آخر 10 مشاركات
شيءٌ من الرحيل و بعضٌ من الحنين (الكاتـب : ظِل السحاب - )           »          سارية في البلاط الملكي * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : هديرر - )           »          نساء من هذا الزمان / للكاتبة سهر الليالي 84 ، مكتمله (الكاتـب : أناناسة - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          قبل الوداع ارجوك.. لاتذكريني ! * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : البارونة - )           »          السر الغامض (9) للكاتبة: Diana Hamilton *كاملة+روابط* (الكاتـب : بحر الندى - )           »          عشقكَِ عاصمةُ ضباب * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree75Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-01-21, 03:33 PM   #11

ضلالة الامل

? العضوٌ??? » 482212
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 143
?  نُقآطِيْ » ضلالة الامل is on a distinguished road
افتراضي


متى موعد البارت
Maha bint saad likes this.

ضلالة الامل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-01-21, 04:00 PM   #12

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



Part 9
.
.
.



قبل لا ندخل في البارت حبيت أنوّه على كذا نقطة عشان نصير في الصورة السليمة مُنذ البداية، شخصيات الرواية ليسوا منزّهين كل التنزّيه فهم بشر يصيبون ويخطئون، والأحداث فيها من الواقع والخيال النّاطق، لم اقتبس الأحداث من حياة أحد أبدًا أبدًا، وليس هدفي تزيّين الحرام، بعض تفاصيل الأحداث لم أحبّذ التطرّق لها لأسباب عدّة حفظًا للحدود التي وضعتها لنفسي، كتبت اشياء كثيرة من وجهة نظر مختلفة خاصة لشخصيات الرواية، بعض الأحداث ربما كُتبت لتكون خارج دائرة المألوف بطريقة ما، فيه تعدد باللهجات لمناطق السعودية ودول أخرى إن اخطأت فيها اعتذر للجميع حاولت بجهد أن اظهرها بشكل صحيح ولكن اعلم اني بشر أُصيب واخطأ فألتمس لكم العذر من الآن، و يُسعدني ان اشارككم ايّاها بصدر رحب..فأنا اتقبل النقد ووجهات النظر بأدب ورُقي، روايتي ايضًا تحتاج لتأني في القراءة كما أنّها معقدة بعض الشيء، كتبت أجزاء كثيرة منها ولكن اعتذر منكم لن استطيع أن اشاركم اياهم في دفعة واحدة لعدّة اسباب منها ما زالوا على قيد التعديل غير إنّي مقيّدة بظروف خارجة عن إرادتي..لذلك سيكون هناك بارت واحد في الأسبوع "اليوم" لن يكون محدد..في الواقع لا استطيع تحديده استنادًا لظروف حياتي الشخصية.

أتمنى ما أحد يسوي سكيب للكلام^^










.
.

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.
.
.
تَنظر ببهوت إلى وجهها من خلال المرآة ، تحدّق لقساوة الزّمن المُرتسم على جبينها منحدرًا للأسفل ليستقر على شكل خطوط وخدوش تضاريسيّة تشرح معانِي الحروب التي خاضتها خلال سنوات طويلة، كفيلة تلك السنوات أن تُبهت هذه التضّاريس لتبدأ مرحلة التعّرية وتبدأ تلك الدموع بالتدفق لتمتزج مع ريّاح عواصفها التي استيقظت من سُباتها العميق، اهتّز جسدها من برودة المكان ووحشته عليها، أنزلت نظرها إلى يدَيها وإلى الدماء التي جفّت لتلتصق بعمق خُبثها على جلدها الضعيف!

فتحت صنبور الماء ووضعت كفّي يديها تحت الماء
أخذت تفرّك كفّيْها ببعضها البعض، وهي تفكّر...
.
.
ماذا يُعني هذا الشرّط؟
لماذا جدّها فرضه عليها؟
ماذا يُعني تُنجب طفلًا من ليث؟
ماذا يقصد؟
هي
لا تفهم شيء
لا تستوعب حُزن أهلها
ولا تتوقع ردّات فعلهم في مُعاقبتها
هي لم تستوعب شيئًا
تريد أن تفهم سبب هذا الشرط؟
تريد أن تلتمس شرحًا لصّد والدها؟
.
.
ضغّطت على يدها اليسرى بيمينها وهي تحاول أن تفرّك بقايا الدّم
نظرت لعيناها المحمرتين من خلال المرآة
.
.
وطالت المسافات بيني وبينك أيها الوطن الحبيب
جميعهم بدؤوا بمحاربتي رافضين عودتي إليك
كُنت ارسم في خيالي كيفية احتضانُك
وشم رائحتك التي افتقدتها حتى إنني اشعر وكأني نسيتها!
يا وطني
مازالوا يُريدون بقائي في غُربةٍ
تقتاتُ عليّ لؤمًا
لا يُريدون منّي إلتماس الراحة ولا
احتضانهم بين يديّ لتطويق ذكريات طفولتي
لأحتضانها من بين يديهم
لا يُريدون!
.
.
لم يبقى أثر للدماء على يديها ، أخذت تُرشح وجهها بماء بارد جعلها تتنفّس بصوت عميق وتشهق بصوت منخفض!
مسحت على شعرها، تريد أن تستوعب ما حدث
والأهم تستوعب رغبة جدّها من أن تُنجب لهُ حفيدًا
ولكن كيف؟
اسندت ظهرها على الجدار، لا تستطيع أن تتقبّل فكرة الإنجاب ومِن منَ
مِن ليث!
لا تستطيع أن تستوعب هذه الرّغبة التي ستجبرها على رؤية مخاوفها بوضوح، هي من حاربت تلك الأنفس الضعيفة من التقرّب إليها
الآن يدعونها بالتقرّب والضّغط على انفاسها؟
مستحيل
الأمر يبدو مخيفًا بالنسبةِ إليها هي تخشى من أن يقترب منها النّاس على أمر تلك الرغبة التي هزمت اعصابها لتتنشّط على صورة الغضب والدفاع عن النّفس بشكل قاتل وعنّيف.
ولكن الأمر بدأ مختلفًا
فهي متزوّجة
وليث زوجها
فهذا القُرب حلالًا ليس لهُ آثامًا أو ذنوب
ليس لهُ عواقب أو تُبعات أو حتّى عواصف؟
ولكن
رحيل تخشى ذلك
.
.
اغمضت عينيها ، لابد من التنّازل من أجل العودة ، من أجل الإستيقاظ من هذا الكابوس ولكن...
.
.
يجول ذهابًا وإيّابًا أمام الحمام
سمع صوت تدفق المياه
وبعدها لم يسمع شيء
كان متوقعًا أن يستمع لصوت بكاؤها أو حتى انهيارها ولكن لم يسمع شيء
خشيَ من أن تفوق توقعاته وتفعل بنفسها مالا يتوقعه!
لذلك تقدّم لناحية الباب طرقه بهدوء
طرقتين متتاليتين ثم توقف يريد جوابًا منها
ولكن ...
.
.
هي كانت تفكّر بعمق كيف توازن بين مخاوفها وكيف تعود للسعودية بالقبول بهذا الشرط؟
ارتعدت سواعدها
تحاول أن تضغط على نفسها لقبول هذا الشرط من أجل أن تعود لأحضان الوطن
ولكن عقلها العصي لا يقبل الفكرة
لا يقبلها ابدًا!
.
.
اطرق الباب من جديد
قلبه بدأ يخفق خوفًا من أن تفعل هذه المجنونة بنفسها شيئًا يُجلب عليه المصائب
تحدث: رحيل؟
.
.
دعني افكّر
اقرر
ألتمس نقطة تُهدّأ من غضبي
دعني انتشل نفسي من ضوضاء هذا العالم الذي لا يُناسبني
للتو خرجت من ظلامي لألتمس النّور
ولكن بدأ النور حارقًا لي
بدأ يضربني بسوط نيرانه
ليضرب على ذاكرتي ويُثير زوبعة أفكاري
ومخاوفي
دعني افكر
ثم اقرر
لا وقت لي
ولا قدرة لي على البقاء هُنا
.
.
تحدث بغضب : رحيل افتحي الباب لا اكسره....
.
.
كُل شيء محطّم ومنكسر ومتوقف للنظر إلى تلك الشظيّة التي تُعكس وجهها بطريقة مُرعبة للنّفس التائهة في هفوات تفكيرها الآن...
عقلها مجبور على التفكير بطريقة سريعة لحسم الأمر ونهيه من جذوره

شعرت بالضّغط، تشعر وكأنها داخل صندوق ضيّق ومظلم يطبّق بفاهه الكبير عليها ليبتلعها في ظلامه وضيقه بسكون وبداخله يتواجد الضعف والخوف من نقطة انكسارها
شدّت بيديها على رأسها وهي تفكّر بعمق تحت ضرب وتهديد ليث من كسر الباب...

سمعته يصرخ: رححححححححححيل للمرة الثانية اقول راح اكسر الباب....
.
.
أخيرًا تحركّت لتفتحت الباب
لتجعله يتفحّص وجهها المبلول
وجسدها الغير متزّن
تحدثت بصوت محشرج قليلًا: في شي بقوله....
.
.
ليث سكت
أخذ ينظر لها
يُريد أن يستوعب حالتها
كيف تحوّلت من عاصفة قابلة لإلتهام كل ما هو أمامها إلى ريح عابرة لا تضر ولا تُخدش الأشياء!
كتّف يديه: تكلّمي اسمعك....
.
.
رحيل اغلقت باب الخلاء خلفها اقتربت قليلًا منه، تنفّست بعمق
شدّت على اسنانها، اشاحت بنظرها عنه لتنظر إلى فراغ نفسها التي تعصف بداخلها لتُنهيها عن مواجهة هذا الخوف!
.
.
ليث
شعر باضطرابها ولتشتت ذهنها اقترب خُطوة للأمام ليبقى الفاصل بينهما مسافات قصيرة
: تكلّمي.....وش فيك؟
عادت خُطوة للوراء وحدّقت في عينيه بثبات
: موافقة على الشّرط!

عقد حاجبيه لم يستوعب حديثها حقًّا ، رحيل بدأت تتجاوز توقعاته من ناحية ردّات الفعل ، كان يظن ستحرق المكان برمادها عبثًا لإيقاف هذا الشرط ولكن الآن هي تُخرسه وتشتته وترعبه من التعرّف عليها من جديد
.
.
ابتسم بسخرية هُنا، لا يُريد أن يخطو خطوة تًنّدمه عليها في المستقبل
يعلم الآن ليست في عقلها، لن ينتهز فرصة ضعفها
لا يُريد البدأ معها بُطرقها وبطرقه الملتويّة!
هي ليست على ما يُرام بسبب ما عاشتهُ في السجن
تحتاج إلى رعاية ولكن من نوع آخر!
.
.
تحدث بمراوغة: اي شرط؟
رحيل بحدّه:شرط جدّك..موافقة موافقة عليه.. نجيب ولد....ما نيب مستعدّة ابد ...اطوّل هنا .....همّي الوحيد ارجع السعودية ...الباقي ما يهم....

ليث ضحك بخفة ثم مسح على رأسه: طيب أنا ما نيب مستعد انفّذ هالشرط....
رحيل وبدأت تُفقد اعصابها : ما يهم تكون مستعد ولا لا....لأنه حتى انا ما نيب مستعدة....بس مجبورة أوافق عليه عشان نجاتي!

ليث سكت هُنا اقترب منها قليلًا نظر لعينيها التي تهتزّان: في وقت كافي نفكر فيه عشان نستعد ......وفي وقت كافي قبل هالإستعداد نكون فيه فاهمين بعض...

رحيل هزت رأسها: أبدًا ما فيه وقت لكل اللي قلته......

ليث زفر بضيق يعلم ليس لديهما وقت لكل هذا
ولكن رحيل غير مُتاحة لحمل المسؤولية الآن!

ليث: عن نفسي مانيب مستعد.....
ثم توجّه للعودة إلى صالة الشقّة وهي تتبعه بصوت عالٍ: وانا ما نيب مستعدّة ابقى هنا لفترة اطول من اللي مضت.....ليث......لا تجلس تعاندني....
جلس على الكنبة ونظر للزجاج المنتثر على الأرض تحدث متأفأفًا: انا ما اعاندككككككككككك........بس حقيقي مو مستعد ....
رحيل مشت لتعبر امامه وتتحرّك بعدم اتزان وتصرخ: اجججججججججججججل كلّم جدّك وقوله ما نبي نجيب هالولد...........ولا تدري عاد....قوله رحيل عقيييييييييييييم ما تجيب عيال ابد......

ليث نظر إليها وإلى تبدّل حالها ، رحيل ليست بخير.....تحتاج إلى تصحيح سلوك ما بعد الخروج من السجن.....تحتاج إلى رعاية نفسية واحتضان من جديد ....فكيف يقتلها بمسؤولية طفل ترى به نجاتها للعودة إلى الوطن؟ هو لا يريد أن يصحح خطأه بخطأ آخر لا يُريد أن يجبرها عليه بطريقة تُزيد من كُرهها له!

لم يتحدث كان ينظر لها فقط
لتكمل: أنا ما اقدر اجلس هناااااااااااااااااااااا.. ..ابقى ارجع للسعودية حتى لو هم ما يبون يشوفون وجهي........ما يهم.......اهم شي ارجع.....
ثم عادت للوراء لتمشي دون أن تعي حتّى بها وطئت على بقايا شظايا الكأس التي رمتهُ هنا،
نهض وتحدث الآخر دون ان يعي أنها وطئت على شظايا الزجاج
: رحيل انا ما علي منهم ....انا فاهم انّك بحاجة من انك تستوعبين كل شي بعد السجن..حَبّه حَبّه...مابي اضغط عليك في شي..فلا تضغطيني واتخلّيني أطيش عليك بعد...استوعبي نفسك واللي حولك يا رحيل!

رحيل تحرّكت للأمام والتصقت بعض الشظايا في قدم رجليها ووطئت عليهما شعرت بالألم ولكن لم تُعيره اي اهتمام ولم تنظر لأسفل قدمها!
تحدثت: أنت تعاند....ما تغيّرت نفس قبل......لا تمثّل علي أنّك مهتم ومقدّر أوضاعي....عارفة ما يهمّك هالشي.....بس تبي تعاندني هذا مشكلتك!

ليث كاد يصرخ في وجهها ولكن سمع رنين هاتفه
فقالت: رد يمكن جدّك.....رد لا يموت علينا....
ليث اغمض عينيه تمتم بالإستغفار: جدي .....هو ....جدّك بعد...ولمّي فمك ....وحاسبي على كلامك.....ولا تخلّيني افقد اعصابي عليك....


رحيل ابتعدت عنه وهي تحّك رقبتها بتأفف شديد صرخت: أأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأ أأف... اففف...

بينما هو سحب هاتفه بملل من كثرة الاتصالات عليه نظر إليها بغضب
ثم انزل
نظره لشاشة هاتفه (أمل يتصل بك)

اجاب: هلا أمل....
رحيل هُنا اخذت تشرد بذهنها وهي تقظم على أطراف أظافر أصابعها

أمل بعد مرور ربع ساعة ذهبت لشقة اخيها ركان لتهرب من نفسها ومن أفكارها السوداوية التي تحاوطها من كل جانت لتراه صريعًا على الأرض والدماء تخضّب بذلته انهارت بالبكاء والخوف مرّت خمس دقائق لتستوعب الأمر ثم اتصلت على الإسعاف وحينما وصلوا ركبت معهم
واتصلت على ليث لتبكي: ليث.....ركككان....ليث......
وانخرطت في نوبة البكاء وهي تحدّق لأخيها على السريروالمسعف يحاول بكل جهده مساعدته
ليث انقبض قلبه: أمل..الوووو......شفيه ركان؟....تكلّمي ....

أمل مسكت يد ركان وهي تشد عليها: دخخخخلت عليه الشقة.....وشفته متصاوب....فييي احد....اطلق عليه.......ليث تكفى تعال......حنا في سيارة الاسعاف.....تعال المستشفى...
ليث ازدرد ريقه دار حول نفسه
: ارسلي لي الموقع.......وهدي من نفسك انا جاي....
ثم اغلق الخط
نظر لرحيل: اذا تبين ترتاحين ادخلي الغرفة اللي على يدك اليمين .....

واشار لها ....
وبعدها قال: وياليت تهجدين ولا تسوين بنفسك مصيبة!

ثم خرج ليتركها تحدّق في بقع الدم الناتجة من وطئ قدمها على الأرض بسكون!
.
.
لم تنم جيّدًا عينّيها بدأتا متيقضَتّين طوال اللّيل
وهي تقرأ رسائلهُ
وترجمة حُبّه وندمه لها
تخافه
وتخاف من الجميع
تخشى من أنها في الموقع الخطأ من الحُب
هي خائنة الآن لنفسها قبل اهلها
وتخشى من أن تُعاقب على جزئَيْن من امرها
جزء الإبتعاد عنه بشكل أبدي
وجزء عقوبة اهلها لها والذي لا يُبدي لها بأي خير!
إصراره على أن ترد عليه
لتستمع لهُ
يُقلق تفكيرها ويعبث في قلبها
بكت بكل حساسيتها المفرطة
بكت وكأنها تُريد أن توبّخ حُبها الذي يتدفق في وجدانها بِلا إدراك لخطورة الأمر...
تُحبه لن تنكر ذلك ولكن ردات فعله الأخيرة بدأت تُخيفها
وتُشعرها بلذعة ذنب هذا الحُب...
اليوم هو اليوم الثامن وهما مُنفصلان عن الحديث مع بعضهما البعض
ولكن هو ما زال يسترق منها شظيّة حُبه برسائله التوّاقة لسماع صوتها

تشعر بالخمول، بالضيّاع وعدم التماسّك غير قادرة على التنفّس بشكل طبيعي
يُخنقها هذا الحُب
هذا الوجع الذي يُشعل بفتيله
الخوف من ذنبٍ قد يؤدي بِها للهلاك
هي خائفة ومُشتاقة إليه في الآن نفسه، تُحبه ولكن لا تضمن ردّات فعله
هو مندفع لهذا الحُب بروحه المراهقية الطائشة
وهي مستسلمة في وقتها وندمها فيما بعدُها!
.
.
انفتح الباب عليها سمعت صوت والدتها: وصايف.....وصايف يمه قومي.....الساعة ست ونصف....قومي تجهزي وراك مدرسة.....

لا تريد أن تذهب للمدرسة
لا تريد أن ترى أحدًا
ولا حتى سماع أيّ صوت من البشر

التفتت على والدتها بعَينينها الجاحظتين والمحمرتّين
تحدثت: ما بروح يمه....راسي مصدّع...وبطني....يألمني....

نظرت لابنتها بخوف، وهرعت إليها متساءلة: علامك وانا أمّك.....
ثم جلست على طرف السرير وتحسست جبينها: كأنك مصخنة؟

وصايف حدّقت في والدتها وهي ترغب وجدًا في احتضانها والبكاء على كتفها: اي يمه اشوي....
ام وصايف برحمة وحنان: أجل بلاها روحتك اليوم للمدرسة.....اجلسي ...وبنزل اسوي لك شي تاكلينه وبجيب لك خافض حرارة...

هزّت رأسها بهدوء
بينما والدتها
شعرت هُنا بالعتاب على نفسها ، هي دومًا تُعاتب نفسها وتوبخها على التقصير!
هي لم تهتم لابنتها مُنذ يومين
مُنذ ان دعت عقلها معلّقًا لسماع صوت رحيل التي رفضت أن تُسمعها صوتها!

تنهدت لتعبر أمام ابنها ريّان: حبيبي ريّان روح شغلك....اختك ما راح تروح المدرسة ...
فهد كان جالسًا بالقُرب من أخيه وهو يشرب الشاي: ليش؟
ام وصايف نظرت لهُ بإهتمام: اتعَبِينه ....فيها حرارة...
ريّان: أجل نوديها المستشفى؟

ام وصايف ابتسمت على مضض: لا وانا خالتك ماله داعي...لا تعطّل نفسك روح لشغلك....
ريّان هنا هز رأسه ونهض ليبان طوله وعرضه ووقفته المُهيبة بالزّي العسكري
فقال فهد: كلّمك ليث اليوم؟
ريّان نظر لأخيه: لا...
فهد بعد أن غابت خالتهما عن مرأى عينيه: وراها ما تبي تكلّم خالتها؟
ريّان وهو يسحب مفتاح سيّارته من على الكنبة: علمي علمك...على إني واثق مشتاقة لها موت....
فهد وضع كوب الشاي على الطاولة: بكلمه اليوم باخذ منه العلم...
ريّان قبل ان يولّي بظهره لأخيه ابتسم بسخرية: اشوفك مهتم....
فهد يبرر سريعًا: عشان خالتي وبس...
هز ريّان رأسه بضيق ثم اختفى عن انظار أخيه....
.
.


بينما في الغرفة
لم يذهب لوالده خلال اليومين الماضيين لا يريد أن يراه ولا يسمع حديثه الذي يُفلق قلبه إلى نصفَيْن
ولكن قلبه القاسي الرحيم!
جعله يُبادر في محادثة ابن اخيه ، كما أنه يريد أن يؤكّد شكوكه من عدمها
قلبه غير مطمئن، يحس هُناك شيء خفي يسعى أبيه وراؤه
لم ينسى شكل ليث بعد أن انفرد أبيه بالحديث معه قبل أن يغادر الوطن بساعات قليلة...
اتصل ولم يأخذ سوى ثوانٍ حتى اجابه: هلا يا عم....

شدّ على يده اليُمنى ثم قال: أخبارك؟

ليث
لم يتوقع اتصال عمّه ابا رحيل ابدًا، ولكن رحيل ووالدها واخويها يكسرون توقعاته
حتى لم يتوقع يومًا فهد سيُبدي اهتمامه بالأمر خلف أسوار قساوته التي اكتسبها ربما من جدّه ووالده!

أحب أن يُطمئنه بأن يشركها في رده على قول: حنا بخير....

سكت الآخر ليتنفّس بعمق: متى بترجعون؟

لا رجوع الآن....ليس بمقدرته الرجوع في هذه الفترة
مسح على رأسه وهو ينظر لفراغ غرفته ببهوت
: بنطوّل اشوي يا عم...
ابتسم بسخرية: من الآخر ليث......ابوي وش قال لك يوم العزيمة؟

هل شّك أو حسّ بريبة الأمر : عمي ما قال شي....

ابا فهد ارتفع صوته : تعلّمني في ابوي؟
ليث اغمض عَيْنيه لا يريد أن يشعل النيران هُناك: وصّاني على رحيل...
ضحك مقهورًا: هههههههههه...........طيب طيب....راح اعرف منه يا ليث....مع السلامة....
ثم اغلق الخط ورمى هاتفه على السرير
.
.
ليث
ضغط بيديه على رأسه مُتعب لا يسعه هذا الكون
يشعر بثقل العالم المتكأ على صدره
يومان لم يذق فيهما النوم جيّدًا
يومان وهو يحارب ويناضل بصمت!
انكسر ظهره على صاحبه حينما رآه طريحًا على سرير المرض بسببه!
ولكن يُحمد الله كثيرًا أنّ تلك الرصاصة اللعينة استقرّت في كتفه ولم تُحدث أي ضررًا مبالغًا في أنسجته أو غيرها!
انتبه وقتها لخوف أمل وذعرها وبكاؤها الشقي الذي عبث بذاكرته للوراء
كانت تبكي خوفًا من أن تُفقده
خوفًا من أن تخسر ما تبقى لها من عائلتها
لم تنم جيّدًا هي الأخرى، مُتعبة وجهها مصفر
اضطر أن يأتي بِها إلى شقته هو ورحيل
ابقاها معه في الغرفة،
نظر إلى بهوت وجهها وهي نائمة..تحرّك قليلًا وانحنى
ليقبّل جبينها بلطف...
ثم نهض ليخرج من الغرفة
لينظر إلى باب غرفتها المقابل لغرفته
لم تخرج منها إلّا للضرورة ولم يتحدث معها بعد نقاشهما الأخير قبل اتصال أمل عليه لزف خبر إطلاق النّار على ركان....

تنهد ومشى للصالة ثم جلس على الكنبة وأخذ ينظر لهاتفه وللرسائل التي تصله
ثم فُجىء برسالة ركان
(شوف المصيبة!)
ابتسم بسخرية
حياته عبارة عن مصائب عدّة فأي مصيبة يرى يا تُرى؟
رأى الرابط الذي رسله ركان
ضغط عليه ليحوّله إلى الموقع الرسمي لأخبار الموهبين والمبتكرين
عقد حاجبيه
ثم قرأ
العنوان
مُلهم الموهوبين
بالخط العريض قرأ بهدوء

صرّح الدكتور الحائز على جائزة نوبل العالمية لتطويره وجهودة في الصناعة الكيميائية اوليفر أليجاه
انه ما زال ولا يزال يهتم في استقطاب الموهوبين ورَعيهم تحت يده وإعطائهم الدافع المطلوب لصقل مواهبهم ثم تحفيزهم للإلتحاق في الألمبياد الدولي للعلوم.

حتى أنّه صرّح في تغريدته في صباح هذا اليوم ليؤكّد دعمه لتلك المواهب النّادرة.

"مازلت أدعم الموهوبين وآخذ بيدهم لناحية الباب المشرق"
)Inspirational scienceكما أنه صرّح في مقابلته في برنامج ( أنه قام بمقابلة موهوبين على مدار مسيرته العملية، وذكر فيها أنه رأى الكثير من الطلاب والطالبات الموهوبين من كافة الدول المختلفة وشجّعهم بالإلتحاق في مسابقات الموهوبين المحلية والدولية والكثير منهم التحق بها في ذلك الوقت .

والجدير بالذكر أنه قال"ألتقيت بطالب عربي الجنسية موهوب جدًا ولكن متردد حاولت تشجيعه بكفى الطرق حتى إنني دعمته معنويا وماديا واخضعته للتدريب في معملي الخاص ونجح في عمل تجربته بشكل مذهل اخبرته يجب عليه الإلتحاق في المعهد الخاص لتطوير المهوبين ولكن رفض ولكن اقسم لكم هذا الشاب موهوب حتى انني لم انسى اسمه كان اسمه ليث""

سألته المذيعة رينا بقولها " هل تدعم الموهوبين من أجل الحصول على المال من وراءهم؟"

اجابها بمختصرِ موجز" انا فقط ادفعهم للعيش في مغامرة العلم أما المال الذي سيجنونه فيما بعد فهذا مكافأءة لدءب عملهم ليس لي شأن به، نحن لا نبيع ونشتري عقولهم لكي يُدفع لنا مال!

أكّد في حديثه أنه ليس عضوا في المسابقات العلمية بشتّى صورها إنما هو لا زال دكتور جامعي ومديرًا لقسم الموهبين في الجامعة ، وتطوعا منه يدعمهم ماديًّا و بروحه الطيّبة لرفع معنوياتهم.

وختم حديثه الأخير" أي شخص يملك موهبة ولو كانت بسيطة يجب عليه أن يقف شامخا امامها ويقوم بتطويرها ليغيّر بها وجهة العالم أجمع"
.
.

عضّ على شفته السفليّة
نهض وكأنه بدأ يعي حقارة هذه الممجموعة التي تدّعي انها تستقطب الموهوبين من أجل تطويرهم وفي الواقع هي تستقطبهم لتنتفع من وراء عقولهم في جني الكثير من المال وإن لم يوافقوها في شيء ابتزّتهم وهدمت حياتهم لتجعلها رأسًا على عقب!

فكّر مطولًا ذكر اسم ليث لا يعني ليث غيره!
هل هذا تهديد آخر ومبطّن على مرأى الإعلام ودواعيه؟
هل اليفر أليجاه نفسه "اللورد" همّ بالاتصال على ركان الذي ما زال في المستشفى، ولكن داهمته مكالمة أخيه فيصل وبعقل شارد
وبغير قصد سحب أيقونة الرد
ليتأفف
وهو يقول: هلا فيصل

فيصل وهو يمضغ الخبز وينظر لأخيه محمد : رد

ثم قال: وينك يا بطل.....صار لي يومين اتصل عليك ولا ترد...

ألتمس نبرة السخرية في لفظ "يا بطل" ولكن لم يهتم
واجابه بصوت منفعل قليلًا

: بالله ارد على مين واترك مين؟....يومين وجوالي ما وقّف اتصالات...

ضحك الآخر بقهقهة عالية: ههههههههههههههههههههههههه ههههههههه اكيد ريّان ما تركك لحالك....

ليث بجدية وتفكير : هو بس ريّان؟.....ما باقي إلّا الأموات......هو وفهد...بس باقي وصايف!

فيصل نظر بدهشة لمحمد: اوووووووووووف....فهد....ما صدّق.....

ليث لا يريد ان يلتهي معه اكثر: المهم....اخباركم؟

محمد نهض ليسكب له قهوة في كوبه الخاص

فيصل شرب القليل من الماء ثم قال: تبي الكذب ولا الصدق؟....ولا تبي المجاملة؟

ليث بنرفزة: أبي الصّدق...

فيصل نظر لمحمد: قبل لا اقول شي....ترا واضح ما تبي تكلّمني يا النفسيّة...

محمد ابتسم وهو يردف بصوت عالي: الله يعيييييييييينك عليه يا ليث...تراه رايق...وتعرف لروّق شصير؟!

ليث سمع صوت محمد ابتسم قليلًا : والله عاااااااااااااد انت متصل علي في وقت غلط.....

فيصل بخبث : ليكون قاطعة الأجواء الرومنسية....

محمد رمى على اخيه الملعقة التي امامه والملتصق بها بقايا الجبن السائل
وعلى نفس اللحظة صرخ به ليث: فييييييييييييصل اخللللللللص علي......ولا تتمصخر .....

ضحك هُنا فيصل: ههههههههههههههههههههههه لا انت ولا احميد قسم بالله فيكم انفصام......بس خذ العلم....الأوضاع هنا نار وشرار....بالمختصر حفلة...والفضل يرجع لك........

ليث بعصبية: وشدخلني أنا...
محمد فهم تلميحات فيصل فهمس: فويصل....العقل....

فيصل تحدث: عشان رحيل وانت....هذا اللي اقصده....الأجواء يعني طبيعي تكون كذا.......المهم طمني عليك وعلى بنت العم.....

ليث مسح على جبينه: بخير...طمني على امي كنت اكلمها امس وصوتها ما يبشر بخير....

فيصل لا يريد ان يُخبره بشي مما حدث بين والدته ووالده لذلك قال: هو في أحد صوته يبشّر بالخير.....كلنا.....وحتى احميد اللي ما عمري شفته متشائم صار مع القطيع فجأة!

محمد ضحك وعض على شفته بعد ان شتم اخيه فيصل ليبتسّم الآخر ببرود

ليث: لا صوتك انت الله لا يضرّك ....دوم يبشّر بالخير...

فيصل شعر انه يتمصخر عليه وضحك: ههههههههههه ما عليك زود...

ثم قال ليث: شفيه محمد؟.....على نفس الموّال....


فيصل نظر لمحمد الذي يرتشف قهوته بسرحان: هو المواويل كثرت وانا اخوك.....بس موّال محمد هو نفسه...
محمد نظر لأخيه هُنا ثم قال: اي لقيت لك شي تتمصخر عليه الحين....
ضحك فيصل: ههههههههههههههههههههههههه ههههههه

ثم قال ليث: لا يطوّل السالفة يروح يكلّم جدّي...بهدوء وخلصنا....

فيصل: ابشرك جدّي قافل باب بيته لا يبي احد يجيه ولا يدخل عليه....والعالم الله.... ماخذ فترة نقاهه مع جدّتي....
لم يتحمل هُنا محمد ضحك لتتبعثر القهوة من فاهه على الأكل وعلى جزء بسيط من فيصل
الذي نهض: الله يقرفك...
سمع ليث ضحك محمد وصوت فيصل العالي
فقال: اسمع يا الرايق ....اكلمك بوقت ثاني...الحين مشغول....

فيصل سحب منديلًا ليمسح رذاذ القهوة من على ملابسه: ولا يهمّك ....ارسل جدولك...عشان اتصل في اوقات فراغك....

ليث: انقلللللللللللع عاد...عطيتك وجه...وسلم لي على الكل....
فيصل : الله يسلمك يوصل إن شاء الله باي...
ثم اغلق الخط وهو ينظر لمحمد: الله يقلعك بتخليني ابدّل ثوبي من جديد.....
دخلت هُنا هيلة وهي تنظر لهما: وش هالحفلة اللي مسوينها بالمطبخ.....

فيصل غمز لأخيه محمد: حفلة توديع العزوبية....

محمد وهو يُكمل لقمته : قسسسسسسسم بالله صاير مستفز مع ذا الصبح......اعقلها لا اكفخك....
هيلة ضحكت هُنا....
ثم قال فيصل: اجهزت اختك....

هيلة : ما بتروح الجامعة....بس انا بروح.....وراي كويز....لو ما علي كان غبت مثلها....

فيصل : تقدرين تقولين باختصار هي ما بتروح بدون كثرت كلام....

محمد اشار لها: تعالي بس تعالي.......اشربي من قهوتي تركت لك في الدلة منها اشوي....
هيلة نظرت إليه بنصف عين: اشوي؟

فيصل نظر لهما: تتعاطون قهوة انتوا؟ ....قسم بالله عليكم معدة فولاذية ما تتأثر...

صرخت هنا: قووووووووووووول لا إله إلا الله...وجع وجع...حسد من صباح الله خير....

محمد نهض: اذا جانا شي والله منك.....

فيصل ضحك: ههههههههههه المهم...روح تجهز....وراك دوام....

محمد بضيق: والله ما ودي .....نقلوني من المستشفى....وانا اللي تعوّدت على مستشفانا..
فيصل بسخرية: صار مستشفانا مرة وحده؟
هيلة نظرت له وهي تسكب لها القهوة: نقلوك ليش؟...تأديبي؟
ثم ضحكت بخفة
ابتسم فيصل
ليردف محمد مقلدًا صوتها: تأديبي!
هيلة: أجل ليش؟
محمد: نقلوني عشان العجز اللي صاير بمستشفى الفاهد....

(اسم المستشفى لا يمس الواقع بصلة)

ما إن انهى الاسم حتى شهقت بقوّة مما لفتت انتباهما
فيصل رمى عليها علبة المناديل: وجعععععع ان شاء الله..

هيلة اتت قُبال محمد: أحلف؟
محمد نظر لها بتعجب: انهبلتي؟...اشفيك...؟

دخلت هُنا اصايل وهي تتجّه للثلاجة تسحب علبة البنادول تحت مرأى عين اخويها..
فقال فيصل: ما راح يسكّن صداعك إلّا الدخّان وأنا اخوك...زرّعتي بمعدتك بهالمسكنات على الفاضي!

نظرت إليه بصدمة وهيلة التفتت عليه
ليصرخ محمد: فويييييييييييييييصل .....اخرب اخلاقها بعد!

فيصل ضحك: هههههههههههههه امزح امزح...

اصايل : والله تخوّف لروّقت....
هيلة: حييييل يخوّف تحسينه دخل في شخصية ثانية....انفصام ...الحمد لله والشكر
فيصل رمقها بنظرات لتنخرس وهو يقول: كلي هوا.....وقولي علامك تشاهقين؟
والتفت على محمد: بلاك ما دريت نقلوك للمستشفى اللي تشتغل فيه دانة.....
اصايل اقتربت منهما وهي تسحب كاس الماء لتشربه بعدما ابتلعت الحبة
محمد بعدم اهتمام: هذاني دريت منك...وش فيك مستشطّه؟
فيصل بسخرية نظر لأخيه: اقولك ليش مستشطّة....فتحت في راسها السيناريست...والسيناريو للي ممكن يصير بعد خبرتها المُكتسبة من خلال متابعتها للمسلسلات التركية....والمصرية.....والهن� �ية.......من الآخر بدّت تفلّم....

اصايل توافقه الرأي لتكمل بابتسامة ساخرة: عاد الحين راح تنتظر لقطة سقوط اغراض دانة على الارض وانت تلم لها اغراضها وفجأة ويا سبحان الله تحبون بعض....وتزوجون..

محمد ضحك هنا: ههههههههههههههههههههههههه هه
هيلة التفتت على اصايل وهي تردف بشراسة: قسم بالله انتي وفيصل من طينة وحدة....ليتك ساكته بس....

نهض فيصل ووضع يده على كتف اصايل التي نظرت له بابتسامة عريضة: والله هذا اللي يعجبني فيها ....بينا اشياء مشتركة....وهذا برهان أخوي قوّي لقوّة القرابة بينا...!
هيلة بسخرية: اي حنا مو اخوانك...على أساس لاقينكم في كرتون جنب المسجد ......الحمد لله والشكر....قال قوّة قرابة قال....
محمد : هههههههههههههههههههه اتركيهم عنك.....

ثم نظر لفيصل: ههههههههههههههههه تشتركون في نقطة الخُبث
ضحكت هنا اصايل رغمًا عنها:هههههههههههه....ما عليك زود....
محمد اشار: شوف حتى الردود..

ضحك فيصل ونظر لأصايل: ههههههههههه....والله حتى الشكل بينا تشابه....
هيلة كشّت عليهما بيديها: ونفس ثقالة الدم...
فيصل ليغيض هيلة: والله عاد ما شفت ثقالة دم مثل ثقالة دمّك اوختاه المسلمة...ديززززززل!

اصايل تعزز له: والله بتفقع الحين ......انتظر....

هيلة رمقتهما بنظرات لتجعلهما يضحكان بخفة وفي الآن نفسه لم تعطيهما اي مجال للحديث وبجدية قالت: محمد ....هو صدق الوضع دمار شامل لكم للاثنين بس يمكن تواجدكم في محيط عملي واحد.....يخليك تغيّر رايك....

اصايل تهز رأسها: اذا هو غيّر رايه دانة والله ما راح تغيّر....

محمد بنرفزة: انا اقول اتركي عنك الحكي وروحي جهزي نفسك....
فيصل التفت على اصايل: لهدرجة صعبة؟
اصايل بجدية نظرت له: بشكل ما تتصوّر......
هيلة بتأفف: انتي انكتمي...
ثم التفتت على محمد: اترك دانة للأيام....وانت شوف وضعك... اذا جدّي اصلًا ما زال على رايه....لازم تعيد النظر في الموضوع بجديّة!

فيصل غمز لأصايل وأصايل تحدثت: كلّش ما في أمل!
محمد نظر لأصايل ثم اطرق: وراك ما بتروحين الجامعة؟
هيلة وهي تتأفف من جديد : غيّر السالفة بسببك....اروح اتجهز احسن لي....
ثم خرجت من المطبخ لتردف اصايل بتنهيدة: مالي خلق اداوم....واشوف الخلق.....

فيصل: والله مالك داعي.....تضايقين نفسك....على شي راح وانتهى...وهي الحين الحمد لله....طلعت ...

اصايل بجدية: الحمد لله...بس ابي استوعب الوضع..وكل شي...واحاتي امي....صار لها يومين ما تنامين زين ولا تاكل.....وابوي نفس الشي....
محمد بتنهد: الله يسهلها...
فيصل سكت
في الواقع يُقلقه صمت والده وانعزال والدته
: بإذن الله بتعدّي....
اصايل بهدوء: بروح انام.....عن اذنكم...
ثم خرجت من المطبخ ليضّج هاتف فيصل بنغمته المزعجة
محمد نظر لأخيه: وش هالنغمة الصاخبة!
ضحك فيصل:هههههههههههههههههههه� �هههه خاصة لصاخب الأوضاع وحاد الطبّاع عبيد....
ضحك محمد هُنا وهو يهم بالخروج من المطبخ: سلم لي عليه هالتّعبان....من زمان عنه....
فيصل ابتسم وهو يرد على صاحبه: اررررررررررحب مليون.....هلا والله بأبو عبيد......اسهلت وامطرت ......لك وحشة يا حمار...

غرق في ضحكته ، حقًّا اشتاق لصاحبه الذي قاطعه بسبب سوء التفاهم الأخير الذي حصل...
: ههههههههههههههههههههههههه ه.....دامك مشتاق هالكثر يا الـ###......وراك ما تتصل علي وتسأل؟

فيصل نهض ليخرج من المطبخ متوجهًا لعتبات الدّرج للذهاب إلى غرفته: والله عاد يا عبد لله الصدق إني انشغلت .....

عبد لله بسخرية: مادري وش هالشغل اللي صدّك حتى عنّي.....ليكون تخطيطاتك الشيطانية هي اللي صدتّك وتعتبرها شغل!؟

ضحك فيصل وفتح باب غرفته ودخل: للأسف افكاري الشيطانية باتت بالفشل يا الخوي....
عبد لله
اجزم الآن ما حصل لأصحابه بسبب فيصل والجميع يثبت له ذلك بأدلة وبراهين قوليّة!
: بالله؟.......والحادث اللي صار.....وطلال وزيد المسجونين؟

فيصل عقد حاجبيه لم تُعجبه نبرة عبد لله أبدًا
جلس على طرف سريره : وش تخربط انت؟
عبد لله رفع نبرة صوته: ما توقعتك حقود هالكثر يا فويصل....تدبّر الحادث لماهر...وتسجن البقيّة؟....وش هالحقد....ادري اللي سواه ما ينسكت عليه بس مو لهالدرجة......خاصة ماهر عدمت حياته...فقد عينه اليمين ....ووضعه تبن في المستشفى....

فيصل غضب
وفهم هذه الاتهامات الواهية التي سددوها لهُ النّاس بالأقاويل الباطلة نهض متنرفزًا من الأمر هو كان مخططًا أن يوقعهم في فخ اعمالهم دون أن يلحق بِهم أذى يؤدي بهم للهلاك ولكن لم يخطط على موت احدهم وما حدث لماهر لا شأن له فيه
هو محطّم على هذه الصداقة التي بدأت يومًا عن يوم تكشّر عن انيابها
لتبعده مسافات طويلة بقلب موجع ومليء بالغضب

: احتررررررررررم نفسك عبيد.....وش هالكلام الفاضي...اللي صار لهم مالي دخل فيه...مانيب مجنون اخطط على ذبح مويهر.....ولا خططت على سجن لا طليّل ولا زويد......اللي جاهم جزاهم واقل من جزاهم...بس مالي دخل فيه....واذا ما تدري هم اللي جابوا لهم هالفتن بعد سرقتهم لمخططات لمهندسين غيري......خذ العلم من اصحاب المشاكل نفسها مو من الناس.....

عبد لله تمتم بالاستغفار لم يقتنع كليّا بالأمر
: اخذتها من صاحب الشأن.....ماهر....رحت زرته وقال لي هالكلام....

فيصل صُعق وشعر بالقشعريرة تسري في اطراف جسده لتتمكّن من جزئه المركزي الذي توقف عن التفكير فجأة؟
كيف تهون عليه العشرة هكذا ليبدأ بالتلفيقات عليه حتّى بعد ما حدث لهُ
توقّع ذهابه له في ذلك اليوم سيصهر تأنيب الضمير من على قلبه ليجعله يتألم ولكن من الواضح ماهر لن يتألم ابدًا على ضياع صداقة عميقة حدثت بينهما، مسح على رأسه واخذ يشتم ماهر بقهر

ثم اردف: خويّك هذا ودّع عقله.......ما يعرف شقول.....قسم بالله لم رحت زرته قلت يمكن بيتأسف ويظهر لي ندمه....طلع الـ###......حاقد علي بدون سبب......واضح بيستمر في عداوته لي حتى بعد ما خسر....كل شي.....

عبد لله سكت ثم قال: الكل مصدوم يا فيصل...والكل جالس يأكّد أنك انت المسؤول....
فيصل ضحك بقهر: ههههههههههههههه والمجنون اللي يصدّق....صدق اني طايش...بس ما توصل اني اذبح آدمي يا عبيد...اظنّك خابرني ولا حتى انت مثله؟
فهم انه يشبّه بماهر مسح على وجهه: انا مصدوم..وبوقت الغضب الواحد يطيش ولا يحسب حساب لفعايله.....
فيصل صرخ: يعننننننننننني مصدق؟
عبد لله اغمض عينيه: ابي اشوفك.....نجلس نتفاهم....
فيصل : ما في شي ينتفاهم عليه....الكلب المسعور حتى وهو مجروح يأذّي.....وانا عارف انّك مصدّق مويهر....صدقه ....لا اوصّيك اي شي يقوله تراه صح..فمان الله.
ثم اغلق الخط في وجه عبد لله وهو يشتم ماهر بكل قهر وغضب
ركل برجلة السرير ثم توجّه إلى الخلاء ليستحم
ليقلل من حرارة غضبه، وهو يفكّر أمر السجن هذا بسبب كشف ليث لحساباتهم على الظاهر يعلم بذلك لن ينسى
مكالمته معه حينما قال له
(ومسكت عليهم مخططات لمهندسين سارقينها منهم مثل ما سرقوا مخططاتك انطردوا وتم احالتهم للتحقيق ويمكن ياخذون تأديب سجن)
تأفف وفتح صنبور الماء لينهمل على رأسه بهدوء!
.
.
.
.
.
.
قدّمت اوراقها للعمل في المستشفى المتواضع والقريب من سكنهما وقبلوها ، بدأت تداوم فيه بعقل شارد وحياة باهتة لا معنى لها، لا شيء قادر على إستعادة هدوء ما بداخلها، كل ما تشعر بِه ضجيج مؤلم ومؤذي خبيث يطوّق بيديه على قلبها ليضعف نبضاته ويزيد بركله على ذاكرتها استرجاع موقفهما الأخير
قُبلته الحانية على جبينها مودّعًا إيّاها موجعة تشعر بحرارتها إلى الآن هذه القُبلة ألهبت وتينها الضعيف،
مشت في الممر تنظر للأطفال من حولها الجميع مُتعب خاصة قلبها
تُريد فقط أن يُجيبها على اتصالاتها المتكررة
تريد أن تسمع صوته ليبّث الطمأنينة في حياتها
ولكن لا يُجيب
وهذا الأمر بدأ يقلقها بدلًا من أن يجعلها تشك من انه يصدّها
خشيت من انّ تلك العصابة هجموا عليه وجعلوه يرحل في سفره الأبدي!
خرجت إلى الشارع وركبت سيارتها وهي ترتجف خوفًا من أن يكون مصابًا بمكروه، أو فعلوا به ما فعلوه وألقوا بجثّته بعيدًا عن أعين النّاس
هزّت رأسها بعنف وفيه هذه اللّحظات
سمعت رنين هاتفها قامت بتشغيل سيارتها ثم سحبته على أمل من أن ترى اسمه
على الشاشة ولكن تملّكتها الخيبة على صوت والدها الذي قال: سوزان بوصِّي حبيبتي....انا رايح عالإسكندرية.....عندي شُغل حخلّصوه في يومين وراقع ليكي .....ما تطلعيش من القاهرة ...تمام!

سكتت، تعلم في الواقع لم يذهب إلى الإسكندرية بل ذهب خارج البلد بالأمس رأت تجهيزاته الذي حاول إخفاؤها عنها سيذهب خارج البلد للإستمتاع واللّهو كما يشاء له بعيد عن انظارها وبعيد عن تجهمّاتها الغير مرغوبة
الأمر الذي جعل والدتها تطلب الطلّاق منه وتعود لبلدها الأم "المغرب" هذه السفرات التي تخلّف وراؤها خيانات عديدة لا تُغتفر
والدتها في الواقع عاشت في مصر لفترة طويلة قبل أن تلتقي بوالدها ، فكما اخبرتها جدّها كان يعمل في مصر وكانوا يترددون كثيرًا ليبقوا في القاهرة لفترة ثم اكملت دراستها المتوسطة والثانوية في المغرب واتمّت الجامعة في مصر وتعرّفت على والدها وتزوجا في فترة قصيرة ولكن بعد فترة لم تتحمّل والدتها طبع والدها الحاد والغير مبالي لهذه الحياة
انجبتها وبعد ثلاث سنوات من انجابها لسوزان طلبت الطلّاق
تطلقا دون أيّة مشاكل وبتفاهم، عاشت سوزان عند والدتها إلى سن الرشد وبدأت تتنازل في رؤية والدها لها
وبقيت سوزان مشتته تارة تذهب لدى والدتها وتارة تنزل لوالدها
اكتسبت ثقافة البلدين ولهجة البلدين
ولكن مؤخرًا وبسبب وفاة والدتها بقيت في مصر فترة طويلة لتكتسب منها أمور تجعلها منها مصريّة بنتًا لهذا البلد دون تهجين في اللهجة!
ولكن بعد ان تعرّفت على ركان بطريقة لم تتوقعها اختلّى اتزان اللهجات في لسانها لتتعدد....
.
.
لا تستطيع ان تُنطق اي شيء، تفهمه يخشى عليها بالعودة إلى امريكا
فهي عاشت هُناك لفترة طويلة مبتعدة عن بلدّيها
"المغرب ومصر"
كانت تقسو على نفسها حينما تذهب للمغرب بعد وفاة والدتها كل شيء هُناك يذكّرها بوجه والدتها ، عائلتها هُناك مازالوا محزونين على هذا الفقد الذي جاء مبكرًا
وكانت تتملل من فكرة الذهاب والعودة لمصر بسبب والدها وبعده عنها في اشّد حاجتها إليه
فكانت تفضّل البقاء بعيدًا عن تلك الدولتين
لتنعزل عن العالم وتبقى في وجهة مغايرة عن وجهتها تمامًا
لتلتقي بعدها بحُب كبير سرق منها الملل والكلل
.
.
اردفت: اوك...
ثم اغلقت الخط وقادت سيارتها بذهن شارد، خسرت والدتها وحنانها
خسرت من أن تحضى بأب مثالي لا يبتعد عنها في أشّد ضيقها مهما كانت ظروفه!
خسرت كل شيء حتى الحُب الذي تمنّتهُ خسرتهُ في غمضت عَيْن...اجتمعت الدموع في عَيْنيها وبدأت ترى الطريق على ضباب الأمل من اتصال ركان!
تُحبه لماذا لا يعي العالم هذا الحُب؟
هذا العُشق الذي نبت في جُنبات قلبها؟
لماذا يحاولون ابعادهما عن بعض ؟
.
.
لا تريد أن تتوجّه إلى المنزل لا تريد قادة سيّارتها إلى حديقة الأزهر هذه المرة تريد ضجيج البشر يخالطها ويقترن بضجيجها الداخلي لعلّى بذلك تُشفي جزءًا من هذا الألم العاطفي المخيف!
.
.
.
.
خبأت أوراق التحاليل عن ابنها الذي ألحّ على ان يراها قبل خروجهما من المستشفى ولكن أبت ذلك ، وطمئنتهُ أنها بخير ولكن لم يهدأ
هي مصدومة في الواقع كيف حامل؟ وبعد هذه السنوات؟ لا تريد ان تعود للتجربة نفسها تحمل....تشعر بحركات ابنها ثم يموت دون سبب؟
لا تريد أن تتجرّع هذا الألم وهي في هذا السن
لا تريد أن تضع أملًا كبيرًا في هذا الحمل!
اخبرت زوجها وابتسم وتهلل وجههً يومها وسُعد بذلك ولكن اردفت: مابي احط امل كبير في هالحمل يا بو ذياب...
طبطب على كتفها: الأمل بالله كبير ...لا تقنطين من رحمة الله......اللي حفظ ذياب وكبّره ...بيحفظ هاللي ببطنك.....لا تسيئين الظن بالله .....
هزّت رأسها بهدوء: والنعم بالله....
.
.
نزلت من الغرفة وهي تمسح على بطنها وتستودع حملها الله، تدعو الله خاشعة من قلب طاهر ومرتجف بأن يتّم هذا الحمل على خير، للتو دخل ابنها عليها وزوجها كان جالسًا في الصالة، كانت ستدخل إلى المطبخ لتنظر لأمر الغداء وتقرر ماذا تطبخ لهذا اليوم ولكن توقفت
سمعت زوجها يقول: تعال وانا بوك...عندي لك خبر....

ذياب ابتسم
توقّع خبررغبته بالزوّاج وصلت إليه ، وربما خالتهُ حدّثت والدته بأمر عهود مر يومين مُنذ ان حدّثهُ صارم ربما اقنع اخته وخالته اتصلت لتبشرّهم
جلس بالقرب من والده: خير يبه.....وش هالخبر اللي مخلّي وجهك منوّر...
شعرت في الواقع بالخجل دخلت المطبخ لا تريد أن ترى ردّت فعل ابنها وإن كانت ردّت فعله الفرح والإبتهاج، كيف يكون له اخًّا وهو في عمر السادسة والعشرين من عمره وبعد أن ظهر الشيّب على رأس والده، هي تعلم بواقعيّة حدوث الأمر هما مازالا قادرين على الإنجاب
ولكن هي تخجل وتخاف من الظروف التي قد تحصل لها وتقلب هذا الفرح حُزنًا!
.
.
بو ذياب: خير خير وانا ابوك...
ثم اطرق بهدوء: بجيك اخو ولا خت...
ذياب *تبّلعم* عقد حاجبيه ولم يفهم كيف سيكون له أخ أو اخت
شعر لوهلة انّ عقله وقف عن التفكير
: شلون يبه؟
بو ذياب بجدية: أمّك حامل...يا ذياب...
الآن فهم لماذا خبّأت ورقة التحاليل عنه، فهم سكوتها خلال اليومين الفائتين ، فهم لماذا تتحاشى النظر إليه ربما خجلة من الأمر
ابتسم وشيئًا فشيئًا ضحك بخفة ليشد على يد والده: صدق يبه؟
ابتسم والده: والله صدق....عاد أمّك مستحية تقولك...وغير انها خايفة اصلًا الحمل ما يتم...تدري انت...قبلك وبعدك سقطّت كثير .....وتعبت من الأمر.....ولكن ربك الكريم يرزق عبيده من حيث لا يحتسبون....

ذياب لا يدري يفرح من أجل أن يكون لهُ اخًّا وهو الذي تمنّ أن يكون له اخ أو حتى اخت....ام يحزن على والدتها وخوفها من عدم اتمام هذا الحمل
: الله يتمم لها على خير.....الأهم تتوكّل على رب العباد...وتهتم في صحتها......
بو ذياب بصوت واطي: عشان كذا قلت اقدّم على مكتب الخدم...واجيب وحده تساعدها....
ذياب : ارتاح انت....انا بروح....المكتب وبقدّم على طلب الاستقدام.....لا تشيل هم يبه...
ثم نهض وهو يقول: عن اذنك...
توجّه للمطبخ ونظر لوالدته وهي تقطّع الخيار ابتسم وهو يغمز لها: يعني الحين انتي عن انسانين؟
والدته رفعت نظرها إليه: شقول؟
اقترب منها ليُشير إلى بطنها: هنا اخوي؟
ابتسمت على مضض وخجلت قليلًا ثم قالت: لا تتأمل كثير من انه يجي....
ذياب مسك يدها ليوقفها عن تقطيع الخيار: لا تقولين كذا يمه....قولي الحمد لله وما هوب صاير إلّا اللي كاتبه ربي....
ام ذياب: الله كريم...
قبّل رأسها : باذن الله بيجي لي اخت ولا اخو....ويتم هالحمل....المهم الحين انتي تهتمين بنفسك....وتتوكلين على الرّب الرحيم...ولا تعطين فرصة للشيطان يضعف حسن ظنّك بالله.....
ام ذياب بصوت متهجد: والنّعم بالله....
ثم نظرت إليه: اليوم بكلّم خالتك اشوف وش صار...
ذياب تنهّد: دامها ماتصلت يعني ما صار شي...لا تتصلين يمه.....انا بنتظر....
ام ذياب بحنية: الله يجعلها من نصيبك يا وليدي...وفرّح قلبك...قول آمين...
قبّل يدها وهو يردف: آمين يا الغالية آمين.
.
.
شعر أنّ الوقت المُناسب هو اليوم اجمع والدته ووالده في المجلس دانة ما زالت في المستشفى وربما اليوم ليدها مناوبة وستتأخّر في المجيء بينما عهود ما زالت هي الأخرى في الجامعة ونواف في مدرسته
هو خرج من دوامه وأتى ليتحدّث: يمه.....يبه....تدرون ذياب....كلّمني....وتدرون انه مصّر على خطبته من عهود....وانا مصدوم اصلًا من انكم رافضينه مرتّين على لسان عهود....وادري انكم تدرون هالشي غلط.....بس الغلط من انكم تستمرون وتردّون الولد مرة ثالثة على لسانها وبدون ما تدري هي...
تحدث بصغة الجمع ليخفف من حدّة الحديث على والده لذلك اشرك والدته في حديثه لكي لا يُثير ريّاح والده العتيّة

ام صارم نظرت لأبنها ثم زوجها وهي تفرّك بيديها خائفةً من ان تستفّز غضب زوجها بأي كلمة تُخرج وتهوي على وتره الحساس لذلك حاولت أن تنتقي كلماتها بحذر: ذياب ما فيه ردى عشان ينرد وينعاف....لكن ابوك هو من يقرر....
صارم زمّ شفتيه: يبه اذا انت رافض عشان عيال عمي...ماشوفه هالشي سبب مقنع....هذا محمد متقدّم لدانة واشوفك رافض....
بو صارم خرج من قوقعة صمته: انا رافض طريقة ابوي في عرض الزواج على الاثنين!......بس مو رافض فكرة بنت العم لولد عمها....
صارم شعر انه سيدخل في الدوّامة نفسها فقال: واذا ما كان ولد هالعم من نصيب بنت عمّه...نوقّف رزق البنت؟....يبه.....انت بلسانك تشهد على رجولة ذياب واخلاقه......واعرفك ما تجبر احد على شي ما يبيه....اترك فرصة للعهود تقرر...يبه....لا ترفضه مرّة ثالثة وتكسر الولد....انا اشهد انه شاريها....
بو صارم بانفعال: ما قلت هو بايعها ....ومن كلمتني امّك مرة ثانية عن خطبته من جديد وانا عارف الرجّال شاري هالقرب .....
ام صارم لتليّن قلبه: فكّر يا بو صارم.....والله انا مابي اوقّف رزق بنتي على شي ما هوب جاي....ماحد من عيال عمها تكلّموا....وإن جيت للحق....عيال بو فهد إن فكروا بهالشي كبار عليها....وعيال بو ليث بعد....
نظر إليها ليردف: فيصل من قدها يا ام صارم!

لم تتوقع ان يختبص في يوم وليلة هكذا تذكر قبل يومين اظهر لها لين قلبه ماذا حدث؟
تحدث صارم: ويمكن فيصل ما يبي من العيلة يبه.....ما ندري من يبي.....
بو صارم تنهد ثم قال: اتركوا الاوضاع تخف وتطخ ....انا افكر في دانة ومحمد ولا في عهود وذياب.....لا تضغطون علي...

ام صارم بجدية: دانة مثل ما انت شايف هي رافضة...ودامك وراها مثل السند ماحد يقدر يجبرها...ادري خايف من عمي يجبرها...وهي ترجع لورا ولعلاجاتها...بإذن الله ما هوب صاير شي....
صارم بهدوء: ما على دانة خوف يا يبه.....وبعدين محمد بعد رافض.....جدي ما راح يقدر يجبرهم......
بو صارم مسح على لحيته: لم تهدأ الأوضاع نكلّم ذياب ونشوف ....
تهلهل قلب زوجته وابتسمت وهي تنظر لصارم الذي وقف وقبّل رأس والده
بو صارم: انا رايح لابوي....عن اذنكم...
ثم خرج
وام صارم نظرت لصارم: باذن الله بس ترجع بكلمها...وباخذ رايها وبكلّم اختي بعد...
صارم هز رأسه فهم موافقة والده على الأمر بشكل جزئي وفضّل والدته تُخبر عهود من الآن لينظروا في الأمر فيما بعد ويضع والده أمام الأمر الواقع لمعرفة اخته بهذه الخطبة، وإن وافقت ربما يصعب عليه الرّفض!
تنهد ثم
خرج من المنزل هو مبتسم على هذا الإنجاز الذي احدثه الآن سيفرح ذياب يثق اخته لن ترفضه
التفت على الشّارع الآخر ونظر لفهد يشير إليه : اخبارك يا ولد العم؟
صارم نظر إليه: هلا وغلا يا رجّال من يوم ما راح ليث ما عاد شفناك....
فهد تحدث وهو يتقدم للأمام لناحية صارم: تدري رحنا الريّاض لخالي بعد سفر ليث على طول ورجعنا على اوضاع انت اخبر ابها...
صارم عقد حاجبيه: عسى بس خالك بخير....
فهد هز رأسه: بخير بخير....
ثم ألتفت لينظر لنواف الذي يمشى على الرصيف ليقترب منهما
عقد حاجبيه ونظر للساعة: الساعة احدعش وربع..
فهد فهم مغزى حديثه: يمكن طلّعوهم بدري ....
نواف اقترب منهم القى التحية عليهما ثم همّ بالدخول ولكن استوقفه صارم حينما مسك كتفه: هربان؟
فهد نظر لجدية صارم ونبرته ، ونظر لتعب نواف واحمرار عينيه وتمزّق ياقة ثوبه وللجرح المرتسم على خدّه
انتبه لكل هذا صارم ليكمل: علامك طالع من حرب؟
نواف بتأفف: مالك دخل...افففففففف
صارم استفزّته هذه الكلمة ، مُنذ ثمان أيّام وحال نواف لا يطمئنه يخشى عليه من التورّط بأمور خفيّة لا يريد أن يعرفوها!
شدّه إليه: تكلّم معاي عدل...
فهد تدخل هُنا: صارم اذكر الله واترك الولد....
نواف بعصبية: فكني.....الله ياخذك...توني طالع من هوشة...واي هربان من المدرسة وش بسوي...؟
همّ صارم ان يصفعه على وجهه ولكن فهد المصدوم من ردّت فعل صارم مسك يده : صااااااااااااااارم جنّيت..
ثم ابعده عن نوّاف ليقول: نواف ادخللللللللل داخل...
نواف دخل ليصبح فهد أمام صارم الذي همّ بالدخول: صارم....هدي نفسك ماله داعي تحوس الولد.....
صارم : صار له اكثر من يوم مو عاجبني ولا على بعضه...واليوم هوشة وهربان...بكرا وش بسوي...
فهد بجدية: اتركه يهدأ وكلمه بعدين....ترا نوف كبر ما عاد بزر....صار عمره ثمنطعش سنة ولا يقبل منك تعامله هالمعاملة وكل ما شدّيت معه بيشد.....وبعاند....ولا بتاخذ منه لا حق ولا باطل...
صارم ابتعد عن فهد وتمتم بالاستغفار ثم قال: قسم بالله مطلّعني من طوري....

فهد بهدوء: تبيني اكلمه؟
صارم بجدية: ما راح تاخذ منه لا حق ولا باطل على قولتك.....بكلمه بعد ما يهجد.....الحين عن اذنك يا ولد العم..عندي شغل...
فهد بهدوء: طيب طيب...انتبه للطريق..واذكر ربّك...
.
.
كانت تمشي وتحدُّثها دومًا ما تضيع في الحرم الجامعي ولا تجد مخرجًا يدلّها على وجهتها الصحيحة تكلمها إلى ان تلتقي بها بعد ان تصف لها المكان
وصلت إليها لتُلقي على مسامعها شتيمة خرجت من غضبها وتعبها من المشي وضياع الوقت
: الله ياخذك .....كم شهر مر ولا حفظتي الأماكن....صدق انّك نكتة وصدق انّك بنت تحضيري بقره بمرتبة الشرف!

ضربتها على كتفها بعد أن سمعت حديثها : لا تطنزين علي....اليوم اصايل ما جات معي.....وضعت....متعودة على قسمنا ...قسمك انتي لدخلته اضيع....واصايل هي اللي تقودني...

عهود بقهر: اي دايم الصخول يقودونهم النّاس يا صخلة...

هيلة عادت لتضربها وتلفت انتباه الفتيات من حولهن: جب عاد لا تتمنين علي....قلت لك تعالي قسمنا وش قلتي....الكفتيريا حقتكم فيها اكل شين...استغفر الله...
عهود دفعتها لتمشيا إلى الأمام : شوفي ساعتك اشوي ويأذن الظهر...واشوي يخلّص بريكي....
هيلة نظرت للوقت وانصدمت : هأأأأأأأأأأأأأأأ......شلون ....
عهود: من بقارتك والله...احد يضيع....بس انتي...حتى بنات التحضيري الثّانيات....ما يضيعون...كل مكان يعرفونه....بس انتي مدري شفيك......

هيلة : قسسسسسسسم بالله سكت لك عاد ...لا جلسين تهينين عقلي....ياخي عقلي دايم يخوني....انا من الآخر خوّانة في نفسي....خوووووووووانة....
عهود ضربتها على ظهرها حينما رفعت صوتها : جب فشلتيني يا الهمجيّة الكل يطالع....
هيلة ضحكت بخفة : ههههههههههههههه احسن عشان توقفين سب وشتم ....
عهود بتأفف: طيب ....دام الاوضاع مخيسة بالبيت....وما باقي شي على بريكي وخلّص....انا اقول نسحب على آخر محاضرة انتي عندك بس محاضرة ؟
هيلة بكذب وهي تشتت ناظريها عنها: اي...
عهود قرصتها: والله ادري محاضرتين اعرف جدولك راسلته في قروبنا.....
هيلة ضحكت وهي تقرصها:هههههههههههههههههه� �ههههه... دامك تدرين ليش تسألين...
عهود : كيفي...سمعي حضري المحاضرة اللي ما قبل الأخيرة وانا بطلب لنا غدا ما بحضر اخر محاضرة وبنتظرك لخلصتي رنّي في مكانك واتصلي علي واجيك....الحين تعالي نروح نتوضا...
هيلة نظرت لها: انا ما صلي...
بسبب عذرها الشرعي.









عهود دفعتها للأمام: طيب استحي على وجهك وقصري صوتك...فشلتيني والله....

هيلة ضحكت وهي تستفز بضحكتها عهود، توجّهتا للخلاء دخلت عهود للتتوضّا وبقِيّت هيلة تنتظرها في الممر، واخرجت الكتاب من الحقيبة الكتاب الذي استعارتُه من زميلتها، نظرت للغلاف من جديد وقرأت اسمه ، عنوانه غريب نوعًا ما، قرأت الفهرس لتنظر إلى المواضيع الذي يُناقشها، الكون، حقيقة مجيء العالم، نظريّات باسماء مختلفة، ثم بدأت تقرأ بقيّة العناوين بصمت إلى أن رأت نفسها تقرأ مقدمة الكتاب انهتها في خلال دقيقة
وقلبت الصفحة على عنوان الطبيعة وحقيقة وجودها في العالم....
ولكن سمعت صوت عهود: يلا امشي...
هيلة اغلقت الكتاب هُنا ولكن عهود سقط نظرها عليه: وصرنا نقرا؟
ضحكت هيلة: ههههههههههه من زمان اقرا ترا...
عهود رمت المنديل في القمامة بعد أن جففت به وجهها: ادري...
ثم سحبت الكتاب من يدها لتقرأ العنوان وتنصدم: منين لككككك؟
هيلة عادت خطوة للوراء: بسم الله شفيك؟
عهود بجدية: هالكتاب ممنوع مستحيل تشوفينه بمكاتبنا.....
هيلة فتحت عيناها: مو من جدّك؟....بالله كيف البنت صار عندها...
عهود اخذت تتصفّح اوراقه: أكيد الوضع تهريب....حاله حال المخدرات والعياذ بالله!
ثم قرأت عنوان لتضج: يا الحقيرةة..مواضيع مثل وجهك........
هيلة : بسم الله ...بسم الله...أهدا من كذا يا عهود.....
عهود سحبت هيلة من الممر لتنعزلا أمام الوجهة الزجاجية: مامزح للأسف.....ذا كتاب إلحادي ميّة بالمية....بيتكلّم لك عن فلسفة بعيدة عن الدين.....وبقنعك بنظريات غبية...وبخرّب عقلك...أمانة من اللي عطتك إيّاه؟
هيلة سكتت حينما ألتمست الجدية في صوت عهود ثم قالت: بنت متعرفة عليها....عطتني ايّاه لم عرفت اني احب اقرا....بعدين لا تخليني احكم عليه يمكن مربوط بأدلة وبراهين شرعية ...
عهود بغضب: هالبنت لازم يتم التبليغ عنها....هالكتب تسبب انحراف فكري من الآخر كيف تجيبه..... ولها عين تجيبهم الجامعة...بس واضح هذي وراها شي...وانتي صيده بالنسبة لها وعطتك هالكتاب.......العناوين ابدًا ما تبشّر بالخير.....
هيلة ضحكت: ههههههههههههههههه......عهود لا تبدين تفلمين علي اشوي وتقولين البنت منحرفة.....
عهود زجرتها: اي منحرفة!.....ترا لو احد بشوف هالكتاب عندك بتروحين ورا الشمس حياتي....انقلعي عطيها هالكتاب.....أو خلينا نشتكي عليها....
هيلة بخوف: لا شنو نشتكي ما نشتكي...اعطيها اياه اوك....وتولي بعدها مالنا دخل فيها....
عهود بجدية: روحي عطيها اياه.....ولا عاد تستعيرين من اي بنت كتاب....ترا الجامعة مو مثل المدرسة....محطيها واسع..وفيها اشكال واجناس مختلفة...فيه المؤدبة وفيه المختلّة وفيه المنحرفة....لا توثقين في اي احد بسرعة.....
هيلة : طيب روحي صلّي اذن...وانا بروح الكلاس....
عهود بتحذير: عطيها اياه..
نظرت لها هيلة باستسلام ثم مشت وعبرت من أمامها!

.
.
.
كانت تشعر به، ما زال يُتابعها بنظراته وتشعر أنّ الأمر بدأ يُضايقها حقًّا هي لا تدري تقبل هذا الحُب أم تقبل تسلّط جدها لا تدري تقبل أيّهما في الواقع؟
كشفت على مريضها تأكدّت من وضعه وكان مستقر ثم خرجت من الغرفة بعد ان وجّهت بعض التعليمات المهمة للممرضة لتقوم بها بعد خروجها تمامًا...
نظرت لموضي تأتي بالقُرب منها وهي تقول: ما خلصتي؟
دانة وهي تسحب النقّاب قليلًا للأسفل لتنظر للملف الذي في يدها: والله باقي حالة...
موضي نظرت للملف: مت جوع ترا....
ابتسمت من خلف النقاب: اذا حدّك جوعانة اكلي...
موضي: لالا دام باقي لك حالة بنتظر....
دانة ضحكت بخفة: هههههه كيفك...
ثم ذهبت للغرفة المنشودة، هي قرأت الملف التابع للمريضة قبل دخولها عليها لتطمئن عن الأوضاع اخذت بما يُقارب الخمس دقائق وهي تعاينها وتحدد مدى استقرار حالتها ثم خرجت لتنظر لموضي التي تنتظرها : اخيرًا...
دانة : بروح مكتبي بحط الأوراق وبجي مكتبك......
موضي : طيب بس لا تتتأخرين اكيد الأكل برد...
دانة وهي تمشي: طيب...
ثم ذهبت متجهة للمصعد ، دخلت ليدخل سريعًا معها رعد، فهمت حركته كان يُراقبها بعد خروجه من غرفة مريضه تُدرك ذلك وبدأت تفهم حركاته خاصة بعد اعترافه لها، شعرت في الواقع بالخوف من أن تكون معه في مكان واحد رغم أن وجودهما مع بعضهما البعض لم يأخذ إلا ثوان قليلة
ولكن قال: اعتذر لو سببت لك احراج على اعترافي يا دانة....بس صدقيني انا جاد في مشاعري وو....
انفتح باب المصعد وخرجت سريعًا دون ان تستمع لبقيّة حديثه
بينما هو تنهد لفعلتها التي استفزّت مشاعره من الداخل واغلق الباب عليه
.
.
أما هي حينما دخلت إلى مكتبها وضعت الملفات على الطاولة وهي تتأفف
وتردف: قسممممممم بالله وقح.....اففففففففف..الله يستر منك!

ازاحت من على وجهها النقاب ورمتهُ على الكرسي....ثم مسحت على وجهها مرتّين تشعر بالضّغط، وتود لو تنقل من المستشفى إلى مستشفى آخر....لا تستطيع ان تبقى في مُحيط مراقبة من قِبله وإن كان يحبها فهي الآن مشتتة ما بين اوضاعها لا مجال لإعطاء الحُب المتبادل ولا مجال في التفكير في شيء آخر....
جلست على الكرسي تفكر لدققتين ثم نهضت بعد ان تذكرت موضي والغداء سحبت النقاب ارتدته على عجل ثم خرجت!
.
.
قلبه غير مطمئن ذكر اسمه في الإعلام يُعني هُناك حرب ستُقام، ذهب إلى صاحبه ، لينظرا هما الإثنان في الأمر رغم انّ ركان بحاجه كُبرى للراحة خاصة بعد خسارته للدم الذي نزفه
تذكر وقتها حديثه وسبب اطلاق ابا سلمان عليه، دخل واغلق الباب تقدم لناحيته ثم جلس على الكرسي عن يمين ركان: اخبارك اليوم...
ركان نظر إليه: بخير...أنت اخبارك واخبار أمل؟
ليث بهدوء: كلنا بخير...وأمل بخير...كنت بجيبها معي بس كانت نايمة ولا حبيت اجلّسها.....
ركان كح على خفيف ثم بلل شفتيه : شفت الخبر؟
ليث تنهد: هالخبر يعني الموت ...
ركان نظر إليه: ركان.....بو سلمان وصّل رسالة اللورد صح...لم كلّمك وعلّمك مكان رحيل هذا يعني نيّتهم ما يموتون رحيل أبد....ولم جاني .....وترك صاحبه يصوّبني في كتفي هذا يعني ما يبون يموتوني...كل هذا عشان يخوفونك ورهبونك.......ليث.....هالنّاس الوصخة ما تبي تموّتك على كثر ما تبي تخوفّك وتضعفك.....
ليث بانفعال: يبون يضعفوني...لين اتمنى الموت يا ركان.....اليوم اطلقوا عليك .....في مكان يخليك تعيش....بكرا يذبحونك عشان يكسروني...ورحيل عاد حكاية ثانية انا لسى ما سألتها وش صار...بس واضح وش صار يا ركاااااان واضح....

ركان رفع نفسه قليلًا عن الوسادة وهو يتوجّع: هد نفسك يا ليث.....هد نفسك.....أنا قلت لك...عشان ما اصير حمل ثقيل عليك......ما راح اساعدك في الظاهر....بس انا معك.....في الخفا!

ليث نظر له: لالا....من يوم ورياح انت اطلع منها...وزين جات على كذا عرضية .....مابيهم يلفّون عليك وعلى أمل....

ركان ابتسم بسخرية: ليبون يلفّون لفّوا علينا من زمان .....بس هم هدفهم اقوى من كذا....هدفهم يصيبونك في المكان اللي يقتلك!
ليث رمش مرتين ، سرح بذهنه وهو يستمع لركان الذي اكمل
: ورحيل هي المكان الي يوقف قلب الجميع.....هي مو بس زوجتك هي بنت عمّك ومن لحمك ودمّك.....ويعرفون لو سوو لها شي...ما راح يوجعون قلبك عليها وبس....راح يوجعون قلبك على عمّك وحزنه لها...وعيلتك كلها.....يا ليث....هم يبون يتركون بصمة كبيرة على عيلتك!

سكت ، وبدأ الأمر مقنعًا هم يريدون ان يوجعوه في رحيل فقط لأنها زوجته وابنت عمّه وتحمل الكُنية نفسها ، فهدمها يُعني هدم كيانه وكيان عائلته ، هم في الواقع يريدون هدم ركن عائلته الأساسي ويفهمون أنّ مسألة الشرّف لدى العرب حساسة لديهم بشكل كبير وهم يؤلمونه من هذا الجانب
تحدث: ساعات افكر احقق مطالبهم...
ركان: وإن حققتها راح يبتزونك لمطالب اكبر منك يا ليث صدقني...
ليث بعضف: شسوي؟
ركان نظر إليه: خذ زوجتك وارجع السعودية .....
ليث ابتسم بسخرية: ماقدر....الوضع هناك زلزال يا ركان...وجدّي مصعّب كل شي علي.....شرط علي ما ارجع إلّا وانا عندي ولد منها...كيف بقدر ارجع؟
ركان سكت، نظر لليث ولضعفه وانكساره
: تفاوض معاهم.....في كل شي إلّا انّك تدّخل هالأدوية الرخيصة للبلد....
ليث هز رأسه وبتفكير: هذا اللي بصير يا ركان...هذا اللي بصير...على الأقل احفظ دمي لفترة .....
ركان بخوف: لا تكلّم كذا .....
ليث نهض وهو يقول: مابي اتعبك وانت بهالحال....بكلّم بو سلمان وبطلب منه اقابله وجها لوجه....بتفاوض معاهم على اي زفت يوقّف تهديداتهم على الأقل لفترة......
ركان بهدوء: طيب....واتصل علي طمنّي...
ليث انحنى ليقبّل جبين صاحبه معتذرًا على الألم الذي سببهُ له
على سرق جزء بسيط من اهتمامه ليصبح خاص به وبقضيّته التي لا حل لها
ابتعد ثم خرج ليترك ركان : الله يحفظك.
.
.
.







.
.
استيقظت من النّوم وتشعر بالجوع يطحن أمعاؤها، عليها أن تخرج، ولكن تمنّت ألّا ترى وجهه ولا وجه زوجته
لا تريد أن تُحارب يكفيها ذلك اليوم الذي خرجت فيه حاربت كثيرًا الآن تُريد استراحة مُحارب لأنها ستخوض حربًا قاسية فيما بعد
هي تُخطط لها مُنذ يومين!
لبست من الملابس التي اشتراها لها ليث، اخرجت الجينز الاسود والذي كان يُناسب قياسها ، واخرجت بذلة خفيفة ربما تُناسب الصيف لا تدري لماذا اشتراها ليث سحبتها وكانت باللون الابيض ارتدتهما
ثم سحبت الجاكيت الكبير عليها بلونه الرصاصي
اغلب ملابسها الوانها تُناسب الجنس الآخر في الواقع وغاتمة ولكن
تُناسبها هذه الألوان فهذا لون حياتها اصلًا!
.
.
في يوم دخل عليها ليث يريد منها ان تحدّث ريّان وخالتها ورفضت رغم انها مشتاقة لأصواتهما ولكن في مثل هذه الظروف وعمعمة شرط جدّها رفضت ان تتقبّل صوتهما ، تشعر وكأنهما هما الأخرين متفقان على قتل روحها بهذا الشّرط ، شعرت وكأنها محاصرة من قِبل الجميع على أن يعيقوا مجيئها للبلد!
.
.
خرجت من الغرفة وذهبت للمطبخ لترى الأخرى واقفة امام الثلاجة تنظر لها بصمت وبشعرها المبلول....لا تحمل ناحية هذه الإنسانة لا حُب ولا كُره ولا بغض تراها كنظرتها لأي فتاة لا صلة بها اصلًا
دخلت المطبخ ....لتسحب كيس *الأندومي* من على الرّف ثم توجّهت لمكان الأواني لتسحب بعدها (القِدر) سكبت بداخله الماء ثم وضعته على مقود الفرن
تحدثت دون أن تنظر لأمل التي سحبت فطيرة باردة من الثلاجة وبدأت بأكلها بعينين سارحتين: احسبك معاي؟
أمل التفتت عليها، نظرت لضعف رحيل وهزلها، للجروح التي بهتت على وجهها ولصمتها خلال اليومين ولحالها الذي يُظهر لها بأنها فتاة لا حياة لها رغم أنها تتنفّس!
ازدردت ريقها هذا هي التي ستسرق منها ليث؟
وكيف لم تستطع أن تسرقه خلال يومين منها؟
ربما لأن ليث متعاطف مع وضعها،
كيف؟!
تحدثت أمل بصوت متعب: لا...
ألتفتت عليها رحيل نظرت لإحمرار عَينيها ولرجفة يديها التي تُمسك بالفطيرة
: واضح انك جوعانة مرا.....بحسبك معي...
ثم سحبت رحيل كيس آخر لتضعه في القدر
رحيل وهي تضع البهارات تتحدث بهدوء: كم صار لكم وانتم مزوجين؟

أمل
هل حقًّا لا تعلم؟ أم تتغابى عليها الآن
ولكن كل شيء تتوقّعه من ليث ربما حقًّا لم يخبرها بذلك لم تهتم
ولتحرقها وبكذب اردفت: ثلاث سنوات....بس اليوم دخلنا السنة الرابعة...
هزّت رأسها رحيل، يعني لم يتزوّج مباشرة بعد سجنها
ابتسمت بسخرية لتردف: ما عندكم عيال؟

احترق قلب أمل ، هل تسألها لتحرقها أم تسألها لأنها فعلًا لا تعلم عن شيء حول زوجها ليث....ولكن هذه النقطة مستفزّه خاصة أنها مجرمة في حق نفسها قتلت روح كانت تنمو بداخلها تنهدت ثم سحبت هواء عميق.

أمل بنرفزة: يعني تبيني اصدّق انك ما تعرفين شي عن ليث ؟ ولا قد قالك عن زواجي ...
رحيل التفتت عليها وببرود قاتل لقلب أمل: ماعرف عن ليث ولا شي.....ولا ادري عن حياتكم....

أمل سكتت، هو غامض وقاسي ولكن لم تتخيّل يومًا انه يصل إلى درجة مثل هذه
: معقولة ما تعرفين عنه ولا شي ......ولا قصدك ما تعرفين عن شي بعد ما دخلتي السجن؟
ثم ابتسمت بخبث
رحيل تجاهلت السؤال وهي تمزج بالملعقة (الأندومي)
أمل كررت: اكلمك...
رحيل اردفت : ماعرف عنه شي لا قبل ولا بعد...

سكتت الأخرى يُحرقها التواجد في مكان واحد مع فتاة شاركتها في حُبّها ، تظن لو أنه غير متزوّج برحيل لاستطاعت جذب قلبه لها وأوقعتهُ في شبّاك حبها ولكن ترى العائق الآن رحيل أو ربما تريد أن تضع رحيل كالحبل الذي تعلّق عليه اسبابها الواهية، على أنها لم ترى ردات فعله في حضورها لأن وبكل بساطة رحيل حابسة نفسها في الغرفة خلال اليومين الفائتين.

لا تدري تريد أن توجع هذه الفتاة بأي شيء تريد أن تفرغ حُزنها من خسارة نفسها أمام حُب ليث ووجعها على ركان فيها!

قالت : ليش انسجنتي؟

سكتت رحيل لا تحبّذ الأشخاص الفضوليّين الذين يقتحمون رأسها بالأسالة التي تطرق رأسها طرقًا بالمسامير، لا تريد أن تتدخّل في شؤونها عن طريق الاسألة كما إنها شعرت بنبرة السخرية التي تخرج ما بين اسنانها وهي تتحدث، ستُهديها تهديدًا خفيفًا ربما سيقتلع قلبها عن مكانه ولكن هي تستحق ذلك ...
سحبت السّكين الموضوعة جانبًا وبشكل سريع التفتت على أمل لتدفعها على الجدار وتثبّت السكّين على رقبتها هي لا تنوي أن تكون قاتلة بالمعنى الحرفي ولكن يومًا عن يوم الأشخاص الذين قابلتهم توّاقين للموت بشكل لم تتوقع أن ترى مثلهُ يومًا .....نظرت لرهبتها وخوفها
ورجفة جسدها بدأت تتسلل إليها غمزت لها: دخلت السجن بقضيّة الشروع بالقتل.....ولكن ما قتلت في الواقع.....خدش بسيط مثل.....
ثم مررت السكّين لتزلقها بخفة من على رقبت أمل التي بدأت تتنفّس بصوت مسموع لرحيل الذي شعرت بنشوة الإنتصار عليها ، مررت السكّين إلى اسفل عنقها عبورًا إلى صدرها ثم احدثت خدش بسيط ولكن موجع لأمل
لتردف: مثل كذا تمامًا...
أمل
(تغدّت فيني قبل لا اتعّشا فيها)
فهمت نظرات غضبها وترجمته على هذه الطريقة الوحشية
خافت منها وتأوّهت من الخدش البسيط الذي احدثته ابتسمت رحيل في وجهها
وغمزت لها من جديد: جميلة ما شاء الله مالوم ليث....عرّف يختار له تصبيرة!
ولوّت فمها بطريقة تُظهر انحراف تفكيرها الكذب: حلوة ولذيذة....
ارتعبت أمل ولم تستطع ان تردف حرفًا واحدًا ، فهمت انحطاط تفكير رحيل هُنا بينما رحيل كل فعلها هذا من أجل التخوّيف، ابتعدت عنها ثم رمت السكّين بعيدًا ...ثم سكبت لها الطعام والتفتت على أمل التي تنظر لها بتقزز
: تركت لك في القدر.....
ثم خرجت من المطبخ لتهمس أمل وهي تتبعها بنظراتها: وقحة وواطية.....هيّن يا رحيل!
.
.
.
يحدٌّق في الفراغ
يستمع لصوت ابنه العالي على ذبذبات مزعجة
ولكن ساكت
لا يُبدي بوجهه ردّات فعل قاسية تُخرس ابنه
بينما بو صارم الذي دخل عليهما
حاول أن يهدّأ غضب ابا فهد الذي صمت يومين وانفجر في يومه هذا
اطرق: عارف قايل لليث شي....كلّمته وقال مطولّين بجلسون هناك لفترة....يبه لمتى وانت تدّخل خاصة في سالفة رحيل....وش قايل له........انا ابيهم ينزلون اليوم قبل باكر....ابي اربّي رحيل من جديد.....ابي انتقم من نفسي....ابي اصرخ في وجها واعاتب......انتظرت هاليوم والحين انت جالس تبعده عنّي.....يبه وش قلت له؟...وش قلت؟

بو صارم متعجب من صمت ابيه وانفلات لسان اخيه هكذا ليخرج ويلفظ من فمه حديث موجع: بو فهد اذكر ربّك....وش بقول ابوي...يمكن ليث مشغول هناك...بيخلّص شغله وينزلون...
بينما والدته كانت تستمع لحديثهم من خلف الباب وتصفق يدها اليمين باليسار تحسرًّا على قهر ابنها
الذي اكمل: مقهور منها يبه وانتي تزيدني قهر بفعولك.....تحسسني ما ربّيت....تقسي عليها ولكن بالواقع تقسي علي يبه.....خليتني اوطّي راسي بالأرض لمريت قدّام النّاس رغم النّاس ما تعلم بالحال...
الجد يستمع لإبنه
لفضفضته وتناقض حديثه
نظر لوجهه المحمر، وغرقرقت عَينيه، لم يتوقع أن يرى ابنه يُعاتبه يومًا هكذا ، يُكسره ان يرى ابنه الأكبر مكسورًا بلؤم تفاصيل الحادثة
بكت والدته خلف الباب
وبو صارم : بو فهد هد نفسك.....
بو فهد التفت عليه: وش اهدّي يا خوي....وش أهدي....هالنفس وهالروح ثمان سنين وهي تصرخ من داخلي وتبكي...بقهر....موجوع منكم كلكم.....مو بس من رحيل...تناظروني وكأني انا اللي جبت لها هالشي.....تندموني على موافقتي على زواجها وتغريبها في عمر صغير......تندموني وانتم ما تحسون يا خوي....
ثم التفت على والده: والحين......ابوي بكمّل علي النّاقص....تكفى يا يبه قول وش قايل لليث.....وش قلت له قبل لا يمشي المطار وش قلت له؟

وقف هُنا الجد نظر لأبنه وشفتيه ترتجفان من لفظ الكلام الذي خبّأه في صدره : سنين وانا اكتم بصدري واحاول ما اظهر الكلام يا عبد الرحمن.....
بو صارم نظر لوالده وابا فهد سكت وهو يبتسم بسخرية الحال الذي وصل إليها!
اكمل الجد: بعدتكم عن مجالس القيل والقال.......بعدتكم عن جماعتنا عشان لا يغثّونكم بالكلام وانا وقفت اتصدّيه ....
بو فهد بانفعال: ماحنا غشيمين يبه.....ٍسمعنا الكلام والقيل والقال......لمتى نحسب لهم ألف حساب....تحاسب لهم وتخاف منهم وهم لا حسبوك منهم ولا عدّوك ولد لهم...
الجد هنا نظر إليه بشرر: مابيهم يحسبوني منهم ابيهم يكفّون شرهم عنّي.....
بو صارم اردف بجديّة: ما بكفون شرّهم دام هذا تفكيرهم عنك......من لم طلعت من الديرة وجيت الخُبر...وحنا نسمع كلامهم اللي كسّرنا يبه....طلعت عشان فضيحة ...وطلعت وهجيت عشان تستر على نفسك.......رغم انهم يعرفون سبب جيّتك للخُبر زين....ويدرون انّك صرت في ضيقه لا يعلم فيها إلّا الله ....ويدرون انّك بعد انّك وقتها محتاج للريّال ولا حوجّوك....بس انت طنّشتهم وجيت هنا واشتغلت وربي رزقك....وحطيت هالبيوت وضفيتنا فيها بدون لا تهتم.....الحين وش صار؟ ليش تهتم لهم؟ ليش صاير تحسب لهم ألف حساب لكلامهم ولكلام النّاس؟

الجد بنبرة قاسية ومنفعلة: لم يوصل الكلام لبناتي وسمعتهم راح اهتم!

بو فهد عقد حاجبيه: يتكلمون عن بناتنا؟
بو صارم اطلق شتيمة قاسية عليهم
ليكمل الجد: بو سعد حاط علي......ويتصيّد علي الأخطاء......وشفتوا ولده الله يرحمه وش سوّا بالصورة اللي خبصنا فيها......وخلّتنا نزوّج ليث......طلّع كلام عن ليث.....وطلّعوا كلام على رحيل وانّه غلطان معها...دام سواته في بنات الغير كذا....هذا هو غلط مع بنت عمّه زوجوه ايّاها وتستروا على الموضوع وخلوهم يروحون بلاد الغرب.....كسرني الكلام...وعوّر قليبي......واللي صار لرحيل كسرني زود وتركني اهوجس واخاف بو سعد....وبو وافي وبو الهاجس وكل كبار القبيلة يسمعون بذا الخبر.......وصدق بعدها تخترب سمعة السّامي......
نظر لأبنه: تحملّت يابوك الشي الثقّيل......تحملت لين هالقلب....بكا قهر......
بو صارم بعصبية: حسبي الله عليهم....حسبي الله.....
الجد: يستفزوني عشاني جلست هنا واشتغلت.....وسويت اللي ما قدروا هم يسوونه.....على إني عمري ما خططت اترك الديرة....إلّا انه وقتها كنت محتاس والظروف حدّتني ابتعد عنهم واترك لهم الظنون.....
بو فهد رمش مرتين
آلمه الأمر
الآن فهم النقطة التي توجعه
اهتمام ابيه بحديث الغير
قساوته ولكن لا يهمه
: وتبي ليث يتّم معها ولا يطلّق رحيل عشانهم وعشان تثبت لهم انه كلامهم غلط....
الجد بانفعال: بكرا لطلّقها وش بقولون حتى بعد هالسنوات ذي.......مّل منها وستروا عليها.....وجا الوقت اللي يتخلّص منها؟!...بكرا والله لتنقهر على الكلام اللي تسمعه على رحيل.....ما راح يتركونها بحالها وانا ماسمح لهم .....بالقيل والقال....خاصة لوصلوا للحريم!
بو صارم: هذول لا عندهم غيره ولا نخوة....يوم يتكلمون عن بنات السّامي هم يشوهون سمعت بناتهم اللي يحملون نفس الكنية....

الجد بقهر: ما هوب عدّينا منهم وانا بوك.....ما يهمهم هالشي....حتى دانة لم درست طب واشتغلت....وصلني كلام يسم البدن عنها....
بو فهد بغضب: يا كثررررررر بناتهم اللي درسوا طب وتمريض ويشتغلون في المستشفيات يا يبه جات على دانة....
الجد ابتسم موجوع: لا جات علي انا اللي ماعرف اربّي......هذا قولهم ...
بو صارم اقترب منه: محشوم يبه محشوم....
بو فهد بوجع: يبه......ادري الكلام يوجع وادري انّك تصدّيته بكلام يضرب فيهم ضرب......بس انا بعد موجوع......لا توجعني.....قول وش قلت لليث....
الجد بوهن: قلت له ما يرجع إلّا هو ورحيل عندهم ولد يشيل اسمي واسم عيلة السّامي ويسكّت اللي جالسين يناشبوني وانا بعيد عنهم!
.
.
.


انتهى







أتمنى يكون البارت أخف من البارت الثامن

بس حابّة انبّه واشدد على شغلة معيّنة
بهالبارت يمكن قضيّة ليث صارت اوضح

لذا حابة اوضّح شغله أنا لم اقتبس حياة ليث من أحد كُتبت قضيّته لتكون محايدة بين الواقع والخيال

وكثير من الأحداث راح تمر علينا
كتبتها دون اقتباس لحياة أحد(أكرر
وإن صادف وتشابهة بين الواقع

هذا من محض الصّدف



قراءة ممتعة

حقيقي اشتقت لردودكم وتفاعلكم

.
.

اتقبل نقاشاتكم
سواء هنا أو على الخاص او حتى في الانستغرام

دمتم بكل خير







لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-01-21, 02:47 PM   #13

ميثاني

? العضوٌ??? » 2183
?  التسِجيلٌ » Feb 2008
? مشَارَ?اتْي » 563
?  نُقآطِيْ » ميثاني has a reputation beyond reputeميثاني has a reputation beyond reputeميثاني has a reputation beyond reputeميثاني has a reputation beyond reputeميثاني has a reputation beyond reputeميثاني has a reputation beyond reputeميثاني has a reputation beyond reputeميثاني has a reputation beyond reputeميثاني has a reputation beyond reputeميثاني has a reputation beyond reputeميثاني has a reputation beyond repute
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

ميثاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-01-21, 08:50 PM   #14

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


Part 10
.
.
.
.
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة ، اللهم بلغت الله فاشهد)
.
.
.
هُناك طنين ممزوجًا بالأنين الذي تمكّن من دواعي خوفه منه، الخوف الذي يتسلل إلى قلب الإنسان ويُخرس اللّسان في تلك اللّحظة مُزعج ويهوي بالقلب في سبعين خريفًا من التشتت، ارتجفت شفّتَيْه....بحلق في وجهه أبيه ثم ألتفت على أخيه ، اشعرهما وكأن ما قيل جُرم بحقه!
هو يعلم بماهية علاقة رحيل بليث، هو وأخيه علي علِما بنوعيّة علاقتهما الزوجية التي خبأها ليث عنهما، بعد الفحص الطبي والإجراءات القانونية التي خضعت لها رحيل قبل أن تُحكم لإثبات الأدلة اندهشا كثيرًا، اخرجوا حقيقة معيشتهما معًا، اثبتت الفحوصات عذريتها وما حدث لها ليس تحرّشًا!، وهُنا بدأت التلفيقات سريعًا دون أن تترك لهما مجالًا في إستيعاب عظائم الأمور، لم يستوعبوا شيء من حقيقة القضيّة إلّا بعدما حُكِمت ظُلمًا...يذكر أخيه بعد أن تمّت محاكمة رحيل....بدأت الظنون تجول في خاطره
واخذ يوبّخ ابنه ويسأله هل ما حدث لها سببًا لطَيش افعالك؟
لم ننسى أمر الصورة؟ تحدّث؟
ولكن ليث اظهر الحقيقة لكي لا يجعل أبا رحيل هو الآخر يطيش بأسالته؟
أخبرهما أنه لم يقرّب منها ولم يحدث بينهما شيء، مبررًا ذلك بأنه كان راحمًا صُغر سنها ولكي تتأقلم بالعَيْش معه وتتكيف ومن ثم يعشا طبيعيًا بعد أن يتعرّفا على بعضهما البعض ويجذبها إليه بلطفه!
كان ليث وقتها خبيثًا في إظهار حنيّته على رحيل في انتقاء الكلمات لإقناع كلًّا من والده وعمّه...
اغلقوا هذا الدفتر وارتفعت منزلة ليث في عَيْن عمّه درجات عُليا ، صبر على رحيل ولم يدخل عليها متفهمًا ومراعيًا صغر سنّها وربما خوفها منه آنذاك كان رادعًا له من التقدّم في هذه العلاقة ، بينما درجة رحيل هبطت من عينه إلى الدرجات السُفلى رغم تيّقنه بظُلمها ولكن قلبهُ لا يغفر الأخطاء بسهولة!
ابتسم بسخرية وهو يُشير لأبيه: كأنك يا يبه تطلب المستحيل......والله كأنك تطلب المستحيل....

يفهم الظروف تغيّرت والأفكار تبدلّت والعوامل المحيطية ايضًا اشتعلت بالتغيرات ربما ليث صبر طيلة هذه السنوات احترامًا لهُ ولكن أتى الفرج لهُ بأن يخرج من انطواء لسانه ليُبسطه بقرار الطلّاق، أتى الوقت الذي يخرج من صمته وربما ينفصل عنها كليّا، أو ربما ابنته هي من تطلبه وتمنعه من كسر حواجزها الأنثوية التي انسلخت خلف أسوار الظلام!

يرى الأمر مستحيلًا لأسباب عدّة ولكن والده مع ضغط معارفهم عليه لن يتنازل ، سيثبت عكس حديثهم ليدفع ليث ثمن هذا الإثبات باهضًا في ترجمته!

بو صارم لا يعي شيء مما يدور في عقل أخيه ، سكت ونظر لإنفعال ابيه : ما في شي مستحيل...ما فيه ابد.....ما ورا الزواج إلّا الذريّة!

هزّ رأسه بعجز ثم خرج ليترك أبيه واخيه في عولمة التفكير ،
الجد: علامه اخوك استخف يتبوسم وقول مستحيل ولا كأنهم مزوجين ....وش بيجي بعد الزواج غير البزران؟

بو صارم شعر وكأنّ هُناك حلقة فهم مفقودة عليه ان يستوعبها من أخيه الذي هرب لكي لا يأخذه يمنةً ويسرة بالأسالة امام ابيه
تحدث: يمكن يبه عشان الظروف.....ما هي مُناسبة كلّش...
دخلت الجدّه هنا بعد أن خرج ابنها وتقابلت معه ولكن حدّق في عينها مطولًّا وكأنه يُعاتبها هي الأخرى ثم خرج من المنزل..

تحدثت: يا بو عبد الرحمن كلّم الولد ينزل.....وإن كان لها نصيب تحمل...وتجيب الظنّا تجيبه هنا ......مير قلوبنا ما عادت تتحمّل المسافات الطويلة.....كلّم ليث وليّن قلبه ينزل معها....بشوفة عينك....ولدك عبد الرحمن مكسور....حتى لو ما يبي يشوفها ...يبيها تصير على ارض وطنها......يبي يحس بقربها وإن كانت بعيدة!

