آخر 10 مشاركات
356 - الحب في فصل الخريف - فايرين مك أنيني - م.د** (الكاتـب : سنو وايت - )           »          عاطفة من ذهب (123) للكاتبة: Helen Bianchin (الجزء الأول من سلسلة عواطف متقلبة) كاملة (الكاتـب : salmanlina - )           »          البجعة الورقية (129) للكاتبة: Leylah Attar *كاملة & تم إضافة الرابط* (الكاتـب : Andalus - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          روايه لا يغرك نبض كفي وارتجافه ضاق بي قلبي وشلته في يدي (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )           »          نقطة، و سطر قديم!! (1) *مميزه و مكتملة*.. سلسلة حكايات في سطور (الكاتـب : eman nassar - )           »          عشقتها فغلبت قسوتي-ج1من سلسلة لعنات العشق-قلوب زائرة-للكاتبة:إسراء علي *كاملة+روابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          صمت الحرائر -[حصرياً]قلوب شرقية(118) - للمبدعة::مروة العزاوي*مميزة*كاملة & الرابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree35Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-09-21, 12:03 PM   #61

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


السلام عليكم ..مسكينة منال اجبروها تتجوز صهيب الكلب الحمدلله مات بس بعد ماعذبها الحقير ..الام مش عارفة كيف اوصفها بس للاسف موجود زيها انسانةةجامدة بلامشاعر زي الآله مبرمجة من صغرها لخدمة الرجل وانها مجرد تابعة مش شريكة وحاولت تخلي بناتها نسختها ..ياترى منال حتسامح اختها هي الي تهمنا لانها انظلمت ..محمود ونسرين اختفوا فين هل مسكهم بشير ولا لما وصلو البيت حسوا في حد مراقبهم وهربوا الله يستر ..مروة قلبها طيب طالعة لامها مافيها سواد ابوها ..منتظرين الاحدات الجاية بشوق سلمت يداكي .

زهرورة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-09-21, 01:33 AM   #62

بريق أمل

كاتبة في قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية بريق أمل

? العضوٌ??? » 381251
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 515
?  نُقآطِيْ » بريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرورة مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ..مسكينة منال اجبروها تتجوز صهيب الكلب الحمدلله مات بس بعد ماعذبها الحقير ..الام مش عارفة كيف اوصفها بس للاسف موجود زيها انسانةةجامدة بلامشاعر زي الآله مبرمجة من صغرها لخدمة الرجل وانها مجرد تابعة مش شريكة وحاولت تخلي بناتها نسختها ..ياترى منال حتسامح اختها هي الي تهمنا لانها انظلمت ..محمود ونسرين اختفوا فين هل مسكهم بشير ولا لما وصلو البيت حسوا في حد مراقبهم وهربوا الله يستر ..مروة قلبها طيب طالعة لامها مافيها سواد ابوها ..منتظرين الاحدات الجاية بشوق سلمت يداكي .

مرحبا حبيبتي.
منال أُجبرت أنها تكون كبش الفداء. واضطرت أنها تعيش الذل مع راجل قرفها ف حياتها. هي نموذج آخر من نماذج هذه الأسرة الظالمة...
أمها انسانة بمنطق ساذج... تظن أن الحياة هي في خدمة الرجل. وكأنها مبرمجة على هذا كما تفضلتي...
محمود ونسرين فيه حتما لغز لاختفاءهم... راح نشوف اذا وصلهم بشير ولا لاء.
مروة فتاة طيبة رغم كل شيء لم ترث قسوة قلب والدها. الذي يعاني في الأصل من اضطراب نفسي هو متلازمة الساديزم...
أسعدني وجودك حبيبتي. شكرا لمرورك الجميل


بريق أمل غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-09-21, 01:35 AM   #63

بريق أمل

كاتبة في قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية بريق أمل

? العضوٌ??? » 381251
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 515
?  نُقآطِيْ » بريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثامن والعشرون.

وقفت سهام في الشرفة تراقب خطى والدها المتسارعة بعد نزوله من سيارة الأجرة، فأسرعت لتدخل غرفتها موصدة الباب خلفها وقلبها يدق مترقبا... كيف كان لقاؤه مع محسن يا ترى وما الذي تحدثا به!
بعد قليل سمعته في الرواق يكلم أمها وهي تسأله إن كان يريد تناول الطعام.
بعد أن أنهى اغتساله ودخل المطبخ أطلت بحذر من الباب ثم خرجت على رؤوس أصابعها، سمعت والدتها تسأله: كيف كان لقاءك بذلك السيد؟
رد عليها بغموض: رجل ذو طموح...
استغربت رده: هل يمكنني أن أعرف ما كان طموحه؟
أخذ الملعقة وقضم من قطعة الرغيف التي بيده ثم تناول شيئا من الحساء أمامه وأمها على حالها يقتلها الفضول. أما هي والتي كانت خارجا ترهف السمع فقد أوّلت كلامه و شعرت بانقباض شديد وضيق في صدرها وراحت تماري أفكارها في انتظار الفرج.
سمعته يقول بهمس: طلب مني يد ابنتك...
توسعت عيون سامية لكن دهشتها لم تكن كبيرة فقد توقعت الأمر بعد أن شاهدت باقة الورد هذا الصباح... كل همها كان معرفة رد زوجها الذي لم يبد عليه أنه يرحب بالفكرة. انتقت كلماتها قبل أن تقول: وما رأيك بالموضوع؟
حملق فيها بطريقة لم تعجبها: عمره ضعف عمرها... والفارق بينهما كبير... هي في العشرينات وهو في الخمسينات... شتان بين الجيلين...
مما شاهدته هذا الصباح بدى لها أن ابنتها ترحب بالفكرة فقالت له لتستميله: لقد تزوجت فادي وهما من نفس الجيل ولم يأتها منه إلا وجع الرأس... لربما كان هذا الرجل يخبئ لها أياما أحلى من التي مضت...
أجابها باقتضاب: لا حاجة لها به.
شعرت بالوهن في أطرافها وهي تتكئ بظهرها على الجدار، كانت لتتدخل وتخبره أن القرار يرجع لها لكن لا طاقة لها بذلك فآثرت التزام الصمت والسكون. وما لبثت أن سمعت والدتها تقول له: وما كان ردك؟
رد عليها: طلبت منه مهلة للتفكير من باب اللباقة ليس إلا.. حتى لا أظهر جفاءً وفضاضة من ناحيته... لكن طلبه مردود وسأخبره بذلك.
مشت باتجاه غرفتها بخطوات سريعة فلمحتها أمها وعرفت أنها سمعت الحديث.
عندما ولجت للداخل وجدت أنس يقفز فوق السرير وتحت أقدامه هاتفها وهو يرن. حملته لتجيب وكان رقما لم تعرفه.
وضعت الهاتف على أذنها: مرحبا، من معي؟
جاءها صوته: كيف حالك يا سهام؟
أطرقت لبرهة متلعثمة ثم همست باسمه: سيد محسن!
رد عليها: اردت الاطمئنان عليك...
ابتسمت بمرارة وجلست على سريرها ويدها يثبت أنس حتى يكف عن ازعاجها: أنا بخير... وأنت كيف حالك؟
رد قائلا: لا ينقصني سوى وجودك... المنزل معتم بدونك...
لم تتفوه بحرف بعد أن طرقت كلماته أذنيها فأردف: تحدثت إلى والدك وبدى لي أنه يرفض هذا الزواج.
أجابته باقتضاب: أعلم...
زفر بتعب ثم قال: أريد أن أعرف رأيك بالموضوع... يهمني أن أسمع جوابك أنت... إن لم تكن لديك رغبة في الزواج فلابأس... أنا سأتفهم الموضوع ولن أضغط عليك... لا داعي للشعور بالحرج أو الامتنان... يمكنك اخباري الآن.
انتظر جوابها لبعض الوقت فيما آثرت الصمت دون أن تقول شيئا وبعد أن يئس من أن تجيبه عاد ليقول: هل ترغبين في الزواج مني؟
ارتجفت شفاهها للحظات قبل أن تجيبه: أجل...
شعر بالسعادة تدب في عروقه وأراد أن يطير إليها في تلك اللحظة ليحملها إليه وينهي كل عذابه... هذا في أحلامه، أما على أرض الواقع فعليه أن يتجاوز عتبة والدها ليصل إليها.
قال بصوت بدى لها مهزوما: كيف أقنعه؟
منحته أملا بقولها: أنا من ستفعل...
ليس يذكر آخر مرة شعر بمثل هذه السعادة العارمة تجتاحه... كلامها حدا به إلى الشعور بتشبثها به واقتناعها بهذا الزواج.. وأعطاه أملا في غد مزهر ومثمر مع فتاة ليس يدري كيف علقته بها!.. وجعلته يعتزل الغرام ليكتفي من كل النساء إلا هي... ويعلن لها الحب والوفاء الأبديين... فهل سينال يا ترى ما يطمح إليه أم أن القدر سيحول دون ذلك!
•••••••
جلست ريماس في الحديقة بعد العصر تتأمل ورودها متفتحة مع نسائم الربيع. كانت سعيدة لأن ابنتها لم تدخل في أزمة اكتئاب بسبب ما فعله والدها بها، وعلى العكس إنها اليوم فرحة باسمة وقد أبدت اهتماما بالخادمة وأوصتها بها... هذا الذي لم تتعود عليه يوما! فقد كانت حيادية لا تقحم نفسها في حياة الآخرين.
ينتابها شعور ملح يخبرها أن مروى منجذبة بطريقة أو بأخرى إلى لؤي... هذا الأمر الذي لن يروق لوالدها أبدا لو عرف به. والله وحده يعلم ما قد يفعله إن تأكد له ذلك.
أحست بذراعين تطوقانها ولم تخطئ صاحبتهما من عبير عطرها.
- لماذا تجلسين وحيدة أمي؟
ابتسمت بحب: لأن ابنتي الحبيبة لديها ما يشغلها.
جلست مروى بقربها باسمة وهي تقول: ها قد جئت لأجلس معك... ماذا تفعلين؟
رفعت يديها بملل: لا شيء...
تفحصت الطريق المؤدي إلى باب الفيلا للحظات ثم سألت والدتها: ألم يرجع أبي؟
كادت أن تضحك وهي تجيب مستغربة: منذ متى كنت تهتمين لموعد عودته!
جحظت بعيونها فجأة ثم بررت لوالدتها قائلة: لقد تأخر على غير عادته!
ناظرتها بغموض لوهلة، وقبل أن تقول أي كلمة كانت سيارة بشير تعبر البوابة رفقة الحراسة الخاصة به. تلهفت فجأة للقيا من تنتظره فضحكت أمها من جديد، عندها رمقتها بنظرات متسائلة فاكتفت الأخرى بالقول: جاء حبيب قلبك... ها قد وصل والدك أخيرا...
فهمت أنها تلعب على الكلمات ولم تشأ أن تناقشها في هذا الموضوع حتى لا تحملها على الخوض في أمورها الخاصة واكتفت بالعبث قائلة: ألن تستقبلي زوجك؟
قامت والدتها تسحب ثوبها القصير فوق ركبتيها وهي ترفع أحد حواجبها بنباهة وترمقها بنظرات يملأها الغموض: ذاهبة أكيد...
حركاتها تلك أنبأتها أنها لا تنام في العسل وربما أحست بما يدور بينها وبين لؤي. زفرت باستياء ثم قامت على مهل تتعمد التأخر عن أمها حتى لا تلحظ إلى أين هي ذاهبة.

كان لؤي في غرفة المراقبة يتفحص عبر الشاشات الكاميرات المثبتة حديثا فقد ضاعف من عددها ونشرها في كل الأرجاء خصوصا في الشارع الخارجي وعند البوابة وأرسل قبل قليل من يثبتها أثناء غيابه. يعرف أن بشير يلعب بالنار وتلك التهديدات ليست مجرد كلمات بلا طائل... من يلعب مع المافيا عليه أن يكون أهلا لما ورط نفسه به وإلا فإنه كان يجدر به أن يحفظ طموحاته صغيرة في مهدها... إن كانوا يريدون رأس ذلك السادي فلله ما أعطى وله ما أخذ، سيسدون بذلك معروفا لسائر البشرية... ولكنهم قد يؤذون كل أسرته وبوحشية وهذا ما لن يسمح به.
عندما تأكد من تثبيتها بالأماكن التي أشار إليها ومن اشتغالها على الوجه المطلوب خرج إلى المستودع ليحضر مسدسه من السيارة فسحبه من الدرج وأفرغه من الذخيرة بحركة سريعة ثم ثبته بحزامه ووضع الذخيرة بجيوبه وما إن التفت خلفه حتى فاجأته مروى: تأخرت.
وقفزت إليه مطوقة رقبته بذراعيها فاحتضنها بقوة: اشتقت إليك.
ابتعدت عنه قليلا وتأكدت من خلو المكان حولهما: لم يرنا أحد صحيح؟
أشار بإبهامه والوسطى لكاميرا المراقبة في حركة تشبه المقص في إشارة لفريد العون المكلف بمراقبة الكاميرات حتى يمسح تلك اللقطة والذي كان في تلك اللحظة ينظر إليهما رافعا أحد حواجبه في تعجب وهو يهمس لنفسه: يا لحظك!... دعت لك أمك بالخير هذا الصباح!
وما لبث أن حرك أصابعه على لوحة التحكم حتى يمسح المقطع.

