آخر 10 مشاركات
صمت الحرائر -[حصرياً]قلوب شرقية(118) - للمبدعة::مروة العزاوي*مميزة*كاملة & الرابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          السرقة العجيبة - ارسين لوبين (الكاتـب : فرح - )           »          مع الذكريات(70)قلوب شرقية-للكاتبة المبدعة:منى لطفي(احكي ياشهرزاد)[حصرياً]كاملة&روابط (الكاتـب : منى لطفي - )           »          جارية في ثياب ملكية (60) -ج1 قصور من رمال- بقلم:نرمين نحمدالله *كاملة&بالروابط*مميزة (الكاتـب : نرمين نحمدالله - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          كاثرين(137)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء1من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          عندما يُخطئ حبيبان!! (21) -رواية شرقية- بقلم: yaraa_charm *مميزة & كاملة* (الكاتـب : yaraa_charm - )           »          54-لا ترحلي-ليليان بيك-ع.ق ( تصوير جديد ) (الكاتـب : dalia - )           »          بين قلبين (24) للكاتبة المميزة: ضي الشمس *مميزة & مكتملة* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1710Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-07-21, 06:20 AM   #101

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 631
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زيزفون 2 مشاهدة المشاركة
كنت متشوقة كثير اشوف وش بيصير بالابطال بعد نهاية الرواية السابقة
و بكل صراحة الاحداث جميلة وشخصياتها ع البعد الروحاني جميلييين
مو معكر علي الا حسن وشخصيته الي انقلبت لواحد انااني
وملك وقفت معاه في وقت ماحد كان متقبله ك لقيط بس قبلته وحبته وصارت له عائلته
وهذا جزاها الصراحة موقفه مو عاجبني ابدا وياريت تتطلق منه وتشوف نصيبها مع غيره إذا هو بايعاها بهالشكل
حبيبتي تسلميلي مبسوطة أن الرواية عحباكي
دام وجودك الطيب


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-07-21, 06:22 AM   #102

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 631
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

فجر الخير
صباحكم مسك وعنبر يا أحباب 💙

وأشرقت_الشمس_بعينيها

الفصل الثالث عشر
حرب أهلية من إستنزاف المشاعر كانت قائمة
الجُندي هنا كان هو القاتل والمقتول
ليس هناك عدو
أنت هنا عدو نفسك ...
أنت هنا من تُميتها وتحييها بلغط ضعفك
هل تعرف شعور أنك تريد من الأخر ما هو ليس بقادر على تقديمه فتغدو طامعاً في السطو عليه في أخذ ما تريد عُنوة عله يفيق ؟
لكن الإفاقة كانت قاتلة ...
لجة السُكر التي جرفتهم معاً في موجة من العاطفة العاصفة كانت نهايتها صفعة على روح كلٍُ منهم
صفعة قاتلة لأنوثتها
لكرامتها
لنفسها التي قبلت لها الذل والهوان وبالأخير تضعف له هكذا كالغرة
سلخت ملك نفسها عنه فكان السلخ كنزع الروح من الروح
تخيل أن تكون في عمق الجنة ثم بُغتة تلقى بقعر الجحيم
نظر لها حسن مشوش ..لاهث الأنفاس .. مُحتقن المشاعر
ذاهلاً من انقلابها للنقيض وهي تلف نفسها بمأزرها سريعاً ثم كان قتله هو بنظرة النفور التي علت ملامحها وهي تتكتف قائلة بنبرة تفوح منها الكراهية :-
" طلقني يا حسن "
جنون مطبق كان يسيطر على كل مشاعرها اللحظة فيجعلها لا ترى أمامها كالمجذوبة وهي تصرخ به بهستيرية ودموعها تجرى على وجنتيها رافعة كفيها في اهتياج :-
" طلقني أقول لك طلقني اللحظة ...لن أجلس لك فيها ثانية واحدة
أبوك هذا الذي يهددني بأبنائي حتى أرضى على نفسي هذا .. حتى أقبل بك وأنا لا أطيقك بل أقرف منك بكل ذرة في كياني فليلعنني الله إن تركته يتحكم فيّ مرة أخرى "
ربما صفع الخدود هنا كان أقل وطأة من صفع روحه بما تقول وهو مازال مذهولاً مما يحدث
الغرفة التي كانت ساخنة بعمق المشاعر منذ دقائق أصبحت مشتعلة بحرائق الحقائق
بثانية كان يرتدي سرواله وهو يُهب من الفراش يقترب منها وقد انتقلت له عدوى الجنون هو الأخر فيمسكها من مرفقها صارخاً بقسوة :-

" أنتِ ماذا تقولين ؟ ماذا تقولين ؟
هل وجودِك الفترة الماضية كلها كان أبي يهددك بالأولاد ؟"
ترتعش بين ذراعيه كما كانت قبل قليل
وشتان بين ارتعاشة اللذة وارتعاشة انهيار يراها بعين نقصه نفور !
الأولى كانت مذيبة تحيي القلب ولا تٌشقيه والأخيرة مميتة تميت القلب ولا تُشفيه
ابتعد حسن عنها كالملسوع يدور في الغرفة بهياج وهو يزيح كل شئ أمامه بعنف مشاعره الهائجة الأن!
روحه تصطلي بنيران القهر وعذاب الكسر
الكسر الذي أحدثته في روحه وهي تصدمه بنفورها منه !
كذبة !
كل ما كان يعيشه معها كذبة نسجها والده لها وهو يهددها بأولاده
يندفع ناحيتها مرة أخرى غير مبالياً بانهيارها يصرخ بقسوة مغتاظة :-
" لما لم تخبريني ؟ لما ؟ لم أكن لأرغمك على العيش معي , لم أكن سأسمح له أن يقترب منكِ حتى "
هي لا تسمعه ..لا تركز حتى في حديثه ..انهيارها الداخلي يطاحن انهيارها الخارجي فلا تعي بشئ
كل ما تشعره الأن أنها تكرهه
تكره وجوده أمامها وقد أصبح المسخ منه
تكره لمسته الأن رغم ذوبانها بها منذ قليل
تكره نبرة صوته هذه التي تعلم أنه يُحدِث بها الأخرى
شفتيه التي يُقبّل بها الأخرى بالتأكيد
عينيه اللتان تنظران للأخرى بنظرة إعجاب تقتلها وتقتل الأنثى بها
تدفعه بشراسة ثم تعاود الصراخ باهتياج حتى
أنهم سمعوا صوت عُدي يطرق باب الغرفة باكياً منادياً باسمها إلا أنها لا ترد وهي تقترب منه بجنون إمرأة عشقت حتى أشقاها العشق :-
" طلقني ..أقول لك طلقني ..هذه الثانية لا أريد أن أظل على ذمتك "
ما تطلبه عذاب ...وجودها أمامه بنفورها هذا عذاب ...وبُعدها عنه عذاب!
ما أشقاه من رجل يتعذب بها ومنها ..فيها ومعها
وجهه شديد الإحمرار من كثرة إنفعاله لكنه يصرخ بها بقسوة تخالف ارتجاف قلبه بضعف :-
" أنتِ بالتأكيد جُننتِ .. أي طلاق تهذين به ؟"

تقترب منه فاتحة عينيها بارتياع وهي تصرخ هائجة :-
" هل ستفعل مثله ؟ هل ستجبرني على العيش معك وأنا لا أطيقك "
ثم تواصل قتله وهي تهذي بقسوة :-
" هل ستقبل على نفسك إمرأة لا تطيقك وتنفر منك لا تحتمل حتى سماع نبرة صوتك "
نار ...نار ...نار
ما كان ينشب في جسد كل منهم الأن نار تحرق ولا تخمد
أاااه عالية مقهورة تشق الصدور ولا تتعدى الشفاة
يمنع تلك الدموع التي تتجمع في عينيه فتخدش رجولته فيستبدلها ببسمة مريرة بطعم الحنظل المر وهو يقول :-
" لم يكن هذا رأيك وأنتِ تحترقين بين ذراعاي قبل قليل "
وليته ما نطق ..ليته أسرها في نفسه ولم يقولها الأن فيشعل فيها موضع كرهها لنفسها
ملامحها المنهارة تستحيل لشئ بشع من الاشمئزاز فتمط شفتيها ساخرة بعمق الذل :-
" لم أكن أعرف أنك أصبحت ماكر هكذا فتأخذ ما تريد وتتهمني أني فعلت
أنت تعلم جيداً أنك لم تترك لي الفرصة حتى لأتنفس
صدقني يا حسن لم أعد أطيق وضاعتك "

حسناً ليس هناك مساحة لقول شئ الأن
وماذا يقال ؟
صُمَت العقول وجُرِحت القلوب والشقاء هنا للجميع أخيرا بإسدال ستار المسرح !
عذراً للمشاهدين الأبطال أعلنوا اعتزالهم وتخاذلهم من إكمال المغامرة وحانت لقطة النهاية التي خُطت بصوت حمل من المرارة والشقاء ما هم بقادرين على قتل الروحين !
"أنتِ طالق "
====================

بعد يومان..
شاهد عمر تخبط سنابل جواره وعدم إستطاعتها لربط الحزام فمد كفه بصمت مبتسماً بداخله من تلك الطفلة التي أسقطها الله في طريقهم ...
رفعت سنابل عينيها البريئتين له بتساؤل سرعان ما اندثر وهي تمد كفها الصغير له ليربط هو الحزام بدلاً منها
اعتدل عمر في جلسته مرة أخرى وهو يضغط على المقود سائراً في طريقه يأخذها للجلسة متبرماً من عدم حضور أمه معهم متعللة بذهابها لخالته ضرورياً
مواضيع أمه وخالته أصبحت كثيرة !
بعد ساعتين كانت سنابل تجلس أمام شهاب في مكتبه
نفس هيئتها منكسة الرأس ..مخضبة الوجنتين
ابتسم شهاب وهو يلف حول مكتبه حتى جلس أمامها قائلاً بنبرته الحنونة :-
" كيف حالك يا سنابل ؟"
أومأت برأسها دون رد فتحدث بحزمٍ رفيق قائلاً :-
" سنابل أنتِ الأن مدركة لما تأتين هُنا لذا يجب أن تساعديني وتتحدثي حتى أستطيع مساعدتك "
رفعت سنابل كتفيها وأنزلتهم ثم قالت بصوتها الرقيق دامعة العينين:-
"لا أعرف ماذا أقول.. أكره التحدث حتى "
أومأ شهاب بتفهم ثم قام جهة الشرفة يفتحها حتى يُهيأ لها جو مناسب ثم عاد إليها بعد أن أخذ زجاجة عصير صغيرة من الثلاجة بالغرفة وفتحها لها ثم وضعها أمامها وجوارها كوب بلاستيكي صغير ثم جلس في مقعده مرة أخرى أمراً :-
"اشربي قليلاً يا سنابل "
دقائق تركها تهدأ بها ثم سألها :-
" لما انهارتِ الاسبوع الماضي في منتصف الليل ؟ مما اضطرهم للاتصال بي "
ارتجفت شفتيها وقد ألمها قلبها فردت بصوت مختنق :-
" لقد تذكرته "
تضع كفيها على قلبها وتضغط بقوة هاذرة ببكاء :-
" لا أستطيع تخيل أنه مات ..الأمر يفوق احتمالي حتى ..أنا أحتاجه ...كيف يخذلني هكذا ؟
كيف تركهم يفعلون بي ما فعلوا كيف ؟"
لم تستطع أن تواصل حديثها وهي تنخرط في نشيج ناعم جعله يشفق عليها فانتظر بصبر حتى هدأت فسألها بحذر رحيم :-
" ماذا فعلوا بكِ ولما فعلوا ؟"
تهز رأسها نفياً بقوة مغمضة عينيها ثم تقول :-
" لا أستطيع ...صدقني لا أستطيع "
عذاب ما يطلبه منها أن تنطق به هو العذاب بعينه
كيف؟..كيف ؟
راقب شهاب اختلاجات وجهها بفطنة فتنهد قائلاً:-
"حسناً لا تتحدثي "
صمتت سنابل متخاذلة ثم عادت تسأله بنبرة باكية :-
" لكني لا أستطيع النوم ..كلما أنام أرى ما حدث أمام عيني "
دقق شهاب النظر بها وبنظرته الخبيرة كان يعلم أنها تحتاج للحديث لكنها تخجل من تخطي عقدة ما حدث لذا يجب أن يتركها حتى تُفضي ما بداخلها دون ضغط وخاصةً أنه اطمئن أن التشوش الذي كانت عليه اندثر وبفعل الوقت ترتبت الأحداث كما هي بعقلها لذا تنحنح قائلاً بتساؤل :-
" كم عمرك يا سنابل ؟"
" عشرون" قالتها باقتضاب فسألها مرة أخرى :-
"بأي كلية كنتِ تدرسين ؟"
بللت سنابل شفتيها وقالت :-
" كنت أدرس بكلية التربية النوعية "
أومأ شهاب قائلاً باستحسان :-
" ممتاز هذا يعني أن لديكِ مواهب كثيرة "
هزت سنابل رأسها نفياً وقالت بإحباط :-
" لا ليس لدي مواهب أنا لم أكن أحب الكلية حتى لقد دخلتها رغماً عني "
أومأ شهاب بتفهم متضايقاً من تلك البيئة المتخلفة ثم سألها بحذر مطمئناً من استرسالها بالحديث معه :-
" متى تمت خطبتك يا سنابل "
ارتعش كفيها دون أن تغفل عينيه الدقيقة إلا أنه تنهد براحة وهي تقول :-
" في يوم .... بتاريخ ....."
رفع شهاب حاجبيه من حفظها لليوم هكذا إلا أنه عاد وسألها :-
" هل كنتِ تعرفينه قبل أن يخطبك ؟"
هزت سنابل رأسها نفياً ثم قالت بنبرة باكية ألماً على المفقود :-
" لا لم أكن أعرفه "
سألها شهاب بصبر :-
" ما الذي فعله جعلكِ تحبينه وتتعلقين به يا سنابل "
صمت ثوان ثم قال بنبرة حنونة مشفقة لكنها مُصرة :-
" ما الذي كان يمثله لكِ حتى تستنكرين عليه الموت بهذه الطريقة ؟"
واحد...إثنان...ثلاثة عدهم شهاب بداخله منتظراً بكاؤها وهو ما كان وهي تنخرط في بكاء عنيف تنقطع له نياط القلوب فانتظر بصبر فترة طويلة حتى انخفتت وتيرة بكاؤها ثم انطلقت تحكي له من بين نهنهاتها الناعمة كل شئ من بداية خطبته لها حتى عقد قرانهم ثم تلك الليلة التي أتى لها إلى المنزل وهنا توقفت غير قادرة على المواصلة ..

استغفر شهاب همساً ثم أومأ برأسه قائلاً برحمة :-
" حسناً يا صغيرة يكفي هذا "
قام من مكانه يعود لمكتبه مرة أخرى ثم ضغط الجرس حتى أتت مساعدته فقال :-
" خذيها لغرفة الاسترخاء حتى تهدأ واجعلي المرافق معها يدخل "
دقائق وكان عمر يجلس أمام شهاب الذي رحب به ثم قال مشبكاً كفيه :-
" سيد عمر الأمر معقد بعض الشئ لا أخفي عليك .. هي لا تستطيع أن تحكي ما حدث وأنا مقدر هذا لكن ما اكتشفته منها اليوم أن الشخص الذي كانت مرتبطة به رحمه الله كان يتغذى على شحن عاطفتها المعنوية بالمعنى الحرفي ثم وفجأة دون مقدمات تم قطع الشحن"
نقر شهاب بقلم ما على سطح المكتب المصقول ثم قال :-
" من خلفيتي عن حياتها في بيت أهلها الذي ترفض الحديث عنه وما قالته اليوم أستطيع أن أشبه لك الأمر بشخص شديد الجوع في مكان مقفر كالصحراء ثم فجأة وضع أمامه طعام وللمصادفة طعام حلو المذاق ماذا تتوقع منه سوى أن يأكل بنهم دون أن يشعر بالشبع بل يطمع في المزيد "

قطب عمر متسائلاً بعدم فهم :-
" هذا يعني أنها لن تعود لطبيعتها ؟"
هز شهاب رأسه نفياً قائلا:-
"لا من قال هذا ؟
أنا لن أتركها حتى تكون أفضل مما كانت عليه لكن أن أشرح لك حتى تكون في الصورة
سنابل لا يجب أن تظل جالسة وحدها ..يجب أن تشركوها بالحديث عُنوة .. يجب أن تخرج كثيراً وترى الوجوه ..يجب أن تصادقوها "

شرب شهاب من قهوته الموضوعة أمامه ثم قال :-

" سنابل فقدت عاطفة وتريد عاطفة في المقابل
الفرق هنا أن العاطفة الأولى كانت خطأ من البداية
تشبيهاً كانت طعام مسمم لكنه حلو المذاق
نحن دورنا أن نقوم بعمل غسيل معدة من إثر التسمم ثم نطعمها طعام صحي نبني عليه شخصية جديدة "

تنهد شهاب ثم واصل :-
" إذا نجحنا في فعل هذا سنصل بها إلى حالة الاتزان وهنا سنكون قطعنا شوطاً كبيراً في علاجها "

سأله عمر باهتمام :-
"هل بهذه الطريقة ستكون تعافت ؟"
هز شهاب رأسه نفياً وقال :-
"لا سنابل شخصية حساسة شديدة التأثر والعاطفية تعاني من عدة مشاكل ...مشكلة أهلها ونشأتها الخطأ من البداية وهذه بسيطة بجانب الباقي ..مشكلة دفن أهلها لها وعنفهم معها ثم مشكلة الشخص الذي كانت مرتبطة به وما حدث بينهم حتى النهاية وهي الاكثر تعقيداً لذا سنعمل عليها أولاً "

أومأ عمر برأسه شاكراً فتنحنح شهاب وهو يقول :-
" سيد عمر هناك شئ أخر "
نظر له عمر بتساؤل فحك شهاب ذقنه قائلاً بنبرة حيادية :-
"سأسألك سؤالاً وفكر جيداً قبل أن ترد عليٰ "
أومأ عمر برأسه قاطباً وهو يستمع للسؤال :-
" هل ستقدر على ترك البيت أو الانتقال لمكانٍ أخر طوال فترة تعافي سنابل "
ما نال شهاب من عمر هو الصمت فتمعن في ملامحه الحائرة جيداً ثم أطلق نفساً عميقاً وهو يقول :-
" حسناً الإجابة هي لا ..أُقدّر هذا وبالأخص أن والدتك ليس لها غيرك "
أومأ عمر وهو يمط شفتيه ثم سأله :-
" هل لي أن أعلم مغزى السؤال ؟"
صمت شهاب لدقائق هو يطرق بالقلم على سطح مكتبه في تفكير عميق ثم حرك القلم بين كفيه وهو ينظر لعمر قائلاً:-

"أعلم أن ما سأقوله سيبدو غريباً لكن ما يهمني هو مصلحة مريضتي
علاقتك بسنابل لا يجب أن تكون محدودة ولا يجب أن تكون منفتحة
أعلم أن الأمر معقد وأقسم أنه لو في موقف أخر لم أكن لأفعل ذلك أبداً
لكن ما علمته أنه لا يوجد أحد غيرك أنت ووالدتك معها
لذا يجب أن تكون علاقتك معها وسطية أقرب للأخوة "
تنهد شهاب بضيق ثم قال :-
" ربما الأمر محرج وصعب وأدرك حتى أنها مسؤولية كبيرة عليكم
لكن الفتاة ربما تضيع إن لم نساعدها
إذا وجدت منك نفوراً ستنكمش على ذاتها وإذا وجدت
إنفتاحاً أيضاً لا يصح فربما تعلق أكثر في وسط تخبطها"
أطرق عمر برأسه يشعر مدى الحمل الذي يثقل عليه اليوم بعد الأخر فتحدث شهاب قائلاً :-
" للمرة الثانية أنا أعرض عليك أن تكفلها المؤسسة التابعه للمركز "
"لا يا دكتور صمتي لا يعني هذا أنا لن أتخلى عنها هي مسؤوليتي وسأتحملها للنهاية "
لم يستطع شهاب أن يواري الإعجاب الذي سطع في عينيه من حمائية عمر في الرد فابتسم قائلاً:-
" أنا أتوسم فيك نبلاً يا حضرة الضابط "
ابتسم عمر شاكراً فواصل شهاب :-
" أنا هنا أعتمد على ذكائك وأنك تكبرها بأعوام فلتتبناها كأب أو أخٍ كبير لكن .."
ضيق عمر عينيه وهو يشعر بتراجع شهاب في قول شئ ما فسأله :-
" قل ما تريد يا دكتور "
ابتسم شهاب ثم مط شفتيه وهو يحرك القلم أمام عمر في علامة تحذيرية قائلاً:-
"حذاري أن تعلق أنت يا سيادة الضابط "
ضم عمر حاجبيه في استنكار وهو يضحك عالياً ثم قال :-
" لا تخاف أنا لا أراها أكثر من طفلة تحتاج للرعاية "
ثم وضع كفه على صدره قائلاً بصدق أراح شهاب بعض الشئ وهو يشرع في تدوين عدة أدوية لها :-
" لك وعدي أن تكون أختي الصغيرة دوماً"
================

أكاديمية ...