سكت أبا صارم وعقله شارد في تناقضات أخيه وخوفه يزداد من أنّ هُناك شيء خفي لم يحدّثه عنه.

الجد بلغ منتهى العصبية: يرجعون لجاهم الظنّا......ولا لا عاد يرجعون.

بو صارم تنهّد بضيق، لا يدري كيف يُنصف أخيه من حكم أبيه ولا يدري كيف يُرضي أبيه من قراراته الغير المُنصفة!

استأذن: عن اذنكم.

ليرتفع صوت الجد: هذا انتم اذا ما عجبكم الكلام هجيتوا ولا نشوف إلا غبرتكم....
ارتفع صوت والدته ليستمع له وهو يخرج: وتلومهم بعد؟......هجوا من فعايل ابوهم وش نقول وش نحكي.....ما نقول إلّا الله يعدي هالليّام على خير...

ثم انقطع صوتهما عن مسامعه وفي الواقع دخلا في نقاش حاد، بينما هو عاد لمنزله
.
.
بينما ابا فهد خرج أمام منزل أخيه طرق الباب
وفتحه لهُ فيصل الذي عاد من عمله مبكرًّا لهذا اليوم
ابتسم في وجهه: هلا عمي...حيّاك....
وشرّع الباب على مصرعيه ليُشير لعمّه ويحثّه على التقدم
دخل ابا فهد ثم نظر لأبن اخيه الذي يأخذ من ليث الشبّه الكثير في طوله وعرضة، وحتى نظراته ومشيته!
: ابوك هنا؟

هُناك محتسبًا ومعتكفًا في غرفته ، لا يريد أن يرى والدته التي افرغت بداخله غضب السنين مما آل عليه ابنها من أجل تلك التي نامت في السجون سنوات طويلة!

حرك رأسه: اي....تفضل المجلس البيت بيتك.....راح اناديه.....

ثم تقدّم ليفتح الباب، دخل...وقام بتشغيل التكييف....ابتسم على مضض ثم خرج، لتستقبله والدته بوجهها الذي لا يُطمئن قلبه
قال: عمي بالمجلس....
تحدثت : حيّاه الله......
ثم بحلق بنظره لأصايل التي نزلت من على عتبات الدرج: اصايل روحي ودّي لعمي ماي بالمجلس...
اصايل عقدت حاجبيها: اي عم؟
فيصل بهدوء: عبد الرحمن...
ثم صعد على عتبات الدرج سريعًا ليخبر والده بمجيء أخيه،
.
.
اصايل غفت ربما لساعتين ثم جلست من نومها صلّت الظهر وخرجت من الغرفة تشعر بالخمول والأرق الذي يطوّق جَفنيها
حقًّا طعم الأرق كطعم العلقم، ودمار نظام النوم يمتص راحة الإنسان ويطوّق الجسد ويضعفه ليرجفه ويجعله ضعيف مع هبوب الريّاح يسقط ويتهاوى على الأرض استسلامًا باحثًا عن أمل النّوم العميق!

مسحت على رأسها حينما سحبت كأس الماء ووضعته على صحن مناسب للضيوف، خرجت للمجلس ....
دخلت واستقبلتها برودة التكييف ابتسمت حينما سقطت عينيها في عين عمّها الذي بادرها برد الإبتسامة
تحدث: نورّت المكان يا عم.......
ابتسم وهي تنحني على رأسه لتُقبله بعد أن سحبت الطاولة المتوسطة في الحجم ووضعتها امامه لتضع الكأس عليها...
رد: منوّر بأهله.....
ثم اردف بحنان وهو يبعث بعَينيه أرق ليحتضن ارقها العنيف: اخبارك يا بنتي؟.........زمان عنّك وعن هيلة ما عدتم تجون بيتنا مثل زمان...

يقصد حينما كانت رحيل هُنا قبل حتى زواجها بليث، كانت اصايل الأصغر من رحيل بثلاث سنوات تذهب شبه يومي لهُناك وتأخذ معها هيلة ليتمتعا باللّعب مع رحيل مع "مرجوحتها" التي تمنّت أن يشتري والدها مثلها تمامًا لتوضع في منزلهم، كان لهذه "المرجوحة" الفضل من ذهاب اصايل وهيلة لمنزل عمهما بشكل يومي!

اصايل غصّة في ذكرياتها مع رحيل ابتسم : حقك علينا يا عم.....بس تعرف الدراسة .....وضغط الاختبارات....

لا تدري كيف تبرر تغيّبهم الطويل عن منزله ولكن رأت الدراسة كافية من أن تشتت الذكريات والاختبارات برهان غليظ ينّم عن الإلتهاء بها!
دخل هنا والدها وهو يقول: حيّ الله من جانا..

اصايل هُنا انسحبت من المجلس: عن اذنكم...
ثم اغلقت الباب...وتحدث ابا فهد: الله يحييك ويبقيك يا خوي....
جلس ابا ليث عن يمين اخيه، طال الصمت بينهما
والنظرات للاشيء
تحدث ابا ليث: جيتني عشان رحيل...عارف....بس وش فيك وش اللي مكدّر خاطرك يا خوي؟

ابا فهد اطلق تنهيدة طويلة ليعقبها بقول: فيني مصايب الكون يا خوي....مصايب الكون....

هز رأسه الآخر وكأنه يؤيّده على أنّ مصائب الكون تمركزت بمحورها عليهما لتثقل هذا الجسد وتُكسبه وزنًا إضافيًا من الحمول!

: هذا حال الدنيا وانا اخوك....ما هوب كل يوم فرح وسرور....يوم حزن...ويوم بكى...ويوم من شدّت فرحتك ما تعرف تعبّر ولا تعرف وش تسوي....
بو فهد بنظره مهتزّه: تصايلت علينا الهموم......اشتقت للفرح...اشتقت للّحظة اللي على قولتك ماعرف اعبر فيها ولا اعرف شسوي....

سكت ابا ليث، هو الآخر مهموم من حديث زوجته ونظرتها الجديدة لرحيل ، مهموم من أمر ليث، الذي بدأ بمصائبه مبكرًا في رحلة ابتعاثه
انقطع هذا الهم حينما تزوّج من ابنت عمّه ليبدأ في هم آخر!: شفيك؟
ابا فهد نظر لأخيه: ابوي....يا علي ابوي....مهموم من كلام بو سعد.....وجالس يقرر عشان ينتقم من كلامه....ويثبت له العكس!
بو ليث ابتسم بسخرية: والله هالبو سعد ما شفت اوقح منه.....لسانه متبري منه......تعوّدنا عليه.....لسان سليط ولا يترك الخلق للخالق...يلوك فيهم لوك.....الله لا يبلانا.......وش بيكلّم ما زال يعاير ابوي بإفلاسه...وما زال....يتقوّل عليه بالشينة وقول هج للخُبر عشان يتكتّم على سواد وجهه وش الجديد؟....وش اللي جابر ابوي يهتم؟!

ابا فهد بقهر: الجديد يكلّم على بناتنا....وخوض في اعراضنا!

أبا ليث بحمية وغضب: يهبى إلّا هو......وش يكلّم.....وش يقول ....
ابا فهد ليختصر: تذكّر سعد ولده لم جاب الصورة اللي فيها ليث مع البنت.....ولم داروا في ولدك انه شين الطبايع والفعول وراعي بنات....حطوا الردّى في بنتي وقالوا ولدك غلط معها وزوجناهم.....وابوي مولّع ضو على ذا السالفة اللي لملمها مع نفسه.....
ابا ليث بعصبية: ذا ما يخاف الله.....يتكلّم في اعراض الناس بلا خوف ولا مستحى....الله يبتليه ويشغله عنّا.....هالمتخلّف!

ابا فهد : المصيبة ابوي.....شرط على ليث ما يرجع إلّا وعنده من رحيل ولد.....

ابا ليث بحلق بعينيه: وشو؟

ثم هز رأسه: بذي الظروف؟......وبعد السنوات واللي صار؟

ابا فهد فهم مغزى اخيه: ولدك ما ندري عنه يبي يستمر بذا الزواج ولا لا.....ولكن الواضح ...
قاطعه ابا ليث: ما قد شفت ليث ينوي الطلاق يا بو فهد....ولدي اعرفه زين......ما راح يطلّق........بس خوفك بنتك تطلب الطلاق...ولنزلت تخلعه.....وانت اخبر بعلاقتهم...والوضع صار اصعب من قبل!

ابا فهد: اذا ولدك ما فيه نيّة طلاق....هي ما بتقدر تخلعه!......بس اترك كل هالامور على جنب....كلّم ولدك وشوف وش ردّه.....الظروف ما تجي على الكيف والمزاج.....وعارف رحيل في وقت مهزوز.......مابي...

قاطعه ابا ليث بعدما التمس تناقضه وخوفه على رحيل بشكل غير مباشر: ما بصير شي من غير رضاها...باذن الله....
ابا فهد سكت ثم قال: ما يهمني.....إللي يهمني يرجعون ويقطعون سيرة الغربة.....وسالفة الولد والحمل ذي.....بطوّل الأمر...وبتقصّر العمر!.....وما ظنتي ليث بيقدر بيتقرّب منها وهي بمثل هالظروف شفت كيف راعى صغر سنها يوم تزوجها...بتجي على الحين؟.....اشهد انه ما يسويها...وغير كذا ...السجن يبدّل الشخص لشخص ثاني...وانا مانيب غشيم ..رحيل ما هيب رحيل اللي حنا خابرينها....وما ظنتي تقبل تجيب ولد وهي بهالحال!

لا ينكر هو الآخر الظروف صعبة ، ورحيل بعد مرور ثمان سنوات في السجن والغربة وبعيدة عنهم ربما تحوّلت لدميّة مليئة بالأمراض النفسية وربما تحولّت إلى وحش يريد الإنقضاض على كل شيء ، إلى الآن يدرك جزء كبير من تحوّلها والذي يعد سببًا لإنقاطعهم عنها يُدرك ذلك ولكن لا يستطع أن يُناقش اخيه في هذا الأمر،

: بكلمه.....وبتفاهم معه لا تشيل هم.....
وقف هُنا ابا فهد: قوله ينزلون......ولا يهتم لشرط جدّه.....انا بكون في وجه كل شي يصير...
ابا ليث بهدوء: ما راح يصير شي....وبكلّم ابوي...
ابا فهد بتحذير: انتبه تقول له عن علاقة ليث برحيل قبل هالبلبلة......
ابا ليث: يمكن يغيّر من رايه بعدها....
ابا فهد بضيقة: ما راح يتغيّر شي...يا علي....فلا تقول حتى لأخوي سلطان لا قوله.....
هز رأسه وطبطب على كتفه: على هالخشم....المهم لا تحاتي ولا تشيل هم وريّح بالك وهد اعصابك....
هز رأسه الآخر ثم خرج
.
.
.
ألقت بثقل جسدها على السرير بعدما أن عادت من المدرسة، لم ترتاح لنظرات صاحبتها التي انهت علاقة الصداقة معها خاصة بعد أن خاضت معها تلك الجولة الجريئة والتي كُفِئت عليها بهذا الكسر المُضاعف، لم تفهم هذه النظرات ولا تدري ما سببها، ولا يهمها ذلك أبدًا ولكن أثارت فضول في نفسها لِم تبعث نظرات الشرر إليها هكذا؟
سحبت
هاتفها سجلّت دخول في حسابها على موقع التواصل الإجتماعي(الإنستغرام)
سحبت بأصبعها طرف الشاشة للأسفل لتظهر لها صورة جديدة قامت بتنزيلها وصايف؛ صورة للنّافذة وكان الهواء لهُ دورًا في جعل الصورة مثالية بتطيير الستارة الشفافة لتنعكس أشعة الشّمس ببهوت في الصورة وتُعطي لمعانًا طبيعيًا شفاف!
كُتِب تحتها( اللهم أنت الشافي المعافي فاشفني)
ضحكت بسخرية ، اتدعو الله ان يُشفيها من هذا الحُب؟ أتقول هذه المراهقة أنها ابتُليّت بالحُب حقًّا وتصفه بالمرض وترجو الله الشفّاء منه!
هزت رأسها وهي تكرر: تبالغ هالبنت تبالغ.....والله إنها من جَنب الحُب بس دراما!

دخلت على الصورة ومن الفضول دخلت على الردود لتقرأ رد شاذ ما بين هذه العبارات(الله يشفيك، حبيبتي وصايف ما جيتي المدرسة؟، شفيك ردي علي واتساب برسل لك الواجبات، الله يشفيك، فقدناك في الفصحة، وش فيك؟)
ثم نزلت عيناها على رد اشعل الغضب بداخلها

(وما أجمله من مرض حينما يشدو بألحانه عتاب انغامٍ مذلولةٍ على شط نور العُشق المستضيء بمشاعرٍ ممزوجة، آسفة على الحديث اللّئيم ولكن امرضتيني معكِ فأنا لا أستحق أن أمرض لوحدي ، فكلانا في عهد الحُب مرضى!)

اطلقت شتيمة صبيانية على نواف علمت هو من كتب هذه الجُملة التي ستسبب لوصايف البلاء المستعجل على رأسها، دخلت حسابه ، كان جديد لا صور به، لا عدد متابعين هل انشأه من اجل ان يكتب عبارته التافه التي ستلتهم النفوس بالشكوك والظنون من حول وصايف
(مريض)
جملته
(امرضتيني معكِ، وفكلانا في عهد الحُب مرضى) كافلة من ان تُسكب البنزين على نيران فهد لو دخل إلى حسابها هي لا تضمن من انه لا يعرف حساب اخته فهو فضولي حشري يُدخل نفسه فيما لا يُعنيه ويغتصب خصوصية الغير خافت من الفكرة ولم تخف من ان يكون ريّان على دراية من حسابها!

اتصلت على وصايف مرارًا وتكرارًا ولم تُجيبها فأخذت تشتمها هي الأخرى وتشتم حُبّهمها المزعوم بالمصائب حتمًا!

نظرت لرقمه تريد الآن ان تتوصّل لها ستخبرها عليها ان تحذف الردود قبل وقوع الكارثة
نظرت لاسمه ، هي اخذت ارقامهما خفيةً من جوال ابيها
شعرت لو اتصلت عليه لن يدقق في الامر مثلما لو اتصلت على اخيه
اتصلت
.
.
كان جالسًا أمام المكتب ، مُتعب للغاية، رحيل لم تنزاح من ذاكرته ، هو اعلم واخبر بما يدور في نفسية السجين، السجن ليس للرفاهية ، السجن للتأديب لمن يستحق التأديب ولأخذ الحق ورد الحقوق لأصحابها ، السجن كارثة الإنسان الذي يعلق بداخله كالعنبوت التي التهمت نفسها في خيوطها الضعيفة!
يرى تغلّبات السجناء هُنا ، يرى نفسيتهما التي تحوّلهم إلى اشخاص آخرين، يفهم رحيل عانت في السجن وفي غربته، يفهم شعورها تمامًا غُربة وطن وغربة سكن مخيف، مظلومة تلتهمها التّهمات من كل جانب، لا يريد أن يتوقّع ما هية طريقتها في العيش هُناك!
لا يريد
لو سجنت هُنا في بلدها لارتاح قلبه، لهدأت عواصفه ولكن هُناك يبدو الأمر مختلفًا ، ولكن السجن سيبقى سجن وإن اختلفت القوانين سيبقى الاثر نفسه وواحد في نفس السجين!
سمع رنين هاتفه سحبه وهو ينظر للرقم ، عقد حاجبيه
ثم اجاب بصوته الرجولي: الو...
يُربكها صوته بعكس صوت اخيه الذي يستفزها، يجبرها على أن تكون محترمة بعكس اخيه الذي يجبرها على ان تخرج من إطار الاحترام في الردود!
ريّان شخص مغاير لفهد ، وريّان سيبقى مهيبًا بصوته وحتى حضوره
بعكس فهد الذي تهابه وصايف، شديد البأس قاسي الوجه فخم الصوت ولكن مستفز بشكل يُثير جنونها
تحمحمت لتردفت: الو ريّان انا مزون...
خفق قلبه هنُا خشي من انّ مصيبة جديدة اوقعت نفسها بداخلها
يا تُرى ماذا فعل هذه المرة خاله ليؤدّبها؟

اردف: هلا مزون...خير....فيك شي....خالي في شي؟

تقسم لو اتصلت على فهد لصرخ بوجهها قائلًا( شالمصيبة الجديدة اللي خلتك تتصلين علي؟)
ابتسمت بتوتر: لالا ما فيني شي...بس اضطريت اخذ رقمك من جوال ابوي...عشان...وصايف.....
ريّان سكت ، اخذت رقمه من هاتف ابيها هل بعلمه او لا؟
لا يهم!
تحدث: وش فيها؟
مزون لا تدري لماذا الإرتباك سيطر على لسانها واخرسه، اخذت نفس عميق بعدما ابعدت الهاتف عن اذنها لتقول: ابي اطمن عليها واتصل ما ترد ..
وبكذب: واتصل على خالتي وهم ما ترد..

شدّت على اسنانها على اخر كذبةٍ مفضوحة ، ماذا تقول؟ ولماذا تخبّط في الحديث معه؟ تبًا لهذه الربكة، حقًّا كان عليها أن تتصل على خالتها بدلًا من أن تتصل عليه لا تدري كيف غاب عنها الأمر هذا، ولكن لو فعلت واتصلت عليها تعلم خالتها ستبدأ بالوساوس يعني لا مخرج لها من الاحتمالين!

ريّان بهدوء: وصايف اشوي تعبانة ويمكن نايمة ولا ردت عليك ...وامي يمكن بعيدة عن الجوال.....

مزون لتنهي الامر: طيب ممكن اكلمها الحين من جوالك...
ريّان ابتسم رغمًا عنه: بس انا مو في البيت انا في العمل..
مزون كيف غاب عنها نظرت لساعة الحائط لتضرب على جبينها بقوّة !
ولكن حقًّا تخشى عليها من هذا الرد الغبي الناتج من نواف
تحدثت: اوه....سوري...لو ازعجتك......مع السلامة...
ريّان: مع السلامة....

اغلق الهاتف، وحدّق فيه، مراهقة بها الاتزان وبها الانفعال والاختلال تجمع بين المتناقضات لتصبح متكاملة بعين اخيه فهد الذي ينفي هذا الشعور، ولكن ما يرهبه في الأمر شعورها هي ليس باتجاه اخيه فهد!
هما الاثنان مفضوحين امامه، فهد ربما يكن بداخله شعور ناحيتها خاصة الاهتمام الذي يطلقه على منحنى العصبيّة واثبات النفور ونرفزته من وضعها
وهي حقًّا تمقته وتعامله بعكس ما تعامله هو
ابتسم بسخرية ،
.
ثم نهض ليخرج إلى غرفة الإجتماع المنعزلة
.
اغلقت الخط، وهي تشتم نفسها، ماذا لو سأل خالتها لماذا لم تُجيبي على ابنت أخيك؟ فرقعت اصابع يدها السليمة بعد أن شدّت على قبضة يدها، الأمر بدأ بالتفاقم بسبب الوساويس والخوف من الاحتمالات التي تطرق رأسها طرقًا ، بللت شفتيها أعادت الاتصال على وصايف، لم تُجيبها شتمتها من جديد بكل قهر، انفتح الباب خلسة
التفتت سريعًا وكأنها واقفة تنتظر دخول أحد، تعجب من تصلّب وقفتها وحدّة نظرها
تحدث: لِيلِي وصلت....
يُقصد عاملة المنزل، هو بالعادة يستأجر عاملة في الأسبوع ثلاث مرات لتقوم بتنظيف المنزل ويعطيها المال المستحق بيدها ثم تذهب للشركة التابعة لها ولكن الآن اضطر للأمر ذهب واستقدم عاملة بعد ما حدث لابنته ستبقى هُنا مطولًّا، فابنته لن تعود كما كانت خاصة بعد الحادثة، رغم انها لم تكن ربّة منزل بالمعنى الصرّيح ولكن اثر يديها على بُقاع اركان هذا المنزل واضحة، هي من تقوم بغسيل ملابسها وملابسه، هي من تنظف بقدر المستطاع ارضيات الغرف جميعها، تهتم بتفاصيل النظافة كلها كوالدتها المرحومة
من ناحية الطبخ يختم على شهادة فشلها بنجاح ولكن كانت تُساعده في الأمر حينما يدخلان المطبخ معًا!

نظرت له وهي تعقد حاجبيها : مَن لِيلِي؟

راشد: استقدمت خدامة من المكتب...عشان البيت....انتي بعد وضعك ما عاد يسمح لك الحين تغسلين وتكوين ملابس ولا تنظفين وانا ما عاد لي وقت كافي اسوي شغل البيت وشغل العمل...
هزت برأسها : طيب طيب....
راشد بهدوء: انزلي تحت.....علميها على اماكن الاشياء والامور الاساسية.....حطيتها بالغرفة اللي تحت.....

هزت رأسها ليكمل: انا طالع.....لا تنتظريني على الغداء...

ثم ترك غرفتها وكأنه يقول هيّا افعلي ما امرتك به، بينما هي اتصلت على وصايف للمرّة الألف ولم تُجيبها فقررت ان ترسل لها رسالة تخبرها عن مصيبة تعليق نواف ومصيبتها من الاتصال على ريّان بدلًا من خالتها،
ثم نزلت للدور السفلي نظرت إلى العاملة ذات الملابس المرتبة والنظيفة وذات الوجه الآسيوي المبتسم
ابتسمت على ابتسامتها ثم اقتربت، لتردف بمزاج يُعاكس مزاجها قبل أن تنزل وتراها: يا مرحبا ترحيبة الصبح للشّمس ....حزّة عناق الليل مع طلعة النور....في لحظة كل المعاني غدت همس....والقلب غارق في بحر انس وسرور....العين عافت نومها من ضحى أمس....لا شك جابرها وانا صرت مجبور....

"ملاحظة: الشعر مقتبس"

العاملة المنزلية ما زالت تقف تنظر لها بابتسامتها ضحكّت بخفة لتردف: هههههههه الله يسلم انتي ماما...
ضحكت بخفة مزون ، هل استوعبت انها ترحّب بها اقتربت
لتردف: بيني وبينك سارقة هالابيات الشعرية....لجل عيونك الآسيوية...
سمعت صوته وهو يقول: لا تخبلين فيها من أوّل يوم.....

ثم اردف: انزحي عنها .....هذا وانتي وجعانه وفيك حيل.....

نظرت له بتفحّص ثم اردفت وعلى ثغرها ابتسامة شغب، تحاول أن تعامل ابيها كما في السابق لينزاح ستار الغضب عنه وتحاول الآن تمرير ما حدث لها من ربكة مع ريّان وغضب مع وصايف

اقتربت منه وغمزت بعبث: الحكي قالب شمالي إلّا اشوي.....اعترف موعد غرامي مع شمالية؟

نظر إليها وابتسم رغمًا عنه ، فهم تريد العودة معه على سجيّتها بنت مع ابيها بروح مرحة ، حقًّا افتقد ضحكاتها ومزاحها وحتى شغبها وكأنها طفله ذات سبع اعوام ولكن ما فعلته مؤخرًا جعله يجن ليعاملها مجبرًا بكل قساوة وبلا حفاوة، تنازل هذه اللحظة عن مشاعر الغضب
ولكي يُثبت تنازله جارى جنونها كالمعتاد

ليقول: صدق المشاعر بالحشا شايله شيل واجمل ليال الشوق والحب عشنا واليوم صار الوصل مقطوع بالويل ويل وآسى في داخل القلب شفنا.
.
.
"ملاحظة: الشعر مقتبس"
.
.


ابتسمت على استجابته لجنونها، خشيت حقيقةً من أن يكشّر بوجه عنها ولكن ردّه هذا يخبرها انه عاد راشد والدها وصديقها وكل الاشياء الجميلة التي تخشى من تأتي عاصفة لتقتلعها من ارض الثبات إلى ارض القلق والتوتر
بدأت بالتصفير وبدأ هو بالتوبيخ
: قص في لسانك لا عاد تصفرين ...ألف مرّة اقولك هالحركات ذي ما تلوق بالبنات...
.
.
لم تهتم لقوله كل مافعلته دفعت جسدها لناحيته لتقبّل رأسه ثم جبينه ويده، وتحتضنه بيدها السليمة تحت انظار العاملة التي ضمّت يديها متأثرة من هذا المنظر العاطفي، تنهّد راشد وشعر بقساوته طوال تلك الأيّام التي مضت عليها طبطب على ظهرها ليسمع صوت شهقة لم يتوقعها منها، هذه المجنونة تدخل في أمزجة متعددة وغير متوقعة في الثانية الواحدة، احتضنها بحضنه الأبوي الحان، يعز عليه انكسارها بهذا البكاء ولكن ما فعلته حقًّا لا يُغتفر ولكن قلبه الرؤوف وابوّته تحثّه على الغُفران فهي يتيمة ليس لها احد غيره تنكسر وتشد نفسها به، تتألم منه وتبحث في احضانه عن دواء يُعالج ألمها الناتج من غضبه، ابعدها ليقبّل جبينها ويبعد خصلات شعرها عن وجهها بعد أن التصق بالقُرب من عَينَيها الدامعتين!

تحدثت بين رجفات شفتيها: آسفة والله ما اعيدها......حط ببالك يبه....أنا مزون بنت راشد...مستحيل أوطّي راسك و..اخسي اوطّي راسك في يوم من الأيّام....ولا عاش من يوطّيه يا يبه...
ثم نظرت ليدها المكسورة: وانا استاهل هالكسر....بس قولي عساني ما كسرت هالقلب.......الله لا يسامحني لو كسرته.......وبهدلت حاله...

مسك كف يدها : لا تقولين كذا وانا بوك....
مزون رفعت يده وقبلّت كفه: سامحني يبه وارضى عني....وتكفى لا عاد تصّد عني يبه...انا بصدّك وبليّاك والله ما اسوى شي......انت مو بس ابوي....انت امي واخوي وكل شي....
رقّ قلبه عليها جذب رأسها لناحية صدره وطبطب عليها وقبلّه ابعدها
عنه ثم ابتسم: لاحظي حتى انتي السانك انعوج...
ضحكت بخفة وهي تمسح دموعه: تعرفني يبه.....علي فصلات اتكلم بكل لهجات المملكة......خاصة لصار مزاجي حوسة....
راشد ضحك وهو يعبث بشعرها: هههههههههههههههههههههه والله انتي الحوسة....
ابعدها عنه: بطلع ومثل ما قلت لك تغدي واكلي دواك......ولا تخبلين البنت....وتجننيها...
ابتسمت: ابشر...بس ترا والله ما سويت شي بس جلست اهلل وارحّب فيها من ابيات الشاعر المجهول اللي مادري وش اسمه....
ابتسم هنا: هذا انا حذّرتك....عن اذنك...
ثم مشى عنها وهي تلتف على العاملة لتقول: روحي الغرفة مال انتي ارتاحي...
هزت رأسها العاملة برضا لا تريد مزون أن تُدخلها المطبخ من أوّل مجيئها، واضح مُتعبة من الطريق ستتركها ترتاح وفيما بعد ستطلّعها على المنزل وعلى واجباتها، كانت ستتحرك لتصعد للغرفة وسمعت رنين هاتفها الذي بيدها نظرت للاسم
اجابت تحوّلت هنا إلى كتلت غضب لتردف: لا كان رديتي.....جعلك اللي ما نيب قايلة....

وصايف للتو جلست من نومها ونظرت للهاتف ولعدد الاتصالات المتكررة من مزون لذلك اتصلت عليها مباشرة خشيةً من حدوث امر مهم: المزاج مسلتم دور الجدّه؟
مسحت على شعرها لتردف مزون: صحصحي يا غبية....حمارك مسوي مصيبة....
وصايف نهضت من على السرير شدت على عينيها: اي حمار هالحزّه؟
اخذت الاخرى تردف بصوت مسموع: الوغد نوافّوه.....
وصايف بملل وتأفف: شوفي....ثبتي على لهجة بعدين كلميني انا كلمك شرقاوي وانتي نجدي على شمالي ...شفيككككككككككككك فاصلة الوايرات ؟....عقلك ضارب؟

ابتسمت رغما عنها مزون ولكن حقًا الموضوع مخيف: ادخلي على اخر بوست نزلتيه وشوفي نواف وش كاتب لك يا بقرتنا الحبيبة....
وصايف لا تريد تُكثر الحديث تشعر بالخمول وتعب جسدها اردفت: لا سكرين...
ثم ذهبت لناحية الدرج للكمودينة سحبت من داخله *الآيباد* دخلت على حسابها سريعًا ثم ضغط على الصورة ودخلت للردود
قرأت ما كتبه نواف، وغلبتها الضيقة، كلاهما عانا من هذه الفعلى المشؤومة التي انزلت بهما في وهم المرض النفسي قبل أن يكون جسدي
شعرت انها قست عليه ، ولكن تخشى من ان ترخى الحبل فيزداد جنونًا
سمعت صوت مزون التي تصرخ: ابك وييييييييييييييينك ؟
مزون رجعت لتحدّث مزون : حذفت الرد....
مزون بجدية: هالولد مبدول(خبل) يا وصايف.....وظنتي بجيب لك الطلايب....
مزون انتبهت لانتكاس مزون في اللهجة بشكل صارم
عقدت جابيها لتردف: انتي في الشمال؟
مزون ضربت على جبينها بغض: انا من أكلم؟...ِشكلي اكلم جدار....ولا اظنك ما زلتي نايمة!
وصايف رغم الحزن الذي تشعر به ابتسمت بتعب: والله .....اعرفك تقلبين بدوية بحت...لطسيتي هناك....
مزون : وش فيهم البدو؟
وصايف بضيقة من حالها مع نواف: اهلي وناسي وانا منهم ما غلطت بشي....
مزون باستهبال: وش فيهم الحضر...
وصايف : قزريها علي قزريها....قسم بالله ودي اخنقك..
ضحكت مزون على كلمتها تلك: ههههههههههههههههههههههههه هههههه
لتوقفها وصايف بقول: احس اني قسيت عليه...
صرخت مزون ونقزت من مكانها كالمقروصة: لااااااااااااااااا تحسين تكفين لا تحسين.....هذا ابليس يوّزك عشان تخربينها وتروحين وطي!...احساسك هذا غلط......تكفين لا تحسين وصايفوه....لا تجيبين العيد بنفسك....

بكت وصايف هنا
مزون بجدية: بدت تولجني(تاذيني= تغثني)..... بذا البكى ....
ثم بهدوء قالت: مزون.....تحمّلي هالمشاعر اللي انتي الحين فيها...صدقيني انها اهون بكثير من مشاعرك لو استسلمتي له......
ولكي تخفف من حدّت الأجواء: سمعتيني يا ام عضرود....
وصايف اخيرًا تحدثت وهي تمسح دموعها: والله انتي العصله....نحيفة وما فيك معالم.....
مزون ضحكت: هههههههههههههههههه...حلياك (مثلك)....
وصايف بدأت تتحمد وتتشكر عليها: واضح الولّه ....تبين تروحين الشمال؟
مزون صعدت على عتبات الدرج : تبين الصدق اي...ولهت على بيت جدتي...وولهت على ريحة امي....الديرة تذكّرني بأمي كثير...
وصايف بتنهد: الله يرحمها....
مزون لكي لا تنغمس وراء رغبتها في البكاء لتذكّر والدتها قالت: يلا اتركك......اوه صدق.....لحظة....ترا كلّمت ريّان وكذبت كذبة بتودّرني......
وصايف بتعجب: اتصلتي عليه؟....ليه؟...كيف جبتي رقمه...
مزون دخلت غرفتها: خذته من جوال ابوي بدون ما يدري...اتصلت عليه عشان اطمن عليك كنت اتصل ولا رديتي وواضح ما قريتي الرسالة اللي رسلتها لك...
وصايف : لا ما شفتها.....طيب.....وش هي الكذبة....
مزون باحراج: قلت له اتصلت على خالتي ولا ردت وعشان كذا اتصلت عليه عشان اطمن عليك.....
وصايف سكتت لوهلة ثم اخذت تضحك إلى ان دمعت عيناها: ههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههههههه...... ...
مزون ابعدت عن اذنها السماعة: وجع ان شاء الله وش ضحكت الهول ذا.....
وصايف بخبث: اه منّك يا مزنوه....مانتي هينة ....تبين تصيدين ريّان أجل؟
مزون فتحت عيناها على وسعهما: هييييييييييييييييييييي....ع ن الغلط وش اصيده انتي الثانية؟....ما نيب مجنونة مثلك.....
وصايف: ههههههههههههههه طيب طيب بحاول اصدقك.....والحين لا تحاتين بغطي على كذبتك انقلعي باي....
مزون بتأفف: باي.
.
.




.
.
اتصل عليه طلب منه أن يلتقي به في إحدى الكافيهات، وافق على مقابلته، ذهب وفي قلبه وجع لأوّل مرة يشعر أنه عاجز هكذا ولا يجد حيلةٍ تُبطل تهديداتهم المكنونة خلف اسوار حقيقتها البشعة...
ولكن لن يقبل أمر التصدير في الدول التي يحددونها له، لن يفعل هذا الأمر وإن قطعوا رأسه!
شعور أنك مخدوع، ومكبّل بالأغلال موجع للحد الذي يقيّد فكرك عن التفكير الصائب ويديك من أن تُبدي بردات فعل جنونية

مسح على رأسه عدّت مرات مل من الإنتظار
ولكن شعر بقدومه اتى وجلس على الكرسي المقابل له: اتمنى في شي مهم يستاهل ييتي لأهنيه(جيتي لهنا)

ليث نظر إلى وجه أبا سلمان، سمع نبضات قلبه بشوق لسلمان المرحوم، اشتاق له ولصحبته لحديثه وكيفيّة تهوين الأمور عليه، نظر لعينيه
التي تقدحان بنفس اللّمعان لتُصيب ذاكرته اللعينة وتبدأ بتنشيط الذكريات كلها لتمر أمامه صورة سلمان بتكرار مخيف وشفاف
بلل شفتيه ترحّم عليه سرًا: وش اسوي عشان توقف هالتهديدات؟
بو سلمان سكت ثم شبّك اصابع يديه مع بعضهما البعض: انت تعرف شنو تسوي بس تعاند...
ليث تقدم قليلًا بظهره للأمام: سالفة إني أصدّر الأدوية للدول هذي انسوها....انا مستعد ارجع للمعمل وللتصنيع....بس ما اصدّر.....وبالمقابل ماحد يأذّي زوجتي ولا حتى خويي...

بو سلمان بمكر ابتسم: افهم منك قاعد تفاوضني الحين؟
ليث رفع حاجبه: اي افاوضك...ولا بعد ممنوعه المفاوضة عندكم؟
بو سلمان ضحك بخفة: ههههههههههههههه لا مو ممنوعة......راح اكلم اللورد....و نشوف وشي يرد عليك......
ليث حكّ لحيته وبنبرة خبيثة : اوليفر أليجاه....هو نفسه اللورد؟

نظر إليه وكأنه يُرسل إليه رسائل مبطنة خبيثة ولكن عجز عن تفسيرها أو التماسها حتّى
: يعني قريت المقالة؟
ليث بغضب: عارف ظهور اسمي في الإعلام ما بيرسي على بر....
بو سلمان هز رأسه: قالوا عنك وايد ذكي بس ما توقعت جذيه بزيادة.....اكيد....ما راح يرسي على بر يا ليث....ودامك فهمتها وهي طايرة.....انقذ نفسك.....
ليث بتكرار: اوليفر....
قاطعه: يمكن يكون هو ويمكن وسيط ...بس صدقني هو يسوي كل شيء على المكشوف...وما يخاف من أحد.....فيعني لو تفكر أنت مسكت خيط يخليك تجيب أجله....فهذا أنا اقولك بجيب اجلك انت...

ليث
ظن أنه لو كان اللورد نفسه اوليفر سيسهل عليه الأمر في التخلّص منه بشكل قانوني ولكن الأمر صعب وجدًا وربما ابا سلمان فهم الأمر سريعًا
هل جميعهم اذكياء ليقرؤون افكار بعضهم البعض بهذه السرعة؟!
ام مرّوا عليه امثاله الكُثر المتهورين الذين فكروا بنفس طريقة تفكيره ومن كثرة تعاملهم مع اشكاله فهموا تفكيرهم؟
ليث لينهي النقاش نهض: كلّمه....وعطني خبر وش يقول لك......وابعدوا عن ركان...
بو سلمان بهدوء: لا تحاتي ركان عمره ما كان في دائرة الخطر والشك....واللي صار له مجرّد هدية بسيطة........

ليث نظر إليه باستحقار ثم مشى بخطوات غاضبة ليخرج من المكان ، شعر بضيقة تكتم على صدره ودّ لو يخنق بيديه هذا الرجل الذي باع دينه ودنياه من أجل المال، هو متعجّب كيف يملك القوّة التي تجعله يقف شامخًا رغم مقتل ابنه الذي عجز هو على نسيانه، كيف يستمر مع اشخاص قتلوا ابنه كيف؟ حقًّا هو لا يمتلك قلب لا يمتلكه ابدًا...
ركب سيّارته، سحب هاتفه ليرسل لركان أنه التقى بـ ابا سلمان واتفقا على الامر وسيوضّح له كل شيء غدًا
ثم بدأ بالقيادة
.
.
اتصل عليه حدث ما توقعه اللورد تمامًا، خوف ليث من أن يوقعوا في امور اكبر من التي فاتت دفعه للمجيء والخضوع لهم رغم ذكر اسمه في الإعلام لم يرد به شرًّاكبيرًا! ولكن كان مخطط له لإيقاع الخوف في قلب ليث وسحبه لطرفهم وإن لم ينسحب كانت هُناك خطّة بسيطة كانوا مخططين على ايذاؤه هذه المرّة دون أن يؤذوا من هم حوله ولكن اذاء لا يؤدي بحياته للموت!
ولكن لحق على نفسه من أن يلحقوا به الضرر البسيط والذي لا يعتبر بشيء أمام ما حدث لزوجته خاصة
اتاه صوته فقال: بتّال مهمتّك راح تبدأ من بكرا.....
كان صوت ابا سلمان يأتي من بعيد، مع ضجيج الموسيقى وارتفاع اصوات الأهازيج المحرّمة صرخ وهو: هلاااااا.........وش؟.....مهمة؟
ابا سلمان بلل شفتيه سمع صوت الموسيقى: اطلع برا بسسرعة.....
ثم اردف بعصبية: وبعدين تلوم بنت أخوي!
سمعه واردف منفعلا: لا تجيب لي طاريها!
بتّال خرج للشرفة رمى سيجارته على الأرض وسحقها وبأهمية قال: خير متصل؟....صاير شي؟
ابا سلمان: اقولك يا ثور....راح نتجّه لخطة باء....وراح تبدأ مهمتك من بكرا....
ضحك الآخر: ههههههههههههههههههههه احلى خبر والله.....
بو سلمان بتحذير: انتبه مانبي اخطاء ......ولّا راح تخسر اشياء وايد.....
بتّال مسح على انفه بحركه سريعة: ولا يهمك....
ابا سلمان: انتبه ليث يشوف ويهك.....هو حفظك من موقف الفيديو.....ورحيل ما ندري تعرفك ولا...

بتّال مسح على شعره الكثيف: لا .....كانت وقتها في حال ما يخليها تركّز.......وكلّه من الحمار ستيفن لو ما استخف....ما كان خلاني اتدخل واجي اشيله شال الله راسه..
.
.
بو سلمان حقيقةً لو لم يفقد صوابه ستيفن حينما هجم عليها في المواقف لما جعلهم يقلقون من هذا الأمر...هجومه ومحاولة اغتصابه لها وترتّهم كثيرًا كان عليه ان يُرسل تهديداته المبطنه ويخرج في غضون دقائق معدودة ولكن هو أطال معها وجعلوا بتّال يتدخل في الأمر قبل مجيء ليث الذي إن رآه حتمًا كان سيقتله!
.
.
: ابوه اللورد...ابعده هالفترة ....عن الاشغال وخلاه يروح كندا....عشان لا يسوي لنا اخطاء وبلاوي....
بتّال نظر للسماء: دام كذا .....ما راح يصير شي يخرّب علينا.....ولا تحاتي رحيل ما تعرفني...وعشان اخذ احتياطي بغيّر ستايلي....
بو سلمان بتأكيد: من بكرا تبدأ....
بتّال: ولا يهمّك....
بو سلمان اغلق الخط، هنا ثم نهض ليخرج من المكان وهو يبتسم بكل خبث
.
.
متخبّط به من القلق الكثير، ليس لهُ طاقة على تدفّيع الثمن لشخص آخر، يكفيه تأنيب الضمير الذي عاشه خلال الثمان سنوات، حينما جعلوا رحيل ورقة مع هبّة الريح تتحرّك كيفما يحلو لهم، يُحزنه انه لم يدفع الثمن بنفسه
يُقلقه من أن يمكروا به ويمدّوا اسواطهم المسمومة لتضرب أمل وركان لا يريد خسائر جديدة ولا يُريد عذاب آخر

يُريد أن يعيش باطمئنان وتعويض ما تلف رغم انّ الأمر يتطلب منه قوّة وصلابة عُظمى لترميم الأشياء التي هُدمت، فترميم حياة رحيل صعبًا
ويعد مخيفًا لأنها حقًّا لا تتناسب مع شخصيته التي تنفعل بسرعة وجنونه الذي لا يتوقف....حكاية أخرى!
رحيل هي النقيض لأمل
وأمل هي ألم رحيل!
عبس بوجه وركن سيارته لينزل ويمشي بخطى ضعيفة ويصعد لشقته، فتح الباب
ودلف منه ثم اغلقه،
هدوء
اعتاد على هذا الأمر، يدخل الشقة ليحتضنه الهدوء وتحتضنه برودة المكان، مشى ليتجه لغرفته ، هو مجبر على أن يرى امل ....لن يجعلها تذهب إلى شقتهما الأخرى ولا حتى شقّة ركان إلا بعد خروجه من المستشفى ...لن يبعدها عن ناظريه لكي لا يؤثم على ايذاؤها من قِبلهم!

فتح الباب، رآها منكبّة على حاسبوها والاوراق مبعثرة من حولها.
.
.

ما إن رأته حتى قالت دون النظر إليه: برجع شقة ركان اليوم.....
ليث دون ان ينظر لها رمى نفسه على السرير لتسقط بعض الاوراق على الارض: ما فيه روحة....

أمل لن تمرر الأمر ابدًا وإن كان لا يحبها ولا تهمه ولكن لن تجعل الراحة تتوسط معيشتهما!
: مستحيل اجلس هنا مع وحدة منحرفة ومختلّة عقليًّا....
اغمض عينيه وتنهد: اظنها كافه خيرها وشرها ومنطقّه في غرفتها ولا تطلع...
أمل ابعدت الحاسوب عنها ثم انحنت لناحيته وبغضب: لا ابشرك طلعت .....واختمت علي....ورجعت سجنها!
فتح عينيه ببطء حينام قالت (سجنها) استفزته بهذه الكلمة وجعلته يجلس ويعتدل على السرير....ازاحت جزء بسيط من ياقة بجامتها لتريه الخدش الذي احدثته لها رحيل
: شوف وش سوت ....رفعت علي السكين......حاولت تقتلني يا ليث....

ليث سكت، وقعت عيناه على الخدش المحمر، غضب
رحيل تُمارس غضبها وانفعالاتها وكأنها في السجن تُعامل من هم حولها على انهم سُجناء يريدون أذيّتها، تنهد لوضعها ثم رمى نفسه من جديد على السرير، تحدث: نامي.....الخدش بسيط....

صُعقت من كلمته وبروده ضنّت انه سيغضب حينما تخبره زوجته الأولى ارادت قتلها،
ولكن يبدو انه لا يهمه؟!
هذا يُعني أنّها لم تمتلك جزء بسيط من قلبه حتى على وقع الاهتمام او الإحترام شعرت الآن بالذّل اكثر، ارتباطها به ذلّها ، ملاحقتها له من أجل إخماد نيران الفضيحة لم تجعل لها كيانًا يُرى أمامه، تحرّك شيء بداخلها
يُقال لهُ الإنكسار والتهميش والتحطيم
ترقرقت عيناها وتحشرج صوتها : ليث.....قولي انا شنو بالنسبة لك؟.....ولّا تشوفني ولا شي....مجرد كيان زايد في حياتك؟

سمع حديثها، واستشعر نبرة الحُزن التي تنطوي تحت لسانها لتُثقله، اخذ نفس عميق وزفر بصوت سمعته، ثم استلقى على جانبه الأيمن ليهمس: لو الظروف عاكستني ما كان التقيت بك!....وليتها عاكستني يا أمل ليتها!

انحنى حاجبها الأيمين للأسفل لتحاول أن تمنع ترقرق الدموع في محجر عينها اليُمنى ولكن خانتها تلك الدموع، هو لا يتمناها في حياته ابدًا، ارتجف جسدها ازدردت ريقها عشرات المرّات لمّت الأوراق من حولها ، كانت هناك ورقتين تحت ساقه سحبتهما بقوة لتيمزقّا، ثم نهضت من على السرير ، شعر باضطرابها وبكاؤها ايضًا، اهتز جسده على حركاتها، اغلقت الحاسوب ثم توجّهت للدولاب سمعها وهي تفتحه بقوّة
التفت سريعًا هُنا وفهم ما تريد فعله، تريد الخروج الآن، تريد أن تُجاري كبرياؤها في حدّة حديثه وانكسارها ، ولكن نهض سريعًا ليُغلق الدولاب وهي تسحب منه ملابس عشوائي برجفة يديها
تحدث: ما فيه طلعة.....
أمل نظرت إليه ونظر لدمعها المنساب على وجنيتها واحمرارهما: وخّر ليث.....بطلع بروح شقة ركان....ما راح اجلس هنا....
ليث بغضب: أمل ليش تحبين تأذين نفسك؟
أمل بصرخة: وانت ليش ما تحس؟
ليث بتأفف: أأأأأأأأأأأأأاف منك اففففففففففف.......
ثم بلل شفتيه: ليش مو راضية تقتنعين......إني مستحيل اتقبلك....مستحيل يجي يوم واحبك على إني صريح في هالشي إلّا انك مو مستوعبته...

بكت وانثرت قهرها في رحيل: ما جبت هالسيرة قلت لك رحيل حاولت تقتلني....
ليث بفهم: مشكلتك مو رحيل مشكلتك انا........تفكرين بهالطريقة راح تثيرين جنوني....بس انتي غلطانه.....أنا اتوقع اي شي من رحيل.....وعارف كيف اتصرف معها بعدين.....بس انتي.....لا تحاولين تلفتين انتباهي لك بطاريها!

أمل رمشت مرّتين وهي تحدّق في وجهه
.
.
اذا لم تكن تريد مني حُبًا فماذا تُريد؟
هل تُريد سرقة الأحلام مني انتقامًا لزواجي منك؟
أم تريد اقتيالي بجعلي لا شيء في حياتك؟
.
.
بللت شفتيها، دار رأسها في هذه اللّحظة ، لا تدري ماذا تقول ولكن كل حدث وحديث يبرهنان لها ليس هُناك أمل من استعطاف قلبه لناحيتها ابدًا
همست: مستحيل تحبني؟
هز رأسه وهو يشتت ناظريه عنها : مستحيل يا أمل ويا ليتك تفهمين......وقد قلتها لك بداية زواجنا....رغم اللي بصير بينا لا تحبيني...حبي نفسك.....
أمل بغصة: وش فايدة زواجنا أجل؟
ليث بقساوة الأحرف: عشان استر عليك وعشان لا اخسر صاحبي!

عضّت شفتها السفلية التي بدأت بالأرتجاف
الآن حصحص الحق، ليفلق قلبها هي كانت تشعر بذلك طيلة الفترة ولكن كانت تُنفيه تحاول ألّا تصدقه ولكن
بكت كل ما فعلته انها بكت
وهو تقدم لناحيتها واضعًا كفّيه على اكتافه متحدثًا بهدوء: المفروض تكرهيني يا أمل.....ما كان المفروض تحبيني ابد!
ابعدت يديه عنها بقوّة وهي تبتعد مسافتين عنه نظرت له: انت بافعالك كسبت قلبي.....يا خبثك ويا خبث افعالك يا ليث...
ابتسم بضياع: الخبيثون للخبيثات!
فهمت مغزاه وبكت هُنا بصوت لتصرخ ضاجة امامه: لا تشبّهني فيك.....انا ما اشبهك....أنا غير....
ليث اقترب منها وبهمس: دامنا كنّا في نفس المكان......فهذا يعني نتشابه يا أمل....
ربما هي محقّة ليس لها دخل بما حدث ولكن يُتعبه امر الاقتران بامرأة وجدها في مكان مشبوه، محاطة بالذئاب الذين يحاولون ايقاعها في مخالب أيديهم، لن ينسى النظرات لم ينسى رجفتها التي تصرخ انا بريئة ولكن لم ينسى انها اتت لهذا المكان بإرادتها فما بين هذه التنقاضات لا يستطيع أن يرى جانب البراءة منها وجانب صدق قولها!
صرخت باكية: توجعني بالحيل....وكأني انا اللي سلّمت نفسي لك.....
بلل شفتيه بهدوء: سلمتيها لي بطريقة غير مباشرة يا أمل....وجودك في ذاك المكان...تسليم غير مباشر لجسدك....بس احمدي ربك سلمتيه لي مو لأحد ثاني ما يخاف ربه!

ضحكت بقهر في وسط انهياراتها يتمنن عليها ويدعّي مخافة الله،
الله عليك يا ليث
مسحت دموعها بكفي يديها ، ولكي تنهي الحديث اردفت بكل شجاعة: طلقني!
ليث ابتسم بسخرية على وضعهما، الذي لا يتسطيع أن يضع لهُ حدًا ولا عنوان
اقترب من السرير القى بجسده عليه اغمض عينيه ببرود: تعبان ابي انام......وانا افضّل انك تنامين .....اعصابك مشدودة...وأنتي بحاجة للهدوء والاسترخاء.....

أمل
شعرت بالنيران تشتعل بداخلها، بروده يقتلها اتهامها انها شريكة في اغتصاب حقها يُثير عواصفها، : بقول لركان ما اقدر اكمل معك....
ليث وهو مغمض عينيه: هدي اللّعب يا أمل ...وتعوذي من ابليس....ولا تشغلين بال ركان بشي وهو بهالوضع......
أمل: انا وضعي ادمر منه يا ليث بسببك....
ليث: لا توجعين نفسك بنفسك.....وراح يتحسن وضعك صدقيني....
أمل بانكسار: ابي اروح الشقة ماقدر اجلس هنا.....
ليث بنفس النبرة: جبرتي نفسك على امور كثيرة....ماظنك عجزانه تجبرين نفسك تجلسين هنا ......المفروض تعوّدتي.....هذا كلامنا....وهذا حياتنا....مو كل مرة ندخل في نفس النقاش تهربين....المفروض تعوّدتي خلاص...وطّنشين....بس عشانك حاشرة الحُب في قلبك تحسين نفسك عجزانه تجّاوزين كلامي وصدقه....وتجّاوزين وجودي بينك هنا!
ثم التفت عليها: نامي...صدقيني بترتاح اعصابك....
اطلقت دعوة من قلبها عليه جعلته يبتسم ثم خرجت من الغرفة
ليغمض عينيه وينام بسلام!
.
.
هُناك خمس سيارات في حادث أليم ومُرعب لمجموعة شباب لا تتجاوز اعمارهم العشرون سنة، طيش شبابي وروح مندفعة وراء التحديّات التي تُهلك الروح، وراء مُتعة زائفة لا معنى لها سوى التهوّر ولكن هم يتوّجونها على مبدأ المغامرة!
اضاعوا حياتهم في رهن هذه التحديّات التي لا تؤدي بهم إلّا لطريق الموت، اتصلوا عليهم لينظروا لبشاعة المنظر
توفي منهم ثلاثة لم يستطيعوا انقاذهم وهم في الشارع قبل نقلهم في سيارة الإسعاف
أما البقيّة تمّ نقلهم في سيارة الاسعاف بعد اجراء الاسعافات الاوليّة لهم وإكمالها في الطريق، تجمهر النّاس اعاقوا حركتهم وبدؤوا بالصراخ عليهم للابتعاد...وتوسعة الطريق لهم...

هو اهتّم بهذا الشاب الذي لا يتجاوز الثامنة عشر من عمره، حالته سيئة للغاية ، هو رأى الكثير من الحالات الصعبة في عمله كمسعف طبي ولكن اليوم رأى ما هو اشد عليه، وصلوا إلى المستشفى في تمام الساعة الثامنة وست دقائق مساءًا، حدث استنفار كبير في مستشفى الفاهد، نزلوا المسعفون وهم يدفعون الأسرّه سريعًا، طلبوا من جميع الأطباء التجمّع أمام باب الطوارىء بعدما تلقّوا هذا الخبر المفجع، وكانت دانة وموضي من ضمن الواقفين أمام الباب لإستلام أي حالة أمامهم..

دفع محمد السرير وسريعًا استلمت دانة الحالة استغربت من وجود محمد هُنا ولكن لم تبدي بأي ردت فعل وهو تعرّف على هويّتها من البطاقة
ولكن لم يهتم للأمر تحدث كعادته وكأنه رجل آلي اعتاد على الأمر: كسر في الرقبة........وتضرر كبير في الساق.....ونزيف حاد قريب من صدره...
دانة ازاحت البذلة من على صدره، رأت كيف الجلد مرفوع بشكل مخيف بالقرب من قلبه، شعرت بضيق تنفّس المريض،
: نادوا الدكتور رعد....
موضي استلمت حالة سريعًا
بينما
الدكتور رعد سريعًا اتى بالقرب منها ومحمد كان واقفًا يحاول ايقاف النزيف
تحدثت دانة: دكتور رعد اظن القلب في حالة تضرر....او المريض يعاني من امراض مزمنة......ضيق تنفّس والصوت اللي يطلع من صدره.....دلالة......
محمد رفع صوته ليقاطعها: وقّف اللللللللللقب...
الدكتور رعد بصرخة: اررررررررررررفعوا مستوى الاكسجين....
وبدأ بالانعاش القلبي الرئوي....ودانة بدأت تتوتر واخذت تحسب من رقم الواحد إلى الخمسة لتهدأ نفسها وتستغفر...لا تريد أن يموت أحد امام عينيها او بين يديها لا تقبل هذه الفكرة، فجأة دلفت الباب موضي

لتقول: دكتور قسم الجراحة صار ما يقبل اي حالة بدون توقيعك...و...

ثم سقطت عيناها على الشاب الطريح الفراش الذي يُنازع الموت، اختنقت....ِتعرّت من الثبات والقوّة اخذ جسدها يرتجف كالعصفور، حدّقت مطولًّا و اقتربت من السرير
ورعد يصرخ عليها: بدون توقيع المفروض يقبلون اي حالة الوضع خارج عن السيطرة كلمي الدكتور غسّان.....
وقفت وصدرها يرتفع ويهبط شعر بها محمد وهو يحقن الشاب بابرة
ودانة نظرت إليها وفهمت ردّت فعل موضي وخشيت من الأمر
بلعت الغصّة على همسها:اخوي....دانة هذا اخوي...

رعد وضع اللحاف الابيض على وجهه لا أمل له من ان يعيش وقف قلبه تمامًا
محمد خرج من الغرفة سريعًا ورعد نظر إليها : عظم الله اجرك يا موضي...
موضي اقتربت من السرير وهي تهز رأسها بِلا، ودانة حالة بينها وبين السرير لا تريد منها ان ترى حال اخيها المراهق وهو نائم على السرير وجسده بارد وعينه اليُسرى مفتوحة قليلًا!
احتضنت موضي التي بدأت تصرخ ليضج صوتها في اركان المستشفى
احتضنتها بقوة: قولي لا إله إلا الله...
موضي بانهيار تام: مامات تكفين دانة...سوي له انعاش مرة ثانية سوي له تكفين......امي تحبه...ابوي ما يقدر على فراقه تكفين....دانة...

حاولت التماسك ، حاولت ألّا تنهار معها، سحبتها بكل قوتها التي بدأت تتلاشى شيئًا فشيئًا بعدما احتضنت موضي وهما في الممر وارتخى جسد موضي على صدرها لتجثل هي معها على الارض
صرخت : نقّاااااااااااااااااااااا لة.....
محمد كان قريبًا منهما بينما رعد ذهب لقسم الجراحة ليرى الأمر الذي تكلمت عنه موضي ليس له وقت في الطبطبة ، وفي الإسهاب في قول الكلمات التي تخفف على اهل الفقيد ليس لأنه لا يمتلك العاطفة والأحاسيس ولكن الحالات كُثر لا يريد أن يموت شخص آخر، لا يريد أن يقصّر في عمله، بينما المسعفين اضطروا في المساعدة داخل المستشفى ، ومحمد كان واقفًا أمام احد الغرف ينظر للملف الذي اعطاه صاحبه

سمع صوت دانة ونظر لإغماء موضي سحب احد الكراسي المتحركة، وتقدم لناحيتها، دانة رفعت موضي معه ووضعوها على الكرسي وسحبتها لإحدى الغرف،
تحدث: اهتم بحالتها...
دانة نطقت بهدوء: تقدر تروح تشوف شغلك...
ثم سحبت ابره وعلبة صغيرة اخرجتها من الدولاب الزجاجي للأدوية
ستحقنها بمهدأ بجرعة خفيفة ولكن يدها ترجف، اعصابها حقًّا انشدّت، محمد نظر لاهتزاز يدها: عطيني احقنها....
دانة لم تعاند اعطتهُ الابرة والعلبة، لم يأخذ ثواني إلّا واحقنها
ثم قال: في حالات واجد يا دانة بحاجة لك......بتكون بخير...روحي شوفي شغلك.....بركّب لها السيروم.....
.
.

هزت رأسها ثم خرجت، نظرت لازدحام الممر، لركض الممرضات بين الغرف، للأصوات المزعجة الصادرة من سيارة الاسعاف، تشعر بالوجع على فقد موضي لأخيها، ازدردت ريقها، اخذت تجول في الغرفة التي تحتاج للدعم ، تدخل في هذه وتخرج من الأخرى، انشغلت ثلاث غرف للعمليّات واربع منها للعناية المركزة والبقية في غرف تنم عن استقرار حالتهم ، حمدت الله كثيرًا لم تتلقى خبر وفاة احدهم ، فقط اخ موضي من مات.....بينما الثلاث الجثث التي نُقلت إليهم وضعوها في القسم الخاص في ثلاجات الموتى، بعد ساعتين من الفوضى وسماع دقات القلوب الوجلة اتوا الأهالي ليزفوا الأطباء على مسامعهم مدى خطورة حالات ابناؤهم المتهورين، اكثر ما اوجعها وجه اخ موضي الذي اضطرت هي من تخبره

بموت اخيه وقفت امامه: عظم الله اجرك .....قاسم عطاك عمره....
لم يبكي ولكن جلس على الكرسي الذي خلفه تمامًا، انكسر شعرت وكأنه عود يبس فجأة ثم انكسر
لا تدري كيف تخفف عنه ولكن اقسى مراحل الألم أن يتألم الإنسان بصمت دون ان يُخرج هذا الألم من جوفة
تحدثت بثبات تخفي وراؤه رغبتها في البكاء: موضي في غرفة 206.....دخلت في حالة انهيار عصبي بسيط....تقدر تروح وتشوفها...

ثم انسحبت، من امامه، تريد أن تختلي بنفسها، قليلًا، هذه الحركة التي حدثت في المستشفى شتت عقلها من حُب رعد لها ومن رغبة جدّها في تزويجها لمحمد ولكن ليت ذهنها تشتت بطريقة اخرى
اكثر ما ألمها، وفاة قاسم...وصراخ الشاب الذي بُترت يده، ما رأته اليوم مجزرة لأوّل مرة تراها في بدايات مراحل عملها، تشعر رائحة الدم أخذت تتشرّب في جيوبها الأنفية وبدأت معدتها تستشيط لتبدأ بعدها بمرحلة الغثيان....ولكن حاولت التماسك....غسلت يديها من جديد بعد ان دخلت الخلاء المخصص للنساء ستخرج لوجهة المستشفى تريد أن تتنفّس
تريد أن ترفع الغطاء من على وجهها قليلًا تريد أن تبكي دون ان يراها احد....

تجزم رعد لن يُراقبها الآن فهو مسك حالة خطرة لم تخرج من غرفة العمليات للآن وهو المسؤول عنها كونه جرّاح قلب...لذا لن تخشى من ان يراها...سوف تأخذ راحتها .....خرجت....ورأت الوجهة مزحومة من النّاس...ذهبت لمواقف سيارات الإسعاف الجانبية كانت خالية قليلًا من النّاس....والضوء باهت وخفيف....لن يراها احد....

حقًّا لم تتوقع يومًا ترى ما رأته الآن لا تدري لماذا تأثّرت هل بسبب انهيار موضي باكية على صدرها أم لسبب عُمر هؤلاء الجرحى المنصرعين على الأسرّه بضعف، ام بسبب الضغوطات التي تشعر بها....

رفعت عن وجهها الغطاء اخذت تبكي بلا صوت وشيئًا فشيئًا اخذت تشهق ليحتقن وجهها بالاحمرار، تخجل من ان يراها احد.....اقتربت قليلًا خلف سيارات الإسعاف......لتتخبأ عن الأنظار!.....ولم تلحظ الشخص الواقف خلف سيارة الاسعاف الاخرى والقريب منها....واقفًا يدخّن بشراهة وبهدوء!

لم تراه
شعرت بتمكّن الغثيان منها.....فاتجهت من الناحية اليُسرى لتولّي بظهرها تمامًا له...وتتقدم لناحية القمامة.....فتحتها .....لتخرج ما في معدتها وهي تبكي.....بصوت ظنًّا منها لا أحد هُنا يرى ضعف حالتها.....الدموع اصبحت تنساب على وجنتيها بهدوء.....وعينيها احمرتّا سريعًا وعرق جبينها .....شعرت بتسارع نبضات قلبها....الحياة ابسط مما فعلوه بأرواحهم....الحياة جميلة.....هادئة...ولكن الإنسان نفسه....هو من يحوّلها إلى رماد...وإلى حديقة ذات ألغام متفاوته في الصغر!

ضربت على صدرها بقوّة وهي تبكي، تأن نوعًا ما، اخرجت قلق اصرار جدها على هيأت ألم في صدرها ، والفظت رعب ما رأته على هيأت دموع ضعيفة لم تذرفها سابقًا، استسلمت لضعفها البعيد عن انظار البشر.....

بينا هو من المؤكد ان يراها يومًا في المستشفى ليس على سبيل الصدف والخرافات التي أوّلتها هيلة في رأسها وترجمها فيصل واكدّت عليها اصايل ، طبيعة عملهم تُجبرهم في بعض الحين على الالتقاء في النقطة نفسها ليس صدف ولكن الظروف تلعب بخيوطهم في اقدار مثل هذه الليلة!

لم يتعجّب من حالها، هي دكتورة في بداية عملها لم ترى شيء بعد، تأثرها وبكاؤها واستفراغها لم يُثيرا الصدمة بداخله بل عبّر عنه بالشيء الطبيعي بالنسبة إليه

فهو رأى امثالها في بداية عمله، ولن ينكر انه انكسر في مثل هذه الحالات ولكن لم يبكي إلا صمتًا ولم تحزن إلا عيناه ولم ينكسر إلّا قلبه عليهم بكل هدوء عواصفه كانت داخليّة لا تُترجم للخارج!

القى بسيجارته على الارض ودهسها، فتح باب سيارة الاسعاف....سحب علبة الماء والمناديل....فكّر قليلًا لا يريد أن يقتحم هدوؤها فهي من المؤكد انعزلت هُنا لكي لا يراها أحد......

توقفت عن الاستفراغ....بللت شفتيها بألم...وهي تشد على بطنها كان ينظر لحركاتها من الخلف.....رفعت رأسها ثم مشت لتصبح واقفة جانبًا وينظر لوجهها...كانت مغمضة لعينيها.....دموعها ممزوجة بالعرق.....تنهد بضيق.....حينما التمس الشحوب الذي يملأ وجهها هذا الشحوب الناتج عن ضيق حالتها بسبب جدّه.....ولكن في الواقع ظّن ضغط العمل هو الذي احدثه....
اقترب منها ببطء وسمعت وطء قدمه فشهقت: هأأأأ......بسم الله...
ولكن قال: انا محمد ولد عمّك...
انزلت الغطاء على وجهها سريعًا
حّك ارنبة انفه: آسف....اذا خوّفتك بس مرّيت هنا وسمعتك.....يعني....
لا يريد قول سمعت بكاؤك ورأيتك تستفرغين ما في معدتك من ألم في القمامة
اختصر الأمر ومّد لها علبة الماء وعلبة المناديل
لم تترد سحبتهما وولّت بظهرها عنه فتحت غطاء علبة الماء شربت جزء منه ثم اخذت ترشح بيديها وجهها، بينما هو اخذ يجول بنظره في السيارات ، في تجمهر الناس البعيدة عنهما ، واذنيه تستمع لشهقاتها الخفيفة اللاإرادية.....مرّت دقيقة ثم التفت عليه بعدما انزلت الغطاء على وجهها
ناولته علبة المناديل لم تهتم إن رآها او لا وهي تبكي!
..ولكن الآن تشعر بالراحة بعد بكاؤها واستفراغها وهذا ما يهمها الراحة التي فقدتها كثيرًا
: شكرا...
سحب علبة المناديل بلل شفتيه لا يريد أن يحرجها كان سيتحرك
ولكن قالت: محمد جدي كلّمك؟
محمد وقف هنا طأطأ برأسه ثم شتت نظره عنها: انا كلّمته.....والواضح انه ما بغيّر رأيه....
دانة بثبات رغم ارتجاف جسدها: بس حنّا راينا ما راح يتغيّر!
حرك رأسه بتأكيد: لا تخافين ما راح يقدر يسوي شي...
دانة ابتسمت بسخرية وتذكرت حينما طلبها فجرًا لرؤيتها: إلّا يقدر ....هذا هو قدر يجمعنا في المجلس على اساس الشوفة الشرعية...
نظر لها وكأنها بثّت السم في مسامعه لتقلق قلبه من الموت!: يعني تظنين بيجمعنا في المجلس بوجود الشيخ ....وملّك علينا غصب؟
دانة حركت اكتافها: كل شي يطلع من جدي...
محمد نظر لعينها المحمرتين ولرمشها الذي احتفظ ببقايا الدموع: حتى لو سواها نقدر نرفض وقتها....
دانة شتت ناظريها عنه: مهما حاول يغريك من حوافز...ومن وعود...لا تغيّر رايك يا محمد....عن اذنك...
ثم ابتعدت عنه وهي تأخذ نفسًا عميقًا، وهو واقفًا ينظر لسرابها وهو يفكّر بحديثها الذي زاد من خوفه من قرارات جدّه!
.
.
فساد الرّوح يأتي بعد تلبية النّفس الأمارة بالسوء!
.
.

المكان ضيّق عليها لا يتسع لروحها ولا لجسدها، تختنق من وحشة المكان من بقاؤها هُنا وحيدة بِلا حُب يُعطيها الأمل من استيعادة عُشقها المفقود جَبرًا، لم تستطع الثبّات والبقاء في القاهرة لم تستطع ، والدها لم يهمه أمرها كثيرًا، رغم أنه علم بجرحها العاطفي وألمها الجسدي ولكن لم يهتم

لم يحتضنها ليخفف عنها، لم يطبطب عليها ليحتوي ضياعها سافر من اجل ان يشتت ذهنه ومن أجل ان يُسعد نفسه الأنانيّة

ابتعد ولم يسأل إن كانت هي بحاجة إليه، في الواقع هي بحاجة إليه وبشكل كبير، كما أنّ شعورها لناحية الاشتياق من زاوية والدتها تزداد
مُتعبة من هذا الفُراق الأبدي، تمنّت لو والدتها معها لتحتويها وتُعيد ترتيبها من جديد، سافرت هي الأخرى في اليوم الذي سافر فيه ابيها في الساعة العاشرة من الليل قررت السفر ولم تتردد في الإقبال على ذلك، سافرت إلى مدينة ليون الفرنسية والتي تبعد عن باريس 74كم
كيلومتر ، لم تذهب لباريس لأنّ لديها ذكريات بائسة فيها
قضت فيها مواقف صعبة لا تحبذ حتى ذكراها، مدينة ليون هي التي تُناسبها
وتُناسب مشاعرها، تريد شتائها القارص وبرودة طقسها يهشّم من هذه المشاعر التي استولّت عليها ، فهي تُعد أبرد منطقة من مناطق فرنسا
مشت في وسط المدينة وعينيها ذابلتّين، بِهما من الحُزن الثقيل والخوف الكثير...
اتصلت عليه
.
.
الحُب كأنكّ واقفٌ على أطراف شجرة الليمون، ما إن تثقل بعِشقُك نزفت هيامًا تُخضّب بهِ أطراف شوكها..انتظرت..لثانية ولكنّه
.
.

لا يُجيب، انسحب من حياتها كليًّا ولم ينسحب من قلبها الذي يصرخ بضجيج حُبه....نظرت لنهر الرون (بالفرنسية) أو ردانس (باللاتينية)....ارتعشت من هبوب الرّيح التي عرّت جسدها برجفة لئيمة .....وقفت بالقُرب من الجسر تسمع حفيف الأشجار .....تسمع صوت الصقيع وترى البرق يختطف بصرها لإرهاب هذا الحُب وتهدّيه جبرًا من افكار الانتحار!

خسرت كل شيء، والدتها ووالدها الذي خسر نفسه خسرته في الواقع من زمن طويل....بكت....
.
.
أين أنت يا ركان، أين أنت أيها الحبيب الذي فتح أبواب الأمان لي طوعًا لمشاعرٍ تبادلت في أُفق الأرواح العاشقة؟
أحببتُك، واحببتُ كل ما فيكَ من عيوب حتى إني لا أجد فيكَ عيوبًا في الواقع!
اجبني على اتصالٍ واحد ليردعني من جنون التفكير للهروب
الهروب من مشاعرٍ بدأت تأكل عقلي وقلبي خوفًا
اسمّعني صوتك.....احتضني بهمساتك....اردعني عن الجنون....
أنا لستُ مؤمنة بهذا الفُراق
لستُ قادرة على تجاوز صورتك من مخليّتي
أريدك
أنا بحاجة إليك
احتضني بصوتك
لا تُرهقني أكثر
لا تُتعبني في ادّعاء الحماية
ارجوك اجبني
واحمني من نفسي
ارجوك!
.
.
مشت بِخطى ثقيلة يعتريها الإنهزاز والإنهزام، التفتت للوراء لتمشي بهدوء إلى مبنى الأوبرا
Opra National de Lyon
.
.
الموسيقى هي من تسكّن آلامي
اعلم أنكَ توبخّني حينما اردف لك بذلك قائلًا
لا شيء يسكن الألام سوى القرآن
ولكن افهمني ركان أنتَ مؤمن لدرجة تجعلني أحسدك دون أن اشعر
إيمانك يُخفيني في بعض الأحيان، كُنت أحاول أن اجاري ايمانك بإيماني ولكن لم اتسطع!

كُنت متذبذبة، لا ادري كيف أحببتني وأنت على علمٍ من إنني مسلمة باللّسان ولكن شكلي لا يوحي بالاسلام، كما أنّ افعالي بعيدة عن احكامه، وكأنني لستُ منه وليس مني، خفت من الاستسلام ما بين يديك وأنت في درجة الإيمان تلك...

ولكن استطعت ان تنتشلني من قوقعة السكون والركود سحبتني لطريق الهداية اعلم انّك بدأت بذلك في اصرارك على استسلامي وثباتي في الصلاة، ولكن كنت اقرأ عينيك التي تحاول تخبأتي عن أعين البشر وانا حاسرة الرأس، بملابسي الضيّقة، وبزينتي التي تُثير الرغبات الكثيرة في أنفس الرجال، كنت اعلم أنك تريد مني التحجّب، ارتداء الرداء الساتر ولكن..
انا ضعيفة، لم استطع فعلها، اعلم وقتها انّك تحاول في استحباب قلبي لهذه الأمور....
ولكن انا لم احاول....إلى أن أتى يوم الفراق...يوم الإنفجار والإنشطار يا ركان....
ها أنا في ضعف حالتي....في وساويسي...وفي حبي...وشوقي لرؤياك.....ابحث عنك ما بين نوتةِ ونوته...ما بين أوتار الجُنك وأوتار قلبي....احفظك في سطر أغنيّة العُشّاق واترنّمك في روايات الخُلد والأساطير الخُرافية!
.
.
قلبي عاجز
ويداي ترتجفان
لساني يذكرك
وعقلي يتخيّل طيف ابتسامتك!
.
.
أحببتك يا ركان احببتك، اصبح الطريق إليك شاق ومظلم ، وتتخللّهُ بعض العقبات المكسورة، لم أكن اعلم حينها إنني سأقطع الطريق بكلتا الرجلّين الجريحتين أثر الوقوع والنهوض في بُقاع حُبك، كُنتُ اشبه بالمجانين في طريقي إليك، لم اعلم إنّ الإشتياق مؤذي يخلّف وراؤه تيه عميق، كُنت قد تساءلت ذات مرّة عن مرّ الإشتياق ولم افهم معانيه، ولكن الآن ادركت المعنى في زاوية الحُب المظلمة يا ركان!
.
.
مشت إلى ان اقتربت من المبنى رفعت رأسها لتنظر للأنوار التي تُضيء الخمس طوابق والذي تتسع لنحو ما يقارب 1200 شخص.
.
.
هل سيستطيعون الألفَين شخص من إلهاء قلبي؟
هل سيستطيعون من إخماد حريقي؟
انا أثمك يا ركان
أثمك الذي استحوذني
أثمك الذي ألهبني!
.
.
مشت
اقتربت من المبنى، سمعت صوت الموسيقى اغلقت عينَيها، بكت بهدوء، مشت لتُحدث بطرق كعب نعليها موسيقى اخرى، دارت حول نفسها وهي تنظر للسقف، للنجوم وللسماء السوداء التي تحتضن الغيوم بردًا لتجبرها على الصقيع!
لا تدري أين تذهب في الواقع ، كل الأماكن تلفظها بإزعاج قلبها الذي يضخ الدم حُبًا لركان وعُشقًا لعَينيه، مشت تحت السقف الزجاجي دارت بعَينيها لهذا المَعلم الأسطوري، مشت بداخله بما يُقارب الربع الساعة ثم خرجت.

لتمشي على الرصيف وتجعل الأمطار تُغسل روحها سمعت رنين هاتفها سحبته بسرعة وبلهفة نظرت للأسم وكان والدها هو من يتصل....اعادت الهاتف من جديد في مخبأ الجاكيت مشت ....إلى ان وقفت في الشارع العام لتوقف سيارة أجرة لها....ستتوجه لفندق راديسون بلو، ليون....ستذهب لتنام....لتهرب من كل الأشياء....اوقفت السيارة دخلت اغلقت الباب...

اتصلت عليه
لا يُجيب
.
.
لا تُجيبني...
لا تحبني
ولكن سأبقى أثمك الذي تخشى من ان ينمحي يومًا من ذاكرتك!
.
.
اسندت رأسها على النافذة ، تنظر للشوارع للمعان الأرصفة وهطول المطر بشكل كثيف ومهيب، اغمضت عَيناها تُريد ان تهدّأ من عواصفها ووالدها ما زال يتصل بها، ليُثير جنونها
هذا الاهتمام المتأخر لا ينفعها بشيء أبدًا، المسافات طويلة والعذاب قصير
الحُب يتشرّب في الدم والعٌشق يهتز في العَينين،
كان جسدها يرتجف، تشعر بالبرد، تريد الوصول إلى الفندق الآن
اخذت بما يُقارب الربع الساعة لتصل، دفعت المال خرجت واغلقت الباب....الأنوار بدأت تكسر عينيها الدامعة ...مشت بخطى متسارعة لتدخل بملابسها المبللة اثر المطر للفندق....ركبت المصعد...اخيرًا وصلت الشقة ....مررت البطاقة لينفتح الباب....اغلقتها....بكت...
تضرب على قلبها لتهمس: توجعني يا ركان.....توجعني....
.
.
مشت بخطى سريعة لناحية الثلاجة الصغيرة، سحبت علبة الماء...شربتها في دفعه واحدة ثم اغلقتها، وعادت تنظر للثلاجة للقاروات الأخرى، بلا تردد سحبت واحدة من القارورات التي تهوي بعقلها في شرود....وتُرخي جسدها في انتشاء لعين يحقق الذنب المستطير...فتحتها ...شربت جزء كبير وهي مغمضة لعَينيها وهي تبكي....وكأنها تُجبر نفسها على هذا الفعل نظرت للقارورة الزجاجية ثم رمتها على الارض لينتثر الزجاج تحت رجلها وهي تصرخ وتحدثت بتخبط لهجاتها وعقلها
: ماتردش خالص.......ابتعد اكثر.....واتركني بحياتي اضيع!

ثم مشت جانبا لترمي نفسها على السرير سحبت الجاكيت من على جسدها، سقط الهاتف منه سحبته من على الارض
وارسلت له تسجيل صوتي على الواتساب بِلا تردد وكأنها ترجوه بأن يُجيبها ليخمد نيران الشوق التي تعصف بها وبِـ أفكارها
.
.
: مش عارفة أعيش.....مش عارفة .... ركان....حُبك عمل فيني إيه.......حاسه ئلبي مش معايا!
صرخت وهي تتحدث بالمغربية: لا تخلنيش في عذابي....رد عليّا ركان......حاولت انساك......بس....
وبشهقة:.....هأأأأ....ما قلبي مزال يهواك!

ارسلت المقطع ثم رمت الهاتف بعيدًا عنها ودخلت في نوبة بكاء وصداع
رمت نفسها على السرير واحتضنت الوسادة لتكمل زوبعة هذيانها بركان بصمت وأنين!
.
.
يستمع لرنين هاتفه، يعلم أنها هي من تتصل
هي من تحاول الوصل...
يحبها
أجل
ولكن يخشى عليها من أن تضيع وراء الخضوع لهذه النغمات التي تعبث من وراء قلبه، لا يريد أن يُسمعها صوته المريض
وعشقه الهزيل!

يريد ان يلتقي بها في وقت لاحق وفي وقت افضل من هذه الأوقات التي ارهقتهما....نظر لشاشة هاتفه ....رأى رسالتها التي ظهرت له...
اغمض عينيه....هل يؤلم نفسه ويفتحها الآن؟
هل سيستطيع بعدها النوم والارتياح لو فتحها؟
لن يقدر اصلًا على تجاهل رسالتها، اتصالاتها هذه الليلة ، متكررة ومخيفة وتحاول من نزعات هيامه في الخضوع بالرد
كيف بالرسالة؟
فتحها وكان تسجيل صوتي
سمع صوتها، احمرّت عينيه شكّ بوضعها تمامًا، ماذا يحدث لها؟
لا يدري
عاد يسمع صوتها مرتين وخمس......وعشر مرات....إلى ان قرر ان يتصل عليها
اتصل
ولكنها لم تُجيبه،
.
.
.



.
.

لا تستحمل هذا السكون منه
هذا الثبات في وقت اهتزازها
يستشيط غضبها
نظرت له : بو فهد...
.
.
مُنذ عودته من منزل أخيه مكث في غرفته لم يأكل شيء ولم يشرب حتى الماء يريد أن يبقى لوحده وفي عزلته
ينظر لصورها وهي طفلة ، مُنذ ان كانت في المهد وحتى سن الثالثة عشر من عمرها، يخبئهما في الصندوق الخاص به، اخرجهم نثرهم على السرير
ينظر لها،
ينظر لعينيها الكحيلتين، لأنفها المرتسم الشامخ، لشعرها القصير وهي في سن التاسعة من عمرها بالقُرب من النّخيل في مزرعة أبيه، لإبتسامتها العريضة وهي فرحة في بداية خطواتها في المشي، حدّق في عينيها
وسقطت عيناه لصورة لم يتوقع ان يراها ابدًا، صورة جماعية في حفل زفافها، كان ليث عن يمينها وهو عن يسارها وريّان واقفًا خلفه وفهد واقفًا خلف ليث.....كانت خجلة.....ترتسم على شفتيها نصف ابتسامة ...ماسكة بالورد بقبضة يديها لتُرسل إليها بعضًا من توترها في تلك اللحظة، كانت بريئة، بعيدة عن المساحيق التجميلة التي تُعدم ملامح الإنسان الطبيعية، كل شيء بها يضج بالبراءة، بالهدوء والسكون....
.
.
أعادت عليه وهو ينظر لهذه الصورة: بو فهد.....حطيت العشا...انزل اكل...

بو فهد دون ان ينظر لها: مابي...
ام وصايف جلست على طرف السرير نظرت لصور رحيل ، شعرت بانقباض عضلة قلبها ، اشتاقت لها
: اشتقت لها؟
ابتسم بسخرية وهو ينظر لبقيّة الصور: مِن متى ما اشتقت؟
ثم نظر لها بعَينيه المحمرتين بسبب سهر الطويل: مكسور منها بالحيل....كسري ما جبر.....ظهري منحني بسببها......
ام فهد اختنقت بالعبرة لا تدري ماذا تقول له
اكمل: قومي يا ام وصايف ...روحي اكلي.....
نهضت بهدوء خرجت من الغرفة واغلقت الباب، ثم نزلت لترى فهد
: ما يبي؟
هزت رأسها بلا...
وصايف كانت جالسة في زاوية صمتها تنظر للسفرة بسرحان عظيم
نظر لها ريّان: ما خفّيتي؟
وصايف انتبهت له: إلّا....
فهد بهدوء: قومي اكلي أجل...
وصايف نهضت وهي تبتعد عنهم: مالي نفس....بروح انام...
ام وصايف مسكت يدها: وصايف لا توجعين قلبي اجلسي اكلي لك لقمتين .....ثم نامي.....اليوم ما كلتي شي....لا فطرتي ولا حتى تغديتي....

ريّان نظر إليها ببهوت، وفهد اطرق: بلا دلع وصايف جلسي اكلي ونامي...
وصايف لا تريد ان يضغط عليها احدًا: لو جوعانة راح اكل...
ثم قبلّت رأس والدتها لتردف: تصبحين على خير....
ثم صعدت لغرفتها
اما والدتها تنهدت وجلست: ما كلمتوا ليث...
فهد نظر لريّان الذي قال: لا....
ام وصايف بتنهد عميق: موجوعة من صّدنا لها.....
فهد ليخفف عنها: بيجي يوم هي بتتصل عليك بنفسها....لا ضايقين نفسك خالتي ....سمي بالله...
ريّان سكت، بينما ام وصايف سحبت الخبز من الكيس وبدأت توزّع عليهما
.
.
في غرفتها، جلست لتُكمل بقيّة اوراق البحث، اليوم كان ممتعًا مع هيلة ودّت لو أتت اصايل ليكتمل الفريق ولكن تلك الاخرى حدّثتها في الساعة الرابعة والنصف عصرًا وكان صوتها لا يبشّر بخير
كانت تطلب منها ارسال موضوع الواجب بحكم انهما في نفس التخصص وفي نفس السنة فهما في نفس العمر...
ارسلته لها..
انفتح الباب هُنا
دخلت والدتها ابتسمت على مضض
لتقترب منها وتجلس على السرير: يمه عهود ابي اكلمك بموضوع مهم....
عهود نظرت لوالدتها: موضوع؟
ثم بكل شقاوة ومزاج عالٍ غمزة لها: حامل يمه؟
ام صارم عبست بوجهها: يا الله عفوك.....استخفيتي؟
عهود ضحكت: ههههههههههههههههه ما قلت شي...وش الموضوع اللي بتتكلمين عنه....
ام صارم بجدية: متقدم لك ولد خالتك ذياب....
عهود بهت لونها هل تقدم لها من جديد هي تعلم انه تقدم لها مرتين ورفض والدها على لسانها ولكن هم لا يعلمون انها على دراية بذلك،
تحدثت هي الأخرى بنبرة جادة: يمه...ترا عارفة ذياب تقدم لي مرتين وابوي رفضه..
نظرت لها بصدمة لتكمل: سمعتك وانتي تكلمينه مرة......وانا مو فاهمه ليش هو يرفض....
ام صارم بتنهد: هذا هو جا لك مرة ثالثة وقال لي اسالك تبينه ولا....
عهود نهضت من على السرير: لا كان جا سأل .....كان رفضه مرة ثالثة.....لأنه من الآخر أنا رافضة....
ام صارم ضربت على صدرها: يا ويلي؟.....نخلص من جنان ابوك ....تجين انتي؟

عهود بنبرة عتب: وش على بالك يمه بوافق؟.....يرفضة مرتين ومطنشين رأيي....والحين لم نشب لكم جيتوا سالتوني....

ام صارم بغضب: عيب عليك تقولين عليه كذا....الرجال لو ما هو شاريك ما نشب على قولتك هالنشبة...وفك لحام ابوك.....وغيّر رايه....
عهود : من الآخر مانيب موافقة.......
ام صارم بحدة: ليش طيب؟
عهود : ما ابي اتزوج قبل دانة.....اخسي اتزوّج قبلها....
ام صارم بصوت منفعل: لا استخفيتي انتي؟.....وش دخل دانة.....دانة اصلا فرحانة لك.......وتتمنى لك الخبر....
عهود بجدية: حتى لو يمه......ما راح اوافق.....والله ما اكسر خاطرها....
ام صارم اقتربت منها: اختك اعقل من تفكيرك بواجد....دانة عمرها ما فكرت بنفس تفكيرك......ويوم تزوجين من قال لك راح ينكسر خاطرها...اصلا هي ما تبي تزوّج......الحين....وشوفيها حتى رافضة محمد ولد عمك...
عهود : يمه......مهما قلت ومهما حاولت اشرح ما راح تفهمين.....
ام صارم دفعتها قليلًا من يدها لتجلسها على السرير : يا الخبلة حنّا ما صدقنا على الله ابوك يلين.....وانتي تعقدينها....
عهود: اظن لي الحق ارفض واقبل اللي ابي يمه....
ام صارم بضيق: بعطيك يومين تفكرين عدل وبجي اسالك....بعدها....استخيري ولا تسرّعين....
ثم خرجت من الغرفة لتبقى اصايل تنظر للأوراق بحيرة!
.
.
في غرفته سيتصل آخر اتصال يحاول فيه انقاذ ما تبقى من حُب في صدره لها، سيتصل وإن لم ترد سينقطع بعلاقته عنها بعيدًا، اتصل....
.
.
بينما هي كانت تنتظر هذا الاتصال في الواقع تشعر انها قست عليه كما اخبرت مزون وتشعر انّ بعدهما عن بعض امرض جسدها فأجابته
ليردف بصوت مرتفع: لهدرجة انا ولا شي بالنسبة لك.....معلقّتني لا أنا في السماء ولا اللي انا في الارض...مسحتي بكرامتي في الارض...اتصل عليك ولا تردين....دريت ....انا غلطان....انا حمار....بس كذا تسع ايام ما تعطيني وجه وتصدّين....والله لو إني يهودي!

وصايف بنبرة مخنوقة: مهما بقول ما راح تحس يا نواف......خوّفتني ارعبتني......كرّهتني في نفسي...وشككت اللي حولي.....تركت لي اثر على خدي....وش تبيني اسوي؟...اتصل عليك واقول لك شكرا....هذا الحُب الحقيقي!!....الحُب الحقيقي ما يرتط بالشهوات يا نواف...ما يرتبط كلّش!

سكت الآخر واخذ يبحلق في غرفته، ما تقوله صحيح، ولكن ما فعله غلطة او وسوسة شيطانية لا يدري ماذا يسميها ولكن يجزن انه نادم....وكثيرًا...
تنهد: وصايف أنا آسف....والله ما كان قصدي....والله.....
وصايف سكتت وكأنها تريد فقط ان تسمع صوته لِتُرضي شيئًا ما بداخلها!
نواف اكمل: اوعدك والله ما اعيدها.....حتى لقاء ما راح يصير بينا...بس بصّير بينا مكالمات.....
وصايف بهدوء: وعد؟
نواف ابتسم: وعد....بس تكفين لا تقطعيني عن سماع صوتك....والله اجن يا وصايف...اجن....
وصايف بللت شفتيها: وانت لا تجن علي....وتسوي حركات تبعدني عنك غصب ترا استمرض يا نواف استمرض...
ابتسم على طريقة تقليدها له ثم قال: احبك ومستحيل اضرّك في يوم.....واوعدك ما عيدها ولا اكررها...
وصايف برضوخ: طيب.....
نواف كان سيتكلم ولكن انفتح عليه باب الغرفة سريعًا
ليقول: اكلمك بعدين يا الخوي....اوك باي..
فهمت انه دُهِم : طيب باي...
اغلق الباب ثم التفت على اخيه الذي قال: وراك ما نزلت تاكل لك شي...
نواف بنبرة هادئة: ما نيب جوعان....
صارم حاول أن يتزن في حديثه تكلم بحنيّة اخوية لجذب أخيه في الحديث: علامك يا خوي....مريض؟....فيك شي؟...صاير لك كم يوم مو على بعضك....
نواف شتت ناريه عنه، شعر باستدرجا صارم له : احس اني مضغوط...
صارم : من شنو....
نواف نظر إلى اخيه : من كل شي.....
صارم بتنهد: عشان الاختبارات قرّبت؟
نواف بكذب: يمكن.....
صارم وكأن قلبه اطمئن قليلًا: جّد على نفسك واتكل على رب العالمين....
نواف هز رأسه
ثم قال صارم بابتسامة يريد أن يخفف من حدّت اخيه كما انه يريد تغير مزاجه فقال: تجي معي نجيب دانة؟
نواف ابسم له: قداااااااااااااااام...
ابتسم صارم وضربه على كتفه بخفة
.
.
.
.
.
النفاق
آله تهدم أنواعًا مختلفة من المشاعر، وترميها في نفايات الإختفاء خلف قناعات رخيصة لا قيمة لها أبدًا...
كان ينتظر الوقت المُناسب، الوقت الذي يجتمعون فيه في الإستراحة
أتى الوقت الذي يُبيعهم فيه كما باعوه، سيدخل عليهم ويكشّر عن انيابه في هذا الوقت المتأخر من الليل، لم يتمنّى أن تؤول الأمور إلى هذا المنحنى والطريق
لم يتمنّى أن ينسلخ من ركوده وتطنيشه لهم بهذا الغضب، أتى باكرًا من عمله وهو يفكّر هل يُقدم على هذه الخطوة أم لا؟
ولكن قرر المجيء هُنا لينهي العلاقة معهم
نظر للأنوار التي تنّم عن اجتماعهم في هذا المكان، كان الهدوء مخيّم على الشارع، ترجّل من سيارته بعد أن ركنها في المواقف الخاصة
مشى بخُطى هادئة تعكس ضجيج تقززه من حديث صاحبه
دلف من الباب، لم يكن مقفلًا وهذا من عادتهم
ويعلم أنها عادة خطرة ، إن دخل عليهم احد ينوي شرًّا سيكون الأمر سهلًا للنيل منهم!
مشى إلى ان تقدم للداخل ونظر لهم ونظروا له بتعجب
تحدث احدثهم: هلا هلا بو علي.....اقلط....نوّرت الإستراحة....
ونهض الآخر ليقول: عبيد تركت الباب مفتوح؟
ثم نظر له: هلا فيك يا فيصل.....
عبد لله نظر إلى عيني فيصل التي تتحدّثان
عبد لله: هلا فيصل......ادخل اجلس...
رفع يده فيصل : انا ما نيب جاي اقلط ولا بجاي اجلس معكم....انا جاي اقول لكم كلمتين عشان توقفون الهرج والمرج الزايد....
عبدالله تنهد وفهم مغزى حديثه نهض وهو يأخذ بيده ويجره للجلوس: ادخل اذكر ربك........وبعدين تكلم...
سحب يده منه ونظر لعينيه: قلللللت لك ما نيب جاي اقلط عندكم....
ثم نظر لبقيّة اصحابه: الكلام اللي ينقال عني انه لي سبب في حالة ماهر ..وسجن طلال وزيد....كذب وافتراء....
ارتفعت نبرة احدهم ساخرًا: وااااااااضح افتراء...
ثم اكد الآخر: كيف افتراء وماهر هو اللي قاله هاااااااا؟
عبد نظر لهم بغضب
لا يريد ان يزيدوا غضب فيصل
الذي اندفع بقوله: كذااااااااااااااب.......صاحب� �م كذاب......انا مالي دخل باللي صار...وما نيب مجبور اصلًا ابرر لكم....بس جيت عشان اخلّص نفسي من صداقتكم الوسخة......
عبد لله : اذكر الله فيصل.........الكلام لا يودّي ولا يجيب...
نظر له بغضب: دامه لا يودي ولا يجيب...ليش شكّيت فيني؟....هااا....ولا ماهر ملاك.....وانا شيطان؟
ثم نظر لهم واخرج من مخبأ ثوبة مفاتيح ورماهم على الأرض: هذي مفاتيح الاستراحة ........وهذا...
واخرج المال بما يقارب الثلاث آلاف ريال: قطيّتكم.....للشهور الذي دفعتوها عني......مابي يكون بذمتي شي.......وهو منكم.......سلام...

ثم خرج وتبعه عبد لله والبقيّة اخذوا ينظرون لبعضهم باستغراب،ولجديّة الأمر في انهاء علاقته معهم!

عبد لله بصوت عالٍ : فيييييييييييصل .....فيصلللللللل تكفى.....وقّف...
فيصل وهو يمشي: انتهت صداقتنا ....يا عبيد....روح لماهر صديقك الصدوق....
عبد لله اخيرًا وصل إليه وامسكه من كتفه: لا تروح....روّق وهد اعصابك...لا سوق....وأنت بذا الحال.....
فيصل نفض يده منه : مالك دخل لا فيني ولا في حالي....
عبد لله بغضب: والله ما تروح مكان وانا موجود عطيتك وجه يا فصيلللللل...
ثم سحبه ودفعه للملحق وفيصل يتفلّت منه ولكن دفعه للداخل واقفل الباب
: اسمعني....قبل لا تمشي اسمعني....طبيعي بسمع ماهر واصدقه......
فيصل بصرخة: والي ما هوب طبيعي ما تصدقنيييييييييي..
عبد لله مسح على رأسه: هو موقفه اقوى...ووضعه اقوى......بس ما توقعته سفلة لهالدرجة....
ضحك فيصل هُنا من القهر: ههههههههههههههههههههههه.... .....عبد لله افتح الباب بمشي....
عبد لله بهدوء: طلبتك لا تردني تّم هنا اشوي لين تهدأ وامش بعدها.....وبكرا بمرّك وبدون نقاش...باخذك معي مشوار....

فيصل مسح على لحيته: اللهم طوّلك يا روح...
عبد لله بتطنيش ذهب لناحية التلفاز: من حضنا فيه سوني هنا.......نضيّع الوقت نلعب فيفا...
فيصل صغّر عينيه: مو وقتك عبيد تراني جاد......ومالي خلق....
عبد لله بدأ بتشغيل السوني: ادري يا المجنون وعشاني خايف عليك من هالطيش والغضب ما بيك تروح بعد ما تعنّيت لنا ......اخاف عليك من الموت....
واخذ يضحك ورغمًا عنه فيصل ضحك: ههههههههههههه.....بدا يتسيخف....
عبد لله: اجلس اجلس .....بس....طلّع حرّتك في اللعب.....
فيصل تنهد اغمض عينيه ثم نظر لعبد لله وجديّته ثم جلس بالقرب منه:اعتبرها وداعيّة.....
عبد لله اخذ يلحّن بفمه: ترارارا......
ثم ضحك: هههههههههههههههههههههه...... ...ناقصك والله بس دموع ...
فيصل ضربه على كتفه: كل تبن....واخلص عليّ ....العب...
عبد لله نظر للتفاز وهو يهتز بضحك!
.
.
كان في السيارة، يقودها للهاوية ، للاشيء، الوقت متأخر وعينيه ترجو الراحة بعد هذا اليوم العصيب، تنهّد بضيق، ما اخبرتهُ به دانة مريب
ومخيف، حقًّا يخشى من ذكاء وخبث جدّه
ويخشى من ان يوقع به كما اوقع به على مسمى النظرة الشرعية، توقف أمام الإشارة وهو يفكر بخطّة تفتك وتقتل الأمر قبل أن يولد
ولكن رنين الهاتف ايقظه من تفكيره
نظر للاسم وشعر بالقشعرير
(جدي يتصل بك)
انتفضت يده لا يدري لماذا ولكن شعر انّ حديث دانة سينفّذ عمّ قريب
اجابه: هلا جدي
اضاءة الإشارة الخضراء
وبدأ بالقيادة
سمع صوت جدّه الغليظ: محمد وانا ابوك تعال البيت
بلع ريقه محمد بخوف: خير جدي فيك شي ؟
الجد نظر لزوجته: جدّتك ما هيب بخير...تعال ولا تقول لأحد.....انتظرك....فمان الله
ثم اغلط الخط وترك محمد ينظر للطريق ببهوت(جدّته) ليست على ما يُرام؟ هل هي خدعة أم واقع
نفض تلك الفكرة من رأسه وهو يتمتم
: مو لهدرجة مو لهدرجة...
ثم قاد سيارته بجنون لناحية منزل جدّه!
.
.
استيقظ من النّوم وهو يشعر بالصداع يفتك برأسه، نظر لأشعة الشمس الذي تخترق النافذة وعقد حاجبيه وضيّق جفنيه...مسح على وجهه وتأفف، لا يدري كم من الوقت مضى...سحب هاتفه لينظر إلى الوقت
ونهض مخترعًا: اوووووووووف ثلاث العصر....وش هالنوم؟......والله دعوتك يا أمل جابت نتيجة!