حدقت مروى في الكاميرا بهلع ثم بلؤي ووضعت كفها على شفاهها: لقد انكشفنا! أبي سيقتلنا!
أجابها بهدوء: لا تخافي... لحسن الحظ فريد من يجلس بغرفة المراقبة.
بتوجس قالت: أتثق به...
أجابها: أجل... لست غبيا لأجعل عدوا لي يراقبني...
سارت إلى جانبه عاقدة ساعديها أمامها بينما كان هو يقول لها: عليك أن تنتبهي أكثر. أصبحت الكاميرات في كل مكان...
تفاجأت مما قال: لماذا؟ هل نحن في خطر؟
لم يكن ليحملها على الشعور بالخوف فقال مطمئنا: لا... ليس هناك أي خطر اطمئني...
عندما وصلا إلى باب المستودع خارجا قالت متذمرة: ألن نحظى بلحظة دون تطفل في هذا البيت!
ضحك لوهلة ثم تأملها بحب هامسا: ليتنا نستطيع العيش بعيدا عن هنا... عن كل هذه المشاكل، أنا وأنت وحسب...
تأثرت لكلماته وتمنت في تلك اللحظة أن يصبح الحلم حقيقة... وأخفضت صوتها تقول: لنهرب بعيدا... أنا وأنت...
تأمل عيونها التي تومض أملا كالزمرد للحظات ولكم تاقت نفسه لأن يفعل ما تقول... عاش الحلم للحظة ثم عاد للواقع: الهرب لم يكن يوما حلا... ليس بعد أن لم يبق بيني وبين تحرير أولئك المساكين سوى غمضة عين...
توسعت عيونها متفاجئة: متى؟
رفع رأسه متأملا الحديقة المقابلة ثم عاد ليهمس: لا الوقت ولا المكان مناسبين... وقد أطلتِ الوقوف معي...
انتبهت للأمر فابتعدت عنه قليلا استعدادا للرحيل: اتصل بي...
ابتسم دلالة على الموافقة فتركته وغادرت باتجاه المنزل لتجلس بعضا من الوقت إلى والدها لألا تشك بها أمها.
••••••••

جلس مصطفى يشاهد الأخبار الرياضية وعلى وجهه علامة خيبة، وما لبث أن دخلت زوجته سامية وفي يدها ايناء بازلاء جلست بقربه وراحت تزيل قشره وتحتفظ بالحبيبات. سألته بفضول: ما بك يا مصطفى؟ لماذا أنت مهموم؟
بحنق واضح أجابها: بهذا الأداء لن يتأهل المنتخب الوطني إلى المونديال...
كان هو شديد التعلق بكرة القدم فيما لم تكن هي تفقه شيئا لا في الأندية ولا في الفرق ولا في أي شيء من أمور الكرة. قالت بتعجب: لابأس عليك... ليسوا في حاجة للكؤوس، ألم ينالوا كأس الجمهورية قبل أيام... وكذلك فازوا بالبطولة!
كانت تخلط بين الفرق المحلية والمنتخب الوطني، حدق فيها من زاوية عينه بضيق ولم يشأ أن يدخل معها في جدال عقيم فالتزم الصمت حتى لا ترفع ضغطه، لكنها تابعت تقول: وحتى لاعبينا يبدون وجها مشرفا في الفرق الأوروبية... إنهم ماهرون وينالون مع أنديتهم الكؤوس أيضا!.. لا حاجة لنا بالكؤوس ولدينا منها الكثير...
قالتها بشبع ولا مبالاة... وكانت تلك أخبار جمعتها من هنا وهناك عندما تجلس لمتابعة التلفاز معه. هدر فيها بحنق: أخبريني أين تضعين تلك الكؤوس التي تفاخرين بها! في خزانة المطبخ!... أم في خزانة ثيابي!.. اغربي عن وجهي قبل أن أقلب تلك البازلاء في وجهك.
قامت من جلوسها تناظره بسخط ثم قالت: لست أفهم لماذا ترفع ضغطك من أجل جلد منفوخ ينط هنا وهناك!
صاح بها: أنت من يرفع ضغطي!
أجفلت من صيحته فأخذت البازلاء وتركت غرفة الجلوس متمتمة ومتذمرة وعيونه تلاحقها بنظرة عابسة وعقله يسترجع كلماتها التي لا وزن لها ولا معنى ويهمس مستغفرا ليخفف من غضبه، ثم تمتم بيأس: وكأنه ليس في رأسها عقل ولا في وجهها عينان!
وقال مقلدا لها بصوت ساخر: نالوا كأس الجمهورية وفازوا بالبطولة!
وعلق بغيظ: وأمك من ركلت ضربات الجزاء!

دخلت سهام تجر أقدامها على استحياء وكأنها تحمل إليه شيئا لا تريد أن تصرح به. اقتربت من الأريكة المجاورة له وجلست باعتدال ثم تأملت انشغاله بمتابعة التلفاز لبرهة وقالت: ماذا قالت أمي؟
لم تحد عيونه بعيدا عن الشاشة وهو يرد بسخط واضح: ربما تناولت بعض الحشيش مع سلطة الغداء...
أطلت عليه بعد أن سمعته وهي عائدة لتأخذ كيس القشور: تراني بقرة لآكل الحشيش! عيب عليك بعد كل هذه العمر!
والتقطت الكيس بقوة من الأرض وغادرت. فالتفت إلى ابنته: أنتحر شنقا أم أضرب نفسي بسكين!
ضحكت للحظة ثم شعرت بالفتور فما كانت تريد أن تتحدث فيه ليس مسليا على الاطلاق.
ساد الصمت التام لفترة إلا من صوت مقدم الأخبار على التلفاز، لتنطق فجأة مترددة: هل التقيت بالسيد محسن يا أبي؟
تجهم وجهه فأحست بأمعائها تُعصر، ثم التفت إليها بانتباه تام: لماذا تسألين؟
وصمت للحظة ثم تابع: أنت متفقة معه على كل شيء وأنا آخر من يعلم!
اغتنمت فرصة سكوته لتقول قبل أن ينهال عليها بسيل من التهم: كل ما في الأمر أنه سألني إن كنت أوافق على الزواج به وأنا وافقت... ولهذا فتح الموضوع معك... هذا كل شيء لا أكثر ولا أقل...
تأملها بعبوس ... إنها فتاة جديدة لا تشبه تلك التي كانت تتورد خجلا كلما فُتِحت سيرة الزواج أمامها!.. لم تعد تلك المرأة التى تسبل أهدابها وتومئ برأسها إذا ما سُئلت عن رأيها بشأن قبول خاطب أو رفضه!
هل تغيرت بعد كل مآسيها، أم أن الزمن وحده من تغير!
قالت بعد صمت: كيف وجدته يا أبي؟
هز كتفيه بلامبالاة: رجل مثل كل الناس... لا تكفي ساعتان لتعرفنا معدن المرء وأصله...
كانت نصف ابتسامة ساخرة فضحت قهرا يعتمل بصدرها: ولا حتى دهرًا يا أبي... عشت مع ذلك النذل أعواما أدور في حيرتي، ولولا أن كشفه الله ما كنت لأعرف حقيقته!
صمت مفحما بعد أن جاءت على ذكر طليقها الحقير، فبعد كل ما حصل بات يحمل نفسه كأب مسؤولية كل انتكاساتها بسبب زوج منحرف دافع عنه وأولاده الثلاث بكل ثقة. قال بحرج: كان غلطة يجب أن نحرص على ألا نكرر مثلها...
ردت عليه بثبات: دعني إذن أتخذ قراري وأتحمل مسؤوليته...
زفر باستياء وتكلم بهدوء يعاكس براكين الغضب التي بدأت تفور بداخله: إنه بعمري أنا والدك... كيف ستعيشين مع رجل يكبرك بكل تلك الأعوام!
أجابته بعد أن لاح طيفه أمام عيونها: لا يظهر عليه الكبر...
ثم صمتت لوهلة وتابعت: لن أقول لك أنه ملاك بلا أخطاء... هو ليس رجلا اجتمعت فيه مكارم أخلاق البشر... لست واثقة من أن حياتي معه ستكون وردية وكل أحلامي ستصبح حقيقة... لكنني أريد أن أجرب...
تلك العقدة بين حاجبيه لم تختفي طوال حديثها إليه... ليس يفهم لماذا تريد أن تلقي بنفسها في هوة مجهولة القرار. سألها بفضول: لماذا هو يا ابنتي؟
لم تجد جوابا واضحا... كررت السؤال بنفسها لنفسها "لماذا هو؟"
رفعت طرفها إليه بعد شرود: لأن قلبي يرتاح له... لأنني أريد العيش معه...
أسكتها فورا: لا داعي لأن تنشديني شعرا...
ما قالته يُعد وقاحة بالنسبة له... في شبابه وبعد زواجه كان يفر من عيون أبيه خجلا منه لشدة احترامه له وهو رجل!
أما ما تقوله ابنته في وجهه بصراحة تامة فمن المفروض أنه حديث نساء يتهامسن به في خلوة... أصبح متأكدا الآن أن بها عصبا أو اثنين قد تلفا بعد كل ما عاشته وهما الآن يرسلان بموجات تشويش إلى عقلها، تنحنح بصوته الخشن واستقام في جلوسه وكأنه يقول أنا والدك فاحترمي نفسك ثم أردف: أنت مشوشة بعد كل ما حصل... اعطي نفسك وقتا للتفكير.
ربما ما يقوله فيه شيء من الصواب، وهي تعي ذلك... لكن شيئا بداخلها يحمسها لاتخاذ خطوة نحو الأمام مع تجاهل العواقب... لم تكن تريد غير حضن دافئ تأوي إليه هربا من الدنيا المجحفة، فمحسن حتى وإن كان سيئا في يوم من الأيام إلا أنها تحس بشيء من الأمان في وجوده وتعرف أنها ستكون سعيدة في قربها منه... لقد وثقت بالوعد الذي قطعه على نفسه أمامها... لم يعد شابا كالسابق وهو أقرب للرزانة والمسؤولية منه لطيش الصبى... ما مضى قد فات وهو مُحاكم ومُحاسب على ما هو قادم... تريد أن تغامر وتراهن بعمرها القادم عليه، وإما أن تنجح أو تفشل.
قالت بعد صمت: أعلم أنك تفكر في مصلحتي يا أبي... ولكنني أطلب منك أن تصغي لرغبتي وتتفهم موقفي... امنحنا موافقتك ومباركتك فنحن بحاجة إليها ودع ما هو آت للزمن فالله وحده من يعلم الغيب.
شرد في معالم وجهها للحظات ونفسه تتصارع بين إقدام وإحجام... لقد عجز حقا عن اتخاذ قراره. لا يريد لابنته إلا كل خير، لكنه يخاف من أن تتأذى بسبب خياراتها الخاطئة في هذه الحياة...
قال بعد طول صمت: دعيني أفكر في الموضوع.
•••••••

وقفت بالشرفة تشاهد سيارة والدها الفخمة وهي تغادر رفقة الحراسة الخاصة. لقد كان لؤي معهم وهذا أكثر ما يوجعها، ظلت تجهز رسالتها النصية لتدعوه فيها إلى الالتقاء من أجل أن يتناقشا في موضوع المساجين وأيضا حتى يتسنى لهما النظر بعيون بعضهما البعض وتبادل الحب إيحاءً وتلميحا... لكم تتوق لأن تقف أمامه عروسا بثوبها الأبيض وكأنها لم تتزوج يوما ولم تعرف قبله رجلا... ضاع العمر من قبله هباءً... وسيضيع حاضرها في دهاليز الانتظار... لابد وأنه مثلها يحلم ببيت وأسرة وأولاد... لكنه يفكر قبل كل شيء في إهدائها الأمان...

عندما انعطف السائق بالسيارة التفت جهة الفيلا الكبيرة وأرسل نظراته باتجاه غرفتها فشاهدها واقفة بالشرفة مستندة على الحاجز بساعديها تنظر باتجاه السيارتين. وكأنه شعر باحتياجها إليه، ورغبتها الجامحة في أن يكون بالقرب منها.. أراد وبشدة لقاءها هذه الليلة بعيدا عن العيون علها تجود عليه بكلمة حب تنسيه سنوات الانتظار الموحشة، هي لم تعترف له بحبها بصريح العبارة... وهو رجل متطلب يبتغي أن يعيش العشق على أصوله... ولكن بين حلمها ورغبته يقبع بشير ليحول دون أن تتحقق الأمنيات.

