آخر 10 مشاركات
مـــا أصعب الإبتعاد عنها *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : عيون الرشا - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          همس المشاعر بين ضفاف صورة .. وحروف ماثورة... (الكاتـب : المســــافررر - )           »          القرار الصعب (ريما وعبد المحسن) / للكاتبة روح الشمالي ، مكتملة (الكاتـب : أمانى* - )           »          سَكَن رُوحِي * مكتملة **مميزة** (الكاتـب : سعاد (أمواج أرجوانية) - )           »          لهيب عاشق-قلوب أحلام زائرة- للكاتبة الرائعة::هبة خاطر *كاملة+روابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          إغواء البريئة (67) للكاتبة: جيني لوكاس .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          Wed for the Spaniard's Redemption by Chantelle Shaw (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          إلَى السماءِ تجلت نَظرَتِي وَرَنـت (الكاتـب : ميساء بيتي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree260Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-08-20, 06:27 PM   #121

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جميله سعيد مشاهدة المشاركة
فصل رائع كالعادة
عجبتنى جدا المواجهة بين عاصم و نوران كانت قويه للغايه
حوار عز الدين مع ايناس خلانى أحترمه جدا اد ايه هو فاقد الحنان و الجو الأسرى نفسى ايناس تتصالح مع نفسها و تغفر و تحتويه مع زوجها و اولادها علشانها قبل اى حد علشان تقدر تعيش بسعادة
عمار و يمنى علاقة شائكة مازلت غير واضحة بالنسبه لى هو ايه هجرها اساسا؟؟؟
جنى و أسعد ثنائى انا بحبه مش عارفة ليه و اتمنى انهم يصرحوا لبعض بحبهم
حبيبتى تسلم ايديكى على الفصل الرائع و فى انتظار الفصل القادم من دلوقتى♥♥♥♥
حبيبتي يا جيجي
مبسوطة اوي ان الفصل عجبك يا حبيبتي
هتعرفي كل اجابات الاسئلة في الفصول اللي جاية يا جيجي
جنى واسعد احب كابل لقلبي كمان
منوراني يا جيجي
سعيدة بمتابعتك ❤❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-08-20, 06:29 PM   #122

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليان حسين مشاهدة المشاركة
فصل جميل ومليان اسرار ..والست رقيه مش هجباني راح اخنقها 🤣
حبيبتي يا ليان
مبسوطة اوي ان الفصل عجبك يا جميل
روكا دي عسل
اصبري عليها
منوراني ❤❤


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-08-20, 06:41 PM   #123

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء النور والسرور على الجميع
اتمنى تكونوا بخير وصحة وسلامة
انا رديت على جميع الردود السابقة وبعتذر لتاخيري عليكم
واتمنى تعذروني
موعدنا اليومي مع فصل جديد من حبيبتي
اتمنى يحوز على اعجابكم
ومنتظرة ردودكم وتعليقاتكم


الفصل التاسع
بعد ثلاثة ايام
تثاءبت وهي تشعر بوخم غريب يخيم عليها ، فتشعر بعدم الرغبة في الاستيقاظ والنهوض من فراشها ، تتمرغ فيه بدلال وتبتسم وهي موقنة أنه لو كان هنا لما تركها إلا وتنعم بدلالها ودللها اكثر ، ولكنه أنصرف باكرا رغم عودته متأخرا ، بل إنهما منذ عادا لم يستطع التفرغ لها على الأطلاق فالعمل المتراكم للأيام الماضية يشغله عنها ، حتى البارحة لم يستطع أن يبق كثيرا في تجمع العائلة بل أن عاصم الذي أتى متأخرا وتناول الطعام بالمحايلة وبعد أن اجهدها في أن تقنعه أنصرف سريعا وسحبه معه بسبب مقتضيات العمل بل الأمر وصل إلى أن يصحب عمر معهما ، وهو يعلن حالة استنفار خيمت على الجميع في ظل ملامحه العابسة ونزقه الغير مفهوم ، تنهدت بقوة وهي تسترجع هدوء شقيقتها ولا مبالاتها التي قابلت بها ما يحدث إلى أن دفعها عمهما أن تذهب مع الشباب لترى ما الأمر الذي يجب إنجازه فتقوم بمهام وظيفتها وخاصة بعدما صرح أن هناك من العمل يقع تحت نطاق مسئولياتها ، فنهضت ببرود لتهتف بجدية : حسنا سأعود إلى المنزل ابدل ملابسي واتبعكم على هناك ، فملابسي تناسب تجمع أسري وغير مناسبة للعمل.
حينها التقطت ابتسامة عاصم المخفاة وهدوءه النسبي بعد أنصراف شقيقتها وعودته إلى مزاجه المشاكس مع أحمد ليتضاحكا سويا قبل أن ينصرفا .
نظرت إلى سقف غرفتها وهي تحتسب الأيام لتلوي شفتيها وامل كاذب يداعب قلبها وخاصة مع تأخر غير مفهوم وهذا الوخم الذي يسيطر عليها بل ونومها الكثير دون سبب ، لتتحرك بهدوء ، ترتدي مئزرها الحريري وتتجه نحو دورة المياه وهي تبتهل ان يستجيب لها الله ويحقق دعاءها .
فركت كفيها بتوتر ونظرت إلى الساعة الرقمية من أمامها تحسب الدقائق التي مرت حتى تنظر إليه من جديد ، فموعد استيقاظها من النوم هو أنسب موعد لتظهر النتيجة جلية ، عضت شفتيها واستندت إلى كفيها فترتكن بهما إلى حرف المغسلة وتعد الثواني قبل أن تتجه إلى الكوب البلاستيكي فتنظر إلى العصا البلاستيكية العريضة وتحملها بهدوء فينير طرفها الآخر بلون أصفر يخبرها بسلبية الاختبار .
ترقرقت الدموع بعينيها وهي تشعر بالإحباط يخيم عليها فتلقي العصا بسلة المهملات الخاصة بإعادة تدوير البلاستيك ثم تخلع مئزرها لتدخل بحوض الاستحمام الذي أعدته لها قبلا .
غمرت جسدها بين فقاعات الصابون المنعشة تغمض عينيها ، تسترخى بجسدها للخلف وتسترجع تعليمات الطبيبة النسائية وهي تخبرها عن إمكانية الحمل هذا الشهر ، وتعدد لها الأيام الخاصة التي تكون فرصتها - فيها - كاملة ، تتذكر سفرتهما وجهدها الكبير في إخفاء لهفتها لأن تحمل ، تتذكر أنها عضت شفتيها مئات المرات حتى لا تخبره ، تتذكر أنها لأول مرة في عمرها كاملا تخفي عنه أحد أمورها بل وتجبره على شيء هي تعرف أنه لا يريده دون أن يشرح لها وجهة نظره أو يفهمها أسبابه ، فقط يغلق كل السبل أمامها حتى لا تحدثه فيه أو تستفهم منه عنه .
وها هي قررت منذ أربعة أشهر أن تنجب طفلا حتى دون موافقته ، فتوقفت عن اخذ مانع الحمل بل وتابعت مع طبيبة نسائية رشحتها إليها جنى حينما طلبت منها ذلك ، لتحقق هدفها ، واستجابت إلى سفرته التي هيأت لهما جوا خاصا لا يستطيعا الحصول عليه وسط عائلتيهما ، بل اقترحت أن يمداها لأخر الأسبوع ووافق هو عن طيب خاطر وهو يناظرها بتعجب و دهشة ، ولكنها لم تهتم بدهشته ولم تفكر في ضيق أبيها الذي وصلها جيدا عبر الهاتف حينما هاتفته لتخبره بتأخرهما في العودة بل لم تبال بعودة عمار الذي عاتبها هاتفيا أنها لم تتواجد في استقباله ، ولكنها راضته واخبرته أنها ستصالحه حينما تعود بغذاء مميز ستصنعه على شرف عودته وبالفعل راضته البارحة بل إنه كان يوما مميزا جدا أسعد قلب عمار وابهجه ، لقد فعلت كل شيء حتى ترزق بطفل هذا الشهر ، هربت من الأجواء المتوترة وخاصة بعدما اخبرتها الطبيبة ان التوتر يقلل حدوث الانجاب ، فكانت ستقترح عليه أن يسافران سويا ولكنه سبقها واختطفها معه ، ولم تدع ليلة تمر عليهما – طوال الشهر الماضي - دون أن يكونا سويا منذ أن انتهت دورتها الشهرية المرة الماضية ، ولكنه لم يحدث ، واختبار الحمل الملقى بسلة المهملات بلونه الأصفر البغيض والتي باتت تكرهه يؤكد لها ، هي لم تحظ هذا الشهر بطفل من زوجها الحبيب الرافض لفكرة الأطفال نهائيا !!
خرجت من حوض الاستحمام لتلف جسدها بمنشفة كبيرة تخفيه عن عيناها المليئتان بدموع كثيرة ولكنها عصية توقفها هي بصلابة في مآقيها ترفع رأسها بشموخ ، وهي تخبر نفسها أنها لن تبكي بل ستنفذ ما تريد ، فهي لم تعد الصغيرة التي يسير حياتها الجميع ، بل هي كبرت واصبحت امرأة .. وزوجة و تريد أن تنجب طفلا لتصير أُمًا ، لذا هذه المرة ستخبره .. ستطلب منه وهو لن يرفض لها طلبا ، فلطالما اخبرها أن طلباتها أوامر وها قد جاء الوقت لتؤمر وعليه التنفيذ .
سحبت نفسا عميقا وعيناها تتقد بتفكير استولى على عقلها لتشعر بأنها تريد أن ترفه عن نفسها قليلا فتستعيد رزانتها وتبدد توتر نفسها ، فتبتسم وترسل للفتيات أن يأتين لها ليلا فأحمد سيعود متأخرا والمنزل سيكون لهم كاملا .
***
استلقت على اريكتها المفضلة في غرفة المناوبين لتبتسم بعبث وهي تراسل ابنة عمها بكلمات قليلة فتشاكسها بها قبل أن ترسل لها موافقتها على الزيارة وخاصة وهي لن تعمل ليلا ، راقبت المحادثة الجماعية والتي تكللت بموافقة الجميع لتلتقط دعوة يمنى بأن يذهبا سويا فتوافق لتعترض نوران بالقول انها ستاتي من المؤسسة عليهن فالعمل هذه الأيام على اشده لتتبع بدلال على شقيقتها أن تعد لها طعاما مميزا فهي تكد بالعمل وتتعب ، ضحكت بخفة على المشاكسة التي نشأت بين نوران ويمنى لتنتبه من الشغب الصادر من هاتفها على صوت الأغنية الصادح من المذياع القريب والذي ضبطته لتستمع إلى اعادة برنامج سليم والذي فاتها البارحة لانخراطها في عملية جراحية ليلية اتت بالطوارئ ، كتمت انفاسها وصوت وردة القوي - والذي تستطيع تمييزه جيدا فأبيها من عشاقه ، يغرد بجانب اذنها ليذكرها بم حدث بينهما واعترافها الضمني رغم عدم تصريحها بم تخبئه له داخل قلبها شعرت بأن الأغنية تصفهما معا فأنصتت لها وهي تتجلى مع الحانها وترددها برقة وكأنه أمامها
سالوني كتير .. سالوني كتير سالوني سالوني عليه
بتحبيه .. ايوا ايو وهنكر ليه .. ليه
بصولي ملام .. وقالولي كلام جراح
فرشولي الارض .. فرشولي الارض دموع .. والشمس جراح
كل دا كله عشان حبيت
ولا عشان قلت انا حبيت
لولا الملامه يا هوى .. وآه من الملامه

اتكأت للخلف ولازالت ابتسامتها البلهاء تزين ثغرها أنه اليوم الثالث منذ تلك الليلة التي قلبت كل شيء ، فلم تستطع إلى الآن التخلص من تأثير عودته على روحها .. نبض قلبها المتخبط بين فرح وخوف .. وعقلها التائه بين تخبط قديم وإصرار جديد عليه ، صوت وردة القوي يخترق احاسيسها يزيد من تصميمها ويلغي خوف عقلها وتأنيه ليمنح قلبها مرتع روحي فينبض بنغمة شديدة التأثر وهي تستعيد حديثه لها ، في تلك الطائرة التي اصر أن يستقلها فيرافق صديقه الغائب عن الوعي فيطمئن انه انتقل إلى المشفى بسلام ، وجاورت هي المريض بحجة أن ترعاه ، لازال عقلها يعيد عليها صوته الأجش .. نظراته الغائمة .. كلماته المنمقة بحديث يقع بين الغامض والصريح وكأنه ينتقى كل كلمة بألف معنى يقصده أو لا يقصده ، لا تعلم وعقلها لا يمنحها إجابة قاطعة ولكن قلبها يقسم بكل قوته أنه يعني ما تحسه وتشعر به
تبتسم وهي تسترجع ابتسامته الماكرة وعيناه اللتان تضيء بنظرة تحتار بمعناها فيغمغم بخفوت : أنت الجنة هدية الله لي في الأرض ، لا أعلم ما الحسنة التي فعلتها بعمري كله لأجدك اليوم أمامي وكأنك بُعثت إلي خصيصا لتهدئي من روحي الثائرة .. تمتصين خوفي .. وتعدلين ميزان عقلي ،
تتورد وتحاول أن تتحاشى النظر إليه ولكنها لا تقو بل تقع فريسة لنظراته النهمة وهو يتبع بخفوت: كنت احتاجك بشده .. ولازلت .
احتقنت بخجل واشاحت بعيدا عنه عقلها حثها أن تتوهم ما تسمعه منه ولكنها لم تستطع وخاصة حينما شعرت بالمكر ينضح بصوته حينما همهم بتعب : أشعر بأن رأسي ليس على ما يرام .
فتقع في حيرة بين قلبها وعقلها ليحسم الأمر ويغلبهما سويا حسها المهني وقسمها الطبي فتتحرك بخطوات غير متزنة قبل أن تجلس بجواره تسأله باهتمام : أين ؟
أشار بكفيه على رأسه بأكملها فتهتف به في حزم حاولت أن تتمسك به بكل قوتها : سأضغط بلطف وحينما تشعر بالألم أخبرني .
هز رأسه بطريقة غير محدده لتبدأ بفحصه فعليا إلى أن وضعت أطراف أناملها على جانبي رأسه فيضع راحتيه فوقهما وهو يثبت كفيها على جانبي وجهه ليقبل باطنيهما بالتتابع ويغمغم : ها قد شفيت .
ارتعدت رغم عنها لتجفل وتتراجع بعيدا عنه ، ابتسم بخفة على وجهها المختنق بحمرة قانية فيهمهم بتسلية : لم أستطع أن امنع نفسي .
همست بصوت ابح وعتب وضح بنبراتها : توقف أرجوك .
تنهد بقوة : لا أستطيع ، اتبع سائلا بجدية - هل تستطيعين أن تتوقفي عن الحياة؟
رجفا جفنيها ودقاتها تتصاعد تشعر بقلبها يحلق في أعالي السماء ليتابع هو بصدق : اشعر بأني استرد حياتي من جديد وروحي تهيم في فضاء الجنة يا جنة .
ياعيون عطشانه سهر .. ياقلوب تعبانه .. تعبانه سفر
كتروا من الحب تلاقوا .. تلاقوا في الظلمه الف قمر