نظر لمكانها الفارغ، وعقد حاجبيه وهو يهز رأسه مؤكدًّا انه ظلمها بالأمس!....ثم نهض....سريعًا يُريد أن يصلي الظهر والعصر بعد أن فاتته....ذهب للخلاء ....كانت الشقة باردة ولكن ليس هادئة سمع صوت التلفاز وظن انها أمل .....لن يذهب إليها الصلاة اهم من الحديث معها......يكفي انه سيصليها قضاء تنهد!
ثم توجّه ليتوضّأ لم يأخذ إلا دقائق معدودة حتى افترش السجادة وكبّر...لينهي الصلاة ثم ....فتح دولابه...واخرج ملابسه....ارتداهما على عجل....ثم خرج

مشى إلى الممر ليصل إلى الصالة سقطت انظاره على
رحيل انصدم لخروجها وجلوسها أمام التلفاز وهي تأكل
*الأندومي*
بكل هدوء
تحدث: وين أمل؟
نظرت إليه وهي تحرك اكتافها بمعنى لا تدري
فلم يتردد على ان يتصل عليها،
بينما أمل كانت تتناول وجبة الغداء في وقتها المتأخر في إحدى المطاعم القريبة من المدرسة التي تعمل بداخلها سمعت الرنين
نظرت للاسم
.
.
تنهدّت وتذكرت حديثه بالأمس الذي افلق قلبها ، اخذت تشدو بألحان حبها له الذي لا تدري كيف تربّع في عرش قلبها
.
.
بالأمس أحزن فؤادها ليجعلها مجهولة تمامًا،
كُنت مجهولة الهوية، عارية المشاعر
باهتة اللون، جاحظة العينين ومحمرت الوجنتين...اركض....دون خارطة تدلني عليك
أركض فلا أجدك، وابكي دون ان احتضنك
اتوجع دون ان اتكأ على كتفك، اصرخ دون أن أذكر اسمك، فعلمت بعدها إنني في سراب العاشقين ماكثة، فاقدة الوعي، وهناك كومة ثقيلة من الكلمات جاثمة على صدري، لا اعرف نطقها وربما لا أتقن لغتها ، ولم اتعرف يوما على مفرداتها، انطوت علي والتهمتني بجنونٍ لا يغتفر، حاولت الرّحيل، وبقيت تشدني إليها، وأنت باقٍ على حافة الهروب والابتعاد تنظر ، لسواد عتمتي وجنون خوفي، وانهيار مشاعري، وتبعثر هويتي أمام عَينَيك
.
.
حقًّا هو لا يستحق مكنون الحب الذي يُخالج صدرها

سمعته يقول: وينك؟

لتجيبه: رحت المدرسة......لا تخاف ما هربت!
ليث: طيب..
أمل شعرت بالضعف ثم قالت: بروح ازور ركان...مع السلامة...
ليث : لا تتأخرين...
اغلقت الخط في وجهه سريعًا، ثم مشى وجلس على الكنبة القريبة من رحيل
تذكر أمل، وحديثها، ومحاول قتل رحيل لها غضب لابد أن يحدّث رحيل الآن، فما فعلتهُ في الواقع اغضبه وجعله يتوتر من شخصيّة رحيل الجديدة فهو يخشى من أن يُسيء معاملتها ويزيد بذلك نيرانها المشتعلة!

: رحيل اللي صار بينك وبين امل أمس لا يتكرر...

رحيل ابتلعت لقمتها ونظرت له بعَينيها اللامعتين
: واذا تكرر؟
اثارت غضبه بنجاح
تعانده؟
اقترب للأمام شبّك اصابع يديه يحاول ان يتزن في ردات فعله وحديثه: رحيل انتي ما عدتي في زنزانة مليانة مجرمين.......انتي في المجتمع الخارجي الحضاري .......ماله داعي حركات الهمج والمجرمين.....واذا ان عادت ما راح يحصل لك خير.....

رحيل نظرت للتلفاز وبلا مبالاة قالت: انا اللي يستفزني يتحمل ما يجيه .....وهي استفزتني تستحق ما جاها...
ليث حبس نفسه الغاضب: في شي اسمه فن النقاش ...والحوار...استفزتك ردي عليها بلسانك لا تمدين عليها يدك...
رحيل اخذت تنظر له ببرود: ما اقدر...
نهض هنا وارتفع صوته: اقسم بالله العلي العظيم لو تكررين تصرفك وترفعين السكين عليها او حتى علي....اقسم لك بالله ما راح يحصل لك طيّب....فاهمة...
ثم عبر من امامها ولكن هي تشبّثت في يده ووقفت لتضع الصحن على الكنبة ، اقتربت منه وهي تبلل شفتيها، بينما هو كان يُراقب تصرفاتها ينتظر ما هو قادم منها إليه!
وبنبرة حاده: لا تهدد......انت مانت مجبور تهدد....ولانت مجبور تتقبلني على ما أنا عليه....الطريق مرا مختصر....طلقني وخلنا نرجع السعودية...وبكذا انتي حققت مقولة....الباب اللي يجيك منه ريح سدّه واستريح....
ليث نفث يده من يدها واقترب من وجهها: طلاققققققققققققق ما نيب مطلّق.........انسي اصلا فكرة الانفصال....انا لك وانتي لي....غير كذا ما فيه......

استفزتها نبرة التملّك والثقة التي تختلج صوته ومخارج حروفه، ماذا يعني أن يمتلكها هكذا بلا عناوين بل ربما تندرج تحت عناوين العناد صرخت في وجهه : مو على كيفك........انا ما نيب مجبورة اعيش مع واحد مثلك.....

ليث عقد حاجبيه اشار له: مثلي؟.....وش تقصدين؟

هي في الواقع اخذت تتذكر كل شيء في اليومين السابقين وبدأت تربط الأمور بطريقة متشربكة في الواقع، جلوسها في الغرفة لفترة طويلة جعلت ذاكرتها تعود لإستعادة شريط الماضي ، ثم بدأت بتحليل الأمور كما تراه خارجيًا!

: ستيفن.....يوم خروجي من المستشفى...حاول يغتصبني من جديد .....وقال لي كلام عنك......
ليث برد جسده هنا لكلماتها، تعترف له بمحاولة ذلك الوحش من رغبة الاغتصاب، اشتدّت عروق عنقه حنقًا
: وش قال؟
رحيل بثبات وحدّه: قال لي انك ذكي وعبقري وبسوي اللي ما قدروا يسوونه...بس انت ابتعدت......وانا بالنسبة لك نقطة ضعف....وقال لي اقولك لا تلعب بالنار.....
ثم ضربت على صدره بحركة اعتادتها قبل أن تدخل في اي حرب جسديا للدافع عن نفسها في السجن: اتركنا من كلامه.....قبل ثمان سنوات......لم هزأتني وطلعت لجامعتك.....بنفس اليوم.......دخل ستيفن من الباب الخلفي للشقة...وحاول يعتدي علي....ولفقوا لي التهمة......وش افهم من كل هذا غير انك...واطي....وما ستبعد انك بايعني له.....مقابل سواتك الـ###.....معاهم.....

لم يتحمل حديثها، ولم يتقبل امر سماع(حاول يعتدي علي) الامر يعذّبه من الداخل يحرقه، لا يريد أن تتلفّظ بكلمة تنّم عن تفكير ستيفن الخبيث....جنّ جنونه حينما التمس نبرة الشّك الحقيقية في صوتها، بثتذ رمادها في وجهه لتجعله لا يرى سوى الغضب فحركته تلك حينما ضربته على صدرها، اطلقت بداخله صرخة رغبته في إلتهام رحيل بالضرب!

شدها من عضدها وصرخ: مجنونة؟
رحيل حرّكت رأسها وهي تنظر لعينيه: عادي تبيعني عشان تعيش....ماستبعد...ما نسيت المهزلة اللي شفتها وانا في عمر ....خمسطعش مادري سطعش سنة......تكلّم بنات....تجي بالليل سكران.....ما نسيت...
ثم ضربت بقبضة يدها على جانب رأسها الأيمن : هذا صلب ما ينسى......والسجن له دور من أنه يخليني احتفظ بكل صغيرة وكبيرة في ذاكرتي!

لم يتوب عن افعاله المشينة بعد الزواج، في الواقع تاب بعد سجن رحيل ولكن اصبح اكثر مكرًا لا يفعل الأمور أمام اعين النّاس لكي لا يفضحه الطلبه كأمثال سعد الذي دعى عليه من قلبه لتوريطه في مسألة الزواج، لن ينكر رحيل عانت الكثير منه
استنقصها بشكل يُثير الحُزن والشفقة عليها، ولكن دفع كل هذا بثمن غالٍ، وتاب عن كل الأمور توبة دون العودة!

تحدث: ما نيب مجنون ابيع عرضي وشرفي يا رحيل.....
رحيل صرخت : الباب الخلففففففففففففففي مفتوح والرئيسي مقفلة علي......وااااااااضحة لييييث واضحة....
ليث هزها بعنف: فاهمة غلط.......انا رجال عندي غارية...وحمية على اهل بيتي...يا رحيل ....مستحيل ادخل عليك رجال......وش هالكلام؟

رحيل ضربته على كتفه وكأنها تريد ان تنتقم من السنين كلها في هذه اللحظة: اللي يكلم بنات....ويلعب في اعراضهم...ويشرب ويسكر...ما ستبعد عنه شي....
تستفزه تنحره بماضيه ، تشعل عليه الذكريات اللئيمة يُريد اخراس هذا الضجيج الذي احدثتهُ
صفعها على وجهها ولم يترك لها مجالًا للسقوط على الارض من قوّة صفعته شدها من ياقة بدلتها حتى بان كتفها بسبب شدّه على البذلة ووسعها عليها، هي وحدها التي تمتلك قدرة عظيمة على استفزاز عقله وحثّه على الضرب، وما تقوله امر لا يُخمد النيران بل يزيدها لتصعد فوق السحب العالية!

قرّبها من وجهه: انا رجال عندي غيره على محارمي مهما سويت.......وعمري ما لعبت بشرف بنت لا قبل اتزوّجك ولا بعد......

تكذب
وأمل؟
هل نسيت
أجل نسى في لحظة استفزاز ذكوريته في هذه اللّحظة نسى كل شيء، وبدأ يلتهم رماد رحيل بنفسه المتسارع!

اكمل: ستيفن يقول هالكلام....بسبب اللي صار وانتي في السجن....لا تفكرين ما حاولت انقذك ونقلل من الحكم وغيره وصرت له مثل الظل اللي يلاحقة......هو ما اذّاك وبس......أذاني...وباخذ حقي منه من ورا خشمه....

ارتجفت ما بين يديه وضعت يديها على صدره لتدفعه للوراء وهي تحك عينيها بطريقة طفولية وهمجية في الآن نفسه!
: ابي ارجع للسعودية...
ليث : ما حنا براجعين بذا الوقت........هناااااااااااااا ك ما هوب على خبرك يا رحيل...
وبقساوة لينتقم لنفسه: الكل كارهك.....ابوك....جدك....فهد...ري ّان.....الكل..... ما نيب مجنون ازيد النار
واشار عليها: حطب......لين تخمد النيران اللي بالسعودية رجعنا.....
رحيل اهتز رمشها: والشرط؟.......انا موافقة عليه.....جدك همّه الشرط ولا عنده هم ثاني....
ليث هز رأسه: الشرط هو الفاصل بينا وبين السعودية بعد النيران اللي وضحتها لك.....
صرخت في وجهه: أجلللللللللللللل ليش تعاند....

ترتجف، تضعف ولكن تبقى قويّة، هي كما قالت رماد ولكن من الصعب ان يتبعثر، نظر لضعف جسدها وبهدلت ملابسها، نظر لشعرها الطويل التي قامت بتجديله، نظر لشحوب بشرتها للهالات التي تلتهب عينيها
: ما اقرب منك وانتي مجنونة كذا.....استوعبي حياتك.....اعقلي عن خبالك......وبعدين كيف تبينا نرجع والوضع نار مثل ما قلت لك......أنا مقدّر وضعك ووضعهم ولا لي خلق مشاكل...ومستحيل بوضعك هذا تتحملين مسؤولية بزر....

رحيل ضربته على صدره بقوة : لحظة......لحظة.... انا مستوعبة حياتي بالتمام يا ليث ....و....انا بجيب هالبزر منك عشان ارجع للسعودية وبس.....ما عندي نيّة اتحمل مسؤولية ولا حتى اتحمل قربك بس مجبورة.....

مسك يدها بقوة وشد عليها: يدك لا عاد ترفعينها لا اكسرها......وبعدين تعالي....خليني اقولك شغلة...انتي بحاااااااااجة لطبيب نفسي يعدّل سلوكياتك.......وقلل من همجيّتك.......عشان تستوعبين كل شي...وتتحملين مسؤوليّة نفسك قبل لا تروحين السعودية وتصدمين الكل بهمجيّتك واندفاعك اللي مال امه داعي!

يزيدها غضبا، يزيدها وجعًا
هل هي مجنونة لكي تُعرض على الاطباء النفسيين
ماذا يقول؟
ضربته على صدره مرة ومرتين...إلى ان لوّى يدها خلف ظهرها تمامًا
تسارعت نبضات قلبها ثبّتها، ليعيق حركتها صرخ في اذنها

: قلت لك لا تمدين ييييييييييدك....خلينا نتناقش بكل ادب واحترام.....
رحيل صرخت: انت ما خليت فيها احترام....تتهمني بالجنون.......بس عشان تعاندني.....
تركها هنا وابتعد لتكمل: بامكانك ننفذ الشرط ونخلص....مالك دخل فيني....الكل مجبور يتقبّلني على ما انا عليه......

ليث: لا ماحد مجبور يا رحيل ماحد....
رحيل بقهر، نظرت لعينيه بعد ان ابتعدت عنه، تريد ان تُخنقه بالكلمات ، تريد أن تنتقم للسنوات: اذا انت عاجز من انك تنفذ الشّرط.....
بحلق في عينها وفهم ما ترمقه إليه لتكمل: اتصل على الشايب وقوله حنا ما نجيب عيال.....وخلنا نخلص ونرجع للسعودية.....
انقض عليها هنا ليقول: ما نيب عاجز يا رحيل.....واحذرك لا تستفزيني عشان ما أندمّك....
رحيل ضحكت بسخرية وفي نبرتها غضب: ههههههههههههههههههههه ....أنت ندّمتني وخلصت.....الحياة معاك ندم....
ليث دفعها للخلف، لا يريد ان يترك لها مجالًا للحديث والأخذ والعطاء ولينهي النقاش : الشرط ما راح ينتنفّذ في هالظروف وانتهى...
رحيل بللت شفتيها صرخت: أجل اروح احمل من اي احد .......واكلم جدّك بنفسي واقول هذاني حامل وكن فيك خييييييييييير قول له لا...هي خاينة....

ألتفت عليها بعد ان اغمض عينيه وشد على قبضة يده يحاول التماسك ولكن هي بدأت تستفيض غيظه من غضب السنين وكتمانها الذي انفجر عليه كالبركان سيحرقها بحممه، سيلهبها كما ألهب بالأمس قلب أمل، هي تحرقه برمادها وهو سيحرقها بافعاله وحديثه، كيف تتجرّأ وتردف بكلماتها الحمقاء تلك؟ كيفك؟

صفعها على فمها بكل قوّة حتى أدم شفتيها ثم دفعها على الكنب بكل قوته، ولكنها اهتز اتزانها وسقطت على الأرض انحنى ليشد على شعرها، وجحظت عيناه بالحمره المشتعلة
ليردف: اصلا انتي خاينة .......هذي خالصين منها....
ضرب بقبضة يده على قلبها بخفة ولكن بشدّه: عارف قلبك خاين....لا تحاولين تستفزين كل خلايا الغضب عليك في يوم.......صرتي ترمين خيط وخيط......وما صرتي تحاسبين لكلامك.......انتبهي مني رحيل....لا تخليني اجرم فيك...وادخل السجن مؤبد......
ثم ترك رأسها بقوة ورفس ساقيها وهو يعبر ويخرج من الشقة، سيخرج قبل أن يُدمي جسدها
هذه المرّة سيهرب من أمامها ليحميها من نفسه ولكن يخشى من أنها تجن في عدم حماية نفسها منه وتجعله يتلو عليها الفاتحة!

لم تبكي، نهضت وهي تحاول الأتزان، تحاول الصمود ، تحاول لملمت الأشياء كلّها تكرهه وتبغظه، وتشعر بالاشمئزاز منه، مشت ببطء شديد...دخلت إلى غرفتها ، ستخرج وستذهب إلى ماري، ستنتقم منه بهذا الخروج،، بينما ستفرّغ بقيّة غضبها في الإنتقام من جاسيكا ، تلك الفتاة التي جعلتها تنزف ألمًا ووجعًا لأيّام وهي في المستشفى، سحبت الجاكيت والحجاب وارتدتهما بعجل وهي تنوي الخروج!
.
.
بينما ليث خرج، وركب سيارته وهو يزفر بالاستغفار تستفز طاقته وتعبث بكل شيء من حوله تُثير غبار الزمن لينزاح ببطء من على دماغه
ويخضع لضميره!
حرّك سيارته سريعًا
والآخر يُراقب تحركاته وتصرفاته شعر أنه ليس على ما يُرام
ابتسم بخبث، واخذ يشرب من عصيره ببطء ، يشعر بالملل، لا شيء يبرهن له احتماليّة خروج رحيل من الشقة، خرجت أمل، خرج ليث
هل ستخرج هي؟ أم لا
تأفف اتصل على ابا سلمان: تراني ملّيت....من الصبح انزرعت قدام شقتهم ولا طلعت....
بو سلمان بملل: انتظر شنو تسوي بعد.....
بتّال: اداهمها في الشقة؟
بو سلمان بانفعال: عن الينون......نخلص من ستيفن تيي انت بعد...
بتّال تنفس بعمق: خلاص يبه ما بنسوي شي...باي باي...
ثم اغلق الخط واخذ ينظر للعمارة يترّقب اي حركة تُثير الظنون من حوله لينقض على تطبيق خطّته!

.
.
.

انتهى


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-21, 07:11 PM   #15

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




Part11





.
.
.



قبل لا ندخل في البارت حبيت أنوّه على كذا نقطة عشان نصير في الصورة السليمة مُنذ البداية، شخصيات الرواية ليسوا منزّهين كل التنزّيه فهم بشر يصيبون ويخطئون، والأحداث فيها من الواقع والخيال النّاطق، لم اقتبس الأحداث من حياة أحد أبدًا أبدًا، وليس هدفي تزيّين الحرام، بعض تفاصيل الأحداث لم أحبّذ التطرّق لها لأسباب عدّة حفظًا للحدود التي وضعتها لنفسي، كتبت اشياء كثيرة من وجهة نظر مختلفة خاصة لشخصيات الرواية، بعض الأحداث ربما كُتبت لتكون خارج دائرة المألوف بطريقة ما، فيه تعدد باللهجات لمناطق السعودية ودول أخرى إن اخطأت فيها اعتذر للجميع حاولت بجهد أن اظهرها بشكل صحيح ولكن اعلم اني بشر أُصيب واخطأ فألتمس لكم العذر من الآن، و يُسعدني ان اشارككم ايّاها بصدر رحب..فأنا اتقبل النقد ووجهات النظر بأدب ورُقي، روايتي ايضًا تحتاج لتأني في القراءة كما أنّها معقدة بعض الشيء، كتبت أجزاء كثيرة منها ولكن اعتذر منكم لن استطيع أن اشاركم اياهم في دفعة واحدة لعدّة اسباب منها ما زالوا على قيد التعديل غير إنّي مقيّدة بظروف خارجة عن إرادتي..لذلك سيكون هناك بارت واحد في الأسبوع "اليوم" لن يكون محدد..في الواقع لا استطيع تحديده استنادًا لظروف حياتي الشخصية.



.
.
.
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة ، اللهم بلغت الله فاشهد)
.



.
.
كيف يكون إنتقام الإنسان من نفسه؟ ومن ثم يتدرّج بعدها للإنتقام من الآخرين؟
ما فعلتهُ اليوم انتقامًا من نفسها وانتقامًا للسنين التي اجبرتها على تجرّع الأنين بصمت، البرود الذي استحوذ وجهها ومعالمه انتقامًا للهدوء الذي كان يكتسحه قبل أن تُغادر حياتها الطبيعيّة.
انتقمت من نفسها على سكوتٍ وظنون، وخوفٍ من الظلامِ في السجون تحدّثت وكأنّ الأمر سلَس يمر على اللّسان دون أن يُثقله، افلقت ضجيج الرّكود بداخله وانتقمت منها ومنه ومن السنين!
لم تنصدم حينما لقّبها بالخائنة، بل ابتسمت بسخرية على حُبها الذي انبتتهُ خضوعًا لهذه المشاعر التي لم ترى غيرها وهي خلف قضبان السجون!
وفي الواقع
لن تَركن الأمر إلى هذا الحد والجانب المُثير منه؟ لابد أن توجعهم كما اوجعوها
تُبكّيهم كما ابكوها، تريد أن تستلذ في آلام الآخرين على مبدأ الإرتياح
والشعور بالنّصر، لا تنفع الطِيبة الآن ولا حتّى الرحمة
هم قسوا عليها إلى أن حوّلوها إلى كُتلة تتبعثر منها الأحاسيس الدّاكنة
عزمت على الذهاب للُقيا ماري، للفتاة التي غيّرت من منطقيّة أفكارها
ونظرتها للحياة؟
لتلك التي جعلت جسدها صلبًا لا يتأثّر بالضّرب ولا مع هبوب الريّاح العتيّة....
ماري مِرآتها في الواقع، تشعر وكأنّها نُسخة مصغرّة منها
تفهمها للحد الذي تنتشل منها أثقالًا بأطنانٍ لا تُحصى، تريد أن تراها وتريد أن تنتقم
ورغبتها في أن تجد إنسان مختلّا بأفكاره ومتذبذبًا بأفعاله تزداد وماري تستطيع أن تصفها في مقولة دوستويفسكي
" أريد أن يكون هناك إنسان على الأقل، أستطيع أنْ اكلمه في كل شيء وكأنني أكلم نفسي"
وماري هي المنشودة، هي التي تشعر بها
عاشت معها سنين
وأي سنين؟
سنين
مليئة بالظلم، بالتعب، والإستسلام، والخضوع، والجنون....وأنواع شتّى من المشاعر الذليلة التي لا تصفها بأيّة عناوين من شدّة فضاعتها!

ماري كانت شاهدة على محاولاتها في الإنتحار، وسمعت صوت بكاؤها في اللّيل وحتى آناء النهار، كانت متوحشة تكرهها تعنصرّت عليها ولكن فجأة بدأت ترتخي مشاعر العطف وتنهمرعليها ومن ثم فهمتها وفهمت مخاوفها ولم تستعملهم ضدّها لكي تجعلها "عبده" تأمرها كما تشاء وهي تنفّذ، بل جعلت من كل مخاوفها قوّة لمواجهة حياة السجنون.

ستخرج من قوقعة الشقّة لفّت الحجاب على رأسها ، لا تريد أن تبقى هُنا لتستمع لصدى صوتها العالي

وصدى صوت ليث الغاضب، بللت شفتيها وتذوّقت مذاق مّر وتنبّهت للدم الذي جفّ على شفتها السفلية أثر صفعته على وجهها
في الواقع لم تؤلمها تلك الصفعة، لا شيء الآن قادر على أن يؤلمها أو حتى يجرحها، هي وصلت إلى مرحلة عالية من الآلام تلك الصفعات والجروح الصغيرة ما هي إلى مرحلة ابتدائية لا تُؤلم ولا تُؤذي!

سحبت المفتاح من مكانه قبل الخروج، ليس لديها مفتاح خاص فهي مضطرة لأخذ المفتاح الأساسي، خرجت واغلقت خلفها أبواب كثيرة، نظرت لعتبات الدرّج الطويل، وضعت المفتاح في مخبأ الجينز الذي ارتدته، ثم اغلقت على جسدها الجاكيت الأسود الطويل سحبت لرئتيها نفسًا دون زفره، شعرت الآن بنصف الحريّة التي يقتتلون السجناء أنفسهم ليظفروا بها...حمقى حقًّا هم حمقى ....حريّتهم في السجون أفضل بكثير من حريّتهم الطبيعية التي تقتات عليهم لإكمال مسيرة الحياة!

ابتسمت بسخرية على هذا التفكير المتشائم، خَطت أُولى خطواتها

بلا مبالاة، تريد أن توجع إنسان اليوم..تقتل إنسان..تؤلم إنسان..وتُبكي بشريّة!

لا تدري ماهية هذا الشعور ولكن أفكارها التي اشتعلت في الأيّام السابقة جعلتها تنظر من زاوية الحياة الطبيعية التي لا دخل فيها في قضبان السجون..هي ليست مثالية للحد الذي يجعلها لا تؤذي نملة؟
"لا "
ستؤذي ولكن ليس للحد الذي يؤدي للهاوية، لا تريد أن تقتل بالمعنى الفعلي....تريد أن تقتل بالمعنى المجازي المعنوي...تريد أن تحطّم مبانيهم الشامخة في داخل نفوسهم العميقة وهذا أعظم أنواع القتل برأيها!

خرجت، وكأنّ الآن اشرقت شمسها وأضاء قمرها في آن واحد، ابتسمت كالبلهاء وهي تنظر لضجيج الشارع، ركّزت بِسمعها على طرق أحذيّة المّارة، تحدّق ما بين زاوية وأخرى، تريد أن تحفظ المكان، اسماء تدلّها عليه حينما تريد العودة، رأت اسم الشارع الرئيسي والذي كان به العدو
كان ينظر لها وهي تنظر للوحات، وصل إلى حد نشوّة الفرح والمرح
ظفر بصبره وظهر فرجه!
صرخ وهو في سيّارته: أأأأأأأأأأأأأأأاااخيييييي ييييييرًا....اوووووووووف. .......ملّيت وانا انتظرك يا رحيل!

فتح علبة الماء ارتشف الكثير منها وهو يحدّق في تلك،
التي تبحث بعَيْنَيها عن رمادها!

تريد أن تتأكد هل تبعثر أم ما زال متماسكًا خلف أسوارها الفولاذيّة، مشت بخطوتين للأمام ثم التفتت على مبنى السكن، قرأت اسمه وحفظته بذاكرتها ثم وبلا تردد أشارت لإحدى سيارات الأجرة
أوقفت إحداهم ، ودخلت واغلقت الباب

ليضج الآخر: نبدأ رحلتنا الحين بروّاقة!

ابتسم بُخبث، لا يريد أن يطبّق على فريسته سريعًا الأشياء التي تأتي بسهولة ليس لها مُتعة أصلًا، يريد أن يتسلّى في وسط هذا النهار سيجعلها تعيش لحظتها ثم سيلغي عليها آثام كثيرة!

.
.
ما حكم قتل الروح؟
رحيل بِم تفكرين الآن؟
أفكر أن انتقم من نفسي
و؟
ومن أبي....خالتي....ريّان....فهد...ج� �ّي.....
ماذا عن ليث؟
سيكون انتقامي لهُ مختلفًا
لذلك أنتِ تصرّين على القتل الآن من أجل الإنتقام؟
لا
من أجل استيعادة تلك اللّحظة التي خسرتُ فيها نفسي!
يعني تنتقمين من أجل نفسك؟!
.
.
.

ابتسمت بعد أن اخبرت السائق عن وجهتّها للذهاب إلى أقرب صيدليّة دواء في هذا الشارع،
ما هو الشيء الذي جعلها تتألم بما يُقارب الستة أيّام؟
نزيف قلبها أم نزيف جسدها؟

لا تدري ماذا نزفت في تلك الستة أيام ولكن تقسم إنّها نزفت شيئًا آخر ليس دم فقط، وليس نَفس أو حتى روح، نزفت شيء لا تستطيع أن تحدُد ماهيّته
ولكن تشكر الفاعل على تخليصها من عبئه وثقله، والآن أتى دوره في تجرّع هذا النّزف الفريد من نوعه، ركن السائق السيارة في المكان المخصص
اخبرته ألّا يمشى ويبقى هُنا
.
.
أما هو يُراقبها على بُعد بضع مترات هو قريب إليها من حبل الوريد ، قريب لدرجة لا تلحظها ، أنزل نظّارته ونظر إليها وهي تترجّل من السيارة تقودها قدَمَيها إلى ..اللاشيء..
تدخل الصيدلية
يعبس بوجهه بتساؤلات ماكرة، ثم أعاد نظّارته ليعاود المراقبة بصمت أفكاره!
أما هي، ماذا يحدث حينما يتم تناول الشخص الطبيعي أقراص مهدئّة للأعصاب بكميّات كبيرة تدل على منطقيّة الإنتحار؟
ماذا سيحدث لو تناول شخص فلوكستين مثلًا؟
هي لا تسأل لأنها لا تعرف الإجابة هي تسأل لتستنبط الإفادة وتسترجع معلوماتها!
ابتسمت بخبث، الكتب التي قرأتها أنارت عقلها بشكل مخيف ومذبذب
فالسجن أثّر عليها بشكل سلبي أما الناحية الإجابية جعلها تحب القراءة والكتب
فقرأت ما هو مفيد وما هو مضر!
سحبت العلبة لا تستطيع أن تصرف الدواء دون استشارة طبيّة، ودون وصفة أو نشرة رسمية!
ومثل هذه العلاجات يدقق عليها (الصيدلّاني) لخطورتها وأعراضها الجانبية لا يجب على الإنسان الطبيعي أن يأخذها دون استشارة طبيّة بحتة،
اصبحت أمامه تنظر له وينظر لها
كيف تقنعه بأن يصرف لها الدّواء دون بلبلة وعِناد؟
تحدّثت (مترجم): نسيت الورقة..وانا بحاجة كبيرة للدواء..من فضلك خذ المال..
ومدّت يدها وهي ترتجف كذبًا، وتتلعثم بتمثاليّة دور المريض النفسي الواقع على صريع هذه الأدوية إدمانًا لها، بللت شفيتها
وأخذت تنظر له برجاء: please....
تنهّد الآخر، وبدأت تنطال عليه الكذبة أو ربما لم تنطال ولكن اعتاد على هذه الشخصيات التي تأتي هُنا من أجل المهدئات لأنهم ادمنوها حتى الذين خاضوا فترة العلاج وانهوه يأتون لأخذ الأدوية لأنهم ادمنوها بشكل مُخيف ويهدد حياتهم ويعرّضها للخطر وهذا هو الجانب العرضي
والذي من المفترض الإلتفات عليه
فهو لا يخيّرك بل يقودك
للإدمان ثم الموت!
صرفه لها، وسريعًا التفت على حاسوبه ليحذف مشهد مجيئها ومشهد وهو يناولها العلبة، يريد أن يخلو مسؤوليته دون تردد!
أخذته وهي تبتسم
.
.
رحيل لن يحدث لها نزيفًا
ولكن
اعلم كل ما سيحدث لها
رعشة ربما في اليدين
وإنخفاض كبير في مستوى ضغط الدم
وربما اهتزاز وزغللة في العينين
"امممم"
أريد أن اتذكر ماذا عنّيت وقتها؟
أجل سيسبب غثيان....وربما وفاة
ولكن حقًّا أنا لا أريد قتلها!
.
.
ركبت السيارة مشت
تبعها الآخر بتعجب من وضعها، الطريق طويل
وحديث الذات طويلًا
تنظر للعلبة....طلبت منديلًا من السائق ناولها علبته
ثم فتحت العلبة الصغيرة لتفرّغ كميّة عشوائية من الأقراص على المنديل ثم بدأت تطوي المنديل ليصبح صغيرًا على شكل مربّع!
سحبت من على ذقنها طرف الحجاب......ادخلت المنديل بهدوء ثم لفّت دوره أخرى على رأسها من الحجاب لكي لا يُفتضح أمرها ولكي تُخفي أثره!
اعلمتهُ إلى أي طريق يذهب، إلى السجن
إلى هاويتها وعذابها المديد
إلى ذاتها المشرّدة
إلى رحيل القديمة
إلى الأشياء التي لا توصف!
.
.
يُراقبهما، يريد فقط اللّحظة الحاسمة للأمر
.
.
وصلت وترجّلت، مشت بهدوء ودخلت السجن، دخلت لتشق طريق الإستقبال وطلبت رؤية ماري....ووضعوها في المكان الخاص لرؤية السجناء
وبقيت تنتظر...
.
.
وصل إلى المنزل كان الباب (مردودًا)، قلبه يقرع طبول الخوف من إيقاعه في الدّوامة التي اشغلته في هذه الأيّام، دخل وأخذ يمشي بثقله، ونظر لباب المجلس وإلى الأنوار التي تصدر منه
ازدرد ريقه عشرات المرات، هل سيهوي به جدّهُ في الفخ، هل سيوقع بهما في هذا الوقت...
لحظة الوقت....
أجل الوقت متأخر لماذا كل هذا الخوف؟
من هو الشيخ الذي سيقي مستيقظًا إلى هذا الوقت المتأخر يا محمد ليعقد قِران النّاس؟
ركض هذه المرّة بقلق من حدوث شيء طارىء لجدّته
وقف أمام الباب ونظر لجدّه ولجدته التي تفترش الأرض (ببطانيّات) كثيرة تستلقي عليهم وجانبها جدّه يرتّل بصوته الحاني سورة الفاتحة يكررها بهدوء
فهم أنه يكررها سبع مرات على رأس جدتّه
واستوعب جديّة الأمر في مرضها تقدم
:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ، اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ.

رآه كيف يهتز كالنخلة يمينًا ويسارًا وتارة للأمام والخلف، وضع يده على كف جدّه وهو يقول له
: جدي خير وش فيها؟

ولأنه بدأ بتلاوة
هذه الآيات الكريمة من سورة البقرة لم يُجيبه بلا استرسل

: آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ،
لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.

سكت ونظر إلى جدّته وإلى شفتيها وهي تهتزّان فهم أنها "محمومة"، مسك كف يدها ووجدها تشتعل نارًا فنظر لجدّه بعدما فرغ من ترتيله
فقال: الحرارة موّلعه....
ثم نظر لجدّه: من متى وهي كذا؟
الجد بهدوء: والله يمكن صار لها ساعه...
اتاهم صوتها وهي تردف: ما فيني شي يا عزيّز....
هزّ رأسه الجد قائلا: لا حول ولا قوّة إلّا بالله....والله أنك مريضة بس تكابرين.....اتركي وليدي يشوف شغله بس....

ومحمد فهم أنها بدأت تُهذي بعد أن سمع تكسير اسم جدّه في حضرته فهي من المستحيل أن تقلل من شأن زوجها لا في نطق اسمه ولا في افعالها أمامهم لذلك بُرهن له إنها تُهذي من شدّة الحرارة!

فقال: طيّب جدي....بقوم اجيب كمادات....
الجد نظر له: لا حط لها ذاك المَاء....
فهم قصده وابتسم: مغذي قصدك...
الجد عبس: إللي هو....
محمد بجدية: أجل أوّديها المستشفى أفضل...
تحدثت وهي مغمضة لعينها وبنصف وعيها: تهبون تودوني....ما عاد إلا هي يكشف علي الغريب!

الجد لأشار له بيأس: من طق الباب سمع الجواب...
محمد ضحك بخفة: ههههههههههههه بجيب كمادات......والعدّة...
الجد بحده: وش عدّته بتصلّح لك سيّارة أنت؟

محمد حقًا لا يدري ماذا يفعل طيلة الطريق خائف وقلق والآن دخل في مرحلة ضحك على ما يقوله جدّه وهذيان جدّته
تحدث: جدي ههههههههه اقصد العدّة الطبيّة.....
.
.
ثم خرج
.
.
سحب هاتفه كتب ما يحتاج إليه لفيصل
ثم اتصل عليه سريعًا
ليأتيه صوته وهو يقود سيارته بعد أن خرج من الإستراحة ووعد عبد لله بعد اصراره أن يذهب معه غدًا في مشواره الذي لا يدري ما هيته
: هلا حميد....
محمد وهو يدخل إلى المطبخ: فيصل نايم؟
فيصل نظر للشارع بتركيز: لا ...برا البيت....خير في شي؟
محمد سحب فوّطة نظيفة من على الطاولة وإناء ليبدأ بملئهُ بالماء: روح الصيدلية ...اشتر اللي رسلت لك على الوات وتعال بيت جدي ضروري....
فيصل انعطف يمينًا: طيب...بس شنو فيه؟
محمد : لا طوّلها فويصل ما في شي...بس جدّتي فيها حرارة......
فيصل بتفهم: طيب خلاص فهمنا باي...
محمد يستعجله: لا تتأخر..
فيصل بهدوء: بدخل حارتنا أصلا.....بروح الصيدلية القريبة منّا ست دقايق وأنا عندك.

محمد اغلق الهاتف، ثم عاد لجدّه وجدّته
سمعها تحدّث جدّه: جسمي حديد لا تخاف....هالسخونة ما راح تهد حيلي كثر فعايلك وكلامك!

الجد
حزّ في خاطرة حديثها، هو لم يتنازل اليوم عن رمي قنبلته عليها و أخذ يصرخ ويأخذ بالحديث معها جدالًا شعر إنها دخلت في صمت الزعل وعدم الرضّا ، لا يدري كيف انفجر....هو يُريد مصلحة الجميع وليس إيذاؤهم، يُكفيه الهم الذي يسمعه من النّاس، تُكفيه تلك الأيّام الماضية التي انبتت الشيب في رأسه حُزنًا لا تقدمًا في عمره!

سمع محمد حديثها وفهم هُناك خلاف واقع بينهما وضع الفوطة في الإناء ، غمسّها جيّدًا ثم اخرجها
عصرها بيده ثم وضعها على جبينها

ليقول الجد: الحين جاي لي عشان تسوي لها كمادات.....
الجدّه وهي تفتح عينيها ببطء شديد: بالهون على الولد يا عبد العزيز...
محمد ابتسم لجدّه: جدي اشوي وفيصل بجيب...
لم يكمل على اندفاع جدّه: فويصل؟....وراك أنت....قايل لك لا تقول لأحد...

محمد بهدوء: تطمن فيصل ما راح يقول لأحد لا تحاتي...
الجده مسكت يد زوجها: قوم انا ما فيني شي.....روح نام وريّح عويناتك....مير اليوم هديت روحك وتعّبتها....روح اذكر ربك ونام....

الجد ألتمس رغبتها في عدم رؤيته تنهد: الله....ما تبين تشوفين وجهي يا حسنا؟
محمد سكت هُنا وأخذ ينظر لهما بهدوء
لتردف جدّته: هَوْ؟ انا شايفة شي عشان اقول أي....ليتني اشوف الوجه السموح يمكنّي اطيب.....

ابتسم الجد هنا وطبطب على كتفها: جعل عيني ما تبكيك يا أم عبد الرحمن...

محمد ابتسم إلى أن بانت صفّة أسنانه كيف للسنين أن تجعلهما يخوضا جولة عتاب مبطّن وجولة رضا صريح؟
هي حزينة ومتألمة على الحال ولكن ايضًا زوجها لم يكن اليوم بخير لا تريد أن تضغط عليه أكثر فهي تخشى عليه.

محمد ليلطّف جوهما: ناقصك يا جدي تبوس كفها...

الجد نظر لحفيده
ثم تبسمّت الجدّه ولكن فاجأه جدّه وهو يردف: والله ما بخليها في خاطرك....

ثم قبّل كف يدها بهدوء،
محمد : ههههههههههههههههههه الله يرزقنا مثل حبكم يارب....

الجد بهمس: الله يرزقك بالأحسن وانا أمّك...
.
.
الجد نظر إليه بنظرات لم يفسّرها محمد ولكن خشي من أنه حرّك مجال التحدث في موضوع دانة
الجدّه بجدية: يا بو عبد الرحمن الوقت قضى واشوي ويطلع الفجر....قِم خل تغفى عينك على ما يأذن ....

الجد : أبا اتوسّد مخدتي هنا.....

محمد : لا جدي روح غرفتك ارتاح انا بتم هنا....
الجد بانفعال: علامكككككككككم انتم تبون فرقاي؟
الجده : لا حول ولا قوة إلا بالله...إلّا نبي راحتك.....

محمد نظر لساعة يده وكان سيتحدث ولكن دخل عليهم فيصل وهو يلقي السلام ثم ردوا عليه
فتقدم وهو يقول: الباب مفتوح....
الجدّه بصوت متعب: يا ويلي....علامك يا محمد ما سكرته تبي يدخل علينا أحد بانصاف اللّيول...
قبّل رأس جدّه فيصل ثم رأسها وهو يقول: لا تحاتين سكرتّه يا جدّه...
الجد نظر إليه ثم لمحمد: ها...خذ.... جاب العلاج....شوف شغلك....
محمد ضحك سحب الكيس.....ثم اخرج علبة السيروم فقال: فيصل امسكه وارفعه....لفوق..

فيصل بفجعة: إن شاء الله تبيني احمله لين يخلّص....
الجد بحده: وش وراك؟
فيصل ضحك بخفة: هههههههههههههه نوم ...
الجد : أنا اقول بّر بجدّتك هالليلة.......وقارب بالوصل...تراك قاطعه منذ مبطي....
فيصل ابتسم: افا يا جدي افا....انا الحين صرت قاطع الرحم....
الجده ابتسمت على مضض: أي والله ما عدت اشوفك....مثل قبل...
محمد بطنز: أي جده مشغول حدّه...ما شاء الله...
فيصل نظر لأخيه بخبث: تطنّز علي تطنّز...

محمد اخرج الإبره الصغيرة: جدّه راح أحط لك الابرة بتوجعك بس أول ما ادخّلها ...
الجدّة فتحت عيناها بهدوء: بسم الله...خذ راحتك يا وليدي.....
الجد نظر لمحمد: بشويش عليها يا محمد...
فيصل دخل هُنا بحماس: أوووووخس يا الرومنسي...
ضربه جدّه سريعًا على فخذه: بلا قلة حيا....وقصّر صوتك لا تزعجها...
محمد ضحك هُنا وتحدث فيصل: جدي ما قلت شي...
محمد ناولة العلبة: امسكها وارفعها على فوق....
فيصل مسكها وهو يتأفف لتردف الجدّه: يا بعد حيي يا فويصل بتعبك معاي...
شعر بالخجل من نبرتها قبّل جبينها : تعبك راحة يا يمه....

هو الوحيد ما بين أحفادها الذي يسمّيها بـ (يمه)
ابتسمت
ليقول الجد: ما عليك شر يا أم عبد الرحمن...
الجدّه: عليك الله قوم ريّح.....قبل لا يأذن ويطلع الضو وتساهر عينك....

فيصل حرّك حواجبه: الحرارة لاعبة شوط بالرومنسية ...
ضربه من جديد جدّه: اخس واقطع...
محمد ضحك هنا: ههههههههههههههههههههههههه ههه

فيصل حّك بيده الأخرى مكان الضربة: والله يا جدي ضرباتك تذكّرني بأبوي....يوم يجلدني....وانا صغير....

الجد ابتسم رغمّا عنه: والله أنّك تستاهل...
الجده بتذكر: الله لا يضرّك ....اكثر واحد شيّب براس ابوه انت....
محمد بكلام مبطّن: ليومكم ....
واستطاع هنا أن يثير ظنون جدّه الذي قال: وش مسوي هالصّايع؟

محمد ضحك: هههههههههههههه اسأله...

فيصل نظر لمحمد: مّنك لله يا حميد..

ثم نظر لجده: الحين صرت صايع؟

الجد: انا اقول لا تقرقر وتزعج جدّتك..

محمد أشار له: كلام جدّي صح...
فيصل أراد أن ينتقم لأخيه بخبث : جدّي وش صار على موضوع الكناري؟

وغمز لمحمد الذي أخذ يشتمه بتحريك شفتيه ليبتسم فيصل بخبث
الجد عقد حاجبيه: أي كناري؟
فيصل بلل شفتيه: محمد ودانة....
سريعًا اردفت الجدّه: لا حول ولا قوة إلا بالله....
فيصل اردف سريعًا: لا إله إلا الله....

محمد نظر لأخيه وعض على شفتيه وهو يتوعّده!

الجد بهدوء لا يريد أن يكثر الحديث لكي لا يزعج زوجته: تركت لهم فرصة يفكرون ولا ردّوا اتمنى..
ونظر لمحمد وهو يحاول النهوض: ما يطولّون......
اعتدل بوقفته هنا ومشى لناحية وسادته
محمد التزم بالصمت و
فيصل نظر لأخيه بنظرات تدل على أنّ لا مفر من الموضوع.
.
.
.
قلبهُ ليس على ما يُرام يخفق بشدّة وبكل خوف من أنّ هُناك مكروه قد اصابها، يعاود بالإتصال عليها متأففًا لعدم ردها عليه
لم ينم بالأمس ، وما زال يعيد قراءة رسالتها ليستمع
لقولها الأخير
:
ما قلبي مزال يهواك!
.
.
كانت تشهق وهي تردفها، كان صوتها يرتجف، لم يكن متزنًا ابدًا، لم يكن على ما يُرام اطلاقًا،

الحُب بدأ يتغذّى عليها لينمو ويُنبت أزهاره ببطء شديد في قلبها، فهو لم يجد الغذاء الذي يستمد به عُشقه وهو الوصل والمشاعر المتبادلة لذلك أخذ يقتات عليها لينمو بجذور ثقيلة تُثقلها وتهوي بها في أوديّته وغاباته المتفرّعة،
حاول أن يجلس وهو يضع يده على الجرح ويعقد حاجبيه، اتصل عليها ولكن لم تُجيبه، مسح على وجهه
،
،
اقلق
إنني اقلق حقًّا
اشعر الآن
فقدت اتزان صبري في الإبتعاد عنها
اشعر بخذلاني أمام نفسي
لا أستطع الصمود
للبقاء هُنا
دون أن اطمئن عليها
اعلم هي ضعيفة
واخشى عليها من هذا الضعف
هي تُحبني اضعاف حُبي لها
تنزف عشقها أمامي لأضعف
تحتضني بأهداب عَينيها دموعًا
لأجن
أحبها
أخشى من فقدانها
أخشى عليها من نفسي
ولكن
الظروف
القدر
كل الأشياء من حولنا
لا يردون منّا الإلتقاء
لا يردون منا روي هذا العطش
لا يردون
،
،
قطعت كل هذه الافكار المرتكزة على سوزان مجيء أمل، دخلت عليه هي الأخرى بوجهها الشاحب، وبعينيها المحاطتين بالهالات البنيّة، مشت وهي تغتصب ابتسامة عريضة على شفتيها لتبث الأمل في روحه التي عجزّت من احتضانه، سمع طرق حذاؤها الرفيع، اقتربت منه لتنحي وتقبّل جبينه
ثم كف يده لتجلس على طرف السرير

: أخبارك اليوم يا عين اختك انت؟
.
.
لا تخفى عليه نبرتها المتهجدّة شكلها المبعثر وإن حاولت لملمته فهو واضح، هي تربّت على يده فحينما توفيَ والده كانت صغيرة تحتاجه وهو كذلك صغير وبحاجة وجود أبيه وكثيرًا لكنّه هُنا اجبر على أن يتولّى دور الأب في عمر مبكر من عمره لأجلها وحينما توفت والدتهما دخلت في مرحلة الضيّاع والصمت ودخل هو في مرحلة المسؤولية الكُبرى تولّى تربيتها بمساعدة أهله، وحينما مضت السنوات لتنطوي وراء رغباته أراد الإبتعاث لإكمال الدّراسة و لم يتركها في بيت عمامه ، أصّر على أخذها رغم المشاكل التي حصلت استطاع أخذها، وتولّى رعايتها، لذا فهو يفهمها تمامًا.
لا تستطيع أن تخفي عليه حزنها، تعبها، يراها واضحة أمام مرأى عينه
كل شيء واضح بِها إلّا شيء واحد استطاعت أن تُخفيه بذكاء ولم يلحظة إلى يومنا هذا!

طبطب على يدها وقبّل كفها: بخير...أنتي بشريني عنك؟

ثم أطرق: المفروض ترتاحين يا أمل توّك ما خذتي شي من اجهضتي!

شعرت بنغزة عظيمة في قلبها، يؤلمها أن تكون قاتلة لطفل كان سينمو بداخلها تشعر بالأسى على حالها حينما وصلت إلى هذا القرار التي نزفته ألمًا.

: لا تحاتيني ...أنا بخير....والحركة مفيدة لي....
ثم نهضت وجلست على الكرسي عن يمين السرير والقريب منه: شكلك تتوجّع....
ركان نظر إليها: أشوي.....
أمل : حسبي الله عليهم......وش صار على التحقيق....
ركان : ما زال التحقيق جاري.....إن شاء الله بيلقون الفاعل...

ثم سكت، هل يكذب على نفسه؟
لن يستطيعوا أن يروا الفاعل ، لن تتم معاقبته يعلم بذلك
فمن المؤكد بعد أن اطلق النّار عليه اخرجوه من البلد لحماية أنفسهم
هذا أمر مؤكد!

التفت عليها لا يريد الخوض معها في هذا الأمر :اخبارك مع ليث؟
أمل وهي تفتح الحجاب وتعيد لفة على رأسها: لاحظ أنّك تسألني كثير هالسؤال....
ركان ضحك بخفة: ههههههههه ما أظنه سؤال مستفز !
أمل ابتسمت على مضض وبتوتر اردفت: بخير...
ركان بجدية: ما أشوفك بخير...

سكتت، بللت شفتيها لا تريد أن يستدرجها لتدخل في عاطفة لعينة، تُحشرج صوتها ، وتضيّق عليها أنفاسها ، وتحث غددها الدمعية في الإفراز اللاإرادي!
لا تريده أن


يخضعها للإعتراف
: عيونك غلطانه.....
ركان سحب هواء عميق: عيوني ما تغلط يا أمل....وـنتي اخبر فيها!

أمل شدّت على كف يده: حياتنا سمنة على عسل صدّقني...بس تعرف الحين الظروف.....انا خسرت طفلي...واثنينا متأثرين وغير زوجته الأولى والأحداث اللي صارت.....فأشوي متوترين لا أقل ولا أكثر.....

ركان سكت، ثم قال: يعني مو زعلانين من بعض؟....ما بينكم مشاكل؟.....مو مضايقك بشي؟

هل هي الحاسة السادسة أم شكلها الظاهري يوحي بكل شيء يجول بداخلها؟ هل اصبحت مُعرّاه أمام هذه العواصف التي تتطفّل عليها من الداخل؟

تنهدت: تطمن مو مضايقني أبد....الله لا يحرمني منه ما شفت منه إلا كل خير....

وابتسمت في وجهه لتبرهن ذلك
وفجأة انفتح الباب
ليدخل الآخر بوجه، مصفر، قبل أن يدخل قرأ رسالة ابا سلمان
والتي كانت
(وافق اللورد....تقدر تيي المعمل اللي أنت خابرة وتبدأ من باجر)

هو توقع لن يرفضوا هذه الفرصة التي أتتهم على طبق من ذهب
ولكن رحيل إلى الآن لم تجعله يخرج من صدمته من حديثها وفكرها المتدني لناحيته، تُخيفه قساوتها بالحديث، نظرتها وحدّتها التي لا يستطيع كسرها بنظرته التي تثقب بؤبؤ عَينيها لا يرى رهبتها اتجاهه تلك الرّهبة تجلّت مع قساوة ما حدث عليها!

القى السلام عليهما
وردّا عليه
ركان نظر لوجه ليث
وأمل
كلاهما ليس على ما يُرام، يُخفيان شيئًا لا يستطيع توقعه
ربما!

ليث اقترب من السرير: اخبارك؟
ركان هز رأسه: الحمد لله أحسن بواجد....

أمل حكّت حاجبها الأيمن
ونظرت لليث الذي نظر إليها ثم نظر لركان: قطعت سواليفكم شكلي....
أمل ابتسمت: ما قطعت شي....
ركان ابتسم: وش اللي ما قطعت أنت؟
ليث ضحك بخفة: افا ههههههههههههه...

ثم نظر لزوجته: وقولين ما قطعت شوفي اخوك اشوي وقوم يجلدني....اعترفوا وش تسولفون فيه؟

أمل بتدخل سريع: في العروس الجديدة!

ركان التفت عليها بصدمة وليث عقد حاجبيه: أي عروس؟

أمل لعبت بحاجبيها بعبث: نوّيت اخطب لأخوي وحدة من هالشقر....
ليث التفت على ركان: افا من ورانا؟

ركان: ههههههههههههههه والله إنّها تكذب......وش تخطب.....تو فالين خطبة ...وش لي ادخل بخطبة جديدة؟

أمل بهدوء: وأنت إن شاء الله ناوي تجلس كذا بدون زواج ؟....خلاص المرة الأولى ما صار نصيب تجلس كذا؟

ليث سحب الكرسي القريب من النافذة وجلس بالقرب من أمل: صادقة أمل....
ركان نظر لأخته: بزوّج بس مو الحين.....
أمل : متى إن شاء الله؟....تراك أوفر ركان....
ليث نظر لأمل: انا اقول اخطبي له وحطّيه في الأمر الواقع...
ركان بصوت منفعل: وش تخطب وتحطني.....ليث....اهجد لا توزها علي....تسويها بنت أبوها...
ضحكت أمل: هههههههههههههههههههه شوف أنت مستلمني ....وأنا الحين بستلمك...
ركان فهمها وضحك: ههههههههههههههههههههه يعني تنتقمين ؟....هذا جزاتي خايف عليك...وأبي اطمن؟

ليث بتسائل: تطمئن؟.....شصاير؟

أمل تريد الهروب نهضت وهي تلوّح بيدها: باي....

ركان مات ضحكًا هنا: ههههههههههههههههههه تعالي والله ما تطلعين.......
ليث أشار لها وهو يبتسم: تراه حلف....
أمل وقفت أمام السرير واصبحت قريبه من رجليه: ركان ...

ركان فهم هذه النبرة لا تريد منه أن يتحدث ويسأل ليث شيئًا
فقال ركان: ليث اصدقني القول انا سألتها وهي قالت شي ما صدقته....
ليث نظر لها ثم نظر له: وش هو؟ طيب...
ركان : صاير بينكم شي؟
ليث نظر لأمل التي توترت كثيرًا : لا ليش؟......هي شكتني عندك...
ركان رفع يده: حاشى لله....بس وضعها مو عاجبني.....ولا وضعك بعد...
ليث بهدوء :وضعها عشان الظروف اللي حنا فيها ووضعي بتعرف ليه...
أمل بهدوء: عن اذنكم...
ثم خرجت ليردف ركان: تكفى ليث......أمل مو طبيعية صاير شي ما أعرفه؟ أحد متعرّض لها؟
.
.
أخافه ركان، حاسيّته بالأمور تخيفه ترجف عقله وقلبه
هو لا يريد إيذاء أمل ابدًا ولكن هي تؤذي نفسها
بمشاعرها ..تستفزّه لتجعله يقف أمام مواجهة ما لا يُريد ليحنق عليها وينفعل بحديث يكره، تُتعبه بمحاولاتها في جعل علاقتهما طبيعية..لذا هو يهرب منها ويترك بصمة قلق في فؤاد أخيها دون يشعر!

إن قرر يومًا لا يؤذيها بالكلام فهو من أجل ركان
لكي لا يراها مبعثرة هكذا لتُثير شكوكه لا يريد أن يؤذي صاحبه ولا يؤذيها أصلًا!...هو لا يريد أذيّة أحد ولكن الجميع يؤذونه دون أن يدركون ذلك!

: لا.....والله مو صاير شي ركان....لا تجلس توسوس.....
ثم قال: رد علي بو سلمان...

ركان انشد للحديث: وافقوا؟

ليث هز رأسه والآخر اردف: شي متوقع أصلا ....هم يبونك تخضع لهم بأي طريقة ونجحوا....

ليث بجدية: انا سويت نفسي خاضع يا ركان...ما خضعت في الواقع لهم؟!

ركان لم يفهم شي
: شلون؟

ليث بمكر ابتسم: وافقت على إني اصنّع أدوية وادخل المعمل....بس ما خضعت لأمر التصدير......وهنا ببدأ خطتي....

ركان : اللي هي؟....نوّرنا؟

ليث: أكيد بيعطوني وسلموني شي ثقيل له مردود كبير من ناحية الفلوس.....وهنا انا ما راح اترك لهم فرصة اصلًا......من أنهم يربحون شي!
ركان بتشوّش: يعني؟

ليث : يا طويل العمر......بسوي التجربة مثل ما كنّا طلاب....أو قول بسوي التفاعلات بطريقة خطأ....عشان ما تنجح التجربة بعمرها....وأفك نفسي واظهر في عيونهم فاشل؟

ركان : تظن بتمشي عليهم؟

ليث بهدوء: بتمشي غصب يا ركان....ما في قدامي إلّا هالشي....

ركان هز رأسه : وفرضًا وقالوا حاول مرة ثانية بتجربة ثانية وتفاعل كيميائي بديل؟.....خاصة انك مسوي لهم انجازات عظيمة في عينهم قبل....بفهمون هاللعبة يا ليث صدقني....

ليث ابتسم بخبث: ما راح يقدرون يصيدوني....هالمرة راح أكون أذكى منهم بواجد...

ركان حاول أن يرفع جسده قليلًا: وش ناوي عليه .....بديت أخاف...تجيب العيد بنفسك...

ليث: عشان أضمن سلامة الجميع......تفشل الخطة من هنا....بعد ساعات قليلة ...أنا....راجع للسعودية...بس قبلها أنت وأمل ترجعون بوقت .......عشان كذا سألت الدكتور بكرا انت تطلع....وأنا...بحجز لك أنت وأمل على اقرب طيّارة......ترجعون فيها للسعودية.......

ركان بصدمة: مو من جدّك؟........ليش طيب انا ارجع؟

ليث مسح على وجهه: من جدي ونص يا ركان.....فرضًا وما تركتك ترجع السعودية وش بصير؟.....بصير نقطة ضعفي اللي تجبرني ارجع لأمريكا بعد ما اسافر السعودية....وبسّك غربة يا ركان....ارجع...مستحيل اخلّيك هنا....
ركان
وما بال سوزان؟...وعمله؟.....وكل أموره؟

: طيب شغلي.....فلوسي...وضعي؟....ترا مو كل شي يجي بسرعة......

ليث بجدية: قدم استقالتك لمكتب المحاماة اليوم......وفلوسك وتحويلها على البنوك السعودية بإذن الله ما راح تطوّل أنا هنا بحاول اخلًّص الأمور لك بدون الفت الأنتباه......لا تحاتي...

ركان بضياع: وسوزان؟
ليث: دامها في مصر...ما راح يتجرئون يسوون لها شي...

ركان سكت، بلل شفتيه: اخاف يصيدونك قبل لا تصديهم....

ليث : ما في قدامي خيار غير كذا.....الوضع صاير من حفرة لدحديرة...وانا مابي تضخّم علي الأمور أكثر يا ركان لأني تعبت.....

ركان بتذكر: وشرط جدّك؟
ليث: الصدق هالشرط بلوى.....بس مضطر انقضه...لأني إن ظليت هنا فترة أكثر بيلعبون بحسبتي لعب...وومثل مانت خابر سالفة اني اطيّحهم في السجن مستحيلة!

ركان باندفاع: ولا تفكر...اعمالهم كلها قانونية......هذا المظهر الخارجي وإثبات العكس .....يحتاج من سنة لخمس سنوات وأكثر .......حاولت القى لهم ثغرة بسيطة تبيّن فساد اعمالهم واحاججهم فيها عجزت...واضح وراهم محامين ينظفون الثغرات القانونية بحذر ودقّة....يا ليث......فابعد عن هالنقطة.....

ليث بتنهد: عشان كذا فكرت بهالأمور.....بكلّم أمل انا.....وانت سو اللي قلت لك عليه قدّم استقالتك....وأمر المستحقات والفلوس والتحويل اتركها علي.....
ركان بتفكير: لالا....أنت بتنكشف لو بتحرك شي لي.....
ليث قاطعه: لا تحاتي...
ركان : قسم بالله بتنكشف.....عشان كذا.....بوكّل لي محامي يسوي لي الإجراءات وأنا بعيد.....
ليث بتعجب: محامي؟ ليش عاد...
ركان بجدية: عشان لو صار شي....يقدر يدّخل...بفهمه الوضع بطريقتي وبدون ما أجيب اسماء.....وبعطيه صلاحية قانونية في التصرف بأموالي.....لفترة .......وعشان لا تصير بالأنظار أنت ...كذا نضمن ما حد يشك....ويمكن يقولون علي هرب للسعودية خايف....وينسون أمري....

ليث اعجبته الفكرة: اذا كذا تمام.....
ثم نهض
هو قرر العودة
بعد أن رأى حال رحيل وشدّت جنونها
وتهديدهم المبطن له
لا يريد أن يصبح لهم دمية يلعبون بها
لأمد طويل
تكفيه تلك السنوات تكفيه
: عن اذنك....

ركان : اذنك معك.
.
.
ثم عاد يفكر بسوزان، وعاد يتصل بها ولكن لم تجيبه ولم ينتبه حقيقةً بالرقم الدولي الجديد والذي يخبره عن سفرها خارج مصر
لم ينتبه إلى الآن!
.
.
خرج، وعقله منشغل، اللعبة بدأت الآن، سيدخل من هذا الباب، ومن ثم سيهرب للعودة للوطن، رحيل بحاجة إلى مُحيط نظيف بعيد عن زعزعة الأمن والأمان بعيد عن المخاطر ومحاولة الإنقضاض، لا يريد إطالة الأمر فكّر كثيرًا وحديثه مع رحيل برهن له ما فكّر به صوابًا، يعلم جدّه سيزعل ، سيوبّخه ربما ولكن لن يحدث شيء كبير كما لو بقيَ هنا لفترة طويلة، إن فعل ما أرادوه سيتمسكون به، وامر اطاحتهم في السجن مستحيلة
فهُناك ما يدعمهم وهُناك ما يُخفي فسادهم الأمر فوق طاقته وفوق قدرته
هو لا يملك الماء الكثير ليحمي نفسه به وليس له أيادي خبيثة لتساعده
فالهروب هو الحل الوحيد، العودة لوطنه هو الحل
تنهد وارتدى نظّارته الشمسية
سمع رنين هاتفه
سحبه من مخبأ جاكيته اجاب: هلا يبه...

اتصل عليه ليطئمن، ليحثّه على العودة ليجّس نبضه ويخرس أنين اخيه اللامسموع: هلا ليث...اخبارك واخبار رحيل؟
ليث ركب سيارته: الحمد لله بخير....
ابا ليث بهدوء: مشغول؟
ليث فهم هُناك حديث طويل سيشرع به : لا......فيه شي؟

ابا ليث:اتصلت عليك وانا ابوك....عشان اكلمك في موضوعكم....انت ورحيل.....الكل متوتر من خروجها وخايف......مانكر حتى انا خايف....النّاس ما هيب غشيمة لهدرجة.....ثمان سنين غربة...وبالإجازات تنزل أنت وحدك بدونها......والكلام يزيد ويطلع.....وعمري ماهتميت لكلام الناس وانت تعرف بذا الشي......بس لم حسيت انا وعمّك كلام النّاس بأذيك وبأذيها اتصلت عليك.....

ليث بخوف وقلق: وش كلامه.....؟.....وش صاير يبه بديت اخاف...

ابا ليث: انا وعمك عبد الرحمن عرفنا بشرط ابوي اللي يبي يسد فيه القيل والقال.....وعشان اصير معك صريح وتتفهم الأوضاع اكثر وما تصير غشيم فيها...بو سعد أذى جدّك يوم أنه دار فيك وفي رحيل.....

لا يحبّذ هذا الرجل ولا ابنه المرحوم ، يحبذان النمو والتغذي على النميمة والغيبة التي يرونها بسيطة ولن تُثير فسادًا في حياة الآخرين، لا يدري اما الذي يدفعهم لفعل كل هذا
الكره أم الحقد؟

ولكن حقًّا بلبلة أحاديثهم اشعلت النيران في داخل بيوتهم، فهم يستهينون بتلك الجمل التي يردفونها يرونها لا شيء
ولكن تؤذي وتوقع بالبيوت وتهدمها، حتى وإن تم تجاهلها تهدم
وحقًّا هم تجاهلوها إلى أن تمادوا في القيل والقال!

: وش قايل عنّا؟

لا يدري كيف يقول ذلك ولكن اردفه: قال يوم غلطت معها زوجناكم .....واظن في كلام جدك مخبيه عنّا ولا استبعد انه جاه خبر عدم نزول رحيل طيلة هالسنوات واكيد ألّف له قصّة من راسه وراح يدور فيها .....
ليث بنرفزة: وهذا ما عنده شغلّه إلّا احنا.....علامه حقير لهدرجة .....
ابا ليث: ضعيف نفس ما يخاف ربه ولا يبالي بعقوبة القذف...حسبي الله وكفى......
ليث عض على شفتيه: انزل انت ورحيل....وجدّك انا وعمك بنتفاهم معه لا تطوّل يا ليث...

ليث بجدية: انا بنزل عن قريب....بس ابي اخلّص اشغالي....وباذن الله ما بيمر هالأسبوع إلّا وانا نازل....

ابا ليث اطمئن: وفي شي ثاني.....
ليث بخوف: وش هو يبه؟
ابا ليث: انت بعدك تبي رحيل ولا ناوي لرجعتوا تطلّقها؟

عاد للنقطة نفسها تنهد: لو ابي اطلّق ....طلقتها من يوم ادخلت السجن ولا اهتميت لأحد...

ابا ليث: دام كذا....الله ييسر لكم......مابي اطوّل عليك...مع السلامة....
ليث: مع السلامة....

اغلق الخط ثم نظر للأمام بضياع، شعر بسقوط ثقل من على صدره إن عاد في هذه الظروف سيتولّى ابيه وعمّه مواجهة جدّه، لن يخوض حرب الحديث معه مباشرة، سيعود للمنزل الآن للتحدث مع أمل سيحاول ترتيب الامور مبكرًا لكي يحسب كل خطوة وتفاصيلها من أجل ألّا يثير جنون العدو!
نظر لشاشة هاتفه رسل لأمل سريعًا
(روحي شقتنا أبيك بموضوع)
.
.

تنظر لها والأخرى تنظر لها وتحدّق، تشعر هناك قاسم مشترك بينهما
تشعر أنها اشتاقت لها رغم لم تمر أيّام كثيرة على عدم رؤياها لها
تنظر لها وكأنها تنظر لنفسها، تريد أن تحتضنها هي بحاجة طويلة للإحتضان ، للثرثرة والبكاء والأحاديث اللامنتهية ، بحاجة لكل هذه البعثرة ولكن لم تجد الشخص المناسب لكي تنثر عليه همها لم تجد قط!
احتضنتها بقوة اشتمّت رائحتها التي تجزم لم تكن رائحة طيّبه ولكن راحة تبعث بداخلها الطمأنينة لأنها اعتادت عليها اشتمّتها لسنوات عوّضتها عن رائحة خالتها والأهم عن رائحة والدها واخوَيها وكذلك جدّها، شدّت عليها والأخرى بادلتها هذا الإحتضان شعرت ببعثرتها وضعفها ، شعرت انها تتوجّع ولكن يُسعدها أن تراها بخير وعلى ما يُرام، اسعدها ذلك حقًّا، ابتعدت وسحبتها لتجلسا على الكرسي مقابلين بعضهما البعض

تحدثت بالعربية وبطريقة مكسرة : أنتِ بخييير؟

هزت رأسها وهي صادقة: لالا..كل شي فيني مبعثر..العالم برا..يخوّف..يضايقني..كل شي تغيّر يا ماري..كل شي..حسيت نفسي انولدت من جديد في عالم مختلف....ما شفت شي انا اعتدته غير..اللحظة اللي دخلّتني هنا....

فهمت مُجمل حديثها ولكن بعض الكلمات لم تفهمها خاصة رحيل كانت تتحدث سريعًا، شدّت بيدها على كفّي رحيل
ابتسمت : نورمال..رحيل..تمان سنين..نت ايزي..

رحيل اقتربت من الطاولة ليلتصق طرفها في بطنها، بكت لا تخاف من البُكاء أمام ماري لا تخشاه ولا تهابه ، بل تحاول أن تلفظة لتطرده ماري بطريقتها ، كانت تكتم هذا الشعور أيّامًا ، حتى مع نفسها حينما جلست في الغرفة فترة مطوّلة لم تستطع لفظه، ولكن الآن ستحاول أن تلفظ كل شيء لتشد من أزرها ماري
فهي بحاجة كبيرة إليها

: حاول يعتدي علي مرة ثانية ماري..حاول يقتلني وأنا حيّة أتفّس..خنقني بقربه..خلاني اتمنى الموت مرة ثانية وانا مو مستعدة للموت أبد..اشياء كثير جات ببالي وهو يقرّب مني...اقتله؟.....استسلم؟......ما ادري احترت....خفت اقتله وارجع هنا مرة ثانية واقضي بقيّة حياتي هنا وانا مو مستعدة لهالشي يا ماري....خفت استسلم واصير مذنبة واموت واروح النّار....كنت ما بين نارين.....بس بعدها قررت اقاوم...وطعنته......بس هالمرة خذت السكّين عشان لا يشتكي.....عشان لا يشتكي...
ثم انخرطت في موجة بكاؤها!

ماري نظرت لتعابير وجهها لشهقاتها ، لمنظرها الباكي يؤلمها ان تراها بهذا الضيق رغم الافراج عنها، يؤلمها ان تستمع لمحاولة الاغتصاب الثانية التي خضعت لها، لا تدري كيف تخفف عنها

: آند يور هازبن؟

حاولت ان تخفف من آلامها بذكر زوجها ، ربما ذكراه سيغيّر من مجرى ألمها وحزنها ولكن

رحيل ابتسمت بسخرية على حالها
: زوجي؟..رجعت معه في نفس النقطة...عناد...بس هالمرة فيه تحدي.....رجعنا وكأنا ما زلنا صغار......بس شخصيّتي هالمرة اقوى......هو يعاند وانا اقاتل!.......حسيت انّي صرت اكره اضعاف كرهي له قبل لا ادخل السجن.....احسه هو المسؤول عن كل شي صار لي رغم اللي صار يمكن ماله يد فيه ويمكن فيه مادري

هزت رأسها :....صرت اشك فيه....ما اخاف منه....بس صرت اشك.......يا ماري...الشك خلانّي اجن......خلاني شرسة ومندفعة........مانكر في شي بداخلي يدفعني من انّي أأذيه....لأني اكره....ما احبه ضيّع ايامي وشبابي....خلاني اتغرّب معاه.....وبعدني عن الأشياء اللي احبها!


ماري بهدوء: لازم.....تتتقبلي....كل شي....جديد...

رحيل فهمت حديثها الركيك هزّت رأسها: كل شي ثقيل...كيف بتقبله؟......حياتي ما زالت في خطر.....حياتي هنا في خطر.....وحياتي مع ليث..صعبة ..كل شي مفروض علي فرض من هالظروف!...ما في شي انا اخترته او اقدر اختاره يا ماري...وهالشي تارك الأمور ثقيلة على صدري.....

ماري طبطبت على يدها، ثم سحبت رحيل يدها وازدردت ريقها لتسحب المنديل بخفة دون ان يلحظوا العساكر ذلك ثم عادت ترتب حاجبها بخفة ومسكت يد ماري ووضعت المنديل
غمزت لها رحيل (مترجم) حركت شفتيها لتقراها ماري: انتقمي لي من جاسيكا....

انصعقت ماري وتحدث رحيل بهمس: هي اللي تسببت في نزفي يا ماري شفتها وهي تطلع من الزنزانة لم بيغمى علي ما كان في أحد غيرها .. وهذي..حبوب بتخليها تذوق اللي ذقته بس مو على شكل نزيف!

ماري بخوف(مترجم) همست: تريدين قتلها؟
رحيل(مترجم): لالا.......في اليوم اجعليها تتناول حبتين دون ان تشعر إلى ان ...
قاطعتها : فهمت ...لا عليك....ولكن اخبريني ما اسم الدواء؟

رحيل همست: فلوكستين....لا اريد موتها....فقط اريدها تتعذب المًا!

ماري سكتت ثم ابتسمت وهي تخبأ المنديل بخفة في حذاؤها، : فهمت اللعبة...
غمزة لها ونهضت رحيل
: مضطرة امشي....راح احاول ازورك بين فترة والثانية...
ماري ابتسمت ثم احتضنت رحيل
وهي تردف:
Be strong
.
.

هزت رحيل رأسها ثم توجهت للباب، ليفتح لها الشرطي اياه اخذوا ماري ليعودا بها للسجن اما رحيل
تشعر بالرضا لِم فعلته ، لن تموت هي تثق بماري ستفهم اللعبة ستؤذيها دون ان تقتلها!
مرّت من خلال الممر تذكّرت اوّل دخول لها ، كانت بعمر الثامنة عشر بعد أن بلغت السن القانوني نُقِلت لهُنا
تؤلمها جدران السجن وبرودته، تخاف من ظلامه، ووحشة صوت السلاسل والضرب على قضبانه الحديدية، مشت بخطى سريعة، وخرجت لتغمض عينيها وتشتم راحة الهواء الطّلق،
.
.
نظر إليها شعر انّ الوقت المُناسب لتنفيذ الخطة الإبتدائية والتي ستكون مخرجًا لإقحام نفسه في طُرقها، يريد تشتيت ذهنها من التركيز على وجهه اولًا وتشتيت ذاكرتها من محاولة استرجاع كل شيء
سيؤلمها قليلًا....
بدأ بالتقدم بسيارته، وهي بدأت تخطوا خطواتها من على عتبات الدرج لتنزل على الرصيف ثم نظرت للشارع تريد أن ترى سيارة اجرة اخرى


.
.
: يلا رحيل يلا نزلي......

سمع رنين هاتفه، كان ابا سلمان يتصل، لم يجيبه بل اخذ يتوتر يخشى من عدم نزولها من على الرصيف ، تحرك قليلًا ....وهي بقيت واقفة ...تنظر للمارة بهدوء....ثم عبرت الشارع وهو
ابتسم: اخيييييييييييرا....
قاد سيارته بسرعة جنونية لم تلحظها هي في الواقع، يريد ان يقترب وما إن يقترب كان ينوي تخفيف السرعة ليصطدمها في الوقت المُناسب
.
.
عقلها يفكّر بكل شيء، بحياتها الجديدة والمرتبطة حاليا بليث وبشرط جدّها وعدم قدرتها على القبول بهذا الأمر ولكن اجبرت نفسها بالخضوع به قولًا ولكن تجزم بثقله فعليًّا، لا تدري كيف سيحدث الأمر ولكن تشعر انها لن تستطيع الخضوع له تمامًا ، ولكن تعود بفكرها مرة اخرى لتهمس لنفسها: إلا راح اقدر عشان بس رجعتي للسعودية....

.
.
لم تنتبه للسيارة التي اصبحت قريبة منها ، سمعت صرير الكفرات ومحاولة ايقاف السيارة قبل أن تصطدم بها ولكن لم يمهلها للإتبعاد ولا للإتفات لرؤيته أو رؤية سيّارته!
اصدمها وأوقعها على الأرض،
شعرت وكأن العالم كله يدور فوق رأسها، شعرت الآن بالراحة
كل شيء توقف
تفكيرها
مخاوفها
وتوترها
الشمس بدأت تتسلّط على وجهها بأشعتها
الآن هي مرتاحة وهي مستلقية على الشارع
لا ضجيج
ولا أنين
ولا حتى اصوات بشرية تخترق مسامعها
حاولت ألّا تفقد وعيها لا تريد أن تفتقد وعيها تريد أن تستلذ بهذه الراحة اللّحظية، شعرت أنها ترتفع قليلًا عن الأرض
تنظر لوجه بشكل مضبب ذو فم كبير وواسع يحاول يلتهمها
لالا
رمشت مرتين
وجهه شاب
وفمه يتحرك يحاول ان يقول
لتسمع صوته:
Are you ok?
بدأت تستمع للأصوات، ترا وجه الشاب بوضوح
عقدت حاجبيها حينما شعرت بالألم في ركبتها اليُمنى
: بخير بخير...

اخذ يتحدث: عربية؟
هزت رأسها وحينما شعرت بقربه وبيديه التي تطبق على كفيها
حاولت ان تبتعد: لو سمحت...
ابتعد وحاولت النهوض ولكن صرخت بتوجع
فقال: لا تتحركين يمكن كسر...
ونظر لرجلها
عضّت على شفتيها ثم انحنت لتتحسس رجلها اصبحت لديها خبرة في اكتشاف الكسور ، والجروح ضغطت قليلًا لتشد على شفتيها تحت مرأى عينيه المنصدمة من قوّتها ومحاولة التماسك
لم يكن كسرًا ولكن ربما رضوض
: مو كسر...
تحدث: متأكدة؟
هزت رأسها واقترب ليمسك بها: لازم اوديك المستشفى...
لم ترفض ولكن رفضت من إمساك يده وحاولت النهوض
فقال وهو يمد يه لها: الضرورات تبيح المحظورات.

فهمت يريدها ان تتكأ عليه ، رغم انها لا تريد لمسه ولا حتى قربه ، ولكن هي مضطرة لا تستطيع النهوض وتشعر بالقليل من الدوران في رأسها ، حاولت النهوض دون ان تمسك يده وتتكأ عليه وشعرت بغثيان ودوران عظيم "فر" رأسها بشكل مفاجأ وكادت تسقط ولكن امسكها من خصرها و
هو يردف: وضعك ما يطمن...
تنرفزت من قربه ومسكته لخاصرتها ابتعدت عنه : كله منك....حسبي الله عليك....
ابتسم رغما عنه: احد يخطر الشارع بدون ما يلتفت يمين ولا يسار ولا يشوف الشارع فاضي من السيارات ولا لا....
لم ترد حينما فتح باب سيارته : خلاص ماله داعي اركب....بروح تاكسي للمستشفى....
تحدث : والله ما يوديك إلا انا......كافي حسستيني بالذنب.......

اتكأت على رجلها وضجّ الألم ليتسلل إلى رأسها عضّت على شفتيها
نظر لها: لا تعاندين تراني بسوي فيك خير....رغم وراي مشاوير.....

رحيل بللت شفيتها، كيف تركب معه؟ كيف تثق به؟
ولكن ....هُناك شيء ربما العِناد الذي طوّق ذهنها وهي تفكر في شتّى الأمور جعلها تركب بهدوء، لا تريد العودة للشقة
ستُكمل طريق التمرّد وطريق الإنتقام اللامعروف
ابتسم بخبث واغلق الباب، بينما هي شعرت حقًّا الألم يشتعل إلى ساقها
تنهدت وهي تنظر للشوارع
وهو بدأ بالقيادة متجهًا إلى المستشفى!
.
.
.
تغط في سباتها العميق، تعيش أحلام اليقظة لا شيء يعكر صفوة نومها ولا شيء يزعج عقلها ، هي تعيش لنفسها فقط لم تدخل في متاهات صراع المشاكل العائلية ولا حتّى الشخصية، تُريد أن تعيش هذا الاستقلال من المشاعر لوقت طويل، فالحياة الهادئة، تُضفي الصفاء على البشرة
تُضفي الهدوء في داخل النّفس كما إنها مفيدة في جعل العقل صافي وغير مشتت، هي تعيش على هذه المبادىء لا تريد أن تُقحم نفسها لا في مشاكل مشاعرية ولا مشاكل شخصية ولا حتّى عائلية، منعزلة بذاتها.

سمعت رنين الهاتف تمللت ، وبدأت تتقلب يمينًا ويسارًا
ولكن ما زال الرنين مرتفع، تأففت ثم نهضت
سحبت الهاتف نظرت للاسم
تعجّبت في الواقع ولكن اجابت: هلا أماني؟
أماني: ما داومتي؟
مسحت على وجهها وقفت على قدميها: اليوم الخميس عندي أوف......
أخذت تمرر لسانها على اسنانها العلوية: ما دريت ......فكّرت جدولك نفسي...

تحدثت ببحة نومها: لا يختلف بس معك في كلاس الانقلش....
أماني: تمام...أجل ....جبت معي الكتاب اللي قلتي ودّك تقرين عنه؟

سكتت الأخرى، كانت تريد ان تقرأ عنه ولكن بعد حديث عهود معها تراجعت
حكّت رأسها: لا خلاص.......برجع على قراءة الكتب اللي عندي....

أماني بهدوء: كُتب هابطة روايات وحُب....ولا كُتب بوليسية مملة مثل حقين أغاثا كريستي ولالا لحظة......أظن عن علم الطاقة والخرابيط ......ولا كُتب نفسية؟

رفعت صوتها بعد ان ضحكت : هههههههههههههه كلهم صاروا خرابيط الحين؟..وش هالفيد باك السيّء اللي عندك..وبعدين ما اسمح لك....كتب اغاثا كريستي تفوز والله........وفيه روايات كثير اقراها بعيد عن الحُب.....رغم انه قريت هالنوع ومو هابط يعني الوضع على حسب الكاتب وطريقته...
ثم اردفت: واقرا كتب دينية ..احب قصص الصحابة والقصص التاريخية......

أماني: ما شاء الله عليك ختّمتي كل الأنواع....يا هيلة.....

هيلة: ههههههههههههههههههههههههه .........والكُتب الفلسفية بعد تجذبني ما نكر......بس نوعي المفضّل ......الروايات البوليسية ووالكُتب التاريخية.....

أماني بهدوء: عندي لك كتاب فلسفي حلو.....
هيلة تريد التهرّب منها: عندي كثير....
أماني سكتت ثم اطرقت: ما اظن قرتيه....
هيلة لتحاصرها: ايش اسمه؟
أماني: خليها مفاجأة يوم الأحد...
هيلة : تمام...
أماني تنهي المكالمة: مع السلامة استمتعي في ويكندك الطويل...
ضحكت مجاملة: ههههه لا توصين حريص..

اغلقت الخط لتنظر للشاشة: هذي صدق انشبت لي...اففففففف....

ثم نهضت توجّهت للخلاء بعد ان نظرت للوقت......وبعد ان قضت حاجتها وارشحت وجهها ، خرجت من الغرفة ،

سمعت صوت اختها وهي مندفعة
: قول والله؟.........اي ما قد غبت فيها.....طيب تعال....وينكم اصلا انتوا الأثنين......ابوي لسى ما فقدكم.....فوووووووويصل بلا عنّد...تعال ودني عندي بس محاضرة الحين عشر ونص...والمحاضرة احدعش ونص.....لالا ما يمدي.....اففففففففففف....حيوا� �.....

ثم نظرت للهاتف : سكّر في وجهي....

ضحكت بخفة هُنا وهي تتقدم لناحيتها: وشفيك؟

اصايل: لا حميد ولا فويصل....هنا مادري مين بوديني الجامعة.....
هيلة ببرود: لا تروحين خلينا نفطر مع بعض...تكفين......
اصايل عبست بوجهها: اصلا ما راح يجون يودوني.....
سحبت يدها هيلة: تعالي نسوي فطور....

وهما تمشيان بالقرب من الممر
سمعا والدهما يقول لوالدتهما في الغرفة بصوت مندفع
: لا عاد تكررين الكلام اللي قلتيه.......يا نوفه......ولا توسوسين لولدك بسالفة الطلاق....كلمته امس وجسّيت نبضه ....الولد مقتنع في بنت عمّه على الرغم من اللي صار....لا تجلسين تشوهين افكاره بافكارك.....وخليه يبني بيته معها بسعادة.....دامه اختار!

.
.
هيلة تعجبت من الحديث نظرت لأصايل التي تعرف لماذا والدها يتحدث مع والدتها بهذه الحدّة سحبت اختها التي تقول: امي وابوي متهاوشين؟.....شسالفة.....؟

هيلة لا تدري بآخر التطورات التي حصلت في منزلهم، فهي تأتي من الجامعة تعتكف في غرفتها لساعات طويلة، إما تذاكر والأكثر تُضيع وقتها على قراءة ما تحب وتفضل والمتبقي على الإنترنت!

اصايل: يمكن...مادري عنهم!

لا تريد أن تخبرها انها تعلم بماهية المشكلة التي جعلت والدها يحاول ضرب والدتها بعد هذه سنوات الراحة والطمأنية والحُب الذي جمعهم تحت سقفٍ واحد.
ولا تريد أن تدخل في متاهات اسالة اختها اللامنتهية واستعادة حقيقة
ابتعاد رحيل عنهم لسنوات طويلة !
وصلتا المطبخ
فاردفت: شنو نسوي؟
هيلة ابتسمت: وافل...

اصايل: عاد والله مشتهيته...
هيلة غمزت لها: حسيت فيك وقلت اسويه...
اصايل: ههههههههههههههه نصّابة.....
هيلة: ههههههههههههه دايم كاشفتني........
.
.
تنظر له، لغضبه لم تعتاد على هذه النبرة ، لم تعتاد على هذه التهديدات
هي لا تريد حياة بائسة لابنها
لا تريد ان يعيش كالحارس الملائكي لابنت عمّه من أجل الجميع
لا تريد أن يضحّي بحياته اكثر
هو ابنها
وتعلم ربما ما فعله من أجل خجله من جدّه وعمّه وحتى أبيه
هو ليس مجبور على هذه الطريقة من العيش
ليس مجبور ان يُسجن وهو حُر!
لماذا لا يفهم ذلك
ارتجفت شفتيها لتردف بقلب أموي: لمتى تبي ولدك يضحّي عشانكم؟.....لمتى؟

تنهد واستغفر ثم اردف: ولدك ما ضحّى....
ام ليث بنبرة خالجتها الضيقة: يوم يغرّب نفسه هناك سنين حتى بعد ما انهى دراسته....ويوم يبعد نفسه عنّا وعنّي أنا امه......هذا ما تسميه تضحية؟

بو ليث بصرامة: هو اللي اختار هالشي ماحد جبره يا نوفه.....

ام ليث نزلت دموعها على خدّيها: لا تكذب على نفسك.......يشوفكم وشوف حزنكم....ويسمع كلام جدّه .......مستحي يقول اللي بخاطره......مستحي يقول انا لهنا وخلاص انتهى دوري.......يستحي......يقول مابي هالغربة تعبت........وقف معها عشانكم انتوا.......مو عشانه....

قاطعها مندفعًا: اتقي الله ولا تظنين في ولدك هالظن.........ولدك لو ما هوب متمسك فيها.....كان طلقها.....من اول يوم دخلت فيه السجن......ولدك هو بنفسه اختارها وقطع لسانا من انه نذكر دانة في وجهه ولا نسيتي؟

ام ليث هزت رأسها وهي تزم شفتيها: لا ما نسيت......بس لا تقنعني اختارها عشانه يحبها لا.....والله انك ما عرفت ولدك يا علي.......يوم اختار رحيل وهي بذاك العمر وبعد اللي صار وانت خابر وش صار بالضبط......ظن راح الكل يعارض عشانها صغيرة.....انا امه واعرفه واعرف اقرا تفاصيله يا علي......وقلبي يحس فيه....واشوف عيونه وش تقول.....


بو ليث: فرضا اللي قلتيه صحيح......هذا ماضي!......قلت لك امس كلمته وسألته تبي تطلق......قال لي لا......اتركي الولد يقرر.....لا تحاولين تدخلين بينهم...دامه هو مختار وخالص....حنا مالنا دخل.....وانتي تعرفين زين بنت اخوي بريئة.......

سكتت ، بينما هو: اقطعي هالسيرة......تعبت انا منها......عن اذنك...

ثم خرج من غرفته تاركها تنظر للاشيء وهي تتنهد بضيق!
.
.
قبّل رأسها وهي جالسة على الكرسي تلف الورق العنب بعناية ورقّة اصابع يديها: الله محاشي اليوم؟
هزت رأسها وهي تبتسم: اشتهيتها وقلت اسويها....
غمز لها بعبث: اخوي طالبها أجل؟!.....يعني ماهيب لنا!

ضحكت بخفة ، ووجنتيها تحمر وتشتعل سريعًا: ههههههههههه....للكل يا ذياب للكل......

ذياب اخذ حبة ورقة عنب واكلها وهي شهقت: هأأأأأأ.......مو منجدّك تاكله وهو نّي........الرز لساته ما طبخ.......ارميها من فمك يا ذياب والله لا يوجعك بطنك...

ذياب ضحك: ههههههههههههههههههههههه.... .ما هوب جاي لي شي.....مو اول مرة.......تعرفين انتي....
هزت رأسها بيأس: من صغرك على هالحركة......بس شكلك نسيت......يوم اكلتها وجاك بطنك وصرت تسهل؟!

ذياب استحى هنا: يمممممممممه....لازم تطلعين الفضايح.....
نهضت هُنا لتصف الحبات في القدر: شكلك نسيت...
ذياب نهض: لا ما نسيت.....
ثم اطرق: صدق يمه.....كلمتي خالتي....قلتي لها عن حملك؟
ام ذياب التفتت عليه: لا والله.....اليوم بتصل عليها اكلمها منها اقول لها...ومنها اشوف الاخبار ....عن عهود.....

ذياب ، حقًّا قلبه يتقطّع حُبًّا، وقهرًّا من هذا الحال، الإنتظار اخذ يهشّم تفكيره بعمق خيالاته وتوقعاته، لا يريد أن تحطّمه من جديد لا يريد ان يخبروه انها لا تريده إن فعلت، ستهدمه لا محالة وسيصعب بناؤه من جديد
تنهد: طيب....انا طالع....
ام ذياب: حافظك ربي...
خرج وتركها تكمل طبختها وحينما انتهت
غسلت يديها ثم سحبت هاتفها لتتصل على
.
.
.


.
.
ارتفع صوته، هو مُدرك الوضع الذي يعيشه ابنه، مُدرك الاهمال
ومُدرك التذبذب الذي يُحيطه والذي تبرر له
زوجته على أنه في سِن (مراهقة) وعليه أن يُراعي هذه المرحلة الحساسة من حياته
ولكن هو ليس مقتنع فهو مرّ في هذه المرحلة ، لم يفعل ما يفعله ابنه.
ما يفعله الآن من تمرّد ظاهري مستفز للغاية، يذكر وهو كان في هذا السن كان ابيه يعتمد عليه في امور عمله وتولّى مسؤوليّة البيت في فترات غيابه حينما يأخذ اخويه ويعود (للديرة) من أجل بعض الاعمال
يذكر وقتها انه في ذلك السن كان اكثر اتزانًا من ابنه؟ هل حقًّا الزمن تغيّر لتتغير مراحل النمو معه؟ أو هو لم يعرف يربّيه على حد قوله؟

حسنًا سيصرف النظر عن عدم ذهابه للمدرسة
ولكن ما رآه، جعل كل خلايا عقله تستشيط غضبًا، رآه في سطح منزلهم يدخّن...أجل يدخّن؟ وهو يستمع للأغنية الشعبية القديمة، لا يدري ما باله؟
وما الذي جعله يعيش هذه اللحظة من انتشاء الدخّان، وارتخاء الأعصاب على أُغنية!

كان يغض البصر عن بعض تصرفاته لا يريد ان يضغط عليه ويخرج من يده كالعصفور الهارب بعيدًا عن موطنه
ولكن اليوم تدخين؟
غدًا ماذا؟
انهمل عليه بالضرب، لم يتحمل، والآخر من الوجع هرب ليركض على عتبات الدرج نازلًا من على السطح ومتجهًا لغرفته اقفلها على نفسه ووراه والده يركض ويحاول الامساك به ولكن لم يمسكه

اخذ يطرق الباب بقوة: افتحححححححححححح الباب ......تدخّن يا الكلب؟....تدخّن؟....يا خسارة تربيتي فيك.....عطييييييتك وجه بزيادة....

اتى الجميع يركض لناحيته ما عدا عهود التي كانت في جامعتها
وصارم الذي كان في عمله هو الآخر

بينما دانة شهدت على مشهد ركض اخيها ووالدتها ايضًا
: سلطان هد من اعصابك....اذكر الله انت راعي قلب...لا يجيك شي...

دانة خشيت على والدها حقًا من ان يدخل في أزمة قلبية هو في غِنى عنها
اتت لتحيل بينه وبين الباب مسكت يديه: تكفى يبه هد من نفسك..اتركه عنك...

بو صارم: اتركوني علييييييييييه ما عرفت اربيه خلوني اربيييييييييييييه هالحمار...غايب...ويتخشخش عني بالسطوح.....ويدخّن بعد.......يفكرني غشيم عن تغيبّاته .....يفكرني مادري عن هروبه من المدرسة وسواد وجهه........انا تركته لأخوه صارم.....بس واضح حتى صارم ما هوب قادر عليه.......أنا له والله لأربيه من جديد.....

ام صارم مسكت يد زوجها: قول لا إله إلا الله .......الله يسلم لي عمرك ....هد....خذ نفسك...اتركه عنك......جاهل ما يعرف ...

قاطعها مندفع بغضب: هذا اللي مخربه...جاهل...بزر...طفل.....يوم نّي كبره كنت ادير مسؤولية كبيرة.....وكان عندي عقل.....بس ماقول إلا ما عرفت اربيه....جبناه على كبر......ونسيت كيف اربي هذا اللي صار يا سارا.....هذا اللي صار....شكلي خرّفت ونسيت كيف اربّي!

دانة قبلّت يده: محشوم يبه......محشوم....

ام صارم بخوف على زوجها: تعال...اجلس....اذكر ربك.....
دانة اشارت لنفسها: انا اكلمه يبه......انت روح مع امي...هد نفسك......لا تضغط على روحك.....اتركه علي ...اتركه علي....

سحبته بهدوء زوجته: تعال يا بو صارم......ادحر الشيطان....تعوذ منه....
بو سلطان وكأنه بدأ يهدأ: اعوذ بالله من ولدك....هاللي شيّب بي.....
نظرت دانة لوالدتها
التي قالت: تعال ريّح...

ومشى معها وبقيت واقفة دانة تتنفس بعمق، بالأمس لم تنم حقًّا، تفكر بموضي، وتستعيد ذاكرتها النشطة صورة ضحايا الحادث المروع، وحينما غفت لنصف ساعة سمعت صوت صراخ والدها ونواف

طرقت الباب: افتح الباب نواف.....افتحه لا اكسره على راسك...

كان جالسًا على السرير يهز برجله اليُسرى، يستمع لغضب ابيه والآن يستمع لنبرة تهديد اخته، يعلم والدته استطاعت ان تبعد ابيه عن الباب
فاختفى صوته، ودانة لن تفعل به شيء اخته حنونة وطيّبة قلب
فلم يتردد في فتح الباب ، نهض ومشى ليفتحه

فتحه لتتقدم خطوتين وتغلق الباب خلفها ثم التفتت عليه
لتصفعه على خدّه الأيسر!

نظر لها بصدمة ثم انفعل صارخًا: ماااااااااااااا اسمح لك تضربيني.......

دانة تقدمت له وبغضب : اضربك واربيك من جديد.........لمتى نواف؟....لمتى خبال وتمرّد.......نفتك من سالفة التفحيط.....والطلعات اللي مالها داعي....تجي لسالفة التغيّبات عن المدرسة والهروب....وفجأة التدخين؟....وش ناوي عليه بكرا؟......مخدرات وصيّاعة على اصول؟.....ناوي تجلط ابوي وانت ادرى بحالته .....وتعرف انه مريض قلب؟.....لمتى بتعيش في تمرّدك وعدم احساسك بمسؤولية نفسك على الأقل......

نواف بعصبية صرخ في وجهها: انقلعي عن وجهي وطلعي وفري محاضرتك لك يا دكتورة زمانك.....

كل شيء يضغط على العرق القريب من عينيها اليسرى
الأرق، والرغبة في النوم، وصراخ اخيها ، ونشاط عقلها وتفكيرها
صرخت هي الاخرى: لا بتسمع لي.......غصبن عنك........تأدّب يا نواف....امي وابوي في سن ما يتحمل صدمات......وانهيارات......لا تجيب اجلهم ......فكّراشوي بنفسك وسو لك طموح ارقى من هالطموح اللي تعيشه....انت ثالث ثانوي.....بينك وبين مستقبلك اللي بيعيشك......خط ضعيف......جاهد عشان تتعداه بأفضل الطموح .......عشان ما تندم....اترك هالخرابيط عنك...تدخين...وهروب.....وتمرّد وخبال.......اصحى على نفسك لا تندم بعدين.....

نواف بكبرياء: ما راح اندم على شي...ولا سويت شي غلط انا......

دانة بللت شفتيها : كل هذا ولا سويت شي؟.....احمد ربك صارم مو هنا ولا كان علوم.....

نواف بتبرير وهو ينظر لعينيها المحمرتين: تراني دخّنت دخان لا هوب حشيش ولا مخدرات....

دانة زفرت بالاستغفار ثم قالت: اترك الدخان على جنب......ليش غايب اليوم؟.....ليش تهرب من المدرسة؟.....ليش ما تجد على نفسك وتذاكر......ترا ابوي ما هوب غشيم يعرف عن درجاتك.......يتّبعك وهو راك وراك....وروح المدرسة ويسأل عنك يدري درجاتك داجة بالأرض.....ويدري عن هروبك....بس صارم واقف بينك وبينه وقال له انا بكلمه.......

سكت، شعر وكأنه اصبح مُحاط بجدران ضيّقه لا يستطيع تبرير افعاله هو لم يذهب اليوم للمدرسة لأنه إلى الآن في الواقع لم ينم
سهر مع وصايف يتحدثان في كل الاشياء التي تجعلهما يستمران في الحديث سرًّا دون مراقبة الله !
هي الأخرى لم تذهب بعد للمدرسة،
اكملت دانة: نواف......خذها مني ...وربي...اذا ما تعدلت......وماسمعت لنصايحنا بكرا بتندم.......تدري ليش؟....لأنك جالس تهدم مستقبلك بيدك....بدل ما تحاول تبنيه....جالس تهدمه....على كذا......ما راح يكون عندك مستقبل....تدخن بعمر ثمنطعش سنة واذا ادمنت التدخين بكرا ما راح تكون لك صحة....وااذا ما هتمّيت لدراستك ودرجاتك بكرا ما راح يكون لك مستقبل لا وظيفي ولا غيره....بتجلس هنا عاطل باطل......عالة على ابوي يصرف عليك ....وانا اللي بوقف في وجهك والله اذا فتحت فمّك وقلت ابي ازوّج.....وانت لا شغل ولا مشغلة!

ضربت على كتفه بخفة: عيد حساباتك من جديد مانت بزر...نجلس بس نقول له هذا عيب وهذا غلط.....عندك عقل وتفهم .....وصلت مرحلة الإدراك اظن.....

ثم خرجت من غرفته واغلقت الباب بكل قوة ليصدر صداه في ارجاء الغرفة
.
.

وسمعه صوت والدها الذي قال: اكيد قال لها شي قليل الخاتمة....
ام صارم: اتركه عنك....هو واخته ينجازون.....

بو صارم بقهر: تعبني هالولد....تعبني كل ما قلت بيعقل إلا يزيد دمار وصيّاعه....
ام صارم : لا تغث عمرك.....أنا وصارم ودانة...بنأدبه......والله بنوقفه عند حدّه.....
بو صارم مسح على وجهه ونهض من على السرير
فقالت: وين رايح؟
بو صارم : بطلع بروح بزور ابوي وامي....ما رحت لهم الصبح....
ام صارم: الله معك
خرج واغلق الباب، وسمعت هي الاخرى رنين هاتفها
تنهدت بضيق على حال ابنها المتمرّد وحال زوجها
مشت لناحية الكومدينة سحبت هاتفها نظرت للاسم
(ام ذياب يتصل بك)
تنهدت: والله مادري شقول لأختي...خلصت من خبال الأبو...وجيت لخبال البنت.....الله ييسر...

ثم اجابت: هلا بخويتي....هلا بريحة امي ....
ام ذياب ابتسمت وجلست على الأريكة: هلا فيك زود.......اخبارك وش علومك؟.....والله اني ولهت عليك.....تعالي زوريني.....