عينان ذابحتان تُشعلان أرَق دُجاه وتقتلان صفو نهاره
تنحنح سعد نافضاً عبث شيطانة الذي لا يتركه منذ أن زارته تلك الفتاة مرة أخرى حتى أنه أنب نفسه كثيراً لموافقته لها على أن تأتِ له وتتعامل معه مباشرةً وهو الذي عاف النساء !
تململها أمامه أنبأه أنه شرد مرة أخرى فبلل شفتيه قائلاً بعملية بنبرة صوتة الرخيمة ذو الغُنة شديدة التأثير على أذن عاشقة مثلها :-
" بدايةً ما اسمك ؟"
وجنتيها تحترقان ..تشتعلان خجلاً ..وتتوهجان انتشاءاً لقربها منه وإن كان مشروطاً
نكست رأسها فتوارت إحدى خصل شعرها وكأنها تشارك صاحبتها الخجل فتقول :-
" اسمي هَنا "
أومأ سعد برأسه وهو يُعرِض عن اضطراب روحه التي تعبث طرباً ليس منذ أن رأها أول مرة على ذاك الطريق والرؤية المجنونة التي رأها فيها ومنذ وقتها وجوارحه تصطلي بها :-
" حسناً سيدة هَنا على ما أذكر أن طلبك لي كان لإرادتك في أن ترتدي الحجاب أسأل الله أن يكتبه لكِ ويكتب لنا الثواب "
أومأت هَنا برأسها ولو سألها الأن ماذا تريد حقا لأقسمت له أنها تريد أن تفر هاربة من تلك الهالة المهيبة التي تحيط به ناشرة رذاذ عطره المسكي في المكان كله ..
دوّن سعد شئ ما على ورقة أمامه ثم قال :-
" ما علمته من تقدمك للوظيقة الفارغة أن عمرك سبع وعشرون هل لكِ أن تخبريني لما لم ترتدي الحجاب إلى الأن "
صمتت هَنا لثوان ثم أخيراً تحدثت بصوتها الرقيق قائلة بصدق يبرز عمق حيرتها :-
"إذا كان حقاً الحجاب فرضاً كبيراً لما لم يعطنا الله أدلة واضحة به ؟"
تحرك كفيها وكأنها تتسائل ثم تواصل بعفوية مخرجة أفكارها عن أمر الحجاب الذي يؤرقها منذ فترة :-
"قرأت كثيراً عن الأمر لكني في المقابل سمعت أن أحاديث الحجاب ضعيفة كحديث السيدة أسماء
كيف يخرج حكم بالفرض من حديث ضعيف "
تركها سعد تُخرج ما في جعبتها وقد انتوى النية لله في مساعدتها وهو يتوسم الصدق من نبرتها خاصةً وهي تواصل الأن بنبرة بها شئ من الشجن :-
"هل الحجاب هو من يجعلني قريبة من الله وعدم ارتدائي له إذا أنا بعيدة ؟"
تنظر لنفسها في ملابسها المحتشمة ثم تقول :-
" أصبحت أرتدي زياً محتشماً هل تغطية شعري هي من ستفرق "
تتنهد بضيق حقيقي ثم تقول :-
"أكثر من عام منذ أن قررت أن أرتدي الحجاب وأنا أتخبط في هذه الأفكار ولا أجد ما يطبب حيرتي"
أصدر سعد صوتاً خافتاً حنوناً وكأنه يطلب منها أن تهدأ ثم ارتشف من كوب الماء وتحدث قائلاً بدعابة:-
" بالتأكيد لا تظنين أني سألخص لكِ كل الحيرة التي تمرين بها في جملة واحدة ثم صباحاً يمن الله عليكِ بارتدائه"
ابتسمت هَنا فابتسم هو الأخر رغم غض بصره ثم أردف :-
"نحن سننتقل حثيثاً من نقطة لأخرى حتى يمن الله عليكِ به اقتناعاً "
أومأت هَنا فواصل :-
" سنبدأ بأمر التساؤل الدارج بين الشباب وهو لما لم تنزل أية قرأنية صريحة تنص عن الأمر بالحجاب
ما أنتم على خطأ في فهمه هو أن الشريعة الإسلامية ليست قرأن فقط
بل هي قرأن وسنة ثم اجتهاد العلماء بدون الثلاثة لا توجد شريعة "
اعترضت هنا وهي تقول :-
" لكن أيضا القرأن كلام الله ..إذا كيف علم الرسول أنه فرض ؟
صلى سعد على النبي ثم رد قائلاً:-
"اصبري ولا تقاطعيني
القرأن الكريم إياته نوعان
أيات قطعية الدلالة كل من يقرأها يفهمها كأية الميراث مثلا
وهناك أيات ظنية الدلالة ليس أي أحد يفهمها فتأتِ السُنة تبين لنا كيف فهمها النبي وطبقها ثم دور العلماء في نقل ما فهموه لنا بناءاً على دراسة علم شرعي "
أنصتت هَنا باهتمام وقد حاز حديثه اهتمامها ففاجأها بسؤاله :-
" هل تصلين ؟"
أومأت هنا برأسها قائلة :-
" بالطبع أصلي الصلاة على أوقاتها حمداً لله "
مط سعد شفتيه وهو يلقي عليها سؤالاً أخرى مناوراً لها :-
"ولما ولم تذكر كل الصلوات في القرأن بنص صريح يأمرك "
قطبت هنا وهي تدرك صحة كلامه وكأنه حشرها في زاوية ضيقة من التفكير فيواصل :-
" صلاة الظهر والعصر مثلا
ماهي أية القرأن فيهم ؟
أقم الصلاوة لدلوك الشمس ِ إلى غسق الليل وقرأن الفجرِ إن قرأن الفجر كان مشهوداً...ثم أية
وأقم الصلاة طرفي النهارِ وزلف من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ..
هل لكِ أن تخرجي لي من هاتان الأياتان مواعيد الصلاة الخمس"
هزت هَنا رأسها نفياً فواصل قائلاً:-
" مواقيت الصلاة اجتمعت في هاتين الايتين ولم نكن لنفهما حتى نزل الوحي بسيدنا جبريل على النبي يعلمه ومن ثم يأخذ العلماء الحديث ويفسروه لنا
ماهو دلوك الشمس وغسق الليل إلى أخره "
تنحنح قائلاً :-
" لن أطيل عليكِ في شرح الصلاة لكن ما أحب قوله لما توقفنا في القرأن عند الحجاب فقط ؟..رغم أن أيات الحج والزكاة والصلاة كما ذكرنا أيات ظنية الدلالة "
أومأت هنا برأسها ببعض الاقتناع فسألها باهتمام :-"هل ندخل في أية الحجاب ؟"
أومأت هَنا برأسها فبلل شفتيه قائلاً بتروي حتى تفهم :-
" كلام الله تعالى يقول وليضربن بخمورهن على جيوبهن "
"قديماً كان النساء يغطين رؤسهن حتى الرجال كانو يفعلونها حمايةً من الشمس
فبعض النساء حين نزلت الأية قالوا سأخلع الخمار من رأسي وأغطي به صدري
فنجد المشايخ هنا يطرحون
لو أراد الله تغطية الجيوب لقال وليضربن على جيبوهن لكن الأية نصت على تغطية الرأس والجيب معاً"
سأطرح لكِ مثال لو قلت لأحدهم غطي ببنطالك المثني
عفواً هل يخلع بنطاله حتى يغطي ساقه أم ينزل قطعة القماش المثنية !؟"بديهية حديثه جعلتها تهز رأسها نفياً فأردف:-
"كما أيضاً هناك مئات من الأحاديث الصحيحة في البخاري ومسلم عن فعل نساء الصحابة حين نزل القرأن فقاموا بتغطية شعرهم وصدرهم ولبس الثياب الساترة"
وقد نزلت الأية الأخرى التي تشير لستر باقي الجسد فقالت :-
"يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن..وهذه الأية تتحدث عن طول الحجاب حتى القدم"
قلب في عدة أوراق أمامه ثم سألها :-
"بالتأكيد تستطعين جلب المراجع الدينية من النت "
أومأت هنا برأسها فقال :-
" إذا بحثتِ ستجدين أن المذاهب الثلاثة الحنفية والمالكية والشافعية نصوا بفرضية الحجاب ونصف الحنابلة أما النصف الأخر فنص على فرض النقاب "
أومأت هَنا برأسها وهي تشعر أن عقلها مازال يعمل على المقاومة وفرض الاسئلة المهاجمة إلا أنه قطع عليها الحديث وهو يقول بصوته الرخيم :-
"نحن سنكتفي بهذا اليوم ليس لشئ ولكن حتى تقتنعي أولاً بهذا وتبحثين في صحة حديثي جيداً ثم نواصل الجمعة القادمة إن شاءالله "
" حسناً شكراً لك قالتها برقة وهي تقوم على الفور وكأنها كانت تنتظر اللحظة فاستوقفها قائلاً :-
" سيدتي "
التفتت هَنا بغتة غير دارية بقصة عينيها صاحبتا الشجن مع قلبه الذي يتلظى عذاباً بمذاق جمالهما فخرج صوته مختنقاً والقلب يلهث وهو يتسأل:-
" لقد أخبروني أنك حضرتِ مقابلة الوظيفة منذ يومان وتم قبولك "
أشرقت حدقتيها بابتهاج تظن نفسها وحدها من تتلوع إضطراباً غير دارية به وهو يغض طرفه سريعاً ثم يقول بنفس ذات النبرة :-
" يمكنك الحضور ببداية الاسبوع القادم"
==================

بعد مرور أسبوع
"إهدأ يا دكتور "
قالها أكمل بنبرة جادة وهو يرى إنفعال شهاب الذي إربد وجهه غضباً بعدما أخبروه بما تورطت به فينكمش وجهها حزناً يضايقه ..
التفت شهاب إليه مستنكراً وهو يقول بغضب ونبرة شديدة الردع :-
"أهدأ ؟.. هل تطلب مني أن أهدأ ؟
هل من عقلكم تأتوا لتخبروني بتقدمك لخطبتها ثم قبل أن أقول رأيي تضعون لي أمام عيني تلك المصيبة ؟"
يحك أكمل ذقنه بضيق وهو يمط شفتيه قائلاً بنبرته الباردة ذات الثقة المستفزة :-
"لا أعلم من هذا الجرذ الذي من الممكن أن يقلقكم عليها هكذا
قلت لك رفعت عمران أنا كفيل به "
يصمت لدقائق ثم يكشر قائلاً بنبرة بها من القسوة ما يزينها من الحمية فيقول :-
" لتقل فقط أنها تريده تحت قدميها اللحظة سأفعل "
أمعن شهاب النظر به لدقائق ثم قال مستنكراً :-
" أنا لا أستسيغ هذه الأفعال هناك حكومة بالبلد إن مس شعرة منها حتى "
أصدر أكمل صوتاً خافتاً مستنكراً فكان لغدي النصيب في الرد وهي تقول بحقيقة غير قابلة للنقاش محاولة التغلب على رعشة روحها وهي تتذكر ما فعله هذا القذر من تفاصيل لا يعلم بها أحد إلى الأن فماذا لو علموها ؟:-
"هذا إن ترك الشعرة يا شهاب "
تمط شفتيها ثم تقول :-
" صدقني أنا لا أخاف على نفسي أنا أخاف عليكم "
تصمت لثوانٍ ثم تردف بنبرة ضائقة ذات مغزى :-
"أنت بالتأكيد لم تنسى إلى أي مدى تبلغ قذارة رفعت عمران "
اربد وجه شهاب بالغضب مرة أخرى وهو يتذكر فعلة هذا القذر مع زوجته فيهدر قائلاً:-
" ما تقولونه جنون أنا لن أوافق على زيجة وحياة من أجل تلك المخاوف وبالأخص أنكم تقولون أنه طلقكِ وتم تمزيق الورقة "
يبتلع شهاب ريقه بمرارة وغصة تستحكم حلقه تؤنبه كم انشغل بحياته و قصر في حق إخوته وابنائهم ولم يفق إلا على ضياعهم ...
أشفق أكمل على نزاهة رجل كهذا لا يفهم كم الوضاعة التي تحيط برفعت وذويه بل بهم جميعاً فيسدل ستار بروده مشغلاً ذكاؤه وهو يناور شهاب بالقول :-
" من قال أني أطلب خطبتها من أجل هذا لقد أخبرتك لتوي أن رفعت هذا لا شئ "
تنظر له قاطبة فيغمزها خفيه قاصداً شحن روحها النارية ثم يواصل قائلاً بعد أن تنحنح :-
" أنا تقدمت لخطبتها لأني أريدها زوجه لي لقد طلبت منها قبل فترة كبيرة الزواج وكانت تفكر "
يبتسم بنعومة رفعت ضغطها إلى ما لا نهاية وهو يردف :-
"الأستاذة فقط تتدلل وأنا كلي قلوبٍ مصغيه لدلالها "
"الوغد!"
همستها بغيظ وهي تشعر سخونة تطرق وجنتيها غضباً من كل تلك الضغوطات التي تحيط بها فترفع رأسها على صوت شهاب يقول ببعض الهدوء:-
"حسناً وإن كان لكن هناك معايير في الرجل الذي يتقدم لابنتنا حتى نوافق عليه "
تسرع غدي بالقول فهي تعلم تلك المعايير التي يتطلبها شهاب والتي كانت تتغنى بها قبلاً لكنها الأن أبعد ما يكون عن تمنيها فتقول:-
" لا تقلق يا شهاب ..أكمل على خُلق ودين نرتضيه كما أن أبي سأل عنه وعن عائلته "
تستحكمها الغصة عند ذكر أبيها المجافي لها فتقول بنبرة مضطربة أبرزت مدى بعثرة مشاعرها على وجه حيرتها :-
"حتى فكرتي عنه سابقاً كنت مخطئة فيها "
يقطب شهاب قائلاً بنبرة ضائقة وهو يتلمس شيئاً ما مخفياً لكنه لا يستطيع القبض عليه :-
" حسناً مبارك ماذا تنتظرين مني ؟"
يشاهدها أكمل بعين حسودة شديدة الغيرة وهي تقترب من شهاب بلهفة تقول :-
" استحلفك بالله يا شهاب لا تفعل معي هذا "
تشعر بالانهيار الوشيك من مجافاة شهاب القادمة له فتنسى وجود أكمل نهائياً وهي تقول :-
" لن أرضى بشئ يا شهاب حتى ترضى "
زجر شهاب لها أن تهدأ كان إذاناً لدموعها فتشهق دون شعور باكية وقد آن أوان انهيارها ..
تشعر بالمرارة وهي تساق لشئ لو في وقت أخر لم تكن لترتضيه أبداً
كيف من كانت الأمس تكره حتى تلفظ اسمه تصبح مكتوبة عليه بعد أيام كيف ؟
صحيح هي لا تنكر أنه رغماً عن أنفها بدونه لم تكن لتخرج من كل مصيبة وقعت بها
وكأنه صاحب المصباح السحري كلما تتوغل في أرض الألغام تجده يظهر أمامها ناثراً سحره ليبدد كل شر
لكنه يبقى رغم كل شئ أكمل البدوي صاحب المبادئ الشائنة
هي وإن أخطأت لكنها أخطأت في طريق الحق لكن ما تبريره هو ؟
لا شئ
مجرد مدلل لأسرة ثرية يجني ما يريد حتى يسطع اسمه في سماء المحاماة مستغلاً مهارته دون أن يبالي بمن يدوس عليهم من الضعفاء !

والدها يجافيها ولا يتحدث معها سوى أمام العائلة فقط وهذا ما يجعلها تموت كمداً أكثر فأكثر !
لا تعرف كيف تصل إليه وتجعله يرضى عنها حتى
ما يجعلها تطمئن قليلاً أنه اطمأن من جهة أكمل البدوي بعدما سأل عليه ..
لكن ما لن تقدر عليه فقدانها لشهاب هو الأخر وقد قرأت في عينيه الأن مدى خذلانه فيها
علاقتها مع شهاب البرعي لم تكن يوما قريب وقريبة !
لم تكن يوماً عم وابنة أخ
بل كانت علاقة أخوة أقرب منها للصداقة !
ظل شهاب صامتاً ينظر لحالتها غير الطبيعية باهتمام حتى انذهل حين سمع شهقة غير إرادية تخرج منها عالية تقول من بين بكاؤها :-
" لا تفعل معي هذا يا عمو لا أستطيع أن أتحملها منك أنت الأخر "
كلمة عمو التي لم تنطقها منذ أن كانت طفلة ألمت قلبه فلم يستطع سوى أن يفتح لها ذراعيه حتى دفنت رأسها بينهم تبكي كبت الأيام الماضية كله...
تحكم أكمل في جلسته معانداً جنون نفسه حتى لا يندفع ويزرعها بصدره هو رغماً عنها
لو نظر أحد لعينيه الأن لأدرك كم النيران التي تصطلي بها روحه الأن من عمق إلتياعهما طوقاً وإشتعالهما غيرةً وهو يراها بهذه الحميمية مع رجل أخر وإن كان عمها وإن كان لا يحتضنها بالمعنى الحرفي بل فقط يدفن رأسها في صدره مربتاً عليها بحنان يجعله يتلظى ناراً فلا ينتبه لعيني شهاب المدققتان به فيعلن أخيراً:-
" حسناً أنا موافق مبدأياً"
===================
بعد أن تُغمض عينيك فيُحال العالم إلى سوادٌ دامي لا إنفراج فيه
أحياناً تحيى الكابوس لكنك رغم بشاعته تظل متمنياً ألا تفتح عينيك فبشاعة الواقع أشنع
ركنت داليدا رأسها للحائط ورائها في إنهاك تقاوم أن تضعف لتلك الإغماءة التي تلف رأسها
منذ متى وهي على هذه الحالة ؟
أيام تحياهم بالجحيم وهي لا تصدق اللحظة أن كابوسها انتهى بكابوس أبشع وهي تدرك أن إبراهيم الصغير هو من رأها على هذه الحالة وهو من أنقذها
لقد ظلت مجمدة مكانها جاحظة العينين وهي ترى الجثة المكومة على الأرض سامعة وغير مستمعه لهذر إبراهيم الباكي حتى انتابتها الهيستيرية حين سمعت صوت جلبة أتياً بالقرب من البيت فعلمت أن القدر قد أن
وقتها دفعت إبراهيم بعنف خوفها للأعلى صارخة به ألا يبكي وألا يخرج من شقتهم حتى تأتِ هي
ومن يومها لا هي أتت ولا تعلم هل هو خرج من شقتهم إلى هذه اللحظة
ما تعلمه أن أحد من أصدقاء ذاك الوغد هو من أتى وهو من أبلغ عنها ...
تنشج بضعف وهي تفكر بحال فيروز وماذا عساها تفعل الأن
بالتأكيد تظن أنها تركتها
ماذا عن جدها وإبراهيم ؟
هل يأكلان ؟....هل ينامان ؟
هل جدها يبكي ؟ ...هل يظنها ماتت كأمها وأبيها
قطع عليها أفكارها اقتراب خيالين ضخمي الجثة منها كلا منهما ترتدي ملابس السجن بيضاء اللون إضافة إلى عُصبة ما على رأسها
مالت عليها إحداهن تصفع كتفها بضخامة كفها فيما يبدو كتربيت دعم لكنه كان صفع تحذير وهي تقول :-
" لما أشعر أننا لا نعجبك يا حُلوة ؟... منذ أن جئتي وأنتِ لا تتحركين من مكانك "
تطلق الأخرى ضحكة مائعة وهي تمُج من سيجارة في كفها ثم تنفث دخانها في وجه داليدا وتقول :-
" ربما تتدلل علينا بعينيها الملونتان وشعرها الطويل "
وعند ذكر شعرها كانت الأولى تشدها منه بعنف غير مبالية بصرخاتها المتوجعو أو حتى دموع عينيها وهي تقول للأخرى وكأنها تُعاين جسدها:-
" ما رأيك بها يا سميحة ؟ يبدو أنها أتية من إحدى الشقق "
ضحكة مائعة من الأخرى وهي تطلق كلاماً فج قلَب معدتها وساعد إرهاقها في أن تتقيأ اللحظة على إحداهما
سيل من السباب والشتائم انطلق من الاثنين بل من غرفة السجن بأكملها وهم ينهالان عليها بالضرب العنيف حتى فقدت وعيها ...!
بعد عدة أيام ..
مشفى العاصمة
نظر رأفت للطبيب الذي يتابع مؤشراتها الحيوية حتى انتهى فتقدم منه باهتمام متسائلاً بخفوت :-
" كيف حالها الأن ولما لم تستيقظ منذ الأمس ؟"
شبك الطبيب كفيه وهو يقول بطريقة عملية :-
" لا تقلق سيد رأفت هي بخير ورضوض جسدها قاربت على الشفاء فقط المنوم الذي حقناها به بالأمس هو ما جعلها نائمة إلى الأن "

أومأ رأفت وهو ينظر لجسدها المسجي على الفراش بطرف عينيه ثم نظر للطبيب شاكراً
بعد أن خرج الطبيب جلس رأفت على كرسي ما أمام فراشها وعينيه تمران على جروح وجهها بشفقة ...
الأيام الماضية مرت كالكابوس وهي لا تأتي للعمل ولا تذهب لأختها في المشفى كما أخبروه حتى جن تماماً وذهب لبيتها وهناك علم بما حدث لكن ما صدمه أكثر أنه حين قام باتصالاته فأخبروه أنها بمشفى السجن ..
أغمض عينيه زافراً براحة أن هذا الوغد لم يمت كما كانت تظن بل هي إصابة عميقة بعض الشئ في كتفه الأيسر قام بمراضاته عنها حتى تنازل عن القضية فتم إبراء سبيلها ووقتها نقلها إلى هنا ...!