عندما وصلت السيارتان إلى الفيلا المنشودة ترجل السائق ليفتح الباب لسيده فيما انتشر الحرس بالأرجاء عدا لؤي الذي توجه رأسا إلى بشير حتى وقف أمامه في استعداد: بماذا تأمر سيدي؟
أشار إلى البوابة: تأكد من تأمين الفيلا..
أومأ بانصياع وغادر من أمامه فيما تابع الآخر خطواته السريعة باتجاه المدخل.
استقبله الخدم لإلقاء التحية وما لبث أن تجاوزهم جميعا وأسرع الخطى باتجاه الطابق العلوي الذي كان خاليا تماما من البشر.
استخدم مفاتيحه ليفتح إحدى الأبواب الموصدة بإحكام، ثم ولج إلى الداخل وقام بتشغيل الأنوار التي تلألأت في كل زاوية تفصح عن أناقة ورقي منقطعي النظير.
سار بخطى واثقة وعلى وجهه نظرة متغطرس همجي... شيء من الكبر يخالطه بعض الجبروت... حتى انتهى عند أعتاب امرأة شبه عارية مقيدة المعصمين إلى السرير بإحكام وهي جالسة بالمنتصف لا تستطيع الحراك يمينا أو شمالا، تغطي وجهها عشرات الكدمات حتى أصبح منتفخا يميل إلى الزرقة.
رفعت رأسها إليه باشمئزاز وأرادت حقا أن تبصق على محياه، لكنها تمالكت نفسها فهي لم تعد قادرة على احتمال الركل أكثر...
حملق فيها باحتقار شديد قبل أن ينطق: كيف حال أميرتي المدللة؟
لم تجبه بكلمة بل شدت يديها بقوة تحاول الخلاص وهو يتأمل نزيف معصميها بفعل الحبال الخشنة التي تقيدها ثم أردف: أراك بأحسن أحوالك ما دمت تستطيعين الحراك ياقوتتي المزيفة...
سكب لنفسه كأس نبيذ ثم جلس على كرسي مقابل لسريرها واضعا ساقه الأول أعلى فخذه الثاني و تأمل اللون القرمزي الذي يخالطه السواد حبيس الكأس الزجاجي بيده لوهلة وكأنه يتركه ليستنشق الهواء الذي حرم منه لسنين قبل أن يرتشف منه أولى القطرات على مهل وكأنه يقبل أنثاه بشغف.
استطرد بعد طول صمت: أنت لم تكوني يوما ياقوتة أصلية... وأنا خدعت بزيفك...
أصدر ضحكة ساخرة ليكمل: لطالما كان محسن ماهرا في تقييم المجوهرات... ألم أخبرك أن والده كان صائغا؟... أعتقد أنه ميز معدنك الوضيع قبلي، وعرف كيف يصطادك...
ثم فكر لوهلة وتدارك قوله: أو بالأحرى أنت من اصطاده.
صرخت به بقهر وعيونها تنزف عبرات ذل وعذاب: دعني وشأني أنا أرجوك... لماذا لا تكف عن تذكر الماضي؟... لقد أخذت حقك مني مضاعفا... انتهكت جسدي، أذللت كبريائي، ابتززتني و احتقرتني... ما الذي تريده بعد؟
قالها بجمود وعقدة بين حاجبيه تبوح بسخطه: روحك...
توسعت عيونها هلعا وارتعشت شفاهها للحظات: لماذا لا تفعلها إذا؟
وصرخت بهستيريا كمن لا مفر له من هذا العذاب إلا الموت ليريحه: لماذا لا تقتلني إذا؟!... اقتلني لأرتاح!
مالت شفاهه لترسم نصف ابتسامة: الراحة بعيدة عن عيونك فلا تطمحي إليها...
رشها بما بقي في كأسه من نبيذ ووقف ضاحكا: نسيت أن أخبرك أن صاحبيك في عهدتي...
بلعت ريقها بهلع: نسرين... ومحمود؟!
أجابها بانتصار: هل كنت تشكين في مقدرتي على الوصول إليهما؟
عادت بها الذكريات سريعا إلى ذلك الصباح الذي استيقظت فيه كالعادة وطلبت رقم نسرين لتتفقا على موعد للقاء فاكتشفت أن الرقم مقفل وكذلك كان الأمر بالنسبة لرقم محمود. ساورها القلق إزاء الأمر وخرجت إلى مكتب الاستقبال لتستفسر عن النزيلين فاكتشفت أنهما قد غادرا في وقت مبكر من هذا الصباح...
انتابتها الهواجس والشكوك ولم تدر إن كانا قد اختطفا أم أنهما هربا... لكنها عزمت على ترك المكان بسرعة.
جمعت كل حاجياتها وطلبت سيارة أجرة وقبل أن تترك الغرفة فاجأها رجلين طويلي القامة وضخمي الجثة ومنعاها من الخروج.
تراجعت إلى الخلف بخوف وترقب ولم تكن إلا لحظات حتى أخذا منها الحقيبة وأخرجا كل محتوياتها بحثا عن أي دليل يقودهما إلى صاحبيها، ثم أخذا منها الهاتف وأخرجاها من الفندق تحت تهديد السلاح حتى وضعاها في السيارة وعصبا لها عينيها.
كانت تلك بداية العذاب المرير... فبعد أن أزالوا العصابة عن عينيها لم تعد ترى إلا الكوابيس. كان بشير ينتظر قدومها بنفاذ صبر، ولم يتردد في إيذائها لا جسديا ولا حسيا، فقد كان يتفنن في إنزال العذاب بها لتبوح بما تعرفه بشأن محمود ونسرين... ولأنهما تعمدا أخذها معهما فلابد وأنهما فعلا هذا لأنها تعرف الكثير...
أخبرته تحت التعذيب بكل ما تعرفه وحتى بعد أن أخذ منها كل المعلومات لم يتوقف عن إذلالها. بل وجد كل المتعة في جعلها تدفع ثمن أخطائها بالجملة...
وها هو ذا قد نال ما يريد... يبدو أنه ترك من يراقب منزل أهل نسرين طوال كل هذه الأشهر بصبر حتى رجعا على حين غرة، فقام رجاله باختطافهما من أمام عتبة البيت باحترافية.

وقف لؤي بالقرب من الباب الموصد يحاول استراق السمع لما يدور بين بشير ومن يظنها عشيقته التي يمارس عليها ساديته طوال أشهر. لم يكن يعرف أنها ليست سوى المرأة التي رافقت نسرين ومحمود، لم تسنح له الفرصة لرؤيتها حتى الآن... لكنه كرجل يحب الاحاطة بكل شيء، حاول مرارا أن يعرف من تكون وسبب تواجدها هنا، وقد ظل حذرا يتجنب إثارة شكوك سيده، وكان هذا الأخير يعالج أمور سجينته المميزة شخصيا دون اقحام أحد بالموضوع.
طرق على الباب بخفة ففتح له بشير بعد مماطلة: ماذا هناك؟
جلى بحة صوته وقال باحترام: سيدي... اتصل بي فريد وقال أن شاحنة مغطاة سوداء اللون تجول بالقرب من الفيلا وقد التقطتها مجموعة من الكاميرات وهي تحوم بالقرب من المداخل الأمامية والخلفية.
عقد حاجبيه بتساؤل ثم أشار له: اسبقني إلى هناك لتحرص على سلامة ريماس ومروى، سأتصل بأحد معارفي من ضباط الشرطة ليتأكد من الأمر وألحق بك... لديكم لوحة ترقيمها صحيح؟
أجابه: أجل... لقد دونته على الهاتف.
•••••☆
خلعت ثيابها ودخلت حوض الاستحمام على مهل ثم استرخت تماما في المياه الدافئة وأغمضت عيونها.
كان طيفه يرتسم أمامها باسم الثغر تارة وتارة أخرى يهمس لها "أحبك" تماما مثلما فعل ليلة الأمس عندما أخبرته بأنها تكرهه.
سعيدة جدا لأن ريم ليست منافسة لها على قلبه رغم أنها لمست في نظراتها إليه شيئا من الاعجاب والتعلق... ما يهمها الآن أن لؤي يحبها هي لا غير...
سمعت صوت طلقات نارية بعيدة... لم تعر الامر أي اهتمام فقد تكون صادرة من التلفاز أم أنها أمسية احتفالية بأحد البيوت في المنطقة. لطالما كان الحي الذي يسكنونه هادئا مستقرا فلا يقطنه غير من هم في نفس مكانتهم الاجتماعية.
تكررت الطلقات بضع مرات وأحست بالصوت أقرب، فشعرت بخوف شديد وقفزت من مغطسها لتلتف في كساء حمام أبيض قصير وخرجت باتجاه غرفتها محاولة معرفة ما يحصل من خلال النافذة فسمعت أمها بالرواق تسأل الخادمة: ما الذي يحصل يا خديجة؟
قالت الخادمة بهلع: لا أعرف سيدتي.. أعتقد أنه صوت إطلاق نار.
خرجت مروى من غرفتها مذعورة: إطلاق نار!!!
وتمسكت بكسائها أكثر بخوف: ألم يعد لؤي؟
أجابتها الخادمة: ليس بعد...
شعرت برعب يتملكها حتى شارفت على البكاء فأخذتها أمها في حضنها مهدئة: لا تخافي حبيبتي... ليس الأمر كما تعتقدين... لن يحصل أي مكروه.
انطلقت بضع طلقات قوية بالقرب من البوابة معها صوت عجلات سيارة تنعطف بقوة دون أن تتوقف فأسرعت بلا شعور إلى الشرفة وأطلت بحذر فشاهدت إحدى سيارات والدها تدخل الحديقة حتى توقفت قرب النافورة ونزل منها لؤي وهو يتكلم عبر هاتفه وفهمت منه أنه يخبر محدثه عن الطريق الذي سلكته الشاحنة التي فرت من أمام البيت بعد أن تسببت في بعض المناوشات وأصابت اثنين من رجاله الذين تركهم في الحراسة.
أسرع خطاه باتجاه الفيلا ليتأكد من سلامة حبيبته وأمها.. وكان متأكدا من أنهما تشعران بوجل شديد.
عندما دخل القاعة ثبت مسدسه بحزامه وصعد الدرج بخطى سريعة حتى أصبح بالرواق وهناك كانت مروى تدفن رأسها في حضن أمها مثل النعامة... أهاته هي من يطمح أن تساعده في تحرير الأسرى؟ سحقا لثقته الزائدة في شجاعتها!
عندما وصل انصرفت الخادمة فسألهما: أنتما بخير؟
منعت مروى نفسها بالقوة حتى لا ترتمي في حضنه. بينما سألته ريماس بقلق: ما الذي يحصل يا لؤي؟
أجابها وعيونه على صاحبة الشعر المبلل: لا تقلقا... إنها محض مناوشات من بعض الحاسدين ليس إلا...
عادت لتسأله بخيبة: بماذا ورطنا بشير هذه المرة؟.. كن صادقا...
قال باقتضاب: إنهم حاسدون كما قلت لك... يمكنك الاسترخاء من جديد... لن يحصل أي مكروه.
لم تحد عيونه عن حبيبته الباكية فشعرت ريماس أنه عليها أن تخلي لهما الساحة لبعض الوقت فانصرفت من هناك. وفور دخولها غرفتها سحب لؤي مروى إليه وضمها بقوة فبادلته عناقه وهي تهمس بخوف: ماذا لو عادوا من جديد؟ قد يؤذونك يا لؤي!
أبعدها عنه للحظة وتأمل عيونها الوجلة بإشفاق: هل تخافين علي؟
انحنت شفاهها ترتعش بألم قبل أن تقول: سأموت إن تأذيت...
لم تصدق أذناه ما تسمعه فأمسك بوجهها بين كفيه يتأمل احدى العبرات وهي تنزلق من خدها نزولا وقلبه يخفق بقوة: لا تتحدثي عن الموت... أرجوك.
خبأت وجهها في صدره العريض وراحت في البكاء. ليست تدري لماذا شعرت برغبة ملحة في ذرف الدموع! أهو خوفها من فقدانه؟ أم أن الدنيا قد أثقلت عليها الهموم حتى أضحت تبصر السعادة وتخشى لمسها...
أدخلها غرفتها ووقف قرب الباب مشيرا إلى ما ترتديه: بدلي ثيابك وارتاحي يا عمري... سأكون بالجوار... يجب أن أتأكد من سلامة رجالي.
توسعت عيونها بدهشة: هل تأذى أحد؟
أراد التملص منها بأي طريقة دون أن يرعبها فطبع قبلة صغيرة على خدها وغادر معتذرا يتحجج بانشغاله.