ام صارم ضحكت بخفة: هههههههههههه هَوْ؟....من اللي المفروض تزور الثانية؟
ام ذياب: هههههههههههه مو عشاني اصغر منك تحطينها عذر...المفروض تزوريني بعد انا ......تنورين لي بيتي.....

ام صارم جلست على طرف السرير: البيت منوّر باهله......وان شاء الله قريب بجي ازورك.....
ام ذياب بهدوء: اتصلت عليك .....
قاطعتها: عشان ذياب وعهود....
ام ذياب : هو عشانهم وفي شي ثاني...وقبل لا ندخل بالثاني...ها طمنيني؟
ام صارم بهدوء: والله لسى.....قلت لعهود ومابي اضغط عليها تركت لها مجال تفكر بس ظنتي انها بتوافق.......
ام ذياب بنفس عميق: الله يسمع منك......والله ذياب كَل قلبي عليها....وما ودي ينكسر له خاطر....
ام صارم بمحبه: الله لا يسكر له خاطر......
ام ذياب بلا مقدمات: ام صارم.....انا حامل.....

ام صارم سكتت ، ثم ابتسمت بفرح: صددددددددددق؟

ام ذياب ضحكت على ردت فعل اختها: هههههههههههههههههه.......اي صدق......
ام صارم: مبروك الف الف مبرك.....ربي يتمم لك على خير....الف الحمد لله والشكر لك يارب......
ام ذياب بنبرة قلق: والله خايفة ما يتم يا ام صارم....
ام صارم تعلم بمعاناة اختها : لا تقولين كذا...خلي بأملك بالله كبير.....وودعي هالظنا عين الله اللي ما تنام....
ام ذياب: والنعم بالله

واخذتا تتحدثان بعدها في مختلف الأحاديث!
.
.
.
رتّبت مع والدتها المنزل، رغم انها لم تنم إلا ساعتين ولكن جلست واخبرت والدتها أنها لن تذهب للمدرسة لانها متعبة، ارادت منها الذهاب للطبيب ولكن رفضت، لم تواجه اخويها في هذا الصباح ولا حتى والدها الذي خرج للعمل، نزلت لترتب المنزل وتبعد ذهنها عن حبها المزعوم ، تشعر بالإنتعاش اليوم لأنها سمعت صوته ، تشعر هُناك فراشات المورفو تخرج من قفص صدرها من شدّت سعادتها، دخلت المطبخ أخذت تقطّع الطماط لتساعد والدتها في الغداء

تحدثت والدتها: اليوم حماسك ونشاطك يدل انك بخير؟.....ليش كذبتي علي وقلتي تعبانة ؟
وصايف ضحكت: ههههههههههههههه عشان اغيب....
ام وصايف التفتت عليها ثم اردفت: من يوم يومك عيّارة(كاذبة)......بس تعرفين طيبة قلبي وخوفي عليك ومستغلة هالشي فيني....

وصايف: شسوي بعد يمه....والله ما نمت...امس.....
وبكذب: رجعت علي الحرارة...بس ما جيت لك.....عشان ما اخوفك...
ام وصايف باهتمام: قايلة لك اذا تعبانة ولا شي دقي باب غرفتي.....ولا تستهينين في اي تعب.....لا تعورين قلبي عليك يا وصايف....

كلمتها الشهيرة (لا تعورين قلبي عليك) تلك الكلمة التي تستفز تأنيب الضمير من باطن وصايف التي تألّف عليها أكاذيب عدّة من أجل اخفاء ذنبها الذي يلتف حول خاصرتها ويعصرها ألمًا وخوفًا من ايقاعها في شُرفة الإعتراف يومًا!
تركت ما بيدها ثم احتضنت والدتها من الخلف وشدّت على بطنها
قبّلت كتف والدتها: فدييييييييييييييت حنانك وخوفك علي يمه.....

ضحكت والدتها: هههههههههههههه ابعدي عني خليني اكمل شغلي....
ثم دخل فهد ورأى وصايف وهي تحضن خالته
وخالته تحاول ابعادها
والاخرى تقول: يمه خليني اخذ حنان ....تكفين عاد.....خليني اشحن نفسي طاقة اجابية.....
ام وصايف بمزح: ليش شايفتني شاحن؟
وصايف ضحكت : ههههههههههههههههه حبيتها يمه بس لا تعيدينها....

فهد ابتسم عليهما: اوه منين طالعة الشمس اليوم؟......اخت عصايف داخله المطبخ؟

وصايف تركت والدتها ونظرت له وهي تزم شفتيها: عصايف بنتك هذي اللي بتكره اليوم اللي صرت فيه ابوها....
ام وصايف : عيب عليك وصايف وش هالحكي احترمي اخوك...
فهد ضحك بخفة: هههههههههههههههه حاقدة......
ام وصايف: الله لا يجيب الحقد بينكم .....

ثم نظر لها فهد بهدوء: ليش ما رحتي المدرسة؟

بدأ بالتحقيق، في الواقع تشعر العسكرية تُناسبه أكثر من ريّان رغم أن ذلك الآخر تشعر بهيبته وصرامته الهادئة خلف غضبان لواهيبه الداخلية ولكن حقًّا فهد بدلًا من ان يكون معلمًا لمادة الرياضيات يفضّل ان يكون عسكريًا حازمًا في عمله بسبب شخصيّته التي لا تحبذها

نظرت له وهي تخلط السلطاة بالمعلقة: انت بعد ليش غبت؟

فهد ابتسمت وهو يحك انفه، يحب مناكفتها، والمزاح معها إلّا انه يشعر انها لا تُطيق منه تلك الاسالة ووجهه الجامد، يشعر ايضًا بخوفها منه في بعض الحين، رغم انه كان يتذكر رحيل لا تخاف منه كثيرًا تندمج مع مُزاحه في السابق، تتقبل مناكفته معها ، تضحك، تمزح، ولكن وصايف لا تتعدى مرحلة رحيل، طرد المقارنة بينهما

حينما قال: خلّصت كل حصصي واستأذنت......
وصايف تحدّثت: انا غبت عشاني تعبانة.....
فهد سحب احدى الجزر من الصحن وقرمها: ماشوفك تعبانة...

لم ترد عليه سحبت التغليفة الشفافة وبدأت تغلّق صحن السلطة
ثم أتى ببالها ان تسأل عن رحيل، تلك الأخت التي اختفى ذكراها في هذا المنزل مُنذ ان تزوجت، تذكر شكلها الأخير وهي على (الكوشة) كانت تبلغ من عمرها هي وتوأمتها مناهل سبع سنوات او ست لا تتذكر في الواقع اعمارهم بشكل دقيق ولكن لم تكونا اكبر من السبع سنين، تذكر حنيّة رحيل عليهما، تذكر دلالها لهما وكيف تؤثرهما على نفسها حينما تقدم لهما
الشوكولاتة والاشياء الأخرى، هي تسال والدتها ما بين الفين والاخرى عنها ولكن والدتها لا تُعطيها اجابة مقنعة برأيها

ولكن اليوم خلال نومها في الساعتين تلك حلمت بها،
: صدق يمه....اليوم حلمت برحيل...

انشدّت مسامعه وانظاره على اخته بينما ام وصايف التفتت بشكل مندهش على ابنتها: وشهو حلمك؟

وصايف عقدت حاجبيها: بصراحة مزعج الحلم...وخوّف....
فهد نظر لخالته وكيف تركت من يدها الصحن وتقدمت لناحية ابنتها
: قوليه؟

وصايف تحدثت بحسن نية: وجها كلّه دم....وكانت لابسة فستان زفافها وتركض في الشارع وتبكي.....وتصرخ....وكانت تنادي مناهل.....

فهد مرر يده على لحيته ببطء شديد وبعقل شارد، بينما خالته باتت انفاسها مسموعه، حكّت جبينها
ثم قالت: اضغاث احلام......
وصايف بهدوء: إلا صدق هي تتصل عليك ؟

لم تستطع اجابتها التي غصّة في الحديث حرّكت رأسها وولت بظهرها عن ابنتها وتحدث هنا فهد: اي تكلمنا.....
وصايف بنبرة عتب: ليش ما تكلمني؟.....معقولة ما مرة طلبت تسمع صوتي؟
فهد يضيّع الامر: تكلمنا سريع....غالبا مشغولة بدراستها...وفرق التوقيت يلعب دور.....لم تتصل انتي بالمدرسة......

وصايف سكتت، نظر لهما
ثم خرجت من المطبخ: يمه بروح اتروش وبنزل اكمل معاك....الباقي......

هزّت رأسها والدتها وخرجت وصايف
اغمضت عينيها ووضعت يدها اليمين على قلبها، الحلم مُخيف، اولًا ذكّرها بابنتها مناهل، التي ماتت بسكتة دماغية مفاجأة، تذكر في ليلتها اخبرتها انها تحبها ومشتاقة كثيرًا لرحيل، ابتسمت لها واخبرتها انّ رحيل ستعود لن تطول غربتها ، قبلّت رأسها لتصعد تنام بعدها ولم تجلس ليومنا هذا!

فلقت قلبها، شعرت وكأنها هي السبب رغم ما حدث قدر ومكتوب من عند الله ولكن لم تستطع ان تتجاوز موتها بسهولة
وثانيًا تخشى الآن من ان تخسر رحيل، تفتقدها للأبد

التفتت على فهد الذي يُراقب حالتها التي ساءت بعد سماع الحلم
تحدثت: اتصل على ليث....ابي اكلمه...

فهد تعجب منها ، هي لم تحدثه يوم مباشرة ابدًا
ولكن يبدو انها وصلت مراحل عُليا من ضجيج القلق والخوف
هز رأسه واخرج هاتفه من مخبأه
.
.
كان جالسًا يُخبرها أن تقدم استقالتها غدًا ، لأنهم سيعودون للوطن انصدمت في الواقع من قراره السريع، ولكن حينما اخبرها حتى ركان سيعود معهم سكتت
: يعني اجهز اغراضنا من اليوم...
هز رأسه: اي افضل...
أمل اقتربت منه وبشك: صاير شي؟

ليث بنبرة عميقة: من متى ما صار شي يا أمل؟
سكتت ثم بللت شفتيها: واذا ما عطوني مستحقاتي خلال هاليومين؟
ليث
حقًّا لا يهمه الأمر : طززز فيهم....أنا اعطيك دبل مستحقاتك.....

أمل
تنظر له
لغضبه
لتحركاته
متوتر
ومندفع
وخائف وقلق
تفهمه
ولكن تريد هي ان تفهم ماذا حدث ليوافق ركان على امر العودة إلى الوطن
بعد كل هذه السنوات
ازدردت ريقها خشيت من انّ هناك امر يفوق توقعاتها

خشيت السبب وراء طلق النّار على اخيها،
: ليث
ليث التفت عليها نظر إليها مستفهمًا
لتقول: ركان في خطر؟
ليث ألتمس خوفها ورهبتها، خائفة من ان تفقد ظهرها، سندها الوحيد
ابيها وامها واخيها واختها
خائفة من ان لا ترى اهلها في عينه؟
خائفة من ان تفترق طرقهما بالموت؟
ليست مستعدة لفقد ركان يقرأ ذلك من خلال عينيها
يقرأ ذلك

كيف سيهدّأ هذه المشاعر الجيّاشة بالخوف والقلق
اقترب منها
تحدث بدوء ليُطمئنها: لا......ما في شي .....بس خلاص رحيل طلعت من السجن.....تعبنا من الغربة وركان تعب...ودّه يستقر.....

اهتزّت مقلتَيها: ترا ما عندي إلّا هو....يوم تتركني...ما راح يصير عندي احد غيره.......هو امي وابوي......مو مستعدة اخسره.......

سكت، نظر لها اقترب اكثر للأمام: منو قال راح اتركك؟
أمل نزلت دموعها لتأخذ حيّزًا على خدّيها: اذا مو اليوم ولا بكرا ......حتى لو بعد عشر سنين راح نفترق...... ليث........مستحيل نجتمع للأبد...

ليث ابتسم بسخرية: صحيح الموت بفرّقنا......وهذي سنّة الحياة الطبيعية.....

ابتعدت عنه لسخريته واستفزاز خوفها على اخيها ولكن مسك اكتافها وقبلّها على جبينها ثم احتضنها
أمل تهدأ بِقُبلة على الجبين
وتطمئن باحتضان دافىء
ليست معقدّة في تركيبتها مكشوفه عليه وواضحة
طبطب على ظهرها
: ما راح اتركك.......حتى لو تطلبين مني نطلّق ما راح اطلقك....وركان ما هوب في خطر.......راح تخطبين له بنت الحلال .....وبنسوي له عرس في السعودية....وراح تشيلين عياله...وحتى احفاده...ويمكن تزوجين ولدك لبنته او بنتك لولده.....

بكّت هنا وشدّت عليه، شعرت وكأنه يستهزأ بحديثه كيف تُنجب منه وهو لا يحبها وهي تخشى قُربه على ذلك الصّعيد؟ هل يعد الحُب كماليات للزواج ؟
لماذا يشعرها بعدم اهميّة الحُب المتبادل بينهما؟
لماذا يلغيه؟
بكت وهو فهم لماذا هذا البكاء، ولكن هو حقًا لن يتركها
لن يُبكيها من اليوم، لا يريد ان يكسرها لكي لا يخسر صديقه
لكي لا يعدم علاقتهما، ومن أجل أشياء أخرى!
يشعر بأنانيّته في هذا الموضوع، ولكن هو مُجبر على ان يكون اهلًا لهذه الأنانية!
ابعدها عنه قبّل جبينها مرةً اخرى: اليوم بتركك هنا تريّحين اعصابك مني طيب....
ابتسم في وجهها وهي هزّت رأسها لتؤكد: محتاجة اجلس مع نفسي اشوي....

ليث مسح على شعرها وكأنه يريد أن يستعيد الشيء الذي خسرته بسببه بالأمس: بس بجلس هُنا لين يأذن المغرب....وبكرا الصباح بجيك آخذك....
أمل بهدوء: طيب....
ثم سمع رنين هاتفه سحبه وخرج من غرفة النوم، نظر للاسم فأجاب: هلا فهد......

اتاه صوتها الأنثوي المكسور، لا يجرؤ على الحديث معها يشعر وكأنه متعري امامها يخشى من ان تكتشف كذباته
: هلا فهد...اخبارك يا وليدي؟

توتر، وبدأ يقلق لماذا اتصلت: الحمد لله بخير....
ام وصايف نظرت لفهد الذي يفرقع اصابع يده بتوتر: طلبتك يا ليث......طلبتك ولا تردني.....خلني اكلم رحيل واطمئن عليها بنفسي...

عضّ على شفته السُفلية، دار حول نفسه بتوتر وحكّ جبينه
كيف تحدثها وهي لا تريد التحدث؟
وكيف تحدثها وهما ليس معًا اصلًا؟
جهّز كذبة مقنعة يا ليث
: يا ام وصايف.....رحيل...محتاجة وقت......

قاطعته بنبرة تنّم عن رغبتها في البكاء: محتاجة وقت ولا فيها شي وتخبيه عنّا يا ليث؟

ليث سريعًا قال: والله انها بخير......بس هي ما تبي حتى تكلّم اخوانها.....

فهد تدخل هنا: عطيني اكلمه خالتي....
سمع ليث تدخل فهد وزفر بالراحة
ناولته الهاتف وخرجت مخذولة من المطبخ لتبكي براحتها في غرفتها
: هلا ليث....

ليث: اهلين فهد.......والله ماودي اكسر بخاطر خالتك بس رحيل ما هيب في وضع اقنعك وتقنعني؟

فهد بعدم تصديق: لهالدرجة؟

جلس ليث على الكنبة اليوم سيصارح فهد لأنه قوي، ولأنه بعيد عن قضيّتها ، رغم انه حساس في الآوان الاخيرة ولكن لن يكون مثل ريّان المقرّب والصديق لها

: فهد مامزح معك رحيل....في حالة انا عجزان من اني افهمها.....ما الومها هي مرّت في اشياء تشيّب الراس...انا خبيتها عنكم....ولا قدرت اكلّم فيها ريّان لأني عارف بيجن ويمكن يجي امريكا..وصير مشاكل حنّا في غنى عنها!

فهد وكأن قلبه بدأ يخفق خوفًا: اشياء؟

ليث مسح على لحيته: مضطر اقولك عشان تتفهم الوضع وتخفف باسلوبك على خالتك وعلى ريّان....وحتى على عمّي......

فهد نهض وخرج من المطبخ ليخرج للوجهة(الحوش): تكلم خبصتني؟

ليث ازدرد ريقه: رحيل عانت وهي في السجن....بمعنى اصح كلت تبن.......وانا بسبب هالاشياء.....ما قد زرتها وهي في اعز ضعفها......مرت سنوات وانا اصلا ما ازورها.....زرتها بس لم ماتت مناهل.....وزرتها آخر مرة عشان قرّبت تنتهي محكوميتها وهي في المستشفى ......ما قدرت اقول لريان وكذبت عليه يا فهد....من وصلي وزياراتي لها....بس كنت اتابع كل شي مع المحامي صاحبي ركان......وكنت احاول احميها بشتّى الطرق!

فهد
اهتزّت شفتيه، كيف لم يزرها؟
هل بقيت مركونه في اركان السجون وحيدة؟
كيف حماها ومَمِّن؟
هل ليث كان قاسيًا مثل الجميع؟ ومثله؟!
لم يستوعب
: شقول ليث......ش....
قاطعه: آسف راح اوجعك....بس رحيل عانت من العنصرية داخل السجن.....وتلقّت ضربات وطعنات كانت راح تموت بسببها يا فهد بس ربي لطف فيها.......اخر اسبوع من محكوميتها قضّته في المستشفى بسبب سجينة سوت لها مكيدة وسببت لها نزيف....عطتها حبوب......لعب في حسبتها لعب......قلت لك كل هذا ابيك تتفهم الوضع......وتساعدني ماحد يضغط علي يتصل وقول ابي اكلمها...رحيل في حالة نفسية سيئة.....كارهتني وكارهتكم بالمختصر....انا استحق هالكره....رغم غربتي لهنا ورغم مساعدتي لها...ما كنت ازورها عشان اخفف عنها الجانب المعنوي ولا العاطفي كنت جبان يا فهد....ما كنت قادر اواجهها وهي داخل السجن....كنت احس اللي صار لها بسببي....

وهو متيقّن ما حدث بسببه، ولكن لا يريد أن يعترف لفهد ليجن عليه، سكت، يريد أن يعطي فرصة لفهد للتحدث، ولكن فهد كان مصدوم
اي عناء عانتهُ أخته؟
أي بلاء وقعت بداخله؟
هو قسى عليها ببعده، وبكرهه الذي طوّقه وخقنه فجأة، اصبح دمية قساوة
وحاول أن يشربك خيوطه في جسد ريّان ليسحبه في وادي قساوته ولكن ريّان مارس قساوته على نفسه، حاول أن يتحكم ما بين العتب والقساوة والحنان
كان يسأل عنها
ولكن ليث
كان يكذب عليه ليُطمئنهم
واصبح ليث معهم في دائرة عدم تحمل الأمور كما هي، اصبح مثلهم تمامًا
ولكن على منطلق
القاسي الحنون!
يطمئن عليها من بعيد، أمّن لها الأمان والطمأنينة على حسب قوله وفهمه لِم اخبره بذلك؟!
ولكن لم يزورها؟!
هذا يُعني انها
عاشت الأحاسيس البشعة لوحدها
عاشت غربتها بالمعنى البحت الصّريح
شتم ليث منفعلًا
وليث سكت يسمع له
في الواقع لم يتوقع ردت فعله
اجل
سيغضب ولكن ليس هكذا!

امطره بالشتائم: حقققققققققققققققققير.........� �ركتها لوحدها.......تركتها تعيش غربتها......ماعوضتها عن غيابنا؟!

ليث بقساوة: انا احسن منكم...واحسن منك انت بالذات.....تمّيت بغربتي.....وانا اتابع قضيّتها تولّيت مهمتها بنفسي.......حميتها ......ماشلت يدي عنها ابد.......ما هربت بقساوتي وجلست بعيد عنها يا فهد.......وريّان ما قصّر يتصل ويسأل بس كذبت عليه ...يوم تصيرر ما هيب بخير قلت له هي بخير لأني حاس فيه قلبه مشغول فيها مالي حق اشغله زود واضيّق عليه ابواب كثيرة...وانت ولا عمرك سألت......والحين تتصل علي مضطر عشان خالتك لا اقل ولا اكثر...وانا قلت لك الحقيقة.....عشان


قاطعه مندفعًا: عشان توجعني؟....تراااااااااااااا هاااااااااا اختي.....اختييييييييييييييي� �ي يا ليث....اختييييييييييييييييي يي.....

ليث سكت اغمض عينيه ثم قال: ما نسيت انها اختك.........بس لأني شفتك الشخص المناسب اللي يتحمل قلت له......ابي وقفتك معي الحين يا فهد......انا عجزان اتحمل كل شي لوحدي.....لاحد يضغط علي ويتصل يقول ابي اكلمها.....الوضع بيني وبينها دمار.....وكلها كم يوم وحنا اصلا بننزل السعودية.....بس مهّد للكل....صعب يكلمونها او يشوفونها وهي بهالوضع........

ضغط فهد على عينيه ليمنع دموعه، اخذ نفس عميق وعاد لصلابته لينهي المكالمة: اكلمك بعدين...
ثم اغلق الخط في وجهه
تنهد فهد بضيق لم يخطط يومًا على ان يُخبر احد اخويها بمعاناتها في السجن
ولكن الافضل ان يعرف بذلك فهد، لكي يدعمه وإن قسى عليه من باب ابتعاده عنها رغم وثوقهم به من وقوفه معها!
مسح على شعره عدّت مرات ثم جلس على الكنب واغمض عينيه ليدخل في عالم التفكير!
.
.
باهتة، باردة، مؤلمة تلك الغرفة
استحمّت وعادت لتستلقي على السرير
نظرت لهاتفها ولعدّة المكالمات الفائتة منه
لماذا كل شيء يأتي لها بشكل متأخر وموجع؟
لا تستطيع مواجهته بعد فعلتها بالأمس
لا تستطيع
افقدت عقلها لتنساه
واليوم أتى لتتفاجأ بحنيّة مكالماته الفائته!
لن تُجيبه ولن تتصل، تريد البقاء هُنا لإستعاب ما تبقى منها من حياة، تريد أن تنظر لزوايتها على وجه الخصوص
كيف آل بها الحُب
إلى هذا الضعف؟
كيف!
.
.
هل لأنني افتقدتُ اشيائي الجميلة كلّها مرةً واحدة ، اصبحت اتمسك في قشّة نجاتي التي تمثّلت في هذا الرجل؟
افقتدتُ والدتي ولم يحتضني أبي مهدئًا روعي ومسكنًا وجع فقدي لها، كُنت ابحث عن حنان يُشابه حنانها، ابحث عن أمان يُشابه امان الأباء الذي تتغنّج به الفتيات المغرمات بأبيهم!
رأيت الحنان والأمان والحُب والسعادة تشع منه وتنبعث لي برضا!
تمسكتُ به هُيامًا لأنجو من حياتي الراكدة بالسكينة والمليئة بالذنوب الكثيرة، هربتُ مني إليه طوعًا لينتشلني من ضياع الفُقد
احتضني بكلماته وطمأنينته التي تشع من عينيه لتقوّيني

والآن
اشعر
وكأنني فقدتُ أمي من جديد
وكأنني لأوّل مرة ارى فيها ابي بشعًا هكذا
وكأنه برميلًا مليء بالشهوات!
حاولت ألّا اشبه
ولكن هُناك جزء حقير حاولت بتره ولكن عجزت
يُشبهّني به لدرجة الشعور بالغثيان!
درجة الضعف والخضوع للشراب
درجة الضياع
ومحاولة افقاد عقلي في سكك الزلل
ابكي الآن
حسرةً على نفسي
وعلى فعلتي بالأمس
ندمت
حقًا ندمت
.
.
شدّت على وسادتها وعادت لتنام تريد الهروب من البكاء ومن الشعور بالذنب وعذاب الضمير، تريد أن ترتاح
وتريّح ركان من اتصالاتها
إن بقيت مستيقظة، ستخونها نفسها وستتصل عليه
وربما اليوم سيرد عليها
وستختنق في نبرتها
لذلك لا تريد أن تتصل عليه ليجيبها لا تريد!
.
.
.
سمع رنين هاتفه، وهو يتناول الفطور في وقت متأخر معهم
نظر إليه أخيه
: بشويش اشوي وتشفط معاك الكوب....
فيصل حرّك حواجبه: مو منك من الغيرة....
الجدّه تحسّنت اوضاعها تبسمّت لهما: اتركوا عنكم الكلام وكلوا....
فيصل سحبت من يد اخيه الخبز استفزازًا له
محمد: قسم بالله بزر....
الجد نظر لفيصل: يبيلنا نزوجه كود يعقل...

شرق في لقمته هُنا وشعر أنه يختنق
محمد مات ضحكًا وجدًته ضحكت بخفة واخذت تضرب على ظهره
بهدوء
الجد ابتسم
محمد: ههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههه..... .....رحت وطي يا الخوي....

فيصل دمعت عيناه، هدأت انفاسه قليلًا ثم قال: وين تزوجني يا جدي...توني بزر....ماعرف وش هي اصلا الحياة الزوجية!

الجد ضحك: ههههههههههههه اي اي.....انا اشهد حتى ما تعرف كيف العيال يجون؟

الجده: وين يمه بزر....عمرك قدّه صار خمسة وعشرين.....
محمد غمز لها: يتهرّب يا جدّه....
ثم نظر لجدّه: هااااااااااا...بتزوجه عهود ولا هيلة ولا وصايف؟
نهض هُنا فيصل: عن اذنكم..

الجد: ههههههههههههههههههههههه اجلس ماحنا مزوجين بناتنا لبزر.......اجلس كمل اكلك....

فيصل نظر لشاشة هاتفه: عساها دايمه يمه.......
ثم نظر لجده: بطلع صاحبي يبيني اروح معه مشوار....

هنا دخل ابا صارم وهو يلغي عليهم السلام بينما فيصل سلّم عليه ثم خرج
ونظر لسيارة عبد لله الواقفة امام منزلهم
ركض ليعبر الشارع
واقترب منه
ليقول: الله ياخذك...صار لي ساعة انتظرك.....
ابتسم له: جالس افطر....
عبد لله نظر لساعة يده: احد يفطر الساعة احدعش....
فيصل برواقة: عاد حنا عيال السامي...نتفطر بهالوقت.....
عبد لله لينهي الامر: اركب معي.....بنروح لماهر....
فيصل نظر له: ما سمممممممعت وين بنروح؟

عبد لله: نروح لماهر......ياخي لمتى وانتوا كذا.....
فيصل بجدية: لا تسوي فيها مصلح اجتماعي...علاقتي معاه ماتت اصلا....دامه هو اللي انهاها انا مستحيل ابتديها من جديد معه.......

شعر وكأن الأمر بات مستحيلًا من أن يربط وثاقهُ من جديد، هز رأسه
ليقول الآخر: اقول دامك جيت.....وتعنّيت لي......نروح الكورنيش افضل!
عبد لله هز رأسه: ما بقول لا.......والغداء عليك عاد....
فيصل : هههههههههههههههههه من يوم يومك همّك بطنك.......
عبد لله ابتسم: اركب السيارة...
فيصل اشار لملابسه: ببدل سريع وبنزل لّك.....
عبد لله بتهديد: ست دقايق ما تنزل وربي لأمشي....
اشار له، وهو يقهقه والآخر ينظر لهُ
بوعيد، لا يريد أن يخسر علاقته معه، ويريد أن يعودون كما كانوا في صحبتهم الملمومة، ولكن يبدو ماهر وفيصل اصبحا خطّان متوازيان ومن المستحيل أن يلتقيان في نقطة واحدة، ركب سيارته واخذ ينتظره
.
.
بينما صارم جلس بالقرب منهم ونهضت والدته: بقوم اسوي لك شاي ...
بو صارم : لا يمه اجلسي لا تتعبين نفسك......
محمد شعر بالخجل هُنا، ويعلم جدّته عانت بالأمس وللتو استعادة نشاطها
فنهض: اروح اسوي عنك....
الجده: والله ما تقوم يا محمد اجلس كمل اكلك...
ثم خرجت من المجلس

فتحدث الجد بهدوء: شفت اخوك بو فهد اليوم؟

صارم تحدث ومحمد توقف عن الأكل تمامًا وشعر وكأنه مزهرية بينهما!
: لا ما شفته
همّ بالنهوض: عن اذنكم ....
الجد تحدث وعيناه تتبّع محمد، يريد أن يتحدث بهدوء ولكن بصرامة اكثر قبل أن تأتي زوجته، يريد أن يؤكد له لن يتراجع عن قراره ، وسيخضعه في الأمر بالحديث أمام عمّه وإن كان يجرأ على الرفض او على النقاش الحاد فاليفعل الآن!
: اجلس...

وقع قلبه هل أتى موعد جديّة الأمر، قدوم عمّه ابا صارم وجلوسه معه على سفرة واحدة جعلتهُ يرتبك!
يخشى من أن يُحاصر ولا يستطيع الإفلات والهروب من الأمر، فهو حقًّا لا يفكر بالإستقرار في وضعه الحالي، ودانة رافضة ذلك
كلاهما لا يريدان نقطة الإلتقاء في تلك العلاقة التي ستهدمهما إن اصرّا جدّه على رغبته تلك!

جلس ونظر لهُ بحذر وتحدث ابا صارم: اليوم بروح ازوره واطّمن عليه ...امس ما كان على بعضه .....

الجد هز رأسه: ولا راح يكون على بعضه إلّا لمن يشوف بنته انا عارف......يكابر.......ويقسي على نفسه.....بس هو جاه العلم اللي يخلّيني اطلب هالطلب!

محمد احتار ما بينهما في الواقع
وابا صارم: الله يفرجها.....
الجد تحدث: دامك جيت...وولد اخوك هنا.....
فهم ما سيقوله محمد
وابا صارم كذلك
اكمل الجد: تركت لكم ايام منها محمد يفكر وجوّد العلم اللي يجمد على الشارب...ومنها بنتك بعد تتمهل ولا تسرّع في قرارها...

سكت محمد لن يتحدث سيترك مجالًا لعمّه في التحدث: يبه الموضوع ما يجي على الكيف وبالغصب....وانا ما ارضي على بنتي بالغصيبة.....ومحمد هذا هو قدامك وقد قالها ما يبي يزّوجها.......

الجد نظر لمحمد وكأنه يتحداه من ان يرفض أمام عمّه
تحدث بلغة فهمها محمد: وش فيها بنت عمّك يوم انك ترفضها؟

ابا صارم فهم يُريد أن يحرج محمد امامه لكي لا يترك لهُ مجالًا في الرفض
تمتم بالاستغفار
و
محمد حاول أن يتزن دون ان يجرح احدًا بالحديث: بنت عمي على عيني وعلى راسي......وما في مثلها بالحشمة والاخلاق الكريمة......حرّه من ظهر رجال يا جدي......صاينة نفسها وعفيفة وشريفة ويا حظ من كانت من نصيبة....عندها من العلم والكل يشهد على سنعها!......الله يسلّم من رباها وربّتها.......يوم اني اقول مابيها يشهد علي الله.....اني ما نيب رافضها عشانها هي دانة لا......عشاني انا مابي الزواج هالفترةّ!


ابا صارم ابتسم على لباقته وثقته في الحديث كان يُراقبه كيف يتحدّث بنبرة هادئة وينظر لجدّة بثقة عالية
تنرفز الجد: دامك ما تبيها بهالفترة.....نأجل وش ورانا!؟

ظن انه انتصر على جدّه ولكن اختلج فؤادة على حديثه
تحدث ابا صارم: يبه....لا تجبرهم تكفى........

الجد بنبرة ذات مغزى: ماحنا بجابرين أحد....بس بنعطيهم وقت اطول يفكرون...
محمد نهض: عن اذنكم.....سفرة دايمه يا جدي الله يديمها من نعمة.....
خرج
وتنهد عمّه والجد اخذ يرتشف من فنجان قهوته بصمت!


.
.
5:45
مساءً
ملّت من النظر للسقف، وخافت في الواقع من ان يكون هُناك خطبٌ ما لم يتحدثون به أمامها، اطالت التحاليل والفحوصات، خشيوا من ان يكون لديها نزيف فوضعوها في الملاحظة ومنعوها من الحركة!
وفي تمام
الساعة 6:30
مساءً
نقلوها في غرفة اخرى ووضعوا لها "المحلول"، واخبروها لتطمأن ليس بها نزيف
والأشعة تُطمئن لا يوجد كسر ولكن هُناك تضرر بسيط ناتج عن الإلتواء وتارك أثرًا على هيأت ألم مزعج ورضّة كبيرة في ساقها، اخبرت الممرضة تريد أن تمشي الآن ولكن ابقتها على السرير إلى حين انتهاء المحلول،
.
.
بينما هو بقيّ في الخارج ، الخطّة تسير كما وضّحوها له إلى الآن
ظهر في حياتها واحدث لها ضررًا بسيطًا ستُرسله لزوجها فيما بعد
الخطة هذه احتياطيّة ودرءًا لِم قد يحصل بعد عدّة أيّام
في الواقع اللورد لا يثق بردّت فعل ليث، فهو يعلم انه حاقد بسبب ما فعلوه بزوجته التي خسرت حياتها في السجون!
سيبقى لهم عدو وإن لم يأذيهم ، لذا لا بد من اخذ احتياطاتهم لناحيته
قُرب بتّال من رحيل مهم في حال نقض ليث العهد الذي انشأهُ بيده بالأمس
سيقضون على حياتها ولكن بطريقة غير مباشرة!
سيجعلون ليث يتجرّد من اسمه على هيأة أسد للإنقضاض عليها
خطأ بسيط منه، سيجعلهم يرسلون وَشوشة عظيمة على مسامعه
تجعل حياة رحيل جحيمًا، وسيجعلونه مجرمًا في وقت غضبه!
الخطّة تقليدية ربما ولكن نتائجها تُعجبهم
ارسل لأبا سلمان
(سُدد الهدف)
ثم ابتسم
نظر للوقت
وكانت xxxxب الساعة تُشير إلى
6:45
مساءً
طرق الباب ثم دخل عليها
.
.
.
صلّى المغرب وودّعها ليذهب لتلك التي احدثت شرخًا عظيمًا في ذاكرته، تكره، وتُحب غيره وتهدده بالخيانة الجسدية بكل برود
تُخيفة شخصيتها القوية والمتمردّة لأنه يخشى عليها من نفسه، لا يريد أن يقتحم عقله الجنون، وينقض عليها يومًا وهي لا تجد شخصًا تستند عليه لينقذها منه!
الجميع تخلّى عنها حتى فهد الذي انصدم اليوم من الحقائق ومن واقعيّة غربته كان بعيد لدرجة ظن انه نساها!
وريّان رغم اتصالاته مقصّر بحقها، يسأل.....يخاف عليها ولكن لم يفكر يومًا المجيء لهُنا لزيارتها، هو لم يخبره بالحقائق لانه لا يريد ان يثير البلبلة ويخيفه كان يريده ان يأتي دون ان يُعطيه حافزًا في المجيء!
بينما عمّه مصدوم مما حدث ويقسو على نفسه قبل ان يقسو عليها

فهي في الواقع دون سند، هو سندها وهو الظهر الذي من المفترض ان تستند عليه ولكن إن بقيت تستفز جنونه ستهدم حصون هذا الظهر ليجن ويعدمها بلا ضمير!
دخل الشقة، كانت باردة، التلفاز يشتغل وصوته منخفض، دارت عيناه على الأرجاء لم يرى سوى بعثرتهما التي أحدثاها قبل ساعات من يومه!
بلل شفتيه ، ثم مشى بخُطى هادئة ليمر عبر الممر المؤدي لغرفته المقابلة لغرفتها، ألتفت على غرفتها وكان الباب مفتوحًا عقد حاجبيه
دلف من الباب
: رحيل!
وكان الظلام يغطي ويحتضن الغرفة ببرود
اضاء الأنوار
ولم يجدها شيء بداخله يُقال له الشك بدأ ينبض خلف اسوار جنونه
ارتفع صوته: رحيييييييييييل....
خرج سريعًا متجهًا للخلاء يطرقه وهو يكرر اسمها بنغمة غضب: رحييييييييييييييييل.......

ثم فتحه ليبرهن له عدم وجودها في الشقة اصلا!
صرخ: مجنوووووووووووووووووونة..ل ا..ياربي..ما ابي افكّر كذا!

دار حول نفسه وهو يستعيد بذاكرته حديثها ، نبرتها وحدّة تحديقها به
هي مشتاقة للوطن، تريد العودة بشكل سريع حتى أنها خضعت لشرط جدّه دون تفكير كما انها اخبرته ستحمل من غيره وستحدّث جده من أجل العودة؟!
هل يعقل ما يفكر به الآن؟
هل ذهبته لحبيها الذي احتفظت بمشاعرها داخل قلبها ليدفّأ عليها برودة السجن؟ هل ذهبت إليه؟
صرخ منفعلا: والله لا اذبحككككككككك واشرب من دمّك رحييييييييييييييييييييييي ييييييييييييل
.
.
6:47
مساءً
.
.
حينما دخل قامت بترتيب حجابها، لماذا لم يذهب من هُنا؟
كان ينظر للاشيء وكأنه يبرهن لها صفاء روحه وقوّة إيمانه وحياؤه من النظر لفتاة ليست من محارمه!
: الف الحمد لله على السلامة....
لم تنطق حرفًا، لا تريد تواجده هُنا، لا تريد أن يحشر نفسه وإن كان السبب في مجيئها هُنا
: ابي رقم ابوك او اخوك او ..
وبنبرة لم تلحظها ولكن تسلل الخبث بداخله: زوجك!
لم تتحدث
نظر لها وهي تحدّق به: انقطع لسانك من الحادث؟
رحيل اخيرا نطقت بلا نفس حينما ألتمست سخريته: سخيف!

تحدث ونطق باسمها: هذا جزاتي يا رحيل...
ثم اردف مبررا سريعًا: ترا عرفت اسمك من الممرضة....
لم تهتم
: انتهت مهمتّك يا...

قال وهو مبتسمًا: بتّال....

اشارت: اللي هو....خلاص روح ....انا بخير...بس يخلص المحلول برجع بيتنا.....

هز رأسه: آسف.....لازم أأمنك عند اهلك......انتي بنت بلدي وغير كذا تسببت لك بالأذى......وبصراحة احس بالمسؤولية بسبب اللي سويته!
رحيل ارتفعت نبرة صوتها متنرفزة: ما قصرت جبتني المستشفى وسويت اللي عليك......مشكور....تقدر تروح......

ثم انحنت على الأنبوب سحبت الأنبوب المتصل بالأبرة دون نزع الإبرة نفسها، احتضنت الجاكيت التي يتلف حول جسدها وازاحت اللّحاف وهو يسترق النظر لِم تفعله وحينما وقفت

قال: وين؟
رحيل يزعجها تطفله وتدخله لا تريد ان تبقى معه في الغرفة ولا تريد رؤيته، ماذا يريد؟ تمقت الرجّال المتطفلّين والذين يحاولون لفت انظار النساء رغم انه لم يبادر بلفت انتباها بطريقة مباشرة ولكن شعرت بذلك
: الحمام!
ثم توجهت للخلاء وهي تعكز على رجلها السليمة، بينما هو بقي واقفًا ينظر لها بخبث...


ثم توجهت للخلاء وهي تعكز على رجلها السليمة، بينما هو بقي واقفًا ينظر لها بخبث...

مرت دقيقة واحدة بعد ان دخلت وفجأة انطفأت الكهرباء
زفر هنا وشّك بالأمر، توجّه للنافذة وحدّق للخارج لينظر إلى ركض الممرضات والأطباء، عقد حاجبيه ماذا يحدث؟
اتته الإجابة سريعًا حينما سمع دوي إطلاق النّار!
.
.
رحيل حينما انطفأ الكهرباء ورأت الظلام ظنّت انها ستفقد وعيها، لأنها في الواقع تشعر بالدوخة والغثيان لم تصرخ خائفة من الظلام كما تفعل وهي في السجن بل بقيت تضغط على عينيها لتستعيد وعيها كما تظن!
ولكن لم تستعيد شيء، ارتعب قلبها شعرت بوخز الإبره في يدها، فسحبتها ببطء وبحذر كما اعتادت عليه في السابق! رمتها في الأرض
خرجت وهي تتنفّس بعمق، وكانت الغرفة مُظلمة ايضًا،
تحدثت بذعر: ببببتّال!
ألتفت على مصدر الصوت ورأى ظلها المنعكس على الأرض بسبب الأنوار المنعكسة من الشارع،
هل ابا سلمان حَبك خطة اخرى؟
تحدث: أنا هنا....شكل الكهرباء فيها خلل...
ولكن ارتفعت اصوات اطلاق النّار، هي تعرف صوت المسدسات واطلاق الرصاص منها جيّدًا وضعت يديها على اذنيها وصرخت: طلق رصاص....
اقترب منها بحذر، وهو يقول: ارجعي ادخلي الحمام....
هزّت رأسها وعكزت على رجلها لتعود للخلاء....ثم اقترب من باب الغرفة فتحهُ بشكل جزئي واخذ ينظر للفوضى التي رآها في الممر اغلق الباب و سحب هاتفه
واتصل على ابا سلمان
وردّ عليه الآخر سريعًا
: الو بو سلمان وش صاير؟....انتوا مسوين هجوم على المستشفى؟

ابا سلمان بعدم فهم: اي مستشفى؟
بتّال كان سيتحدث ولكن سمع اطلاق النار يقترب من الغرفة سكت ثم قال: المستشفى اللي جبت فيه رحيل....فجأة انقطت الكهرباء....وصوت اطلاق نار.....

ابا سلمان وقع قلبه، هو الآن جالس أمام اللورد
نظر إليه : شنو تقول انت؟

بتّال مشى بخطى سريعة للنافذة ينظر: اذا مو انتوا؟...من اجل...بو سلمان الوضع دمار...امنوا لي مخرج....

ابا سلمان بعجل: سكر وبتصل عليك سريع....
بتّال بخوف: ما عندي سلاح ترا.....لا تتأخر...
ثم اغلق الخط.....ونظر للظِل وقرب احدهم من فتح باب الغرفة، شخصت عيناه في الظلام....واقترب بخطى مستعجلة أمام باب الخلاء...فتحه بخفة...وكانت رحيل واقفة....
كانت ستتحدث ولكن وضع يده على فمها ليمنعها من الحديث ثم قال: صيري ورا الباب...لا تتكلمين.....
رحيل هزّت رأسها بذعر، ماذا يحدث؟ هل هي مجبرة على ان تتروّع ما بين الحين والأخرى لماذا تعيش هذه الأفلام المرعبة؟
من هؤلاء المتجرئون في التهجّم على مستشفى كبير مثل هذا؟
اصبح بتّال قريب منها هو الآخر يخشى من ان يهجموا عليه وهو وحيد؟ بينما هي قلبها أخذ يضرب ألحان الخوف من كل الأمور البشعة التي طرقت رأسها
ازدردت ريقها واخذت تقرأ المعوذات سرًّا وتشد على كفّي يديها، بتّال رفع هاتفه وضعه على الصامت لكي يضمن حياته، بينما رحيل تسمع طرق نعلهما وترى ضوء ابيض ويسطع من تحت الباب، سمعت احدهم يقترب
من باب الخلاء، اغمضت عينيها
وبتّال يزفر انفاسه ببطء شديد وهو يُراقب الضوء ويسمع وطء الأقدام، فجأة سمعوا احدهم يتحدث
ويخبر صاحبه عليه بالتوجّة إلى الدور الثالث للبحث، فهذا الدور الأرضي البقيّة سيقمون بالبحث عن رحيل فيه ذكر اسمها وكادت تشهق ولكن وضع بتّال يده خلف رقبتها وجذب رأسها إليه وكمم فمها سريعًا

خافت، فهمت هُناك وحوش يريدون الإنقضاض عليها شخصيًا مَن هم وما هي مشكلتهم معها لا تدري؟ سمعا ركضهم بعيدًا عن باب الخلاء، خرجوا،
ارخى من الشّد على فمها نظر لها في عُتمة الظلام
مردفا وهامسًا: خليك هنا لا تطلعين .....
هزّت رأسها، وبدأت عينيها تترقرقان بالدمع ندمت من خروجها من الشقة، هل يعقل هي مستهدفة؟ ماذا يحدث؟
من هم الذين يريدون بها شرًّا؟
لو بقيت تناكف ليث طوال النهار اسلم لها من كل هذه الفوضى، شدت على رجلها المصابة وضج الألم في فؤادها، وبكت بلا دموع، بينما بتال خرج من الخلاء ببطء
نظر لهاتفه وكانت الساعة
7:3
مساءً
يريد أن يتصل على ابا سلمان، هؤلاء مستهدفين رحيل؟! يعني ؟
هل يعقل؟
تنهد بضيق، بلل شفتيه اتصل على ابا سلمان
الذي اجابه سريعًا: ستيفن هو اللي مسوي الهجوم!

شتمه بتّال وهو يشد على اسنانه ثم قال: جا ببالي هو....كيف وانت تقول ابوه تركه ينقلع كندا....
ابا سلمان يمسح على رأسه، للتو أكل تهزيئًا من اللورد على سببًا هو ليس لديه قوّة فيه!
ستيفن سيحرقهم يومًا، وسيحرق خطتهم لا محالة إن تمت تأذيّة رحيل اليوم ، سيلغون الخطة! بل حقًّا سيلغونها
فهم يعتبرون هاجموا ليث بعد أن طالبهم بالسلام!
وهذا امر سيجعل من ليث وحشًا إن علم به
عليهم ان يحسموا الأمر ويبعدون الظنون عنهم بسرعة
: خدعنا الحقير...ابوه اشوي وجيه جلطة.......اسمعني احمي رحيل....انتبه تطيح في يده....حاول تطلع.....

بتّال يراقب الباب ويتكلم ببطء وبهمس لكي لا تسمع رحيل: كيف اطلع والمستشفى محاوط....ومحاصر.......الكلب اذا شافني والله يذبحني...ارسلوا لي دعم...
ابا سلمان بغضب: مانقدر....ما نقدر ندخّل.....جذيه راح ننفضح....
بتّال مسح على رأسه عدّت مرات وركل السرير بقوة: يعني؟
ابا سلمان: حاول تطلع من المكان سليم انت ويّاها...وعجّل بالنتيجة....
بتّال بعدم فهم: وش قصدك؟
ابا سلمان بخبث: سو شي يقلب السالفة على رحيل...وما يثير الشكوك في نفس ليث......ستيفن فضح خطتنا....وإن مشت على جذيه....ليث بيعرف احنا لنا يد في الموضوع......فخلاص ما فيه وقت ننقذ نفسنا فيه من شكوك ليث....وردت فعله......قدامك ساعات قليلة ....تنقذ روحك....وتطلّعنا براءة من هالهجوم....وبعدها نشوف شنو يصير
...
بتّال فهم حديثهُ المبطّن ، اغلق سريعًا الهاتف في وجهه ابا سلمان وتوجّه للخلاء، مد يده
: رحيل...اطلعي لازم نطلع......ولا بموتونا ذول....
رحيل عكزت على رجليها وهي تتقدم للامام : وش يبون مني؟
بتّال: مادري...
اتى من جانبها الأيسر واحتضن خاصرتها ليجعل ثقل جسدها عليه ويسحبها معه بدلًا من ان تعكز
حاولت ان تتملّص منه فقال وهو ينظر لها: رحيل...مضطر...امسكك...ويمكن اضطر من اني احملك......خطواتك بطيئة...تكفين....اسمحي لي.....بس نطلع من هنا....

عضّت على شفتيها واخذت تنشد ألامًا كُثر، هزت رأسها وبتّال اخذ يمشي ويسحبها ببطء شديد ، يريد أن يخرج من الغرفة وينظر لأي مخرج طواريء يجعلهما يخرجان من المستشفى بسلام!
فتح باب الغرفة، خرجا، وهو يتلفّت يمينًا ويسارًا ، لم يرى احد،
تحدث: ما في احد....
هي الاخرى تحاول ان تركّز بسمعها ونظرها على الظلال، وتنفسها بات مسموع، تخشى من ان يظهر ستيفن فجأة ويلهبها لا تدري كيف أتى في بالها ولكن الظلام، والخوف والاختناق جميعهم يرتبطون به ارتباطًا وثيقًا، قام بتشغيل (الفلاش) من هاتفه ويمرره على الابواب يريد أن يرى مخرج الطوارىء
التفت يمينًا ورآه، تقدما: امشي معي.....
ترك لها مجالًا للمشي والقفز، جعلها في جانبه الايمن وفتح الباب ببطء شديد، هدوء الممر خالي من اي شخص يهدد حياتهما بخطر،
فمسك كف يدها: انتبهي....
حرّكت رأسها وهي تدعو الله ان ينجيها من الأيدي العابثة والظالمين لها، خرجوا منه، وكان امامهم باب ما إن فتحه حتى شهقت من البرودة التي صفعت وجهها ولفحته، خرج اولًا بتّال هو مجبور على حمايتها مجبور، التفت يمينًا ويسارًا
التفت عليها ومد يده ، كانت ترتجف بردًا وترددًا من مسكه، لا تريد أن تتلقّى آثام كُثر ولكن تؤكد لنفسها هي مضطرة لذلك مسكت يده، وتمنّت لو تحفظ رقم ليث لتتصل عليه ويأتي هنا لينتشلها من هذا الذّعر!

خرجت ونزلا من على عتبات الدرج الصغيرة مشيا بجانب الورود الجانبية، تعداها إلى أن اصبحا في ساحة المستشفى الخارجية والتي تطل على المواقف، وعلى الابواب الرئيسية والفرعية من الخلف!

فجاة اشتعلت الانوار التابعة للمواقف، وسمعوا اطلاق النار، وشدّت على يد بتّال الذي في الواقع احتضنها ليصبح لها درعًا ، سمع طرق احذيتهم
كان اطلاق النار فقط لتخويفهما
رأى ستيفن يتقدم ، ونظر لثلاثة رجال من خلفه
جعل بتّال رحيل خلفه، التصقت بظهر بتّال حينما وقعت نظراتها في عين ستيفن مباشرة
دق قلبها وتلك اللّحظات تتجدد عليها لا تريد عذابًا آخر تريد من بتّال ان يحميها منه
وستيفن لم يتوقف على هذا
يعلم وجوده يرهبها غمز لها لتدفن وجهها في ظهر بتّال واخذت ترتجف كالعصفور!
رحيل القوية ضعفت الآن....تلاشت امام الرجال المسلّحين، أمام خوفها من ستيفن ومن ظنها من بتّال ان يكون منهم....اخذت ترتجف سواعدها...وقلبها بدأ يضج بالأنين ، اخذت اسنانها تصطك في بعضها البعض، عضت على لسانها بشكل لا إرادي حتى ادمته اغمضت عينيها وهمست بشكل جنوني: ليث!

تريد ليث الآن
وبتّال مجبر على ان يحميها من ستيفن
تحدث بالعربية: وش تبي؟
ستيفن تقدم لناحيته بكل ثقة إلى ان وصل أمام بتّال
تحدث بلغة عربية مكسرة: رهييييييل......

هزّت رأسها بـ(لا) واخذت تبكي بلا صوت ، وعينين محمرتين لا تريد ان ترى وجهه شدّت على جاكيت بتّال وكأنها تقول له لا تترك له مجالًا من اخذي!

بتّال بلل شفتيه: بعّد......
ستيفن هز رأسه وبحركة سريعة لكم بتّال لينحني وتصبح رحيل أمامه مباشرة، فسحبها ستيفن وصرخ بتّال ليوقفه بعد أن مسح الدّم الذي خرج من طرف شفته، ثم ركض حينما ابتعد مسافة عنه ليسحب رحيل بقوة وسقطت على الارض بسبب عكزها واختلال اتزانها شهقت حينما سقطت على حافة شيء لم تستطع رؤيته في الواقع ولكن شعرت به ينغرز في جسدها ، انحنى واوقفها وهي تأن من الالم غير مصدقة لِم يحدث!

وكأنها لعبة ما بين يديه يسحبها ستيفن والآخر يسحبها وهي تتلوّى خوفا وألمًا من رجلها ومن لا تدري أين ولكن تشعر بحرارة تسلخ روحها حينما رفعت بشكل مفاجأ من على الأرض.

اطلق النار ستيفن في السماء وصرخت رحيل
ليصرخ الآخر بلغة فرنسية(مترجم): بتّال......ابتعد وإلّا قتلتك...
بتّال تحدث بالفرنسية ولكن بشكل ركيك وهو يشد على رحيل(مترجم): اذهب اولّا لوالدك ليعطيك الأذن ثم خذها...

ثم اخذ يمشي للخلف ويسحب رحيل معه، ويتوجّه للمواقف، حذّر ستيفن بالفرنسية
(مترجم): إن قتلتني او قتلتها والدك سيقطع رقبتك!

ستيفن جنّ جنونه واخذ يطلق النار على بتّال ورحيل بعشوائية ولكن بتّال يبعد رحيل ويبعد نفسه بخطوات عشوائية غير مدروسة .....وكان رجاله سيفعلون ذلك ولكن ستيفن صرخ ليوقفهم عن فعل ذلك ، لأنه هو من يريد القتل ، يريد القتل بيده، وبتال حمل رحيل سريعًا على صوت طلّق النار وركض متجهًا خلف السيارات ليحتمي بها....

رحيل اصيبت بالصدمة والذعر والاندهاش، نظر لها متسائلًا: جاك شي؟

رحيل تشعر بالألم ولكن اين لا تدري؟ ازدردت ريقها وطأطأت برأسها
خاف بتّال
إذا اصيبت برصاصة واحدة سيقتلونه لا محالة؟!
نظر إلام تنظر ولكن لم يسعفه الوقت ذلك المتخلّف اصبح قريب منهم يطلق النار بعشوائية، فوق تحت ويمينًا ويسارًا، حملها بخفة وتوجّه خلف السيارة التي عن يساره ومشى إلى ان وصل لسيارته، فتح الباب وادخل رحيل ليجلعها تنتقل سريعًا للمقعد الجانبي، كان سيدخل هو الآخر ولكن وصل ستيفن ، وضربه خلف رأسه ولكن قاوم الألم
والتفت عليه ليلكمه هو الآخر على وجهه ثم ركله على بطنه وابعده ، سمع طلق النار وعلم بمجيء رجاله، دخل سيارته واغلق الباب، وقادها بجنون ، واصطدم احدى رجال ستيفن دون ان يرف له جفنًا!
رحيل صامتة، واضعة يدها على بطنها، تتنفس بصوت مسموع
التفت عليها: جاك شي؟
لا تُجيبه
.
.
بينما هُناك مجنون آخر خرج للشارع يلتفت يمينًا ويسارًا ينطق باسمها ما بين شفتيه بوعيد وسكرة غضب تلتهم رأسه الذي يخرج دخان حقده عليها
كيف تخون؟
كيف تجرؤ على أن تتفوّه بكلمات ثقيلة ثم تخرج لتبرهن قوّتها بأفعالٍ رديئة؟
غير قادر على ان يُحسن الظن بها ، مشى للشارع الآخر سيدخل جميع المحلّات القريبة هُنا للبحث عنها سيحاول ألّا يتعمق في التفكير لكي لا يجن اكثر!
.
.
الساعة
7:30
مساءً
.
لا يستطيع ان يوقف السيارة يخشى من انهم يتعقبوه، ولن يستطيع ان يوصل رحيل لشقتها وهي في هذا الحال ومن الواضح انها مصابة برصاصة لعينة خرجت من ستيفن!
هو انتهى حقًّا انتهى...سمع رنين هاتفه
اجاب: ها طلعتوا؟.......انتوا بخير؟
بتّال نظر لها ولصمتها وعينيها التي تتحركان للاشيء، ينظر لصدرها الذي يرتفع ويهبط بعمق ، يراقب كف يدها الذي تضغط بها على بطنها بقوة
: اي اكلمك بعدين!

اغلق الخط، نظر لها : رحيل..
.
.
عواصف كثيرة تعصف بها في هذه اللحظة، ألم رجلها ، ألم بطنها لا تدري هل ثقبت الرصاصة بطنها أم لا
حقًّا لا تدري، ولكن تشعر برطوبة في يدها لا تريد أن ترى يدها لكي لا تنصدم!
بتّال بحذر: رحيل فتحي الجاكيت....
ثم عاد ينظر للشارع
.
.
إنني اموت
انزف
اشعر بحرارة في هذا المكان
هُنا في منتصف بطني
لا
ليس هُناك
بل في المكان الذي طُعنت فيه أجل في المكان الذي طُعنت فيه
.
.
شدّت عليه اكثر
لا تشعر بالرصاصة
هي تضغط بقوة وتعض على لسانها من شدّة الألم!

بتّال: رحيل....تسمعيني؟
.
.
اسمع صوت الموت يُناديني
يضجّ اهلًا رحيل
اهلًا بالمتمرّدة
التي أكلت نفسها بنفسها!
.
.
بتّال خاف حقًّا: رحييييييييل...
.
.
الخوف سلب انفاسها، سحب عينيها للأسفل لينزل جفنيها ببطء شديد لتغلقهما عن الأضواء المشوّشة وعن رؤية الدنيا باكملها، ارتخت يدها على بطنها، ارتخى كل شيء بداخلها، هل سيبكون عليها يومًا ؟
هل سيندمون لأنهم لم يتمتعّوا في رؤية وجهها الحسِن؟
صرخ بتّال لرؤيتها هكذا ختم موت على حياته
: رحييييييييييييييييييل ............لالا....ما اتفقنا على كذا......الله ياخذك يا ستيفن....
التفت عليها ليرى رأسها متدليّا على جانبها الايسر
اغمض عينيه بذعر: تكفين رحيل لا تموتين....والله يموتوني...والله!
.
.
.


انتهى



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-21, 02:31 PM   #16

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

Part 12






قبل لا ندخل في البارت حبيت أنوّه على كذا نقطة عشان نصير في الصورة السليمة مُنذ البداية، شخصيات الرواية ليسوا منزّهين كل التنزّيه فهم بشر يصيبون ويخطئون، والأحداث فيها من الواقع والخيال النّاطق، لم اقتبس الأحداث من حياة أحد أبدًا أبدًا، وليس هدفي تزيّين الحرام، بعض تفاصيل الأحداث لم أحبّذ التطرّق لها لأسباب عدّة حفظًا للحدود التي وضعتها لنفسي، كتبت اشياء كثيرة من وجهة نظر مختلفة خاصة لشخصيات الرواية، بعض الأحداث ربما كُتبت لتكون خارج دائرة المألوف بطريقة ما، فيه تعدد باللهجات لمناطق السعودية ودول أخرى إن اخطأت فيها اعتذر للجميع حاولت بجهد أن اظهرها بشكل صحيح ولكن اعلم اني بشر أُصيب واخطأ فألتمس لكم العذر من الآن، و يُسعدني ان اشارككم ايّاها بصدر رحب..فأنا اتقبل النقد ووجهات النظر بأدب ورُقي، روايتي ايضًا تحتاج لتأني في القراءة كما أنّها معقدة بعض الشيء، كتبت أجزاء كثيرة منها ولكن اعتذر منكم لن استطيع أن اشاركم اياهم في دفعة واحدة لعدّة اسباب منها ما زالوا على قيد التعديل غير إنّي مقيّدة بظروف خارجة عن إرادتي..لذلك سيكون هناك بارت واحد في الأسبوع "اليوم" لن يكون محدد..في الواقع لا استطيع تحديده استنادًا لظروف حياتي الشخصية.




.

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.
الساعة 12:2 بعد مُنتصف اللّيل
السماء باتت مزيّنة بالنجوم مُعتمة يُضيئُها القمر بنوره المُستميد من الشمس التي غابت عن وجوه بائسة تُريد مخرجًا من هذه الحياة لتستطيع التنفّس بهدوء ورويّة ولكن هذه أمنيّتهم التي خبّئوها خلف صدورهم التي تقرع طبول الخوف حُزنًا.
البرد قارص، يخنق الأنفاس ويختطف الأبصار، يُرجفك رغمًا عنك، يحتضنك ويلتف حول جسدّك ليُغطّيه ويمتص منه دفئك التي تُخبّئه بين جُنبات ملابسك الثقيلة!
أين هو من كل هذا؟
كان يمشي بِلا خارطة ..يمشي في مروجه اليابسة.. يمشي في تِيه افكاره، أصبح متذبذب ومُشتت ما بين حدوث شيء قد أصابها وما بين جنونها وذهابها لخيانته؟
كيف يرتّب أفكاره ما بين جنونها وحديثها الذي لا يُنسى وما بين خوفه ومطاردة الوحوش خلفه؟
أتى اللورد سريعًا في عقله، ربما هم اختطفوها لا يدري هذا الأمر مُحتمل وعليه ألّا يصرف النظر عنه، مشى على الرّصيف، ينظر لهاويته ولطبيعة الحياة
كل ما تفعله يعود عليك، مُعادلة حياتيّة بسيطة وواضحة لا تطلب منك موازنتها لأنها موزونة من ذّاتها.
مهما تأخّر الرّد سيعود يومًا حتى بعد ملايين السنين!

ماذا فعل بالماضي لكي يعود المردود ثقيلًا عليه؟
ابتسم بسخرية، فعل الكثير ولكن كيف دخل في متاهات الإنتقام لا يدري؟
انتقموا منهم انتقموا من صاحبه سلمان المقرّب الذي ابتسم في وجهه ضاحكًا يومًا!
.
.
: يا ريّال المسابقة ذي بتدّخل عليك ملايين!
.
.
ها هي يا سلمان أدخلت عليه المصائب والبلاء العظيم
يتذكّر حماسه، بحوثه التي سهر من أجلها أسابيع عدّة من أجل التّدريب قبل الشروع في أوّل تجربة له.
و التي أدخلته في الطّريق المُظلم

تذكر فرحت سلمان الذي يشاركهم المعيشة في الشقة
: ركيّن قبلوني وقبلوا ليث بس.

اردف ساخرًا: عيال الأدبي خسروا مع الأسف وتمّت تنحيّتهم...قلنا لك...لا تغامر ما سمعت وفشّلت عمرك...أنا ما أدري شلون اسمك سقط سهوًا في القائمة ولا الأدبي أصلًا يعرفون شنو معنى تفاعل؟

ثم قهقه ضاحكًا على وجه ركان الذي نهض لِيَدورا الإثنان في الشقة ويثيرا فيها الفوضى.

ضحك معهم، وشاركهم الضرب الآتي على طريق المُزاح، أوقع ركان أرضًا وأخذ سلمان يضربه بخفة والآخر يصرخ شاتمهُما ويدعوهما في الإبتعاد عنه ، ضحك للحد الذي اُعمِيَت فيه عيناه من شدّة سعادته!
.
.
وها هو الآن يبكي دونهم، ويتلوّى ألمًا لا يستطيع البَوح به.
يمسح على وجهه تاره وأخرى ينظر للشارع بحيرة
يتساءل ما بينه وبين نفسه بضياع عميق
هل سيقتلونها؟

ربما ليس هم!

ربما هي خرجت للعُشق الذي ودّت أن تلتقيه لينتشلها من وجعها حينما
اردفت في ذلك اليوم الذي عجز فيه من أن يستوعب اعترافها اللّئيم والذي أدخله في أوّج تخبطّه وحقده على تلك المشاعر!
لم ينسى حينما
اردفت بوجع ثخين على قلبه
(أبي أضم حُبي..أبي حُبي..أبيه..أبييييييييييه..م ا أبيك أنت)
.
.
ألتفت هاربًا من حديثها ليصطدم في صدى صوتها الذي لا يُنسى في قولها
(أبي حُبي..أبي ..أعيش بعيد عنك!)
.
.
تُريد الإبتعاد، تريد محيه من حياتها ولكن لم يعي طريقتها في فعل ذلك ربما اليوم ترجمتها بهذه الطريقة التي جعلتهُ يجول في الشوارع باحثًا عنها لتلقينها درسًا في فنون تعذيب الشخص قولًا ومن ثم فعلًا يجعله يتراقص على لهيب الأوجاع صامتًا لا ملجأ ولا ملتجأ لديه، هزّ رأسه لا يسعه أن يكون حانقًا ولا مقهورًا بل هو الآن أصبح دُخانًا لرحيل كما هي اصبحت في الماضي رمادًا لليث، وعلى الرّماد والدّخان ألّا يجتمعا لكي لا يثيرا شرارة لا تنطفأ بسهولة!

لا يُريد أن يفكر بهذه الطريقة ولكن هذهِ الاسألة تأخذ حيّزًا كبيرًا من دماغه!
.
.
هل بدأت بالخيانة العاطفية قبل الدخول في السجن أم بعده؟
وإن خطفوها
يا تُرى هل قتلوها كما فعلوا بسلمان أم يتفنون في تعذيبها الآن؟
أخذ يضيق نفسه، أخذت عَيناه تلمعان رفع رأسه للسماء يُريد إخماد وإسكات الإحتمالات من رأسه هامسًا بوجعه: يا رب رحمتك!
.
.
حينما صرخ سلمان في وجه والده في ذلك اليوم الذي اخبرهما أنه اكتشف امرًا كان عليه ألّا يكتشفه سرد عليهما حقيقة ما يفعلوه هؤلاء النّاس بعد أن رأى والده يومًا في المعمل منصدمًا من وجوده بين هذا الحشد المجرم فانهلّا عليه والده بالحديث واُمطرت عليه السماء بالحقائق ، وبعد أن استوعب نواياهم الخبيثة صرخ في وجه أبيه لا يُريد الإكمال في هذا الطريق
والآخر وبخّه خائفًا عليه من هذا الإنسحاب وحاول أن يجبره على السّير في هذا الطريق، فلا يوجد مخرج من هذه الدوّامة ، يجب عليه الإكمال لحقن دمه وحفظًا لِسلامته، خاصة بعد معرفته بالحقيقة وبكل شيء لا مجال للتّراجع!

ولكن سلمان
في ذات ليلة
.
.
ماذا حصل ليث؟
.
.
كتّف يديه وهو يمشي تحت حبّات المطر، يلتفت يمينةً ويُسرى يُريد مخرجًا من ذكرياته التي تسحبه في عمق البئر الأسود، تُسلبه طاقته ببطء وتشّل عقله من التفكير بمنطقية ماذا يفعل برحيل؟
.
.

اتفقوا على حرق المعمل آنذاك وكانت هذه الفكرة متبنّاه من العقل المدبّر سلمان!
في مثل هذا الوقت، توجهوا للمعمل، بدؤوا برشّه بالبنزين، كانوا ملثمّين، كانوا خائفين ومترددين، ترتجف قلوبهم رُعبًا من أن يصبحوا دُمى تمتلك خيوطًا يعبث بِها العدوا ويحرّكها كما يشاء ويأمرها ويجبرها على فعله المُشين بكلتا يديه الملطختّين بالقذارة، شجّعوا أنفسهم على فكرة حرق هذا المعمل الذي قتل ربما آلافًا من الأشخاص، بأدويته الرخيصة، وبحقيقة عمله وأدواته التي صعقت عقولهم خلال ثانية واحدة بعد أن سقط الستّار الأبيض عنه!

هُناك ركان
رفع نظره وكأنه يراه الآن، يقف ليُراقب التحركات المشبوهة حولهم ، تحركوا للوجهة المنشودة ليرموا شرارة النّار على جدران المعمل ولكن سريعًا ما سمعوا إطلاق النار، ارتعبت أفئدتهم وشخصّت أبصارهم وبدأت أجسداهم ترتجف حُنقًا وخوفًا من هذا الفشل الذي لن يقف إلى هذا الحد بل سيُعاقبون على فعله!
وأخيرًا بدؤوا بالركض
ولكن سلمان، لم يسلم منهم، تلقّى رصاصتين في ظهره أدّت بهِ للوفاة، سقط أرضًا أمام عَين ركان الذي صرخ ضاجًا في الأرجاء
: سلممممممممممممممممممممممم ممان.....
ارتجف قلبهُ وقتها كيف يعيش بِلا صديق مثل سلمان كيف يستطيع أن يرتّب حياته وينظّمها بعيدًا عن نصائحهُ ومواعظه، تألم وشعر بثقل جسده جثل على ركبتيه والعدو أختفى عن الأنظار كلمح البصر، نظر لركان ولجنونه في الصراخ وإحتضان رأس سلمان يترجاه بأن يكف عن الإرتجاف و عن النّظر للاشيء، يصرخ عليه ويُبكيه ويمسك بذقنه ليجعل عينيه تنظران له ولكن هو كان ينظر للموت!

ينظر لمنيّته التي دنت إليه لِتطرحهُ أرضًا وتُسكت أنينه الموجع ببطء!، احتضنه، مسح عرق جبينه ، صرخ، وشيء بداخل ليث صرخ في لحظة تطبيق الموت على حلق سلمان ليخنقه ..يذكر ذلك الصوت الذي خرج منه متألمًا ويذكر ارتفاع صدره محاولًا في سحب هواء عميق ولكن لم يستطع شهق عابثًا في سحبه لرئتيه ثم ارتخت يداه، وضجّ بداخلهُ شعور الخوف والإرتياب كيف يموت؟
من يُنصحه؟ من يُراعي خطاياه ويرشده على تصحيحها؟
مَن ومِمَن يتخلّص؟
مات وهو يحمل سرّه مع أمل ونُصحه له في أذنه يتردد
: أيا الجلب الجبان.!..ما تبي تزوّجها؟..ولك ويّه تطل بويّه اخوها؟......قسم بالله أنك مو ريّال...أنت خنت اخوك وصاحبك ركان اللي ما فيه مثله...تزوّجها يا ليث....ولا وربي لا أروح وأقوله عن سواد ويهّك يا الصايع!
ذكر لكمته في نهاية حديثهما وخرج من الشقة لكي يُهدّأ من عواصفه!
بينما ليث
حينما علم أنّ أمل أخت ركان ذهب لسلمان ضائقًا بهمه واخبره بكل شيء يذكر ببداية سنة 2011م حدث بينهما ذلك الذّنب وبعد شهرين لم يتحمل ينظر في وجه ركان وكأنه لم يخنه حتى وإن كان لم يعلم بذلك فشعور الخيانة كان يطرق قلبه ويقسمه إلى قسمين قسمٌ فيه الندم وقسمٌ فيه الخجل!، فاخبر سلمان لينهال عليه شاتمًا إيّاه على طيشه وبعد شهر آخر حدثت الفضيحة في السعودية وحينما عاد هُناك وبّخه ابيه
وبعد مرور شهرين على الفضيحة مات سلمان، ومات كل شيء بعده!، أمّا هو أصبح خاطبًا لرحيل وبعد ستة أشهر من وفاة صاحبه في سنة 2012م تزوجها، وبعد مرور سنة عُقِبَ على فعلت المعمل ، وعلى عدم قبوله بعرضهم كل الأمور أتت في دُفعة واحدة ومتتالية، ركان نجى من العقوبة لا يدري كيف ولكن أتى بباله ابا سلمان حماه لمحبّة سلمان له!
زواجه من أمل لم يأتي سريعًا هي أتت إليه تتذلّل تريد أن يتزوجها وهو كان في أوّج صدمته وخَيبته من الحياة كانت تظن يصدّها من اجل إذلالها ربما ظنّت انه سادي ومتعالي ولكن هو في الواقع كان موجوع من النظر لخيانته لصاحبه ومن موت سلمان ومن سوء حالة ركان وضياعه من بعده، ووقفته الشديدة معه ليتجاوز كل ما حدث كان يُراعيه ويحاول ألّا يغلط أمامه ويخبره بما فعله بأمل، تزوّجها في الأشهر الأخيرة من السنة الخامسة من محكوميّة رحيل يُعني مضى على زواجهما ثلاث سنوات ليست أربع كما اخبرت رحيل بذلك لتؤلمها على حسب ظنّها!، تزوجها تنفيذًا لنصيحة سلمان، ومن أجل ركان وصحبته التي لا تثمّن بأطنانِ من الذهب!
في نفس السنة التي اقترف فيها ذنبه مع أمل توفى صاحبه..لذلك هو دخل في صدمة التصديق لكل ما حدث...
.
.

لماذا يتذكر الآن كل هذا؟
هل من أجل ان يُهيّأ نفسه لخبر وفاة رحيل ؟ أم لأجل السِّباق في مضمار الأحزان الذي انفصل عنه بشكل جُزئي لفترة من الزمن؟ ولكن هو حقًّا يفضّل أن يقتلوها على أن تخون!

اهتزّت عينيه بغضب، تذكّر أثمه الذي ترك طابعًا خاصًا في حياته
تذكر طيشه وحُبه للحياة على الطريق المنحرف وفي السكّك الظلماء، أتى ليدرس ومن ثم لا يدري كيف انسحب لطريق العُتمة مع وجود أحد الزملاء الذي تعرّف عليه ببداية مجيئه لهُنا، أخذ يشد بيده ويسحبه للمُتعة وسلمان يحاول أن يُثنيه عن العبور في هذا الزُقاق الضيّق! وركان كان صارمًا في نُصحه حتى يذكر يومًا دخل معه في تشابك بالأيدي وليث أدمى انف ركان وركان أدمى شفتَيْ ليث باللّكم والضرب وسلمان بعّدهما بيده صارخًا في وجهما وترك الشقة ليومين ثم عاد لينصح ليث جانبًا ولكن ليث كان على قلبه غُلف لا يستمع وغير قابل للنصح آنذاك!

كان يستجيب للمُغريات لأنه في الواقع يُريد ذلك يُريد الإنغماس فيها ويجرّب أشياء كُثر، فبدأ بسجائر الحشيش، ثم أخذ يجرّب الشراب ليستبيح بنظره وانحراف تفكيره في الذهاب للأماكن المحظورة، ومن هُنا بدأت الفضيحة تصيح وتستغيث وتصل اهله عن طريق المبتعث سعد الشاب الذي ينصحه وفجأة بدأ بالنميمة ليُشيء به عند والده!
.
.
رفع رأسه للسماء، باردة
مُعتمة، تُضيع عقله وتهوي بهِ في الذكريات البائسة
.
.
أخافك ايتها الذكريات
خُنت الجميع وخُنت نفسي
لماذا اتذكر الآن؟
اللّعنة على هكذا ذاكرة
رحيل لا تخونيني
رحيل هل تسمعيني؟
أكرر بغضبي عليكِ
لا تجعليني قاتل يغسل عار لُطّخ على ثوبه بدم أحمرٍ صادق!

.
.
سلمان هل أنتَ راضي عنّي؟
هل آذيتك بأفعالي؟
هل حمّلتُك ذنوبي لتصبح مُرشِدًا وناصحًا لي؟
سامحني..اغفر لي..وارقد بسلام!
.
.

ركان سامحني خُنتك دون علم
أنا خائن حقير!
.
أمل أنتِ هاويتي التي لم أستطع الخلاص منها
أنتِ ذنبي الذي لم أستطع تجاوزه
أنتِ الشيء الذي لا أستطيع تحديد مشاعري نحوه..أو ربما أهرب من دائرة التحديد لكي أصبح أكثر منطقيًا ولكن بألم يا أمل!
.
.
بينما هو يسمع صوت طرق حذاء أمل لتضج ذاكرته
هذه الليلة لن تمر بسلام لا على قلبه ولا على عقله، كانت في عمر التاسعة عشر آنذاك ترتدي سترة شتوية ثقيلة تصل إلى ركبتَيها لتغطِّيهما تضع القُبعة المتصلة مع السترة على رأسها لتُخفي الحجاب الذي يطوّق شعرها ويُخفيه، تعشق الحذاء العالي ترتديه إلى الآن في أوّل سماع طرقه طرقت عقله وقلبه ورغباته أما الآن حينما يستمع إليه تُثير زوبعة عميقة من الصمت ومن النظر للاشيء، في الواقع يكره الإستماع لطرق حذاؤها الآن!

كانت تمشي لتطرق على قلوب الرجال اللاهثة بدلًا من أن تطرق على الأرض، تضع كفّي يديها في مخبأة السترة، ينظرون لها وكأنها شيء عجيب، شيء غريب، شيء يُجبرك للإلتفات عليه ربما فُقدهم لعقلهم جعلهم يرونها كالملاك الذي لا يُليق لهُ أن يطء في أرض هذا المكان الملعون، كانت تضج بإشعاع الجذب لهم، غريبة في مشيتها اللّعوب ربما هم يرونها لعوب بينما هي كانت في غاية توترها، ولبسها الذي لم يخرج من جسدها شيء كان مُثيرًا لنفوسهم الضعيفة، لهُ القدرة على سحب أنفاسهم، ترتدي ما يُخالف أنظارهم التي اعتادت عليه تمشي بسلام ولكن لم تنام في تلك اللّيلة بسلام وهدوء، كانوا يرونها هدية مغلّفة وكانت رغباتهم شديدة في النّظر إلى ما خلف الغِلاف!

كانت تمشي على قلبهُ، على روحه اثارت بداخله أمور كثُر أهمها رغبته في أن تلتفت ويرى صاحبة الكاريزما الملفتة للنظر، جلست على إحدى الكراسي الرفيعة لم تطلب شيء؟ بقيت هُناك بما يُقارب الأربع دقائق وانهالت عليها الذئاب بالتقدم، أحدهم يطلب لها شرابًا والآخر يطلب لها لا يدري ماذا يسمي الطلب الآخر ولكن كان شيئًا وقحًا!
.
.
ازدرد ريقه، نظر للشارع يتذكر جيّدًا ذعرها وخوفها، محاولتها في التملّص منهم، ولكن هي أتت هُنا لتلفت الأنظار دون أن يحضوا بلمس هذا المنظر الجذّاب؟ هي مخطئة بهذا!
.
.

ركض في الشارع وهو يُشير لإحدى السيارات من أن تسمح لهُ بالعبور للشارع الآخر يريد أن يهرب من فكرة خيانة رحيل ومن خدعته لأمل حينما تدخّل وابعد عنها الحمقى والحقرة، سحبها للخارج، كان نصف فاقدًا لوعيه، يعي بكل ما يحدث ولكن ريحته كانت مُثيرة للإشمئزاز،نظر لوجهها وسكنت انفاسهُ الملتهبة، تمتلك مزايا خاصة بها من أن تجعلها رائعة في نظره سحبها لكي يُبعدها عن ضجيج الذنوب!
وهي خضعت له بسبب الخوف ومن تجرُؤها في الدخول هُنا ظنّت انه سيُمهد لها طريقًا للهروب دون ان تفقد عفّتها، ففضولها سيؤدي بِها للهلاك!
.
.
كانت تبكي، تصرخ

كما هو الآن يبكي ويصرخ، ويمشي تحت المطر بِلا قُدرة على تجاوز كل شيء،
ستفعل بهِ رحيل ما فعله هو بأمل؟
فأمل مرآة رحيل والعكس صحيح، هذا ما شعر به، فوجود أُنثتَين في حياته لكل واحده لها قصة طويلة معه تُثير بداخله ضجيج
وما فعله بأمل يراه الآن بسيناريو مختلف، وإن كان كذبًا أو تخيّلًا يُكفيه ان يحس أنه يراه الآن ولكن على سيناريست مُختلف وموجع!
فالسيناريو قصتّه التي يراها على صوّر من الماضي بلقطات سريعة متفاوتة في الحجم والشكل يُرويها لهُ عقله بصوت الضمير المزعج يدورها ويُمسك بأطرافها كمخرج محترف يضرب ويُصيب بها قلبه في عدّة أمكنة بينما السيناريست فهو ليس المتحكم به فهو لم يكتب شيء من هذه القصة التي عاشها ابدًا بل خيوط الأقدار ألتفت حول رقبته ومعاصيه كتبت ذنوبة بحبرٍ لزج!

ستجعله يذوق الخيانة، كما هو فعل بصاحبه جعله يتذوّق الخيانة بصورته الحسنة التي ظهرت أمامه،
ولكن الفارق هو سيتذوّقها مباشرةً دون حيّل
أما ركان ها هو يتذوّقها دون الإحساس بِها وما إن يشعر بحسيسها سيقتله!

ربما لم تخن....
وربما أمل كانت بريئة مما تظن وقتها، تسحبها إلى سيارتك، تغلق السيارة ثم تفعل بها الإثم العظيم، كان عليك أن تعاقب شرعًا لفعلتك لكي تنردّع عن معاصيك وآثامك كان ويجب ومفروض..ولكن الحياة خبّأت لك العقوبات وامسكتها لك مؤجلة واهدتك إيّاها الآن على صوّر متعددة!

كيف أستطاع سعد تصويرك؟
نظر للضوء المنعكس من السيارات، يرتجف بردًا وخوفًا من كل افكاره ، يخاف حتى من غضبه هذا وذاكرته النشطه؟
يتذكر جيّدًا حينما أنهى هذه الفعلة الشنيعة، استوعب الأمر وشعر بنشاط عقله الجزئي رفع رأسه لسقف السيارة وأخذ يُلملم نفسه ويرتّب هندامه ولكن الأخرى شدّته لتضربه، وهي تصرخ وتضج حائرة مما فعله بها، لم تتوقع أن تقع هُنا ليفعل بها هذا الشيطان خطيئتهُ قاومتهُ حينما فهمت نوايّاه استطاعت الهرب من بين يده ولكن استطاع ان يُمسك بها ويوقعها على عتبات النّدم من المجيء لهُنا ادخلها إجبارًا في سيارته لا أحد هُنا تستطيع أن تستنجد به، الصالحون لا يتواجدون في وكر الشياطين أبدًا..ولكن هي أيضًا صالحة أو ربما ظنّت إنّها صالحة كل ما في الأمر فضول.. الفضول من رؤية ما لا يجب علينا أن نراه، الطيش الذي يأتي على مبدأ كسر الروتين وإسعاد النّفس ، تناسي بعض الأحكام الشرعيّة ومحاولة تجاهلها و الضرب بها في عرض الحائط يهوي بِنا إلى الظلام إلى الأشياء المجهولة، لذا لابد من الحذر ولا بد من الإتزان والفقه في الأمور الدينية التي تردع النّفس الأمارة بالسوء وتقطع أحبال الأفكار المشؤومة!

صفعتهُ ومخشت خدّه قاومها ثم اقترب منها صفعها على وجهها ليُكمل ما نقصه والآخر التقط أشنع صورة لهما عن بُعد.. هم اجتمعوا في المكان الخطأ وسعد أتى هُنا من أجل إسعاد نفسه في الواقع فهو الآخر مذنب ولكن لم يتجرّأ على الإقتراب من أي فتاة، فهو يُسعد نفسه بحدود وبذنوب أخرى!
رأى ليث وأخذ يبتسم بخبث والتقط الصورة ، كان نصف وجه أمل ظاهر ، في الواقع كانت تبكي، تحاول الفرار ولكن قُيّدت بنيران الشياطين..لتبكي ندم فضولها جمرًا!
.
.
يُحاول الآن الهروب من ذاكرته، نفض رأسه وكأنه ينفض الغُبار من عليها، وصل إلى العمارة، دخل وتوجّه للشقة، لا يُريد أن يؤّكد
هذه الأعاصير، يريد ان يسحب نفسه من تُرهات الأصوات التي يسمعها والتي تضج بهِ لتذكّر الماضي!

فتح الباب، توجّه للكنبة سحب هاتفه اتصل عليه
أخذ عشر ثوانٍ ثم أجابه صرخ: وييييييييييييييييين رحييييييييييييييييييييييي يييييييل؟


كان متوقع هذا الإتصال، وهذا الإتهام، كان متجهّز للرد عليه وإعطاؤه الرد المُناسب، انتهت المهمة في الواقع بتّال فعل اللّازم، وهو طبطب على الأمر دون أن يُثير زوبعة اللورد

: شدراني انا عن زوجتك؟
ليث شدّ على قبضة يده يُريد أن يخبره هم خطفوها، هم قتلوها؟ لا يريد أن يُبرهن له إنّها خرجت من نفسها ولم تعد إلى الآن!؟
: بو سلمان....اقسم بالله...
قاطعه الآخر: لا تحلف....مينون انت؟.....شنو نبي فيها ؟......الحين احنا تصافينا وانت بترد للمعمل.....احسن الظن فينا ولا تقعد تتهمنا بأشياء احنا ما ندري عنها ترى مو من صالحك!

ليث صرخ: اقسسسسسسسسسسسسسم بالله اذا عرفت انكم ماخذينها وربي يا بو سلمان لا اذبحك بيديني انت واللورد الكلللللللللللب......

بو سلمان ببرود: لا تقصر اذا تأكدت انا بنفسي بوقّف جدام ويهّك وبقول لك حلالك سو اللي تبيه موّتني قطّعني بكيفـ....

اغلق خط الإتصال لا يريد أن يستمع لحديثه، نكر ونُكرانه اشعل في فؤاده شيئًا من الكُره ، شيئًا من الغضب والوعيد والتهديد، هل هي مجنونة لدرجة تذهب للضيّاع لتعود وتخبره الآن أريد العودة للسعودية؟
سيتم شرط جدّك بعد عدّت أيام ربما؟
مستحيلًا ،
لا يعقل أن تفعل هذا اصلا، فهي حاربت من أجل ان تصون نفسها وشرفها وهو لا يستطيع ان ينكر ذلك، ولكن هل جُنّت لتبيع نفسها بثمنٍ بخس وتشتري بهِ ثمن تذكرة عودتها للوطن؟
دار حول نفسه لا يتحمّل تناقضات تفكيره ولا يتحمل نتائج هذا الخروج
ولكن ما بال حبيبها؟
مسك رأسه؟
وما بال مبادئها الدينية؟
لالا ربما اختطفوها المتسكّعون صرخ، وجثل على ركبتيه وهو ينطق
: والله لا اوريك تطلعين بدون اذني والله لا اذبحك!

سمع نغمة الرسائل توقف ضجيج توقعاته سحب الهاتف سريعًا وفتح الرسالة
لترتخي، عضلات وجهه ويديه وجسده كلّه وتنشد اعصاب غضبه وتثور براكين الكُره من داخله، كل شيء الآن واضح وتبرهن من خلال الصورة التي يراها، كل شيء اصبح واضحًا كما هي أشعة الشمس واضحة في وسط النهار، انطلق السهم من القوس لِيُصيب عقله، اندفعت الرصاصة بزخم ثقيل وموجع من فوّهة المسدس لتثقب قلبه وتمزّقه، السوط أدمى ظهره وافلقه من الوجع إلى نصفين، الصورة حكاية أخُرى....المنظر إعادة لِم حدث في الماضي، وما تذكره قبل دقائق عدّه!

ماذا يحدث؟
ارتجف الهاتف ما بين يديه، يحدّق في اللصورة بتمعّن شديد ، عينيه اصبحت اكثر جحوظًا ولمعت بدموع قهره دون ان تنساب على خديه بهدوء، صرخ لِيُعطي نفسه قليلًا من التنفّيس....الصورة كفيلة من أن تشل أطرافة لتجعل طرفة الأيمن يهزع ويهتز كالنّخله!
بات صوته مسموعًا، ما يراه مُصيبة،
الآن يقسم سيقتل رحيل دون ان يرف لهُ جفن
سقط الهاتف من يده وأخذ ينظر للاشيء، جسده يرتجف وعينيه تشخصان وفاههُ فارغ من الحديث مفتوح على صدمة ما رآه، يُخرج الـ(آه) وهو يضرب بقبضة يده على قلبهُ حائرًا لا يدري ماذا يفعل؟ لا يدري كيف يُشعل النيران ويتركها بلا إخماد، هل جزاؤه على كل هذه السنوات التي وقف فيها معها أن تخونه هكذا بعد أن تخرج من سجنها وقفصها الذي لا ظل ولا ظليل له تخرج لـِ تخون بدم بارد؟
حاول النهوض ولكن كل شيء خانة كما هي خانتهُ، تبعثر شيء ما بداخله اهتز وانكسر ارتجفت شفتيه وهو يشتمها، مسح على رأسه، هل هي خطّه منهم كيف تكون؟ وها هي ذهبت برجليها؟ هل أنت واثق
صرخ من جديد، ليسكت احتمالات براءة رحيل وتبريئتها مما رآه في الصورة، سيلتفت للنقطة الواضحة هي خائنة وهو قاتل لا محالة!
تنفس بصعوبة شعر بضيق، ثم همس: رحيييل.......
هز رأسه وهو يضرب بقبضة يده على الكنبة التي اتكأ عليها لينهض ولكن لم يستطع ليس لديه طاقة كافية لتمكنه من استيعاب الأمر والنهوض في الآن نفسه، وضع يده على رأسه
وأخذ يهز جسده بضعف، وبوعيد شديد!
.
.
قبل أربع ساعات ونصف، وصل إلى الشقة يرتجف خوفًا وذعرًا من أن تكون مصابة برصاصة تهوي بهِ في القبور مدفونًا حي وهو يتنفّس!
حملها ما بين يديه، ووضعها على الأريكة الجانبية وعاد لإغلاق باب الشقة، كان يرتجف، ماذا سيحدث؟ لهُ لو كانت مصابة فعلًا؟
لا يجرؤ على ان يتأكد من الجرح ؟ لا يجرؤ على ان يكشف عن ملابسها ويرى هل الرصاصة استقرّت في مكان ما أم لا؟
شعر وكأنّ حياته انتهت، فهي مرهونة تحت أيدي هذه الخونة، هم لابد أن يستفيدون منه ليستفيد منهم!
افادهم وعوّضوه عن فقره وهمّه الكثير، اصبح يجني مالًا كثيرًا، سد بهِ حاجات كانت ثقيلة ومتكأة على عاتقه!
وحاجة والدته تلك الأرملة سد حاجاتهم بمال حرام! وكلّهم مالًا حرامًا دون أن يلتفت إلى جانبه الإسلامي، والديني الذي يحثّه على أكل مال الحلال والإبتعاد عن كل ما هو حرام، مشى في الشقة وإلى الآن لم يشعل الأنوار يخاف؟ من أن تكون ميّته اصلًا، فهي لم تخرج صوتًا ولم تفتح لها عينًا إلى الآن!

مسح على رأسه، عدّت مرات، اقترب منها وهو يعض على كف يده قلقًا
يقسم اللورد سيخرج له شهادة وفاة حالًا إن عرف بإصابتها
انحنى على جسدها وهي فاقدة للوعي، ومدّ كفّيه لكي يفك "أزرّت" الجاكيت ولكن لم تسعه تلك الطاقة التي استهلكها في خوفه وفكره السلبي.

ازدرد ريقه، اغمض عينيه ، والدته بحاجته اخيه واخته ايضًا إن قتلوه سيعود عمّه برغبته في الزواج من والدته من أجل ماذا؟ من أجل ابناء اخيه! تلك الفكرة تعشعشت في عقله وهي من جعلته يخوض في فكرة الابتعاث والدراسة وإعالتهم وارسال المال المستحق لهم بعد فشله في دراسته لفترة كان صعبًا أن يُجمع المال من أجل الابتعاث ولكن فعلها بطرق شرعية ومال حلال! بعد أن اخبرت والدته عمّه انها لن تتزوّج ابدًا ستقضي بقيّة حياتها من أجل تربية ابناؤها غض عمّه البصر ومّد له المال

للإبتعاث ومساعدته في عمله البسيط، ولكن هدّدهُ إن فشل هذه المرة لن يتردد في اخذ اخته واخيه وحتى العودة في فكرة الزواج من والدته لكي يستطيع ان يصرف عليهم ويجعلهم تحت عينه وفي حمايته!
، بتّال تحول لوحشًا آنذاك واقنع عمّه انه سينجح، حتى انه ألتحق بالمسابقة التي يظنها علمية بحته واصبح تابعًا لخطط جذب العقول للورد ودخل في هفواتهم التي لم يهتم بنواياهم حينما علم بها بل كل ما همّه جنّي المال في الواقع ولم يحاول يومًا كسر كلمتهم أو التخلّي عنهم فهو المستفيد.

فتح عينيه ، نهض سريعًا واضاء الانوار، ما زالت مغمى عليها، اقترب، وازاح سريعًا من على رأسها الحجاب لكي لا يُضايقها وتتمكّن من التنفّس اكثر! سحبه وهو يرتجف، انتثر شعرها على الأريكة ولم يهتم بذلك لم ينظر له في الأصل بل وضع اصبعه على العِرق الذي سيخبره بنجاته لمس رقبتها بخفة قلبه يضطرب وعقله ينشد جوقة حزينة تُنعي رثاؤه مبكرًا!

بلل شفتيه اغمض عينيه ، تحسس النبض، زفر براحة، ثم انحنى ليزيح من على جسدها الجاكيت باكمله، نظر للبقعة الحمراء التي التصقت على بذلتها المموجّة بالألوان العشوائية، لم يتردد هذه المرة من رفع البذلة ونظر لجرح يرتسم على جانبها الأيمن، وضع اصبعه عليه اخذ يضغط قليلًا يريد ان يتحسس ملمس الرصاصة ولكن يشعر بالشتات ، نهض سحب علبة المناديل، مسح الدّماء، نظر للجرح لم يكن هُناك اثرًا لطلق الرصاص؟
كان جرح ناجم عن ملامسة شيء حاد للجلد، تنهد، ثم عاد ينظر لوجهها طوّقه بيديه
اردف: رحيييييل....رحيللللل...

لم تُجيبه ربما اغماؤها نتيجة لخوفها وذعرها، ولكن يُكفيه أنها لم تمت، ارتجفت كفّيه، عقله توقّف عن فعل الصوّاب، نهض من جديد ونظر للجرح، ربما هُناك شيء حاد مشخها بهذه الغزارة، ضغط على الجرح، جُرحها يحتاج للخياطة!

كيف سيخبر ابا سلمان ،لا لن يخبره
.
.
سلمان اهدأ لن يحدث شيء فكّر بهدوء
.
.
اخذ يسحب هواء لرئتيه ويزفره ببطء، وعاد يضغط على الجرح
سحب هاتفه واتصل على زميلته التي شهدت على بعض جنونه ، الزميلة التي يذهب إليها حينما ينجرح لتداويه دون ان يُدخل نفسه في مسألة التحقيقات والإجراءات اللازمة، اتصل عليها واخبرها بالأدوات التي يعرف رحيل بحاجتها ثم اغلق الخط بعد أن دعاها للمجيء فورًا لشقتّهّ
وسمع همهمات تخرج من رحيل، كانت تنادي والدتها وتارة ليث، زفر براحة حينما تحدثت
ترك الضغط على الجرح ونهض ليقترب من رأسها نظر لعينيها التي تهتزان بالدمع ونظر لجفاف شفتيها سريعًا
تحدثت بهمس: بطنييي...
بتّال مد يده ليضغط على الجرح ونظر لها: اششش.....جرحك شي....اظن لم طحتي على الارض وسحبتك....في شي طحتي عليه صح؟

يقصد حينما سحبها ستيفن وهو الآخر سحبها بقوة واوقعها على الأرض تذكر انها تألمت غير مصدقة انّ هناك شيء اخترق جانبها، بتّال لم يترك لها مجالًا للتصديق
سحبها وكتمت الألم حينما شعرت انّ ذلك الشيء يخرج منها وكانت في الواقع حديدة صغيرة منغرزة في الأرض لتثبيت شيء هي لا تعرفه ولكن ، سحبها ليجبرها على الوقوف لتتألم من رجلها وتنسى ألم بطنها وستيفن لم يترك لهما مجالًا للهدوء واستيعاب الأمور رويدًا!

تحدثت: اي...
واخذت تزفر انفاسها من شدّة الألم، ضغط على الجرح وهي في هذا الحال حاولت ان تغطي بطنها من الناحية التي لا تُخفي الجرح
فقال: بتجي ممرضة تشوفه لك.....

رحيل اغمضت عينيها بوجع، تذكرت تغيّبها لساعات طويلة عن الشقة وتذكرت ليث وغضبه، وتذكرت ماري، ومحاولتها في تأذية جاسيكا، لا تدري كيف قررت على الإنتقام ، وآل بها الأمر لهُنا
: ابي اروح بيتنا....

بتّال نظر لها ولعقدة حاجبيها، لن يتأثر بها على منطلق عقله البشع ولكن بدأ يحارب وحوشه من الداخل قبل أن تهجم!، وشعر انها حقيقةً ضحيّة لليث ولدخوله في عالم اللورد حمد الله سرًا زوجته لم تأتي معه وإن كانت علاقتهما متوترة يشكر الله أنهم لم يمسكوا نقطة ضعف تجعلهم يلعبون به كما يفعلون الآن مع ليث!

بتّال: جرحك لازمته خياطه...لا تتحركين!

بكت بِلا صوت من شدّت ألم الجرح وساقها، هي مجبورة على ان تتألم على أن تضيع، لا تثق ببتّال ولا تثق بوجودها في حضرته تخشى من كل شيء الآن، فخروج ستيفن فجأة يُعني المصائب!
حاولت النهوض تريد الهروب
ولكن بتّال أعادها حينما لمس كتفها واستوعبت كشفه لشعرها: بروح...
بتّال بهدوء: ما راح تقدرين تمشين اصلا....

رحيل ابعدت يده عنها : مالك دخل...
ثم سحبت الحجاب بصعوبة وبيدها المرتجفة اشارت له: ومالك حق تمنعني......

ثم اردفت بشراسة تحت ذهول بتّال للتو تتألم، وما زالت تتألم ولكن هي متكيّفة مع الآلام بطريقة ما! حتى وإن اشتدت عليها الأمور تحاول ألّا تجعل للأوجاع فرصة من التمكّن منها تقاومها بشتّى محاولاتها في النجاة!

حاولت أن تنسى تلك الآلام وتتحدث وهي تحاول النهوض: وبعدين كيف تشيل حجابي؟

ابتعد عنها لتكمل توبيخ وهي تعض على شفتيها وتلّف حجابها سريعًا وبإهمال شديد!
حاولت النهوض ولكن لم تستطع كل شيء يرتجف بها، يرتجف خوفًا وحُزنًا على ضعف حالتها، احتضنها الألم حقًّا حينما انهضت نفسها بقوّة لتقف على قدميها عضّت على شفتيها ليستمع بتّال لأنفاسها المضطربة وضعت يدها على الجُرح وحاولت أن تنحني لتسحب الجاكيت ولكن
شعرت بدوران الأشياء من حولها ، الكنب، الساعة المعلقة على الحائط، الطاولة الخشبية التي وضعت عليها الفازّة، والأريكة، والكراسي التي تُحيط الطاولة هُناك القريبة من النافذة وكذلك الجاكيت..رمشت..لترى جدّها يدور حولها..ريّان حزين...وفهد يحاول الصّراخ...ومناهل تمّد يدها لها..والدها يقف بقهر.. ترمش مرّة اخرى..لا تنمحي الصّور!

