آخر 10 مشاركات
236 - خطايا بريئة - آن ميثر (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          زوجة اليوناني المشتراه (7) للكاتبة: Helen Bianchin..*كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          216 - قيود من رماد - ليز فيلدينغ -أحلام جديدة (الكاتـب : monaaa - )           »          202- لن تعيده الاشواق - لي ويلكنسون (الكاتـب : Gege86 - )           »          343 - جزيرة الحب - جانيت هامبتون - م.د ( إعادة تنزيل )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          246 - عروس تنتظر الدموع - جانيل دينسون (الكاتـب : hAmAsAaAt - )           »          341 - خيانة حب - كاي هوجز - م.د** (الكاتـب : عنووود - )           »          18- الدوامة - شارلوت لامب (الكاتـب : فرح - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree23Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-08-20, 01:58 AM   #11

امال ابراهيم ابوخليل
 
الصورة الرمزية امال ابراهيم ابوخليل

? العضوٌ??? » 383503
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 328
?  نُقآطِيْ » امال ابراهيم ابوخليل is on a distinguished road
افتراضي


روايتك جميله وكل فصل بتشد ليها كتير ،فيها اللعب بشرف زى نادر وامثاله قليل واللعب الغير ادامى من حيتان التجاره وهم اغلبيه،وريم اللي هم والدتها انها تلقب بزوجه ومش مهم العريس اى كان وضعه وسنه ،والمتعوسه اللي زوجها عاملها خادمه له ولنزواته الكريه .
احسن قلمك واحساسك يا قلبي😘😘


امال ابراهيم ابوخليل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-20, 03:06 AM   #12

heba nada

كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية heba nada

? العضوٌ??? » 460821
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 202
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » heba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امال ابراهيم ابوخليل مشاهدة المشاركة
روايتك جميله وكل فصل بتشد ليها كتير ،فيها اللعب بشرف زى نادر وامثاله قليل واللعب الغير ادامى من حيتان التجاره وهم اغلبيه،وريم اللي هم والدتها انها تلقب بزوجه ومش مهم العريس اى كان وضعه وسنه ،والمتعوسه اللي زوجها عاملها خادمه له ولنزواته الكريه .
احسن قلمك واحساسك يا قلبي😘😘
يسلملي تقديرك يارب إن شاء الله القادم يعجبك


heba nada غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-08-20, 02:47 AM   #13

ana shaimaa

? العضوٌ??? » 432558
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 46
?  نُقآطِيْ » ana shaimaa is on a distinguished road
افتراضي

غصون متارجحه روايه عايزة اقراءها بلييز وكتبت كومنت علشان تظهرلي

ana shaimaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-08-20, 07:15 PM   #14

heba nada

كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية heba nada

? العضوٌ??? » 460821
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 202
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » heba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ana shaimaa مشاهدة المشاركة
غصون متارجحه روايه عايزة اقراءها بلييز وكتبت كومنت علشان تظهرلي
المحتوى غير مخفي تم نشر اول 3 فصول فقط ويُنشر فصلين اسبوعيًا كل يوم سبت تشرفيني❤


heba nada غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-08-20, 10:57 PM   #15

heba nada

كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية heba nada

? العضوٌ??? » 460821
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 202
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » heba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل الرابع


في قانون الدنيا لن تحوز كل ما تريد
و هي من كانت تعتقد بامتلاكها لاستثناء ببساطة غاياتها التي حققتها
لكن رياح القسوة أبت
إلا أن تخضعها للقانون الأزلي
تخبرها و بكل صلف
ألا استثناءات
و على الجميع الرضوخ
تركض بهلع في طرقات المشفى تشعر أن جسدها مسير دون إرادة منها
و الدقائق الماضية تمر أمام عينيها كمشاهد سينمائية خاطفة
اتصال.. حادث... مشفى... نادر
استنجادها بأخيها..
حضوره و أمها هلعًا، اصطحابها إلى المشفى
و ها هو يقف محيطًا كتفيها أمام مكتب الاستعلامات يسأل عن زوجها
يا إلهي! زوجها، ما بها لا تقوى على الشعور بشيء فقط تعيش كمتفرج منذ تلقت ذلك الإتصال و الإجابة التي خيل لها للوهلة الأولى أنها لم تسمعها
ـ الأستاذ اللي جه في حادثة العربية كان جاي متوفى البقاء لله..
ماذا؟!
لا
بالتأكيد هي مخطئة..
هي تتحدث عن شخص آخر..
نادر لن يتركها..
ليس هو ...
.ليس الآن في منتصف الطريق..
لم يكبر طفلاهما بعد
لم يحضرا معًا زفاف ابنتهما
لم يستشيط غيرةً و غضبًا عندما يرى زوج ابنتها يدللها..
لم يريا أحفادهما..
لم .. ولم....ولم