وهو ينزل الدرج كان بشير في القاعة وقد وصل من بعده مباشرة فسأله: ما الذي حصل؟
أجابه وهو يقترب: إنها محض مناوشات... لم يبد لي أنهم كانوا يريدون اقتحام المنزل، وإلا كانوا فعلوا ذلك بكل بساطة ووقعت الكارثة. إنها رسالة تهديد أخرى... وأخشى أن تكون الأخيرة.
عبس بشير للحظة دون أن ينطق فأردف لؤي وقد أصبح قبالته: السيدتان في خطر الآن... يجب أن تعرفا هذا بطريقة أو بأخرى...
سأله بجمود: لم تفتح فمك صحيح؟
حرك رأسه نفيا دون كلام فظل بشير على عبوسه وهو يفكر في حل للورطة التي هو فيها. لقد وقع في مأزق... وكأنه فريسة وقعت في فخ محكم الصنع وهي تتخبط بلا خلاص... يشعر الآن بشيء من اليأس الذي كان يحيط به أعداءه... يشعر أن ثمة عيون تراقبه وأن هناك من يستطيع التسبب في أذيته بين عشية وضحاها... يحاول البحث عن منفذ للخلاص ويكتشف انسداد كل الدروب... كطعم العلقم ذلك الخوف الذي يحيط به ليعصره توجسا وترقبا...
(كم من طغاة على مدار التاريخ ظنوا في أنفسهم مقدرة على مجاراة الكون في سننه أو مصارعته في ثوابته... فصنعوا بذلك أفخاخهم بأفعالهم...وكانت نهايتهم الحتمية هي الدليل الكافي على بلاهتهم وسوء صنيعهم)
أحمد جمال الهادي
••••••
كانت ياقوتة في غرفتها المعتمة تصارع أشباحا تمسح المكان وسط الظلمة ذهابا وإيابا... صرخت بقوة تطلب الخلاص كما اعتادت أن تفعل ولم تكن تسمع سوى صوتها تعكسه جدران تلك الغرفة الملتفة في سواد مخيف.
تقاطرت دموعها بغزارة وهي تردد بجنون: أنقذني يا الله... أتوسل إليك يا ربي... سامحني على مجوني وإسرافي... سامحني على فجوري وطريق الغواية الذي سرت به لسنوات... أتوسل إليك يا ربي أنقذني من هذا الحقير المختل ولن أذنب من جديد... أقسم لن أعود لطريق الغواية... خلصني منه يا الله...
وتعالت شهقاتها اليائسة تملأ صمت المكان الدامس ومعصميها الجريحان يقطران دما من شدة محاولاتها المستميتة لتخليص نفسها.
فجأة ومن دون مقدمات شعرت بأحد الحبلين يتراخى... سحبته بقوة أكبر ومن شدة تألمها لم تعد تحس بأن لها يدين.
استطاعت بعد بضع محاولات أن تسحب يدها إليها ومعه الحبل وقد تقطع أو انفلتت عقدته من مربطه.
لم تستطع أن تتأمل يدها من ظلمة المكان. وكانت تخشى أن تبصر النور فتجد أنها تتوهم ليس إلا...
كانت تطبق أصابعها وتفردها بتشنج شديد... أنهكها الألم ووخز تشعر به كالإبر في أطرافها. استخدمت بسرعة يدها المحررة وفكت قيدها الثاني ثم حاولت الهرب من فوق السرير فسقطت أرضا لأن ساقيها أوهن من أن تتحملا وزنها.
ورغم الألم وخذلان جسدها لها إلا أنها كانت تشعر بسعادة كبرى وهي تجد نفسها حرة لأول مرة... فحتى عندما كان يسمح لها بشير بدخول الحمام لم يكن يفك قيدها بل يحكم توثيق معصميها خلف ظهرها... وربما كان يتأخر أحيانا في المجيء أو يغيب تماما فتضطر لقضاء حاجتها على نفس السرير... لكم كرهت الشعور بأنها تشبه الحيوانات من قريب أو من بعيد...
وكان إذا ما جاء في اليوم التالي سخر منها بطريقة حقيرة وسجنها بحمام الغرفة ريثما يقوم الخدم بالتنظيف...
بكت قهرا وهي تتذكر ما كان يلحقه بها من عذاب... لقد استخدم كل الوسائل المتوفرة لإرعابها... حتى أنه في إحدى المرات ألقى بها على الأرض وهدد بسكب "حمض النيتريك" فوقها بهدف تشويه وجهها وكامل جسدها. وكان في كل مرة يميل برأس القارورة من فوقها فتصرخ برعب وتنكمش وتترجاه ليشفق عليها ويرحمها... حتى أنها قبلت حذاءه متوسلة.
كان المشهد مثيرا جدا لسادي مثله ما فتح شهيته ليمارس اغتصابه... وانتهى الأمر بها خاضعة لقواعد الغرام المجنونة لديه يعبث بها وكأنها ليست من البشر!
شهقت بحرقة وهي تسحب شراشف السرير إليها بوهن. حتى استطاعت وسط تلك الظلمة أن تمزق شرائطًا استخدمتها ضمادات لمعصميها.
حاولت الوقوف أكثر من مرة لكنها لم تستطع بسبب آلام ظهرها، فراحت تحبو باتجاه الباب مهتدية إلى الطريق بتحسس ما حولها. وعندما لامست الجدار تمسكت بقطع الأثاث ونجحت في الوقوف فراحت تمسح بيدها هنا وهناك حتى استطاعت تشغيل الاضاءة.
أومض المكان فجأة فأغمضت عيونها بقوة ولم تستطع تحمل الانارة ثم راحت تخفض مستوى الاضاءة حتى أصبح في أدنى مستوياته وكان الأمر أكثر من كافي بالنسبة لها. حاولت الوصول للشرفة والنوافذ لكنها كانت مقفلة بإحكام وليس في استطاعتها اختراقها.
راحت تدور كالمجنونة من مكان لمكان بحثا عن أي شيء قد يساعدها على كسر الباب لكنها خافت من أن تفضح نفسها ويحضر رجال ذلك المقيت ليقيدوها من جديد.
سارت بكل أنحاء الغرفة حتى توقفت أخيرا قرب مرآة زجاجية كبيرة تزين أحد الجدران.
تأملتها بجمود ثم التقطت شراشف السرير الممزقة على الأرض وراحت تلفها حول إحدى أواني الزينة.
رفعتها بيدها عاليا ثم أغمضت عيونها وحطمت بها المرآة. أصدر الصدام وتحطم الزجاج صوتا أقل حدة من المعتاد فشكرت الله في نفسها. وراحت تبحث بين القطع عن الأطول لتلف حولها بعض القماش وتجعل منها سكينا له مقبض.
حملته بين يديها المرتعشتين بعد أن انتهت من صنعه وقربته منها تتأمل شكله ثم همست بنقمة: سأخرج من هنا يا بشير... سأخرج من فوق جثتك... أقسم لك.

noor elhuda likes this.

بريق أمل غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 08-09-21, 02:15 AM   #64

بريق أمل

كاتبة في قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية بريق أمل

? العضوٌ??? » 381251
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 515
?  نُقآطِيْ » بريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل التاسع والعشرون