اغمضت عينيها كُليًّا وفتحتهما سريعًا ولكن اختّل اتزانها وكادت تسقط على وجهها ولكن اردفها بتّال حينما امسك بها واعادها للجلوس على الكنبة...شعرت وكأنها تغوص في كابوس مخيف
صرخت: بعّد عننننننننننننننني قلت...مالك حق تمسكني...

فهم خوفها واستوعب ما ترمقه إليه فصرخ الآخر: اوك......مالي حق امسكك.....ومالي حق حتى اجيبك هنا واساعدك...وانتي مالك حق تضرّيني بعد يلا قومي طلعي من شقتي.....طلعي...فكّيني من وجع الراس اللي بيجي من بعد مطاردة المتخلّف لك......واللي انا مادري وش يبي منك...
وبخبث لكي يبرّأ نفسه وبذكاء: ولا ادري كيف عرف اسمي !.......بجيبين لي مشاكل.....واضح ماهوب سهل ومراقبك بعد...ويمكن عرف مكان شقتي.....فخلاص....انتي صادقة انا مالي حق في ولّا شي يخصّك....بس انتي مالك حق تضريني في مصايبك...والحين طلعي وانا ببلغ الشرطة.....بس عطيني رقم احد من اهلك اقدر اتفاهم معاه لشتكيت!

سكتت، تنظر لهُ ببهوت، استوعبت انها مهددة لو خرجت ربما ستيفن سيكون في انتظارها انكمشت حول نفسها ولاحظ بتّال صمتها وخوفها ايضًا، تنهدت بضيق
هزت رأسها: مانيب حافظة ولا رقم!
ثم نظرت له: ما راح يضرّك دامني انا الهدف اللي يدوّر عليه...
ثم حاولت النهوض فقال بتّال: لا تعاندين وجلسي...
رحيل بصوت اشبه للهمس وهي تشد على الجرح: الحين تقول لي طلعي!

لم يُجيبها بسبب سماعه لقرع الجرس نهض، متجه للباب بحذر شديد
وكانت الممرضة من أتت قبل أن تعبر من أمامه أكّد عليها هل جلبت المنوّم فهمست له بالتأكيد!

مشت ومشى معها ونظرت رحيل لها وللحقيبة التي بيدها
فقال بتّال: اتركيها تشوف جرحك....وراح تنظفة وتخيطه لك.....عن اذنك انا بروح غرفتي....

ثم نظر للممرضة رمقها بنظرات فهمتها، وتقدمت لرحيل وطلبت منها الإستلقاء، كانت تتوجع بشدة وكانت تنزف مع حركتها ساعدتها في الإستلقاء، واغمضت عينيها اخذت تنظف الجرح، وهي تشد على قبضة يديها وتعض على شفتيها، لا تدري هذا الجُرح بهِ ألمًا آخر لم تتجرعهُ مُنذ مرور سنتين تقريبًا، ألم الخوف والقلق وألم نزفه، وألم تفكيرها الآن
هل ستموت يومًا دون أن ترى وطنها الذي احتضن بداخله رحيل البريئة
رحيل الطفلة التي يحبها الجميع؟
هل ستموت لكي لا تدخله برحيل الحقيرة التي يكرها الجميع؟
.
.
طالت الأيّام من لُقيا سماؤك الجميلة يا وطن، طالت وملّا الصبر منّي ، ارتجف على أبوابك اطرق اهدافي في الوصول إليك
ارجوك رغبةً من تفتح لي مصرعيك لي حُبًا وشوقًا كما انا اشعر كما
ينقاد لكَ قلبي ويفيض بكَ عقلي تفكيرًا لروي ظمأ
عيني لرؤياك!
.
.


.
.
لم تتحمل تأجج مشاعرها وفيض الأحاسيس بالخوف التي كبّلت فجأة على عُنقها لتحرقه بصمت، تشعر أنها مُحاصرة من فكرة البقاء هُنا ومن الخروج وتأذيّة ستيفن لها، شعور لا يُطاق...تذبذب عميق وخوف رهيب ورغبة كبيرة من الإحتماء بأشخاص انتَ لا تحبذهم فهي ترغب بوجود ليث الآن، ترغب وبشدة،

صرخت من الألم وخرج صوتها، حينما شعرت بضغط الممرضة على الجرح لتنظيفه، بتّال كان جالسًا في الغرفة يفكّر كيف يقلب الأمر على رأس تلك المسكينة التي تصرخ ضاجّة بالألم وجد ضالته ، ومسح على شعره مترددًا من الإقدام عليها ، لا مجال له
فهم كانوا يريدون منه تضليل فكر ليث في ناحية زوجته لجعلها خائنة هو الآن بدأ بالمهمة وبعد دقائق سينهاها سيختمها بالخيانة العُظمى، رفع رأسه لينظر للباب فجأة حينما صرخت
.
.
بينما الممرضة اردفت وهي تنظر لها: سوري...
ثم شعرت رحيل ببرودة على موضع الجرح بعد ان قامت الممرضة برشّه بمحلول فهمت انه يعمل كالتخدير الموضعي ، اخذت تتنفس بعمق ورجفتها تزداد اردفت لها انها ستبدأ بالخياطة الآن ، وقامت بالرش على الجرح عدّت مرات ، هوى قلب رحيل في الواقع تشعر بالألم ولا تدري هل حقًّا ألم الجرح أم ألم ساقها أم ألم روحها الذي تشعر به أم ألم وخز الإبرة التي اعطتها إيّاها درءًا لتسمم، تريد العودة للشقة لترتاح، من جغرافيّة توترها في هذه الشقة، مضت ربما ست دقائق وانتهت الأخرى
ورفعت يدها بحقنة جديدة لتشير لوجه رحيل المعرّق والمصفر في آن واحد
اخبرتها ستحقنها بمسكن للألم هزت الأخرى رأسها بخدرٍ من الألم وفعلت الممرضة ذلك ونهضت وتوجهت لغرفة بتّال

وبقيت رحيل تنظر للسقف بركود ، يدها متدلية من على الأريكة المنخفضة لتصل كف يدها للأرض وعيناها تلمعان تترجّى روحها من ان تبقى قوية للهروب من كل الأشياء التي تعبث داخلها، حاولت ان ترفع يدها المتدلية لتنزل بذلتها المنطوية للأعلى لِتغطي الجرح ولكن طاقتها تخونها ورجفتها تُثقل الحركة وسقطت يدها من جديد لتتدلّى، فسحبت يدها الأخرى لتستر بطنها بثقل شديد، تأوّهت، وشعرت بالإرتخاء التام، لا تريد ان تغمض عينيها وتستسلم لشعورها بفقدان الوعي ولكن لم تمضي خمس دقائق إلّا واغمضت عينيها

.
.
نظر لها بتّال يثق بها، واخبرته انها انهت المهمة وفهم انّ موعد مهمته قد بدأ الآن فذهب لناحية ملابسه اخرج بذلة من إحدى بذلاته الصيفية، ثم توجّه لناحية الممرضة اعطاها المال وخرجت وهو خرج لينظر لضعف حالة رحيل، ممددة على الأريكة مستسلمة لِم يدور حولها ولنواياه، تقدم لها لا توجد خطّة بديلة في رأسه، ولكن هُناك في قلبه وعقله مبادىء تُعارض ما سيفعله بها كونها فتاة بلده!
، بريئة مما دخل فيه زوجها، كما شهد منظر ثقتها به ضد ستيفن ورأى تصلّب تناقضاتها في الخوف منه فجأة، ازدرد ريقه، سيهدم كيان لم يرى الحياة إلّا على طريقة اللورد التي رسمها لها! لم ترى شيء من الفرح أو الحُزن وهو لم يرى سوى نفسه وأنانيّته ، تقدم ، سينهي الأمر فقط سيلتقط صورة لهما، اقترب وبدأ ينفض ما في رأسه من تناقضات حاول أن تكون حركاته هادئة لا تُبعد النوم والسكينة عنها رغم انه واثق من انّ الحقنة أتت بالمفعول التام، فرفع رأسها قليلًا وألبسها البدلة سريعًا على ملابسها، ثم اخذ نفسًا عميقًا وحملها بين يديه، شعر بخفتها وباستسلامها للحقنة، توجّه بِها لغرفته، وضعها على السرير، تنهد ثم سحب الهاتف ليفعل ما تبقى!
.
.
.
شعور الصدمة لا يعد شعور فقط، بل ارتسم على ملامحة ليُمسك غُدده الدمعيّة لتُعصيه من فرز الدموع، أخذ الغضب يتراقص على حاجبيه المرتسم لينحني ثم يلتقي في عُقدة غضبه على ليث، لم يستطع تجاوز قوله
" مرت سنوات وانا اصلا ما أزورها"، كيف لهُ؟ أن يتخيّل إنّها عاشت أقسى أيّامها وحيدة وفريدة ومُغتربة وبعيدة عن الحياة! في الواقع لم يتقبّل ما سمعتهُ أُذناه لم يتقبّل تلك التُهمة التي طوّقت ملامح وجهها وشوّهتهُ يتذّكر جسدها النحيل، ارتجاف شفتيها وتقييد الدّمع بالخوف في محجر عينيها، اصابه في يوم صدور الحُكم عليها شيء غريب لا يستطع وصفه، يتذكر ارتجاف جسدها حينما قال القاضي ".....بـ السجن لمدة لا تقل عن ثمان سنوات رُفعة الجلسة" ، اهتزّت واهتز قلبهُ ولكن انشغل بصدمة أبيه، و لم تُخفى عليه نظراتُها التي تستنجد بهم كانت تُريد حضنٍ يخفف عليها هذا الألم التي تجرعتهُ في سنٍ مبكر، غضبه وحزنهُ لم يسعفا رغبته من التقّدم لتخبأتها في صدره، من سحبها من الأيادي التي تُمسك بِها وكأنها مجرمة حقًا، زاغت عينيه وثارت غِيرته من الشّرطيان اللّذان أخذا يسحِبانها بضعف كيف لهما أن يلمسوا يدها الطاهرة؟ كيف لهما ان يسحباها هكذا بعنف؟ غضبه اخرس هذه الغيرة واجمد مشاعر الرحمة في قلبهُ، ليذوق تُبعات هذا المشهد الآن....
خدعهم ليث، رغم وقوفه معها إلّا انه خدعهم، ساعدها في أمور كثيرة من خلف الستّار، ولكن هي كانت بحاجة مُلحّة من أن يتمزّق هذا الستّار لتحتضن ما خلفه؟ ولكن هم جميعهم بقيوا خلف الأضواء لكي لا تنعكس صورهم لها..لينزوي في الظلّام المُعتم.

عذّبوها من هذا البُعد، اجبروها على تذوق مشاعر أُخرى غير تلك التي تعايشت معها بدموع وصراخ ورجفات واستنجادات كثيرة! ظلموها رغم إنهم يجزمون ببراءتها ولكن لم يستطيعوا تجاوز آلامهم وعدم قبولهم لِم حدث دون أن يأذوها.

مسح على وجهه ثم نهض من على سريره، لو علم ريّان بخديعة ليث لهُ حتمًا سيُجرم بحقّة، ريّان هو الوحيد الذي اظهر حُزنه وغضبه، هو الوحيد الذي يبوح بحزنه وعتبه عليها أمامه كان يأتيه ليلًا في غرفته بعد أن توقّف والدهما من الذهاب لها وتركها هُناك لتقضي بقيّة محكوميّتها بعيدًا عن وجهه.

كان يُبكيها، يرفرف قلبه شوقًا لها كان يكرر" هي بنتي" و " هي الوحيدة اللي اشم فيها ريحة امي" و"ليش كذا صار لها يا فهد" ثم يضج بذكرياته معها، وكيف كانت ايامهما جميلة قبل أن تتزوّج بليث!

ذات يوم يذكر أتى لهُ ريّان عابس الوجه مُدمع العينين
يلهث وكأنه راكضًا أميالًا لينجو من الوحوش التي تُريد الإلتفات على جسده لتقتله بصمتها وفحيحها المخيف
فتح له باب غرفته ليحتضنه، كان يكرر: شفتها يا فهد...جاتني تعاتبني في نومي.....بعد عيني تعاتب اخوها....تعاتبني....وهي تبكي بجنون!

تلّهُ إلى غرفته، ينظر لوضعه مضي شهر وهو على هذا الحال، يحس به
يشعر بتأنيب الضمير رغم لا دخل لهُ بما حصل لها، يشعر بغضبه ولهيب قساوته التي يُمارسها على نفسه، يزفر ألحان اشواقه بصمته في النهار وبفوضويّته في اللّيل، هو الوحيد الذي شهد على انهيارات ريّان هو الوحيد الذي كان يستمع إليه بوجع دون ان يبوح به ويشاركهُ أحاسيسه في هذا الأمر
طبطب على يده: ريّان تكفى ارحم حالك!.....اخاف عليك تستخف وتجن....وتوجع قلب ابوي وخالتي....بسّك حزن وقساوة على نفسك.....رحيل الحين امرها بيد ربي ...بيد اللي ارحم مني ومنّك......الله معاها يا ريّان لا تجلس توجع قلبك وتوجعني معك!

ريّان كان لديه أسلوب خاص في تعذيب نفسه وتعذيب فهد في الآن الواحد، كان يلوم نفسه على عجزه من أن يُبادر بشيء بسيط يخفف عنها وهي هُناك وكان يلوم فهد لرضاه وعدم محاولته في إقناع والده للسفر لها، فريّان قد كلّم والده وأشاح بوجهه عنه واخرسه على ألّا يكرر ما قاله لهُ ويقطع اسم رحيل عن لسانه
كان يكرر

: كلنا قسينا....بس قسوتي أنا جات على نفسي!....هي تفكرني الحين قاسي لدرجة مابي اشوفها....ما تدري قسوتي ضعيفة بملامح وجهها تنطفي ....ما تدري قسوتي مالها شرارة ومنطوية تحت قلبي تلهبني وتحرقني يا فهد وانا راضي وجعلها تحرقني بس مابي احرقها بقسوتي مثلكم مابي اسوي فيها اللي تسوونه!

ترتجف شفتيه ليُكمل وهو يحدّق في بؤبؤ عين فهد الثابت: ليتها تعرف إني متحكّم في قسوتي وخاطري اروح اشوفها بس اللي ما نعني قسوة ابوي اللي تكسر ظهري وتحرق قلبي بأشواقه!
.
.
أجل قسوة ريّان كانت على نفسه ولكن هو لا يدري كان يقسو عليّ ويحرقني، يظنّ بي لا احس لا أمتلك تلك الأحاسيس التي تطفو في فؤاده وتقفز من سطحه العالي وترتطم في أرضه الجدباء!

هو لا يدري إنني أُبكيها بصمت قساوتي... لا انكر إنني اظهرتها عليها حتى بي ابتعدت عن اخبارها وعن النّظر إلى صورها، أنا لستُ مثلك يا ريّان اشبع شوقي بقُبلة صورة ورقيّة لا روح لها ولا شعور!
ولا اقسو على نفسي بهذيان لَيلي مُخيف، كُنت أُمارس قسوتي على مُنطلق الإبتعاد الكُلّي عن احوالها، لم اهتم لتفاصيلها ولا حتى لسؤال ليث عنها، كُنت أحاول ان اتجاوزها من حياتي لكي تهدأ عواصفي ولكنها يا ريّان لم تهدأ بل كانت تزداد لتُغيض عُتمتي لِـ تلوّنها بالسّواد أكثر، ولكن ها أنا اليوم أُعزّي هذه القساوة واضربها بقبضة يدَي لتبتعد عن قلبي الجامد الثابت بمشاعره!
كُنت مبتعدًا لأني واثق من وقوف الجميع معها الذين اتخذوا البُعد عنها سببًا لتطفيّة نيرانهم التي تشتعل بحرقة في نفوسهم الأبيّه، لم يكُن الشعور اختياريّا يا ريّان، رحيل لم تكن اصلًا طفلة عادية!
كانت تمتلك قلوبنا جميعًا بِلا استئذان، تلعب بأوتارنا لتستفيظ طيش قهقات السعادة من أعماق الشعور، تلوّن دروبُنا بابتسامتها التي تُضيء لنا أهداب العيون السوداء!
تقفز هُنا وهُناك لتمسك بخيوط حياتنا على طريقتها التي امتلكت بِها قلوبنا العصيّة من الغُفران!

رحيل شيئًا كان منتظرًا زاغت ابصارنا وقلوبنا على الحصول عليه لتُخرجنا من غارة الحُزن إلى اوساع الفرح والسرور، هي الخطوة التي جعلتنا نتناسى فُقد أمنّا يا ريّان!
هي من جعلتنا نقّض البصر عن احاسيسنُا من عَقَر الشوق على اطراف ثوبنا في اللّيالي، هي التي جعلتنا نعوّض نقص الشعور بأمي!

اقسم لكَ ما حدث لها جدد عليّ مُصابي، وحزني وألمي
تذكّرت صرخات والدتي التي تدَوي وتضجّ في رأسي مودّعةً إيّاي
اقسم اتذكر حينما نطقت لي يومًا" فهد حط اختك وريّان في قلبك ها يمه لا أوصّيك" كانت تشعر إنّها ستُفارقنا يا ريّان كانت تشعر انها ستلدها دون أن تشتم رائحتها الطفولية كانت تحّس بذلك، كما رحيل شعرت بذلك حينما حضنتني في يوم زفافها، بعد أن احتضنتها بعيدًا عنكم قبل أن تنزل من غرفتها للذهاب مع خالتي إلى صالة الأفراح.

احتضنتي لتهمس في أُذناي" سامحني يا خوي لو في يوم أذّيتك بس خذها منّي أذيّتي لك من المحبة هههههه" ضحكت لتُخفي رغبتها في البكاء، كانت تطلب مني السماح على جنونها التي تُثير بهِ غضبي مزحًا، كانت تطلبني على أن أُسامحها على أمور لم أأخذها بعين الإعتبار ، وكانت تُقيس طيشها واستفزازها المُحتكر في معنى " الأذيّة" محبتي لها. ادركت ذلك اذكر علاقتنا التي ليس لها حدود كانت تخافُني أجل ولكن خوفها لم يجعلها تتراجع عن أخوّتي لتكرهني بل كانت تُمارس جنونها لتستثير بهِ غضبي ومحبتي يا ريّان!

كانت عيناها ترجوّاني في تلك اللّحظة من أن اخبئها في ثنايا صدري ولكن لم أُدرك ذلك.
احتضنتها ذلك الإحتضان الحقير الذي باعد بيني وبينها لهذا اليوم ، الإحتضان الذي كان فرحًا لينقلب في واقعيّته احتضان مودّع وموجع سامحتها على الجنون الذي فعلته في الأيّام الخوالي ولكنني لم استطع على ان اسامحها في تشتيتي هكذا!
.
.
.
خرج من غرفته لا يُريد ان يبقى هُنا ليتحوّل إلى شخص مهزوز بذكرياته وتحليلاته التي حصلت في الماضي، خرج وهو يتنفّس وكأنه كان مخنوقًا من هواء غرفته ليث قسى عليه باعترافه، وضرب على أوتاره الحساسه،
سمع صوت اخته: فهد توديني بيت جدتي؟ ريّان مو هنا طلع......وابوي مادري وين...مابي اروح لحالي....

تخشى الآن من الخروج لوحدها للذهاب إلى منزل جدّتها ليس لِبُعد المسافة لا!
فالمسافة قصيرة وجدًا، ولكن لا تريد ان تخرج لوحدها خشيةً من جنون نواف وخروجه أمامها فجأة ليطفي شوق حُبه بأفعاله المتهورة ، شدّت على كفي يدها هي تهابه وتخافه، فهد شخصية جديّة وبعيدة عنها لا تشعر حقيقةً بأخوّته، بعيد
يُمارس واقعيّة الأخوّة في إلتماس الأغلاط فقط لا يحنو ولا يُغدق عليها بأخوّته بعكس ريّان السبّاق في حنانه والمتفاني في غضبه! تخافه هو الآخر ولكن لا تستطيع ان تعقد مقارنة واضحة بين خوفها من فهد وخوفها من ريّان.
هي اخذت الأّذن من والدتها ووافقة، وبسبب قرب مسافة المنزل سمحت لها بالخروج، اليوم هو الخميس فجأة بنات عمّها قررا على ان يجتمعنّ في بيت الجدّه بدلًا من بقائهن في منازلهن على حد قول عهود " نبي نفلها في هالويكند" هم هكذا يقررنّ على هذا القرار ثم يذهبنّ ليبقون هُناك بهدوء دون إفتعال أيّة فعاليّة على مبدأ "نفلها"!

كانت تنظر له تنتظر إجابة منه إن رفض فستذهب هي لم تُخبر نواف انها ستذهب لبيت الجدّه ولكن من المؤكّد انه علم من اخته عهود،
أطال الرّد فقالت: خلاص اذا مشغول بروح بروحي البيت قريب!

فهم إنّها خائفة من الذهاب لوحدها رغم انه يعلم مرّات كثير ذهبت فيها لوحدها لماذا الآن لا تريد الذهاب؟ مِمّن تخاف؟ لم يُبادرها بهذا السؤال بل كان عقله ينظر لها بتفحص عميق أخوّي موجع، كان لملامحها التي تُطبّق على ذاكرته ليرى رحيل فيها هي لا تُشبهها حقًا ولكن بها ملامح او كما يقولون"الدم" يجمعهما ليبيّن ملمحًا بسيطًا منها، كان يرى مناهل رحمها الله تُشبه رحيل قليلًا خاصة كانت مغايرة لشخصيّة وصايف ومشابه لحدٍ ما لشخصية رحيل، فبعد بُعد رحيل كان ينظر لها ولإطباعها التي تذكّره بأيامهم التي يتخللها السّلام، تُمازحه، تستثير غضبه رغم محاولات وصايف في ثنيها عن فعل ذلك ولكن لم تكن تخافه كما تخافه وصايف وهو كان يشعر بذلك، ويردف لوصايف" ما يخاف منّي إلّا الغلطان، مناهل ورحيل ما يخافون مني" كانت تشتت نظراتها عنه آنذاك وتبرر لهُ حدّته ونظراته تُثير الخوف وتوترها فسكت ولم يُبدي بأي ردّت فعل!
اسكت ذكرياته، وهو ينظر لها بهدوء
ذهبت رحيل لتبقى مناهل بوجودها تستحل مكانها وتُزيح عن قلبه جزءًا من غضبه ولكن هي الأُخرى رحلت مبكرًّا، موتها كان فجيعة عليهم غصّ فيه ولم يُبكيها من شدّت حُزنه عليها، وريّان كان مثله تمامًا لم يستطع ان يُبكّيها ماتت مبكرًا لم تبلغ سن الرّشد ماتت وهي طفلة، كانت فراشة صغيرة تُثير الشغب في منزلهم بطريقة تمسح بِها غُبار ذكرى رحيل، ولكن رحلت هي الأخرى وكأنها تُريد ترك مكان رحيل لرحيل وتذهب لمكانها المُناسب والخاص بِها.
ازدرد ريقهُ

حينما رأته ينظر لها بجمود ويتقدم لناحيتهان شعرت وكأنّ امرهما أُفتضح ، خافت من انّ نواف احدث فاجعة لتُغضب الجميع وتعاقبهما على حد سواهما! ، خافت من ان يكون ايضًا قد سمع مكالمتها معه قبل دقائق، اخذت تتذكر هي اغلقت الباب على نفسها كانت تحدّثه بهمس، فأجزمت انّ نواف هو من اثار الغضب واشعله، لم تستطع التحرّك خائفة من تقدم فهد ببطء، وخائفة من انفاسه التي تزفر الهواء بتدرّج، لم تقرأ حُزنه ولم تُترجم ما تقوله عيناه إلّا على الغضب.
اصبح أمامها
يُريد أن يعوّض شيء بداخله، ويريد ان يُصهر الحدود التي بينهما، لا يريد ان يبقى حادًا وإن كانت هذه الصفة مزعجة لديها ولكن الجميع تماشى معها واصبحوا سلسين في التعامل معه دون كسر حواجز هذه الحدّه التي تراها وصايف على منحنى القساوة والغضب المستمر، يريد ان يبقى بجانبها لكي لا يخسرها كما خسر الجميع سيحميها من نفسها الآن لا قوّة لهُ على الخسارة.

لا يقوى على التخيّل من إبعاد ما يحب عن حياته جميعهم في دُفعة واحدة ، وصايف الآن هي رحيل ومناهل.

هي الطريق الذي سيختصر فيه صهر مشاعره، هي الأُخت التي بكت ليالٍ ومرضت اشهر وبقيت في فُراشها لمدّة طويلة بعد فُقد جزءًا من روحها، تركها وهي في ذلك الحال تركها كما ترك رحيل التي فقدت عائلتها في دفعة واحدة بالإبتعاد القاسي، وصايف فقدت مناهل وشعرت بفقدانها لروحها اوجعت خالته ببكاؤها ونحيبها واوجعت قلب والده بسهر لليالٍ طويلة، هو يبتعد عن نحيبها هروبًا
وريّان يبتعد عن ذكرياته وعنها ضُعفًا لم يبقى لهُ طاقة على مواجهة حُزنها!
جميعنا نهرب من حُزننا ومن الوجوه التي تذكّرنا به!
هذا حالنا
أما الآن يُريد ان يستعيد هذه الوجوه لكي يُذيب من قلبه قسوته لتؤذيه قليلًا هي في الواقع آذتهُ بصلابتها والآن هو مستعد من ان يذوق تأذيّتها لهُ بإنسيابها كما حدث لريّان تمامًا!
مدّ يديه ، وشعر برهبة وصايف لم يترك لها مجالًا للتراجع عن تقدمه خطوة واحدة احتضنها لتضمحل ما بين يديه، تعجبّت من احتضانه المفاجأ لها، شدّ على رأسها ليقرّبه من ناحية صدره واحنى رأسه ليقبّله قُبلة أخويّة عميقه بها مشاعر كثيرة، هكذا كان شعوره حينما رأى رحيل مقيّدة بالسلاسل عندما دخلت المحكمة ودّ لو يحتضنها ولكن كل شيء ردعه، كان يُريد التخفيف ولكن لم يستطع الأمر صعب للغاية.
الآن لا يريد ان يُبقي نفسه مكابرًا لأي شعور
لن يكابر على خوفه من ان يفقد وصايف لترحل بذكرى مناهل ورحيل، غاصت في احضانه وهي تخاف من ان يكون هُناك أمر دعا فهد يحتضنها تحدثت: صاير شي؟...ابوي فيه شي؟

اغمض عينيه، ازدرد ريقه ولم يردف بحرف واحد، مرّت خمسة عشر ثانية على هذا الإحتضان
ثم ابعدها عنه
وكان هو خلفهما ينظر لفهد واحتضانه ويستمع لوصايف التي شدّت على طرف ثوب اخيها متساءلة، علق شيء بذاكرته تنازل فهد في إحتضان اخته وصايف لا يُبشّر بأي خير، هو على علاقة أخويّة جيّدة مع وصايف ولكن لم يحتضنها يومًا في الواقع هو لا يُبادر بالاحتضان.
وصايف ومناهل هما من تبادرا في احتضانه سريعًا ويبتعدا مُنذ صغرهما ، ولكن رحيل هو من يُبادر حقًا في احتضانها وتقبيل رأسها،
قبّل فهد جبينها وابتسم في وجهها وهي تنظر لهُ بتعجب: روحي جهزي نفسك بودّيك...
وصايف لم ترحل عنه قالت: فهد فيك شي؟
فهد: لا....
ثم عبث في شعرها بيده: يلا روحي تجهزّي ولا بطلع واتركك...
ابتسمت هي الأخرى، شعرت بالارتياح من خذلان ظنونها في امر كشفه لها ولنواف ، ألتمست حنيّة فهد على حين فجأة
وشعرت قلبها مطمئن الآن: طيب....
دخلت غرفتها سريعًا واقفلتها لتبدّل ملابسها
فهد نظر للجدار ومسح على رأسه على قول: فهد!

ألتفت سريعًا على أخيه بعَينيه المحمرّتين ، تقدم إليه ريّان وهو يتفحّص
وجهه، ثم قال: شفيك؟.....علامك!....غريبة حاضن وصايف...صاير شي ؟
بلل شفتيه ثم نطق وهو يمسح على وجهه لِيُزيح من عليه كل ما قد يمر ويخطر على بال ريّان بشكل مأساوي وسيّء!: اختك شايفتني وحش....تخاف مني وهالشي منرفّزني....قلت اعطيها من الجانب الخفي منّي!

ابتسم رغمًا عنه ريّان ولكن تقدم لناحيته: زين ما سويت.....بس تراها ما تمشي علي يا فهد!

وبنبرة شك: وش فيك؟
نظر لعَينيه الواسعتين والكحيلتين توارثًا من والدته
وريّان حدّق في عسليّة اخيه بريبة ليردف الآخر: تبيني احلف انه ما في شي؟
ريّان بهمس: رحيل فيها شي؟
.
.
قلبُك دليلك يا ريّان لا يُخطأ دومًا ما يُصيب الهدف خاصة حينما يتمحوّر الأمر في جانب رحيل لا يُخطأ أبدًا!
.
.
بلل شفتيه: لا....
فهد رفع صوته: يلا يا رحيـ......
شدّ انتباه ريّان وفهد تلعثم ليردف حانقًا : وصايف دقيقة اذا ما طلعتي بمشي....
وهمّ بالعبور ولكن ريّان مسك يده: حدّك مرتبك يا فهد.......واثق في شي.....
فهد نفض يده من ريّان لكي لا يضغط عليه: ما في شي...
خرجت وصايف وهي تضع الحجاب على رأسها وفي يدها حقيبة نوعًا ما متّسعة لحمل الملابس فهد اردف: بتنامين في بيت جدي؟
وصايف ابتسمت : اي بنات عمي كلهم بيجمّعون ...وبنّام عند جدتي....
فهد هز رأسه وريّان نظر لهما وهما ينزلا من على عتبات الدرج
همس: مانت على بعضك يا فهد....الله يستر!
.
.
سحبت حقيبتها وهي تضع الحجاب على كتفها بطريقة شبابية غير مباليّة! ستخرج من الباب الداخلي، نظرت لغرفتها وهي تتذكّر
خرجت قبل ساعة "للبقالة" لتشتري على قولها" مفرّحات" لم تراها وسريعًا ما صرخت: نوووووووووووووووووووووووو ووووواف.....

ثم خرجت من الغرفة وسقط الحجاب من على كتفها ذهبت لتطرق الباب عليه بقوة واخذت ترفس الباب: افتحححححححححه يا السرّاق يا الحرامي....هات كيسة الشيبس وكرتون الكيت كات...افتح...لا افتح مخّك.......
سمعت صوت وراؤها يردف: خيييييييير وش هالصّراخ؟ يا بو النّوف؟
ثم اردف بصرامة: والله عيب عليك احترمي على الأقل طول شعرك اللي بس هو يحسسنا انّك أنثى!
ألتفتت عليه : صويرم مالك شغل فيني....
صارم: صويرم بعينك!....اقول احترمي نفسك .....وبعدين ليش تصارخين....نواف تو شفته طالع ما هوب في غرفته......
عهود بتنرفز: الله ياخذه سارق مفرّحاتي....والحين بروح بيت جدي...وقايلة للبنات انا علي المفرّحات ......والتبن سرقهم....
سمعت صوت من جانبها الأيمن: انا اللي خذتهم!
صارم نظر لدانة ولشحوب وجهها: زين قلتي كانت بتموت علينا هالمشفوحة.....
دانة ابتسمت له: والله سوّيت كذا عشان تجين لي بس على طول اتهمتي المسكين اللي ابوي ماسح فيه البلاط امس!
صارم وصل خبر تدخين نواف إليه ولكن لم تسمح له والدته بالذهاب إليه ليُكمل الناقص
ابتسم بشماتة: قلعته ليته كاسر راسه بعد....
عهود: والله انكم قاسين وش فيها اذا دخّن؟
صارم فُجِع من حديثها ودانة رمقتها بنظرات
ارتبكت : هييييييي...امزح امزح...لا تحطون حرّت نواف الحين فيني.......
ثم التفت على دانة: هاتي اغراضي....
دانة استندت على الجدار: قبل اسمعي كلامي.....
صارم بهدوء : عن اذنكم...
دانة : لا خلّك...
وقف هُنا: وش فيك؟
تريد التحدث سريعًا مع عهود، وتريد صارم يكون معها في دعم عهود على فكرة الموافقة على ذياب : عهود امي قالت لي انك رفضتي ذياب عشاني...
صارم ألتفت على عهود: صدق؟!
عهود ارتبكت من نظرات صارم المتعجبة ومن حديث دانة هي لا تُريد أن تُكسر قلوب في الواقع هي مكسورة ، دانة خُذلت من الجميع، خُذلت من قرارات جدّها الصارمة ومن قُبول والدها على هذه القرارت تعلم انها كانت مقرونة باسم ليث ولكن ليث رفض هذا الإقتران قطعًا بقبوله برحيل هي صغيرة ولكن تتذكّر ذلك، دانة وإن كانت لا تحمل ذرّة مشاعر لناحية ليث فهي تتألم من رفضه لها وإن خبأّت ذلك، ليس من المشترط ان تكن بقلبها حبًّا له ولكن شعور الرفض هو من يستوطن قلبها والآن جدّها لم يترك لها خيارًا في رميها على أخيه، وهذا الأمر يستفز فؤادها فكيف بدانة؟

تحدثت بصدق: والله اخسي اتزوّج قبلك يا دانة......وبعدين انا توني ادرس جامعة وتعرفين اني داجّة بالدراسة وماعرف اركّز على شيئين في نفس الوقت...يا زواج يا دراسة!

صارم صُعق من صرامتها ومن حديثها، ولكن لا يريد منها ان تفوّت عليها رجلًا طيّبًا مثل ذياب: وش اخسي وش هالكلام.......مجنونة انتي؟....وش هالتفكير؟.....والله طلع الوضع وراثي؟!

ابتسمت دانة رغمًا عنها وفهمت مغزى اخيها، تقدمت لناحية عهود: اذا بظنين راح ازعل انّك بتزوّجين قبلي فانتي غلطانه؟.....غبية تفكرين كذا.....ما فيه اخت تز
قاطعتها عهود: قسسسسسسسسم بالله فيه....
صارم نظر لها بيأس أما دانة سريعًا اردفت: وانا اقسم بالله مو مثلهم.....عهود انا الحين مابي الزواج وشايفتني كيف رافضة محمد......
عهود بهجومية لفتت انتباه صارم: رافضته عشان جدي افرضه عليك وعشانه اخو ليث!

سكتت دانة ، اختها بدأت تضغط على اوجاعها في الواقع وتضغط على رقبتها لتضيّق عليها التنفّس!

صارم تحدث: حدّك عاد......دانة لها حق تقبل وترفض اللي تبي....والسالفة مو مثل عقلك المصدّي.....هذا هي واقفة قدامك وقالت لك.....وجهة نظرها من زاويتها.....إلّا تبين تضيقين عليك الابواب...ترا ذياب شاريك....ويشهد الله انه رجل كفو.....وما راح تحصلين مثله!

دانة اكملت: فكري ولا تستعجلين وطلعّيني من حسبتك في الموافقة.......وهذي قسمة ونصيب...مو شرط الأخت الكبيرة تزوّج قبل الصغيرة......هذا نصيب من الله وإن جا لأي وحده منهم الرجل الصالح تروح برزقها ولا تحيّر نصيبها عشان ايش...اخسي ازوّج قبل اختي اللي اكبر!

صارم بهدوء: والله لو نواف قال يبي يزوّج قبلي ما عندي مشكلة...
دانة باندفاع: لا والله يخسي!
عهود ماتت ضحكًا: ههههههههههههههههههههههههه امك يا التناقض...
ضحك هُنا صارم لتردف دانة مبتسمة : مو عشان المبدأ اللي براسك...لا عشانه معطي الأمور طاف ومضيّع نفسه...
ثم التفتت على صارم: لا تكلّم قدامه كذا...اخوك هذا
واشارت بيدها بمعنى "مجنون"
صارم ضحك: ههههههههههههه بس اقول لكم ....ولا انا عارف.......هذا إن تم على خباله...والله ابوي ما راح يزوجه إلا في عمر الاربعين....
عهود بدفاع عنه: هاضمين حق هالولد ...
دانة : بالله شايفه اللي يسويه صح؟
عهود رفعت اكتافه: لا والله .....بس هو يفجّر طاقاته في اشياء غلط...وحنا علينا التوجيه والإرشاد.....وعلى الله يسمع....

صارم : عليك مصطلحات درباوي مضيّع حارته...وش يفجّر؟
عهود: ههههههههههه لا تدقق عاد على كلامي......
ثم التفتت على أختها: عطيني الاغراض تكفين ...بنات عمي كلهم راحوا بيت جدي...
دانة : بعطيك بس اوعديني تستخيرين وتغيرين رايك.....وتبعدين عنك الافكار الغبية ذي...
عهود بتنهد: طيب....خلاص...لرجعت من الهجولة اللي بصير بيت جدي...فكّرت....
صارم نظر إليها بنصف عين: ترا جدّي عنده شوزن للصيد.......اذا خبّلتوا به ....ما راح يتردد....
عهود ضربت على صدرها : لا تحاتي يا السنافي.....حنا لها!

صارم اخذ يتحمد ويتشكر: دانة تكفين شيكي على الاعدادات ذكر ولا انثى!
دانة غاصت في ضحكتها: هههههههههههههههههههههههه.. .....من تفصل كذا اعرف جالسة على سناب شات....وتطالع...
قاطعتها عهود بصرخة: عننننننننن الفضايح!
صارم عاد بجديّة: تتابعين من بالله؟
عهود سكتت ودانة تدخلت: مشهور مابي اقول اسمه عشان لا تذبحني.....يطلع بر وجو صيد وطبخات وهبالة.....
صارم : تدرين عاد انتي من قسم اللي اجعلوا من الحمقى مشاهير.....
عهود بتأفف:افففففففففففف بلا محاضرات......وبعدين يا كثر الحمقى اللي حتى انت تشوفهم لا تقنعني تشوف كلّه اشياء مفيدة...
صارم: انا خير شر ما تابع احد.......
دانة ضحكت بخفة: ههههههههههههه والله من الشغل.....حتى انا ما تابع احد.....عليك باللي ما عندهم لا شغلة ولا مشغلة.....
عهود رفعت حاجبه بتعجب: لا تحولون تقنعوني مستحححححححححيل....مثلا في استراحة العمل...البريك يعني ما تشوفون......طيروا بس عن وجهي...يا المثاليين...

وبجدية: دانوه هاتي الاغراض والله بنات عمّك المتوحشات بتوطّوني لو ما ودّيت اللي قالوا لي عليه....
دانة ضحكت: ههههههههههههه طيب روحي الغرفة وخذيهم....
صارم بحده: لا ترفعون ضغط جدّتي انتبهوا.....تراها تعبانة!
ثم دخل غرفته، بينما عهود دخلت غرفة اختها سريعًا
.
.
بعد أن خرج ابا صارم من منزل والده اتصل سريعًا على أخيه ابا ليث يُريد أن يلتقيه من أجل ان يحدّثه عن ابا فهد واخبره انّ ابا فهد معه في مجلسه في المنزل فذهب إليهما يُريد أن يستفسر عن أمور كُثر، لم يستطع ان يستفسر عنها أمام ابيه، ولم يرد أن يُكثر الحديث بعد ان عَلم بتعب والدته، وفي الواقع إصرار ابيه على تزويج ابنته من دانة اخرسهُ من جانب آخر، هذا الجانب الذي لا يدري كيف يخرج منهُ دون إحداث ضجّة في أفئدة كثيرة، هو الآخر يُريد من ابنته ان تتزوّج وتحضى برجل يقدّرها ويضعها في عَينه ولكن قدر دانة لا يرسي على بّر أُمنياته وأبيه يُصعّب الأمور بدلًا من تذليل طُرقها، لا يدري كيف يُشيح بنظره عن فكرة هذا الإجبار ليجعلهُ خيار!

حقًّا يخشى على ابنته من بقاؤها وحيدة بِلا زوج وبِلا ابناء هي ابنته الكُبرى التي استحلّت مكانًا كبيرًا في قلبه، لا يرفض لها طلبًا ولا يقوى على أن يراها كئيبة ومنعزلة عن عالمهم هكذا!
يعلم إنها عاشت خيبة طويلة بعد رفض ليث، خيبة لم تُبدي في إظهارها ولم تحاول أن تخبئها اكثر، زعلت أجل ألتمس شعورها في تلك السنة، انطوت على نفسها خجلًا ليس لأنها تريد الزوّاج وليس لأنها تحبه ولكن لأنه كسر حبل تعليق الأُمنيات عليه!
كان حديثهم موجع" أنتِ وليث لبعض" تذكر اصرارهم في قول" بس ينهي دراسته ليث بإذن الله بصير بينكم شي رسمي" أحاديثهم موجعة لقلبها لم يخيّروها بين القبول والرفض وكانت هي خاضعة لقرارهم وتقبلت من أن تكون زوجةً له، ولكن دارت الأيّام ليخذل ليث ابيها ويخذلها بنظراتهم بكل شفقة!
هي لم تُحبّه ولكن كسرها من تعليقها كل هذه السنوات على ظهره ربما هو كان رافضًا الفكرة تمامًا ولكن هي تقبلتها برحب صدر ولم تُردف رفضًا يُشيح بنظرهم عن ربط اسمها باسمه مُنذ طفولتهما!

ابن اخيه خيّب آماله، وجعله يلين بقلبه عليها اكثر ، حارب قرارات والده من إكمال دراستها في الطب لكي تخرج من قوقعة الخجل التي طوّقتها بعد زواج رحيل من ليث، جعلها تخوض تجربتها في دراسة صعبه وعميقة تأخذ من التفكير الشيء الكثير من أجلها ومن اجل ان تبتعد عن الوسوسات الشيطانية التي طوّقتها لفترة، ولكن انهالت عليه الشتائم والرفض من قبل والده ووالدته التي الآن تغيّرت قليلًا وبدأت تلين بقدرٍ بسيط .
اوجعوا ابنته على مبدأ " احنا خايفين عليها ونبي مصلحتها يا بو صارم" هما حقًّا يُريدان ذلك ولكن اسلوبهما أوجع دانة بشكل كبير.

اسلوب التكرار ، والتحطيم، اسلوب التنفير والإبعاد جعلها تدخل في كآبة من الصمت والألم النفسي وذاق طعم حُزنها آنذاك لشهور كثيرة لذا الآن يقف
أمام قرار ابيه حائرًا من الخضوع فيه ، وحائرًا من إقناع ابنته بغض النّظر عن الطريقة التي ابتدأها والده، ولكن محمد هو الآخر رافض الفكرة فهو سيصمت وسيدع بقيّة الأحداث تظهر في الأيّام القادمة، قرع الجرس، لتفتحه هيلة القريبة من الباب.
كانت تسحب اصايل معها وهي تقول قبل أن تفتح الباب
: صاير لك ايّام نفسيّة........والله تجين غصب عن خشمك!
اصايل سحبت يدها منها : طيب اتركيني خليني الف حجابي وجع....
هيلة بنظرة شك: والله اعرف بتركك والحين تركضين لداخل....
اصايل زفرت: شايفتني بزر؟.....انطمي بس فشلتيني ترا عمي بو فهد في المجلس بيسمع صوتنا الحين وبيطلعون يقولون ايش فيه؟
هيلة ارتدت نقابها وفتحت الباب بعد قرع الجرس: انطميت بس تقدمي يلا...
نظرت لعمّها وابتسمت من خلف النقاب ثم رفعته من على وجهها: هلا عمي....
تقدم ابا صارم وهو يبتسم : هلا فيك.....هااا بتروحون بيت ابوي؟
اصايل قبلّت رأسه بعد اختها هيلة لتقول: اي.....كلنا بنام هناك...
ابا صارم : قالت لي عهود......زين ما تسوون تغيرون جو جدتكم.....بس هاا عاد هالله هالله بالركّادة تراها اتعيبينه....
هيلة: لا تحاتي عمي .....جدتي بعيونا.....
اصايل ترتدي نقابها: قال محمد تعبت امس......وبنروح لها منها نغير جو ومنها نهتم فيها بعد....
ابا صارم: بارك الله فيكم....زين ما تسوون....عن اذنكم.
ثم عبرمن أمامهما ليدخل المجلس
وهيلة واصايل خرجتا!


.
.
فتح الباب : السلام عليكم.
ردّا عليه: وعليكم السلام..
ثم تقدم لناحيتهما واغلق الباب وراؤه، نظرا إليه وهو يجلس
ابا فهد: جاي من عند ابوي؟
هز رأسه وهو يؤكد: اي.....رحت اطمن ....وامي اشوي تعبانة.....جاتها امس حرارة ومحمد وفيصل كانوا عندهم...
ابا ليث بهدوء: والله دريت متأخر....محمد جا قال لي....وقلت بروح عندها بس اتصلت وجلست أنا وبو فهد هنا ننتظرك.....

ابا صارم هز رأسه بهدوء ثم التفت على اخيه : عبد الرحمن اخبارك؟
ابا فهد نظر لأخيه : اخباري تسّرك.....
ابا صارم هز رأسه وتحدث ابا ليث: علامك سلطان؟

ابا صارم نظر لهما وخرج عن صمته بشكل مفاجأ لهما: انتوا اللي علامكم؟.....وش صاير؟.....حاسّني قلبي في شي مخبينه عني.....

تدخل سريعًا ابا فهد متنهدا: وش بكون فيه؟.....ما فيه شي..
ابا صارم: إلّا فيه!....يا عبد الرحمن كلامك مع ابوي ذاك اليوم خلاني اهوجس ....وش تقصد لم قلت له كأنك تطلب المستحيل.....وش صاير...ابنيتي رحيل تشتكي من باس؟

ابا ليث سكت، سيترك المجال لعبد الرحمن في التبرير، لن يقول شيء الموضوع في غاية الحساسية وكان عليهما هما الاثنان ألّا يعلمان به من الأساس، ولكن صعقوا حقًّا من الوضع، واخذ هو يفكر بطريقته التي برهن ليث بمكالمته انّ لا صحة لها، ظنّ ليث لا يريدها اصلًا وظنّ في أمور كثيرة ولكن حديث ليث قطع هذه الشكوك واخذ يصدّق حديث الماضي!

ابا فهد سكت، حدّق في عَيني ابا صارم لا يريد الخوض في الحديث العميق، لا يريد استرجاع امور ابهتت لونه واسقطت اوراق خريفه على هاوية غير معروفة
تنهد: ما تشتكي من شي....بس انت مستوعب شرط ابوي؟....ومستوعب الظروف اللي حنّا فيها؟....وانا صادق هو جالس يطلب المستحيل.....

ابا صارم هز رأسه : ابوي جالسين يضغطون عليه...
ابا فهد سكت، ثم اطرق سريعًا: هقوتي يبونه يرجع للديرة بس هو معيّي....وبو سعد مستقّل هالشي بالقيل والقال والتآليف اللي ما تخلص!

بو ليث اندفع في حديثه: من حقّه يعيّي....تخلّوا عنه وهو بعازتهم ولّا نسيت؟
بو صارم مسح على لحيته: انا ما نيب فاهم ليش هم انصبوا العِدا لأبوي....وليش ما ساعدوه لم خسر وصار على الحديدة!

بو فهد اضطر للاعتراف هُنا: كنت انت وعلي صغار...وابوي يحاول اصلًا ما يظهر هالسالفة بس بقولها لكم......ابوي دخل في التجارة مع بو سعد وبو وافي وبو الهاجس تجارة أقمشة وغيرها....وقد ابوي انخدع في تاجر يستورد منه اقمشة من هالدول اللي تنتج أجوّد الأقمشة وافضلها وكانت تهل عليهم بالخير والبركة.....بس المشكلة......

ثم نظر لـِ ابا صارم: هالتاجر الأجنبي خدع ابوي.....كان يهرّب مخدرات في هالأقمشة....وانمسكوا وطاحت براس ابوي على انه متعاون مع التاجر وكان فيه اثباتات وتوقيعات من ابوي تثبت هالشي مع الأسف وابوي انسجن ولكن خبّى الحقيقة وامي قالت لكم انتوا الاثنين انه سافر برا عشان الشغل......لكنها قالت لي عشان لا اسمع من برا....وكانت تبيني احمي مسامعكم عن القيل والقال!

ابا ليث بانفعال: صادق باللي تقوله؟
هز رأسه ابا فهد ليكمل: ومع التحقيق....والأيام الطويلة.....هالتاجر انمسك ولله الحمد......واعترف بكل شي وطلع ابوي براءة ....بس صادروا الأقمشة عشان التحقيق...واتسكر المحل! ......وخسروا ثقة النّاس في تجارتهم!....وخسروا وصاروا يحملّون ابوي المسؤولية.....وابوي عزيز نفس راح دفع لهم تعويض بكل فلوسه وحلاله....حتى أنه راح وباع الإبل.....وهذا كل ما يملكه!......ولا حد منهم ألتفت وقال تسلم ما نبي منك شي....كانوا يحملونه مسؤولية اللي صار ...وحتى قد قالوا عليه غبي ولا هوب فطين كيف مشت عليه...رغم أنهم كانوا يتعاملون مع التاجر سنين ولا قفطوه بس ابوي لم تعامل معهم صار اللي صار!

بو صارم : حسبي الله عليهم ونعم الوكيل....
بو ليث بقهر: وليش ابوي ما قال لنا اصلا...
بو فهد التفت عليهما: ابوي ما هوب راعي طلايب.......وخاف يوصل العلم لكم انتوا الاثنين .....وتوصل للدم.......هو انا لو امي ما حلفت علي ما اسوي شي كان علوم!.....وهجدّتني.....ولم طلع ابوي....ما عاد استحمل نظراتهم واستحقارهم له وكأنه صدق تاجر مخدرات ولا طلع براءة......طلع من الديرة وقطع ذكراهم بس بو سعد...هو اكثر المتضررين في السالفة.....خسر خسارة كبيرة خاصة كان هو راس المال لهالتجارة ......رغم تعويض ابوي له إلّا انه ما زال حاقد...
بو ليث اردف شاتمًا اياه ليكمل: ورغم اللي صار لولده الهيس الأربد ما تاب!
بو صارم باندفاع: اي والله.......الردّى طلع من ولده بس هذا هو ناكر...وملمّع سيرة ولده على كل لسان.....
ابا فهد بتنهد: اذكروا محاسن موتاكم!.....ما علينا منه الله يرحمه ويغفره...لا تصيرون مثل ابوه واردى....

بو صارم بغضب: انت شايف وش يقول؟....شايف كيف ضاغط على ابوي ومخلّيه يطلع لنا بقرارات تظلم وتصفق وجيهنا بسكات؟
بو ليث هز برجله علامةً للتوتر: ابوي ما يبيه يمسك علينا ممسك رغم انه هو ماسك ولا ما هوب ماسك حاقد وجالس يشعل النّار اللي بإذن الله بتحرقه في يوم!
بو فهد نظر إليه: علي ما نبي مشاكل...انا اضطريت اقول لكم اللي ما عرفتوه بالماضي....وللعلم انا ما جا على بالي اللي يسوويه عشان كذا إلّا لم جلست احلل واربط...لين فصخت عقلي!......ما توقعته حقود كذا......بس الشكوى لله نسى الأيّام اللي ابوي وقف معه فيها!

بو صارم بتفكير: افكر اروح الديرة والله...
بو ليث منفعلا: حتى انا...ابوي ماله حيل بهالأمور كبر...ولا عاد له طاقة يسمع للكلام.....خلاص هو سوّا اللي يبونه...وعوضهم وزودن عليها حب خشومهم!....ولم طلع عنهم كلوا لحمه لين قالوا آمين!
بو فهد : لا تخلوني اندم اني قلت لكم.......ابوي لو يبيكم تعرفون وتروحون هناك كان تكلم........الحين خلونا باللي هنا وبس واتركوا بو سعد ربّه يرد عليه...
بو صارم ثار عقله: هذا حنا ساكتين ومنطمّين.....وهو مسترسل يضرب ويسدد حكيه في شرفنا!
بو ليث التفت عليه سريعًا: يهههههبى إلّا هو ...اقسم بالله لو ما هجد لا يجيه رد يطيحه في الفراش....
بو فهد: ابوي ما هوب حمل مشاكل وثار ودم......اقطعوا سيرته الله يقطع لسانه!
ثم تمتم : استغفر الله بس.....
ثم التفت عليه: اتركوه...ابوي يعرف كيف يتصرف....
بو صارم بحده: اي يعرف يتصرف لدرجة...وش سوا؟......لم عرف سعد بخرابيط ليث جاب الصورة لكم اثبات!......وش سوا ابوي؟.....قال لكم زوجوا ليث إمّا من بنات عمّه او حتى من برا اهم شي اقطعوا السالفة من راسها!.....ولا والله ما عاد يرجع لبلاد الكفر...وينقلع عنه لين يتمرجل!.......ولم بنتي طلبت تدرس طب.....قاطعني وطردني من بيته......ولم غلط محمد وعرف بزواجاته المسيار خاف يوصل لبو سعد الكلام وقال نزوجه دانة.......هذا تصرف صح يعني؟

ابا فهد سكت، هنا وابا ليث اندفع بالحديث: ما راح اقول لك سوايا ابوي صح!.....بس في امور صارت من صالحنا فعلا......ليث صدق اغلط...وكان الزواج له صلاح حتى من بعدها هجد عن خرابيطه!...وسعد ما يعتبر إلّا وسيط لنقل الاخبار لابوه.....وهو السفلة فضح نفسه بنفسه طلع اردى من ليث......بس سكت ولا رحت اسوي فضيحة عندهم ....زوّجنا ولدنا وقطعنا السيرة......وبنتك هذا انت وقّفت معها وكملت دراسة....

بو صارم اخذ صوته يرتفع: اي كملت!...والحين ابوي وش بسوي؟....يبي يرجّعها على وراء.....يبي يخليها ترجع تعاني نفسيًا وجسديًا....هي بالقوّة طلعت من الماضي.....وبالقوة وقفت على رجولها!

بو فهد وكأنه فهم حُزن أخيه وبدا لهو واضحًا تحدث: انا بكلّم ابوي.....واذا رفض بقول له فهد له خاطر فيها!

ابا ليث استوعب انفعال اخيه، فهم الآن هو غاضب من زواج ليث برحيل رغم أنّ ليث كان مرتبطًا اسمه مع دانة مُنذ طفولتهما ولكن الظروف جعلته يخضع لقرار ابنه حينما لفظ باسم رحيل للموافقة على الزواج فلم يجرؤ على الأخذ والعطاء فقد كان يُريد أن يزوجه من أجل ان يصطلح امره، لغلق باب القيل والقال!

بو صارم وقف منفعلًا: بنتي ما هيب لعبه عند عيالكم....يوم لليث....ويوم لمحمد.....ويوم لفهد.....انا ما اقوى على حزنها....هي رافضة الزواج اصلا......ابوي ما قصّر عقّدها بما فيه الكفاية!

بو ليث تهجّد صوته: سلطان.....اذا ما خذ خاطرك علي في مسألة تزويج ليث برحيل...انا وقتها والله وربي يشهد علي.....انحطيت في موقف صعب......هو نطق باسم رحيل والظروف اجبرتني اوافق...عارف اسم...

قاطعه منفعلا: الموضوع يا علي مو كذا......من حق ليث يختار اللّي يبيها...ولا هوب من حقنا نحيّر بناتنا لأحد!......بشوفة عينك يكبرون ويغيرون رايهم .....لكن بنتي تعبت....قسى عليها ابوي كثير...وانا

ضرب على صدره : سمحت له بهالقسوة.....علّقتها في شي مستحيل....والحين ابوي يبي يذبحها!

بو فهد بفهم مغلوط: دانة تبي ليث؟

بو صارم ضحك بسخرية: مهما تكلمت ما راح تفهمون.......هي ما تبيه بس موجوعه مني ومن الجميع....ان ما تكلمت انا اقرا عيونها.......صعبه عليها توافق على اخوه!!!........خاصة كانت محيّره لليث اسنين وحنّا ما قصرنا...دخلنا الفكرة براسها لين رضت فيها......انا مابي اكسرها.....ولا ابي اجبرها!

بو ليث مسح على رأسه: وانا مابي اكسر ابوي وهو في هالسن......وغير محمد اصلًا ما هوب موافق.....
بو فهد نهض نظر لهما: اذكروا الله ......
ثم بلل شفتيه: انا قد كلمت ابوي ....لكن بقدرة قادر ومثل ما تعرفون ابوي قلب علي الكلام ودخّل رحيل بالنص.....بس بحاول اكلمه......
بو ليث زفر نفسَه: والله اذا هي مو موافقة حتى محمد ما هوب موافق.....يعني تطمن يا سلطان الأمر مستحيل دام محمد بنفسه رافض......
بو صارم تمتم بالاستغفار: ما اضمن ابوي.....اللي جمعهم في يوم تحت مسمى الشوفة الشرعية...هو قادر يجمعهم تحت سقف الزوجية....كيف لا تسألوني!
بو فهد ضغط على جبينه: بكلمه رغم انه موضوعي حسّاس ولا هو قادر يسمع لي...بس بحاول....
بو ليث اشار له: انت ريّح نفسك وانا اللي هالمرة بكلمه....اطلع منها ....يا عبد الرحمن وريّح اعصابك ولا تضغط على نفسك زود..
ونظر لأبا صارم : وانت بعد ياخوي ريّح نفسك انت راعي قلب......والراحة لازمتك......انا بكلّم ابوي.....وان شاء الله خير....
ثم نهض: اجلسوا هدوا...بروح اجيب لكم ماي...
بو صارم: لا انا ماشي...
بو ليث: والله انك ما تطلع.....
رتب على كتفه ثم خرج ابا ليث من المجلس
.
.
اتصالته مُزعجة وغير مجديّة
يتصل بي بعد أن اضاعني، يتصل بي بعد أن اشعرني بعدم وجوده وانا في حضرت وجوده اصلًا!
هو مجرد وسيلة لمجيئي على هذه الدنيّا ، وسيلة قطعت انفاسي مُنذ ان رأت عينيّ الحياة.
اعلم أنكَ لا تتصل بي خوفًا ولكن تُريد ان تُخلي مسؤوليّتك من ان يكون شرًا قد ألتحق والتصق بي دون علمك!
تريد أن تخلي مسؤوليتك باتصال لسمع ذبذبات تردد صوتي حينما أخُبرك إنني "بخير" ولكنني ليستُ بخير في الواقع
كتبت في رسالتي " أنا بخير بابا، واضطريت اسافر على ليون" فهدأت اتصالتهُ وكأنه وجد طريقًا للتأّكد من سلامتي ولكنه لم يتأكد في الواقع
إن خطفوني يومًا وارسلوا لهُ رسالة تُشابه ما ارسلت له سيصدق حتمًا
شيء من الدّاخل يدعوني للسخرية على هذا الأب، الأب الذي احترمهُ فقط من اجل كونهُ أب لي ليس من أجل مشاعر متأججة بالاحترام لناحيته بل أنا في الواقع متأججه بالسخرية عليه وتحميله ذنوبي!
اشعر اصلًا في بعض الحين إنني لا احترمه وابغضه، انا يتيمة الأم والأب في الآن نفسه، حينما توفيّت امي تيّتمت فعليًّا!
لو كان يهتم لتصل من جديد واخبرني بخوفه قائلًا" عوزاكي ترجعي يا بنتي مش حطمئن إلّا لم اشوفك" ولكن لم يفعل، تمنّيت لو قالها لعدتُ وتركت طيف ركان خلفي ولكن لم يقولها، وإن عُدت للقاهرة ساجن كما جننت الآن
لذا سأبقى في برد ليون لأتجمد واتحنّط هنا لوحدي!
.
.
سحبت فستانًا شتويًا بلونه الأصفر وبقماشه المخملي الثقيل كان يصل إلى ركبتيها وارتدت بوتها الأسود العالي لتغطِي به ساقيها ولتدفئهما، وقفت أمام المرآة، كل شيء بها محطّم يستحيل قبول الحياة، ازردردت ريقها، وسحبت الجاكيت الجلدي الاسود وارتدته واخرجت شعرها من تحته ، ثم اخذت حقيبتها ، ستخرج وتترك وراؤها ثقل حُبٍ عميق استوطن كيانها هو الآن يبتعد ليحميها ولكن تُجزم أنها خسرتهُ بهذا الإبتعاد!
تشعر انه لن يعود ولأنها تشعر بذلك تُريد أن تُجزم له أنها ستبقى متماسكة بطريقة تعويض قلبها بشتاته!
سمعت الرنين واخرجت الهاتف من بطن الحقيبة وهي تضع على عينيها النظارات الشمسية لتُخفي عيوب الحُب!
سترد عليه: ما كان ليكش دعوة تتصّل بيّا!
.
.
لم يهدّأ حقيقةً صوتها يرن في أرجاء الغُرفة جلس من نومه، اليوم في الظهر ستتم إجراءات خروجه من المستشفى والآن الساعة التاسعة صباحًا هُناك متسع من الوقت وعقله ما زال يختبأ خلف صوتها، لم ينساها ولن ينساها!
هي الحُب الصادق هي الشعور الجميل
هي الشيء الذي لا يُريد ان ينكسر وينطفأ من داخله، ولكن عقوبة الماضي ها هي تشتعل بينهما للتفرقة!
يقسم أنه لم يتوقع يومًا ستستعير نيران الشوق والحُب في فؤاده، حتّى حينما قام بخطبة تلك الفتاة لم يشعر لناحيتها بمثل هذا الشعور الذي يستفيض ويستهلك طاقته في لفظ الحُب من قلبه، لا يتخيّل بقيّة حياته دونها، حُب عميق في شعوره كما قال محمود درويش " هذا هو الحُب...أني أحبك حين أموت وحين أحبك أشعر أني اموت"
.
.
وأنا هكذا اشعر يا سوزان، اشعر اني اموت في حضرت حُبك استهلك نفسي للإخلاص لهذا الشعور وتقديره واحترامه، اخشى من انني ألتمسهُ يومًا بيديّ وينكسر ويُصبح حُطامًا وإن اصبح يومًا سأعشق هذا الُحطام وسأُلملمهُ بعقلٍ شرد في سكرت حُبّه، سأبقى هكذا يا سوزان اشدّ على وجد حُبنا المليء بالتعاسة! أجل حُبنا تعِس لم يرى النور افترقنا ونحنُ نُمارسه في بداياتُنا لم يُمهلنا العدو في ان نُصبح في الهوى عاشقين لم يُعطينا تلك الإشارة التي تعجّل أفئدتنا في الهروب بين أودية الغابات البعيدة عن الأنظار، اصبحنا في الصبَّوةِ منه عازمين وعلى ألّا نترك النَّجوى متفاعلين لكي نكتب قصّتنا بحرقة مشاعرنا التي تأججت في هذا البُعد الذي سرق منّا أرواحنا ليُهديها على زُقاق النّار ، تحرقنا وتُلهبنا انتِ تحاولين تخطّي هذه النّيران وأنا اقف حائرًا وخائفًا من أن أبدي بحركتي شقاوةٍ أّؤذي بِها قلبي يا وتينهُ المتين!
أنا الآن اشتعل، احترق، لم يتبقى منّي سوى قلب وصب يتمنّى رؤية عينيكِ ليشفى!
.
.
ينتظر ردها لتُجيبه وتُطمئن قلبه، ظنّ سيأتي صوتها لهفًا لسماع صوته ولكن جملتها تلك بِها من العتب الثقيل والذي لا يتحمله
قال بلهجة مغربية ومشاعر مغرمة ومتألمة: كيدايرة؟

يؤلمها أن تسمع تلك اللّهجة التي تُثير بداخلها عواصف الإشتياق لوالدتها ها هي الآن وفي هذه اللّحظة عزمت على اعتزالها بالحديث بها مع ركان لا تريد ان ترتبط اللّهجة به لكي لا تُزيد اوجاعها اخذت تتخبط بين لهجة ابيها ولهجة ركان الأم
لتردف: بأحسن حال....أنتّا عامل إيه؟

سكت ونظر لسقف الغرفة البيضاء: مشتاق لك موت!
مشت على الرصيف بسخرية: هو دا الموت اللي خلّاك تبعد صوتك عنّي...وتسيب اتصالاتي ...وتسيب حُبّك ليّا؟!

ركان: تقسين علي وانتي ما تحسين!
سوزان زمّت شفتيها: لا احس ركان.....وتمنّيت اني ما احس...بس عجزت....لكن الحين صدّقني تجاوزت أحاسيس آوي!

ركان اغمض عينيه وهو يحاول ان يركّز على صوتها على صوت انفاسها التي تتقطّع وتختبأ خلف اسوار اندفاع عُشقها!: ما تقدرين تجّاوزين حُبّك لي!

سوزان لتهدمه: غلطان ركان.....انا مابي اتجاوز حبّك....أنا ابي ادمّر هالحُب عشان لا يصير لي طريق للتجاوز وللعبور......انا هدفي اكبر من كدا....انا راح اهدمه عشان لا يضيّق عليّ الطرق!

ركان فتح عينيه بلل شفتيه: والوعد؟

سوزان تمشي بخذلانها وبطقطقة حذاءها: الوعد انتقض يا ركان.....أنا ماستحملش ما اسمع صوتك وانتّا قسيت .....على مبدأ انّك تحميني....بس حقولك على حاجة انا كُنت محتاقاك تحميني من نفسي.....بس...
ركان بخوف اشتّدت ملامحة ليستمع: لم أذيت روحي.....ايقنت حمايّتك لي مالها لزوم!

ركان بغضب: سوزان...عن الخبال والجنون.....أنا بعدت عنك طولة الفترة عشانك...وعشان احميك من الموت.....أنا ابذل بالاسباب واتوكل على الله.....و.بُعدي لك حماية مني بعد الله عشان ما الفت الأنظار حولك....والحين تجلسين وكأنك تقولين لي ننهي العلاقة من جذورها استخفيتي؟

سوزان اخذت تمسح على انفها بتوتر، هي كما قالت في السابق تخاف من ايمان ركان فإيمانها ليس لهُ القوة والصلابة في مُجابهة ايمانه!

سوزان: محتاجة وقت ابتعد فيه عنك واعيد حساباتي لناحيتك من جديد...
ركان غضب وجلس على السرير متجاهلًا ألم جرحه: استخفيتي رسمي؟....ولا شاربة لك شي وضرب لك عقلك؟
ضحكت بسخرية: ههههههه الاثنين...
ركان اخذ نفس عميق: بسكّر.....وبكّون بينا كلام.....وإيّاني إيّاك تطلعين من القاهرة!

ضحكت بسخرية وادركت انه لم ينظر للرقم الدولي الظاهر لهُ، فهمست: برد ليون جمّدت مشاعري ناحيتك!

ركان عقد حاجبيه: ليون؟
سوزان بتعب: مع السلامة.

اغلقت الخط في وجهه لتتركه ينظر لهاتفه وينظر لرقمها ليستشيط غضبًا، واعاد الاتصال عليها، كيف لها ان تعرّض نفسها للخطر وهو مُبعد نفسه لكي لا يُجلب لها المخاطر
اتصل على ليث يُريد حلًّا
.
.
تِك تِك
تِك تِك
.
.

عقرب الثوّاني يدور ويُتمم دورته ببطء شديد تُراقبه عَينين جاحظتين ومتمايلتين بانكسار وإنتفاخ بشكل قليل، تمّت السّتين ثانية ليركض عقرب الدقائق على رقم اثنان ، لتصبح الساعة التاسعة وعشر دقائق!
قلبه يضرب اشواطًا من الغضب وعقله استهلك جميع الإحتمالات التي من الممكن ان تحدث لرحيل، بعد ان تأتي إليه!، نهض وجلس على الكنبة التي استند عليها طوال اللّيل، سمع رنين هاتفه ونظر للاسم
كان ركان هو من يتصل به، قبل قليل اتصلت أمل ولم يُجيبها لا يريد ان يُظهر صوته المليء بالحقد على رحيل لا يريد ان يُشاركه احد في مُصيبته هذه، جعل نغمة هاتفه تُشارك نغمات قلبه وعقله وتدور مع عقرب الثوانِ بصمته الذي يشحن بهِ سيطرتهُ من التبعثر اغمض عينيه حينما انقطع الرنين ، تأخرت وكثيرًا، هل هي خائفة من العودة إليه الآن؟
هل تخافه؟
بعد ما فعلتهُ الخائنة؟
هزّ رأسه وحاول ان يسترخي ويُريح نفسه سينتظر ساعة أخرى سينتظر رغم أنّ الإنتظار ملّا منه!
.
.
نزلت من شقتها وهي تتأفف، تشعر بالحرقة الآن فهمت اسلوبه اللّبق معها بالأمس واستوعبت لماذا تركها هُنا في الشقة من أجل البقاء مع زوجته الأولى الذي لم يأخذ معها أيّام كثيرة لمسح شوقهما من بعضها البعض حتى حدث ما حدث لركان "صرّفها"من أجل ان يقضي ليلته الرومنسية معها هذا ما أتى في عقلها وبالها ، بالأمس قال لها سيأتي في الصباح لأخذها وها هي تتصل عليه ولا يُجيب؟
هل تذهب لشقتهما؟ نفضت رأسها وهي تفتح باب سيارتها، لا لن تذل هذه الّروح اكثر ستذهب لدكتورتها ثم لأخيها ركان لن تذهب لهما
اردفت ما بين اسنانها: الله يحرقك يا ليث انت ويّاها!
الغيرة تغلي بداخلها، لا تريد أن تتخيّل الأمر جعلها تبقى هُنا في الشقة لوحدها رغم أنها بحاجة في الإبتعاد عنه ولكن وافق من أجل ماذا؟ من اجل ان يخدعها للذهاب لرحيل ليس من أجلها هي، ليبقيا لوحدهما بعيدًا عنها وافق على جلوسها هُنا.

ضربت على مقود السيّارة لا تهدأ هذه الأفكار ولا تبرح مكانها تزيد من غيض روحها ومن حُبّها المزعوم الذي اتى بشكل إجباري ناتج عن تأنيب ضميرها؟
رضيت بليث بعد كل ما حدث لها بسببه... تؤمن حبها له مُجبرة عليه..وإن احتشد جانب آخر على كُره!
لا تريد التخلّي عنه لا تدري لماذا ولكن قلبها يُشير لها إلى ضلالها وليث هو الضلال نفسه! ستُهلك ما تبقى منها معه، ستحرق كل ما تشعر بهِ في حضرته لا تتخيّل أن تعيش يومًا بعيدًا عنه رغم إنها تريد الطّلاق، ولكن قبل ان تحبه وقبل ان تقترن به، شعرت وكأنّ روحها ستخرج من شدّة كرهها له وايقنت انها مُجبرة عليه لسد باب الفضيحة، أتت إليه طوعًا تترجّاه ليتزوجها ومن ثم يطلّقها فقط من أجل الفضيحة ولكن حينما علم باخيها وهي علمت انه صاحبه، تغيّرت الأمور تزوّجها وابقاها على ذمّته حتى يومنا هذا..وهي أجبرت نفسها على حبّه..لتبذّر في هذا الشعور وتُرضي شيء بداخلها تعجز عن اسكاته!
تبدّلت مشاعره الكُره إلى لين ومن ثم إلى تكيّف على وجوده وادخلت نفسها في ابواب الحُب لأنّ يقينها يُخبرها لا مجال للخلاص من ليث أحبّي عيوبه قبل فضائلهُ فأحبّت كل ما فيه، لم تنسى ليليتها الأولى معه، اللّيلة التي جعلتها تتجرّع لوعة ليلة *الإغتصاب* لم تتحمّل النّظر إلى وجهه اصلًا ولكن لا تدري كل شيء انقلب رأسًا على عقب كانت تراه عدو لدود والآن حبيب ومجبرة على حُبّه!
جنون الوضع جنون حتّى إنها في بعض الحين تُخبر نفسها أنها بحاجة إلى طبيب نفسي ليضع مسمّى لوضعها مع ليث..وفعلت ذلك بكل سرور...واختنقت اكثر في المواجهة!
مسحت على وجهها وقادت سيارتها وهي تأخذ نفسًا عميقًا!
.
.
.
ارتفع صوته وهو يلحّن الكلمات مع صوت مطربه المفضّل انحنى قليلًا للأمام ثم اعتدل وهو يلوّح بيديه ببطء شديد، ثم أخذ يدور حول نفسه وهو يحرّك كتفيه بخفه على انماط الأغنية، والآخر ينظر له بسخرية و تملل من الوضع، اقترب منه وهو يبتسم ويصرخ: شاركني يا الننننننننننننننفسية!

يحرّك نفسه اللأمام خطوة وخطوة يعود بِها للوراء ثم اخذ يرقص بطريقة مضحكة لصاحبه الذي نهض واغلق الهاتف لتنقطع الأغنية
: وجع وجع قطعت مشاعري يا الحمار!
عبد لله نظر له: قسم بالله تفشّل....فشلتني...جايبني هنا تمصخرني؟
فيصل نظر لمن حوله: شوف حولك ماهنا أحد ...كلّن مشغول بنفسه......
عبد لله نظر له: ترا السمك انشوى ...عساك تنشوي....مع ابو لهب على هالرقص لوّعت كبدي....اخلص تعال ناكل!
ارتفعت قهقهات فيصل وهو يحرّك حاجبيه:هههههههههههههههه دامك بديت تدعي علي....واضح وصلت حدّك....
عبد لله اشار له: حيييييييل وصلت معي لهنا(واشار لأنفه)....اقولك نشتري سفري وننزل لهنا تقول لا نبي نشوي......
فيصل : ههههههههههههه....مخططاتي تجي على الكيف وبشكل غير متوقع بس وربي الجو ساعد افكاري...وقررت سريع....عاد تحمّل!
ثم اقترب منه واشتم رائحة الشوي وهو يردف : اشهد انّك السنافي الوافي الطحطوح كايد ابو الظفرات المحزم المليان عطيب المضاريب حامي المماليك السبع والوريث الشرعي غيهب المدات ساس القوم الصنديد راعي الفزعات طلق المحيا راس القوم راعي الأوله طير شلوى سليل المجد والأمجاد كفو...يا...
قاطعه عبد الله وهو يرمي على وجهه علبة المناديل صرخ: بس بس...يا بيّاع الحكي......اقسم بالله مسكون....قبل اشوي مود والحين مود....دريت اني بيّضتها بالشوي كل تبن...ومد يدك....
فيصل غاص في ضحكته: ههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههه والله مو منك من القهر عشاني ما خليتك تودّيني لماهر انا ادري....هالحوسة اللي انت فيها عشان هالموضوع....مو قادر تطلع من مود الحزن عشان تفلها معي هنا!

عبد لله ضحك رغمًا عنه وجلس امامه: بالله يعني ما في اذنك ماي؟
فيصل ترك من يده الليمون: انت شايفني غلطان عشان ابدأ واتأسف؟
عبد لله بجدية: ما قلت تتأسف منه بس روح كلّم ماهر شوف هو ليه كذا شايل عليك؟





فيصل : اقسم بالله رحت .... رغم اللي صار له....إلّا انه عصّي وحيوان....وراكب راسه .....تراني مقهور عبيد لا تفكر شي سهل اخسر صداقة مثل كذا....وأنت أدرى بصداقتنا...
عبد لله سكت، ولكي يخفف من الحدّة التي انتقلا فيها: طيب كل .....وبشويش لا تاكلني مع السمّك!
ضحك هُنا فيصل: ههههههههههههههه لو قايل لمحمد يجي كان كملت....
عبد ضحك الآخر: صحيح اخباره من زمان عنه والله؟
فيصل بلع لُقمته: بخير وهو بعد يسأل عنك.......لجا يوم كذا نطلع مع بعض رحلة بريّة ......للثمامة شرايك؟
عبد لله ارتشف القليل من البيبسي: ما بقول لا طبعًا.......
ثم اردف بتذكر وهو يغمز لفيصل: اخبار الحُب؟
فيصل هُنا غصّة في لُقمته،
عبد لله مّد لهُ قارورة الماء: صحّة صحّة....
سحبها من يده وفتحها وشربها في دفعة واحدة!
عبد لله : خذ نفس وجع لا تموت علي!
فيصل رمى عليه العلبة بعد ان افرغ ماؤها في جوفه: الله ياخذك...وش هالطاري الزفت!
عبد لله ابتسم: الحين حُبّك طاريه زفت؟
فيصل بجدية: اقطع السيرة!
عبد لله ألتمس الجدية: علامك؟
فيصل شتت انظاره عنه: ما في شي اسمه حُب؟
عبد لله هو الشخص القريب من بعد ماهر لقلب فيصل وهو الوحيد الذي يعلم بأمر مشاعره، بينما ماهر لا يدري .
فيصل لم يخبره ولكن الآن يحمد لله وكثيرًا انه لم يفصح عن تلك المشاعر التي استحلّت قلبه سنوات طويلة ولكن مارس عليها جبروت التخلّي لأنها باتت مستحيلة!

عبد لله بتذكر: قسم بالله تفر مخ الواحد انت.....سنين وانت تقول احبها...وتمنيتها...وابيها...و� �عشقها...من يومك في الثانوي تذكر؟.....والحين وش صار!

فيصل بنبرة ذات مغزى عظيم: صارت الحُب المستحيل؟
عبد لله : ليتني اعرف من هي اقسم بالله اروح انا اخطبها لك بدل ابوك!
فيصل ضحك: ههههههههههههه اكل بس ولا تكثّر حكي بديت تضايقني....
عبد لله بتعجب: طاريها صار يضايق الحين؟
فيصل دون ان ينظر له: البنت تزوّجت يا عبيد اخلص علينا وخلنا نتهنّى في اللُقمة!
عبد لله سكت بعد ان اعترف بهذا الإعتراف شعر بالأسى على صاحبه
تحدث: الله لا يضرّك عيني عليك باردة .....متكيّف مع الوضع اشوف تقولها وانت تبلع.....
فيصل بنبرة يخبئها بأسوار ضحكته: هههههههههههههههه وش تبيني اسوي ألطم وابكي؟
عبد لله لم تخفيه نظرته المشتتة: الله يعوضك .....يعني نشيل مدليّة حرفها من مفاتيح الإستراحة؟
ثم اخرج المفتاح التّابع لفيصل ، هو اخذه بعد أن أتى إليهم والقاها في وجوههم، سحب المفتاح أمام وجهه فيصل بمدليّته التي تتدّل بحرفها"R"
سحب فيصل المفتاح من يده واخرج المداليّة ورماها على وجه عبد لله: ارميها البحر....
عبد لله : الاخلاق قفلت!؟
فيصل : أنت اللي قفّلتها!
عبد لله رمى المدلية بيده لتسقط على الشاطىء وهو يردف: آسفين .....ابلع ولا ضيّق عمرك.....بدالها بإذن الله اربع!
فيصل ضحك هُنا: ههههههههههههههههههه من ضمن الاربع اختك!
عبد لله فتح عيناه على وسعهما: والله تهبى!
فيصل : ليش ما نيب كفو؟
عبد لله وهو يتكلم بنفس طريقة فيصل قبل قليل: إلّا اشهد انّك كفو يا المحزم يا سمح المحيا يا مجد الأمجاد...
فيصل غمز له: تعجبني لدخلت في مودي التافه!
عبد لله رمى عليه علبة البيبسي ليلتقفها : والله انك انت التافه انا محشوم عن تفاهاتك!
نهض ليث وهو يزيح من يده بقايا الأكل بالمنديل فقال الآخر: وين؟
فيصل بهدوء: بدخّن بعيد عنك وبجي....
عبد لله لم يضغط عليه ، ولأنه يعاني من الربو فيصل يخشى من التدخين أمامه وشعر انّ حديث الحُب الذي خالج فيصل سابقًا ضيّق عليه سعادته الآن تركه يغيب عنه وهو نهض ليلملم الاوساخ في كيسة ليرميها بعد ذلك في القُمامة!
.
.
بينما هو اخذ يبتسم بسُخرية على نفسه وعلى تلك الذّكرى هو ما زال ولا يزال يُحارب مشاعره ويهاجمها لكي لا تتمكّن منه ولا تعبث بهِ مع هبّات الرّيح، سينسى وهو قادر على النُسيان فلولا النّسيان لا ما عُشنا بقيّة الأحداث التي تدور حولنا الآن!
اخرج السيجارة وجعلها تتراقص ما بين اصابع يديه، ينظر لها بتمعّن وكأنها تنظر له هي الأُخرى ابتدأ بالتدخين بعد أن قرر مُجاهدة نفسه من كبح تلك المشاعر ولم يقلع عنها ليومنا هذا....اتسعّت ابتسامته هو لا يدري أصلًا هل مشاعرهُ مُتبادلة وقتها أم لا!
والأمر الذي ساعدهُ من ان يُشيح بنظره عن تلك المشاعر زواجها لو كانت تكّن ذرّة مشاعره له لم تتزوّج، ولكن ما يُدريه بذلك؟ وإن كانت تريده ولم تستطع الوصول إليه فستتزوّج حتمًا!
ولكن الأمر مُقنع بالنسبة إليه خاصة الظروف والشّخص نفسه يحتّم عليها أمر القبول والرّفض في وضع الحُب في مسمّاه الصحيح و لو كانت تُحبه لم تتزوّج ذلك الشخص اصلًا!

فهي لا تُحبه اصلًا هذا ما تبادر في ذهنه وهو لن يُضيع نفسه في مشاعر التّيه تلك فهي لم تُعد حبيبه في قلبه ولم تُعد إلّا أخت وأبناؤها يومًا سيصبحون...
قاطع افكاره رنين هاتفه سحب هواء عمّيق ومُنعش بالنسبة إليه رغم معرفته بمضاره، وما قد تُسببه له من أمراض....
اخرج الهاتف من مخبأ الشورت وقطع تفكيره كليًّا عنها
ثم أجاب: هلا محمد....
.
.
حقًّا هو الآن مصدوم وفي أوّج اندهاشه من أخيه، كيف يُعقل أن يفعل هكذا؟
كيف سوّلت لهُ نفسه من أن يخوض كل هذا الخوض، دخل في غرفته من أجل أن يأخذ قميصًا يُناسبه من قمصانه المركونة في الدولاب وسقطت انظاره على ذلك الجهّاز الذي ادخل في قلبه الريبة، إلى أي درجة فيصل يكره فيها ليث؟
ما الذي دعاه إلى فعل هذا الأمر، ما يراه جهاز تصنّت لا يدري كيف أتى في متناول يد فيصل ولكن رُبما اسهل طريقة ليأتي بهِ عن طريق ريّان!
فهذا الجهاز الصغير يستخدمونه من أجل عملهم، والمخيف التسجيل الصّوتي نفسه، فضوله دعاه من سحب الجهاز الآخر وكان يُشبه المسجّلات القديمة شغّلهُ ليستمع لصوت ليث، سمع صوته وهو يردف بصوته الكئيب حُزنه وندمه، ازدرد ريقهُ وضاقت عليه انفاسه، هل شكّ به فيصل يومًا واضطر للتصنّت عليه بهذه الطريقة المريبة؟
اعاد المقطع الصوتي ليستمع ومن الواضح فيصل قطع جزء كبير من الصوت في مقدمته سمعه


بحزن ينطوي في قلبه طيّات ثقيلة: ركان نفذّوا تهديدهم....ركان بذبحون قلبي.........راحت رحيل بسببي راحت!

اهتّز جفنه الأيسر بشكل متتالٍ ومؤلم، لا يدري هل يغضب على تطفّل فيصل وتدخله فيما لا يُعنيه؟ أم يشتمه على طريقته في التصنّت على ليث؟
بينما ليث ماذا يقصد؟ هل فيصل صادق حينما كان يُردف ما حدث لرحيل سببًا ناجمًا عن ليث؟ نفض رأسه وكأنه يريد يوقف هذه الإحتمالات والتوقعّات، سحب هاتفه ولم يتردد في الإتصال عليه،
اخذ يجول في الغرفة ذهابًا وإيابًا
سمع صوته ليقول: فيصل وينك فيه؟
فيصل نظر لمن حوله وهو يستنشق هواؤه الملوّث برائحة الدخان: في الكورنيش....
محمد بنبرة يتخللها الغضب: ارجع البيت بسرعة...
فيصل عقد حاجبيه: ليش وش صاير؟...جدتي فيها شي؟
محمد لم يتحمل انفجر صارخًا: ارجع ففففففففففيصل ارجع.....لا تكثر اسالة ...اسالك بالله لا تكثر وارجع الحين.....
فيصل خاف وقع قلبه من أن تكون مصيبة قد اصابة اهله : احميد تراك جالس تخوفني....اخلص علي.....احد مات؟
محمد مسح على رأسه يحاول أن يطوّل باله عليه: ماحد مات....ولا حد فيه شي......ارجع ابيك بموضوع.....ضروري...ترجع الحين.....باي....

اغلق الخط لكي لا يُعطيه مجالًا للنقاش والرفض والآخر نظر للهاتف بتعجّب وحيرة اطفأ السيجارة ومشى بخطى سريعة لناحية عبد لله: مشينا؟
عبد لله بتعجب: ما قلت تبينا نرجع مع آذان المغرب؟
فيصل باستعجال: محمد اتصل علي يبيني في موضوع....وصوته ما يبشّر....
عبد لله بتفهم: خلاص اجل....انا شلت الاغراض...اركب السيارة...
فيصل بقلق ركب السيارة وهو يرسل لأخيه ماذا حصل ما الأمر ولكن محمد كان ينتظره في غرفته بحرقان عظيم في تفكيره، ولم يرى رسائله اصلًا!
.
.
.
عادت حياتُها طبيعية معه تمزح، وتجذبه إلى اطراف الحديث المُضحك نست ألم يدها المكسورة، وخرجت من عُزلتها في الغرفة ، اخذ يُقابلها بوجه مضحك، وقبل أن تنام يأتي إليها ليطمئن ويُهديها قُبلة أبوّية مليئة بالحنان، عادت روحها إليها وولّت عن افكارها الوسوسات
.
.
دخلت المطبخ وهي تُشعر بطريقة عاطفيّة نظرت إلى العاملة والأخرى تضحك
قالت لها وهي تفرد يدها السليمة في الهواء لتُلقي الشّعر بإحساس وكانت الكلمات للشاعر المعروف جرير بن عطية الكلبي: إِذَا ابتَسَمت أَبَدَت غُروبًا كأنّها......عَوارِضٌ مُزنٍ تَستَهِلُّ وَ تَلمَحُ.......
ثم اقتربت منها وهي تحرّك حاجبيها بجنون في وجهها والأخرى تبتسم لعدم فهمها للكلمات اصلًا!: لُقَدْ هاجَ هذا الشَوقُ عَينًا مَريضةً ....أَجالَت قَذًا ظَلَّت بِهِ العَينُ تَمرَحُ.......

ثم اسندت ظهرها على باب الثلاجة لتتنهد: الله يرحمك يا جرير....قسم بالله اكثر واحد جايب لي جفاف لقريت له اشعار غزليّة...أنا اللي الغبية اقرا لأشعارك...وحده مثلي المفروض ما تقرا......

ثم نظرت للعاملة لتضحك: ههههههههههههههههه اشعاره تناسب وصايفوه.....بس للأسف ما عندها ذوق ما تحب الشّعر الفصيح......

العاملة وهي تغسل الصحون اردفت وهي تبتسم لمزون وفي الواقع قلبها اصبح مُطمئن لهذه الفتاة التي تُعاملها على عكس بقيّة من عملت معهم
: ايش يئني(يعني) شعر ماما....

مُزن اقتربت منها ووضعت يدها على كتف الخادمة لتستند عليه بحالمية: يعني شعر!
ثم غرقت في الضحك: هههههههههههههههههههههه بالله كيف اشرح لك.....يعني كلام حلو.....له دخل في الأدب....أنتوا تسمونه....اظن....بوتري....
هزت رأسها : اي الهين يفهم ماما...أنا اعرف بوتري رومنسي واجد حلو.....يسمع انتا....بس ناسية منو...قاله!

مزون رمشت لها مرّتين: نسمع يا بعد حيي...وش ورانا...غّردي....جعل ما حد يغرّد غيرك...
العاملة تحدثت بصوت ناعم ورقيق مليء بالأحساس:
Let me kiss and show you what is love
And the happiness it brings.
You’ll sail again like a butterfly
Endowed with perty wings.
"منقول"
مزون ابتعدت وهي تخرج صوتًا دلالةً على التشجيع، ثم اردفت: والله عجبني آداءك اكثر من الكلمات.....اسدحي لنا وحده ثانية....
ضحكت الأخرى بعدم فهم لمزون التي قالت: دارية والله هالضحكة يعني ما فهمت....مير اقولتس يا عساك بالجنة مثل ما شرحتي لي اصديري...كأنه هالكلمات طفت من جفافي اشوي...

الأخرى ابتسمت : والله ماما انتي واجد زين انا صار يحب انتي....
مزون نقزت بشكل مفاجأ تحضنها بيدها السليمة
لتردف بلهجة أخرى: يا ويل حالي ويلاه....تعالي اخمّك يا بنت...والله اني بعد انا حبيتس.....يا جعلني فدوة لهالوجه الجميل....
العاملة طبطبت عليها لتبتعد مزون ثم ذهبت لتجلس وتتربع على طاولة الطعام : اسمعي اجل هالشعر من خثاريق عقلي!....لِيلِي عذبة العيون بسواد شعرها يصرخ بالزين....لِيلِي بضحكتها تهز الأوتار وتلعب على الحبلين....لِيلِي ما شفنا مثل زينها زين!..ههههههههههههه........تست� �هلين بس هااا انتبهي تلعبين على ابوي! .........اه بس....رغم إني اقرا شعر لين طفحت منه إلّا تأليفاتي مثل وجهي الشكوّى لله!

ثم قهقهة تضحك: ههههههههههههههههههه إلا صدق لِيلِي...انتي من وين من اي منطقة في أندونيسيا؟

لِيلِي وضعت الصحون في مكانهم المخصص ألتفتت على مزون بوجه باسم وبفهم لأنه هالسؤال يتكرر عليها في كل منزل دخلت وعملت بداخله: جاكرتا....
مزون هزّت رأسها وهي تسحب هاتفها من على الطاولة: بعفيك عن الاشعار .....خل ناخذ صورة سنابية ......

ثم نهضت سريعًا وهي تقول: ناخذ بيكجّر....
هزت رأسها بالموافقة ومزون رفعت الهاتف ووضعت لهما "فلتر" والتقطت الصورة
ثم كتبت (وصايفوه شوفي الحُب حقي مو حقّك ويييييييييع)
ثم ارسلتها لوصايف
نظرت لِيلِي لها: بروح ينظّف غرف فوق...
مزون هزّت رأسها: روحي روحي...ادري نفخت راسك......اليوم...

هزت رأسها الأخرى وذهبت وهي تتبسّم، أما هي اخذت تعبث بهاتفها دخلت في الأنستغرام لتدخل وتشاهد مقاطع مضحكة واخرى مسلية ، بقيت تقريبًا بما يُقارب الربع الساعة وهي تدخل في حسابات متفرّغة، نظرت للإشعار التي أتى إليها من وصايف
معلّقة على صورتها
(استغفر الله حُب محرّم!!!)
مزون ضحكت بقوة وفهمت مقصدها لترسل(يا حقييييييييييرة وين راح عقلك فيه؟)

ولكن الأخرى خرجت من سناب ومزون خرجت من المطبخ لتدخل من جديد إلى الانستغرام ، دخلت على فيديو كُتب فوقه(لا أحد يغني بعدها!)

رفعت من مستوى الصوت، نظرت للفتاة، واقفة أمام مرآة الحمام ترتدي الزي الرسمي للمدرسة الحكومية، شعرها منسدل على ظهرها ليغطّيه بكثافته وجهها من الجانب الأيمن ظاهر وواضح ولامع ببشرتها القمحية، كحيلة العين، بأنف مرتسم وشامخ، تتمايل بهدوء مع الكلمات الوطنية ، شهقت، وسقط الهاتف من يدها ، ارتعب قلبها وزادت نبضاته، هزّت رأسها بغير تصديق، ثم انحنت لتمسك الهاتف وترفعه من على الأرض ، اعادت المقطع...نظرت لهُ، سمعت صوتها
عضّت على شفتيها لتمنع صرختها في نطق: هذيييييييي أنا؟
اغلق الهاتف وهي تكرر: يمه يمه...وش هذا.....كيف؟.....شلووون؟

ضربت على فخذها تفكّر ونفَسها يتصاعد بدخان الغضب، كيف ينتشر لها فيديو هكذا وجهها ليس ظاهر للعلن بشكل صريح ولكن من يعرفها وسيراه سيُشير لها ببنانه، ضجّ قلبها بالوساوس الشيطانية هي لم تسجّل هذا الفيديو تذكر هذا اليوم دخلت في خلاء المدرسة لتضع لها كحلًا ومرطبًا للشفاه رغم انّه من الممنوعات داخل المدرسة ولكن فعلت من أجل اليوم الوطني، كان لديها مُشاركه بسيطة على المسرح لذلك دخلت الخلاء لتعديل هندامها وشكلها الظاهري ،ولكن السؤال كيف ومَن صوّرها؟ وكيف نشره دون وجه حق؟
اجتمعت الدموع في عَينيها ، تذكّرت والدها لو سقط هذا الفيديو امام عينيه هذه المرة سيقتلها بِلا تردد ، بكت ، وهي تجول تفكّر كيف انتشر ومن صوّرها ونشره، دخل والدها على هذه الأثناء
ومسحت دموعها سريعًا نظرت لوجهه وكان يبتسم يعني لم يراه أخذت نفسًا عميقًا
قال: تنتظريني؟
مزون بوجه محمر ومخنوق: اي.....جعت وانت تأخّرت....
راشد اقترب منها: قلت لك اذا تأخرت اكلي بّطلي عادت الانتظار هذي.....
مزون تحاول ألّا تُخرج خوفها: والله ما يفتح نفسي على الأكل غير وجهك يا الغالي....ولا يهون علي آكل قبلك!....خلاص تعوّدت انتظرك.

اقترب منها قبّل رأسها: جعل عيني ما تبكيك يا بعد اهلي كلّهم انتي.......بروح ابدّل وانزل....وناكل سوا....
قبّلت كف يده : طيب...
مسح على شعرها وتركها وهي تتحرك من مكانها مذعورة مما رأته همست: ياربي استرني...يارب عفوك.....من اللي ناشرة مَن....شسوي يا ربي شسوي؟
.
.
.
فتحت عيناها ببطء شديد، شعرت بأشعة الشمس تكسر عَينيها واشاحت بوجهها عنها للجهة اليُسرى، ازدردت ريقها واخذت تمرر يدها على الجرح لكي تعتدل وتجلس على الكنبة، عضّت على شفتها السُفليّة من شدّة الألم ، جلست وهي تنظر للمكان التي كانت فيه بالأمس، سحبت رجليها لتُلامس الأرض وتُسند نفسها على الأريكة.

سحبت الحجاب سريعًا من على الأرض ولفّته على رأسها سحبت جسدها للأمام لتجلس على طرف الأريكة حاولت النهوض وهي تتأوّه إلى أن وقفت شعرت بعدم الإتزان ولكن شدّت على نفسها، نظرت لساعة الحائط المعلّقة وكانت تُشير إلى الساعة العاشرة، هبطت نبضات قلبها، وضاقت عليها افكارها سحبت الجاكيت، وسمعت صرير الباب ينفتح خرج بتّال ونظرت له، في الواقع هو ينتظر جلوسها وسمع صوت تأوّهاتها وحركتها فخرج!

لتقول سريعًا: شكرا لأنك استضفتني...وشكرًا لأنك فتحت باب حمايتك لي.....والحين.....لازم امشي!
بتّال نظر لها، ولتوترها وخوفها: انا آسف على الحادث.....وعلى اللي صار لك.
رحيل لم تهتم حقًّا تُريد العودة للشقة هزّت رأسها، ومشت وهي تعرج في مشيتها
وهي تؤكد: عن اذنك....بطلع....
هز رأسه: ما اقدر اقولك لا...بس راح اطلب لك تاكسي....
هزت رأسها برضا وهي تخرج: بنتظره برا....
تشعر بالقلق لا تدري لماذا ؟
ربما بسبب بقاؤها مع شاب غير محرم لها امر غير مقبول هي لم تتقبله ولكن في الواقع انجبرت على البقاء هُنا بسبب ما حدث لها بالأمس وبسبب جرحها وخدرها التي أتى بعد المسكّن التي حُقِنت به هي لا تدري اثر المنوّم هو من ابقاها هُنا لساعات طويلة، ازدردت ريقها وحاولت ان تشد بطاقتها على ألم الجُرح وساقها المتضرر من الحادث، وخرجت
وبتّال هُنا زفر براحة، ومسح على شعره ، لم ينم اللّيل حقيقةً انهى مهمّته وأعادها على الأريكة واخذ يُراقبها، ضاق صدره من الخوف والقلق يخشى من ألّا تعبر هذه الخديعة وتنطوي على ليث، مشى لناحية النافذة
واتصل على ابا سلمان ليردف: خلاص انهيت مهمّتي يا بو سلمان.....والحين انا في حمايتك....

بو سلمان بهدوء: اطلع الحين من الشقة وروح على المطار......خلاص انا بتصرّف.... مثل ما اتفقنا روح على باريس.....باذن الله اسبوع.....بس نشوف الأوضاع وبعدها أأكد عليك ترجع ولا لا!