دقائق وكان يفتح عينيه على صوت تأوهاتها الرقيقة فناظرها باهتمام قلق حتى فتحت عينيها ناظرة له بحيرة ثم تنطق بخفوت :-
"سيد رأفت ؟"
يطلق رأفت نفساً زافراً براحة ثم يعتدل جالساً وهو يقول :-
" أتعبتيني معك يا داليدا "
تدور بعينيها في الغرفة البيضاء ثم ترمش أخيراً شاهقة بقلق :-
"إخوتي ؟ وجدي ..أين هم بالتأكيد يبكون ...هل هم بخير "
يحاول تهدأتها قائلاً:-
" اهدأي يا داليدا ...فيروز بخير وقد أتت لزيارتك وأنتِ نائمة
وجدك وإبراهيم بخير أيضاً وقد بعثت لهم خادمة تعتني بشؤونهم "
إلا أنها لا تسمع لشئ من حديثه وهي تقوم من فراشها ..تنزع المحاليل عنها بعنف ثم تقول بشراسة لأول مرة يراها منها
شراسة قُطة تأكل أولادها ولا يمسهم أذى :-
" أنا لن اهدأ حتى أراهم لن أظل دقيقة أخرى هنا "
بعد ساعتين ...
تجلس في شقتها بين جدها وأخيها تحتضنهم بلهفو علها تهدأ من ارتجافهم
إبراهيم يرتجف بخوف رغم تقبيله لكفيها والتصاقه بها
أما جدها فيتقوقع بين أحضانها باكياً وهو يهذي بضعف الشيب :-
" أين كنتِ يا بنت يا دليلة ...لقد خفت كثيراً وأنا أستيقظ ولا أجدك "
رفع رأفت حاجبيه بانبهار من تلك الصورة الحية من الرحمة أمامه
هذه الفتاة تبهره بدرجة لم تحدث له من قبل
كيف هي هكذا تملك من القوة ما يوازيها من الرقة والهشاشة
هل هذه التي صرخت في وجهه بشراسة متغلبه على تعبها الذي يهلك الرجال ذاهبة إلى غرفة فيروز التي فور أن أبصرتها أجهشت باكية ثم بعدها تصر على عودتها لجدها وأخيها ؟
أي قلبٍ معطاء هذا الذي تمتلكه فتهتم بغيرها ولا تعير نفسها بنظرة ؟
هذا و هم إخوتها وجدها ماذا لو كانوا أطفالاً من رحمها ؟
نفسه ترتعش تأثراً لمجرد الفكرة فيشتاق لطفلٍ له منها فقط لتوافق !
صوت طرق ما على الباب جعله يلتفت قاطباً وهو يتجه جهة الباب يفتحه حتى أبصر سيدة ما عجوز فسألها :-
" مرحباً من أنتِ ؟"
لم يحسب حساب للمدفع الذي انطلق مزيحاً له بعنف تلتقط داليدا من مكانها تهزها صارخة :-
" ورجل أيضا ؟ هل أنتِ منحلة ومنحطة حتى أجد رجل معك هو من يفتح لي "
تحاول داليدا صد جنون صاحبة البيت متجاهلة صوت رأفت الرادع للمرأة فتقول :-
" ماذا تقولين يا حاجه عيبٌ عليكِ ؟"
تشهق العجوز وكأنها واحدة أخرى فتقول بتهكم لاوية شفتيها :-
" عيب ؟ أي عيب يا مُنحطة ..أقسم سأعلمك أنا معنى العيب هذا
لقد جئت ركضاً حين علمت أنك ارتكبتِ جريمة ببيتي ثم أتفاجئ بهذا الرجل معك أيضاً"

تشد داليدا من صدرها وهي تولول بصوت عالى علها تجمع سكان المنطقة القلة فتقول :-
" قاتلة وقلت سأطردها لكن أجد أنك تنجسين بيتي الطاهر بنجاستك يا عاهرة ؟"
صفعة قوية تلقتها داليدا على وجنتها لم تحسب لها لكن شق قلبها بالكلمات التي أُلقت بها باطلاً فتصرخ بصوت جريح جراء ظلمها :-
" أنا لم أفعل حرام عليكِ "
رأفت يتصدى للمرأة معنفاً وهو يرفع هاتفه لأذنه ليطلب سائقه أن يصعد له ثم يقول بقسوة :-
" ابتلعي لسانك يا امرأة ولا تثيري فضيحة بدلاً من أن أندمك على الثانية التي تحدثتِ بها "
تشهق المرأة وهي تخبط صدرها بكفها مستنكرة ثم تقول :-
" فضيحة وهل رأيت فضيحة بعد ؟ "تتحرك وهي تخرج هاتفها من جيب عبائتها ثم تقول بتجبر :-
" أنتم لن تخرجا من هنا حتى أطلب الشرطة لهذه الفاجرة "
نظرت داليدا بعين الذل لأخيها وجدها الباكيان وهي لا تدري ماذا تفعل مع تلك المرأة المتجبرة فتغمض عينيها لدقائق وكأنها تودع أخر قطرة من سلامها النفسي إلى الأبد ثم تنظر له قائلة بخفوتٍ ذابل :-
" أنا موافقة "
لم يكد رأفت يخرج من انفعاله الذي امتزج بالذهول بعد جملتها حتى فوجئ أكثر بما تقوله للمرأة غير مدركاً أبداً أن تلك الدمعة التي نزلت من عينيها وهي تتحدث كانت تشاركها مصاب الذُل لتفتح معها صفحة أخرى جديدة بطعم الهوان :-
" هذا الرجل يكون خطيبي وكان سيعقد علي اليوم "
انتهى


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-07-21, 09:30 AM   #103

ماسال غيبي

? العضوٌ??? » 485399
?  التسِجيلٌ » Feb 2021
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » ماسال غيبي is on a distinguished road
افتراضي

كما تةقعنا داليدا ستتزوج رافت ام مسكينة نجلاء ماذا سيحدت لها ! ملك و اخرل تارت لكرامتها و تطلقت من حسن ا

ماسال غيبي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-07-21, 02:33 PM   #104

Topaz.

مشرفة منتدى الروايات والقصص المنقولةومنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوعضو مميزفي القسم الطبي وفراشة الروايات المنقولةومشاركة بمسابقة الرد الأول ومحررة بالجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Topaz.

? العضوٌ??? » 379889
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 7,036
?  مُ?إني » العِرَاقْ
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Topaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهّم خِفَافًا لا لنا ولا علينا ، لا نُؤذِي ولا نُؤذَى ، لا نَجرَحُ ولا نُجرَح ، لا نَهينُ ولا نُهان ، اللهم عبورًا خفيفًا ؛ لا نشقى بأحدٍ ولا يشقى بنا أحد .
Icon26


مساءكم رضا ورحمة

ملك وحسن اخيرًا تطلقوا
وخلصت ملك منه ، حسن
لازم يزور شهاب لأن
احساسه بالنقص يزيد مع
الوقت ما ينقص .. ياسر
كان الأولى به يعالج ابنه
من الّي صار وياه بالسنين
الماضية مو يزوجه ويحس
هذا هو الحل السحري
الّي راح يحل كل المشاكل

عمر نشوف بعد كم بارت
إذا راح تبقى سنابل بس
اخت صغيرة

داليدا انجبرت توافق على
رأفت لأن ما عندها غير
حل .. ما اعتقد راح تكون
سعيدة معاه ابد

رأفت حسيت إن الّي يجذبه
لداليدا اختلافها عن نجلاء

أكمل وغدي قرب زواجهم
كيف راح تكون حياتهم ؟
احس غدي راح يكون لها
دور بتغير وضعه مع اهله



Topaz. غير متواجد حالياً  
التوقيع

‏نسأله ألَّا تتُوه الأفئدةُ بعد هُداها ، وألا نضلَّ الطريقَ بعدَ عَناء المشَقَّةِ .


رد مع اقتباس
قديم 09-07-21, 03:10 PM   #105

رشا محمد ياسين

? العضوٌ??? » 484777
?  التسِجيلٌ » Feb 2021
? مشَارَ?اتْي » 126
?  نُقآطِيْ » رشا محمد ياسين is on a distinguished road
افتراضي

ليه كدا بس يا ملك لسانك مضيع حاجات كتير
غضبك بيسيطر عليكي وبتقولي كلام يجرح ويكسر اللي اودامك

واسر حب حياته الجديده وبدء يثبت نفسه في شغل ابوه وعلاقته


رشا محمد ياسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-07-21, 05:32 PM   #106

Topaz.

مشرفة منتدى الروايات والقصص المنقولةومنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوعضو مميزفي القسم الطبي وفراشة الروايات المنقولةومشاركة بمسابقة الرد الأول ومحررة بالجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Topaz.

? العضوٌ??? » 379889
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 7,036
?  مُ?إني » العِرَاقْ
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Topaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهّم خِفَافًا لا لنا ولا علينا ، لا نُؤذِي ولا نُؤذَى ، لا نَجرَحُ ولا نُجرَح ، لا نَهينُ ولا نُهان ، اللهم عبورًا خفيفًا ؛ لا نشقى بأحدٍ ولا يشقى بنا أحد .
Icon26

هالمرة حاولت اصمم غلاف عام للرواية



Topaz. غير متواجد حالياً  
التوقيع

‏نسأله ألَّا تتُوه الأفئدةُ بعد هُداها ، وألا نضلَّ الطريقَ بعدَ عَناء المشَقَّةِ .


رد مع اقتباس
قديم 10-07-21, 05:39 AM   #107

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 631
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

اسفة لسه مردتش عليكم بكرة أن شاءالله هرد




الإشراقة الرابعة عشر
الجمعه
بيت الحاج عبدالرحمن البرعي بالبلدة ..
يجلس الجميع في الحديقة الداخلية للمنزل بعد انتهائهم من الغداء يثرثرون كعادة إسبوعيه بينهم
تنهد الحاج عبدالرحمن متمتما بالحوقلة وهو يطلق تحسبناً على الص_هيونيين لما يفعلونه بأهل فلسطين قائلاً:-

" عليهم لع_نة الله ليس لهم ذمة ولا دينة "

مط شهاب شفتيه قائلاً:-
"إنهم شياطين الأرض يا أبي "

التفتت والدته إليه متسائله :-

" ماذا يحدث يا أولاد صار لي فترة لا أشاهد التلفاز "

" حي الشيخ جراح يا جدتي مدمر تماماً هذة الأيام " قالها عبدالرحمن فالتفت إليه والده قائلاً :-

" هل تعلمون أن حي الشيخ جراح مستهدف منذ زمن ؟"

حك أنس رأسه قائلاً بمرح :-
" أشعر كالأطرش في الزفة فأنا فاشل في التاريخ لما لا يحكي لي أحد "
ربت عامر والده على فخذه وهو يقول :-

"سأقول لك الحكاية بدأت منذ زمن
ابن عائلة الكردي أحد سكان حي الشيخ جراح الموجود بالقدس الشرقيه منذ أسبوعين طالبهم الكيان الصهيوني هو والثماني وعشرين أسرة من أسر الحي أن يتركوا منازلهم "

"ملا_عين "

أطلقها أنس ممتعضاً فأردف عامر :-

"الاسرائي_ليون يزعمون أنها أرضهم "

سألهم خالد الذى أتى لتوه جالساً جوارهم :-
" وماذا يفعل الأهالي ؟"
ابتسم شهاب بسخرية قائلاً :-
" أمامهم حلان
إما أن يتركوا بيوتهم وإما يقوموا بإستأجارها من الإسرائي_ليين "

اشتركت غدي في الحوار الدائر قائلة :-

" الموضوع يجب أن ينظر له من البداية حين سيطرت الإمبراطورية العثمانية على أراضي فلسطين ووفقا للسجلات العثمانية قرأت أن معظم سكان فلسطين من المسلمين ..وقلة من المسيحيين و نسبة ضئيلة من اليهود وكانو يعيشون في سلام"

أومأ الحاج عبدالرحمن وهو يتناول دفة الحوار قائلاً :-

" لكن الدولة العثمانية قامت بالدخول في الحرب العالمية الأولى واحتُلت من بريطانيا "

ابتسم عبدالرحمن قائلاً بفخر :-

" بارك الله فيك يا جدو أنت تحفظ التاريخ أكثر منا "

لكزه جده بعصاه بخفه وهو يقول بمشاكسة :-

" وهل تقارن نفسك بي يا ولد ؟"

ضحك الجميع ثم أردف قائلاً:-

" وبعدها اتفقت بريطانيا مع عائلة تدعى روتشيد اليهودية أن فلسطين ستكون موطن لهم وعليه بدأت أعداد اليهود تزيد حتى استوطنوها "
" حسبي ربي عليهم "
أطلقتها الجدة بحزن وشهاب يقول :-
"بعدها أعلنت منظمة الأمم المتحدة عن تقسيم فلسطين الوطن العربي لدولتين
فلسطين وإسر_ائيل "
رفع الحاج عبدالرحمن سبابته قائلاً بتذكر :-

" أذكر أن بعدها كانت حرب ثمانية وأربعون التي اشتركت فيها الدول العربيه ومنهم مصر والأردن وخسرنا بها فهاجر عدد كبير من الأسر الفلسطينية"

تناول محمد كوب من العصير الذي أتت به زوجة ابنه ريم ثم قال :-
" بعدها سيطرت إسر_ائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزييرة سيناء ومرتفعات الجولان في سوريا
وبعدها أصبح حي الشيخ جراح خارج عن السيادة الأردنية وأصبح تحت سيطرة جيوش الإحتلال "

تدخلت رنا في الحوار الشيق وهي تتسائل :-
" ولم يعترض الفسلطينيين؟"

رد عليها شهاب وهو يلتقط حياة من على قدميها حتى لا تجهدها فهي تتحرك كثيراً وحمل رنا شاق هذة المرة :-

" حدث نزاع بالطبع لكن كان لليهود السلطة والتجبر في تسجيل البيوت بأسمائهم "

ابتسم عامر أخيه قائلاً:-

"مما يدعو للتحسر أن اليهود رفعوا دعوة ضد الفلسطينيين يطاالبون فيها بملكيتهم وعليه كان الحكم لهم والفلسطينيين يدفعون مقابل مادي لوجودهم في أرضهم "

خبط الحاج عبدالرحمن بعصاه أرضا وهو يقول :-

" وعام ألفان وثمانية طردوا عائلة الكرد من بيتهم وعام ألفان وتسعة طردوا عائلتي حنون والغاوي ثم حاليا أصدروا قرار بطرد الكرد من بيتهم الثاني"

اشتركت غدي في الحوار مرة أخرى وقالت :-

"الوضع صعب حاليا هناك حين رفضوا الخروج قام اليهود عليهم لعنة الله باستخدام العنف وقاموا بضربهم وهم خارجين من المسجد الأقصى"
ألتقط شهاب قطعه من التفاح أمامه وأعطاها لحياة ثم قال :-

لا لقد تكرموا عليهم وقالوا بإمكانهم أخذ الجنسية الإسر_ائيلية ليتملكوا بيوتهم "
هزت ريم رأسها بأسف قائلة :-
"الاشتباك الحالي على أوجه ...غزة الأن مدمرة..لا يوجع قلبي شئ أكثر من الأطفال"
تسألت رنا :-
" ولما إصرارهم على هذا الحي تحديداً لا أفهم؟"

ردمحمد والد عبدالرحمن وخالد قائلا:-

" سمعت أحدهم يتحدث عن هذا أمس قائلا أن عدد الأهالى أكثر من ثلثمائة ألف والمحتلين مائتي ألف تقريبا فهي محاولة منهم لزيادة أعدادهم لكسب شرعية "

حسبنت عليهم الجدة مرة أخرى فقالت غدي بحماس وهي تنظر لشهاب :-
" لقد كتبت سنا مقالاً عن تاريخ فلسطين يا شهاب كسر الدنيا "
التفتت إليها شهاب قائلاً :-
" هذة الفتاة ماهرة ابعثي لي بالمقال لأقرأه "

===================

بعد مرور عدة أيام

ڤيلا..الجوهري

كان كالثور الهائج القادر على تحطيم كل ما أمامه
عروق جسده كلها مشدوده كالوتر الواحد
ملامح وجهه تحاكي الجحيم وعينيه تنافسانه اشتعالاً من شدة إحمرارهم
يقفز درجات السلم في خطوتين حين علم بعودة المدعو والده أخيراً من سفره ...
التفت ياسر بغضب على الطريقة الهمجيه لفتح باب غرفة مكتبه لكنه قطب بقلق لمنظر ابنه المروع فاقترب منه متسائلاً بقلق :-
" أسر ماذا بك هل الأولاد بخير ؟"

ابتسم حسن بتهكم ثم صرخ قائلاً بكل ما يعتمل بداخله من غضب :-
" الأولاد هل حقاً تسأل عن أبنائي ؟ يا ياسر باشا "

يخبط كفيه بغضب ثم يقترب منه منفعلاً بجنون ينهش روحه منذ أن طلقها :-
" أنا أريد أن أفهم حقا أنت ماذا تريد مني ... ماذا تريد مني
أي أبوه هذة التي تدعيها يا هذا ..أقسم لقد كرهت اليوم الذي نسبت إليك فيه
ليتني ضللت لقيط ولم أعرفك "

طعنة قاتلة أصابت قلب أبٍ يعشق ثرى ابن اكتشفه حديثاً لكن بإرادة رجل حديدي صلب لم تهزمه مصيبة يوما نطق بنبرة رادعة غاضبه وهو يلتف جالساً حول مكتبه:-

" احترم نفسك يا ولد وأفق .. دعك من هذا الجنون وأخبرني ماذا حدث "
تقدم حسن ومازال الجنون المطبق مسيطراً عليه وهو يخبط بكفيه على سطح المكتب المصقول :-
" هل هددت ملك بعاليه وعُدي ...هل أجبرتها على العيش معي حتى لا تحرمها من ابنائها ؟"
امتقع وجه ياسر وقد فاجئه ابنه بما يقول
لم يكن يتوقع أبداً أن تثرثر له تلك الفتاة بشئ لقد كان يراهن على جبنها وضعفها لذا نطق باقتضاب حذر يسأله :-

" من قال لك هذا الهراء ؟"

" هل ستنكر بعد ؟"

أطلق ياسر سبه نابيه ورغبه بدائيه في قتل ملك تتراقص أمام عينيه إلا أنه كبح زمام غضبه وهو يقول بحزم :-

" افهمني أولاً أنا لم أفعل ذلك سوى لمصلحتك "

والإحمرار في وجه حسن من شدة الغضب لا يحتمل برود ياسر الجوهري فتنفر عروقه معلنه عن شدة غضبه فيزعق بحرقه جنونية :-
" مصلحتي ... يقول لي مصلحتي .. من أنت لتعلم مصلحتي أكثر مني
منذ متى أعرفك يا هذا حتى تتحكم في مصلحتي وحياتي "

دمعة طفولة منقوصة تغافل كبريائه وتنزل تشاطره نعي حياته التي انتهت تقريبا برحيلها فيصرخ :-

" أين كنت حين كنت أنظر لزملائى بالمدرسة بعين الحرمان وأنا لا أعلم لي أهل
أين كنت حين كنت أهان من الجميع
أين كنت حين كانت تتم معايرتي
أين كنت من عمري كله أصلا ؟"

ارتج صدر ياسر ألماً وهو يدرك مدى صدقه لكن ما ذنبه هو
هل ذنبه أن أمه كانت حقودة فحرمته من ابنه عمراً كاملاً
هل يصارحه أنه أحياناً تداهمه الكوابيس ليلاً خوفاً من أن تكون معجزة عودته لأحضانه أكذوبه نسجها عقله الباطن ؟
هل يدرك هذا الغبي أنه لا يتخيل أنه ربما كان سيموت قبل أن يعرفه أبداً
ألا يعلم كم يحبه وكم يطوق ليراه سعيدا ويوفر له كل ما يجعله ملكاً في الحياة ؟
لما لا يفهم !
تنهد ياسر بضيق وهو يقول من بين أسنانه بنبرة تخللها عتاب مثير للشفقه :-
" أعلم أنك متعلق بها يا غبي لذا فعلت ذلك حتى تظل جوارك ولا ترحل عنك "
هل ينوي هذا الرجل أن يجلطه ؟
هل يخطط لإصابته بذبحه صدريه
هل يقبع بين جنبات صدر هذا الرجل قلب إنساني كما الجميع ؟
يشك في ذلك حقا!
تحفه أثريه تقبع على المكتب تبدو باهظة الثمن كانت مخرج إنقاذه لتفريغ الغضب العاتي بداخله فيلقيها بقوة حتى تحطمت أشلاءاً ثم يقول بتهكم مشبع بالوجع :-

" صحيح ولهذا أيضاً أجبرتها لتوافق على زواجي من أخرى صحيح ؟ زيجة ليس لها أي قيمة سوى أن يقال ياسر الجوهري صاهرعائلة الوزراء"

خبط ياسر بقبضته على سطح المكتب أمامه وقال :-

" يا غبي زيجتك بريتال هذة أهم منك ومن تلك الغبية زوجتك
أنت بدون توثيق زيجتك بها ولو بعد مائة عام لم تكن لتقنع المجتمع أنك أسر الجوهري الابن الشرعي لياسر الجوهري
كنت ستلاقي مضاربه مجتمعيه واعلاميه لا قبل لك بصدها أبداً
زيجتك بريتال المحلاوي هي الجذر الصلب الذي كان يجب أن نضعه حتى تحيا حياة كريمة في مجتمع لا يعترف سوى بالأسماء
عبدالعزيز المحلاوي لم يكن ليعطي ابنته لأي رجل
يا غبي قدر ما أفعله من أجلك وقيمة خطيبتك التي اخترتها لك
بدلا من أن تشكرني تلومني
ريتال المحلاوي فتاة يشحذ أعتى الرجال نظرة منها ولا ترضى ووافقت بك أنت "

لا فائدة
لا فائدة
مع من يتحدث بحق الله
لم يلقى منه سوى فوران دمه وفقط حتى أن تحفه اخرى لاقت نصيب جارتها ولم يشفي غليله شئ
هذا الرجل يجب أن يبتعد عنه هذة اللحظه حتى لا يرتكب جريمة لا تغتفر وهو لا ينقصه !
لم يكد يلتفت مغادراً المكان هو وشياطينه حتى كان سؤال ياسر المستفذ يصدح :-
" ماذا حدث بينك وبين زوجتك لتكون هائجاً هكذا ؟"

جز حسن على أسنانه بقوة حتى كان صوت اصطكاكهم عاليا ثم التفت قائلاً بهدوء زائف مفنجراً قنبلة كانت كفيله بتحويل كل تريث وحلم ياسر الجوهري اشلاءاً :-

" ألم أخبرك أنها لم تعد زوجتى ؟ لقد تطلقنا وتركت البيت "

وربما تكون ضحية خبر كهذا تلك البائسة التي تبكي بين أحضان أمها راثيه نفسها فهي أبداً أبداً ليست بصدد غضب رجل كياسر الجوهري !