الكثير مما خططا له لم يفعلاه سويًا بعد
صمتها أقلق شقيقها الذي لايزال يحاول استيعاب صدمته هو أيضًا بوفاة زوج شقيقته و أخيه الذي لم تنجبه أمه
احتضنها برفق هامسًا باسمها..
ـ نسمة أنتِ كويسة؟
يا الله ما هذا السؤال يسألها إن كانت بخير و هل تستطيع الشعور بشيء حتى تخبره إن كانت بخير أم لا
حقيقة شعورها لا يمكن وصفه شعور بالخواء باللاشيء يحيط بها
شعر أخيها بصدمتها و أنها لازالت غير قادرة على استيعاب الخبر فأسرع يطلب من الموظفة طبيبًا لمناظرتها لكنها انتبهت فجأة لحديثه مع الموظفة ونطقت دون وعي:
ـ مش هو أنتِ أكيد غلطانة، نادر مش هيسيبني لوحدي
أشفقت الموظفة عليها، قامت من مجلسها بهدوء متناولة هاتفه المحطم،
حافظة نقوده،
و بطاقته الشخصية التي علموا منها بياناته ووضعتهم أمامها..
ـ دي متعلقاته أحنا عرفنا رقم البيت لما خرجنا الشريحة من الموبايل شدي حيلك
دارت الأرض تحت قدميها، ترنحت فدعم شقيقها جسدها بجسده يحيطها بأحد ذراعيه من الخلف بينما تستند بكفيها لذراعه الأخرى وهو يهدر في الموظفة:
ـ قلتلك شوفيلها دكتور
انتبهت على صوته الغاضب و استعادت وقفتها، نفضت ذراعيه عنها قائلةً بحسم
ـ عايزة أشوفه
هم أخيها باحتضانها مرة أخرى و ظهر على وجهه علامات الرفض لطلبها مشفقًا عليها
يعلم كم هي رقيقة، صمتها يرعبه
قوتها الزائفة هذه تنبئه بانهيارٍ مفاجئ
ربما أقوى مما يتخيل لكنها ابتعدت عنه بحسم مكررة طلبها
تضرب بكلتا يديها على الحاجز الرخامي أمامها
ـ قلتلكم عايزة أشوفه و حالًا
ـ إيه كتير عليا أقعد معاه شوية؟
لم تستطع نطقها هي تريد أن تملي عينيها بتفاصيله لآخر مرة لكنها لا تقوى على التصريح بها فكيف تتخيل أنها تودع زوجها للمرة الأخيرة، رضخ أخيها لطلبها سائلًا الموظفة عن مكانه فأشارت للغرفة المجاورة لغرفة الطوارئ
اتجها إليها حتى أوقفته عند الباب تقول بنفس الحسم
ـ عايزه أبقى معاه لوحدي
و أمام نبرتها المصرة لم يستطع إلا الانصياع لطلبها و القلق عليها يكاد يفتك به ليظل على وقفته أمام الباب الذى أغلقته خلفها مستعدًا للتدخل في أية لحظة
***
تتقدم ببطء نحو السرير الوحيد بالغرفة و ذلك الجسد المُسجى عليه مُغطى بغطاء أبيض لكن كم هو مقبض و قد تلوث ببقع الدماء
آهٍ يا دماء حبيبي
كم أتمنى تجفيفك عنه علني أشفي جراحه
تقدمت أكثر وامتدت يدها المرتعشة نحو الغطاء تكشف ببطء وجهه و نصف جسده العلوي
شهقت و امتدت كفيها لفمها تكتم أنفاسها، كم هالها منظره و قد تمزقت ثيابه تمامًا
جسده مغطى بالكثير من الجروح و الكدمات
والدماء التي خضبت وجهه أخفت ملامحه
لكنها تحفظ تفاصيله لا تستطيع إلا أن ترى
عشقها... زوجها.... رفيق دربها
جلست جواره ممسكة بكفه البارد، ضمت رأسه إلى صدرها تتحدث إليه و كأنه يسمعها
ـ ليه؟
ليه سبتني دلوقت إحنا لسه في حاجات كتير معملنهاش مع بعض ؟؟؟
رفعت رأسها قليلًا تتطلع إليه، تمسح بكفها بقع الدماء المتخثرة عن وجنته دون طائل:
طيب قولي هعملها إزاي لوحدي ؟؟
إزاي و أنت اللي كنت بتخطط لكل حاجة؟
ألصقت جبهتها بخاصته و قطرات الدموع تنساب من عينيها تسقي مقلتيه:
ـ سبتني قبل ما تعلمني أعيش من غيرك
طيب قولي أعيش إزاى ؟؟
أكمل لوحدى إزاى ؟؟
تعلقت كفيها بما تبقى من ملابسه ترجوه الرد ولا طائل:
ـ هأرجع البيت لوحدي ؟
أدخل أوضتنا إزاي ؟
تحولت نبرتها لسخرية مريرة ترفض تصديق ما تتفوه به:
ـ و أنام على سريرنا لوحدي!
ولادك !!!
مفكرتش فيهم!
اشتدت قبضتيها على ملابسه تجذبها للأمام و الخلف بغضب، تأنيب وزعقة قهر من كابوس تحياه:
ـ طيب هقولهم ايه لما يسألوني عنك ؟
نور مين هيجيبله لعبه ؟؟
و نادين مين هيسلمها لعريسها ؟
ارتخت قبضتيها تكمل أسئلتها العالقة في الفضاء دون مجيب:
ـ أنت فاكر إني قوية علشان أتحمل كل ده؟
أسندت رأسها إلى صدره تشبع خلاياها برائحته التي اختلطت برائحة الدماء مكملة حديثها
ـ أنا من غيرك ضعيفة قوي..
قوتي بستمدها منك...
أنت مشيت وخدت قوتي معاك...
سحبت روحي و سبتني جثة عايشة من غير روح
ثم انخرطت في البكاء و أغمضت عينيها علها تذهب معه، ترغب أن تتوحد روحها مع روحه فتصحبه في رحلته الأخيرة كما كانا دومًا.
بينما أخيها بالخارج ينتظرها و القلق ينهشه
يجري اتصالاته بأهل زوجها و أهله يخبرهم بالفاجعة التي حلت عليهم
يهتم بالإجراءات التي لن يقوى غيره على الاهتمام بها
و إذا بشخص يربت على كتفه
ـ رائد أنت بتعمل إيه هنا ؟
التفت رائد لمحدثه فوجد فارس الذي لم يره منذ سنوات فصلة قرابتهم البعيدة و طبيعة عمل فارس كضابط شرطة لا تتيح لهما فرصة اللقاء، صافحه بدهشة
ـ فارس إزيك أنت اللي بتعمل إيه هنا ؟
أجاب فارس بعملية
ـ أنا هنا في شغل، جاي أحقق في حادثة
أخفض رائد نظره بحزن و أضاف بصوت أقرب للهمس
ـ يبقى أكيد حادثة نادر
سأله فارس مشفقًا:
ـ أنت تعرفه ؟
هز رائد رأسه مغمضًا عينيه بألم
ـ ده يبقى جوز نسمة
قبضة اعتصرت قلبه عند سماع اسمها و لم يستطع منع نفسه من السؤال
ـ هي عرفت ؟

أتته إجابة رائد:
ـ هي معاه جوه بقالها نص ساعه رافضة حد يكون معاها و أنا هموت من القلق عليها
ملأ صدره بالهواء و إحساس العجز أمام القدر يكبله
ـ أنتَ مش متخيل هي بتحبه قد إيه
ما هذا الاحتراق الداخلي الذي يشعر به؟
كان قد دفن قلبه منذ زمن و ها هي كل المشاعر الدفينة تصحو مرة أخرى هل يغضب أو يغار من حب يعلم أنها تغمر زوجها به!
مهلًا هو زوجها الراحل الآن
أم قلق يحرق قلبه من أجلها وشفقة عليها من هول الموقف
شعر بحقارة ما آل إليه تفكيره فدماء الرجل لم تجف بعد كيف بالله يفكر بزوجته المكلومة و على أي حال لا يحق له التدخل
ربت على كتف رائد وقال بهدوء:
ـ طيب أدخل شوفها وخليك جنبها و سيب كل الإجراءات أنا هخلصها
أومأ رائد برأسه موافقًا وتقدم يفتح الباب بيدٍ مرتعشة
تقدم برفق يرى نسمة و قد جلست بجوار زوجها
تحتضن كفه مستندة برأسها إلى صدره
وعيناها المغمضتان تقص أسطورة من ألم بينما أنهار دموعها لا تتوقف.
ارتسمت على وجهها كل معالم الحزن و القهر
من يراها يخيل له أنها عجوز في آخر عمرها ليست شابة رقيقة لم تكمل الرابعة و الثلاثون بعد، تقدم منها ببطء يربت على كتفها و همس باسمها، فتحت عينيها تنظر للفراغ
ـ نسمة قومي معايا
و كأنها لا تسمعه لماذا لازالت بالدنيا، ألم تضع رأسها على صدره راغبة بتوحد روحيهما؟
أمسك رائد بكتفيها و جذبها من مجلسها
ـ نسمة تعالي معايا
ـ مش هسيبه ...
همستها بضياع فاحتضنها بقوة لا يدري ما يقول
كم يود أن يسحب ألمها لكن لا يستطيع
حسم الأمر دخول ممرضة تخبرهم بوجوب إخلاء الغرفة فرجال النيابة و الطب الشرعي قد حضروا
سارت مع شقيقها مجبرة يحتوي كتفيها بذراع والأخرى ممسكة بكفها
تستند برأسها إلى صدره لا تعلم كم عدد المرات التي تعثرت بها أثناء السير فهي كانت كطفلة ضائعة فقدت كل أهلها للتو و لا تدري كيفية التصرف.
***
تقترب منه ببطء
ترتبك تحدث نفسها بوجوب ذهابها إلى صديقتها لتعزيتها
ثم تتراجع عن محادثته هي تعلمت تجنبه قدر الإمكان
لم تعد تطلب شيئًا و تنتظر ما يمنحه هو، عزمت أمرها على محادثته
لن تخبره أن ريم من أخبرتها و إن سألها ستكتفي بقول أنها قرأت خبر الحادث على صفحة صديقتها الشخصية بأحد مواقع التواصل الاجتماعي و هي تبتهل إلى الله ألا يمنعها عنها أيضًا فقد أصبح وسيلة هروبها الوحيدة،
حاولت السيطرة على ارتباكها لتبدأ الحديث:
ـ جوز واحدة صاحبتي اتوفى في حادثة كنت عايزة أعزيها
هل تخيلت أنها حصلت على انتباهه للحظة أم أنها واهمة
ـ أسمه إيه؟
كان آخر سؤال تتوقع أن يسأله لكنها أجابت بتلعثم
ـ نادر أعتقد يعني اسمه نادر
هنا تيقنت أنه انتبه حقًا حين سألها بدهشة:
ـ نادر الكيال؟
ـ أنت تعرفه؟
انطلق سؤالها لا إراديًا على لسانها ثم أجبرت نفسها على ابتلاع باقي كلماتها عندما سمعت إجابته و هو يهز رأسه حزنًا
ـ أيوه كان صاحبي جهزي نفسك علشان نروح العزا
و لم يكن هذا يجول في أكثر أحلامها جموحًا لكنها اكتفت بإيماءة موافقة
***
الغاية تبرر الوسيلة
دائمًا كان مبدأ من لا مبدأ له
من لا يرى في الكون إلا نفسه
مصلحته و ما يريده و فقط
لا يهم من يسحق في الطريق
فكل شيء مباح نظير الوصول للهدف
أنا و من بعدي الطوفان
رفع سماعة هاتفه و هو يستشيط غضبًا منذ تلقى نبأ وفاة نادر الكيال، هدر في محدثه المذعور:
ـ أنا مشغل شوية أغبيا قلتلكم قرصة ودن بس علشان يكش
رد محدثه بذعر بينما يوضح
ـ الخبطة مكانتش جامدة يا باشا بس العربية كانت محملة حجارة وقعت عليه، قضاه بقى
أزاح كل ما على مكتبه من أغراض بثورة بينما يكمل زئيره بمحدثه المذعور:
ـ مين الحيوان اللي نفذ ؟
أجاب محدثه بصوت مهزوز:
ـ سلطان يا باشا

