29-10-20, 03:22 PM | #571 | ||||
| سلمت أناملك عزيزتي فصل رائع كريم وصل مرحلة متقدمة من الإعجاب بأسيل لدرجة أنه احتفظ بالكعكة المحنطة و يكلمها عن مشاعر اشتياقه لأسيل و ذهابه لجامعتها فقط لرؤيتها 🙄 ملك و على بعد تحسن العلاقات فى الفصل السابق رجعت إلى ما كانت عليه فى هذا الفصل علاقة متفجرة عند أقل كلمة اتمنى ان تتحسن بوجود علياء | ||||
29-10-20, 09:49 PM | #573 | |||||
| اقتباس:
يسلمك حبيبتي 💖💖🌹 بالنسبة لعلاقة علي و ملك هي تقوم على الاختلافات و النقاشات و ما راح تنطفي شعلة جنونهم قريبا 😉😅 | |||||
30-10-20, 09:05 PM | #578 | ||||
| البارت الواحد و الثمانون مفتاح السعادة 💞 " تكرهني " قال علي بنبرة متألمة , محاولا اخفاء احباطه و انزعاجه ، بأن هز كتفيه بلامبالاة , رغم المرارة التي شعر بها في حلقه لكن الجواب صدم علياء " ماذا ؟ كيف ذلك ؟ " هز علي رأسه مؤكدا على ما قاله " فعلا , قالت بفمها في وجهي بأنها تكرهني , و تتمنى أن أعاني بقية حياتي ، و أنني حتى لو توسلتها , و طلبت الصفح الى آخر رمق , هي لن تسامحني أبدا " همس علي آخر جملة , و كأنه يتمنى أن يمحيها من الذاكرة , أو ربما يمحيها من قلب ملك , لكنه لن ينسى أبدا ملامحها الحاقدة عليه يومها . شعرت علياء بمزيد من الحيرة " لكن أليس هذا مبالغا فيه ؟ أعرف أن ما فعلته معها في البداية , لا يغتفر و ليس صائبا أبدا ، و لن أؤيد يوما ما أقدمت عليه بخصوصها , لكنك الآن تعاملها بكل ود و احترام ، و تحاول عدم التعرض لها , بالعكس أنت تحاول جهدك لاسعادها و تحسيسها بالراحة , كما أن مشاعرك صادقة أليس كذلك ؟ ألا يعني لها كل هذا شيئا ؟ ألا يغير من نظرتها لك و لو قليلا ؟ " ابتسم علي بمرارة , و أجاب بما يراه واقعا قاسيا " لا ليس كذلك ، بالنسبة لها أي شيء أفعله أو أقوله ، هو لاذلالها و الحط من قيمتها ، مهما كانت نتيجة تصرفاتي ناحيتها فهي لاهانتها , كل شيء تفسره على أساس هاته القاعدة ، و لا شيء يشفع لي عندها مهما فعلت , و بالتأكيد لن أقول هذا جهرا , لأنها لن تصدقني مهما شرحت " صمت علي قليلا يحدق في الفراغ أمامه , و كأنه انتقل الى مكان آخر , يداري فيه جراحه و استرسل بنبرة خافتة " أنا بالنسبة لها مجرد زير نساء ، منفلت أخلاقيا أتبع غرائزي ، و أعامل النساء كمناديل حمام دون أي احترام , هي تراني رجلا دون مبادئ أو أخلاق , و أتصرف ناحيتها بكل خبث و نوايا سيئة ، و هدفي الوحيد هو تحطيم حياتها لتعيش في جحيم , بما أنني السادي المتسلط الذي يستمتع بتعذيبها , لن تصدقي علياء , حتى أنني صرت أحسب ألف حساب لأفعالي و كلماتي معها ، لأن تفسيرها سيكون مخيفا جدا في عقلها " عبست علياء من شرحه المتشائم و حاولت مناقشته " ألا يمكن أنك تبالغ ؟ أقصد هي امرأة متعلمة و عاقلة ، لا يعقل أن تكون جاهلة و عمياء ، إلى درجة ألا ترى محاسنك , و نواياك الجيدة ناحيتها " ابتسم علي مجددا و رد بهدوء " فعلا ؟ أتحداك اذا أن تعرفي بنفسك الحقيقة ، متأكد أن رأيها في شخصي و أخلاقي سيصدمك , و لن نذهب بعيدا ، أراهنك على أنها تشعر الآن بالاشمئزاز , من وجودنا سويا لوحدنا هنا ، معتقدة أنك احدى صديقاتي , لأنها لا تعرف أنك شقيقتي " اندهشت علياء أكثر من وضع شقيقها المعقد و اقترحت " و أنت ألم تحاول المبادرة ، لم تترك نظرتها السوداوية ناحيتك تتفاقم ؟ يعني بامكانك أن تخطو ناحيتها و تشرح نفسك ، لم تنتظر أن تفهم وحدها ؟ " قصدت علياء أن يجعل مشاعره واضحة و يصرح بها , يعني حتى لو لم يعترف هو بعد بماهيتها , بامكانه اخبارها عن اهتمامه على الأقل , و يترك التطورات للأيام لتجليها . رغم أن ما يسميه علي ميلا أو اعجابا , تراه علياء حبا واضح المعالم من طرفه مبدئيا , و يتهرب هو من الاعتراف به , بما أن شقيقها لم يصدق يوما , بوجود ما يسمى الحب الحقيقي , فهو يعتبره مجرد غطاء غبي للبلهاء , الذين يحاولون تبرير نزواتهم الحمقاء , أو بالأحرى هذا ما أخبرها اياه حينما خطبها زوجها , و قالت أنها تحبه و تريد الارتباط به . لكن علي نظر لها نظرة حائرة , و أجاب بصوت جاد جدا " ملك امرأة بشخصية استثنائية متصلبة ، تأخذ كل شيء بجدية بالغة ، بالنسبة لها هذا العالم اما أسود أو أبيض ، لا وجود للون الرمادي فيه ، إذا صنفت أحدهم فهي لا تغير رأيها مهما حصل , أحيانا أتساءل فعلا , كيف عاشت بشخصية مماثلة طوال حياتها ؟ هي تضع حدودا واضحة لكل شيء ، و أنا على اللائحة السوداء منذ البداية , قبل حتى أن أدرك الوضع كنت من المنبوذين , الأسوء أنني لا أستطيع أن أخطو شبرا واحدا ناحيتها ، متعديا هذه الحدود دون موافقتها ، فقد أفقدها إلى الأبد " قال علي معلنا لأول مرة , عن رغبته في الإبقاء على ملك إلى جانبه ، و تخوفه من ردة فعلها ازاء ذلك , كما بدا واضحا قلة حيلته في التعامل مع الوضع . أضاف بعدها بامتعاض واضح " ثم هي لديها بالفعل شخص في حياتها , سبق و أن أخبرتك عنه " كانت نبرة الغيرة واضحة في صوته ، لكن علياء تجاهلتها , و لم ترد أن تزيد الأمر سوءا " أجل أتذكر ذلك " أضاف علي " جاء ذلك اليوم للبحث عنها ، حتى أنه تذكر عيد ميلادها , و أرسل لها هدية أفرحتها كثيرا , دون اكتراث لكونها امرأة متزوجة , أعتقد أنه غاضب حاليا بسبب بقائها هنا ، و لكنها واثقة من مشاعره ناحيتها ، و أن بإمكانها شرح الأمر بعد عودتها , قالت أنها تضمن تفهمه , و أكيد هو ينتظر تحررها لاستعادتها " قال بنبرة حزن في صوته ، و هو يضم قبضته يحاول السيطرة على أعصابه , فالحديث في هذا الموضوع يشبه القبض على الشوك . لكن علياء ردت بصوت مشجع , لتخرجه من المزاج السيء , الذي تسببت فيه بفضولها " لا تكن واثقا كثيرا أخي , ألا يعقل أنها نسيته و غيرت رأيها ؟ كما تعرف العلاقات بعيدة المدى ، غير ناجحة في كثير من الأوقات " حدق علي ناحيتها بعمق و كأنه يحلل ما قالت , قبل أن يهز رأسه بالنفي " يا ليت , لكن حينما ترفض المرأة , دخول رجل آخر إلى حياتها ، معناها أنها لم تتنازل بعد عن الرجل الأول ، ثم كما قلت ملك بشخصية متصلبة و عنيدة ، لا تغير رأيها بسهولة , أكيد هي اختارته سابقا عن قناعة , اضافة ... " صمت علي و قد بدا عليه التردد ثم همس لها " اضافة الى أن تخليه عنها قد يكسر قلبها , ستكون نتيجة كارثية أخرى لكل ما حصل بيننا , يعني أمر بغيض آخر قد يثقل ضميري , و لا أعتقد أنني سأجيد تحمل نتائج انفصالهما " قال علي بكلمات واثقة , ساد بعدها صمت كئيب المكان , و كأنهما فتحا جرحا مؤلما , كان ينزف ليعمق معاناة علي , رغم ذلك كان شاكرا جدا لوجود شخص , يمكنه أن يتحدث أمامه بحرية و ثقة دون انتقاد . بعد دقائق كان علي من خرج من المزاج النكد سريعا " دعينا نغير الموضوع , أين آدم و ألين ؟ " ابتسمت علياء له , و قلبها يؤلمها من رؤية مكابرته , تماما كما كان طوال حياته , يقسو على نفسه حتى لا يظهر ضعيفا و أجابته و هي تمشط شعره بيدها كما تعودا دائما " مع والدتي , تعرف أنهم لا يستمتعون إلا في مزرعة الخيول خاصتها , أخبرتهم أن رنا تريد رؤيتهم ، لكنهم طلبوا مني ارسالها إلى هناك , و لأكون صريحة أنا مرتاحة للتخلص من شغبهم قليلا , يكادون يفقدونني عقلي " ضحك علي على يأسها " لا بأس سنرى لاحقا ، هل ستبقين مطولا ؟ " أشرق وجه علياء , و كأنها عثرت على كنز و أجابته بحماس " أجل أنا لم أستطع الزيارة في رمضان بسبب سعد ، لذلك لن أعود إلا إذا انقضت إجازتي السنوية " بقي الاثنان يتجاذبان أطراف الحديث مطولا في المكتب ، لدرجة أن علي نسي أمر المغادرة إلى العمل , لكن بعد ساعة ورده اتصال من كريم ، لتذكيره بالاجتماع الهام الذي ينتظره " علي أن أغادر الآن لدي عمل ، تعالي ليلي سأعرفك عليها " قام علي من مكانه و قامت علياء معه , قصد الاثنان الصالون و أرسل علي فاطمة , لاستدعاء ملك من المطبخ ، هذه الأخيرة كانت تجلس مستاءة , تجتر غضبها و هي ترتشف عصيرها , مما حصل بينها و بين علي في المكتب , لكنها كانت أكثر حنقا عليه بسبب الضيفة , التي ارتمى عليها و كأنه يحاول التهامها , حتى أنه كان يناديها باسم دلال , دون مراعاة لحرمة بيته , و هي كانت قليلة الحياء لتقبله أمامها تماما كما فعلت المرأة في الفندق . " لم يبدو أنه مطلي بالعسل , لتقوم كل امرأة يقابلها بتقبيله ؟ لا أدري أي سحر يلقيه عليهن , ليقعن في هواه بكل غباء ؟ " تمتمت ملك بتذمر , و هي تضغط على علبة العصير , الى أن أصبحت بحجم الكرة في يدها . " الأسوء أن ذلك الأحمق , ترك مناقشة أمر مصيري يخص ابنته , ليختلي بتلك الدخيلة و يضيع عليها وقته , و الله وحده يعلم ماذا يفعلان الآن , ثم يأتي و يتبجح أمامي , أنه يحب مريم و يريد مصلحتها , أكيد يفضل التسكع مع تلك المتأنقة , لذلك يرفض خروج مريم من هنا , محتال مخادع بغيض يستحق الشنق " دون ادراك منها شعرت ملك , بالضيق الشديد من الوضع الذي شهدته , و قد كانت أكثر استياءا من يوم الفندق , حينما كانت مضطرة أن تجمع ملابسه المتناثرة , بعد ليلته الحمراء مع زوجته التي طلقها . كالت ملك الكثير من النعوت السيئة لعلي و ضيفته , قبل أن تقاطعها فاطمة , لتطلب منها أنهم يريدونها في الصالون , هذه الأخيرة اعتقدت أن علي عرفها على علياء , و استغربت ملامحها المتجهمة . " حاضر " ردت عليها بعصبية غير مفهومة , و كل ما ترغب فيه أن تمسك عصا , لتضربهما على رأسيهما هذين المنحرفين . بمجرد دخولها المكان ، عبست ملك لرؤية وجهه مجددا ، و حدقت بحقد واضح بينه و بين علياء ، فيما كان علي مستمتعا بما التقطه من انزعاجها , " استغفر الله العظيم " تمتمت ملك و هي تسخط على هذا الرجل , الذي لا تكفيه نساء الكون بكل ذرة من كيانها . وقفت ملك بعدها بصمت تام , تربع يديها على صدرها بتحفز , منتظرة عرضا جديدا يثير اشمئزازها و يلوث عينيها , و هي لا تفهم لم يأتي هذا المتسلط في كل مرة ، و يعرض عليها نساءه بكل وقاحة ؟ لم لا يأخذهن ليستمتع بعيدا , بدل أن يقتادهن لرؤيتها ، و كأنها قرد في حديقة ؟ و هي لا تفهم حتى , لم تقع النساء في هواه بسهولة ؟ و لا لم تبتسم هاته المرأة كالبلهاء هكذا , و تحدق اليها مثل البقرة الضاحكة ؟ فيم ملك غارقة في نظرة الاستهجان ناحيته ، نظر علي إلى شقيقته نظرة معبرة تقول " ألم أخبرك ؟ " و ردت عليه علياء بضحكة ساخرة من ضحكاتها المدوية , تعاطفا مع حاله البائسة , لكنها زادت تجهم ملك بطريقة لطيفة , رغم رغبته في مشاغبتها أكثر , الا أنه لم يطل الأمر كثيرا ، فقد تصيبه احدى الرصاصات من نظراتها و ترديه قتيلا " أعرفك ملك هاته علياء " مد علي يده ناحية شقيقته مستهلا التعريف بينهما . طبعا نظرة ملك لم تتغير , مادامت تعتقد أنها امرأته , و تمتمت بينها و بين نفسها بتهكم " و بعد ؟ ماذا يغير اسمها في الموضوع ؟ " أما علي فقد تعمد أخذ فاصل ، لأنه يريد رؤية هاته النظرة بالذات ، بعدها أضاف ليخيب ظنها " شقيقتي " فجأة تبدلت ملامح ملك , من الاستهجان الى الدهشة في ثانية واحدة , و عادت تحدق بينهما مجددا ، محاولة اكتشاف اي خدعة يقوم بها هذا المجنون " شقيقتك ؟ " همست و كأنها لا تصدق الأمر . و هز علي رأسه مع ابتسامة متشفية في ردة فعلها البلهاء " أجل , وصلت قبل قليل من السفر " بقيت ملك واقفة فاتحة ثغرها دون قول شيء , فيما تقدمت علياء التي كانت تراقبها بكل فضول و احتضنتها بين ذراعيها بحرارة , في حركة فاجأتها بشدة , اتسعت عينا ملك بدهشة , لكنها سرعان ما ردت تحية علياء الودودة , دون أن تفهم لم تتصرف ناحيتها بكل حميمية , و كأنها تعرفها منذ دهر . بعدما أطلقتها المرأة غريبة الأطوار , لم تفلتها تماما بل ابتسمت لها , و سألت بنبرة دافئة " مرحبا ملك كيف حالك ؟ علي كلمني عنك كثيرا ، كنت جد متلهفة للتعرف عليك " " بخير شكرا " أجابت ملك بتردد حذر نظر علي بتحذير جلي الى أخته , لا يريد أن تفضحه و همس بين شفتيه " اصمتي " أما ملك فقد نظرت ناحيته بحيرة , متسائلة عما قاله هذا المجنون , أمام شقيقته لتود التعرف عليها , لكنها لم تقل كلمة واحدة ، و كانت تقف هناك متصنمة , تكتفي بالنظرة الحائرة اتجاه الشقيقين . قطع عليها علي تأملها حينما ابتسم ، ثم دنا منها و همس في أذنها " سنتكلم في موضوع مريم لاحقا " متعمدا مداعبة خدها بنفسه الدافئ , متظاهرا بتعديل خصلة من شعرها . تفاجأت ملك من حركته المربكة , فانحنت في الاتجاه الآخر لتفاديه ، و قد احتقن وجهها من تغيره المريب , و تصرفه الحميمي المفاجئ , و تسارعت دقات قلبها بطريقة فاضحة . " أنا أغادر الآن استمتعا " ودعهما علي و غادر , بعدما أغاض ملك كما يحب قلبه و يرضي غروره . أما علياء فقد زاد فضولها , برؤية تصابي شقيقها النادر مع ملك ، و الذي لم تره يفقد رصانته يوما أمام أحد , أمسكت بيد ملك فورا و جرتها ناحية الأريكة " خالة فاطمة , أحضري لنا فنجاني قهوة ، أريد التعرف على ملك " لم تجد ملك مفرا من الجلوس , و التحدث مع المرأة التي تتعامل معها بكل حميمية , و كأن بينهما معرفة قديمة , فيما هي تراها لأول مرة , و لكنها لا يمكن أن تنكر أنها ارتاحت لها . جلست الاثنتان في الصالون مطولا , فعلياء تعرف أن رنا في المدرسة , و مريم لا تستيقظ باكرا , لذلك استغلت الأمر للتعرف على ملك , استمتعت المرأتان بالجلسة الدافئة , فشخصية علياء مغايرة لشخصية علي , بشوشة اجتماعية تحب الفكاهة و سهلة المعشر , و ربما انسجمتا سريعا , بسبب أنهما في نفس المجال , فعلياء أيضا طبيبة صيدلانية , و قد استقرت منذ سنوات في أوروبا مع زوجها و طفليها , و هذا سبب آخر لشخصيتها المتفتحة و المرحة . و لم تمر الساعة الأولى , الا و أخبرتها عن قصة حبها مع سعد طبيب الأسنان , و كيف واجه شقيقها المجنون لاقناعه بالزواج بها . و رغم أن ملامح علياء , قريبة جدا من ملامح شقيقها , خاصة العينين السوداوين الواسعتين , اللتين تعتبران سمة العائلة الوراثية , الا أن ملك كانت مقتنعة منذ أول لحظة , أن عليهم اجراء فحص حمض نووي ، فمن غير المعقول أن تكون هذه المرأة الجميلة , كقطعة السكر شقيقة للمجنون . بقيت الاثنتان منسجمتان , تتبادلان أطراف الحديث عن مواضيع عامة , و رغم أن علياء تفادت أن تكون فضولية أو وقحة , و تبحث في علاقة علي بملك من أول لقاء , لكنها أدركت أخيرا لم شقيقها متعلق بهاته الشابة , فهي فريدة من نوعها , لا تشبه أية واحدة من النساء اللواتي تعرف عليهن , و لا حتى زوجته السابقة أميرة , عادة هن متكبرات و مغرورات , يبقين مسافة مع من حولهن , لدرجة أنها لم تكن تتفق مع أية واحدة , لكن ملك متواضعة تلقائية و دمثة الخلق , بابتسامة طفولية جميلة و دافئة . بعد مضي ساعتين استأذنت علياء " سأذهب لأرى مريم ، علي العودة لرؤية أمي و أطفالي , لكنني سأعود للزيارة بعد يومين ، أتمنى أن نستكمل حديثنا , سررت فعلا بالتعرف عليك ملك ، أنت امرأة رائعة " قالت و هي تمسك يدها " شكرا علياء سررت بالتعرف عليك أنا أيضا " لكن قبل أن تغادر ملك من أمامها بادرت علياء " ملك لحظة " " نعم " ظهر الحماس على وجه علياء فجأة و سألتها " سمعت من علي أن مريم تخرج الآن الى الحديقة " " أجل تفعل من وقت الى آخر " ردت ملك بابتسامة من قام بانجاز , و سارعت علياء للاقتراح " ما رأيك اذا أن نخرج الى الحديقة لنتسامر قليلا ؟ لا أحب الغرف المقفلة " و لم تجد ملك مانعا لتنفيذ الأمر " حسنا أكيد لنخبرها و نرى ماذا تقول " و بالفعل تقابل حماس علياء و اصرار ملك , و تحولت الجلسة الثنائية الى ثلاثية , وسط الورود في الحديقة في ظرف وجيز . كانت مريم فرحة جدا هي الأخرى بزيارة علياء , تحلقن حول مائدة الطعام و تعالت الضحكات , و قد بدين مستمتعات جدا برفقة بعضهن . " يا الهي كنت منهكة في الرابعة صباحا , كانت مناوبة مجنونة ليلتها , لكن الرجل المهووس كان مصرا , أن أحد توأميه سعل ثلاث مرات خلال النوم , و لكنه لم يعرف أيهما , لذلك جلب كليهما و وضعهما على طاولة الفحص , و طلب مني بكل جدية و توتر , أن أفحصهما مجددا و أحدد من منهما مريض , قال لي بالحرف الواحد " افرزيهما من أجلي " " أنهت ملك ما كانت بصدد قوله بضحكة هستيرية و أضافت " المشكلة أن المسكينين كانا يغطان في نوم عميق , و لا أثر لأية أعراض مرضية عليهما , فأنا من كنت على وشك الاغماء بسبب التعب " مسحت مريم دموعها التي تساقطت بسبب الضحك و سألتها بفضول " و ماذا فعل هل غادر ؟ " هزت ملك رأسها ببؤس " ليس على الفور , استغرقني الأمر ساعة كاملة , و لكنه اقتنع أخيرا حينما أخبرته أن يجلس أمامهما , ليعرف من سعل و يعيده وحده لاحقا " " أكيد بات ليلته جالسا على كرسي مقابلهما " قالت علياء تخمن ما فعله الرجل الموسوس , و أكدت ملك عليها " كيف عرفت ؟ لكنه عاد في الغد ليخبرني , أن والده هو الذي سعل في الغرفة المجاورة , و لم يكن أحد الطفلين و اعتذر بشدة " " يا الهي أين تجدين هؤلاء المجانين يا ملك ؟ " " لا أدري لكن زملائي يقولون , أنني أجتذب غريبي الأطوار بطريقة مريبة " كانت علياء مستمتعة جدا بخفة ظل ملك , و هي متأكدة أن شقيقها لم ير شيئا منها . حينما أذن لصلاة العصر , نظرت ملك الى ساعتها و قامت من مكانها ، و كأنها تذكرت أمرا مهما للتو " عن اذنكما الآن , فرنا ستصل بعد قليل , أصلي و أحضرها الى هنا لترى المفاجأة " بعد انصراف ملك ارتشفت علياء عصيرها , و حدقت ناحية مريم قبل أن تسألها بفضول " تبدوان على اتفاق أنت و ملك ؟ " " أجل كما ترين هي لطيفة ، لا يمكن لأحد تجاهلها " ترددت علياء قليلا قبل أن تسألها مجددا " يعني أنك لا تنزعجين من وجودها هنا ؟ " حدقت مريم ناحيتها ، و قد تحولت نطرتها الى جدية تامة " تقصدين لأنها زوجة علي ؟ " " أجل يعني اعتقدت أن لديك تحفظا على وجودها هنا " قالت علياء بتحفظ خشية احزانها , لكن مريم فاجأتها بأن ابتسمت بدفء و أجابتها " بالعكس أرى وجودها هنا هبة كبيرة من الله " قطبت علياء جبينها , و كأنها لم تفهم قصدها , و أضافت مريم بنبرة غامضة " من يدري ربما لوجودها هنا حكمة أخرى ؟ " اتسعت عينا علياء بدهشة و سألتها بتوجس " هل تقصدين ما فهمته ؟ " أخذت مريم نفسا عميقا و أجابتها " أجل تماما ما فهمته , أنا لا أريدها أن ترحل في أي وقت , أرى فيها الشخص المناسب الذي بامكانه اسعاد ابنتي , و مرافقتها خلال أصعب سنوات حياتها " شهقت علياء بصدمة " يا الهي , ما الذي تخططين له مريم ؟ " " لا شيء محدد , فقط يحق لي ببعض الطمع لرؤية ابنتي سعيدة , و سأنتهز كل فرصة مواتية لتحقيق الأمر , لن أذكرك لا تقولي شيئا أمام علي , لا أريده أن يبدأ افتاءه قبل الوقت " لم تجد علياء ما تقوله , و قد بدا واضحا أن مريم حزمت أمرها فعلا , بمحاولة التأثير على ملك للبقاء هنا , لا يهم أن تظل علاقتها بعلي زائفة , ما دامت تقبل الاعتناء بالطفلة , لكنها شعرت بالراحة لأن موقفها , لن يكون عقبة في طريق سعادته , ان قبلت ملك أن تكون زوجته حقيقة . بعد دقائق قطعت عليهما ملك خلوتهما , و هي تقتاد رنا مغمضة العينين لرؤية عمتها , و كما توقعت كادت تطير من الفرحة , بمجرد أن عرفت عن المفاجأة . بعد انتهاء زيارة علياء القصيرة , اكتمل نصاب الأشخاص المقربين من علي ، و قد تعرفت عليهم ملك كلهم ، والدته مريم رنا كريم و فاطمة ثم شقيقته ، كلهم ودودون و محببون جدا , و قد اتفقت معهم بيسر كبير , و لولا الظروف التي قادتها الى هنا , ربما كانت ستكون صداقة رائعة مع علياء , خصوصا أنهما متقاربتين في السن . و رغم أن ملك وعدت نفسها في البداية , ألا تتعود على أحد أو شيء في هذا البيت ، الا أنها لا تملك خيارا للتواصل مع الجميع هنا , و الآن بدأت تفكر بجدية ان كانت ستقدر , على تجاوز تعودها عليهم و اشتياقها لهم , باستثناء علي طبعا . في النهاية هي عاشت معهم لشهور طويلة , لا يمكنها محو أناس شغلوا حياتها , كل هذه الفترة في طرفة عين . " هل هذا سيكون تأثيرا سلبيا آخر لاحتجازي هنا ؟ " شعرت ملك بكثير من الحيرة , فقد عانت الكثير هنا , و هي لا تريد تسديد أثمان أخرى ، كأن ينفطر قلبها للانفصال عن هؤلاء , هي لم تكن متأكدة من تأثير الوضع عليها , لكنها متأكدة من أمر واحد , و هو أنها ستغادر من هنا بنهاية السنة , مهما كلفها الأمر و مهما كانت التبعات . . . . في المساء استدعى علي ملك للتحدث " هل تعرفت على علياء ؟ " سأل و هو يجلس الى مكتبه ، و يشير لها بالجلوس على الأريكة هزت ملك رأسها مبتسمة " أجل تحدثنا لبعض الوقت " " جيد , علياء ودودة و اجتماعية ستتفقان " قالها و قد بدا عليه الرضا , خاصة بعدما وصله من أصداء , بخصوص التجمع النسوي المسائي " أجل أفضل منك " تمتمت ملك بينها و بين نفسها " ماذا ؟ " علي سمع ما قالته , لكنه أراد نهرها لأنها تنتقده , و ملك سارعت لانقاذ نفسها ، لا تريد عراكا آخر معه , خاصة أنهما لم يفتحا موضوع الصباح مجددا " ها لا شيء " حدق علي ناحيتها قليلا قبل أن يتحدث " بشأن ما طلبته صباحا أنا موافق ، سأكلم مريم لتحضر ان أرادت ، كما أنني أفرغت جدولي , للحضور أنا أيضا كما وعدت رنا " ابتسمت ملك و اتسعت عيناها من الفرحة , و عدلت جلستها لتقابله بسبب حماسها " فعلا وافقت ؟ جيد ستفرح رنا كثيرا " " لكن لدي شرط " قطع علي فرحتها بالخبر , و في لحظات تغيرت ملامح ملك و بدا الاستياء عليها ، فواضح أن الشرط يخصها و اعترضت مباشرة " أي شرط ؟ و لم يجب أن يكون هناك شروط ؟ " " لم أقل أنني سأفعل ذلك دون مقابل ، ثم لا تقلقي ليس شيئا لا تستطيعين فعله " أكد علي شكوكها في أن الشرط متعلق بها , و نظرت اليه ملك بطريقة أصبح يحفظها , نظرة اتهام صريحة و واضحة . أكيد هي تفكر في شيء مبتذل أو منحرف ، و قد صار الأمر يثير استياءه ، دون أن يعلم متى تكف عن اساءة الظن به ؟ لذلك سارع لتبديد وساوسها بصوته الجاد " الأسبوع المقبل لدي عشاء عمل مع عميل أجنبي ، أريدك أن ترافقيني " عبست ملك و سارعت للرفض " و لم يجب أن أرافقك ؟ " " لأن الجميع سيحضرون مع مرافقات ، و لا أريد أن أبدو شاذا وسطهم " رد علي بواقعية , و لكن ملك استمرت بالجدال ، هي لا تريد الذهاب معه إلى أي مكان " لم يجب أن أكون أنا بالذات ؟ بامكانك الذهاب مع أي شخص آخر , لم تورطني معك ؟ " ابتسم علي و رد بسخرية " ليقولوا أنني أطارد النساء ، و أجمعهن حولي لأشعر بكمالي ؟ لا شكرا للاقتراح " "...." لم تجد ملك بما ترد , و هو يردد ما قالته له صباحا , فيما يبدو أنه يحاول محو تلك الصورة الشنيعة عنه . أسرع علي بالشرح بعدما شعر بالرضا لأنه أفحمها " الوقت ضيق لا يمكنني ايجاد مرافقة مناسبة ، ثم أن الآخرين لا يدينون لي بخدمة " قال علي ملك الابتزاز , على مسامع ملك ملكة الاستفزاز ، ثم أضاف دون أن يسمح لها بالرفض " سنذهب لمدة ساعتين ، نأكل نمضي العقود ثم نرحل ، لن يأكلك أحد لا تخافي " فكرت ملك لبعض الوقت تحت نظراته المتفحصة ، كانت تعض شفتها و هي تركز , محاولة حصر الخسائر و الفوائد مما يطلبه , قبل أن توافق على مضض " حسنا فقط لأنني وعدت رنا , بأن أساعدها سأذهب معك , لكن إذا شعرت بعدم الارتياح , سأغادر مباشرة و لن تمنعني " قالت و هي تشير اليه بسبابتها محذرة ابتسم علي و هو يعرف , أنه لن يسمح لأحد بازعاجها ، و بالتالي لن تغادر قبل أن يفعل هو ، و لم يجد إلا الموافقة على شرطها " جيد إذا اتفقنا ، سأتصل بعلياء لترافقك الى التسوق " لم يصدق علي أنها وافقت ، لذلك أراد أن يضرب الحديد و هو ساخن ، لكن ملك لا تجيد التزام الصمت " لم يجب أن نتسوق ؟ هذا مجرد عشاء و ليس عرسا " و جادلها هو بتعقل " أجل أعرف و لكنه في مكان راق جدا , لذلك لن أسمح أن تذهبي معي بملابسك العادية , علي أن أحافظ على صورتي أمام الآخرين " في الحقيقة لم يهتم علي في حياته , بما يفكر فيه الآخرون , و لم يكن سيعلق ان ذهبت معه ملك كما هي الآن , لكنه يريد استغلال الموضوع , لاحداث بعض التغيير في حياتها . هي منذ أتت الى هنا , لم يرها تخرج و تغير جوا , و هو يريدها أن تستمتع و ترفه عن نفسها قليلا . و لكنه ندم على ما قاله , بمجرد أن لمح نظرة مجروحة في عينيها , فهو لم يقصد أن يهينها بانتقاد هيئتها , لذلك سارع و أنقذ الموقف بصوت دافئ " ليس من أجلك , بل من أجل صورتي أمام العميل , اذا كان لديك شيء مناسب لحضور العشاء لن أمانع , ثم أنت لن تأخذي شيئا , اختاري ما تريدين و بعد انتهاء العشاء , بامكانك اعادته أو رميه لا فرق " قال علي مقللا من شأن الموضوع , خشية أن تغير رأيها و ترفض عرضه . التزمت ملك الصمت بعدما أدركت أنه محق ، هي لم تجلب معها شيئا , يمكن أن يستخدم في أية مناسبة ، كل ملابسها للخروج و هي قديمة نسبيا ، لا شيء قيم لتحضر به العشاء . بعد تفكير عميق أجابت بصوت هامس " حسنا سأرافق علياء ، و لكن ليكن في علمك , هذه آخر مرة أفعل فيها ذلك " هز علي رأسه بارتياح , مع ابتسامة رضا