==================

لم تخلق الحياة أبداً للضعفاء
لطالما كانت الدنيا ساحة قتال يتعارك فيها ذوي النفوذ داهسين كل ماهو ضعيف تحت أقدامهم دون أن يبالوا!...

طوق من جمر الذل ملتف حول رقبتها منذ أن خطت موافقتها على زواجها من رأفت العُليمي
ترفع عينيها الذابلتين لورقة التقويم أمامها وهي لا تصدق حتى هذة اللحظة أنها منذ إسبوعين أصبحت زوجة !
وكأنها كانت تخط شهادة وفاتها مع خطها للموافقة
صحيح هي دفنت داليدا منذ سنوات ولم تأخذ حتى عزاءاً فيها فهي لا تستحق حتى مجرد الرثاء لكن بزواجها كان موافقه ضمنية منها على حكم أبدي بالأعدام
رباه ألم تُقبل توبتها بعد كل هذة السنوات ؟
ألن يحين لروحها أن تستكين أبداً؟
صوت فتح مقبض باب الغرفة أخرجها من أفكارها فالتفتت لإبراهيم الصغير الذي اقترب منها وجلس جوارها على الفراش صامتاً
تنهدت داليدا تنهيدة مكبوتة ثم اقتربت منه ترسم ابتسامة حنونة على شفتيها وهي تسأله باهتمام :-
" ماذا تريد يا حبيبي هل أنت جائع ؟"

هز إبراهيم رأسه نفياً وهو يدور بعينيه في أنحاء الغرفة الراقية والتي لم يرى مثلها قبلاً سوى في التلفاز ثم سألها :-
" هل هذا البيت أصبح لنا حقا يا داليدا ؟"
أومأت داليدا برأسها قائلة :-
" نعم يا حبيبي لما تسأل؟"
صمت إبراهيم لثوانٍ ثم سألها بنبرة طفولية فجرت ينابيع الحنان والتضحية بداخلها :-
" يعني كل هذا الطعام في الثلاجة أستطيع أن أخذ منه كما أريد ؟"
ضمته داليدا بحضن أمومي لقلبها ثم مالت تقبل وجنته الطرية وأمومتها له ولأخته تتغلب على كل ماعداها فتقول :-
" نعم يا حبيبي كل ما تريد "
ربتت عليه ثم سألته باهتمام :-
" هل تريد شئ محدد أصنعه لك ؟"
هز إبراهيم رأسه نفيا ثم سألها بحنان :-
" هل فيروز بخير يا داليدا لقد اشتقت لها "

أومأت داليدا برأسها تطمأنه رغم خوفها بسبب قرب موعد العملية التي ستجرى لصغيرتها"

قبل أن يتسنى لأي منهم الحديث مرة أخرى كان جدها يدخل متكأً على عصاه ينظر في إنحاء الغرفة وكأنه يبحث عنهم فابتسم إبراهيم قائلاً:-
" نحن هنا يا جدي "
رفع جده رأسه ينظر إليهم فحث خطاه الضئيلة حتى وصل إليهم وجلس على المقعد القطني القصير أمام الفراش ثم لكز داليدا بعصاه بخفة قائلاً بتعنيف :-
" بنت يا دليلة بما تتركيني دوما وحدي في تلك المغارة التي أنام فيها ألن تكفي عن مقالبك "

ابتسمت داليدا ابتسامة باهتة وهي تجاريه قائلة :-
" حقك علي يا جدي لن تتكرر مرة أخرى "
أومأ جدها برأسه برضا ثم عاد يسألها مرة أخرى بفضول يشبه الأطفال :-
" متى سنذهب من هنا ؟"
رفعت داليدا حاجبيها دهشة وهي تقول :-
" ولما سنذهب يا جدي لا تقلق إنه بيتنا الحالي "

عاد جدها يتطلع في المكان حوله وكأنه يريد أن يتسائل عن ماهية وجودهم لكنها كانت شاكرة لذاكرته البسيطة التي لا تسعفه وهو يعود ويضع وجنته على ظاهر كفه المسند على العصاة ..
التفت إبراهيم إليها مرة أخرى وهو يسألها بنبرة ظهر بها بعض الخوف الذي يحاول أن يخفيه عنها حتى لا تحزنها :-

" داليدا هل الرجل الذي كان سيؤذييكي وقمت بضربه من الممكن أن يعود ليضربني ؟"

ارتجف قلبها هلعاً لذكرى لكن دوماً أمومتها تتغلب على أي شئ لذاتها فتطمئنه قائلة :-
" لا تخف يا حبيبي هو لن يعود مرة أخرى "

"أنا جائع لما لا تطعموني هل يجب أن أضربكم بعصاي على مؤخرتكم حتى تستمعوا لكلامي "
ابتسم كل منهم على نبرة جدهم الموبخة لهم فأنزلت داليد إبراهيم من جوارها وهي تهمس له بحنان مطمئنة :-

" لا تفكر في الأمر مجدداً يا إرابراهيم ..إياك أن تخاف يا حبيبي لن يقترب أحد منك أبداً طالما أختك على قيد الحياة "
ثم تنهدت بهم وهي تقطع أخر ورقة في تقويم الفكر لنفسها عازمة أن تحاول على محو داليدا كلياً من اليوم من أجل من يحتاجونها ...

====================

"بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير "

جملة كان لها الوقع القاصم للنفوس باختلاف ما تشعر به كل نفس
ربما كان الجمع الأغلب مبتهج ...القلة متوجس ... أحدهم حاقد لكنها كانت قاصمة لنفس كلاهما
فهو في أبلغ أحلامه جموحاً بها منذ أن رأها لم يكن ليجروؤ على تمنية نفسه بأنها ستكون زوجته !
زوجته؟
الكلمة وحدها تثير كل رغباته المكبوته منذ زمن تاركه العنان لعبث عاشق أن يعربد بين ملكوت ملكيتها !

لكنها كانت أبعد ما تكون عن النشوة الخالصة التي يشعر بها !
تشعر بقيد من حديد مصهور تم لفه حول رقبتها بقسوة فلا تستطع التنفس حتى !
منذ أن أعلن الشيخ المباركة وهي تنتقل بين ذراعي الجميع ما بين مبارك ومهنأ لكن رباه لما لا تشعر حتى بنشوة فرحة العروس التي تتمناها كل فتاة
لما كلما تنظر لعينيه المنشغلتين ب ابنه الأن ترى أكبر ذنوبها تتجلى أمام عينيها
الأمر لم يعد بأكمل البدوي أو بشخصه !
الأمر أصبح معقد بداخلها وهي لا تدري بأي مركب ترثوا مشاعرها !
بداخلها واحدة ثائرة تريد أن تقتل رفعت عمران حياً عل غليلها يُشفى !
واحدة حزينة تريد أن تبرح الأرض بكاءاً علها تغسل دنسها الذي فعله الملعون رفعت
واحدة خاذلة ومخذولة !
خاذلة لوالدها الذي تقرأ في عينيه الأن بكاءاً ليتها ماتت قبل أن تراه
هي تفهم دموع والدها الأن وقد خذل من الناحية التي لم يتوقع منها خذلان !
لطالما كان فخوراً معتداً بها وبكينوتها المستقلة لكنها جلبت له العار وإن كان متوارياً ولم يعلم عنه أحد إلى الأن لكنه يبقى محفوراً كالنار بقلب أبوته !
تنهيدة ممتنة خرجت منها وحديثه مع والدها الأن يلفت نظرها وكأنه شعر بما يكابده والدها فطمأنه بشئ ما جعله يضحك أخيراً رابتاً على كتفه واستحالت دموع عينيه لشئ من الإطمئنان الذي كان إذاناً لاستفذاذ مشاعرها !
أكمل البدوي أصبح يستفذ مشاعرها بشتى الأشكال مما يجعلها دوماً متحفذة ضده وكأنها تأبى على ذاتها رسم صورة حسنة له !
غمزة عابثه منه جذبت عينيها رغماً وهي تتأكد بقلق إن كان والدها لاحظ أم لا
لكن المستفذ دوما ما يفعلها بطريقة ما دون أن يلاحظ أحد !
زمت شفتيها بضيق وهي تلتفت بعينيها عنه حتى فارتجف جسدها لا إرادياً وقد اصطدمت عينيها بحدائق شيطانية تنظران لها بتدقيق ناعم جلب لنفسها النفور !
هذا الرجل منذ أن أبصرته وهو يدخل لبيت جدها على مقعده المتحرك بشموخ وكأنه هو من جاء على الدنيا وومن فيها وليس هي من جاءت عليه وأعجزته بالمرض !
لكن للعجيب هو كان أبعد ما يكون عن العجز
عينيه كأنهم عدستين لللتصوير ترصدان كل ما يحدث دون أن ينبت ببنت شفه
هو حتى لم يكن شاهداً على العقد بل هذا المدعو سراج من فعل
حتى حين قدمه لهم في المقابلة الأولى لم يزد عن جملة مقتضبه مفادها " البدوي الكبير "
لما تشعر الأن وأذنها تستعيد ذكرى نبرته وهو ينطقها أنها كانت بها شئ من الاستخفاف أقرب للقسوة !
أهلها أعزو عدم مشاركته في الحديث إلى مرضه لكنها الأن تشعر بشئ أخر غير مريح !
اقتنصها من دوامة أفكارها تلك القامة الضئيلة حلوة المحيا التي وضعت كفيها الصغيران على ركبتيها رافعاً عينيه العابثتان بطريقة مضحكة وهو يقول بحلاوة جلبت ابتسامة حنونة لشفتيها :-
" علي يقول للجميلة ...سر "
صوت الضحكات علا من الجميع منتظرين بتشوق ماهية السر فابتسمت غدي حتى بانت أسنانها وهي تميل برأسها تعطيه أذنها تقول بنبرة متواطئة تعود لغدي القديمة :-

" ماذا هيا قل وليكن سرنا معاً "

التفت علي لأكمل أولاً مما جعلها تناظرهم بتوجس خاصةً والصغير يضع وجهه بين كفيه بخجل جعل صوت الضحكات تعلو مرة أخرى مما جعلها متوجسة من القادم والذي لم يتأخر وعلي يطبع قبلة حلوة عاليه على وجنتها تأسر القلب بلا استئذان ثم يهمس في أذنها قائلاً بطريقته المحببه :-
" قبلة من أكمل للجميلة "
وجهها الذي تحول تحول لقطعه من الإحمرار جعلها تسبه بداخلها بأشنع الألفاظ خاصة مع تأهب الجميع لمعرفة ماذا قال علي لها إلا أنها هزت رأسها نفياً وهي تستعيد ثباتها قائلة :-
" هذا سر بيني وبينه بالطبع لن أقول "

بعد دقائق كان صوت الأغاني يعلو مرة أخرى وخالد يصطحب علي والأطفال معه للخارج حيث الحديقة تبعهم الحاج عبدالرحمن البرعي يصطحب الرجال معه إلى المضيفة ولم يتبقى بالداخل سوى النساء ..
ابتسمت خديجة بحب وهي تناظر جمال عروسته كبدر ليلة تمامه !
منذ أن رأتها أول مرة وهي سعيدة كما لم يحدث لها منذ سنوات
هذة الفتاة هي التي ستحافظ على أكمل وتعطيه ما يريد عله يجد مأوى لنفسه الشاردة
أغرورقت عينيها بدموع كبتتها وهي تتذكر صوت أمه الباكيه في الصباح وهي تحدثها على الهاتف مقسمة عليها أن ترسل لها صورة لهم معاً
لقد قطعت قلبها من كثرة بكاؤها وهي تتمنى أن تكون حاضرة معه الليلة لكنها لم تشأ أن تفسد فرحته وتحاول معه وهي تعلم أن بالأخير جوابه سيكون الرفض!

===================

" لما لازلتِ تجلسين هنا ؟"
سألتها ثريا لابنتها وهي تراها مازالت جالسة بين ريم ورنا يتحدثا فرفعت غدي حاجبيها قائلة بدهشة :-
" وأين أذهب يا أمي ألم تقولوا أننا سنبيت الليلة هنا "

كادت ثريا أن تشد شعرها غيظاً فسحبتها من ذراعها مما جلب الابتسامة لريم ورنا وهم يستمعان للحديث الدائر
" ادخلي عدلي من وجهك وتسريحتك هيا "

رفعت غدي حاجباً وهي تسألها بتنمر :-
"ولما لقد كنت سأبدل فستاني لتوي حتى أجلس براحة "

خبطت ثريا كفيها على بعضعهم البعض وهي تقول بغيظ :-
" تحركي يا بنت حتى تتناولي العشاء أنتِ وعريسك فوالدك سيصحبه الأن بعدما ودعنا أهله "

ارتفاع حاجبي غدي بذهول جلب الضحك لرنا وريم وهم يعزيان ما يحدث خجلاً كما حدث معهم إلا أنها فاجئتهم وهي تميل متناولة عباءتها ووشاحها التي كانت ترتديهم أثناء العقد وتشرع في ارتدائهم
مسكت ثريا ذراع ابنتها بحدة وهي تقول بنظرة أمومية شريرة :-
" ماذا تفعلين ؟"

ناظرتها غدي بحيرة وهي تقول بنبرة باردة :-
" ماذا أفعل يعني ارتدي حجابي وعبائتي ؟"

عضت ثريا باطن خدها بغيظ وقبل أن تصرخ أنقذتها حماتها وهي تتقدم من حفيدتها فانحنت لها غدي تقبلها
ربتت جدتها على كتفها وهي تقول :-
" اسمعي كلام والدتك حبيبتي ..لقد أصبح زوجك ومن حقه أن يرى حسنك الليلة يا فتاة "
" لكن .."
قاطعتها جدتها من الإعتراض وهي تدفعها معها قائلة بحزم حنون :-
" هيا يا غدي لا تتصرفي كالأطفال "

بعد عدة دقائق
جالساً في غرفة الضيافة التي قاده والدها إليها حتى يتناول العشاء مع عروسه
مرر لسانه على شفتيه بحسيه وهو يتذوق حلاوة وقع الكلمة على حواسه التائقه لكل ما فيها
غدي البرعي أصبحت زوجته هو !
كل ما بها كان أسراً لروحه على غفلةً من قلبه الزاهد لذا لن يسمح لها أبداً أن تسلبه ما جبرته عليه مشاعره فخر صريعاً لهواها دون أن يقاوم
لكن تبقى معضلة ترويضها !
لبؤة برية لا يجدي معها الدلال فيزيدها جموحاً ولا تجدي معها القسوة فتطفئها وهو أبداً ما لا يريده

يريدها كما هي على الدوام شعلة متوهجة تثير فتيل رجولته بكل ما فيها ..
غدي البرعي يجب أن تسقط صريعة هواه على غفلةً منها كما حدث معه تماماً وهوما سيسعى إليه فلا أحد يفهمها كظهر يده كما يفعل هو !
تعالت وتيرة أنفاسه وهو يسمع الهمهمات الأتيه من جانب الغرفة حتى كانت كانت تدخل عليه الغرفة مدفوعه بقبضة والدتها التي ظهرت خلفها مباشرة تبتسم له وتحييه مخبرة إياهم سويا عن دخول العشاء بعد دقائق ثم رمت تلك النائية بتنمر بنظرة متوعدة كبح جماح ضحكاته المتسلية إثرها وبالأخص حين أغلقت والدتها باب الغرفة خلفها ...

لم تنظر إليه غدي وهي تأخذ جانباً من أحد الأرائك تجلس عليه بعنجهيه وهي تضع ساقاً فوق الأخرى بتكبر يواري ورائة حشوداً من الخجل السخيف الذي يمسك عليها نفسها بتسلط تبغضه وكأنها مراهقة قبل العشرين !
وكم كان شاكراً لها وهو يترك لعينيه التائقتين حرية النظر كما يريد على هذا الثائر بين ضلوعه تهدأ قفزاته البهلوانية منذ أن دخلت عليه ...
شعرها !
سلاسل من الليل الحالك تدعو أنفاسه النهمة أن تعب منها كما تتوق
ترتدي فستان باللون الأحمر يحتضن جسدها الملهب لحواسه كجلدٍ ثانٍ يظهر منه أحد ذراعيها متبوعاً بكتفها المخملي والأخر بكم يصل لأول ساعدها
وللعجيب كانت مشاعرها تشاركه نفس الثورة لكن بشكل مختلف !
روح الأنثى السخيفة بداخلها تلتقط رادارات عينيه الملتهمتين لها بتوق مستفذ
وكأنها ؟
وكأنها تنتظر تعليق أو ما شابه عن تقيييمه
تقييمه ؟!
اندلعت روح التنمر بداخلها إثر أخر أفكارها العقيمة والتي يبدو أنها نتيجة ضربة الشمس التي أخذتها بالأمس لا أكثر
أي تقييم بحق الله فليحترق هو وكل ما يخصه
إنه أكمل البدوي وليس غيره !
كادت أن تلقي تعليقاً مستفذاً من الصمت المطبق الذي يمارسه عليها وكأنه يختبر طاقتها على تحمل الصبر إلا أن دخول والدتها المسبق بالطرق قطع على لسانها إنفلاته ...

برقت عينا ثريا بشر وهي تبصر مصيبتها تجلس نائية بأحد الجوانب والشاب بالجانب الأخر فابتسمت له وهي تواصل تدخيل الطعام حتى انتهت ثم مالت على ابنتها هامسة بوعيد من بين أسنانها :-
" أقسم بالله يا غدي يا بنت عامر إن لم تنضبطي لأقول لوالدك على قلة تهذيبك مع زوجك وأنتِ لا ينقصك فصفيحتك معه سوداء "

زمت غدي شفتيها المطليتان بالأحمر القاني بنزق وهي ترميه بنظرة ضائقة مما جعله يبتسم ببرود وهو يرفع حاجباً متحدياً وكأنه علم ما همست به والدتها
نظر أكمل للباب الذي أُغلِق لتوه خلف حماته ثم ابتسم بخبث وهو ينهض من كرسيه متجها بخطوة عنجهية نحوها
عينيها المرسومتان بإتقان كادتا أن تفلتا زمام تحكمه الواهي إلا أن نظرتها المتحفزة بددت هوى نفسه فوقف أمامها واضعاً كفيه في جيبي سرواله قائلاً بسخرية ناعمة :-

" هل أمل أن القُطة أكلت لسان الأستاذة ؟"

"لست خفيف الظل بالمناسبة " قالتها دون أن تحسب حساب لتهورها وهي تهب واقفه أمامه فأصبحت عالقه بين جسده والمقعد ورائها !
طلتها الملكية زلزلت القابع بين ضلوعه وعينيه تلتهمانها بطوق أشعل النار في عروقها خجلاً وأنشى أنوثتها طرباً فكادت أن تشهق وذراعه تلتف حول خصرها بتملك سافر يسلب الروح ولا يعيدها !
حبست أنفاسها بثبات تدعيه رغم الإضطراب الثائر في روحها وكأنها أخرى غيرها لا تعرفها
عينيه غائمتين تبثان لعينيها رسائل خفية ترسل الرجفة لثائر روحها
ينثر أنفاسه الثائرة بقصد ناعم على وجهها وحنايا عنقها فيتبخر عقلها بضجيج من النشوة الممزوجه بالتيه وكأنه يثبت لها أن السيادة ها هُنا له ولتعترض !

ثانية واثنان بل والثالثة !
العيون في سجال بري ودقات القلب ترصد من سيعلن انساحبه خاسراً أولاً ...

إلا أنه كان له من الذكاء ما جعله يتراجع خطوة واحدة يشمل بها طلتها بنظرة شديدة الخصوصية على نحو حسي يرفع درجات الفضول الأنثوي إلى أعاليها وهو يميل برأسه إنشاً واحداً يفتري ثغره القاسي عن ابتسامة واثقة وأنفاسه الساخنة تتغلغل لأنفاسها فيهمس :-
" تبدين ..."
ثانية من الصمت المترقب تلاها رفعه من حاجبه مصحوبة بمطة أسفة من شفتيه وهو يواصل :-
" تبدين شاحبة و فاقدة للكثير من وزنك "

جملته كانت كدلو شديد البرودة انسكب فوق رأسها مسبباً تورم لكرامتها الأنثوية فدفعته بعنف وهي تقول :-

" أنت فظ وعديم الذوق من قال بالأساس أني أنتظر رأيك"

هز كتفه ببرود وهو ينتقل أمام الطاولة المراص عليها الطعام قائلاً وهو يتخذ مقعداً قاصداً ألا يفعل معها المثل :-
" ألن تأكلي ؟"
سحبت غدي كرسياً تجلس عليه ثم وضعت كفها أسفل وجنتها تلقي تعليقاً ساخراً :-
" تمارس دور العريس بإتقان تُحسد عليه "

التقط أكمل بشوكته قطعه من الكفتة المحشوة يمضغها ببطأ مصدراً همهمة إستحسان ثم قال ببرود مستفذ:-
" الكفتة رائعة بالتأكيد ليست من صنعك "

رفعت غدي حاجباً مغتاظاً وهي تقول من بين أسنانها :-
" لما لا تتناول طعامك وأنت صامتاً حتى تذهب وأصعد لأنام "
أصدر أكمل طرقعه غير راضية بلسانه ثم قال بابتسامة بدت لها لزجة :-
" ضربة موجعة لكبريائي يا أستاذة "

تلكأت عيناه قليلاً على رقبتها البضة المثيرة بإغرائها فضوت نظراته بطوق رجولي عنيف لو رأته لفرت هاربة إلا أنه أسبل أهدابة يرمقها بنظرة ناعسة مغمغماً بغموض ماكر :-
" ومن يدري ربما لا تستطيعين النوم "

التقطت غدي بعض الطعام بشوكتها تلتهمه بغيظ علها تفرغ غيظها فيه فمال عليها أكمل هامساً بخبث :-

" على راحتك حتى لا تغُصين ووقتها ستحتاجين لتنفس صناعي وأنا على أتم استعدادي له "
التفتت إليه ترميه بنظرة رادعة فضربت أنفاسه الساخنة وجنتها
وتيرتهم تعلو بانفلات منه وعينيه معلقتين بالتماع الطعام على زاوية فمها مما جعلها تتراجع بإجفال كان شاكراً له اللحظة ..!
لو ترك نفسه لهواها الأن لأبرحها عشقاً لا قبل لها ولا لأنثى على وجه الأرض بصده لكنه لا يريدها هكذا
غدي البرعي يجب أن تقدم له قلبها طواعية حتى يرضى!