انتبهت من ذكرياتها على صوت عادل يشدو باستمتاع مع وردة ليتبع بصوت عالي أثار ضحكاتها وهو يهز رأسه بسلطنه :
بنحب ياناس نكدب لو قلنا مابنحبش
بنحب ياناس ولا حدش في الدنيا ماحبش
والدنيا ياناس من غير الحب ماتنحبش
والدنيا ياناس من غير الحب ماتنحبش
أقترب منها ليكمل بصوت أرق
حتى اللايمين .. زينا عاشقين
لكن خايفين لايمين تانيين

ضحكت برقة ليشير إليها فتشدو معه برقة وابتسامة عذبة تزين ثغرها
لولا الملامه يا هوى لولا الملامه
لافرد جناحي عالهوا زي اليمامه
واطير وارفرف بالفضا
واهرب من الدنيا الفضا
وكفايه عمري .. كفايه عمري اللي انقضى
وانا بخاف الملامه .. وانا بخاف الملامه
وآه من الملامه
وردة .. لولا الملامة

انفجرت ضاحكة بسعادة ووجهها بأكمله يتورد ليبتسم عادل بمكر وهو يناظرها بطرف عينه : هل هناك أمرا ما حدث وأنا لا اعلم عنه شيئا ؟
تلعثمت لتكح بخجل فتهز رأسها نافية : لا ، لم يحدث شيء .
رمقها بطرف عينه ليشير بيده في تساؤل : إذًا وردة .. توردك .. ابتسامتك الولهة هذه لأجل لا شيء .
القى أخر كلماته بنبرة خاصة فاحتقنت وجنتيها بقوة وهي تغمغم باسمه في خفوت قبل أن تنهض واقفة تنسحب بخفة :سأذهب لأرى مرضاي .
راقبها تغادر بخطوات متعجلة ليغمغم بخبث سطع بعينيه وهو يداعب هاتفه : ماذا فعلت بالفتاة يا أخي العزيز ؟
***
__ نحن نعتذر إليك يا سيدتي ، فالطبيب اخطأ دون قصد وحينما اجرينا التحاليل اللازمة لم نجد شيء سوى أن الطفل فقد وعيه من الحمى ، ولم يكن لسيادتك أي دخل ، أكرر اعتذاري لحضرتك بالنيابة عن المشفى بأكملها واحب أن تبلغيني بطريقة التعويض اللازمة لك وأنا سأنفذ على الفور
رفعت نظرها إليه تتأمله بهدوء لتهتف بحدة وهي تحاول أن تتمالك غضبها قدر المستطاع : هل ما ستفعله حضرتك الآن سيبدل الأيام العصيبة التي قضيتها منذ أن شخص طبيبكم الهمام الحالة بطريقة خاطئة وارعبني على الصبي الذي شاركت بتربيته مع والدته ، ناهيك عن السيدة التي لن تأتمنني على ابنها ثانية والتحقيق معي كل هذا لا يهم ما يهمني هو الخوف الذي شعرت به وانه على آخر أيامي اتهم بقتل طفل صغير لا حول له ولا قوة .
تحرك من خلف مكتبه ليجلس مواجها لها يبتسم بلباقة : سيدة لمياء .
كحت بحرج لتهمهم : آنسة .
سيطر على ملامحه بصعوبة شديدة ليهمهم برقة : المعذرة .
اشاحت بوجهها : لا عليك .
أكمل بهدوء وهو يحاول أن يتحكم في ذهنه فيعيده إلى التركيز على اصل الموضوع الذي يحدثها به : أنا اعلم بالطبع أن أي تعويض لا يقابل الضغط النفسي الذي تعرضت إليه الأيام الفائتة ، واي اعتذار لن يفيد الآن ولكن اتمنى ان تقبلي اعتذاري وتبلغيني بالتعويض اللازم لأشعر بأني رددت إليك بعضا من حقك المقيد برقبتي .
همهمت بخفوت : أنت لم تؤذني بشيء على الإطلاق بالعكس لقد اهتممت بي وبالأمر بشكل خاص حتى بعد أن طلب لي طبيبكم الشرطة .
زم شفتيه بضيق وهو يشعر بغصتها تكمن في صوتها بقوة ليهتف : أكرر اعتذاري لسيادتك ولا اعلم حقا كيف لي أن اعوضك عم حدث .
ناولها بطاقته : هذه بطاقتي مدون بها ارقامي كلها ، إذا احتجت يوما لأي مساعدة فقط لا تترددي ولا تخجلي واطلبيها على الفور
نهضت واقفة وابتسمت برقة تتناول البطاقة من بين اصابعه لتهمهم : أشكرك على اهتمامك .
مد يدها ليصافحها فتستجيب في خجل اعتراها وجعل وجنتيها تتوردان فغدت تشبه المراهقات بملامحها المنمقة ليبتسم برغم عنه ويهمس : سعدت جدا بالتعرف عليك .
همهمت بتلعثم وهي تتحاشى النظر اليه : أنا الأسعد يا دكتور أحمد .
هم بالحديث ليفتح باب مكتبه وهتاف انثوي مرح : أنت هنا يا دوك ، ظننتك غادرت.
رفعت رأسها سريعا للفتاة الشابة امامها والتي تمتمت باعتذار راق: المعذرة ظننتك بمفردك .
ضحك أحمد بخفة فتعلقت نظراتها به وهي ترى وسامة ملامحه تنضح بحنو أبوي صادق : تعالي يا جنى لأعرفك .
اقتربت جنى منها ليهتف أحمد : لمياء هانم ، صافحتها جنى بترحاب ليتبع هو بفخر وهو يحاوط كتفي جنى بذراعه – جنى ابنتي طبيبة هنا في المشفى
تمتمت لمياء سريعا : أنعم واكرم ، تشرفت بمعرفتك .
ابتسمت جنى في وجهها برقة : الشرف لي يا هانم .
تنفست لمياء لتهتف : حسنا سأنصرف أنا .
أومأ لها أحمد برأسه : أتمنى أن نلتقى في موقف افضل .
هزت رأسها : إلى اللقاء .
انصرفت ليراقب انصرافها ثم يغلق الباب خلفها ويدور لابنته التي تراقبه بصمت وهي تتطلع إليه بجدية : هل هي قريبتنا يا بابا ، أنا لم اصادفها من قبل ؟!
ابتسم أحمد : لا يا حبيبتي ليست قريبة لنا .
نظرت إليه بتساؤل : إذًا ؟
أجاب بجدية : سأخبرك ولكن ليس الآن فأنا لدي عملية جراحية هامة ويشاركني بها عادل ،
هزت رأسها بتفهم : حسنا ، اتيت لأخبرك باني سأذهب إلى ميرا الليلة هلا اوصلتني معك ؟
__ بالطبع يا حبيبتي ، إذًا سأقص لك حكايتها في طريقنا وأنا أوصلك ليلا إلى ابنة عمك .
تنفست بقوة : نعم ولكن ستوصلني لبيت الخيال فسأمر على يمنى ونذهب سويا .
هز رأسه بتفهم : على راحتك .
هتفت بمرح : حسنا سأذهب لأنهي مروري على مرضاي .
عبس بتفكير وهو يراقب ابتسامتها السعيدة والتي اختفت منذ مدة ليسالها بهدوء : ما بالك يا جانو ؟
نظرت إليه بعدم فهم لتهمهم : لا شيء .
رمقها بنظرة خاصة فتوردت لتهمهم وهي تنظر لنفسها : لماذا ترمقني هكذا ؟
ابتسم وهو يسبل جفنيه : لا شيء يا حبيبتي .
ابتسمت وهمت بالانصراف فيسأل بجدية : هل طمأنت أسعد على صديقه اليوم ؟
تصلب جسدها لتتوقف بغتة ، تهمهم بصوت محشرج : لا ، فعادل يطمئنه
أومأ براسه في تفهم : آها عادل ، ظننته يهاتفك فانت المسئولة عن الحالة .
هزت رأسها نافية ليتنهد بقوة : حسنا لن أعطلك عن عملك .
هزت رأسها بحركة متشنجة وتحركت ليهتف بمرح وهو يراقبها : سأنتظرك في السادسة .
لم تجبه وهي تسرع بخطواتها ليراقبها عن كثب ويبتسم بحنو مؤثرا الصمت مسبلا جفنيه منتظرا أن تصارحه يوما بما تكبته دخل روحها وتخفيه عن عينيه .
***
طرقت الباب بهدوء لتدلف إلى مكتب والدها وهي تبتسم تهتف بمرح : بابي ، أخبروني أنك هنا في غير موعدك فأتيت لأسلم عليك
اختفى المرح من ملامحها حينما وقع نظرها عليه فيسبل اهدابه يخفي تأثره برؤياها الذي منع نفسه عنه منذ آخر مواجهه بينهما ،حتى حينما تظهر امامه يتحاشى النظر إليها ، يعاند عقله وقلبه ويغرق نفسه بالعمل متعللا بالصفقة الكبيرة التي جر أحمد بها مفسدا عليه جو البهجة العائلي كما وصفه الأخر .
هتف عمه : تعالي يا نوران .
توقفت لا تريد الحركة لتهتف بجدية ونبرة حزن صدحت بصوتها أجبرته على رفع عينيه ليرى ما الم بها : لا سآتي مرة أخرى تكن متفرغا بها فلا اشغلك عن العمل
عبس وائل بتعجب ليهمهم : لا تشغلينني ، أنا و عاصم نتحدث قليلا.
ردت بهدوء دون أن تطرف بعينيها نحوه : حسنا سآتي حينما تنتهيان .
نهض عاصم واقفا : حسنا يا عمي سأنصرف أنا ، ولا تقلق كل شيء سينفذ كما تريد
أزداد عبوس وائل وهو ينقل نظره بينهما فيهمهم : أبقى يا عاصم .
تبادل النظرات معه عمه ليهز رأسه رافضا : سأغادر أنا حتى تتحدث مع الآنسة نوران على راحتكما .
ردد وائل بدهشة : الآنسة نوران .
نظر إلى ابنته لتجيب بهدوء : إذ كنت اعطلكما سأعود بعد أن تنتهي يا باشمهندس فانا اريد أبي بشيء يخصني .
ارتفع حاجبي وائل بدهشة ليطبق عاصم فكيه ويبتسم ساخرا : لا بل أنا من سينصرف .
لم تجيبه ليرد وائل بغمغمة سريعة : سأمر عليك قبل مغادرتي .
تمتم وهو ينصرف بالفعل : ستنير مكتبي يا عمي .
راقب انصراف ابن أخيه ليرفع نظره إليها تقف كما هي باعتداد لا يتحرك بها ساكنا سوى جفنيها اللذين رجفا مع صفعة عاصم للباب فيهمس لها بهدوء : تعالي يا نوران، ماذا أردت يا ابنتي ؟!
نظرت إليه مطولا لتهمس بصوت ابح : أريد التحدث معك .
نهض وائل وعيناه تغيم بحنو أبوي ليهتف براحة سكنت قلبه : أخيرا أتيت يا ابنة فاطمة .
ترقرقت الدموع بعينيها : بل أنا ابنتك في هذا الأمر ابنتك أنت.
ضحك بخفة وعيناه تظلم بشجن لتخطو نحوه بلهفه واشتياق تتعلق برقبته وتدفن وجهها بصدره : اشتقت إليك يا بابي
ربت على ظهرها ولامس خصلاتها ليهمس بخفوت : لا تبكي ، فقط لا تبكي
ضمها الى صدره بحنو ليدفعها أن تسير بجواره حتى يجلسا سويا على أريكة مكتبه وهي تتمسك بسترته وتدفن انفها بعنقه كما كانت تفعل وهي صغيرة فيربت على رأسها ويهمس مهدئا لتهمهم بصوت ابح : أنا اسفة .
تنهد بقوة ليهتف بحنو وهو يباعد خصلاتها للخلف : الآن ليس وقت الاعتذار يا نوران ، فوقت الاعتذار انتهى منذ مدة وولى ، الآن وقت أن تواجهين نفسك بأخطائك وتتعلمين منها يا ابنتي .
تمتمت برقة آلمت قلبه وهي تتشبث به أكثر : أنا أريد العودة إليك .
ابتسم بخفة : لم ابعدك ابدا ، بابي وحضني ظلا مفتوحان لك ولكنك أنتِ من ابت .. كابرت .. عاندت .. وابتعدت ، وعليه لم أشأ أن أفرض وجودي عليك .
لامس وجنتها بخفة : تذكرين ماذا فعلت حينما انتهى الأمر و أتيت لك لأصالحك ازدردت لعابها بجفاف ينبع من روحها واخفضت عيناها حرجا فاكمل بسخرية – صددتني وابتعدت عني ، بل وصل الأمر أنك خاصمتني وتدللت وانتظرت مني أن اصالحك ، لم تعتذرين على خطأ ارتكبته ليس هينا ولم تعتذري على قسوتك علي ، بل كابرت وعاندت وعليه أنا الاخر التزمت الابتعاد عنك
__ أنا آسفة .. آسفة ، تنهد بقوة ليبوح لها - لست الومك يا ابنتي .
ابتسم بخفة وحنانه يغلب كبرياءه : فأنت ورثتني في هذه الأمور لذا أنا اتفهمك واتفهم انك أخذت وقت طويل لتدركي أن الوقت حان لتتداركي ما حدث قديما .
احتضنت كفيه لتهمس بصوت محشرج ونظرت إليه برجاء : سامحتني .
تنهد بقوة : منذ أن اتيت لك غرفتك يا مدللة أبيك ولكن انت من لم تسامحي .
تعلقت برقبته لتضم نفسها إلى حضنه فيضمها بقوة يمنحها أمانه .. دعمه .. سنده ويثقلها بقوته .. سطوته .. ونفوذه ، لتتسع ابتسامتها واليقين يضوي بعينيها : أنا احبك يا بابي ، يا أجمل بابي في الدنيا .
ابتسم بحبور ليجيب بعفوية : وأنت اجمل فتاة في عالمي ، انت مدللتي واثيرتي .
طبعت قبلة قوية على وجنته لتساله بهدوء وهي تناظره برجاء : أنت لست معترض على عملي هنا ، أليس كذلك ؟!
رمقها بطرف عينه ليهمس بمكر : هل سترحلين إذا وجدتني معترض ؟!
زمت شفتيها لتهز رأسها نافية فيضحك بمرح : هذه هي فتاتي ، اتبع وهو يضم وجنتها بحنو – وأنا لست معترضا .
صاحت بحبور لتتعلق برقبته ثانية وتهمهم له بالكثير من الشكر ليهمس لها : فقط لا تتعجلي ولا تتهوري وستجنين الكثير والذي انتظره منك بالمناسبة .
هتفت بوعد : سأفعل بإذن الله واجعلك فخور بي .
ضمها إلى صدره ثانية ليهمهم بجانب اذنها : أنا فخور بك منذ أن أتيت إلى هذه الدنيا وسأظل فخورا بك إلى مماتي .
هتفت بجدية : بعد الشر عنك .
ابتسم بحنو لينهض واقفا : ستظلين أليس كذلك ؟
أومأت برأسها ايجابا ليسألها وهو يسير بجوارها : هل يوجد خلاف بينك وبين ابن عمك يا نوران ؟
هزت رأسها بالنفي على الفور ليتأملها قليلا ويهز رأسه متفهما : حسنا اخبريه أني غادرت فوقتي لن يسعفني لأمر عليه .
ردت بجدية : سأفعل يا بابي .
تابعت وهي تغادر مكتبه تتبع مغادرته : صحبتك السلامة يا معالي الوزير .
***



سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-08-20, 06:51 PM   #124

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

عاد إلى مكتبه بخطوات سريعة مندفعة يريد الانفراد بنفسه ، لا يقو على التفكير في معاملتها الجافة معه ، وهي التي لم تفعل من قبل ، حتى حينما تشاجرا .. تخاصما .. كانت تبتعد عنه لا تعامله بجفاء هكذا ، تقف أمامه بشموخ وتخبره بصفاقة أنها لا تهتم به ، أنها قادرة على البعد عنه ، يعلم أنها لا تحبه .. لا تميل له .. لا تريده ، ولكنها دوما كانت تلجئ إليه وتحتاجه ، أما الآن تتصرف بندية وباستقلال في كل شيء حتى أمور العمل الذي ترتبه مع ابني خالتها دون أن يشركه أحدا فيه ولا يتحدث معه أحد كانه أصبح مخفيا أو غير موجود .
زفر بقوة وهو يجلس على كرسيه بإنهاك ينظر إلى الباب الفاصل بين مكتبيهما ويبتسم بألم يطبق على روحه .. يعتصر قلبه وذكرياتهما معا تعيث في عقله ، تسيطر على فكره

يعيد عليه عقله ذكرى بعيدة يحفظها بكل تفاصيلها رغم صغر سنه ولكنها مميزة لقلبه فحينها كان يتأملها بشغف من شرفة قصر جدهم وهي تجلس كعادتها في ظل الشجرة الكبيرة التي طالما جلس بجوارها يستظلان بظلها معا ، وفي كل مرة كانت تتخذ الشجرة مجلسا كان يقترب منها بهدوء مبهورا ومأخوذا بجمالها يتطلع اليها وكانه يرى الشمس امامه ، تضوي ببهاء ونور قوي يشع أمام عينيه فيفقده متعة البصر للحظات قليلة ثم تنير عليه حياته ولكن اليوم الشمس تبكي ، جزع قلبه وهو يسرع بخطواته إليها ، ليتوقف على مقربه منها يشعر بقلبه يئن وهو يدقق بتفاصيلها ، بجلستها الحزينة تستند بظهرها إلى جزع الشجرة الكبيرة ، تثني ركبتيها وتضمهما إلى صدرها بذراعيها الملفوفتان حولهما وتسند ذقنها اليهما ، وجهها الملائكي يطل من فوق ركبتيها والدموع تغرقه وتغرق قلبه معها .
سحب الهواء إلى صدره قويا ليهمس بشغف أضاء مقلتيه : نوران
رفعت عيناها إليه على الفور لتتسارع دمعاتها امام ناظريه فيخفق قلبه قويا وهو يسقط على ركبتيه أمامها ، يشعر بروحه تتمزق بسبب دمعاتها ليترك إلى نفسه العنان فيملس على خصلاتها رغما عن عقله الذي يزجره بالابتعاد فيهمس موقفا سيل افكاره : ما بالك يا صغيرتي ؟ اتبع وهو ينظر اليها بتوسل أن تتوقف عن البكاء - ما الذي يبكيك وأنا احطمه نهائيا؟!!
شهقت بطريقة مزقت نياط قلبه لتهمس بتبعثر : عمار .
لمعت عيناه بغضب وحشي ليزأر بعنف : ماذا فعل تلك المرة ؟
لوت شفتيها بطريقة اثارت نبضاته لتهمس من بين شهقاتها : سخر من شعري .
رفع حاجبيه بتعجب وهو يسب أخيه الأحمق على غباءه الفائق ، تأمل خصلاتها الثائرة بلون البندق تلمع تحت أشعة المغيب فتتناثر تحت هاله لاهبة تلهب مشاعره الدفينة ليهمس بمرح : إنه أحمق وأنت تعلمين هذا جيدا .
زمت شفتيها بغضب وقالت : أنه يفضل تلك الحمقاء علي ويلقبها بجميلة الجميلات
تذمرت وهي تعبس بطفولية أسرته : لا أعلم كيف يراها جميلة أنها تشبه الأولاد .
ضحك بقوة وهو يشعر بالسعادة تنتشر بأوردته ليهمس لها وهو يلامس وجنتها بلطف : أنه احمق يا نوران فلا تهتمي به ، تنفس بقوة ليهمس بصوت اجش -ولتعلمين يا صغيرتي انك أجمل الجميلات وارقهن جميعا .
تخضبت وجنتاها بحمرة خفيفة لتبتسم باتساع وهي تتعلق برقبته وتهمس : احبك عاصم ، طبعت قبلتها العفوية على وجنته وهي تهمس بمرح - انت منقذي وملاذي.
كتم هواء صدره وهو يغمض عينيه مستمتعا بعناقها وقبلاتها الطفولية التي تثير سعادته ليبتسم بخفة وهو يهمس : وأنت صغيرتي .
ضحكت بجذل لتقفز واقفة وهي تمسح دموعها لتصيح بصخب : هيا عاصم احملني كما أفضل دوما .
ضحك بقوة وهو يقفز واقفا لينتزعها من الأرض بخفة وهو يحملها بين ذراعيه كالدمية الصغيرة ليضعها فوق كتفيه ويقول : تمسكي بشعري جيدا ،
قبض على ساقيها بحنو وهو يركض بها بمرح وهي تصيح بصخب وتضحك بجزل تتمسك بخصلات شعره الناعمة قويا حتى لا تنفلت من بين أصابعها وشعرها يتطاير من حولها بفعل الهواء العليل وحركته القوية إلى أن توقف على صيحة عمه الحادة : عاصم .

رمش بعينيه وعقله يعيد عليه صوت عمه الحازم وعيناه الغاضبتان ، وتحذيره له أن يتوقف عن حمل نوران فهي لم تعد الصغيرة التي يحملها على كتفيه ، لطالما عمه كان غيورا .. متملكا لبنتيه يمنع الجميع عن الاقتراب منهن ، لذا هو ابتعد عن مجالها بعد تحذير أبيه الصارم وليهادن غيرة عمه الجلية ، أبتعد وترك المجال لآخر شغل تفكيرها .. قلبها .. عقلها ،

ذكرى أخرى ضربت عقله وخاصة حينما دلفت اليوم إلى مكتب والدها بأريحية ومرح كما كانت وهي صغيرة وقبل أن يحدث ما حدث منها ، فيشابه عليه مرة بعيدة ، كان حينها انهى دراسته الجامعية ويريد الإرتباط بها ، فذهب إلى عمه وانتظره بمكتب جده بالقصر ليحاول أن يصارحه بمشعره نحوها ينبهه بانه يحبها .. بأنه يريدها .. وهو يعلم بأن عمه لن يرفض له طلبا ولكنه يريد بعض من الوقت ليستميل روحها يتذكر صوت والدها وهو يناديه فيقطع عليه تأمله لها وهو ينظر إليها من خلف زجاج الشرفة تجلس كما عاهدها دوما ولكنها تلك المرة تقرأ كتابا وتبتسم ببلاهة أثارت تفكيره ، فينبهه عمه إلى وجوده بمناداته ثانية فيلتفت إلى عمه ويبتسم بهدوء : اؤمر يا عمي .
نظر إليه وائل بتفحص ليقول بتشكك : ما بالك اليوم ؟
نظر له باستفهام وهو يخفي مشاعره جيدا ليتبع وائل بتساؤل ملح : تشرد كثيرا في الفترة الأخيرة يا عاصم وهذا امر يقلقني عليك .
ابتسم عاصم واثر الصمت ليغمز له عمه بعينه ويهمس له وهو يقترب منه بهدوء : أيوجد ما يشغلك يا فتى ؟
ضحك عاصم بقوة ليقول : لا عمي لا تقلق فأنت تعرفني جيدا .
تفحصه وائل ليغمغم : وهذا أكثر ما يقلقني عاصم ،
رفع عاصم حاجبيه بتعجب: ما هو عمي ؟!
قال وائل بوضوح : أنك غير مرتبط ، لا تتخذ من إحداهن صديقة لك ، لا يوجد لديك عشيقة ولا حتى زوجة سرية ، بل إنك لا تصادق الفتيات على سبيل المرح .
اقترب منه وائل ببغته ليهمس : إياك أن تكون .
قهقه عاصم قويا ليقول بمرح : لا عمي لا تشكك بي من فضلك .
تنفس وائل بقوة ليساله بهدوء : ما الذي يمنعك عن الزواج يا فتى ؟!
عقد عاصم حاجبيه ليهمس : هل قابلت ياسمين هانم اليوم ؟
ابتسم وائل بخفة ليجلس على كرسي مكتبه ويتكا عليه هامسا : بل فاطمة هانم من تتساءل .
هز عاصم رأسه بلا مبالاة : إذًا
إنها توصيات أمي الحبيبة .
اتبع بهدوء : لا تقلق عمي سأتزوج ولكن عندما يحين الوقت المناسب .
سحب وائل الهواء إلى صدره بقوة ليهمس : أشعر بأنك عاشقا يا فتى .
جمد وجهه تلقائيا ليصمت كثيرا ثم يهمس بهدوء : أن العشق انواع عمي وأنا عشقت الأصعب من بينهم
رمش وائل بعينيه وهو يعتدل جالسا هم بالحديث لتندفع هي بعاصفتها الصاخبة وهي تصيح بمرح : بابي .
ابتسم عاصم بتلقائية وعيناه تتعلق بها لتتسع ابتسامة وائل وهو ينسى كل شيء ويلتفت إليها يفرد ذراعيه ويستقبلها بأحضانه صائحا بمرح يماثلها : روح بابي وقلبه وعيونه ، اؤمري يا مدللتي .
جلست بحضنه وهي تلف ذراعيها حول عنقه كما كانت تفعل وهي صغيره لتقبل وجنته بمرح وتقول : أريد أن أذهب لعيد ميلاد صديقتي .
ابتسم وائل بسعادة :حسنا يا صغيرتي ولكن لا تتأخري .
قفزت واقفة لتهم بالركض فصاح رغم عنه معترضا وهو ينظر إلى عمه باستياء : عفوا عمي ولكن اين عيد الميلاد هذا نوران ؟
مطت شفتيها باستياء لتقول بحنق : في بيت صديقتي .
أبتسم عاصم بلباقة ليقول : أعلم يا صغيرة ولكن اين هو بيت صديقتك ، ما اسمها أنت لم تخبرينا بأي تفاصيل حتى نطمئن عليك منها .
التفتت إليه في حدة لتنظر إليه من بين رموشها ضائقة من تدخله بحياتها : إذا أراد بابي الاطمئنان علي سيهاتفني .
نظر إلى عمه بتساؤل ليتنحنح وائل ويقول : ولكنه محق يا نوران ، لم تخبريني بأية من هذه الأشياء المفترضة والآن تعود والدتك من الخارج وتنهمر علي بأسئلتها الكثيرة فلا استطيع اجابتها ونقضي طوال الليل أنا وأنت في تكدير دائم .
لمعت عيناها بحدة وهي تنظر اليه بضيق لتمط شفتيها باستياء وتقول بغضب : أنها نسرين صديقتي لقد رأيتها من قبل بابي أتتذكرها ؟
عقد وائل حاجبيه بتفكير فهتف وهو ينظر إليها من بين رموشه : التي تقطن بفيلا تسعة في حي الأشجار أم تلك التي تسكن بالقصر المجاور .
اتسعت عيناها بغضب فعلي لتهمس من بين أسنانها : أنت تجمع عني المعلومات يا ابن العم .
ابتسم بمراوغة: أبدا يا صغيرتي ولكن أنا أعلم عناوين صديقاتك لأني أعلم الدورة المكلف بها السائق الخاص بك ، لمعت عيناها بوميض حاد فاتبع بلا مبالاة - أنه أمر يخص العمل ومحاسبة العمال لدينا لا تشغلي رأسك به .
أطبقت فكيها بقوة وهي تزيح خصلاتها الثائرة من أمام عينيها لتنظر إليه بتساؤل فهمس بمكر اضاء حدقيته : هل ستتأخرين هناك ؟
نظرت إليه مطولا لتعقد ساعديها امام صدرها وتقول بصوت مخنوق : الحفل سيبدأ في العاشرة ولا اعلم متى سينتهي
ادار عينيه إلى عمه الذي الم الذهول ملامحه ليقول سريعا : نوران أنت تعلمين أن والدتك شددت عليك من قبل بالالتزام بالمواعيد التي تضعها هي للبيت
تنفس بقوة واتبع : وأنا وافقتها لابد من الالتزام بقواعد البيت وتلك الحفلة لا تتناسب مع القواعد
همست بتبرم : تبا للقواعد .
كتم ضحكته قويا لتلمع عينيه بوميض قوي واعجابه تفضحه نظراته : حسنا ما رأيك سأصحبها أنا عمي وسأعود بها عندما تنتهي الحفل اعتقد أن تامي لن ترفض ذلك
رفع وائل حاجبيه وقال : لا أعتقد ذلك
أشار لها بيده موافقا : حسنا فلتذهب معها عاصم سأطمئن كثيرا عندما تكون معك
اتسعت عيناها بصدمة امتزجت بغضبها منه ومن تدخلاته الغير محدودة في حياتها لتجز على اسنانها قويا وتندفع مغادرة الغرفة بأكملها .
احنى رقبته قليلا وهو يتأمل أنصرافها فيراجع نفسه في البوح لعمه فيقرر المغادرة ويهتف بصبر : بعد إذنك عمي سأغادر أنا الآن لأعود واصحب نوران إلى الحفل .
__ تفضل يا عاصم على راحتك .
هز براسه محيي ليهمس له عمه بجدية : اعتن بها عاصم .
أبتسم عاصم بصدق وقال : إنها في عينياي عمي لا داع إلى القلق .