فتح عيونه مع بزوغ أول خيوط الفجر... كان متعبا جدا فقد أمضى الليل في تفقد رجاله وإعطائهم التعليمات خوفا من حدوث أي طارئ... تلك الشاحنة لم تعد، وبشير أعند من أن يقدم أي تنازلات، وجل ما يخشاه أن تكون الخطوة التالية لهؤلاء هي أذية مروى أو ريماس.
أراد أن يبعد الغطاء عنه ويقوم فأحس بشعر ناعم في يده، تأمل الوجه البريء الذي يغفو بالقرب من صدره مختفيا تحت اللحاف... متى وصلت إلى هنا!
ابتسم بحب ولم يشأ إيقاظها، يبدو أنها تسللت إلى غرفته أثناء نومه ومن شدة تعبه لم يشعر بها تندس في سريره.
أبعد خصل شعرها الناعمة عن وجهها وبقي مستلقيا على شقه الأيسر يتأملها بعيون عاشقة أضناها الهوى...
مرر ابهامه فوق أنفها الصغير برقة وداعب وجنتيها الورديتين بدون أن تستيقظ.
هل رآها أحد وهي تدخل غرفته؟ هل بحثت عنها أمها ولم تجدها؟... ليس هناك كاميرا قرب مدخل غرفته لكن عيون الخدم أسوأ.
خلل أصابعه في شعره متنهدا والبسمة لا تفارق شفتيه، هل جاءت بحثا عن الأمان؟... أم عن الحب؟... أم ربما كليهما معا!
قبل وجنتها برقة وهو يستنشق عطرها الذي يسكره بلا شرب، ففتحت عيونها ببطء... تأملته لوهلة قبل أن تبتسم في صمت محرجة من اقتحامها لغرفته دون استئذان.
قالت ببحة: كنت خائفة... ولم أستطع النوم فجئت لأنام بقربك.
همس لها وعيونه المتأملة لها عن قرب تربكها: إنه أجمل صباح في كل حياتي... يا حياتي.
توسعت ابتسامتها من بعد الحرج فتابع: ليتني أغفو معك وأفيق بقربك كل يوم...
وضعت كفها على خده تداعبه وعيونها قد اتقدت حبا. بينما تابع هو: ليتنا نعيش معا في بيت واحد... نأكل معا... نشاهد التلفاز معا، نتبادل الأحاديث.. نخرج للتنزه... ليتنا ننجب أولادا...
توسعت عيونها كما ابتسامتها مع كلمته الأخيرة: تريد أولادا؟
صمت متأملا لردة فعلها يستقرئ في نظراتها مدى تفاعلها مع كلامه، ثم خرج من أحلامه وعاد للواقع: الحقيقة أن كل ما قلته لا يعدو أن يكون أحلاما مؤجلة... مجرد أمنيات.
قال هذا وحاد بنظراته بعيدا فدفعت بخده برقة ليعود لمواجهتها وقالت بحماس: يمكننا أن نجعل الحلم حقيقة...
لم يقل أي كلمة بل ركزت عيونه على شفاهها التي استمرت تقول: أنا أحبك يا لؤي... أحبك كثيرا...
تنهد وكأن الهواء قد نفذ من رئتيه فجأة وقد لمعت عيونه ببريق حب آسر عبث بمشاعرها. وراح يقترب منها على مهل وهو يقول بصوت خفيض يحمل احساسا عميقا: وأنا أعشقك يا عيوني... أكثر مما تتخيلينه بأضعاف.
كانت تلك نقطة اللارجوع... في تلك اللحظة تولد الحقيقة من رحم الأمنيات... نزلت قبلاته كالمطر على أرضٍ فلاة بذرها أملا ليزهر في الغد القريب ويثمر...
خلق الحب ليكون متبادلا، لألقي بين يديك قلبي فتحتضنه بشغف... لأهبك النجوم وتعطيني القمر... ما أجمل أن يعيش المرء حبا متبادلا عميقا فيه من الأحاسيس ما ينعش النفس ويذهب عنها الغم والهم.... فالحب قبل أن يكون أفعالا، هو عواطف مجنونة وأحاسيس عميقة لا تصفها الكلمات ولا تشرحها العبارات...
مؤكد أن الكلاب أيضا تتعاشر وتتكاثر وتنجب بدل الجرو ثمانية... الحب ليس غريزة وليس شهوة ولم يكن يوما مجرد حجة لتحقيق المآرب...
الحب تواعد قلبين على الإخلاص واجتماعهما رغم التناقضات...
••••••
وافق أخيرا والدها على زواجها من محسن فأبلغته الخبر السعيد ليلا ليعجل في ضبط موعد معهم عصر اليوم من أجل لقاء كل أسرتها والاتفاق حول كل الأمور لتقريب موعد الزواج قدر الإمكان فهو لم يعد قادرا على احتمال الوحدة بعد أن ضاق به الوجود من بعد رحيل ابنه عن المنزل مرة أخرى.
خرجت سهام رفقة أمها لشراء ما يلزم من أجل استقبال رجل بمقامه في منزلهم.
قالت سامية وهي تتفقد ما اشترته حتى الآن: رجل مثله لن نستطيع ارضاءه... أنظري هل المناديل جميلة؟
هزت سهام رأسها بملل: أمي مناديلهم اليومية أجمل من هذه بكثير أما الرسمية فثمنها يعادل ثمن الزينة التي على أدراج صالونك... لا تتعبي نفسك في محاولة مجاراة ترفه... هو يعرف ما أنا عليه وقد رضي بالأمر... لو كان يريد امرأة من طرازه ما دق بابكم...
فكرت للحظة ثم نظرت إلى ابنتها متسائلة: لم نغير طاقم فناجين القهوة منذ مدة! دعينا نشتري غيره...
سحبتها من يدها لترجعا إلى البيت باكرا: هيا أمي الأمور بسيطة فكفي عن تعقيدها أنا أرجوك...
قفلتا عائدتين وعند مخرج السوق توقفت سهام وأخذت تنظر من حولها بريبة. فرجعت إليها أمها: ما بك يا سهام؟ علينا أن نوقف سيارة أجرة قبل أن يكتظ المكان أكثر...
تحركت إلى الأمام بتشنج وهي تحدق مرعوبة في ما حولها، كيف لها أن تنسى ما حل بها قبل البارحة... الخوف الذي عايشته لن يُمحى من ذاكرتها بهذه السهولة... قد يخرج ذلك المقيت من أي زاوية!
حركتها أمها لتلفت نظرها وقد شعرت بما يكدر صفوها: حبيبتي... ذلك النذل يختبئ كالجرذ في مكان ما... هو لن يجرؤ على الخروج لأنه ملاحق من طرف الشرطة...
قالت بعدم اقتناع: هم لم يقبضوا عليه بعد والله وحده يعلم من أين سيفاجئني هذه المرة!
سارتا معا وسامية تحث الخطى وتجبر ابنتها على الاسراع: لا تنسي أن أنس في عهدة زوجة أخيك وكما تعرفين هي لن تتحمل صراخه إن بدأ في البكاء...
سألتها مستنكرة: هل دعوتهما هي ونور للحضور هذا المساء؟
أجابتها: كلا... قال أخوك الأكبر أنه من الأفضل أن يكون هذا لقاءً للرجال وإن حددوا موعد الخطوبة أو أي شيء من هذا القبيل سنفكر في دعوة الأهل والأقارب والاحتفال.
مدت يدها لتوقيف سيارة الأجرة وهي تقول: أعتقد أننا سنتزوج دون مماطلة. هكذا أخبرني ليلة الأمس.
•••••
في مكتبه الفخم بالشركة جلس بشير يعاين حساباته البنكية بالداخل والخارج. لديه أموال كثيرة ويمكنه دفع ما يطلبه أولئك الرجال لكنه لا يريد أن يرضخ لهم ليتمكنوا من إذلاله... أسوأ ما في الأمر أنهم قد يؤذون أسرته وهذا ما لا يريده، هو يعلم علم اليقين أنهم قادرون على إخفائه من فوق الأرض بين ليلة وضحاها...
المافيا الإيطالية هي منظمة إجرامية كبيرة توجد في صقلية ويوجد فرع لها في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي إحدى أكبر المنظمات الإجرامية في العالم وتدير أنشطة غير قانونية متعددة مثل الابتزاز وتجارة المخدرات وعمليات السرقة والخطف، ظن أنه بانضمامه إليهم سيحقق مكاسب ضخمة وطمح لأن يصبح من أثرياء العالم لكن طموحه الذي لا سقف له أودى به إلى التهلكة، ولأنه حاول خداعهم وتدليس حقيقة مكاسبهم المشتركة قضوا بأن يدفع ثمن الخيانة أو تتم تصفيته وببشاعة...
صوت طرق على الباب قطع سلسلة أفكاره فاعتدل جالسا وقال بصوت مرتفع: ادخل...
ولج إلى الداخل لؤي ووقف بالقرب من المكتب: صباح الخير سيدي... بماذا تأمر؟
استرخى على كرسيه ثم حدق به: سأدفع ما يطلبه أولئك الأوغاد.
أبدى ارتياحه: هذا أفضل للجميع.
هو مغصوب على فعلته ولولا إدراكه لحجم الخطر الذي يواجهه ما كان ليرضخ لأحد.
حدق بلؤي بعد أن أطرق للحظات: ستكون أنت المحاور معهم، أثق بفطنتك وذكائك...
أبدى موافقته: حاضر سيدي.
أشار له بيده: سنتناقش في التفاصيل لاحقا.
أومأ بانصياع واستأذن للخروج فاستوقفه: ما سر هذا الوجه البشوش؟
رفع حاجبيه مستغربا ثم أدرك أن عيونه تفضح سعادته... لم يستطع تمالك نفسه فابتسم بعفوية ليزيد من حيرة بشير، فلؤي مهني رغم كل شيء وملامحه جادة على الدوام خصوصا عند الوقوف معه ومحادثته، لو أنه فقط يعرف بما حدث بينه وبين ابنته، لكان أحرقه واقفا وعلقه من أذنيه على مدخل الشركة.
أسرع في الانصراف وهو يستأذن بأدب مرة أخرى فلم يبالي به سيده واكتفى بصب اهتمامه على المصيبة التي هو فيها.
•••••
بعد ظهر اليوم حان الموعد المترقب، ارتدت سهام فستانا أزرق اللون يظهر منحنيات جسدها ينزل أسفل ركبتيها بقليل وله أكمام تغطي نصف مرفقيها وفتحة صدر محتشمة. يزينه حزام أبيض على خصرها في طرفه فراشة.
وقفت تتأمل قدها الممشوق في المرآة وهي تتحرك يمينا ويسارا... منذ متى كان خصرها رفيعا لهذه الدرجة!.. ظلت تعاني من اكتناز جسدها لسنوات ولم تدرك أن الهم والغم الذي عاشته سيأكل شحمها ولحمها... حتى شارف أن يدق عظمها.
خللت أصابعها بين خصل شعرها الأحمر المسرح بعناية والذي جددت صبغته قبل أيام وأعادته إلى الخلف على مهل... ثم تأكدت من أن المكياج لازال على حاله كما وضعته. وجددت أحمر شفاهها مبتسمة تتخيل وجه محسن عندما يراها وهي في أبهى طلاتها... متأكدة من أنه سينبهر حتما مثلما حصل معها بعد أن انتهت من تجهيز نفسها. لقد أهملت ذاتها زمنا طويلا حتى نست أنها أنثى ولها على نفسها حق.
أطلت عليها أمها: أسرعي يا ابنتي... ساعديني في تقديم القهوة.
سحبت الهواء لرئتيها على مهل ثم سارت خلفها إلى المطبخ، وهناك كانت زوجتا أخويها التي قالت أمها أنهما لن تحضرا، لكنهما أبتا إلا أن تقتصا أخبار الخاطب الجديد بفضول.
ولجت للداخل فرمقتها الاثنتان بنظرات انبهار دون أن تثنيا على شكلها.
اتجهت رأسا إلى صينية أطباق الحلوى فحملتها وغادرت خلف أمها التي سبقتها مع القهوة.
وقبل أن تترك المطبخ سمعت نور تقول لمنار: كل هذه الزينة من أجل العجوز!
أطلقت الأخرى ضحكة مكتومة فاغتاظت سهام وشعرت بالحنق... كانت تود أن تخنقهما معا أو تصرخ بوجهيهما على الأقل، لكن الوقت غير مناسب. تجاهلتهما تماما وسارت حتى دخلت غرفة الاستقبال فقابلتها عيون محسن المشتاقة وأحاطتها بنظرات افتتان فور أن وضعت قدمها هناك. كانت أنظار والدها وإخوتها موجهة إليها أيضا فشعرت بالحرج الشديد وتعمدت التأخر عن أمها التي وضعت الصينية على المائدة ورحبت بضيفهم بلباقة.
من ورائها كانت سهام، تتابع السير بذلك الكعب العالي المتعب، وأسوأ ما قد يحصل معها وقع. فبمجرد أن اقتربت من المائدة وقبل أن تضع الحلوى تعثرت بحافة السجادة فطارت والحلوى وسقطت أرضا عند أقدام محسن الذي قام بسرعة إليها يساعدها على الوقوف.
عندما رفعت رأسها كان وجهها أحمر قانيا من شدة الاحراج والخجل، حتى أن عيونها امتلأت بالدموع قهرا من حظها السيئ الذي تمنت في تلك اللحظة أن يتجسد أمامها لتقفل الباب وتنهال عليه ضربا بحذائها حتى تشفي غليلها منه...
اضطرب الجلوس هناك للحظات أحدهم يجمع الحلوى والثاني يعتذر لمحسن الذي وقع الصحن بحجره وتناثرت حباته فوق بدلته. وآخر ساعدها على الجلوس هامسا يحاول جعلها تتجاوز الموقف المحرج.
كانت الرؤيا أمامها ضبابية فدوي هائل برأسها جعلها لا تسمع ولا تعقل. كل ما كانت تراه هو ابتسامة محسن وتعامله مع الموقف بروح الدعابة.
عندما سمعت والدها يقول بعد حديث طويل "أعتقد أننا اتفقنا... ما رأيك يا ابنتي؟"
لحظتها فهمت أنها كانت خارج المجلس رغم جلوسها بينهم فقد تحدثوا بكل التفاصيل دون أن تسمع شيئا فعقلها توقف في تلك اللحظة المحرجة ولم يستطع تجاوز الأزمة.
لكزتها أمها بمرفقها بعد أن طال صمتها كالمعتوهة: العرس بعد أيام...
جحظت عيونها فجأة وأطرقت بحياء، لا تريد أن تنظر بعيون محسن رغم أنه لم يبالي بالحادث بل ظلت عيونه تسترق النظر إليها بحب وشغف... إنها الفتاة التي أفقدته رشده بعد أن شاب شعره وظن أن رجلا مثله قد اكتفى من الحب ومغازلة النساء...
نطقت أمها لتداري بلاهة ابنتها وراحت تقول: الصمت علامة الرضا... على ما تحرجون البنت!
رفع مصطفى أحد حواجبه وهو يقول في نفسه "كانت البارحة تنشدني شعرا لأجله واليوم تتصنع الخجل... آه من النساء... إنها ابنة أمها صحيح!"
ليست تدري كيف انتهت الجلسة وقام محسن مودعا الجميع فصافحه والدها وإخوتها فيما تمنت له أمها طريق السلامة وباركوا لبعضهم البعض ثم هم بالانصراف دون أن تجرؤ على توديعه فدفعتها أمها لتلحق بوالدها الذي كان يرافقه إلى الباب.
وقف معه قليلا يؤكد عليه مرة أخرى على الاسراع في تحضير الأوراق الخاصة لعقد الزواج لأنه ينوي أن يتم الأمر في أقرب فرصة، وقفت سهام بالقرب من والدها وأرسلت بنظرات خجلة إلى محسن الذي توقف عن الكلام للحظة وراح يتأملها باسما: اعتني بنفسك يا سهام...
أومأت بحياء وهمست: اعتني بنفسك أيضا...
توسعت ابتسامته ولم تحد نظراته عن وجهها المتورد وهو يعلم أنها لا تزال سجينة تلك اللحظة التي أفسدت متعتها ولم تفسد مزاجه... أما هو فسجين تلك العيون الهاربة التي تحيد عن وجهه بعيدا كلما التقت نظراتهما... كم تتوق نفسه لجعلها تنظر إليه بلا خجل ولا وجل!
تنحنح والدها ليلفت انتباهه ويعيده من عالمه الوردي. وراح يودعه مرافقا له إلى الأسفل.
•••••
كان موعد قدوم بشير... أصابتها الهستيريا بسبب اضطرابها الشديد... عليها أن تقاتله تماما مثلما قاتلت وديع... لكن هذه المرة يجب أن تقتله عمدا لا خطأً...
سمعت صوت سيارة تتوقف أسفل شرفتها. حاولت أن تطل فلمحت مجموعة من الرجال ينتشرون في المكان... لابد وأنه قد وصل.
أمسكت بالسكين الحاد الذي صنعته ووقفت مستندة على الجدار لتكون خلف الباب عندما يفتحه. كانت معالم وجهها مشوهة من كثرة الكدمات وعيونها تلمع بخوف وترقب. تتنفس بسرعة وكأنها في سباق... أجل كانت في سباق مع الزمن... تنتظر تلك اللحظة التي تسمع فيها طقطقة القفل...

في الخارج كان بشير يدخل المنزل كعادته ومن خلفه وقف لؤي يقدم تعليماته لرجاله... كان عليه أن يقف على كل كبيرة وصغيرة فالوضع حساس للغاية...
عندما ابتعد سيده عن مرمى بصره راح يقتفي أثره...

بدأ يصعد الدرج على مهل ليحاول التجسس على ما يفعله بشير، وهاتفه لا يكف عن اصدار إشارات اتصال... إنه محسن يطلبه لأجل شيء مهم. فالاتفاق بينهما يقتضي بألا يتصل به في مواقيت الشغل.
أطفأه تماما وتابع سيره وقف أمام الباب لا تفصله عنه سوى خطوتين. شاهده يُشرَّع فجأة على مصراعيه لتقف أمامه امرأة ترتدي ثيابا ممزقة ووجهها كما جسدها يعاني من آثار العنف الذي مورس ضدها طوال فترة احتجازها، وبيدها قطعة زجاج حادة تقطر دما... أصابه الذهول من المفاجأة التي باغتته وأرسل يده بحذر خلف ظهره ليسحب المسدس من حزامه بينما عيونه تنظر إلى المرمي أرضا يغرق في دمائه وإلى المرأة تارة أخرى.
كانت مستعدة لتقتل الجميع وتخطو فوق أجسادهم خارجا... ليس بعد أن انتهت من بشير... لا يجب أن يكون هذا الرجل هو حجرة العثرة أمامها.
قفزت عليه بقوة عندما حرك يده خلف ظهره وضربته بالقطعة الحادة التي بيدها فمزقت ذراعه العارية من الأعلى لتتطاير دماؤه وتتشنج أصابعه من الألم.
تراجع إلى الخلف بترنح فأرادت أن تنهي الأمر كله وتذبحه. لكنها فاجأته لمرة واحدة وما كان ليسمح لها بأن تنهيه بضربتين. قرأ ما تصبو إليه في عيونها فانتظر هجومها ليدفعها بقوة جهة الدرج فسقطت وراحت تتدحرج نزولا.
كان يلهث بشدة وأصابعه على الجرح الغائر في ذراعه. وقف أعلى الدرج وراح ينادي على الحرس فركض نحوه بعض الخدم ممن سمعوا صراخ ياقوتة وهي تسقط.
أمرهم بطلب سيارة الاسعاف وأسرع ليتأكد من سلامة بشير.
وجده ملقى على الأرض ينزف بشدة ورموشه تتحرك وكأنه يحاول أن يفتح عيونه. كان متأكدا أن هذا الرجل لن يموت بهذه البساطة. فكر للحظة في أن ينهي حياته... أغراه هذا الأمر كثيرا وهمّ بتنفيذه، لكنه ما كان ليستطيع النظر بوجه مروى بعدها ولا تحمل فاجعتها فيه... قد لا يسامحه قلبها ولا يغفر له فعلته... ما كان سيستطيع أن يعيش مع هذا الذنب طوال حياته، ويرى انكسارها كلما نظر إلى عيونها دون أن تعاتبه.
جلس القرفصاء واضعا يسراه على عنقه يتحسس نبضه، فيمناه كانت تنزف بشدة.
وكما توقع، للقطط سبعة أرواح... استقام واقفا وحاول أن يصرف نفسه عن فكرة قتله فموته يعني نهاية السجناء لأن امبراطوريته سوف تُدمر بمن فيها... كان هذا الشيء هو ما حدا به لتجاهل تلك الفكرة الملحة التي تعتمل في صدره.
وصل بعض الرجال ووقفوا قرب الباب يتأملون بشير متفاجئين بما حل به بينما همس أحدهم: هل مات؟
هز رأسه نفيا دون كلام وخرج من الغرفة ليرى ما حل بالمرأة، ثم قال: لا تحركوه... ستصل سيارة الاسعاف بعد قليل.
نزل الدرج على عجل وكانت المرأة على الأرض فاقدة الوعي وهي تنزف. وحولها رجاله وبعض الخدم، سألهم حالما وصل: حية هي أم ميتة؟
أجابه أحدهم: إنها حية.
هذا الأمر جعله يفكر في ما سيفعله بها... من المستحيل أن تترك هذا المنزل فمن المعروف أن ضحايا بشير لا يسيرون إلا لمدفنهم الأخير، لكن في نفس الوقت يصارعه فضوله في معرفة الحقيقة...
طلب من رجاله حملها بحذر إلى السيارة ليتولى هو التخلص منها نهائيا قبل أن يصل الاسعاف، ثم طلب من الخادمة أن تطهر جرحه وتضمده.
كان جالسا على الأريكة ريثما تنتهي من عملها فوقف فريد فوق رأسه: سيد لؤي... جرحك غائر ويحتاج لطبيب يخيطه...
همس دون أن يرفع رأسه: فيما بعد...
ألح عليه بإصرار: سأتخلص أنا من المرأة.. لا تقلق.
رفع رأسه إليه دون كلام فتابع: لا تهمل ذراعك فأنت في حاجة إليها... دعني أتولى أمرها.
تبادلا النظرات لبعض الوقت وكانا يفهمان على بعضهما بلغة العيون. أومأ فريد مطمئنا فقال له: كن حذرا في طريقك... ولا تأخذ معك أحدا.
هز رأسه موافقا وانصرف على الفور فزفر لؤي بتعب وأسند ظهره على الأريكة. ثم حمل هاتفه وطلب السيدة ريماس ليخبرها بما حل بزوجها فهو لا يجرؤ على اخبار مروى بنفسه.
•••••