إختناق أنفاسه إثر قربها جعلته يطلق همهمة متحشرجة مجلياً صوته وهو يقول بنبرة أمرة كادت أن تركله إثرها خارجاً:-
" غداً سأمر عليكِ باكراً وسنقضي اليوم سوياً "

أومأت غدي برأسها قائلة بسخرية تشبهه:-
" حسناً صحبتكم السلامة "
رفع أكمل حاجبه سائلاً بتحدي :-
"أتسخرين ؟"
لوت غدي شفتيها الجاذبتين لعينيه وهي تقول :-
" لا سمح الله "
ثم مطت شفتيها قائلة بثقة أنثوية تليق بها :-
" بل أتمنى لك السلامة أنت وهذة التي تملي عليها أوامرك وبالتأكيد ليست أنا "
صدر أكمل لسانه بوجنته وهو يحكها بسبابته ثم قال بتسلط ساخر :-
" والتي هي أنتِ بالمناسبة فمنذ ساعات أصبحت زوجك "

" أنت تحلم "
هز كتفيه ببرود قائلاً :-
" جربيني !"
تنهدت غدي محاةلة التحلي ببعض من بروده ثم قالت :-
" أكمل لا تمارس علي غرورك الذكوري الأن تعلم زواجنا لشئ محدد وبالطبع لن أخرج معك "

عينيه الداكنتين المتسليتين أمعنا النظر في ملامحها المتنمرة ثم همس بتواقح :-
" ربما أريد أن أمارس شئ أخر "

ربكة ملامحها للوهلة الأولى أرضته والتي سرعان ما تحولت لإحمرار غاضب خجول وهي تناظره بغضب وكأنها تريد أن تقتله اللحظة فتهمس بنبرة نارية مهتاجة :-
"أنت وقح "
لوى أكمل جانب شفتيه وهو يفرد كفه قائلاً بنبرة عادية باردة :-
" لم تأتي بشئ جديد "
غضبها المشتعل من تفوقه عليها وإحساس خائن يثيرها من مدى تلسطه جعلها تنطق بتهور :-
" وماذا انتظر منك يعني وأنت مثل الأخر .. ورقتك شرعية لكن ورقته كانت عرفية "
تشنج وجه أكمل بغضب عاتي أصابها بالتوتر خاصةً مع إنحسار السخرية الناعمة من عينيه وتحولهما لشئ شديد القسوة مخيف .. يسحب محرمة ورقية من العلبة أمامه يمسح بها فمه ثم نطق بلهجة قاسية شديدة الردع من بين أسنانه :-
" لو تلفظتي بسيرته مرة أخرى يا غدي لا تلومي إلا نفسك حينها ولا يغرنكِ صمتي فغضبي شديد
...شديد يا ابنة البرعي ولن تتحمليه صدقيني "

رماها بنظرة حانقة ثم وقف على قدميه وهو يقول :-
" اصحبيني للخارج حتى أذهب "

صمت لثوانٍ ثم أردف بنبرة تقطر تسلطاً وهو يشدد عليها :-
" غداً في الواحدة ظهراً سأمر عليكِ وجربي يا غدي أن تعانديني "
كاد أن يستدير متجهاً جهة الباب إلا أنه عاد وأصدر همهمة ما ثم قال بنبرة تهكمية :-
" مبارك يا أستاذة فقد أصبحتِ زوجة لابن البدوي "

===================

منتصف الليل ...
تزفر بضيق وهي تتحرك في الغرفة ذهاباً وإياباً لا تدري أين ذهب سلسالها الذهبي الصغير الذي ترتديه دوما كان هدية لها من شهاب
لقد كانت ترتديه بحق الله طيلة اليوم فهي لا تخلعه أبداً لكنها وبعد أن انتهى اليوم الطويل ودخلت غرفتها في بيت جدها أخيراً وقفت لتخلع شبكتها وحليها فلم تجده حول رقبتها أين تراه وقع منها
دلكت جبهتها بإنهاك تجلس على الفراش في محاولة للتفكير أين عساه قد وقع منها اليوم فهي بحثت عنه في أنحاء المنزل جيدا ولم يتبقى سوى الحديقة
ومضة سريعة من أحداث اليوم مرت بذاكرتها كانت كفيلة لجذب انتباهها وهي تعيد تمريرها على ذاكرتها مرة أخرى...
بعد أن انتهى عشائهم وأصر على الذهاب وكان يُسلم عليها أضطراراً أمام عيني والدتها المراقبة من بعيد فمال مقبلاً جيهتها بالكاد مسهم مسة باردة تقسم لو أنها مقصودة لكنها الأن تذكر جيداً لمسة يده السريعة على عنقها بدلاً من رأسها ثم ابتسامته الغامضة التي رمقها بها قبل أن يذهب للرجال حيث يشيعونه ..
اتسعت عينيها بذهول وهي تعيد تمرير المشهد لذاكرتها مراراً هامسة بغيظ شديد
" الوغد هل سرقني ؟"

الفكرة نفسها كانت كفيلة بإثارة شياطينها وبالأخص أنها لو لم تقف أمام المرأة لم تكن لتشعر أبداً فنظراً لارتدائها له منذ أن كانت صغيرة دون أن تخلعه أبداً أصبح ضائقاً حول رقبتها حتى عند خلعه تشعر بأثره وكأنها ترتديه تماماً !

" الوغد ..الوغد "
صرختها بخفوت غاضب وهي تستل هاتفها من جوارها طالبة رقمه بتصميم معيده الكره مرة أخرى حين لم يرد ...
وعلى الجانب الأخر كان يخرج من حمام غرفته يمسح مؤخرة رأسه بالمنشفة يبتسم بعبث وهو يسمع رنة هاتفه واثقاً من صاحبها وبالأخص صاحبتها دون أن ينظر للاسم حتى !
مط شفتيه بلامباله وهو يقترب من المرأه يمشط شعره ثم خرج من غرفته عارجاً على غرفة علي المجاورة له كي يطمأن عليه أولاً
ابتسم بحنان وهو يبصر نومته العميقة إثر إرهاق اليوم فاقترب منه حتى مال يضمه بقوة مقبلاً رأسه بحنان فتمسك به علي تلقائيا دون أن يستيقظ من نومه حتى ...
كرضيع يتلمس رائحة أمه ويعرفها دون أن يراها !
ضمه أكمل له بقوة رابتاً عليه بخفوت حتى تهاوت قبضته الصغيرة من على ذراعه ...
بعد دقائق ..
أطلق ضحكة عالية وهو يدخل غرفته ووجد الهاتف مازال يرن دون انقطاع
ضبط مكيف الهواء ثم جلس على فراشه أخيراً ينظر بالهاتف مبتسماً بانتصار ثم رفع الهاتف لأذنه أخيراً مهمهماً بسخرية :-

" يا لاحظك يا بن البدوي الأستاذة لا تستطيع النوم دونك "

أصدر همهمه أسفة ثم قال غير عابئاً بأنفاسها الغاضبة :-
" ألم أتنبئ أنكِ ربما لن تستطيعي النوم "

" أين سلسالي ؟"
عض جانب شفته مبتسماً وهو يرد عليها مُدعياً عدم الفهم :-
" لقد دمرتي خيالاتي عن اتصالك أي سلسال ؟"

تنهدت غدي بغضب وصله جيداً إلا أن ابتسامته كانت تتسع تدريجياً وهو يدرك محاولاتها في السيطرة على غضبها حين نطقت مرة أخرى بتحفز :-
"أين السلسال يا أكمل ؟"

التقط أكمل السلسال الصغير من الكمود جواره يضعه أمام عينيه بشكل عمودي ثم قال بنبرة ماكرة لكنها شديدة الإغاظة :-
"أتقصدين هذا السلسال الذي يتدلى منه أهلة صغيرة هذا "
"نعم!"
انقلب أكمل راقداً على ظهره مسنداً رأسه للفراش ورائه مغمغماً بنبرة ذكورية شديدة الإغراء :-

" ذاك الصغير الذي يضيق حول رقبتك فيظهر مدى إغرائها وطراوتها قاسماً إياها لنصفين وكأنه يتدلل من وجوده بين حناياها ؟!"
قشعريرة غير محسوبة ألمت بسائر روحها وموجه عالية من السخونة ضربت سائر جسدها إثر كلماته مزدوجة المعاني حتى أنها رفعت حاجبيها متسائلة مع نفسها :-
" هل يتحدث عن السلسال ؟"
نفضت غدي رأسها بضيق وهي تتحرك من مكانها ناطقة :-
" إذا هو معك " نطقتها غدي بغضب إلا أنه رد عليها بنبرة بريئة قاصداً استفذاذها :-
" لم أراه "
الصوت الغاضب الذي أصدرته مصاحباً لأنفاسها العالية أعلمه أنها وصلت لأخرها فضحك قائلاً :-
" حسناً حسناً لا تقلقي هو معي "

جزت غدي على أسنانها بغيظ وهي تلتقط الوسادة من جوارها تلقيها وكأنها بهذا ستبدد غيظها ثم غمغمت بتهكم مغتاظ :-
" ولص أيضاً ما شاءالله "
لم يصلها منه سوى ضحكه عالية ثم صوته البارد يقول :-
" مواهبي متعددة يجب أن تمتني لذلك "
لوت غدي شفتيها بسخرية وكأنه يراها ثم سألته بنفس النيرة الغاضبة :-
" لما أخذتها ؟ وكيف تأتيك الجرأة لتفعل ذلك بالأساس "

افترى ثغر أكمل عن ابتسامة خبيثه وعينيه تلمعان ببريق جامح مهمهماً بخفوت :-
" من الأفضل لكِ ألا تعلمي ؟"

" مازلت أنتظر الرد "
بمكانه مط أكمل شفتيه في تعبير يعني (أنتِ من جلبتيه لنفسك) ثم قال بنبرة شديدة البساطة :-
" كانت تستفذني لعضك "
" ماذا؟"
نطقتها غدي بانشداه وقد امتقع وجهها بالذهول وكأنها لم تستوعب بعد ما نطق به إلا أن بقية حديثة كانت كفيلة بأن تغلق الهاتف في وجهه وصوته يصلها خافتاً بنبرة شديدة الحسية والحرارة :-

" كنت كلما أنظر لكِ أجدها تلتقط عيناي بإغراء ماكر كصاحبتها مثيرة مشاعري كي أعضك مكانها فأخذتها انتقاماً منكِ "

يتبع بالجزأ التاني


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-21, 05:42 AM   #108

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 631
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

الجزأ التاني

اليوم التالي ...
" تجلس جواره في السيارة متكتفة عاقدة حاجبيها بغضب دون أن تنظر له أو ترد على كلامه "

زفر أكمل وهو يطفئ محرك سيارته بعد أن صفها أمام باب بيته ثم التفت إليها قائلاً :-

" لا أرى سبب لغضبك الأن "

"التفتت إليه غدي منفجرة به بكل ما يعتمل داخلها من شتات المشاعر :-
" أنت تتجاهل السبب الرئيسي لزواجنا ..تتعامل وكأننا سنكمل هذة المهزلة ثم تأتي الأن وتستغل عدم معرفة أهلي بما بيننا قائلاً أنك ستعزمني على الغداء لأجدك تصحبني إلى بيتك الخاص "

احمرار ملامحها الغاضب كان يروقه ويثيره إلى أبعد حد إلى أن حديثها المستفذ كان كفيلاً بتنحية كل مشاعره فاعتدل في جلسته قائلاً بنبرة باردة لكنها صادمة :-

" من قال أننا لن نكمل زواجنا يا سيدة غدي ؟
أنا لم أذكر أني اتفقت معك على ذلك بل قلت لكِ أني أريد منكِ الزواج وليس اللعب كما تفعلين "

قاطعها مواصلاً قبل أن ترد عليه وهي تبدو أمامه كأسطوانة غاز جاهزة للانفجار :-

" وأنا لم أخدع أهلك فنحن سنتناول الغداء سوياً في بيتي والذي به ابني بالمناسبة أي أنني لا أجلبك كي أغرر بكِ"

أنهى حديثه بنبرة غاضبة حادة ثم تركها خارجا من السيارة ..
لف حول السيارة فاتحاً بابها ثم تركها لا مبالياً متجهاً إلى الداخل تاركاً إياها ترغي وتزبد مع نفسها وقد وضعها في مأزق إما العودة إلى بيتها كل هذة المسافة وحدها والتبرير لأهلها سبب ذلك وإما أن تنزل ورائه وهو ما فعلته صاغرة ...

بعد عدة دقائق كانت تندفع داخلة ورائه بكل ما يعتمل داخلها من غيظ على شوك الإنفجار تبخر في ثوانٍ معدودة وتلك القائمة الضئيلة ذات الوجه الحُلو تندفع إليها مهلله بطريقة محببة :-
" غدوة هنا"

وقف أمامها علي ضاحكاً يرفع كلا ذراعيه للجانبين في طلب منها أن تحمله
انحنت غدي ترفعه إليها تقبله بحنان ربما غريب عن شخصها
لكن هذا الطفل يفجر بداخلها مشاعر لم تعهدها في نفسها من قبل
لقد خطف قلبها بتعلقه الغريب بها وبراءته الرهيبة وهو يقرص وجنتها الأن قائلاً بشقاوة :-
" جميلة "
صوت ضحكات أكمل المجلجلة ترددت في المكان كانت كفيلة لإحالة ابتسامتها لعبوس وهي تتمسك بعلي ثم تذهب ورائه قائله بغيظ وصلف:-
" لا تظن أنك ترغمني على ما لا أريد ثم إن ما معنى زواجنا حقيقياً هذا ؟"

هز أكمل كتفيه بلا مبالاة ترفع الضغط متجاهلاً الشق الثاني من سؤالها ثم قال :-

" لم أرغمك على شئ لقد دخلتِ هنا بمحض إرادتك لما لم تذهبي؟ "
كان على يتلاعب بالورود الزهرية على بلوزتها البيضاء غافلاً عما يدور بين الاثنين فتقدمت غدي خطوة غير مدركة إلى أين تذهب في غمرة إنفعالها وهي تقول :-

" لا تستفذني يا أكمل أنت تعلم أني لم أكن لأستطيع أن أفسر عودتي أمام أهلي وقد أخذتني لتوك "

هز أكمل رأسه باستحسان مصطنع قائلاً:-

" جيد كوني فتاة مهذبة واحترمي زوجك "

قبل أن يتسنى لها الرد عليه كان يفتح باب غرفته قائلاً بطريقة هزليه شديدة العبث :-

" أنا لا أمانع بالطبع أن تدخلي معي غرفتي لكن ليبقى علي خارجا فأنا سأخلع ملابسي ولا أريد أن أخدش حياء الولد "

امتقاع وجهها لحديثه الجرئ وعدم قدرتها على الرد وهي تتحرك من أمامه مشتته لناحية أخرى كان كفيلا بإطلاق ضحكاته المستمتعه مرة أخرى مغمغماً وهو يغلق باب غرفته :-
" اللعب معك ممتع يا أستاذة "

بعد مرور نصف ساعة ...

كانت غدي جالسة على كرسي عالٍ بالحائط االقصير الفاصل بين المطبخ ذو النظام الأمريكي والصالة شاردة بذهول في هذا الكائن غريب الأطوار أمامها
هل هذا هو نفسه أكمل البدوي الوغد صاحب المبادئ الدنيئه ؟
يقف أمام الموقد يعد طعاماً من اللحم المشوي والمعكرونة بالصوص الأبيض
يجاوره علي على منضدة صغيرة ملونة لاهياً في أكل المعجنات
وبين الفنية والأخرى يلتفت حاشراً في فم الصغير لقيمات من الطعام الذي يصنعه متسائلاً عن رأيه باهتمام ...

ضبطها أكمل في شرودها به فاقترب منها دون أن تشعر حاشراً الشوكة في فمها برقة مهمهماً بخفوت :-
" ما رأي الأستاذة ؟"

أجفلت غدي وقد فاجئها ما فعل فلم تشئ أن تلعب دور البلهاء للنهاية مما جلعها تتبتلع قطعة اللحم التي وضعها بفمها ومما أثار استفذاذها أنها أعجبها مذاقها
استند أكمل بساعديه على سطح الحائط الفاصل بينهم ثم قال بخفوتٍ عابث يميزه :-
" ما رأيك يا سيدة غدي هل اطمأننتي على مستقبلك ؟"

لوت غدي شفتيها قائلة بتهكم :-
" لا أفهم أي مستقبل تتحدث عنهم صدقني لم أجد شخص أعصابه باردة مثلك "
فك أكمل مريول المطبخ يعلقه في المشجب الخاص به متجاهلاً كالعادة الرد على حديثها ثم قال :-

" تعالي لتنقلي الأطباق معنا "

تحركت غدي من مكانها عل هذا اليوم يخلص سريعاً ثم لفت داخلة إلى المطبخ تتناول من الأطباق التي بدأ بسكبها ومن ورائها كان واقفاً عينيه تمران عليها في تقييم ذكور بحت ...

ترتدي بلوزة بلوزة بيضاء تضيق عند الصدر المزين بورود زهرية اللون مماثلة لتلك التي على الكمين محددة مفاتنها الماشاءالله لا تحتاج وصاية لتتحدد ثم تتسع حتى أسفل خصرها بالكاد تغطي أول بنطالها الجينز من الأزرق الباهت
"الوقحة "
همسها أكمل بضيق من مدى إظهار ملابسها لشكل جسدها المتفجر وزوبعة مجنونة بداخلة تكره أن يراها أحد ويقيمها كما يفعل الأن ؟
الفكرة نفسها كفيلة برفع ضغطه إلى أعاليه
ابتسم بخبث وهو يلحظ طريقة لفها لوشاحها الزهري والتي التقطها فور أن ركبت معه السيارة
لقد كانت تغطي رقبتها كلياً وكأن حديثه بالأمس التصق معها ...
وقف وقفه عبثيه مائلة مستمتعاً بذهابها وإيابها وهي تكبح غيظها منه فتنقل الأطباق ولا تتحدث
نظر باهتمام حيث علي الذي خرج من المطبخ منذ دقائق وجلس أمام التلفاز ثم عاد بعينيه يرصد وجود الطبق الأخيرفالتمعت عيناه مكراً
دخلت لتسحب الطبق المطبقي على الطاولة لكنها لم تكد تفعل حتى باغتها ذاك الذراع الحازم الملتف حول خصرها وهو يجذبها إليه بسلاسة مغيظة
دفعته بقبضتها في صدره هامسة بتعنيف :_

" ماذا تفعل هل جننت ؟..اتركني الأن !"

لم يبالي بها أكمل مستمتعاً بتخبطها وتلك الهالة النارية التي تشع من خلاياها يعض على شفته السفلى قائلاً باستفذاذ :-

" ألم تجدي ملابس أوسع من هذة لترتديها "

التمعت عيناها بغضب منعش لأعصابه وهي تقول بغيظ :-

" ومالك أنت هل تظن أنك ستتحكم بي ؟"

أصدر صوتاً نافيا بلسانه ثم قال بغموض :-
" الأن بالطبع لا "

لم يلقي بالاً بنظرة التحفز التي رمته بها ثم أمال عينيه بنظرة ناعسة مغمغماً بخفوت ماكر :-
" لم أعلق عن رأيي بهيئتك إلى الأن "

"لم أطلب رأيك "
قالتها بنفس النبرة المتحفزة لكن رغم أنف كبريائها كان هناك جزأ ًأنثوي فطري متأصل في الأنثى بداخلها ينتظر إطراء طالما اعتادت عليه لكن هاهو للمرة الثانية يحيل كرامتها الأنثوية أشلاءاً وهو يهمهم بنبرة تشي بعدم الرضا :-

"حسنا رغم عدم رضائي عن ملابسك لكن بالأخير لستِ سيئة "
دفعته غدي بغيظ وهي تقول بغضب أنثوي ناري أبهج حواسه :-
" قلت لك لم أطلب رأيك ولا يهمني فلتبله وتشرب مائه "

بعد ساعة تقريباً كانت جالسة أمام التفاز بملل في انتظار خروجه من غرفة علي الذي نام بين أحضانها بعد تناولهم للغداء
الوغد صاحب النظرات الوقحه طيلة الساعة الماضية في خضم تحفزها منه نست أن تسأله عن سلسالها !
فاجئها خروجه من الغرفه وهو يجلس جوارها يشملها بنظرة ناعسة شديدة الخصوصية مغمغماً :-

" كان يوما لذيذاً يا سيدة غدي "

ارتفع حاجبيها بترقب إلا أنه لم يبالي وهو يلتقط ريموت التفاز يقلب فيه بملل حتى سألته بنبرة يتضح بها كيف تتحلى بأقصى درجات هدوئها قصراً :-

" أين سلسالي ؟"

"أي سلسال ؟"
نطقها ببرود دون أن ينظر إليها حتى مما جعلها تجز على أسنانها قائلة بغيظ :-
" الذي سرقته بالأمس "
"معي "
ونفس النبرة الباردة التي تجعلها تريد أن تشد شعرها بجدارة إلا أنها نطقت من بين أسنانها باختصار :-
" أريده "
التمعت عينا أكمل بجزل والتفت إليها قائلاً بتسلط :-
"بشرط "
" هل تتشرط علي لتعطني حاجتي ؟"

هز أكمل كتفيه ولم يرد حتى أتاه صوتها الكاظم لغيظه بصعوبه :-
" ماهو؟"
استند بذراعه على ظهر الأريكة ثم قال بعنجهيه يجيدها معها :-

" أولاً أنا سألبسه لكِ... ثانيا لن تظهر رقبتك مرة أخرى من وشاحك وإلا قسما بالله يا غدي ...."