وبالفعل ذهب معها إلى هذا الحفل الذي كان بداية للنهاية بينهما ، فيه اكتشف أنها على علاقة مع آخر لم يتخيل يوما أنها ستتنازل وتنظر إليه .
__عاصم بك .
انتفض بخفة على صوت حسناء ليلتفت لها بحدة رغم عنه فتجفل الفتاة وتتراجع للخلف وهي تتلعثم : المعذرة ، لقد طرقت الباب اكثر من مرة وناديت على حضرتك و لكنك لم تستجب .
أسبل اهدابه وهمهم بصوت أبح : لا عليك ، أخبريني ما الأمر ؟
تمتمت حسناء : أنه موعد الإجتماع ، وسيادة الوزير عم حضرتك يخبرك بأنه أنصرف لضيق وقته .
هز رأسه متفهما ليسالها : هل مدير مكتبه من أخبرك ؟
بللت حسناء شفتيها لتهمس : بل الآنسة نوران من فعلت ، يبدو أنه بعث الرسالة عن طريقها .
أطبق فكيه وهو يضم كفيه ويفردهما في حركات متتالية يحاول السيطرة على غضبه ويقود ضيقه منها ، يعلم جيدا فحوى رسالتها وعقله يخبره أن هذا الأفضل له ولها ولكن قلبه له راي اخر فيحثه أن ينهض ويذهب لينتزعها من كرسي ابيه ليضمها إلى صدره حتى يهشم عظامها لعلها تشعر بما يعانيه بسببها .
هتف اخيرا بصوت مكتوم : شكرا يا حسناء ، تستطيعين الإنصراف سأتبعك حالا لغرفة الإجتماعات .
أومأت حسناء برأسها في تفهم ليتبع وهو ينظر إلى الباب الفاصل بين الغرفتين – ابلغي نوران هانم شكري على إيصالها للرسالة وأعدي لي فنجان قهوة بعد إذنك .
ابتسمت حسناء برقة وهمهمت بالطاعة لتخرج وتغلق الباب خلفها ليظل نظره معلقا بهذا الباب الموصد امامه يفكر كيف عليه أن يتسلل منه أو يجبرها أن تفتحه هي بملء إرادتها !!
***
تجاور والدتها في المطبخ بعد أن عادت من عملها كالعادة ، تشاركها في إعداد ما تبقى من الطعام وتثرثر إليها قليلا تسالها ليلى بحنان : هل ذهبت إلى خالتك اليوم ؟
فتبتسم يمنى وهي تناظر والدتها بحنو : نعم يا ماما مررت عليها قبل أن أعود وهي بخير والحمد لله ، وجهها شاحب قليلا ولكنها أفضل من ذي قبل .
تنهدت ليلى بقوة : أنا قلقه عليها ، فهي صامته ولم تبوح بما يجول بداخلها ، واشعر بأنها مقدمة على قرار ستفاجئنا به كعادتها .
تركت يمنى ما بيديها لتهتف بجدية : اتركوها تفعل ما تريد يا أمي لا تضغطي عليها ولا تقسي ، ايني لا تشعر بالراحة ، تحيا في كبت وضغط تحاول أن تتناساه ولكنها لا تقو لذا عليها أن تبتعد عن الضغوط كما أخبرنا الطبيب ، لقد فقدت وعيها بسبب الضغط العصبي
عادت إلى ما تفعله لتهمهم بحزن : وجميعنا نعلم السبب ورغم ذلك نضغط عليها اكثر دون أن نشعر بها أو نهادنها .
التفتت ليلى تنظر إلى ظهر ابنتها المتصلب لتقترب منها تهمس إليها وهي ترتب على كتفها : بعض الأحيان يا ابنتي تجبرك الحياة على تحمل ما لا طاقة لك به .
غمغمت بصوت مختنق : الإجبار صعب يا ماما .
ربتت ليلى على كتفها بحكمة : الأنسان الذكي من يستطيع الانحناء حينما تأتي الرياح عالية والا سيكسر إلى نصفين .
رفعت يمنى راسها بشموخ لتهتف باقتناع : بل الأنسان الذكي هو من يطوع الرياح يا اماه ويوجها لصالحه ويستفيد منها أيضا .
رمقتها ليلى قليلا لتهمهم : انت تشبهين خالتك بعقلها الصلد وكبريائها العتيد ، لتتبع متنهدة – ليس كل الأمور تواجه بهذا العنفوان يا يمنى ، في أمور القلب الحسابات تختلف .
رمشت وهي تطبق فكيها بشده ليقاطع حديثهما صوت عادل الجهوري والصاخب بجملته المعتادة :يا أهل الدار أنا عدت ، متعب وجائع وحالي يصعب على الكافر ، هل من طعام لي أم أعود لأتناول طعامي في مقصف المشفى ؟
القاها بمرح وهو يقتحم المطبخ ليضم والدته من كتفيها يقبل رأسها قبل أن يطرق رأس شقيقته بخفة من الخلف ،ضحكت امه بخفة في حين صاحت شقيقته بنزق : الن تتوقف يوما واحدا عن ترديد هذه الأسطوانة ، سيتحتم عليك الإنتظار ، بابا في طريق العودة ونحن على وشك إعداد المائدة ، اعتقد انك تستطيع مساعدتنا .
رفع حاجبيه وهمس بسماجة : ولماذا اساعدكما ؟! سأجلس كسلطان زماني وأنت تعدين المائدة وتدعونني حينما تنتهين .
نظرت إليه بحدة : لماذا إن شاء الله ؟!
__ لأني رجل وأنت فتاة ، هيا أسرعي وأعدي المائدة .
التفتت إليه والدته : توقف عن إثارة غيظها
هتف باستياء : ولماذا هي تطلب مني إعداد المائدة بينما حضرة الضابط هنا ولم يفعل شيئا ؟
رفعت والدته حاجبيها : حقا ، متى أتى لم نره ؟! اتبعت وهي تدفعه للخارج – حسنا أذهب لتبدل ملابسك ريثما نعد المائدة .
التفتت إلى ابنتها : أكملي إعداد المائدة إلى أن أرى الأخر الذي عاد ولم يلق التحية .
قبضت بكفها على الملعقة الكبيرة التي تقلب بها محتويات إناء الطعام من امامها لتسيطر على رجفة جفنيها قبل أن تما براسها ايجابا وهي تفكر فيم حدث جعله غاضبا ، تعلم شقيقها جيدا فهو يختلي بنفسه حين الغضب ، تمتمت برجاء : يا رب لا تجعله ما افكر به .
...
دقت باب غرفته مرتين قبل أن تفتح الباب بعد أن استمعت له يأذن لها بالدخول فتبتسم بحنان وهي تقترب منه : أتيت دون أن تخبرني بعودتك ، ولم تمر علينا بالمطبخ حتى لأطمئن عليك .
أبتسم بحب وهو يقترب منها يضمها إلى صدره يقبل رأسها : بل مررت بكما فوجدتكما منهمكين بإعداد الطعام فلم أُرد أن اشغلكما معي ،وخاصة أني أريد النوم فارتأيت أن أنام إلى أن يعود بابا .
همت بالحديث ليدلف عادل إلى الغرفة في موجة مرح من بين الباب الذي يفصل غرفتيهما دون استئذان وهو يصيح : حضرة الضابط أريد سيارتك اليوم فسيارتي بالصيانة ، ولدي موعد هام ليلا .
عبس أسعد بصرامة : كم مرة اخبرتك أن عليك دق الباب بدلا من اقتحام الغرفة بهذه الطريقة الغير لائقة
نظر عادل من حوله ببلاهة افتعالها : لماذا ادق عليك الباب ؟ هل معك أحدا لأراعي خصوصياته ، أنت وامي أو أنت فقط ، حينما تتزوج وتكون معك زوجتك أعدك أن أطرق الباب قبل أن أدلف إلى الغرفة .
اغلق أسعد عينيه بنزق لتهز والدتهما رأسها بقلة حيلة : لا فائدة بك .
أراح ذراعه على كتفيها ليقبل جانب رأسها : لماذا يا أمي هل امشي على راحتي ، ها أنا اقف مستقيما امامك واتحدث من فمي ليس من أنفي .
ابتسمت ليلى رغما عنها ليلتفت إلى أخيه : أين مفاتيح السيارة ؟
نظر له أسعد بتعجب : لم أوافق بعد ، لوى عادل شفتيه بتبرم - الأمر لا يستحق يا أسعد ، أم تريدني أن اتقدم لك بطلب واوقعه من رئيس الأركان لتوافق أن استعير السيارة .
هم أسعد بالحديث ليقاطعه صوتها تهتف بجدية من خارج الغرفة : بإمكانك أن تستعير سيارتي ، فأنا ذاهبه مع جنى ليلا إلى تجمع الفتيات ولن استخدمها .
هتف عادل بمرح وهو يقترب منها يقبل رأسها : أفضل أخت في العالم ،
تمتمت بملل : فقط لا تعدها لي بإصابة ما كما المرة الماضية ، لا افهم كيف تكون جراحا ناجحا وأنت تتصرف بعفوية شديدة هكذا .
ضحك بسخرية : تركنا لك أنت وأخاك التزمت يا مونتي .
اطبقت فكيها لتهمس بعتب : اخبرتك أن تتوقف عن مناداتي بتلك الكنية السخيفة .
رفع كفيه باستسلام قبل أن يقبل راسها بحنو : حسنا لا تغضبي يا منمن .
ابتسمت حينما ضمها إلى صدره لتتوقف حينما هتف أسعد باسمها ليتابع سائلا : أين ستذهبين مساءا ؟
رفعت نظرها إليه تتحداه بثبات يعجبه ولكنه يستطيع أن يكتم مشاعره بداخله فلا يظهرها لها لتجيبه أخيرا بعدما ظن أنها لن تجيب : أنه تجمع الفتيات الأسبوعي ، اليوم سيكون عند أميرة ، فأحمد غير متواجد وفكرنا في أن نرفه عن أنفسنا قليلا .
أومأ برأسه في تفهم ليتمتم بجدية : حسنا أنا سأذهب بك .
لمعت عيناها بوميض قبل أن تتمتم بلهجة قاطعة : لا داع لذلك سأذهب مع جنى .
لم تمهله أن يعترض لتتابع بجدية : أمي لقد وضعت الطعام على المائدة ، أكملت وهي تستمع إلى صوت الباب الذي أغلق – أعتقد أن بابا عاد .
ولته ظهرها وغادرت ليراقبها هو بعينين ضيقتين قبل أن تقع نظراته المتفحصة في عيني والدته التي نظرت له باستفهام وتساؤل اعتلى ملامحها قبل أن تتمتم بجدية : هل هناك شيء لا أعرفه يدور بينكما ؟
أخفض رأسه ليجيب عادل بمرحة المعتاد : وهل نجرؤ أن نخفي شيء عنك يا قائدة الجهاز الاستخباراتي ؟ من كثرة عشرتك لسيادة اللواء أصبحت خبرة في معرفة ما يدور حولك دون أن ننطق به ، أنت الحكومة يا ماما ونحن شعبك العاجز أمام سلطانك .
أبتسم أسعد أخيرا ليهتف : كان طبيعي أن تخوض مجال التأليف والسينما يا عادل ، فكرة أنك طبيب لا تتماشى مع شخصيتك .
رقص حاجبية بإغاظة لأخيه : أنا متعدد المواهب والشخصيات يا ذو الشخصية الواحدة ، أكمل وهو يدفع والدته من كتفيها - هيا يا ماما فأنا اتضور جوعا وحالا سيأتي سيادة اللواء ويؤمر بحبسنا انفراديا لأننا تأخرنا عن موعد الطعام .
نظرت إلى ولدها الأخر لتهتف باسمه وتؤمر بجدية : تعال وتناول طعامك معنا وأجل نومك إلى ما بعد الغذاء .
أومأ برأسه وهو يتبعهما ليتوقفوا جميعا أمام أبيهم الذي أقترب منهم ليهمس بجدية : السلام عليكم مرحبا بكم ، أين أنتم هل هناك إجتماع مغلق لست مدعوا إليه ؟
ابتسما الولدان وهما يرحبان بابيهما الذي انتهى من سلامه لهما ليقترب منها حينما تحدثت : وهل نجرؤ أن نجتمع دونك ؟
همس أمير بفخامة وهو يجذبها من كفها إليه يضمها إلى صدره ويقبل رأسها قبل أن يهتف بمرح : بالطبع إذا أردتم الاتفاق علي
توردت لتهمس : دونك حياتنا لا طعم لها .
أبتسم أسعد بحب وهو يخفض بصره ليهتف عادل بصوت مرح وموسيقى تمثيليه وهو يشير بذراعيه كأنه يعزف على آله الكمان : تيرارارا ، ثم يتبع بصياح - يمنى ، تعال سريعا وات بأكواب الليمون والشجرة من فضلك .
دفنت وجهها في صدره العريض ليضربه أخيه على كتفه بنزق : توقف يا غليظ .
نظر له أمير من بين رموشه : المرة القادمة سأعلقك من ساقيك مقلوبا وحينها أريني الشجرة واكواب الليمون ، تعالت ضحكات يمنى وهي تقترب من أبيها فيضمها بذراعه الأخر يقبل جبينها فتقبل وجنته وهي تتحامى بصدره لتهتف - سيكون مظهره رائع يا بابا سيشبه النخلة المقلوبة .
ضحك أمير لتهتف ليلى : يمنى .
أبتسم أسعد ليهتف عادل بسخافة : ظريفة يا موني .
رقصت له حاجبيها : طوال عمري .
هتفت ليلى : هيا لنتناول الطعام جميعا .
***
ازدرت لعابها للمرة الخامسة على التوالي تحاول أن تتخلص من جفاف حلقها وهي تجاوره دخولا لهذا المتجر الذي اخبرها عنه من قبل لتكتشف أنه مقهى ومتجر للكتب في ذاك الوقت يسمح بالجلوس والقراءة واستعارة الكتب وشراءها أيضا ، عضت شفتها وهي تشعر بالحرج يغمرها فهي لأول مرة ترافق شاب غريب عنها للخارج ، حتى ابني عمتها لم ترافقهما ولا مرة بمفردها دوما يخرجون للتنزه في مجموعة كبيرة وسليم يكون معها ولكن اليوم ، تشعر بانها تورطت في الخروج معه دون أن تخبر أي فرد من عائلتها ، اشار إليها بأن تتقدمه لينتقي طاولة تقع في جانب المقهى تطل على الخارج الظاهر من الزجاج العسلي الذي يضفى الفة على المكان ويضمن خصوصية زائرية من الخارج .
همهمت وهي تجلس على حرف الكرسي وكأنها تستعد للمغادرة : اريد فقط أن أشتري الكتاب لو أمكن لانصرف .
عبس بعدم فهم : وصلنا للتو .
تمتمت بصوت ابح ووجهها يشحب : أرجوك يا عمر لم أكن أظن أن المكان هكذا وأشعر بالخوف أن يرانا أحدهم ويظن بنا شيء سيئ .
ارتفعا حاجباه بتعجب وهو يناظرها قليلا : لماذا تفكرين هكذا ؟! نحن زملاء عمل وأقارب واخيك صديق مقرب لي ، طبيعي أن نتقابل تحت ظروف العمل .
تمتمت من بين اسنانها : لست قريبي ، وليس طبيعيا أن أرافقك في مكان ما بمفردي، الأمر يشبه بموعد وأنا أرفض هذا الامر وخاصة أني لم أخبر ماما ، ظننت أنه متجر ستصحبني إليه لأشتري الكتاب وأعود إلى العمل
لانت ملامحه وابتسم ليهمس بجدية : اهدئي قليلا يا حبيبة ، هذا لا يعد موعد بيننا ، ولو قلقة لأمر عائلتك أنا أخبرت نادر بأني سأصحبك إلى هنا ، وهو يعلم المكان ، وإذا أردت أن اهاتف سليم أيضا واخبره سأفعل الآن .
__ لا ، ردت بنفي قاطع لتتبع بصوت مهزوز – سأخبره حينما أعود .
أومأ برأسه متفهما ليهمس : هلا هدأت قليلا لنشرب شيء ونبحث عن الكتاب من خلال الجهاز اللوحي ونرى هل متوفر أم لا ؟
تنفست بعمق وهزت رأسها بالموافقة فاتسعت ابتسامته وخاصة مع سريان صوت الموسيقى من حولهم فيهمس بحبور : أنا أحب هذه الاغنية .