مضت ثلاث ساعات وهو بالإستعجالات. كانت مروى تجلس في زاوية غرفة الانتظار باكية وهو واقف في الممر يتأملها من بعيد دون أن يستطيع قول كلمة تهدئها.
ريماس كانت تجوب الغرفة ذهابا وإيابا.. تتصنع القلق ولا تبالي بحياته... يستطيع أن يقرأ شماتتها على وجهها. وكيف لا تشمت بما حل به وقد عرفت من ثرثرة بعض رجاله أنه كان يحتجز عشيقته في غرفة بإحدى الفلل التي يمتلكها وأنها حاولت قتله لتفر منه.
كان هذا مستشفاه الخاص ومن المستحيل أن يتصل أي كان من القائمين عليه بالشرطة، وإن قال لؤي أنه عليهم إقفال أفواههم فهذا ما سيحصل.
فُتح باب الإستعجالات فجأة وخرج منه أكبر الأطباء هناك فاقترب منه الجميع ووقفوا قبالته بترقب وقلب مروى فقط من كان صادقا في ألمه.
قال الطبيب على عجالة حتى لا يزيد من توترهم: نحمد الله أنه نجا من الموت... سنضعه تحت المراقبة لأربع وعشرين ساعة...
نطقت مروى متلهفة: سينجو!
أجابها مطمئنا: أعتقد أنه سيتماثل للشفاء... رجل مثله لا يُهزم بهذه السهولة.
قارب كلامه الصواب فشره لا يموت بهذه السهولة... لازالت في الأفق تلوح جولات وجولات...
ابتعدت مروى تحمد الله في نفسها وهي تذرف دموع الفرح، بينما اغتصبت ريماس ابتسامة من بين شفاهها تداري بها رغبتها المستميتة في أن يرحل وتتخلص منه للأبد.
أما لؤي فظل وجهه شاحبا لا تظهر عليه أي مشاعر فقد كان يحسن التحكم في عواطفه.
تابع الدكتور يقول: لن نسمح لكم برؤيته هذه الليلة... يمكنكم الانصراف والعودة غدا...
شكرته ريماس فاستأذن وانصرف، ثم التفتت إلى لؤي وعيونها تبوح له بخذلانها ظانّةً أنه يعتقدها قلقة عليه، بينما كان يتفهم حقدها واشتعال قلبها... بل على العكس يكبر فيها صبرها عليه حتى اللحظة... كان من الممكن أن تفكر في قتله وإخفائه من حياتها قبل هذا اليوم.
سألته وهي تتأمل ذراعه المضمدة: ماذا قال الطبيب؟
أجابها هامسا: لا شيء... لقد أخاط الجرح ونظفه...
التفتت من حولها تبحث عن مروى فلم تجدها: أين ذهبت؟
بحثت عيونه عنها بالأرجاء: سأبحث عنها...
سارت باتجاه المخرج كمن أعياه الوقوف لينتظر أخبارا لا تسره: هاتها معك إلى المنزل... سأسبقكما رفقة السائق.

وجدها خارجا تتمشى في حديقة المشفى تحت أعمدة الانارة. سار بالقرب منها بصمت فالتفتت إليه: هل غادرت أمي؟
أومأ موافقا ثم أضاف: طلبت مني أن أصحبك للمنزل.
توقفت عن المسير ووقفت قبالته فعلقت عيونه على احمرار مقلتيها وهي تسأله: من حاول قتله؟ أمي كانت غاضبة... أيعقل أنه...
حاول تجاهل الموضوع برمته: بِتِّ تعرفينه... دعينا من هذا الحديث.
تساقطت دموع القهر من عينيها فراحت تمسحها محاولة تمالك نفسها: أمي المسكينة...
وعبثا حاولت أن تكتم صوت نشيجها فاقترب منها واحتضنها على مرأى من المارة: اهدئي حبيبتي...
وضعت يدها عليه فوقع على الضمادة بذراعه. عندها فزعت ونظرت إلى نفس الموضع رافعة كم قميصه لتشاهد ضمادة تغطي نصفه الأعلى كله.
شهقت بفزع وارتعشت شفاهها معلنة البكاء فجعل يده خلف رأسها وسحبها إلى صدره بحب مخللا أصابعه في خصلات شعرها فغرقت في بكاء شديد وهو يربت عليها بحنو.
لم تكن تعرف أنه مصاب ولم تنتبه لما يعانيه من شدة خوفها على والدها، ولم تفكر في أن به خطبا عندما شاهدته يجول بعافية بين أروقة المشفى... حتى أن أكمام قميصه الأبيض الذي يبدو نظيفا غطت على الضمادة فلم تنتبه لها.
سألته رافعة رأسها إليه وعيونها الدامعة ترسل بريقا يمزق شغاف قلبه: أنت بخير!
طمأنها مبتسما: أنا بخير... أنظري إلي...
حاولت ألا تبكي من جديد فأمسك بكفها قبل أن تقول أي شيء وجعلها تسير معه إلى السيارة.
•••••

عندما انتهت سهام من تنظيف أواني العشاء رفقة زوجتي أخيها تركتهما يثرثران مع أمها منبهرتان بشكل محسن اللافت للانتباه وما يبدو عليه من ثراء خصوصا بعد أن شاهدتا السيارة الفارهة التي جاء فيها رغم أنها ليست أغلى ما يملك في مرآبه...
جلست على سريرها وحملت هاتفها تتأمل المكالمات الفائتة، وكما توقعت كان قد طلبها مرتين دون أن ترد. تحمست لفكرة أن تعاود الاتصال به لكنها عادت وانتكست بعد أن تذكرت فضيحتها قبل عصر اليوم.
ألقت بالهاتف جانبا وقامت إلى أنس فقبلته وغطته وتركته لينام. أخوها آدم الذي لايزال عازبا رحب بفكرة زواجها حتى يتزوج هذا الصيف ويحضر زوجته إلى هنا ريثما يحصل على شقته الخاصة التي لازال يدفع ثمنها على أقساط وقد تطول فترة تسديده لها. وأخويها الآخران رحبا بالفكرة وتمنيا لها الأفضل وأن تعيش في سعادة مؤكدين أنهما سيكونان إلى جانبها دائما... أما والدها فقد عانقها مباركا بصمت... لم يقل أي كلمة وهذا يحيرها.
رن هاتفها فأسرعت إليه وهي تشعر بألم في بطنها... ترى ما الذي ستقوله له!
رفعت الهاتف لأذنها وقالت بتردد: مرحبا...
جاءها صوته المميز: كيف أنت؟
ابتسمت تلقائيا وهي ترد عليه: بخير... وأنت؟
سمعته يقول لها بعد تنهد: أوتسألينني عن حالي وأنت بعيدة عني!
صمتت محرجة فتابع: لقد كنت اليوم فاتنة لدرجة لا توصف...
وأكمل بهمس أغراها وداعب أوتار قلبها: ستمضي الأيام ثقيلة حتى يحين موعد زواجنا... سأشتاق إليك يا سهام...
شعرت بسخونة تلهب خديها وترددت طويلا قبل أن تبدل الموضوع: كيف أقنعت والدي بتقريب موعد الزفاف؟
ضحك وقال متأسيا: والدك ذاك... كان سيجلطني... لا يريد أن يفهم أنني لم أعد أستلذ الحياة من دونك...
وصمت لبرهة ثم تابع بصوته الذي يذيبها: احترت كيف أفهمه أنني بحاجتك...
وضحك ليكمل: فكرت في أن أهدده بخطفك ليوافق ويخلصني من الدوامة التي وضعني فيها...
ضحكت معه، ثم عاد ليقول بجد: لكنه رجل محترم ولا يريد سوى مصلحتك... لقد أوصاني بك مطولا عندما نزلنا إلى السيارة... أخبرني أنه يشعر بالذنب تجاهك نتيجة زواجك الأول ولا يريد أن يتكرر الأمر... أعجبني فيه أنه رجل لا تغريه المظاهر ولم يحاول أن يطلب مهرا غاليا... كل ما حرص عليه أن تكوني في أيدٍ أمينة...
شعرت بالتأثر لما قاله عن والدها فنزلت من عينها دمعة مسحت خدها: ذاك هو أبي... لقد رفضك بالبداية لأنه ظن أن رجلا مثلك قد يرغب بالزواج من المرأة التي لا تسمح له بالوصول إليها بغير طريقة، ثم يمل منها سريعا ويتركها... هكذا أخبرتني أمي هذا الصباح...
قال بعتاب: هل تعتقدين أنني سأفعل بك هذا؟!
أجابته على الفور: لولم أكن أثق بكلامك ما كنت وضعت نفسي في موقف مماثل... كان اقناع والدي صعبا... لقد تخليت عن حيائي منه لأفهمه أنني أرغب حقا بالزواج بك!
كان يستمع لما تقول وهو يبتسم بسرور... لقد صرحت له بأنها متمسكة به وواثقة مما يقوله... لكنها أبدا لم تصارحه بإعجابها به، وجد نفسه يرد على كلامها بالقول: بقي أن تتخلي عن حيائك معي... فلا يبدو أنني سأسمع منك كلمة رقيقة أبدا...
شعرت بالإحراج الشديد فركنت للصمت حتى سمعته يقول: ها... ماذا دهاك... هل تتوردين خجلا الآن؟
بالأصح كانت تلتهب خجلا، لم تدر كيف تجيبه فقالت: مازالت الأيام أمامنا كثيرة...
ضحك متسليا من تمنعها ثم قال: وأنا صبور لأنتظر وردة مثلك يا روحي... سأعلمك كيف تحبينني حتى وإن كنت لا تفعلين...
عضت على شفاهها وقلبها يدق باضطراب... وكأنه يتوعدها حبا شرسا لم تعرف له من قبل مثيلا... لقد تعودت أن تتسول الحب دون أن تلقاه، وها قد تبدلت الأوضاع وصارت هي من تنفق المشاعر على سجيتها وكيفما تشاء.
♡••••••
كانت تنام بقربه على سرير واحد... مغمضة العيون تغرق في النعاس وهو يتأملها تحت ضوء المصباح الخافت القريب منها على النضد، أبت إلا أن تظل إلى جواره وتساعده في كل شيء يقوم به لأنه لا يحرك يمناه أبدا فالألم بها لا يطاق.
لقد ساعدته على تناول عشاءه وشرب دواءه وتبديل ثيابه... حتى أنها كادت تشق قميصه حتى لا يوجعه إخراج يده منه.
لقد أغدقت عليه العطف والحنان والاهتمام حتى حملته على الشعور بأنه طفل صغير يحتاج للعناية...
غياب والدها عن المنزل كان مريحا لكليهما... لكن عيونه هناك قد تسبب لهما المشاكل... إن حصل وأن عرف بشير بعلاقتهما فسيكون هذا نتيجة حبهما الذي بات لا يعرف كيف يستتر...
غطاها باللحاف وقربها منه ونام... كان يشعر بأنفاسها تلفح ساخنة على صدره.. لكم يتمنى أن يفتحه ويخبئها فيه لتظل بأمان... بأمان تام بعيدا عن كل خطر محدق... إنه يفكر في سلامتها أكثر من بشير الذي تهمه نقوده بقدر ما يهتم لأهله... حاول أن يغفو مستعذبا وجودها إلى جواره، لكنه وكالعادة كان يسترجع أحداث اليوم قبل أن يغيبه النعاس، فتذكر اتصال محسن به.
فتح عيونه بريبة واستوى جالسا... لقد نسي الأمر برمته بعد كل ما حصل!
حمل هاتفه وترك السرير على مهل حتى لا يوقظها ثم دخل الحمام الموصول بالغرفة واتصل به...
انتظر بضع ثوان ليجيبه: وأخيرا اتصلت بي؟
فتح صنبور المياه ليغطي على صوته ثم قال هامسا: لماذا اتصلت بي؟
أجابه على الفور: اتصلت بمحمود طوال اليوم لكنه لا يرد...
سأله: لماذا لم تتصل بزوجته؟
قال باستخفاف: كنت أنتظر مشورتك!... بالطبع كنت اتصلت بها لو عندي رقمها...
قال لينهي الأمر: سأسأل والدي وأطلب رقمها... أقفل الآن.
وأقفل الخط مباشرة ثم فرج الباب قليلا ليتأكد من أنها نائمة وعاد ليقفله وهو يتمتم ساخطا على محسن "لا ينقصني إلا أن أعمل مرسالا بينك وبين ذلك الأبله!"... "تبا لك وله.."
رفع والده السماعة فتكلم معه لبضع دقائق يسأله عن حاله وحال أمه ويبلغه مدى اشتياقه لهما ثم سأله عن محمود ونسرين فأبلغه أنهما غادرا البارحة في وقت مبكر جدا لقضاء شغل طارئ ولم يرجعا... وأنهما يتصلان بمحمود دون أن يجيب... وأنهما لا يملكان رقم نسرين.
توجس خيفة في نفسه وسأله عن كل ما يعرفه حول الموضوع وإلى أين اتجها، لكنه لم يعطه أي معلومات مهمة فهو نفسه كان جاهلا لما يحدث... في النهاية طلب منه أن يترك البيت هو ووالدته في الصباح الباكر وألا يرجعا إليه مهما حصل حتى يتصل بهما... تفاجأ الأب لهذا الطلب الغريب لكن لؤي أكد له على وجوب رحيلهما وأوصاهما أن يسافرا إلى الجنوب عند أحد معارفه من أيام الجيش وقال أنه سيحوِّل إليهما المال قريبا. وكان يفعل ذلك عن طريق فريد فقد حرص ألا يحول من رصيده أي فلس حتى لا يتتبعه بشير...
الآن أصبح شبه متأكد من أن للوغد يدا في ما حصل، لكنه يخفي الأمر عنه وهذا في حد ذاته يطرح ألف سؤال!.. هل تراه يشك به؟..
طلب رقم محسن على عجل وأبلغه بما يعرفه وترك له حرية التصرف.
صرخ به ساخطا: وماذا عساي أفعله وأنا هنا!... لابد وأن بشير لن يرحمهما... تحرك افعل شيئا... يجب أن تحررهما.
صر على أسنانه وقال بغضب: إنه يتصرف مع الموضوع بسرية تامة... أتعرف ما معنى هذا!.. معناه الوحيد أن رأسي مطلوب! لابد أنه كشفني بطريقة أو بأخرى!
صمت لبرهة وداخله يتآكل من الغضب ثم أردف: انتهت هذه اللعبة... إنها النهاية.. علينا أن نستغل فرصة تواجده بالمستشفى... يجب أن تساعدني على تحرير كل الأسرى وهناك فقط قد نجد ابنك وزوجته...
سأله بفضول: لماذا هو بالمشفى؟
أجابه باختصار: تعرض لنزيف حاد اثر ضربة تلقاها على بطنه... سددتها له احدى عشيقاته...
تمتم مستغربا ثم عاد إلى الموضوع المهم الذي يشغله: اضبط الخطة وأنا في انتظار اتصالك.
أقفل الهاتف بوجهه وألقى به على النضد. ثم راح يغسل وجهه بالماء البارد حتى يصحو ليفكر جيدا.
بقي يتأمل انعكاس وجهه على المرآة محني الرأس ويداه تشدان على أطراف الحوض الصغير... إن حصل ما يفكر فيه فهي مصيبة بكل المقاييس... والله وحده من ساق تلك المرأة لتطعن بشير حتى تعطيه وقتا إضافيا للتصرف... يجب أن يفتح السجون ويحرر الأسرى قبل أن يفتح المقيت عيونه ثم يرسل محسن من يقتله لينتهي شره للأبد..