يصمت لدقائق مع ارتفاع حاجبيها بترقب غاضب ثم أخيراً يهمهم بنبرة ساخنة تحذيرية بها حميمية مهلكة ينثرها بعبق أنفاسه على وجهها المغري وعينيه ملتهمتين لعلامة السلسال برقبتها :_

سأعضك بها عضة تجبرك على عدم إظهار رقبتك مدى الحياة وأنا قدر كلامي "

" أنت ... أنت ...أنت ..."

انفعالها المهتاج إثر حديثه وهي ترفع كفيها بجنون وكأنها تريد قذفه بشئ غير قادرة على الرد مصحوباً بتخضب وجهها بحمرة شديدة الإثارة كل ذلك كان كفيل بإطاحة صوابه وكل ما به يزأر لينالها إلا أن ذرة تعقل واحدة كانت تُرجح كفة نيله لقلبها فقبض على كفيه بقسوة متناولاً قنينة الماء المثلج أمامه يتجرعها عل بردها يطفئ نار نشبت كالمراجل في الرجل العاشق به ..
التقطت غدي حقيبتها من جوارها وهي تقول بغضب :-

" لا أريده ..اشبع به "

أومأ أكمل برأسه قائلاً باستفذاذ بارد :-

" سأعطيه لوالدك وأقول له بنتك نسيته معي اليوم "

التفتت غدي ترميه بنظرة نارية وقد وصلت إلى أقصاها من الغضب قائلة :-
"أنت لست جاد ؟!؟"
وكلمته المستفذة كانت نصيبها من الرد :-
" جربيني "

وقفت غدي مطرقة برأسها ثوانٍ تفكر في احتمالية صدقه لكن كل الدلائل كانت تخرج لها أنه وقح وبارد ومستفذ وسيفعل بلا حرج حتى وفعله كهذة وبعد ما حدث كفيلة بقتل علاقتها بأبيها تماما مما جعلها ترفع رأسها أخيراً قائلة بنبرة ضائقه شديدة التحرق غضباً :-
" حسنا هاته وهيا كي تقوم بإيصالي "

ابتسم أكمل بظفر وهو يتحرك ناهية غرفته مغمغماً مع نفسه بخفوت :-
"صبراً يا نارية غداً تحترقين بناري راضية كما أفعل "

بعد عدة دقائق كان قد بدل ملابسه واتصل على مريبة علي أن تحضر من فيلا البدوي التي تبعد عنهم أمتار بسيطة ثم خرج وجدها مازالت على نفس وقفتها المتحفزة ...
اقترب منها فاتحاً كفه على السلسال الصغير فكادت أن تلتقطه إلا أنه كانن من السرعة ليغلق فبضته مبتسماً بخفة وهو يقول :-
"( لن تخميني) "

تأففت غدي مقسمة عدة أيمان بداخلها أن تلغي هذة الزيجة في أقرب وقت وليحترق هو ورفعت سوياً
فكت حجابها شاكرة تلك الطاقية (البونية)التي ارتدتها تحته صباحاً فتغلف شعرها كله أمام هذا الوقح ثم نظرت جانباً وهي تقول بضيق :-
" لتفعل سريعاً فلا أريد المكوث ثانية أخرى "

أغاظه طريقتها لكنه لم يبالي وهو يقف خلفها تماماً يحبس أنفاسه من تلك الشماعر الهائجة بداخله وهو يركز في لف السلسال شديد الصغر حو رقبتها حتى تمكن من فعلها أخيراً لكن قبل أن يتسنى لها الابتعاد كان نفس الذراع كالطود لها وهو يجذبها له وقد زحفت كل تحكماته بذاته أدراج الرياح غير مبالياً حتى بتجمد جسدها ...
يسحب نفساً مشبع برائحتها ثم يغمض عينيه مائلاً يلثم جانب عنقها بقبلة شديدة الحسيه تشعل العروق ولا ترويها
والمرآة البعيدة في منتصف الصالة لو نظرت إليها لوجدتها تعكس لها صورة رجل غارق في عشقها حد الثمالة
رجل لو خيروه بين نساء الأرض لاختارها
رجل أقسم اللحظة أن تكون له ذات يوم قلباً وقالباً راضية ..متمنية !
رجل من شدة زلزلة مشاعره وعواطفه المهولة نحو تلك الجامحة لو أقسم على العشق لأبره
ثم يرفع رأسه أخيراً إنشات بسيطة هامساً بنبرة مبحوحة كسولة شديدة الحميمية :-
" مبارك يا أستاذة ..فلم يتسنى لنا المباركة بالأمس "

وبثانية كان يتحول لأخر رغم النبرة المتحشرجة وهو يلتقط هاتفه ومفاتيحه من الطاولة قائلاً :-
" هيا لنذهب "

=====================
منزل اللواء عبدالحميد الدرملي ..

" يجب أن تضع حداً لهذة المهزلة يا بابا ..ماما صار لها أكثر من أسبوعين عند جدي ونور حالتها النفسية ليست منضبطة"

قالها عمار بضيق وهو يجاور والده في سيارته في طريقهم لبيت جده الذي استدعاهم الليلة
لم يلتفت له رأفت وهو يركز عينيه على الطريق أمامه حتى ظن أنه لن يرد عليه وأخيراً التفتت رأفت له ثم عاد للطريق أمامه مرة أخرى منفجراً قنبلته:-

" لقد تزوجت بالفعل يا عمار "
" ماذا ؟"
التفت عمار بذهول وكأنه لا يصدق ما نطق به والده للتو ثم أردف ببوادر غضب :-
" كيف ومتى ولما يا بابا ؟"

توتر كف رأفت حول عجلة المقود ثم تأفف قائلاً بجفاف:-
" متى فهو يوم ........ تحديدا
ولما؟ فلي أسبابي الخاصة يا عمار والتي ليس لكم دخل بها بالمناسبة "

حاول عمار التحلي بالهدوء من تلك الكارثة التي حلت عليهم فعلياً ثم قال بتأنيب :-

" يا بابا أعتذر لما سأقول لكن ألا ترى أنها مراهقة متأخرة أن تتزوج فتاة ربما تكون من عمري "

زمجر رأفت بغضب وقد صف سيارته بالقرب من منزل حماه ثم قال :-
" قلت ليس لكم شأن يا عمار ...هي حياتي أنا وتلك الفتاة هي جُل ما أحتاجه بعد حياتي الحافلة مع والدتك "

ارتفع صوت عمار غاضباً وقد ثارت حميته من أجل والدته :-

" وكيف كانت حياتك ياأبي أذكر أن أمي لم تقصر معك بشئ بل إلى هذة اللحظة لا تحب أحد كما تفعل معك "

فك رأفت أول زرين من قميصه وقد تصاعدت وتيرة الجو المشحون بالغضب فاعتدل في جلسته قائلاً لابنه من بين أسنانه :-

" حسنا لن أنكر ...ربما كان هذا خطأها "

تنهد بضيق ثم أردف :-

" ما بيني وبين والدتك ليس لكم شأن به
من حقي أن أتزوج واحدة واثنين وأربعة كما أن أمك هي من طلبت الطلاق كعادتها المجنونة وليس أنا "

"لكني أراك مرحب به "

قالها عمار بهياج وقد ارتفع ضغط دمه من منطق والده الذي رد عليه بنفس النبرة :-

" قلت لك هي من طلبت "

تنهد عمار بهم ثم سأله في محاولة للتحلي بالهدوء وبالأخص أنهم أسفل بيت جده
" حسنا يا أبي وماذا ستفعل الأن وقد أصبحت متزوج
أمي حين تركت البيت ..تركته على أمل أنك ترتجع عن قرارك
هل سنخفي عنها الأمر ؟"

نزل رأفت من السيارة فاتبعه عمار منتظراً إجابة تساؤوله وليته ما سمع

" سأخبرهم بالطبع أنا زواجي معلن وشرعي مكتمل الأركان ولا أفعل شئ أخاف منه يا عمار "

بعد ربع ساعة ...
يجلسان متجاوران في غرفة الضيوف أمام جده الذي كان بادئاً بالحديث :-
" رأفت يا بني إذا كنت لا تريد زوجتك قلها فهي ابنتي وستكون معززة مكرمة في بيتها "

تنهد رأفت ضائقاً لهذا الرجل الذي يكن له كل احترام فارتشف بضع قطرات من كوب الماء ثم قال بمناورة :-

" نجلاء أم عمار ونور يا عمي "

أمعن عبدالحميد النظر في زوج ابنته لدقائق محاولاً ثبر أغواره
لطالما كان رأفت رجل جدير باحترامه لكن ما فعله جعل تفكيره يختل خاصةً وهو يعرف ابنته !

دلك بين حاجبيه بإرهاق وهو يقول :-

" لكن يا بني نجلاء مصممة على الطلاق إن تزوجت "

نظر عمار لوالده بنظرة باطنية التهكم سرعان ما حل محلها الدهشة ووالده يتنحنح قائلاً بنبرة شديدة الثقة وكأنه يبلغ جده عن أخبار الطقس :-

" لقد تزوجت بالفعل يا عمي "

أشفق عمار على جده وقد أجفلت ملامحه وكأنه لم يكن يتوقع قول والده فقال وهو ينظر لوالده نظرة خائبة مترجية :-

" بابا لن يفرط بماما يا جدو "

بالخارج ...
ابتعدت نعمات بصدمة من جوار الباب وقد كانت تستمع للحوار الدائربالداخل
حقا نجلاء ليست ابنتها ولطالما كانت علاقتهم باردة لكنها مشفقة عليها
فهي منذ أن علمت أنه أتى وهي تتزين بالداخل في غرفة حمزة سابقاً والتي اتخذتها منذ أن أتت
دمعت عينيها شفقةً وهي تراها تخرج من الغرفة واللهفة تطل من عينيها
إنها تظن أنه أتى من نفسه ولا تعلم أن والدها هو من استدعاه
ربما لو تركت العنان لقلبها لاعترفت أنها تكن بعض الحقد المقرون بالشكر لنجلاء
الحقد من ما فعلته مع ابنتها
والشكر أنها وهبتها هذة الابنة التي تحبها ربما أكثر مما تفعل مع حمزة بن رحمها
اقتربت نجلاء منها غافلة عن أفكارها تسألها بتلهف مثير للشفقة :-
" هل أتى ليعتذر لي ؟"

لم تعرف نعمات بما ترد عليه فأومأت برأسها بلا معنى وأخذت جانباً ومازالت على شرودها في تلك الهائمة التي إلى هذة اللحظة تظن أنه مهرولاً من أجلها ؟
شعور بالشفقة رغماً عنها ينتابها عليها فلا تتمنى أبداً لأحد أن يوضع في موقف كهذا
هل تعرف شعور حين تقسم لأحدهم أن فلان أبداً لن يخذلك لدرجة أنك تقول بكل ذرة ثقة في داخلك لو أتاني هو وأخبرني بنفسه أنه سيؤذيني لن أصدقه فلا يكون الغدر سوى منه؟!
هل تدرك جُل وقع هذة الصدمة ؟

تجاوزتها نجلاء غير عابئه بشرودها متجهة ناحية الغرفة راسمة ملامح كبرياء واهية على ملامحها وهي تنوي أن تعذبه حتى يتمنى لها أن ترضى عقابا على ما فعل ..
طرقت باب الغرفة ثم دخلت عليهم دون أن تلتفت له وكأنها تنفر منه
أشفق عليها قلب الأب بداخل عبدالحميد فقال بتانيب :-

" لما أتيتِ يا نجلاء قبل أن أطلب منكِ؟"

رفعت نجلاء حاجباً متكبراً وهي تقول بثقة مدللة كعادتها :-

"إنها حياتي يا بابا ألم يأتي من أجلى !؟"

ناظر عمار جده بتوجس وكأنه يسأله عن ماذا يفعل ثم تنحنح قائلاً في محاولة واهية من تأجيل المحتوم :-

" لكننا كنا نتناقش في حل الموضوع قبلاً يا ماما "

التفتت إليه والدته محاولة ألا تنظر لرأفت وروحها تهفو له اشتياقاً فقالت:-
" خذ جدك يا عمار واتركوني مع والدك نحن سنتفاهم "

"لكن يا ابنتي ؟.."

" من فضلك يا بابا نحن نستطيع التفاهم سوياً "

مط عبدالحميد شفتيه بقلة حيلة وهو يأخذ حفيده ويخرجان معاً داعيين الله أن تمر الليلة على خير!

بعد خروجهم التفتت نجلاء تواجهه ورغما عنها طافت عينيها عليه طوقاً مشتاقاً إلا أنها قالت بنفس نبرتها الأنثوية المتكبرة :-
"أنظر يا رأفت أستطيع أن أغفر لك ذلتك لكن لي شروط"

افترى ثغر رأفت عن ابتسامة متهكمة قائلاً :-

" ربما يجب أن تسمعيني قبلا يا نجلاء "

حركت عينيها عليه في تساؤل فاتكأ رأفت بمرفقيه على فخذيه قائلاً بنبرته الواثقة التي لا تهاب شئ:-

"أنا تزوجت يا نجلاء "

الوجه المتورد بخيلاء منذ ثوانٍ أصبح شحوبه يحاكي الأموات وهي تبحلق في وجهه متسعة العينين وكأنها لم تدرك بعد ما نطق
ارتجف فكها بتألم وشئ من التورم زحف لحلقها ناطقة بتهدج مذهول:-
" ماذا قلت ؟"
تدلك كفيها بقشعريرة ثم تواصل بتهدج

" هل قلت للتو أنك تزوجت علي يا رأفت ؟"

حين نحب بكل ذرة بداخلنا!
حين ننكر على ذاتنا وغيرنا أي إعطاء سوى للمحبوب ؟
حين نُغمض أعيننا ونصم أذانناً فنسير معصوبي الأعين في درب الحبيب آمنين أنه سيتلفقنا لا شك تكون الضربة منه قاصمة
الصدمة قاتلة!
الألم موحش ومستفحل كورم سرطاني خبيث ظهر بغتةً ناهشاً خلايا جسدك كلها فلم تعد قادر على الحركة !

عينيها ترمشان عليه بتتابع تهز رأسها نفياً وهي تحاول إقحام الحقيقة السوداء في عقلها لكن قلبها يأبي التصديق !

قلبٌ ارتكن لصاحبه منذ أن عرف معنى الحب فكيف السبيل إلى إقناعه بالغدر ؟!

أطرقت برأسها تدلك كفيها ببعضهم البعض علها تسيطر على تلك الرعشة الخائنة التي ألمت بجسدها مسببه لأطرافها في محاولة واهية للحفاظ على كبريائها الذي دهسه تحت قدميه للتو !
وأمامها كان ينظر إليها بشفقه مشبعه بمرارة الذكرى وسنوات عمره تتتابع أمام عينيه منذ أن رأها بالجامعه وأعجبته مروراً بقصة حبهم التي كان يتحدث بها جميع الأصدقاء ثم سفره كي يُكون نفسه ويكون جديراً بها لتكون صدمته الكبرى حين علم أنها تزوجت !

ابتسم بسخرية وهو يتذكر احتجازه بالمشفى لعدة أيام بعدها ثم تكوينه لذاته ملغيا فكرة العودة للوطن حتى كان خبر طلاقها الشائع في جميع الصحف نظراً لمكانة زوجها السابق
وقتها كان يكن لها من الكره بقدر ما يكن من الحب لكن سعيها ورائه وهي تحاول أن تتواصل معه بكل الطرق كان ضماداً لكرامته ولقلبه المجروج عشقا بها حتى رُإب الصدع بينهم فكانت الصدمة الثانية حين اعترفت له أنها تحمل طفل !
يذكر وقتها أنه هاج وماج كبركانٍ غاضب وكأنه كان مورياً نقطة زواجها بالأصل حتى كان حملها دليلاً أنها كانت لغيره
أخر وصل إليها قبله ونال ما لم يناله فأقسم ألا يعود إليها أبداً حتى أتت له متوسلة ذات ليلة معترفة بشئ كان كبرداً على قلب الشاب الغر بداخله حينها
شئ ربما أثلج قلبه وقتها ربما كان إنتشاءاً للرجل به
ربما كان مثيراً لروحه حينها لكن لا ينكر أنه بانطفاء فورة المشاعر المحمومة تحول لشئ أخر مناقض لما كان عليه
شئ كان سبباً لحاجز غير مرئي يرتفع بينه وبينها شيئاً فشئ حتى زهدها تماماً
نعم هو الأن يزهد نجلاء بكل ما كان يكنه لها من حب ومن مشاعر حتى أنه يتمنى لو تطلب هي الطلاق حقاً وتخلصه من كاهل وجودها ..
هوة الأفكار التي ابتلعته لم يخرج منها سوى على صوت همستها الباهتة :-
" اتركني الأن يا رأفت "

حاول أن يتحدث من أجل أولاده إلا أن رفعها لكفها تقاطعه في إشارة أنها لا تريد الإستماع لشئ جعله يتنهد صاغراً وهو يتركها ويخرج مستئذناً في الذهاب ...

بعد أن ذهب رأفت دخل عمار مسرعاً إلى والدته يطمأن عليها فهاله الضعف المسيطر عليها وكأنها أخرى ليست أمه !
اقترب منها يحتوي كفيها اللتان تدلكهما بقوة غريبة فاصطدم بارتعاشهم المصحوب بالبرودة وقبل أن يتسنى له الحديث كانت تسقط بين أحضانه فاقدة الوعي !

===================

بعد ساعتين

صف رأفت سيارته أسفل البناية التي تقطن بها داليدا وأسرتها الأن بعدما أصبحت زوجته
في أحد الشقق الخاصة به
زوجته !
كم الكلمة حلوة الوقع على روحه فتحيل سواده الناتج عن زيارته لنجلاء لشئ أخر شديد الحلاوة

نقر على المقود أمامه بشرود وهو يتذكر بشفقه ما حدث قبل أسبوعين وأربك كل مخططاته في النيل بها حين شنت تلك العجوز الشمطاء فضيحتها فاضطرت داليدا صاغرة للموافقة على أن يعقد قرانهم ليلتها !
من وقتها بعد أن جلبهم لهذة الشقة واطمأن عليهم لم يشأ أن يضعها تحت وطأة وجوده في البداية حتى تعتاد فاكتفى بالتواصل معها هاتفياً موفراً لها ما تريد ..
لكن الأن الأمر اختلف !
الان هو يحتاجها ويريد أن يكمل المتبقي من حياته معها كما ينبغي لزوج وزوجة أن يكونوا
هو ليس بالصغير حتى يظن أحدهم أنها نزوة وستمر
داليدا إمرأة حياته التي ينشدها وليتها تفعل المثل وكم سيلبي !
تنهد نازلاً من سيارته وهو ينظر بساعته مفكراً كيف ستتقبل وجوده ثم يغلق سيارته داخلاً إلى البناية حيث وقف الحارس مهللاً لسيده !

بعد عدة دقائق ...
وقف أمام باب الشقة متحيراً هل يدق الجرس أم يدخل بنسخة مفتاحه مباشرةً حتى قررأخيراً أن يستأذن أولاً فهي ليست بمفردها ..
رنة واثنتين وكانت تفتح له الباب بوجهها الجميل تقطب بدهشة وكأنها لم تتوقع زيارته !
لكنها لم تكن مؤهله لها بعد !

لقد كانت تخدع نفسها متغافلة عن ضرورة وجوده الحتمية معها شاغلة نفسها بعائلتها الصغيرة لكن ها هي أكبر مخاوفها تقف أمامها
ضم رأفت حاجبيه متعجباً من وقفتها المتسمرة فابتسم قائلاً :-
" ما بكِ يا داليدا لما تقفين هكذا هل سنظل على الباب كثيراً"

تخضبت وجنتيها الشاحبتين بحمرة راقت له وهي تقول :_

" بالطبع لا ...تفضل إنه بيتك "

خط معها رأفت للداخل يمر بعينيه في الردهة الفارغة متسائلاً :-
" أين أخيكِ وجدك هل هم بخير ؟"

ابتلعت داليدا ريقها محاولة التغلب على حالة الخوف من القادم التي ألمت بها قائلة :-

" نعم هم بخير لكنهم في غرفتهم "

أومأ باستحسان وهو يتقدم حتى جلس برقي على أريكة جانبيه يرمق ملابسها التي ترتديها بشئ من الإعجاب المخلوط بعدم الرضا
إعجاب بها بكينونتها الهشة الرقيقة ..بملامحها الناعمة وجسدها الأنثوي بامتياز رغم ضئالته وزيادة نحافتها هذة الأيام
وعدم رضا لتلك العبائة القطنية التي ترتديها باللون الأصفر بلا ملامح تقريبا تخفي مفاتنها إلى حد كبير وما زاد الأمر بلة لفها لشعرها بطريقة مهملة بشعة ...