تذكر شو كنت تقلي .. مهما يصير
انتظريني وضلك صلي .. الله كبير
من يومها شو عاد صار .. على مدى كذا نهار
ما صار شيء كتير .. شو صار وعم بيصير الله كبير

صدح صوت فيروز من حولهما لتلتفت بتوتر وهي تجلس بتأهب لتهمس بتساؤل : فيروز ؟
تمتم بصوت خافت أسرى رعشة : أنا أعشقها
توردت وهي تشعر بكلمته تحمل بطياتها أكثر من ظاهرها لتتحاشى النظر إليه وتهمهم وهي تنظر إلى المكتبة الكبيرة أمامها : لديهم كتب ورقية .
أبتسم بخفة وثرثر اليها لعله يقلل من توترها : أنه مقهى على الطراز القديم ، يديرون الأغاني القديمة و يمنحونك وقتا رائعا تستطيعين فيه قراءة الكتب الورقية التي أصبحت نادرة التواجد الآن ، أثار اهتمامها فاتبع باستطراد - أتعلمين هناك نسخ لطبعات أولى لديهم هنا ولكنها للشراء ليست للاستعارة .
ومضت عيناها باهتمام واسترخت بجلستها :حقا ؟ أين تلك ؟
أدارت رأسها تبحث باهتمام فابتسم وأشار بكفه :هناك ، سنذهب إليها بعد أن نشرب القهوة .
تمتمت بعفوية : أنا أفضل الشاي .
لمعت ابتسامة ماكرة ليسأل بتوق ومض بزرقة عيناه : باللبن ؟
أومأت برأسها في حماس أشعل التوق بحواسه ليهمهم وهو يشير إلى النادل : اثنان شاي بحليب لو سمحت ، ولو سمحت ادر الأغنية من جديد فأنا أحبها للغاية
همهم النادل : تحت أمرك يا عمر بك .
نظرت إليه بتساؤل فضولي فأجاب : أنا كثير التردد هنا ، فأنا أعشق الكتب الورقية والقراءة عامة .
رمشت بعينيها لتنظر إلى الجهاز اللوحي الموضوع أمامها تقلب فيه بعشوائية تحاول أن تتحاشى الكائن الجالس أمامها والمراقب لها عن كثب فتسير بحدقتيها على الأحرف دون فهم حقيقي لتفيق على صوته الحان يدندن ومن الواضح أنه توقف عن مراقبتها وانغمس بالبحث هو الأخر في الجهاز اللوحي أمامه :

ذاكر ادي قلت لي .. ع العمر أنه قصير
وأنه انا ما في مثلي .. وحبي اخير
من يومها شو عاد صار
ع مدى كذا نهار .. ما صار شي كتير
كل اللي صار وبعده بيصير .. الله كبير
فيروز .. الله كبير

انحبست أنفاسها وعيناها تتعلق به رغما عنها ، يأسرها بنظراته فتغوص بعمق زرقاويتيه ، قلبها يطرق بعنف وجسدها يقشعر بخوف داهمها ، تشعر بانها بدأت تتعلق به رغما عنها ليهمس بهدوء وينتشلها من حيرتها : تزوجيني يا حبيبة .
ردت بسرعة : لا ، نظر إليها باهتمام فاتبعت بقنوط - أنت لا تفهم .
رد بثقة : بل أنا أكثر من يفهم ، ولكن الفهم لا يشترط أن يكون مصحوبا بالموافقة ، عبست بعدم فهم فاتبع بثقة - أنت لا تريدين الارتباط بي لأني اؤثر بك ، أنا افهم اسبابك ودوافعك ، لكني لا أوافقك .
نظرت إليه بريبة فتابع بهدوء : نخطب لفترة إذا لم يوافق الأمر مخيلتك سأطلق سراحك وسأبتعد دون أي ضغوط .
تمتمت باستنكار : تطلق سراحي ؟
نظر إلى عمق عينيها لينطق بهدوء وصوت واثق : سأحررك من اسرك.. سافك قيدك .. سأريحك مني .. سأتركك تتنعمين بحريتك ، وسأبتعد .
ازدرت لعابها وهمست بصوت أبح : وأنت ؟!
رد ببساطة : سأتزوج من أخرى واريحك مني .
ومضت عيناها بحريق غيرة لم يخطئ في تفسيرها ، ليبتسم بمكر وهي تسأله باتهام : إذا لا تحبني .. أنت فقط تريد الارتباط بي لمجرد أني عروس مناسبة لك .
نظر إليها بدهشة : ظننتك لا تبحثين عن الحب ، اشاحت بعينيها ليتابع بخبث - مثلي
ارتدت رأسها إليه فيكمل بعفوية أجاد افتعالها : فأنا أبحث عن زوجة لأكون أسرة بسيطة واستقر، حياة هادئة وأولاد صغار وزوجة يجمعنا التفاهم والمودة أكثر من حب وصخب وعشق وجنون .
ضيقت عيناها بشك فضحك بخفة قبل أن يسألها بصوت أجش وهمهمة أبحه أسرت الخدر بأوصالها : هل انتظرت أن أصرح بعشقي لك .. جنوني بك.. غيرتي الجامحة عليك .. تفكيري الدائم فيك ، خيالاتي واحلامي عنك .
ارتجفا جفنيها وهي تشعر بالسخونة تلهب وجنتيها .. احمرار غزا خديها وعيناه تومض بزرقة نارية أشعلت حواف حدقتيه البنية فتسارعت أنفاسها ولهثت وكأنها بسباق خيل انهته دون فوز ، ليسبل جفنيه ويلوي شفتيه ليهمهم ببرود : المعذرة يا آنسة حبيبة ولكن لا لست أنا هذا الرجل
كادت أن تشهق ولكنها تحكمت في الألم الذي أحكم قبضته على قلبها الذي مُزق بضربة واحدة قضت على كل ما شعرت به – يوما - يكنه لها ، بل كادت الأيام الماضية أن تجزم بأنه يحمل إليها كل هذه المشاعر التي سردها على مسامعها الآن ولكنه لم يفعل ، شعرت بحلقها يُغلق من دموع كثيرة لمعت بعينيها ووجع مبرح ينهك روحها لتهمس لنفسها لماذا تتوجع .. لماذا تتألم ألم يكن هذا ما تريد .. الم يكن هذا حلمها .. لماذا تشعر بقلبها سيتوقف عن الخفقان من الصدمة .. لماذا تشعر بأن أحلامها انهارت .. وأن روحها جفت من الخيبة التي مُنيت بها ، لماذا تريد أن تتوسله ليحبها .. يعشقها .. يغار عليها .. ويجن بها
حاولت أن تبتلع ضيقها فلم تفلح ليخرج صوتها أبحا : إذا كنت كما تقول لماذا أنا ؟!
ضم قبضتيه وهو يراقب انفعالاتها الظاهرة والتي تموج على صفحة وجهها النقي وتعتلي هامتها بوضوح ، تماسك بسيطرة فرضها على نفسه بالقوة حتى لا يلامس خديها فيفركهما بإبهاميه فيعيد إليهما لونهما الوردي .. يضم جسدها الصغير إلى صدره العريض وهو يخبرها بحبه ويسمعها شغفه الشديد بها .. يقبل عينيها فتصدح بضحكة رائقة كعادتها ، يهمهم بغزله الصريح بها فيخجلها ويزيل وجع قلبها ، سحب نفسا عميقا يغطي به على لوعة قلبه معها قبل أن يجيبها : وهل هذا سؤال يا حبيبة ، أنت شقيقة صديقي المقرب ، وعائلتنا متقاربتان ومتوافقتان أيضا ، ثم أنا اشعر بالراحة وأنا معك ، ثم أننا الأثنين نعشق فيروز والكتب الورقية واحتساء الشاي بلبن أظنه توافقا مبدئيا جيد ، أتبع سائلا - ما رأيك أنت ؟!
رفعت عينيها تبحث عن لمحة واحدة تكذبه بها فتشعر بخيبتها تتضاعف لترد بخفوت وهي تسبل اهدابها : موافقة .
***