بتّال مسح على رأسه وهو يأخذ نفسه بثقل: طيب...باي!
.
.
.
بينما رحيل بقيت تنتظر سيارة الأجرة وهي تقضم اظافرها
.
.
غُربة هكذا اشعر إنني غريبة على هذا الكون وعلى هذا الجسد
جسدي يتآكل خوفًا من كل شيء اخشى الآن أن يأتي صاحب السيارة ويكون ذاته ستيفن وبتّال متعاونًا معه
لم اخف من اي شيء آخر، عقلي لا يثق به ولا يثق بشيء مما يدور حولي
اشعر هُناك عينين تُراقبني عن كُثب تريد فرصةً لتطبيق جسدي لتهوي به في الظلام!
أنا خائفة يا أمي
خائفة يا أبي
خائفة وقلقة يا ريّان
انا بحاجة لقوّتك وصرامتك يا فهد
أنا بحاجة إليك يا ليث
أنا حقًّا بحاجة لعطفك يا جدي!
انا احتاج عائلتي الآن ... اريد العودة إلى وطني
إلى غرفتي اقسم انني لن اخرج منها ابدًا اريد من جدرانها تحتضني وتسكن روعاتي لا اريد امنيات كثيرة اريد من هذه الأمنية الوحيدة تتحقق، لا اريد شيء آخر، قلبي يؤلمني من ان تكون أمنية مستحيلة او أمنية رحلت مع شخصيّتي السابقة! والتي لن تعود ابدًا.
.
.
نظرت للسيارة تتقدم لناحية الشقة مشت بِخُطى متسارعة وهو ينظر ويراقبها من النافذة ستخرج لتدخل في عُقر جهنّم، يتمنّى أن تنجح الخطّة وإلّا اللورد سيطوّق الحبل على عُنقه رغم ما حدث بسبب ابنه الذي تسبب لهُ بالأمس كسرًا في انفه، هو ليس نادمًا على ضربه وترك اثره على حياته، ولكن خائف من النتائج والعواقب إن لم تتماشى مع خطط كبيرهم!
اشاح بنظره عن النافذة حينما اختفت السيارة من أمامه سحب حقيبته وخرج من الشقة ، وركب سيارته الذي اعادوها رجال ابا سلمان له!
.
.
.
ترتدي عباءتها على عجل وصوت ابنها المتحمس والذي شعرت أنه بدأ ينسى موّال عهود باهتمامه بها وبحملها جلب لها شيئًا من الرّاحة ولكن اختها طمئنتها ولن تُثير امله كثيرًا بهذا الإطمئنان لن تحدّثه إلّا بعد رد عهود الصريح نزلت
: علامك يمه ذياب متحمس...
ابا ذياب ضحك: هههههههههههه مهتم بأخوه اكثر منك .....
ام ذياب ابتسمت: يمكن اخت.....
ذياب اقترب منها: وياريتها تكون اخت.....والله لا ادلّعها...ولا ارفض لها طلب....
بو ذياب بمزح: يعني لو جابت ولد.....نروح نرميه؟
ام ذياب: وش نرميه .....استغفر الله....
ذياب : هههههههههههه لا نحطه بعيونا.....ابوي يمزح معك......

ام ذياب نظرت للساعة: يا وليدي والله باقي على الموعد بس انت مستعجل...
ابا ذياب ترك الجريدة من يده: قلت له بدري...ولو مشغول انا اودّيها بس عيّ هالمستعجل...
ذياب: ابي راحتك يا يبه...
ونظر لأمه: ومتحمس اطمن على اخوي....
ام ذياب طبطبت على يده: الله يجيبه بالسلامة يارب....
ذياب قبّل باطن كفها: ووقومك لنا بالسلامة وخليك لنا يا اغلى ام بالدنيا.
.
.
دخلت المستشفى بخطوات مستعجلة، اليوم لم تتأخر ولكن تريد الهروب من كل شيء من حديث عهود ومن افكارها ومن الوضع الذي انقلب عليها بعد الحادث، اتصلت على موضي وهي في السيارة واطمئنت عليها ستبقى في اجازة مدّتها اسبوعين، لذا من المُحتمل أن يكون عليها عبئًا إضافيًا هي الأخرى، تنهدّت بضيق، وضغطت على زر المصعد انفتح الباب ودخلت، وشعرت كالعادة بنظراته وكأنه ينتظرها، رعد أتى في الظروف الخاطئة التي تُجبرها على ألّا تفكر به اصلًا، هي تشعر بشتاتها ولا تريد من ان تُزيده يُكفيها ما يحدث في حياتها لا تريد مزيدًا من الثقل ولا تريد منه ان يضغط عليها ولكن هو مصّر على الضغط، وتخشى من ان تنهار من حركاته التي تُثير الشبهات من حولها انفتح الباب والصدمة رأتهُ أمامها هل سابق الريح بساقيه ليصعد على عتبات الدرج سريعًا كان يأخذ النّفس بقوة
همست: رعد لو سمحت....بعّد...
بعّد وفسح لها مجالًا ، مشت إلى مكتبها وتبعها وهو يقول: ابي اكلمك ضروري...
لم تُجيب عليه ، وتبعها اخرجت مفتاح المكتب من حقيبتها وفتحته ...وكانت ستغلقه ولكن وضع يده: رجاءًا....
منظرهما يشد الانظار ولكن لم يكن الممر مزدحمًا الجميع ملتهي بأعماله لم يلحظ حركتها ولا احد سمع صوتهما، وإن رآهم احد من بعيد فلم يهم دانة في الواقع ما يهمها الآن تشتيت نفسها في العمل فقط ولا تريد من رعد أن يصّر عليها اكثر ولكن، تركت الباب مفتوح و لم تتوقع منه الدخول وغلق الباب خلفه.

فالتفتت عليه: رعد رجاءًا اترك الباب مفتوح وقول اللي عندك

رعد نظر للاشيء: ما راح اطوّل...اسمعيني....
دانة بغضب: اففففففففف.......اللهم طولّك يا روح....يا دكتور يا محترم....تدري حركاتك هذي تجلب الأنظار وتخرب سمعتي؟
رعد باختصار: ماحد يقدر يتكلّم اذا انتي حطيتي حد؟
دانة ابتسمت بسخرية خلف النقاب: وهذا أنا جالسة احط ميّة حد وانت جالس تتعدّاهم...
رعد ملّا من صمتها وملّا من ردات فعلها التي لا تبّشر قلبه بأي خير تحدث: انا احاول ما اتعدّى ولا خط....بس انتي منّك معطتني مجال....
دانة تكتفت: يعني؟
رعد بهدوء: انا نيّتي زواج......ابي اعرف ردّك قبل لا اقبل على شي رسمي.....
دانة رفعت يدها في وجه: ردّي واضح من افعالي...
رعد بانفعال: اعتبريني ما فهمت ......قوليها بلسانك.....
دانة تشعر بالتيه والضياع والضغط الشديد ولتنهي المسألة من جذورها اردفت: رعد انا مخطوبة!

صُعق وكأنّ الجبال اندكّت لتتساقط عليه ألمًا، توتر، واخذ يمسح على رأسه بعدم تصديق، بلل شفتيه ، ونظر لها بشكل مُباشر مما وتّرها، شعر وكأنها تهرب منه من هذا الطريق، أو هو لا يُريد ان يصدّق ما سمعتهُ أُذناه، تهجّد صوته ليردف
: ما اشوف خاتمك؟
دانة بضيق، من الوضع ومن تواجده في مكتبها لا تريد أن يُجلب لها الشُبهات ولا تريد أن يصل خبر ملاحقته لها لجدّها الوضع حقُّا متأزّم وقابل للتفخيم في مثل هذه الظروف
: ما احب البسه وقت العمل!
رعد نظر لها، وهي نظرت له بضياع ثم خرج اما هي تقدمت لناحية الباب واغلقته واسندت جبينها عليه لتزفر: اووووووووووووووف.....اووووو� �وووووووووف......
.
.
.
لا يضمن ردّت فعله، ولا يضمن هذا الغضب المشتعل في صدره الخيانة بدأت تُعمي عينيه والإنتظار يُسلب صبره رويدًا، نهض من على الكنبة وجسده مُشتعل بالحرارة ومشتعل بالنبضات القهرية، كل شيء ينبض بهِ على مُنحنيات الغضب الإنتقامي!
هذا الغضب النّابع من الغريزة والذي تحرّك من سباته بدافع هذي الخيانة التي لن يغفرها ولن يُسامحها عليها، مشى بِخُطى تتلوها نبضات قلبه انكسارًا، ينظر لساعة الحائط التي تُشير إلى الساعة العاشر والربع، يرتجف من مرور الوقت سريعًا هكذا، دون عودتها، سحب الهاتف
نظر للصورة من جديد، كانت مغمضة لعينينها تنام مستلقية على جانبها الأيسر يستقر رأس الشيطان بالقرب منها ليدفن وجهه في شعرها ويمحي ملامحه عجبًا وكأنه لا يريد أن يفضح نفسه وكل همّه افضاح امرها فقط، لا يريد التدقيق في التفاصيل التي تُثير غيرته الرجولية وغضبه على محارمه، تخيّل أمور كثر جعلته يرمي الهاتف على الكنب صارخًا، لا يسع هذا العالم غضبه لا يسع حتى صبره، مسح على شعره ليُبعده عن وجهه
سمع الرنين ، زفر بضيق عميق، وسحب هاتفه من على الكنب
رأى المتصل(بو سلمان يتصل بك) تنهد سيُجيبه من المفترض اليوم في الصباح ذهب للمعمل ولكن بسبب رحيل لم يذهب
اجابه وهو مغمض لعينيه: هلا بو سلمان...
بو سلمان مبتسم انتصارًا وخبثًا على حاله: ما ييت(ما جيت) المعمل؟
ليث لينهي الأمر: بجي في الليل..حاليا مشغول...
بو سلمان سكت، ثم قال: لا تتأخر....فمان الله.

ليث اغلق الخط ورمى الهاتف من جديد على الكنب، واخذ يجول في الشقة ويحوم بداخلها كأسد متعطش للدماء، لا يهدأ هذا القلب من الغضب
لا يهدأ هذا العقل عن التخيّل....اسند جبينه على الجدار، واخذ يضرب نفسه بخفة إلى أن فقد سيطرته من ان يرفع رأسه ويضرب جبينه بقوة على الجدار وهو يشد على اعصابه بتوتر،
.
.
احترق، انطفأ واهوي على تّل الغضب، لستُ قادرًا على ايقاف جنوني
اختنق من الصورة واختنق من جُرئتها تُعاقبني الآن؟ هل هي تعاقبني الآن على تجرّع هذا الذّنب العظيم؟ تُريد ان توجع قلبي ام عقلي؟
أتُدرك إنني اسهبت سنوات طويلة من أجلها؟ اجل من اجل اسكات الضمير
ها انا اسكتهُ ما بالها تُوقض اصوات أخرى؟
هل تعطّشت للموت؟ ماذا افعل بِها؟ وماذا اصنع؟
ربي رُحماك، ربي ارحمني
ربي زدني صبرًا
زدني ثباتًا يا الله
.
.
ابتعد عن الجدار وهو يمسح على جبينه، ذهب للخلاء، سيستحم لإخماد نيرانه لا يقوى على ان ينتظر فترات طويلة هُنا وهو يشتعل، دخل الخلاء، خلق قميصه ورماه على الارض، فتح صنبور الماء البارد واخذ يستحم به، شهق من الداخل ينظر لانعكاسه في المرآة التي أمامه يتنفّس بصعوبة ، شد على اطراف قبضة يده واغمض عينه ثم التفت ليسند جبينه من جديد على الجدار.

وهُنا سمع صوت باب الشقة، وصلت أجل
وصلت للعُتمة التي لا نورة لها، تمشي ولا تدري بما تُخبئه لها خيوط الأقدار، تعكز في مشيتها بصدرها خوف وقلق يستثيران الدموع من محجر عينها، تشد على بطنها متأوّه، تشكر الله كثيرًا على وصولها دون ان يعترض ستيفن طريقها، ودون أن تدخل في مُصيبة اخرى، رمت حجابها على الأرض وهي تمشي ، رمت بعد ذلك الجاكيت الأسود من على جسدها، عكزت في مشيتها مرة ومرتين نظرت لبطنها لا نزيف اليوم، ولكن هُناك ألم يعتصر قلبها، عبرت الممر وهي تسمع هدير الماء على الأرض علمت ليث هُنا، وربما ينتظرها، ارتفع صدرها تريد البكاء، كل شيء يعتصرها
الخوف من المجهول، والخوف من عدم الوصول للوطن والخوف من حُبها والخوف من نفسها وجنونها، تخاف من هذا الكون وتطبيقه على عُنقها بكت، بلا صوت دموع تنهمل وتنساب على الخدّين بهدوء، دخلت الغرفة واغلقتها على نفسها ستبدّل ملابسها التي التصقت بها دماء الجُرح، وتلطخّت بأوساخ الشارع حينما سقطت، ارتجف قلبها حينما اسندت نفسها على الباب، وهمست باكية بصوت
:...تعبت والله تعبت....
بينما هو الآخر خرج من الخلاء جفف نفسه بالمنشفة وبقي بسرواله الشتوي الذي لم يخلعه في الأصل، مشى وهو ينظر لكل شيء بشرر، يريد تطبيق عُنقها لخنقها ولنهيها من حياته سيزيح هذا الحمل، سيرميه وراء ظهره الآن بقتلها ما بين يديه، شعر بصداع رأسه وضجيج صوت رحيل بالبكاء في الغرفة ارتفع لخلاياه، توقف أمام الغرفة مباشرة، شعر برعشة تسري في جسده، اغمض عينيه وازدرد ريقه خائف من نفسه الهائجة وخائف من شيطانه الذي يوزّه على قتلها، بقيَ واقفًا ينظر للباب
كفيه ترتجفان ها هي الخائنة ، بالداخل تبكي لتستثير عواطفك
ها هي تريد الآن ان تبرأ نفسها يا ليث
إيّاك والخضوع أمام هذه الدموع، اشاح بنظره عن الباب، اولًا سيذهب لتغيير ملابسه المبللة وسيعود لتلقينها درسًا لن تنساه ابدًا
تحدث بصوت رجولي مبحوح وغاضب وهو يمشي لغرفته: رحيييييييييييييييل.......اطل� �ي الصالة....خمس دقاااااااااااااايق اشوفك فيهاااااا....

ارتدت رحيل ملابس نظيفة سمعت صوته وهي تبكي بدموع كثيفة ، شعرت بالقشعريرة تسري في جسدها، شعرت بارتجاف ساقيها لتمنعاها من الوقوف لا تدري لماذا ولكن كل شيء اختّل في اتزانه على نبرته، ليس خوفًا منه بل خوفًا من نفسها، ومن تعبها ورجفاتها التي لا تهدأ نظرت للباب بعمق، همست وكأنها تحدّث شخصًا امامها
: ريّان وينك؟!
.
.
.


انتهى



قراءة ممتعة





السلام عليكم


اخباركم؟

باقي تقريبا 35دقيقة وندخل يوم جديد "الخميس"(تكتمل الساعة 12)

نزلته بدري وبهالوقت

لأنه بكرا ما راح يمديني ادخل

وانزله

وعشان ما أحب اعلّق احد في محطّة انتظار طويلة

نزلته بهالوقت


قراءة ممتعة


خذوا وقتكم بالقراءة

محبتكم

شتات


ايما حسين likes this.

لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-02-21, 12:18 PM   #17

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


Part13
.
.
.
.
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة ، اللهم بلغت الله فاشهد)
.
.

.
.
.
أُدير قلبي من منايا الخيانة، اشعل حواسي من أن تلتزم القوّة والصّلابة
انا الآن هش وقوي في الآن نفسه وهذه الحالة لها قُدرة عظيمة في كسر الإنسان وجعلهُ ليّنًا في أضعف اللّحظات، رحيل أنا لا اعلم ما هيّة شعوري ناحيتك ولكن اعلم إنّها مختلفة تمامًا عن مشاعري لناحية أمل!
ولكن الخيانة ستبقى خيانة سواءً كُنتِ أملًا يطرق الأبواب أو رحيلًا مُتّبع الأمنياتِ على طيف الغيوم.
هُناك شيء بداخلي يقرع طبولًا للخروج وإعلان الحرب، لا أريد التخيّل ولا أريد أن أمنّي نفسي من فكرة عدم إقبالك على هذا الأمر المُنطوي خلف استار الأسباب اللّامجهولة.
كم مرّة تمنّيتُ رحيل أُمنياتي بعيدًا عنكِ بالأمس!
ولكنّكِ تُقرّبينَني إيّاي دون شعور، ومن المؤسف تقرّبينني على مبدأ الإنشطار والغضب، أنا ليث لم أكن هكذا أجل لم أكن ارغب لكل ما حصل لكِ ولكل ما حصل لسليمان وحتى أمل، ولكن سوّلت لي نفسي، في الذّهاب إلى اللّا شيء، في العبور بين الذنوب المستطيرة، وفي غياهيب الأساطير المستعيرة بالشهوات والملذّات، دعيني أخبرك امرًا أنا لم أحُب فتاة عبرت في حياتي ولم اعشق طيف أنثى عبثت على أوتار شهواتي ولم تلتفت عينايّ على طريق العُشق ابدًا، كُنت اتمنى الوقوع النهائي فيهم جميعهم ولكن وقعت فيهم بطريقة خاطئة وبطريقة لئيمة تدّل على أنانيّتي بشكل مُقرف، أعترف بذلك..لعلّى ثُقل الإعتراف من الدّاخل يخف.
ولكن دعيني أخبركِ مُنذ بداية الأمر...

كُلّ شيء بي تذبذب حينما اردفت " لا.. أبي رحيل" ظننُت مصيري سيبقى على ما هو عليه، ظننُت احلام ابي وامي لن تتحقق، لن تُتوّج هذه الجُملة حياتي بالحياة الأزدواجية، لتجعلها هكذا مأساوية بشكلٍ تراجيدي مُخيف!
حتّى دخلت في أوسع معانيها حينما ألتقيتُ بكِ، لم ألتفت لآثار تُبعات الأمر يا رحيل، تعلمت منكِ قبل الدّخول في ظلامي اشياء كُثر أُولاها يا رحيل ممارسة سطوتي عليكِ أجل أنا اكرهك في وقتٍ ظننتُكِ فيه اغلالي التي لا تنفّك عن يداي، احرقتُكِ بالمقارناتِ مع دانة التي لم تُلفت نظري يومًا!
أنا لا اخون الأقارب ابدًا بل أنا فقط اخون نفسي، لذا فأنا لا اتذكر ملامح وجهها اصلًا بل اتذكّر ملامح الطفولة فقط.

ولكن كُنت ممّن يُدرك مقارنة امرأة بامرأة أُخرى يُعني الموت البطيء، رغم إنكِ لم تموتي ولم تُظهري لي مدى مصداقية قولهم ولكن شعرت بنشوة انتصاري في جعلكِ صامتة تهَابيني، تخشَين من وجودي، كُنت استلذ من ابتعادك عنّي فأنا لستُ مستعدًا في الخوض مع أُنثى رغم صغر سنّها إلّا انها تضج بالحكمة والسيّطرة على ردّات فعلها، تستصغر أمورًا لتجعل المركب يسير بسهولة، لا تبكي سريعًا، تُراعي كلماتها حينما تردفها لكي لا تُزيد الأمور سوءًا، كُنتِ امرأة متكاملة بالعقل الذكائي الذي يُخيفني
وحينما تبكين سرًّا وهذا ربما من الأشياء التي لاحظتها لا تبكين امامي أبدًا ربما تخشين البُكاء أمامي لكي لا ابدأ بالسخرية بقولي" بزر وابتلشت فيها" ولكن كُنت أتلصص وانظر لكِ عن كُثب وحينما تجتمع الدموع في عينيكِ تلك الدموع تُثير بداخلي رغبة الإحتضان والتخفيف.

لستُ متناقضًا ولكن اشعر بكِ ، اشعر بروحكِ التي تبكي الغُربة اشتياقًا لأبيكِ ولأخويكِ والتوأم، وربما الضجيجِ الذي اشعلته عليكِ كان لهُ اثرًا كبيرًا في تجريد روحكِ لتلتصق بقايا الغُربة على جسدك وتمتص طاقتك ليلًا لتبكين هكذا وحيدة ولكنكِ تُهزمينني حينما تفترشين سجادتك تبكين بصمت، ترتلّين القرآن بنبرة حانية ترفعين كفّيكِ لله عزوّجل، لتسددين لي لكمة قوية فتُهزمينني بقولك"اللهم اغفر وارحم وتجاوز عمّ تعلم إنّك انت الأعز الأكرم....اللهم اكشف غمّي وهمّي...ويسّر لي امري يا الله....اللهم ابعد عنّي ليث كما باعدت بين المغرب والمشرق"
أدركت خوفك، صمتك في حضرت صوتي المرتفع، هروبك وعدم مُناقشتك إيايّ، كُنتِ تبتعدين لكي لا أجن واقترب منكِ مسافات كثيرة، كُنتي تطلبين الله وترجينه ليلًا من ان يبعدني عنّكِ ويخلّصكِ مني واستُجيب لكِ ذلك، ابتعدت ثمان سنين يا رحيل
لستُ غشيمًا بعدم رغبتك بقُربي ولكن لم أدرك أنّ لهذه التصرفات سببًا آخر!

حطّمت أشياء كثيرة بداخلك اعترف لألقي بكِ دون شعور في قوقعة الظلام المستميدة من ذنوبي وحشة لا تُغتفر!
لتُكملي مسيرة الألم في سجون الغُربة
هل أتى الوقت المُناسب لتنتقمي من جنوني ودواعيه؟
هل الآن حقًّا انتصرتي عليّ لتجعلينني ضعيف أمام انعكاس مرآتي؟
رحيل...ليتكِ انتقمتِ بشكلٍ عادل...أيّ عدالة في الخيانة؟
أي محكمة أذهب إليها للإقتصاص منكِ، وكيف لي أنجو من طيف الصّورة؟ أنا الذي ابتعدتُ عن لذّت حُضنكِ.....جعلتيه الآن صرحًا واسعًا لذنوبك؟
دعيني افكّر قليلًا ذنوبك أم ذنوبي؟
أم ذنوب الذين لا يرجون منّا حياة اصلًا؟
كم اتمنّى، اجعلكِ رمادًا في معانيكِ
اجعلكِ تتلاشين مع أُمنياتك التي لم تعد في الأصل أمنيات بل رغبات على مُنحنيات أخرى ربما تُشابه طُرقي القديمة؟
الآن أنتِ تُشبهيني، ولكن بطريقة اكثر قساوة واكثر جرأة.
أخاف من يداي
أخاف من رجلاي، أخاف من عقلي، اخاف من بصري ونظري، اخاف من قلبي، اخاف من ليث يا رحيل، واخاف من رّمادك!
.
.
.
حنين الشوق يُجبرها على لفظ اسمائهم سهوًا، ما حدث لها بالأمس يُجبر خلايا عقلها على الخضوع من فكرت الذّهاب إليهم واحتضانهم وشم رائحتهم دون الإلتفات على ما فعلوه بها من تغرِيب وانكسارات متتالية يتخللها الخُذلان بشكل علقمي مُّر، كل شيء يضّج بالشّوق والحنين ...تاقت روحها لحنان ابيها الذي افتقدتهُ لسنوات ثقيلة مرّت ببطء شديد على قلبها، اشتاقت لنظراته....لمُلامسة يديه وتقبيلها لكفّي لتبّث في روحها اطمئنان البّر..اشتاقت لجدّها ولحضنه الواسع الوفير بالإطمئنان.
اشتاقت اكثر لاحتضانه والبُكاء على صدره وهو يُمسد على شعرها بصمت وكأنه يمتص منها كل حُزنها في تلك اللّحظة، هي بحاجة للحُضن والإحتضان لتهديّة هذا الخوف الذي اخذ يطبّق على عينيها بظلامه.

نهضت لتمشي بخطوات متوجعة من ألم ساقها ...أخذت تعرج...تمشي لناحية اللّواهيب الحارقة....تُدرك غيابها لساعات طويلة سيجلب لها جلبة عظيمة ولكن هي لم تخاف من مواجهة ليث في تبرير خروجها هي تخاف من عودة ستيفن يومًا لتطبيق رغباته!
فإصراره على ذلك مُخيف ومحاولاتهُ لم تضعف ولم تهتز.

الماضي ما زال يقتل حاضرها ويمنع ولادة المستقبل بعنف!
تنهّدت بضيق، قلبها "يرقع" تزداد نبضاته على ألحان الرّغبة في العودة إلى الخاصرة!
إلى الظُلمات الثلاث.....إلى الراحة...هُناك بالقُرب من قلبها، تستمع لنبضاتها لتُهدّأ انفاسها، تتجاهل الضربات والصدمات....تعيش هُناك بالقُرب من روحها.
.
.
.
بالقُرب منكِ يا أمي
بالقُرب من جوفكِ
هُناك حيث لا ألم ولا أمل
لا ظلم ولا جور
أريد العودة من حيث أتيت
أريدك يا أمي
حقًّا أريدك.
.
.
.
خرجت من الغُرفة نظرت لباب غرفته وكان مغلقًا
ولكن ذهنه مفتوح سمع خطواتها وهي تمشي وتعبر من الممر المؤدي "للصالة"
.
.
تمشي على قلبه،"تدعسه" وتُهرس ما تبقى فيه من مشاعر رحمه، اليوم عاصف
مُظلم
مخيف
عليكِ يا رحيل.
دار حول نفسه وهو يستل انفاسًا عميقًا.
.
.
مشت وكأنها تعد أيّامها الأخيرة وتلتقط انفاسها بصعوبة، الآن كل شيء ظهر وبان على حقيقته ، مُتعبة ومنهمكة ألم جرحها يزداد وجعًا وألم ساقها بدأ يتنمّل ليخدّر رجلها ويُثقلها وألم روحها يُسبق أوان الوصول إلى قلبها ليعصف بهِ طربًا مختلفًا في سماعه وفي النظر إليه!

جلست على الكنبة،واسندت رأسها على كفّيها بعد ان شبّكت اصابعها ببعضهم البعض، رغم الساعات الطويلة التي نامتها إلّا انها تُريد النوم ربما على سبيل الهروب من الحياة ومن كل الأشياء المُزعجة.

نظرت للحائط تقلّب بصرها في كًّل الأشياء وكأنها تُريد أن تحفظها في ذاكرتها الصّلبة، تنهدّت بضيق، ثم اسندت ظهرها على مسند الكنب لتُرجع رأسها للوراء وتُكمل مسيرة حفظ الأشياء بعنين تائهتين.

تحدّق لمراحل طفولتها ، تتذكر اقسى اللّحظات التي ابتدئتها مع ليث والنُدبة التي رقدت على خدها الأيمن، تذكّرت صرخاتها" موّتني ارحم لي" اهتّز شيء بداخلها بالأمس لولا بتّال لحدث لها المشهد بطريقة أخرى، ازدردت ريقها ثم أخذت تتنفّس صرخاتها التي لا تهدّأ في إحداث جُرح غائر في خاصرتها اليُمنى تتذكر ندوبات كثيرة أخذت تخط خرائطها ببطء على جسدها بتفرعات لعينة تأبى النّسيان.

كّل شيء بِها مشوّه حتى روحها التي حاربت الآلام في النجاة مشوّهة انغمست وراء رغبة الهروب والانتحار يومًا!
هي لم تعُد رحيل التي تخشى " الضيّاع" في مكان واسع بعيد عن أهلها، فقد ضاعت وهي في حضرتهم، ولم تعد تخشى الموت...بل تُسابقه وتركض وراؤه ولكّنه لا يأتيها!
ابتسمت بسخرية، واغمضت عينيها لتسمع صوت صرير الباب، لم تغيّر وضعيتها في الإستلقاء، لم تفتح عينيها، بل اكملت مسيرة البحث عن الراحة في اغماض العينين، وبدأت تهز برجلها السليمة.
الآن....
في تلك المواجهة التي لا يقوى على ألّا يسميها حربًا، خرج بخطوات متسارعة وكأنه يُريد ان يعجّل في موتها، عبر من الممر لتسقط انظاره عليها مرتخية على الكنبة بكل أريحيّة.

ابتسم بسخرية جريئة، تبدّلت حقًّا من كونها فتاة تضج بالخجل إلى فتاة عديمة حياء، ينظر لها وكأنها مجرمة بحقّه سارقة لكل أحلامه وطموحاته، تقدم لناحية الطاولة التي ابعدها بالأمس لتلتصق في الجدار أمام التلفاز، سحبها على الأرض...
لتترك في مسامع رحيل صريرًا يذكّرها بصوت الضرب على القُضبان.....صوت التعذيب....رغم الصوت مختلف...ولكن تشعر بهِ يتشابه في ضجيجه ما بين جدار خلايا راحتها.....

لا تريد ان تفتح عينيها.....تريد الهروب من رغبتها في العودة....من اشتياقها وعجزها من لُقيا حُضن الإطمئنان!...تريد أن تخبّأ نفسها في ظلام هادىء بعيد عن أنظار ستيفن وعن افكاره المشؤومة تُريد الهروب.
هزّت برجلها اكثر لترتفع مقدارًا ليس هيّنًا عن الأرض، كان ينظر لها، اشعاع توتّرها يصله، ينظر لصدرها يرتفع بضيق وينخفض بثقل.....يدها اليُمنى تشد على بطنها بل على الجُرح ولكن هو لا يدري، وجهها مصفرًا شفتيها متقشرتّان لم تكن هكذا قبل خروجه من حربهما الكلاميّة والتي انتهت بُجملة اشعلت في جوفه النّيران. تقدم إليها...

وضع الطاولة المتوسطة في الحجم أمامها، وجلس عليها، لم تفتح عينيها رغم إنّها شعرت بتواجده أمامها، ولكن ذاكرتها ما زالت تهرب.....تذهب للأشياء التي تُسكن الحنين بداخلها...حتى إنها هربت لحبّها .....لعنفوان شعورها في تملكه في هذه اللّحظة.
ولكن كان يبتعد يُعصي الخيال، يُعصي الأحلام...وهي تُريده .... تريد حًبّها الآن...ولكن يفلت من يديها الصغيرتين يبتعد لتبقى مستلقيّة ومستسلمة لبُعده يرحل ويرتحل بابتسامة باهتة طُبعت في جوف خيالها المتألّم.

تفتح عينيها ببطء شديد على شدّ ليث على فخذها ليمنعها من هزّها الذي يوتّره، رأت وجهه.
حبيبٌ ادخلتهُ في لياليها المُظلمة، صورته كانت مهدئّة للخوف في السجون ، تنظر له وكأنها تريد من صورته التحوّل لواقع، كم مرة وهي في السجن تمنّت ان يكون في مقام ليث بدلًا من ليث نفسه؟ كم؟
لا تدري كم ولكن ربما لو حصت تلك المرّات لعدّت الألف بسهولة!
عضّت على شفتيها ورفعت نفسها، لينتثر شعرها على كتفيها بإهمال، نظر لها ولتقلّبات وجهها....شعر إنّها تتألم.

ولكن هي لم تنظر له بل الألم استحوذ عليها انحنت لتتكأ على يديها وتُمسح على جبينها،
سحب الطاولة بعنف لتصدر صرير غضبه على الأرض وتصطدم في ساقها المُصابة رفعت رأسها بوجع
وتحدثت بانفعال: رجلييييييييييييي.....
ابعد رجلها بيده وهو ينظر لعنيها بحدّه وبنفس يزفره على وتيرة واحدة دون تقطيع! شدّ على ساقها قليلًا ليخرجها من ضيق المسافة بين الطاولة وبين الكنبة كان بإمكانه ان يُبعد الطاولة لتخرجها بسلام ولكن فعل الأمر ليوجع قلبها في الواقع وهذا ما حصل جعل ساقها جانبًا من الطاولة ومستندّة على الكنبة .

ضجّ فؤادها بالوجع، لم تتحمل عضّت على شفتيها، ضربته على صدره وهي تحدّق في عينيه بغضب: قلت لك رجليييييييييييي......بعّد....

لم يُبدي بأي ردّت فعل كان ينظر لها بصمت بينما هي شتمتهُ وهي تعض على اسنانها وحاولت النهوض ولكن مسك عضدها ليجبرها على الجلوس، اجلسها بقوة على الكنبة ثم وضع كفّي يديه على فخذها لمنعها من محاولة الهروب من أمامه.

تحدث بعد أن بلل شفتيه وهو يأخذ انفاسًا بكثافة غضبه
اردف بصوت رجولي لم تعهده سابقًا: لأي درجة تكرهيني فيها يا رحيل؟

رحيل سكتت، نظرت لوجه الشّاحب ولعينيه التي تجدحان بالغضب شعرت وكأنه لم ينم من ذبولهما و ألتمست الغضب والقسوة في نبرته، أدركت أنه ليس على ما يُرام ولكن هذا الأمر يُرضيها...ابتسمت ثم بللت شفتيها، اجمعت شعرها كلّه على جانبها الأيسر وبدأت تجدّله ببرود.

حرّكت اكتافها بِلا مبالاة أمام اشتعال روحه ونظراته، ابعد يديه عنها كتّفهما لكي يُمنع نفسه من الإنقضاض السريع عليها.

بينما هي جدّلت نصف شعرها لتردف: اعتقد تقدر تجاوب على سؤالك بنفسك!

لم يرمش يحدّق في وجهها ولتعبه ولقوّتها التي لا يدري من أين ظهرت الآن وهي مُذنبة ....يريد أن يرى ندمًا وخوفًا ولكن لا يرى سوى العِناد والصلّابة

حديثها هذا ترك اثرًا مأسوايًّا أمام شعوره بالخيانة، وكأنها تستهزّأ به.

تحدث وكأنه يريد منها الإعتراف بالخيانة بلسانها: كُرهك لي حثّك على الخيانة؟....على الإنتقام.....على
وضرب قلبه بصرخة ارعبت فؤادها لأنها أتت بشكلٍ غير متوقع: حرقققققي؟
ميّلت فمها للجانب الأيسر وعقدت حاجبيها، لم تفهم تمويهاته
كانت ستتحدث
ولكن خرج عن طوره وصفعها على وجهها ليُسكتها عن الإستهزاء به، نهض ولم يتحمل التظاهر بالهدوء ركل بباطن قدمه الطاولة لتسقط على الأرض من خلفه وليضج صداها في أذن رحيل التي تألمت من صفعته.
كانت قويّة ومؤلمة لم تجعلها تنزف دمًا لا من شفتيها ولا حتّى انفها ولكن تركت اثر اصابعه على تلك النُدمة التي احتفظت بها لسنوات، حاولت النهوض من على الكنبة
نهضت سريًعا تحاملت على آلامها لتصرخ في وجهه: وش تقصد حضرتك؟......تشك فيني من إني اخونككككككككك؟

ليث دفعها بيده ولكن تماسكت لتمنع نفسها من السقوط، قفزت قفزتين للوراء ثم وقفت لتستمع لصوته المنفعل والصارخ، وجهه بدأ بالإحتقان ليميل للحُمرة صرخ: اي بالضبط يا هانم.......
انفعل بالحديث ليجعلها تقف ثابتة أمامه: أنا تخونيني يا رحيل......بعد كل اللي سوّيته لك.....تخونيني وتجازيني بهالجزاء؟

نظرت لعينيه ولتقدمه لناحيتها، كانت ستنطق حرفًا ولكن سحبها بقوّة لم يترك لها مجالًا في الدفّاع عن نفسها رماها على الأرض، لتعض على شفتيها جُرح بطنها اخرس ألم ساقها بجنون ولكن امتزج بصراخ ليث حينما انحنى عليها لتضج الافكار السوداء في رأسها

: تغرّبت سنين...ركضت وراء ألف محامي ومحامي...عشانك.....حسستيني بتأنيب الضمير......كرّهتيني في نفسي......حرمتيني من أشياء واجد.......بالأخير تخونيني؟....تخونيني بدم بارد...وتوقفين قدامي ولا كأنكككككككككك مسوية شي؟....أي حقارة امتلكتيها من السجن؟....أي مبادىء خسرتيها....وانتي
وصرخ في وجهها: هنااااااااااااااااااااااا ااك....

انحنى وهو يضرب بقبضة يده على قلبها وهي تنظر لهيجانه، للمعان عينيه، لبهذلت حاله وتصاعد انفاسه إلى رأسه، ضربها على قلبها لتفيق على كلماته التي تضرب على أوتارها: تناهقين مثل الحمير بحُبك وخيانتك لي.......لم شفتي الفرصة قدّامك ما وفّرتيها!.......ضربتي بدينك على جرحي الحساس..... ولا احترمتي نفسك ورحتييييييييييي تخونين عشان تشترين بثمن خيانتك لي تذكرة عودتك للسعودية ....يا الـ####....وتخونيني عشان تقهريني وتظهرين قوّتك لي بالباطل؟

رحيل لم تتحمّل هذه الإتهامات الباطلة ولم تتحمّل ثقله عليها كان منحني بثقل غضبه يضرب على صدرها بالقرب من قلبها بجنون، نظرت له لترفع نفسها من على الأرض دفعته قليلًا، استشاطت غيضًا منه ومن حديثه صرخت

: مو من حقكككككككككككككككك تقذفني........وتتهمني بالباطل .....وش اخون ما اخون؟....أنا اشرف منك.....واشرف من افكارك يا المريض....انا جاهدت افكار الكلب ستيفن وحفظت عرضي وشرفي ودفعت الثمن غالي
ضربته على صدره وهي تنفعل بصوت مرتفع:دفعته بمقابل ثمان سنين....تجي الحين انت وتقول لي خنتيني....؟

ثم ارتفع صدرها بغضب وهي تضربه على صدره من جديد ولكن بقوة أكبر: تظن فيني اخووووووونك عشان اقهرررررك؟....منو انت عشان اذنب واقهرك بذنبي؟......قولي منو انت عشان ابيع نفسي وديني....جنّيت رسمي ليث....جنّيت وتبي تجنني معك!

انقضّ عليها من جديد ثبّتها على الأرض ليضرب بيده على الأرضيّة الباردة من ناحية رأسها الأيسر خافت من ضربته وشخصت عيناها
صرخ: وين كنتي فيه امسسسسسسسسسس؟....وين رحتي؟....رحتي لحُبك اللي صرختي فيه وانتي بالمستشفى؟....رحتي لنجاتك وعودتك للسعودية؟

لم تتحمل،هي حاربت من أجل شرفها وهو الآن يتهمّها ببيع هذا الشرف لتشتري به ثمن العودة للوطن؟
رفعت يدها وهي مستلقية على الأرض لتصفعه على وجهه رفعت نفسها قليلًا لتشد ياقته: الله علييييييييييييييييييك يا الخسيس...تطعن فيني وفي شرفي.....تطعن فيني ...ما هوب انا اللي تخون ربها قبل لا تخونك....ما هوب انا.....
ثم حاولت الابتعاد والنهوض لذا دفعته ولكن اعاد لها الصفعة ، وانهضها وحينما حاولت التفلّت منه تلّها معه لتتخبط لجهته.
توجّه بها لناحية الكنب ثم سحب الهاتف من عليه بيده التي تهتزّان، اهتّز جسدها من قذفه ومن غضبه تنظر له ولحركاته تحاول أن تحرر يده من ساعدها ولكن كان يشد عليها بقوة نظرت له وهو يعبث بالهاتف،
صرخت: ابيي ارجع للسعودية .....وابي اطلّق منك...مستحييييييييييل اتم على ذمّت واحد باع نفسه لسنوات وصار رهين لشهواته وذنوبة......والحين جالس يتهمني بالباطل....رجّعنيييييييييي للسعودية.....

لا تدري كيف ألتفت عليها بعد ان ترك يدها ليطبّق على فكّها سريعًا وهو يزفر انفاسًا موجعة لقلبها ازدردت ريقها من نظراته ومن العرق الذي بدأ يهل من على جبينه، غاضب وحانق، وواثق مما يقول هذا ما شاهدتهُ من نظراته التي تحدّقان بها وكأنه مستنكر هذا الكيان....رفع شاشة "الجوال" أمام عينيها
صرخ: هاااااااااااااااا؟....اتهام ي الحين باطل ولا لا؟

تحوّلت انظارها للشاشة، نظرت لنفسها وهي تحتضن بتّال.....والآخر يدس وجهه في شعرها، اقشعر جسدها وارتفعت حرارته، حاولت ان تزدرد ريقها ولكن عجزت، شعرت بالغصّة، بالخطر والخيانة، ادركت امور كُثر من الصورة ، نظرت للّبس الذي ترتديه هي لم ترتدي هذا اللّبس....لحظة....هذه ملابس رجاليّة؟
شهقت....خافت من ان ....هزّت رأسها تُنفي الأمر كلّه...هل اعتدى عليها؟.....هي استجارت بهِ من أجل ان ينقذها من ستيفن ...لم تردف قائلة له انقذني ولكن افعالها.. توتّرها وخوفها يطلّبان منه ذلك...ماذا حدث؟ ......ولكن كيف تنسى كان بينهما الشيطان وإن كانت مُجبرة على البقاء معه في الشقة خوفًا من العدو؟.....هل نست...ما اجتمع اثنان إلّا وثالثهما الشيطان.......هل الشيطان وزّه؟......هل نفسه الأمارة بالسوء بدأت تأكل عقله ليستغل ضعفها.....اجتمعت الدّموع في عينيها...اهتّز كيانها...نظرت لليث الذي ينظر لها دون أن يُرمش

سحبت الهاتف من يده ورمته على الارض بقوة وهي تصرخ: كذب....الصووووورة كذب....ليث...
نظرت له
ولبهوت وجهه واختناقه من ردّت فعلها التي زادت الأمر سوءًا، وكأنه فهم برهانها العظيم على وقع اوتار خيانتها له....طبّق على عنقها والقاها على طرف الخيانة ليصطدم ظهرها في حافته ثم سقطت على الارض وانحنى

: تخونين ليث؟.....ليث اللي تعب وهو يحاول ينقذك....ليث اللي هرب من اهله ومن صوت ضميره.....تخونين ليث...اللي ما قدر يواجهك وانتي داخل السجن ولا قدر يطالع بوجهك مستحي من احساسه بالذنب!.....تخونين يا رحيل...وتضربين على قلبي بأوجاعك؟....تنتقمين......مني.... ...وأنا مالي ذنب؟!

شدّت على يديه، نظرت له لتنساب دموعها، هي مذعورة من فكرت اغتصاب بتّال لها ومن كونها ساذجة اتبعت خوفها في البقاء في حضرته!، هي موجعة الآن ومنخرسة من انخداعها ومن فكرة تعاون بتّال مع ستيفن، حاولت تُنطق الكلمات بصعوبة وليث يطبّق على عُنقها
كانت تضرب برجلها السليمة على الارض وتشد على ساقيها بألم الاختناق: لللليث.....
ترك عُنقها بشكل مفاجأ لتكح وشدّها من ياقة بدلتها قرّبها إليه صرخ: وش اسووووووووي فيك؟...اذبحك...تبيني ارجعك جثّة للسعودية؟.....قوووووووولي لي وش اسوي فيك يا الـ#####.

مؤلمة شتيمته ، مؤلم حالها وانكسارها، لا تدري هل فعلًا بتّال اخذ ما حاولت الحفاظ عليه أم لا ؟...لا تريد ان تؤكد اغتصابه لا تريد
هزّت رأسها وهي تردف مع اصطكاك اسنانها قلقًا من خديعة بتّال: والله ....والله ما خنتك.....اقسممممممممم بالله .....ليث...طلعت اشم هواء.......هذا هذا صدمني والله والله.....وعوّر رجلي......رحت المستشفى ليث.....رحت.....ليـ...
كمكم فمها بيده والاخرى تشد على ساعدها انهضها من على الأرض وهو يصرخ: اششششششششششششش...مابي اسمع صوتك...
ثم امسك بعضديها ليهزّها للأمام والخلف دون عقلٍ منه ولا تفكير: على الأقل فكّرتي في ابوك.....اللي هناك منكسر وهاد حيله المرض.......كان فكّرتي بخالتك اللي تعدّك مثل وصايف وزود.....عينها ما جفّت عليك...تبكي صبح ومسا......تبكي بوجع ...خاطرها بس تسمع صوتك.......وريّان المسكين......اللي ما طحتي عن لسانه......قلبه متفطّر عليك......وفهد ساكت وياكل بنفسه......الكل هناك.....اللي ساكت واللي يكّلم واللي مقهور.....ما نسوك....متحسرين على اللي صار عليك...

كانت تهتز معه كجذع نخلة جرداء، تكتم آهات أوجاعها تُدير دموعها من السقوط رغم أنّ قلبها يهوي بأوجاعه، جُرحها المرتسم على النّدب الحمقاء أخذ يضج بأنينه ، تخشى من أنّ الغُرز فُتِحت مع حركاته العشوائية، ساقها لم تتحمل الضغط ولم تتحمّل سطوة غضب ليث، لُوِيّت ساقُها وكادت تسقط للأمام ولكن رفعت يديها كرد فعل لا إرادي ووضعتهما على صدره وتشبّثت بياقته، خانتها الأفكار ، خانتها نفسها لتُصبح ضعيفة أمام فكرة الإنخداع بكل سذاجة، اسندت جبينها على صدره، تنفّسها بات مسموعًا لهُ هل انتهت القصّة هُنا؟ هل تم تطبيق حياتها وتطويقها في ضياع شرفها؟ مقهورة...توّد لو تصرخ....لو تقتل ستيفن وبتّال....ضربت جبينها على صدره بشكل متكرر تريد مخرجًا من فكرة الإغتصاب!
.
.
.
قلبي هذه المرة يصرخ ويبكي....يحاول القفز من قفصيّ الصّدري أُمّاه أنا حاربت الظنون والرّغبات، أنا جرحت الصدمات، لم أريد أن أكون عارًا على نفسي قبل الجميع، تحدّيتُ قوّتهُ الرجوليّة حتى كادت عظامي تنطحن تحت سطوة كفّيه أُماه، كُنتُ خائفة من عدم نجاحي في الهروب
عقلي كان بهِ كهرباء الخوف وعدم حسن التصرّف ولكن حاولت، حاولت بجلّا شعوري من الخروج من وحل افكاره، من الهروب من عينيه اللّتان تسترق بنظرها الحرام خوفي.
قفزت من مراحل الخوف يا أُمّا لا أدري كيف أتتني الجُرأة في حمل السّكين، لطعنه!
طعنتهُ يا أمّاه لكي احضى بنفسي، ولكن لم احضى بشيء بعدها
خسرتُها في قيعان السجون.
النّفْس، الرّوح والنّفَس كُل شيء في لحظتها توقّف، غادر جسدي ليُبهت ردّات فعلي!
تذوّقت العجزُ الذي حاولت الخروج منهُ ولم استطع، تعايشتُ معه على أنماط التكيّف اللّامعروف.
تكيّفتُ على بُعد أبي وخالتي وفهد وريّان وصايف ومناهل وحتّى جدّي
تكيّفت ولكن لم أنساهم يا أُمّاه، حاولت الوصول إليهم ولكنني عجزت
كل شيء بداخلي وحتى ظاهري تحطّم، اشعر أنّ روحي مسجونة في قارورة زجاجية لا تعكس الضوء أبدًا ولا تُعكس حقيقة ما يحدث خلف اسوارها.
يُبقيني الألم على العَيش، على خلق جبروت ضعيف بداخلي، ينتشلني من صمت التردّد والخوف إلى أعاصير الرفض والأخذ والعطاء.
ولكن الآن....الألم...شلّا لساني هل خدعني؟....هل سلب منّي شرفي....اذكر إنني ارتدي ملابسًا مغايّرة عمّ في الصورة؟....هل....لا استطيع أن أُكمل فوضاويّة افكاري....لا استطيع ان اربط ما حدث لي بالأمس بماضيّ الذي اخذ منّي الكثير
ولكن فهمت أنا الآن هدف احدهم، أنا مستهدفة من قِبل ستيفن
وجودي في هذا البلد يُعني الموت، أريد العودة للسعودية
وهُناك نتصافى يا ليث، ولكن ارجوك اعطيني مجالًا لإستيعاب عظائم الأمور، لأنثر حُزني عليك بلا مبالاةٍ مني، امهلني....دعني ألتقط انفاسي....دعني ألجم رجفاتي....دعني ألّا ابكي!
.
.
.
ارتجف جسدها، وابتعد خطوة عنها لكي لا تضرب جبينها على صدره ولكن رفعت رأسها المشحون بالضيّاع شدّت على ياقته بألم تعضّ على طرف لسانها لتمنع الآهات من الخروج، تزدرد ريقها، تحت سماع انفاسه التي تخطف من انفاسها الشيء الكثير
: اسمعني ....ليث....ما ادري كيف صارت الصورة؟....ولاني فاهمة شي من اللي صار لي أمس...

تجر أذيال الخيبة للتقدم لناحيته وهي في اللّاواعي منها تُعقد جبينها لتطأطأ برأسها وتُحفره في صدره وهو واقفًا تتدلّى يديه على جانبيه ينظر للّاشيء ويستمع لصوتها الذي يُزيده وجعًا
: اقسم بالله طلعت....رحت لماري في السجن..... بعدها خرجت وهذا صدمني بسيّارته...عوّر رجلي ليث....حتى شوفني...
ثم ابتعدت لتخطو خطوة للوراء وهي تعرج: ما نيب قادرة امشي عليها....
رمشت مرّتين وهو يتقدم لها وكأنه يريد الإنقضاض عليها من جديد، اعطاها فرصة كبيرة للحديث والآن اتى دوره
ولكن تحدثت سريعًا لكي لا يُقاطعها: ودّاني المستشفى....هناك صارت اشياء ما فهمتها...فجأة طفا الكهرب....وفجأة صار هو يحميني...يا ليث.......
ثم ارتفعت نبرة انفعالها مع ارتجاف جسدها: وفجأة يطلع ستييييييييييييييفن ....ويبيني؟........أنا وين ما رحت صرت اشوفه يا ليث......وهذا حماني منه......لكن طحت اي طحت في الشارع ودخل في بطني شي....ِشوف....

رفعت بذلتها لِتُشير للجرح الذي أُحيط بدم يبس حوله، نظر لكل هذا، ولكن عقله ثابت حول ما تقول، وكأنها اصابة عقله في مكان حساس ومؤذي.

: مادري شصار ليث....ستيييييفن هجم علينا....واطلق النار...كان بموّتني....وهذاك حماني.....من زود الألم ما قدرت اتحمل ...ومن خوفي اغمى علي وصحيت إلّا انا بشقته بس اقسم بالله......ما صار شي....جاب لي ممرضة خيّطت جرحي......عطتني مهدأ بعدها نمت...وجلست وجيت لك....ما ادري وش صار...الصورة مو صدق ليث...مستحيل.....تكون صدق.....

ينظر لرجفة شفتيها، لهزّها العنيف لرأسها من عدم تصديقها بالصورة، كفيها تحرّكهما أمامه بعشوائية وجنون، اقترب منها، وهو يرمش ببطء، هل تُعني ما حدث لها مقصود؟ ولكن ابا سلمان نفى ذلك بالأمس،
هل تؤلّف خُرافة لكي تحقن بها دمها منه؟



: اعرف اسم المستشفى نروح فيه عشان تتأكد كنت امس هناك....
ارتفع صدرها وهي تتحدّث بوجع: ليث.....والله .....انا لو ابي اقهرك......ما ارمي نفسي بالنّار...لأنك ولا شي بالنسبة لي...اقهرك وانت قدامي...وانا قادرة على هالشي......مستحيل اخون على مبدأ اقهررررررررك.....الخيانة تركتها للنّاس للي ما تحلل ولا تحرم انا اقدر اقهرك بدون ما اخون!


وصل أمامها تمامًا واصبحت هي خلف الجدار، ضحك بقهر على جُملتها" ما تحلل ولا تحرّم" شعر للمرة الألف أنّ ذاكرته تعود بهِ للوراء، ما تصفه وما تقوله يُشابه ما حدث لأمل
انقاذ
وحماية
ثم إنقضاض بِلا رحمة!
ودّ لو يصرخ، ولكن بدل الصّراخ ضحك على حديثها وعلى نفسه وعلى المجازاه من جنس العمل لو كان الأمر حقيقة ولم يكن من تُرهات عقلها في تبريّة نفسها من الخيانة!
بدأ يفكّر هل اغتصبها؟ لتقف أمامه بقوّتها هكذا، واثقة من نفسها لا تخاف منه ولا تخشاه، تردف الحديث مطولّا وعينيها ثابتتين في عينه ، شدّ على شعرها وألصق ظهرها في الجدار وبيده اليُسرى ضرب على صدرها وهو يتذكّر امرًا آخر، إن لم يكن الموضوع اغتصابًا سيكون.....غصّ فيها ولكن وقوفها هكذا يُعني الرّضا بين الطرفين.
غضب
: هذا انتي حللّتي على نفسك ما حرّمه الله!.....بديتي بخيانتك من هنا!

مسكت كف يده ونظرت لعينيه بعينيها الجاحظتين
وبهمسها: ما اعتبرها خيانة.......دامني ما حبيتك....ودامني ما اعتبرتك زوج لي رغم عقد النكّاح اللي بينا!....أنا ما اؤمن إني خنتك.......مشاعري هذي قبل لا ازوّجك يا ليث...تركتها معي تكبر...والظروف اجبرتني اتمسك فيها....رغم إنها مستحيلة......والإجتماع مع هالحُب صعب......بس لا تجلس تعاقبني على شيء مالي دخل فيه........قلبي هو اللي اختار......بس الظروف استحلّت مشاعري وبعثرته!

قويّة، تُثير بهِ ألف غضب وشعور، تعترف أنها مؤمنة بحبها ومخلصة له
تعترف أنها لم تراه بعين الزوج يومًا، تعترف انها تكره، سكت، ينظر لها بثبات كُرهه الذي وُلد في هذه اللّحظة
اقترب منها ليدفعها على الجدار ويصطدم قلبها فيه!، حاول ألّا يصدّق معادلة " كما تُدين تُدان" شدّ بكف يده الأيسر على فكّها

: منو هذا؟.....لا تحاولين تألفين علي قصص.....ولا تحاولين تماطلين معي.....منو هذا اللي تحبينه وركضتي وراه......منو اللي خنتيني معاه.......منو اللي اعتبرتيه زوج لك.......منو هذا اللي يسكن قلبك؟

نظرت لعينه اليُسرى التي تضج بالقهر بللت شفتيها وهي تبتسم بخُذلان الحياة لها، من المستحيل الإعتراف، ليس سهلًا.....الأمر سيكون اصعب من وطء الخيانة نفسها، اغمضت عينيها، تخيّلت لو اردفت باسمه....حتمًا وإن كانت بريئة لن يتقبل الأمر وسيقتلها وربما سيقتل الآخر.....هي ليست أنانية لِتُثير العداوة بينهما....هي تريد فقط الحريّة والعودة إلى حيثما كانت....تريد اطمئنان......يكفيها حربًا......طاقتها نفذت من مواجهة الحروب!

تحدثت ببطء شديد: الحُب اللي اتكلم عنه يا ليث......بعيد....عن العين لكنه .....قريب من القلب.....بعيد مثل بُعد المسافات اللي بيني وبينك!....ما هوب هنا يا ليث....والله ما هوب هنا....وأنا ما خنتك بهالجسد....والله ما خنتك!


تُقيس بعده عنها ببُعده"هو" رغم قُربه إليها، وكأنها تقول رغم" قربي لك..والله ما تطولني..ورغم بُعده أطلت حُبّه" صرخ في وجهها لا يتحمل أن تتحدّث عن مشاعرها الجيّاشة نحو رجلًا غيره،هو ليس جدارًا لا يحس، يختنق من اعترافاتها ومن قوّة تبرئتها من الخيانة
تقهره، وتُثير رغبته من الإقتصاص منها، بُعده عنها ....كمقصد بُعد الجسد عن الجسد.....ولكن بُعدها عن ذلك الرجل كمقصد بُعد الروح عن الجسد الأمر يختلفان ولكن كلاهما في النقطة التي تستفزّان من رجولته الشيء الكثير، وها هي قد عبثت على اوتاره التي لا تتقبّل هذه الكلمات القاسية،
: تعترفين لي بخيانة قلبك لي؟......جالسة تستفزيني.....جالسة تهَيئيني لسرد خيانتك الجسدية ولا تبيني اقتنع بس بخيانتك القلبية؟

صرخ في وجهها: ليت ابببببببوك يجي يشوف بنته....كيف فصخت عقلها...ودينها....كيف تشاطر الأحكام على مزاجها وكيف تحط لها مسميّات بكيفها.....ليته يجي يشوف كيف تقسمين الخيانة على هواك وكيفك!

رحيل ببرود وهي تحاول ابعاد يده عنها رغم الانكسار الذي حدث بداخلها بعد رؤيتها للصورة: ما شاطرت الأحكام....ولا فصخت ديني......روح تأكد قبل من الصورة.....وتعال بعدها حاسبني.....يا ليث....

ليث بفحيح وهو يطبّق على عنقها من جديد: أنا لو بحاسبك الحين.....حطي ببالك باحسابك على اعترافاتك الواطية!

ثم ابعدها عن الجدار واعادها عليه بدفعه القوي حتى بها اغمضت عينيها صرخ: منو هذا؟......قولي لي اسمه لا والله يا رحيل اذوقّك المُر!

رحيل سحبت هواء عميق لرئتيها لتُسكت الألم
وضعت يديها على صدره تحاول ان تُبعده عنها ولكن شدّ على يدها اليُسرى وألواها قهرًا لتصرخ
وهو يندفع بسؤاله: قوووووووووووولي لي مَن هو؟
رحيل
.
.
الحُب ليس اختياريًّا، هكذا قرأت يومًا في بعض الكُتب
ولكن انا اقول في بعض الحين نختار الحُب على حسب الظروف، أجل لم يكن اختياريًّا وانا فتاة الرابعة عشر من عمري، حُب من تُرهات المُراهقة التي تضّج بمُختلف المشاعر قد يزعلن المراهقات الآن حينما اسميت حُبهن بالتُرهات ولكن اقسم لكّن الشعور ليس نفسه!
شعوري أنا الآن مُختلف تمامًا عن شعوري وانا مراهقة تحلم بحبها بحالميّة رقيقة، أنا احببتهُ حقًّا وانا في السجن ....الحُب لا يتطلّب لقاء.....أو اتصال سمعي أو حتّى جسدي!....إنّما الحُب شعور....من اعماق القلب ينبت....ويتفرّع في جذوره....اخترتهُ أنا ليصبح أؤنسي وأنيسي بين طيّات السجون، خبأتهُ في صدري ....وحلمت بهِ مرارًا وتكرارًا .....كُنت احدّثه ما بين نفسي .....احدّثه في اوقات فُقداني لمعاني الثبات......اخبره بكل ما حدث...حتى ظننتُ إنني اصبت بعلل في عقلي.....تمسكّت به....لأنني شعرت بقيمتي...أجل اردت العيش من اجل هذا الشعور.....اتناقض واتأرجح بين الفينة والأخرى ولكن دعكن من تناقضاتي .....ودعوني اخبركن فقط عن ثباتي في هذا الشعور.....انا ثابتة أمامه رغم إيماني الشديد في عدم لُقياه اصلًا، ولكن هل سمعتن يومًا عن شخص يعذّب نفسه بمشاعره؟ ربما أنا هكذا ولكن أنا اتخبط بين ألم الحُب وبين أمله! لذلك لا تنتابني الرهبة من فكرة تعذيب نفسي بهذا الشعور أبدًا.
.
.
اغمضت عيناها: اسمه ما بسوّي شي!....لأنه حبي من طرف واحد ....وحبي مستحيل....وحُبي ناقص.....هو ماله ذنب بمشاعري.....ما يكفيك هالشي؟....ما يسّر خاطرك؟.....هو ولا درى عنّي....ويمكن تزوّج ....بس انا عاجبني الشعور....يحسسني بقيمتي في الحياة...يحسسني إني اعيش يا ليث...وإني ما فقدت كل احاسيسي وانا في السجن!

فتحت عينيها لتنظر لوجهه القريب منها: كلكم كنتم وما زلتم بعيدين عنّي.....إلّا هو كان قريب منّي بالحيل....رغم بُعد مسافاته!
سحب نفس عميق، ولم يتردد في صفعها على وجهها من جديد حتى انحنت للجهة الأخرى، ارتفع صوت ضحكها وانسابت دموع عينيها.
.
أنا اريد البكاء اصفعني يا ليث
اريد ان أتالم من صفعاتك بدلًا من فكرة الإنخداع من قبل ذلك الوحش
اصفعني!
.
مالت بشكل يهيّأ لسقوط جسدها الهزيل ولكن ردفه باليد الأخرى ليهزها وهي تضحك ودموعها تنساب بكثافة لم يعهدها يومًا، ثبتها على الجدار ثم سحبها إليه وعاد يدفعها على الجدار من جديد كررّ الأمر ربما اربع مرّات يريد أن يُخرس ضحكاتها التي تستفز شعور غضبه بمقابل انتصارها عليه ولكن هي استمرت
تضحك ودموعها تُغرق وجهها لتصل إلى كفّي يديه
سحبها من جديد لتضرب بجسدها على صدره ليصرخ ينهيها عن الضحك بسؤاله: وش اكككككثر شي تخافين منه؟
نظرت لعينيه وهي تحرّك اكتافها بابتسامتها البلهاء وسط احمرار وجهها وانسياب دموعها
اكمل بغضب: أنك ما تشوفين وجهه صح؟

عادت تضحك من جديد وكأنها تستهزأ بهِ فسحبها من يدها اليُسرى وهي تتخبّط في مشيها ، حاولت ألّا تسقط وإلّا سحبها دون ان يرف له جفنًا على الارض، بينما هو قلبه تآكل ولم يبقى منه شيء، سحبها من عضدها في الممر، وهي تتنفّس بصوت مسموع اخيرًا توقفت عن الضحك والجنون، وصل إلى الغرفة فتحها ورماها على الأرض، لم يتحدث ولم ينبس بكلمة واحدة سحب المفتاح ثم اغلق عليها الباب واقفله
صرخ: عيشيييييييييييييييييي شعور السجن مرة ثانية يا رححححححححححححيل....انا ما نيب عاجز ادمر حبّك اللي توسّط في قلبك ولا نيب عاجز من إني اذبحك....بس بتركك تعيشين معنى السجن من جديد بطعم ثاني .....والله لا اقهرك مثل ما قهرتيني!

ثم ذهب للجهة الأخرى هُناك واقف أمام زر الكهرباء التّابع للشقة بأكملها، اغلقه، وهو يتنفّس بعمق شديد، ثم دخل غرفته لا يريد البقاء هُنا.. أخذ هاتفه ومفتاح سيارته ثم خرج من الشقة
.
.
.
اعدمت بداخلي ألف شعور وشعور، أجل ....أنا لم احرّك بداخلها سكون المشاعر...تلك المشاعر تحرّكت مع حُبّها المزعوم، ايقظتها مع تخيلّاتها اللعينة
ركنت وجودي في زاوية المهملات، لم تقدّر هذا الزوّاج ولم تحترمه!
وإن كان حقًّا ما حدث لها تخطيطًا من قِبل ستيفن سيتبيّن الأمر سريعًا...ولكن ما جعلني اختنق حديثها واعترافها بحُبٍ استوطن قلبها لسنوات....لعقلٍ يشرد إليه هروبًا من الواقع!
احرقتني رحيل.....احرقتني بحرارة رمادها....جعلتني اختنق واتوقّف عن خنقها.....لا اريد منها الموت....سأجعلها تموت قهرًا....ولكن ليس الآن....لا اريد ان تُحرق مخططاتي من العودة للسعودية.
.
.
ركب سيارته واسند جبينه على المقود، يتلاشى بحديثها ويغرق ولا يطفو منه، لمست جزءًا كبيرًا من رجولته، هي تراه لا شيء مجرّد كائن زائد في حضرت حياتُها رغم مافعله لها، لا يهدّأ بهِ عواصف كثيرة تحثّه على العودة لقتلها، ولكن سيجعل الظلام يقتلها والحبس يطوّق خصرها ليعتصره ويفتت عظامه بصمت، تنفس بعمق واخذ يزفر الهواء ببطء شديد، انقبض قلبه وشعر بوجعه، ارجع نفسه للوراء اسند رأسه على المقعد نظر للشارع ببهوت
.
.
.
الخيانة لا يشترط أن تكون بالجسد، ربما تقع بوقوع الروح والقلب....بينما الخيانة تأكل من الرجل الشيء الكثير وتبعثر تُبعاتها حياته على طُرق متفرقة ومقصودة في التدمير.
رحيل ....اقبلتِ عليّ بأعاصيرك المُلهبة ...ألهبتي قلبي وعقلي.....لم تجعلي مني شيئًا سليمًا ولكن اقسم
إن تبقى منكِ وجودًا أنا من سيعدم هذا الوجود!
.
.
.
سحب هاتفه اتصل على أمل
اجابته الأخرى : هلا ليث
ليث بصوت تعب: وينك فيه؟
أمل وهي تقود سيارتها وتنظر لركان: رحت لركان خلصت اجراءات الخروج والحين بروح للشقة!
ليث زمّ شفتيه: مو المفروض يطلع الظهر؟
أمل : اي بس جا الدكتور على غير الموعد....والحمد لله انهينا الإجراءات....
ليث لينهي المكالمة: راح اجيكم أنا بالطريق...
أمل : طيب...
اغلق هاتفه وقاد سيارته مُبتعدًا عن ألسن النّار الناطقة من رحيل.
.
.
.
قامت بطٍّي جزء من (طرف الجينز) الذي ترتديه لتكشف عن ساقيها، والأخرى رافعة جزء بسيط من (تنورتها) إلى للأعلى فقط من اجل ألّا تتسّخ ولا تترطب بالماء، وأخرى في زاويتها تُمسك بعصا(المكنسة) وترقص على ضجيج الأغنية التي قامت بتشغيلها، فجأة دخلت عليهن الأخرى، وهي تهز بخصرها وتتمايل بشعرها يمينًا ويسارًا...
تقدّمت لها هيلة وهي تحرّك يديها بكل حذر من أن تنزلق رجلها في الأرضية الرّطبة
ألتفتت عليهما: سكّنهم في مساكنهم ....الحمد لله والشكر بس....
ألتفتت عليها أختها هيلة وهي ترفع صوتها وتردف مع كلمات الأغنية
وصايف اخذت ترقص مع عصا(المنشفة) تدور معها، ترقص على نغماتها برّقة وفجأة ابتعدت خطوتين للوراء وانزلقت رجلها اليسار وسقطت على جانبها الأيمن.
عهود: ههههههههههههههههههههههههه ههههههه.......قلعة اتركي الرومنسية الحين تفيدك ....
اصايل ابتسمت رغمًا عنها اقتربت منها وساعدتها على النهوض: قومي يا غبية...تعوّرتي؟
وصايف عقدت حاجبيها وضحكت في الآن نفسه: ههههههههههههههه وربي انطحنت عظام خصرتي.......
اصايل بجديّة: نظفوا المطبخ.....خلاص عاد بسكم لعب... نشفوا الماي لا تدخل جدّتي وتطيح...بروح انا زيّنت القهوة والشاهي بجلس مع جدتي وجدي .......انتوا نظفوا وتعالوا بسرعة.
ثم التفتت على هيلة: قصري على الصوت وربي جدّي بيشب علينا ترا...ما يحب الإزعاج...
هيلة نظرت لها: اطلعي انتي وما عليك...بنسكر الباب....
اصايل بتنهد تشعر أنّ مزاجها لم يعود كما كان خاصة بعد معرفتها بالحقائق التي تخص رحيل هزّت رأسها ثم خرجت
وصايف: بالله دامها طلعت خلونا نسوي ملعب صابوني هنا....
عهود بجدية: لالا....بالموت نشّفنا الارضية.....
هيلة: انا تقطعوا ايديني من التنظيف....حنا جايين نستانس ولا ننظف...
عهود: هههههههههه الاثنين...
وصايف نظرت لملابسها المبللة: اقسم بالله مادري وش الحكمة لجينا جدتي تعفي الشغّالة من الشغل...وتحّك وجهنا حنّا....
عهود وضعت يديها على خصرها: ما عرفتي جدّتي يعني؟......تبي ترفع علومك حبيبتي....
ضحكت هيلة هُنا: هههههههههههههههههههه تخاف نصير رفلات.....على قولتها
وحاولت ان تُنطق بنفس نبرتها: يوم امك كبرك تزوجت وكانت تعرف العلوم الزّينة ليتك ماخذه من سنعها بس...
ثم كشّت بيدها على وجههما...
عهود: زين منها ما اجحدت....
وصايف : ههههههههههههههه لا الحلو في جدّتي ما تبخص حق احد.....المهم بطلّع الزبالة.....خلاص نطفتوا الزبايل ولا لسى؟
هيلة هزت رأسها: لا باقي.....بروح اشوف الحمامات...
وصايف نفخت: اااااااااف انتي بطيئة....
هيلة : لا تنافخين....لا اكوفنك....
عهود: ههههههههههههههههه فصلت....
وصايف: ملاحظة اخلاقها قفلت......المهم بروح غرفة جدّتي بكنسها على ما تخلصين .....
عهود: طيب
.
.
ابتسم في وجهها وهو يرتشف من القهوة الشيء الكثير
: والله يا بنتي ....قهوتك وش زينها....
الجدّه بتشجيع: وريحتها ما شاء الله تبارك الرحمن ترّد الروح.....
اصايل ابتسمت بخجل: والله ما في مثل قهوتك يا أميمتي....
الجدّه ابتسمت لها: لا الواضح قهوتك بتغطّي على قهوتي...ولا شقلت يا بو عبد الرحمن....
الجد نظر لها وضحك بخفة: لا عاد...ما على قهوتك زود......قهوة بنيّتي اصايل زينه لكن قهوتك ازين...وتذكّرني بأيام الدّيرة....
ضحكت اصايل هُنا
لتردف جدّتها: إلا ما خلّصوا هالرفلات؟
اصايل تعلم نصف ساعات التنظيف اصبحت للّعب والضحك والسخرية لهذا اطالوا الأمر
: لا باقي ....اشوي ...بس انا قلت ازيّن لكم القهوة والشاهي وارجع لهم....
الجد وضع يده على فخذها: لا أجلسي....من زمان عنك يا عيني انتي...
الجدّه ابتسمت لها بحنيّة: اي والله من زمان عن هالوجه الحسن....
الجد نظر لها: طمنيني على ابوك...اليوم ما مر علي.....
ثم همس: شكله شايل علي بخاطره...
الجدّه لم تردف بأي حرف
اصايل: بخير ....
الجدّه بهدوء: وامّك ان شاء الله انها بخير....
اصايل: اي بخير.....كلنا بخير يا جدّه...
الجد التفت على حسنا: إلّا صدق....نسيت اكلّم ريان....
الجدّه ضيّقت عينيها: وانا قول ورا ما جا...وانا قايلة لك كلّمه منذ مبطي.....
اصايل بضياع: محتاجين شي يا أميمتي؟
الجدّه: نبيه يجيب لنا من العسل الطيّب.....وين صار لي اسبوعين اذكّر جدّك بس جدّك لاهي ...
الجد بتنهد: يبه اصايل جيبي التليفون وازهمي عليه....
اصايل نهضت : طيب...
.
.
لم يتبقى سوى القليل، اخذت تنشّف الأرضية باجتهاد مبالغ فيه لا تريد أن تبقى قطرة ماء على الأرض لكي لا تتسبب في انزلاق رجلي جدّتها أو جدّها، وحينما انتهت اتجهت لناحية هاتفها وضج رنينه
نظرت للاسم اجابت: هلا نواف...
نواف يأكل في نفسه، يؤلمه أن يصفعه أبيه وهو في هذا العُمر، ويؤلمه أن تحدّثه أخته دانة بكل شرر وترفع يدها الأخرى عليه
اخطاؤه كثيرة ولكن لا يهمه، علم بتجمّع الفتيات في بيت الجدّه
وشيء بداخله يحثّه على رؤيتها رغم أنه وعدها لن يفعل شيء جنوني لابعادها عنه!
وهو كما وعدها لن يضرّها ولكن يريد أن يراها حتى لو من بعيد
فقال: بتجين البيت اليوم؟
عهود: لا متفقين ننام ببيت جدّتي....ليش تسأل؟
نواف بارتباك: لا بس ...كذا.....
وبكذب: كان عندي واجب ابيك تساعديني فيه....
عهود بهدوء: السبت اشوفه لك......
نواف: طيب باي...
كان يريد منها مخرجًا غير مُباشر لمعرفة هل يستطيع فيه لُقيا وصايف أم لا ولكن لم يستطع ان يسترسل في اسالته شعر أنه سيُفضح!
ها هو دخل من الباب الداخلي لمنزلهم والمطّل على منزل جدّه مشى من الجهة الخلفية بحذر بعد أن اغلق باب منزلهم بخفة لكي لا يصدر صوتًا إلّا انه اصدر ولكن صوت خفيف ربما لن يسمعه احد
اكمل خطواته ودخل في المخزن الخارجي، سيراقب الأمر، لن يذهب قبل أن يراها، لا يدري بهِ شعور يدفعه للأمر الجنوني هذا يريد ان يرى وجهها أو حتى يلمحها
يُريد أن يُطفأ هذا الغضب من الجميع، برؤيتها
ويريد أن يهدّأ بحسن النظر إلى براءتها!
.
ازاحت الأوراق الممزّقة من تحت السرير وكانت نشرات طبيّة ابتسمت هل جدّتها تمزقهم وترميهم هُنا؟
رمتهم في القُمامة وتابعت التنظيف، رفعت رأسها، ونظرت لصورة تُجمع جدّها وجدّتها حاملة في حضنها أختها رحيل ربما رحيل وهي في هذه الصّورة تبلغ من العمر اربع سنوات، تنظر للكاميرا بوجه مبتسم، جدّتها تنظر لرحيل والجد ثابت أمام الكاميرا وكأنه لا يريد أن يُرمش، توجّهت لناحية الصورة ، شعرت بشيء بداخلها يدفعها للنّظر لأختها، هُناك حنين لا تجرؤ على اظهاره لأنها تعلم والدها يختبص حينما يسمع اسم رحيل وتظن تؤلمه هي بذلك ربما اشتياقه لرحيل جعله لا يريد ان يذكر اسمها في حضرته لكي لا يتوجّع!

رحيل مربوطة في ذهنها بتذكّر مناهل، اجتمعت الدّموع في عينيها اشتاقت لمناهل واشتاقت لرحيل ومحبّتها لهما، مناهل رحلت سريعًا وفي وقت قياسي من غياب رحيل، لم تتخيّل يومًا ان تنفصل عنها تموت قبلها ترحل هكذا بشكل مفاجأ وهما اللّتان خططا خططًا بريئة سويّا، خططا على أن تُكملان الدراسة معًا...كانتا تطمحان في دراسة الطب.....وكانت رحيل تُدعم فكرتهما بشكل كبير....شرت لهما ألعاب كُثر ليطبّقا بها الناحية العملية من تخصص الطب!
...وكانت هي المريضة...ومناهل الدكتورة....ووصايف مساعدتها في المجال....تلعب معهما ولا تنفصل إلّا عند مجيء ريّان.....في الواقع ريّان هو من يسحبها عنهما
بقوله"ما عدتي بزر تلعبين مع بزرات" ثم يضحك على تجهّم وجه مناهل وانفعال وصايف، بكت
تريد مناهل ورحيل، تريد حياتهم السابقة تعود، اشتاقت وكثيرًا اشتاقت لتلك الأيّام.
بللت شفتيها، سحبت نفسها من الغرفة على نزول هيلة التي تقول: جمّعت الزبايل...وطلعتهم برا ...خلاص روحي سبحي وبدلي ملابسك...
دون ان تلتفت عليها اردفت: طيب...بس بودّي المنكسة في المخزن ......
هيلة بتذكر: اي تذكرت ...اجمعي المكانس الخشبية كلهم ووديهم عشان جدّي لا يخليهم يرقصون على ظهورنا......ما يحب الزحمة في المطبخ...يحب كل شي في مكانه.

وصايف بللت شفتيها: طيب...
ثم هربت عن انظار هيلة التي ارتفع صوتها وهي تدخل للغرفة في الجهة الأخرى: ارحبببببببببببببببببب حيّ هاللّحية الغانمة......
جدتها نظرت لها: خذ لك جاتنا المرجوجة....اقصري صوتك جالس يكلم ولد عمّك...
هيلة اشارت على فمها بمعنى (صمت)
الجد: خلاص يا بوي...اي تعال الحين دامه معك .....اي انتظرك....فمان الله.
اغلق الخط ثم
رفع يديه لها: اقبلي يا زينك ويا زين حكيك...
هيلة وهي تلعب بحاجبيها: اخاف حسنا تلسب(تضرب بقوة) ظهري بالخيزران....
الجد: ههههههههههه والله ما تضربك وانا هنيّا...
هيلة مشت وانحنت على رأسه لتقبل رأسه ويده: يا بعد حيي...
ثم انحنت على رجليه لتتقدم بجذعها لناحية جدّتها قبلّت رأسها: لا تزعلين علي .....
الجده اضحكت: هههههههههههه ما منه زعل يا هيلوه.....إلّا وين غدت فيه اصايل.....جابت الجوّال وطلعت.....
هيلة : راحت تتروّش....
رفعت نفسها وجلست بالقُرب من جدّها تربّعت وهي تشد على يده: إلّا جدّي ما ودّك تجدد شبابك؟؟
الجدّه هزّت نفسها للجهة اليمنى وهي ترمق هيلة بنظرات: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.....
هيلة ضحكت: هههههههههههههههههه
الجد نظر لهيلة: ماحنا بطمّاعين...حنّا خذنا زمانا ...وزودن عليه هالأيّام ...ما نطلب من ربي إلّا حسن الخاتمة يا بنيتي....
هيلة بانفعال: الله يطوّل بعمركم لنا يا جدي....الله يقص لساني اللي خلاك تقول كذا....
الجدّه بغضب: الله لا يسمع منك يا المرجوجة......اسم الله عليك.....
هيلة ضحكت بخفة: دوم لجيت ابي اونّسكم اجيب العيد!
الجد قبّل رأس حفيدته: هههههههههههههه الله يونسك بالعافية يا بنيتي ....اشهد إني لشفتك وشفت بنات عمّك.....قلبي يطرب بالوناسة وتزيل همومي
هيلة قبلّت يده وهي تقول: ما قدر على هالحكي...انا...
الجدّه ضحكت هنا بخفة مما لفتت انتباه هيلة
: إلّا جدّتي باسالك...؟
الجده نظرت لها بعينيها المتجعدتين: اسالي....
هيلة بعبط: الحين لم تزوجتي كم كان عمرك...؟
الجدّه: يمكنّي اصغر منك...بخمس سنوات...
هيلة : الله.....حيل صغيرة...
الجد بهدوء: وانا صغير...بعد....ترا ما بيني وبينها إلا سنة...
الجدّه بانفعال: الله اكبر عليك يا عبد العزيز....سنة؟.....لا بالله غلطان....

هيلة : ههههههههههههههههههههه خلاص عاد لا تتهاوشون بسبتّي....
الجدّه منفعلة: تشببين الفتن بعدين تقولون لا تتهاوشون...
الجد: ههههههههههههههه اتركي عنك تراني اكبر منها بسنة...
هيلة همست له: واضح جدي...واضح...
الجدّه لوت وجهها عنهما وهي تتمتم بالاستغفار.
.
.
فهمتُ الآن أشياء كُثر، صدّ الكثير عن ذُكر رحيل جعلني استرجع بعض المواقف التي تحدث بيننا أنا وجدتي وحتّى جدّي
كُنت اقول لماذا كل هذا الغضب؟
ربما هما يظننّان أنهما قادران على إخفاؤه ولكن كان واضحًا لنا جميعًا
بشكل غير مفهوم لذلك لا نُبالي به.
ولكن الآن اشعر بالحرقة على رحيل...رغم ما حدث كما اخبرني فيصل "قضيّة دفاع عن نفس" وتم تلفيق قضيّة أُخرى ولكن الجميع
فهمتُ ذلك الجميع غاضب وحانق ربما لأنها فتاة السّامي...كيف لها أن تدخل في اوساع السجون.
حقًّا الأمر في أوج الصعوبة ولكن التخلّي عنها هكذا...وإسناد الثّقل كُلّه على ليث يعّد ظلمًا منهم لها ولِـ ليث!
كيف تحمّل ليث هذه الصّراعات لوحده؟
كيف استطاع أن يتجاوز فكرة ظُلم زوجته؟
كيف لهُ تحمّل العيش هُناك في ظّل هذه الظروف غربة بائسة؟
طيلة هذه الأيّام لم استطع أن اهنىء بنومي، ولم استطع تجاوّز ما سمعتهُ من والدي ووالدتي.

تنهّدت بضيق، وحنان جدي عليّ ذكّرني بأشياء أُخرى....سحبت ملابسي ثم دخلت الخلاء لأستحم، لا اريد اثارة الشكوك في رأس هيلة فهي من الآخر تشّك بأنني منطويّة تحت قلق الأختبارات الدراسيّة تنظر لي بمبالغة في الأمر ولكن لو علمت بالواقع....لاشعلت النّيران باسألتها!

.
.
هي الأخرى ذهبت لتبديل ملابسها على عجل، تريد أن تذهب في مكان مكيّف، تشعر بحرارة جسدها وتعبها، ستغيّر ملابسها وقبل النّوم ستستحم سريعًا، الآن تُريد تهدأت ضجيج التّعب الذي استحوذ عليها، دخلت عليهم تُلقي السّلام بهدوء
فقالت الجدّه: علام وجهك مصفوق؟
عهود : والله تعبت يا جدّه.....
هيلة نظرت لها بنصف عين: كأنك عجوز....تتعبين بسرعة؟
الجد: انشهد هي اللي قامت بالبيت...ولّا انتم اتركت عليكم الخفايف...
عهود ابتسمت: جاك الرّد اللي يسنّعك...
الجدّه : هههههههههههه يا بعد حيي انتي.....الله يعطيك العافية.....جعلك تنظيف بيتك.....قولي آمين...
خجلت عهود وتذكرت أمر ذيّاب وحديث دانة وصارم قبل مجيئها هُنا ستفكّر هُنا بالأمر وستخبر الفتيات عنه لكي تأخذ رأيهن فيه ولكن ستؤجّل الحديث إلى قُبيل النّوم!
هيلة رفعت كفّيها: آمين يا جدتي....آمين....ملّينا والله....نبي اجواء فرح.....نبي طق...نبي عرس...ماحد معرّس....ياخي نبي نرقص!
الجدّه بغضب : والله إنك ما تستحين....
هيلة ابتعدت ولصقت في جدّها خشيةّ من وصول الخيزران لجسدها!: وش قلت؟
الجد ضحك هُنا: هههههههههههههههههههه وش رايك ازوّجك يا هيلوه؟

هُنا ابتعدت عنه وكأن كهرباء سرت سريعًا لعقلها، تخشى الآن من تحيير اسمها لأي شخص
صارم
او فهد
او ريّان
انفعلت: لااااااااااااااااااااا جدّي وين....توني صغيرة؟
الجدّه بضحك: هههههههههههههههه خوّفت البنت .....
عهود بضحكة: هههههههههههههههه جدّي شوف وجهها كيف صار....
الجد : ههههههههههههههه.....هذا انتم لجبنا طاري الزوّاج انخطف لونكم......
هيلة بحرج: ابي افرح بس مو لي انا...يعني افرح ببنات عمّي...عيّال عمّي...أنا بدري...علي....ولا كيف يا جدّه؟
الجده هزت رأسها: اي بدري بدري....لا تخافين جدّتس ما هوب مزوجتّس لأحد....
عهود غمزت لها: يا حبي لحكيتس يوم يا تقلبين....
هيلة تريد أن تخرجهم من أمر الزواج: أي والله ......لقلبت للهجة الثانية....احسني جالسة في البر...وفيه خيمة....وخرفان وريحة ....بول بعارين...
عهود ماتت ضحكًا
والجد اردف: بيجي يوم اودّيك للديرة....لزوم تحبّين اصلك ...يا اللي ما نيب قايل....
هيلة : والله جدّي احب اصلي بس ما احب لا الحر ولا الذبّان ولا روايح الغنم والبعارين....
عهود : مدلّعة من الآخر....
الجدّه بتنهد: والله ما شفت وحده تحب العيشة البسيطة وتحب الديرة كثر رحيل....يا جعلني ما ابكيها...وترجع لنا سالمتن غانمة....
الجد سكت ونظر لزوجته....
وهيلة نطقت: والله لها وحشة ....
عهود شعرت بضيق الجدّه: ما ودّك اهمّز لك رجيلاتك؟
الجد: انتي بحاجة من يهمزهم لك....قومي هيلة همزي رجيلات بنت عمّك...
هيلة بهياط: تخسسسسسسسسسسسسسسي إلّا هي...وش اهمّز...

استطاعت الجدّه هُنا من ضربها بطرف الخيزران لتنهض وتنقز هيلة بعيدًا عنهما وهي تحك مكان الضربة: يمه يمه ...كيف وصلّتيها لي...؟
عهود ماتت ضحكًا
الجد ابتسم: هالمرة بتجي منّي.....اذا ما همّزتيها...
عهود رحمت حالها: مالها لزوم يا جدي والله اني متعودة لشتغلت كثير كل شي يعوّرني...
هيلة ذهبت لناحيتها وقبّلت خدّها بقوة : طلعتي رحيمة ...يا ام قلب عطوف.....
ثم نظرت لهما: بالله شفيكم قلبتوا علي فجأة؟
الجدّه: قومي جيبي علاجاتي من الغرفة ولا تكثرين هرج...
هيلة نهضت وقبّلت انف جدتها: على هالخشم.....
ثم خرجت من الغرفة تحت ضحك الجد: الله يحفظها يارب.....هبّت ريح.....يا جعلني افرح فيها وفي الباقي كلهم.
.
.
.


.
.
.
خرجت من الباب الخلفي للمطبخ اغلقت باب المطبخ خلفها وذهبت لناحية اليمين تمشي ببطء، الصورة علقت برأسها، اشتياقها لمناهل يزداد وذكرياتها معها لا تتجلّى من أمام عينها لربما سبب ذلك هذا الشهر هو نفسه الذي توفيّت فيه، تنهدت بضيق واصبحت أمام "المخزن" رأت المزلاج مفتوحًا، عقدت حاجبيها، دفعته للخلف، ليصطدم في جسد نحيل نوعًا ما
صرخت: يممممممممممممه...

بينما هو كان يُراقبها من فتحت الباب الصغيرة علم إنّها وصايف، لم يُبدي بأي حركة تردد من فكرة الخروج أمامها وهي بِلا عباءة تستر بها جسدها وتردد ما بين غضبها منه لو خرج هكذا وكأنه أرنب سحري خرج من قبعة السّاحر الخفي ربما ستضربه!
فتحت الباب وكان هو في مواجهتها حينما صرخت خرج لكي يُريها نفسه
كمكم فمها ثم ابتعدت: اشششششششش انا نواف.....
وصايف وضعت يدها على قلبها واغمضت عينيها لتمتص طاقة جديدة لتنهمل عليه بالحديث الهامس وهي تتلفّت يمينًا ويسارًا مُحرجة من الوقوف أمامه هكذا
: انت شفيك؟....استخفّيت...جلدك يحكّك؟
نواف ضحك على شكلها وبهذلت ملابسها التي من الواضح إنها مبللة
نظر لعسليّة عينيها ووسعهما: اشتقت لك.
رفعت إحدى عصا المكانس واخذت تضربه على كتفه وبهمس وهي مازالت حانقة: شوقك هذا بودّرنا(سيجلب لنا المصائب)...
ثم شدّت على اسنانها: وش قلنا حنّا؟.....إلّا تبي يطيحون علينا......إلّا تبي ننجلد؟
نواف اقترب منها خطوة: تبالغين؟
وصايف اقتربت خطوة للأمام نسيت نفسها وهي تضربه على كتفه: وش اللي ابالغ؟.....نواف تكفى روح....الحين البنات يطلعون فجأة وشوفونا...غير كذا جدّي هنا......وربي يقطع راسي!
نواف مشى خطوة وخطوتين وهي تجاريه بهذه الخطوات للمضي للوراء حتى التصق ظهرها في الجدار
اغمضت عينيها وكتمت انفاسها شدّت على اعصابها بشكل ظاهري لمرأة العين
همس: ليش خايفة؟
اخيرًا جرأّت نفسها ودفعته: اقسم بالله صرت اخاف منك......انت مهما قلت احبك...ومهما قلت مابي اضرّك...إلّا انك جالس تضرني...تكفى روح...
نواف انهار امامها منفعلًا: اقسممممممم بالله ما راح اسوي لك شي....اللي صار في ذاك اليوم اقسم لك بالله ما يتكرر....

وصايف اجتمعت الدموع في عينيها زفرت بضيق: صاير تضايقني!
نواف مسح على وجهه وولّى بظهره عنها ثم عاد التفت عليها بشكل سريع: وانتي صايرة جبّانة وخوّافة....ومتغيرّة علي.
وصايف نزلت دموعها على خدّيها وبدأت ساقيها ترتجفان
تخشى من خروج إحدى بنات عمها على حين غفلة وتراهما
تخشى من الفضيحة حقًّا
: وانت صاير ما تحسب حساب لأحد.....بالله اذا جا احد وشافنا....
نواف : ماحد بيجي ماححححد بيجي...
وصايف بقلق نظرت للمين واليسار: قصّر حسّك.....
نواف سحب منها المكانس وتوجّه بهم إلى المخزن وضعهما ثم اغلقه
وعاد ينظر لها لتقول: خلاص امش...تكفى....
نواف برجاء: خمس دقايق تكفين...
وصايف شعرت بالتورّط في هذا الحُب لا تنكر إنها تحبّه ولكن هو مندفع بشكل مُخيف لناحيتها، غير ذلك روحه طائشة لا تدري ماذا سيفعل إن بقيت معه لدقائق، والأهم هي تقف أمامه دون استحياء منه! كاشفة عن شعرها وجسدها تخشى من قدوم أحدهم ورؤيتها معه هكذا ولكن لم تخشى من مراقبة الله لها!
طيش في طيش...على مسميّات متفرّعة...تنطوي تحت لسان الحُب الغشيم....وربما حُب الشهوة!
اقترب منها ليقول: كنت بس ابي اشوفك وامشي...
وصايف بحذر ابتعدت عنه: هذا انت شفتني يلا امشي...
وقبل أن يُردف حرفًا واحدًا
سمعا صوت الباب الرئيسي للمنزل ينفتح وخطوات قادمة لمسامع آذانيهما
وصايف وقع قلبها في الارض همست: يا ويلي...
نواف اتجّه لناحيتها سريعًا مسك يديها : اششششششش....بروح وانتي ادخلي في المخزن.....
هزّت رأسها له ، والآخر تردد من العبور للناحية الأخرى يخشى من ان يتواجه مع من دخل فبقي في مكانه ينظر ويراقب ووصايف دخلت في المخزن تراقبه من الفتحة الصغيرة وهي تقضم اظافرها!
.
.
قبل نصف ساعة من مجيئة إلى منزل جدّه، كان في غرفة فهد الذي اطبق على نفسه الباب، ومنعه من الدخول لمدة ثلاث دقائق ولكن اصراره جعله يستسلم ادخله في الغرفة
نظر له والآخر نظر إليه يقسم فهد ليس على ما يُرام يُخفي شيئًا عظيمًا عنّي، محاولة التحاشي والتصدد تُعني الأمر بالنسبة إليّ خطيرًا
غير احتضانه المفاجأ لوصايف هذا أمر يُدهش العقل وتفكيره
: يعني مصر ما تقول؟
فهد بملل: وأنت مصّر تخلّي في ام السالفة شي ...
ريّان ابتسم رغمًا عنه: متوتر.....ومرتبك......وعليك تصرفات عمرك ما سويتها...
فهد مسك ياقة بدلته وبغضب: الله يلعـ
قاطعه ريّان بانفعال: لا تلعن......انا عارف في شي.....بس قولي....هالشي له خص برحيل...
فهد نظر له: لا....
ريّان مسح على وجهه: طيب....
فهد تعجّب من استسلام ريّان، ولكن حمد لله وشكره جلس على طرف السرير،
ريّان: هالشي كيف خلّاك تتحوّل لحنون وتحضن وصايف؟
فهد ألتفت عليه سريعًا لم ينتهي؟ من اسالته بل سيأخذ منحنيات أخرى لحث فهد للتحدث.
فهد: هالشهر يصادف وفاة المرحومة مناهل....
ريّان بتذكر: اوه صدق.....كيف كذا راح عن بالي....
فهد بحده: لأنه بالك مشغول بس في رحيل....
ريّان نظر له : ثنتينهم بنفس الأولويّة....
فهد باستنكار: متأكّد؟
اخيرًا استطاع قلب الطاولة على ريّان لمصلحته وليس مصلحة نفسه يريد ان يشغله بشيء آخر، كي يُشيح بنظره عن أمره
ريّان: كأنك تعاتب؟
فهد ابتسم بسخرية: ما عاتبت بس مستغرّب أنك نسيت...
ريّان باندفاع في الحديث جعل فهد يشعر بالحرقة ويشعر بتأنيب الضمير: عمري ما نسيت....بس يمكن سالفة التنّاسي اشغلتني من اني اركّز على حنّا في اي يوم....وفي اي شهر وفي اي سنة!.....كم تمنيت نسيان اشياء واشياء وعجزت من نسيانها!
.
.
.
مُجبر على اللّعب في اوتارك يا ريّان أنا مُجبر لكي لا افلق قلبك إلى نصفّين.
.
.
اخذ طريق آخر في الحديث: ومن ضمن هالاشياء المشاعر العاطفية؟

سكت ريّان وكأنّه فهم دوّامة أخيه يُخرجه من قوقعة ويدخله في أخرى
لن يترك لهُ مجالًا في اللّعب معه على هذا المنطلق: جالس تخلط الحابل بالنابل بس عشان تدوّهني وتخلّيني اغض البصر عنك....
وبانفعال: قدااااامك النقيب ريّان امثالك مرّوا علي كثير...يحاولون يهربون من الاسالة.....عشان نجاتهم...وانت تهرب عشان ايش يا فهد؟


فهد ضحك رغمًا عنه: ههههههههههههههههه.......تران� � ما نيب مجرم.....
ريّان بنبرة ذات مغزى: جالس تطلّع روحك وتشتتني وانت تحرقني.....
فهد نهض: اخسي يا ريّان.....احرق نفسي ولا احرقك....بس ما ابي اوجعك....
ريّان بانفعال شديد: يعني في شي...
فهد هز رأسه: وما اقدر اقوله.....
ريّان سكت ونظر لفهد،
بلل شفتيه ثم اردفت: بالنسبة للمشاعر العاطفية......انت تحب مزون.....وللعلم...
فهد نظر إليه شعر وكأن ريّان ينتقم لنفسه بسبب عدم معرفته بذلك الشيء الذي قلب حاله إلى حال آخر
نظر له وهو يُكمل: أنا ما اشوفها إلا بعين الاخوّة....هي حالها حال وصايف...ورحيل.....عن اذنك...

ثم خرج من الغرفة تارك فهد في بركانه، يغوص ويطفو بهِ اطلق زفير غاضبًا على نفسه وعلى حديثه مع ريّان بينما ريّان خرج لينظر لخالته التي استقبلته بقولها: ريّان....
التفت عليها: آمري...
ام وصايف تفرك بيديها بشدّة: اتصل لي على ليث....
ريّان سحب هواء عميق ولم يزفره هز رأسه: ان شاء الله......بتروش وبنزل وبتصل عليه...
ام وصايف ابتسمت على مضض ثم ذهبت لغرفتها
وريّان اغلق على نفسه في غرفته،
.
.
ارجوك يا الله ألطف بحال رحيل
إن كانت في مصيبة ففرّجها عنها يا الله
أنا لا اتحمّل تجرّع غصّات رحيل برحيل نفسي
يُصعب عليّ تخيّل الأمر الذي طوّق فهد ليجعله يلتفت وراء معنى "الأخت"
هو يعي المعنى ولكن لا يُظهره واظهاره بهذه الطريقة في هذا اليوم جعل قلبي يغص في ألحان الرحّيل...
هو ضربني بأسواطه ليُقلق عقلي في أماكن مجهولة
وانا ضربته لأعلّقه ما بين التصديق واللاتصديق!
.
.
سمع رنين هاتفه وكان جدّه هو المتصل اجاب عليه بهدوء: هلا جدّي.
.
.
تجد من ثُقب ألمها أملًا يظهر بسبب شهادتها وخبراتها التي أمتدّت إلى ما يُقارب السنتين من عملها، هذه نُقطة إجابيّة تمكّنها من العمل رغم صعوبة الحصول على عمل في وقتنا الحاضر، قدّمت اوراقها وسيرتها الذاتية.

قرؤوا وجهات عملها التي عملت بداخلها سابقًا والتي بدأت مسيرتها في العمل في مدينة الرّباط في إحدى المستشفيات الحكوميّة الشهيرة عملت هُناك لمدة سنة ثم انتقلت إلى ولاية ماساتشوستس وعملت في مستشفيات خاصة واخرى حكومية لمدة تُعتبر طويلة ، غير الأعمال التطوعيّة والخيريّة والتي كانت على مستوى شبه عالمي ساعدّاها في كسب خبرة ليست هيّنة لذلك هي استطاعت في الواقع مساعدة رحيل دون الخوض في مسائل قد تُجلب لها جُلبة لا تستطيع الخلاص منها، اتفقت معهم سيكون اوّل شهر تجريبي ومن ثم يقررّا على التوظيف الرسمي لها، سيتم إيداع نصف الراتب لها خلال هذا الشهر، تكره العمل في المستشفيات الخّاصة ولكن تحمد لله انهم استقبلوها فلن ترفض هذه الشروط، جلست تتنهّد بضيق
والأفكار تأخذها في منحنيات كُثر، تذكّرت أمرها...وضاق صدرها تمامًا حينما شربت ذلك السّم اكتشفت أمر لم تستطع أن تصدّقه، وودّت لو حرقت نفسها بدلّا من استيعابها على فعلتها تلك!
ومُنذ ذلك اليوم وهي تُعيد حساباتها من جديد، مكالمتها مع ركان بمزاجها العكر كان بسبب ضيق روحها عليها ولكن كان هذا قبل معرفتها بالأمر فظنّت إنّها انسلخت كليًّا من ركان ولكن رأت نفسها تعود إليه من جديد، هي لا تجهل بالحُكم الشرعي ما زالت على ذمّته إجراءات الطّلاق طويلة ولم تنتهي بعد وباستطاعتهما العودة .

فهي في العدّة ولكن الآن العدّة اصبحت اطول!

اليوم أجرت تحليل دم لتؤكّد الشكوك، مسحت على شعرها، سمعت رنين هاتفها نظرت للأسم وكان والدها
ستُجيبه يُكفيها صدًّا عنه بعدت خصلات شعرها: الو...
قال بنبرة غضب: كدا تعملي فيني يا بنت...مترديش على اتصالاتي.....ولا تطمنّي ئلبي عليكي......
سوزان حقًا هي في مزاج متوتر، هو لا يُريد الإطمئنان هُناك أمر آخر يدعوه للإتصال بها
اعتادت على اسلوب والدها وحفظته
: أنا بخير....
قال بعد صمت وكأنه يُكافح غضبه: متى عاوزة ترقعي على مِصر؟
سوزان حّكت رقبتها: في حاجة يا بابا......أنا مش راقعه دي الوئتي....عاوزة أبقى لوحدي!
سكت، ثم اردف: حاب أولك انا راح اتجوّز....الاسبوع القاي.....وحابب ترقعي وتحضري الفرح.....بس واضح ما ليش خاطر ليكي...

بللت شفيتها اغمضت عينيها وسمعت طرق الباب ازدردت ريقها وظنّت الممرضة اتت بأوراق التحاليل التي عملتها في الصبّاح الباكر ولكن كان الدكتور فاون هو من دخل، كاد يخرج ولكن اشارت له بأن يدخل ويجلس

ولكي تُنهي المكالمة : مبروك يا بابا....مش حأَدر (اقدر) ارجع بالوئت دا....وآسفة انا مشغولة بالوئتي.....مع السلامة.

