آخر 10 مشاركات
106 ـ صيف في غيتسبرغ ـ بربارا بريتون ع. مدبولي (كتابة / كاملة** ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          إمرأتي و البحر (1) "مميزة و مكتملة " .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          سباستيان...أنيسة (112) للكاتبة: Abby Green (ج3 من سلسلة دماء سيئة) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          عواطف متمردة (64) للكاتبة: لين غراهام (الجزء الأول من سلسلة عرائس متمردات)×كاملة× (الكاتـب : Dalyia - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          فى مهب الريح " متميزة " ... " مكتملة " (الكاتـب : الزينب - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          تنظيف كنب بالخبر (الكاتـب : صابرين المغربى - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1710Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-06-21, 08:57 PM   #11

نينو ن

? العضوٌ??? » 488758
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 13
?  نُقآطِيْ » نينو ن is on a distinguished road
افتراضي


بدايه قويه وجميله

نينو ن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-06-21, 09:22 PM   #12

aber alhya
 
الصورة الرمزية aber alhya

? العضوٌ??? » 456141
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 626
?  نُقآطِيْ » aber alhya is on a distinguished road
افتراضي

ونقول بسم الله وبالتوفيق لاحلى اسراء⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩

aber alhya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-21, 01:25 AM   #13

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 631
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aber alhya مشاهدة المشاركة
ونقول بسم الله وبالتوفيق لاحلى اسراء⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩⁦❤️⁩
عبير قلبي نورتي الدنيا كلها


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-21, 06:02 AM   #14

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 631
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي



وأشرقت_الشمس_بعينيها

الإشراقة الأولى
بعد مرور عامين من الأحداث السابقة ....

بقلوبً أنهكتها الحياة وعاثت براحتها خراباً
بقلوبً تائهة هائمة … لا تعلم من أين السبيل للنجاة
بقلوبً مكلومة لم تعرف للفرح عُنوان
بقلوبً عاقة فاسدة نكأت في غيرها جراحاً
بقلوب بريئة طيبة لم تعرف للشر وجهاً فصدمها ….
نبدأ الحكاية
خرجت سنابل من كُليتها تتأفف بنزق من كثرة الدروس العملية بها
حركت ذراعها بتألم تمُط شفتيها المكتنزتين وهي تتذمر مع نفسها قائلة :_
"يا الله من هذه كلية وبالأخير لن أستفيد منها شئ ..ماذا يعني لو كنت دخلت كُلية الإعلام"

سارت في طريقها مُبرطمة حتى توقفت في موقف سيارات الأجرة التي سرعان ما أتت أحدهما ف أشارت لها وركبت في المقعد الأمامي تنظر من النافذة غير عابئة بمن يجلسون معها في السيارة
تُثرثر مع نفسها همساً بعفوية مُحببة جلبت الابتسامة لمن يجلس بالمقعد المقابل لها ورغماً عنه أخذ يُدقق في تفاصيلها
فتاة صغيرة كل خلية منها تنبض بالنعومة
وجهها الأبيض المستدير كالبدر ، رموشها الطويلة لعينين واسعتين..أنفها المتكور بطريقة مُضحكة ..شفتيها الممطوطتان بإغراء ..جسدها المستدير بقُصر قامتها ترتدي فستان يظهر إغراءه بإحتشام ...
لم يفق من غرق تأمله بها إلا على صوتها الناعم وهي تُخبر السائق أن يتوقف ..
ولا يعلم لما أصابه الإحباط بنزولها وكأنه كان يتمنى لو يطول الطريق رغم أنه أعقبها ونزل هو الآخر بدقائق.

=================

دخلت البيت مبتسمة لصغار أخيها تفُك وِشاحها ليتراخى حول رقبتها لكن صوت والدها الزاعق بها أوقع قلبها بين قدميها وهي تنظر له برعب تحاول أن تفهم ما يقول

"أنتِ يا قليلة الحياء...هل كنتِ تمشين في الشارع هكذا أمام الناس خالعة وشاحِك؟"
بكت بخوف وهي تحاول أن تخلص شعرها من كفه القابض عليه قائلة بنبرة متوسلة خائفة :_
"أقسم يا أبي لتوي خلعته فور أن دخلت المنزل "

نادت على أحد أبناء أخيها قائلة بلهفة :_

"ربيع ألم تراني وأنا أفُك الوشاح فور أن دخلت ؟"

نقل الطفل نظراته بينهم بخوف وأومأ برأسه قائلاً:_

"نعم أنتِ فعلتِ ذلك "

نظر والدها لها وللصغير بتشكك مُمتعَض وأخيراً دفعها ببعض العنف قائلاً :_
"الحقي والدتك بالحقل ذهبت لإطعام المواشي ونست الحبوب غبية مثلك "

أومأت برأسها مسرعة وهي تعيد لف الوشاح كيفما اتفق عائدة أدراجها للخارج مرة أخرى وهي تتناول الكيس على الأرض فهدر بها والدها بتحذير:_

"بنت يا سنابل امشي في طريقك ولا تلتفتين ورائِك...لا تحدثي أحد أيا كان من هو بدلاً من أن أقطع لكٍ رقبتكِ "

أومأت برأسها وهي تخرج من البيت مُسرعة ..باكية بحزن مُتحسرة على حالها
من الذي ستحدثه بحق الله إنها من البيت للكلية ومن الكلية للبيت ..حتى تكوين الصداقات مع الفتيات يحرمونها منها زاعمين أنهم سيفسدون أخلاقها ...

بعد ربع ساعة وصلت إلى حقلهم الصغير داخلة على والدتها بيت الخوص الذي تربى فيه المواشي غير مُنتبهة نهائياً للشرارة الكهربية التي خلفتها ورائها ...

يقف في الأرض الزراعية المقابلة لأرضهم بعد أن بَدّل ملابسه سريعاً يتحدث مع صاحب المحراث الزراعي كي يحرث له أرضه
عينيه جرتا بلهفة غير مُفسرة عليها فور أن أبصرها من بعيد وتعرف عليها
فرح عجيب زار البائس بين جنبات صدره وكأنه لم يرى أنثى في حياته
مما جعله يلتفت للرجل سائلاً بنبرة خشنة مُحاولاً مُداراة لهفته قدر استطاعته :_
" من هذه"
صمت مُغيراً من صيغة سؤاله وهو يقول:_

"لمن هذه الأرض المقابلة يا سيد ..من اشتراها من ربيع أبو الحسن ؟"
نظر الرجل حيث ينظر وهو يقول:_

"لم يشتريها أحد هي مازالت أرض ربيع "

حك ذقته عاقداً حاجبيه يسأل بطريقه متوارية :_

"وأين أبنائه لا أراهم ؟"

عقد الرجل ذراعيه وهو يعدل من وضع عمامته قائلاً بصوته الغليظ:_

"أي أبناء هو ليس له غير الكبير أحمد الذي يعمل في أحد المصانع في مصر الجديدة
وفتاة تُدعى سنابل لم أراها سوى مرات معدودة "

أومأ برأسه شارداً متذوقا الأسم الجميل على لسانه يرنو بعينيه بلهفة علها تطل وتُسقي قلبه المتلهف لرؤيتها مرة أخرى بعجب..
===============

حك سعد القيسي ذقنه البنية الثقيلة وهو يجلس أمام الكاميرا في شقته حيث قام منذ ساعة بفتح بث مباشر لأستقبال اسئلة متابعيه والرد عليهم
ضيق عينيه وهو يقرأ السؤال الذي عليه الدور لأحد الفتيات تسأله :_
"شيخ سعد هل يجوز صيام أيام القضاء وصيام تطوع بنيتين ؟"

دقق في السؤال جيدا ثم قال البسملة وأردف مبتسماً :_

"أنظري يا أختي ليس كل من دعىٰ للدين أصبح شيخ تؤخذ منه الفتوى
الفتوى لأهلها وأنا لستُ أهلاً لها كما أني داعية ديني شاب ولم أرتقي بعد لمنزلة الشيخ
لكن إجابة سؤالك سأقول ما أعلم وعليگِ بمراسلة دار الإفتاء كي تتأكدي
بعض العلماء أجاز بالتشريك في الصيام وهو جمع نية القضاء ونية التطوع في صوم يوم واحد
لكني لا أميل لهذا الرأي ...أفاضل العلماء وكبارهم أشار بعدم جواز جمع نيتين في صوم قضاء أيام رمضان أي تصوميها وحدها بنية واحدة
لكن يجوز جمع نيتين في صوم التطوع أياً كان كأن يُصادف صيام الإثنين يوم عاشوراء فتصوميه بالنيتين ولگِ الأجر والثواب "
دقق في الأسئلة مرة أخرى ليرى السؤال القادم والذي كان :_

"سعد ماذا أفعل كي أنتظم على الصلاة في وقتها ؟"

أومأ سعد برأسه مبتسما وهو يقول بصوته العميق:_

"اجبّر ذاتك فترة لا بأس بها بالقيام والوضوء قبل الأذان وفور أن يؤذِن صلي مباشرةً ولا تُثقل عليها في البداية الأمر سيأتي تدريجياً
أو في الثانية التي يرفع فيها الأذان أترك ما بيدك وصلي ستعلمك حلاوة القرب من الله ثقافة الترك لكل شئٍ عداه "

نظر في ساعته فوجد الوقت مر سريعا استأذن منهم وقام بإغلاق البث
متناولاً هاتفه يتصل على والدته التي أتى صوتها له متلهفاً تقول :_
"سعد يا قلب أمك لما لم تأتي بالأمس؟"

ابتسمت ملامحه الوسيمة ببشاشة وهو يتجة جهة النافذة العريضة المطلة على الشارع وقال بهدوء:_
"معذرةً يا أمي لقد تأخرت في العمل فلم أستطع أن آتي "

لحظات وأتاه صوتها الحنون حزيناً وهي تقول:_

"يا ابني لما لا تأتي وتقيم في بيتك
أيعجبك حالك هكذا يعني وأنت تُقيم وحدك في شقتنا التي هجرناها منذ سنوات"
نظر سعد للشارع أمامه شاردا للحظات ثم تنهد قائلا ً:_

"أمي لقد تحدثنا كثيراً في هذا الأمر تعلمين أني لن أتى وأن راحتي هكذا"
حين أتاه صوتها متخاذلاً وهي تقول قبل أن تغلق معه :_

"على راحتك بُني المهم أنك بخير
أراك لاحقاً"
تأفف بضيق وهو ينظر للهاتف بعدم رضا عن حزنها لكن ماذا عساه يفعل هو مرتاح هكذا بعيداً عن الجميع ليتهم فقط يعلمون ..!!
قبل أن يضع هاتفه في جيب سرواله القطني استرعى انتباهه رسالة مكتوبة وصلته الآن لأحداهن وهي تقول بترجي يتخلل حروفها البسيطة :_
"دكتور سعد أرجوك احتاج مساعدتك في شئ"

=================

امتعض عمار بوجهه وهو يغلق باب غرفته عليه بعد وصلة كبيرة من الوقت يستمع فيها لشكوى والدته المعتادة من والده وانشغاله بعمله وكأنه بالشئ الجديد بحق الله ..
هم منذ أن استقروا بمصر بعد دخول نور الجامعة ووالده لا ينزل مصر سوى مرات معدودة لكن أيضاً لا يفهم ما الذي يؤرق والدته ..
تتحدث وكأنها هي ووالده لا يفترقان ثوان ٍ
منذ أن شبّ على الدنيا وهما على شيئين لا غيرهم
والده كل ما يهمه هو عمله ووجهته المميزة ووالدته نفس الشئ إضافةً أنها تركض وراء رضاء والده الذي لا يبالي بها إلا لُماماً
صحيح لا ينكر أنها لم تهمل به هو ونور على خلاف أخته رنا والذي إلى الآن لا يدرك سر تهربها من كل ما يخصها ..
على ذكر رنا بعقله رفع هاتفه يفتح مكالمة مرئية معها
دقائق وأتته صورتها تحمل طفلتها المشاغبه وهي تقول مبتسمة :_
"ليتني جئت في ذكر مليون جنيهاً كان أفضل "

رجع بظهره على الفراش واضعاً ذراعه أسفل رأسه وهو يقول ضاحكاً:_
"لما كنتِ تذكريني عله خير "

ابتسمت وهي تقبل صغيرتها التي تهلل له مناغية باسمه وقالت :_
"لا تنسى عيد ميلاد حياة إن شاءالله سيكون في بيت أهل شهاب بالبلدة أؤكد عليك لتأتي أنت ونور لأن أمي اعتذرت"

تنهد عمار بعدم رضا وهو ينظر بطرف عينيه جهة الباب ثم ولى اهتمامه لها قائلاً بحنان:_

"بالتأكيد وهل أستطيع التأخر على حياتي الصغيرة ؟"

هللت الصغيرة على ذكر اسمها تقرب وجهها من الشاشة وهي تضع كفها عليها قائلة بنعومة :_
"عمار يجلب شوكولاتة حياة "

ابتسم عمار لكنه قال بمشاكسة وهو ينظر لرنا التي زادتها الأمومة نضجاً:_
"ليجلبها لكِ خالك الآخر الذي خرج لنا كالبخت من العُلبة"

ضحكت رنا قائلة وهي تعدل من وضع حياة بين أحضانها وقالت :_
"لا أعلم ماذا فعل لك أنت وحمزة لتطضهدوه هكذا بحق الله ألا يكفي تغربه"
لوى عمار شفتيه قائلا بتهكم:_
"بل قولي تهربه "
هزت رنا رأسها بمعنى لا فائدة وقالت قبل أن تُغلق معه :_

"حسناً يا سيد عمار ما علينا من حسن لا تنسى أن تأتي مبكراً أنت ونور "
================

عامين مروا دونها وبها
عامين مروا وهو بلا روح يحاول أن يجد نفسه عبثاً
يراها منقوشة على الأوراق...مرسومة على الجدران ...مطبوعة على المرايا ... محفورة في العقل بخنجر من ذهب ..موشومة في القلب بوشم لا يُزاَل
يراها في السيارات السائرة جواره على الطريق ... في النساء العابرات من أمامه...في كل شئ الأبيه تركت بصمتها به وإن لم تمر
سابية احتلته وحين خضع فرَّت هاجرة
هو مازال يذكر آخر حديث بينهم ...آخر جملة بصقتها في وجهه وآخر نظرة مزدرية رمته بها...
نظرة جعلته يقتنع أن لا أمل بينهم ...هو لا يحب الضحك على نفسه نقطة وانتهى السطر
غدي البُرعي حورية قلبه التي سكنت الأعماق ولا مجال لطفوها مرة أخرى
لذا كان أول ما فعله هو الابتعاد تماما عن مُحيطها حتى المكتب سارع بنقل مكانه ..
بسمة زارت شفتيه وهو يلاحظ انطلاق عَلّيٌ ولعبه في الحديقة
عَليٌ الظل الذي قربه يحجب عنه احتراق الأشعة من حوله

تصلبت عضلات جسده بغضب ناري وهو يشعر به يقترب منه بجسده البدين على المقعد المتحرك يضحك ضحكته الكريهه ككل شئ به يقول:_

"لا أعلم ماذا يعجبك في هذا المنغولي "

نفرت عروقه بغضب وهو يصك على أسنانه يرميه بنظرة حارقة هامساً من بين أسنانه المطبقة بتحذير :_

"ابتلع لسانك
قلت لك يمكنني أن أقدرك في كل شئ إلا ثلاث عندهم أنا قادر على إحراقك تعلم ذلك جيداً "

تقابلت النظرات في حربٍ مشتعلة كل منهم يحاول ثبر أغوار الآخر لكن بالأخير شبّك الرجل كفيه قائلا بمُهادنة :_

"حسناً ... حسناً لا تغضب هكذا ... كانت مجرد كلمة ماذا فعلت لي في أوراق صفقة (..........) "
ابتسم أكمل بتهكم وهو يولي اهتمامه ل عَلّيٌ من خلف النافذة مرة أخرى واضعاً كفيه في جيبيّ سرواله وقال :_

"تقصد صفقة الأغذية الفاسدة صحيح ؟"