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-08-20, 07:08 PM   #125

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

يجلس بجوار والدته أمام الفتاة التي سبق واخبرته يمنى عنها والتي تخفض رأسها بخجل ولا تتشارك الحديث معهم على الإطلاق فيخفض هو أيضا عينيه عنها حتى لا يحرجها أو يخجلها لكزته والدته فأشار إليها بكتفيه فتبتسم ليلى بلباقة وتنهض واقفة تشير لوالدة الفتاة وهي تهتف بمرح : سنترككما سويا قليلا وسنذهب لنرى المشغولات اليدوية المعروضة هناك .
ابتسمت الفتاة بتوتر لينظر بعيدا عنها حتى يخفف عنها توترها قبل أن يجيب : حسنا يا أماه .
هتفت والدتها بمرح هي الأخرى : لن نتأخر ، القتها ورمقت ابنتها فتضرجت وجنتي الفتاة بحرج لتزم شفتيها بضيق وتشد جسدها بحدة أغضبتها ، أبتسم وهو يرمقها بطرف عينه قبل أن يسألها حينما ابتعدتا والدته ووالدتها : ماذا تشربين ؟
رجفا جفنيها قبل أن تعاودها رقتها الفطرية فتخفض وجهها بخجل وتهمهم بخفوت : أي شيء .
أبتسم وتأملها بنظرات حانية قبل أن يهتف بمرح : بل ما تختارينه أنت سنشربه سويا .
توردت وابتسامتها تتسع لتهتف بثقة : إذًا نشرب شاي .
أومأ براسه موافقا ليشير إلى النادل فيخبره عن طلبهما ليسالها : هل تفضلين الشاي ؟
اشارت بكفها : قليلا ولكني أعلم ان أنك تفضل الشاي عن القهوة .
لمع الاهتمام بعينيه لتتابع بمرح : أنا أعرف عنك الكثير
تصلبت عضلات جسده بتحفز ليسيطر على حدته فيسألها بجدية : كيف ؟
تفحصته بنظراتها قبل أن تسأله : الست أنت عادل الخيال لاعب كرة القدم المشهور ؟
ارتفعا حاجبيه بدهشة ليبتسم رغما عنه ويجيب : نعم ولكن هذا كان منذ زمن مضى ، لا اعتقد أنك عاصرتني وقتما كنت لاعب مشهور ذائع الصيت فانت بوقتها كنت صغيرة للغاية ، الست في العشرون من عمرك .
رفعت رأسها لتهمس بجدية : واحد وعشرون ونعم كنت صغيرة حينها ولكن بابي كان مولع بك وإلى الآن يتحدث بحسرة أنك تركت لعب الكرة
تنفس بعمق ليجيبها وعيناه تشرد قليلا : أنه النصيب ، كح بحرج ليتبع – حسنا أنت تشاهدين مباريات كرة القدم .
هزت رأسها نافية : لا لست معجبة باللعبة لهذه الدرجة ولكني معجبة بك .
شعر بالذهول يخيم على عقله فيجبره على الصمت لتتابع هي بذكاء ووجهتها الطفولية تندثر ليحل بدلا منها فتاة واثقة ملمة ببواطن حديثها وخاصة حينما همست : لست حمقاء حتى لا أعجب بك ، انت تكبرني بسبع أو ثمان سنوات ، وسيم .. ذو طلة اسرة .. دكتور جراح .. وظيفتك مرموقة ومن عائلة كبيرة ، شاب لا يرفض على الإطلاق لفتاة مثلي ، وأنا لا أنكر أني معجبة بك .
لمع ثغره بابتسامة واثقة ليهمس : ولكن ..
ضحكت برقة لتتيع : ولكني لا أريد الزواج الآن .
__ اووه ، القاها بمرح فتنهدت بقوة لتثرثر إليه بعفوية – حلمي ليس بيت وزوج واطفال ،
نظر إليها بفضول والإعجاب يلمع بعينيه فتابعت : أنه أحد أحلامي بالطبع ولكن حلمي الذي يستولى على فكري هذه الأيام أن أنهي دراستي واطير للخارج ، اجوب البلاد شرقا وغربا ،صمت وترك لها المجال أن تتحدث فأكملت بحماس - هل أخبرتك أني ادرس اللغات ؟
__ لا لم تخبريني ، أكملت بحماس متقد – لقد صممت على دراسة اللغات بدلا من الاقتصاد حتى أستطيع أن اسافر هنا وهناك ، أرى اختلاف الثقافات والبشر واحتك بالعالم واتعلم منه ، أنا أريد السفر .. التحليق .. الحرية .
زفرت بقوة : وفكرة الزواج والبيت والاطفال لا أجدها مناسبة لي الآن.
ابتسم ونظر بعيدا قليلا ليسألها : إذًا لماذا أتيت اليوم ؟!
مطت شفتيها بتفكير : لأساير أمي وافرحها ، لأرضي أبي ولا أكسر خاطر جدتي .
ابتسم بحنو : كيف ستسافرين إذا حينما تنتهين؟
أعتلى التفكير ملامحها لتهتف : لا أعرف ولكني سأحاول معهم .
عم الصمت عليهم قليلا لتسأله بخفوت : هل أنت غاضب منى؟
إنفجر ضاحكا ليشير بالنفي ويكمل : لا ، أنت تشبهين ابنة خالتي ، إنها بمثابة أختي الصغيرة ، أحلامها كثيرة ولكنها لا تخطط للأشياء بطريقة صحيحة ، أنت تمتلكين طاقة كبيرة يا آنسة فلا تهدريها ، حددي أهدافك وانطلقي إليها .
لمعت عيناها بذكاء لتساله بمرح : إذا لست غاضبا لأني لا أريد الزواج .
__ لا لست غاضبا ، ابتسمت برضا لتسأله – حسنا إذا وافقت على الزواج منك ستدعني اسافر كما أحلم .
ضحك بخفة ليجيبها بجدية : لا لن ادعك تسافرين .
اعتلى القنوط ملامحها ليسألها بتفكه : هل غضبت ؟!
هزت كتفيها بعدم معرفة لتهمهم بعفوية : ظننتك ستتركني احقق حلمي فكنت سأوافق فلا اضايق عائلتي وافوز بحلمي .
قهقه ضاحكا ليهتف بمرح : تصطادين عصفورين بحجر واحد .
ابتسمت بحرج ليتابع بنصح : إذا أردت أن تحققي احلامك فتعلمي أن تفوزي بها يا ..
صمت ليسألها بحرج : عفوا ، ولكن ما أسمك ؟
نظرت إليه بذهول فاستطرد شارحا : المعذرة لقد أخبرتني أمي ولكني سيء في حفظ الأسماء .
توردت وجنتيها لتهمهم بصوت أبح : سارة .
اتسعت ابتسامته ليهتف : اسم جميل
__ أشكرك ، ابتسم بحنو ليهمهم لها وهو يلتقط عودة أمه – لا تقلقي سأرفض أنا الزيجة فأحلامك ليست مناسبة لأحلامي .
ابتسمت برقة لتغمغم : أشكرك .
لمعت عيناه بوميض وهو يهمهم برقي : لا شكر على واجب يا سارة .
نهض واقفا حينما رن هاتفه ليهتف بجدية : المعذرة ولكن علي الانصراف هيا يا ماما فهم يريدونني بالمشفى سأوصلك للبيت وانطلق إلى هناك .
امتقع وجه ليلى حرجا لتهمس للسيدة الأخرى : المعذرة يا هانم ولكن تعلمين متطلبات عمله .
هتفت السيدة بتفهم : بالطبع أتفهم وأعلم ، وفقك الله يا دكتور وجعل الشفاء بين يديك .
احنى رأسه في هزة فخمة : سعيد بمقابلتك ، وسعيد بالتعرف عليك يا سارة .
تمتمت ليلى والأمل يداعبها قليلا : نراكما قريبا بإذن الله .
ودعت السيدة وابنتها لتنظر اليه : ما بالك ؟! هل ستظل متعجل هكذا ؟!
نظر إليها بدهشة ليهتف بجدية : هناك مريض يحتاجني يا ماما هل هذا شيء عادي من وجهة نظرك .
لوت شفتيها وهي تستقل السيارة إلى جواره : لا طبعا ولكن أخبرني هل أعجبت بالفتاة ؟
أبتسم بخفة في وجهها : نعم ولا .
عبست ليلى بعدم فهم ليكمل بجدية : نعم هي ظريفة ومرحة وجميلة ولكنها ليست النمط الذي أريد ،
همت بالنقاش معه ليحمل كفها القريب منه يرفعها ليقبله : ليس الآن أرجوك ، حينما أعود في الصباح من المشفى سنتناقش .
زمت شفتيها بضيق لتؤثر الصمت غير راضية .
***
فتحت الباب وهي تتحدث مع شخص على الهاتف لتستأذنه وهي تستقبل الأخرى التي أتت للتو فتهمس لها وهي تغلق الهاتف بكفها الأخر : المعذرة يا جنى لقد انتهيت ولكن هناك شيء يريدون أن ارسله إلى المجلة فامنحيني عشر دقائق فقط ثم نغادر .
أشارت لها جنى بكفها أن تذهب لتدلف إلى البيت بأريحية وتغلق الباب من خلفها ، تتحرك للداخل لتتوسط أريكة الصالة المفضلة لها أمام الصور المنتشرة على الحائط والتي تشمل الجميع صور منفردة وجماعية للعائلة ، لتتفقدهم بحنو وشجن لتتعلق نظراتها بصورتيه ، واحدة يوم تخرجه ببدلته الرسمية وقبعته ، وجهه بهي وذقنه حليقه وملامحه أصغر من الآن ، والأخرى عادية بملابس غير رسمية وضحكة صافية أرتجف جفناها وهي تتأمل الصورة بانتباه وتركيز وهي تشعر بأنها رأتها من قبل لينتفض قلبها بقوة وهي تتذكر أنها من التقطتها له في يوم كانا يتناولان الفطور سويا بعد أن تخرجت هي ، خبرها يومها أنه يحتفل بتخرجها على طريقته ، كان سعيدا .. مرحا .. مجاملا .. وقريبا كعادته ، أعجبت يومها بقميصه الأخضر واخبرته بأنه يضفي على ملامحه القا خاصا فطلب منها أن تلتقط إليه صورة ففعلت ليشير إليها بعدها أن تجاوره فيلتقط لهما صورة سويا ويهمس بصوت أجش : للذكرى .
لم تتخيل يوما أنه سيعجب بالصورة التي التقطتها لدرجة أن يقوم بطباعتها وتأطيرها ليضعها في بهو منزله .
ابتسمت رغم عنها وهي تمرر طرف سبابتها على إطار الصورة لتلامس صورته بحنو وهي تدير أناملها على ملامحه الوسيمة وتتلمس ضحكته الدافئة لينتفض قلبها على صوت رنين هاتف اتى من الحديقة فتعود وتجلس بمكانها ثانية ، تشد جسدها بأناقة وترسم ابتسامة هادئة على شفتيها
...
يتهادى بسيارته ويتخذ طريقا متعرجا ليضمن ألا يمر كالصباح من أمام بيت خالته فيتعكر مزاجه برؤية أي شيء يخص آخر رافض هو لوجوده أو مقابلته ، يتنهد بقوة ويدعو لفادي أن ينهض معاف وبخير ويبتسم لأنه اطمئن على عائلة صديقه المحتجز بالمشفى ، فهو اليوم الثالث الذي يقوم بزيارتهم يتحقق من أخبارهم ويطمئن عليهم ويطمئنهم على صديقه الممنوع من زيارته كما تنص الأوامر، ولكنه يستخدم عادل ليطمئن على فادي منه ، أبتسم بتفكير وهو يتميز غيظا لأنه لا يستطيع زيارة صديقه بنفسه فلا يقوى على رؤيتها أيضا ، كم اشتاق لها وقلبه اللعين لا يهدأ يذكره بلهفتها على الدوام فيترك روحه مترنحة ما بين الم البعاد والم الأشتياق ، يذكره كل دقيقة بخجلها .. رقتها .. حياءها .. مراوغتها فينسى كل شيء متعلق بماض مضى مع سنوات عمر انقضت والأمل يزهر معه من جديد فيقرر أنه لن يتركها هذه المرة تتهرب منه عليها مواجهته .. الاعتراف بم تخبئه .. والإقرار بمحبته .
تنهد بقوة وهو يدلف من باب حديقة منزله قبل أن يرن هاتفه فيبتسم ليفتح الخط وهو يهتف : مرحبا يا حبيبتي ، هل اشتقت لي فهاتفتني؟
صوت الصغيرة يغرد بأذنيه ومرأى وجهها الصبوح يبث إليه السعادة مجسده : اتصلت لأسكرك .
ضحك بخفة ليصحح لها : اشش ، أشكرك يا ديانا ، كرريها يا طفلتي .
عبست الصغيرة بوجهه لتهتف بنزق : لا أليد ،
صمتت قليلا : ماما قالت اسكري عمو أسعد ، فتكرر برقة وهي تحاول جاهده - ثكرا .
ضحك بأريحية : العفو يا طفلتي اخبري ماما أن لا شكر على واجب .
أتاه صوت دينا تزفر بقوة بعد أن اغلقت الاتصال المرئي : ما تفعله كثير يا أسعد ألا يكفي أنك تدبرت لنا مكان اقامتنا.
__ لن نكرر الحديث ثانية يا دينا ، أنا افعل ما كان سيفعله فادي واكثر إذ تبدلنا الأدوار فتوقفي عن الحرج والشكر أيضا ، ثم أمر الإقامة سهل للغاية ابن خالتي من بنى نصف العاصمة وله في كل مدينة سكن خاص ، لم يحتج اكثر من عشر دقائق ليجد منزل بالقرب من المشفى مفروشا أيضا .
تنهدت دينا بقوة : الشكر لك وله .
ابتسم أسعد وغمغم : سأشكوك إلى فادي حينما يفيق فانت تضعين الكثير من الحواجز بيننا .
__ أبدا والله ولكن ..
قاطعها بصرامة : لا يوجد لهذه اللكن ، فقط صلي وادعي لفادي أن يعود لنا بتمام الصحة والعافية ، تمتمت بدعاء صادق من قلبها ليكمل بخفة - قبلاتي وتحياتي لمرمر وجو والصغيرة ، بإذن الله غدا أفضل لنا ولكم .
_بإذن الله ، تحياتي لعائلتك لم يتسنى لي التعرف عليهم سوى اخيك وقريبتكم التي عالجت فادي .
ضوت عيناه بمشاعره غائمة ليهمهم : حينما ينهض فادي سأعرفك على الجميع بإذن الله .
تمتمت بقلب وجل : إن شاء الله .
__ تصبحين على خير
أتاه ردها الهادئ ليغلق الهاتف ويتحرك نحو زجاج الشرفة ليدلف إلى البيت بخطوات هادئة يتحرك برزانة كعادته وهو يفكر بأنها كانت هنا لتذهب بشقيقته إلى تجمعهن عند ابنة عمها ، هل اخلف موعدها فأتت وانصرفت دون أن يلحق بها أم لم تأت بعد وسيراها اليوم كما يمنى قلبه ؟
دلف إلى صالة بيتهم ليتسمر موضعه حينما رآها جالسة تتوسط أريكة منزله !!
...
تنصت باهتمام إلى حديثه الخافت لقد انتبهت لوجوده منذ أن رن هاتفه فاخبرها بأنه عاد من الخارج لم تكن تعلم اين هو إلا من حديثه الهادئ مع زوجة صديقه ، المرأة الصغيرة التي رأتها في صبحية اليوم التالي من الحادث اتت تهرول إلى المشفى مع سيدة مسنة قليلا وطفلين ولد وفتاة سلبت لبها حينما وقع نظرها عليها لتسمي الرحمن وهي تتأملها بيضاء جميلة وصغيرة مشهية كغزل البنات بخصلات شعرها اللولبية وعيناها الواسعتين بحدقتين صافتين كبئري من العسل ، لقد خطفت قلبها حينما لمحتها وهي تنظر ببراءة إلى أبيها من خلف الزجاج بعدما رفعتها جدتها لتراه بعد إصرار من الصغيرة العنيدة على ما يبدو فها هو أسعد بنفسه لا يقو على إجبارها لتصحيح كلمتها ، لقد استمعت إلى المكالمة بوضوح وخاصة لقربه الشديد من باب النافذة واستقباله للإتصال على سماعة هاتفه الخارجية وكما يبدو كان الإتصال مرئيا مع الصغيرة قبل أن تغلقه والدتها التي أتى صوتها هادئ متعب ومنهك من قلقها على زوجها الفاقد وعيه بغيبوبة ستظهر نتائجها في الغد بإذن الله .
توترت جلستها حينما دلف إلى مكانها لتناظره بشوق لم تشعر بوخزه قبل أن يقتحم روحها بوجوده ، بابتسامته الرائقة وملامحه المسترخية ، هندامه الأنيق الغير عملي يضفي رونق خاص على تعابيره التي تخلصت من عبوسها وجديتها فأضحت شبابية اكثر عن ذي قبل ، عيناه رائقتين .. مسبلتين .. ولهتين بشيء لا تفهمه .
لتومض عيناه بلمحة خاطفة حينما استقرتا عليها ليهمهم باسمها في صوت أبح اختض له جسدها ، ابتسمت برقة في وجهه ليبتسم بعفوية فتهمهم بمرح افتعلته : حمد لله على سلامتك .
تمتم بهدوء وهو يخطو نحوها : سلمك الله
صافحته بتوتر شعره وهي تهمهم إليه تثرثر بعفوية لعلها تخفي سطوة وجوده على قلبها : أنا انتظر يمنى فنحن ذاهبتان إلى أميرة سويا ولكنها تهتم بشيء يخص العمل
ابتسم في وجهها وجاراها في ثرثرتها وكأنه يشعر بم ينتابها فيحاول أن يخفف عنها مثرثر بدوره : اعلم أنكما ذاهبتان إلى ميرا ، أبلغيها سلامي .
تمتمت وهي تعاود الجلوس : يصل بإذن الله .
هتف وهو يخطو نحو المطبخ : ماذا تشربين ؟!
هتفت ممانعة وهي تنهض من جديد : لا تتعب نفسك يا أسعد .
لم يعيرها اهتمامه فتابعت وهي تخطو خلفه : لا أريد شيئا فلا تتعب نفسك معي .
رمقها بطرف عينه وهو يقف أمام الموقد يخفي عنها تلاعب ابتسامته : قهوة؟
تنهدت بقوة لتخطو إلى داخل المطبخ وتهمس : إذا كنت مصر فأنا سأعدها لك ولي .
__ لا أمانع بالطبع . ومضت عيناه بانتصار وشيك وتراجع للخلف ليستند إلى طاولة المطبخ الخشبية يكتف ساعديه أمام صدره ، يراقبها كما تمنى في أحلامه ، تعد القهوة على طريقة والدته ، تتحرك بأريحية في مطبخهم وكأنها من أهل بيته ، رجف فكه بتمني داعب قلبه وهو يتأمل تفاصيل حركتها الخجول جسدها ، حواف فستانها الجينز تنبهه لرقة حركتها والتي تصدر صوتا بسبب الحُلية التي تزم كلا جانبيه للأعلى قليلا فيصبح قصيرا من الطرفين عن بقية تنورته فيظهر ساقيها القصيرتين وخاصة مع ارتدائها لحذاء بناتي خفيف لم يساهم في طولها ولو بسنتيمتر زائدا ، راقب ذراعيها المغطيتين إلى ما بعد مرفقيها بأكمام الفستان القماشية والمختلفة عن بقية فستانها - وياقته الناصعة - بلونهم الأبيض ، واللتين رفعتهما لتاتي بشيء ما من إحدى دواليب مطبخهم فيهمهم بصوت أجش وقلبه يخفق بجنون : تعرفين أماكن الأشياء .
ابتسمت باتساع لتغمغم وهي تقلب القهوة بتأني : لقد تربيت هنا ، انسيت ؟!ط
غمغم بصوت ابح : لم انس أبدا .
ابتسمت بتوتر وهي تتحرك لتات بفناجين القهوة فتعبس بتعجب : هل نقلت خالتي ليلى مكان الفناجين ؟
أبتسم وتحرك بتلقائية : أعتقد هذا.
تحركت ثانية بعفوية لتجد نفسها فجأة محشورة بينه وبين دواليب المطبخ فتحاول أن تتفادى الاصطدام به ليتحرك هو الآخر بنفس اتجاه حركتها ليصطدما سويا رغما عنهما فتهمهم بخفوت وهي تفرد كفيها على صدره النافر بخشونة : المعذرة .
رجف جفنه ليهمهم بصوت أبح : المفترض أن أعتذر أنا .
رفعت عينيها إليه : أنا من اصطدمت بك
ومضت عيناه ببريق رجف قلبها لأجله فيجيبها وهو يتحكم بذراعيه فلا يطوقها إليه ويزرعها بين ضلوعه : أنا متأكد أنه لم يكن بقصد منك .
جف لعابها وهي ترى حديث تراءى بعينيه ولكنه لم ينطق به ، حاولت أن تنتزع كفيها المرتاحتين على صدره تلتمسان دقات قلبه التي تسارعت فأصبحت تهدر بقوة أجفلتها ، لتغيم عيناه بنظرة توق لم تخطئ بتفسيرها فابتعدت على الفور واتجهت نحو الموقد من جديد تراقب القهوة التي كادت أن تنضج فتمتمت بنبرة أبحه : هلا أتيت لي بفنجانين ؟
شعرت به يتحرك من خلفها ليضع الفنجانين على الطاولة ويجلس على رأسها فتزفر براحة اشاعت السعادة بنفسه ليراقبها تصب القهوة قبل أن تناوله قدحه فيهمس وهو يقبض على الفنجان بكفها هامسا بمكر : سلمت يداك .
انتفضت بخفة و توردت ليشير إليها بالجلوس متغافلا عن خجلها الذي يقيدها بعيدا عنه ، استجابت على الفور وكأنها لم تعد تقو على الوقوف ليهمس متسائلا : هل نسيت وضع السكر ؟
هزت رأسها بنفي لتجذب الفنجان من يده بعد أن ارتشف منه القليل لتتذوقه وتهمس بتعجب : إنه مضبوط كما تحب يا أسعد .
رفع حاجبيها بدهشة افتعلها ليسألها بجدية وهو يأخذ الفنجان ثانية : حقا ؟!
ارتشف القليل بعد أن عكس الفنجان ليهمس : هكذا افضل .
عبست بعدم فهم : ماذا حدث بها ؟
هتف بهدوء : أصبحت افضل حينما لامستها أنت
اتسعت عيناها ووجهها يحتقن بقوة لتهمهم باسمه في عتب فيناظرها بتساؤل تجلى بعينيه فأخفضت عينيها متحاشية الإجابة تعاتب نفسها على الصمت ولكنها لا تقو على التصريح بم يدور بداخلها سيطر على غضبه جيدا قبل أن يهمس بعد أن تأمل كفها المرمي بإهمال فوق الطاولة بجانبه : جميل خاتمك .
