13-08-20, 06:39 PM | #43 | ||||
| البارت الرابع عشر المصائب لا تأتي فرادى فيما كان الفندق و عماله , يرزح تحت وطأة البركان الذي انفجر فجأة , كانت ملك تغط في نوم عميق في فندقها , رغم أن الساعة تجاوزت منتصف النهار , لم يسبق أن فعلتها حتى بعد مناوباتها المنهكة , لكنها كانت على حافة الانهيار من شدة التعب و التوتر , و لم تستفق الا حينما استمر الهاتف في الرنين , للمرة الثالثة و أقلق راحتها أخرجت ملك يدها من تحت الغطاء , تناولت الهاتف و دون أن تفتح عينيها ردت " ألو " قالت بصوت خافت و رد الطرف الآخر بحماس " ألو صباح الخير آنسة ملك " بما أن ملك لم ترد قبلا , فقد اعتقدت أمينة أنها لن ترد عليها , و لكنها تفاجأت بها تفتح الخط في المرة الثالثة , بمجرد أن سمعها علي , حتى أشار لها بأن تفتح المكبر , و أن تتبع التعليمات التي يكتبها لها , لم تعرف ملك من معها على الهاتف " صباح الخير , عفوا من معي ؟ " " أنا أمينة مسؤولة العلاقات العامة من فندق فينوس " بمجرد أن سمعت ملك اسم الفندق , حتى تذكرت كل ما حصل ليلة أمس , فتحت عينيها و جلست في مكانها بسرعة , و بدأت بالتفكير في الوضع و هي تشبك أصابعها في شعرها " هل يعقل أن ذلك المجنون لا يزال يلاحق الأمر ؟ و قام بالاشتكاء عليها الى مسؤولي الفندق ؟ ربما كان عليها أن تشتكي عليه أولا و ألا ترحل بكل بساطة " فكرت ملك بينها و بين نفسها دون أن تبدي شيئا , و كانت أمينة من بادر بالكلام " في الحقيقة آنستي , اتصلت لأعتذر عن الفوضى التي حصلت بالأمس , أعلموني صباحا أنك غادرت باكرا , بعدما حصل خطأ في الحجز " تنهدت ملك باطمئنان لأن الأمر لا يتعلق بذاك الرجل المستفز , و أجابتها بتهذيب كعادتها " لا بأس سيدتي , لا داعي للاعتذار أنا فعلا بخير " شعرت ملك ببعض الارتياح , مادام مسؤول من الفندق قد اتصل للاعتذار , أكيد أن الموضوع قد تمت تسويته , و أن ذلك الرجل قد أخذ جزاءه , و لن تتعرض لمضايقته مجددا " لا آنستي أنا مصرة على التعويض , اسمحي لي أن أتصل لاحقا لأحدد موعدا على الغداء " قالت أمينة قاطعة عليها تفكيرها , لكنها رفضت بلباقة " لا داعي لأن تتعبي نفسك سيدتي , لم يكن الأمر خطأك , ثم أنا فعلا لا أفكر فيما حصل الآن " لم ترد ملك أن تكون لها أية علاقة بذلك الفندق مجددا , فالأمر يثير سخطها و توترها . لكن أمينة أصرت مجددا بايعاز من علي , حتى رضخت ملك لطلبها لتنهي الحاحها المحرج , و ما كان منها الا أن أعطتها عنوان الفندق حيث تقيم , كان يبعد خمسمائة متر فقط عن فندقهم . بعد تبادل حديث عادي , و تكرار الاعتذار أقفلت أمينة الخط , كان علي بما فعله يريد جس نبضها و عدم ارباكها , حتى لا تتخلص سريعا مما أخذته . ان شعرت أنه عرف الحقيقة , و أنها متهمة بالسرقة ستختفي دون أثر , لذلك قرر التصرف بترو و عقلانية حتى يستعيد ممتلكاته . " لم تبتعد كثيرا " علق علي ردا على مكان تواجدها , ثم توجه بالسؤال الى أمينة " كيف بدت حينما ردت عليك ؟ " فكرت المرأة لبرهة ثم أجابت بكل بساطة " كانت تبدو نائمة " "....." حسنا ليست الاجابة التي توقعها , هو يعترف الآن أن هذه اللصة تصدمه في كل مرة بتصرفاتها . " ضع مراقبة لصيقة عليها , خاصة هاتفها و فتش غرفتها بدقة , اعرف بمن تتصل الى أين تذهب و ما خططها ؟ أريد كل تفاصيلها اليومية ثانية بثانية " قال علي موجها كلامه لكريم , و هما في طريق العودة الى الشركة , لم يعد هناك ما يفعلانه في الفندق , فالجهاز ليس هناك بالتأكيد . فكر علي قليلا ثم أضاف " أريد تقريرا دقيقا عن حياة هذه المخادعة , منذ ولدت الى هذا اليوم , أقسم أنها لن تفلت بما فعلته , سأجعلها تلعن اللحظة التي فكرت فيها اعتراض طريقي و الاحتيال علي " بعد أن دخلا المكتب بساعة , و فيما علي غارق في التفكير في كيفية الخروج من هذا المأزق , رن هاتف كريم و بعد أن أجاب , تغيرت ملامح وجهه الى الاستياء بالنظر اليه راود علي احساس سيء , لم يبدو بأن هذا اليوم لن ينتهي على خير ؟ و ما لبث كريم أن أكد هواجسه و مرر له الهاتف " سيدي مسؤول الاعلام و الاعلان في الشركة يريد التحدث معك " هذا الرجل مهندس اعلام آلي محنك , مكلف مع فريقه بادارة الاعلانات , و الصفحات الالكترونية الخاصة بالشركة و أعمالها , عمله أن يقوم يوميا بتمشيط المواقع بحثا عن أخبار تخص مجموعة " العلي للسياحة و الفندقة " السيئة منها قبل الجيدة , عادة يتولى الأمور بنفسه , لا يتصل بعلي الا في الأزمات الكبرى , و اتصاله الآن مؤشر سيء جدا , صحيح صدق من قال أن المصائب لا تأتي فرادى . أخذ علي نفسا عميقا و مد يده و تناول الهاتف من كريم " أنا أستمع " " مساء الخير سيدي , هناك أمر خطير أود ابلاغك به " " تكلم " أعطاه علي الاذن بصوته الجهوري , و صمت الرجل لثانيتين قبل أن يسترسل " ظهر اليوم مقطع فيديو في قناة على اليوتيوب , يحظى بنسبة مشاهدة عالية , أعتقد أنه يخص حضرتك , أنا بصدد التعامل مع المشكلة بالفعل , لكن أرتأيت أن تطلع على الأمر بنفسك " طوال الوقت هناك اشاعات كثيرة تحوم حول علي , كونه رجل أعمال مشهور و شخصية عامة , بين زواج طلاق خسائر في الأعمال , جدل حول المشاريع و الثروة و الكثير غيرها . لكنه لم يكن يرد على معظمها , لأنها دون مصداقية و دون أدلة , لذلك كان يكتفي بتجاهلها , و هي ما تلبث أن تختفي سريعا و تلقائيا , لكن ما تحدث عنه المهندس للتو أمر مغاير تماما , ورطة حية بالصوت و الصورة , أغلق علي الخط سريعا , و فتح هاتفه على القناة التي ذكرها الرجل قبل قليل و صدم لما رآه كان فيديو من خمس دقائق , يصور ما حصل ليلة أمس , من لحظة خروج ملك مطرودة من غرفته , ثم تم تقطيعه الى غاية خروجه بعدها من الغرفة , و نظرة الاحتقار على وجهه , فيما ملك تجلس في الرواق بيأس , وصولا الى لقطة رجلي الأمن , و هما يحاولان اخراجها من المكان , و جدالها معهم بشراسة . تمت منتجة الشريط بطريقة احترافية , ليظهر علي كوحش شديد القسوة , يطرد امرأة ضعيفة من غرفته بعدما استغلها , و تركها لعماله حتى يقوموا بطردها كانت الوجوه مموهة و لم يتعرف أحد على ملك , لكن الكثيرين تعرفوا على علي , كيف لا و هو شخصية عامة معروفة , حتى أنهم أشاروا اليه بأحرف اسمه الأولى . لكن كل ما في التسجيل شيء , و عنوان الفيديو مصيبة لحالها " فضيحة رجل أعمال مع بائعة هوى في فندقه " كلمات قاتلة بالنسبة لرجل في مثل مكانته . شعر علي بأن كل حواسه شلت , أغرق عرق بارد جبينه و ظهره , و ارتجفت يداه مع كل تعليق قرأه تحت الفيديو " وحش يتخفى خلف قناع البر و الاحسان " " بسبب أمثال هذا الحيوان انحط المجتمع و فسدت الأخلاق " " يعتقد أن بامكانه معاملة الآخرين كالحيوانات مادام لديه بعض المال " " حسبنا الله و نعم الوكيل على هذا ال..." وابل من الشتائم و غضب عارم من المعلقين , أجمعوا كلهم على ادانته و التعاطف مع ملك . أغلق علي الصفحة و عاود الاتصال بالمهندس " اتصل بالمحامي و أعلمه بالموضوع , لديك الضوء الأخضر , افعل كل ما يلزم ليختفي الفيديو " قال بصوت بارد لكن نبرة الغضب كانت واضحة جدا " حاضر سيدي " أجاب الرجل باحترافية و أغلق الخط . طبعا الأمر هين فيما يتعلق بصفحة اليوتيوب , لأنهم بمجرد أن يصلهم اخطار من المحامي برفع قضية على قناتهم , فانهم سيوقفون بثه مباشرة , فمن ذا الذي يجرؤ على الوقوف , أمام رجل مثل علي في المحاكم في قضية تشهير ؟ المشكلة كانت في باقي الصفحات , و الأفراد الذين حملوا الفيديو و بدأوا ببثه , كان لزاما على الفريق تقفي أثرهم واحدا واحدا , و الزامهم بالتوقف عن نشره , و ان لزم الأمر قرصنته , فعلي طلب محوه بأية طريقة و الأمر واضح . بعد انتهائه من المكالمة , فتح علي صفحة البورصة , و كما توقع بدأت خسائر أسهمه , على وطأة الأخبار المنتشرة , و هي مستمرة و بوتيرة سريعة , بما أنه لا يزال هناك وقت على الاغلاق , لا يمكن ألا يؤثر خبر كهذا على أعماله , هذه ضريبة الشهرة و الثراء . زاد غضب علي حتى بانت عروق رقبته , ألقى الهاتف بغيظ ناحية الحائط مقابله و الذي تفكك الى أجزاء ضم يديه الى جانبي كرسيه بكل قوة , حتى كادت تتحطم مفاصله , محاولا ألا يفقد أعصابه في المكتب و أمام عماله , لكنه لم يلبث أن مد يده , و ألقى ما على المكتب الى الأرض " جيد جيد جدا , منحرفة نكرة لا تساوي فلسا , تتلاعب بي و تسرق أغراضي , و تتسبب في فضيحة بهذا الحجم , تجعل العالم كله يلعنني , و أخسر بسببها كما لم يحدث في حياتي " قال مكلما نفسه بغضب , و هو يكز على أسنانه و يمسح على جبينه , مع ابتسامة استياء على جانب فمه كان علي ساخطا و قلبه يملؤه الحقد , لو كان تعرض لسطو مسلح مباشر , ما كان ليغضب الى هذه الدرجة , لكن ما يحز في نفسه , أنها احتالت عليه و تسببت في اهانته و اذلاله , ففكرة أن يخدعه أحدهم , و يستولي على ما يخصه و يشهر به , أمر يجرح غروره و كبرياءه , و يهز ثقته في نفسه , علي الذي كان طوال عمره , يعتز بذكائه و هيبته التي لا يهزها شيء , تأتي امرأة عديمة الأخلاق بائعة هوى , لتضرب بكل هذا عرض الحائط , لا يمكنه الا أن يحقد عليها و يخطط للانتقام منها , حتى لو استعاد ما أخذته ستدفع الثمن غاليا , يريدها عبرة لمن تسول له نفسه اعتراض طريقه , هو الآن فعلا يريد أن يضحك بصوت عال على نفسه , كيف كان غبيا ليتركها تفلت من بين يديه بتلك البساطة , و تغادر تلك المحتالة تحت أنظاره هكذا ؟ حتى أنها سلمها الأغراض بيده " أدع الله ألا تقعي في يدي , لأنني لن أرحمك أيتها الساقطة " قال محدثا نفسه ثم خاطب كريم " شدد المراقبة عليها بقدر ما تستطيع , و ضع مراقبة على حراس الأمن و عامل الاستقبال " الفيديو الذي شاهده علي , كان مقتطعا من كاميرات المراقبة الخاصة بالفندق , لم يكن تسجيلا عشوائيا على هاتف أو كاميرا , لا يعقل الا أن يكون قد سرب من طرف العاملين فيه , لأن لا أحد يمكنه الولوج الى التسجيلات عداهم , اضافة الى أنه أدرك أن هذه المرأة محترفة , و أكيد هناك من يقف خلفها , و الا ما خططت للأمر بهذه الدقة , و هو الآن يريد العصابة كلها . " حاضر سيدي " . . . . . . . . . . . البارت الخامس عشر لم يكن خطأ أنا رتبت الأمر في الفندق كانت ملك قد استفاقت تماما , بعدما أنهت المكالمة مع أمينة , و بدأت تشعر بالجوع فقد فوتت الافطار , و على وشك تفويت الغداء . مدت يديها و مددت جسمها و قد شعرت أنها استعادت حيويتها , بعد ليلة الرعب التي عاشتها , و أول شيء فعلته كان أن اتصلت بوالديها , قبل أن تغادر الفراش لطمأنتهما " صباح الخير ماما " " صباح الخير حبيبتي , كيف حالك ؟ " " بخير اشتاق لكما كثيرا " " كيف سار الأمر البارحة , هل وفقت في تقديم عرضك ؟ " كانت ملك قد تفادت الاتصال بوالدتها , البارحة مساءا لأن الوقت كان متأخرا , و لم تواتها الفرصة الا الآن " أجل حبيبتي كل شيء سار على ما يرام , لا تقلقي " طبعا ملك لن تخبر والدتها شيئا مما حصل , و الا ستنتابها نوبة ذعر و ستكون معها خلال ساعات , ما دام لم يحصل مشكل كبير و هي بخير فلا داعي لذكر الأمر . استمرت المكالمة لدقائق , و أغلقت ملك بعد أخذها وابلا من التعليمات , للاعتناء بنفسها و الاستمتاع بوقتها و عدم تفويت الوجبات . قامت بعدها ملك و أخذت دشا ساخنا , ثم غيرت ملابسها استعدادا للمغادرة , كعادتها لم تتكلف في لباسها , مجرد قميص أسود بكمين , مع سروال جينز بنفس اللون و حذاء رياضي أبيض , ثم أضافت سترة جلدية خفيفة , تحسبا لبعض البرد في الخارج . بعد تناول غدائها خرجت ملك للتجول , كانت قد وضعت قبل وصولها برنامجا عبر الانترنت , لزيارة الأماكن السياحية الأكثر شهرة , و وزعته على عدد الأيام التي تبقاها هنا , أرادت رؤية غروب الشمس من مصاعد برج خليفة , و الاستمتاع بمنظر النافورة الراقصة التي ذاع صيتها عالميا , أرادت الاسترخاء في حديقة الزهور ليوم كامل , أخذ أنفاس نقية و التقاط الصور للذكرى . دون أن تنسى برمجة زيارة لأكواريوم دبي , و الاستمتاع بمنظر الكائنات البحرية هناك . الآن فقط أدركت أن عدد أيام بقائها هنا قد لا يكون كافيا , و ربما هي بحاجة للعودة مجددا في مناسبة أخرى , لكنها قررت أنها في المرة القادمة , ستقوم باصطحاب والدتها لقضاء عطلة , لعلمها بولعها بهذه الأمور الممتعة . . . في الطرف الآخر كان الفيديو قد اختفى دون أثر , بعد ستة ساعات من العمل الجاد من طرف الفريق , كما أن خسائر البورصة استقرت مباشرة بعد اغلاقها , لكن الشيء الوحيد الذي لم يهدأ هو حنق علي , و غضبه الذي تسبب له في أرق شديد . . . . بعد يومين كانت ملك قد استرخت كلية , و نسيت ما واجهته في أول يوم , كانت تستيقظ باكرا لتبدأ جولتها , تتنقل من مكان الى آخر , تلتقط الصور و تستمتع بالتسوق , حيث حرصت على ابتياع الكثير من الهدايا , لنفسها و لعائلتها و أصدقائها , لدرجة أنها اضطرت لاقتناء حقيبة أخرى . في هذه الأثناء كان علي يعيش على أعصابه , لا يغادر مكتبه و يعمل طوال الوقت , على محاولة استرجاع المعلومات التي فقدها . كان يجري اتصالات مكثفة مع مديري البنوك التي يتعامل معها , من أجل اعلامهم بالاستيلاء على معلوماته الخاصة , حيث كان يقدم طلبات لتغيير كلمات المرور و الأرقام السرية , كان الأمر هينا فيما يخص البنوك المحلية , لكن نظيرتها الأجنبية اقترحت تجميد التعامل بالأرصدة , مادام هناك شبهة استيلاء , الى أن يقدم علي طلبا شخصيا و يحضر بنفسه , بما أن الأمر يتعلق بملايين الدولارات , لن تتغير الأمور بمجرد اتصال هاتفي , حتى مع حضوره قد تستغرق الاجراءات وقتا مطولا , لم يجد علي بدا من قبول الأمر , رغم أن وقف الصرف من أرصدته , و مناقشة كل معاملة مهما كانت بسيطة معه شخصيا , سيؤثر على تمويل مشاريعه في الخارج , لكنه لم يجد مفرا من ذلك , في انتظار تنقله بنفسه الى هناك , رغم تعقد الوضع الا أنه يبقى أفضل الحلول المتاحة , فهو لا يريد المغادرة الآن , و ترك المشكلة معلقة دون حل , خاصة أن أمينة أخبرته أن ملك سترحل بعد أيام . هو يعلم ان ركبت هذه المحتالة الطائرة و عادت الى بلدها , فعليه أن ينسى تماما مسالة استعادة حاسوبه . فيما هو غارق في التفكير , يحاول التخلص من الصداع الذي لازمه لأيام , دخل عليه كريم و قد بدا مصدوما , و تكلم دون أية مقدمات " سيدي خسرنا المناقصتين اللتين دخلناهما منذ شهرين " كانت احدى المناقصتين لبناء برج سكني مع مول وسط المدينة , و الأخرى لقرية سياحية على شاطئ البحر في امارة عجمان . نزل الخبر كالصاعقة على علي , فقد كان واثقا من تحصله عليهما , لأن الاستطلاعات كانت تقول أن عرضه كان الأفضل , لكن خاب ظنه و حساباته , كانت هذه ضربة موجعة أخرى , بعد خسائر البورصة قبل أيام , كان علي كمن يخرج من ورطة ليقع في مصيبة , حتى أنه فقد القدرة على النقاش , تنهد بعمق حنى رأسه الى الخلف , أغمض عينيه المحتقنتين و مرر يده على شعره بتوتر " لمن ذهبت الصفقات ؟ " " الأولى لشركة سباركل الايطالية , و الأخرى لشركة الزعفري للبناء و التعمير " أجابه كريم و عبس علي هذا كان أكبر منافس له في مجاله , لطالما تنافسا بضراوة للظفر بالمشاريع . غمغم علي بينه و بين نفسه لكن كريم فهم قصده , لا يعقل أن تكون مجرد مصادفة بحتة , أكيد لها علاقة بما حصل قبل أيام , بادراك الأمر بدأ الخوف يدب في قلب علي " هل هذا معناه أنهم تمكنوا من الدخول , و فك شفرات مختلف الملفات في الداخل ؟ هل يعقل أن هؤلاء هم من استخدموا تلك المرأة ؟ أم أنها تعاملت مع آخرين غيرهم ؟ هل هذا معناه أنه سيخسر كل صفقة يدخلها مستقبلا ؟ " لم يعرف علي فيم عليه أن يفكر , فقد انهكت قواه و استنزفت أفكاره " ما أخبار المراقبة ؟ " سأل مجددا بصوت خافت " آسف سيدي فتشنا غرفتها ثلاث مرات دون جدوى , لا تتصل بأحد عدا أهلها و بعض معارفها من بلادها , لا تتواصل مع أحد هنا , و لم تلتق أحدا منذ أيام , قصدت بعض الأماكن السياحية و العامة , لا أماكن مشبوهة لحد الساعة , يعني تستمتع بوقتها كأي سائح عادي , حتى أنها لا تغادر غرفتها بعد العاشرة مساءا " " و اتصالات الانترنت ؟ " رد كريم بصوت خائب " لا يمكننا الاطلاع عليها , هي تستخدم هاتفها طوال الوقت , لكن لا نعرف ان كانت على اتصال بأي شخص أو لا " استمر علي بالسؤال " و التقرير الذي طلبته ؟ " " استغرق الأمر مني بعض الوقت , حتى أجد شخصا موثوقا للقيام به , كما تعلم لا حلفاء لدينا هناك , لا يمكنني أن أطلب من أي كان , التحقيق في خلفية المرأة و الا اتهمنا بالتجسس , الأجهزة الأمنية هناك لا يستهان بها , و على أعلى مستوى من اليقظة , لكنه سيكون جاهزا خلال أيام " نظر علي الى كريم بحيرة و سأله " أتعتقد أنها لا تزال تحتفظ به بعد كل هذه التسريبات و الفضائح ؟ أنا متأكد أنها سلمته و انتهى " فكر كريم قليلا قبل أن يجيبه " ربما سيدي و لكن قد لا تكون فعلت بعد , أو على الأقل تخبرنا لمن سلمته و نحن نتصرف " كانت الأخبار التي قالها كريم , بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس , بعد التفكير في الأمر أصدر علي آخر أوامره " أخبر أمينة أن تحدد معها موعدا على الغداء غدا , في أحد مطاعمنا و استدع مارك " لمعت عينا كريم بتوتر , فهو يعرف أن استدعاء علي لمارك , كاستخدامه لقنبلة نووية لحل المشكلة , و أنه وصل حد اليأس لايجاد حل على طريقته , لكنه لم يسعه الا تنفيذ الأوامر " حاضر سيدي " . . . . في مطعم فاخر متخصص في المأكولات البحرية وسط المدينة , مجهز بغرف خاصة من أجل الزبائن المميزين و المهمين , عند منتصف النهار وصل علي يرافقه كريم و مارك , كانوا قد اجتمعوا لساعتين قبل القدوم الى هنا , حيث قدم علي شرحا مفصلا لكل تفاصيل أزمته لمارك . هذا الأخير هو مستشار أزمات ملم بكل التخصصات , يلجأ اليه المشاهير و الساسة , للحصول على حلول للخروج من أزماتهم و فضائحهم , مهما كانت نوعيتها سياسية مالية أو أخلاقية , هو دائما لديه الحلول المشروعة و غير المشروعة , المهم أن ينقذ زبونه من الورطة التي وقع فيها , مقابل الحصول على مبالغ خيالية . لم يتوقع علي يوما أن يحتاج رجلا مثله , ليحل مشاكله و لكن للضرورة أحكاما . بعد جلوسهم مباشرة دخلت ملك المطعم , كانت قد اتفقت مع أمينة على الالتقاء هنا , دنت من النادل و سألت عن الغرفة رقم عشرة , و اقتادها هذا الأخير الى أمام الباب قبل أن ينصرف , دقت بعدها ملك برفق ثم دخلت الغرفة , توقعت أن تجد السيدة في الداخل , لكنها فوجئت بوجود ثلاثة رجال , اثنان يجلسان الى الطاولة , و الآخر يقف قرب الباب , شعرت ملك بالاحراج و سارعت للاعتذار " آسفة لقد أخطأت المكان " قالت بارتباك دون أن تحدق في وجوه الحاضرين , ثم همت بالعودة تريد معاودة الاتصال لتصحيح مكان اللقاء . لكن قبل أن تخطو خطوة واحدة , سبقها كريم و أغلق الباب من الداخل , ثم وقف خلفه مانعا اياها من المغادرة , كان كريم يسد الباب بجسمه الضخم , و يضع ذراعيه أمام صدره بطريقة متحدية , ناهيك عن نظرته الباردة , التي تجمد دماء من يقف أمامها . جفلت ملك من هذه الحركة المفاجئة , و دب الخوف في قلبها , فهذا الرجل يبدو و كأنه يجهز نفسه لجولة مصارعة , مع عضلاته المفتولة التي تكاد تمزق البدلة التي يرتديها , و قامته التي تقارب المائة و التسعين , كما أن ملامحه المتجهمة لا تحسن في الوضع شيئا . لم تفهم ملك لم يبدو بأن هذا الرجل يحاول احتجازها هنا " عفوا أريد المغادرة " ابتلعت ريقها و قالت بصوت هادئ , طالبة منه بكل أدب أن يدعها تمر , كانت يداها ترتجفان , و هي تضم حقيبتها الى جانبها محاولة تخفيف توترها . لكن كريم كان يقف كالصنم دون حراك , و كأنه لم يسمع ما قالت , هو حتى لا يرمش لتعرف ان كان حيا أو لا "...." بعدها انطلق صوت من ورائها , قاطعا وصلة تأملها مع كريم " اليوم لم يكن خطأ أنا رتبت الأمر " . في رأيكم كيف سيكون الصدام الثاني بينهما ؟ 💞💞💞 ......... | ||||
14-08-20, 09:34 PM | #46 | ||||
| البارت السادس عشر لم آخذ شيئا لأعيده " اليوم لم يكن خطأ أنا رتبت الأمر " كان الصوت باردا و حادا , يرسل قشعريرة في جسد كل من ينصت اليه . بسماع هذا الصوت , خفق قلب ملك بقوة و شحب وجهها , كيف لا و هو الصوت الذي هددها تلك الليلة , ببروده و تسلطه و جبروته , صوت لا يمكنها أن تنسى رنته و لو بعد ألف سنة . بلعت ملك ريقها و استدارت بحذر , تريد التأكد من ظنونها , ألقت نظرة متفحصة على الرجلين خلف الطاولة , و دون أدنى شك كان ذلك الرجل المجنون يجلس هناك . صحيح أنها لم تكن ترتدي عدساتها , تلك الليلة و نظرتها كانت مشوشة , و صحيح أن هيأته متغيرة عما كانت عليه , يبدو أكثر رسمية و هيبة في بدلته من سرواله القصير , لكنها لا يمكن أن تنسى هاتين العينين السوداوين , اللتين تطاردانها في كوابيسها منذ ليال , و كأنهما تحملان الموت لها . فيم هي تقف هناك متجمدة دون حراك , محاولة استيعاب الموقف نطق مارك " اجلسي لو سمحت , هناك أمر يريد السيد مناقشته معك " و أشار الى الكرسي مقابل علي . نظرت ملك الى وجهه نظرة خاطفة , ثم أعادت التركيز في وجه علي , و قد راودها احساس أنه ملك هذه الجلسة بلعت ريقها مجددا و أجابت , بصوت واثق قدر الامكان دون أن تبرح مكانها " ليس هناك أمور عالقة بيننا لنناقشها , أنا أريد الرحيل فورا " لم تفهم ملك عما يريد هؤلاء التحدث معها , هي حتى لا تعرف من يكونون , لا يعقل أنه لا يزال يحقد عليها بسبب تلك الليلة , و رغم أنها حاولت أن تبدو قوية , الا أنها كانت ترتجف من الداخل , و لم تستطع القيام بأية حركة . تكلم مارك مجددا بنبرة هادئة , فيم علي مستمر في التزامه الصمت , و نظرة الاشمئزاز و الاحتقار المعتادة لا تفارق وجهه , متسببة لملك في انقلاب معدتها , كان يحدق الى عينيها بكل تسلط , و كأنه على وشك الانقضاض عليها و خنقها " فعلا آنستي لا شيء ؟ و الفيديو ؟ " شعرت ملك بالحيرة أكثر , و نظرت ناحية مارك باستغراب " أي فيديو ؟ " لم تعرف ملك عن أي فيديو يتحدث , فولوجها للانترنت محدود بالصفحات الطبية , و النشاطات الاجتماعية التي تهتم بها , لا علاقة لها بسياسة أو رياضة أو اقتصاد , آخر همها هو البحث عن النميمة في الصفحات الصفراء , بالنسبة لها هو مضيعة للوقت , فما الذي ستستفيده من مشاهدة فضيحة شخص لا تعرفه أساسا ؟ بسماع جوابها علت ابتسامة سخرية وجه علي , دون أن تختفي تلك النظرة القاتلة من عينيه , لاحظتها ملك لكنها لم تعلق , و استمرت بالتحديق فيما يفعله , فجأة أخرج دفتر صكوكه من جيبه , و ألقى به على الطاولة أمامها , و الذي فتح على مصراعيه " أكتبي المبلغ الذي تريدينه " كان صكا أبيضا دون أرقام , كان علي مستعدا للتنازل عن أي مبلغ لاستعادة حاسوبه , فلا يبدو بأن النقاش المتحضر مع هاته المنحرفة يؤتي أكله . أما ملك فقد زادت حيرتها , قطبت جبينها و سألت " مقابل ماذا ؟ " تكلم مارك مجددا " مقابل اعادة ما أخذته من غرفة السيد , و سنعتبر الأمر مجرد سوء فهم , و نعدك ألا نتصل بالشرطة " كان مارك متحدثا لبقا يجيد اختيار ألفاظه , و تجنب استفزاز من يقوم بمحاورته , هذا جزء من موهبته في حل المشاكل , و كان قد استنتج سابقا مما رواه علي , أن هذه المرأة طماعة , و الا لم تكن لتقدم على تلك المخاطرة للسرقة , و بالتالي نصح علي بأن يعرض عليها , مبلغا مغر من المال لتعيد ما أخذته دون مشاكل . انزعجت ملك بشدة , و قد أدركت أنهم يتكلمون عن أمر لا تعرف عنه شيئا , و لكن بدا واضحا أنهم يحاولون الصاق تهمة سرقة بها , هي ليست غبية الى هذه الدرجة . لذلك قررت ضبط النفس و التعقل , ان أرادت الخروج من هنا سالمة , لأنها ليست ندا لثلاثة رجال أحدهم كحائط بشري , فكانت نبرتها هادئة و واثقة " آسفة سيدي , أنا لم آخذ منك شيئا لأعيده " عقد علي حاجبيه فقد كان يعتقد , أن لعابها سيسيل و عينيها ستجحظان لرؤية الشيك , لكنه لا يفهم ردة الفعل هذه , أو أنها تريد المساومة علها تحصل على أمور أخرى ؟ لذلك أجاب هو هذه المرة و قد نفذ صبره " فعلا ؟ لم دخلتي الى غرفتي اذا تلك الليلة , ان لم يكن من أجل السرقة ؟ " قالها متهما اياها صراحة مما أغضب ملك و قررت أن تتخلى عن هدوئها أمام استفزازه , و علا صوتها أخيرا " احترم نفسك أيها السيد أنا فعلا لا أعرفك , و لا أعرف لم تهينني في كل مرة تراني , سبق و أن أخبرتك أن الأمر كان خطأ من الفندق , اذا أردت التحقيق فما عليك الا أن تتصل بهم " طبعا هي لا تعرف أنه فندقه , و أنه حقق في الأمر بالفعل , و أن كل ما توصل اليه يدينها وحدها , و أن اعتذار أمينة المزيف , ما هو الا شرك لجر رجلها . زادت ابتسامة السخرية على ثغر علي , و هو يراها تجادله بكل اصرار , و قال بطريقته المستفزة " لا تعرفينني ؟ لم اذا كنت تستلقين في سريري تلك الليلة ؟ " كان الكلام يحمل شبهة سيئة مقصودة , و اهانة لا يمكن تجاهلها " أنت راقب ما تقوله ألا تخجل ؟ " علا صوت ملك التي أصبحت غاضبة أكثر , حيث لم تعد تتحمل وقاحته و قلة أدبه , لكن علي لم يتراجع , بل كان رده أكثر إهانة و تجريحا " آه نسيت أن مثيلاتك يستلقين في فراش أي رجل , لا يهم من يكون ما دام يدفع بسخاء " قالها و هو يتفحصها من رأسها الى قدميها بنظرة ازدراء مقززة . صدمت ملك من جرأة و وقاحة كلماته , لم تفهم لم يتحدث هذا الرجل عنها و كأنه يعرفها منذ سنوات ؟ احمر وجهها خجلا و انعقد لسانها , هي لم تعد تتحمل اتهاماته , و لا يبدو بأن الحوار معه يؤتي ثماره , لذلك خطت خطوتين الى الأمام , اختطفت كأس الماء من فوق الطاولة , و في لحظة خاطفة ألقت به كله على وجهه و ملابسه , ثم رمته جانبا ليقع على الأرض محدثا صوتا مدويا , تحت نظرات الدهشة من مارك و كريم من جرأتها , صرخت بعدها في وجهه بحدة , و هي ترفع أصبعها مهددة " اسمع يا هذا أنا لا أعرفك , و لا أريد أن أعرف من تكون , في المرة الماضية تغاضيت عن الأمر , لأنني اعتبرته مجرد سوء فهم , لكن اذا تكرر ما حصل الآن , فأنا أعدك أنني سأقدم ضدك شكوى للشرطة , بالترصد و التحرش و أطلب الحماية من السفارة هذا انذارك الأخير , فلا تتعد حدودك معي مجددا " أنهت ملك تهديدها و هي تحاول التقاط أنفاسها , و قد نفست غضبها الذي تكبته منذ دخولها الى هنا , لا بل منذ لقائها أول مرة , مع هذا المتعجرف عديم الحياء . أما علي فلم يحرك ساكنا , لم يمد حتى يده لمسح الماء , الذي أغرق وجهه و قميصه , و لكن وجهه كان أسودا و نظرته قاتلة , ناحية هذه المرأة التي تجرأت , و رفعت يدها عليه و أهانته , حتى والدته التي أنجبته لم يسبق أن فعلتها . لم تهتم ملك كثيرا لردة فعله , أصلا هي فعلت ذلك لتشفي غليلها , و هو نال جزاء تعجرفه و تسلطه غير المبرر , مما أشعرها ببعض الرضا رمقته بنظرة تهديد أخيرة ثم استدارت بعدها مباشرة متجهة نحو الباب تريد الخروج من هنا , حيث كان كريم يقف بنفس الوضعية السابقة , نظرت الى وجهه بكل تحد , و قد اختفى هلعها السابق و صرخت في وجهه " ابتعد عن طريقي أريد الخروج " أشار له علي بالتنحي و تركها تمر , فلم يعد هناك فائدة من احتجازها هنا , الا التسبب في فضيحة تضاف الى رصيدها معه . خرجت ملك من هناك راكضة , و في رأسها ألف سؤال , دون اجابة واحدة منطقية " من يكون هذا الرجل ؟ لم يلاحقها بهذه الطريقة و يصر على أنها سرقته ؟ ثم ما الذي ضاع منه و يتهمها بأخذه ؟ و لم يهينها كلما رأى وجهها ؟ و ما قصة الفيديو الذي تكلم عنه , و علام يساومها بالمال ؟ " أرادت ملك اللجوء الى الشرطة , لكنها لا تعرف حتى اسمه لتشتكي عليه , ثم بماذا ستتهمه ؟ لا دليل لديها قد ينكر بكل سهولة معرفتها . سارعت ملك و أوقفت سيارة أجرة للعودة الى فندقها , و قد تجددت مخاوفها التي لازمتها لأيام , في الطريق أخرجت هاتفها و حظرت رقم أمينة , هي أكيد متواطئة مع هذا الرجل , لأنها من حدد موعد اليوم , و لامت نفسها بشدة ما كان عليها أن تثق في الغرباء . بعد ذلك بحثت في صفحة الحجوزات , التابعة لطيران الامارات عن رحلة مبكرة , أشارت المعلومات أن هناك رحلة بعد يومين , و لكنها بمجرد ادخال اسمها لاستكمال الحجز , كانت الصفحة تشير الى خطأ . تكرر الأمر بعدها عدة مرات , قبل أن تقوم ملك بالاتصال على رقم مكتب الاستعلامات المدون في الصفحة . ردت عليها العاملة سريعا , و بعدما عرضت عليها ملك مشكلتها " انتظري سيدتي سأقوم بالحجز لك " و لكنها عادت بعد دقيقتين و قالت كلاما آخر " آسفة سيدتي , لكن لا أماكن شاغرة على هذه الرحلة " استغربت ملك الأمر " و لكن الصفحة تقول أنها متوفرة " ابتسمت العاملة و ردت عليها بهدوء " آسفة لم يتم ادخال آخر المعطيات , تم حجز الأماكن الشاغرة كلها لا أماكن متوفرة " و أضافت " اذا أردت أضعك في لائحة الانتظار " تنهدت ملك بقلة حيلة " حسنا أكيد أية رحلة أبكر من رحلتي هي مناسبة بالنسبة لي " بعد أن أعطتها معلومات الاتصال بها أغلقت ملك الخط , هي فكرت لوقت طويل أن تقصد أي بلد آخر , و منه تعود الى الجزائر , كتركيا أو مصر و لكنها تراجعت , لأنها قد تستغرق وقتا أطول للعودة , من انتظار رحلتها المحجوزة سابقا , و قد يثير ذلك قلق والديها دون داع , لذلك قررت التروي . لكنها لم تكن مرتاحة للبقاء في الفندق , لأنها تذكرت أن المرأة تعرف مكان اقامتها , هي لا تريد أن يتكرر ما حصل للمرة الثالثة , لذلك قصدته و جمعت أغراضها على عجل , و حجزت في آخر بعيد عنه . . . . . . . . . . . البارت السابع عشر تميمة نحس في المطعم ساد صمت رهيب المكان بعد مغادرة ملك , كان علي يبدو على وشك الانفجار , فجأة مد يده و ألقى كل ما على الطاولة , محدثا فوضى عارمة لم يجرؤ مارك و كريم حتى على التنفس أمام هذا الاعصار , كان وجهه مخيفا و كأنه على وشك القتل أخذ علي وقته لاستعادة هدوئه و التقاط أنفاسه ثم نظر ناحية مارك بنظرة مهددة و قال " أنا أستمع " كان يقصد أن يبوح الرجل بما في جعبته من حلول . هذا الأخير شعر بالخوف الشديد , من ردة فعل علي قبل قليل , هو سبق أن سمع الكثير عن شخصيته الصارمة و المخيفة , و لكنه لأول مرة يتعامل معه , و واضح أنها لم تكن مجرد اشاعات بلع مارك ريقه و حاول ترتيب أفكاره , باحثا عن حل مرض لهذا الوحش الغاضب " في الحقيقة أنا اعتقدت أنها مادية و طماعة و يمكننا اغراؤها بالمال , لكن الظاهر أنها محترفة لا تتراجع عن عقودها , مهما كانت الاغراءات و لا تبيع مستخدميها , اضافة الى أنها ذكية كفاية حتى لا تأخذ المال , لأنها بذلك تعترف على نفسها و تعطينا دليل ادانتها " رمقه علي بنظرة زاجرة فهو استأجره ليجد حلا , لا أن يبدأ في ابداء اعجابه بتلك المنحرفة , صمت الرجل قليلا فبادر كريم بالاقتراح " ماذا لو اتصلنا بالشرطة و أبلغنا عنها ؟ " هز مارك رأسه بالمعارضة " حل سيء ان لم نقل أسوء الحلول لأننا ان فعلنا سيكون هناك احتمال من اثنين " " ماذا ؟ " قاطعه كريم فأضاف " اما أن لا يصدقوا اتهامنا , و يقتنعوا بروايتها الكاذبة و هذا الأقرب , لأن لا أحد سيصدق أن امرأة غريبة نكرة , دخلت بكل سهولة الى فندقكم , و وصلت الى أرقى جناح فيه دون رقابة مستعملة بطاقة خاصة , و سرقت ما تريده ثم غادرت دون اعتراض طريقها , حينها سيقولون أنك اصطحبتها لقضاء الليلة , و لكنك فضحت بسبب الفيديو المسرب , فاخترت ان تلصق بها تهمة كهذه حتى تنظف صورتك , و تظهر بمظهر البريء المجني عليه , و الا ما كنت انتظرت حتى الآن و أبلغت عنها , لم لم تبلغ عنها في اليوم الموالي مثلا ؟ حينها سيتعاطف معها الكثيرون , انطلاقا من كونها امرأة ضعيفة تعرضت للظلم , و أنت بنفسك رأيت ردة الفعل على الفيديو سابقا , وبعدها ستصبح قضية رأي عام , و قد تتدخل السفارة و يتحول الامر الى أزمة سياسية اقتصادية , أنت الوحيد الخاسر فيها لا تنسى مصالحك في بلدها " نظر اليه علي بامتعاض , و كأنه انتبه الآن فقط الى أمر هام " هل هذا سبب تسريب الفيديو ؟ " رد مارك و هو يحاول التخمين " على أغلب الظن , أعتقد أنها فكرت في أفضل تغطية لها , و استبقت أمر لجوئك الى الشرطة بتسريب ذلك التسجيل للحصول على تعاطف الجميع في حالة انكشاف فعلتها , و هذا دليل آخر على أنها محترفة " زاد الصداع في رأس علي و أشار له " أكمل " أخذ مارك نفسا عميقا و استرسل " حسنا اذا صدقتنا الشرطة و أدانتها , فلن يفعلوا اكثر مما فعلتموه , يستجوبونها يفتشون غرفتها و يراقبون هاتفها , و في النهاية لن نستفيد شيئا , لأن أقوالك ستكون ضد أقوالها لا دليل مادي لدينا , و هي لم تترك أثرا خلفها يدينها , بالعكس هي موقفها أقوى بكثير منك , اضافة الى أن انتشار الخبر , سيؤدي الى أن ستهتز ثقة العملاء و الزبائن بسلسلة فنادقك و قراك السياحية , و تسوء سمعتها بسبب شبهة انعدام الأمن فيها , فاذا كانت لصة اقتحمت جناح المالك و سرقته بكل بساطة , فكيف الحال مع عميل عادي , و في النهاية أنت من سيخسر الكثير " قاطعه علي " أنا لا أمانع أن أخسر الكثير , ان كنت سأستعيد حاسوبي " وصل علي حد اليأس من كل هذه التحليلات المتشائمة و الكارثية , لم يبدو أنه يخسر في كل مرة يواجه تلك المدعية ؟ لم يشعر بأن تلك المرأة هي تميمة نحس في حياته ؟ ما الذي فعله ليبتلى بشخص مثلها ينغص عليه هدوءه و راحة باله . رد مارك كان سريعا " أكيد أنا معك و لكن للأسف , حتى مع خسارة مماثلة لن نربح شيئا ، اضافة الى أنها قد تستغل الأمر , و تطلب حكما بعدم التعرض , حينها أنت من سيتابع قضائيا ان تأذت شعرة منها , و أعتقد ان هذا أيضا تم التخطيط له بدقة , هي تستفزك لتتهور بعدها تطلب الحماية من الشرطة و السفارة كما هددت قبل قليل , حينها لن تطالها يدك مهما حاولت " صمت مارك قليلا ثم أضاف " هناك نقطة أيضا علينا الانتباه لها " " ماذا ؟ " سأل علي بتوجس " اذا أشعنا الخبر فسيعرف الجميع بأمر اختفاء جهازك , حينها سيسعى الكثيرون للحصول عليه , يعني من أخذه قد يبيعه مجددا , حينها سنفقد أثره نهائيا و أنت أدرى مني بعدد من يريده " علي يعرف أن منافسيه كثر داخل البلاد و خارجها , و لطالما حاولوا الحصول على أسرار و تفاصيل أعماله , و بالتالي هذا سيكون حلما و تحقق بالنسبة لهم أضاف مارك " لو أننا فقط حصلنا على التحقيق بشأن هويتها , لكان بامكاننا ايجاد نقاط ضعفها و ابتزازها حتى ترضخ , لكن كريم يقول ان الأمر يحتاج بضعة أيام , و أخاف ان طال الأمر أكثر أن نفقد كل أثر خاصة أنها على وشك المغادرة " أمسك علي بجبينه فالصداع أصبح رهيبا " هل يعني هذا أنني فقدت الأمل في العثور عليه ؟ هل ستفلت بفعلتها و تستغبيني كرجل أحمق ؟ أرغب فعلا في امساكها و ربطها الى كرسي حتى تعيد ما أخذته " "...." صدم مارك و لكنه قال محاولا تهدئته " بالعكس العنف لن يأتي بأية نتيجة معها ، أهم شيء التصرف بروية " " ماذا تعني ؟ " سأل كريم هذه المرة " أعني أن نلاعبها بنفس طريقتها , هي تعتمد على الخداع للتعامل معنا , لذلك سنرد عليها أسلوبها " قال مارك مع نظرة خبيثة في عينيه , و كأنه على وشك أن يفتح أبواب الجحيم لاحراق روحها . اعتدل علي في كرسيه و قد لاح له أمل أخيرا " أنا أستمع " . . . بعد ثلاثة أيام أمضتها ملك متوجسة , من تكرار ما حدث معها سابقا , حان أخيرا موعد رحلة عودتها قضت الأيام الماضية في حذر , لم تكن تغادر الفندق الا قليلا , حتى أنها لم تكمل البرنامج الذي وضعته خشية ان تلتقي ذلك المجنون مجددا كانت ملك طوال الوقت تخفي الأمر جيدا عن والدتها , حتى لا تزعجها و تثير قلقها , و لحسن الحظ لم يظهر أثر للرجل و لا لمرافقيه , مما أشعرها ببعض الراحة في انتظار موعد رحلتها ، و قد قررت ألا تعود الى هنا مجددا , الله وحده يعلم بمقدار الرعب الذي شعرت به . في صباح اليوم الرابع استيقظت ملك مبكرا , جمعت كل أمتعتها و غادرت الفندق صباحا باتجاه المطار , رغم ان رحلتها كانت في العاشرة صباحا , الا أنها لم تر ضرورة للبقاء أكثر , اتصلت بوالدتها و ذكرتها بموعد وصولها حتى يكونوا في استقبالها قصدت بعدها مطعما في بهو المطار لتناول فطورها , بمجرد أن أنهت وجبتها جلست تنتظر إعلان التسجيل لرحلتها , لم يطل انتظارها فقد أعلن سريعا عن بداية التسجيلات استعدادا لدخول قاعة الركوب , تنهدت ملك بعمق و قد شعرت أخيرا بالارتياح لخروجها من هنا , و كأنها على وشك الافلات من شرك نصب لها , أخرجت جواز سفرها و بطاقتها , جرت أمتعتها و وقفت في الصف تنتظر دورها , تقدمت الى أمام المسؤول عن التسجيل , قدمت أوراقها و بقيت في انتظار استكمال الاجراءات لتحميل حقائبها , حدق المسؤول مطولا الى وجهها تارة , و في أوراقها تارة أخرى , و بعدها انتقل الى صفحة الحاسوب أمامه , يركز نظره عليها أكثر مما يجب , مرت عشر دقائق و لم يقل الرجل شيئا , فجأة نهض من مكانه يحمل أوراق ملك و دخل الى غرفة مجاورة , و عاد بعد دقائق مرفوقا برجلي شرطة من أمن المطار , الذين تقدموا بخطوات سريعة ناحية ملك , و تكلم أحدهما معها و هو يمسك أوراقها بيده " سيدتي رافقينا لو سمحت نحتاجك لأمر هام " 💐💞💞 ...... | ||||
15-08-20, 09:36 PM | #48 | ||||
| البارت الثامن عشر شرك الشيطان 💔 " سيدتي رافقينا لو سمحت نحتاجك لأمر هام " قالها أحد الشرطيين و هو يشير لها بالتنحي عن الصف ، حتى يمنح بقية الركاب فرصة التسجيل , لم تفهم ملك سبب هذا الطلب و احتجت بسرعة " آسفة سيدي , لكن اذا كان هناك ما تود قوله قله هنا , أنا علي التسجيل في هذه الرحلة إن رافقتك ستفوتني " أبدى الرجل صبرا كبيرا و خاطبها بصوت هادئ " آسف سيدتي لكن نحتاج إلى أن ترافقينا إلى المكتب للتأكد من أمر هام , بعدها يمكنك المغادرة لا يزال لديك متسع من الوقت " في البداية لم ترد ملك الذهاب , لكنها رأت بأن الرجلين مصرين على موقفهما ، و أنها إذا استمرت بالجدال فستضيع الرحلة فعلا , لذلك قررت الرضوخ و كسب الوقت , إذا ذهبت بسرعة ستعود قريبا رافقت ملك الرجلين بكل هدوء إلى غرفة مجاورة , بمجرد الدخول أشار لها أحدهما بالجلوس فيما أخذ الآخر حقائبها من أجل التفتيش , لم تعارض ملك ذلك لأنها لا تحمل شيئا مشبوها , و حقائبها كانت ستفتش قبل قليل على كل حال جلست على الكرسي بتوتر و بادرت " عفوا سيدي هل هناك خطأ في الاجراءات , أخبرني ربما يمكنني تداركه و الرحيل " نظر الرجل الى وجهها قليلا و كأن لديه شيئا يصعب قوله , لكنه لم يجب عن سؤالها بل بادر " من فضلك سيدتي نريدك أن تجيبي على بعض الأسئلة " كانت ملك تود الخروج من هنا بأية طريقة , فسارعت للتجاوب معه و هزت رأسها بالايجاب " الإسم ؟ " " ملك الصافي " " السن ؟ " " ستة و عشرون سنة " " الجنسية ؟ " " جزائرية " " المهنة ؟ " ضاقت ملك ذرعا بأسئلة الرجل غير المبررة , التي تستهلك وقتها و تضيع عليها سفرتها , أليست كل المعلومات مدونة لديهم ؟ " عفوا سيدي إذا لم يكن لديك سبب وجيه لاستجوابي , فأنا أريد أوراقي للمغادرة " رد الرجل بسرعة " آسف سيدتي و لكن أريد التأكد من معلوماتك ، لأن لدي هنا قرار حظر سفر يحمل اسمك , لذلك لا يمكنك استرجاع جواز سفرك و لا المغادرة " شعرت ملك بالدهشة " ما الذي تعنيه بحظر سفر ؟ " لأول مرة يمر عليها تعبير كهذا و أجاب الرجل بكل صدق " يعني هناك حكم قضائي بمنعك من السفر إلى خارج البلاد , أصدره قاض قبل أربع و عشرين ساعة " تحولت دهشة ملك إلى صدمة " هل يعني هذا أنني لا يمكنني العودة الى بلدي الآن ؟ " هز الرجل رأسه " أجل سيدتي آسف لكن حظر السفر يحمل معلوماتك " شعرت ملك بالخوف فجأة " لماذا أكيد هناك خطأ ما , أنا لم أفعل شيئا لأمنع من السفر ما السبب ؟ " " لا أعلم سيدتي , أنا لدي قرارا قضائيا بمنعك من مغادرة البلاد و مصادرة أوراقك الثبوتية علي تنفيذه , أما بالنسبة للتفاصيل و الأسباب فلا فكرة لدي ، إذا أردت بإمكانك الإطلاع على الأمر من المحكمة ، أو تكليف محام بتتبع القضية " كان الشرطي جد متعاون , و كأنه يريد مساعدتها بأقصى ما يستطيع , و لكن لم يكن بيده الكثير ليفعله كانت ملك تحاول استيعاب الأمر , فكيف يمكنها العودة للبحث في أمر شائك كهذا و طائرتها تقلع بعد ساعة ؟ ثم ما الذي فعلته لتمنع من السفر مثل المجرمين ؟ كانت تسأل نفسها لكن دون إجابة شافية أثناء ذلك دخل الشرطي الذي رحل قبل قليل مع أمتعتها , يحمل علبة مجوهرات في يده و وجه سؤاله لملك " سيدتي وجدت هذه بين أغراضك , هل يمكن أن تعرفي على طبيعتها ؟ " كانت علبة المجوهرات صغيرة , مغلفة بالقطيفة ذات اللون الأزرق الملكي مربعة الشكل , تحمل داخلها قطعة براقة كبيرة . لم تعرف ملك إن كانت من زجاج أو كريستال , كما أنها لا تعرف كيف وصلت الى حقيبتها " لا أدري سيدي لم أرها سابقا " نفت ملك معرفتها بها ، أراها الرجل علبة عطر كانت علبة المجوهرات داخلها " وهذه سيدتي ؟ " أجابت ملك بسرعة هاته المرة " أجل هذا العطر اشتريته هدية لوالدتي قبل يومين " و حدقت إليهما بحيرة نظر الرجلين لبعضهما , ثم عادا للتحديق في وجهها و سأل أحدهما مجددا " سيدتي هل أعطاك أحدهم شيئا لنقله ؟ " هذا إحتمال لطالما واجهه رجال الأمن هنا , حيث يصطاد المهربون بعض الأشخاص غير المشبوهين , يستغلون سذاجتهم و جهلهم و يطالبونهم بنقل بضائع قيمة مهربة على أنها هدايا لأهلهم , و لكن ينكشف الأمر غالبا , و يتورط الوسيط دون ادراك منه , لكن ملك نفت الأمر بثقة " لا سيدي لم آخذ شيئا من أحد ، لكنني لا أعرف شيئا عن هذه العلبة " كانت دهشة ملك كبيرة لرؤية العلبة ، لكنها لم تعر الأمر اهتماما أكثر من اهتمامها بحظر سفرها " سيدي هل قطعة الزجاج هذه مهمة ؟ , من فضلك أنا أحاول إيجاد حل للخروج من هنا و الوقت يمر سريعا " حدق الشرطي إليها قليلا ثم أجاب " سنعرف إن كانت مهمة أو لا بعد المعاينة " طبعا الرجل لديه خبرة كبيرة في التهريب ، و يجيد التفريق بين السلع الحقيقية و المقلدة , و بامكانه القول من مجرد نظرة من أي معدن هذه القطعة , لكنه أراد التريث لأن التهمة ليست بسيطة " استدع خبير المجوهرات خاصتنا " طلب من الشرطي الآخر الذي سارع للتنفيذ , ثم عاد لمخاطبة ملك " سيدتي عليك أن تبقي هنا لبعض الوقت , لحين تأكدنا من بعض التفاصيل " في البداية لم يكن الرجل ينوي اعتقالها , مهمته كانت حجز جواز سفرها و إتمام الإجراءات , و تركها تعود أدراجها , و لكن مع ما ظهر قبل قليل , كان لزاماً عليه احتجازها لبعض الوقت حتى يتبين الأمور لم تبد ملك أية معارضة , أصلا هي لا تملك مكانا تذهب إليه . بعد مدة رن هاتفها كانت والدتها على الخط " حبيبتي أين أنت ألم تلحقي برحلتك ؟ " كانت المرأة قلقة و لم تجد ملك بما تجيبها , إذا كانت هي نفسها لا تعلم ماذا يحدث هنا ، فكيف ستجيب عن هذا السؤال , و لكنها لا يمكنها إثارة قلقها أكثر , فقد يكون الأمر مجرد سوء فهم أو على الأقل هذا ما تأمله , حسنت مزاجها و تكلمت بصوت عادي قدر الامكان " أجل ماما حدث خطأ في الحجز , و أنا أحاول حل الأمر , إن لم أستطع العودة اليوم فسأحجز على أقرب رحلة " كانت والدتها متفهمة جدا " طيب حبيبتي إذا تأخر الوقت لا تجهدي نفسك , فقط عودي إلى الفندق و احجزي لاحقا " " حاضر ماما بمجرد أن أحل الأمر سأتصل بك سلمي على بابا " أغلقت ملك الخط و هي تشعر باحساس سيء , أن خروجها من هنا ليس بهذه السهولة , و أن الأمر لا يقتصر على مجرد تحقيق روتيني , و لكنها هدأت روعها و حاولت رفع معنوياتها بالدعاء بقيت ملك جالسة في المكتب طيلة ثلاث ساعات , حتى كاد ينفذ صبرها , فلا أحد يجيب على أي من أسئلتها , و الجواب الوحيد الذي حصلت عليه , هو أنهم ينتظرون عودة الشرطي الذي غادر سابقا عاد الشرطي مع تقرير الخبير , و بمجرد دخوله شرع في طرح الأسئلة مجددا " سيدتي هذه قطعة من الماس غير مصقولة , هل لديك صك ملكيتها أو تصريح بنقلها ؟ " صعقت ملك لسماع ما قاله " ماذا ؟ ماس ؟ " " أجل سيدتي ماس من النوع النادر , الخبير قال بأن قيمة القطعة تتجاوز 3 مليون دولار " شعرت ملك بدوار في رأسها " من أين أتت هذه القطعة ؟ " سألت الشرطي الجالس أمامها بدهشة " لا أدري سيدتي وجدناها في أمتعتك ، داخل علبة العطر التي عرفت عنها قبل قليل , اذا أردت بإمكاننا مراجعة شريط المراقبة " كان الشرطي يستبق اتهاما من ملك بدس القطعة من طرفهم , و لكن كل شيء هنا يتم بطريقة احترافية و دقيقة , و تسجيل تفتيش الأمتعة أمر روتيني , فيم هي تحاول إقناع الرجل بعدم معرفتها بالأمر , دخل شرطيان أحدهما امرأة و لكن زيهما مختلف عن زي أمن المطار , اقتربت منها المرأة و أخرجت اصفادا و خاطبتها بنبرة رسمية " سيدتي سألقي القبض عليك بتهمة محاولة تهريب الماس , عليك التزام الصمت أي شيء تقولينه يمكن أن يستخدم و سيستخدم ضدك في المحكمة , من حقك تعيين محام و إن لم يكن بإمكانك ستعينه لك المحكمة " تجمدت ملك مكانها و هي تراقب المرأة تضع الأصفاد في يديها , اتضح أن أمن المطار اتصل بالشرطة للابلاغ عن أمر التهريب لأنه يتعدى صلاحياته , و على الشرطة تولي التحقيق في الأمر ، و هم كانوا في انتظار وصولهم , بعد انتهائها من تلاوة حقوقها عليها أضافت المرأة " سننقلك الآن إلى مركز الشرطة لاستكمال التحقيق , كوني متعاونة لو سمحتي" تم بعدها اقتيادها من هناك تحت أنظار المسافرين الفضولية كانت ملك مصدومة " أنا فعلا لا أعرف من أين أتت تلك القطعة , أنا لا أعرف عنها شيئا , ثم أنا لم أفعل شيئا لأسجن " دافعت ملك عن نفسها و تحدثت مطولا لكن دون جدوى , و بعدما احتجت لوقت طويل لم تجد أمامها إلا الصمت أمام عدم وجود أية ردة فعل من مرافقيها , فهم هنا لنقلها و ليس لإجراء حديث معها رغم ذلك كانت ملك تطمئن نفسها طوال الطريق , أن الأمر مجرد سوء فهم كبير سيزول قريبا , بمجرد بدء التحقيق ستظهر الحقيقة و ستعود قريبا لعائلتها , و لكنها لم تكن تعرف أنها وقعت في شرك الشيطان و لا سبيل للافلات منه . استمر التحقيق مع ملك لساعات ، كانت طوال الوقت تنكر معرفتها بما وجدوه في حقيبتها , و رغم تكرر الأسئلة إلا أنها ثبتت على افادتها , و لكنها مع بروز اتهام التهريب , نسيت تماما أمر حظر السفر و لم تفكر في أن تسأل عنه . في العاشرة ليلا اقتيدت ملك المنهكة الى غرفة حجز لتمضية الليلة , هناك أعطيت طعاما و بقيت شرطية تحرس المكان بعدها بساعة حضر ممثل عن السفارة الجزائرية و معه المحامي , أعلمتهم الشرطة بمجرد توقيف ملك عملا بالقوانين و لكن الرجل لم يتفرغ إلا الآن , توجه الرجلان مباشرة إلى الضابط المسؤول " مرحبا أنا عبد الحفيظ شايب ممثل عن السفارة الجزائرية , و هذا متر جوزيف حنا ممثلنا القانوني , نريد الاستفسار عن توقيف مواطنتنا ملك الصافي " قام الضابط بالتحقق من الهويات بعدها سلمهما محضر القضية , ثم طلب من الشرطية إحضار ملك من أجل الإجتماع مع محاميها أثناء ذلك كانت ملك تعيش في توتر نفسي كبير و على وشك الانهيار , بمجرد استدعائها لاح لها أمل لانفراج أزمتها , اصطحبتها بعدها الشرطية إلى المكتب و تركتها هناك كانت ملك تجول بنظرها بحيرة و توتر في كل مكان حتى حضر زوارها , نهضت من مكانها و سلمت عليهما حيث شعرت براحة أكبر حينما تعرفت على عبد الحفيظ على أنه ممثل عن السفارة , كان الرجل في عقده الخامس من العمر , واضح عليه الوجاهة و الرصانة , ملامحه جدية توحي بالثقة , كيف لا و هو رجل دبلوماسي , أما المحامي فقد كان شابا ثلاثينيا بلكنة لبنانية بعد انتهاء التعرف سريعا كان المحامي أول المتحدثين , و كان كلامه مباشرا لكسب الوقت " سيدتي لم استصدر زوجك قرار منع بالسفر في حقك ؟ " . . . . . . . . . . البارت التاسع عشر المنقذ الغامض " سيدتي لم استصدر زوجك قرار منع بالسفر في حقك ؟" اندهشت ملك لما قاله المحامي و سارعت للاعتراض " زوجي ؟ أي زوج متر أنا لست متزوجة و لم يسبق أن فعلت " أخرج المحامي قرار الحظر من حقيبته و سلمه لها " عفوا سيدتي و لكن تفاصيل القرار واضحة , تقول أن زوجك تقدم قبل يومين بطلب قرار استعجالي لمنعك من السفر للضرر و القاضي قبله " كانت السفارة قد اتصلت بالمحامي بعد الظهر لاعلامه بالأمر , و هو تحرك بسرعة و حصل على تفاصيل الحكم , ردت ملك باصرار " لكنني فعلا لا أعرف عما تتحدث , أنا لم أتزوج يوما في حياتي " لم تعرف ملك فيم تفكر , لم يتكلم الجميع عنها و كأنها فقدت ذاكرتها , و لم تعد تعرف من تكون ؟ لم يتحدث الجميع عنها و كأنها شخص آخر ؟ حدقت الى المعلومات في القرار , و قرأت تفاصيله ثم أشارت الى محتواه " هل هذا هو الرجل الذي يقول أنه زوجي ؟ " حدق المحامي في الاسم ثم هز رأسه بالايجاب " أجل " نفت ملك معرفتها به مباشرة " سيدي أنا لا أعرف أحدا يدعى بهذا الاسم , لم يسبق ان سمعت به في حياتي " ثم استدارت ناحية عبد الحفيظ , فقد شعرت بألفة ناحيته ربما لأنه ابن بلدها " سيدي أنا متأكدة أكثر من أي وقت مضى , أن هناك سوء فهم كبير في الموضوع , ربما هو مجرد تشابه أسماء , أنا متأكدة أن هو أتى سينفي أنه يعرفني " بدت ملك صادقة في كل كلمة قالتها , و قام عبد الحفيظ بطمأنتها " قاموا بالفعل باستدعائه يا ابنتي , و لكنه لن يتمكن من المجيء قبل الغد " فرحت ملك قليلا و خاطبتهما متأملة " جيد اذا أنا واثقة أنه لن يتعرف علي , هل يمكنني الذهاب معكم الآن ؟ " قطب المحامي جبينه و نظر الى عبد الحفيظ ثم الى ملك " آسف سيدتي لكنك غير محتجزة هنا بسبب حظر السفر , و انما بسبب تهمة محاولة تهريب الماس و هذه التهمة خطيرة " جفلت ملك و كأنها تذكرت أمرا هاما و حدقت اليه بيأس " هذا أيضا لا أعرف كيف وصل الى حقيبتي , لا أعرف عنه شيئا سيدي " سأل المحامي مجددا و هو يحاول أخذ ملاحظات في دفتره " سيدتي هل تركت أمتعتك دون رقابة , أو قصدت الحمام و تركتهم مع أحدهم مثلا ؟ " نفت ملك مباشرة و بكل ثقة " لا أمتعتي لم تفارقني لحظة واحدة , منذ مغادرتي الفندق أنا متأكدة , و لكن لا فكرة لدي عن تلك القطعة , أنا واثقة ان علبة العطر كانت فيها زجاجة عطر , أنا جربتها قبل شرائها , كيف تحولت فجأة الى الماس , أنا فعلا لا فكرة لدي " توترت أعصاب ملك مجددا , و كأنها أصبحت على حافة الانهيار , و كان الرجلان يحاولان تهدئتها " اهدئي سيدتي عليك أن تتمالكي أعصابك , أنا اليوم حاولت الحصول على كفالة , لكن الوقت كان متأخرا لكنني أعدك أن أحل الأمر غدا صباحا " انتفضت ملك من مكانها بفزع " غدا ؟ هل يعني هذا أنني سأبات هنا ؟ " كان المكان مخيفا بالنسبة لها , هي لم تدخل قسم شرطة في حياتها , و الآن ستضطر للمبيت فيه كمتهمة " أجل سيدتي أخشى ألا حل آخر أمامنا , لكن فقط لهذه الليلة , و غدا سنحاول ايجاد حل ثقي بنا " قال عبد الحفيظ بقلة حيلة للتخفيف عنها , و ربما لأنه في عمر والدها , أعطتها كلماته بعض الثقة و المواساة , و خف بعض القلق و الحزن اللذين شعرت بهما , على الأقل هناك شخص يصدقها و يقبل بتقديم المساعدة " حسنا لا بأس " قالت بنبرة حزينة و قد رضخت للأمر الواقع " هل تريدين أمرا آخر ؟ كاعلام عائلتك بالمشكلة مثلا ؟ " سأل عبد الحفيظ في محاولة منه لتقديم المساعدة , لكن الاقتراح أفزع ملك , آخر شيء تريده أن يسمع والداها الكلام الذي يقوله الجميع منذ الصباح , لن يتحملا ذلك خصوصا والدها , قلبه ضعيف و قد يصاب بنوبة قلبية , مادام الرجلان قالا أن هناك فرصة لحل الأمر غدا فلا داع لاعلامهما , لذلك سارعت للرفض " لا شكرا لك سيدي لا داع , فقط اذا أمكنني اجراء مكالمة لطمأنتهم ؟ " قالت بلهجة متأملة و هي تحدق في وجهيهما بعد التشاور مع الضابط المسؤول , سمح لملك باجراء مكالمة واحدة كحقها في الاتصال " ألو ماما مساء الخير " " ألو ملك حبيبتي أين أنت ؟ أتصل منذ الصباح و الهاتف مغلق شعرت بالقلق و لماذا لا تتصلين بمكالمة فيديو ؟ " كان هاتف ملك قد صودر بعد القبض عليها و تم اغلاقه , كما أنها لا يمكنها أن تكلمها عن طريق الفيديو , لأنها ستكتشف الأمر مباشرة , ان لم يكن من شكل المكان , سيكون بسبب ملامحها المنهارة لذلك حاولت تظليلها بأية طريقة " أنا آسفة ماما كنت مشغولة لحل المشكلة , و نسيت شحنه الآن فقط تذكرته , حينما ينتهي شحنه سأتصل بك عن طريق الفيديو و نتحدث مطولا " كانت أكثر كذبة ملاءمة أغمضت بعدها ملك عينيها بشدة , و هي تدعي الله ألا تشك والدتها بشيء " حسنا حبيبتي الحمد لله , و ماذا بشأن عودتك هل حلت المشكلة ؟ " أخفت ملك يأسها و ابتسمت بعناء " ليس بعد ماما لكنهم وعدوني بايجاد حل غدا , يقولون ان الجدول مزدحم و لا أماكن شاغرة , لأنه موسم السياحة الآن " " ان شاء الله حبيبتي , لا تجهدي نفسك و نامي جيدا , و اذا تعقد الأمر عاودي الحجز الى أي مكان آخر لتستطيعي العودة " " حاضر ماما أكيد سأرى ما الذي سيحصل , أنا سأنام الآن لأنني مجهدة , لا تقلقي اذا لم أجب على الاتصال لاحقا , تصبحين على خير " " تصبحين على خير ملاكي " صمتت ملك لثوان ثم نادت بصوت حزين شبه باك " ماما " " نعم حبيبتي " " أنا أحبك و أخبري بابا أنني أحبه كثيرا " ابتسمت والدتها " أيتها الطفلة و نحن نحبك كثيرا هيا اذهبي لتنامي " أغلقت بعدها ملك الخط , و هي تشعر بمرارة في قلبها , لأول مرة تضطر للكذب على والديها , لطالما كانا سندها و عزوتها , لطالما كانا رفيقيها في الصغيرة قبل الكبيرة , و لكن لا يمكنها الا ابقاءهما بعيدا عن كل هذه الفوضى أعادت ملك الهاتف للشرطية بعدما أطفأته , ثم ودعت الرجلين قبل أن تعود لغرفة الاحتجاز , لكنها لم تستطع لمس الطعام , جلست فوق الفراش تضم ركبتيها الى صدرها , و تغرس فيهما رأسها و بدأت بالبكاء بصمت . هي كانت قد تمالكت نفسها طوال النهار , محاولة أن تبدو قوية , لا تحب أن يشفق عليها أحد , لا تحب أن يرى أحد دموعها , لكن الغربة و الوحدة اللتين تشعر بهما الآن أقوى من كل مقاومة , و لكن ما عساها تفعل غير عد الثانية بعد الأخرى , في انتظار يوم جديد و أمل جديد . . . . في العاشرة من صباح الغد , عاد المحامي جوزيف و عبد الحفيظ الى قسم الشرطة , و كانا قد ذهبا في وقت مبكر لتقديم طلب كفالة , و لكنهما فوجئا بالمسؤول يقول أن أحد المحامين , سبقهما و تحصل عليها و أخذ الأوراق لانهاء الدفع , استغرب الرجلان في البداية لأنه حسب علمهما , ملك لا معارف لها هنا و والديها في الجزائر , فمن هذا الذي تطوع لدفع كفالة بمبلغ طائل هكذا ؟ و الأهم من يكون هذا الذي استطاع تحصيلها في هذا الوقت القياسي ؟ لكن لم يدم تساؤلهما كثيرا فبمجرد ولوجهما قسم الشرطة , وجدا محاميا عرفهما عليه الضابط , لأنه كان يناقش معه نفس الموضوع الذي قدما من أجله " متر عطية علوان ممثل عن زوج السيدة , و هو هنا للاطلاع على ملف القضية , و محاولة تقديم المساعدة " ابتسم الرجل الخمسيني و مد يده للمصافحة , قدم بعدها عبد الحفيظ و المحامي نفسيهما , للمنقذ الغامض الذي استمر بمفاجأتهما بكلامه " آه عرفت من الضابط أنكما قدمتما البارحة من أجل مساعدة موكلتي , أنا أشكركما كثيرا , لم أعلم بالأمر من زوج السيدة الا في وقت متأخر مساء أمس " نظر الرجلان الى بعضيهما و قد لفت نظرهما كلمتي " زوج السيدة و موكلتي " لكنهما لم يعلقا على شيء , بالرغم من استغرابهما من الموقف عامة , الا أن جوزيف كان أكثر حيرة من عبد الحفيظ فهذا المحامي من أشهر المحامين في البلاد , صيته ذائع بسبب القضايا المستعصية التي يترافع فيها و يكسبها , يكفي أن يقبل القضية , كي يضمن صاحبها ربحها دون عناء , حتى أن المواعيد لمقابلته قد تعطى بعد أشهر , أي خصم يقف أمامه في المحاكم يذل بسبب حنكته القانونية , و شهرته في الوسط القضائي هي وحش القانون هو فعلا يشعر بالفضول عن هوية الرجل , الذي استطاع جعل هذا الثعلب يترك مكتبه , و يأتي هنا ليقوم بأمر بسيط , كطلب كفالة و طلب اطلاق سراح , قد يقوم به أي عامل بسيط في مكتبه , أو حتى ينهيه هو باتصال هاتفي أي هرقل هذا الذي تمكن من اخضاع هذا الوحش و جعله خادما له ؟ قطع المحامي عطية حبل أفكاره " أنا هنا بطلب من زوج السيدة , لمناقشة أمر الاتهام الموجه اليها و الكفالة قيد التسديد , أما السيد فسيصل بعد قليل , كان مسافرا خارج المدينة , لكنه قال أنه سيأتي على جناح السرعة " لم يجد الرجلان شيئا لقوله , و جلسا هناك يراقبان المحامي , و هو يخرج ملفا سميكا من حقيبته بكل جدية و كأنه يجهز لمرافعة في قضية قتل , ثم توجه بالكلام للضابط بنبرة جادة " هل يمكن أن أرى موكلتي لانهاء الأمر و المغادرة ؟ " قال بكل ثقة من قدرته على انهاء الأمر من جلسة واحدة . أحب سماع الانتقادات السلبية قبل الايجابية , صمتكم يقلقني أية أفكار عمن يكون الزوج الخفي ؟ توقعاتكم للقادم ؟ البارت القادم يوم الاثنين ان شاء الله بسبب انشغالي 😘💞💞 ....... | ||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ملك-علي ، تملك ، كره-حب ، زواج ، طبيبة ، سوء فهم, الجزائر-دبي ، |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|