25-10-20, 03:25 PM | #541 | |||||
| اقتباس:
اعتقد أن الدراما كثيرة منذ بداية القصة كلها حزن و عذاب و دموع لذلك احب التخفيف عنكم ببعض المواقف الطريفة 😉 و الله أنا بشوشة و متفائلة في الواقع لكن دماغي تتفجر بالنكد من وقت الى آخر ☺️ اعذروني اذا حزنتكم معايا 😘💖💖 | |||||
25-10-20, 03:29 PM | #543 | |||||
| اقتباس:
و عليكم السلام ورحمه الله وبركاته 💞💞 شكرا حبيبتي انت الأروع بتعليقاتك الدافئة 💖💖💖🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹💖 | |||||
26-10-20, 03:49 PM | #544 | ||||
| روعة الفصل ابدعتى فيه و عجبني جني أسيل العاشق و استغلال أسيل للموقف حتى يخافوا منها و لا يؤذوها 😂😂😂😂 بالنسبة لاتحاد ملك و مريم على علي كان موقف فى غاية الطرافة اتمنى ان يتفقوا عليه دائما لنراه يضرب اخماس فى أسداس 🙄😁😂 | ||||
26-10-20, 09:38 PM | #546 | ||||
| البارت التاسع و السبعون سنين دايمة 💞 " من هذا ؟ " " شاب عشريني سيدي يبدو أكبر سنا منها , لا أعتقد أنه طالب هناك , بعدها حصل مواجهة بينهما ، وصلت إلى حد المشاجرة بالكلام , فقد كان واضحا أن الآنسة لا تريد التحدث معه , و لكنه فرض نفسه عليها و استفزها , بقيت أراقب عن كثب , في حالة احتاج الأمر تدخلي ، لكن الآنسة حلت الموضوع بطريقتها , و لم يتطور الوضع الى الأسوء , أرسلت لك بعض الصور و تسجيل فيديو ، إضافة إلى التقرير الذي طلبته قبل أيام " اختتم الرجل تقريره و تمتم له كريم " حسنا شكرا لك " " العفو سيدي , ماذا علي أن أفعل الآن ؟ " " لا شيء حاليا , سأتصل بك لاحقا " أغلق كريم الهاتف سريعا و فتح بريده الإلكتروني , ليتصفح الملفات التي أرسلها معاونه , في الصور كانت أسيل تبدو شاحبة ، أكثر نحافة و قد فقدت بعض الوزن , تماما كسجين أطلق سراحه للتو , و كأنها لم تكن تأكل أو تنام بطريقة جيدة , عندما غادرت المنزل صباحا , كانت تضع نظارات شمسية لتحجب عينيها , فيما كانت تسدل شعرها الأسود لتغطي باقي وجهها , حينما أزالتها لاحقا كانت هناك آثار الكدمة , التي كانت على عينها اليسرى ، رغم أنها حاولت تغطيتها بالمساحيق ، إلا أنها لم تفلت من رقابة كريم ، و من غيره أفضل في معاينة الكدمات . كما أن يدها لا تزال معلقة في جبيرة , فالكسر سيحتاج ثلاثة أسابيع على الأقل ليبرأ . فجأة شعر كريم باضطراب في معدته , و نغزة في قلبه كما حصل في المستشفى , و كأنه يراها لأول مرة , حدق كريم مطولا إلى الصورة ، ثم ما لبث أن مد يده إلى الشاشة ، و وضع ابهامه على مكان الإصابة , و كأنه يحاول محوها أو التخفيف من ألمها . أخذ بعدها نفسا عميقا و انتقل ليفتح الفيديو ، بمجرد أن بدأت الصور بالتحرك , حتى تعرف على الضيف الثقيل كانت أسيل فيه تقف قبالة حسام ، و كما توقع كريم كان هو النذل الذي أتى لرؤيتها ، يبدو أنه يملك جواسيس هنا ، و إلا ما كان ظهر مباشرة بعد دخولها الكلية ، إن لم يكن تلقى أخبارا بعودتها , مما أشعره بالانزعاج أكثر . في البداية حاول حسام أن يكلمها ، و كانت هي تحاول تجاهله و التهرب منه ، لكنه أمسك بذراعها فجأة ، و أجبرها على الوقوف قبالته و النظر الى وجهه . " ما الذي تريده مني ؟ ألا تفهم أنت ؟ أنا لا أريد أن أراك ثانية ، بل لا أريد أن أعرفك أصلا , تحلى ببعض الكرامة و دعني و شأني " صرخت أسيل في وجهه بقوة ، و افتكت ذراعها السليمة من يده بعنف " لماذا تتصرفين هكذا ؟ أنا فقط أريد الاطمئنان عليك , ثم أنا لم أرتكب جرما " رد هو صارخا في وجهها بعدما استفزته كلماتها ضحكت أسيل بسخرية لتسترعي انتباه من حولهما , و ردت عليه بانتقاد لاذع " فعلا ؟ بالنسبة لك الخيانة و النذالة ، و التلاعب بمشاعر الآخرين من الأفعال الحسنة ؟ و الله شكرا للمعلومة المفيدة لم أكن أعرف " استفزته نبرة السخرية في صوتها و كلماتها , خاصة أنها تجاهلت محاولته للاطمئنان عليها , و كأنها لا تهتم بما يشعر , و أجابها بعدما احتقن وجهه " قلت أنني منذ البداية كنت واضحا مع صديقتك ، و لكن هي من لم يفهم , لم تحملينني ذنب كل ما حصل ؟ تعلمين ألا أحد لديه السيطرة على قلبه , فلم تعذبينني ؟ " قال محاولا التنصل من المسؤولية , لكن تمثيله لم يكن لينطلي عليها . " لا تبدأ باختلاق القصص الكاذبة ، أنا لست غبية أو عمياء ، أنت و ندى كنتما مقربين قبل حتى أن تعرفني ، كنتما صديقين لوقت طويل قبل أن ترتبطا , لذلك لا داعي لإلقاء اللوم علي " أفحمته أسيل التي صمتت قليلا بعد ثم أضافت " لكن أتعرف ؟ لا يهمني متى و أين و لماذا , لا يهمني إن أكملت مع ندى أو لا ، كل ما أريد أن تفهمه أنني لا أريد رؤيتك ، لا أحتمل رؤية وجهك البغيض هذا ، فأرحني و اختفي من أمامي , هل طلبي هذا صعب الفهم ؟ " صرخت أسيل في وجهه مجددا , و قد ضاقت ذرعا منه و استدارت للمغادرة , لكنه قرر استفزازها بوقاحته " هل تفعلين هذا من أجل ذلك الرجل ؟ " اتسعت عينا كريم بصدمة , فهذا الوقح كان يتكلم عنه , أما أسيل فقد تجمدت حركتها ، ثم استدارت نحوه بملامح مستغربة " عمن تتحدث أنت ؟ " رد حسام بطريقة خبيثة و مستفزة " ذلك الرجل الذي أخذك يومها و قضيت الليلة معه ، ماذا هل تنكرين الآن ؟ " تعمد رفع صوته الحاد , و القاء كلمات ايحائية مشينة لاثبات التهمة عليها . تشنج كريم على كرسيه , و جحظت عيناه لسماع الكلام السافل , الذي تفوه به عديم المروءة هذا , أما أسيل فبمجرد أن أنهى كلماته المبتذلة ، حتى وصل غضبها حده الأقصى ، و قد بدا واضحا اتهامه لها في أخلاقها ، خطت خطوتين سريعتين ناحيته , و لم تدر بنفسها إلا و هي ترفع يدها , و تصفع حسام بقوة أدارت وجهه الى الجهة الأخرى , تاركة أثرا ملتهبا لأصابعها الصغيرة على وجنته , الأمر الذي صدمه تماما كما صدم كريم ، لكن حسام بدل التزام الصمت و التراجع ، استمر في اتهاماته الحقيرة لها , مدفوعا بكرامته المهانة " ماذا يا صاحبة الصون و العفاف ؟ هل غضبت لأنني كشفتك ؟ حتى أنه كان وقحا كفاية ليرد على هاتفك , و قام بتهديدي ثم حظر رقمي " أسيل "...." كريم "...." برؤية ردة فعلها المستنكرة و المصدومة , أضاف حسام ليرد ألم الصفعة مضاعفة " ماذا ؟ ألا ترين بأنه لا يناسبك ؟ تبدين سخيفة جدا الى جانبه بالمناسبة , يبدو أكبر منك بسنوات كثيرة , و لا أدري حتى ماذا يعمل ؟ " تحفز كريم و جلس على طرف كرسيه , و السخط يتآكل قلبه الحاقد , و قد تمنى لو كان هناك , للقنه درسا لن ينساه طوال عمره , فمن يكون لينتقدهما هكذا ؟ . استفاقت أسيل أخيرا , و قد فهمت عمن يتحدث , و أجابته بحدة و هي ترفع سبابتها في وجهه لتحذيره " اخرس , اياك أن تقول عنه كلمة واحدة , أنت فعلا سافل و حقير , و تعتقد أن الجميع منحط مثلك , صحيح أن كريم مجرد سائق , لكنه أشرف و أكثر احتراما منك , عقله ليس قذرا كتفكيرك , اتهام الناس بالحقارة لن يجعل منك شريفا أيها المنحرف " لم يسبق لأسيل أن وجهت شتائم , بهذا القدر الى أحدهم يوما , لطالما كانت لطيفة و مؤدبة , و لكن ما قاله حسام استفزها و أثار سخطها . صحيح أنها تبدو ساذجة و بريئة , و تجاربها في الحياة قليلة , لكنها تعرف جيدا أي نوع من الرجال هو كريم , منذ أول لقاء بينهما , فهو رغم قدرته الواضحة على ايذائها أو استغلالها , إلا أنه كان دائما مهذبا معها , و كان يساندها دون حتى أن يقول شيئا , أو يسأل أو حتى يطلب المقابل , لو كان مثلما وصفه حسام بنوايا خبيثة , لكانت الآن في عداد المفقودين . في الطرف الآخر , كان كريم يراقب التسجيل بدهشة ، كان تحول أسيل و غضبها العارم , شيئا جديدا لم يره مسبقا في لقاءاتهما القليلة ، لكن كلماتها كانت متأنية و واثقة , أثر فيه كثيرا ما قالته و أدفأ روحه , في موقف كان يجب فيه أن تدافع عن نفسها , و تنفي التهمة البشعة , التي يحاول هذا النذل الصاقها بها , ها هي تقف و تدافع عنه بقوة , هو فعلا لم يتوقع أمرا كهذا . قطع عليه حسام تأمله بلهجة ساخرة " هاه مجرد سائق و تتبعينه مثل دمية , أنت فعلا غبية دون عقل كما يقول الجميع ، هل تعتقدين أن والدك سيوافق عليه ؟ سأرى ماذا سيقول أبو خالد ان أنا أخبرته , بما يدور خلف ظهره " كان من المفترض أن تفزع أسيل لما قاله , و تبدأ باستجدائه حتى لا يفضح أمرها , بما أنها تعرف رد فعل والدها و شقيقها ان عرفا , لكنها فاجأته و ردت على التهديد بتهديد أكبر " و أنا سأرى ماذا سيقول والدك , عما فعلت مع ندى ان أنا أخبرته , حتى أنني سأعطيه بعض الصور أيضا كهدية , سنرى ان كان سيسمح لابنه الأحمق المتصابي , أن يفسد أعماله مع شريكه " صدم حسام لكلامها و شحب وجهه , و كأنها ضربته في مقتل , هو لم يتوقع أن تهدده بهذا الأمر , لكن أسيل بدت مصرة جدا على موقفها , فقد ابتسمت له بغل و دنت منه بتأن , الى أن أصبح بينهما خطوة واحدة , و كررت تهديدها بين أسنانها بلهجة مخيفة " فقط تجرأ و تسبب بالأذى لي أو لكريم , و أقسم أنني سأجعلك تتسول , تكلم نفسك في الطرقات بقية حياتك " حسام يعرف أن والده سيغضب بشدة , ان عرف بأمر ندى و قد يجبره على الزواج منها , أو قد يطرده من الشركة و البيت , و يخسر كل شيء , فهو رجل متزمت حد النخاع , لذلك كانت أسيل كمن يضع يده على الجرح , و قد فاجأته بمعرفتها بنقطة ضعفه . ابتلع حسام ريقه برعب , و خاطبها بنبرة مرتجفة , و هو يحدق الى عينيها " منذ متى تعرفينه , حتى تضحين بي و بندى هكذا من أجله ؟ " ابتسمت أسيل له بهدوء هذه المرة و ردت عليه " أنا لا أضحي بأحد , أنا فقط أتخلص من الخونة و أحتفظ بالشرفاء , لا حاجة لي بالقمامة في حياتي أقرف منها " صمتت قليلا تحدق في وجهه الشاحب ثم أضافت " اياك أن تظهر أمامي مجددا , و الا أنا لا أضمن ما ستكون ردة فعلي حينها " بالنسبة لأسيل قد تكون مشاعر حسام ناحيتها قوية كما يقول , و لكنه سلك طريقا خاطئة للحصول على قلبها , و بالتالي فقد فقد فرصته معها دون رجعة . غادرت أسيل بعدها تاركة حسام واقفا مكانه , و وجهه أسود من الغضب , و انتهى التسجيل بعدها مباشرة . أطلق كريم نفسه الذي كان يحبسه منذ لحظات , و لم ينتبه الا الآن أن مفاصل أصابعه تكاد تتحطم , بسبب الضغط عليها نتيجة توتره و غضبه , لكنه كان راض جدا عن تصرف أسيل . كان كريم متأثرا بموقف العلقة , لطالما اعتقد أنها ضعيفة العزيمة و سهلة الكسر , لذلك يتنمر عليها الجميع و يستغلونها , و لكنه اكتشف اليوم أنها تصبح قوية حينما يلزم الأمر . لكن أسيل في الحقيقة أكثر صلابة مما يتخيل , هي فقط لا تحب أن تعيش حياتها في صدامات و مشاكل , لذلك هي تظهر الشخصية المرحة , و سهلة المعشر طوال الوقت , و لكنها تكشر عن أنيابها حينما تحتاج ذلك , تماما مثل قط صغير يبدو لطيفا و مسالما , لكن حينما تدوس على ذنبه , يخرج أظافره و يخربش وجهك . ابتسم كريم تلقائيا للتشبيه الذي يناسبها كثيرا . لكن أكثر ما أراح قلبه , ما قالته أسيل بشأنه , لطالما اعتقد أن الانطباع الوحيد الذي يتركه لدى الآخرين , هو كونه شخصا باردا مخيفا , قاس و عديم المشاعر , الذي يعيش في عالمه الخاص و لا يبالي بمن حوله , فقط علي من يعرف شخصيته الحقيقية و الآن أسيل , و التي رغم بساطة تفكيرها , الا أنها كان بامكانها رؤية حقيقة أفعاله , حتى حينما كان يحاول أن يريها وجهه القاسي , الا أنها لم تلمس الا الجوانب اللينة في شخصيته , بغض النظر عن قلة المواقف بينهما . رغم كل هذا شعر كريم بعدم الراحة , لأنها تعتقد الى الآن أنه مجرد سائق , و هو لم يصحح معلوماتها في أية فرصة , ان هي اكتشفت أنه كذب عليها بهذا الشأن , و أخفى هويته الحقيقية عن غير قصد , قد يسقط في نظرها , و ربما يفقد الصورة التي وضعته فيها , أصدر كريم زمجرة استياء من التفكير في الأمر , و مرر يده على شعره بانزعاج , هو لا يعرف ماذا يمكنه أن يفعل الآن , لا يمكنه أن يقصدها بكل بساطة و يقول " مرحبا أسيل , في الحقيقة أنا لست سائقا , و تركتك تعتقدين ذلك كشخص غبي " لكنه نهر نفسه مباشرة " و لم ستهتم أصلا ؟ ألم تعد نفسك بأن تبتعد عن طريقها ؟ " كان هذا القرار نتاج تفكير مضني , و توتر طوال الأيام السابقة , فقد لام كريم نفسه مطولا على تهوره , ليس على انقاذها و ضرب حسام و خالد , لكن على مرافقتها الى الورشة , ثم تتبعها الى المشفى و مراقبتها , و أكثر ما ندم عليه هو التفتيش في هاتفها , و الرد على ذلك المدعي حسام ثم حظر رقمه , هو لم يفهم بأي صفة سمح لنفسه , بالتمادي الى هذه الدرجة بفضوله , و التهور لاتخاذ قرارات شخصية كهذه بدلا عنها فقد كان واضحا أن الفوارق بينهما كثيرة , و قربه منها يعرضها للمشاكل و يهدد سمعتها , ان علم والدها بمعرفته بها , سيكون رد فعله عنيفا , و هي من سيدفع الثمن وحدها , و قد أكد حسام قبل قليل ظنونه . ثم هو لا يعرف ما الذي يريده منها بالضبط ؟ " صحيح هي قصيرة القامة , مثل طفل في العاشرة , لكنها تعرف كيف تتسلق لتصل الى وجهه , لكنها جميلة رقيقة و طيبة , بابتسامة ساحرة مع غمازتين لا يستطيع انكارهما , و عينين مثل قلتي شوكولا ذائبة , يرغب بالتهامها معهما , و رغم شغبها الى أنها خفيفة الظل , و مرحة تدخل البهجة على قلبه , كل هذا لا يستطيع انكاره , لكن ماذا بعد ؟ " وجد كريم نفسه يعدد صفاتها التي تجذبه , بطريقة غريبة حتى السلبية منها , دون أن يفهم المغزى من تفكيره , أو الى أين يريد الوصول فالنتيجة واحدة " لا محل لأسيل من الاعراب في حياته " هو لا يربط صداقة بأحد خاصة النساء , كما أنه لا يريد الارتباط , و لا التعلق بمشاعر دون جدوى , و لا يريد امرأة في حياته البائسة من الأساس , هو يريد أن يبقى وحده الى آخر حياته , كما قرر منذ سنوات طويلة , سيكون من الظلم تركها تدخل حدوده , ثم يخرجها منها بكل قسوة . لذلك قرر كريم خلال الأيام الماضية , أن يتوقف عن البحث عن أخبارها , و أن يدعها تحل مشاكلها , بعيدا عنه دون تدخل منه , سيحرص على رفضها اذا أتت مرة أخرى , من أجل طلب متهور آخر أو من أجل ترصده . " لكنها رقيقة جدا لن تتحمل الرفض , و قلبك لن يطاوعك لاحزانها , أكيد ستذهب معها ان هي طلبت مجددا , مجنون و تفعلها دون تردد " شجب كريم تفكيره القاسي , فيما بدا أنه يصارع طبيعته المتوحدة , التي تحثه على البقاء داخل عالمه الخاص , و عدم السماح لأي كان بالدخول . " استغفر الله العظيم " فكر كريم بعدها مطولا بحيرة , محاولا حسم تناحر المشاعر في صدره , قبل أن يقرر أن يترك الأمر للوقت , و قد أربكته أفكاره لأول مرة في حياته , و قد قرر أخيرا أنه لن يبحث عنها مجددا , و سيحاول التملص من ترصدها له , لكن اذا أتت فرصة أخرى , هو أكيد سيخبرها بطريقته عن حقيقة شخصيته , دون أن يثير استياءها صحيح أنه يريدها بعيدة عنه , لكنه لا يستسيغ استغباءها أبدا . هو لا يبالي أبدا بسوء فهم الآخرين له , و لكنه لا يريد أن تسيء أسيل بالذات فهمه , و لا أن يقل احترامه في نظرها , دون حتى أن يدرك , لم هو يفكر بهاته الطريقة من الأساس ؟ بعد انتهاء جداله الشرس مع قلبه المتحجر , فتح كريم الملف الذي أرسله الرجل , كان تقريرا عن خلفية أسيل و سيرتها الذاتية , فضوله الأمني دفعه الى التحري عن حياتها , عله يجد شيئا يبرر به ابعادها عن حياته , لم تكن هناك الكثير من المعلومات , لكنها كانت كافية بالنسبة لكريم أشار التقرير الى أنها في الثانية و العشرين من العمر , طالبة على وشك التخرج من كلية الهندسة , كما أنها متفوقة في دراستها , ولدت هنا و تربت مع والديها الى عمر الخامسة . والدتها كانت امرأة ثرية , و جدها كان ذائع الصيت في تجارة الذهب , تعرفت المرأة على سالم , أثناء دراستها في الثانوية , و ارتبطا رغم فقره و تواضع أصله , قام هو بعدها باستثمار ميراثها لتنشئة ثروته , و كانا يعيشان حياة هادئة مع ابنتهما , الى أن انفصلت عنه بعد ستة سنوات من الزواج , بعدما اكتشفت أنه تزوج عليها , بدافع الحصول على ولد ذكر , و زوجته الثانية حامل على وشك الوضع , فيما كانت والدة أسيل , تعاني صعوبة في الحمل مجددا , بسبب مضاعفات بعد ولادة ابنتها . حصلت المرأة على الطلاق سريعا , و أخذت حضانة ابنتها بالقانون , لكنها دخلت معه في حرب قانونية , في المحاكم لاستعادة ثروتها , و التي استمرت لسنوات دون نتيجة , فكل الأملاك كانت باسم زوجها سالم , دون دليل واحد على أحقيتها بها , فقد سلمته كل أموالها سيولة , دون امضاء ورقة من طرفه , بسبب ثقتها العمياء به . حاول الرجل بعدها منازعتها على حضانة ابنتهما , باتهامها أنها لم تكن امرأة شريفة و مسؤولة , فقط من أجل اخضاعها , للتنازل عن قضية الممتلكات , التي شوشت على اسمه , لكن أسيل التي كانت حينها في العاشرة , اختارت والدتها بعدما خيرها القاضي بينهما , في جلسة مغلقة بحضور طبيب نفسي . و من يومها اعتبر سالم , أنه لم ينجب ابنة , خاصة أنه حصل على الوريث الذي يحلم به " خالد " من زوجته الثانية , و الذي كان يصغرها بخمس سنوات , و أصبح مدلل أبيه و موضع آماله , فيما حرمها هي حتى من التمتع بماله و حنانه , انتقاما منها و من والدتها . لم تدم حياتها الهانئة كثيرا مع والدتها , فسرعان ما أصيبت بسرطان في الدم و توفيت , لتتركها يتيمة في عمر مبكر , دون أي دعم نفسي أو مالي . حاول بعض أفراد عائلتها الكبيرة , اقناع والدها باستعادة ابنته اليتيمة , لكنه رفض أخذها أمام القاضي , و قال أنه لا يريدها و أن زوجته لا تقبلها , حتى أنه تنازل عن حضانتها رسميا . بقراءة الجملة شعر كريم , بأن قلبه توقف عن النبض للحظات , قبل أن يستأنف عمله مجددا , و كأنها خنجر أصابه في مقتل , ارتجفت يداه و أصبحت رؤيته مشوشة فجأة لبضع ثوان , قبل أن يتمالك نفسه و يستكمل القراءة . في عمر الحادية عشر انتقلت أسيل , للعيش مع خالتها و زوجها في استراليا , حيث يقيمان و يديران مشروعا صغيرا في تربية الحيوانات , و قد كانت الشخص الوحيد الذي قبل استقبالها , و قضت بعدها سنوات مراهقتها في كنفها . بعدها بسنوات غير والدها رأيه و استعادها , لتعيش في بيته مع عائلته التي ترفضها , حينما أصبحت في التاسعة عشرة من العمر , لكنه فعل لسبب بسيط , و هو تدبير زيجة مناسبة , من أحد أبناء أصدقائه الذين يشاركهم أعمالهم , لكن الأمر فشل فشلا ذريعا , لأن ذلك الشاب دخل السجن , في قضية مخدرات و اعتداء , كما أن علاقته بأسيل لم تتعد خاتما و جلسة , رغم ذلك لم يتوقف والدها , عن محاولة تزويجها زواج مصلحة , الا أنه ينتظر أن تتخرج حتى يصبح الموضوع أسهل . شقيقها الذي في عمر السابعة عشر , يسبب الكثير من المتاعب لوالده , بسبب شغبه و عنفه مع الآخرين , لكن لا أحد يحاسبه , بالعكس فقد نصب نفسه شرطيا لمحاسبة شقيقته , حتى أنه يعنفها باستمرار , حتى أمام الغرباء و في الشارع , دون اعتراض من والدها . " الصوص المبلول " عبس كريم بشدة لما قرأه عن عنف شقيقها , اضافة الى تصرفات والدها غير المسؤولة , بمحاولة الاستفادة منها بهذه الطريقة المنحطة , هو يعرف سالم و طمعه , ليس أمرا سريا في عالمهم , و يعرف عن نواياه لمصاهرة علي , لكنه لم يكن يدري عن محاولاته السابقة لبيع ابنته هكذا . " الآن فهمت لم يعاملها بمنتهى السوء , و كأنه ليس والدها الذي أنجبها , ذلك السافل يعاقبها لأنها اختارت والدتها , و لم تختره و هي طفلة و لا يزال يحقد عليها , ما الذي كان يتوقعه هذا الأحمق , أن ترحب بالعيش مع زوجة والدها , و والدتها على قيد الحياة ؟ ثم بربك أيها النذل كانت مجرد طفلة , كيف تحاسبها على قرار كهذا ؟ حتى الله لا يحملها مسؤولية في هذا العمر " تمتم كريم لنفسه بسخط , و قد شعر بالاستياء الشديد , بالتفكير فيما اضطرت أسيل لمعايشته , بسبب حقد والدها على والدتها , لدرجة أن نبذها و تبرأ منها و هو على قيد الحياة , الآن فقط فهم لم شعر بالتعاطف معها دون سبب منطقي , منذ أول مرة رآها , لأنها يتيمة تماما مثله , و هو الذي اعتقد أنها تعيش في عالم وردي , محاطة بعائلة تحبها و تدللها , لذلك لا تتوقف عن الابتسام و قد أدرك الآن فقط كم كان أعمى البصيرة ؟ تنهد كريم للمرة المائة منذ جلوسه , و أدرك أن قراره بالابتعاد عن حياة العلقة , أصبح أكثر الزامية الآن , يكفي ما عايشته من مآسي في حياتها , لن يقتحم عالمها بكل عقدة و سوداويته ليزيدها سوءا , الأمر بينهما أكثر من مستحيل بعدما قرأه , فوالدها لن يسمح له حتى بالنظر ناحيتها , و هو الذي يعاملها كدجاجة تبيض ذهبا . شعر كريم بخيبة أمل كبيرة جدا , و أكمل القراءة عن علاقاتها " معارفها محدودون في الجامعة , بسبب مجيئها المتأخر الى هنا , ندى صديقتها الوحيدة , لأنها تدرس معها في نفس السنة , و هي الوحيدة التي تخرج معها , و تقصد بيتها من وقت الى آخر , لم يعرف عنها أنها كانت يوما على علاقة بأحد الشباب , حتى حسام هي تعرفه لأنه مقرب من ندى , و هما على وشك الارتباط " بعدما أكمل كريم قراءة التقرير , غرق في صمت مطبق , بالنسبة لباقي المعلومات هو يعرف معظمها , فهي تخص والدها و أعماله , كما أنه سمع بنفسه عدم ارتباطها بأي أحد , لأن حسام النذل قال ذلك بصوت عال سابقا . و رغم أنه اعتقد في بداية تعارفهما , أنها تلاحقه و تحاول التحرش به , الا أنه اكتشف لاحقا , أنها تفعل ذلك بعفوية دون نوايا خبيثة , و ربما ذلك يرجع الى البيئة التي تربت فيها , الآن فقط أدرك كريم بأن بعض تصرفاتها المتهورة و المندفعة , قد تكون بسبب أنها قضت معظم حياتها في الخارج . اتكأ بعدها على كرسيه باسترخاء , و بدأ بتصفح ملف الصور المرفق مع التقرير . بعد انتهائه أرخى كريم رأسه الى الوراء بتعب , أغمض عينيه الممهكتين , و الجملة اللعينة تتردد في عقله " رفض والدها أخذها , قال أنه لا يريدها " و عادت ذاكرته الى سنوات بعيدة في الماضي , الى بيت قديم وسط حارة عتيقة , حيث كان هناك طفل في السادسة , يجلس القرفصاء وسط صالون فسيح , بين نعشين ملطخين بالدماء , أحدهما لوالده و الآخر لوالدته , و حوله يجلس بعض الغرباء , الذين لا يعرف ما صلته بهم , يبكي بحرقة و يحاول اخفاء دموعه , و هو يتمسك بالقماش الأبيض من الجهتين , خشية أن يأخذوهما منه . دخل شرطي القاعة , و هو يهمس لامرأة تقف خلفه , عرفها على أنها جارة قديمة لهم , زهرة هذا كان اسمها , و قد كانت تبكي هي الأخرى " جده رفض استقباله , قال أنه لا يريده و لا يعترف به , سأتصل بالخدمات الاجتماعية للتكفل به " " ألا يمكن أن يبقى مع أبنائي ؟ " سألت المرأة و هي تكفكف دموعها , و أجابها الرجل بحزم " لا اما أن تستقبله عائلته , أو يذهب الى دار الرعاية , لا يمكنك طلب تبنيه فحالتكم لا تسمح " ذكريات سوداء و قاتمة لم ينسها يوما , سبقت المأساة التي عاشها يتيما وحيدا لباقي عمره . فيما هو غارق في التفكير ، دخل علي مكتبه و نادى على اسمه , لكنه لم يجبه رغم أنه كرر ذلك أكثر من مرة . لاحظ علي شروده غير المسبوق ، تقدم بتأن إلى حيث يجلس , و أفزعه بصوته بعدما رأى صورة أسيل مكبرة على الشاشة , و قد نسيها كريم بعدما غرق في ذكرياته " كريم من هذه الفتاة ؟ " قفز كريم من مكانه و قد جفل , و سارع لإغلاق الملف أمامه " لا شيء ، مجرد اعلانات أرسلوها إلى بريدي الإلكتروني " استغرب علي ردة فعله الغريبة ، إلا أنه لم يعلق على الموضوع ، و بادره بما جاء لاخباره " حسنا جهز نفسك ، سنخرج للقاء المحامي على الغداء ، يقول أنه جهز العقود أريد الإطلاع عليها " " أجل " أجاب كريم و سارع لجمع أغراضه للمغادرة . . . . في الجانب الآخر ، أنهت أسيل امتحانتها و عادت الى البيت ، و هي لا تزال تشعر بالغضب مما حصل مع حسام , لكن ما شغل بالها أكثر , ما قاله عن كون كريم رد عليه ليلتها . " في تلك الليلة فقدت هاتفي , و لم استرجعه إلا في اليوم الموالي " ذكرت نفسها بما حصل في تلك الليلة هل يمكن أن يكون كريم عثر عليه في السيارة بعد مغادرتها ؟ غير ممكن فقد فتشا المكان جيدا , ثم هي متأكدة أنها فقدته في البناية . " هل يعقل إذا أن كريم عاد لاسترجاعه ؟ لم لم يخبرها إذا ؟ لم رد على حسام و لم حظر اسمه ؟ أو أن حسام كذب بشأن الأمر كله ، حتى يعرف حقيقة علاقتها بكريم ؟ " كانت أسيل تشعر بالفضول , عما دار بين الرجلين ليلتها , ان كان ما قاله حسام حقيقي , لكنها كانت تشعر أيضا بالامتنان لكريم , لكل ما فعله لأجلها , و هي بدأت تقلق بالفعل , بسبب تهديد حسام بإيصال الأمر إلى والدها ، إن علم هو أو شقيقها بالموضوع , فقد يكون كريم في موقف سيء , و قد يتسببان له بالأذى , خاصة أنه رجل بسيط و في حاله . هما ليس بينهما شيء , و هي لن تسمح بأن يعاني , بسبب ذلك النذل و افتراءاته , لذلك قررت ألا تذهب مجددا للبحث عنه أو رؤيته ، يكفي ما عاناه لحد الآن بسببها . . . . في بيت علي بعد توضح الأمور ، عادت المياه إلى مجاريها ، تصافت النفوس و هدأت الأوضاع ، خاصة مع قدوم شهر رمضان , فقد خفض الجميع أسلحتهم ، و قرروا عقد هدنة مؤقتة , للاستمتاع بالشهر الكريم . يوم قبل بدء الأيام المباركة ، كانت التحضيرات على قدم و ساق داخل البيت " ملك حبيبتي لم تجيبيني ، ما الذي تحبينه على السحور ؟ " سألت فاطمة ملك للمرة الثالثة اليوم المرأة هي المسؤولة عن تحضير الطعام ، و هي تحب أن يحصل كل فرد هنا , على ما يشتهيه حتى الخادمات ، فهذا شهر الخير و الصدقة , لكن ملك غير متطلبة كعادتها " لا بأس خالة فاطمة ، بإمكاني أن آكل مما تتناولونه ، ليس هناك من داع لازعاج نفسك " عبست فاطمة من تهربها و نهرتها " لا سمح الله ابنتي , أنت في بيت الكرماء ، لا يعقل أن تصومي طوال اليوم ، و تفطري على شيء لا تحبينه " فاطمة تعرف جيدا مدى عزوف ملك عن الأكل منذ قدومها ، و رغم أنها تحثها في كل مرة على طلب ما تريده ، إلا أنها لا تكلفها بإعداد شيء ، و لكن الصوم أمر آخر . استسلمت ملك بعد إلحاح شديد من فاطمة " حسنا لا بأس ، أنا سأعد شيئا آكله ، لا داعي لأن تشغلي نفسك , بالمناسبة هل لديكم كسكسي ؟ " حدقت فاطمة إليها قليلا ثم أجابت " لا ليس هناك كسكسي في البيت , لا أحد يتناوله هنا , لكن سأرسل ابراهيم لاقتنائه " " جيد " أضافت فاطمة بعدما فكرت لبرهة " و هناك القدر التي يطبخ فيها , لا أدري ما اسمها " " تقصدين الكسكاس ؟ " " أجل هذا , مريم أحضرت اثنين منه , حينما زارت المغرب سابقا مع علي , إضافة الى بعض الأواني التقليدية , صحون و ملاعق سأخرجها لتستخدميها " ابتهجت ملك لسماع الأمر " شكرا خالة " في السحور استيقظ الجميع , و بدؤوا في تحضير الطاولة , جلس علي الذي بدأ بتناول الحليب , مع الكعك كعادته في السحور , أصلا هو لا يتناول الحليب إلا في رمضان , الى جانبه كانت تجلس رنا , مع عينين نصف مغلقتين , تتناول تماما ما يتناوله والدها ، فهي تقلده و تحاول أن تصوم بعض الأيام للتعود , رغم اعتراض علي إلا أنها كانت عنيدة , الى أن رضخ أخيرا بمساعدة من حليفتها , و قبل أن تصوم اليوم الأول . و كانت ملك آخر من جلس الى الطاولة , مع صحن فخاري كبير في يدها , وضعته أمامها و بدأت تأكل ملاعق ممتلئة منه , فيما بدا أنها تستمتع بما تتناوله , الاثنين الآخرين كانا يراقبانها بتركيز كبير , رنا كانت نظراتها فضولية , أما علي فلم يسبق أن رآها , تأكل بشراهة مثل الآن و قد بدا مستغربا . لكنه بدأ بتغيير رأيه مؤخرا فيما يخص , علاقة الطعام باكتساب الوزن و ملك أفضل مثال , ففي كثير من الأحيان تتناول أطعمة , لا علاقة لها بالحمية أو الأكل الصحي ، و لكنها تتمتع بجسم رشيق و خصر نحيل . " ما هذا ؟ " غلبه فضوله أخيرا و سأل , محدقا الى الطبق الغريب رفعت ملك رأسها و أجابته ، و هي تمضغ ما في فمها " مسفوف " "...." و كأنها متأكدة أنه سيعرف مباشرة , بمجرد أن تخبره اسمه حدق علي إلى الصحن أمام ملك و تساءل مجددا " أليس هذا كسكسي ؟ " و قررت ملك ارضاء فضوله " بلى لكن مع الزبيب و السكر و الزبدة , نحن نأكله على السحور لما يحويه من طاقة , تساعد على الصيام دون مشقة " هز علي رأسه بتفهم ثم سأل نفسه " ألا يحضر الكسكسي مع المرق و الحمص و الخضار ؟ " هو سبق و أن تناوله في زياراته إلى المغرب و الجزائر , لكنه لم يعلق على اختراعها الجديد , و لم ينتبه إلا و هو يبتلع ريقه , و كأنه اشتهى ما تأكله ، لأن طريقتها في التهامه بدت فعلا مشهية . " هل هو لذيذ ؟ " سألها و هزت ملك رأسها بالايجاب ، مصدرة صوتا مستمتعا تعبيرا عن رأيها " امممم " و قد انتبهت الآن فقط أن الاثنين , يحدقان إلى ما تأكله بعيون واسعة . " هل تريدان التجريب ؟ " عرضت ملك عليهما مشاركتها طعامها , هي لم تفعل سابقا ، لأنها تعرف هوس علي بالأكل الصحي ، و كيف أنه برمج ابنته على تناوله ، و لم تجرؤ على تحديه و افساد برنامجه , لكن التعبير على وجهيهما الآن , و هما يحدقان اليها بمليون دولار " أجل " أجاب علي و هزت رنا رأسها بكل حماس . ابتسمت لهما ملك , و قدمت الصحن إلى وسط الطاولة , ثم ذهبت لإحضار ملاعق اضافية . " هل سنأكل من نفس الطبق ؟ " سأل علي بتوجس و نظرت إليه ملك بلؤم " أجل هاته الأطباق مصنوعة خصيصا ، ليأكل منها مجموعة من الأشخاص , لكن إذا أردت أحضر لك طبقا " ( هذا الرجل و وسواسه القهري ) تذمرت ملك بينها و بين نفسها هز علي رأسه رافضا " لا لا بأس سأتذوق فقط " هذا كان رأيه قبل أن يبدأ الأكل ، لأنه شعر بأن طعمه غريب و لن يعجبه ، لكن بمجرد أن تذوق أول ملعقة ، لم يتوقف حتى صار آخر من بقي على الطاولة ، تحت أنظار ملك و رنا المستغربتين , من التهامه لطعامهما دون مراعاة . بعد أن اكتفى وضع علي ملعقته مسح فمه و تنهد " الحمد لله " حدقت إليه ملك باستغراب ، و لم تجد ما تقوله للرجل , الذي التهم سحورها للتو سوى " صحا ليك , هل أعجبك إلى هاته الدرجة ؟ " هز علي رأسه " اممم لا بأس به " ملك "...." ( هل كان سيأكل الصحن ان كان أعجبه اذا ؟ ) لكنها عرضت عليه بكرم , داعية الله ألا يتعب معدته و يخنقها بسبب ذلك " إذا أردت أنا أتسحر به كل ليلة ، سأترك لك بعضه " لم يمانع علي كما تعود ، بل سارع الى الموافقة " أكيد طعمه جيد " قال و قد بدل رأيه فورا , فقد كان تغييرا مميزا في لائحة طعامه , رغم أنه نيق جدا و متكلف , إلا أن ما صنعته ملك نال إعجابه . بدأ شهر الصيام و نزلت معه الرحمة على البيت و أهله , لم يعد يسمع صوت النقاشات و المجادلات , صارت ملك تتجنب علي ، حتى لا تخوض في معارك لفظية معه , كما تعودت و تفسد صيامها , هو الآخر كان منشغلا جدا بين العمل و العبادات ، و لم يكونا يجتمعان إلا على طاولة الأكل , و كانت مريم تنزل من وقت الى آخر , لتشاركهم الافطار رغم أنها لا تصوم . و بدل الجلوس على رأس الطاولة كما تعودت , أخذت مكانها الى يسار علي مقابل ملك , و الى جانبها ابنتها , مما أشعر الرجل بالتهديد , يوميا على طاولة الافطار , و الثلاثة تتآمرن عليه لانهاء الأطباق اللذيذة , رنا و معركتها الدائمة من أجل الحلويات , و مريم و فضولها اتجاه كل ما هو جديد على الطاولة . لكن بالنسبة لعلي فقد كان أروع رمضان عايشه في حياته , منذ كان طفلا مع والديه , مع كل الدفء الذي يلف المكان . في المقابل أدمنت ملك المطبخ في رمضان ، تماما كما كانت في بيتها , و لم يخل فطور يوما من أحد أطباقها التقليدية ، من شوربة الى حريرة حميص بوراك شخشوخة و غيرها . و في كل مرة كان علي يعلق على ما تضعه ، بأنه غير صحي و سيؤدي إلى اكتسابها وزنا ، و يؤذي صحتها بسبب احتوائه على الكثير من الدسم , لكنه في النهاية يأكل منه , دون توقف بمجرد أن يتذوقه ، حتى أنه يتناول نصيب رنا في كثير من الأحيان , و يتسبب في اثارة سخطها , خاصة حينما يتعلق الأمر , بأطباق التحلية كالهريسة الحلوة , المحلبي أو المقروض , لكن ملك كانت تراضيها , بأن تحتفظ بكمية إضافية من أجلها , و ينتهي بها المطاف بالسخرية من انتقاده لها . لكن لا أحد يستطيع لومه ، فلم يكن أحد من البيت , يعلم أنها تجيد تحضير كل هذه الأطباق , هو نفسه لطالما اعتقد , أنها مجرد فتاة مدللة وحيدة والديها , هو يعرف جيدا من أية بيئة أتت ، و في أي بيت نشأت ، لذلك لم يخمن يوما أن بامكانها اجادة الطبخ , و صنع الحلويات الى هذه الدرجة , و قد كانت ملك بمثابة مغارة علي بابا , التي لا تنتهي كنوزها , لكن اندهاشه لم يكن فيما تحضره , و لكن كان في استمتاعه به في كل مرة , دون تعليق سمج من تعليقاته الشهيرة , و هو الذي عرف بانتقاده لأكل المطاعم الفاخرة , حتى في البلدان الأوروبية , لكن مع ما تحضره ملك , انتقلت حاسة الذوق تدريجيا من لسانه الى قلبه . في الجانب الآخر كان كريم يصوم وحيدا , رغم الحاح علي عليه بأن ينظم الى العائلة و يشاركهم افطارهم , الا أنه لم يلب الدعوة الا مرتين , لم ير أسيل منذ حادثة الورشة , و لم يسمع عنها شيئا , حتى أنه أمر رجله بالتوقف عن متابعتها , خشية التسبب لها بالمتاعب , خصوصا أنه رأى مقدرتها على الدفاع عن نفسها , و انشغل طوال الشهر بالعمل , لأنه لم يتوقع أن يقابلها ثانية , أو بالأحرى أقنع نفسه , أن لا جدوى من البقاء على علاقة معها , الفروق بينهما كبيرة و حياتها معقدة بالفعل , لا داعي لاضافة تطفله عليها لحزمة مشاكلها . . . . مرت الأيام سريعا و جاء العيد ببهجته المعتادة , و رغم أن ملك كانت تفتقد بيتها بشدة , الا أنها لم تتردد في لبس ملابس جديدة أسوة بالآخرين , متذكرة قول والدها , بأنها يجب أن تكون سعيدة يومها ارضاءا لله تعالى . لذلك لبست العباءة التي تلقتها هدية , من فاطمة في عيد ميلادها , و أسدلت شعرها بعد أن صففته , نزولا عند رغبة رنا , و رغم بساطة مظهرها الا أنها بدت فاتنة . تجمع الجميع في الصالون بعد الصلاة لتبادل التهاني , و بمجرد أن دخل علي من الباب , حتى ركضت رنا ناحيته , احتضنته و قبلته بطريقتها الخاصة , ثم مدت يدها تريد العيدية . ضحك الجميع من تصرفها , لكنها كانت متحمسة و سعيدة جدا , و سرعان ما صعدت الى غرفة مريم لتحصيل باقي الأموال , لن تسمح لهم باهدار حقها في عيديتها . بعدها تقدمت فاطمة لتهنئته , ثم سارة التي لم تصم أصلا , و التي أرادت اعطاءه قبلتين أسوة بفاطمة , لكنه سارع و مد يده يصافحها لايقافها , فما كان منها الا أن أنهت الأمر سريعا , و غادرت لاجترار احراجها . و في الأخير حان دور ملك , التي كانت تقف هناك بارتباك , بعدما جرتها فاطمة معها , و لم تجد مهربا من تهنئته , فهذا عيد قبل كل شيء " صحة عيدك سنين دايمة ان شاء الله , كل عام و أنت بخير " قالت بصوت هامس , و هي تحاول ألا تحدق ناحيته , حتى لا يعلق على شكلها و مظهرها , لا تريد سماع سخريته التي ستنغص عليها بهجتها . لم يفهم علي كل ما قالت , لكن واضح أنها تهنئة العيد الخاصة بها , طبعا هو لا يمكنه ألا يعلق , و يشاغب كطفل صغير , فقد أدمن رؤيتها محرجة بوجه مثل الطماطم , رفع حاجبه باستنكار و تحدث بجدية " هكذا فقط , أليس من المفترض أن نسلم على بعضنا ؟ " نظرت اليه ملك باستغراب من جرأته , و قد أصبحت معه لا تفرق الجد من الهزل " ألم يرفض قبل قليل التسليم على سارة بطريقة فظة ؟ " تمتمت بينها و بين نفسها , و سارعت للرد عليه " لا لا يوجد الا هذا " و مدت يدها ناحيته لمصافحته , قبل أن يصر المجنون على أخذ قبلة و تضطر الى ضربه , طبعا حصل علي على فرصته لازعاجها , لذلك سارع للامساك , بيدها الصغيرة بين يديه الاثنتين بقوة , و بدأ بالتحدث دون توقف " عيدك مبارك , كل عام و أنت بخير و الأمة الاسلامية بخير , تقبل الله منا و منكم و غفر لنا و لكم , عساكم من عواده و كل عام و أنت في بيتك ... " "...." نظرت اليه ملك بفم مفتوح من الدهشة و هي تتساءل " لم يبدو و كأنه سيتلو كل تهاني العيد التي يعرفها , و هو يتعلق بيدها و يرفض اطلاقها , كأنها التصقت هناك بالغراء ؟ " بمجرد أن شعرت ملك أنه يتعمد فعل ذلك , سرعان ما احمرت وجنتاها تحت نظراته الماكرة , و هي تحاول تخليص يدها من قبضته الحديدية , و قد سرت رجفة غريبة في جسدها , لكن علي أخذ وقته لتأمل ملامحها , حتى أطلقها أخيرا مع ابتسامة شريرة , بعد أن ترك فيها مبلغا من المال أسوة بالآخرين . هو يستمتع كثيرا برؤية تأثرها به و بقربه , يحب رؤية خجلها بريق عينيها , و ارتجافة يديها حينما يدنو منها , و قد لاحظ منذ مدة أنها لا ترتبك الا أمامه , و ليس مع رجال آخرين , و هذا شيء يسعده و يرضي غروره و تملكه . حدقت ملك بفضول الى حزمة الدراهم في يدها , خطت بعدها خطوتين الى الوراء مع نظرة تحذيرية , لكن لسانها انعقد و لم تستطع زجره , و لم تجد غير الفرار الذي أصبحت تجيده " سأذهب لتهنئة مريم " قالت و انصرفت سريعا تحت نظراته الدافئة , التي بقيت تراقبها الى أن اختفت , بلمعة شغف في عينيه و ابتسامة رضا على فمه , الابتسامة التي تثير سخط احداهن , كلما وقعت عينيها على التصرف الحنون المكشوف من علي اتجاه ملك , و حقدها يأكلها و يزيد كل يوم . ملاحظة : سنين دايمة هي تهنئة العيد من الشرق الجزائري , و تعني سنين دائمة من الفرحة و المحبة و الصحة و الهنا . سنينكم دايمة ان شاء الله 💞💞 😘💞💞 ....... | ||||
26-10-20, 10:36 PM | #548 | |||||||||||
نجم روايتي
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 25 ( الأعضاء 15 والزوار 10) موضى و راكان, أميرةالدموع, ebti, لاار, Kokinouna, samam1, ملك علي, nora74, وفاء123, طلع القمر, أميرة الساموراي, ملك اسامة, غير عن كل البشر, Amanyi, بلانش مساء الخيرات و المسرات لكل الحاضرين و الحاضرات كل عام و انتم جميعا بخير و سعادة بمناسبة الايام الكريمة التى تمر علينا و مولد رسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و سنين دائمة فى طاعة رب العباد مملوءة بركة و صحة و عافية فصل ممتع للغاية كريم و أسيل بيشعرونى بالسعادة و الفرح حاجة خفيفة كده على القلب ملك و على الاوضاع مستقرة بمناسبة الأعياد و ربنا يديم الود و الأفراح | |||||||||||
26-10-20, 10:44 PM | #549 | ||||||||
| فصل رااااائع كالعادة تسلم ايدك👏👏👏👏👏 تفاجأت من قوة أسيل وأحبب شخصيتها أكثر فبعد كل شيء ليست انسانة ضعيفة و لكنها متسامحة مع الآخرين لأقصى درجة 😊😊😊😊 تأكدت ان سالم شخصية كريهة اكثر و اكثر هو بتعنيفه لاسيل يعاقب طفة لمجرد اختيارها امها فعلا انسان مريييض😡😡😡😡 كريم المسكيييين و تخبطااااته و لكنه معذوووور انسااان عاش كل حيااته وحيدا أكيد سيرهب من حياة جديدة بمشاركة اي كان جد متشوقة للقاء أسيل و كريم القادم خاصة بعد انسحاب اسيل خوفا عليه😔😔. المشاهد ببيت علي حبيييييتهم❤❤❤❤❤❤ فعلا لا استطيييع وصف مدى الفخر و الفرح عند ذكر تقاليدنا في رمضان و العيد 😍😍😍 | ||||||||
26-10-20, 10:47 PM | #550 | |||||
| اقتباس:
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 49 ( الأعضاء 21 والزوار 28) ملك علي, آلاء الليل, شموسه3, k_meri, نجمة القطب, Amanyi, NoOoShy, Alaa_lole, تفاءل..., يوسف طنجة, مريم@, منيتي رضاك, amana 98, أميرةالدموع, ebti, لاار, Kokinouna, samam1, nora74, وفاء123, طلع القمر شكرا حبيبتي ❤️💖🌺🌺🌺🌺🌹🌹🌹🌹🌹🌹 كل عام و انتم بخير و سنين دايمة من فمك كي العسل حبيبتي اللهم صل على محمد وال محمد اشرف الخلق و خاتم الانبياء والمرسلين و اكتب لنا شفاعته يوم الدين 💖💖💖💖💖💖 | |||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ، |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|