نفض رأفت أفكاره متعجباً من وقفتها المرتبكة وهي تضم كفيها لبعضهم دائرة بعينيها في أنحاء الردهة سواه فعزى الأمر أنه ربما خجل وربما لم تعتد عليه بعد !

لذا هو هنا اليوم
داليدا يجب أن تتأهل أنها ستكون زوجتة وحبيبته بكل ما للكلمة من معنى كما يريد
ابتسم بجاذبية يعلم أنه يمتلكها فلطالما حسده أصدقائه على شكله الذي يصغر عمره بسنوات وربت على الأريكة جواره قائلاً :-
" تعالي يا داليدا أريد أن نتحدث سوياً "

حاولت داليدا أن تحبس أنفاسها حتى لا يظهر ذعرها جلياً أمام عينيه فابتسمت باهتزاز وهي تقترب حتى جلست على الأريكة جواره تاركه مسافة بينهم قائلة بصوتها الرقيق :-

" تفضل سيد رأفت "
ابتسم رأفت بعدم رضا رافعاً حاجبيه وهو يقول بسخرية :-
" سيد ؟"
التوتر الذي ظهر على ملامحها أنباه بالتريث فاقترب منها محتوياً كفيها بين كفيه وهو يقول بنبرة شديدة الحنان :-

" حبيبتي لا داعي للخجل ..أنتِ أصبحتِ زوجتي ولا يصح أن تقولي سيد
ثم إن لما كل هذا التوتر البادي على وجهك أنا لا أعض بالمناسبة "
صمت متأملاً محياها الذي يجذبه إليها اليوم بعد الأخر
تلك الفتاة كانت هبة القدر له بعد هذا العمر
ربما لو أخبره أحدهم قبل أعوام أنه قد يقع في الحب مرة أخرى لنعته بالجنون لكن هاهي فعلت وامتلكت قلبه منذ أن رأها
لكنه لو تجاهل مشاعره وأمعن النظر في مشاعرها لثوانٍ لعلم أن شعورها الأن يبعد أميالاً عن شعوره ...
منذ أن أمسك كفيها وهي تحاول الصمود والتغلب على موجة النفور التي اندلعت بجسدها
لم يكن نفور كره أبداً لكنه كان شئ أخر قلبها ليس بقادر على ترجمته
هل تعلم شعور حين يُضع أمامك طعام شهي شديد الحلاوة من المفترض أن تلتهمه لكنك بمجرد أن تقربه من فمك تنتابك موجة غثيان عالية كارهاً حتى الاقتراب منه أو النظر إليه ؟!
لذا كادت أن تبكي فرحاً وهي تشهق دون صوت تعب أنفاسها أخيراً وهي تسحب كفيها منه بسرعة ملحوظة تجاهلها حين أتى صوت جدها منادياً وهو يخطو نحوهم متكئ على عصاه يناظر رأفت بفضول وبالطبع ناسياً من يكون ..

اقترب جدها قاطباً وهو يمعن النظر في رأفت بنظرات فضولية حتى وصل إليه متسائلاً بنبرته الرفيعة التي خطها الشيب مما أصدر ضحكة طفولية من إبراهيم المراقب من بعيد
" من أنت يا ولد ؟"
امتقع وجه داليدا بخجل وهي تسارع الالتفات لرأفت باعتذار ثم قامت تساعد جدها على الجلوس قائلة بعتاب :-
" أي ولد يا جدي إنه السيد ر.."

قاطعها رأفت ناطقاً اسمها بتأنيب فتنحنحت قائلة بتردد :-

"إنه رأفت يا جدي "

مط جدها شفتيه ثم لكزها بعصاه لكزه جعلتها تتأوه فلم يبالي بها وهو يرفع صوته زاعقاً :-

" رأفت من يا بنت أنا لا أعلم أحد بهذا الاسم "

تركها والتفت لرأفت مرة أخرى يدقق النظر به قائلاً :-

" أشعر أني رأيتك من قبل "

ثم قطب لثوانٍ مفكراً وأخيراً نطق قائلاً بنبرة حماسية كمن عثر على ضالته :-
" تذكرتك أنت حسونة بن مدبولي (العجلاتي) كيف حال والدك ؟"
تنهد رأفت بضيق مما يحدث ..ربما الرجل مسلي لا ينكر لكن ما يضايقه هو وقفتها البلهاء تنظر لجدها بتحرج دون أن تنطق بشئ مما جعله يبلل شفتيه قائلاً بنبرة بها شئ من الحزم موجهه لها :-
" أنا رأفت العُليمي زوج داليدا "

لم يرد عليه الجد وقد ذهب في عالمه الشارد مرة أخرى يتحرك من مكانه منادياً على أخيها الذي أسرع بالذهاب إليه وسحبه معه يثرثرون حول قيلولة ما !

تابعت داليدا جدها وأخيها بعينيها حتى اختفوا عن أنظارها ثم التفتت إليه مفسرة نظرة الضيق التي على وجهه إلى ما حدث فهمهمت بتحرج :-
" أنا أسفة لما حدث لكنك تعلم حالة جدي "

صمت رأقت لثوانٍ ثم قال بنبرة ظهر بها ضيقه :-

" أنا لم أتضايق منه يا داليدا إنه مسن وصاحب مرض
أنا تضايقت منكِ أنتِ"

تنهد ثم أردف بشئ من التأنيب :-

"أنا لم أجبرك على هذا الزواج يا داليدا بل أنتِ من وافقتي عليه لكن تسييدك لي وتحرجك من تعريفي لجدك يخالف ذلك "
ترغرغت عينيها بدموع حبيسة وهي تقر بمدى صدقه فهو محق وهو ليس ذنبه بعربدتها الداخلية وما تحمله من أثقال فهمهمت بأسف حزين فجر ينابيع الحنان بداخله وهو يجذبها من كفها ماسحاً وجنتيها ومازال غافلاً عن النفور الملم بروحها يقول برقي جزءاً من كينونته :-

" لا تتأسفي حبيبتي أنا لم أقل ذلك حتى تعتذري "

تنهد محتويا وجهها بين كفيه مفضياً لها النذر مما بداخله :-

" أنا أحتاجك يا داليدا ..ومتمسك بحياتي معك بكل أركانها
وأريدك أيضاً أن تنفضي عنكِ الخجل حتى نعيش حياتنا سوياً كما ينبغي لزوج وزوجه
وانفضي عنكِ الخوف من شئ فأنا لن اتخلى عنك أو عن أهلك "
عضت داليدا باطن خدها شاعرة بطعم الدم الصدأ في محاولة للتغلب على شعورها فلو تركت لنفسها العنان لفرت باكية وصراخها يشق عنان السماء لكن منذ متى وكانت تمتلك رفاهية النظر لنفسها والتعبير عن ما تريد ؟!
ها هي تجني ثمار ذنوبها بخناجر مسمومة تجتث روحها دون شفقة!
نحت هذا الجانب المظلم من تفكيرها ثم تنهدت قائلة بنبرة باهتة يشوبها الرجاء :-

"أنا أعلم بالطبع لكن هل من الممكن أن تصبر علي حتى أطمأن على فيروز بعد عمليتها فهي الأسبوع القادم كما تعلم "

ابتسم رأفت بسمته الحنونة وهو يملس على شعرها قائلاً:-
" بالطبع حبيبتي المهم أن تكوني معي "

====================

الجمعة ..عصراً
أكاديمية ....- مكتب المهندس سعد القيسي

تنحنح سعد مجلياً صوته وهو يسمح لها بالدخول بعد أن نظر في ساعته وأدرك أنه موعدها
ابتسامه داخليه شقت صدره وهو يبصر مشيتها الحييه وهي تلقي السلام عليه ثم تجلس أمامه على الكرسي المقابل للمكتب فسألها مباشرةً مغلقاً على نفسه ورد الشيطان الذي أصبح ملازم لطيفها :-

" أمل أن تكوني اقتنعنتي بأمر الفرضيه ..أظن أنه لا جدال فيه "
أومأت هنا ونيتها الصادقه في ارتداء الحجاب تسيطر عليها فتقول :-
" نعم لقد بحثت طيلة الأسبوع ووجدت أن كل الأحاديث الصحيحة نصت على أن الحجاب الساتر فرض "
" جيد "
قالها بإيجاز منتظراً بقية حديثها والذي لم تتأخر به قائله بحيرة تنبض من خلجاتها :-
" لكن أنا الأن ارتدي زي محتشم "

تنظر لنفسها بعفوية ثم تواصل :-

" عباءة ساترة لجسدي كله ولا يظهر مني سوى شعري لما هكذا لا أكون طبقت مفهوم الستر"

ابتسم سعد حتى ظهرت نواجذه فتضخم قلبها انبهاراً يزداد به وبكينونته يوما بعد يوم مما جعلها تشتت نظرها وهي تسمعه يقول بتساؤل :-
" ماذا لو قلت لكِ صلي الظهر ثلاث ركعات فقط ؟"

قطبت هنا في استنكار وهي تقول :-
" بالطبع لا يصح الظهر أربع ركعات "

أومأ سعد ثم واصل اسئلته قائلاً :-
" ماذا لو قلت لكِ صلي الاربع ركعات لكن دون سجود مثلا هل يصح
ماذا لو كنتِ صائمة فأخبرتك أن تمضغي العلكة فهي ليست طعام أو شراب هل يصح ؟
ماذا لو قلت لكِ أخرجي الصدقات لكن مُني بها على المحتاجين هل يصح ؟
ماذا لو ذهبتِ للحج وقمت بكل الماسك دون صعود عرفات هل تقبل حجتك ؟"

هزت هنا رأسها نفيا وأفكارها تحاول تجميع الخيوط حتى عجزت فسألته ببوادر ضيق :-
" لا أفهم "
ابتسم سعد بجاذبية مهلكة لا تنقصها وهو يحك ذقنه البنيه شارعاً في الشرح لها وصوته ذو الغنه ينسكب على قلبها كشلالاتٍ باردة :-
" يعني أن كل فرض في الاسلام وله أركان إذا قمنا بالخلل في أي منها ففرضنا غير صحيح
مثل الصلاة دون سجود أو التغيير في عدد الركعات
نعم أنتِ شرعتِ في الصلاة لكنكي لم تسجدي هل صلاتك صحيحة ؟
الإجابة هي لا
كذلك الحاج دون عرفات والصيام بالعلكة غير صحيحين وكذلك الصدقة بالمن فهي غير صحيحة لأنها يجب ألا تكون مصحوبة بالمن والأذى
وكذلك الحجاب أركانه الستر الكامل لعورة المرأة وعورة المرأة كل جسدها عدا الوجه والكفين "

" حسنا فهمت "
ابتسم سعد برحمة ونبرته تخرج حنونة رغما عنه فقال :_

"الأمر ليس باليسير ولن يأتي بين يوم وليلة تريثي حتى ترتاح جوارحك "

يتبع بالجزأ الثالث


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-21, 05:43 AM   #109

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 631
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

بعد عدة أيام ...

مكتب خالد البرعي ..

" ما تقولينه جنون يا نور جنون "

زعق بها خالد غاضباً من تلك الجالسة أمامه تبكي ناعته أياه بالنذل لرفضه زواجه منها
لم يتقابلا منذ أن فجرت قنبلتها به على الهاتف حتى تفاجئ بها اليوم في مكتبه
اختض صدر نور بالبكاء ترفع عينيها الحزينيتين له قائله :-

" هل ستتخلى عني ؟ كنت أظن صداقتنا أكبر من هذا يا خالد "
ارتفع حاجبيه بذهول مما تتفوه قائلاً :-

" ها أنتِ قلتيها يا ابنتي صداقة "

تأفف خالد بغضب ثم عاد وأردف بعقلانية لتلك المجنونة أمامه :-
" يا نور أنتِ لا تطلبين الزواج مني حتى من أجل المبدأ بل تفعلينها من أجل الهروب إثر صدمتك في زيجة والدك "

قرصت الدموع عينيها عند ذكر الأمر مرة أخرى فأخفت وجهها بين كفيها وهي تنفجر باكية بنشيج تنقطع له نياط القلوب
ارتسم الأسف على ملامح خالد وقد ألمه قلبه من أجلها فهو يعلم جيداً كيفية وقع خبر زواج والدها على نفسها !
ألم يكن أقرب الناس إليها بالفترة الأخيرة ويعلم كم تحب والدها ومتعلقة به ؟!
ربما صداقته معها غريبة ومدتها ليست بالقصيرة لكنها تأخذ حيزاً بقلبه يثير عاطفة الحنان بداخله من أجلها

كل من يرى نور من الخارج سيظن أنها تافهة وأنانية لا ترى أبعد من نفسها كما كان يفعل هو إلا أنه حين اقترب منها عرفها حقاً
نور قطة شاردة الروح والمأوى تحتاج لمن يحتويها حتى تجد نفسها
قطعة من البازل تأخذ مكاناً خاطئاً فتحتاج من يعيد ترتيبها حتى تستقيم وكم كان مرحباً في أخذ هذا الدور معها منذ أن أخذت علاقتهم حيز الصداقة لكنها الأن تباغته بما لم يفكر به ولم يرد على باله أبداً وهو ليس بالطائش حتى يستمع لجنونها
تنهد بهم وهو يقترب منها حتى جثى على ركبتيه أمامها قائلاً بنبرة مغلفة بالحنان الداعم :-

" اهدئي يا نور ...اهدئي حبيبتي "

وكلمة حبيبتي كلمة دارجة عادةً ما نستخدمها في الدعم والمؤازرة بل وأحياناً للتعبير عن الكراهية لكن في حضرة فتاة كنور مخذولة من رجلها الأول فهي جل ما تحتاج وأكثر من كافية لتغلغل فكرة زواجها منه في عقلها وتجعلها تتشبث بها أكثر لذا ترفع عينين كسيرتين له قائلة بضعف :-

" لا تتركني يا خالد "
" لن أفعل " قالها بثقة متوسماً فيها أنها ربما اعتدلت عن جنونها لكنها صدمته وهي تردف قائلة :-
" أنت قلتها نحن أصدقاء وكثيراً ما تتحول الصداقة لحب "

ترمش بعينيها بتوسل أنثوي وتقول بنبرة وديعة :-
" دعنا نتزوج أنا أحتاجك وسأجعلك تحبني "

ابتلع خالد ريقه بصعوبة وهو يتراجع واقفاً واضعاً أحد كفيه في جيب سرواله قائلاً بضيق :-

" نور أنتِ مشوشة الأن لذا تأحذين قرارات متهورة انتظري حتى تفيقي من صدمتك وبعدها سنتحدث "

والوداعة التي كانت ماثلة أمامه منذ دقائق تبخرت لشئ أخر أشبه بالجنون يعيدها إلى مكانها الطبيعي اللائق بها وهي تهب واقفه على قدميها توازيه في وقفته صارخة بتحفز :-

" هل هذا أخر كلامك يا خالد ؟ أنت تعلنها صريحة أنك ترفض الزواج مني وتتخلى عنى "
" نور افهمي "
لكنها لا تفهم هي الأن لا ترى أبعد من أنها خُذلت من أشد الجبهتين أماناً لها
هزت رأسها بتخاذل ثم تحركت خارجة من المكان لكن قبلاً رمته بما سيهيج عليه ضميره مملياً عليه فروض الرجولة والشهامة
" ربما أنت ترفض يا خالد لكن أظن أن المئات ممن أعرفهم يتمنون
انتظر دعوة زفافي على أحد أصدقائي الحقيقيون وليس المزيفون مثلك "

===================

الأكاديمية

"سعد القيسي رجل تقشعر الأبدان لهيبته رغم هدوئه الظاهر"
جملة سمعتها هنا عرضاً من أحد محاضري الأكاديمية التي أصبحت تعمل بها كمساعدة شخصية لأحد المدراء العرب المقيم في مصر والذي يوازي سعد في مكانته لكن الفرق بينهم هو العمر
فسعد علمت أنه في تخطى الثلاثين بعامين أو ثلاث أما الأخر فربما تعدى منتصف الخمسين..
ربما منذ أن بدأت تتابع سعد وهي تعلم باسم الأكاديمية لكنها لم تكن تدرك أنها بهذا الحجم والشهرة إلا حين بدأت العمل منذ اسبوع تقريباً..
الأكاديمية ليست لتعليم العلوم الشرعية فقط بل لها نشاط في جميع المجالات الخيرية إضافة لتطبيقهم الخاص للتعلم عن بعد مجاناً...
صوت صفير الهاتف جوارها أعقبه صوت الدكتور إيلام الأيوبي مديرها يطلب منها الحضور فتركت ما بيدها وذهبت إليه...
ثوان وكانت تطل عليه ملقيه السلام كما تعودت هنا فابتسم الرجل قائلاً :-
" مرحباً بالهنا "
ابتسمت وهي تتقدم من المكتب ثم تجلس أمامه قائلة :-
"طلبتني يا دكتور "
أومأ الدكتور إيلام قائلاً :-
"نعم صحيح "
مد لها عدة أوراق ثم قال :-
" قومي بإعلان بدأ فتح التسجيل في دورة تعلم فقه النفس الخاصة بي يا هنا مع مد مهلة التسجيل أسبوع أخر من أخر يوم للتسجيل "
أومأت هنا وهي تدون ما طلبه منها فأردف قائلاً وهو يسجل عدة أشياء هو الأخر :-
" سعيد مساعد المهندس سعد من المفترض أنه وصلته التعليمات الجديدة هو الأخر ستقومي أنتِ وهو بالتنسيق سويا بين مواعيد فقراتي ومواعيد فقرات المهندس سعد "
أومأت هنا وهي تحافظ على ثباتها عند ذكر اسمه فأردف الرجل :-
" كما أنه هناك فقرة ستكون بعنوان هاشتاج #جلسات-الإثنين قمنا باستئذان مركز لتمسك بيدي لاقتباسها منهم ضعي في حسابك وقت كافي لها بين الفقرات حتى إذا ردوا علينا بالموافقة "
قطبت هنا رافعه رأسها وهي تسأله بتدقيق :-
" هل حضرتك تقصد مركز (hold my hand) للدكتور شهاب البرعي
أومأ إيلام موافقاً فتسعت ابتسامتها وهي تقول بثقة :-
" بإمكاني التدخل وأجلب منهم الموافقة في أسرع وقت "
رفع إيلام حاجبيه وهو يسألها مبتسماً :-
" يبدو أنكِ لستِ بالهينة سيدة هنا"
ابتسمت هنا وهي تقول بفخر :-
"الأمر ليس هكذا لكن الدكتور شهاب البرعي يكون خالي "
" لا تقوليها معنا هنا في الأكاديمية واسطة للوصول للطبيب الأكثر شهرة في العصر ولا نعلم ؟"
ضحكت هنا قائلة بأريحيه تشعرها مع الرجل الذي بعمر والدها قائلة :-
" أبداً شهاب لا يحتاج إليه واسطة ..صدقاً هو لا يتأخر عن أحد لكن وقته ضيق "
ابتسم إيلام وهو يقول بإجلال :-
" سلامي له كثيراً لقد التقينا من قبل في عدة مؤتمرات ..رجل من ذهب كما يقولون "
دقائق وكانا يخرجان سوياً من غرفة المكتب يثرثران حول شهاب غير داريين بشهابين من نار يحدقان بهم باشتعال عنيف يحترقان ولا يبردان والهمس يعلو بين جنبات روحه مرهقاً فقست عيناه وهو يسلك الممر الأخر معرضاً عن المرور بهم حتى..
قطب إيلام متعجباً من الشرر الذي تطاير من عيني سعد فالتفت لتلك التي شردت عينيها في الطيف العاضب فرفع حاجبه متسائلاً:-
" هل تعرفين المهندس سعد من قبل يا هنا ؟"
ظلت هنا على شرودها لثوانٍ معدودة ثم التفتت له مبللة شفتيها وهي تقول باضطراب :-
" نعم ..لا"
مط إيلام شفتيه قائلاً بتفكه محبب :-
" نعم أم لا "
أطرقت هنا برأسها ثم قالت :-
"ليس معرفة بالمعنى الحرفي لكني طلبت منه أن يقنعني بارتداء الحجاب "
شرد إيلام في في الممر الذي سلكه سعد متعجباً من سماحه لأنثى بالدخول في نطاقه فمنذ أن عرفه وهو يعرف بل الجميع أن سعد القيسي يتعامل مع أي امرأة في أضيق الحدود إذا اضطر لذلك !
هذا الشاب غريب بدرجة غامضة لم يستطع فك شفراتها أبداً ..
عاد بعينيه لهنا ومازالت أفكاره في ربط الأمور تتوالى وهو يرى تعلق عينيها بنفس النقطة إلى الأن !
الفتاة تبدو للأعمى عالقه دون أن تدري أن عينيها الملهوفتان تفضحانها هفواً ورائه ..
لقد ضبطها من قبل عدة مرات لكنه أدركها الأن وعدسة عينيه البصيرية تربطهم سوياً فلا يجد سوى دماراً مشوشاً يؤلم !
لذا عاد ونبهها بندائه عليها فنظرت له بتساؤل ابتسم إثره وهو يقول بغموض مشفق يتبع فيه حدسه لا شئ أخر:-
" حسنا رزقكِ الله إياه ..لكن إياكِ أن يخدعنك حلو الكلام عن شرر النفوس"
قطبت هنا برهبة وهي تهم بسؤاله عن مقصده إلا أنه كان تركها وذهب لمواصلة عمله ..

بعد ساعة ..
وقفت أمام باب مكتبه تقدم قبضتها ثم تؤخرها في الطرق عليه أم لا
لقد كانت أتيه للتنسيق مع مساعده لكن أخبروها أنه أخذ أجازة منذ يومين وستقوم بالتنسيق معه هو !
ضربات قلبها تكاد تصم أذنيها ربما خجلاً وربما ذهواً وربما خوف من مجهول قادم تستشعره لكنها لا تدركه !