"ليست فاسدة إننا أعدنا تصنيعها" قالها الرجل بجمود واثق فنظر له بطرف عينيه قائلاً بحسم :_

"تعلم أني لن أفعلها يا بدوي فلا تحاول
قلت لك من قبل فيما يخص الأرواح لن أساعدك "

صوت عَّليٌ الضاحك وهو يدخل عليهم يرتمي عليه بخوف فور أن أبصر الرجل ونظرته له جعل أكمل يحتضنه بقوة رابتاً على رأسه بحنان يأخذه متجهاً إلى الخارج غير عابئاً بنظرات الأخر الحاقدة على هذا الطفل نادماً على عدم التخلص منه فور أن أتى إلى الحياة
أمثال هذا الطفل يجب أن يكونوا في الجنة فلا وجود لهم في دنيا الشياطين ...
بعد أن خرج رفع وجه عَّلي ٌ الخائف له ينظر في عينيه بقوة هامساً:_
"لا تخف يا ولد ...ألم أقل لك من يمسك فقط بسوء أُرديه قتيلاً دون ندم"
لم يبالي علي بكلامه كثيراً وهو يعقد حاجبيه قائلاً :_

"عَلّيٌ...لا يحبه "
ربت أكمل على كتفه وهو يصرف انتباهه ناظراً إلى المبني الصغير المجاور بنفس الحديقة الذي بناه هو لها وهمس مبتسما وهو يغمزه:_
"ما رأيك لو دخلنا للجدة خديجة نرى ماذا تفعل "

ابتسم عَّليٌ وهو يحاول أن يُقلّده في غمزته مما جعل ضحكاته تجلجل عالياً وهو يدخل إلى الرُدهة حيث تجلس دوماً
ضحكاته التي جلبت الفرحة لقلبها وهي تسلم من الصلاة تلتقط منه عَلّيٌ الذي رمى نفسه عليها مهللاً
ابتسم أكمل وهو يتركه لها يجلس على الأريكة سائلاً باهتمام :_
"كيف حالك وحال صحتك اليوم "

بخير يا حبيبي قالتها وهي تلتقط إحدى المعجنات من أمامها تعطيها لعَلّيٌ الذي التهى بها ثم سألته باهتمام :_

"كيف حالك بني ؟"
هز رأسه بلا رد فالتفتت له خديجة قائلة بحذر من إغضابه :_

"ألن تزورها بني ؟"

اختلجت عضلة فكه لا إراديا مرافقة لنغزة قلبه وعينيه اليسرى ترمش لا إراديا ً هامساً باقتضاب:_

"ربما "
تنهدت خديجة بعدم رضا وقلبها مشفق عليه لكنها حاولت مرة أخرى:_
"بني كل يوم تهاتفني باكية تريد أن تراك ألم تشتاق لها أنت بالأخير هي أمك ؟"
"ليس لي أم"
قالها باتراً بغضب وهو ينتفض من مكانه متجهاً إلى الخارج غير عابئاً بمناداتها عليه
كلمته قتلتها هي قتلاً فهي أبدا لن ترقى عنده لهذه المكانة فماذا عن الأخرى
أكمل مهما مرت الشهور والأعوام لن يسامحهم ...لن يسامحهم أبداً...

====================

بعد مرور عدة أيام
"سيد ياسر هذه المرة التي لا أعلم عددها قُمنا بسَد الطريق أمامه"

قالها وائل وهو يرتكن بظهره على المقعد الجلدي فتأفف ياسر قائلاً:_
"رأسه مثل الحجر يا وائل ... منذ عامين وهو يدور بحلقة مفقودة ... أسِد أمامه كل باب حتى يعود لكنه لاييأس"

ابتسم وائل قائلاً:_
"هذا الشبل من ذاك الأسد "
بسمة حنونه زارت ثغر ياسر لكنه عاد وقال بضيق:_

"لكنه لا يرد عليٰ يا وائل ....كل اسبوع أحمد الله اذا لبى مكالمتي مرة "
"العوض في أبنائه إلى أن يأتي علي خير هذة المرة أعتقد أنه سييأس"
ابتسم ياسر وهو ينظر لصورة الصغيرين الموضوعة على المكتب أمامه ثم قال بتذكر:_

"لا تنسى أن تُلغي لي أعمال اليوم المُتأخرة لأني سأذهب لزيارتهم "
أومأ وائل ثم سأله باهتمام :_

"هل مازال يرفض سكنهم معك ؟"

هز ياسر رأسه بعدم رضا وهو يقول بسخط:_

"نعم ...ألم أقل لك رأسه مثل الحجر "

===================

"عُد يا حسن عُد أنت لن تجني شئ من تغربك سوى تسولك في مدن البلدة "
قالها خالد بغضب لحسن الذي يحدثه على الهاتف والذي سرعان ما أتى رده بغضب مُستنكر:_

"أنا أتسوَّل يا خالد!!"
لوى خالد شفتيه بعدم رضا قائلاً بمُصارحة وهو يلف بين المحلات في المول التجاري يحاول اختيار هدية مناسبة لعيد ميلاد حياتهم الصغيرة :_
"نعم كما سمعت يا حسن تسوُّل
قل لي كم عمل ذهبت إليه واستمريت فيه أسبوع واحد
كم مدينة سافرت لها دون فائدة وبالأخير تعمل كبائع في الشوارع وكل هذا حتى لا ترضخ لأبيك وتثبت له أنك ستصنع نفسك دونه أنت تناقض نفسك يا حسن"
صوت أنفاس الآخر المُتعالية لم تردعه وهو يواصل قائلاً:_

"أنت بقرارة نفسك تعلم أن من سهَّل لك السفر هو والدك لكنك تعذبه بالإبتعاد وكأنك تنتشي ببحثه ورائك ومحايلته لك على العودة "
أتاه صوت حسن باهتاً وهو يقول :_
"ألا أستحق!!"
وإن كان يظن أنه سيربت علي روحه مُرسلاً قُبلة على الهاتف يوافقه الرأي فهو مُخطأٍ
حسن لن يجدي معه التربيت والتريث بهذه الشرنقة التي أدخل نفسه بها قصداً ... حسن يستحق بعض القسوة عله يفيق لكنه لا يظن أن يفعل هذا قريباً لذا قال بقسوة :_

"لا يا حسن لا تستحق أنت أناني لا أرى سوى هذا "

" لا تكن هكذا يا خالد"
صوته المتحشرج آلم خالد بعض الشئ لكنه لم يتنازل وهو يواصل قائلاً:_
"ولما يا حسن ؟
هل لأني أصدمك بالحقيقة ؟
أنت لم تحمد الله على منحته لك بعد تخبُط كثير
أنت لا تعبأ سوى بذاتك
أين زوجتك التي تهجرها منذ عامين !
أين صغارك من تفكيرك هل تظن أن بضع مكالمات مرئيه تغنيهم عنك؟
أليس هم عوضك بالحياة كما كنت تتشدق
لن أقول أين أنا لكن أين أختك التي قلت بلسانك أنها لا تنفك عن التلهُف ورائك تترجاك أن تعود "

صَمت حسن المخيم أنبأه بمدى قسوة حديثه فتنحنح قائلا بهدوء قبل أن يغلق معه فيكفي هذا القدر عليه :_

"فَكّر يا حسن
فَكّر وعُد فكلنا نحتاجك ونريدك "

=================

"أستاذة غدي يوجد في الخارج إمرأة تبكي مولولة وتقول أنها تريدك "

قالتها مساعدتها التي دخلت عليها للتو فعقدت غدي حاجبيها بحيرة وشبكت كفيها وهي تقول:_

"حسناً دعيها تدخل "
دقائق وكانت تدخل عليها فتاة أو إمرأة لا تعلم لكنها لا تكبرها بالكثير ترتدي فستان مزركش ووشاح مُهلهَل غير مُحكم ينسدل من أسفله شعر طويل تبكي وهي تقترب منها قائلة باستجداء :_

"أنجديني يا ست الناس لقد سألت وقالوا لن يقدر عليه سوى غدي البُرعي"
دققت غدي النظر فيها بحيرة وهي تنهض واقفة تدور حول مكتبها وسألتها باهتمام :_
"ماذا حدث لكِ ومن هذا الذي سأقدر عليه "

"رفعت عمران حسبي الله ونعم الوكيل به" قالتها المرأة مُولولة وهي ترفع كفيها للسماء غير داريه بوطأ الاسم على الماثلة أمامها
رفعت عمران اسم لم يزُر ذاكرتها منذ الكثير وهي تتحاشى كل ما يخصه بأمر من الجميع ختمه جدها حين وصل الأمر له عن طريق شهاب وهو يدرك أنه الوحيد الذي سيُردعها عن جنونها
رفعت عمران و .....
تنهدت مُطرِقة للأسفل وهي تغلق أفكارها ترفع رأسها للمرأة تسألها بنبرة عملية :_
"ماذا فعل لكِ هذا الخسيس!؟"

ولولوت المرأة باكية وهي تشرح لها من بين شهقات بكاؤها قائلة :_
"لقد كنت أعمل عنده في أحد محلات الملابس الخاصة به ولا أعلم كيف قام بتصويري وانا أُبدّل ملابسي أكثر من مرة
والآن يهددني إن لم أنفذ ما يريد سيفضحني "

"القذر"
همستها غدي بازدراء ثم عادت تسألها باهتمام :_

"الأمر بسيط هو فقط يستغل سذاجتك لكن ماذا يريد"

جلست المرأة على المقعد ورائها ترتشف كوب من الماء بنهم ثم قالت:_
تصوير بعض الفيديوهات وإلا سيقدم ملفات للنيابة" أني أعمل في الدعارة الإلكترونية"
" الحقير ...الحقير " قالتها بغضب وحمية أُنثوية وهي تلف وتجلس وراء مكتبها ثم ناولتها ورقة قائلة:_
"اكتبي لي اسمك وعنوانك ورقم هاتفك وأنا سأتصرف"

تناولت المرأة منها الورقة تخط ما طلبته بلهفه ثم أعادتها لها وهي تستأذنها تتجه إلى الخارج باكية داعية تاركة الأخرى ترتكن برأسها على ظهر مقعدها مغمضة العينين وشريط عقلها يجلب عليها محطة عامين مضوا وأكثر دون ذكر اسمين محددين
رفعت عمران.....وأكمل البدوي
رفعت الذي لم يهمها اختفاؤه كثيراً لأنها هي من ابتعدت عن كل ما يقرب منه وهاهو يظهر من جديد
لكن ما يثير فضولها من فترة لأخرى هو أكمل البدوي
لقد اختفى فجأة دون إنذار حتى أنها سمعت عابراً في المحكمة أنه نقل المكتب إلى مكان ٍ آخر
ترى هل هو مشترك مع رفعت عمران في السعي لتلفيق القضية للفتاة أم ماذا ؟!!
الصُداع أصاب رأسها فمدت كفها تغلق الإنارة من الزر خلفها
ماذا تفعل ؟!!
هل تساعد الفتاة أم ترسلها لأحدهم كي يساعدها ؟!
لكن ماذا إن أرسلتها لأحدهم وغرّقها وغرّق الفتاة بالأمر أكثر لن تسامح نفسها أبداً
لم يعُد أحد مضمون
العالم الآن أدعى أن يجعلك تشُك في أصابع يدك ..

وبالخارج قبل قليل ...
فور أن خرجت من المبنى الذي يقطُن به مكتب غدي البرعي وابتعدت قليلاً
خلعت الوشاح تضعه في حقيبتها وهي ترفع الهاتف لأذنها مبتسمة تقول بغنج:_
"لقد تم الأمر يا باشا كما أردت وأكثر ... الأستاذة الآن اندلعت فيها شرارة حماية الضعيف"..
=================

دارت البيت بأكمله بحثاً عن الأشقياء الصغار حتى وجدتهم أخيراً في غرفتها أمام المرآة
ابتسمت وهي ترى عالية تجلس بدلال على المقعد أمام المرآة وعُدي أمامها يمشط لها شعرها الناعم
يأتي به على جانب وينظر لها مبتسما يسألها بحنان طفولي:_

"هل يعجبك هكذا ؟"
تعبس الصغيرة ماطة شفتيها ..تكتف ذراعيها وهي تهز رأسها نفيا بعدم رضا فيحاول مرة أخرى عبثاً
اقتربت منهم ملك حتى وقفت أمامهم وسألته مبتسمة :_

"ماذا تفعل يا عُدي ؟"

نظر الصغير لها قائلاً بأمل طفولي :_

"أُدللها كما طلب مني (بابا) يا ماما كي يفرح ويأتي لنا"

وعلى آخر الحديث التفتت الصغيرة ترفع رأسها لها بلهفة وهي تقول:_
"هل حقاً حسن سيأتي يا (ماما) ؟"
بسمة خالفت دموع عينيها وهي تسمع نطق ابنتها لأسم أبيها ذات اللدغة في حرف السين فيخرج منها مرققاً لذيذاً

انحنت تربت عليهم بحنان وقالت :_

"ألا تشعرون بالجوع؟"
نظروا لبعضهم وكأن كل منهم يأخذ رأي الآخر ثم نظروا لها مرة أخرى مبتسمين وهم يهزوا رؤوسهم بموافقه فقبلتهم قائلة :_
"حسناً اذهبوا لجدتكم في المطبخ لتطعمكم لقد صنعت لكم المعكرونة والبانية كما تحبون"
ذهبوا راكضين بفرح لكن عُدي عاد وتقهقر وهو ينظر لها سائلاً بحنان:_
"وأنتِ (ماما ) ألن تأكلي معنا"
ضمته ملك لها في حنان وربتت على خده تقول تطمئنه:_

"لقد أكلت يا حبيبي لا تقلق"
ابتسم أخيراً باطمئنان وهو يُقبّل وجنتها ثم ذهب راكضاً مغلقاً الباب خلفه
تمددت على فراشها تحتضن وسادتها سامحة لدموعها أخيراً بالنزول
يارب الناس
عامين مروا على تلك الليلة المُريعة التي تركها بها وسافر
عامين مروا تبدلت شخصيته معها تماما للنقيض
عامين مروا لم يهمس فيهم بكلمة اشتياق واحدة وإن خالفت نظراته ذلك
يتخبط في البلدة التي سافر لها هائماً على وجهه
لا تعلم هل يعاند نفسه أم يعاند ظروفه أم يهرب كما يقول الجميع
تفكر به كل ليلة ...تشتاقه كل دقيقة ...تنتفض كلما تسمع صوته بتمني بائس أن يُسري لها كلمة تُهوّن عليها بُعده لكنه لا يفعل
فقط يهتم بالصغار ويقضي وقتاً طويلا متحدثاً معهم مكتفياً بالسؤال عنها وعن أحوالها في ثوانٍ
منعها بتعنت أن تقبل الشقة التي جلبها لهم والده
كما منعها أن تأخذ منه مالاً
وهذا ما أخفته عنه ....هي تأخذ المال الذي يعطيه لهم والده كلما يأتي في زيارة الصغار
فالمال الذي يرسله لا يفعل شئ ..لا يفعل شئ أبدا ً وهو يعلم ذلك لكنه يعند فقط ..
متى فقط يأتي !!
لقد تشاجرت معه منذ يومين على أمر عودته وأنها لم تعد تتحمل فلم تنل سوى إغلاق الهاتف في وجهها ومن وقتها ولم يحدثها أو يحدث الصغار !!!
سمعت صوت جرس الباب الخارجي لم تعبأ به كثيراً وهي تنقلب على جانبها لكنها سرعان ما انتفضت على صرخة الصغيرين معاً
"بابا لقد أتيت!"
"حسن أتى لعالية"




إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-21, 06:07 AM   #15

manar.m.j

? العضوٌ??? » 425938
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 472
?  نُقآطِيْ » manar.m.j is on a distinguished road
Rewity Smile 2

أحلى كاتبه 😍
واروع روايه حقيقة من أجمل الروايات إلي قريتهن
حبيت الجزء الثاني وحبكته وابطاله ❤️
بانتظار بقية الفصول 💚

remokoko likes this.

manar.m.j غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-21, 06:19 AM   #16

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 631
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي



الإشراقة الثانية

تَنام جواره هانئة تبتسم بخجل وهي لا تُصدق إلى الأن أن حسن عاد لها… كما كان وأكثر
يبدو أنه كان يدخِر شوقه لها طوال العامين حتى لا ينفجر وهي ليست جواره
قبَّلت جبهته وهي تنقلب على ظهرها تنظر للسقف شاردة في تلك الساعات الفائتة وعقلها يستعيدها مراراً فتسكُب على نار قلبها أنهاراً من راحة تكللت بالحب الأبدي بينهم...
صُراخ الصغار بأسمُه الذي جعلها تنتفض من الفراش خارجة من الغرفة مُسمرة مكانها
تُناظره مشدوهة غير مُصدقة وجوده أخيراً أمامها يحتضن الصغار ..
يتشممهُم بوله وهو يُقبلّهم قُبلات عديدة مشتاقة
عالية تتدلل مُتذمرة عن خشونة ذقنه ..
عُدي يُعنفها ويُقبلّها بدلاً منه فتتذمر ليعود ويراضيها مُدللاً
هذا ال عُدي سيكون أعظم شاب ورجُل حين يكبر ..