ـ أنفيه في آخر الدنيا مش عايز أشوف وشه تاني
ـ حاضر أوامر معاليك يا باشا
واصل استجوابه بانفعال لا يستطيع كبحه:
ـ في حد شافه ؟
ـ لأ يا باشا الدنيا كانت ليل و الشارع فاضي
زفر بعض أنفاسه المحبوسة:
ـ كويس، العربية اللي نفذ بيها تتقطع و تتباع خردة فاهم و النهاردة متباتش لبكره
ـ أوامر معاليك يا باشا
أغلق الهاتف و استند بظهره للمقعد يحاول ترتيب أفكاره بما استجد من أحداث يحدث نفسه أن الآخر هو من أوصلهم جميعًا لتلك النتيجة،

أنت من لم تستجب لكل تهديداتنا لك، أخبرناك أن تبتعد لكنك كنت مُصر فلا تلومن إلا نفسك.
قطع استرسال أفكاره صوت جهاز الاستدعاء المباشر بينه و بين رئيسه، أمسك رأسه بكلتا كفيه غيظًا من انفلات الأمور من بين يديه، نهض يغلق أزرار حلته و ملأ صدره بالهواء استعدادًا لما يتوقعه من ثورة، فتح الباب الفاصل بين مكتبيهما و دلف يحاول استعادة ثقته:
ـ أوامر الامبراطور
نهض الآخر و دار حول مكتبه بينما شرارات الغضب تنطلق من عينيه تكاد تحرق من أمامه، عقد كفيه خلف ظهره و بكلمات متقطعة سأل:
ـ ممكن أعرف نادر الكيال مات إزاي؟
تمالك الآخر زمام نفسه و أجاب بهدوء:

ـ قضاء و قدر
واجهه الامبراطور بغضب منهيًا محاولته للالتفاف حول الحقيقة
ـ و القضاء و القدر ده ميحصلش غير في نفس يوم ما يآخد مننا المناقصة!
ـ ولا حضرتك بتتصرف من دماغك و فاكر إني مش هعرف
تراجع الآخر بارتباك حاول إخفاءه بينما يوضح:
ـ كنت بقرص ودنه بس لكن اللي نفذ غلط
اقترب الإمبراطور منه يكز على أسنانه و يشهر سبابته بوجه محدثه:
ـ وغلطة الراجل بتاعك خسرتنا المناقصة
بسط كفه يلوح في الهواء و صوته الزاعق يوضح:
ـ أنا قضيت عمري أبني في الامبراطورية دي، عملت كل حاجة تتخيلها
عاد إليه بنظرته الحادة يضم قبضته و يؤكد:
ـ لكن اسم شركتي فضل نضيف
أخفض قبضته قبل أن يضيف:
ـ و حضرتك جاي دلوقت ببساطة تخلينا متهمين قدام السوق كله
أولاه ظهره و اتجه للنافذة يطالع السيارات المارة خلال الزجاج طال الصمت قبل أن يقر بحسم:
ـ أنسى المناقصة دي، شركة الكيال هي اللي هتنفذها
التفت برأسه يخبره من فوق كتفه
ـ وما تتنفسش قبل ما تبلغني، واضح أني إديتك صلاحيات أكبر منك
وصرفه بإشارة من يده دون أن ينبس بكلمة.
***
صوت القرآن الكريم يصدح في المنزل و صمت مهيب حف النسوة المتشحات بالسواد، صغيرة أدركت معنى الفراق باكرًا تبكي أب بين أحضان جدتها و صغير رغم الحزن البادي عليه رحِمته قلة إدراكه من الانهيار يجاور أمه التي تحيط كتفيه بذراع و تجلس بثبات تُحسد عليه تجاورها من الجهة الأخرى صديقتها ريم التي تضغط كفها من حين لآخر تشد من أزرها،
دلفت امرأة تخطو بتمهل، نهضت نسمة لتلقي العزاء فاحتوتها هند بضمة شوق، اعتذار و مؤازرة:
ـ البقاء لله، أنا يمكن مبتصلش بيكِ من زمان يا نسمة بس أنتِ عارفة معزتك في قلبي
هزت نسمة رأسها بشرود دون قدرة على الرد و اشارت لهند بالجلوس فاتخذت مقعدها جوار ريم، استمر صوت المذياع بآيات الذكر الحكيم و الجميع على رؤوسهم الطير حتى قطعه رنين هاتف هند التي نهضت عقب إغلاقها للخط و انحنت على نسمة تهمس لها:
ـ حسام جوزي عايز يعزيكِ هو طالع دلوقت
التقطت ريم الحديث بدهشة لم تخفها، نهضت نسمة بصحبة هند حتى باب المنزل، مد حسام يده مصافحًا نسمة و هي نقلت نظرها بين كفه ووجهه بدهشة دون مصافحته بينما تجيب:
ـ شكر الله سعيكم
سحب حسام كفه ببساطة يحسد عليها:
ـ أنا كنت صديق للمرحوم نادر
وقعت كلمته كخنجر بقلبها لكنها لم تستطع منع نفسها من السؤال
ـ غريبة، نادر عمره ما جاب لي سيرة عن حضرتك
دس كفه بجيب بنطاله و تعاطفه مع حزنها بدا جليًا:
ـ يمكن لأن مكانش فيه شغل مشترك بينا لحد دلوقت
أخفضت نسمة نظرها و غلالة الدموع تتلألأ بعينيها قبل أن يضيف:
ـ أنا تحت أمرِك لو احتجتي أي حاجة تخص الشغل
ـ في حاجة يا مرات أخويا
قطع حديثهم بصوته و حضوره الذي يفرض نفسه، تولت نسمة مهمة التعريف
ـ مدحت أخو نادر
التقط حسام منها الخيط، مد يده يصافح مدحت و يعرف نفسه
ـ حسام الشوباشي، صديق نادر و المدام صديقة مدام نسمة و كنت حابب أعزي المدام بنفسي
ـ البقاء لله
صافحه مدحت بجديه:
ـ شكر الله سعيكم
لاحظ حسام عدم ارتياح ملامح الآخر لوجوده فحيّا نسمة بإيماءة قبل أن يصطحب زوجته و يرحل و الأخرى تركت مكانها عند الباب و عادت لمقعدها.
دلف مدحت للمنزل متوجهًا لوالدته مد كفه لها تستند عليه بكفها و بالأخرى تتكئ على عصاها حتى تتمكن من النهوض:
ـ يالا يا أمي أوصلك
رفعت نظرها له و خيوط دموعها لا تتوقف تنطق بصعوبة و قد أثقلت المصيبة كاهلها ترجوه بصوت متقطع من بين نهنهاتها:
ـ سيبني مع ولاده يا ابني
دار مدحت بنظره في البيت ثم عاد إليها مجددًا
ـ أعتقد والدة نسمة هتبات معاها تعالي معايا و هرجعك الصبح
هزت رأسها استجابةً له بيأس ثم توجهت لنسمة التي ارتمت بحضنها و الأخرى احتوتها بقهر، كل منهما تبحث عن آثاره بالأخرى تتلمسها علها تشبع جزءً من فقدها دون جدوى.
***
كابوس مزعج تعيشه منذ فجر هذا اليوم
يوم كانت تعتقده ككثير من أيامها الروتينية التي طالما نعتتها بالمملة
تصحو من نومها تودع زوجها إلى عمله و ينصرف صغارها إلى مدرستهم
تقضي وقتها في انتظارهم بين إعداد الطعام و شئون مملكتها الصغيرة، يجتمعوا على الغذاء الذي
يعقبه استذكار لدروس اليوم و تحضير غيرها
و يمر الوقت بين لعب، استحمام و شجار بين الطفلين
فهذا قد أخفى دمية أخته المفضلة إنتقامًا منها لاستئثارها بكل الحلوى
و تتولى هي مهمة فض النزاع حتى يعتذر الصغير من أخته وتحتضن الشقيقة أخيها الأصغر
و ينتهي اليوم بقبلتين على وجنتيها و يخلد الصغيران للنوم.
لكن اليوم لم يمر كسابقيه فمنذ أن تلقت تلك المكالمة المشئومة فجرًا و هي تحيا كابوسًا كم تود لو ينتهي و تصحو على يوم رتيب كما اعتادت