على طرف فمه , كم أن هاته المرأة صعبة الارضاء ، لو كانت واحدة أخرى ، لقفزت فرحا لأنه يدعوها الى الخروج ، و لما احتاج لأكثر من كلمتين لاقناعها . و لهذا السبب بالذات هو لا يريد الا هاته العنيدة ، التي تجلس أمامه تهدده و تفرض شروطها . . . . كانت أسيل تسير بتأن , باتجاه احدى الاستراحات داخل الجامعة , لتتناول كوب قهوة و تعمل على مشروعها قليلا , قبل وقت المحاضرة التالية , هي لا تصادق أحدا هنا , و لذلك تستغل كل وقتها لانهاء واجباتها , و كل ما تصبو اليه أن تتخرج في أقرب وقت , حتى تتخلص من تسلط والدها و طمعه , سمعته البارحة يتحدث الى زوجته , يخبرها بأن محاميا تقدم لطلب يدها , لكنه رفضه لأنه لا يملك الكثير , و هو مجرد شخص عادي من عائلة متواضعة . نعم الثروة هو الشرط الوحيد , الذي يفرضه سالم على من يريد الارتباط بابنته , و هو لا يخجل من اذاعة الأمر مما يشعرها بالانحطاط , و كأنها سلعة معروضة في المزاد لمن يدفع أكثر . صحيح أنها مرتاحة لأنه رفض هذا الشاب , و لكنها متأكدة أن الأمر لن يطول كثيرا , قبل عثوره على صيد وفير , حتى لو كان رجلا عجوزا أو مقعدا , ما دام يملك الكثير فسيزوجها دون تردد , و كل ما تخشاه أن يوقع عقد قرانها دون استشارتها , و هي تدعو الله ألا يحصل الأمر , قبل أن تتمكن من الحصول على استقلاليتها , التي لن تأتي الا بالحصول على عمل مناسب . من جهة أخرى , كانت أسيل تشعر ببعض الراحة أخيرا في البيت , لأن لا أحد من عائلتها صار يتعرض لها , منذ يوم الحادث و كأنهم أصيبوا بمرض ما , خالد لا تراه الا نادرا , و والدها لا يكلمها الا اذا خطبها أحدهم , أما زوجة والدها فهي لا تبقى معها , في مكان واحد مهما كلفها الأمر , و كأنها تخاف من أمر مس الجن ذاك بطريقة جادة جدا , و رغم انزعاجها من شائعاتها , التي أخبرتها حتى لصديقاتها و جيرانها , الا أنها ممتنة لأنهم لم يعودوا , يعكرون صفو يومياتها بتنمرهم و عنفهم . خلال سيرها مطأطأة الرأس , غارقة في عالمها الخاص , لمحت أسيل وجها مألوفا , يقف خارج البوابة و يتكئ على سيارته . اتسعت عيناها عن آخرها , ارتجفت يداها و همست بعدم تصديق " كريم " كان الرجل يقف تحت أشعة الشمس , مرتديا بدلة أنيقة جدا , و يضع نظارة سوداء على عينيه . كانت أسيل متأكدة أنه هو , و أنه كان يحدق ناحيتها بتركيز , لكن قبل أن تخطو خطوة واحدة , استدار الرجل و دخل سيارته و غادر , دون التفاتة واحدة منه . عبست أسيل و قد خاب ظنها , فهذا الرجل يثير فضولها و أحاسيسها , بطريقة فريدة لم تختبرها يوما , بجمود وجهه و صلابة شخصيته , التي تعاكس قلبه الدافئ , مثل طفل متذمر و حانق طوال الوقت . هي لم تره منذ تلك الليلة المشؤومة , و قد حرصت على قطع كل اتصال به , حتى لا يجد حسام سببا لاتهامها او اتهامه بأمر مشين , لكنها كانت سعيدة جدا لأنها رأته هنا , و قد فكرت أن تدعوه الى فنجان قهوة , في الكافتيريا و تعرف أخباره , أرادت أن تشكره مجددا , على مساندته لها و نصائحه القيمة , لكن واضح أنه لم يرها من الأساس , أو ربما يتفادى الحديث معها بسبب مشاكلها . " أكيد لديه عمل ما هنا و الا ما أتى " تمتمت لنفسها باحباط و أكملت سيرها . في السيارة لام كريم نفسه بشدة , ليس لأنه سمح لها برؤيته اليوم , و لكن بسبب مغادرته المكان , كرجل جبان لا يعرف كيف يواجه , فقد شعر بالارتباك بمجرد أن حدقت ناحيته , و لم يكن يعرف ماذا سيقول لها ان جلسا و تحدثا , أكيد كان سيفقد سيطرته الهشة , و يبوح لها بكل شيء كرجل أحمق , و آخر شيء تحتاجه أسيل الآن , أن يربطها معه في علاقة غريبة لن يقبلها أحد . حتى هي نفسها لا يضمن قبولها له و لمشاعره , و سيجلب على نفسه الاحراج و المعاناة , فيما لا يبدو أنها ترى فيه أكثر من صديق ملائم . لذلك قرر كريم أن يوفر على نفسه الاذلال , و ينسى أمرها بأية طريقة , و ألا يعود لرؤيتها مجددا مهما كلفه الأمر , هو عاش عمره كله وحيدا , و لن يضره شيء ان استمر على نفس النسق , فقد كان يبلي جيدا مع كعكة و صورة . بالتفكير في الأمر داس كريم على المكابح بقوة , أرخى رأسه الى الوراء و فتح زري قميصه , و قد شعر بأن نفسه يضيق و قلبه يختنق , بمجرد تخيل خروجها من حياته التي لم تدخلها بعد . . . . " أسيل " انتبهت أسيل و هي تجلس داخل الاستراحة , على صوت مألوف آخر ينادي اسمها , و بمجرد أن رفعت رأسها عن حاسوبها , عبس وجهها و تجهمت ملامحها " مرحبا أسيل " . . . . بعد يومين حضرت علياء كما وعدت , و هذه المرة كانت لديها مهمة من طلب علي , و قد كانت مسرورة جدا للمساعدة . غادرت المرأتان للتسوق صباحا , و الذي صادف أنه تخصص علياء و عشقها , قصدتا في البداية بعض محلات , فساتين السهرات الراقية من الماركات العالمية , لكن ملك أبدت عدم رضاها عما رأته " علياء أنا لا أحب الفساتين المبهرجة و البراقة , أريد شيئا بسيطا " ( و أقل سعرا ) تمتمت ملك في نفسها , فكل الفساتين التي رأتها , رغم أن بعضها مناسب الا أن أسعارها خيالية , هي لا تريد أن يعتقد علي أنها تستغل الأمر , حتى و ان كانت ستعيده له لاحقا . " حسنا لا بأس فيما تفكرين ؟ " سألت علياء باهتمام , فملك من سيرتدي الفستان , و رأيها هو الأهم و سارعت ملك للاقتراح " لا أريد المبالغة , هل يمكننا أن نختار بدلة تقليدية بسيطة , قفطان مثلا سأكون أكثر ارتياحا " أعجبت علياء بالفكرة و تحمست فجأة , القفطان سيكون مناسبا و أكثر حشمة , كيف لم تفكر في الأمر سابقا ؟ لم تضيع الاثنتان كثيرا من الوقت , و قصدتا محلا خاصا لبيع الملابس التقليدية المغاربية . بعد عدة قياسات , استقر الاختيار على قفطان جزائري بسيط , مصنوع يدويا بقماش من الساتان , و أكمام طويلة شفافة , برقبة دائرية و حزام ذهبي ، لونه فيروزي مع تطريز خفيف بخيوط ذهبية , و قد حرصت علياء على دفع ثمنه , أثناء تغيير ملك لملابسها , لأنها متأكدة أنها لن تأخذه ان رأت سعره , و قد فهمت أخيرا معاناة شقيقها مع رفض ملك المتكرر . بعدها اختارتا حذاءا و حقيبة يد مناسبين ، ثم قصدتا صائغ العائلة لاختيار بعض الحلي ، و استقرتا على عقد بسيط مع سوار , بأحجار زرقاء من الياقوت ، يتناسب مع التطريز على القفطان ، و لا يغطي على جمال ملك الطبيعي . بالخروج من المحل , أصرت علياء على أن يقصدوا صالون التجميل ، الذي تتعامل معه عادة أثناء زياراتها و مناسباتها ، و حجزت موعدا من أجل الشعر و الماكياج , ألقت صاحبة الصالون نظرة على شعر ملك و بشرتها , و أبدت بعض التعليقات البسيطة , لتفادي مفاجآت يوم العشاء , لم تكن ملك تعارض ما تقتنيه علياء ، لأنها تعلم أنها ستعيده لاحقا لعلي , هذا الأخير لم يتدخل في أي شيء ، لقناعته بشطارة أخته في تنفيذ هاته الأمور . في المقابل توطدت العلاقة , بين الاثنتين بطريقة جميلة جدا , جعلته متفائلا جدا بمستقبلها . . . . في عطلة نهاية ذلك الأسبوع ، كان الحفل الختامي للسنة الدراسية في مدرسة رنا ، الذي وعد علي بحضوره مع مريم , و التي لم تأخذ وقتا طويلا , للموافقة من أجل ابنتها على عكس توقعه , فيما بدا تطورا آخر في حالتها النفسية , التي تشهد ثورة مؤخرا , بطريقة ايجابية أسعدت قلبه . كان من المفترض أن يحضر الثلاثة فقط , لكن رنا ألحت على مرافقة ملك لهم , و انضمت مريم إلى الأمر " هيا ملك نريد أنا و رنا أن ترافقينا ، هي تريدك أن تشاهديها و هي تؤدي مع رفاقها ، و أنا لا أريد أن أشعر بالملل لوحدي ، هيا لا تكوني عنيدة " قالت مريم باصرار في محاولة منها , لدمج ملك في شؤون عائلتها الصغيرة . " لكن ليس لدي ما أفعله هناك " ردت ملك باحراج بسماع رفضها فكرت مريم قليلا , و قررت اللعب على وتر ملك الحساس : المرض " أنت طبيبتي سأكون أكثر ارتياحا بوجودك بقربي ، فقد تحدث مضاعفات في أي وقت " لم تكن ملك ترفض الذهاب عنادا ، بالعكس كانت تريد رؤية ما ستفعله رنا بشدة ، و لكنها لم تكن مرتاحة لمرافقة العائلة ، لأنها تشعر ككل مرة أنها الطرف الثالث ، و تتذكر معها أنها الضرة هنا ، و هذا ما لا يريحها طوال الوقت , لكنها رضخت أخيرا لمحاولات الأم و ابنتها , و لم يعلق علي على الأمر ، لكنه شعر بالسرور لذهابها معهم . استقل الأربعة سيارة سوداء كبيرة , بحجم شاحنة بنوافذ معتمة ، مجهزة لاستيعاب كرسي مريم المتحرك ، مع مصعد خاص دون الحاجة لتحريكها دونه . كان المكان واسعا جدا ، و كانت الرحلة مريحة ، على عكس ما اعتقدت ملك . بالوصول الى المدرسة ، رحبت بهم المديرة و المشرف العام ، مع باقي طاقم التدريس أمام البوابة ، و الذين كانوا في استقبال الأولياء , اقتيدوا بعدها الى قاعة نشاطات فسيحة ، تتقدمها منصة كبيرة أمامها طاولات مزينة ، وضعت عليها جوائز المتفوقين و شهاداتهم , خلفها رصت صفوف من الكراسي على الجانبين مزينة بالقطيفة , مع الكثير من الزينة الورود و البالونات في الأرجاء . فيم اصطحب علي مريم , التي كانت تجلس على كرسيها المتحرك ، للجلوس في المكان المخصص لهما ، رافقت ملك رنا الى كواليس المسرح ، استعدادا للمشاركة في العروض . بمجرد دخولهما كان الزوجان محط أنظار الفضوليين و تساؤلات المتطفلين ، لكن علي كان يجلس بكل هدوء ، يضع رجلا على رجل بفخامة ، و يمسك بيد مريم في يده , ليعزز ثقتها بنفسها و يخفف توترها ، كان يبتسم لها من حين الى آخر ، و يهمس في أذنها بكلمات تشجيعية , هو يعرف كم أن الأمر صعب عليها ، و لكنه لم يتمكن من احباط رنا و رفض طلبها . بعد أن أخذ الجميع أماكنهم , ساد صمت القاعة و خففت الإنارة ، ألقت المديرة كلمة ترحيبية , و بدأت العروض بعدها تتوالى بطريقة سلسة ، أغاني جماعية و فردية , مقاطع من مسرحيات عالمية ، القاء أشعار و خواطر من اجتهاد الطلاب و غيرها . لم تبرح ملك مكانها خلف الكواليس ، رغم أن علي أبقى كرسيها شاغرا الى يساره ، و بحث عنها بعينيه طوال الوقت , متأملا أن تأخذ مكانها المناسب الى جانبه , إلا أنها لم ترد أن تظهر في المشهد ، ذلك ليس مكانها و وجودها هناك , سيشوه الصورة الجميلة لعلاقته مع مريم , لذلك اختارت أن تبقى مع رنا , لتساعدها في تغيير بدلاتها ، و تسريح شعرها في كل مرة . استمر الحفل لساعتين ، و قبل تقديم الجوائز و الشهادات مباشرة ، أعلن مقدم العروض عن أغنية ختامية ، تؤديها فرقة من التلاميذ عن الأم ، بما أنه موضوع هذه السنة , بدأ بعدها الأطفال في الارتصاص على المنصة ، و المفاجأة الكبرى التي لم يتوقعها علي أو مريم ، هو وجود رنا وسطهم أو بالأحرى تتقدم المؤدين . كانت تبدو كملاك صغير , مع فستان أميرات أبيض منفوش ، جناحين صغيرين على كتفيها ، و تاج رقيق من الورود على رأسها . عبس علي قليلا برؤيتها , فرنا لا يمكنها الغناء ، حتى أنها خلال العروض السابقة ، كانت تكتفي بالرقص و التمثيل دون كلام ، فكيف يعقل أن تشارك في آداء أغنية ؟ نظرت مريم ناحية علي باستغراب هي الأخرى ، فقد فكرت في نفس الأمر , لكنه طمأنها بابتسامة و ضغط على يدها المرتجفة بلطف . لم يطل الأمر كثيرا ، فبعد دقائق بدأت المجموعة في الغناء بتناغم ، أما رنا فكانت تترجم الكلمات بلغة الإشارة ، وسط صمت رهيب غزا القاعة و اندهاش الجميع ، فقط ملك من توقع العرض , فقد تدربت معها على الأداء مطولا لأيام , و كان السبب الوحيد الذي دفعها , لطلب حضور مريم من علي ، و الالحاح على ذلك لدرجة القبول بشرطه ، و إلا كانت رنا قد حزت كثيرا ، لأن جهدها ضاع سدى . لكنها الآن تشعر بغبطة عارمة , و هي تراقب الطفلة الرقيقة ، التي يعتقد الجميع أنها ضعيفة , خجولة منطوية على نفسها ، قابلة للتنمر و غير قادرة على التعبير عما يدور في خلدها , تقف الآن فوق المنصة بكل شجاعة ، غير مبالية بالعيون الفضولية التي تراقبها , تريد إيصال رسالة أنها لا تخجل من وضعها الاستثنائي , و لا من عجز والدتها المريضة , هي تعرف أنها لا تستطيع الكلام كباقي الأطفال ، و أن والدتها ليست بصحة جيدة كباقي الأمهات ، لكن الأمر غير مهم بالنسبة لها , و لن تركض و تختبئ بعد الآن ، مادامت تستطيع اخبارها بما تشعر به ، و هي تفهم رسالتها و تتفاعل معها ، لا يهمها ما يفكر فيه الآخرون , لأن لا شيء يميزهم عنها , أكثر من مجرد امتلاك صوت . كانت كلمات الأغنية تفيض بالمشاعر و الأحاسيس ، و رنا كانت منسجمة جدا في تعابيرها ، هي فهمت قصد ملك ذلك اليوم ، أن عليها أن تجعل من نقطة ضعفها علامة تميزها , حتى أنها كانت شجاعة كفاية , لطرح الفكرة على المشرفة التي رحبت بها . فما يفرقها عن باقي الأطفال ، هو اتقانها لغة الإشارة , و هي استغلتها هنا لإثبات تميزها ، و إثبات قوة وجودها , و هي لن تسمح لأحد بتجاهلها , و السخرية منها فقط لأنها لا تجيد الكلام , و ان كان هناك تلميذ متميز بينهم فهي نفسها , لأنها تبذل جهدا مضاعفا لتحقيق النجاح . كان علي و مريم متسمرين مكانيهما ، ينظران بدهشة إلى المنظر أمامهما ، و لا يقولان حرفا واحدا ، فجأة بدأت الدموع بالتجمع في عيني مريم ، و ما لبثت أن بدأت بالبكاء تأثرا ، و هي تشد على يد علي تريد بعض المواساة , هي لم تتوقع أنها بمجيئها الى هنا , ستحصل على هدية خاصة كهذه . بمجرد أن أنهت رنا وصلتها ، ركضت ناحية والدتها التي احتضنتها بشدة , الى صدرها و استمرت في البكاء , بعد دقيقتين كان نصف الحضور , قد دخلوا في وصلة بكاء ، و النصف الآخر في وصلة تصفيق حار . احتضن علي الاثنتين بين ذراعيه , و هو يجلس على ركبة واحدة ، كان يشعر بشيء لم يختبره يوما ، رغم أنه حاول طوال حياته جاهدا , لتسهيل حياة رنا و مريم ، إلا أنه لم يصل يوما إلى هذا الشعور بالرضا و السعادة ، الذي يراه في عيني الاثنتين في هذه اللحظات . هل رأت ملك ببساطتها ، ما لم يستطع هو رؤيته بكل ما يملكه ؟ هل استطاعت قراءة ما عجز عن فهمه طوال سنوات ؟ هل كانت محقة حينما قالت عنه أنه بقلب متصلب ، و لا يمكنه الشعور بآلام الآخرين ؟ هو اكتشف لتوه أن سعادة رنا , أن تكون مع مريم أمها ، و ليس أن يعزلها عنها , كما كان يفعل مخافة تأذيها , في النهاية هو اكتشف أن الحل , كان بسيطا جدا و لكنه عقده بنفسه ، و أن ملك وجدت حل الأحجية , الذي لم يستطع ايجاده منذ سنوات ، كل شيء هنا هو نفسه منذ دهر , بيته زوجته ابنته و حياته لم يتغير شيء , و كأنهم كانوا في صندوق مقفل بقفل صدئ , يحتاج مفتاحا خاصا لاطلاق السعادة التي بداخله , و يا للسخرية مفتاح السعادة كان في بيته ، لكنه لم يره يوما بسبب تعنته . أؤمن أن الله لم يخلقنا لنشقى , مشكلتنا أننا لا نرى مفاتيح سعادتنا , التي قد تكون تحت أنوفنا , و نضيع نحن حياتنا تذمرا مراقبين سعادة غيرنا أتمنى أن تجدوا مفاتيحكم سريعا , لأن العمر قصير كي نقضيه في تعاسة . الحمد لله على كل خير و نعمة 😍 😘💞💞 ....... | ||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ، |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|