صيحة والدتها الفرِحة وهي تحتضنه بلهفة أمومية حتى كادت تخنقه
وهو يربت عليها بحنان مُثرثراً بالأشتياق للجميع وأخيراً لقاء عينيهم وهي مازالت مُسمرة مكانها تفتح عينيها على اتساعهم ...لا تصدق وجوده ... حتى اللحظة التي أقترب منها فيها فوشَت ذبذبات جسده وشرارات عينيه عن شوقه الذي يُضاهي شوقها وأكثر
همسته الحنونة وهو يفتح لها ذراعيه :_
"ألن تقتربي يا مَلك ؟"
جعلتها ترمي نفسها عليه باكية ..تحتضنه بحنان يخالف قسوة قبضتها المُعاتبة على ظهره ...
هي وحسن ليسو حكاية حب ...ليسو حكاية زوجين عاديين بينهم حياة أطفال...
هي وحسن حكاية روحين التقوا فتآلفوا ..انجذبوا..فانصهروا حتى باتوا روحٍ واحدةٍ في جسدين
نحنحة والدتها وغيرة عُدي وهو يشد والده عنها جعلهم يتداركوا نفسهم وقد نسوا المكان والزمان فأسرعت هي ووالدتها تسعيان لراحته وإطعامه حتى أتى الليل وأخذت والدتها الصغار بعد نومهم بينهم ليناموا معها
لم يُمهلها حتى الحديث وهو يُذيبها بضراوة شوقه في موجة عشق عاتية أنستها كل كلمة عتاب احتفظت بها له ..

هل كان يدخر كل همسات العشق هذه حتى يُلاقيها ..!!

عضّت شفتها السُفلى بخجل وهي تبتسم بشقاوة مُفكرة
لقد قامت بِعدّ كلمات اشتياقه واحدة واحدة وحفظت مواضعها
"صباح الخير "
همسته المبحوحة جعلتها تلتفت له ناظرة لعينيه حبيبتيها وهي تتذكر تلك الأيام التي طالما تغزّلت بهم فيها فركنت كفها على كتفه هامسة بتساؤل:_
"صباح النور
هل نمت جيداً !!"
ابتسم حسن ودقات قلبه تتقافز فرحاً..مال برأسه لاثماً كفها على كتفه ثم احتضن صدغها هامساً بتحشرج عاطفي وهو يشعُر بشوقه لها يتأجج مرة أخرى:_
"جيداً فقط ؟!
أشعر بعد وصالك أني عُدت إلى نفسي يا مَلك
أنتِ بيتي الذي أهيم كثيرا ً ولا أهنأ سوى بين أركانه
سامحيني "
وقد كانت آخر كلمة قبل أن يُعيد بثها شوقه مُترجياً سماحها مراراً..
======================

إذا كان النهار مُكللاً بالشوق والسعادة فالليل كان النقيض مُلبداً بالغيوم والكآبة وزيارة والده الذي يبدو حسن أنه أسقط جانبه من عقله كي يهنأ بهُدنته وهو معهم
والده الذي جلس معه لنصف ساعة ..أصوات غضبهم المكتومة كانت تصلها من باب الغرفة الموصَد عليهم حتى نادى الرجل عليها لتدخل هي والصغار وفور أن دخلت هبّ واقفاً وهو يقول بهيمنة مسيطرة أوجعت معدتها وهي ترمق وجه حسن الشاحب بتمرد
"لقد اتفقت معه يا ابنتي
سأبعث لكم السائق غداً ليلاً حتى يقلكم عندي حيث ستعيشون "
صمت قليلاً ثم أردف بنبرة جامدة قبل أن يخرج وهو ينظر لأبنه :_
"ابني لن أسمح له أن يعيش بعيداً عني أكثر من ذلك
ابني سيكون في بيته حيث أبيه "
ابتلعت مَلك ريقها بصعوبة وهي تهمس للصغار اللذان ينظران لها بحيرة :_
"اذهبوا لجدتكم هيا "
انتقلت جواره بعد خروج الصغار فأجفلها جسده المتشنج بغضب
همست بصبرٍ مُراضية :_
"حسن انظر لي"
دقائق وكان ينظر لها بتردد فابتسمت بأرتجاف قائلة :_

"لما لا تحاول أن تسمع لوالدك يعني لو ليس من أجلك
إذاً من أجل أبنائك "
الغضب المُشع من عينيه أخافها وهو يقول :_
"أوليس أنا كافي لهم من وجهة نظركِ ..هل زغللت عينيكِ النقود التي كان يُرسلها لكم على الدوام "

أصابها الضيق لكلامه فتنهدت قائلة ببعض الغضب وقد ضاقت ذرعاً من عدم تفهمه :_
"الأمر ليس هكذا يا حسن
أنت تتعب نفسك أكثر من اللازم ...تُفكر أكثر من اللازم... لما لا ترضى بحالك وأنت ذا نسب كما كنت ترضى به وأنت بدونه الرجل والدك ويُريدك جواره لما أنت غاضب لا أفهم "

ابتسم حسن بسُخرية قاسية وهو يقول:_
"يُريدني جواره من أجله يا ملك
هذا رجل رمى ابنته لسنوات وإلى الآن ..أنا بالنسبة إليه المكسب الذي قُدِم له على طبق من ذهب
الوريث الذي كان يتمناه لا أكثر"
لم يعجبها منطقه في الحديث فقالت :_
"حسناً وإن يكن ..أنت أيضاً مستفيد ..ستنفض عن نفسك رداء اللقيط الذي كان يؤرقك
وحقه عليك أن تكون جواره "
انتفض حسن واقفاً بغضب يقول من بين أسنانه :_

"لقيط ..لقيط
أرى أن الأمر كان يؤرقك أنتِ أكثر يا مَلك "
لحقت به مسرعة وهي تقول بنفيٍ صادق :_
"أنا لم أقصد ذلك أنا أبحث عن راحتك ورسو روحك الشريدة يا حسن "
قاطعها حسن وهو يشيح بوجهه قائلاً بجمود :_
"حسناً .. حسناً
لا تُكثرِ في الحديث ... بالأخير سنذهب معه فأرتاحِ "
حاولت أن تتحدث ..أن تشرح له وجهة نظرها فلم يُمهلها وهو يخرج غاضباً من البيت ولم يعُد سوى عِند الصباح..
====================
اليوم التالي ليلاً

ضمتها والدتها بحنان وهي تربت عليها تُطمأنها بالقول :_
"حبيبتي لا تخافِ ..حسن بن أصول لقد أوصيته عليكِ كثيراً وهو لن يخذلك "
تنهدت ملك بهّم وهي تنظر بطرف عينيها نحو فتحة الباب يقف حسن ومعه الأطفال حيث تقبع السيارة التي أرسلها لهم والده لأخذهم لتلك الڤيلا التي سيعيش معهم بها..

عادت ملك بتركيزها لأمها تشرح مخاوفها قائلة :_

"صمته يرعبني يا أمي
عينيه متوقدتان بغضبٍ مكبوت أشعر أنه سيحرق نفسه به قبل أن يحرقنا جميعاً
وهذا العالم الذي سنذهب إليه أخافه ولا أريده لقد فهم كلامي خطأ وأنا أحاول أن أحاورُه في أمر والده "

صمتت والدتها وهمّها لا يقل عن هّم ابنتها بل يزيد ..نغزة سيئة في قلبها تُخبرها بضرورة أن تتمسك بابنتها ولا تتركها لكنها تتعوّذ من الشيطان مُتمسكة بالتفاؤل ومتوسمة في هذا الحسن خيراً ..
قطع أفكارها دخول حسن الذي ابتسم لها بإهتزاز يتعجل مَلك فودّعتها ولحقته وعينيها تُشيعهم مُتمنية !
ليته يبقى حسن على الدوام ولا يلبس جِلد الآسِر أبداً

وجواره بتلك السيارة المهيبة كان صخب دقات قلبها يكاد يصم أذُنيها
تشعر وكأنها طفلة صغيرة يخطفونها من حضن أمها عُنوة
صمته هذا وهو يجلس جوارها ناظراً من النافذة وليس معها يرعبها ويشل أطرافها بالخوف
حسن يُخطط لشئ ولا تدري ماهو عساه فقط لا يجرفها بتيار انتقامه الذي تفوح رائحة فورانه من كل خلية منه وهو يظنها لا تفهم !!...
===================
بعد مرور أسبوعين

دخلت هناء الغرفة على ابنها ياسين ذو السادسة عشر
لم ينظر لها وهو يولي جّل اهتمامه للحاسوب الموضوع أمامه على رُكبتيه وهو جالساً على الفراش
ابتسمت بحنان تحاول أن تكون هادئة كما نصحها راضي وهي تقول:_
"ياسين حبيبي ألن تذهب للدرس؟"
"لا"
مُقتضبة وحازمة باردة ولا مُبالية والتحدي المُبطن يتخلل الحروف أن تعترض
وهي تعبت ..تعبت منه ومن تصرفاته
حاله الذي لا يعجب أحد
تنهدت قائلة في محاولة للثرثرة:_
"حسناً
ماذا يشغلك في الحاسوب هكذا ويجعلك تُهمل الدرس من أجله "
رفع ياسين شفته العليا في حركة لا مبالية وهو يقول دون أن يرفع عينيه لها :_
"لا شئ إنها لُعبة "
نظرت له هناء في حُزن وهي تشعر أنه في وادٍ آخر بعيداً عنها...
فجوة كبيرة تزداد كل يوم بينهم ولا تسطيع مُجاراتها "

وفكرة أمومية طيبة سطعت في عقلها عله يرضى عنها
علها تكون السبب ويتحرج من أن يعترف أو يطلب ما يريد رغم سَد جميع احتياجاته
فتبتسم وهي تتناول كفه قائلة بحماس :_
"هل تريد نقود
هل أزود لك المصروف !!"
ابتسم ياسين بظفر في داخله وهو يحقق لها مرادها أخيراً بأن ترك حاسوبه ينظر لها بأهتمام وبراءة في طريقها للدنس إن لم يفيق
بلل شفتيه وقال بنبرة لا مُبالية مُصطنعة :_
"أنا لن أطلب شئ
إذا كنتِ تريدين تزويده يا أمي فعلى الرحب "

اقتربت هناء منه بفرح وهي تُقبّل وجنته متجهة إلى الخارج تقول بأنتشاء:_
"حسناً حالاً سأجلب لك نقود ومن غداً سيزيد مصروفك يا بطل"
عاد ياسين لحاسوبه بنفس النظرة اللامبالية والإبتسامة تناوش شفتيه
هو قصد ما فعل ...ابتز عاطفة والدته ناحيته
لعِب على وتر الأمومة الذي تسعى أمه لإصلاحه بينهم ولا تعلم أن المقطوع لا يُرمم مرة أخرى..
=================

تممت رنا على وصول كل شئ بالأسفل وجميع الأطعمة والحلويات التي طلبوها جاهزة
تزيين بيت أهل شهاب الذي شارك به شهاب مع خالد وعبد الرحمن وهو يقول لها بحنانه المعهود
"هل لي من بعدك أغلى من حياتي الصغيرة لأفعل لها !!"

صعدت لشقتهم تاركه حياة تلعب مع خالد ..
ألقت نظرة على نفسها في المرآة الكبيرة بالرُدهة الخارجية ثم دخلت الغرفة عليه وهو يُبدّل ملابسه بعد أن أخذ حماماً ترى أن كان يحتاج شئ أم لا
تكللت وجنتيها بالحُمرة القانية ونظراته المُغازلة تُداعبها فابتسمت مُقتربة منه عينيها تلمعان بالإعجاب له في قميصُه القطني باللون الكحلي ..سروال جينز أبيض اللون ..مازال بجواربه لم يرتدي حذائه بعد
ضمها إليه لاثماً وجنتها وهو يقول بحنان :_
"هل كل شئ جاهز يا صغيرة ؟
تريدين شئ!"
أومأت رنا برأسها ثم استطالت على أطراف أصابعها لاثمة جانب فكه هامسة :_
"هل لي أن أتغزّل في مدى وسامتك في عينيّ يا طبيبي!؟"

ابتسم شهاب وهو يضمها إليه هامساً بخشونة :_

"طبيبك شَاب يا صغيرة أي وسامة هذه !"
كشرت بوجهها قائلة باستنكار :_
"لا تقل هذا يا شهاب أنت حتى لم تتعدى السابعة والثلاثون
أراك أصبى من الجميع "
ابتسم شهاب بجاذبية وهو يُشاكسها قائلاً :_

"ألا تلاحظي تلك الشعيرات البيضاء التي بدأت في الظهور وأنتِ تُخللِ أصابعك الناعمة في شعري
أرى أنكِ مولعة به دوماً "
ابتسمت رنا بخجل مطرقة برأسها وهي تلتقط مشاكسته الغير بريئة بالمرة فهمس :_

"طلاء شفتيكِ جذاب لا يعجبني يا صغيرة !"