لكنه للأسف ليس بكابوس بل واقع يُعلن أنه ابتداءً من اليوم حياتها قد تغيرت للأبد،
فاليوم قد وارت نصفها الآخر الثرى،
دفنت روحها معه،
انفضت جموع المعزين، و كم ودت لو لم تجلس بينهم
بعدها ربما حدثها شقيقها عن شيء أخبره به محامي زوجها،
لا تذكر التفاصيل لكنها إجراءات لعينة كإعلام وراثة ووصية لا تدري تحديدًا،
فهي كانت تهز رأسها فقط علَّ هذا اليوم ينتهي
ما استخلصته أن المحامي سيزورها غدًا وعلى والدة زوجها أن تكون حاضرة،
تركت الجميع و توجهت لغرفتها،
استلقت على الجانب الأيمن من الفراش،
أمسكت بمنامته التي تركها قبل توجهه لعمله
تحتضنها بشده تستنشق عطره الذي يغمرها
وأطلقت لدموعها العنان، قد تبدو متماسكة طوال اليوم؛
يظن البعض أن هذه قوة،
و البعض الآخر ممن يسيئون الظن يحسبونها لا تبالي،
أخيها يعتقد أنها لازالت تحت تأثير الصدمة و ستنهار قريبًا،
و الجميع لا يعلم ببساطة أن هذا ما طلبه نادر،
أن تقوى و هي ببساطة ستجاهد لتحقيق طلبه فبعد عودتهما من رحلتهما الخاطفة كان لها معه جلسة مصارحة لم تدرك مغزاها إلا الآن،

اصطحبها إلى غرفتهما بعد أن خلد الصغيرين للنوم، سحب رأسها إلى صدره وبدأ بحديث طالما أجله لكنه شعر الآن أنه لابد من البوح به فربما لن تسنح له فرصة أخرى،

ـ نسمة أنا عايزك دايمًا تبقي قوية زي ما عرفتك أنا من يوم ما قابلتك و أنا شايفك البنوتة الرقيقة الناعمة لكن كمان كنت متأكد أن وقت الجد هتبقي في ضهري
ورغم دهشتها من حديثه و نبرة القلق التي أحستها بصوته و أوغرت قلبها بدورها لكنها أكدت على عباراته:
ـ أنا طول عمري هفضل معاك وفى ضهرك
مسد ذراعها بكفه قبل أن يقاطعها:
-أنا عارف أنك كنتِ دايما واقفة جانبي و سندي في أصعب الأوقات و عايزك تفضلي كده
أبعد رأسها قليلًا عن صدره و سبى عينيها بنظرته:
ـ أنا عايزك الفترة الجاية تنزلي معايا الشركة
رفعت حاجبيها دهشة من طلبه فمنذ تركها لعملها بمحض إرادتها لم ترغب يومًا في العودة له من :جديد
-أنت بتقول إيه يا نادر، أيه الطلب الغريب ده!
وضع أصابعه على شفتيها وأكمل:
ـ نسمه لازم أقولك الكلام ده الشركة يا نسمة دي فلوسك و فلوس ولادك
:ملأ صدره بالهواء قبل أن يكمل
ـ باشمهندس محمود أنا بثق فيه هو أقدم واحد في الشركة و تقريبا عارف فيها كل حاجه و أنا بعتمد عليه
شرد في الفراغ و القلق من القادم ينهشه دون أن :يستطيع إدراك مصدره بالتحديد
ـ بس لازم تعرفي أن مينفعش تثقي في حد 100% أنتِ على قد ما أنتِ جدعة و طيبة على قد ما طيبتك دي ممكن تكون عيب فاهماني يا نسمة في عالم البيزنس مينفعش تثقي في حد 100% غير نفسك
و هنا لم تستطع إلا أن تلقي برأسها على صدره و تضمه إليها بشده و هي لا تفهم ما يريد البوح به ولم تنطق بكلمة ليكمل هو:
ـ أنا محتاجلك تسنديني و تقفي جانبي ومش هلاقي حد أثق فيه زيك
-كفاية
وضعت كفها على فمه تمنعه الاسترسال وأخذت تتحسس جسده في كل موضع بجنون مرتعب:
ـ قولي يا نادر أنت تعبان ؟
اكتشفت إنك تعبان و مش راضي تخوفني قولي أكيد في علاج صارحني بالحقيقة علشان خاطري
ضمها إلى صدره بشده يربت على ظهرها بحنان و يهدئ من روعها:
-لأ يا نسمة و الله أنا كويس بس داخل مناقصة كبيره زي ما قلتلك قبل كده و قلقان فحسيت إني محتاج أقولك الكلام ده،
و عايزك قوية
لم يستطع أن يزد فيزيد من رعبها بالحديث عن رسائل لا يفهم مغزى مرسلها حتي الآن ليسمع همسها بعد أن هدأت قليلا:
-حرام يا نادر أنت بترعبني عليك كده
طبع قبلة على جبينها مع قوله آسف تبعها بقبلات رقيقة على وجنتيها و عنقها يهمس أسفه بين قبلاته لتهدأ بين ذراعيه يضمها إليه بشده
لكن بغرفة نومهما و على سريرهما لا مجال لادعاء القوة،
هي لحظة الانهيار لحظة البكاء و كم تود الصراخ من أعماقها
ظلت تبكي لا تعلم كم مر عليها من الوقت فدموعها قد اتخذت طريقها ولا سبيل لإيقافها،
شعرت بأنامل رقيقة تمسح دموعها ففتحت عينيها لترى صغيرها نور أمامها، كم يشبه ذلك الشبل أبيه طالما مازحته أنه لم يرث منها شيئًا و استأثر بكل شيء منه بخلاف أخته،
قمحيته، عسل عينيه و دكنة خصلاته و الأهم حنان ينبع ببراءة من آن لآخر ليس بعيدًا عن حنان أبيه،
جلست على الفراش و سحبته لأحضانها:
ـ ماما .. أنتي بتعيطي علشان بابا راح عند ربنا
شددت من ذراعيها حول الصغير بينما هو يضيف ببراءة تمزقها:
ـ تيتة قالت لي أن بابا عند ربنا

هو أنا كده مش هشوفه تاني؟
ردت بصعوبة فهي ليست مستعدة بعد لأسئلة الصغير:
ـ أيوه يا حبيبي مش هينفع نشوفه تاني
بكى الصغير و هو يؤكد:
ـ هو كده هيوحشني
مسحت دموع الصغير بكفيها تربت على وجنتيه بحنان:
ـ و هيوحشني أنا كمان
بس كل ما يوحشنا ممكن نعمل حاجه هو بيحبها و ممكن نقراله الفاتحة
رفع الصغير عينيه لها يسألها ببراءة:
ـ طيب أنا هاروح عند ربنا إمتى؟
احتضنته بشدة فهو و أخته ما بقيَ لها تستعيذ بالله في نفسها من هول الفكرة و تجيبه بمنطقه الطفولي:
ـ محدش يعرف هيروح إمتى ربنا بس اللى يعرف
نهضت من جلستها رغبة في تغيير مجرى الحديث،
فتحت خزانة الثياب الخاصة بزوجها و أخرجت علبة كرتونية وقدمتها لطفلها:
-دي العربية اللي بالريموت اللي كنت طالبها من بابا
هو كان جايبهالك
تقدم الصغير و أخذ العلبة ببسمة حزينة:
هم بالانصراف لكنه توقف عند الباب و التفت لوالدته:
ـ أنا مش هلعب بيها هخليها عندي في الدولاب علشان لما أروح عند ربنا و أشوف بابا نلعب بيها مع بعض
و انصرف إلى غرفته تاركًا نسمة وقد مزقتها كلماته وتركتها حطامًا، فكيف لها أن تعوض صغيريها حنان أب كوالدهم.