اغلقت الخط قبل أن تسمع ردّه ثم ابتسمت لوجه الطبيب الفرنسي(فاون) ليردف الآخر لها: bonjour
ثم قال(مترجم): اتمنى أتيت في وقت مُناسب...
هزّت رأسها لتؤكد له:اجل....هل هُناك أمر طارىء؟

مدّ لها الملف(مترجم): الدكتور جوسف...معجب حقًا بسيرتك الذاتية والتي اخبرتهُ برغم موجزها عن خبراتك....وودّ أن يضعك في أختبار ليؤكّد مهاراتك ويبرهنها على الواقع!

سوزان شعرت بالغثيان ولكن حاولت ان تسيطر على نفسها بسحب هواء عميق لرئتيها(مترجم): هذا الأمر يدعوني للفخر....
الدكتور فاون(مترجم): لهذا فهو يدعوكِ لحضور المؤتمر الصحي في مدينة فرساي لتنوبي عن حضوره!

الأمر ثقيل وصعب، وأتى بشكل مفاجأ لها نظرت له بدهشة
حتى به ضحك(مترجم): هههههههه اعلم غريب!.....ولكن وجد بكِ ما اثّر به....من الناحية العلمية....اخبرتك سيرتك الذاتية حافلة بالإنجازات والاغراءات الطبيّة التي تُنم عن مدى تمكنّك....في هذا المجال!

سوزان مسحت على شعرها ولتختصر عليه الحديث(مترجم): يود منّي أن أعّد خطابًا؟
الدكتور فاون(مترجم): اجل....خطابًا يتمحوّر حول أمراض الدم الوراثية ومختومًا بإظهار مجهودنا هُنا من بحوث وغيرها.

ثم اخذ نفس (مترجم): لا عليك سأكون معكِ خطوة بخطوة....من اجل اطلاعك على كل شي.....
سوزان نظرت له بحيرة لا تريد ان ترفض لكي لا تخسر العمل ولا حتّى ثقتهم بها!
(مترجم): ومتى سيكون؟

الدكتور فاون نهض(مترجم): بعد ثلاثة ايّام....بالمناسبة مدينة فارساي مدينة جميلة.....جدًا ستستمتعين هُناك...وغير ذلك فهي تبعد عن باريس بما يقارب التسعةَ عشر كلوميتر....ولكِ أحقية البقاء هُناك اسبوعًا كاملًا كمكافأة على قبولك بالحضور في المؤتمر.
نهضت مبتسمة: jolis (جميل)

ثم صافحته: اشركم على مدى ثقتكم بي.....اتمنى ان اكون عند حسن ظنكم.....
الدكتور فاون صافحها: Je vous en prie.

هزت رأسها باحترام له ثم خرج من المكتب ودخلت سريعًا الممرضة اعطتها الملف بعد أن القت عليها السلام ثم خرجت
شعرت روحها ستخرج، هي تعلم النتيجة واحدة رغم إجراؤها للعديد من التحاليل المنزلية، صُعقت اصلًا كيف؟ وفي فترة قصيرة مثل تلك
الأمر طبيعي جدًا، ولكن تخاف...هما مبتعدان على مبدأ الحماية
هما اصلًا تطلّقا....ولكن الإجراءات باتت معلّقة حتّى يومنا هذا!
.
لا مجال للهروب يا ركان....ربما نحن الاثنان مجبران على ان نعيش الخوف معًا بدلًا من الهروب منه على سبيل الحماية.
.
نظرت لورقة التحاليل، عقدت حاجبيها حينما تأكدّت الشكوك، يُعني انها كانت حامل قبل أن تُغادر تلك اللّحظة التي افلقت قلبها واعجزت خيالاتُها من التوقف عن ربط الاحتمالات المُخيفة، ها هو حملها أتّم شهرًا وهي لم تشعر، ربما الظروف جعلتها لا تهتم بتلك الإشارات التي ظنّتها بسبب الإرهاق والأرق....ورغم ما حدث ...حينما تعرضّوا للصدمات....وحينما ركضت لمسافات لتنجو بعد خروجها من المطار....ورغم شربها للكحول ما زال باقيًّا ومستمسكًا بها، خارت قواها وجلست على الكرسي بندم على ما فعلتهُ وعلى شربها كادت تقتل طفلها بسبب الهموم!
بكت بدموع وبللت شفتيها ،ماذا تفعل؟
هي اعلنت انسحابها من حياة ركان، وركان يجدد حمايته باتصاله في ذلك اليوم
رنّ هاتفها ونظرت للاسم
وبكت هُنا بصوت!
.
.
.
وصلا إلى الشقة يمشي بخطوات هادئة وبطيئة تنهاه أُخته بمبالغتها في الاهتمام به عن المشي السريع بقولها" وش هالعجلة ....بشويش على نفسك" يبتسم لها، ثم طوّق رأسها لناحية صدره قبّله وهو يقول
: جعلني ما افقد هالإهتمام.
رفعت رأسها له وهي تبتسم وتفتح باب غرفته: من يوم يومي اهتم فيك حتى بعد زواجي من ليث...
ركان ازاح يده عنها ومشى بِخُطى اسرع من ذي قبل وجلس على طرف السرير: لا والله ليث سرقك منّي...
ضحكت هُنا وانحنت لكي تُزيح حذاؤه فقال باحترام: قدرك أعلى من كذا!
أمل ابتسمت في وجهه: ترا عادي اخوي ما فيها شي....وبعدين اخاف تنحني وتفتح خيوط جرحك....
ركان: سمحت لك تلبسيني اياهم ....بس خلاص...عاد....ترا الجرح مو في بطني في كتفي....شفيك.....بسيطة....
أمل لم تُعيره اي اهتمام ازاحت الحذاء عن قدميه، ثم وقفت لتسحب وسادة اخرى لتضعها خلف الوسادة الأساسية لكي يستلقي عليهما!
: ارتاح.... بروح اتروّش وبطلع اسوي لك اكل....
ثم قالت بهدوء: صدق ليث بيجي هو في الطريق...
ركان سحب نفسه قليلًا وهو يتألم ولكن لم يُظهر ألمه لكي لا يقلقها: سمعتك وانتي تكلمينه....

أمل: ارتاح على ما يجي...هو عنده مفتاح الشقة يعني لا تخاف ما راح تقوم تفتح له....
ثم وضعت هاتفه على الكومدينة بعد ان اخرجته من حقيبتها: هذا جوّالك
ركان ابتسم لها بحنان: خلاص روحي ربي يعطيك العافية...
ابتسمت له ثم خرجت، وتذكر سوزان، خائف من جنونها، ومن عنادها الذي سمعه في مكالمته لها يشعر بِها أمر، امر مزعج لهُ، سحب الهاتف
اتصل عليها، يريد ان يشدد عليها بصرامة العودة للقاهرة ...وإلّا هو من سيسافر ليثنيها عن بقاؤها هُناك
.
نظرت للشاشة....ما زال يتصل
.
وهو ما زال ينتظر
.
.
سحبت نفس عميق وبللت شفتيها اجابته: هلا ركان...
ركان بغضب: اسمعيني زين سوزان...اقسم بالله اذا ما رجعتي القاهرة....أنا اللي بجي لك...ارجعك بنفسي...
سوزان مسحت ارنبة انفها بطريقة سريعة: مالك داعي.....
ركان بانفعال: سوزان ...اقسم بالله انك في خطر....انا ما ودّي اقولك بس انتي جالسة تضغطيني وانا تعبان.....
سكتت ورنّت في مسامعها كلمته "تعبان" خافت وبلهفة اردفت: إيه اللي حصل؟
ركان اغمض عينيه: صوّبوني بالمسدس...
نهضت من على الكرسي وبصوت منفعل: ايشششششششش؟
ركان سريعًا اردف: انا بخير....الرصاصة ما جات في مكان خطير.....
ثم بصوت رجاء: ارجوك سوزان ....يرحم لي والديك ارجعي للقاهرة.....ارجعي....ما اضمن ايش ممكن يسوون لك...وانتي برا ما عندك الحصانة القويّة اللي تحميك....

سوزان سكتت ونزلت دموعها لتنساب على خدّيها ،لا تريد خُسران هذا الحُب لا تريد أن تتجرّعه ولا حتّى تخيّله، يا الله ماذا تفعل؟ الظروف تُجبر حبّهما على أن يكون عصيًّا لا يتماشى مع ما يُريدانه، يجعلهما يخضان في جبهات حربيّة لا قُدرة لهما على مجابهة جنودها المخيفة، والآن عليها أن تحميه من جنونها ومن ضغطها الذي انبتتهُ في فؤاده، عليها أن تكون لهُ درعًا في هذه الحرب العاصفة لقلبيهما!

: أنا بحاجة اجلس لوحدي...مش عاوزة ارقع للقاهرة.....
ركان ارتفع صوته: تبين تتتتتذبحيني انتي؟

سوزان عضّت على شفتها السفلية،هي لا تريد ذبحك ولا ذبح نفسها بل تُريد مخرجًا تستطيع من خلالهُ إحداث شرخ في عالم آخر يجعلها تعيش معك بهدوء دون خوفٍ ولا قلق

: في حاقات حصلت وما فينيش اسيبها وهيّا في النص....
ركان بشك: مثل ايش؟
سوزان: شغلي.....
وبكذب: وقّعت على عقد مع مستشفى خاص مدّته ستة اشهر واذا بسيبه لازم ادفع لهم مبلغ وقدره...
ركان اطلق شتيمة مقهورة من قلبه، مسح على جبينهُ يُدرك كل الأبواب مُغلقة في وجهه هو عاجز من ردعها من هذا الجنون وعاجز من النهوض والسّفر لها في ظّل هذه الظروف

: كم المبلغ؟
سوزان لا تريد ان يكشفها: ركان بليز...
ركان : متغيرة ....والله متغيّرة علي يا سوزان.....ما هوب هامّك خوفي...ولا قلقي عليك....
سوزان بنبرة ضعف: مشتاقة يا ركان....مشتاقة وخايفة وقلقانة من إني اخسرك!

ركان خانهُ التعبير
ارتطم في أمواج حُبه، اخذ يستمع لنبضات قلبهُ التي تُهديه أهازيج عُشقه السرمدي،
.
ركان هي تحبّك وأنت لستُ جاهلًا بهذا الأمر لا تضغط عليها استمع لها الآن فقط، أرح مسامعك لنبرة صوتها الأنثوي اللّذيذ والذي لهُ قدره على سلب روحك المُتعبة لتُمسك بها من غضاريف الألم إلى اغصان الإسترخاء والهدوء، استمع لكلماتها وإن كانت لا تُرضيك انت على يقين من إنّها ستُهدّأ من اعصابك وستأخذ من انفعالاتك لتُلغيها بعيدًا عن خلاياك المُهتزّه على اثر اوتار صوتها الحانّي، اغمضك عينيك اهدّأ لا تُردف حرفًا قد يُجرح قلبها المجروح اصلًا!
.

سكت ثم قالت: شوف.....اجراءات الطلاق مستمرة...وهم عرفوا حنّا نفذنا اللي طلبوه....يعني ما في شي يخوّف...
ركان بقلق: ما اضمنهم....
سوزان ازدردت ريقها: اوعدك شهر وحرجع القاهرة....واوعدك احمي نفسي وإن تطلّب الأمر حملت في شنطتي سلاح!

ركان
ألتمس نبرتها، وتغيّر صوتها عن اوّل مكالمه له
التمس قبولها للمضي في علاقتهما بدلًا من قطعها ففهم
ففي المكالمة الأولى كانت تُعاتبه وكانت في مرحلة انهيار مسيطر على كيانها وانفعالاتها
أما الآن شعر وكأنها هادئة، كم ألتمس لهفتها لسماع صوته، تُريده أجل هي تُريده ولكن تتألم من هذا البُعد!

: إن اوجعتي قلبي والله ما راح اسامحك!
سوزان مسحت على بطنها وهي تزدرد ريقها: اوعدك ما راح اوجعه....
ثم بحذر قالت: لا عاد تتصل....ما حضغط عليك بجنون حبي ليك....افضل حاقة نعملها نتواصل مع بعضينا عن طريق الأيميل كدا...راح نضمن....حمايتنا لبعض!

ركان: سوزان....
سوزان اغمضت عينها لتنساب الدموع : نعم...
ركان بشك: فيك شي؟
سوزان فهمت تغلّب مزاجها عن مكالمتها الأولى : لا بس انت صدق على حق.....انت تبي تحميني وانا مش جالسة اساعدك في الحماية.....مجبورين نتألم اشوي عشان.....عشان...نحمي بعض...
ركان بتدقيق وتركيز عالي في حديثها: نحمي بعض!؟
سوزان جلست على الكرسي بخذلان رجليها من الوقوف: مابي الفت الانظار حوليك باتصالاتي.....انا استوعبت اني جالسة اضغط عليك...
ركان بتنهد: ان شاء الله تنتهي هالفترة وارجعك قبل ما تخلّص العدّة...
اردفت بوجع: العدّة مطولة يا ركان!
ركان ظنّ أنها لا تفقه في هذا الأمر وظن انها تسأله
فقال: عدّة المرأة المطلقة الغير حامل ثلاث شهور..
ثم اتلى عليها الآية الكريمة: (وَالمُطَلَّقَاتُ يَترَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ).

ابعدت عن اذنها الهاتف وبكت بِلا صوت، اختلج صدرها بالدموع، تريد نزف هذه الدموع وإلّا ستختنق!
هل ظن انها لا تعلم بهذا الحُكم؟في الواقع لم يُوجعها أمر التشكيك بعدم فقهِها في هذا الأمر الشرعي اكثر من عدم انتباهه لِم تقصده!

هو مستبعد تمامًا من أن تكون حاملًا كما هي استبعدت لن تضغط عليه خاصة بعد علمها بإصابته والآن هو في حالة مرضية تُجبرها على التماسك وعدم الإنهيار واظهار ذلك له.
هي الآن فهمت إلى أيّ مدى ركان يحبّها استيقظت من سُبات حُبّها الثقيل لتعي ثقل الظروف التي تعيشها من زاوية أخرى معه!

هزّت رأسها وهي تّرجع الهاتف لتقول: ايوا صح....نسيت.....ركان....انتبه لنفسك مضطرّة اسكّر....عندي شغل...
ركان بخوف: تكفين لا تكثرين خروج برا....تكفين سوزان...لا توجعيني....والله لو يصير لك شي..اموت....
سوزان غصّة لا تدري ماذا تقول
: اوعدك ما راح يصير لي شي.....باي...
اغلقت الهاتف بعد سماع كلمة "استودعتك ربي"
.
.
شعرت وكأن العالم كلّه ينتهز الفُرص لتضييق عليها امر السعادة
بكت لا تجرؤ على نُطق الحروف بقولها "أنا حامل" ستُثقله وستضع على اعتاقه اطنانًا من الحمول، هو ابتعد من أجل حمايتها وهي ستبتعد من أجل حمايته وحماية جنينها، شعور متضارب ومتداخل في بعضه، لا تجرؤ على نُطق سعادتها من حَمل قطعة صغيره بداخلها منه، مسحت على بطنها وبكت وكأنها تُعزّي نفسها على ثقل هذه الظروف التّي استحلّت غُددها الدمعيّة، واستحلّت ضربها بسوط عذابها الثكّل على قلبها الضعيف.
.
.
يا الله
ماذا فعلت؟
لا أجد حسن التّصرف وأنا في أوّج شتاتي
بدأت حقًّا بالتّخبط أنا لا ادري لِم قُلت ذلك؟
ولكن اعلم جيّدًا إنني لا أملك الشجاعة في حُب احدهم
أنا عذراء في مشاعري....لم يسبق لي حُب أحدهم حتّى ليث
ولكن فكرة التخلّي والخُذلان وربما الشعور بالإحراج من ردّت فعله في رفض الزواج مني هو من جعلني اتقوقع على هذه النّاحية التي يرونها على مبادىء مُغايرة منّي!
أنا ضحيّتهم ....الجميع يهتف ويصفق بكفّيه صارخًا انتما لبعض....انتما مُناسبين ولكن ماذا حدث؟
أحدث ليث في حياتي شرخًا من الخجل، لا اعلم ماهيّة رفضه في مثل ذلك اليوم ...لماذا لم يرفضني قبل أوانها؟
علّقوني...وعلّقوا آمالي....اصبحت ارفض الجميع لكي لا أُخذل....هل انا لا أملك المميّزات التي تجعلني أُنثى متكاملة لكي يرفضني؟
ولكن ها هو رعد ....احبّني دون رؤية تلك المعالم الجسدية الأنثوية.....ربما اخلاقي كانت سببًا في جذبه....أنا حقًّا مُحتشمة لا ألفت الأنظار...ولكن....لا أدري بدأت حقًّا بالهذيان والضيّاع في الأسباب!

هذياني هذا.....
جنون من نوع آخر...كًّل شيء مُرتبط بالماضي.....حلمت كثيرًا...ووقعت على واقع مُخالف لسراب أحلامي...حققّت طموحًا واسعًا في دراستي....ولكن ما زُلت اشعر بالكآبة.....ربما حديث جدّي كان لاذعًا بما يكفي....كان يصرخ في وجهي قائلًا" بجيبين لنا العار" ولم اجلبه إلى الآن ولكن يخشى من إنني اجلبه يومًا...اشعر وكأنه ينتظر هذا اليوم....لا ادري هل خوفه بسبب قلّة ثقته بتربيّة ابنه لي...أم بوالدتي؟
أهذي.....أتذبذب....انحني...وانك سر...كالغُصن اليبس!

اشعر بانكسار عزيمتي في مواجهة الظروف التي تُجبر كياني على قبول أشياء كُثر لا أحبّذها...
اخشى من جنون رعد....في نشر كذبتي على مسامع الطابق الطبّي كلّه...اخشى من ان أًصبح فضيحة يتداولها موظفات وموظفون المستشفى كخبر عاجل مُثير للإهتمام.
ماذا اصنع يا ربي؟
ادخلت نفسي في متاهات أنا لا اقوى على مواجهتها....هل اذهب واخبره بأنني لستُ مرتبطة بأحد ولكن لا اريدك؟
كيف انقذ نفسي من حبل الموت؟ أجل رعد من الواضح متمسك بي
وانا كسرت عُوده قبل أن يشتّد...ماذا اصنع؟
همومي كثر ولكنني لا أُبيح بِها خشيةً من سوء الفهم، أنا حقًّا لستُ مستعدة بالإرتباط بأحد....لا اريد لا رعد...ولا محمدًا!
وامري في رفض محمد غريب....لا اريد أن ارتبط به وكُنت يومًا مخطوبةً لأخيه.....ليست خطبة رسمية ولكن تداولها الأهل بكلمة"دانة محيّرة لولد عمها ليث" اغلقُ باب رزقي في لُقيا زوج افضل من ليث!
أغلقوا افواه كُثر ودّت لو تتقدم لرؤية كياني الأنثوي من أجل الخُطبة....لن اقول قطعوا رزقي بالمعنى الصّريح الثابّت!...ولكن أمّلوني كثيرًا بليث!
أنا اقسم للجميع لا أحبّه ولكن ....ِشوّهوني....جعلوني سخرية للجميع....كيف غيّر وبدّل رأيه من دانة لرحيل...ماذا رأى في رحيل لكي يترك دانة؟
ألم تكوني مخطوبة؟
نعم...
ولكن افل قمر العريس وتجلّى في سماء الرّحيل.
وبقيتُ أنا ما بين النجوم اختطف شهابًا ليُنير دربي ....ولكن لم ارى سوى انعواج ظلّي يا أنا!
وقتها الجميع بدأ يسأل ألم يكن ليث "محيّرًا" لدانة ماذا حصل؟
يجيبون ببرود "الأفكار والرغبات تتبدّل" ما بال رغباتي أنا
وما بال افكاري لماذا لا أحد يُعيرها أي اهتمام؟
دعوكم من هذا ....أنا احزن على نفسي ليس على ليث....الجميع بدأ ينظر لي بشفقة تجعل قلبي يخفق بشدّة.....اعلم والدي كُسر في لحظتها ولكن لم يُبدي بانكساره لكي لا يخسر أخوّته مع عميّ "علي"....والدتي اصبحت تردد وتهتفت تظنّ إنني اُغرمت به لدرجة لن استطيع نُسيانه كانت تجرحني بقولها" الله يرزقك باللي احسن منه ويمسح على قلبك وذاكرتك وتنسينه!" الجميع واثق من قبولي بهِ وبحبي العذري الذي يظنون زرعوه بداخلي ولكن لم يفكرُّوا يومًا إنني خجلة من هذا الرفض لا من حبي له......اخجلوني من ردّت فعلهم ...وانكسارهم الجَلل منه...لأنه لم يكن هُناك حب في الأصل بل كان هُناك قبول لدرجة التكيّف والإستعداد على الخوض في الحياة معه فقط لا غير.

والآن تدور السنين لأجد نفسي.....مُجبرة على خطوبة أخيه...
يا الله ....
دانة استجمعي قوّاكِ...اعترفي لرعد بكذبتك اعترفي!
.
.
مسحت على شعرها، أجل ازاحت من على رأسها الحجاب واغلقت مكتبها، صلّت المغرب......وبقيت بعدها تُمارس مهنتها على اكمل وجه، إلى ان أتت استراحتها الرسمية والتي كانت مع دخول وقت صلاة العشاء...صلّت وبقيت في المكتب لم تخرج...لا تريد ان تواجه بكذبتها....لا تريد....سمعت رنين هاتفها....
تنهّدت ثم اجابت: هلا موضي...
موضي بصوت مخنوق يدّل على تعبها وجهدها كما انّ نبرتها المبحوحة تدّل على بكاء اخيها لفترات طويلة: اخبارك دانة؟

دانة"لستُ بخير ولكن أحاول التأقلم على هذا الوضع...لكي اصبح بخير مشروط!"
: الحمد لله بخير....
موضي سكتت، ثم قالت: دانة....صدق اللي سمعته؟
دانة وقع قلبها هُنا: شنو؟
موضي بتنهد: دكتور رعد اتصل علي...وبصراحة خفت عندي استدعاء للمستشفى بسبب العجز...وانا مالي خلق اداوم...ولكن فاجأني...متصل بس عشان يسأل عن شي خارج ميعاد الدوام......واللي زاد دهشتي كيف تجرّأ واتصل على رقمي الخاص!

دانة وكأنها فهمت: اي؟
موضي: يسالني انتي صدق مخطوبة ولالا....انا اختبصت......
دانة ازدردت ريقها : وش قلتي له؟
موضي بتردد: انا عارفة سالفة جدّك.....وسالفة انه يبيك لمحمد.....هو صار بينكم شي؟
دانة جلست على الكرسي: لا..
موضي: والله احترت فكّرت صار شي....
دانة بخوف: وش قلتي له؟
موضي بهدوء: قلت له.....لا....
ابتسمت بسخرية، ولكن اطمأنت قليلًا: طيب...
موضي: شنو طيب؟....الرجال ما سأل إلّا انه ..
قاطعتها دانة: موضي مشغولة ......انتهت استراحتي...
موضي ألتمست هروبها: بينا اتصال بعدين...
دانة : ان شاء الله...
اغلقت الخط....واتكأت بيدها على المكتب لينتثر شعرها للأمام، اصبحت كاذبة مع مرتبة الشرف سينظر لها بعين انكسار لمشاعره وبعين الكاذبة، لا يهم أن يراها هكذا ولكن الأهم انها تخلّصت من ضجيجه، نهضت سريعًا لفّت حجابها ولبست نقابها ، ستخرج لتشتري قهوة تُعيد بِها اتزان تفكيرها ، لن تبقى هُنا لكي لا تجن!
.
.
وصل....فتح الباب...روحه ليست معه...وقلبه ينبض سمفونيات حُزن كثيرة....هُناك بالقُرب من أذنه اليُمنى أهازيج تُعزّيه على وقع النّاي وفي وفي اليُسرى يستمع لكلمات جوقة بوتيرة حزينة تكرر بلا إنسانية
" أحزن..اشدو بحُزنك للعالم ألحان..ألتهب بعين أثمك دون وجدان..أحزن يا ليث..أحزن..لأنك تستحق الحُزن والعناء"
يمشي بثقل، والصورة تنبثق من جديد في ذاكرته، لعقت من خلاياه مساحة كبيرة ، وإن كان الأمر مدبّرًا كيف يُشيح بنظره عن نظرتها له، عن حُبّها العميق الذي يُخالج صدرها، كيف يتقبّل إزاحة مشاعرها لشخص آخر وهي على ذمّته؟ كيف تجرّأت على الإعتراف بذلك أصلًا؟
.
.
آه رحيل، الجميع تمنّى رحيلك بينما كُنت وقتها لا أتمنى سوى خروجك من السجن لتعويضك، لغسل ضميري، لأجعلك تنظرين للعالم من زاوية أخرى ولكن ماذا فعلتي بي اليوم؟
جعلتيني حقًا انظر للعالم بزاوية أخرى، بعثرتي بداخلي مشاعر حُقد، وكُره ومشاعر أخرى لا تستفيض بنورها إليكِ!
أنا اصبحتُ حُطامك يا رحيل من بعد اليوم.....انتِ رمادي...وأنا حُطامك.
كسرتني....هشمتني....ألقيتِ بي على شاطىء الأشواك....لم يبقى منّي شيء
استهلكتني وكثيرًا!
.
.
مشى....اغلق الباب من خلفه....وربما سمع صداه ركان وهو في غرفته لأنه انطق
:للللللللللليث...تعال...
تنهد يحاول الصمّود واخفاء الغضب من معالم وجهه ولكن مجاهدته في ذلك عقيمة.
توجّه لغرفة ركان
الذي نظر إليه بهدوء
: الحمد لله على سلامتك...ما بغيت تطلع من المستشفى...
ابتسم ركان : الله يسلمك....
ليث جلس على طرف السرير وضع يده على ساق ركان: بكرا طيّارتكم على الساعة تسع الصبح....
ركان بخوف وقلق: متأكد انك قد هالخطوة؟
ليث ببهوت: بإذن الله....بس لا تحرمني من دعواتك...
ركان سكت، ثم نظر له: سوزان راحت فرنسا...
ليث عقد حاجبيه: قلت لها لا تسافر....ليش سافرت اصلا ...ابوها في شي هاللي سافرت؟

ركان بضيق: مادري هي تعاند ولّا تحاول تهرب من نفسها ومن مشاعرها ناحيتي؟
ليث سكت، ثم نظر لعينين ركان: تدري عاد.... حبّك غلطة يا ركان.

ركان ابتسم وهو يتنهد: واجمل غلطة وربّك.....اول مرة احس بهالشعور...ليث الحُب حلو.....بس يوم يصير بظروف تبن مثل ظروفنا.....يقطّع من قلبك اشياء واجد!

ضحك على نُطق"تبن" ليهز رأسه: طيب كلّمتها؟

ركان: كلمتها ترجع بس تقول ما تقدر....عندها شغل وموقعة على عقد ما تقدر تترك كل شي بسرعة....بتحاول تبقى هناك شهر....
ليث ليبث الاطمئنان بداخله: الله يحفظها...
ركان رفع نفسه من على الوسادة: فكّرت اسافر لها
ليث شخصت عيناه: لا تفكّر!.....الوضع كلّش ما يسمح...فكّر بنفسك اشوي وبأمل على الأقل.......مانكر هي جالسة تعرّض نفسها للخطر بس الخطر الي بجيها ولا شي قدام اللي بجيك لو رحت .....ابتعد عشان لا تلفت الانظار .....ودام اجراءات الطلاق خذت مجراها...بإذن الله ما بصير شي....

ركان ازدرد ريقه: قلبي....مو مطمن.....مابي اخسرها .....عليها اخطاء اوك ما انكر.....تصرفّاتها غربيّة بحته.....بس حبّيتها ليث.....ما هوب ذنب إني حبيت...عشان كذا......مابي يجي يوم وتكون فيه وجع قلبي....ابي اعيش بسلام وهدوء معها ياخوي!

هزّتهُ كلمة " يا خوي" وشعر وكأنه السبب في جلب المشاكل على رأس ركان، رغم أنه نصحه في الإبتعاد عنهما، وحتّى سلمان صرخ في وجهه " لا دّخل نفسك فينا...اسلم على يلدك(جلدك)" ولكن ابى ذلك بقيا معهما، يساعدهما من خلف الكواليس، وحينما شعر ليث بحاجته بعد تخرجه من كليّة الحقوق، ولّاه قضيّة رحيل ولكن بعد اصرار كبير من ركان نفسه، وهنا اقحم ركان رأسه في المصائب.

اقترب منه اكثر طبطب على كف يده: ما بصير إلّا اللي ربك كاتبة.....لا صير سلبي....بإذن الله ما راح يصير لها شي....وإن بقيتني اسافر انا هناك واحميها بنفسي والله لأسافر بس انت آمرني وانا بنفّذ.

ركان ابتسم وهو يطبطب فوق يد ليث التي تشد على يده: ما تقصّر يا ليث......بس مابي احملك فوق طاقتك كافي همومك.....انت انهي الأمر مع هالكلاب....وبإذن الله انا بقدر اتصرّف بعدها....

ليث ابتسم بوجه باهت وشاحب: وانا معاك يا ركان....بس تكفى...الحين ابعد عن الشر.....اهتم بصحتك.....وترى امل بتركها أمانه عندك....
ركان: لا توصيني على اختي...
ليث: لو حصل وصار لي شي.....أمل أمانه عندك.....ورحيل
قاطعه : ليييييث شالكلام.....
ليث ارتفع صوته قليلًا: توقّع اي شي...مانيب ملاك...يمكن خطّتي تفشل...ويمكن موتي دنا...
ركان بنرفزة: بدينا بهالحكي ...ليث.....اقسم بالله إن ما سكت عن موّال التوصيّة لأجلس هنا ولا ارجع السعودية...
ضحك ليث بخفة: خلاص طيب....بس ما اوصيك أمل ورحيل أمانة عندك.....رحيل وصّلها لأهلها....وبكذا تنتهي الأمانة!

يوصّيه حتّى على رحيل، خاف حقًا
: ليث من الآخر قولها صاير شي؟....الحمير اكشفوك...
ليث ابتسم: ما سويت شي عشان يكشفوني....
ركان ضرب كتف ليث بقوة: أجل كل تبن....ولا عاد تطري الموت...
ضحك الآخر ليقف: وين أمل؟
ركان نظر له بنظره: لا طيّر قلبها بكلامك الشين...
ليث: هههههههههههه طيب وينها...
ركان: راحت تتروّش بس اظنها خلصت والحين بغرفتها....
ليث غمز له ولكي يغيّر من مزاجه الذي تعكّر بسببه: بروح لأختك!
ركان حدّق به بعصبية: أختي زوجتك لا تقولها كأنك..
قاطعه ليث: ههههههههههههههه خلاص آسف.....علامك معصّب.....
ركان بانفعال: انقللللللللع...
ليث اشار لأنفه" على هالخشم" وهو يضحك بخفة ثم خرج، لينظر لأمل التي خرجت واتت بالقرب من غرفة اخيها ولكن ليث أمسك بمعصم يدها
وهو يقول: تعالي ابي اكلمك...
أمل نظرت لعينيه: بشوف ركان...
ركان سمعها : ترا ركان ما هوب بزررررررررر يا أمل.....مانيب محتاج لا حليب ولا حفايض!

ليث ضحك بصوت عالٍ وأمل ضحكت ورفعت صوتها: شفييييييييييه؟؟
ليث نظر له: مقهووووووووور مني....
ركان : ترا اسمعكم....
أمل ابتسمت ومشت خطوة "لتطل" عليه برأسها: علامك......شكل الجوع ضرب فيوزاتك؟
ركان: لا زوجك غاثني...
ليث اصبح خلف أمل هو الآخر "طل" على ركان ليصبح رأسه فوق رأس أمل ولكن بينهما مسافة بسبب فارق الطول: افا ...
ركان نظر له: انقلللللللللللع...
أمل ابتعدت وهي تضحك والتفتت على ليث: وش قايل له...
ليث : اتركيه عنك وتعالي...
ثم سحبها معه لناحية غرفتها، دخلا....واغلق الباب خلفه
أمل نظرت لوجهه، كيف رغم ابتسامته وضحكته إلّا أنه حزين و شاحب
ازدردت ريقها من نظراتها التفحصيّة لها
: اي شنو فيه؟....وش بقول لي؟
ليث تقدم لها: بكرا طيّارتكم بإذن الله على الساعة تسع الصبح...
أمل هزّت رأسها: تمام......
ليث: جهّزتي اغراضك؟
أمل بنفس عميق: باقي اغراضي اللّي هنا...
ليث بجدية: اخذي اي شي مهم .....ما عاد لكم رجعه لهنا ابد!
أمل سكتت ثم قالت: يدري ركان بذا الشي؟
هز رأسه وهو يقول: اي.....
اقترب اكثر: أمل....
نظرت له، ولخطواته التي تقرّبه منها همهمت بمعنى "نعم"
ليقول: ركان أمانتك......لو جا وقالك بسافر....امسكيه بدينك ورجلينك واسنانك.....امنعيه من انه يسافر .....
أمل نظرت له، يخيفها مرةً أخرى، شعرت بجديّته في الحديث
ازدردت ريقها وانعقد حاجبها الايسر، : ليث لا تخوّفني...
ليث مسك كفّي يديها: ما اخوفك بس امنعيه....لو حصل وعاندك وسافر....اتصلي علي فورًا!
أمل اجتمعت الدموع في عينها: طيب....

ليث نظر لوجهها، تمعّن كثيرًا به
تصّد عن نظراته، تحاول مُجارات دموعها من النزول على خدّيها، يكره النّظر إليها هكذا ، تذكّره بتلك اللّحظة التي قلبت حياته رأسهًا على عقب، يشعر وكأنه ينظر لذنبه ولمعصيته، ازدرد ريقه وشدّ على كفيها ليقترب اكثر
ويقبّل جبينها مطولًا لتغمض عينيها وتنساب دموعها بهدوء
: ما اوصيك على نفسك...وبإذن الله ايام قليلة وبكون عندكم....
ترك كفّيها سيخرج


ولكن مسكت يده اليسرى، ألتفت عليها
أمل مسحت دموعها وبصوت متزن: ليث.....لرجعنا.....أنا قررت....ابي ننفصل....اقصد نطلّق!
ليث سكت، سحب هواء عميق لرئتيه: قلتها لك وبكررها ماحد بيفصلنا غير الموت.

أمل بنظرة رجاء: بس أنا ما اقدر اعيش....
فهم ما تُرمقه إليه فقاطعها: اوعدك .....والله اوعدك يا أمل....ما عاد اقول شي يضايقك....
أمل باختناق: ماقدر اعيش معاك وانت ما تحمل ولا ذرّة مشاعر تجاهي...ما اقدر اتكيّف ووضعنا مو طبيعي كلّش.
ليث اقترب منها، نظر لعيناها: مو مهم الحُب في العلاقة الزوجية ..الإحترام اهم.....بالنسبة لي!

وقبل ان تُردف حرفًا واحدًا: اوعدك .....بنعيش باحترام وبدون ما نأذي بعض.....
ثم أكّد عليها: حنّا لبعض ما في شي اسمه ننفصل!

أمل قبل أن يتحرك : عشان ركان؟

سكت، ولم ينطق بكلمة لن يؤذي قلبها اكثر، هو اليوم تجرّع معنى الأذيّة على معانٍ قاسية سيرحم حالها ابتسم وهو يمسح دمعه سقطت على خدها
الأيمن همس لها: وعشان أمل!

لم تتحدث تتبعثر أمامه، هي تحبّه، ولكن لا تحب سطوة كلماته القاسية
وسطوة تذكيرها بالماضي، لا احد قادر على فهم هذا النّوع من الحُب
ولكن هي تُجزم أنه حُب من باب الإنتقام من النّفس هي تُجزم لا مجال لها من أن تحب شخصًا آخر، تشعر انها ستخدعه لو فعلت ذلك.
لذك ستصرف بمشاعرها جبرًا لليث، ليث هو من اعتدى وهي من رمت بنفسها في ظلامه!
لن تجد شخصًا آخر في تسويّة الأمور طبيعيًا دون فضائح غيره، لن تستطع ان تتزوّج شخصًا لتُهديه حبًّا طبيعيًا تجاهه
لذا هربت من احلامها لتسبق ظلامه وتلتصق به بالزواج، فاسهبت بكل مشاعرها التي تُدرك لا مجال من ان تُعطيها أحدًا غيره.
تفهم وضعها جيّدًا وهذا ما يجعلها بائسة أكثر.
وإن احبّته فهي تكره قُربه الحميمي اصلًا فهي طبيعية من جانب، ليست مجنونة كما ظنّت...دامها تخشى طرفًا منه
فهذا لا يدعو جنونًا!

شعرت به يحضتنها حينما لم تُجيب عليه بكلمه ، اعاد يقبّل جبينها بهدوء ثم قال: استودعتك الله.....فمان الله... بطلع عندي شغل!

وخرج من غرفتها، ليترك لها مجالًا في التفكير في جنونها الطبيعي...لم تُطيل الأمر مسحت دموعها وخرجت من أجل إعداد الطعام لركان!
.
.
.
الخوف...يركض...يلتهب ويضرب....
كيف انتشر هذا المقطع؟
مَن نشره؟
والأهم من صوّره؟
إلى الآن....لم يقع تحت انظار والدها...ها هو امامها يتناول العشاء معها بهدوء.....عقلها شّل....هل يعقل....رهف؟.....ولكن كيف لم تشعر بذلك؟
"يا الله استرني بسترك العظيم" لم تأكل شيء....كيف تنجو من الفضيحة عليها ان تقدم بلاغًا ....من خلال...الشرطة الإلكترونية.....أجل هذه الخطوة ستحل امور كُثر
نهضت
تحدث والدها: وين؟...ما اكلتي شي؟
ابتسمت في وجهه على مضض: كل هالأكل ولا اكلت...يبه شوف صحني....بس باقي هو ما أكلته!
نظر لصحنها لم تحرّك شيء، ومن الواضح انها لم تُلاحظ ذلك: بالله انتي طالعي صحنك؟
مزون انزلت رأسها للصحن لتنصدم: يؤؤؤ...كيف كذا....شكل الأكل يتكاثر عن طريق الهواء!
راشد ضحك : هههههههههههههه عندك ردود لكل شي...الله لا يضرك....
مزون ضحكت رغمًا عنها لكي لا تُثير الشبهات: ههههههه طالعه عليك يا الغالي....اسمحلي...بروح ابدّل وبنزل ابثرك...
ضحك بخفة ثم قال: ههههههههههه انتظرك...إلّا صدق ترا بكرا موعدك....
مزون : ايوا..الساعة عشر؟
هز رأسه: اي....
مزون ابتسمت له، ثم انسحبت، لتولّي بظهرها راكضة على عتبات الدرج وتسابق خوفها من انتشار الفيديو بشكل اوسع ومخيف، ستقدم بلاغًا، لتنتهي المسألة ...صعدت ....ووصلت الغرفة فتحت الباب وسحبت الهاتف....نظرت لعدد اتصالات فائتة من رهف!
وقع قلبها ....واتضحت الصورة ...لم تتردد اتصلت عليها لتقول
بشكل منفعل: رهف......بسألك سؤال واحد وجاوبيني بصراحة!
تلك الأخرى كانت تبكي، اجابتها دون أن تسمع السؤال: انا اي انا....والله مو قصدي مزون اضرّك....والله هو هكّر جوالي...وكنت مصورة لك المقطع ...وكنت بحذفه ونسيت......صار يبتزني...وقال اذا ما طلعت معه بينشر كل اللي في الجوال....وامس نشر الفيديو حقك....واليوم نشر صورتي!

ودخلت في نوبة بكاء عميقة
فصرخت مزون: حسبي الله عليك وعليه....الله ياخذك يا الحقييييييييرة....ليش اصلا تصوريني بدون اذني؟....هااااااا....انا الخبلة اللي فزعت لك....وهربت معك...وخذت ضربة على عقلي ورحت معك تقابلينه....وش جنّيت من خبالك غير كسر بيدي وفضيحة....تبين اهلي يموتوني؟؟؟؟

رهف ببكاء وشهقات متتالية: والله ....والله ما ظنيته خسيس...والله العظيم.......ما دريت بسوي فيني كذا....انا اهلي لو شافوا صورتي والله يذبحوني....
مزون بانفعال: تستاهلين يا عساك في هالحالة واردى.......
رهف بشهقة
اردفت مزون: سوي بلاغ عليه.....الله ياخذك قدمي بلاغ عشان يوقّف ابتزاز......
رهف بدموع كثيفة: اخاففففففف...هددني....لو
قاطعتها: الله ياخذذذذذذذذك....الله ياخذذذذذذذذك هذا اللي اقدر اقول...ارسلي لي رقم جوّاله.....ارسلي لي اياه الحييييييييين باي...
ثم اغلقت الخط في وجهها، مسحت على وجهها بقهر وهي تشتم نفسها حينما قبلت الهروب معها!
دارت حول نفسها، ضاق عليها النفس، الامر ابتزاز اذًا
هل تقدم الشكوى أم تحدّث فهد ام ريّان للتدخّل
تأففت، لأوّل مرة تشعر بشناعة تهورها، ليتها لم تهرب من المدرسة
تقسم راشد لو علم سيقتلها حتمًا تقسم بذلك سيفعل دون تردد إلّا الشرف والفضيحة لا تستطيع مجاراته فيها!
، ماذا تفعل؟ الأمر يفوق تفكيرها يفوق عدم اتزانها؟
تتصل بمن وبمَن تستنجد؟
تتصل بريّان كونه عسكري؟ ام تتصل بفهد؟
يا الله ....ماذا تفعل....نظرت لشاشة هاتفها....رهف رسلت لها رقمه...
تحدثت: ياربي الموضوع اكبر مني...اكبر مني...ِشسوي....شسوي...؟
ضربت على فخذيها بقوّة واحتارت ثم

بكت بصمت، وزادت حيرتها حينما توقعت الأسوأ من رهف!
هل تبلغ عنه، ولكن ماذا لو فعل شيئًا لرهف؟
تخشى من ان تحدثه فيبتزها هي الأخرى
اذا تُخبر والدها بكل شي؟
حرّكت رأسها بضيق
وبكت من جديد........ليس هناك خيارًا ستُدخل فهدًا ام ريّان في الأمر؟
ستدخل احداهما للتصرف برجولة وحكمة اكثر منها!
نظرت للجوال قررت ان تتصل عليه ويديها ترتجفان ...ثم ترددت ورمت الهاتف بعيدًا عنها
جلست على طرف السرير: اهدي مزون....اهدي بعدين قرري بمين تتصلين...اهدي!
.
.
حينما رأت إنه لم يتزحزح من مكانه خرجت من المخزن وقلبها يشدو ألحان الخوف على طُرق متفرقة ألتفت عليها
شد على اسنانه بذعر: رجعي....
وصايف سمعت الخطوات تزداد قُربًا من جهتهما: شنسوي؟
نواف مفجوع حقًّا من الوضع: بركض وانتي دخلي المخزن....
وصايف هزّت رأسها بالموافقة
والآخر اغمض عينيه، ارتجفت ساقيها
همست له: روح خلاص...
نواف بغضب التفت عليها: تدرين انك خوّافة مرا...ليتك مثل مناهل!

لم يُدرك جملته تلك ولم يُدرك اثرها على وصايف، يُقارنها بمناهل بتوأم روحها ونصفها الآخر، اوجعتها تلك المُقارنه وتمنّيه لتكون مناهل
ماذا يقصد؟ هل يُريد أن يوجعها للتو تذكرتها وتذكرت رحيل، اجتمعت الدموع في عينيها التفت عليها، وادرك شناعة جملته طوّق وجهها: وصايف...

ابعدت يديه عنها وركضت للمخزن، لتغلقه عليها بقوة،هل هو يعرف مناهل لكي يُقارنها بها؟ وكيف يُردف باسمها وهي تتجرّع ذكرياتها خلال هذه الأيّام التي سرقتها منها، آلامتها المُقارنة وآلمها الشوق لمناهل، والأشد وجعًا تمنّيه لأن تكون مناهل لا تدري كيف عبثت هذه الجُملة بغبار الماضي لتُبعده وتتذكر اختها الآن...

صوت اغلاق باب المخزن لفت سمع ريّان الذي قال: في أحد؟
نواف طار عقله وركض هُنا ليسابق الريح متجهًا لباب منزلهم المتصل بمنزل جدّه وصل وسحب الباب واغلقه من خلفه ليصطدم بالحديدة التي احالت بينه وبين الفتحه لتمنعه من ردفه ليرتد ويبقى منه جزء مفتوح واحدث صوت صرير مسموع...
ريّان ركض للخلف...ونظر لباب المخزن المغلق...ولكن الضوء متسلل من الفتحة الصغيرة من تحته....
ذهب...وكانت وصايف خلفه تتنفّس بعمق......اشعلت الضوء سريعًا حينما دخلت....مسحت دموعها بعنف
اغمضت عينيها حينما سمعت وطء قدم ريّان يقترب من الباب
لم يأخذ ثوانٍ حتّى فتحه
التفتت عليه سريعًا بوجه محمر
عقد حاجبيه: شسوين هنا؟
وصايف نظرت له بضياع وبعينين محمرتين وبلعثمة: جاية ارجّع ذول...
واشارت للمكانس الخشبية
ثم اطرقت سريعًا: سمعت صوت وخفت وسكرت علي الباب....
لا تريد ان يشك بها ، فاردفت بتلك الكذبة التي لم تعي ستكون كارثة على نواف لو لم يهرب الآن!

ريّان بشك: وانا سمعت....
اشار لها: اطلعي ودخلي داخل وخذي هذا ودّيه لجدي... بشوف الجهة الثانية يمكن فيه احد...

هزّت رأسها وسحبت من يده الكيس ثم توجّهت للباب الخلفي من المطبخ والآخر ينظر لها بنظرات الريبة، مشى بخطواته البطيئة إلى ان وصل الوجهة المعاكسة، نظر لباب عمّه وكان مفتوح تقدم إليه عقد حاجبيه
بهِ شكوك كثيرة ويخشى من ان تتحقق، سحب هاتفه ليتصل على صارم
: الو صارم...
صارم كان في المجلس، يتابع المباراة لوحدة وبعيدًا عن ضجيج اهله في الدّاخل
رأى شاشة هاتفه تُضيء ونظر لأسم ابن عمه
اجاب: هلا ريّان...
ريّان بجدية: صارم....انت في بيتكم؟
صارم: اي...
ريّان: اطلع على جهة الباب اللي يطلعك على بيت جدي...اظن في حرامي خطر بيت جدي لبيتكم....
صارم نهض منفعلًا: لا تقولها!
ريّان لا يريد أن يأوّل الأمور إلى اسوأ حال
فقال: مانيب متأكد بس اطلع ....شوف حوشكم...تأكد....وانا انتظرك قدام الباب...
صارم خرج من المجلس: ازهلها....بشوف الوضع وبجيك....
ريّان بنظرة مقوّسة: وشوف نوّاف في البيت ولا؟...يمكن بعد هو اللي فتح الباب...ما نيب متأكد....
صارم عندما خرج ونظر يمينًا ويسارًا: كل شيء جايز...بسكر الحين بتأكد وبجيك....
اغلق الخط وبقي ريّان ينظر يمينًا ويسارًا ....ويتنفّس ببطء شديد وبعقله موّال يتمنّى ألّا يُصيب بهِ، اعاد ينظر للوجهة الرئيسية بحذر...ودخل المجلس ليتأكد من خلوّة من اي احد .....ثم عاد ينتظر صارم أمام الباب!
.
.
ركب الطيّارة شعر، بعودة روحه في جسده ، حقًّا هو قلق من أمر افتضاح الأمر وتماشيه على خُطى تُنهي حياته، لو لم يتدخّل ستيفن لمشت الخطّة في افضل حال.....ولكن هو تخلّص من ثقلها ابتدأها وانهاها سريعًا لذا يرجو الله على أن تتحقق النتائج كما يريدها اللورد....
اسند رأسه للوراء، تذكّر الأمر...
.
.
وضعها على السرير كان جسدها مرتخيًّا كليًّا ينظر للهالات التي تُحيط عينيها، ينظر لاستسلام جسدها للمنوّم بشكل فضيع هي مُتعبة والمنوّم أتى بمفعول جيّد لإسكات ضجيج عقلها، ابتسم بسخرية
مسكينة، تدفع ثمنًا لا دخل لها فيه، اشعل الإضاءة الخافتة، لينظر لملامح وجهها، جميلة ليس بِها ما قد ينفّر الرّجل ويبعده ....رغم التعب .....إلّا ....إنها ما زالت تحتفظ بمعالم جميلة ....ومثيرة ايضًا!
خرج الذئب من داخله.....ولكن ولّى بظهره عنها ليشد على شعره
: بتّال لا تفكر......لا تفكر كذا.....الوضع بكون ادمر.....
تنهّد....اخذ يجر انفاسًا لتهدأت الضجيج وتهدأت رغباته، أخذ يجول للأمام والخلف
نظر لها من جديد ليهمس: والله ستيفن ما كذب لم قال جميلة!

اشاح بنظره عنها، لن يُقبل على الأمر إلّا بعد ان يُطفأ لواهيب رغباته، اخذ يجول أمامها يسترق النظر تارة وتارة اخرى، يغمض عينيه ويستل نفسًا عميقًا ليُشيح بأفكاره الخبيثة بعيدًا عنها، يشعر وكأنّ هنُاك مغنطيسًا يملك جانبًا اجابيًا وهو سالبًا في الأصل ليجذبه بقوة، وهو يحاول الإنفصال ليبقى في الجانب الإجابي ليصبح متنافرًا مع رغباته ولكن الأمر لم يكن سهلًا
هو في الواقع اعتاد على اللّهو، على الضيّاع في مغناطيس ذنبه والآن يحاول الهروب من مغناطيسهُ المُعتاد ليس من أجل ألّا يحظى بالذنب
بل من أجل حقن دمه وروحه!
اقترب منها انحنى لينظر لوجهها، انفاسها منتظمة وانفاسه عشوائية يحاول بها تسكين قلبه وهيجان وحشه الذي يُريد الإنقضاض عليها، سحب هواء عميق من زفيرها الرّاكد....اغمض عينيه.....ثم فتحهما لينظر لخدها الأيمن المحتفظ بالنُدمة الشهيرة، علّقت عيناه على رموشها المبللة بالدّموع، لم يتوانى عن لمس حاجبها الأيمن المعقود قليلًا ليقترب من عُقدة انفها الشامخ، حتّى وهي نائمة تتألم!
ألتمس ذلك، مرر سبابته على انفها وكأنه يُرسمه في خياله لا يريد أن ينسى هذه الملامح المحرّمة عليه، استقرّت سبابته على نُدمتها، ليضج بداخله صوت الضمير فابتعد،
شتم نفسه ، سينهي الأمر سريعًا قبل أن يفقد سيطرته على الأمركلّه، سينهي الأمر نهض واتجهة للجانب الآخر من السرير خفف الإضاءة اكثر!
.
.
فسمع صوت المضيفة التي تسأله هل يريد شيئًا ولكن فتح عينيه ببطء وهو يقول: No…..thanks
نجى من نفسه في تلك اللّيلة، ونجّاها من خزعبلات رغباته.....ولكن كيف سينجو من عقاب ربه...هو لم يفكر بذلك اصلًا...ولكن جُلَّا همّه كيف سينجو من اللورد لو فشل عمله...تنهد وعاد اغمض عينيه وهذه المرة وضع السماعات في أذانه ليخرسه ضجيج افكاره!
.
.
.
جالس ينتظره، حينما أتى اسمعهُ التسجيل ولكن هرب قائلًا" بتروّش وبجي اوضّح لك كل شيء" ولكن بعدها لا يدري اين ذهب وكأنه يتهرّب من لُقياه أتى وقت صلاة المغرب وكذلك العشاء ولم يراه
والآن دخل الغرفة ليجده
ضحك: ههههههههههههههه شفيك انزرعت في غرفتي....
محمد وقف منفعلًا: تهرّب بعد....روح شوف يمكن ابوي يبي شي...
فيصل اقترب منه: والله ما اتهرب امي قالت لي اروح اشتري اشياء ضرورية ما تنتأجل.....
ثم غمز له ليأخذ محمد الوسادة ليرميها عليه: احر ما عندي ابرد ما عندك......يا الوسخ!

فيصل انحنى لتضرب الوسادة في الهواء وتسقط ارضًا قهقه بشكل مستفز لمحمد الذي اقترب منه واعاد تشغيل التسجيل الصوتي ولكن فيصل خرج عن طوره مسك الجهاز واغلقه
: خلاص فهمت....
محمد : عشان كذا كنت تشك فيه؟
لم يردف فيصل حرفًا واحدًا بينما محمد وجهه مُحتقن بشكل يُظهر لأي مدى وصل غضبه
محمد بانفعال: لهدرجة تكره اخوك عشان تجلس تأذّيه؟
فيصل اندفع: ما اذيته يا محمد......الله يهديك لا تجلس تفلّم على راسي.....
محمد اشار للتسجيل: اجل هذا وش؟.....واختراقك لحساباته ....ايش اسميها؟....بقول فضول؟
فيصل شتت نظره عن اخيه، ألتمس جديّة محمد في الحديث عن الأمر، وشعر أنّ امره سيُفضح
: اي فضووووول....لم حسيت ليث مو على بعضه.....فجأة لقيت نفسي انبّش من وراه....
محمد بعصبية: تطفلك عليه بهالطريقة الوقحة مالها دخل بالفضول....
فيصل سكت لوى لسانه داخل فمه ثم بلل شفتيه: إلّا فضول....انا اكثر من مرا اسمعه يتكلّم بالجوال صدد....
قاطعه محمد بنبرة مرتفعة: مو صدفة.....انت وقتها تبي تسمع وجلست تصنّت عليه...
فيصل سحب نفس عميق لا يريد ان يخرج من طور هدوءه: محممممممممممد.......لا تكبّر السالفة هو سالفة فضول...وما قدرت اواجه ليث واساله وحطيت هذا....و
قاطعه محمد هُنا: على اللي يسويه لك....انت من وراه شتسوي؟.....تطفّل عليه.....تخترق....تسجل...مدري شنو...ولو فضول وراح.....ليش محتفظ بالتسجيل لحد الحين.؟؟
فيصل ولّى بظهره عنه توجّه للكمودينة اخرج علبة السجائر، سحب سجارة واحدة واشعلها وجلس على طرف السرير، أخذ انفاسًا عميقة منها واخرج الدخان بشكل فوضاوي مستفز
لمحمد الذي يُكمل: بالله قول تصرفك صح؟
فيصل نظر له تحدث والدخان يخرج من فمه وانفه: لا......
ثم نهض واخذ الجهاز ورماه على الارض لينكسر: هااا عساك ارتحت.....
محمد دفعه من صدره: مو هنا المشكلة.....
اشار له: المشكلة فيك.....وش الدافع الل يتركك تسوي كذا.....ليش تكره ليث؟
فيصل صرخ في وجهه بغضب بعد ان رمى السيجارة ودعسها بقدمه: ما اكرهه شفيككك انت......فضول...مثل ما فضولي تركني اعرف زواجاتك المسيار........تركني.....اشوف وش وراء ليث.....
محمد كاد يتكلم ولكن انفتح الباب على حين فجأة ودخل والدهما
الذي نظر لهما بشك: وراء تصارخون؟
فيصل مسح على وجهه وشتت ناظريه عن ابيه
بينما محمد نظر لأبيه: ما فيه شي....بس كنّا نتناقش على موضوع وتحمسنا...
بو ليث تقدم لناحيتهما عقد حاجبيه: في شي اسمه اسلوب.....
ثم شم رائحة يبغتها كثيرًا: تدخنون يا الملاعين؟
رغمًا عن فيصل ابتسم جانبًا
ومحمد رمق فيصل بوعيد وعاد ينظر لأبيه: لا وش ندخّن....
بو ليث ارتفع صوته: ما فقدت حاسة الشم اظن....والريحة فايحة هنا.....

ثم حوّل انظاره على الارض ليجد اثر رماد السيجارة
والأخرى مُلقاه بالقُرب من رجل محمد
: وهذا شنو؟
وبسخرية: بسكوت؟
فيصل ضحك بخفة: ههههههههه يبه...
محمد تدخل سريعًا لينهي الأمر: الصدق يبه ما زلت ادخّن...
فيصل نظر لمحمد بدهشة من اعترافه من انه "ما زال..." ولا يدري لماذا دافع عنه والقى التُهمة عليه
تحدث والده: ما نيب قايل لك تترك هالدمّار.....وراك ما تفهم.....هذا وانت من رجال الصحة...واخبر بهالأمور....
محمد شتت نظراته عن ابيه وعن فيصل : عجزت اتركه....
بو ليث بغضب شديد: بتتركككه غصبن عنك.....طس تعالج يا المدمن.....
واشار له: ولا عاد تدخن بهالبيت....ولا تدخّن قدام اخوك......ولا تسحبه لطريقك...ولا والله.....بجيك مثل ما جا ليث!
فيصل ازدرد ريقه هُنا، ونظر لمحمد الذي خُطِف لونه
: تامر يبه...
بو ليث: اتركوا عنكم الصراخ......عندكم موضوع تكلموا فيه بهدوء......والله لو سمعتكم امكم كان طاح قلبها........شباب طايش مابه خير....وش هالجيل الدمّار...عوذه!

ثم ولّى بظهره وخرج واغلق الباب بقوّة...
محمد مسح على وجهه عدّت مرّات، وفيصل رحم حاله
تحدث بهدوء: والله يا محمد نيتي ما هيب نيّة ابتزاز ولا كره ولا حتى اني اذل فيها ليث ....الوضع كلّش مو كذا...
محمد مسح على لحيته، التفت على اخيه سريعًا
: اسكت....
فيصل علم محمد خرج عن طورة، فسكت ومشى لناحية علبة السجائر سحب اثنتان واشعل واحدة بعد ان وضعها تتراقص ما بين شفتيه
: وطلعت تدخّن!
مد يده: خذ روّق....وبعدها نتفاهم....

محمد سحب هواء لرئتيه مشى ليضرب صدره في يد اخيه الممدودة جلس على طرف السرير
ليضحك فيصل: هههههههههههههه طلعنا كلّنا دشير.....وندخّن واضح حتى ليث من ضمن الفريق....خذ عاد...
مد يده من جديد
محمد نظر له قوّس حاجبيه: مادخن مثلك بجنون....وتدري لو ابوي عرف انك تدخّن.....وش بسوي؟
فيصل بلا مبالاة: وش بسوي؟
محمد: بسحبك مثل ليث ووديك مكافحة التدخين....عشان تخضع للعلاج وتلتزم فيه ........وهو يطمّن انك مجبر على اتباع النصايح والارشادات والتوجيهات منهم.....
فيصل بصدمة: أمّا عاد....كلّها دخان ما هوب مخدرات....وبعدين هم ما خبري يحتجزون احد؟
محمد : على وقت ليث لا واظن حتى الحين....بس توعية وارشادات....عاد تخيّل ابوي يمسك يدك وروح فيك هناك كأنك بزر.......
فيصل: ههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههه.......ماب ي اتخيّل....واضح ذّل ليث ذل....
محمد ابتسم رغمًا عنه: وجيت الحين انت تذلّه....
فيصل تعكّر مزاجه هنا: إلا تعكّر الكيف....
محمد: اترك الكيف عنك.....وقولي ليش تراقبنا...يلا جمعت....عشان لا تاخذ الوضع شخصي!

فيصل بتلاعب: عشان آخذ خبرة حياتية منكم....بس طلعتوا دمار....
محمد بملل: لا حول ولا قوّة إلّا بالله.
فيصل بهدوء: لا تكبّر الموضوع هو طيش مني لا أقل ولا اكثر...بس زواجاتك....ومعرفتي عنك تراها بسيطة.....
وبخبث: اخر اخبارك مستقرة ......وما عندك زوجه.....
محمد سكت، ونظر لأخيه
فجأة ابتسم ورفع حاجبه الأيمن: ولا عاد بكون لي.....حياة السنقل ...ما فيه احلى منها....
فيصل جلس بالقرب منه اطفأ السيجارة: ودانة؟
محمد ألتفت عليه باستنكار: ما هيب من نصيبي...
فيصل بجدية وعقلانية : شوف الله حق...اشوفها تناسبك...نفس الفكر....ونفس الطموح....ونفس الهوايات......
محمد ابتسم بسخرية: وش دراك انت.....
ثم قلّد صوته: نفس الهوايات..
ضحك الآخر: هههههههههههههههههههه والله الظاهر يقول كذا.....بعدين تعال....صدق جدّي طريقته غلط ويمكن هالشي مأثر عليك وعليها من قبول فكرة الزواج من بعض....بس اترك هالجانب ....وشوف الجانب الثاني....دانة بنت ذربة ...ما شاء الله طموحة وقوية.........والله انها كفو.....خاصة لم عاندت جدّي في دراستها....ماحد كسر كلمته من البنات إلّا هي....
محمد نهض وبانفعال: خلااااااااااص دامك معجب فيها خذها روح كلّم جدي قول أبي دانة......وفكني من هالسالفة اللي تبي تطلع من خشمي!

فيصل نهض معه سكت قليلًا ثم قال: احميد....اهجد وقصّر صوتك لا تدخل علينا امي بدل ابوي.....ما قلت شي.....مو مدحتها يعني ابيها......
وبخبث: لا تغار...ترا عيني ما هيب طويلة!

محمد صفق كفّي يديه في بعضهما البعض: جنّيت الحمد لله والشكر تدخل هذا في ذاك.....خبل...جايك في موضوعك...فجأة قلبته موضوعي....ولا تأوّل كلامي على كيفك...مسطول؟

فيصل ضحك: هههههههههههه حبيت انصحك وانت معصّب عاد كيفك......تبي تاخذ النصيحة كان بها ما تبي ......بالطقاق...
وبنبرة خبث: حط ببالك ما هيب واقفة عليك حبيبي.....دانة بنت الكل يتمناها......واسمع من صارم الخطّاب يجونها لكنها ترفض.....بإذن الله بتلاقي اللي يطشرك وخليك صفر على الشمال....
محمد بنرفزة ذهب لناحية الباب وهو يردف: الله يهنّيها
ثم خرج واغلق الباب وبقي فيصل ينظر للباب وهو يهتز من الضحك، ثم سحب هواء عميق ونظر للجهاز الذي تحطّم مسح على رأسه
: كيف ما اتلفته....والله كنت بنفضح!
.
.

.
.


انتهى


.
.
قراءة ممتعة يا حلوين

البارت هذا
ما تدرون قد إيش كان ثقيل علي في الكتابة(فيه ذكريات كثيرة


استنزف منّي شوط كبير من الطاقة في تلك الأيام(ايام كتابته كثيرة


نترك الفضفضة(^



لقاؤنا القادم سيطول نوعًا ما


تأنوا بالقراءة

واسعدوني بتفاعلكم^^


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-21, 12:52 AM   #18

زينه 4

نجم روايتي ومشاركة بمسابقة الرد الأول وابنة بارة بأمها

 
الصورة الرمزية زينه 4

? العضوٌ??? » 372378
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 3,418
?  مُ?إني » قلب امي
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » زينه 4 has a reputation beyond reputeزينه 4 has a reputation beyond reputeزينه 4 has a reputation beyond reputeزينه 4 has a reputation beyond reputeزينه 4 has a reputation beyond reputeزينه 4 has a reputation beyond reputeزينه 4 has a reputation beyond reputeزينه 4 has a reputation beyond reputeزينه 4 has a reputation beyond reputeزينه 4 has a reputation beyond reputeزينه 4 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
يمّه على داعيك يزداد قدّي بك افتخر يا ملهمه يا عظيمه
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

جاري القراءه ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

زينه 4 غير متواجد حالياً  
التوقيع

كل يوم حكاية تسرد على مسامعنا مزيدا من أمل
تخبرنا بأن ما عند الله أفضل
تجعلنا نتفائل ...💛💭
رد مع اقتباس
قديم 26-02-21, 11:10 AM   #19

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


Part14
.
.
.
.
.
.





قبل لا ندخل في البارت حبيت أنوّه على كذا نقطة عشان نصير في الصورة السليمة مُنذ البداية، شخصيات الرواية ليسوا منزّهين كل التنزّيه فهم بشر يصيبون ويخطئون، والأحداث فيها من الواقع والخيال النّاطق، لم اقتبس الأحداث من حياة أحد أبدًا أبدًا، وليس هدفي تزيّين الحرام، بعض تفاصيل الأحداث لم أحبّذ التطرّق لها لأسباب عدّة حفظًا للحدود التي وضعتها لنفسي، كتبت اشياء كثيرة من وجهة نظر مختلفة خاصة لشخصيات الرواية، بعض الأحداث ربما كُتبت لتكون خارج دائرة المألوف بطريقة ما، فيه تعدد باللهجات لمناطق السعودية ودول أخرى إن اخطأت فيها اعتذر للجميع حاولت بجهد أن اظهرها بشكل صحيح ولكن اعلم اني بشر أُصيب واخطأ فألتمس لكم العذر من الآن، و يُسعدني ان اشارككم ايّاها بصدر رحب..فأنا اتقبل النقد ووجهات النظر بأدب ورُقي، روايتي ايضًا تحتاج لتأني في القراءة كما أنّها معقدة بعض الشيء، كتبت أجزاء كثيرة منها ولكن اعتذر منكم لن استطيع أن اشاركم اياهم في دفعة واحدة لعدّة اسباب منها ما زالوا على قيد التعديل غير إنّي مقيّدة بظروف خارجة عن إرادتي..لذلك سيكون هناك بارت واحد في الأسبوع "اليوم" لن يكون محدد..في الواقع لا استطيع تحديده استنادًا لظروف حياتي الشخصية.





.
.

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
(لا تلهيكم الرواية عن الصلاة، اللهم بلغت اللهم فاشهد)
.
.
.
.


.
الشّر والغضب يشتركان في تحفيز الروح على الإنتقام من اللّاشيء ربما، في بعض الحين الشّخص نفسه يبحث عن متنفّس لكي يُظهر فيه سلبيّة روحه لينجو من الكُتمان الثقيل والذي يهوي بهِ في أسفل الأراضي القاحلة، لذا يهرب...يركض....يحاول الإختفاء من سبب هذا الغضب الذي يَحرقهُ من الدّاخل ...يريد النّجاة منه لكي يستمر في العَيش فقط....لا يريد أن يرتكب حماقات تترك أثرًا غدًا؛ ينظر لها ويندم!
لا يريد أن يصرخ بضجيجهُ ويُسمع العالم خسارته الذي جاهد على ألّا يتجرّعُها يومًا....لذا يحاول ويجاهد ألّا يتآكل على نفسه بل سيسلّط كل ما بداخله من جنون على تلك الأفكار التي دارت أمام عينيه....عليه ألّا يصبح ساذجًا أو دُمية خشبيّة من الصنوبر ذات خيوط حريريّة ومشابيك أخرى لتحريكها حيثما يشاء المرء!
ولا يريد أن يُصبح رجل آلي....يتحكّمون بعقله يُبرمجونه على أهواؤهم الخبيثة.....لم يعد بعد الآن يرغب في السكوت عن الشر....ودّ لو كان ميزارو الذي يُغطي عينيه لكي لا يرى الشّر....ودّ لو كان مثل كيكازارو الذي غطّى أُذنيه لكي لا يسمع الشر.....ولكن اجبر على أن يرى ويسمع الشّر ليدخل في قوقعة عدم التحدّث بهِ كـ إيوازارو....تلك القرود الثلاثة الحكيمة ذات المعنى العميق.....الآن ادرك المعنى الحقيقي لها....كانت تُشير على عدم إعطاء فرصة للشّر للتمكّن من الإنسان والتأثير عليه هذا آخر ما توصّل إليه الفلاسفة ولكن هو الآن شعر وكأنه في التفسير الأوّل لمعانيها.....هو سكت عنهم وكأنه جبانًا كما ادرك البعض الفهم المغلوط...ولكن هو نفسه يرا ما حدث لهُ كتلك القرود...ولكن على معاني الجُبن...والآن اهتزّ لينجلّي الجدار ويُعكس التفسير الآخر ليجعل الشّر متمكنًّا منه.....بطريقة قاسيّة!
الشّر بدأ يستحوذ على قلبه...الحقائق بدأت تُلوّي عقله عن التفكير بمنطقيّة.
يشعر بلذعة عقرب ذنبه في الماضي...هو الآخر استحوذ عليه...ليذوّقه من العذاب ذاته ما ذوّقهُ لغيره....إن كان الأمر مُدبّرًا لا يُعني أن الشعور سيختلف...هي خائنة...وهو الآن هارب لكي ينجو من جنونه!

ولكن هُناك شيء يُخرس كل خلاياه عن النّطق كيف يتقبّل اضطجاعُها بجانب ذلك الغريب، او كيف يُخرس حماقات تفكيره من قتلها اصلًا؟
بكى....وكأنهُ ينتظر هذه اللّحظة لكي ينهار فيها....

الرّجال يبكون أجل يبكون خفاءًا وخفيّةً عن الأنظار...يتأرجحون بألمهم كالبندول....يختفون في كهوفهم مُتحاشين تلك الكلمات التي تُطبطب على اكتافهم خوفًا عليهم من الإنهيار.....يبكون ولكن بصمت عيونهم....فهم يبكون حسرةً وقهرًا بأفئدتهم المعتّلة بالأوجاع...
.
.
ومالي لا أبكي...أبكي حسرةً على ضياع عُمري أم ابكي تندمًا على اتّباع صاحبي الذي لا ذنب لهُ في الأصل؟
أم ابكي على كبرياء عظيم نشأ من بؤس روحي المُظلمة التي سحبت رحيل في وحل السجون؟
ومالي لا أبكي؟
وأنا ضائع ما بين هفوة خيّانة .....وشعوري بالإنكسار.....ابكي أجل...أبكي على تلك الأيّام التي طوّقت عُنقي عُنوةً لتجرّع أصنافًا من الآلام......بل أبكي على نفسي وعلى خُدعتهم التي طوّت أيّامي بالتهديد والعجز!
فمالي لا أبكي؟....أبكي ضُعفًا....أبكي خوفًا من نفسي....بل ابكي لعدم حُسن تصرّفي في هذه الأيّام.....ومالي لا أبكي....وأنا الآن مكبّلًا بأغلال ظنوني....أبكي لأنني عاجز من تكذيب خيانتها أم ابكي لأنني اظنُ في تلك النّفوس الضعيفة؟
.
.
رفع رأسهُ عن مقود السيّارة، نظر لساحة حربهم قبل سنوات...هُناك طُرِح سلمان أرضًا بعد إصابته....وهُناك وقف ركان صارخًا بعد زعزعة طمأنينة فؤادة....الشّارع يُضيء بالأنوار على عكس قلبه.....ضرب بكفّيه على المقود وكأنه يضرب على ذكرياته ليُفقدها وعيها، سيعود ليترك لهم ضربة موجعة ....ولكن يرجو الله أن يقوّيه على فعل هذه الضربة....
اشتدّ نظره....حينما نظر لستيفن وابا سلمان واقفان....أمام بعض....ابا سلمان يحرّك كفّيه أمام وجه ستيفن بوجه مُكفهر...والآخر من الواضح أنه يصرخ....
ها هي الفُرصة أتت إليك يا ليث.....اخرج من قوقعة استسلامُك مع حديث النّفس وقاتل من أجل شرفك....فتح باب السيارة التي أركنها على بُعد متر من المعمل....اغلق بابها بقوّة واخذ يركض وهو يصرخ" ستيفن"، وكأنه يُريد أن يقطع بصرخته نقاشهما الحاد.

ابا سلمان ألتفت على ليث وضجّت خلايّاه بالقلق، ترك ستيفن وراؤه وفهم هيجان ليث الذي يركض....وصل إليهما ولكن تخبّط في صدر ابا سلمان الذي تصدّاه ليصرخ حينما شتم ليث ستيفن وحاول الإنقضاض عليه
: ليييييث......عن الينون......
ستيفن وكأنه الآن أدرك خطورة حديث ابيه، وكأنه فهم الأمر سيَخرب بسببه وها هو الآن يُدرك ذلك على انفعاليّة ليث أمامه ومُحاولة التطبيق عليه، هو مقهور من رحيل شعر وكأنها رجل قوي، فهي اقوى من رغباته تُحاربه وتترك اثرًا على جسده وليس أي اثر...بل اثر قوي لا ينمحي ابدًا عن مخطوطة جسده!
ودّ لو وكّلِت إليه الخُطة بدلًا من بتّال....هو تحدّث مع ابيه قبل قليل يُعاتبه على عدم ثقته به في تسليمه لهذه الخطّة...ولكن والده خرج عن طورة ليصفعه على وجه طاردًا إياه ومهددًا بقوله في ترجمة لغته
"اخرج لا أريد أن أرى وجهك يُكفيني عبثًا وجنون، ليث ليس غبيًّا سيفهم كل شيء بسببك، لا اريد ان اراك، ستُسافر رغمًا عنك بتواجد عدد من الرجال لمراقبة افعالك أيها الأحمق"
شعر بالإستنقاص، وفهم فكرة ابعاده هذه ربما من العقل المُدبّر ابا سلمان فأتى إليه شاتمًا إيّاه ودخل معه في نقاش حاد، ولكن اقسم ابا سلمان هذه المرّة فكرة ابعاده عن البلد ليست فكرته بل فكرة اللورد، خبّأ بقيّة خطّة اللورد في نفسه لو علم بها وهو على هذا الحال لقتل ستيفن ابا سلمان في الواقع.

كان ينظر لليث باستمتاع شديد ويبحلّق في محاولة التفلّت من يدين ابا سلمان لينقض عليه ابتسم، هُناك شيء بداخله استيقظ وجعله يرضى بكل ما يحدث له
غمز لليث، وابا سلمان ألتفت على ستيفن يصرخ به ليذهب
ولكن ستيفن اخذ موقفًا من والده والجميع والآن يُريد توريط المجموعة في الواقع، هو سيُبعد عن دائرة السوء والخطر
سيكون على متن الطائرة بعد ساعة سيُسافر إلى (فِييَنَّا) لذا ليث لن يستطيع ايجاده، ولكن ابيه وابا سلمان هما من سيتوهقا به
لذا اقترب خطوة للأمام ولكي يبّث السّم في العسل تحدث بنشوة الانتصار وبنشوة الانتقام من ابيه
وبِلا تردد قال(مترجم): استمتعت بزوجتك بالأمس....أجل هي حمقاء حينما وثقت بذلك الرجل في مساعدته لها....في الواقع اوّد ان اخبرك.....جلبها لي واستمتعت في لحظات انتقام الثمان سنوات!
ارتخت يدين ابا سلمان، وشخصت عيناه حمد الله كثيرًا لأنه لم يُردف باسم بتّال، اي خُبث بثّهُ في نفس ليث، برّأ رحيل من الخيانة في دقيقة، وأوقع على اعتاقهم ثُقل ليث وغضبه، ابتسم ستيفن لليث وغمز لهُ بعينه اليُسرى ومشى بخطوات الخُيلاء لناحية سيّارته!
وابا سلمان ضجّ فؤاده فهم خطّة اللورد على اي اساس قائمة؟
قائمة على اساس خُبث ابنه، وفهم خوفه عليه حينما اعفاه عن امور كُثر تُبرّئهُ من زوبعة اعماله، فهم الآن ...وبدأ يخاف من كل شيء هو الآخر!

ستيفن لوّح بكف يده وركب سيارته واختفى في غضون دقيقة، وليث ضجّ قلبه، تمكّنوا منها؟ عصفوا بها من جديد؟ اوقعوا الشك في قلبه عبثًا....والآن تخرج براءةً من خيانة الجسد لتدخل في مسألة الخديعة؟

بردت اطرافهُ، هي مخدوعة؟ تم اغتصابها على مبدأ الإنتقام؟ هل خدعوه؟
لماذا هو الآن مصدوم؟ هل لأنه ادرك ما دار في عقله؟ ام لأنه يتألم من خيانة قلبها وخديعتهم له ؟ بأي حُزن يبتدي في غضبه؟
بحلق في وجه ابا سلمان ولم يتردد في ان يشد على ياقته
صرخ: تخدعوووووووني......حتّى بعد موافقتي على رجوعي للمعمل تخدعونيييييييي يا كلابببببببب؟

أتى موقف الإنسحاب....موقف تلميع وجهتهم....ووضع حدّ لهذا الغضب...ربما الأمر لن يُخمد النيران المستعيرة ولكن عليهم أن يُلقوا بألسنتهم السليطة في تبريئة اوضاعهم المشبوهة....وضع يديه على كفّي ليث
: والله ما خدعناك....والله!

يحلف كذبًا، دون استحياء ....دون الخوف من الله....يكرر حلفهِ وكأن الأمر هيّن...وهو عند الله شديد!

أخذ يهزّه ويثبّته على الجدار....لا أحد هُنا لكي يُنقذ ابا سلمان....فهم لا ينشرون حرّاستهم علنًا أمام باب المعمل لكي لا يثيرون الظنون ....فهم يعملون دون وضع حُرّاس أمام الملأ....خاصة على الأبواب.....خشيةً من افتضاح حقيقة عملهم وألتفات النّاس من حولهم وجلب انظار الصحافة والتي تنتظر فقط ضوءًا ليستدلّوا بهِ لنشر الأخبار .....ولكن في تلك الليلة .....حينما هجم ليث وصاحبيه على المعمل....كانوا مراقبين في الواقع.....ارشقوا وامطروا عليهم الرصاص واختفوا بسرعة....

لم يُبالي لكبر سن ابا سلمان، لكمه على وجهه لينحني الآخر غضبانًا، كيف للورد أن يحمّله تلك المسألة.....ليُصبح في وجه المدفع دون حرّاسة؟ شتم اللورد في نفسه ...وحقده عليه يزداد يومًا بعد يوم!

استطاع ان يستقيم بجذعه ويشد ليث إليه بقول: عطني فرصة اوضّح لك كل شي...
ثم لم يُمهل ليث في الهجوم أو في نطق حرفًا واحدًا سحبه وادخله في المعمل واغلق الباب خلفهما

صرخ: مينون انت....تضربني....احترم سني على الأقل....
ليث تقدم له وامسكه من ياقته وصرخ: كككككككككككل تبن....منو انت يا الخسيس عشان احترمك......والحين قولي...وش اسوي فيك؟....تبي احرقك في هالمعمل؟
ابا سلمان هاجمه في الحديث: اللي سوّاه ستيفن في زوجتك احنا مالنا دخل فيه......هو سوّا كل شي من نفسه...واليوم عرفنا.....واللورد......طلّع شهادة وفاته!
ليث صرخ سحب من على الطاولة قارورة صغيره بِها محلول حمضي قوّي، ألقاه بِلا تردد على ابا سلمان ولكن الآخر ابتعد لتصطدم القارورة على الجدار ثم تستقر على الأرض!

بحلق بعينيه في وجه ليث الغاضب...ها هو ليث يأخذ منه اسمه الكثير...تحوّل إلى اسد يُريد الانقضاض والانتقام وكأنه خرج من قوقعة الصدمة...ليترجمها بأفعال التخريب!

صرخ ابا سلمان: انتبه حنّا في المعمل....وكل بَطّل(قارورة).....أهنيه خطر .....ويمكن يسبب انفجار كبير....فحط عقلك في راسك واتزن في افعالك يا ليث...

ليث تقدم لناحيته لكمه من جديد، سحبه إليه ليضربه بركبته على بطنه ليجعله يسعل بعد ذلك دمًا....

ينتقم من السنين من اعترافات قلبيّة حطّمت بداخله الكثير، ينتقم من فعلته في السنين الماضية التي تُترجم الآن قضيّة اعادة الحق لأصحابها بطريقة غير مُنصفة ومُظلمة لـِ رحيل، لم يتردد في سحب لوح خشبي مثقّب ومن الواضح عليه بقايا محلول كيميائي ذو رائحة نتنة، رفعها وهوى بها على ابا سلمان الذي يتلوّى ألمًا ويحاول النهوض بصعوبة
ثم تصدّى الضربة بيديه وبعدها نهض ليدفع باللّوح ليث للوراء

صرخ: قسسسسسسسسسسم بالله وهذاني احلف لو ما هدّيت نفسك بأخلّص عليك اهنيه......ترا سلاحي في ييبي(جيبي)...والله ما يردني عنك أحد!

صرخ ليث والعرق بدأ يتصبّب على وجهه، تحدث وهو يلهث: ما تنعطون وجهه قلت لكم برجع....تروحون تعتدون على شرفي....على عرضي؟!
ابا سلمان
يعلم انّ القضيّة صعبة، والآخر اوهمه باغتصاب رحيل لا يستطيع نفي شي مما قاله ستيفن لكي لا يؤكّد قضيّة اشتراكهم معه، لذا مسح على وجهه وبصق الدّماء التي تجمّعت في فضاء فاهه، ثم نظر لليث

اشار له: والله ادري صعب....بس احلف لك بالله......احنا ما لنا دخل....اللورد قال بعد موافقته على شغلك في المعمل اللي يتعرّض لك له الموت......ستيفن يظن نفسه نجا....بس هو الحين مشى ووراه الحرس.....بيذبحونه على خيانته.....بيذبحونه على تجرّأه في كسر كلمة اللورد....

ليث بصرخة تقدم لناحية ابا سلمان شده من ياقته من جديد ثم دفعه على الطاولة الخشبية والتي بها العديد من الأدوات الكيميائية كالكؤوس الزجاجية المدرجة، و المخبار المدرج وغيرها التي حُطمت سريعًا مع ارتداد جسد ابا سلمان عليها صرخ: أنا ذبّاححححححححححة.....قوووووو� �ولي وين بروح؟ وييييييييين؟...ابي اشوف كذبك لوين ومتى بينتهي ؟

اغمض عينيه ابا سلمان وشعر بالألم في ظهره، يقسم لو لم يهدده اللورد من احداث ضرر لليث لقتله هُنا، انحنى ونهض ثم اشار له: اللي ماسكني عنك الاتفاق...ولا كان ذبحتك أهنيه في مكانك.
ثم سكت
وتذكر اللورد، وكيف كان يشرح لهُ الخطّة، وكيف بيّن لهُ طريق الهروب من أجواء ليث المختلطة بالغضب والابتعاد عن زفرات جنونه، اللورد كان متوّقع الاسوأ لردّات فعل ليث.
ثم اقترب منه وبنبرة حادة
:.....اللورد ما يوكّلني امر القتل.....هالموضوع مالي يد فيه...يوكّل ناس.....قتلة مأجورين.....عشان الفضيحة....بس اقدر اثبت لك...ستيفن خاين.....ولقى عقابه.....

ليث بتخبط اشار لأبا سلمان: كذاااااااب.........كذاااااااا� �ااب.....
صرخ الآخر: قلتتتتتتتتتت لك بثبت خيانته لك......
ثم ابتعد واجرى اتصال سريع
تحدث دون ان يُثير الظنون في نفس ليث
(مترجم): هل قتلوه؟
ضحك الآخر بقوة واغمض عينيه وفهم ما يُرمقه إليه ابا سلمان ،
تحدث(مترجم): ههههههههههههههههههه..... سنبرّأ انفسنا دون ألحاق الضرر بستيفن....
ثم بأهميّة قال(مترجم): ابا سلمان....سأرسل الصّور لك......وعليك بقيّة الأمر...اقنعه...وإلّا.....
قاطعه بصوت هامس: انتظرك يا اللورد....

اغلق الخط، ألتفت على ليث الذي يسحب انفاسًا بأطنانٍ من غضبه، ابتعد عنهُ بمقدار بسيط لكي لا يُفاجئة بانفعال غير متوقّعة، ولكن ليث ولّى بظهره عنه لتُصبح الأرفف التي وضعت عليها القوارير الكيميائية أمامه مُباشرة ، سحب أحد القوارير، ولكن ابا سلمان كان ينظر لهُ بحذر ودقّة ونظر للعلامة التي أُلصقت على القارورة والتي تُعني" مادة سامة جدًا" ازدرد ريقه ولكن ليث لم يُمهله في التولّي عنه خطوة للوراء سحب القارورة ثم ألتفت عليه وطبّق على كفّه وهو يقرّب يده أمامه

: انتهى زمن التنّازل يا بو سلمان...انتهى زمن الذّل والتهديد....

ابا سلمان شخصت عيناه حينما قام بتحريك الغطاء بأصبعه الإبهاء بشكل دائري ليفتح الغطاء ونجح في ذلك وقرّب ليث القارورة من فاهه
فانفعل: حتّى لموّتني يا ليث....ما راح تستفيد شي.....
وبصرخة بعد أن فقد صبره من ايقاف جنون ليث: ستتتتتتتتيفن خاااااااااين........خاااااااا ااااااين اقولك......افهم ابعد الشّك عن قلبك....لو بس مرة ثق فينا!

ليث صرخ هُنا وشدّ على فكّه: اثق فيكم؟....وثقت وش شفت منكم؟.......غير انكم تفردون عضلاتكم على عرضي وشرفي؟.....تضربوني على المكان اللي يموّتني؟......ما كفاكم الثمان سنوات...ما كفاكم؟

ابا سلمان سحب نفس عميق ونظر للقارورة: ليث....متفهم شكوكك حولنا.....بس انت مجبور الحين تصدّقني عشان ما تخرّب على نفسك الصُلح!
ليث، نظر له باستنكار شديد صرخ: صُللللللللح؟.........معتبرين دخولي المعمل صُلح...ومن وراي تعثون فساد ......اي صلح...اي بطيخ...يا المنافقين....انفضحتوا وطلعتوا على وجهكم الحقيقي ناقصكم الإعلام بس ينشر غسيلكم وبعدها طيّاري على السجن!

سمع ابا سلمان رنين هاتفه : الدليل وصل....وخّر ايدينك عنّي......شوفه اذا ما اقتنعت.....انا ما راح اطير...هذاني واقف قدّامك...

ثم وضع يده على على القارورة ليسحبها بحذر بعد ان ارتخت يد ليث من القبض عليها وهو يزفر بحنق شديد
بدأ يتبعثر وبدأ يتذبذب، والشّك يطرق رأسه وخلاياه كلّها، هو واثق من انهم كاذبون....ولكن ترك ابا سلمان لكي يرى إلى أي ركن سيركن هذا الأمر؟
...وابا سلمان زفر بضيق فتح هاتفه....نظر للصور .....صور ستيفن وهو مُلقي على الأرض بدمه،
وجهه واضح... انه ستيفن ولكن في الواقع لم يكن إلّا وجه اصطناعي له، من يراه لا يشك ابدًا أنّ هذا الرجل ليس ستيفن....هل سيقتنع ليث؟

لو كان يعلم أنّ ستيفن ابن اللورد ربما لارتفع احتمال عدم التصديق ولكن الآن....ماذا سيفعل؟
تقدم ابا سلمان له مد الهاتف أمام وجهه: شف....بعينك.....
ليث نظر للهاتف، كبّر الصورة باصبعه على وجهه اخذ يتأمّل، مسح على رأسه، الدماء من حولة كثيفة، عينيه مفتوحتان لتحدّق في السماء لتُضفي وصفًا عن مدى الألم الذي تجرّعه، شتات.....عقله بات مُشتت.....لا ينجو من صفير الشّر لا ينجو.....تنهّد بشكلٍ متتالٍ، عقله لا يفكّر فقط ينظر للأشياء على ما هيّتها دون تحليل ودون إبداء توقعّات....

نظر لأبا سلمان: وش الخيانة اللي سوّاها غير انه
قاطعه ابا سلمان: حاول يفضح اللورد.....وكان بنزّل مقال في إحدى الجرايد باجر....بس اللورد ما يخفي عليه شي من هالأمور...

وكأنه يهدد ليث بطريفة مُبطنة، سكت ليث وكأنه هو الآخر يُبدي علامةً للإقتناع،

ابا سلمان طبطب على كتف ليث: ليث انا بقول لك شي....المفروض ما اصرّح فيه....بس ترا حتّى لم قالوا يا ستيفن روح وخوّف زوجة ليث واظهر بالصورة اللي تخلّيك تبي تعتدي عليها...حذّر اللورد من انه يعتدي.......النيّة عمرها ما كنت اغتصاب على كثر ما هي تهديد....

ليث نظر له وبفحيح مقهور: لا تلّمع لنفسكم....تم الاعتداء بدون اغتصاب عشان القانون لا يصير ضدكم وهي تربح القضية!
ابا سلمان ابتسم: هذا من احد الاسباب المهمة.....
ليث بقهر : وقدرتوا تقلبون على راسها الطاولة....
ابا سلمان بجدية: وليته نفع....هذا انت جبل ما يهزّك ريح...مرّت الثمان سنوات ولا قدرنا عليك....
ثم تمشّق، ومسح أنفه بطرف كفه اليُسرى
ليث: ولا راح تقدرون....

ابا سلمان بلل شفتيه: روح بيتكم....اليوم لا تسوي شي....ارجع باجر الصبح أهنيه....عشان تسوي المفروض عليك......وها...
اشار له بتهديد: اذا سويت شي مُخالف لقوانين اللورد....اقسم بالله وهذا احلف....بصير مصيرك مثل هالستيفن.....والحين اطلع....

وقف ينظر إليه وجفن عينيه الأيمن يهتّز بحقده، قتلوه بعد أن سلب منه الحياة، قتلوه قبل أن يأخذ حقّهُ منه....ولكن ما زال مقهور من ابا سلمان واللورد....أحاطوه بمخالبهم ومزقّوا أنياط قلبه....قتلوا روحه....وقتلوا اشياء أُخرى!

تحدث ابا سلمان ليخرجه من عمق تفكيره: أطلع يا ليث....وانت بهالوضع ما تقدر جذيه تسوّي ولا تجربة!

هز رأسه ثم خرج....ضعيف ومُنكسر....بهِ شعور الخُذلان...بهِ شعور لا يُحكى.....تمت خديعتها لتسقط على أوتار الأوجاع....تظّن لم يحدث لها شيء....وبالأمس حدث كلّ شيء ....مسح على وجهه لا يُريد أن يبكي.....يصرخ....يضج بأنينه....سلبوا منه شرفه ...عرضه....سلبوا منه الحياة......من أين يجد مخرجًا من حبل ضيقه؟ من أين؟
مشى بخُذلان عظيم.....متجهًا لسيارته بكل انكسار....وخلفه ابا سلمان الذي شعر وقع في فّخ عظيم هو الآخر....شعر وكأنّ الموت دنى منه.....هو اليد اليُمنى للورد ولكن اللّورد يضغط عليه من أجل هذه الاعمال....يبدو هو الآخر سيعجّل بالأمر الذي يدور في رأسه......سعل ثم بصق دمه على الأرض..... وبحلق لشاشة هاتفه ثم ارسل رسالته واغلق الهاتف وعاد ليدخل في المعمل.
.
.
ركب السيارة.....يزفر زفرات مُلتهبة من أعماق صدره.....ينظر للشارع بضجيج افكاره واهتزاز عينيه....ٍمع رنين هاتفه
نظر للاسم
"ريّان يتصل بك" تركه يضج بالرنين دون إجابة، بحلق بعينيه لسقف السيارة بعد ان اسند رأسه للوراء، ماذا يفعل؟ يودّ لو يحطّم كل شيء.....بهِ شعور يدفعه للجنون....وربما لخُسران ما تبقى منه!
اغمض عينيه، كيف يهتكون عرضه بكل بساطة؟ كيف لم يردعوه قبل فوات الأوان؟
فوضى.....في الشّق الأيسر من دماغه فوضى عارمة تقتل كل الاحتمالات.....سحب هاتفه ....اتصل على اخيه......
موجوع....
كان نائمًا فالوقت متأخر....أنقلب على يمينه ومدّ يده لسحب هاتفه من تحت مخدّته ثم اجابه بصوت مبحوح: الو...
ليث لم يستطع ان يزن صوته ليخرجه طبيعيًّا: محمد....
محمد فتح عينيه ومسح على شعره ثم ابعد اللّحاف عنه ليجلس على السرير : هلا ليث...اخبارك ياخوي؟


سكت، لا يدري لماذا اتصل عليه، ولكن ها هو الآن يتخّذ قرار سريع لا يدري ما هي تُبعاته، ولكن يقسم انه غير قادر على مواجهتها، على النّظر لها، فهو اعدم كيانها كلّه
: تعبان يا محمد...موجوع بالحيل....احس روحي ضايقة على جسمي كلّه.....مو قادر اخذ حتّى النّفس!
محمد وقف هُنا واقشعرّ جسده كلّه، شعر من خلال صوت ليث هُناك مصيبة يمهّد لكي يلفظها
: ليث....وش صاير؟...فيك شي؟.....رحيل فيها شي؟
لم يُجيبه، ولكن وصل صوت مُجاهدته في إخراج صوت بكاؤه، أجل ليث اجهش في البكاء .....ابعد الهاتف عن اذنه ومسح على وجهه وضغط عليه بقوّة وكأنه يُمنع الهواء عن الوصول إلى مجرى تنفسّه، اكثر من هذا الإختناق، شعر بعجزه وقهره يتجدد بصورة لئيمة تضغط على وتينه بكل قوّة

محمد انفعل: لللللللليث......علامك.....انطق وش فيك؟

ليث، ألصق جبينه على راحة يده اليسرى وكوع يده متكأ على فخذه، حاول ان يهدّأ من عواصفه ليُجيب اخيه
: ما فيني شي....بس مخنوق...
محمد جّن هُنا: شلون ما فيك شي؟...تستهبل؟.....قولي وش صاير؟.....عمرك ما بكيت كذا...وعمرك ما نهزيت.......علامك يا ليث؟.....بنت عمي فيها شي؟

ليث سكت، سحب هواء عميق لرئتيه، شتت ناظريه عن هذه الدُنيا الفانية....لم يرد الوصول إلى هذه النقطة ولكن ....وصل إليها مجبرًّا!

: طلبتك محمد تساعدني....
محمد بخوف اخذ يتآكل: لك ما طلبت...بس قولي وش فيك؟
ليث مخنوق: بترك رحيل ترجع للسعودية ....وانا بظل بامريكا كم يوم عشان الشغل.....
محمد سكت ثم قال: ورا ما تنزل معها؟....ليث حلّفتك بالله تقول وش صاير؟
ليث بدأ بالقيادة بعقله اللاواعي: حياة رحيل بخطر.....ما اقدر احميها اكثر من كذا....ضروري ترجع السعودية....
محمد وكأنه فهم: عشان القضية؟
سكت ليث...لا يدري ماذا يقول
فقال محمد: خلاص....طيب انزل انت ويّاها...
ليث بصوت مبحوح: أنا ما اقدر....عشان كذا.....ابيك انت تستقبلها بالمطار......وتأجّر لها شقة بعيدة عن الانظار ...ولا تقول لأحد انها رجعت إلّا لين انا ارجع!
محمد بصدمة: انهبلت ليث؟
ليث بصوت مرتفع ومنفعل: ما نهبلت يا محمد......لسى ما نهبلت.....تكفى سو اللي قلت لك عليه...تكفى....أنا بوجهك يا محمد لا تردني!
سكت، شعر بالحيرة وبالعجز في الآن نفسه، هو لم يتخلّص من أمر فيصل ، والآن سينشغل بأمر ليث... يا الله
انتابتهُ الحيرة ولكن لن يضيّق عليه الأبواب...سيُبقيها مشرّعة له...لكن من الصعب فعل هذا الأمر....خاصة امر الشقة....أخذ يفكّر قليلًا ثم استطرد إلى عقله....شقتّه التي استأجرها......من أجل آخر زيجة دفع قيمة عقد الأجار فيها لمدة سنة وستة اشهر...مضت الستة اشهر...وتبقيّت السنة كاملة وطلّق زوجته بعد اجهاضها مُباشرة......الأمر الآن بات محلولًا...
: خلاص....بس قولي....متى بتنزل واي وقت؟
ليث بتنهد: برسلك التفاصيل كاملة......
محمد: انتظرك....
ليث: فمان الله....

اغلق الخط، يحترق.....قلبه لا يهدأ... مضطرب.....خائف من كلّ شيء...سيعود لها مُجبر....ٍسيعود ولكن قبل أن يعود وفي هذا الوقت سيحجز لها غدًا على اقرب موعد للعودة إلى الوطن....يعلم لا يستطيع ان يجعلها تعود مع ركان بسبب اكتفاء عدد الركّاب يذكر آخر مقعد كان لأمل.....اوقف السيارة جانبًا دخل للتطبيق ...سيحجز الآن...لا مجال للتفكير...فعقله مُتعب...ومُثخّن بأطنان قهره....كانت يديه ترتجفان وهما تمسكا بالهاتف.....لن يُحطّمها اكثر لن يجعل من رمادها رماد آخر....لا يريد أن يرى وجهها بعد الآن....نظر للأوقات...وكان اقرب موعد على الساعة الحادي عشر صباحًا...حجز......والقى هاتفه جانبًا....سيذهب أولًا لشقته (هو وأمل) سيأخذ عباءة لكي يُعطيها رحيل لتتمكن من ارتداؤها في النزول للبلد.....ذهب...وعقله شرد...يرتجف....تذكّر لوهلة هي بحاجة شديدة "للجوال"...ولكن سيشتريه لها غدًا في الصبّاح الباكر...
.
.
محمد اغلق الهاتف....ولم يستطع العودة للنوم...صوت ليث وبكاؤه وكأنّ عزيزًا فارقه اجلب في فؤاده جُلبة الضيق.....هزّه من الدّاخل وعزّ عليه أن يسمع صوت اخيه وهو يبكي وكأنه مفجوع بخبر سيّء....ماذا حدث يا ترى لرحيل ....ليبكي ليث هكذا.......دار حول نفسه بالأفكار...ثم خرج للذهاب للخلاء ليتوضأ ويُقيم الليل بدلًا من التفكير.
.
.
اخاف الظلام.....اخاف من البرد.....اسمع صوت صرير الفئران...اسمع صوت تخبّط الأغلال في بعضها البعض....لا نور غير نور القمر وانوار الشوارع المتسللة من نافذة الغُرفة....اختنق من افكاري...ومن فكرة اغتصابي بالأمس...انا لا أقدر على تخيّل بشاعة الأمر وحدوثه.....هل بتّال حقًّا فعلها؟ كيف اتأكد من ذلك؟
.
.
يُخرسها صوت الظلام وفحيحه.....تسترق نظرها لأرجاء الغُرفة المظلمة وهُنا بدأت التخيّلات تُطبّق على عُنقها بشدّة كتطبيق ليث عليه قبل ساعات، اشاحت بنظرها عن الظّل الذي رأته واضحًا .....هي تتخيّل....ولكن يؤلمها هذا الخوف!