ضمت رنا حاجبيها قائلة بتذمر:_
"ليته طلاء حتى يا شهاب إنه مجرد مُلمع "
لمعت عينيه وهمس بحرارة وهو يقترب منها :_
"مُلمع حقا !!
لكن مالي أراه يدعوني لمسحه !!"
وقُطعت الدعوة بجرس الباب والطرقات العالية لخالد بصوته العالي وهو يُملي على الصغيرة أن تصرخ مُنادية عليهم

ضحك شهاب وصوت خالد يبتعد فاستدار إليها يسألها بإهتمام :_
"ألن يأتي حسن !؟"
هزت رنا رأسها نفياً بحُزن وهي تقول بإحباط شديد :_
"لا
يقول لي اتركيني استجمع شتات نفسي"
ربت شهاب على وجنتها قائلاً بحنان :_
"اصبرِ عليه حبيبتي ليستوعب وسيأتي بنفسه "

==================

بعد ساعة بالأسفل
حديقة البيت
الجميع وصل ولم يتبقى سوى أنّس وروضة المتأخران على الدوام
ابتسم خالد فور أن أبصرهم أخيراً مُقبلين عليهم فقال بمشاكسة :_
"لقد وصل عصفوريّ الحب "
ضحك أنّس وهو يسلم عليهم جميعاً وشاكسه هو الآخر بالقول :_
"متى تتزوج أنت الآخر وأشمت بك
لن أرحمك صدقني "
رفع خالد كفيه للسماء ضاحكاً وهو يقول:_
"يسمع منك ربنا يا أخي "
عمّت ضحكاتهم فشاكس عبدالرحمن أنّس وهو يغمزه قائلاً:_
"على تأخيرك هذا نأمل أن تكون الهدية قيّمة لا أن تكون كنت عالق في أمرٓ آخر"
ضربه أنّس بقبضتُه في كتفه وهو يقول بإمتعاض مصطنع:_
"أنت وقح
ألا تجدون أحد غيري تتسلون عليه أنت وأخيك الثقيل هذا !!"
هز عبدالرحمن كتفيه مُلعباً حاجبيه بشقاوة وهو يُعدّل من وضع ابنه الصغير على كتفه قائلاً:_
"أنت من سرحت بأفكارك لقد كان مقصدي برئ بشمهندس أنّس "
علىٰ صوت الجد ضاحكا ً يقترب منهم وهو يُعنفهم قائلاً:_

"اتركوا حفيدي الطيب في حاله يا أوغاد"

"حسناً بما أن الجميع حضر وهناء اعتذرت عن القدوم هي وأسرتها هيا لنُطفئ الشمع ونتناول العشاء"
قالها شهاب بصوت عالي وهو ينادي عليهم فاقتربوا جميعاً مُصطّفين...
بعد مرور ساعة أخرى

الكبار جالسين في حلقة كبيرة يتحدثون في مواضيع متعددة

عمار وحمزة يأخذان ركن جانبي وهما يتهامسان حول عدم حضور الأخ الشارد...
عبدالرحمن وشهاب وأنس يثرثران حول أخبار المُباراة
….
رنا وريم وروضة وغدي يتحدثان عن أمور نسائية أشعرت نور بالملل فنهضت باحثة عن حياة الصغيرة

تلك الصغيرة هي تحبها بصورة غير طبيعية أكثر من أختها
جسدها الصغير المكتنز
بشرتها البضة التي تدعو للألتهام
روحها الخفيفة التي تجعلها تضحك دوماً وهي تشاكسها

حين توغلت في الحديقة قليلاً ابتسمت رغماً عنها وهي ترى هذا المدعو خالد ينام على الأرض والصغيرة على صدره مُهللة وهي تتفاعل مع ملاعبته لها
حركت كفها في شعرها القصير بحيرة ثم اقتربت منهم قائلة بتردد:_
"مرحباً "
اعتدل خالد جالساً مكانه وهو يرد عليها بأقتضاب دون أن يوليها اهتمام يُذكر :_
"مرحباً "
طريقته في الرد أثارت حيرتها لكنها لم تعبأ كثيراً وهي تلتقط حياة من بين ذراعيه بجرأة قائلة :_
"ألا ترى أنك تستثأر بالفتاة لنفسك من أول الليلة وكأنها ابنتك !"

رفع خالد حاجبيه بدهشة من حديثها المُستفز فاستقام واقفاً وهو يقول بغيظ:_
"هل مازالتِ تتمتعين بالوقاحة وقلة الذوق !"

ارتدّت نور خطوة للخلف وحديثه يشعل شرارة الغضب عندها فقالت :_
"أرى أن لا أحد غيرك قليل الذوق أن تعاملني هكذا وأنا في بيتك "
رمقها خالد بنظرة مُستهترة وهو يقول قبل أن يتركها ويذهب :_
"لا يهمني وجودك في بيتي أو عدمه يا نور على العكس رؤيتك تجلب لي شعور غير مريح لا أُحبذه"

تركها خالد مُمتقعة الوجه من حديثه الذي ألقاه في وجهها وذهب تتسائل بحيرة عن سبب نفوره الواضح منها !!..
==================

ليلاً
بعد إنتهاء الليلة وذهاب الجميع ..صعود البعض لينام وانسحاب خالد المبكر الذي أثار التساؤلات
اقترب عبدالرحمن بحيرة من الجلسة الصغيرة التي تضم والده وعمه عامر وشهاب وجده
جلس جوار شهاب يسألهم بفضول ما بهم خالد وغدي ؟!
التفت إليه شهاب قائلاً :_
"غدي عمك يقول أنها تشاجرت مع والدتها أما خالد لا أعلم يقول أنه مصاب بالصداع"
مطّ عبدالرحمن شفتيه في عدم فهم لكنه التفت بإهتمام للحديث الدائر بين جده وعمه عامر الذي يقول :_

"يا أبي والدتها تريد مصلحتها لا تنسى أنها مُطلقة "

تنهد محمد والد عبدالرحمن وهو يخبط كفيه ببعضهم قائلاً:_
"لا أصدق أنكم تفتحون الموضوع معها إلى الآن يا عامر ولا تقل مُطلقة
لقد كان مجرد عقد قران وفُسخَت خطبتها "
تأفف عامر وهو يعتدل في جلسته قائلاً :_
"حسناً بيني وبينكم أنا إلى الآن نادم على موافقتها على الطلاق
الشاب لم يكن يعوض كما أنه كان سيقدِر على السيطرة على جموحها قليلاً"
تجاهل شهاب الضيق الذي ينتابه لذكر عمر ثم قال باستنكار وهو ينظر لأخيه الكبير :_
"حقاً يا عامر !!
هل تُربي ابنتك على العنفوان والقوة ثم تبحث عن من يكسرها!"
"لا أقصد ذلك يا شهاب لكن "
قاطعه الجد قائلاً بتشديد وهو يخبط بعصاه على الأرض :_

"أنزِل حديث زوجتك من على أذنيك قليلاً يا عامر "

كتم عبدالرحمن ضحكة كادت تفلت منه على حديث جده الذي يصمت ...يصمت ثم يتحدث بما يُسكِت ألسنتهم جميعاً وها هو يواصل :_
"الشاب لم يكن سئ لا أستطيع أن أقول ذلك لكنه لم يكن يصلح لأبنتك
الطلاق كان سيوافيهم وان أتموا الزواج وانجبوا أطفال "

أومأ شهاب قائلاً:_
"ابنتك كانت تقُص علي دوماً
هي لم تتسرع في أخذ خطوة الطلاق
لكنه لم يترك لها فرصة أخرى ..كل حديثه كان بالأمر والنهي رغم أنه صحيح وحقه لكنه لم يستطع أن يصل لها "

تحدث عبدالرحمن مُلتفتاً إلى عمه وقال :_
"عمر وغدي كانا متشابهان إلى حد كبير يا عمي ..نفس العنفوان والجموح
الغرور في قوة الشخصية والعناد ...كل هذا يجعلهم غير متوافقان بالمرة ..لم تكن هناك نقطة تلاقي بينهم تجعل أحدهم يميل من أجل الآخر ...كل منهم كان مُتعصب لرأيه "

"ولِما وافقت عليه من البداية ؟"

تنهد محمد بعدم رضا وهو يزجُر أخاه قائلاً:_
"وهل كل فتاة توافق على شخص يا عامر يجب أن تتزوجه
لم شُرعّت الخُطبة إذاً
كما أنه بهيبته وقوة شخصيته جذاب لأي فتاة وبالأخص كغدي
خطأه الوحيد أنه أراد السيطرة عليها مُتغافلاً عن كينونتها وذاتها اللتان لا تتنازل عنهم أبدا ً"

"عِرقه الشرقي نقح عليه أكثر من اللازم " قالها عبدالرحمن بمشاكسة فابتسم شهاب والتفت لأخيه قائلاً:_
"نهاية الأمر
أغلق الموضوع مع أم أنّس ولا تضايقوها به ثانيةً أنا معها في أنها تداركت خطأها سريعاً وانفصلت عنه بدلاً من أن كانت تعود لك مُطلقة بطفل "
أومأ الجد برأسه وهو ينهي الحوار أخيراً قائلاً:_

"نصيبها مكتوب لها يا عامر ..اجعل زوجتك تهدأ قليلاً الفتاة مازالت صغيرة وألف من يتمنى حفيدة البُرعي"

أطرق برأسه شارداً في الأرض للحظات ثم طرق بعصاه قائلاً :_
"ابنتك مُهرة جامحة ولن يُخضعها سوى خيّالها "...
==================

على الجانب الآخر بنفس بلدة شهاب
تأففت داليدا بضيق رغماً عنها وصوت جدها العجوز الحاج إسماعيل يأتيها نزقاً من الغرفة الأخرى منادياً عليها للمرة التي لا تعرف عددها خلال الساعة الماضية بصوته الرفيع إثر كِبر العمر الذي في موقف آخر لآثار ضحكها كما الماضي خاصةً بطريقة نطقه للأسم
"يا بنت يا دليلة ...يا فتاة ...ألا يسمعني أحد أبدا ً في هذا البيت "
زجرت الصغار بعينيها على ضحكاتهم الطفولية وخرجت له متجهة إليه وفور أن دخلت عليه سألته بصبر :_

"نعم يا جدي ماذا تريد "
رفع وجهه الصغير ذو التجاعيد ينظر لها بتدقيق لثوان ثم قطب حاجبيه قائلا ً بحدة :_
"أنا ناديت على دليلة ..من أنتِ يا فتاة !!"

"يا الله يا ولي الصابرين "
همستها من عمق قلبها مُتنهدة تنهيدة ألم ثم اقتربت منه مبتسمة تميل عليه بوجهها تقول :_
"ها أنا يا جدي أنا دليلة "
ضيق عينيه لثوانٍ ثم ابتسم فظهرت السنة السفلية الوحيدة عنده وهو يقول بطريقة طفولية أضحكتها رغماً عنها:_

"ها هم عيناكِ الملونتان وريثتا عينا جدتك رحمها الله "

صمت دقيقة ثم قطب ناظرا ً لها بتساؤل جَدي:_

"صحيح أين هي ؟"
رفعت داليدا حاجبيها تسأله بمُجاراة:_
"من ؟"
"جدتك يا فتاة ..أسأل عن من أنا يعني !" قالها بتعنيف فابتسمت داليدا قائلة بحنان:_
"جدتي ماتت يا جدي رحمها الله أنا حتى لم أراها "

أغرورقت عيناه بالدموع وهو يقول بضعف الشيب:_

"صحيح لقد ماتت
ماتت وتركتني هي وأباكِ ولم يعد لي أحد "
سيطرت داليدا على دموعها ترحم شيبُه وجلست جواره على الفراش تربت على كفه المُجعّد ثم قالت:_
"ها أنا وإخوتي معك يا جدي "
هز رأسه بشرود ثم رفعها مرة أخرى قائلا ً بنزق :_

"لما لم تأتي لي بالماء ألم أقل لكِ أنا عطشان ..لما تحبين أن تتعبي قلبي معك
أختك دليلة أفضل منكِ يا فتاة "
ابتسمت داليدا وهي تتناول قنينة الماء من جواره تضعها في كفه فتجرع منها ثم عقد حاجبيه قائلاً بضيق:_

"لما تجلسين جواري هكذا ...انهضي ودعيني أنام هيا "

أطاعته داليدا بعدما عدلت وضع الغطاء الخفيف عليه ثم نهضت مُتجهة ناحية الباب ففزع بها قائلاً :_

"أنتِ يا فتاة أين تذهبين ألم أقل لكِ آشعلِ المشعل على الست ؟"...
ليلاً
تجلس على الأريكة أسفل النافذة مباشرةً في غرفتها هي والصغار
تُحيك المشغولات اليدوية بيدها والتي مصدر دخل لهم يعتمدون عليها بجانب عملها صباحاً في أحد المكاتب الصغيرة
تنظر إلى الليل المخيف خلال شقوق الباب الخشبي للنافذة ولا تجرؤ على فتحها أبداً مثل الأمس البعيد
كتمت شهقات بكاؤها وهي تنظر بعينيها للصغار خشية إيقاظهم ..
شعرها الطويل بلونه البني المائل للأحمر ينسدل جانباً حتى يكاد يلمس آخر الأريكة وهي تنحني على عملها بتدقيق بينما أفكارها هائمة في عامين مضوا
هل توفى والدها حقاً وتركهم بعدما فوجئوا بمرضه ذات ليلة وأنه مصاب بتليف كبدي لم يتحمله لشهور وتوفى تاركاً والدتها التي كانت نزقة منه على الدوام حزينة وضائعة حتى صرعتهم بموتها على بكرة صباح يوم شتوي كئيب لن تنساه ما حيت
هل لهذه الدرجة كانت غير مُبصرة للمسؤولية الشاقة التي كانوا يتحملونها !!
أصبحت هي من تعولهم جميعاً
جدها إسماعيل والد والدها ذو الثمانون عاماً والمصاب بالزهايمر منذ سنوات
وأخواتها الصغار
إبراهيم ذو العشر أعوام ...وفيروز الرقيقة ذا الثامنة

مر عامين على فعلتها التي إلى الآن هي حائرة إن كانت صواب أو خطأ !!
ليتها كانت تعلم بموت والدتها لم تكن لتفعلها أبداً قبلها
هل تلك التخاريف التي تسمعها عن أن الأموات يعلمون بكل شئ عن الأحياء صحيحة !؟
هل تعلم والدتها الآن بمصابها الذي تحملته وحدها دون أن تُعطى لنفسها فرصة النواح حتى كتمت ألمها فتناسته أو نسيته لم تعد تفرق !!
هل تعذرها أم تنقِم عليها أم تهلل فرحاً أنها لم تشهد إذلالها !!

مسحت دموعها الغزيرة وهي تواصل حياكة ذلك المفرش الصوفي في يدها والأفكار تتقاذف تباعاً
ماذا عليها أن تفعل ؟
هل توافق على العمل الجديد المقترح عليها
و تكلم إحدي صديقاتها لإيجاد محل إقامة لها وأسرتها جوار عملها في المحافظة الأخرى حيث العمل
أم ترضى بعملها البسيط الحالي في ذاك المكتب الصغير
لكن الصغار يكبرون وتزداد مصاريفهم
جدها كبير بالعمر ويحتاج للأدوية ....
وعلى ذكر القط يحضر
يعلو صوت جدها منادياً عليها بنزق فتتشتت أفكارها وهي تقفز ذاهبة له حيث غرفته
اقتربت منه تسأله بحنان :_
"ماذا يا جدي هل تريد شئ؟"
يرفع رأسه ككل مرة ناظراً إليها ثم مط شفتيه في حزن وهو يقول:_
"أنتِ يا فتاة لما تهمليني هكذا ..الظهر أذن ولم تطعميني إلى الآن"
ابتسمت داليدا على همها المُضحك والمُبكي في آنٍ واحد ثم قالت:_
"يا جدي الفجر لم يؤذن بعد ...هل أنت جائع أجلب لك طعام "
هز رأسه بموافقة وهو يقول ببراءة الشيب ما جلب الغصة لقلبها ومرارة الفقد لروحها
"نعم هاتِ لي صحن من المتبقي البطاطس التي طبختها أمك على الغداء "
أومأت داليدا برأسها تهاوده ولا تجد في روحها المستطاع للرد إلا أنها قبل أن تخرج كان يزعق بها مرة أخرى معنفاً وقد نساها ونسى الطعام :_

"أغلقي الضوء يا فيروز ولا تلعبي به مرة أخرى وتيقظيني وإلا والله أخبرت دليلة لتضربك على مؤخرتك "

==================

بعد مرور يومين ..العاصمة صباحاً ...
جريدة (. .)