الفصل الخامس



لو أننا لم نفترق
لبقيتُ نجمًا في سمائك ساريًا
و تركتُ عمري في لهيبك يحترق
لو أنني سافرتُ في قمم السحاب
و عدتُ نهرًا في ربوعك ينطلق
لكنها الأحلام تنثرنا سرابًا في المدى
و تظل سرًا في الجوانح يختنق
لو أننا لم نفترق

فاروق جويدة

هل يجدي الندم بعد فوات الأوان؟
حتما لا جدوى فxxxxب الزمن لن تعود يوما للخلف و إن تمنى، كيف للحظات عابرة أن تحيي فيه كل ذاك الشوق للماضي البعيد، تذكره برعونته تهوره و تسرعه بزيجة حُكم عليها بالفشل منذ أول لحظاتها و إن حاول إنجاحها طويلا حتى أيقن بعدم جدوى المحاولة
كيف أخل بوعده معها فقدمها بعد سنوات على طبق من ذهب زوجة محبة لغيره، و كيف تحيي رؤيتها الآن كل ما دأب على دفنه بين طيات قلبه
كانت آخر مرة سمح لنفسه فيها التشبع بهيئتها يوم عقد قرانها بعد سنوات من زواجه الفاشل،
طبع صورتها البهية بقلبه و هي تتأبط زوجها و تطالعه بنظرات عاشقة فيبادلها عشقًا فوق عشق
يمسك برأسها بين كفيه و يطبع قبلة على جبينها فيلحظ رعشة جسدها و تفتُح عينيها بوله أصاب قلبه فأعلن الحداد على عشق ضائع

حمل ذنبه، ألمه و عزم على عدم اللقاء مرة أخرى مطمئنًا نفسه أنها وجدت من رأب صدع قلبها و لا عزاء لنابضه المتصدع
و اليوم أيقن أن كل ما أعلن موته طوال تلك السنوات لم يكن بميت، رؤيتها كانت كفيلة ببعث الحياة بخافقه مرة أخرى و كأنه يُعلن أنه لم و لن ينبض لغيرها و إن امتدت السنون
تغيرت هيئتها قليلًا بفعل الزمن ازدادت بضع كيلو جرامات و لازال وجهها على براءته و إن انطفأ بريق عينيها بمصابها، و دون أن تلحظ وجوده راقب انصرافها مع أخيها الذي دعم جسدها بكامل جسده عن بعد فهو المطرود بفعل يديه من جنتها

تستند برأسها لكتف شقيقها بتيه كطفلة فقدت مرشدها في الحياه تتعثر بخطواتها مرة تلو أخرى فيسقط قلبه تحت قدميها يؤدي فروض الولاء و الطاعة

فهل يجوز للمذنب التكفير عن ذنبه؟
و هل يشفع الندم ليطرق العاصي باب جنته مرة أخرى ؟
طالع أوراق المحضر أمامه المرفَق به تقرير الطب الشرعي الذي أوضح سبب الوفاة؛

كسر بالفقرات العنقية وقطع كامل بالحبل الشوكي) كسور متعددة بالجمجمة، كسور بالضلوع و تضرر حاد للقلب و الرئتين نتج عن الاصطدام بجسم صلب؛ مجموع إصابات أدى إلى الوفاة (الفورية

تماشى تقرير الطب الشرعي مع تصور رجال البحث الجنائي للحادث بوجود آثار لإطارات سيارة نقل و آثار لطلاء السيارة بسيارة نادر
،لا يوجد شهود
،ولا شبهة جنائية
،قُيد كحادث سير و المُتسبب مجهول
.و أُقفل المحضر في ساعته و تاريخه
***

نفَس الصباح أنفاسه الحزينة على أهل البيت الذين استقبلوا السيدة درية بقلوب يشطرها ،الشوق للغائب الحاضر بالقلوب
:اندفع الصغير لأحضان جدته بحب
ـ دودو...دودو
،احتوته الجدة بين ذراعيها تروي به ظمأها لولدها
مسحت على شعره و تعلقت عيناها بملامحه :الحبيبة
ـ دودو أنا بحبك
أعادته إلى حضنها مرة أخرى تربت على ظهره بعطف و تغمره بقبلات بللتها قطرات دموعها التي :لن تجف بعد اليوم
ـ و أنت نور عيني يا ابن الغالي
ربتت نسمة على كتف السيدة درية و هي تخفي القطرات الهاربة عنوة من عينيها عندما سألتها :درية عن طفلتها
ـ من امبارح و هي حابسة نفسها في أوضتها مخرجتش
أزاحت السيدة درية الصغير الجالس فوق ساقيها و اتكأت على عصاها بينما أمسكت نسمة بكفها :الأخرى تعينها على النهوض
ـ هدخُلها
دلفت السيدة درية غرفة الصغار فوجدت نادين قد انطوت على نفسها فوق الفراش بوضع الجنين تتدثر جيدًا بالغطاء مغمضةً عينيها بألم جلي ودموعها المنسابة تروي ما عجزت عن البوح به، جلست جوارها على طرف الفراش تمسح على خصلاتها بحنان و الصغيرة حين شعرت بها ضغطت عينيها بعجز و انخرطت في نشيجها

جذبتها السيدة درية فأجبرتها على الجلوس واحتوتها بذراعيها تمسح على شعرها برفق و :بصوتها الحنون تخبرها
ـ حقك، أبكي، أصرخي
ـ ماتكتميش ألمك، خرجيه
أبعدت رأس الصغيرة عن صدرها و احتوتها بين :كفيها تمسح دموعها بإبهاميها
ـ أفتحي عنيكي
،استجابت الصغيرة ففرجت جفنيها ببطء
نظرت السيدة درية بعيني نادين تبث بها بعضًا من :قوة تفتقدها هي لكنها تدرك حاجة الصغيرة لها
ـ حقك تبكي فاهمة
:رمشت الصغيرة جفنيها بضعف فأكملت درية
ـ بس بعد ما تبكي أفتكري أنك بنته
ـ فكري هو عايزك إزاي علشان تحققي حلمه بيكِ
ـ فاهمة
هزت الصغيرة رأسها ايجابًا فأعادتها درية لحضنها :مرة أخرى حينها دلفت نسمة
ـ ماما، مدحت بره
هزت درية رأسها و اتكأت على عصاها و هي :تجيبها
ـ أيوة، كان قايل لي هييجي على معاد أستاذ فتحي المحامي
خرجت السيدة درية بينما نسمة توجهت لابنتها و غمرتها بين ذراعيها، مسحت على وجهها بحنان :وهي تسألها
ـ هتخرجي تسلمي على عمك؟
هزت الصغيرة رأسها نفيا دون كلمة فربتت نسمة :على رأسها بقلة حيلة
ـ على راحتك