أخيراً حبست أنفاسها وهي تطرق الباب طرقة خافته أتاها إثرها صوته المبحوح بنزعة ضيق غير خافية وهو يسمح للطارق بالدخول ..
هل تبالغ لو قالت أنها رغم كل شئ تخاف منه أو بالأدق تهابه؟!
أخرجت أنفاسها المحبوسة وهي تفتح الباب وتدخل عليه ملقيه سلامٌ خافت لم يخفى على أذنيه

القسوة التي أطلت من عينيه فور أن أبصرها جعلتها ترتد خطوة لا إراديه للخلف وشئ من الرهبة قُبض له القلب ..
عينيه بهم شئ من الإحمرار الذي يوشي بدموع لكنها ليست بدموع بكاء إنما دموع غضب وكأنهما تخرجان أشعه من لهب يطالها وإن كانت بعيدة فتنطق بتلعثم :-

" بشمهندس سعد هل أتى في وقت أخر ؟"

اختلاج صوتها بأوتاره المهزوزة كان إذاناً لغيوم عينيه أن تندثر فتحل محلها نظرة عاديه محايدة بعيدة عن نظرة عينيه الرحيمة التي عرفتها فيخرج صوته قاسياً مغلفاً بالجمود وهو يقول :-
" لما ؟..تفضلي هل كنتِ تريدين شئ ؟"

تقدمت هنا وهي تأخذ أنفاسها المتسارعه حتى وقفت أمام مكتبه قائلة ومازال التشوش يلف الأجواء :-

" لقد كنت قادمة للأستاذ سعيد كي أنسق معه المواعيد الجديدة "
أومأ سعد بتفهم وهو يشير لها ببساطة أن تجلس مما جعلها تكاد أن ترفع حاجبيها في ذهول إلا أنها جلست وهي تشرع في شرح الأمر حتى انسجموا سوياً في تنسيق العمل ولم يقاطعهم سوى سؤاله المباغت بنفس النبرة السابقة :-

"هل أنتِ سعيدة بالعمل مع الدكتور إيلام "

لا تعلم لما رفعت رأسها تنظر له رغم غض بصره عنها لكنها وكأن نفسها تبحث عن شئ لا تدركه في وجهه إلا أنها لم تجد شئ فقالت ببساطة :-

" نعم جدا الدكتور إيلام العمل معه محبب للنفس"

ليتها ما نطقت
ليتها ما نطقت وأشعلت الشرر في روحه الهائمة بتخبط منذ أن رأها فيتغلف قلبه بقسوة يكرهها لكنه لا يستطيع السيطرة عليها فيبتسم بتهكم يظهر لعينيها الحائرتين ناعماً وهو يقول :-
" جيد أتمنى لكم إنسجام وتوافق فالدكتور إيلام أستاذ في ذلك "

====================

"اخرسي يا عاليه اخرسي لا أريد أن اسمع كلمة بابا هذة هنا مرة أخرى انسي هذة الكلمة انسيها "

تصرخها ملك بجنون مهتاج في الصغيرة الباكية تطالب بأبيها مما جعل أمها تُسلم من صلاتها سريعاً وتتجه ناحيتهم بالردهه الخارجية للبيت تأخذ الصغير من قبضة ملك التي علمت على ذراع الصغيرة ثم تضمها لصدرها بحنان تحاول تهدئة شهقاتها حتى تحولت شهقاتها لنهنهات طفوليه تُقطع القلب وهي تهمس باسم حسن ..
الفتاة متعلقة به بطريقة غير طبيعية فهو كان يدللها كأميرة
كم يوجعها قلبها على الصغار !
رنت بعينيها لعُدي الجالس صامتاً يبدو ظاهرياً غير مبالي لكن دموع عينيه تشي بمدى تأثره
كم يؤلمها شعور كهذا لصغير عمره سنوات!
حسبي الله !
قبلت عاليه التي كانت هدأت شهقاتها ثم نادت على عدي وأخرجت نقود تعطيها لهم ثم قالت :-

" هيا اخرجوا لتشتروا حلوى من المحل المجاور للبيت وعودوا لتشاهدوا التلفازهيا "

تابعتهم بعينيها حتى خرجوا ثم التفتت غاضبه لابنتها قائلة بنهر :-
"قُطع صوتك قبل أن تخلعي قلب الصغيرة هكذا إن شاءالله
هل تخرجي حرتك منه فيها
هل هذة هي الأمومة يا أم الأثنين ؟"

تلوي صفية شفتيها بانزعاج وهي تجلس على الأريكة عارضة عن ابنتها مواصلة :-
" خسارة بكِ طفلين كالورد مثلهم "

وأحياناً فقط نكون في انتظار كلمة من أحدهم لننفجر باكيين مخرجين كل ما بداخلنا
فانفجرت باكية متكومة على نفسها على أريكة مجاورة مما لوى قلب أمها عليها
الحسرة تأكل قلبها عليها منذ تلك الليلة المشؤمة التي دخلت فيها عليها وشها شاحب كالأموات ناطقه بذهول وكأنها لم تستوعب بعد ما حدث
"أنا تطلقت يا أمي "

صوت بكاؤها عالي الشهقات بدد غضبها رغماً عنها مما جعلها تنتقل جوارها على الأريكة جوارها تشدها لأحضانها بعنف أمومي قائلة بقهر :-
"لا تبكي يا بنت لا تبكي
داعية عليه في كل صلاة هو ووالده ربي يذيقهم من كأس القهر كما ذاق قلبي القهر عليكِ"

" حرق قلبي يا أمي
نار نار تنهش بقلبي يا أمي في كل مرة كنت أراهم سوياً "

تتعالى شهقاتها حتى تغص بها فينخلع قلب أمها وهي تناولها كوب ماء تساعدها في شربه والدموع غزيرة كأمطار ليلة رعدية شديدة الشتاء
" لم أخبرك يا أمي كان ظني أنه سيتراجع أنه سيختارني "

تهذي بجنون وتواصل :-

" لو تشاهديها يا أمي جميلة تبدو كعارضات الأزياء
فلما لا ينبذني
هل تعلمي أني كنت بغرفتي مرة وهي كانت معه بالغرفة الأخرى "

تجعر بصوتها كمريض فتحوا له جرحٍ على الحي بمنطقة شديدة الحساسية وحين حاولوا مداوته كان النزف شديد الغزارة فعلموا أن ليس له التئام !
وقلب الأم يهتاج بل يحترق فالمصاب واحد والقهر واحد
قطعة من قلبها فكيف لا تشعر بشعورها وأكثر لكنها أيضاً يتحكم بها الغيظ من ابنتها فترفعها من شعرها بعنف مترفق قائلة بتعنيف :-
" ولما صبرتِ لما صبرتِ يا غبية
ما الذي غلبك على هذا لما لم تصارحيني ؟
لما خبئتي عني وقلتِ أن الحال انصلح "

تبكي ملك بانهيار أن أوان حصاده وتقول :-
" هددني يا أمي لقد هددني والده بعُدي وعاليه "

وبطيبة امرأة صالحة لم تخرج من قريتها الريفية قط كانت تزجر ابنتها قائلة :-
" وهل هي سائبة يا غبية الأولاد من حقك
ماذا سيفعل هذا البغل يعني ؟"

تبتلع ملك ريقها بشحوب وقد جفت المأقي ودموع القلب جارية :-
" لا أعلم لكني أخاف حتى هذة اللحظة "

ثم تلتفت ورائها متسائلة بذعر :-
" هل عادوا ؟ أين هم يا أمي ؟"

تربت عليها صفية وهي تأخذها لأحضانها مرة أخرى قائلة :-

"لا تخافي إنهم أمام التلفاز "

تعاود ملك الهذيان مرة أخرى وقد بح صوتها من كثرة البكاء :-
" رأيته مره وهو يقبلها من وجنتها بالأسفل
وقتها شعرت وكأنهم أحموا سيخاً وغرزوه بداخل قلبي
ومرة أخرى سمعتها وهي تنطق له حبيبي "

تغص بالبكاء الشاحب وتواصل :-
" زوجي أنا يقال له حبيبي من امرأة أخرى "

"حسبي ربي عليك يا حسن يا بن فاطمة وياسر "

تقولها صفية بقهر متخاذل متجاهلة ذاك النكأ الأمومي بقلبها الذي كان يوما يحمل حباً له كابنها تماماً
هل هذا حسن الذي ضمته لها وعوضته عن ما فقد ؟
هل المال مؤذي هكذا فيكون كنقمه على صاحبه ومن حوله ؟
تعض شفتها ثم تسأل ابنتها بتخاذل واهي :-
" ألم يعترض أبداً ؟
ألم يحاول مراضاتك حتى
لما خطبها ؟
سأجن يا ابنتي من كثرة التفكير "

وعاطفية الأنثى هنا تنسى كل شئ
تنسى خطأها
تنسى سخطه
هي فقط تتذكر فتيل أُشعل باسم أخرى في مرجل أنوثتها فأحال كرامتها أشلاءاً

" يراضيني ؟!"

تقولها باستنكار ساخر ثم تواصل بقهر :-
" السيد أسر الجوهري يراضيني؟

إنه في كل مرة يرى وجهي بها لم يكن يفعل شئ سوى الانتقاص مني أو لومي "

وحسبنة أخرى كانت من نصيب حسن ثم سألتها باهتمام أمومي :-
" وماذا ستفعلين الأن
هل ستظلي جالسة تندبين حظك واضعه يدك على خدك ؟"

" ماذا أفعل يعني ؟"

تسائلت ببهوت امرأة زهدت الحياة فزجرتها أمها بحميه أمومية قائلة :-
" تنفضين عنكِ هذا الرثاء فليذهب هو ووالده بألف داهية
بل فقط ليفكر أحدهم أن يأتي هنا وسأكسر قدمه هل يظنون أن ليس ورائك أحد "

ارتكنت ملك برأسها على كتفها وقلق اخر ينهش قلبها ومازالت أمها تواصل :-

" يجب أن تفيقي ثم تبدأي في البحث عن عمل من أجلك ومن أجل ابنائك حتى لا تحتاجي لأحد "

ابتلعت ملك ريقها بصعوبة وعادت الدموع لتقرص عينيها وهي تنظر لأمها بخزي وكأنها ارتكبت خطيئة فتهمس بتخاذل باكي :-
" لكني أخاف
أخاف أني ربما أكون حامل بطفل ثالث يا أمي "

===================

استيقظ عمر على صوت هاتفه الذي يرن باستمرار فتناوله يرد دون أن يفتح عينيه حتى
جاءه صوت رشاد بن خالته السمج يقول بنبرة قادرة على إطارة النوم من عينه :-

" عموووووووووووور استيقظ يا رجل صار لي ساعة وانا جالس مع خالتي والعصفورة في الخارج "

تجعد جبين عمر من نبرة رشاد العالية إلا أنه سأله بنصف انتباه :-
" ماذا تريد ؟"

" يا عمر أقول لك أنا في بيتكم على بعد متر ونصف من غرفتك اخرج يا رجل اريدك "

أغلق عمر الهاتف في وجهه وهو يسبه ثم انقلب على جانبه حتى أعاد عليه مخه مرة أخرى حديث رشاد مما جعله يجلس نصف جلسة على الفراش متسائلاً :-
" هل قال رشاد أنه بالخارج ؟"

تأفف متجهاً ناحية باب الغرفة بنصف وعي دون أن ينتبه حتى أنه لم يرتدي سترته التي يخلعها عند النوم بل حتى غير متذكر نفسه فقد كان مستيقظ لمدة ثمانية وأربعين ساعة متواصلة بسبب عملية كان قائما عليها للقبض على هاربين ..
خرج من الغرفة شعره الأسود مشعث إثر نومه إحدى عينيه مغلقة والأخرى نصف مفتوحة ولم يفتحهم على اتساعهم سوى على شهقتين
أحدهما ناعمة رقيقة تنثر وقعاً لذيذاً غير مفهوم من نبض القلب
والأخرى مستهجنة مولولة مصحوبة بخبطة على صدر وصوت معنف :-
" هل جننت يا ولد تخرج من الغرفة وأنت خالع ملابسك ؟"

ولد ؟ هل نعتته أمه هو بالولد الأن ؟
ثم يأتي صوت رشاد السمج مترافقاً وهو يقول بتأنيب بارد مثله :-
"خدشت حياء العصفورة وولت هاربة "

ثم يراقص حاجبيه مواصلاً :-
" يا ولد "
لم يعيرهم عمر اهتمام ومازال على نصف وعيه وهو يتجه ناحية المطبخ ليشرب ماء فهو يشعر بعطش شديد دون أن ينتبه لتلك التي ركضت ناحيته فور خروجه..
وفور أن دخل كان نصيبه شهقة أخرى مستفذة مماثلة لسابقتها كانت أهلاً لشياطينه مما جعله يصرخ بها غاضباً :-

" أنتِ ماذا تفعلين هنا ؟"

عضت سنابل شفتها السفلى بحزن رقيق مخلوط بشئ من العجز وهي لا تستطيع الخروج وهو يقف هكذا أمام الباب يسده بعضلاته العجيبه هذة
إلا أن رحمة السماء كانت لها وصوت والدته يأتي من ورائه تدفعه قائلة :-
" تقف كالحائط وتسد الباب على الفتاة ثم تطربنا بنبرة صوتك الخشنة هذة وأخيراً ترفع صوتك على ابنتي
تسحبها خارجة بها لكن قبلاً تفتح البراد المجاور للباب وتتناول زجاجة ماء مثلجة تقذفها عليه فاصطدمت بجبهته ثم التقطها بيده وصوت أمه يقول :-

" أفق يا بن والدك "

بعد ثلث ساعة تقريبا كان قد فاق كليا بعد أن توضأ وصلى ثم خرج لهم مرة أخرى لكن هذة المرة كانت أمه ورشاد فقط هما من يجلسان بالردهة ...
جلس على الكرسي ثم التفت لرشاد قائلاً بجلافة :-

" ما الذي أتى بك ؟"
لوى رشاد شفتيه معه رفعه لأحد حاجبيه ثم قال بتشدق :-

"خالتي قالت أنها طبخت حمام محشو اليوم فقلت لها سأتي فأنت تعلم كم أحب الحمام المحشو يا بن خالتي "

ناظره عمر بقرف قائلاً:-
"ألست متزوج يا رشاد لما لا تاكل ببيتك وتريحنا منك "

لم يرد عليه رشاد إلا أنه مال عليه هامساً وهو يشير بعينيه جهة خالتة قائلاً :-
" أنصحك لا تُسمع خالتي صوتك الآن فنظرة الشر على وجهها تفيد بأنها ستركلنا خارجاً الأن أنا وأنت"

ثم يواصل ببؤس :-
" منك لله يا عمر أفسدت عليا وجبة الحمام وأنا الذي انتهزت فرصة سفر سهام لوالدها "
ضيق عمر حاجبيه ناظراً لأمه المتجهمه ثم عاد وسأل رشاد همساً بغباء :-
" ولما ماذا بها "
مط رشاد شفتيه قائلاً :-
" لا شئ أكثر من أنك خرجت لنا كالبغل من غرفتك "

" احترم نفسك يا رشاد "
لم يعيره رشاد اهتماماً وواصل :-
" وصرخت على العصفورة وخدشت حيائها "

ومرة أخرى يتسائل عمر بغباء :-
" أي عصفورة ؟"
تشدق رشاد قائلاً ببراءة :-
" السنبلة "
تبرم عمر بضيق غير مفهوم وهو ينهض ضارباً ساق رشاد ينزلها من فوق الأخرى ثم اتجه ناحية والدته فهي وصية والده رحمه الله ولا يستطيع إغضابها
جلس عمر جوارها مقبلاً رأسها وهو يقول بتهذيب :-

" حقك على رأسي يا أمي لم أقصد أن يعلو صوتي في وجودك "
ناظرته أمه بنصف عين ثم لكزته بمرفقها في بطنه قائله :-

" لا تناور معي يا بن بطني أنت تعلم جيداً أن هذا ليس سبب غضبي "
لوى عمر شفتيه ثم تنهد قائلاً :-
"أمي صدقيني أنا لم أكن قاصداً أن أزعق بها أنا لم أكن بوعيي بالأساس "
تغرغرت عينا أمه بالدموع قائله :-
" لا تتجبر على البنية يا عمر إننا سنُسئل عليها "
ارتفع حاجبي عمر بذهول قائلاً:-
"أي تجبر يا أمي بحق الله منذ أن أتت ومنذ حديث شهاب الأخير وأنا أعاملها كأختٍ صغرى لي "

حركت أمه كتفيها قائله ثم قالت :-
" حسناً تأسف لها "
"نعم"
"نعم!"

قالها عمر ورشاد في نفس الوقت الأول مستهجناً محذراً والأخر مندهشاً من مدى تعلق خالته بالفتاة ومن طلبها طلب كهذا من ابنها وهي تعرفه جيداً
عمر المتعجرف خشن الطباع يتأسف ؟
ربما ستقوم القيامة
تدخل في الحديث ملطفاً حتى لا يخرج جنون بن خالته مرة أخرى :-
" عمر لم يقصد يا خالتي ... كما أنه كان نائماً"

ثم غير الموضوع مردفاً بشقاوة أضحكت خالته :-

" أين الحمام يا أم عمر أم أذهب لأكل من الشارع داعيا على ابنك "
بعد ربع ساعة على مائدة الطعام ....

عينيه تخونانه كل ثانية من أسفل أهدابه المسبلة ناحيتها وهي تجلس نائيه عنه بقصد واضح وكأنها تتجنب النظر له
لا يعلم لما تضايق حتى من تصرفها هذا لكن شعور بغيض سيطر عليه من فعلتها مما أثار غضبه فجعله يسرع في لك طعامه وكأنه يخرج حِرته به حتى توقف الطعام بحلقه إثر ضحكة صغيرة بالكاد تُسمع بل لولا تكبير أمه عليها لكان كذب نفسه أنه سمعها إثر حديث رشاد الفكاهي مع أمه

" يا سعدك يا هناك يا رشاد العصفورة ضحكت بسببك "

قالها رشاد ضاحكاً ثم فصل نصف حمامة من أمامه وهو يمدها ناحية سنابل قائلاً :-
" إن شاءالله يدهسني قطار إن لم تأخذيها من يدي "

وعمر لا يعلم لما عينيه مركزتين عليها الأن حتى أن وجنتيها المتكورتين تخضبا بالحمرة خجلاً فمدت يدها على إستحياء لرشاد دون أن تتحدث !
هل لو أغرق وجه رشاد في صحن الحساء أمامه سيحدث شئ ؟
مجرد التخيل يثلج صدره مما لا يعلم
لكن يعود وشئ أخر يعود ويثير غضبه
هل هو المنبوذ هنا الأن ماذا فعل يعني ؟

عينيه تلتقطان رغما عنه جلبابها القطني الأصفر الذي ظهر من طوقه الواسع عظمة ترقوتها البيضاء إثر تزحزح وشاحها فتلجم وشعر بالتكبل وهو يغض بصره سريعا تاركاً الطاولة بأكملها دون أن يتحدث متجهاً إلى الشرفة وهو يتسائل مع نفسه بضيق كيف تجعلها أمه ترتدي شئ كهذا في وجود رشاد !
ليلاً
يتقلب في فراشه بعدم راحه ونظرتها الحزينة إثر صريخه عليها اليوم لا تفارق خياله يتبعها صدها عنه طيلة اليوم وكأنها تتجنبه خوفاً من أن يفعلها مرة أخرى !

تأفف بغضب من تمحور تفكيره الغريب عنه لكنه يعود ويبرر لذاته أنه نابع من تجربة الأخوة الجديدة عليه ..

أخوة هشة صغيرة كيمامة مكسورة الجناح تحتاج لمن يأويها حتى تحلق في سربه الأمن خوفاً عليها من تيارات الهواء الغادرة لرقتها

وتأفف أخر كان كفيلاً لخروجه من غرفته بأكملها ينوي النزول إلى الشارع لكنه تفاجئ بها تجلس بالردهة أمام التلفاز شاردة كعادتها وأمه بالمطبخ تفعل شئ ..
كاد أن يتجاهلها ويواصل طريقه لكن دون أن يشعر كانت قدميه تأخذانه ناحيتها وكفه تحك مؤخرة رأسه بارتباك لم يشعر به حتى وربما استنكره فتجاهله!

نحنحه خشنة صدرت منه أخرجتها من شرودها فالتفتت إليه بنظره عابره ثم عادت وأطرقت برأسها مما جعله يقول بخشونة بها شئ من الصلف جعل أمه المراقبه تسبه بتقرف لكنها لم تكن تعلم أن كلامه كان بلا ترتيب بل حتى بلا تفكير أو نية :-
" سنابل أنا لم أقصد صراخي عليكِ اليوم "

يصمت ثوان يحك ذقنه الخشنة ثم يواصل :-

" يعني أنا لا أرى أمامي وأنا مستيقظ من النوم "

يمط شفتيه بتقرف يشبه والدته وكأنه يستهزأ بحديثه فيعود قائلاً بجلافه وغباء جعل والدته تريد ضربه بخفها في ظهره قبل أن يتركها ويواصل طريقه للخارج :-
" أخيراً يعني لا تحزني وتعودي على ذلك حين استيقظ "

انتهى


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-21, 05:45 AM   #110

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 631
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

حبايبي أن شاءالله ده كان آخر فصل في الفصول القديمة
بعد كدا هننزل فصل كل أسبوع
وهيكون معاد مقابلتنا كل يوم أربع الساعة 9 مساءاً بتوقيت مصر إن شاءالله
انتظروا الفصل ١٥ يوم الاربع الجاي أن شاءالله وكل سنة وانتم طيبين بمناسبه الأيام المباركة
وفي انتظار ارائكم وتعليقاتكم وردود فعلكم

amira fetyan likes this.

إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:47 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.