فهي لا تستطيع ان تتجرّع اصنافًا مختلفة منه في اللّحظة الواحدة....نظرت للنافذة من جديد....لم لا تتذكر شيء....لا تشعر بالتغيير، لا تحس إنها مُغتصبة....هل فقدت احاسيسُها كلّها في دفعة الصدمة؟

لم يغتصبها....أجل...لن تفكّر بسوداوية....ولكن لماذا ارسل تلك الصورة؟......وكيف استطاع ان يحملها ما بين يديه ليضعها على السرير دون ان تحس به ؟
ربما ليس هو من رسل الصورة...ربما ستيفن....لعب بالصور عن طريق الفبركة لكي يوقعها في افواه الخيانة؟ ولكن كيف حملها ما بين يديه؟
كيف.....
ضربت بجبينها على الجدار تطرقه بقوة: خلاااااص رحيل...خلاااااااص.....انتي ضعتي من زمان.....ضعتي بدون لا احد يلمسك...شنو اللي بيتغيّر بعد الحين؟...ما راح يتغيّر شي....النتيجة وحدة...الكل يكرهك.....وبتعيشين في غربتك حتّى وانتي في الوطن!

تنفّست بصعوبة بعد ان ألصقت رأسها في الجدار....لا حُب باقٍ ولا شعور يلد الحياة مرةً أخرى!
لا أنانيّة تختلج صدرها ولا تفكير من العودة في تخيّل بطلها الخارق ليخرجها من ضوضاء التفكير......هي الآن خسرت كلّ شيء.......خسرت ما تبقى منها من حياة....في تلك اللّحظة التي عزمت خلالها الخروج للإنتقام لكل مسببات ألمها خسرت فيها الثقّة وألبستها سواد الشتات والظنون......ولكن تثق لم يغتصبها بل ربما تتخيّل!
لن تتقبّل الفكرة اصلًا......تهز برأسها...تنفي هذا الأمر بعنف وقسوة.....شعرت بانتفاخ بطنها قليلًا....تريد الذهاب للخلاء...لا تستطيع ان تصبر اكثر....فبدأ جُرحها يؤلمها ايضًا....اخذت تضغط على انفاسها.....لتصبر اكثر....هي تجرّعت هذا الشعور وهي في السجن...تجرّعته ولكن لا تريد النهاية تُشابه ما حدث لها في ذلك اليوم .....في يوم العِراك الذي احدثته مع السجينة لينتهي بها الأمر في السجن الإنفرادي...مع سطوة التعذيب ومنع الأكل والماء والذهاب للخلاء....لم تتحمل وتبولّت على نفسها آنذاك......وبكت بذّل....وشعرت بالإهانة.....الآن لا تريد أن يحدث لها هذا الأمر...اخذت تتمشى....تُشغل تفكيرها...بأشياء اخرى غير رغبتها في الذهاب للخلاء وغير تفكيرها في فكرة الاغتصاب!
.
.
أمي.....لم ارى وجهكِ إلّا في الصور...جُبِل قلبي على حُبك.....وجُبلت روحي على الإطمئنان في حضرت ذكرك....أنا يا أمي لم ارد لكِ ما حدث....اجل سمعت من ريّان كُنتِ تتمنّين فتاة تأتي لتُشارككِ الحياة، ولكنني أتيت لأسرق منكِ الحياة....ولأصبح بعدها مُعاقبة طوال حياتي....ليتني مت معكِ في صقيع تلك المشاعر...ليتني لم أأتي لسُرقتك....
أمي حتّى ابي حينما خذلته تمنّى مّوتي بقوله
" ليتك متي بدل امّك!"
هزّتني كلمتهُ أوجعتني...واقعت بثُقلي في جُنبات سكرات الموت البطيء...
جعلتني ابكي وانزف ندمًا لموافقتي على ليث والمجيء هُنا، أمي أنا خذلت الجميع حتّى نفسي خذلتها ......وابكيت عيونًا لا ذنب لها بعقابي!
.
.
مشت بخطى سريعة متناسية ألم ساقها....تشد على بطنها....تدخل في الظلام مُبتعدة عن النافذة الذي يتسلل منها النّور...تستسلم لكل مخاوفها....تهوي بداخلها لتحظى بالقليل من المواجهة.....عضّت على شفتيها....رأسها يؤلمها....جسدها....قلبها....يرت جفان...تشعر بوخز في كل مكان من مواضع جسدها...وخز يُشبه وخز الأبرة.....عضّت على شفتيها.....اخذت تمشي....لا تريد الجلوس لكي لا ينخدع عقلها الواعي...في الاستسلام في محاربة رغبتها في الدخول للخلاء.....
روحها ستخرج من ضجيج الظلام....من حفيف الريّاح الذي تسمع صوته من خلال النافذة المشرّعة على مصرعيها.......ضربت بكفّي يديها على الجدار تتألم
من جرح بطنها
: ياررررررربي.....
.
.
ربما ليث سيعاقبني لأيّام طويلة، من أجل اعترافاتي التي لا ادري كيف لفظتها دون شعور، أنا لا احب ليث....ولن اسمح لنفسي في تبديل شعوري هذا....اعلم انني اوجعته لستُ غبية في فهم الشعور...فأنا اصبحت ماهرة في استيعاب ذلك....ولكن ما ذوّقته جزءًا بسيطًا بقدر الأنملة من شعوري المؤلم الذي طبقّ على خاصرتي ليذكّرني بتلك اللّحظة....لحظة تطبيق الشّر على الخير....لحظّة محاربتي للبقاء بشرف.....اوجعته....ولكنني الآن اوجعتُ نفسي!
.
.
مشت.....مضت ربع ساعة وهي تجول ذهابًا وإيّابًا ...لن ترقد.....ستبقى تُصارع ألف شعور وشعور بداخلها....ستبقى متيقظّة هذه اللّيلة....خطت خطواتها لناحية السرير ....بخطى بطيئة وحذرية....خشيةً من السقوط على الارض ...قفزت مرتين على رجلها السليمة....ثم اقتربت من السرير و جلست على حافته.....
لتُهمس: متى تطلع الشمس....متى...متى....
اخذت تكررها بجنون.....ثم رفعت رأسها وحبست انفاسها حينما سمعت وطء اقدام احدهم، بقيّت ساكنة تترقّب ظهور الوحش على حين غفلةً منها ....في عُتمة هذا اللّيل .....لم تتحمّل عذابها النّفسي....نهضت ....لتبتعد عن تخيّلاتها.....لتقف بعد ان مشت بصعوبة أمام النافذة...تنظر للقمر من خلالها...تكرر

: اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.

اقشعر جسدها حينما سمعت الوطء يقترب من غرفتها ولكن اختفى سريعًا، شهقت وكتمت انفاسها، تخاف الليل....تخاف من الظلام...يُرعبها صوت وطىء الأقدام....ليست قويّة لدرجة المواجهة....لم تنسى التعذيب النفسي ولا الجسدي الذي عايشتهُ اغمضت عينيها

اخذت تكرر بصوت مسموع: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

شدّت كفّيها أمام صدرها وهي تكرر بخشوع وخوف: هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ....... هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ......هُو...

فجأة اضاءت انوار الغرفة
فتحت عينيها ببطء وحذر.....حينما نظرت للأنوار المضيئة لأرجاء الغرفة زفرت براحة...ووضعت يدها اليُمنى على قلبها.... أخذت تتنفّس بعمق....ثم.....توجّهت لناحية المرآة لتنظر لتعرّق جبينها...رغم برودة الغرفة....تنظر لشحوب وجهها واصفرارة......نظرت لرجفة جسدها الملحوظة...رفعت طرف البذلة....ونظرت لغرز الجرح....لم تنفتح تلك الخيوط...شكرت الله بهمس...وانفتح الباب
وألتفتت سريعًا ثم
مشت خطوتين للأمام حينما دخل ليث وهو في حال يُرثى لها....لم تنظر له تريد الذهاب للخلاء.....صبرها نفذ....اخذت تعرج وهي تُسارع خطواتها لتمر من جانبه
مسك يدها دون النّظر إليها ونفضت يدها منه ودفعته قليلًا لتخرج....لم تترك لهُ مجالًا في الإمساك بها من جديد، أما هو تركها ومسح على وجهه وهو يزفر زفرات حارقة .....سمع "رقع" باب الخلاء....وانشدّت خلاياه....مشى بالقرب من السرير ثم جلس على طرفه.....هزّ رجله....المصائب تُقذف عليه من كل جانب...لا يدري أيّهما يلتفت عليها وأيّهما ينشد بنحيبه لها....حقًّا هذه المرّة زرعوا مخالبهم في حلقه.....اشعل شمعته ليجعلوه يحترق وينطفأ منها ببطأ شديد.....قلبه موجوع....كيف استباحوا شرفه؟......كيف لم يمنعوه؟.....لمعت عيناه قهرًا وشدّ على قبضة يده......نظر للغرفة لم تكن مبعثرة كل شيء في مكانه...إذًا رحيل تعدّت مرحلة الانهيارات الخارجية....فهي تنهار وترمم هذا الانهيار من الدّاخل......انتظر خمس دقائق...ثم سمع صوت الباب من جديد....اتت وهي تعكز على رجلها......ويديها وجهها وحتّى ملابسها مبللة فهم إنّها توضّأت...
وقف: رحيل...

رحيل دون ان تنظر إليه سحبت سجادتها وضعتها على الأرض ثم فتحت الدولاب لتسحبت بذلة اخرى : وفّر كلامك لين اخلّص صلواتي اللي فاتتني بسببك!

ثم ولّت بظهرها عنه، وسحبت الجاكيت المعلّق خلف الباب وضعته على جسدها انحنت قليلًا للأمام ولم تُبالي لوجوده اصلًا سحبت من على جسدها البذلة الصوفية بشكل ادهش ليث على هذه الفعلة الغير متوقعة مما جعلته يبعد ناظريه عنها سريعًا رغم أنها خبّأت جسدها عن انظاره بالجاكيت التي جاهدت على ألّا يسقط من على اكتافها وهي تسحب البذلة بطريقة حذره ثم ارتدت البذلة النظيفة كلمح البصر.....هل جنّت على هذه التصرّفات.....لماذا لا يجد بِها حياء ولا حياة!

تمتم بالاستغفار، بينما هي لبست جلال الصلاة التي وفّره لها ليث
رفعت يديها: الله أكبر.

عاد ينظر لها من جديد....افعالها غير متزنة أم غير مبالية؟....لا يفهم رحيل...ولا يفهم كيف يُترجم شعوره الآن!....عاد يجلس على طرف سريرها
يُراقب تحرّكاتها.....تمتماتها في الذّكر...ركوعها وسجودها بصعوبة....تذكّر جُرح بطنها....حينما انهت صلاة المغرب...ودّ لو اخبرها تستطيع الصلاة جلوسًا بدلًا من تعذيب نفسها في الوقوف وجرح بطنها للتو حدث!، ولكن سكت....لا يظن انها تجهل في أمور الدين ...ولكن هي تُكابر على ألمها ايضًا....إن انفتحت الخيوط....سيُخيطها لها هُنا وفي هذه الساعات ايضًا!

أطالت الصلاة....كم صلاة تُصلي؟....لا يدري....ربما تُصلي صلوات الأمس التي فاتتها....ربما....

مضت ثلث ساعة وهو ينظر لسجودها وركوعها.....وهو يتنفّس بعمق شديد.....حينما انتهت...
وقف
أما هي طوت سجادتها ووضعتها على الكومدينة
ثم أتت أمامه وبنظرات حادة: خييييير؟....شنو تبي؟
ليث بصوت مُتعب وحاد ايضًا هذه الحدّة نتجت من نظراتها وحدّتها
: بكرا طيّارتك للسعودية على الساعة احدعش الصبح....جهزي نفسك....

سكتت، نظرت له....احنت رقبتها للجانب الأيسر...أخذت تُبحلق في وجهه بطريقة جنونية وتفحصيّة...ضيّقت عينيها
لتصرخ: يعني كذاااااااا تبي تحقق ظنّك.......
ثم دفعتهُ للخلف: من إني شريت تذكرة عودتي بالخيانة؟!

لم يتحرّك من مكانه على دفعها كان صلبًا وجامحًا في وقفته ونظراته، تتظاهر بالقوّة التي اكتسبتها من حُزنها......مسكينة.....لا تدري بِم يجول حولها.....لا يُطيق النّظر لوجهها.....لأنها تُشعره بالخيبة!....ولا يستحسن تصرّفاتها التي تُثير بهِ ضجيج لا يهدأ

صرخ: قققققققققققلت لك بترجعين.....مو هذا اللي تبينه؟

ضحكت، اسمعتهُ تلك الضحكة المجنونة التي تُشعره بمدى جنونها وبمدى سخريتها به،
ثم غمزت لهُ بطرف عينها اليُمنى وكأنها تذكّره: وشرط جدّك؟

اندفع بالحديث معها: مالك شغل......بكرا طيّارتك......وراح يستقبلك اخوي محمد.....راح اورّيك صورته عشان بس توصلين المطار تعرفين شكله.......اكيد تغيّر عليك...
ثم اقترب منها لتنطق: لالا....مابي اشوف منهم احد....
تحدث بقساوة: ولا احد منهم يبي يشوفك!....لا تخافين....حاسب حساب هالشي.....محمد بياخذك الشقة ويحطّك فيها لين ارجع.....ولا راح يقول لأحد أنّك نزلتي....انا يومين ثلاث بالكثير وراح ارجع.....
رحيل اقتربت من وجهه وبفحيح: وتطلّقني!؟
نظر لعينيها ابتسم بسخرية، ثم ابتعدت ليحّك انفه، بهِ قهر عميق وهي الآن تستفزّه بطريقتها لذا فالتتحمّل لسانه السلّيط
: واذا طلّقتك وين بتروحين؟
بلل شفتيه ونظر لرجفة جسدها الذي انتابتها بشكل مفاجأ وكأنه ضربها على مواطن الألم من جسدها
: بتروحين عند ابوك؟....ولا عند جدي عبد العزيز؟
زمّت شفتيها ثم انفعلت: مالك دخل....جعلني اروح المحرقة مالك دخل....
ليث اشار لها بسبابتّه: محرقتك عندي.....عندي يا رحيل....طلاق ما راح اطلّق.....اصلًا ما عندك احد تروحين له......فأنا تفضلًّا منّي بخليك على ذمتي.....وانتي مثل ما شفتي...انا الحمد لله تزوّجت وعندي امل....وعندي حياتي!.....وراضي بقسمتي ونصيبي .....وما عندي مشكلة يكون عندي زوجتين.....فأنتي عليك التقبّل أما أنا فخالص من هالشي....مرحّب فيك بحياتي!

يُهرس ويُخرس ويُلجم قلبها....يجدد عليها انكسارات عدّة من كبرياء حديثه.....ضربته بقبضة يدها على كتفه
: ما راح اسافر!
ضحك هُنا: هههههههههههههه يعني تعانديني؟
سكت ثم اقترب منها ولكي يُرعبها: اوك......لا تسافرين.....بس حطّي ببالك....جلوسك هنا.....راح يتركني أعاملك كزوجة لي....حقوقي منك باخذها مثل ما تاخذين حقوقك مني من صرف ومعيشة وغيرها....

رمشت مرّتين، مالت برأسها للأمام وامسكتّه بكفّيها حينما شعرت بدوران صارم من سحبها لظلامه، خطت خطوتين للوراء وشعر بِها
ولكن لم يُبدي بأي ردت فعل......كان فقط ينظر لحقيقة رمادها الضعيف والخفيف.......هي مُنهزمة لا يريد بقاؤها لكي لا يُشعرها بهزيمة نفسها!
ألتفتت عليه بعد ان انجلى الظلام من عينيها: تبي تذّلني؟
هز رأسه سريعًا: لا.....بس محروم ومشتاق...
ثم غمز لها: وودّي اجرّب....

قاطعته حينما اطلقت الرّيح لساقيها لتعكز ربما خمس خطوات سريعة محاولة فيها صفعة ولكن مسك يدها قبل ان تصل لِـ خدّه....وتهاوى جسدها بألم على صدره بعد ان خانتها ساقها المتضررة....وضعت يدها الاخرى على صدره لترفع نفسها من عليه ولكن هو طوّق ظهرها بيده ليشدّها إليه
حانقًا: يدّك لو أنمدّت علي مرة ثانية.....راح احرقك يا رحيل....وقد وحذّرتك المرة الجاية ما راح احذّر انتبهي منّي!

ثم انزل يدها المرفوعة ونظر لوجهها الغاضب....اقترب وانحنى ليحتضنها بشكل مُدهش لها وغريب!
وهو يردف بسخرية: اعتبريه حضن وداع.....

وقفت دون أن تُرمش.....تصلّب جسدها ما بين يديه....تشعر بالضيّاع....بالخوف.....تنظر لزاوية حياتها في السابق وكيف آلت إلى ما هي عليه الآن.....لا شعور في حضرت ليث.....وتظن إنها فقدت شعورها كلّه......لن تشعر بشيء لا في حضرته ولا في حضرت غيره......كل ما تشعر به ذبول روحها وبهوت رغبتها في الاستمرار في العيش.....رمشت للمرّة الأولى........ستعود هُناك....ولكن ستبقى في غربتها....وفي سجنها.....لن يفرق الأمر....هي بحاجة لحضن....ولكن الآن ايقنت رغبتها تلك ما هي إلّا شتات....ها هو ليث يحتضنها ولكن لم يُلملم شيئًا منها....ولم يحرّك بِها ساكنًا ولم يمتص منها الأوجاع....
ابعدها عنه ونظر لوجهها الباهت...شعر بشتاتها...وضياعها....تنفّسها مسموع......الفتاة تختنق...تسحب اطنانًا من الهواء بصوت مسموع
اقترب منها قبّل جبينها....
ثم قال: تصبحين على خير....
ولّى بظهره عنها لم يُبالي لحالتها بل تظاهر بعدم اهتمامه بها
لم يلبث إلّا ثانية حتى سمع صوت ارتطام جسدها على الارض، لم تتحمّل تصديقهُ لكونها خائنة...ولا تريد أن تستوعب انّه متفضّل عليها بالعَيش معه....كما أنها مجروحة من اهلها ومن رغبتهم الصّارمة فعدم رؤيتها....ستعود ولكن بجسدها دون روحها التي تُرفرف شوقًا لهم!

ألتفت : رححححححححيل
.
.
..
.
تُمسد على شعرها عاقدة لحاجبيها لِتُظهر تجاعيد كبر سنّها لهنّ بشكل مُخيف، تنظر لهن وهي تُشير
: من اللّي مزعّلها؟....هااا....
فركّت يديها هيلة لتُردف: والله يا جدتي ماحد....هي شكلها أخذت برد...
عهود اقتربت من جدّتها: عنك يمه عطيني...عنك....انا بحط لها الكمادات....
سحبت عهود من يد جدّتها المنشفة المبللة، والإناء
اصايل نظرت لوصايف وهي نائمة بوجهها المنتفخ اثر البكاء دخلت عليهن فجأة تبكي ومرتعبة، لم يفهموا منها شيء سوى البكاء والرجفة التي انتشلت جسدّها لتشلّه عن الحركة، بينما ريّان ما زال في المجلس هو وصارم مع جدّهن.
نهضت الجدّه: عينكم عليها......بروح اشوف وليدي افتهم منه السالفة......كود شافها وهي تدخل وتبكي...
واشارت لهنّ بحذر: ...ولا تسهرون...ناموا...
هزُّوا رؤوسهن ثم وقفت ليظهر انحناء ظهرها كالقوس المُرتسم مع الزمّان، حاولت ان تستقيم في وقفتها قليلًا إلّا انّ شكله كان واضحًا
ثم خرجت...
فهمست اصايل وهي تمسح على شعرها: اظنها شافت شي....
هيلة بخوف: شقصدكككك ست اصايلووووه يعني بيت جدّي مسكون؟
عهود قرصت فخذها: قصري حسّك ....ما تشوفين البنت نايمة!
هيلة فركّت مكان القرصة: ما سمعتي شنو تقول...عاد انا خلقة خوّافة....
اصايل نظرت لها من طرف جفنها: والله انّك تخوفّين بلد....
عهود هزّت رأسها بأسى : طيب سكتوا بقول لكم شي....اتركوا عنكم وصايف الحين.....وسمعوني...

ثم نهضت لتغلق باب الغرفة سريعًا وعادت تجلس، غيّرت الكمادات لوصايف النائمة بعمق والتي تُظهر ما بين شفتيها شهقات لا إرادية مع تنفّسها.
: بقول لكم شي....بس مابي ردّات فعل غبية
واشارت لهيلة: خاصة انتي...
هيلة بتأفف: زين.....زين...قولي.....إن شاء الله عاد سالفة تَسوى!

اصايل: خير عهود شصاير بعد......هاللّيام ذي ما تجيب إلّا اخبار سودة....
هيلة ضربتها على كتفها: ترا ما يجوز التطيّر....
اصايل اعادت الضربة على ظهرها: ما تطيّرت!
هيلة بصوت مرتفع: لااااا واللي قلتيه..
عهود رفعت من نبرة صوتها: تكفون بس....سمعوني....ولد خالتي ذياب خطبني....
هيلة ألتفت لها بابتسامة: قولي والله!
اصايل نظرت لأختها رمقتها بنظرات ثم ألتفت على عهود: مو تقولين عمي رافضة...
عهود:هالمرة موافق....وكلّموني يبوني افكّر...
هيلة بحماس: اي موافقة ولا؟....تكفين وافقي يا بنت....نبي نفرح ونرقص....
اصايل: استخيري......
ثم قالت بتساءل:ولا استخرتي؟
هزّت رأسها "لا" ثم قالت: مو قادرة افكّر وآخذ قراري.....
هيلة ضربّت كفّيها ببعضهما البعض: وليش يا حسرة؟
اصايل وضعت يدها على فخذ عهود التي وضعت يديها على جبين وصايف لتتحسس حرارتها: عهود.....ليش تقولين كذا.....في شي مأثّر عليك؟
عهود نظرت لها: اختي دانة....مابي اتزوّج قبلها....
هيلة: أُولّا لاء......
واخذت تلحّنها وهي تحرّك يديها بملل: عليك تفكير...قسم بالله مادري كيف.....الحين وش دخّل دانة....ماظنتي دانة متخلفة مثلك....ولّا راح تقول....لك رفضيه عشاني ما تزوّجت.....
اصايل اشارت لأختها: والله كلام هيلة صح......اكيد دانة مو كذا....
عهود: بالضبط هي مو كذا....وقد قالتها لي...فكّري بدون ما تدخليني في السالفة بس أنا
واشارت لنفسها: ما احس اني موافقة ....عشانها...وعشان رفض ابوي المتكرر....وفجأة ويا سبحان الله غيّر رايه ووافق....احس اني مشتتة...
هيلة بجدية: اتركي عنك.....الكلام الفاضي استخيري وشوفي وضعك......ذكر الله يطمئن القلوب.....
اصايل نظرت لأختها: لفصلت كذا.....احسها امي.
ضحكت عهود بخفّة: هههههههههههه
وضربتها هيلة على فخذها ثم استلقت على ظهرها: انا اقول ناموا بس....وانتي...طسي توضّي واستخيري ....
واصايل اكملت: والخيره فيما اختاره الله....
عهود تنهدّت: والنعم بالله.
.
.
يهز برجله، ينظر لزاوية شكّه اخبره صارم نوّاف لم يكن في المنزل، إذًا صوت وطء الأقدام ممّن؟
اكمل صارم: اي يا جدّي الافضل نرفع السور اكثر ما نضمن الوضع.......ريّان يقول سمع صوت....وعيال الحرام موجودين.
الجد : لا حول ولا قوّة إلّا بالله........وش تبيني ارفعه زود؟....تبيح يناطح السماء...
ثم تمتم : استغفر الله.
ضحك هُنا صارم: هههههههههه....علامك جدّي عصّبت....
ثم نظر لريّان: ما تقنعه يا ريّان...
لم يتحدّث، ودخلت هُنا الجدّه وهي تستغفر وتذكر الله
ثم نظرت لزوجها: يا عوينتي يا وصايف.....فجأة شبّت عليها الحرارة...بكت لين انتفخ راسها ونامت....
الجد نظر لها ببهوت: علامها؟
ريّان نظر لجدّته وسمع حديثها، هل يترك الشّك الآن ويدفعهُ باليقين
قام بفرقعة اصبعه السبابة من يده اليُمنى
الجدّه جلست: علمي علمك يا بو عبد الرحمن....تقول هيلة طلعت تودّي المكانس في المخزن ورجعت تبكي....ومرعوبة...
ثم ألتفتت على ريّان: ما شفتها وأنت داخل وانا أمّك؟
صارم نظر لريّان حينما قال: اظنها سمعت الصوت وخافت...
الجدّه: اي صوت؟
صارم هنا تحدث لا يريد ان يُرعبها: اظن قطوة نزلت من على السور للارض....
الجد قاطعه: عيال ولدك شاكّين حرامي نازل ببيتنا....
الجدّه ضربت على صدرها: عوذه.....
نظرت لريّان: شفته بعينك؟
هز رأسه واخيرًا نطق: لا.....بس يا جدّي....مثل ما قال صارم الأفضل ...نرفّع السور.....للإطمئنان...
الجد اشار باهمال لهم: سو اللي تبي...
الجدّه: بقوم ذالحين احط لكم عشا...
صارم : لا يجدّه....اكرمك الله.....انا واحد بروح اكمّل المباراة...
وريّان تحدث بهروب: وانا بمشي....خيرك سابق يا الغالية....
الجد بعتب: تجون لي وكأنكم على نار.....ربع ساعة ما تجلسون......نعنبوكم لهدرجة مجلسي ثقيل؟
ريّان ابتسم رغمًا عنه: حاشاك يا جدّي...بس مابي اثقّل عليك والحين اكيد تبي ترتاح....
صارم : هههههههههههههه .....ما فيه احسن من مجلسك بس ما ابي عن نفسي اصدّعك بالمباراة هنا...
الجدّة ابتسمت: خذ راحتك يا وليدي هذا هو التلفزيون حط اللي تبي.....وانت يا ريّان اذا مشغول.....قم رح تيسّر...
الجد بانفعال: وش هالشغل اللي بانصاف الليّول...
صارم نظرت لريّان وهو يضحك: ههههههه غراميّات يا جدي!
ريّان بحلق في عين صارم ليهمس: والله يصدّقك الحين....
ليقهقه الآخربضحكته
فيقول الجد: احميد ما شفنا من اشغاله غير النسّاوين...وانت وش بنشوف من اشغالك؟
صارم: بزارين....
ثم قهقه بضحكته من جديد
فقال ريّان: ما عندنا هالخرابيط حنّا...
ثم ألتفت على جدّه:خلاص بنجلس الليل عندك....اصلا لو مشيت ما راح اتطمن...
الجدّه نهضت: بروح اجيب لكم عشا.....
الجد: لا توسوس يا ريّان على قول صارم يمكن قطوة نازلة من على السور....
ريّان هز رأسه وصارم سحب الـ"ريموت" ليضع القناة التي تبث المباراة
.
.
مضت ثلاثة ايّام ثقيلة عليها، هُناك ثقل لا تستطيع ان تُحدده هل هو ثقل روحها على جسدها أم ثقل حملها الذي بدأ يضيّق عليها شهيّتها في الأكل؟
اليوم سيُقام المؤتمر الصحي....بالأمس وصلت لفارساي....لم تنم جيّدًا افكارها تسحبها لناحية ركان تشتاقهُ ...وبات القلق الآن يُشاركها مشاعر الحُب بشكل مُخيف ومُثير لمعدتها آلام الغثيان....ركضت للخلاء....افرقت ما في جوفها ثم سحبت المنشفة لتنشّف وجهها عن الماء....عادت للغرفة من جديد....نظرت لملابسها تحمد لله انها لم تتسّخ.....اصبحت امام المرآة.....لبست لبس رسمي مُناسب ويعتبر مُحتشم بالنّسبةِ لها...
نظرت لوجهها...اخفت التعب....والشحوب بالمساحيق التجميلية....رمشت مرّتين....وسحبت شعرها على اكتفاها من الأمام.....للتو استوعبت طول شعرها .....هي لا تحبّذ الشعر الطويل دومًا ما تقصّره ليُصبح فوق اكتافها تمامًا...ولكن الأمر بات مختلفًا بعد ان ارتبط قلبها بقلب ركان الذي يعشق الشعر الطويل...تركت شعرها ليُصبح متدليًّا إلى اسفل اكتافها....زفرت بضيق.....تغلّصات بطنها تُرهق روحها في كبحه...أخذت نفس عميق...ومسحت على أسفل بطنها....هكذا يحدث بعد استفراغها....اغمضت عينيها لثانيتين ثم فتحتهما...قامت بتعديل هندامها.....ثم التقطت صورة لها...وهي تغتصب ابتسامة عريضة على وجهها....دخلت ايميلها كتبت تحتها
" أنا بخير لا تحاتي.....الحين بطلع المؤتمر اللي تكلّمت لك عنه في الايميل أمس"
ارسلتها له، وسحبت حقيبتها لتخرج من الغرفة، ستذهب إلى المقر الآن.....خرجت إلى الشّارع وسيّارة الأجرة تنتظرها أمام الباب ركبت لتتوجّه إلى المقر....
.
.
.
.
بينما هُناك ما بين زوايا ورسميّة المكان الذي يضج بالأطباء والمختصّين والرجال والنساء ذات المكانة العالية في مناصب مرتبطة بالصحّة، كان يجول....أتى هُنا كونه"مهندس جينات"،"مهندسًا وراثيًا" له بحوثاته المتفرّعة الناجحة وبحوثات على قيد الإنشاء فهو تابع لمستشفى عريق بسُمعته في واشنطن...ولديه بطّاقة تمكّنه من الدخول.....سيجلس هُنا ليستفيد......ويفيد النّاس بنشر ما يجول بالداخل فهو تطوّع بنشر ما يحدث مع الصحافة.....ووافقوا....بينما هُناك من سيقوم بالمناقشة وبإلقاء الخطاب باسم المستشفى الذي يعمل بداخله..سمع رنين هاتفه...ونظر للاسم ....وخرج من ضوضاء المكان
: هلا بو سلمان....
بو سلمان بعصبية: وينك انت صار لي ساعة ادق عليك وما ترّد؟
بتّال: حاليًّا انا في المؤتمر الصحي....خير مستجّد شي بعد؟
بو سلمان: الوضع ما يطمّن.....
بتّال ابتعد قليلًا عن النافورة ...وعن مرور وعبور النّاس منها....ليأخذ من اطلالة المكان على الطبيعة زاوية للإنعزال
وضع يده اليُمنى في مخبأ بنطاله: يعني في شي؟
بو سلمان: اللورد قاعد يضغط على ليث...موكّله عدّة تجارب .....خلّص من خمس ....وعلق في السادسة .....يا معوّد ما راح يقدر عليها.....انا وأنت قد جرّبنا نسوّيها...ولا ضبطت....
بتّال مسح على رأسه: عشان كذا اصلًا سوا هالحوسة وترك ليث يخضع له....عشان هالتجربة الزفت.....بس ما نيب فاهم ليش يسوي كذا الحين...؟

بو سلمان بلل شفتيه: عشان ما يعطيه مجال يفكّر في الحقيقة والواقع ولا يخمّن شي......خايف على ولده وايد رغم ليث مصدّق انه مات..
وبقلق: وليث اصلا مو طبيعي ....عقله فاصل ....على التجارب...صاير مينون......ما احسه عاقل مثل أوّل....
بتّال ضحك: هههههههههههههههههههههههه هذا من بركات اللورد...جنن الولد.....
بو سلمان ابتسم بخبث: عشان جذيه لازم نستغل الوضع ونسوي خطّتنا....
بتّال سكت: انت تدخل بيت اللورد؟
بو سلمان: اي......لازم احطها في مكان مخفي ولا بروح وطّي....
بتّال بتحذير: :لا تستعجل.....
بو سلمان: مو مستعيل.....بس اللورد ما صرت اضمنه......شفت خبثه وين وصّل ليث فيه....
بتّال: ههههههههههههههه خايف يخلّيك مجنون مثله؟
بو سلمان: بسكر....انا في المعمل المينون وصل.....الله يعيني عليه....باي..
بتّال ضحك: باي....
ألتفت يمينًا ويسارًا ثم عاد من حيث أتى!
.
.
نظر لصورتها، لا يُخفيه نقصت وزن ليس هيّن...واضح عليها الأمر....نظر لإبتسامتها التي تغتصبها على شفتيها.....شعر بوخز في قلبه...وبدأت عاطفيّته تُنشد أناشيد حُبّه على مهلٍ منه.....مُنذ عودته وهو ليس على ما يُرام....يشعر بالإختناق قلبه غير مطمئن....يخشى عليها من الموت ويخشى على ليث من كل الأشياء السيّئة التي تخطر على عقله وهل هُناك ما هو اسوأ من الموت؟
أجل.....هُناك ما هو اسوأ منه!......تنهّد بضيق.....ترحّم على صاحبه المقرّب سلمان.....بلل شفتيه.....ادخلهم في القوقعة وحينما اراد سحبهم منها مات!
لن ينسى انهياره" سامحوني.....ما قصدت اوهقكم معاي" كان يقرأ من عينه ندم ثخين وثقيل....حاول أن يخفف عنه بالقدر المستطاع وحينما بادرت خطّت حرق المعمل في عقله أوّل من دعم الفكره هو....فقط من أجل أن يُريح ويُسكت ضمير سلمان....ولكن ها هو رحل ليترك العبء على اكتاف ليث.....نهض بصعوبة وبحذر كاد يدخل الخلاء ولكن
سمع صوت أخته: لا عمي.....اموري تمام مع زوجي.....اكيد بيعلنه....طيب ليش معصّب.....انت تدري عن هالشي من قبل.....لالا ما ضيّعت نفسي.......ططط...طططيب لحظة.....اسمعني....

ذهب لناحيتها ونظر لوقفتها المتوترة وهي تنظر للهاتف وتتحدث بصوت غير مفهوم
تحدث : شفيه عمي بو عبد المجيد.
لديهم عم واحد....وهذا العم لديه خمسة ابناء وفتاتين فقط
: أمس يتحمد على سلامتنا واليوم طالع ونازل فيني تسفيل على سالفة ليث.....قلت لك لا تقول له.....
ركان اغمض عينيه: اضطريت اقول له انك مسقطه ونزلنا.....عشان لا يجلس فوق راسي يحن وش صاير....وليش نزلتوا ولا اتصلت علي......هذا تمهيد له...عشان افاتحة بموضوع استقرارنا هنا....
أمل بنرفزة: ما هوب هذا اللي رافع ضغطه.....يقول بيت ابوكم بالرياض مهجور....وتروحون الخبر ليه...
ركان: هدي الحين وبفهمه....انا هالبيت بيتي.....صغير تمام....بس مرتاحين فيه.....ودامك انتي بتعيشين في الخبر...انا مستحيل ارجع الرياض...وبيت ابوي ببيعه بس لين ارتّب وضعي.....
أمل نظرت له: عمّك ما بيسكت...وخايفة يسوي فضايح مع اهل ليث.....
ركان بضيق: لا تحاتين بكلمه......لا تهزّك عصبيّته هو خايف عليك لا اقل ولا اكثر...ومن عمره مو موافق على زواجك بليث بالسر......بس انا اللي وقفت في وجهه وخذ بخاطره علي!
أمل بتنهد مسحت على جبينها: الله يستر بس منه....
ركان طبطب على كتفها: اقول تراني ميّت جوع غداك ما استوى؟
أمل ابتسم له: إلّا استوى بروح احطه.......
ركان ابتسم: لا تتأخرين امس ما تعشيت واليوم ما فطرت....النوم ماكلني أكال....
أمل : ههههههههههههههه والله نفس الوضع....احس تعب الدنيا كلّه طلع علي.....نمت ولا حسّيت بعمري.....والحين ميّته جوع....بروح احط....انتظر خمس دقايق بس...
ركان هز رأسه ثم تنهد وجلس على اقرب اريكة منه!
.
.
لا تدري ماذا تفعل؟ تشعر بتكبّل يديها بالأغلال مضت الثلاث أيّام دون افتضاح امرها....دخلت تحدّث صاحب كل حساب نشر الفيديو وترجّتهُ بحذفه وشرحت وضعها
منهم من تعاطف معها وحذفه واخذوا يحذّرون بقيّة الحسابات من نشره من أجل التستّر عليها ومنهم من لم يرد ولم يُبالي...ولكن ما زال البعض .....يأخذ الفيديو "يركّب" عليه حديث اللّهو وثرثرات عقيمة......يضيفون عليه تأثيرات واغانٍ اخرى......وهذا الأمر مُرعب لذا.....عادت لعزلتها وتعجّب والدها منها لو كان والدها من إحدى مدمنين مواقع التواصل الإجتماعي لوقع المقطع في يده سريًعا او هذه رحمة إلهية من الله انه لم يصله.....ثلاثة ايام تبكي فيها لوحدها لا تدري كيف تحل الأمر وتربطه...اتصلت على وصايف وتلك الأخرى لا تُجيبها بل في الواقع هاتفها مُغلق.....فتح الباب عليها
رآها مستلقية
سمع صوت بكاؤها فاقترب وجلس على طرف السرير وضع يده على كتفها لتشهق وتنظر له: مزون يبه وش فيك علامك؟
مزون ازدردت ريقها: ما فيني شي....
راشد نظر ليدها: يدك تعورّك؟
مزون هزت رأسها" أي"
فقال: قومي نروح المستشفى....
مزون مسحت دموعها سريعًا: لا ماله داعي...تو اخذت مسكّن لو ما نفع بجيك وبخلّيك تودّيني...
راشد: طيب.....جيت بقول لك...شيء
حّك انفه: مضطر اسافر يومين بالكثير لجده عشان الشغل .....ومثل ما انتي عارفة الحين وقت دراسة ماقدر انزلك عند خالتك....
مزون بكت هنا: تكفى لا تروح يبه....أخاف اجلس بروحي في البيت.....
مسح على رأسها وابعد بيديه الدموع : وش تخافين الله يهديك....معك لِيلِي....
مزون شدّت على يده: تكفى لا تروح ولو....حتى لو هي هنا....اخاف.....خل ينتدبون واحد ثاني...تكفى....
راشد بضياع هنا وبحنيّة: والله انها صعبة علي....بس ما اقدر ارفض...ذاك الشهر رفضت هالشهر ما اقدر.....علامك مزون كم مرة صار لي انتداب ما سويتي منّاحة مثل الحين!
مزون: يدي مكسورة...وكل شي فيني متكسر وتبي تروح بعد؟!
ابتسم بخفة: بحاول ارجع قبل الوقت المحدد....
مزون بعينين محمرتين: طيّب متى بتمشي؟
راشد : بكرا......
مزون ازدردت ريقها، ربما انشغاله المكثّف سيكون سببًا في نجاتها، هزّت رأسها: طيب....
راشد نهض قبّل رأسها: ارتاحي...واذا ما خفّت يدك تراني تحت بالصالة.....مانيب طالع اليوم....
مزون سحبت يده وقبلّت باطن كفّه: واذا ما نمت بنزل لك....
راشد بعثر شعرها: طيب...
ثم خرج من الغرفة واغلق الباب، وعادت تأكل في نفسها، سحبت هاتفها وبلا تردد اتصلت عليه
.
.
نظر لوالده.....ويسترق النّظر لخالته...كلاهما ليس على ما يُرام....هو يعي مدى علاقتهما في بعضهما البعض مهما حاولا ألّا يُظهرا ذلك ولكن هو يعي بُعد خالته خاصّة عن والده، وصايف لم تأتي سريعًا بعد زواجهما، رسميّتها المبالغ فيها ليست من باب الإحترام فقط...بل لسّد أبواب اخرى....نهيها عن نعتها بـ"أمي" بدلًا من "خالتي" أمر لا يجلب الشُبهة ولكن طريقتُها في حزم الأمر مُريب....يشعر وكأنّها تبتعد عن والده أميالًا طويلة......هل تكره؟

أم تكره تلك الأيّام التي انطوت عليها لتضعها تحت سقفٍ واحد معه.....هي بكت أختها كثيرًا.....يذكر لقطّات مشوّه في ذاكرة طفولته في ليلة زواج أبيه منها....كانت عيناها تدمعان.....واسترق صوت بكاؤها من خلال الغرفة حتّى وقتها يذكر أتى فهد ليسحبه من أمام الباب.....ينهيه عن فعلته ويبيّن له أنّ ما فعله" عيب".....حكّ جبينه....افراد عائلته جميعهم ليسوا على ما يُرام.....والشكوك تحوم وتُصيب بثلاثيّة سهمها دماغه الصّلب
بو فهد: ام وصايف اليوم لا تحسبيني على الغداء.....تراني معزوم...
ام وصايف بهدوء: ان شاء الله....
نهض ونظر لفهد وريّان: جدكم يعتب عليكم....بقّل زيارتكم ووصلكم له......ترا ما راح يضركم ولا بينقص من مجهودكم شي...لم تطلعون الصبح بوقت مبكّر وتروحون لأمي وابوي.....ثم تسرون على شغلكم بعدها.....
ريّان نظر لفهد وهو يتحدث: حقّك علينا يا بوي.....الوكاد الدنيا لهّتنا....
ريّان نطق سريعًا: قبل ثلاث ايام رحت له...
بو فهد بسخرية: هذا انت قلتها قبل ثلاث ايّام.....
ثم التفت على ام وصايف: وين وصايف؟ ....ليش ما نزلت تفطر....مو المفروض جهزت للمدرسة!
ام وصايف
بلعت ريقها بصعوبة....ابنتها حقًّا ليست على ما يُرام مُنذ ثلاثة ايّام ...تشعر بحُزنها الشديد على توأمها.....هذا الشهر يخبّأ ما بين طيّاته حنينها لتلك المدفونة تحت الترّاب......ها هي قابعة في غرفتها...وصورها مع اختها مبعثرة في كل مكان.....تُبكي أختها من جديد بصوت عالٍ تارة وتارة اخرى تبكيها بصمت......تقسو عليها بطريقة غير مُباشرة...فهي أم.....تفتقد ابنتها....تتألم على موتها...ولكن تصبّر نفسها على فُراقها....عليها ألّا تجزع.....ألّا تستسلم لوسوسة الشيطان
نظرت لزوجها: تعبانه ما راح تروح المدرسة...
لم يطيل الأمر: ما عليها شر ان شاء الله.....عن اذنكم
ريّان هُنا ألتفت سريعًا: وش فيها؟
ام وصايف بتنهد: والله يا ريّان ما دري وش اقول...
خشي من أن يكون الأمر جدّيًا فقال هو الأخر: خالتي....تعبانة مرّا؟
هزت رأسها: نفسيتها تعبانة.....مثل ما تعرفون المرحومة ماتت في مثل هالشهر....وهي من رجعت من بيت جدكم ذاك اليوم...وهي تبكي وتناظر بصورها...
ريّان: ما يجوز اللي تسويه......
فهد نهض: بروح اشوفها....
ام وصايف نهضت: لا وانا خالتك لا تضغط عليها...
فهد: ما بضغط بس بطمّن...
ريّان نهض هو الأخر: بجي معك....
ام وصايف حينما نهض ريّان شعرت بالقليل من الإطمئنان ريّان يمتلك اسلوب للتخفيف اكثر من فهد ذو الطبّاع الحادة والذي من الممكن يزيد الأمر بدلًا من ان يخففه دون شعورٍ منه، نهضت هي الأخرى متوجّها للمطبخ
.
.
صعدا على عتبات الدرّج معًا مسك كف أخيه: اهتمامك زايد...
فهد نظر إليه: تعوّد عليه....
ريّان بنبرة هادئة ولكن بنظرات حادة: بيجي يوم واعرف قلبتك هذي وش سببها!
فهد نفض يده من أخيه وهرب عنه متجهًا لناحية غرفة اخته، طرقها بخفة ولم تُجيبه....
.
.
بينما هي كانت مولّية بظهرها للباب قريبة من النافذة تحاول التحدّث بالهمس....أوجعها.....مُقارنته لها بمناهل اشعلت امور كُثر بداخلها....شوق...وحنين وخوف....وغِيرة ايضًا.... كيف علم أنّ شخصيتهما متغايراتان؟ بل لا يحق له بأن يُقارنها بأختها.....اتصل ليحدثها في هذا الصباح بغضب لم تعهده منه ابدًا!

: وصايف...صايرة تكبرين الموضوع بشكل لا يُطاق ملاحظة؟......ليش مّنتي حاسة فيني؟....ليش تحسسيني أنا اللي جالس اركض وراك....وابي اشتري رضاك وانتي؟.....ولا قد سويتي شي عشان خاطر عيوني.....ولم قلت كلمة عابرة خذتيها عذر عشان تزعلين وتاخذين على خاطرك منّي!
رفع صوته بانفعال: تراك مانتي مجبورة على حبي......وانا
ضرب على صدره بمشاعر عاطفية حساسة: قادر ادوس على قلبي وانساك...
بكت هي الأخرى اختنقت لتردف: اي عاد انت تبيها من الله......مانت قادر تستحملني...ولانت قادر تفهمني...تعاكس شعوري.....وتجي تتهوّر....وانا اكثر وحده بتضرر....

نواف ارتفع صوته ولم يهتم إن كان يتسلل من غرفته أم لا
واقف امام المرآة ولكن ينظر لزواية بعيدة عن انعكاسه وهو مرتدي الثوب السعودي للذهاب للمدرسة: هالمرة وش سويت بعد؟.....جيت اشوفك.....ولا ما هوب من حقي اطفي الشوق اللي فيني؟

مُراهق ومُندفع في كلماته.....وفي تصرّفاته....يضربها على أوتار العاطفة الحساسة ليجعلها تبكي بصوت يتسرّب لمسامعه مرغمة!
نطقت بين شهقاتها: نو...

سمعت باب غرفتها ينفتح ألتفتت بسرعة بوجهها المحمر وهي ممسكة بهاتفها، غصّة في شهقاتها حينما نظرت لفهد الذي تقدّم بخطواته للداخل، ولم تُخفيها نظرات ريّان...ريّان بات يُرهب قلبها .....فهو كاد ان يرى مصيبتها وهي في منزل جدها....وقبل ذلك.....شعرت انّه علم ممّن ذلك الأثر الذي خلّفهُ نواف...والآن نظراته.....اشعرتها وكأنها واضحة ومفهومة بالنسبةِ إليه.....

تداركت الوضع مسحت طرف انفها بكف يدها: نوفة مابجي المدرسة......ارسلي كل شي لي بعدين...
نواف صرخ: اهرررررررررربي مني اهررررررررربي...
ثم اغلق الخط...خشيت من انّ صوته تسرّب لمسامعهما.....فشدّت على اعصابها اكثر.....ونظرت لهما بصمت
ريّان كان يحدّق بها دون ان يُرمش...وفهد كان يحدّق للصور المرمية على السرير والساقطة على الأرض
فهد اقترب منها: وش هالحوسة؟
وصايف ارتبكت ....مسحت دموعها برجفة كفّيها التي لم تُخفى على ريّان.....كانت تدور بنظرها إليه ومن ثم إلى فهد: صور...

ريّان سحب هواء عميق لرئتيه، حالها لا يُعجبه.....يخشى من أنّ هُناك أمر مغاير للأمر الذي يراه....ألتزم الصمت كعادته وأخذ يحلل الوضع بنظراته!
فهد: أنا عارف....

ثم اقترب منها وضع يديه على كتفيها: ما يجوز اللي تسوّينه......هذا قدر ومكتوب...وكلّنا ما شين على هالطريق.......ولازم تحطين ببالك ولا تنسين.....والرّضا بالقدر خيره وشرّه....فاهمة ايش يعني؟
هزّت رأسها ثم همست: اشتقت لها....
فهد رفع رأسها حينما امسك بطرف ذقنها نظر لعينيها العسليتّين: على قدر اشتياقك لها...سوي شي ينفعها وهي في قبرها....تصدقي عنها.....اقري لها سورة الفاتحة...مو تجلسين تحبسين نفسك بالغرفة وتولولين عليها.....تراك كذا تضايقينها يا وصايف.....غير كذا...
تهجّد صوته قليلًا: تضايقين امّك.....لا تحسبين انها ما تتضايق......لا ....اشهد بالله إنها....تتضايق....وتحاول ما تظهر هالشي عشانك....بس انتي بالمقابل....وش تسوّين؟.....تزيدين حزنها ووجعها مو بس على مناهل.....حتى عليك.....خففي من حزنك...اذكري ربك....قولي الحمد لله على كل حال.....
وصايف نظرت لهُ وبدمعة: احس إني فاقدة جزء من روحي.....مو قادرة اتحمّل شعور اني بعيش...بدونها...
أخيرًا خرج عن صمته...وباعد نظرات تفحصّه بقول: كلنا نقول ما نقدر....ولا راح نعيش!.....قلتها قبلك يا وصايف لم ماتت امي....
ثم فتح يديه وبهدوء اردف تحت نظرات فهد المنصدم من حدّت كلامه على صوته ونبرته التي لا تنّم لأي حدّه!

: بس شوفيني وشوفي فهد قدرنا.....ما نسيناها....بس قدرنا نجاوز شي بسيط من ذكرى وفاتها.....
وصايف بشهقة بكاء: يمكن عشان مرّت سنين...كثيرة...
فهد سكت لا يُجيد الحديث أمام ذكرى والدتهُ ازدرد ريقه.....هو حقًّا عاش دونها ولكن بفقد جزء منه....كما هو شعور وصايف الآن.....هي تشعر بفقد روحها ....ولا تظن أنها قادرة على العيش...ولكن ستعيش ...بخسران هذا الجزء!
ريّان: السنين اكيد لها يد بهالشي.....بس هم الدنيا تنسّي...قادرة من انها تخلّيك تتناسين على الأقل وتشغلك......دراستك جزء من التناسي....ذكرك لربك ينسيك كل هم.....أنتي قرري تطلعين من هالحزن....وراح تقدرين تعيشين....
وبنبرة ساخرة وواضحة: دراميّة ما اقدر انسى ذي خُرافة يا وصايف!
ثم اخذ نفس بصوت مسموع: لا تعذبين اختك بدموعك اللي ما تفيدها اصلًا.....ولا توجعين نفسك وتمرضينها......لله ما اعطى ولله ما اخذ ....وإنّ لله وإليه راجعون....هذا حال الدنيا....اليوم حنّا موجودين بكرا ما ندري وش ممكن يصير....ولا ندري من راح نفقده!

فهد ربت على كتفها: اليوم سماح لك....لا تروحين المدرسة...ريحي اعصابك ونفسك......بس ما راح تجلسين بغرفتك انزلي تحت ساعدي خالتي وشغلي نفسك معها...
ريّان اخذ يُجمع الصور بيديه، وسحب الصور المُلقاه على الأرض: من يوم وراح الصور بتكون معي!
وصايف: لا ريّان تكفى خلها معي...
ريّان: بترك لك صورة بس.....ولعقلتي عطيتك اياهم....
لم يترك لها مجالًا لمناقشته.....خرج
وفهد لاحقهُ بنظراته.....ثم عاد ينظر لوصايف: عن اذنك بروح لشغلي.....
ابتسمت له ليؤكد لها: نزلي تحت...
وصايف: طيب...
خرج وبقيت هي تنظر لأرجاء الغرفة.....تفكر بأمور مختلطة ومتضاربة......علاقتها مع نواف لم تعد راكدة بل اشتعلت بالنيران دون سبب....زفرت بضيق ثم جلست على السرير!
.
.
تبع أخيه لغرفته تحدث: ما تحّس أنك قسيت عليها بكلامها؟....خاصة وهي بهالحالة؟
ريّان سحب بقوّة من على السرير البذلة العسكرية....ليرتديها أمام أخيه
: لا...
فهد قابل أخيه ونظر إليه: كل هذا عشاني ما قلت لك.....عن
قاطعه بحده: يرححححححم لي والديك.....اطلع برا ببدّل....وبطلع على شغلي...

لا يريد أن يُناقشه....يضغط عليه ليرى نفسه يُخبره بالحقيقة....ولكن لا يدري كيف نطق: مشتاق لرحيل؟
ضحك ريّان هنا وهو يغلق "أزرار" بذلته:هههههههه.. صاير ثرثار بزيادة.....
فهد بحنق وانفعال: وصصصصصاير تاخذ من طبعي كثير...
ريّان بضيق: هذا انا ماخذت من طبع أحد شي....بس انت تتخيّل.....وودّك تتضارب على هالصبح...
كاد يمشي من أمامه ولكن اعترض طريقة واغلق الباب خلفه، تحدث: ريّان.....عارف انّك مشتاق.....ولا منّك قادر توصلها....وليث يسوي اللي هي تطلبه....وقد كلّمني.....وشرح لي الوضع....وفهمّني ما يبي يضغط عليها....والافضل ما تزعـ..
قاطعه بانفعال....هو يريد ان يصرخ مُنذ ان استيقظ والآن وجد سببًا مناسبًا للصراخ الآن: متصصصصصل عليك يشرّه........ما عاد يبينا نزعجه؟.......ولا شيبي الأخ؟
فهد هذا ما لم يتوقعه، انفعال ريّان مريب لشخصيّته اشار له: ريّان اذكر ربّك....الرّجال يبي مصلحة زوجته.....
ريّان اشار له منفعلًا: خلااااااااص عاد...وصلت لهنا
اشار لأنفه: ابوي.....راميها عليه.....وهو يبي يبعدنا.....حتّى لو هي ما تبي تسمع صوتنا....على الاقل....يحاول ويجرّب يفتح الجوال سبيكر وسمّعها صوت خالتي اللي بتموت حسرة عليها.......حتّى ليث.....ما هوب عاجبني.......وجالس يخنقني وضيّق علي!
ثم اشار لفهد: طبعا الوضع عاجبك لأنك انت معتبرها مثل مناهل...ميته...سواء كلّمتها ولا ما كلمتها...ما عادت تفرق....
فهد صرخ: رررريّان....
ريّان ظهر العرق البارز على رقبته: مااااااااا اظن قلت شي غلط.........مقهور......وزودن على قهري......اللي اشوفه.......انت من جهة....ووصايفوه من جهة....بس اقسم بالله....لو يصّح شي من اللي بعقلي......بقلبها حرب على روسكم!

فهد لم يفهم شيء مما قاله ريّان....شعر وكأنه بدأ يخلط الأمور جميعها بل وكأنه مشحون ومحمّل بالقنابل والآن انفجر حاول أن يُمسك يده ليوقفه ويسأله ولكن الآخر خرج من الغرفة تارك فهد يحوقل ثم خرج الآخر لغرفته....سحب هاتفه .....نظر للوقت من خلالة
ونظر لمكالمة فائتة من رقم بِلا اسم....تأفف ثم خرج ليذهب لعمله هو الآخر!
.
.
خُذلان.....حينما ينمو بكَ شعور ما...وترتفع اغصانهُ لعِنان السّماء....يضجُّ فؤادكَ به...يلوذ بنفسه لتحتضنهُ الأيادي الدافئة ليزداد علوًّا....وارتفاع شاهق.....ونموًّا غير قابل للتوقّف...ولكن حينما تختفي تلك الأيادي ويحتضنه الخُذلان بباطل الحقائق....ينمو على نفسه ليتراكم ويُصبح كُتلة ثقيلة تعبث بصاحبها خاصةً إن كانت متكتّلة على وتينه....تقتله ببطء ثقلها وتنزع روحه.....
لم يُبدي بسعادته....بل شعر أنّ وقت العِتاب قد حان....قبلت بهِ....بعد أن جعلتهُ يتذلّل لهذه الرّغبة ويشّد عليها بنواذجه كُرهًا لهذا الرّفض...ابتسم ...هذا كل ما استطاع اظهاره أمام والدته....إظهار الإبتسامة...وإطفاء روح الحماسة من الإقتران بخُذلانه!.....تعجّبت منه ولكن لم تنشغل به
بل ابتسمت: يا عمري يا خويتي....والله انها بعيوني...هذي بنتي....الحمد لله .....انها وافقت...هذا يوم السّعد والهناء......والله ما راح احصّل احسن منها لوليدي....
الأُخرى تتحدث بفرح وهي تنظر لها: والله ما ألاقي احسن من ذياب.....والف الحمد والشكر اللي رجّع لها عقلها ووافقت عليه...

يُحزنها أن يظهروها بالنّمط هذا وكأنها ساذجة....يُرسلون رسائل رفضها وهي لم ترفضه من الأساس....ها هي قبلت به بعد موجة تفكير اكملت الثلاث أيّام....وافقت وهي ترتجف من مستقبلها مع ذياب...ذلك الرجل الذي اصرّ عليها...وظنّ انها رفضته مرتّين.....تنهدت وهي تنظر لوالدتها...من المفترض ان تستعد للذهاب إلى الجامعة ولكن اليوم لن تذهب....تشعر بالضيقة وعدم رغبتها في رؤية النّاس متزايدة!

ام ذياب: خلاص....الحين جا وقت تدخّل الرجال....اي بإذن الله ....راح اخلي ابوه يكلّم زوجك.....
ام صارم بابتسامة وسعادة لا تسعها: الله يتمم لهم على خير....ما اطوّل عليك يا الغالية فمان الله....
ام ذياب نظرت لأبنها: فمان الكريم
اغلقت الهاتف ثم اردفت لتؤكّد لأبنها الذي سمع منها كلّ شيء: عهود وافقت.....وافقت يا ذياب ريّح بالك وهد اعصابك.....باذن الله بقول لأبوك....وخلاص نروح نخطبها رسمي....
ذياب بهدوء لم تتوقعه: ان شاء الله يمه...
ام ذياب : علامك ما فرحت؟
ذياب ابتسم: اشهد إني فرحان.....وأحس إني بطير من سعادتي...
حضنت وجهه بين كفّيها لتقبّل جبينه بعد ان جذبت رأسه إليها حتّى به قبّل رأسها: الله يتمم عليك فرحتك ...ويجعلني اشوف عيالك...
ذياب قبّل جبينها: آمين ....
ثم بلل شفتيه: انا طالع الشغل يمه....ما اوصيك.....الخدامة هنا تبين شي قولي لها....لا تجلسين تجهدين نفسك في شغل البيت......ولا ما عادني بعرس...
ام ذياب ضربته بخفه على كتفه وهي تضحك: ههههههههههه صدّقتك!......لك حوالي شهر تحن على العرس...وإلّا تبي بنت خالتك...والحين....تقول ما عاد تبي العرس!
ضحك هو الآخر: بنت خالتي والعرس ما هوب أهم منك يا الغالية....
ام ذياب: لا تحاتيني ...وتيسّر على شغلك ربي يفتحها عليك ويسّر امرك...
قبّل رأسها من جديد: الله يسمع منك....مع السلامة
ابتسمت له وهو يعبر أمامها: مع السلامة
.
.


.
.
ألتفتت على والدتها بقهر: يمه ليش كذا تطلعوني بصورة اني رافضته مرّتين....
ام صارم بعصبية: انسي اللي فات مات....وحنّأ عيال اليوم...الولد نسى رفضك...وهذا هو تقدم لك وانتي وافقتي ...فلا تجلسين تسوّين لي من الحبّة قبة!
زفرت بضيق
لتردف والدتها: بإذن الله ابوك بكلّم جدّك وعمانّك اليوم....
عهود سكتت ثم قالت: خايفة جدّي يرفض؟
ام صارم
أجل تخشى من هذا الأمر، فهي لا تضمن ردّت فعله حينما يُخبره ابنه أنّ عهود خُطِبت من قبل ابن خالتها
تخشى من ان يُنهي الأمر بتعليقها كما علّق دانة على اذيال محمد!

: لا ليش يرفض اصلا....
عهود: حاسّني قلبي.....بسوي سالفة...
ام صارم: لا بسوي ولا شي....روحي اجهزي لجامعتك....
عهود: ما بروح واصلا صارم خذ معه دانة ومشوا.....
ام صارم: ونوافوه...
عهود زمّت شفتيها: ما راح.....اظن لساته في غرفته....
ام صارم ضربت على صدرها: يا ويلي...والله إن رجع ابوه وشافه...لا يصلخ جلده....هو محذره .....لا عاد يعود هالغياب....
عهود: بروح اشوفه...لا تهتمين....
ام صارم: اي يمه روحي....ملّينا من هواش ابوك معه....روحي كلميه كود يعقل....
هزّت رأسها
وبدأت تخطو خطواتها على عتبات الدرج بِخُطى سريعة، ثم عبرت من الرّواق.....لتصبح أمام غرفة نواف....لم تطرقه ولم تستأذن بالدخول بل دلفت من الباب على حين فجأة
وكان هو يجول في الغرفة بحيرة واضحة لمرأة العين، هو اخطأ واوشك على فضح نفسه، ولكن هو يُجزم هذا الخطأ بسيط لا يمكن ان يهدم ما بنّاه معها، هو أحدث مقارنة بينها وبين أختها في وقت تأجج مشاعرها لناحيتها لا ينكر ولكن لا يقصد بذلك اقهارها ....ولا يستطيع نُكران مناهل تمتلك روح شُجاعة ومرحة......وجريئة لن ينسى كلماتها حينما يتشاجر مع وصايف وهما صغيران وتدخل بينهما لتفرّقهما بيديها الصغّيرتين تصرخ بنبرة طفولية " اذا ضربتها....بضربك" وتهم عليه بالضربات والصفعات حتّى احدثت يومًا جُرح على أرنبة انفه ولكن اثرها لم يبقى معه ليترك لهُ ذكرى منها!....هو احّب وصايف حقًا....ولكن مناهل كانت نقيضها الذي يُعجبه......ويتناسب مع تمرّده هذا ما يجول بخاطره.....

تنهّد...وألتفت على اخته بعصبية: اظن لهالغرفة خصوصية......وهالبيت انتهكها ولا عاد يحترمها....
عهود بضيق من حاله: ليش ما رحت المدرسة؟
نواف بملل: انقلعي عهود....اطلعي برا...
عهود كتّفت يديها: ما راح اطلع....والحين تنزل قدّامي تروح المدرسة ولا قسم بالله بتصل على صارم....
نواف دفعها من كتفها : قلللللللللللللت لك اطلعي....
عهود بانفعال: شفيك جنّيت انت؟.....يعني خلاص قررت ...تسحب على أم الدّراسة وتجلس؟.....على كذا كلّم ابوي وصارحة .....يمكن يلاقي لك شغل يناسب مستواك الطايح...يا طايح الحظ!

نواف شدّها من عضدها ولكن هي سحبت يدها منه لتصرخ: لا تممممممد يدك عشان ما اكسرها لك....
نواف: وعشان لا اكسرها انا .....طللللللللللللعي....
فجأة انفتح الباب ودخلت والدتهما: شفففففففيك انت....شفيك على اختك؟....لك وجه تمد يدك عليها.....روح طس على مدرستك.......ترا ابوك ما نسى ....ولساته يتوعّد فيك...وإن شافك اليوم غايب.....ولا ما راح تعيّن خير...خذ كتبك وطس....
عهود نظرت لتغلّباته....
نواف: اصرخووووووووا....وهددوا....ول ا كأني ولدددددكم تقل عدو لكم........من زين بيتكم....المدرسة احسن منه بواجد...
ثم اقترب من سريره سحب كتبه: الله يااااااااخذكم كلكم...
عهود بصرخة: ويااااااااااااخذك يا قليل الخاتمة...يا اللي ما تستحي....
لم يُبالي لها....ونهتها والدتها بصوت هادىء: لا تدعين عليه.....ادعلي له بالهداية....
عهود بنرفزة: ما شفتيه كيف يدعي علينا....
ام صارم بضيق: الله لا يواخذه هالبزر.....اشهد هو من زرع الشيب براسي وبراس ابوك.....
عهود مسحت على وجهه : هو الحيوان....يا يماشي دشير ومخربينه....يا براسه موّال يترك الدراسة ........بس الوعد لجا صارم...
ام صار: لا تشيشينه( لا تُغضبيه) عليه.....
عهود: يمه لزوم احد يسنعه .....صدق ما هوب طبيعي....
ام صارم بتنهد: الله يهديه يارب....وعقلّه ويمّن عليه ويتغيّر عن هالحال...
عهود همست وهي تهز برأسها: آمين.
.
.
شعر وكأنه وقع على تيه أخيه بِلا مفتاح لمعرفة خارطته التي تدّله على الوجهة السليمة....ليث حمّلهُ مسؤولية كُبرى....لا يدري كيف قبل بها...ولكن حاله لم يكن مُناسبًا للنقاش وللإقناع.....الأمر الذي سهّل عليه ابعادها عن الأهل شقّته....ولكن يخشى من اخيه الفضولي من الإيقاع به على هفوات استكشافه للأمور....فهو اصبح حذر من ناحيته ولن يخوض معه النّقاش من جديد في امر تصنّته على اخيه ليث.....الآن سيهتم بها وفقط.....قام بشراء" الحاجات الخاصة" ...وكان مُحرج من الدخول للصيدلية .....قرأ رسالة ليث الفجر....وشعر بالاضطراب...هذا الأمر لا يؤجّل فخرج مبكرًا قبل عمله بساعة...لشراؤه....وها هو ....وصل...ارسل لها على الوات ساب" رحيل أنا بدخل الشقة...بحط الأغراض في الصالة"
لم يترجّل من سيّارته....بل بقي يهّز برجله بقوّة......أمور كُثر برأسه.....اخيه في مصيبة يعلم بذلك ولكن ما هية مصيبته تلك التي يجهلها.....تنّهد....لو علم ريّان أو فهد بأمر تواجدها على ارض الوطن....يقسم سيحطمّان وجهه بلكماتهما فهما أولى من المجيء لها لتلبيّة احتياجاتها والاطمئنان عليها بدلًا منه......سحب هواء عمّيق لرئتيه.....نظر لهاتفه ينتظر ردًا.....لم تمر عشر ثوانٍ حتى قرأ" طيب"

...هذا يُعني انها ستبقى في غرفتها ولن تخرج أمام ناظريه....فخرج من سيارته وسحب الكيسة...معه....خطى خطواته بعجل....ليصبح أمام المصعد ويضغط على رقم" 3".....لم تمر إلّا ثوان عدّة حتى به...اصبح في الممر....ليمشي خطوتين ثم يتجّهة لليمين ويُصبح الباب أمام وجهه اخرج المفتاح....فتحه.....استقبلتهُ برودة الشقّة.

برودة جعلت شعره يقشعر....هل قامت بتشغيل مكيّف الصالة والغرفة.....معًا؟....لماذا الغرفة باردة ونحن في أعز الصيف وتحت حُرقة أشعة الشّمس....لم يهتم.....دخل وجعل الباب مفتوح خلفه....مشى عشر خطوات للأمام ليضع على الكنبة الكيس...
ثم عاد من جديد للعشر الخطوات ليصبح أمام الباب وخرج.....لم يسمع صوتها إلّا حينما...وصلت في المطار

يذكر شكلها.....هو لم يكن متعمّدًا في النظر إليها ولكن كان في ذلك اليوم متوترًا يشتم اخيه كيف سيعرفها والآخر يتصل به ليقول" هي راح تجيك بس وقّف في مكان واضح وانا بكلمها"...يذكر وقتها توتره.
رفع رأسه ونظر...لفتاة طويلة ونحيلة ......ترتدي عباءة قصيرة نوعًا ما.....ليست بذلك القصر المُشين ولكن من الواضح لم تكن إلّا على حد طولها واقصر بمقدار سنتيمترات قليلة!....وكانت سوداء وفضفاضة بشكل كبير.....لا يرى منها إلّا سوادًا...لم يكن وجهها مكشوفًا...ولكن كانت رجفة كفيها الصفراوتين التي تجر خلفها الحقيبة واضحة لمرأة عينيه.....تتلفّت يمينًا ويسارًا....ضائعة.....تزدرد ريقها بصعوبة تقترب منه وتسأله
: انت محمد؟
ما إن قالت هكذا حتّى به غضّ بصره عنها وشتم ليث سرًّا حينما اوقعه في هذه الكارثة!
: اي انا ولد عمّك...
ثم مّد يده: عطيني عنك...
ناولته حقيبتها ثم قال: تعالي معي...
مشت خلفه، وهو يحترق.....ويخشى من ان يراه احدًا من الاهل....او تلتقطه اعين فيصل التي يجهل نوعيّة فضوله خاصة على منحدرات ليث....جلبها هُنا.....ولم يسمع صوتها....ولكن فهم....الزّمن خطّ تغيّراته عليها.....كبرت.....وهرمت مع هذه الحياة.
تنهد وركب سيّارته من جديد....سمع الرنين
: شفيك يبه...تراني ما نيب طيّارة.....نعنبو ازعج أمي....اهجججججد...اذكر ربّك...
سمع ضحكته: ههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههه........ب الله اتصل عليك ما ترد......وخير تسحّب وتطلع من البيت؟

هذا ما يخشاه مسح على جبينه: فويصل انت فاهم طبيعة شغلي ولا مو فاهم؟

فيصل: خلاص لا ترجني بمعلوماتك والله فاهم وادري وقتك ما هوب لك.....بس امس مكلمك....اليوم بنطلع مع عبيد....
محمد بفجعة: وش هالطلعة اللي تجي بذا الوقت؟
فيصل نظر لعبد لله: والله قلنا نطلع نفطر بس شكلك مانت بوجه فطور ملكي....مانت كفو والله....
عبد لله رفع صوته: ولهنا عليك يا دكتووووووووووورنا....
عقد حاجبيه على الصوت العالي: قوله مانيب دكتور.....
فيصل ضحك: هههههههههههههههههههههههه بدينا في موّالكم يعني؟.....خلاص دكتور ولا تجلس تعطينا ألقاب جديدة....
محمد: مطوّل؟
فيصل نظر لعبد لله: مضغوط؟
عبد لله مات ضحكًا هُناك
محمد بمزاج عكر: تعرف الطريق مخيس...والشوارع زحمة......وفجأة يرسلون لي اليوم....
فيصل قاطعه: بس بس....يعني مانت جاي....
محمد : اعذروني ما نيب جاي.....اليوم فُل زحمة....
فيصل اغلق الخط في وجهه سريعًا
فشتمه محمد
والآخر نظر إليه: نحرّك؟
فيصل : اي مشغول الأخ.....
عبد لله: امس تقول .....وافق...
فيصل بهدوء: مادري عنه...واضح المستشفى محتاجينه....
عبد لله بتنهد: الله يعينه....المهم قبل نروح نفطر ...بودّيك مكان....
فيصل ضرب على فخذيه: اللهم طوّلك يا رووووووووووووح...
عبد لله حرّك سيارته وابتسم: ما فيه مفر...ما فيه مفر...
فيصل نظر له:الله يفر راسك....يا ###......انا مابي اشوفه.....اذا لحد الحين مقتنع انا...
قاطعه: لا ما نيب مقتنع اهجد...وخلنا نزوره.....وانا متفّق مع الشباب... على فكرة...طلال طلع من السجن ...كيف لا تسألني...عاد.....والشباب هناك.....

فيصل مسح على رأسه: اي شباب بعد؟
عبد لله : هههههههههههه.....طلال....ونمر. ...وتميم.....وعادل.. ..
فيصل: فئة المغثّة......
ثم اندفع: بالله انت وش تبي واذا رحت وقابلته من جديد وش تبيني اسوّي له؟
عبد لله: نبي نصلح بينكم....
فيصل بنرفزة عظيمة: ما فيه صلح......الكلب هذا ما سمعته وش قال لي يومني زرته؟
عبد لله وقف أمام الإشارة لم تأخذ إلا دقائق حتى مضى في طريقة: اوك....معليه....يمكن تغيّر....
فيصل بلل شفتيه: والله حتّى لو تغيّر ما عاد اثق فيه هالخوّان...
سكت عبد لله....بينما فهم فيصل مغزى صاحبه
لم يهن عليه أن يفترقوا هكذا لأسباب مجهولة....يريد أن يواجهوا اسبابهم....رغم أن الأسباب غير واضحة حتّى بالنسبة إليه ولا يريد أن يتطرق لها...لأنه يجزم ستكون مؤذيّة...وكالسيف ذو حدّين....سرح....في امره هذا...وفي الأمر الذي جعل محمد يكتشف فضوله على طريق انحراف مشاعره!
لم تتمكّن هذه الأفكار من ذاكرته بشكل جيّد لأنهما وصلا إلى منزل ماهر....
عبد لله اركن سيارته: يلا انزل...
تنهد الآخر وهو يشتمه والآخر يضحك
مسح على وجهه عدّت مرات وتوقف.....كم مرّة جاء إلى هُنا من اجل السهر ليلة إحدى الاختبارات لمراجعة الدروس معًا ...علاقته بماهر ربما كانت اقوى من علاقته مع عبد لله .....علّاقة أخويّة واضحة درسا معًا في مراحل دراستهما...إلى ان وصلا إلى اليوم هذا!....كيف تبدّل حالهما إلى حال يُرثى إليه...تنهد وشعر بعبد الله الذي يربت على كتفه
ايقظه من ذكرياته وعتابه السرّي...ثم توجّها أمام الباب...طرقه...في هذا الصباح.....فهم الجميع مُجتمع من أجل الإفطار مع ماهر .....يذكر ماهر لم يكن بخير.....عينه اليُمنى مغطّاة بشاش طبي حينما زاره....به كسور كثيرة في جسده هل خسر شيء آخر غير عينه؟....تذكر بعضًا من طفولتهما في "الحارة" .....دخلا....
عبد لله قبل أن يجعل فيصل يدخل إلى المجلس
: فيصل...... انا كلّمت ماهر قبلك.....الرجال ندمان...خسر عينه......والحادث اثّر عليه بشكل كبير....كسوره لساتها ما برت.....ونفسيته زفت......كلنا حاولنا نطلّعه من اللي هو فيه عجزنا.....ابوه كلّمنا......واللي استغربت منه انه ما يدري بالخلاف اللي بينكم وهو اللي قال لي جيبوا فيصل ....هو اللي يقدر يطلعه من الكتمة اللي يعيشها....
فيصل بلل شفتيه، لا يدري ماذا يقول....هز رأسه بالرضا ...ثم سحبه الآخر....للمجلس...
وهو يقول: صبااااااااااااااحكم بصل مثل صاحبكم ...
ثم سحب فيصل ليمشي رغمًا عنه خطوتين للأمام
فضحكوا كلًّا منه تميم ونمر وعادل
تميم نهض يسلّم عليه: ارححححححححححححححب بو علي.....عاش من شافك......نعنبو وش هالغيبة....
عادل: شكلك مسااااااااااااافر للمزز ومخبّي علينا....
عبد لله: هههههههههههههههه خابرين صاحبكم ماله بهالأمور....
نمر يصفق كف يده بيد فيصل الذي ضحك بخفة ثم بلل شفتيه: من يوم يومه عذراء المشاعر....
عبد لله: ههههههههههههههههههههههه.... ..لا تفصلون من الصبح......هدوا اللّعب....
بينما طلال كان خجلًا هل يتقدم له ويسلّم أم يسلّم عليه بلسانه فقط....وعينين فيصل كانت تتناوب بينه وبين ماهر الذي يشتت نظره عنه
اخيرًا قال طلال: اخبارك فيصل؟
نظر إليه فيصل ثم تقدم ليغلق عبد لله الباب
: برأيك وش اخباري؟
تميم: ادخل واجلس يا فيصل ....واتركوا القلوب تتصافى؟
فيصل ينظر لماهر...لا يستطيع تحديد مشاعره لناحيته.....لأنها كانت تتأرجح ما بين القهر....والغبنة.....
ماهر: اقدم واقلط يا بو علي....لا ترد ضيّافتي لك....واقبلها.
فيصل نظر له...سكت لفترة والجميع يترقّب حدّة لسان فيصل في اطلاق السهام على طلال وماهر
: مقبولة.....واكرمك الله....
ثم نظر للضيافة التي تحول بينه وبين ماهر: وما عليك زود...بيّضتها!
عبد لله توتر سيسكت ويترك لهما مجالًا للحديث
عادل: هذا العشم فيك يا السبّع....
نمر: من يوم يومك قلبك وسيع ويتسّع....

طلال ابتدأ بقوله: سامحني يا فيصل.....بلحظة وسوسة شيطانية...بعتك ما انكر....بس يشهد الله على ما كنت ابي اضرّك....
فيصل اشار له بسخرية: ما كنت تبي تضرّني وصعدت على ظهري؟
فهم ما يُرمقه إليه
وسكت لم يستطع ان يقول شيئًا
عبد لله نظر لبقيّة اصحابه
ليردف ماهر: طلال وزيد ما فكرّوا يأذونك وسحبون منك مخططاتك....الخطّة كانت خطّتي....

فيصل رفع حاجبه الأيسر وهو ينظر للجرح المخطوط على حاجب ماهر الايسر وعينه اليُمنى المغلقة جزئيًّا بلون الزُرقى قليلًا: ما هو هذا اللي كسرني يا ماهر....رميت العشرة اللي بيني وبينك في الزبايل...عشان ايش؟.....عشان اسم يرتفع...واسم ينزل.....يشهد الله علي لو جاي لي بوجهي وقلت لي ابي مخططك والله لكان عطيك ايّاه بدون ما يرف لي جفن......وقتها ما تدري وش هي معزّتك عندي....

تميم ليخفف من الحدّه: الكل يشهد على معزّتكم لبعض يا ليث...
عبد لله بتدخل سريع: ولولا هالمعزّة ما اجتمعتوا الحين!

فيصل بجدية: ماهر انت مانت بحاجة لمخططاتي.....ولانت بحاجة لعقلي!......انت مانت عاجز تسوي من الفشل ابداع.....ومانت عاجز من أنّك....تترقّى وقتها بعرق جبينك....بس عينك ما كانت تطالع باللي في يدك....ما كنت اصلًا مكتفي....كنت تطالع باللي في يدي وبس...دخّلت نفسك في متاهات ايش؟....التحدّي على حساب مضرّتي...وسحبت معك طلال وزيد.....وبالأخير...ربي ظهر الحق...

طلال: العذر والسموحة يا فيصل.....وقتها عقلي شرد بأحلام وخيالات مبنية على الباطل...اذّيتك ما هوب بس ماهر اللي أذّاك....

فيصل ابتسم بسخرية وفهم هو الآخر يخفف عن صاحبه
فقال عادل: اللي صار بينكم .....يصير حتّى بين الأخو واخوه....

فيصل نظر له: عمري ما كنت اناظر في ماهر غير انه اخوي....وهذا اللي كسرني يا عادل...انه انطعنت من اخوي....من اللي علاقتنا مع بعض فوق الثنعش سنة......سلبني احلامي....وتركني بلا وظيفة اشهر......

ماهر.....في اللّقاء الأوّل....الكبرياء مسيطر على كيانه...أما الآن وبعد حديث عبد لله الأخير....وبعد استيعابة للخسارة التي احدثه له الحادث.....تلاشى هذا الكبرياء ليغرق في وحل الإنكسار والنّدم...خسر عينه اليمين....ظهره تضرر...واحتماليّة عدم قدرته على الإنجاب في المستقبل كبيرة.....الكسور تضّج بآلامها في اللّيل....الضمّير يصرخ ليوقظه من وحل الحسد والغيرة والنّظر إلى منظور طفولتهما...وصداقتهما الجميلة.....رفع كف يده اليمين بصعوبة وبرعشة خفيفة ليضعها على جبينه ويحني رأسه ويبكي!

اجل بكى....أمام اصدقاؤه....يبكي على شناعة تفكيره سابقًا و الذّي أدّى به إلى هذا الحال....بينما ليث ....انكسر هُنا....ماذا حدث لينصهر غروره عن اللّقاء الأوّل في المستشفى؟....ماذا فقد ماهر؟.....ليتك يا ليث لم تساعده في استيعادة عمله لكي لا يرى هذا المشهد، رغم ليث لم يكن السبب في الحادث، ولكن كان سببًا في اظهار الحق.
تميم نهض هُنا: افا يا ماهر...افا تبكي..
ثم جلس بالقرب منه وأخذ يربت على كتفه
ماهر تحدث ما بين حشرجة صوته: مانت مجبور تكمّل طريق الصداقة والأخوّة بس سامحني يا فيصل ....سامحني عشان العشرة الحلوة اللي عشناها مع بعض......انا اعترف غلطت......وخسرت......ويا ليت خسارتي هيّنه....
عادل طبطب على ساقه: قول لا إله إلّا الله....اذكر ربّك...
عبدلله: ماهر شهالحكي...ما خسرت شي ...كل شي ينتعوّض ان شاء الله....
طلال سكت وهو ينظر لفيصل
الذي ازدرد ريقه، بلل شفتيه: الله يسامحك.....بس من اليوم ورايح...طريقي ما هوب على طريقك يا ماهر.....انسى فيصل مثل ما نسيته في ذيك اللّحظة وغدرت فيه....
عبد لله نظر لفيصل لم يتوقّع من فيصل الانسحاب من صداقة ماهر هكذا حتّى بعد ان رآه مكسور.

اكمل: يمكن نلتقي بالجمعات...بحكم الشلّة اعرفها....بس من يوم ورايح بينا حدود.....ولا نمشي سوا بنفس الطريق....
ماهر هز رأسه: لك ما تبي يا بو علي....
فيصل نهض شتت عينيه همس بهدوء: امسح دموعك......وطهور إن شاء الله....ما عليك شر.....كل شيء ينتعوّض....عن اذنكم....
ثم خرج من المنزل
وعبد لله نظر لهم ثم تبع فيصل
: فيصللللللل
فيصل دون أن يلتفت وعينيه محمرتّين وبهِ غصّة: اتركني يا عبد لله.....روح اجلس معهم وخفف عن ماهر...أنا بروح شغلي!
عبد لله
توقّف هنا تنهد ثم عاد للمجلس!
.
.
سحبت الكيس....تتلوّى من ألم بطنها....عادت عليها لتستبيح وجعًا لا يُطاق....لا تنتظم....ولا تنظّم من انفاسها التي تسحب الهواء بصعوبة....استحمّت بماء دافىء على أمل أن يستقّر الألم بعيدًا عنها ولكن لم تفلح في تهدأته....افرغت ما فيه الكيس على السرير.....نظرت للمسكّن....سحبته وابتلعت "حبّه" واحده دون أن تُلحقها بالماء.....ثم عادت لتستلقي....وتشد على بطنها بيديها.....هي خائفة....الوحدة تطوّق جسدها كلّه بظلام وسكون أركان هذه الشقّة....عادت لسجن آخر تحت سقف الوطن....تشتم رائحته تُقسم انّ لهُ رائحة مغايرة لرائحة تلك الأراضي الغربيّة.....نظرت لضوء الشّمس المتسلل لغرفتها.....مُنذ أن وصلت هُنا وحنين الذكريّات يتدفّق أمامها ولا يتوقف...
حتى ليلة زفافها تذكّرتها بالكامل....كانت ضائعة مُنذ ان اصبحت على متن الطائرة وحينما وصلت اصبحت مشتتة.....قلبها لا يقوى على بُعد ابيها
على عدم شم رائحة خالتها والتي تعتبرها والدتها في الواقع....اشتاقت حتّى لجدّها وجدّتها....تريد رؤيتهم.....تريد ان تحتضنهم ولكن هم لا يريدون ذلك.
شدّت على مخدّتها لتضعها امام بطنها وتشّد عليه....بدأت بالتفكير في وضعها الحالي بعد الاغتصاب...أجل هي بدأت تتقبّل تُرهات عقلها....خاصة ردّت فعل ليث.....تُجبرها على التصديق نفاها بعيدًا عنه ليحقن دمها.....يريد ان يبقى بعيدًا ليتماسك....وليتهُ ابقاها لكي تبيّن له مدى صدقها في عدم خيانتها له.....
بللت شفتيها....وسمعت رنين هاتفه....لا احد يتصل غيره....لا تريد ان تُجيبه....فهي مُتعبة وكثيرًا....ولكن الرنين يتسلل إلى اسفل بطنها ليوجعه
نهضت منفعله لتصرخ: يا جعللللللللللللللك بالموت يا ليثثثثثثثثثثثث......
سحبت الهاتف اجابته على سقوط دمعة ألمها التي انسابت: نعمممممممممممم........توّك مسكر وش تبي تدقدق علي وترجني؟

عيناه محاطتّين بالهالات السوداء.....شعره مبعثر قليلًا...وملابسه ليست ثقيلة رغم الجو البارد الذي يطوّقه من كل جانب....خرج للإستراحة فالمعمل بدأ يخنقه ويضيّق عليه الدنيّا....رائحة المحاليل اصبحت متشبّعة في انفه....رغم انه يرتدي كمامًا إلّا انه يشعر بذلك....مضت ربما ثلاث ساعات على اتصاله عليها...ولكن اعاد الاتصال ليتطمّن....فهي ما زالت وحيدة ....وهو ما زال يريد الانتقام من ربما كل شيء
ليسمعها: خايف تموتين وابتلّش فيك.....عشان كذا اتصل ما بين كل ثلاث ساعات....
رحيل ضغطت بيدها على بطنها وبصرخة: تراني مانيب مسكّن ...تتصل علي كل ثلاث ساعات!
ضحك الآخر بعبث: هههههههههههههه.......دام فيك حيل تصارخين يعني انك بخير....
رحيل بللت شفتيها سكتت...واخذت تتنفّس بعمق
قال بهدوء بعد أن طالت في السكوت: تتألمين؟
رحيل: متى ما تألّمت؟
ليث هذه المرّة سكت
فقالت: متى بترجع؟
ليث ابتسم بسخرية: ما اظنك تسألين من باب الشوق....
رحيل عقدت حاجبيها: لا مستعجلة.....ابي الطلااااااااااااااق....
ليث زفر وبتجاهل: المهم اذا مخف الألم....خذي لك حبتين مسكن وانتي شبعانه......لأنه مستحيل....محمد ياخذك للمستشفى
وبتذكر: كيف جرح بطنك؟
رحيل بعصبية: مالك شغل....باي
اغلقت الخط في وجهه ورمت الهاتف بعيدًا عنها ثم نهضت..ٍتستحم بماء دافىء من جديد لكي يهدأ هذا الألم وتنجلي هذه الأعاصير!
.
.
بينما هو عضّ على شفته السفلية، مقهور منها...ومن نفسه...ومن تكبّد الأمور وتفاقمها عليه.....ابا سلمان يضغطه في العمل...وهو رأى من عمله في المعمل مخرجًا لتشتيت ذهنه...هانت لم يتبقى سوى أيام قليلة ليقنعه انه فاشل......
عاد لداخل المعمل ليتحدث: تجربتكم ذي اعلى من مستواي...
بو سلمان وهو يرتشف قهوته واضعًا رجل على رجل ويقرأ في كتابه
: هي من مستواك....بس شد حيلك....
ليث بعصبية "رفس" رجل ابا سلمان ليُزيحها من على رجله اليُسرى: جيب احد يساعدني...
ابا سلمان ابتسم هُنا ووقف: للأسف غصبن عنك بتنفّذها بنفسك...
ليث بحده: واذا فشلت؟
ابا سلمان تنهد: ما اقدر اتخيّل شنو ممكن يصير...
ليث ضحك: ههههههههههههههههههه
ثم صرخ بغضب: يعني بتموتوني؟
وقف أمامه وفرد يديه أمامه: يلّا اخلص علي.....
ابا سلمان : خل الدّراما على جنب....وروح شوف شغلك .....لا تصدّع راسي.....واذا ما قدرت عليها.....يحلها الف حلّال....
ليث سكت واخذ يزفر بصوت مسموع...ثم عاد ليرتدي معطفه....اليوم استطاع ان يحوّل اموال أمل على حسابها...وركان لم يتبقى إلا القليل للتحويل حدّثه واخبره بذلك بنفسه.....هو تأخر في النزول بسبب ضغط ابا سلمان عليه وتوكيله امور المعمل....لا يريد ان يهرب بسرعة يريد ان يعمل على مهله ليسدد ضربته فيما بعد!
.
.
.
اخبرهم بذلك بكل صراحة، يخشى من والده في رفضه....ولكن لم يتوقع ان يكون جوابه
: والنعم في ذياب ...رجال ما عليه كلام....
بو ليث: اشهد ذياب رجّال كفو....تستاهله بنتنا....وهو يستاهلها
بو فهد: الله يوفقكم يارب....
الجد...سكت واخذ ينظر لهم ويقلب وجوههم امام عينيه....بهِ حديث
وأتى موعده: أجل يا بو صارم بصّير عندك فرحتين!
تنهد وفهم مغزى أبيه
فتحدّث ابا ليث: يبه...اظن قضينا من سالفة محمد...
الجد ارتفع صوته بعدم رضا: من متى؟
تدخل سريعًا ابا فهد: يبه الله يخليك....اترك العيال هم اللي يتخيّرون ويختارون.....
الجد بانفعال ضرب بعصاته على الارض: انا عطيتكم خبر...وعطيتهم هم بعد خبر...واظن مضى على هالشي اسبوعين.....خذوا وقتهم ...وزود.....
بو صارم، لن يقبل بالأمر ولن يلين فيه
دانة ليست على ما يُرام اصلًا وهذا الأمر سيحعلها تتخاذل أمام هذه الحياة
وقف: يبه.....اسمحلي انا ما نيب موافق.....حتّى لو دانة جت لك وقالت موافقة...
الجد نظر له بحدّه، : تعصيني وانا ابوك....

الأمر بدأ يأخذ حديث الجديّة وموقف الحدّه
بو فهد: يبه....الموضوع مو موضوع عصيان ولا موضوع عقوق.....يبه دانة ومحمد ما هوب موافقين...كيف تبينا نجبرهم....وهم طولي وطولك....
الجد اشار له: انت لا عاد تتكلّم وتنصح.....وتناقش...
نظر لأبيه بحنق، احرجه امام اخوته الأصغر منه، ابيه لا يحتمل منه شيئًا رغم أنه لم يناقشه بموضوع رحيل ...وفي تصرّفاته وأمره ونهيه....لناحية موضوعها....ازدرد ريقه
لينهض الآخر : يبه....اذكر الله واتركنا نتناقش في الموضوع....
بو فهد: لا اتركه يا علي....هو كبيرنا...وهو اللي يقدر يدبّرها....حنا علينا ناكل هواء ونسكت....اتركه يضيّع العيال وفرّقهم عشان فلان وعلتان.....
اشتدت ملامحه، كيف ابنه الأكبر يُرفع صوته ويتجرّأ بحديثه
اشار له: تطوّل لسانك علي يا عبد الرحمن؟
بو صارم مسح على وجهه: يبه....
ابا فهد لم يتحمل: تبي تزوّجهم ....ليش عشان ترضي بو سعد وتبعد ظنونه....ولا عشان نفسك يبه؟......وش الفضيحة اللي بتجي لو ما زوّجتهم؟....قول لللللللللللللللي؟
بو ليث: بو فهد....
بو ليث خرج عن طوره: تكفى يا علي .....ابي اسمع......رحيل وفهمنا......فضيحة سجنها...اللي خايف تنكشف....تركتك...تجبر ليث يجلس هناك طوال الثمان سنين......بس دانة ومحمد.....وش الفضيحة اللي بتطلع لو ما زوّجناهم؟
بو صارم نظر لأبيه ولتجّهمه ...كان صدره يرتفع وينخفض...اخذت العصا تهتّز قليلًا لتنّم عن رجفته الخفيفة
فقال: عبد الرحمن ....هد نفسك....
الجد: كل هذا مخبّيه بصدرك وشايله علي؟
بو فهد مكسور: عمري ما شلت عليك....انت اللي شلت علي...عشان كسرت الظّهر اللي صارت لي....
فهم كسرت الظهر يُقصد بهِا" رحيل"
رفع عصاته: عمري ما سويت شي إلّا عشان مصلحتكم.....بس بالمقابل انتوا وش تسوون....تسيئون الظّن فيني...وتفكروني اتحكم فيكم....
بو فهد بهجومية: عارف وواعي.....المتحكم فيك بو سعد
صرخ في ابنه: لا عااااااااد لهنا وبس يا عبد الرحمن......
بو ليث: يبه....
رفع صوته ويده: ما حد يتحّكم فيني يا عبد الرحمن......ماحد.....ولا راح اسمح ....لأحد يتكلّم عنكم بالشينة....
بو فهد: ماحنا بفاهمين هالألغاز.....ترميها علينا وتجي لنا بالصيحة والإجبار.....وسوو كذا وافعلوا كذاك...كيف ما تبينا نفهم أنك ...
قاطعه وهو يشير لصار: شرّاب الخمور ولد بو سعد كأنك تعرفه......يطلب يد بنتك دانة على سنة الله ورسوله.....وقلت له البنت مخطوبة لولد عمها...كنّك تبيه تزوّجها إيّاه.......انت تعرف رقم ابوه كلمه......وكنّك ما تبي الفضايح والقيل والقال اللي بيطلعونه عليها بعد ما قلت انا انها مخطوبة ولا عرست للحين......سو اللي تبيه ولا زوّجها محيميد!
ثم ارتفع صوت طرق العصا على الأرض وخرج من المنزل تاركهمم ينظرون لبضعهم البعض، مُندهشين
بو صارم بلعثمة: شقول؟
بو فهد بانفعال: بروح اساله...
بو ليث بغضب: عبد الرحمن بالهون على ابوي ....ما هوب حمل انفعالك.....اذكر ربك واجلس.....
ثم التفت على بو صارم: سلطان....اجلس يا خوي اجلس..
ثم ذهب لناحيته واجلسه رغمًا عنه وهو مذهول!
.
.
لا تريد مواجهته، تخجل منه....وتخجل من نظراته....انعزلت هُنا تريد ان ترتشف قهوتها كالعادة بعيدًا عن الأنظار...تريد أن تختلي بنفسها....لترتاح...وتطمئن .....رفعت "النقاب" عن وجهها...واحتضنت كفّيها ببعضهما البعض لتُسند جبينها عليهما...مصدومة من نفسها على هذه الكذبة....ومشتته من حياتها كلّها
لا أحد هُنا...هذه الزاوية من مخرج الطوارىء شبه مهجورة لا أحد يمر ولا يعبر أمامها....ألتفت لتغيّر وجهتها
لتصطدم بهِ أمامها....ارتبكت وسقط الكوب من يدها.....ازدردت ريقها....وهو يحدّق في وجهها ....ادركت نظراته ثم انزلت "النقاب" على وجهها....وحاولت العبور من أمامه ولكن كان واقفًا ليحيل بينها وبين الباب
تحدثت: رجاءًا رعد ....اتركني اطلع...
رعد ما زال يحدّق بها حتّى انها خافت من نظراته وحدّتها
: تكذبين علي؟
تحدّثت بربكة واضحة: اعتبر هالكذبة رد على مشاعرك...
ثم حاولت العبور...ولكن مسك معصم يدها لتشهق
وتنظر له....
: رعد لو سمحححححت...
رعد بغضب نفض يدها: كان بإمكانك تردين علي بأسلوب ألبق من كذا...
خرجت عن طورها: ردّيت عليك بألطف الأساليب إلّا انّك مصّر تفرض نفسك علي فرض....وش تبيني اسوي لك؟
ثم انفعلت: لو سمحت دكتور رعد....انا بنت من عيلة متحفظة وجدًا مثل ما أنت تعرف وخابر واظن هالشي ما يخفى عليك!......فلو سمحت .....ما ابي مشاكل ووجع......راس ولا ابي احد يخرّب علي سمعتي ويلفت الانظار حولي....ابعد عنّي واتركني ادخل داخل واشوف شغلي....

رعد بلل شفتيه وضع يديه في مخبأ البالطو الطبي" اللابكوت" تقدم لناحيتها لترجع خطوة للوراء، خافت منه ومن نظراته من الواضح عليه الغضب والحنق .....لا يفترض أن يُبدي بردّت فعل كهذه
اشارت له: رعد...ألزم حدّك...ولا تجبرني اصرخ وألّم عليك النّاس....
اردف بقهر: في احد بقلبك؟
.
.
.
كما وعدتها....جلبت لها الكتاب وبدأ تتفحّصه.....وتفرفر ما بين جُنبات اوراقه لتنصدم....بما كُتب بداخله......الأمر اصبح اكبر مما تخيّلتهُ عهود....ارتجف قلبها من نظراتها الخبيثة.....ومن ابتسامتها....وقفت لترمي الكتاب في وجهها
ثم لم تتردد في صفعها على خدها: ايا قليلة الأدب....يا المنحطّه.....يا حقيرة.....
الأخرى تفاجأت من الكف الذي اهدتهُ لها، لم تتخيّل ردّت فعلها في الواقع...نهضت لتشِد بقوّة على ياقة هيلة ...ومن قوّة الشّد مزّقتها
وصفعتها على وجهها: تمدّين ايدينك علي يا ####....
هيلة حاولت التفلّت من يدينها وسحبت شعرها: اي امدها على وحدها منحرفة .....وواطية مثلك يا أماني الـ#####
بدأ الصّراخ، وبدأت الضربّات تزداد.....والشتائم تُقذف من افواههما ببساطة.....تجمّعن الفتيات حولهن لإبعادهن....عن بعضهما البعض....هيلة سقطت على الأرض والأخرى تضربها بقوّة برجليها....حاولت النهوض....وسحبت نفسها من هذا الثور الهائج
ولكن الأخرى انحنت رغم الفتيات التي يمسكن بها
وصلت لمستوى هيلة صفعتها على وجهها إلى ان ادمت شفّتها لتصرخ: حتّى لو حبيتك .....تخسين تمدّين يدك علي....
فهمت الأمر المقزز....الذي تعيشه أماني...ولكن من حولهن لم يفهمن شيء مما قالتهُ .....سحبتها من ياقتها لتهل عليها بالضربات....صرخت احدى الفتيات ليستدعن الأمن الجامعي....مضاربة غريبة ربما أوّل مرة تحدث في الحرم الجامعي وبهذه الصورة الوحشية.....ليتها سمعت حديث عهود ولم تصل إلى هذه المواصيل...بصقت عليها.....والاخرى نهضت
لتدفعها بقوّة على سيّاج الزرع.....ارتطم جسدها بقوّة
وصرخت بشكل مُثير للرّعب مما اوقفت به أماني عن التقدّم لإكمال همجيّتها في الضرب!
.
.
.
.

انتهى


.
.
قراءة ممتعة للجميع


هذا بارت الإسبوع

أتتمنى يكون خفيف وظريف^

ألتقيكم بإذن الله في وقت آخر

ملاحظة: كنت احاول انزل لكم بارتين هالاسبوع ولكن مع الأسف لم تضبط معي><

.
.
محبتكم
شتات



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-03-21, 02:46 PM   #20

صل على النبي محمد
 
الصورة الرمزية صل على النبي محمد

? العضوٌ??? » 404607
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,174
?  نُقآطِيْ » صل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم و على آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد
اللهم بارك على سيدنا محمد و على آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

ايما حسين likes this.

صل على النبي محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:53 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.