***

تشرق الشمس فتعلن ميلاد يوم
يظنه البعض النهاية
.بينما يستقبله الآخر كفرصة أخرى
بمدرجات ملعب التنس الأرضي بنادي ضباط الشرطة جلس و قد أيقن أن الحياة قد تسلب أحدهم فرصته و تمنحها لآخر، تابعها بعينين حانيتين و هي تتنقل كغزالة برية بين أطراف الملعب تضرب الكرة بمهارة تُحسد عليها و هو ممتن أن أمهله القدر مزيدًا من الوقت لتعويض ما فاته و طيف صغيران سمع عنهما دون رؤيتهما يراوده وقد قست الحياة عليهما باكًرا فسلبتهما .الأمان
أنهت تدريبها و حيّت مدربها قبل أن تنتبه للمراقب بالمدرجات الخاوية جففت وجهها و رفعت ذراعها تلوح له بسعادة و هرولت ناحيته بجسدها الممشوق و خصلاتها الأقرب للذهبي الموروثة عن والدتها التي رفعتها فوق رأسها في ذيل حصان و أحاطت جبهتها بمانعة التعرق، بشرتها بيضاء لفحتها الشمس فأكسبتها حمرة محببة مع تناثر حبات النمش على وجنتيها و أنفها، عيناها بلون الزيتون كصفة وحيدة ورثتها عنه، تحرك من :مكانه فلقيها عند مدخل المدرجات
ـ بابي
:أحاط كتفيها بذراعه و طبع قبلة على وجنتها
ـ حبيبة بابي
ـ غيري هدومك و أنا مستنيكِ في الكافيتريا
:استبشرت الصغيرة و رفعت حاجبيها بسعادة
ـ هنتغدى مع بعض
:ربت بكلتا يديه على كتفيها و هو يؤكد
ـ اليوم كله بتاعك النهاردة
صفقت الصغيرة بكفيها و أسرعت تبدل ملابسها لمى ابنته التي ما باتت صغيرة بعد أن تخطت عامها الرابع عشر، جاهد كي يحافظ على بيئة صحية تحياها بعد إعلان فشل زيجته من والدتها السيدة أحلام، يعترف في قرارة نفسه أنه ابتعد دون إرادته عن تفاصيلها بفعل عمله الذي أجبره لسنوات على الابتعاد خارج حدود القاهرة و في أفضل الأحيان غيابه لأيام خارج المنزل و هو ما لم تتحمله زوجته السابقة التي حرص على إنهاء زواجه منها بهدوء و صغيرته بعمر السادسة ثم ما لبثت أن كونت الأخرى أسرة جديدة لتظل صغيرته حائرة بين أسرة تحيا بكنفها و إخوة لا يشتركون معها بالاسم و أب يحرص على اتصالات دائمة و تتباعد لقاءاتها به ولا تدوم إلا .بضع ساعات
بدلت ملابسها و في طريقها لأبيها جذبتها يد بقوة فدفعت جسدها للحائط مع شهقتها المتفاجئة :حاصر جسدها بذراعيه و هي تتأفف و تنهره
ـ لؤي أنت اتجننت؟
نفس دخان تبغه بوجهها و هو يقترب بأنفاسه منها
ـ اتجننت علشان وحشتيني؟
:دفعت صدره بكفيها فتراجع و هي تخبره بنزق
ـ قلتلك ما بحبش الطريقة دي
حملت حقيبتها التي سقطت حين جذبها و ابتعدت و :هي تحذره بصوتها
ـ ماتكلمنيش النهاردة بابي في النادي
ـ سلام
و أشارت بكفها و هي تتجه للقاء والدها الذي استقبل طلتها ببشاشة فور أن انضمت له على :الطاولة، ارتشف قليلًا من قهوته التركية
ـ ماطلبتش غدا قلت تغدينا على ذوقك
أمسكت الصغيرة بقائمة الطعام و طالعتها قبل أن :تقرر
ـ أنا هاخد لازانيا أطلب لحضرتك زيها
امتعض فارس للفكرة لكنه رفع كفيه بمحازاة :كتفيه باستسلام
ـ أمري لله هاكل على زوقك النهاردة
ضحكت الصغيرة ثم أشارت لعامل الطلبات و أملته :طلبها قبل أن يذكرها فارس
ـ اتصلي بماما قوليلها أنك هتتأخري
طالعته الصغيرة بشرود قبل أن تجيب بلامبالاة و :ضحكة جانبية ساخرة
ـ ما تقلقش مش هتاخد بالها أني اتأخرت دلوقت
تعجب لجواب الصغيرة و لم يزد، طالع هيئتها مجددًا، هل كان غائبًا لهذا الحد عن صغيرته ولا يعلم شيئًا عن حياتها، يعلم أن زوجته السابقة لديها عائلة الآن وثلاثة أطفال بخلاف ابنته توأم بعمر السادسة و صغيرة بعمر الثالثة، هل يلوم انشغالها بعائلتها أم يلوم ظروف عمله القاسية التي لم تتح له يومًا فرصة القرب من صغيرته، ملأ صدره بالهواء وهو يأمل أن يمهله القدر .فرصة لتعويض ما فاته

أنهى وجبة الغداء مع ابنته ثم اصطحبها للسينما بناءً على طلب الصغيرة، ساعات اقتطعها من عمر الزمن أكدت له على تقصيره طويلًا في حق طفلة على أعتاب الشباب لا ذنب لها سوى سوء اختياره و في نهاية اليوم أقلها حيث تسكن رفقة والدتها وودعها بقبلة على جبينها ووعد بتكرار اليوم عن قريب، و مع غلقها لباب السيارة و انصرافها عنه علم أن الصغيرة كانت محقة فعلى مدى خمس ساعات قضاهم بصحبتها لم تحادث لمى والداتها و الأخرى يبدو أنها لم تنتبه لغياب ابنتها، تساءل إن لم تكن صغيرته معه طوال !ذلك الوقت فأين ستكون و متى تنتبه أمها لغيابه

دلفت لمى المنزل بمفتاحها الخاص فوصل إليها صوت أخويها التوأم يلهوان بينما والدتها تُطعم أختها الصغرى، انتبهت :أحلام لها
ـ كنتِ فين لحد دلوقت
:توقفت لمى في طريقها إلى غرفتها و بهدوء أجابت
ـ كنت مع بابي
ضيقت أحلام حاجبيها دون فهم:
ـ بباكِ هنا من ساعتين
اقتربت لمى خطوتين بتحدٍ:
ـ كنت مع بابي فارس مش أنكل حسن
:نهضت أحلام بغضب و صوتها يعنف ابنتها
ـ اسمه بابا حسن
اقتربت خطوتين من ابنتها تحاول جاهدة ألا يصل صوتها :لزوجها
ـ بابا هو اللي أنتِ عايشة في بيته مش اللي ميعرفش حاجة عنك
امتعضت لمى و أولتها ظهرها فأمها كعادتها تذكرها أنها تسكن ببيت رجلٍ يجب عليها أن تعترف بجميله أن آواها بمنزله و هي ليست بابنته، رغم أن الرجل لم يسيء التصرف معها يومًا لكنها في ذات الوقت لا تستطيع تحديد مشاعرها تجاهه فضلًا عن اعتباره أبًا و مناداته بكلمة ثقيلة على نفسها، تعلم أن والدها يتكفل بمصروفات دراستها كاملة،ملابسها و حتى هاتفها هو من اشتراه و كان شرطه على والدتها حتى يسمح لها بالإقامة ببيت رجلٍ آخر لكنها بالنهاية لا تعتبر نفسها صاحبة المنزل كأخوتها من أمها فباتت تهرب معظم ساعات النهار بحجة تدريباتها و تناول الغذاء بالنادي بعد التدريب و كأن أمها كانت تنتظر منها إعفاءها من حرج إطعامها من مال زوجها فلم تلحظ غيابها مهما أطالت الوقت .خارج المنزل
بدلت لمى ثيابها وهي تلعن حظها الذي حرمها الحياة بكنف أسرة طبيعية كأخوتها، هل كانت ابنه سيئة لدرجة أن ابتعد عنها الجميع أم أنها لم تكن تستحق أن يبذل أبواها جهدًا لأجلها حتى تحيا ببيت تشعر أنها تمتلكه حقًا، مسحت دمعة فارة من عينها و هي تتذكر سنواتها الأولى التي عاشتها ببيت والدها كطفلة تمتلك الدنيا بأسرها، حين كانت الوحيدة بحياة أمها وإن افتقدت حضور والدها لكنها كانت واثقة من عودته، استلقت على فراشها و بيدها هاتفها المحمول تكمل هروبها لمواقع التواصل الاجتماعي و مراسلة أصدقاءها .خاصة هذا الذي تعتبره الوحيد المهتم لأمرها

