعد نصف ساعة , لن أتأخر " و أغلقت الباب مباشرة في وجهه , دون أن تعطيه أي تفسير , أو تسمح له بمناقشة الأمر معها . "...." عبس كريم بشدة , فهو لم يتعود أن يتلقى التعليمات من أحد , حتى علي الذي من المفروض أنه رئيسه في العمل , يطلب منه بكل احترام و لا يفرض عليه شيئا , و هذه العلقة تصدر الأوامر و تغادر مباشرة . لكنه سرعان ما أفاق من استيائه و سأل نفسه " نصف ساعة فقط ؟ ما الذي ستفعله في نصف ساعة ؟ لا تبدو كافية لفعل شيء " طبعا منذ البداية هو كان يفكر بأمور خبيثة , كأن تلتقي حبيبها الذي لا توافق عليه عائلتها , و الله وحده أعلم فيما يريدان تمضية الوقت وحدهما , لسبب مجهول شعر كريم بالسخط , و بدأ يشعر بالندم على موافقته المجئ الى هنا , ما كان يجب أن يسمح لفضوله , أن يتمكن منه و يجره الى هنا . راقب كريم أسيل بعينيه الحادتين , و هي تتقدم بخطوات صغيرة حذرة , على الطريق غير المعبدة , و المملوءة بكل أنواع الركام , كان المكان كله عبارة عن عمارات قيد الانشاء , لا شيء هنا سوى الاسمنت و الحديد , و الكثير من الماكينات و العربات . اقتربت أسيل من أحد العمال و سألته , فأشار بيده الى احدى العمارات القريبة , و اتجهت بعدها الى هناك مباشرة . حس كريم الأمني كان ينبؤه , أن هناك ما يقلق في الموضوع , المكان شبه مهجور و العمال بدؤوا فعلا بالمغادرة , اذا قام الشخص الذي أتت العلقة لرؤيته بايذائها , لن يستطيع أحد منعه , و بالتالي فقد قرر أنه لا يمكنه , تنفيذ أوامرها بانتظارها في السيارة , و هو لم ينو فعل ذلك منذ البداية . بعدما ابتعدت أسيل قليلا , نزل كريم من السيارة , و تبعها بخطى متسارعة على مسافة آمنة , حيث كانت تمشي أمامه على مرمى بصره , دون أن يسمح لها برؤيته , كان العمال يحدقون في الفتاة التي تمر بينهم , باستغراب من وجودها هنا , لكن دون أن يتعرض لها أحدهم . دخلت أسيل احدى العمارات غير المكتملة , و صعدت الى الطابق الثاني , حينما لحقها كريم كانت تقف و تتحدث مع رجل عشريني , أبيض البشرة بملامح متجهمة و أطول منها بقليل , كان الشاب يضع خوذة واقية على رأسه , و يرتدي قفازات مطاطية , لكن ملابسه كانت لائقة , لذلك استنتج كريم أنه ليس أحد الأيدي العاملة هنا , قد يكون مهندس أو رئيس ورشة . كانت أسيل تقف أمامه و تكلمه بملامح جدية , و نبرة حادة لم يعهدها كريم قبلا " هل يعني أنها تظهر مرحها ذاك أمامي أنا فقط ؟ " حسنا ذلك فاجأه , لأنه افترض أنها تجمعها علاقة حميمة بهذا الشاب , و بالتالي فيجب أن تكون أكثر راحة معه , لكن المنظر أمامه غير مفهوم تماما . " أين اختفيت طوال هذا الوقت ؟ " سألت أسيل بصوتها العذب , و كان الشاب يحاول الهروب بعينيه , و عدم الرد عليها منشغلا بقفازاته لكنها أصرت و سألت أمرا آخر " أنت تقيم هنا لتتفادى رؤيتي , صح ؟ " " أجل " قال الشاب بملل و تأفف كتفت أسيل يديها الى صدرها بتحد و خاطبته بحدة " و الهاتف , لم لا ترد على مكالماتي ؟ " " كنت مشغولا " رد مقتضب دائما و كأنه مجبر على التحدث معها . تنهدت أسيل بصوت مسموع , و هدأت نبرة كلامها ليعود صوتها الى رقته " أرجوك حسام لا يمكنك فعل ذلك , لن تستطيع انكار علاقة دامت لسنتين , الكثيرون يعرفون بها أصلا , هروبك و اختفاؤك لن يحلا الموضوع " بدت و كأنها تسترضيه من أجل أمر ما أو تستعطفه . شعر كريم بالرضا و قد صدق حدسه " هي هنا اذا لمقابلة حبيبها الذي فر منها , و يحاول التملص من علاقتهما " حدث نفسه و استمر بالانصات دون التدخل لكن انتابه حدس سيء جدا , بأنه سيضطر الى الاستماع , الى سمفونية بكاء العلقة مرة أخرى , خلال طريق العودة بعد أن يصدها هذا المتأنق " يا الهي أفضلها مشاغبة , على أن تنوح و تسبب لي صداعا " تذمر كريم في سره و حك لحيته بتوتر بعد لحظات من الصمت رد الشاب أخيرا , فيما بدا أنه شعر بالانزعاج من كلامها " اسمعيني أسيل , أنا لم أعد أحدا بشيء " حدقت اليه أسيل باستنكار , و نهرته و قد ارتجف صوتها بغضب " و طفلك ؟ " . 😘💞💞 ........ | ||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ، |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|