هرج ومرج في الطرقة التي بين المكاتب
أصوات النقاش مُحتدة وعالية حتى خرج الصديقان من مكتبهم كما يطلقون عليهم لعدم افتراقهم
ماريان الأحمدي ...وعمار رأفت الشهيران (بالتوينز )
نظرا إلى بعضهم في حيرة ثم اقتربوا من التجمع الحادث وأعينهم تلمع بالتساؤل وهم يلتقطان جُمل مُبهمة لا يفهمون منها شئ
" دخولها الجريدة معنا سيكون سبق لنا "

"جريدتنا ليست بالصغيرة من الأساس "

"ألم تسمع بآخر مقال كتبته منذ عامين عن قضية المثلية بعنوان "رينبو بلا ألوان "
أنه إلى الآن يُعاد نشره على مواقع التواصل الاجتماعي كل فترة "

"ومقالها الجديد في مجلة ....التي تعاقدت معها مؤخراً ألم تقرأونه لقد أثر بي"
"ما اسمه ؟"

"مِظلة لا ظل لها "
نظرا كل من عمار وماريان إلى بعضهم البعض في حيرة ثم اقتربوا منهم حتى دخلوا وسطهم
اقتربت ماريان من فارس أحد زملائهم بالجريدة وسألته بفضول :_
"عن من تتحدثون .. ومن هذه التي ستأتي لتعمل معنا يا فارس؟"
نظر عمار لفارس بفضول يستمع له وهو يقول لماريان بحماس :_
"إنها سنا الفارس يا مارو الصحفية المشهورة ألم تسمعِ عنها من قبل ؟!
ستأتي وتعمل معنا هنا في الجريدة لفترة "

قطب عمار حاجبيه وهو ينظر لها قائلاً باستذكار :_

"أليست هذه المرأة التي قلتِ لي من قبل أنگِ معجبة بقلمها وتتابعيها أحياناً"
أومأت ماريان برأسها وقد انتقل الحماس لها فقالت :_

"نعم هي لا أصدق أني سأراها على الواقع يا عمار فهي لا تقوم بتنزيل أي صور لها "
التفتت برأسها لفارس وسألته وعينيها تبرقان بالفضول:_

"لقد سمعتك تقول عن مقال يسمى رينبو بلا ألوان لها عما كانت تتحدث فيه ؟"
ردت أميرة إحدى زملائهم وهي تقف جوارها وقالت :_

"هل تذكرِ الفتاة التي كانت تدعو للمثلية منذ عامين ثم انتحرت وثارت الدنيا وقتها
لقد انتظرت فترة بعد مرور الحادث وقامت بتنزيل المقال ..لقد كسّر الدنيا وقتها حتى أن بعض الصحف نقلته مما زاد من شهرتها "
سأل عمار بفضول :_
"أين هو هذا المقال يا فارس ؟"

التفت إليه فارس قائلاً:_
"ربما تجده على المواقع لكن المجلة لم تعد معي...
ما معي الآن هو المقال الأخير مِظلة لا ظل لها لو تريده "

"أنا أريده "
قالتها ماريان بحماس فابتسم فارس قائلاً:_

"حسناً المجلة على مكتبي خذيها لقد قرأته"

بعد ساعتين
يتناولوا الغداء سوياً كأغلب الأيام في أحد المطاعم
سألها عمار بإهتمام :_
"هل أطلب لكِ المزيد من الطعام يا مارون ؟"

هزت رأسها نفيا ً وهي تشاكسه قائلة :_
"لا لكن يمكنني الاستيلاء على صحنك"
ابتسم عمار بشرود فسألته ماريان بقلق :_
"ما بك ؟
أشعر أنك لست بخير "
تنهد عمار بضيق وهو يُريح ظهره على مقعده قائلاً بصراحة غير مشروطة بينهم :_
" كالعادة يا ماريان
أنا أكره عودتي للبيت مساء كل يوم من كثرة الملل والروتين المحيط به
أنا ونور كل منا في وادي ولا استطيع احتوؤها على عكس رنا تماماً"
رتبت ماريان شعرها البني في حركة تلقائية وسألته :_

"ووالدتك هل مازالت هي ووالدك على شجارهم ؟؟"

مطّ عمر شفتيه باسطاً كفيه وهو يقول:_
"الأمر ليس شجار يا ماريان
أشعر أن أمي تجري في طريق مسدود وهذا يؤلمني من أجلها
بابا ظاهرياً غير مقصر
لكنها تسعى خلف نقطة غير ملموسة لا أستطيع تحديدها"

اعتدل في جلسته مستندا بمرفقية على سطح الطاولة مُشبكاً كفيه وهو يستند عليهم بذقنه قائلاً:_
"هل تتخيلي ليلة عودته من السفر ظلت طوال الليل جالسة بالأسفل مستيقظة في انتظاره ولم يصل الا صباحاً بعد استيقاظنا
رغم ذلك شعرت أنه لم يقابل ذلك سوى بالبرود"

ابتسمت ماريان بتعاطف وهي تتناول كفه بين كفيها قائلة بمؤازرة :_
"لا تحمل الدنيا فوق رأسك يا عمار
هذا ليس بالجديد ماذا ستفعل يعني !"
أومأ عمار برأسه وهو يسحب كفه يحك شعره ثم قال:_

"ألن تأتي عيد ميلاد حياتي الصغيرة ؟"

ابتسمت ماريان قائلة بخجل:_
"لا سأخجل ..أي تطفل هذا يا عمار !"
قلّب عمار عينيه قائلاً بجدية :_
"ليس تطفل يا مارون ...رنا تحبك كما أن الجميع يعلم أننا أكثر من أخوة "
جادلته ماريان قائلة :_
"لكن رنا أختك لم نتقابل كثيراً ...كما أني أشعر أن عالمهم مختلف عن عالمنا"
ابتسم عمار قائلاً بتمني:_
"ليتني من هذا العالم "
ثم غير الموضوع قائلاً بإهتمام :_
"هل قرأتِ المقالة ؟"
أومأت ماريان برأسها قائلة بإعجاب واضح وهي تناوله المجلة :_
"بالطبع المقال أكثر من رأئع
خذ أقرأها ونتناقش ليلاً حولها "
====================
ككل يوم منذ أن رأها الساعة الثانية ظهراً
شمس الظهيرة في هذا الوقت من الصيف تضرب في رأسه فتحرقه حرقاً لكنه لا يشعر وحمم قلبه مشتعلة كالبراكين
يقف على أول الشارع الذي تدخل منه ذاهبة إلى الكلية ينتظر خروجها الوشيك
هاهي تطل من آخر الشارع بقامتها القصيرة وقدّها الملفوف بإغراء رغم احتشام ملابسها
وجهها الأبيض المستدير شارداً فيما أمامه وكأنها تائهة
هائمة لا يعلم لما ينتابه هذا الشعور كلما رآها
هل لأنها أول فتاة تصدم قلبه الذي كان يظنه ليس له في تلك الطرق الخاصة بالمشاعر وما شابه
ابتسم بتأكيد وهو يراها تبرم شفتيها المكتنزتين بجاذبية جازماً أنها تُثرثر مع نفسها الآن وكأنه راهن على أن تفعل كما أصبح يحفظ خلجاتها البسيطة من بعيد
تمشى هائمة تُثرثر مع نفسها وكأن لا أحد يمشي بالشارع معها
هذه الفتاة تجذب قلبه ومشاعره بصورة غير طبيعية وغير صحية أبدا ً أبداً
مشاعره تفور وتتفاعل مع رؤياها بدويٍ عجيب هذا وهي بعيدة ماذا لو اقتربت وكانت بين ذراعيه!!
الفكرة نفسها ترفع درجة حرارته وترسل شرارات الأنتعاش في قلبه الذي يهدر الآن بصخبٍ مُطالباً بضمها له
أو لم يضمها بعد ؟
لقد أصبح يرى وجهها في صحوه ومنامه في ليله ونهاره
على الوسادة جواره وهو نائم
في المرآه أمامه صباحاً ... في وجوه الطلبة اللذين يُدرّس لهم
هذه الفتاة يجب أن تكون له
يجب أن تكون إمرأته هو
فور أن وقفت على أول الشارع تنتظر سيارة الأجرة ككل يوم
انتقل إلى نفس الصف يقف قربها بمسافة غير ملحوظة ينتظر وصول السيارة التي ستركبها ليحظى بدقائق جوارها وكم يموت حين لم يحالفه الحظ في مرة ولا يستطع أخذ مكانه جوارها حتى لا يلفت الأنظار..
دقائق وكان يجلس جوارها في الحافلة
طرف عينيه وأذنه مرهفتان لكل شاردة تصدر عنها دون أن يلاحظ أحدهم
الهمسات الرقيقة التي تُثرثر بها مع نفسها تشبه زقزقة العصافير ساعة الفجر وهي تطل على بُكرة الصباح تُخبر الناس بخجل عن استيقاظها
كف يدها البض الذي يتلاعب بالمذكرة دون أن تشعر
خصلة شعرها المنفلته من حجابها المحكم جيدا وكأنها تخشى سقوطه
يا إلهي ...يا إلهي
هو لن يصبر أكثر من ذلك
هو وقع كالدلو في حب تلك الصغيرة وليعنه الله على صبره حتى يجعلها له..
==================

دخلت سنابل البيت بخطواتها الرقيقة تدور في أنحاءه بعينيها بحثاً عن أهل البيت حتى شهقت على زعقة والدتها بها وهي تخرج من أحد الغرف متجهة إلى الغرفة التي يستخدمونها لخبز العيش ترفع فوق رأسها طبق بلاستيكي يبدو أنه طبق عجين
"هل تمشين على بيض يا فتاة
اذهبِ وبدلي ملابسك وتعالي لتساعديني في خَبز العيش
اسرعي يا فتاة وانزعِ برودك هذا "

دخلت سنابل غرفتها البسيطة المكونة من سرير نُحاسي بأعمدة يعود لجدتها المتوفاة التي كانت تشاركها الغرفة
خزانة قديمة باهتة اللون ومرآة مكسورة لكنها تفي بالغرض وهي تلف وشاحها صباحاً
زعقة أخرى بعيدة من والدتها جعلتها تنتفض مُبدلة ملابسها سريعاً وهي تخرج مسرعة إليها
وفور أن دخلت عنفتها أمها قائلة وهي تستقيم واقفة :_

"ستجعليني أموت مرة من برودك يا فتاة "

ثم ناولتها تلك الأداة الخشبية المستديرة التي يستخدمونها في وضع رغيف الخبز عليها قبل دخوله إلى الفرن وقالت :_

"أكملِ أنت ِ
وأنا سأنهِ طبخ الطعام للعمال مع والدك في الحقل وإلا لو أتى ولم يجده جاهزاً سيخرب البيت علينا"

نظرت سنابل حولها بضيق وهي تأخذ موضع والدتها أمام الفرن متمتمة بنزق:_
"بحق الله أكمل ماذا بل قولي سأبدأه يا أمي "

فردت سنابل العجين المكور على الأداة ثم ألقته بالفرن وهي ترفع الغطاء عن أحد الأطباق جوارها ترى إن كان اختمر بقية العجين أم لا
أخرجت سنابل أرغفة الخبز التي نضجت وقامت بتوزيعها على أحد المفارش المُخصصة لذلك وعادت لتعيد الكرة ناظرة للنافذة العالية والمغلقة بحديد أمامها مفكرة بهّم طفولي :_
متى ستخرج من بيت والدها إلى بيت رجل يدللها كما ترى في المسلسلات!!
لوت شفتيها بعدم رضا وهي تواصل تفكيرها الخائف أن يكون حظها مع رجل كوالدها أو أخيها !!
والدها الذي لو طال أن يغلق عليها النوافذ فلا تنظر منها لفعل ...
أخيها الذي لو شرقَت أمامه غصباً يعنفها على قلة حيائها
بئس ههة حياة كانت من نصيبها..
==================

دخل همام بيته الريفي ليلا ً بعد أن أنهى أعماله في الحقل العائد لوالده رحمه الله
فضّل أن يغتسل أولاً وينعش نفسه مبدلاً ملابسه قبل أن يصعد لوالدته في الأعلى
فتح غرفته ذات الباب الخشبي القديم و الأرضية السوداء المثقلة بالأسمنت واتجه جهة الخزانة متناولاً جلباب رجالي وملابس داخلية ثم خرج قاصداً الحمام
بعد نصف ساعة كان يصعد السُلم المماثل لأرضية غرفته حتى وصل للسطح المكون من ثلاث غرف تلك التي كان يطلق عليها قديماً (قاعة / مئعد)
غرفة والدته الحاجة سعاد التي يصدح منها صوت التلفاز عاليا على أحد المسلسلات القديمة الليل وآخره والذي يظن أنها سمعته للمرة المائة ولا تمل منه
والغرفتين الآخرتين
أحدهما كانت لأختيه صباح ورابحة المتزوجتان والأخرى لأخيه الصغير سعيد
طرق باب غرفة والدته التي تجلس على فراشها تُدقق في التلفاز بشغف مضحك وتتدلى ضفيرتيها على الجانبين
اقترب منها مُقبلاً رأسها يقول :_
"كيف حالك يا أم همام؟"
أشرق محيا الحاجة سعاد لرؤيته وهي تشده من جلبابه مُقبلة وجنته الخشنة تربت جوارها علي الفراش له أن يجلس وهي تقول بفطنة وخبث نسائى:_
"أهلاً يا قلب أمك
هات لي ما سبب إشراق هاتين العينين
لا حرمني الله من فرحتهم أبدا "
اضجع همام جوارها على الفراش مبتسماً وعينيه البنيتين تلتمعان قائلاً بصوت أجش جلب الفرح لوالدته :_

"أمي أنا أريد أن أتزوج"
زغردة أقرب للولولة خرجت من والدته دامعة العينين مما أضحكه خاصة وهي تضحك قائلة بخجل:_
"ليتني أجيد الزغردة يا بن بطني لسهرت حتى الصباح أزغرد فرحاً بك "
ابتسم همام فسألته بفضول :_
"وهل اخترت يا ولدي أم أبحث لك أرى في عينيك أن قلبك رسى على ما يريد "
بلل همام شفتيه وهو يقول بجدية :_
"نعم يا أمي هناك فتاة "
صمته وتغضن ملامحه أقلقها فحثته على المواصلة قائلة :_نعم يا ولدي هناك فتاة ثم ماذا ؟"
حكّ همام قفاه الأسمر كلون بشرته ثم أردف بتردد:_
"أخشى أن يرفض أهلها لأنها صغيرة بعض الشئ"

عقدت الحاجة سعاد حاجبيها وهي تسأله بتدقيق :_

"صغيرة كيف
كم عمرها يا بني؟"
" أظن أنها على أعتاب العشرين " نطقها همام بضيق فلوت أمه شفتيها تقول بغيظ منه :_
"لقد أوقعت قلبي يا همام
عشرين أي أنها ما شاءالله عروس "

"أمي أنا في بداية الثانية والثلاثون لا تنسي"

برقت عينا والدته بغيظ منه ووكزته في ركبته قائلة :_

"وماذا فيها يعني والدك رحمه الله كان يكبرني بخمسة عشر سنة "
نظر لها همام بأمل متشكك فزجرته بعينيها قائلة بفخر أمومي:_
"أزل هذه النقطة من رأسك يا همام
سيدة الفتيات كلهم تتمنى نظرة منك "
صمتت لحظات ثم أردفت بتساؤل:_
"هل هي طالبة عندك في المدرسة الثانوية التي تعمل بها أم ماذا"
هز همام رأسه نفيا قائلا:_
"لا أنها طالبة بكلية التربية النوعية كما أنها من بلدتنا هنا ربما أنتِ تعرفيهم "
شعّ الفضول من عيني الحاجة سعاد فسألته بحماس:_

"ابنة من هذة يا حبيبي؟"

"ابنة ربيع أبو الحكم "
شردت ملامح الحاجة سعاد بتدقيق ثم قالت أخيراً:_

"نعم أعرفهم لكن يا ابني"
انطفاء ملامحه أحزنها فأسرعت قائلة :_
"لا تخف هم ليس عليهم شئ
لكن ربيع هذا والدك كان دوماً يقول عنه رجل اتقاء شره أفضل من نفحة خيره
● كما أن تربيته للفتاة مُغلقة كما سمعت"

أسرع همام يقول بلهفة:_
"لا يهم يا أمي ...نفتحها نحن على أيدينا "

ابتسمت والدته ببشاشة وهي تقول بفرح:_
"إذا هي لك يا بن بطني
لن أكون سعاد إن لم أزوجها لك "

انتهى


[b][/color][/font][size][/size]


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-21, 06:25 AM   #17

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 631
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

الإشراقة الثالثة

"سيد رفعت هناك سيدة في الخارج تريد مقابلتك "

قالتها رزان مديرة مكتب رفعت وهي تقف أمام مكتبه تنتظر انتباهه لها ورده عليها والذي أتى أخيراً وهو يرفع نظره عن حاسوبه يناظرها بنظرته الغامضة التى تثير الرهبة في نفسها منذ أن عملت معه رغم توافقهم الفكري فهو اختارها بحِرفية شديدة لكن يبقى الحذر !
صوته الثقيل أتى أخيراً وهو يسألها بإهتمام:_