***
بعض الأيام ثقال و هو عليها كذلك، أول أيامها الثقال التي لا تعلم كيف السبيل إلى تحملها، بل كيف السبيل لتحمل ،جلسة كتلك التي تجلسها
فحسب الموعد المتفق عليه حضر أخيها برفقة المحامي و في حضور السيدة درية التي جاورتها على الأريكة متكئة بكفيها إلى عصاها تستند بذقنها إلى ظاهر كفها و تتطلع للحضور جاورها من الجهة الأخرى مدحت بينما جلس المحامي في .الأريكة المقابلة لهم جوار رائد
فتح الأستاذ فتحي حقيبته، أخرج أوراقه و بدأ بفضها ووضع أولها على المنضدة الصغيرة أمام الجميع و هو يوضح :محتواها
ـ ده تنازل رسمي موثق في الشهر الxxxxي بموجبه تنازل السيد ....نادر سيف الدين الكيال عن شقة الزوجية الكائنة في لصالح زوجته السيدة نسمة حسين عبد اللطيف
رفعت نسمة نظرها للمحامي دهشة مما قال دون أن تنبس بكلمة ولم تقِل دهشة رائد عنها بينما عقد مدحت حاجبيه بضيق دون إبداء رأي و درية تتطلع بوجوه الجميع تتفرسها دون اهتمام حقيقي بفحوى العقد، أكمل المحامي بفض مظروف مغلق كبير و بدأ بقراءة بنود الوصية

بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله
أوصي أنا المهندس نادر سيف الدين الكيال بعد وفاتي بما يلي
ـ تؤول ملكية شقة الزوجية بالكامل إلى زوجتي السيدة نسمة حسين عبد الرحمن
ـ في حال وفاتي و أبنائي نادين نادر سيف الدين و نور نادر سيف الدين لايزالا تحت السن القانونية تنتقل الوصاية القانونية على أموالهما إلى زوجتي السيدة نسمة حسين عبد الرحمن
ـ إيه الكلام الفارغ ده
نهض مدحت منفعلًا بجملته و هو ينكر ما سمعه من بنود قبل :أن يكمل
ـ ولاد أخويا مسئولين مني و أنا أولى برعاية مصالحهم
:رفع المحامي نظره إليه بهدوء و أجابه
ـ دي وصية باشمهندس نادر ورغبته
لكزت السيدة درية ولدها بعصاها و أشارت له بالجلوس مرة :أخرى فأطاعها ثم عادت للمحامي
ـ كمل يا أستاذ فتحي
:وهو ما فعله المحامي وأكمل قراءة بنود الوصية
ـ توزع تركتي على الورثة الشرعيين حسب شرع الله
ـ في حال كون أمي الحبيبة ضمن ورثتي شرعًا فرجائي لها و أعلم أنها لن ترده أن تمنح زوجتي توكيلًا لإدارة نصيبها وأنا أثق أنها خير من تصونه
ـ كده كتير
ـ إيه اللي يثبت أن دي رغبة نادر
كان صوت مدحت مرة أخرى دون مراعاة لدموع أمه التي :بدأت في الانهمار ليرد الأستاذ فتحي
ـ باشمهندس نادر طلب أني أجهزله الوصية و العقد قبل وفاته بأسبوع و قبل وفاته بيوم كان مسجلهم في الشهر الxxxxي
رفعت نسمة عينيها التي غشيتهم غلالة الدموع و همست :للمرة الأولى
ـ يعني إية الكلام ده؟
!ـ إيه اللي خلى نادر يعمل كده
التفت لها المحامي و لانت نبرته و هو يخرج آخر مظروف مغلق بجعبته
ـ الحقيقة معنديش إجابة بس يمكن تلاقي الإجابة في الجواب ده
:مد يده بالمظروف
ـ أنا استلمته من باشمهندس نادر مقفول و بسلمهولك حسب رغبته
التقطت الخطاب بيدٍ مرتعشة و تعلقت عيناها باسمها الذي خطه نادر بقلمه على المظروف المغلق، نهض المحامي يطلب :الإذن بالانصراف
ـ أنا كده خلصت مهمتي
وجه الحديث لنسمة التي انفصلت عن الحضور متعلقةً بخطابها
ـ هبقى أحتاج من حضرتك مشوار للشهر الxxxxي تعمليلي توكيل علشان الإجراءات
نهض رائد يصافح المحامي و يصحبه حتى الباب حين أوقفهما :صوت السيدة درية
ـ بعد إذنك يا استاذ فتحي
عاد المحامي حيث تجلس السيدة درية و نظرته تتساءل عن :سبب نداءها الذي أوضحته
ـ ليَ طلب عندك
:انحنى احترامًا مصغيًا السمع
ـ تحت أمرك يا حاجة
دقت بعصاها الأرض تزفر أنفاسها بضيق و الأعين المحيطة :تعلقت بما ستتفوه به و هي لم تتأخر
ـ أنا هكتب نصيبي في شركة نادر و فلوسه باسم نور و نادين بالنص
فتحت كفها وعادت تقبض على عصاها وهي تبتلع غصتها :وتكمل
ـ جهز أوراقك و أنا همضيلك عليها
:أومأ المحامي برأسه في طاعة
ـ هحتاح من حضرتك مشوار للشهر الxxxxي مع مدام نسمة
ـ هجهز الأوراق و أبلغكم
التفت المحامي مغادرًا مرة أخرى يصحبه رائد بينما مدحت :يموج غضبًا و يتطلع لأمه بعدم رضا
ـ إيه اللي هتعمليه ده يا أمي
:رفعت نظرها لولدها بتحذير أن يزيد كلمة
ـ هعمل اللي المفروض يتعمل
دقت عصاها بالأرض مرة أخرى غضبًا و قهرًا و دموعها :التي حفظت طريقها لا تجف
ـ كنت مستنياه هو اللي يورثني مش أنا اللي أورثه
غصت بدموعها تكمل من بين شهقاتها:
ـ فلوس نادر لولاده و أنا ربنا يصبرني لحد ما أقابله تاني
ارتمت نسمه على كتف السيدة درية تقبله و تحتضنها بتقدير
ـ ربنا يبارك في عمرك يا ماما
و الآخر قد كُبلت يداه و عاد خالي الوفاض
***