توردت لتثرثر فجأة بعفويه: إنه هدية عيد مولدي السابع والعشرون ، شردت بعينيها لتهمس بخفوت كان يوم مميز بالنسبة لي لتتابع وهي تنظر إلى عينيه - اليوم والليلة التي سبقته من أفضل الساعات التي عشتها على مدار عمري بأكمله .
لمع الإدراك بحدقتيه فترقرق اللون العسلي بهما لتتعلق نظراتها بتساؤل سطع جليا بحدقتيه فتوسلت أن لا يجبرها على تصريح لا تستطيع البوح به همس باسمها بنبرة مميزة لتجيب بخفوت : أنت تتذكر ليلة عيد مولدي السابع والعشرون .
اعتلت السعادة ملامحه ليغمغم : وهل هذه الليلة تُنسى ؟!
تمتمت وهي تدير طرف سبابتها على حافة الفنجان : لم يتسنى لي أن اشكرك عليها من قبل ، تابعت وهي ترفع عينيها إليه - شكرا لك على كل شيء .
ابتسم أخيرا : لم افعل للان اي شيء يستحق الشكر ، ولكن لا يضر عفوا يا انستي الغالية ، إذا أردت بأي يوم أن تشعرين بدلال لا حصر له فاطلبي وأنا سأنفذ على الفور .
اخفضت بصرها عنه أخيرا لتهمس بخفة : أنا أعلم .
نهضت لتضع فنجانها بالمغسلة ، ثم تستدير فتشهق مجفلة وهي ترتطم بصدره الجامد فتهمهم : المعذرة لم
همس بخفوت بجانب أُذنها : اعلم أنك لم تشعرين بي وأنك لم تقصدين الاصطدام بي
نظر إلى عمق عينيها واتبع : ولكني قصدت .
كتمت شهقة كادت أن تنفلت منها لتقع أسر عينيه الرائقتين فيغمرها بحنو فاض منه ويطمئنها بحديث صامت صادح بعينيه ليبتعد فجأة عنها ويتجه نحو باب المطبخ بخطوات ثابتة سريعة ليبتسم بمكر وهو ينظر إلى أبيه الواقف أمامه ليهتف بجدية : مرحبا يا أبي .
أطل عليهما أبيه يقف بباب المطبخ يسبل جفنيه ويبتسم بغموض شابه غموض ولده الذي همهم وهو يحاول أن يقف جانبا : حمد لله على سلامتك .
تمتم أمير بهدوء : سلمك الله .
تحركت برقة تبتسم بحياء : مرحبا عماه .
صافحها أمير برقي : يا مرحبا بك يا طبيبتنا الغالية ، البيت منور بك وبوجودك .
رفع عينيه لابنه : هل ضيفك أسعد ، أم أخل بواجبته في الضيافة ؟
ازدرت لعابها بتوتر : بل فعل يا عماه رغم أني لست بضيفه
رد أمير بحنو : بالطبع يا بنيتي أنت صاحبة منزل ، أنت من العائلة يا جنى .
تمتمت : أنه ليسعدني ويشرفني .
رفع عينيه : أين والدتك يا حضرة الضابط ؟
اعتلت الدهشة ملامحه ليجيب ببساطة : لا أعلم أعتقد أنها موجودة بالمنزل فانا اتيت لأجد جانو بمفردها بعد أن ادخلتها يمنى .
شحب وجه جنى لتتمتم سريعا : لم أسأل يمنى حينما أتيت ولكني توقعت أنها موجودة ، اتسعت عيناها برعب - أو ليست كذلك ؟!
توترت وقفته رغم عنه وهو يقابل نظرات والده الغامضة والذي همس بجدية : تحرك وأخبر والدتك بأن جنى عندنا ، التفت لجنى ليبتسم لها بطيبة وحنو ابوي لطالما شعره نحوها - ستفرح ليلى بوجودك
تحرك منفذا أمر والده ليقاطع ابتعاده ظهور يمنى التي هتفت بعدما أصبحت أمام ثلاثتهم : المعذرة يا جنى تأخرت عليك.
تنهدت بقوة لتتعلق برقبة أبيها بعدما اقتربت كثيرا : حمد لله على سلامتك يا بابا ، ماما تخبرك أنها لن تتأخر ستعود في تمام التاسعة فهي خرجت برفقة عادل .
اسبل جفنيه في حين أطبق أسعد فكيه لتهمهم جنى : كيف لم تخبريني أن خالتي ليست هنا ؟
تمتمت يمنى بجدية : لم أتخيل أن الأمر هاما .
زفرت جنى بضيق وهي تشعر بتصلبه لتهتف يمنى : هيا لنذهب .
التفتت إلى ابيها : سنذهب الى ميرا يا بابا سنمضي معها الأمسية ونعود لن اتأخر عن منتصف الليل بإذن الله أعتقد سأعود باكرا عن هذا الموعد .
ابتسم ابيها وهو يقبل جبينها : من سيوصلكما فأنا أعلم بأن عادل اخذ سيارتك .
نظرت إلى جنى التي هتفت بتلقائية : سنطلب سيارة أجرة فأبي من اوصلني إليك .
لوت يمنى شفتيها : تمزحين لقد اعتمدت عليك
ضحكت جنى برقة : وأنا الأخرى اعتمدت عليك .
هتف أمير بجدية : سائقي موجود ليوصلكما قبل أن يعود لمنزله .
هتف اسعد : أنا الأخر متفرغ إذا أردتما
همهمتا بالشكر ليجيبه أبيه : بل دع السائق يوصلهما فأنا أريدك .
أومأ برأسه وتعابيره تنغلق تماما فيصبح متباعدا : أمرك يا بابا .
ليربت أمير على كتف أبنته : حينما تريدان العودة أخبرى أيا من اخويك سيأتيانك .
قبلت يمنى وجنته : حاضر يا بابا .
أشار لهما أمير بكفه مودعا : صحبتكما السلامة
أغلقت يمنى الباب خلفها ليدور هو إلى ولده الواقف بثبات يناظره بهدوء : تعال يا أسعد نحتاج أن نتحدث سويا لتقص لي ما حدث وقلب ميزان حكمتك .
ارتجفا جفنيه ليهمهم ببوح اشتاق إليه : سأخبرك يا بابا .. سأخبرك
***
خطى بخطوات متسارعة .. متلاحقة .. حازمة ليقابل الأخر بممر الطابق كما اتفقا يقف مستندا بأحد مرفقيه على طاولة الاستقبال الخاصة بالدور فيتبادلان النظرات ليبتسم عبد الرحمن وعيناه تعود بسرعة إلى من تتحدث إليه فيبتسم لها بتفهم قبل أن يهمهم لها بخفوت منبها : عادل وصل .
اقترب عادل منهما ليصافح عبد الرحمن بجدية : مرحبا يا باشمهندس ، أراك هنا .
ابتسم عبد الرحمن ببرود ليجذبها من خصرها نحوه : نعم أتحدث مع مروة .
تململت من جذبه لها ليناظرها عبد الرحمن بعدم فهم فتبتسم في توتر وهي تقابل نظرات عادل المستفهمة وهو يردد بتساؤل : مروة ؟
هتف عبد الرحمن بهدوء : نعم فمروة أصبحت صديقتي المقربة ، بعض الوقت فقط وأتعرف على عائلتها ، أتبع وهو يناظرها – ونقول مبروك .
هزت رأسها برفض لتهمهم باسمه في ذهول ليرفع عادل حاجبيه ويهتف بمكر : الله يبارك فيك ، أنا سعيد للغاية اليكما يا باشمهندس وانت الأخرى يا دكتورة .
هتف عبد الرحمن بأريحية : العقبى لك يا دكتور .
هم عادل بالابتعاد قبل أن يعود ثانية ليهمهم بتفكه : لا اريد أن اذهب عنك الفرحة ولكن البرنامج التعليمي الذي طلبت الإنضمام له والذي اشرف عليه غير مسموح فيه بالارتباط مع اي من العاملين بالمشفى حتى وإن كان الإرتباط غير رسمي ، فهذا الأمر يعد أحد الممنوعات الذي عليك الإبتعاد عنها للالتحاق به .
اتسعت عيناها بصدمة ليتابع عادل بجدية : حتى عملك هنا ستنقلين منه على الفور مع توصيتي للمستشفيات الأخرى بأنك على اتم استعداد للارتباط بمن تجاورينهم في العمل ، سواء للوصول سريعا أو للمرح لا فارق لدي فقط انت لست كفؤا بالعمل يا دكتورة ، اتبع بصوت خفيض ونظرة شرسة تطل من حدقتيه - مبارك عليك السراب .
لوى عبد الرحمن شفتيه بابتسامه ماكرة لتهمهم بعد أن ابتعد عادل : لم نتفق على الزواج ولم اطلب منك أن تخبر عادل عن ارتباطنا .
ناظرها عبد الرحمن من بين رموشه ليمط شفتيه ببرود : عم اتفقنا إذًا ، لا أذكر أي اتفاقات جرت بيننا .
ومضت عيناها بغضب ليتابع بهدوء وهو يربت على طرف ذقنها : هل ظننت يوما أني سأرتبط بعلقة مثلك ، افيقي من الوهم يا عزيزتي .
هدرت بحدة : سأتقدم بشكوى وخاصة إذا نفذ عادل ما صرح به .
حك عبد الرحمن ذقنه وهو يناظرها بشماته : افعلي أرجوك ، وحينها ستكون فضيحة مدوية عليها ستمكثين بالبيت ولا تخرجين منه أبدا ، لأني سأقدم الصور التي بحوزتي في ذاك العشاء المميز الذي جمعنا سويا .
ازدرت لعابها والخوف يطل من عينيها : غادري بكرامتك افضل ، ولا تفكرين في العودة ثانية .
ارتعدت بخوف وهي تقابل نظراته الجليدية تشع بكراهية نحوها لتشعر وهي تبتعد عنه بإجفال إن الفخ الذي أعدته له اوقعها هو فيه بسهولة لم يستوعبها عقلها .
راقب ابتعادها وهو يزم شفتيه بقوة قبل أن يتبع عادل الذي وجده بمكتبه ليهتف به : المعذرة كان لابد أن نتخلص منها الليلة يا عادل ، فهي كادت ان تتوصل للمعمل الذي نستخدمه لصناعة الجهاز .
تنهد عادل وهو يلتفت إليه يتوقف عن النظر من بين أصابع ستارة نافذته الخشبية : اعلم انك لن تعجل بالخطة الموضوعة إلا لسبب هام ، ولكني لست مطمئن .
هتف عبد الرحمن بجدية : لماذا ؟!
تنهد عادل بقوة وهو يعاود النظر بكثب إلى تلك السيارة السوداء رباعية الدفع والتي تتبعه منذ مدة ليهمس له بهدوء : لأنها ليست بمفردها .
التفت عادل إلى عبد الرحمن الذي اتسعت عيناه بادراك تجلى بفكره ليهتف عادل والتفكير يعتلي ملامحه : الأمر هذه المرة ليس ككل المرات السابقة ، لابد أن نخبر أبي ونستشيره فيم علينا فعله .
همهم عبد الرحمن بهدوء : حدد معه موعد لنخبره سويا .
رفع عادل نظره لعبد الرحمن ليسأله بجدية : هل أنت مستعد لإخبار عمي خالد بم تفعل ؟!
كتم عبد الرحمن تنفسه ليهتف بجدية : ولماذا اخبره ؟! هل سيخبره والدك وهما يلعبان الجولف أن لي عمل أخر خاص جدا .
ضحك عادل مرح : أبي لا يلعب الجولف .
ابتسم عبد الرحمن وهو يجلس مضجعا : أنا متأكد أنه لن يخبر بابا ، صمت قليلا ليتبع بجدية – ولكني سأخبره .
رفع عادل حاجبيه ليؤثر الصمت وهو يراقب جدية ملامح عبد الرحمن وعيناه اللتان اظلمتا بعتمة زرقاء تثير الخوف والفكر معا !!
***
طرق الباب بخفة قبل أن يدلف إلى غرفتها في المشفى بعد أن اطمأن من الطبيب على حالتها الصحية وأنها تستطيع الخروج والعودة إلى البيت مع تحذير شديد بالعناية بها ورعايتها ، أبتسم في وجه ابنته التي هتفت مرحبة به تتعلق برقبته وتقبل وجنته لتساله بحزن : هل سافر عز الدين ؟
أبتسم بحنان : نعم ذهب إلى المؤتمر وسيعود باخر الإسبوع القادم بإذن الله .
تمتمت برقة : يعود سالما
سألها بجدية : كيف حال والدتك الآن ؟!
ردت آسيا بجدية : بخير ، إنها بدورة المياه تستعد لننصرف .
هز رأسه بتفهم : هلا ذهبت الى المقصف وأتيت لي بكوب من القهوة يا سو ؟
رمقته أبنته بطرف عينها : بالطبع يا بابي ، أنت تؤمر .
تحركت لتغادر فيجلس هو منتظرا خروجها أمام دورة المياه ، ليتأهب جسده وهو يسمع صوت المزلاج الذي فُتح والباب الذي تحرك لتطل هي من خلفه تهتف بابنتها : هاتفي عادل يا آسيا فهو أخبرني أنه هنا وسيعود بي وقتما استعد .
صمتت عن الحديث وعيناها تقع عليه ، تدرك وجوده ليبتسم في وجهها بسعادة وعيناه تنطق شوقا : حمد لله على سلامتك .
أقترب منها ليتشنج جسدها برفض المه وهو يقبل جبينها بحنو فتهمهم وهي تبتعد عنه : سلمك الله .
تنهد بقوة لتتحرك بعشوائية تجلس على طرف الفراش الذي كان ملجئها لثلاث أيام ماضية وتسأله بجدية : هل غادر عز الدين ؟
تمتم بخفوت : ذهب إلى عمله .
ابتسمت : وفقه الله ، كنت أريد شكره لما فعله معي الأيام الماضية ، لقد كان نعم العون والسند لآسيا وأمير في مرضي .
زفر آدم انفاسه كاملة وهو يجلس على الكرسي مقابلا لها : الإخوة لا يُشكَرون يا إيناس ، ما فعله هو واجبه اتجاه اخوته وزوجة ابيه ، والواجب لا يستحق الشكر عليه.
تمتمت سريعا وهي تتحاشى النظر إليه : شخص اخر غيره لم يكن ليهتم .
ابتسم بحنان : ولكن عز الدين يهتم ، يهتم كثيرا ، اتبع بحسرة - فقط لو تمنحي نفسك فرصة لتتعرفي عليه .
تمتمت بجدية وعيناها تشرد بعيدا : سأفعل .
اعتلت ملامحه الصدمة التي سرعان ما اندثرت والفرح يحل محلها لتتابع بجدية وصوت هادئ : ولكن لأفعل هذا ، اقترب منه واتفهمه واتعرف عليه جيدا لابد أن اكون مرتاحة .. هانئة .. راضية ، لا أريد أن أفعل كل هذا وأنا اشعر باني مجبورة على فعله وتقبله ، بل اريد أن اتقرب من عز وأنا اشعر باني امتلك الحق في الرفض والقبول ، وهذا لن يحدث ونحن سويا .
أظلمت عيناه بغضب ليهمهم بجدية : ماذا تقصدين ؟
رفعت عيناها إليه فينتفض قلبه وهو يرى إنهاك روحها .. آلام قلبها .. توترها الذي يقضي على روحها لتهتف بجدية : امنحني حريتي يا آدم ، هذا القيد يخنقني .. يكبلني .. يقتلني ، لم أعد استطيع العيش هكذا ، لم أعد أريد هذه الحياة .
صمتت وازدردت لعابها ببطء كيفما سمح لها حلقها المكتوم باختناق يمتص ما تبقى من طاقتها لتتبع بهدوء ونظرة خاوية : طلقني يا آدم .
***
تحرك خارجا للحديقة حتى يستمع إلى أخيه جيدا ، شقيقه الذي همس له بأن يبتعد عن والديه حتى يخبره بشيء هام فيستجب على الفور ويبتعد عن والدته التي ترغي وتزيد بسبب رفض الأخر للفتاة فيهدئها والده بكلمات حانية كعادته ، كلمات كان له نصيب منها قبل عودة أمه من الخارج ، اغمض عينيه وتذكر قول أبيه الحاسم : لا تنجرف وراء مشاعرك يا أسعد وتذكر أن الفتاة تعد من العائلة
حينها أجابه بثقة : إنها تخفي مشاعرها نحوي يا أبي ، تخبئها خوفا من شيء لا أدركه
أجاب أمير بثقة : بل تدركه ولكنك لا تفهمه ، أنت تعلم أن فارق السن بينكما هو ما يكبلها ويبعدها عنك .
زم شفتيه بضيق واشاح بوجهه بعيدا : لا أقبل برفضها لأجل هذا السبب .
حينها أبتسم أبيه بحنو وهمس : بل عليك أن تتقبله وتعالجه لا أن تلتف من حوله بل واجهه واقنعها أن الأمر ليس بالهام وأنك تريدها رغم كل شيء
تنهد بحرقة ليزفر بهمهمات حارقة خرجت من عمق روحه : أنا أريدها يا أبي .. أحبها .. أعشقها ، لا أستطيع الهرب من مشاعري نحوها وفي الهجوم الأخير اكتشفت أني إذا نجوت وحييت ولم افز بها فحياتي دونها لا طعم لها ولا معنى، أكمل وهو ينظر لأبيه ويهتف بصدق - دونها أنا ميت سائر على قدمين .
أبتسم أمير وعيناه تومض بحنان أبوي ليتحرك نحوه يجلس أمامه يربت على ركبته : أخبرها واقنعها وحينها ساقف بجانبك إلى أن تنهي حربك وتفز بحبك و تتزوج منها
سأل أبيه بدهشة : وهل هناك شيء بعد أن أنجح في إقناعها ؟
لوى أمير شفتيه ليزفر بقوة : هناك أمر هام أنت تتحاشى التفكير به يا أسعد ، هناك مجتمع لا يرضى .. هناك أعراف لا تقبل
صاح مقاطعا أبيه :لا يهمني أي شيء
لينظر أمير إليه مليا قبل أن يسأله بهدوء : ووالدتك ؟! شحب وجهه تدريجيا ليكمل أمير بنصح - أعتقد أن عليك التفكير مليا في هذه النقطة يا أسعد فانت لن تتزوج دون موافقة والدتك .
حينها اجاب بصرامة : ستوافق ، ماما لن تكسر قلبي وتكسرني ، ستوافق حتى لو بغير اقتناع ، ستوافق لأجلي .
أنتبه من أفكاره على صوت عادل الزاعق فيهتف به في نزق : اصمت يا أحمق وتوقف عن الصراخ في أُذني .
ضحك عادل بخفة ليهمس : لقد شردت بعيدا ولم تنتبه إلى حديثي .
__ المعذرة ، كنت أفكر بشيء ما .
ابتسم عادل بمكر : امم ، هل هذا الشيء خاص بك بمفردك فلن تخبرني عنه ؟
أجاب بهدوء : نعم لن أخبرك .
أصدر عادل صوتا رافضا ساخرا : ما هذه المعاملة القاسية يا أخي أنا شقيقك .. تؤامك .. عينك الحارسة الساهرة على ممتلكات الوطن.
أبتسم أسعد رغم عنه ليهمهم بنزق مفتعل : أنجز وأخبرني عم كنت تريدني فيه .
ضحك عادل بمرح : الوطن وأنت انسيتماني ما أريد ، أنت تشرد بعيدا والوطن يستمع إلى وردة ويبتسم بوله غير معروف الأسباب ، أكمل بمكر - احتكاكك بالوطن أصبح خطرا على الصالح العام يا شقيق .
كتم أسعد ضحكته لتومض عيناه بسعادة قبل أن يغمغم : لا شأن لك أهتم بشؤونك الخاصة وابتعد عن ، صمت قليلا ليكمل بمرح - عن الوطن .
تعالت ضحكات عادل بصخب ليهتف من بينها : حسنا مبارك لك وللوطن فقط عجل بالأمر يا أسعد قليلا فالوطن كاد أن ييأس منك .
اسبل اهدابه وهو يحاول أن يتحكم في خفقات قلبه التي هدرت بصخب ليكح عادل بخفة ويهمهم : لم أرد أن اعكر صفوك ولكن ما حدث لابد أن تعرفه ، عبس أسعد وهو ينتبه لحديث شقيقه الذي أكمل بهدوء - آدم أتى لي منذ قليل وهو يتحكم في أعصابه لأقصى الحدود يخبرني أن أرى حل مع خالتي المجنونة .
أرتفع حاجبي أسعد ليكمل عادل بجدية : نعم لقد نطقها هكذا بنفس الطريقة وحينما نظرت إليه بدهشة أخبرني أن خالتك المصون طلبت الطلاق منه
اجفل أسعد بغضب اعتراه وعادل يستطرد : والسبب هذه المرة أنها تريد التعرف على عز الدين وتقبله .
زمجر أسعد بغضب وصل شقيقه جيدا ليهتف عادل بتفكه : خالتك تريد ردا مسيء للآداب العامة ، ولو أنا بدل من آدم لكنت اجبتها بم يليق ولكن للأسف أنها تظل خالتي .
مط أسعد شفتيه بضيق ليهتف به : وما المطلوب ؟!
تنهد عادل بقوة : آدم يريد مننا التدخل أخبرني أنه لن يقص لأبي أو خالك اي شيء ويريد مننا أن نتحدث معها ونحاول أن نتفهم أسبابها ونساعدهما على تقريب وجهات النظر بينهما فهو يعلم مدى تأثيرنا عليها .
زفر أسعد بقوة ليهتف : وإذا لم يحدث .
هز عادل كتفه : لا أعلم ولكنه فاض به الكيل يا أسعد لو كنت أنا بدلا منه لكنت
قاطعه أسعد بجدية : طلقتها.
أبتسم عادل بخفة : من الواضح أننا تؤامين بالفعل .
هدر أسعد : خالتك تحتاج قِطع غيار لعقلها ، ضحك عادل رغم عنه ليتابع أسعد متسائلا - هل عادت إلى البيت؟
تمتم عادل : نعم أعادها سليم بدلا مني فأنا سأبيت الليلة بالمشفى.
عبس أسعد : من سيعود بيمنى إذًا ؟
أبتسم عادل بمكر : ساترك لك هذه المهمة يا شقيق ، فتعيدها سالمة هي والوطن .
ضحك أسعد رغم عنه ليهتف بأخيه : أغلق الهاتف يا غليظ .
هتف عادل : خذ حذرك على الوطن واعتني به .
منع أسعد نفسه من الضحك بالقوة واغلق الخط وهو يستمع إلى ضحكات عادل المتتالية ليزفر انفاسه كاملة يحاول السيطرة على ضربات قلبه المتعالية ، توقف بعدما هم بالدخول للبيت على صوت خطوات يعلمها جيدا فيدور على عقبيه مواجها صاحبها الذي وقف بأول الحديقة في الباب الحديدي الصغير لم يجرؤ على الدخول ولم يعد من حيث أتى ليهدر أسعد بغضب لم يتمكن في السيطرة عليه : ماذا تفعل هنا ؟
ازدرد الآخر لعابه ليهتف بجدية : اتيت لزيارة صاحب البيت .
هدر أسعد بغلظة : عد من حيث أتيت .
رفع عمار رأسه بشموخ ليهتف باعتداد : لن افعل ولن تقو على طردي ، لقد عدت ولن أغادر ولن أبتعد .