noor elhuda likes this.

بريق أمل غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 08-09-21, 02:19 AM   #65

بريق أمل

كاتبة في قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية بريق أمل

? العضوٌ??? » 381251
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 515
?  نُقآطِيْ » بريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثلاثون

أشرقت شمس الصباح ترسل أشعتها الذهبية في الأرجاء... كان لؤي بالمستودع واقفا قرب سيارته ومعه فريد، وهما يشحنان بعض الأسلحة والذخيرة في صندوقها.
سأله لؤي وهو منهمك في تغطيتها: هل أطفأت الكاميرات؟
أجابه وعيونه تتفحص المكان من حولهما: فعلت كما أمرتني سيدي...
ما كاد ينتهي من عمله حتى دخلت مروى: صباح الخير.
رفع لؤي رأسه إليها فاستأذن فريد وغادر. اقتربت على مهل فأقفل الصندوق واقترب منها: متى استيقظت؟
أجابته بعتاب: لقد هربت وتركتني وحيدة...
همس وقد أصبح أمامها: لم أشأ إيقاظك... نمت جيدا؟
ابتسمت بود وأومأت موافقة فأمسك بكفها ليتمشيا معا: ما رأيك في أن نخرج لبعض الوقت؟
استغربت طلبه فهو مشغول جدا بالآونة الأخيرة: الآن!
أجابها: أجل. وبسيارتك...
فهمت أنه لا يستطيع القيادة بيد واحدة: سأحضر المفاتيح وأرجع.

بعد نصف ساعة كانا يسيران بالقرب من أحد أكبر متاجر المجوهرات. هو يمسك بكفها بيده المصابة وهي تجاري سرعته: لؤي.. لماذا أحضرتني إلى هنا؟
لم يجبها حتى اقتربا من واجهة زجاجية تعرض المئات من الخواتم الذهبية المرصعة بمختلف الأحجار الكريمة: اختاري الخاتم الذي يعجبك.
نظرت إليه ببلاهة فرفع أصابعه في وجهها يستعرض عليها خاتمه: حصلت على خاتمي... بقي أن تحصلي على خاتمك.
ضحكت وغطت وجهها بصبيانية فسُرَّ لسعادتها وتمنى في نفسه أن يكون مصدرا لفرحها على الدوام. بعد تمحيص وتشاور اختارت خاتما ذهبيا مرصع بماسة صغيرة... لقد أحبت شكله وأعجبها منظره في إصبعها. فاشتراه لها وخرجا من هناك يسيران معا في ذلك الشارع الطويل.