البعض يدعي القرب وهو البعيد والآخر وإن تفرقت به الطرقات ظل من القلب داني
كذلك كانت صديقتها ريم التي باعدت بينهما الحياة و فرقتهما مشاغلها لكن عند الحاجة كانت الأخت التي لم تنجبها أمها؛ حضرت ريم منذ الصباح الباكر وساعدت السيدة زينب والدة نسمة في إعداد طعام للصغار، لاعبت الصغير تصرف انتباهه عن جلسة المحامي المحتدمة بصالة البيت و حاولت مداعبة نادين التي ما استجابت لها، فور انصراف الجميع كانت تجاور نسمة التي لازالت تتطلع :للمظروف المغلق بتيه، قبضت على كفها بدعم فانتبهت لها
!ـ أنا مش فاهمة حاجة
:ربتت على كفها بحنو
ـ مش مهم تفهمي، المهم تعرفي هتعملي إيه دلوقت
شردت نسمة في الفراغ تتذكر كلماته تحاول البحث عما أخفاه خلفها دون جدوى، طلبه الذي يلقي على عاتقها :حملًا لا قِبل لها به
ـ هعمل اللي كان عايزة
:وجهت نظرها لصديقتها تتأرجح بين خوف ورجاء وأكملت
ـ هنزل الشركة زي ما طلب
!تفتكري هقدر
:شددت ريم من قبضتها على كف نسمة
ـ أكيد تقدري، و نادر كان متأكد أنك تقدري
على ذكر اسمه عادت عيناها للتعلق باسمها على المظروف المغلق تناشده البوح بسره الذي ترغبه و تخشاه في آن واحد قطع أفكارها صوت جرس الباب الذي فتحته السيدة زينب و صوتها الذي وصلهما و هي ترحب بالطارق و تدعوه للدخول، تطلعت ريم للمقبل عليهما بوقار، رجل في منتصف عقده الخامس شعر قصير باللون الأسود الداكن زحف الشيب لفوديه بخجل و لحية مشذبة اختلط بها الأبيض و الأسود في تناغم مع قمحية بشرته و سواد عينيه، أتاه :صوت نسمة مرحبًا
ـ اتفضل يا باشمهندس محمود
جلس محمود بالأريكة المقابلة لهما بوقار وبعد بضع كلمات :مواساة لنسمة وجد من واجبه إطلاعها على الأمر
ـ أنا عارف أن الوقت مش مناسب لكن واجبي أني أقول الكلام ده
:شهق فملأ صدره بالهواء ثم زفره ببطء قبل أن يكمل
ـ شركتنا الحمد لله فازت بمناقصة كبيرة و عامل الوقت مهم
:تطلع لنسمة بجدية يؤكد على أهمية كلماته
ـ باشمهندس نادر الله يرحمه كان مجهز كل أوراقها لكن الموردين محتاجين تحويل قيمة المقدم علشان يشحنوا البضاعة
:تطلعت نسمة له بعدم فهم قبل أن يكمل
ـ باشمهندس نادر بس اللي كان يعرف رصيد الشركة في البنك بس أنا تحسبًا أن إجراءات البنك تتأخر كلفت المحاسب يكلم عملاءنا وبنحاول نجمع أي مبالغ لينا من السوق مباشرة
شردت نسمة في الفراغ قليلًا قبل أن تعود بنظرها لمحمود :تسأله مقصده
ـ أنا أقدر أعمل إيه
أخفض محمود نظره للأرض يعلم أنه لا يمنحها الوقت الكافي :للملمة شتات نفسها لكنه مضطر
ـ مطلوب من حضرتك تتواجدي في الشركة و تظهري في الصورة
ـ ده هيدي الموردين ثقة أن الكيان مستمر زي الأول
:ضم قبضتيه بضيق و أكمل إيضاح مخاوفه المشروعة
ـ حجم الصفقة كبير و لو الموردين قلقوا هيطالبوا بكامل حقهم قبل الشحن وده أحنا مش هنقدر عليه، ده غير أنهم لو حسوا بعجزنا عن الوفاء بثمن الصفقة مش بعيد يسحبوا مننا الوكالة
تنهدت نسمة و أغمضت عينيها تستجمع أفكارها قبل أن :تجيبه
ـ حاضر يا باشمهندس، هتلاقيني في الشركة في أقرب وقت
:أومأ محمود برأسه مشجعًا
ـ وأنا هكون مع حضرتك في كل خطوة ماتقلقيش
أنهى حديثه و استأذن مغادرًا، دخول منزل الصديق الراحل لأول مرة لم يكن بالهين عليه لكنه كان واجبه تجاه من اعتبره أخًا لسنوات، يعلم كم بذل من جهد لبناء شركته التي شهد معه أولى خطواتها و قد كانا بمفردهما تمامًا يقومان بكافة الأعمال توفيرًا لرواتب موظفين لا يستطيع نادر الوفاء بها في بداية طريقه، و كما كان نادر سندًا له في أشد أوقاته فقد عاهد نفسه أن يكون السند لأسرته ليحفظ له جميله الذي .طالما طوّق عنقه به و يحفظ لأبنائه ما بقي من والدهم
***
أسيرة هي ولا سبيل للفِرار لذا أعلنت استسلامها باكرًا و قررت التكيف مع أسر تراه بأسوأ حالاته أفضل من كنف أبٍ عاق، فزوجها على غلاظة طبعه يكفل لها حياة كريمة طالما افتقدتها ببيت أسرتها وإن أتبع هذا بالمن و الأذى لكنه يظل أفضل من أذى والدها من وجهة نظرها خاصة و أن عمله يتطلب غيابه شبه الدائم عن المنزل مما يكفل لها التمتع ببعض الحرية بعيدًا عن ناظريه و هو ما تحياه الآن بعد أن تأكدت من سفر حسام لعدة أيام فدبت الحياة بروحها استيقظت ففتحت النوافذ تسمح لأشعة الشمس بالتسلل و منح بعض الدفء لأيامها، نثرت ذرات معطر برائحة اللافندر المحببة لنفسها بالجو و على المفروشات و دلفت مطبخها تعد ما تشتهيه من طعام، بدأت بقطع من صدور الدجاج المتبلة بعناية فصدمتها بمقلاة شديدة السخونة لتتسلل إلى أنفها رائحة الشواء الشهية، اطمأنت لنضج الدجاج فرفعته من المقلاة و أضافت مكعب من الزبد أتبعتها بشرائح من فطر عش الغراب الذي تحبه ثم أعادت صدور الدجاج مرة أخرى للمقلاة وصبت كوبًا من الكريمة و طعمتها ببعض الملح و قليل من الزنجبيل الطازج، انتقلت بعدها لصنع الحلو الذي تشتهيه، فضت الكيس المُعبأ قبلًا فأفرغت محتوياته بطاجن من الفخار، أضافت بعض من المكسرات ثم اتبعتها باللبن الساخن المُحلى و أضافت بعض من الكريمة المخفوقة مسبقًا قبل أن تتركها تُكمل نضجها بالفرن،
تركت مطبخها و توجهت إلى غرفة نومها، صففت شعرها الذي أهملته طويلًا ثم زينت وجهها بمستحضرات التجميل التي ودعتها منذ زمن فاستعادت بعض من جمالها السابق بدلت ملابسها بأخرى عصرية ناسبت انتفاخ بطنها و نثرت .عليها عطرها تبعث بعض من بهجة بنفسها
سمعت صوت جرس الباب فتوجهت إليه، اطمأنت على هيئتها بالمرآة المجاورة للباب ثم فتحته ليقابلها بابتسامته الرائقة التي افتقدتها، جذبت كفه فدلف يضاحكها و يطبع قبلة على وجنتها و هي تبادله ضحكاته ثم تجذبه فتتعلق :برقبته هامسة
ـ وحشتني
نهاية الفصل الخامس

noor elhuda likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 15-08-20 الساعة 11:13 PM
heba nada غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-08-20, 12:31 AM   #16

فاطمة طلحة
 
الصورة الرمزية فاطمة طلحة

? العضوٌ??? » 476559
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 25
?  نُقآطِيْ » فاطمة طلحة is on a distinguished road
افتراضي

بداية الجد و بداية العظمة ⁦❣️⁩⁦❣️⁩⁦❣️⁩⁦❣️⁩

فاطمة طلحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-08-20, 07:44 PM   #17

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي

ليه كل قفلاتك كده على وشنا 😭
ويخرب بيتكم قرصة ودن تجيب أجل الراجل والله كنت حاسه ☹️


م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-08-20, 11:54 PM   #18

heba nada

كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية heba nada

? العضوٌ??? » 460821
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 202
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » heba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة م ام زياد مشاهدة المشاركة
ليه كل قفلاتك كده على وشنا 😭
ويخرب بيتكم قرصة ودن تجيب أجل الراجل والله كنت حاسه ☹️
انا بحب قفلاتي😂🙈
للاسف قرصة الودن فلتت منهم الله يرحمه بقى😢


heba nada غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-08-20, 01:20 PM   #19

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة heba nada مشاهدة المشاركة
انا بحب قفلاتي😂🙈
للاسف قرصة الودن فلتت منهم الله يرحمه بقى😢
لكن تعالي لي هنا

ليه حاسه ان حسام ده هوه ايلي اتهزق من البوص بتاعه :s_45:
بس لو هوه يبقى عمل عمله سووووده😡


م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-08-20, 03:07 AM   #20

heba nada

كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية heba nada

? العضوٌ??? » 460821
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 202
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » heba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond reputeheba nada has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة م ام زياد مشاهدة المشاركة
لكن تعالي لي هنا

ليه حاسه ان حسام ده هوه ايلي اتهزق من البوص بتاعه :s_45:
بس لو هوه يبقى عمل عمله سووووده😡
لسة بدري قوي علشان نعرف مين اللي اتهزق🙊🙊


heba nada غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
رواية غصون متأرجحة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:22 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.