"من هذه التي أتت بثقة هكذا دون موعد
وكيف سمح لها الأمن بالدخول !؟"
ابتسمت رزان وهي تستعيد منظر المرأة في الخارج والذي يجعل الأمن يخرجون ألسنتهم دون سؤالها من هي وإلى أين تذهب
ابتسامتها جعلته يُضيق عينه اليسرى في تساؤل فتحنحت رزان قائلة :_
"تقول أنها تُدعى أستاذة غدي البرعي"

لمعت عينا رفعت بدهشة و الإسم الذي لم يسمعه منذ عامين يطرق مداخل عقله بصورة متفجرة الأنوثة فسرت له ابتسامة رزان
لكن ما الذي يجعل غدي البُرعي تخطو جهة عُشه من جديد
هل جنت ؟!
أم تُرى العصفورة الصغيرة أعجبها وكر الكبار أخيراً وجائت لتعبث به
يبدو أن الأيام القادمة ستحمل له تسلية كبيرة يحتاجها و...
ومتعة!!
عاد رفعت بنظراته لرزان وهو يبتسم بنعومة يرفع صوته قليلاً قائلاً :_
"الأستاذة غدي لا تحتاج الاستئذان يا رزان دعيها تدخل فوراً"

غمزته رزان بمجاراة وهي تومئ برأسها متجهة للخارج بخطواتها الأنثوية الأنيقة حتى فتحت الباب تبتسم لها بعملية مشيرة بأحد كفيها جهة الباب وهي تقول :_

"تفضلي
السيد رفعت في انتظارك "
شمخت غدي بأنفها وهي تتعداها تخطو بحذائها الأسود ذو الكعب العالي إلى غرفة المكتب
رائحة عطرها الفواح تسبقها إلى مقعد الجالس أمامها على مكتبه بترقب سرعان ما انقلب لإعجاب ذكوري شُهواني وهو يلتهمها بنظراته النهمة التي أثارت تحفزها ونفورها أكثر والتي مهما بلغ ذكاء حدثها الأنثوي لن تدرك فحوى فجورها أبدا ً..!!
تقترب بخطواتها المُسيطرة وهي ترتدي سُترة جلدية مفتوحة باللون الأسود بالكاد تصل لحافة سروالها الجينز الرمادي الذي يحتضن ساقيها الملفوفتان بإغراء
أسفلها بلوزة بيضاء قطنية تحتضن جذعها الناعم مُظهرة مدى فتنتها دون ياقة أظهرت عن عنقها البض أسفل حجابها الأحمر ..
لقد بدت أكثر من جميلة ...فاتنة ... إمرأة تلعب بأنوثتها على أوتار ذكورة أي رجل
وهو رجل مُقدر للأنوثة... جائع على الدوام وما من امرأة قادرة على إشباعه قدر هذه الفتنة المغوية بجسد ملفوف بمقاسات فائرة لا يدري أهي من خلق الطبيعية أم تلك العمليات التجميلية المعروفة..
لا يهم
غدي البُرعي عادت من جديد تخطو أولى خطواتها بالقرب منه وهو لن يضيع عليه فرصة كهذه
لطالما أعجبته تلك المرأة بجرأتها وعدم خوفها...بجمالها وأنوثتها
لقد تركها مرة مرغماً بسبب ياسر الجوهري لكن هذه المرة لن يفعل وبالأخص هي من تريد!!

تملمُلها الملحوظ جعله يرفع حاجبيه وهو يقول :_
"غدي البُرعي بنفسها هنا في مكتبي بعد مرور عامين من عدم اللقاء يا لحظي"
لم تُعير غدي حديثه التافه اهتمام ورُكن ..فقط رُكن ضئيل متواري بقلبها أشعرها بالندم على خطوتها هذه لكنها لم تلتفت له كثيراً وهي تجلس على المقعد أمامه قائلة مباشرة ً :_

"سلسلة محلات......خاصتك يا سيد رفعت أليس كذلك ؟!"
ويبدو أن حديثها باغته وهو يقطب جبينه للوهلة الأولى ثم سألها بدهشة :_
"بالتأكيد عليها اللوجو الخاص بي في كل أعمالي إذا هي خاصتي"
أرادت غدى أن تقول بتهكم:_
"هل في كل أعمالك صحيح ..حتى المتواري القذر منها "

لكنها كبحت رغبتها وهذا الركن الخفي بقلبها يحذرها بدقات غير منتظمة أن تتوغل هذه المنطقة خاصة وهو يلف حول مكتبه يقترب منها حتى وقف أمامها مباشرةً يستند بجانب فخذُه على حافة مكتبه مما أصابها بالأختناق لكنها لم تُرِد إظهار ذلك وهي تواصل بقوة لامبالية مثيرة للإعجاب:_
"حسنا بفرع .... توجد إمرأة تعمل معك تُدعى ... "
وهاهي تباغته للمرة الثانية
مالها هي وسلاسل المحلات الخاصة به أو العاملات عنده !!
ألم تأتي من أجل العمل معه أو حتى زرع مخالب لها على يديه تليق بمحامية ذات عنفوان مثلها بدلاً من مخالبها والتي مهما صبغتها بالقوة تظل ناعمة !!
ضيق رفعت عينيه وحسه العملي يخبره أن القادم لن يعجبه فأمال لها وجهه دون أن يتزحزح من موضعه منتظراً إسترسالها والذي أتى سريعا وكأنها تلفظ الحديث لا تنطقه بنبرة متأججه بالغضب :_

"لا تدعي وجه البراءة هذا يا سيد رفعت تلك السيدة التي هددتها إن لم تعمل معك في أعمالك القذرة ستفضحها "

كلماتها أشعلت فتيل غضبة فضرب بكفيه على جانبي مقعدها وهو يقرب رأسه منها قائلا من بين أسنانه بتحذير يفوح منه الشر :_
هل جننتِ وأتيتِ لتلعبِ معي وتحدثيني بالألغاز
هل تظنين نفسك شجاعة بالقدر الكافي ها!؟
هل خيالك الأحمق يصور لكِ أن ياسر الجوهري سيرحمك من تحت يدي كما فعلها من قبل من أجل ابنته ها !؟"

فحيح أنفاسه القميئة بالقرب منها ..إضافةً إلى خضار عينيه المشتعلين بمراجل من نيران هوجاء مرعبتين لها
مهما ادعت العكس إلا أنها أدركت الآن فداحة ما فعلت بتهورها فهبت واقفة وهي تدفعه بكفيها في صدره بغباء ألهب مشاعره مما جعله يقبض على ذراعها قبضة اعتصرت قلبها رغما عنها والخوف يدب في أوصالها بإقترابه هذا
إلا أنها أبت على نفسها الهزيمة !!
أبت على كرامتها الجُبن وليتها فعلت
أبت على روحها الخضوع فنفضت ذراعه بقوة وهي تتراجع خطوة للوراء تحاول أن تصبغ كلامها بنبرة ديموقراطية حتى تخرج من هنا بسلام مقررة بسذاجة ألا تعود !

"حسناً سيد رفعت فقط الفتاة أتت لي طالبة المساعدة باكية على مساومتك لها وأنا لا أرد محتاج ضعيف
وأنت يبدو أنني لن أصل معك لحل ودي في الأمر
إذا أنا أنسحب من هذا اللقاء"
ضحك رفعت ضحكة متهكمة وهي يناظرها بإستهانة أغضبتها لكنها كبتت غضبها وهي تؤثِر سلامتها تستمع إليه بكره وهو يقول بسخرية:_
"إذاً رفعت عمران
غدي البُرعي تهدده "
أنهى حديثه وهو يضم إبهامه وسبابته في حركة ضئيلة مشيراً لها مما جعلها ترميه بنظرة احتقار وهي تُسرع خارجة من المكتب ظانه أنها خرجت بكامل حريتها وقوتها التي لن يستطيع المساس بها !!
لكنه هو
هو من تركها تخرج بإرادته وهو يحاول تجميع الخيوط حتى يصل إلى سبب زيارتها الحقيقي
هو لا يعرف شئ عن الفتاة التي تتحدث عنها بل هو لا يعرف العاملين عنده خارج الشركة
الأمر كله موكل لمدير أعماله
هل تظن غدي البُرعي بسذاجتها أنها توقعه بفخ مثلاً
وما الذي ذكرها به من جديد!!
====================
خرجت غدي من باب مكتبه مُسرعة بخطواتها وكأنها خرجت من قعر الجحيم للتو
روحها تهفو تسابق خطواتها للخلاص من ضيق المكان الواسع بالأساس
رأسها في دوامة من الضجيج تجعلها تكاد تفقد وعيها وجنتيها المكتنزتان شديدتي السخونة من كثرة ما يمُج داخلها من الغضب
غضب كان موجه لنفسها قبل أن يكون لأحد
أشارت لأول سيارة أجرة أبصرتها وهي تحشر نفسها في المقعد الخلفي فور أن توقفت أمامها
فتحت النافذة بنفاذ صبر وهي تشهق عدة شهقات مكتومة دون صوت تحرر فيها أنفاسها المحبوسة منذ أول اللقاء الأسود
نفسها الأنثوية تصدمها أخيراً باعتراف صعب بوحه على روحها بأنها أخطأت
أنها لم يكن يجب أن تظهر أمام رفعت عمران مرة أخرى
أنها فرضاً أن شجاعتها غلبتها وروحها القوية أبت على إمراة ضعيفة القهر فكان يجب أن تتخذ الإجراءات القانونية
ماذا دهاها لتذهب لرفعت عمران
تغمض عينيها بقوة وهي تهز رأسها نفياً وكأنها تنفض عن نفسها ذكرى ما فعلت
رباه
رباه
لن تنسى ما حييت نظراته المُهينة التي جردتها ببشاعة نظراته...
لن تنسى التوعد الوقح في عينيه الخطيرتين أبدا ً
لكن يمُت الزمار وأصابعه تلعب !
لحظة الذنب والخوف تنقشع سريعاً مع تواري نطاق المبنى خاصته وكأن هذا يعني تواريه هو شخصياً في أحلامها إن شاءالله
روحها العنيدة تطفو وعينيها تلمعان بتوعد ساذج جعل سائق السيارة الذي يراقبها منذ أن ركبت يهمس بينه وبين نفسه بقرف وهو يلوي شفتيه يركز في طريقه
"هذه الفتاة إما مجنونة ...وإما مجنونة ...لا خيار ثالث
رحمنا الله من هذه البلاوي التي تُقذف علينا "
وبمكانها كانت تبتسم بظفر وصورة وسيمة لملامح خشنة ورأس متحجر تلمع برأسها
صحيح أنهم انفصلوا لكن نزاهة عمر العملية ستجعله يساعدها هي متأكدة من ذلك !!

======================

وبالمدينة الأخرى كان يجلس على كُرسيه في الشُرفة ينظر إلى هاتفه برضا
يضحك ضحكة من يسمعها يعجب من مدى خبثها بسنوات عمره المتسخة بأفعاله القذرة
وكأن العمر بين كفيه فليمرح ما شاء من الشر و الدناءة دون مبالاة بقرب انتهاؤه
يهز رأسه وهو يعود بعينيه للشارع وقد نال ما أراد منتظراً خطوة أكمل
لقد تم تنفيذ كل شئ بحِرفية كما أراد
أرسل الفتاة لغدي البُرعي كي توقعها مع رفعت عمران
رفعت عمران الذي عاد لعشه كالجرو حين فكر بغباء اللعب مع ياسر الجوهري يوماً
ومن حظ الفتاة أنها كانت طرفاً حينها فنالتها حماية الجوهري
لكن الآن هي وحدها
لقد سلمها لرفعت على طبق من ذهب حتى يستطيع مساومة أكمل جيدا للعودة لجلبابه !!
أكمل الذي يذوي مبتعدا ً عنه تدريجيا منذ سنوات كصغير فتح عينيه البريئتين فجأة في عالم الكبار فتلوثوا
وهو لا يريد إغماضه مرة أخرى !
وعلى ذكر السنوات يذكر وجه طفولي قمئ بعينين مستديرتين هو كَرتُه الرابح مع أكمل لكنه لا يستطيع اللعب به الآن فليبقى بكفة غدي البُرعي
وجه صغير مُنفر كان الأداة التي تقطع حبل الود بينه وبين ابنه يوماً عن يوم منذ أن طلّ للدنيا
سيظل يندم ما حيا على عدم تخلصه من هذا الطفل كما فعل مع من سبقوه !!
كيف تركه على قيد الحياة !!
كيف ظن أنه محض مُعاق لن يؤثر في قلب ابنه الذي حقنه بالقسوة منذ الصغر
خبط على حافة كرسيه وهو يُنحي ذكر المُعاق جانبا ً حتى لا تعكر عليه صفو أفكاره
من المفترض أن الصور وصلت أكمل الآن وربما رآها أو على وشك أن يفعل
وحينها !!
حينها فقط لكل حادثٍ حديث حين يلجأ له..
===================

أخذت نور حماما ً أنعشت به جسدها
خلعت مإزر الحمام وارتدت منامة قطنية رمادية اللون بنصفي كُم
وقفت أمام المرآة تقوم بروتينها الليلي من كريمات ومرطبات بعد أن جففت شعرها القصير
مزاجها نزق ومنقلب منذ أن عاملها هذا السمج بطريقة وقحة يوم عيد مولد حياة الصغيرة
من أعطاه الحق ليقل ذوقه عليها هكذا ألا يرى نفسه هذا التافه !؟
تأففت بضيق وهي تعترف أن الأمر أخذ مساحة فكرية من عقلها أكثر من ما يستحق
ففتحت هاتفها عالياً على الأغاني الأجنبية التي مهووسة بها على الدوام
جلست على كرسي الزينة وهي تضع طلاء أظافر لكفيها وشفتيها تُدندن مع الأغنية التي تحفظها عن ظهر قلب
لكن دخول عمار المفاجئ قطع عليها استجمامها فعنفته قائلة :_

"ما طريقة دخول المخبرين هذه يا عمار لما لم تطرق الباب"

اقترب عمار منها يطفأ صوت الهاتف قائلاً بسخرية :_

"لقد سمع الجيران طرقي وأنتِ لم تسمعي "

ضحكت نور بلامبالاة وهي تسأله :_
"حسناً ماذا تريد ؟"
جلس عمار أمامها قائلاً :_
"رنا هاتفتني منذ قليل تقول أنهم سيسافرون دهب مصيف أسبوعين مع عائلة شهاب ودَعَتنا لنذهب معهم "

التفتت إليه نور تسأله بفضول :_
"هل ماما ستأتي؟"
رفع عمار حاجبه قائلاً ً:_
"بالطبع لا
كما أن العزيمة لي أنا وأنتِ فقط
ولعلمك جدو ونعمات وحمزة آتيين أيضاً"
لكن نور لم يكن يهمها كل تلك الأسماء
فقط صورة واحدة لشخص يناظرها بإمتعاض كانت تلمع في عقلها بإلحاح فسألته بتأكيد:_
"هل أخوات شهاب سيأتوا؟!"
ابتسم عمار قائلا ً:_
"من تقصدينهم إنهم أبناء اخوته ونعم بالطبع هم آتيين
ها هل ستأتي أم ماذا ؟!"
أومأت نور بحماس موافقة ثم سألته بخبث:_
"هل ماريان ستأتي أم لا !!"
لكن خبثها لم يؤثر بعمار أو بالأصح لم ينتبه له وهو يقول:_
"لا
لقد رفضت تقول أنها ستكون غريبة "

===================

بعدما خرج عمار من غرفتها صادف والده يصعد السلم وقد أتى لتوه من الخارج
صافحه عمار وهو يستوقفه متسائلاً بإهتمام :_

"بابا هل حقاً ستعود للخارج الشهر القادم ؟"

أومأ رأفت قائلاً:_
"نعم الأعمال هناك متكدسة ويجب أن أسافر "
أومأ عمار برأسه في عدم رضا فسأله رأفت وهو يتابع صعود السُلم:_
"هل نور مستيقظة أم نائمة
وأين والدتك ؟"
قال عمار بصوت عالي نسبياً نظرا ً لنزوله :_

"نور نعم مستيقظة وماما بغرفتكم لم تخرج حتى للغداء "