انتهى الفصل التاسع
قراءة ممتعة


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-08-20, 07:09 PM   #126

سلافه الشرقاوي

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية سلافه الشرقاوي

? العضوٌ??? » 296621
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 970
?  نُقآطِيْ » سلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond reputeسلافه الشرقاوي has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 7 والزوار 13)
‏سلافه الشرقاوي, ‏الذيذ ميمو, ‏s.saif, ‏ارض اللبان, ‏وجدان1417, ‏hamossa, ‏شموسه3
منورين يا حلوين


سلافه الشرقاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-08-20, 07:28 PM   #127

وعد ومكتوب

? العضوٌ??? » 358750
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 260
?  نُقآطِيْ » وعد ومكتوب is on a distinguished road
افتراضي

الفصل جميييييييييل❤❤❤❤❤

وعد ومكتوب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-08-20, 10:51 PM   #128

شيماء 1990
 
الصورة الرمزية شيماء 1990

? العضوٌ??? » 404047
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 145
?  مُ?إني » مصر
?  نُقآطِيْ » شيماء 1990 is on a distinguished road
¬» قناتك mbc
افتراضي

روووعه ي سولي لدرجه انه اول فصل يخلص بسرعه م غير م احس 👌
احمد واميره مستغربه احمد ورفضه لفكره التاجيل مع الي منال بتعمله مع ميره وده غير انه قرار م ينفعش ياخده لوحده وهل رفضه ده لمانع عنده وهو مخبي عليها خصوصا بسفره الكتير بره

نوران عاصم وائل مشهدهم ابداع رجوع نوران لحضن وحمايه وائل ودعمه الغير مشروط لها بالرغم م غلطتها وعدم اعتذارها اداها قوه وشجاعه تواجه الي جاي عاصم دايره ذكرياته وحياته كلها حوالين نور حقيقي مش قادره اتعاطف مع حد فيهم ضد التاني الاتنين يوجعوا القلب نور محتاجه دعم وسند فقدته من عاصم ولقته ع وائل وعاصم موجوع بحبه واكتشافه لحبها لحد تاني حتي لو كان تهور منها 💔

عمر وحبيبه واحلي شاي بلبن😂عمر فهم نقطه خوفها ولعب عليها خفها م صعفها وانها تقع تحت سيطره قلبها وتلف ف دايره بيلي وسوزى بس هل هي هتوافق والا ايه ربنا يستر💖

عااادل بهجه الفصل بدون منازع💜بس ورا الوش الي بيضحك ده شخص لو قلب ع الوش التاني هيكون انسان اصعب م بلال نفسه لانه كتوم بيصدر للناس الي عايزهم يعرفوه وبس


شيماء 1990 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-08-20, 12:16 AM   #129

ديناعواد

? العضوٌ??? » 412620
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,188
?  نُقآطِيْ » ديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond reputeديناعواد has a reputation beyond repute
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

ديناعواد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-08-20, 03:27 PM   #130

جميله سعيد

? العضوٌ??? » 424095
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 163
?  نُقآطِيْ » جميله سعيد is on a distinguished road
افتراضي

سولى يا سولى يا اجمل سولى
فصل رائع كالعادة حسيت فيه بالسعادة
عمر و حبيبه
جنى و أسعد
حتى الجزء الخاص بذكريات عاصم مع نوران لما شالها و لف بيها اسعدنى
مينمنعش أن باقى احداث الفصل جميلة و مشوقه يا ترى عبدالرحمن وراه ايه هو و عادل
و طبعا أنا بعشق الحوار اللى بيدور بين عاصم و نوران و اخيرا نهاية الفصل المشوقة
دمتى و دامت إبداعاتك⁦♥️⁩⁦♥️⁩⁦♥️⁩⁦♥️⁩⁦♥️⁩


جميله سعيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:52 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.