قبل قليل
غرفة رأفت ونجلاء

تجلس نجلاء على فراشها بعد أن تأنقت وارتدت منامة حريرية باللون الأزرق
تناولت حاسوبها تقلب بالمواقع بلا هدف حتى شعت عينيها بالنفور حين وقعتا على صور ياسر الجوهري
وتلك الأخبار المتصدرة الصحف حديثا ً بعناوين مختلفة

"عودة الابن الضال أخيراً لرجل الأعمال المعروف ياسر الجوهري"
"الابن الذي أعلن عنه ياسر الجوهري في مؤتمر صحفي قبل عامين يعود أخيراً لكنف أبيه"
"ترى هل هو ابن شرعي كما يقولون أم علها كانت نزوة اندثرت مع الزمن له "
"هل عاد الابن أخيراً لجلباب أبيه ؟!"
أغلقت نجلاء حاسوبها بقهر وقد تعكر مزاجها من تلك الأخبار التى تملأ المواقع وكأنه لا يوجد غيره!
ياسر الجوهري سبب الوباء في حياتها بأكملها منذ أن رأته إلى الآن
ياسر الجوهري الذي يوغل صدرها بحقد دفين لا يندمل مع مرور السنوات
ياسر خطأها الذي أُجبِرت عليه ولم يسامحها رأفت أبداً ً
ياسر الذي أجبرها عليه فأثمرت الليلة السوداء عن طفلة ستظل ملامحها تطاردها في صحوها ونومها مهما توارت عنها

طفلة كانت سبب أكبر في كبر الفجوة بينها وبين رأفت إلى الآن
انتفضت بفزع على صوت فتح باب الغرفة وإغلاقه فناظرها رأفت بسخرية وهو يقول:_
"أظن ليس عفريتاً من دخل عليكِ "
تجاهلت نجلاء سخريته وهي تقترب منه عينيها تلمعان بالحب الذي لن ينضب أبدا ً وقالت برقة :_

"لقد اشتقت لك لما تأخرت اليوم !؟"
شرع رأفت في تبديل ملابسه وهو يقول ببرود :_
"كان العمل متكدس علي بالتأكيد يا نجلاء "
صمتت لحظات ثم ناظرته بأمل قائلة :_
"أنا لم أتناول الغداء كي أتناوله معك "
استدار رأفت لها وهو يغلق أزرار منامته قائلاً بضيق قبل أن يتجه إلى الحمام :_
"كان الأحرى أن تتناوليه مع أبنائك يا نجلاء
لقد تناولت غدائي بالخارج "
==================

الواحدة بعد منتصف الليل
الليل البهيم يُخيم على شوارع العاصمة لكنه لا يؤثر بضجيج قاطنيها
السيارات تجري على الطريق السريع العائد والغادي وكأنها تتسابق من سيذهب بيته أولاً لينال أكبر قسط من النوم قبل بداية يوم جديد ..
المحلات جميعها مفتوحة دون استثناء بعضها ينبعث منها صوت القرآن والبعض ينبعث منه صوت الأغاني والبعض الآخر ينبعث منه صوت ثرثرة خافتة وكأن من يتحدثون يخافون علو صوتهم الذي يتبدد أساساً في الهواء أن يُقظ النائمين
بعض الناس يمشون في الشارع منهم من خرج للتسكع ومنهم من هو عائد لبيتُه ومنهم من هو مثله ضاقت عليه دنياه فخرج هائماً على وجهه علّ هواء الليل يبدد قليلاً من اختناق روحه
وضع سعد كفّيه في جيبيّ سرواله القطني وهو يسير بلا هدف مُطرِقاً والأفكار تغلي كالمراجل في رأسه فتطبق على صدره
وجد مقعد خشبي من مقاعد الإستراحة الموضوعة بالطرق فجلس عليه أخيراً وقد تعب من كثرة المشي
منذ الظهيرة وهو ليس على ما يرام بالتحديد منذ أن كان عائداً من عمله ومن رحمة الله به أنه لفت انتباهه لهذا الذي كان يتبعه
لقد فلت منه بأعجوبه وهو يلف بسيارته من زُقاق جانبي حمد الله أنه كان واسعاً بقدر كافي لمرور السيارة
استغفر بخفوت وهو يشعر بالضيق يتفاقم في صدره ورؤية وجه هذا العكر أفسدت عليه صفو روحه
ما الذي ألقاهم عليه من جديد ؟
ألم يترك لهم المدينة بأكملها حتى يتركوه وشأنه
ألم يتنازل عن دفء حضن أمه حتى يبتعدوا عنه
إناس كالثعابين يتلونون بمائة لون ولا يفهم خبث نواياهم غيره
ألم يذُقها مراراً؟!
يظهرون لك وجه برئ يضمر وراءه شر قادر على إهلاك من حوله
استقام سعد واقفاً وهو يتمشى عائداً مرة أخرى وهو يزيد من استغفاره شاعراً أنه وسط حلقة ضيقة بل شديدة الضيق لا يستطيع الخروج منها أو التنفس حتى
هو يعلم أنهم يتابعون نجاحه وغير راضيين عنه
يعلم أن الغيرة الحارقة تأكل قلوبهم فيريدون نسفه من على وجه الأرض
ألم يفعلوا من قبل ؟!
ألم يضطهدوه مراراً حتى كره ذاته و كرِه عيشته فترك المدينة بأكملها متنقلاً بين عدة مدن وهم يتتبعونه بإصرار ذئبي شيطاني حتى استقر أخيراً بأعجوبه في مدينته الحالية!
أخرجه من أفكاره صوت مؤذن الجامع القريب وهو يقول "الصلاة خير من النوم " انبأه بانبلاج الفجر وقد مرت به الساعات دون أن يشعر
أنه حتى لم يتناول طعامه منذ الأمس وقد جلبت رؤيته لهم في نفسه كل الذكريات السيئة المرتبطة بهم والتي مهما مرت السنين وطأها المؤلم لن يمُر !
غيّر سعد وجهته أخيراً وهو يتجه نحو المسجد كي يصلي الفجر أولاً قبل أن يذهب لشقته مُناشدا ً النوم
====================
صباح اليوم التالي

ينام على سجادة على الأرض أسفل رأسه وسادة قطنية
يناظر السقف من خلال دخان سيجارته التي يمُج منها بشراهة
يرتدي بلوزة قطنية سوداء دون أكمام أظهرت لياقة جسده الرياضي رغم نحافته وقد التصقت به
أسفلها شورت قصير يصل إلى ركبتيه
نظراته باردة لا مبالية كبرودة أيامه مُناقضة لحرارة روحه المُلتاعة
لم يشعر بالجسد الصغير المُكتنز بعض الشئ وهو يخرج من غرفته يفرك في عينيه الناعستين إلا حين رمى نفسه على صدره بقوة جعلته يتأوه بمفاجأة فأصبح عَلٌّي نائماً على صدره في وضع الاحتضان وقد فتح كلا ساقيه وذراعيه يرتكن بجانب وجهه الناعم على كتفه يرتدي مثله تماماً بنفس الألوان فهو يشتري له كل شئ كما يفعل لنفسه وأكثر
أطفأ أكمل سيجارته سريعا حتى لا تؤذي عَلٌّي
وقد تغيرت نظراته اللامبالية إلى أخرى حنونة وكأنه ألقى عليه من براءته بتعويذة سحرية
فرك أكمل شعره بأصابعه يشاكسه فجلجلت ضحكاته وعَلُّي يغرز أسنانه في لحم كتفه بغيظ
عدّل أكمل من وضعية عَلٌّى وهو يرفع رأس عَلٌّى المتذمر بدلال وقال له :_
"على رسلك يا وحش ..أمزح معك "
ابتسم عَلُّي وهو يشد على شعر أكمل بكفيه قوياً فتأوه أكمل وهو يخلص خصلاته من كفيه ثم شاكسه قائلاً:_

"اترك شعري حتى أطعم بطنك الجائعة على الدوام "

لمعت عيني عَلٌّي بإثارة لذيذة وهو يقول بصوته المحبب :_

"عَلٌّي يريد أن يأكل الشاورما "

قلّب أكمل شفتيه وهو يحمله يُعدّل من وضعيته فيجعله جالسا ً بمقعدته على عضلات بطنه وكلا ساقيه تنزل من الجانبين (وضع الركوب)
ثم قال :_
"شاورما ...اليوم الجمعة..وفي التاسعة يا عَلٌّي ؟!"

ضحك عَلٌّي وهو يومأ برأسه بطيبة لوعت قلب أكمل بين أضلعه فارتفع قليلاً مقبلاً له ثم قال:_

"لك ما تريد يا بن أبيك "
بعد ساعتين كان كل منهم يجلس على الأريكة متقابلين
أكمل يعمل على حاسوبه وعَلٌّي يرسم في الورق الأبيض على المنضدة الصغيرة وجواره أقلام و ألوان مختلفة الأنواع
ناداه عَلٌّي وهو ينظر إلي رسمته بفرح زاده نظرة الفخر في عيني أكمل وهو يحتضنه والتي إن لم يفهمها بعقله الطيب ففهمها بقلبه البصير
نظر أكمل للأوراق جيداً وهو يرى مدى جودة رسم عَلٌّي التي تنمو يوما ً عن الآخر والتي يهتم بتنميتها له بشتى الطرق حتى أن معلمته الخاصة قالت له سيكون رسام كبير بالمستقبل إذا ساعدته في تنمية موهبته
صوت أزيز الهاتف على البوفية الأسود بتنبيه رسائل متتالية جعلته يعقد حاجبيه وهو يتجه إلى هناك متناولاً هاتفه يتصفحه بملل سرعان ما انقلب إلى حريق أسود مستعر يجيش في صدره وهو يرى صور لغدي البُرعي ورفعت عمران معاً في عقر مكتبه
قلّب أكمل في الصور بأصابع متصلبة ..تلمع عينيه بين الصورة والأخرى بنيران سوداء مُهلكة ووجهه مشدود كالوتر حتى قضت آخر صورة لهم في وضع متقارب وهي تضع كفيها على صدره على المتبقي من ثباته فأعمى غضبه بصره وللحظياً…

للحظياً فقط توقف عقله متناسياً تماما وجود عَلٌّي بالجوار فأزاح الكؤؤس الزجاجية أمامه بعنف حتى تناثرت جميعها إلى شظايا اختلطت أصوات تهشمها للتو مع صوت صرخات عَلٌّي المذعورة !!

====================
ليلاً

يقف أكمل على باب الغرفة يخشى الإقتراب وهو يناظر الملاك النائم على الفراش يحتضن دب بفراء كثيف يشبه كلبه الذي يربيه من أجله فعَلُّي يحب الكلاب ..
لن يسامح نفسه أبداً ما حيا على الذعر الذي سببه له
مازال صوت صرخاته يدوي في أذنه وهو منكمش على الأريكة متقوقع على نفسه يناظره بخوف قتله في الصميم
تملصه منه حين احتضنه في الوقت الذي تتشبث أصابعه الصغيرة ببلوزته وكأن روحه البريئة حيرىٰ في الحكم عليه لكن قلبه يعلم أن جواره النجاة
لقد قضى الساعات الفائتة فقط يحاول مراضاته متوسلاً له أن يسامحه حتى رضى أخيراً لكن دون أن يرضى بنومه جواره
ملامحه البريئة مازالت بها بعض لمحات الحزن وان زال الذعر عنه بأعجوبة
خبط جبهته بحافة الباب بعجز والدمع حبيس عينيه عصي النزول
يشعر بالنبذ بعد أن رفض عَلُّي لأول مرة النوم جواره...
عَلُّي هو ركيزة الطُهر التي تعطيه أمل أنه سيتخلص من ذنبه الذي يلتف على عنقه يوما ً
نظرة الخوف التي لونت محياه البرئ وهو يناظره كانت بمثابة صفعة على وجهه أردته أرضاً
عَلُّي الصغير الذي كان هو أول من احتضنه وهو قطعة لحم حمراء مسحت ببراءتها قساوة قلبه
هو الحلو الذي يعيش له ... هو الفرحة التي زارت أيامه الجدباء
عَلُّي الوجه البرئ منه وكل منهم لفظه من يحبه فوجد ضالته في الآخر
الفرق أن عَلُّي ببياض قلبه لم ولن يكره أبداً
لكنه هو بقساوة قلبه لن يسامح ولا يستطيع حتى أن يفعل يوما ً
وعلى ذكر القسوة احتدت عينيه وهو ينزلق جالساً أرضاً مستنداً بظهره على الباب
وروحه المحترقة لا تهدأ والصور تتراقص أمام عينيه
غدي البُرعي الفاتنة التي حركت قلبه بفولاذ سحري لا يعلم من أين امتلكته !!
ماذا تفعل الغبية من جديد بنفسها وكيف سيخلصها هذه المرة من شر رفعت عمران الذي لا تدركه أبداً ً
سبّ من بين أسنانه بغضب وهو يلعن البدوي سبب سواد حياته بأكملها
بدوي الذي كل يوم عن الآخر يكتشف مدى بشاعته
لقد تركها وترك نطاقها منذ عامين تلتاع روحه فيهم اشتياقاً لها جابراً نفسه على عدم رؤيتها وأخبارها تصله أولاً بأول دون انقطاع
لقد ظنها تعقلت وعلمت قدر حجمها أخيراً !!
رفعت لن يتركها سوى وقد نَدّمها وأبكاها دماً على اليوم الذي فكرت فيه القرب منه
ألم يعمل معه حتى آخر فترة قبل أن ينتقل هنا ويعرف مدى خبث سريرته وما يستطيع فعله!؟
رفعت لولا خوفه من البدوي لكان قتله هو الآخر وتخلص منه نظراً لما عرفه عنه من تاريخه الأسود
لكنه يعلم أن اليوم الذي سيفكر فيه مجرد التفكير في ذلك سيكون عِبرة لكلاب الشوارع ..!!

===================

تجلس سنابل بغرفتها مبتسمة بخفر وصوت الزغاريد يأتيها عالياً من الخارج تنتظر نداء والدتها لها حتى تخرج لترتدي الدبل
إلى الآن لا تصدق ما حصل خلال الأسبوعين الماضيين
مباغتة أمها لها وهي تحتضنها ذات صباح مطلقة عدة زغاريد عن عريس ما
الزيارة التي أتت سريعاً وأثبتت أن فرحة والدتها لم تكن هذراً
موافقة والدها هكذا سريعاً من أول جلسة دون أخذ رأيها حتى
شرطه أن يعقدوا القران سريعاً والذي سيكون آخر الشهر فهو لا يأمن دخول همام دون أن يكون زوجها
لكن ليس بالمهم
كل هذا ليس بالمهم أمام أنها أخيراً ستتخلص بيت والدها والكبت الذي تعانيه فيه
صحيح أنها لم تلتقيه إلى الآن وأنها حزنت لتهميش والدها لرأيها
لكن ماذا تفعل يعني هذه العادات ويجب أن ترضى
لكن ما هوّن عليها كثيراً هو رؤيته
قضمت شفتها السفلى المكتنزة باغراء طبيعي بخجل وقد دبت السخونة في وجنتيها وهي تستعيد في ذاكرتها محياه
لقد هبت سريعاً راكضة للسطح حيث غرفة الطيور في ذاك اليوم الذي أتى هو ووالدته ليتقدم فيه كي تراه من النافذة العالية ذات الإطار الحديدي والتي استدعتها أن تأتي بدلو وتقلبه وتقف عليه حتى تتمكن من الرؤية
كان يرتدي سروال قماشي باللون الأسود وقميص أبيض ...
طويل نسبياً بالنسبة لقِصر قامتها
بنيته وسط بين العريضة والنحيفة ..ملامح خشنة عادية سمراء لكنها وسيمة مكللة بالطيبة
لكن أكثر ما جذب انتباهها هو شعره
شعره ينافس شعرها هي في النعومة
انتفضت واقفة على دخول أخيها أحمد عليها وهو يدعوها بفظاظة للخروج حتى ترتدي المحابس
أخذتها والدته بين أحضانها تحتضنها بقوة تكاد تفعص جسدها وهي تُقبّل وجنتيها قُبلات متعددة
انتقلت بعدها إلى أحضان خالاته المماثلة ثم أحضان أخوته الطيبات
وأخيراً أخرجت والدته علبة المحابس وهي تلبسها لها بنفسها وقد علت الزغاريد مرة أخرى
بعد نصف ساعة
كانت والدة همام تنظر لسنابل بفرح من أجل ابنها
تعض باطن خدها بخبث أمومي وهي تُبصر مدى جمال وإغراء قامتها التي بالتأكيد أشعلت ولدها
….
عينيها رنت إلى الباب حيث يقبع ابنها وأعمامه مع والدها
بالتأكيد سيجن ويجلس مع الفتاة قليلاً
لكن ربيع التيس هذا يبدو أنه مُتحجِر ولن يقبل بذلك
عادت تنظر للفتاة وتبتسم مُقسمة بينها وبين نفسها لن تكون هي إن لم تجعله ينفرد بالفتاة كما يريد وليحترق ربيع بالجحيم !
وبعد نصف ساعة كان لبكرها ما أراد دون أن يطلب وهم يتركونهم سوياً في غرفة جانبية بها بعض الارائك قديمة الطراز مفتوحه دون باب لكنها تضمن بعدم الخصوصية بموقعها
التهمها همام بعينيه بتوق من رأسها حتى أخمص قدميها وهو يبصرها تجلس هكذا مطرقة برأسها تنظر للحصير أسفلها
وجهها الأبيض مشوب بالأحمر القاني ورجفة غير مرئية تمر بجسدها لكنه يستشعرها بدقات قلبه التي تدوي بين جنباته على نحو غير مطمئن أبداً
رباه ماذا فعلت به هذه الصغيرة قصيرة القامة تجعله يود لو يزرعها بين ضلوعه فلا يخرجها أبداً
دقق في الفستان الأحمر من قماش الستان الذي يلف جسدها المغري بدعوة تلهب حواسه
ابتسم بحنان وعينيه تلمعان بالإثارة وهو يراها بدأت في الحديث عن نفسها كعادتها التي حفظها عنها
قبض كفيه عدة مرات ثم خطا أخيراً بالقرب منها حتى جلس جوارها على الأريكة يفصل بينهم وسادة مستطيلة
همس همام اسمها بتوق أقرب منه للرجاء فحنّت عليه أخيراً وهي ترفع قمريها شديدي الجمال لعينيه
"رباه ما أجملك !!"
همسها همام بإنشداه حار جعل الحرارة تدب في أوصالها خاصة وهو قريب منها هكذا أنفاسه تلفح بشرتها فعادت وأسبلت عينيها من جديد

نظر همام بعينيه للجوانب بإطمئنان وهو يعلم أن أمه حبيبته لن تجعل أحد يفسد عليه خلوته بها أبداً فمد أصابعه بتردد يمسك ذقنها الناعمة محاولا ً قدر استطاعته مراعاة براءتها النابضة من محياها الحلو مما أجبرها على رفع عينيها مرة أخرى له
ابتسم همام بإرتجاف وهو يسألها بقلب وجل :_

"سنابل هل أنت ِ موافقة عليِ ..هل تريديني زوجاً لكِ؟"

وبمكانها كانت تنصهر لا حول لها ولا قوة غير مدركة لكل تلك المشاعر التي تتناوب عليها تباعاً إلا أنها همست بنعومة قضت على تعقله :_
"نعم أنا موافقة عليك همام "
همستها أطارت بعقله وهو يتناول كفيها الصغيرين يلثم باطنهم بخشونة جياشة بالمشاعر أرسلت القشعريرة في حواسها فشدتهم سريعا وهي تبتعد قليلاً تناظره بخجل وعدم فهم
رحم همام براءتها أخيراً وهمس باعتذار:_

"أنا آسف حبيبتي سامحيني "
وكلمة حبيبتي أسكنت حواسها وأرعشت القلب العذري فابتسمت وهي تطرق برأسها مرة أخرى
صوت أصوات قريبة من الخارج جعلته يخرج الهاتف المحمول الصغير من جيب سرواله يضعه بين كفيها وهو يقول سريعاً:_
"اجعلي هذا الهاتف معك سأحدثك عليه ليلاً ولا تخبري أحد عنه "
=====================
سلمت هَنا من صلاتها واضجعت على ظهر فراشها وهي مازالت على سجادة الصلاة تختمها بالأذكار كما تعلمت مؤخراً
نفحة روحانية أصبحت تشرح صدرها بلألئ من نور غير مرئية لكنها تستشعرها بعد كل صلاة تُصليها في موعدها كما دأبت منذ عامين
أو حتى تكون دقيقة ... عام كان بشكل متقطع والآخر كان منتظم إلى الآن
أنهت أذكار الختام للصلاة على عُقَل أصابعها ثم تناولت مسبحتها وهي تلهج لا إله إلا الله مائة مرة كما تعلمت أيضاً
أخيراً خلعت إسدال الصلاة وجلست على فراشها تتناول حاسوبها وهي تفتحه على الصفحات المحفوظة دائما بجميع المواقع لأسم واحد
هو !!
"SaAd El QaiSy" "سعد القيسي"
تتعالى دقات قلبها بصخب مبتهج وهى ترى الصورة الجديدة التي شاركها مؤخراً على حسابه على الإنستجرام يجلس بتلك الأكاديمية التى أحيانا ً يُلقي بها محاضرات كما يخبرهم في البث المباشر
أمامه كوب من شاي الكرك الذي يحب وهو يبتسم للكاميرا بجاذبية مذيبة للأنفاس
رباه
هذا الداعية منذ أن واظبت على الاستماع له في ليلة بائسة من لياليها الحزينة وقد أدمنت كل ما يخصه
تتأمل صورته بشغف متجاهلة بضعف بشري غض البصر الذي دوماً يدعوهم له
لكن و ماذا فيها
هي تنظر له نظرة عادية وليس نظرة حب أو اشتهاء إذا فلتنظر
هي تحب ملامحه الخشنة الوسيمة شديدة الرجولة التى تبعث في النفس شرارات من طمائنينة
صوته الرخيم ذو الرنة المبحوحة وهو يُلقي محاضراته ...
ذقنه البنية المُشذبة على الدوام مما يضفي عليه جاذبية أكثر وكأنه ينقصه
عادت من تدقيقها في وجهه إلى النظر لملابسه الأنيقة
سروال باجي باللون البيج تعلوه سترة زيتية بنصف كُم
خرجت من الموقع منتقلة إلى الفيس بوك والذي نزل عليه نفس المنشور ففتحت التعليقات وهي تلوي شفتيها دون أن تشعر
تقرأ التعليقات المائعة له من الفتيات قليلات الحياء الذين لا يراعون كونه داعية إسلامي ولا يقبل بهذه التجاوزات فقد حذرهم أكثر من مرة في فيديوهاته عن الكف عن أقوال (أحبك في الله .. أحبك يا شيخي) فهي قد تكون فتنة لهم قبل أن تكون له
قضمت شفتها السفلى وهي توبخ نفسها وقد تذكرت فعلتها الشنيعة منذ فترة قصيرة حين تهافتت عليها فطرتها أخيراً لارتداء الحجاب فاتخذتها حُجة وأرسلت له رسالة عبر الماسنجر أنها تريده في أمر ما فلم يجب سوى بعد يومين بكلمة واحدة
(أبشري يا أختاه )
كلمة أصابتها بإحباط غير معلوم الملامح لكنها أرسلت بعدها ترد عليه أنها تريد أن ترتدي الحجاب وشيطانها يغلبها في كل مرة فتعجز عن أخذ الخطوة
ورده جاء بارداً مستفزاً جعلها تبكي دون سبب معلوم وهو يرسل لها
"سنعقد دورة الشهر القادم في الأكاديمية عن الحجاب تواصلي مع الإدارة كي تحجزِ قبل انتهاء الموعد "

فقط ولم يزد أو ينقص
لكنها بعدما أفاقت من إحباطها الساذج أدركت أن ما فعله هو صحيح
ماذا كانت تريده منه يعني في طريقة الرد عليها؟!
هو شخص إلى حد ما معروف ومتدين وينبغي عليه وضع حدود بينه وبين الآخرين خاصةً وإن كانوا نساء !!
لكنه ذو مكانة خاصة
وخاصة جدا عندها
ألم يكن هو السبب في أن تتخلص من تأثير عبدالرحمن الطاغي عليها وإن كان بشكل غير مباشر عن طريق فيديوهاته ومحاضراته المريحة للروح
ألم تتعافى من حبها البائس على يده وهو ينوه أن كل تعلق بغير الله مآساة وفخ كبير يجب أن يخرج الانسان منه وأن الله يغار على عباده فلا يرضى أن يطغى على حواسهم شئ غيره
ألم تنتظم على صلاتها وأذكارها بسببه وهي تضبط نظام نومها في تلك الدورة التي فعّلها معهم (أونلاين) لمدة واحد وعشرون يوماً يناموا بعد صلاة العشاء ثم يستيقظوا في السحر للقيام وينامون ساعتين بعد الضُحى حتى أصبحت عادة صحية لديهم إضافة ً لقراءة صفحتين من سيرة الرسول قبل النوم في نفس الواحد وعشرون يوم !!
كل شئ جميل في حياتها الجديدة كان السبب الأوحد فيه هو سعد القيسي
لقد دخل إلى حياتها المظلمة كقبس من نور بدد بوهجه كل سواد يحيطها ..!
===================

بعد عدة أيام
كان أكمل يجلس جوار عَلُّي في الحمام
عَلُّي يجلس على المرحاض ملامحه متقلصه بألم وهو يشتكي لأكمل عن ألم الإمساك فلا يستطيع قضاء حاجته
قبلّه أكمل بخشونه حنونة على وجنته سانداً ظهره وهو يجلس على قدميه نصف جلسه موازياً عَلُّي
ربت على بطنه عديمة العضلات تقريباً ككل من هم مثله مما يجعلهم يعانون من الامساك على الدوام
حاول أن يلهيه قليلاً فمن المؤكد الدواء سيأتي بمفعوله الآن فتحدث معه بفضفضة يفعلها على الدوام وكأنه صديقه

"هل تذكُر الجميلة يا ولد ؟"
عقد عَلُّي حاجبيه وهو يومأ برأسه يوافقه على الحديث دون أن يكون تذكرها فعلياً فهو حتماً نسيها إلا أنه هكذا على الدوام يجاريه في الحديث وكأنه يبصر بفطرة قلبه مدى وحدته فيأبى خذلانه
ابتسم أكمل وهو يكشر بملامحه قائلاً :_
"يبدو أن الدواء أتى بمفعوله رائحتك نفاذة يا ولد "
ضحك عَلُّي بقوة وهو يرد عليه الحديث بشقاوة :_
"رائحتك نفاذة يا أكمل "
ربت أكمل على ظهره بحنان وهو يحاوره قائلاً:_

"ما رأيك يا عَلُّي أن نذهب لشقتنا القديمة يومين !!"
ثم همس بشرود مع ذاته وعينيه تضيقان لمِ استقر عليه من قرار
"ما رأيك أن نرى الجميلة !!"
بعد نصف ساعة كان أكمل حممه وبدل له ملابسه ثم أشعل المدفأة كي يدفء جسده ثم جلس جواره يسأله بحنان مشوب بالذنب:_
"هل مازلت غاضباً مني يا عَلُّي؟!"
ضحك عَلُّي ضحكته الحلوة وهو يشد على شعر أكمل بقوة ثم نزل بكفيه إلى وجنتيه يحاوطهم بحنان طفولي يلثم أكمل من فمه في قُبلة خشنة الملمس ناعمة الأثر وقال:_

"عَلُّي يحب أكمل
عَلُّي لم يعد غاضباً منه "
ضمه أكمل له بقوة ثم عقد حاجبيه على صوت جرس الباب فنظر له وهو ينهض قائلاً بتساؤل:_
"هل تظنها المُعلمة خاصتك يا عَلُّي أم ماذا؟!"
لكنه فور أن فتح الباب كانت الصورة الماثلة أمامه بعيدة تماماً عن المُعلمة
صورة أغلقت ملامحه وهو يهمس بحيرة مستغربة :_
"سنا..!!"
انتهى

إن شاءالله معادنا غدا مع الفصل الرابع والخامس ♥️♥️♥️

مستنية ارائكم 💙


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-21, 10:13 AM   #18

Topaz.

مشرفة منتدى الروايات والقصص المنقولةومنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوعضو مميزفي القسم الطبي وفراشة الروايات المنقولةومشاركة بمسابقة الرد الأول ومحررة بالجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Topaz.

? العضوٌ??? » 379889
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 7,036
?  مُ?إني » العِرَاقْ
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Topaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهّم خِفَافًا لا لنا ولا علينا ، لا نُؤذِي ولا نُؤذَى ، لا نَجرَحُ ولا نُجرَح ، لا نَهينُ ولا نُهان ، اللهم عبورًا خفيفًا ؛ لا نشقى بأحدٍ ولا يشقى بنا أحد .
Icon26


صباحكم ريحان وعنبر

مبارك الرواية إسراء
يارب كل التوفيق

بدأت الرواية بحسن الّي
رافض يتقبل ابوه ويخطط
لشي ما معروف شنو هو
لكن واضح إنه راح يضره
هو وملك اول شي

ياسين اخ هنا هو الثاني
ما مرتاحة له وشنو الشي
الّي يعمله وليش احتاج
لزيادة المصروف ، هو
كله الولد ما مريح وتعامله
مع امه غريب .. حتى لو
قلنا إن تمرد المراهقة هو
السبب احس مو لهالدرجة
يوصل به

سعد من هم الّي يلاحقونه
وممكن يقتلوه؟ كونه داعية
خلاني اشك إنهم يكونون
جماعة ارهابية كان يوشك
على التورط معهم

سنابل حياتها تحزّن والله
يعينها عليها وعلى اهلها
اتمنى إنها تنسعد مع همام
رغم إنّي اشك بهالشي ،
ما اعرف ليش بس عندي
احساس إن جاييها قهر
كبير بالايام القادمة خاصة
إن خطبتها تمت بسهولة
وهالشي ما مريحنّي لسبب
مجهول بس إن شاء الله
يطلع احساسي غلط

هنا يا ليت لو تنجمع مع
سعد .. احس راح يكونون
جدًا مناسبين لبعض

داليدا شنو الشي الّي عملته
قبل سنوات ؟ وهل فعلًا
قدرت تتخلص من هالشي
وينتهي او راح تظهر لها
نتائج فعلتها ؟ والعمل الّي
اجاها هل راح يكون زين
لها او جايتها المصايب بعد
ما توافق عليه

غدي ورطت نفسها ، جزء
منّي يقول تستاهل الّي راح
يصير لها لأن الكل حذرها
وما سمعت وجزء عاذرها
لأن ما كان بيدها غير إن
تساعد المرأة، على العموم
نشكر لأبو أكمل فعلته لأنه
راح يكون السبب بجمع ابنه
وغدي من جديد

اكمل ما اقدر اتقبله وبنفس
الوقت ما اقدر اكرهه ، احب
شخصيته الّي تظهر مع علي
واكره افعاله بغير مكان

منو سنا الّي اجت لاكمل ؟
معقول إنها نفسها صديقة
غدي !! لو نفسها فَكيف
أكمل ما تعرف عليها بالنادي

عمار والصحفية الجديدة
آني ربطتهم ببعض


remokoko likes this.

Topaz. غير متواجد حالياً  
التوقيع

‏نسأله ألَّا تتُوه الأفئدةُ بعد هُداها ، وألا نضلَّ الطريقَ بعدَ عَناء المشَقَّةِ .


رد مع اقتباس
قديم 30-06-21, 02:59 PM   #19

نينو ن

? العضوٌ??? » 488758
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 13
?  نُقآطِيْ » نينو ن is on a distinguished road
افتراضي

ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله

نينو ن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-07-21, 12:00 AM   #20

ines e

? العضوٌ??? » 462884
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 257
?  نُقآطِيْ » ines e is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم
مبروك اولا
ممكن ابتدي الرواية من الجزء 2 او لازم من الاول


ines e غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:57 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.