••••••

كانت ريم تقوم بتدليك أطراف السيدة ريماس وعيونها تغرق بالدموع... إحساس عميق يخنقها ويجعلها غير مرتاحة في تواجدها بذلك المنزل.
سمعت ريماس شهقتها فالتفتت إليها بدهشة: ريم!.. ما يبكيك؟
ازداد بكاؤها فجأة دون تفسير فارتدت ريماس كساءها واستقامت واقفة لتتراجع الأخرى بضع خطوات وكأنها تهرب من مواجهة محتومة.
قالت لها بريبة: من يزعجك يا ريم؟.. أهي ابنتي؟
هزت رأسها نفيا ودموعها لا تتوقف عن النزول... فصمتت لبرهة ثم عادت لتسألها من جديد: من يسيء إليك يا ريم؟.. أخبريني..
لم تجبها بكلمة فيئست من مساءلتها: ألن تخبريني ما يبكيك!
حاولت ريم أن تهدأ لكنها لم تكن قادرة على كتم شهقاتها فاقتربت منها ريماس مواسية، وراحت تربت على كتفها بحنو: كل مشكلة ولها حل... سنجد معا حلا لمشكلتك...
أبصرت فجأة آثار كدمات خفيفة على عنقها فاستغربت الأمر... سحبت فتحة العنق قليلا للأسفل فشاهدت آثارا أخرى أكثر وضوحا أعلى صدرها. توسعت عيونها من الدهشة وحملقت فيها تطلب تفسيرا: من فعل بك هذا؟!..
أخذت فتحة القميص من بين أصابعها وانكمشت على نفسها تستر عارها ودموعها تصبح أكثر غزارة.
تلك الدهشة التي علت وجه ريماس لا تفسير لها... قالت بعد شرود: متى استطاع أن يصل إليك؟
التزمت الصمت التام ترفض أن تجيب فصرخت بها ريماس تطلب اسما، مع أنها تتوقع الفاعل: أخبريني من اغتصبك!
وكأن هذه الكلمة عرّتها من جديد لتصبح في مواجهة ذلها مرة أخرى. شهقت بألم أكبر واسترسلت في البكاء، فراحت ريماس تضغط عليها تطلب اسما، لكنها اكتفت بترديد كلمات يائسة: لا أستطيع أن أقول... لا أستطيع...
بنفاذ صبر صرخت بوجهها: سأخبرك أنا... إنه بشير!
الدهشة أخرستها فتوقفت عن البكاء وساد الصمت التام وكلتاهما تحدقان ببعض.
تمتمت بكلمات غير مفهومة لتقول ببكاء: سيقتلني... سيقتلني إن عرف بأنني أخبرتك.
أغمضت ريماس عيونها بحنق تتجرع إهاناته المستمرة... ثم أشارت لها بالجلوس على الأريكة وجلست قبالتها: أخبريني كل ما حدث... متى بدأت تحرشاته بك؟
لم تستطع أن تسرد تفاصيل عارها... كانت تخجل من أن تقول كل شيء لزوجته لكن ريماس عرفت كيف تكسب ثقتها وطمأنتها لتفصح عن تفاصيل الحادثة.
بدأت تسرد تلك الوقائع ببطء شديد وهي تتلكأ في الكلام: أحسست بأن نظراته لي كانت غريبة... لقد كان يطيل النظر إلي وأنا أخدم الأسرة... خفت بالبداية، لكن وجودك الدائم هنا كان مطمئنا لي...
تذكرت ذلك اليوم القاتم من أيام حياتها وبدأت بذرف الدموع وهي تردف: بعد أن طردتني السيدة مروى عادت ووظفتني من جديد، في نفس اليوم حضرت للعمل...
قاطعتها ريماس: أنت حضرت في اليوم التالي.
احتجّت ببكاء: بلى حضرت إلى هنا في المساء لكنني لم أدخل!.. قبض علي اثنان من رجاله وحملاني في سيارة إلى الفيلا الأخرى حيث يقيم...
شهقت بألم لتواصل: لقد احتجزاني في احدى الغرف وأقفلا الأبواب والنوافذ... كان كابوسا.. صرخت بأعلى صوتي.. قاومتهم بكل قوتي... لكنهم منعوني من الخروج...
وهدأت قليلا لتواصل بصوت تعذبه تلك الصور المريرة: بعد ساعة حضر إلى هناك... دخل علي الغرفة وأوصد الباب... لم يسألني عن رأيي، لم يرحم دموعي... لم يستمع لتوسلاتي... لقد انتهك حرمة جسدي رغما عني وبإصرار... كان كالوحش بلا رحمة...
وراحت في البكاء لتكمل بصوت يائس: صرخاتي وتوسلاتي كانت تزيده إثارة... إنه بلا قلب... بلا ضمير... بلا إنسانية...
قامت ريماس من مكانها منتفضة فظنت ريم أنها بالغت في شتمه، لكن الأخرى كانت تتمنى قتله لترتاح من إهاناته ويرتاح العالم من شره.
•••••
ظلت تتأمل الخاتم في بنصرها كل لحظة... وطوال الطريق ظل صامتا لا يقول شيئا.
توقفا قرب أحد المطاعم الفخمة ونزلا معا لتناول الغداء.
همست له: ألم تعد تخاف من أن يرانا أحد؟
أمسك بكفها وشد عليه وهو يقول: فليذهبوا للجحيم، لم يعد هناك ما أخاف منه...
كلماته أثارت حيرتها... لكنها لم تفكر بمغزاها طويلا. أما هو فكان يتوقع احدى النهايتين، أن ينجو ويقتل بشير... أو يلقى حتفه هناك في تلك الزنازين العفنة وتنتهي الحكاية..
جلسا متقابلين على الطاولة ويداه تمسكان بيديها الاثنتين. شعرت بدفء أصابعه يتغلغل بين أصابعها... وأحست برغبة ملحة في أن تغمض عيونها وتعيش اللحظة زمنا طويلا.
سمعته يهمس لها بالتياع: أحبك...
كانت تلك الكلمة كفيلة بإشعال نار متأججة بداخلها... نار زادتها تشبثا بأصابعه وزادت خديها سخونة واحمرارا...
عبث بإبهامه بالخاتم الذي في إصبعها وتمتم بحب: أنت لي... وستبقين لي... مهما حدث...
ابتسمت بحماسة: لن يفرقنا أحد...
جاءت ابتسامته غامضة تخفي تخوفه من القادم: إن أنا رحلت في يوم من الأيام وكنت حاملا... فاحتفظي بالطفل وسمه فاروق على اسم أبي...
تجهمت ملامحها وقالت بألم: إن أنت رحلت ذات يوم ففي صباح اليوم التالي سألحقك...
واغرورقت عيناها بالدموع لأنها شعرت أن ما يقوله يمكن أن يصبح حقيقة... إنه مهدد بالخطر وفي أي لحظة...
قبّل يدها بحب بضع مرات ثم التفت للقاعة الكبيرة حيث يجلس الآخرون إلى طاولاتهم يتناقشون بهمس ويتناولون طعامهم برتابة. عاد وحدق بها من جديد ثم ابتسم: أتعرفين منذ متى بدأت أشعر بتعلقي بك؟
بادلته الابتسامة: متى؟
أجابها وعيناه تتأملانها بحب: منذ أن رأيتك أول مرة...
توسعت عيونها بدهشة ولم تجرؤ على الكلام فاستطرد: كنت مجرد فتاة خرجت من عمر المراهقة لتخطب لرجل من نفس طبقتها الاجتماعية...
أطرقت عندما جاء على ذكر محمود، ثم قالت: كان الأمر قاسيا بالنسبة لك...
رسم نصف ابتسامة مريرة ليقول بتهكم: من أين لك أن تعرفي بهذا!
أجابته: عندما كنت أظنك على علاقة بريم كانت النيران تحرقني وداخلي يتآكل من الغضب..
تابع يقول: حاولت أن أنساك... أن أقتلع ذكراك التي عشعشت بداخلي، فوجدتني أتعلق بك أكثر فأكثر... كرهت ذلك الرجل ولم أكن لأتردد في قتله لو أن والدك أمر بتصفيته...
جحظت عيونها فجأة، فضحك وتابع: كان ذلك قبل أن أرجع لرشدي...
ثم تنهد: سنوات... سنوات وأنا أكتوي بحرقتي... تلتهب نيراني فأخمدها بصبري... فالتهب صبري ولم أجد ما أخمد به حرائق نيراني... لم أكن أستطيع إخبارك... لم أكن لأسمح لعيونك بأن تزدريني... فكنت أعاملك بجفاء لأقنع نفسي أنك ما كنت لتكوني يوما من نصيبي...
تقاطرت الدموع من عينيها ساخنة وشفاهها ترتعش: ليتني أحببتك يومها... ليتني لم أعرف بحياتي رجلا غيرك يا لؤي...
استل يده من قبضتها الرقيقة ليمسح بأصابعه قطرات فرت من عيونها: لا تبك يا حياتي... لست أخبرك بهذا لتبكي... أنا فقط أحتاج لأن أقول كل شيء...
أخذت يده في يدها وضمته إليها بخوف: لا تتركني يا لؤي... عدني بألا تتركني أنا أرجوك.
أجابها وعيونه عليها تناظرها بلوعة ووجل: لن أفعل بإرادتي... صدقيني لن أتخلى عنك بإرادتي تحت أي ظرف كان...
•••••
كان مضطربا كموج البحر... يدور في المنزل بلا هدف... كل ما يريده سماع أخبار عن ابنه محمود تنفي تلك التنبؤات التي أطلقها لؤي على مسامعه الليلة الفائتة... بات قلبه يدق خوفا دون أن يغمض له جفن... إن حصل لمحمود أي مكروه فهذا يعني أن حياته قد انتهت... هو لن يستطيع أن يستلذ بالحياة بعد أن يخسر فلذة كبده... وبسببه، فهو من عرف بشير وورط ابنه معه.
رن هاتفه فرفع السماعة إلى أذنه بلهفة: نعم منذر... هل من أخبار.
أعلمه أن زيارتهم لأهل نسرين قد أسفرت عن إيجادهم لحقيبة يدها وبها هاتفها، وأن أخوها الأكبر أخبرهم أنهم تواعدوا على الالتقاء ولم ير منهم أحد. لم يجد غير حقيبة يدها عند عتبة البيت.
أقفل الخط وتهاوى جالسا على الأريكة خلفه واضعا رأسه بين كفيه يحاول تجاوز الصدمة... كان لؤي محقا إذن!... بشير كمن لهما عند منزل أهلها ولغبائهما رجعا لسبب أو لآخر، وما كان يجب عليهما الرجوع!
اقترب من الباب وهدر برجاله الواقفين في الحديقة: أحضروا لي ياقوتة... أريد تلك العاهرة حالا!
كان يعلم أنه لا أحد غيرها سيعطي بشير معلومات عن أهل نسرين... وإن كانت حرة طليقة في مكان ما فستدفع ثمن خطئها غاليا.
•••••
نزلت ريماس الدرج على عجل ومن خلفها كانت تسير ريم مطأطئة رأسها المثقل بالذل والهوان.
طلبت من السائق أن يحضر سيارتها وانتظرته بالحديقة فأخذت منه المفاتيح وغادرت رفقة ريم.
كان عليها أن تحصل على شهادة طبية تثبت الاغتصاب الذي تعرضت له الفتاة. ثم توجهتا للفيلا التي يحتضن فيها ذلك الهمجي ليالي مجونه. اتصلت بصحفي تلفزيوني وطلبت تصوير تلك الغرفة التي كان يحتجز بها ياقوتة... ذلك السرير الذي شهد عذابها بالحبال المربوطة إليه... كان الصحفي والمصور مصدومان من كمية العنف الذي يمارسه هذا الرجل ضد ضحاياه. حتى أنهما باتا يخشيان على حياتهما من سفاح مثله...
كانت مصرة على تعرية قبحه للجميع... حتى وإن كان هذا الأمر سيسيئ إليها وابنتها أيضا... لم تكن قادرة على التزام الصمت كعادتها... كان يجب أن تحرر نفسها من عبوديته وأن تقول كل ما اختزنته في صدرها منذ سنوات...
راحت تسرد على الصحفي كل الأمور البشعة التي تعرفها عنه... علاقاته، عشيقاته، ساديته... وكل ما من شأنه أن يهز صورته ويشوهها لدى الرأي العام، وهو يدون كل تلك التفاصيل بفزع حتى انتهى منها، فوضع قلمه جانبا ورفع رأسه إليها: سيدتي... أخشى أن القناة التي أعمل بها لن تنشر شيئا من هذا....
استنكرت الأمر: إنه سبق صحفي لن تحصلوا على مثله أبدا!..
هز رأسه نفيا بيأس: زوجك له وزن وثقل بهذا البلد... لديه سلطة قوية ولا أحد سيتجرأ على نشر هذا الكلام... لا نحن ولا غيرنا.
شعرت بالحنق مما يقوله هذا الرجل وحدجته بنظرة شزراء، فقال مستدركا: يمكنك نشر كل ما سنوثقه على الانترنت...أنت تدفعين لنا لنعد لك فيلما يحمل كل ما جمعناه بالصوت والصورة مع شهادة الفتاة التي سنغطي وجهها وأنت تنشرينه على الأنترنت... وهكذا نحن نقبض أجرنا وأنت تنالين ما تريدين دون أن يتأذى أحد.
بدى الامتعاض على وجهها: أريد وسيلة ينتشر بها هذا الخبر سريعا...
أجابها على الفور: الفايسبوك أسرع وسيلة لنقل الأخبار اليوم... اسمعي نصيحتي ولن تندمي.
•••••
أوصلها ظهرا إلى المستشفى كما طلبت منه. كان يجب أن تطمئن على والدها ولم يكن ليرفض الأمر.
فور وصولهما عرفا بأنه قد تعافى وترك غرفة الانعاش. دخلت مروى إلى غرفته المنفردة وكان مستيقظا يحدق بالسقف من فوقه... فألقت عليه التحية وأسرعت ناحيته تسأل عن حاله بينما سحب لؤي الباب ليغلقه ووقف ينتظرهما خارجا.
بعد بعض الوقت أطلت عليه وأخبرته أنه يطلبه. فدلف للداخل واقترب من سريره: كيف حالك سيدي؟
أجابه بصوت تبدو عليه العافية: بخير... كيف تسير الأمور في غيابي؟
أجابه: على أحسن ما يرام...
قال بتذمر: كنت أتمنى أن أترك المشفى اليوم لكن ذلك الطبيب المتحاذق يصر أن أبقى للغد.
قال له بجفاء: هو الأدرى بمصلحتك.
حدجه بنظرة خاطفة بينما لكزته مروى بمرفقها فتدارك قوله: أقصد أنه يفكر في مصلحتك.
نظر إلى ابنته وأراد أن يصرفها: حبيبتي... موضع الإبرة بذراعي يؤلمني وبشدة... هلا طلبت الممرضة؟
أومأت بالموافقة وتركت الغرفة فالتفت إلى لؤي سريعا وهمس له: ماذا فعلتم بتلك الساقطة؟
أجابه: تمت تصفيتها.
بدى وكأنه أراد أن يشرب من دمها قبل أن تموت بهذه البساطة، ثم سأله من جديد: ريماس لم تحضر لزيارتي... هل عرفت بالتفاصيل؟
يعرف أنها علمت بالتفاصيل من ثرثرة رجاله لكنه أجابه بالعكس: لا أعتقد... لم تسألني...
لم يقتنع بكلامه، هي زوجته وهو الأدرى بها... لابد وأنها عرفت جزءًا من الحقيقة.
•••••
دخلت ريماس المنزل بعد العصر واتجهت رأسا إلى غرفتها لتجمع كل أغراضها. وقفت مروى عند الباب الموارب واستطاعت أن تبصر الحقائب والفوضى التي أثارتها أمها.
طرقت على الباب مرتين فالتفتت إليها ودعتها للدخول. بدت في حيرة من أمرها وهي تتأمل أمها منهمكة في حشو كل تلك الأغراض بالحقائب: ستسافرين أمي؟
أجابتها باقتضاب:... سأترك البيت.
ثم رفعت رأسها إليها: اجمعي أغراضك أيضا... لن نبقى هنا بعد الآن.
استغربت ما تقول: إلى أين سنذهب؟
أجابتها وهي منهمكة: إلى مكان لا يجدنا فيه والدك.
سألتها بذهول: ما الذي ارتكبته أمي لتفكري بالهرب.
لم تكن تريد أن تخبرها بالحقيقة: لا شيء... سوف أهجره وحسب.
سقط فكها من الدهشة... منذ متى كانت أمها قوية لتتخذ قرارا كهذا!
قالت بعد الصدمة: أمي... هل أنت قادرة على الهرب والاختفاء دون أن يجدك!
بعزم وإصرار أجابتها: سأتخلص منه وإلى الأبد... ثقي من أنني لن أرضخ له بعد اليوم.
لقد سحبت كل حساباتها البنكية وجهزت كل أوراقها الرسمية... ستسافر للخارج ومن هناك ستبدأ هجومها ولن ترجع للمقيت من جديد أبدا.
نهرتها لجمودها وشحوبها: كفي عن التحديق إلي بتلك الطريقة... هيا اجمعي أغراضك سنسافر هذه الليلة... لقد حجزت التذاكر...
قالت بفضول: إلى أين؟
أجابتها: إلى سويسرا...
هل سترحل وتترك لؤي وحده هنا يصارع من أجل الجميع؟ مستحيل... هو بحاجة إليها وهي لن تتخلى عنه.
قالت بعد صمت: لن أرافقك أمي... إن كان قرارك في السفر نهائي فأنا أدعمك وسأقف إلى جانبك دائما... أما أنا فلن أتحرك إلى أي مكان... لا أستطيع أمي.
أطرقت بخذلان: كنت أعرف أنك متعلقة بوالدك أكثر مني...
أجابتها بحزن: ليس هذا أمي... أنت لا تعرفين... لا تعرفين... ما يمنعني عنك ليس هو...
رفعت رأسها مع ابتسامة باهتة: بلى أعرف....
وأردفت بعد صمت: اعتني به...
بادلتها ابنتها الابتسامة وارتمت في حضنها تعانقها بحب ودموعها تسيل على خديها: سأشتاق إليك أمي... أنا أحبك... أحبك...
شددت أمها من احتضانها وهي تهمس لها: الحقا بي في أول فرصة... سمعتني... هاتيه وتعالي...
ازداد بكاؤها وتعلقها بأمها وهي تردد: سأفعل... سأفعل أمي...
•••••
عندما أظلم الليل تسارعت دقات قلبه مثل الطبول... ليس خوفا ولكن ترقبا... كيف ستنتهي هذه الليلة يا ترى؟ هل سيتمكن من رؤيتها صباح اليوم التالي؟
وهل سيبلي حسنا فيما يعتزم القيام به؟...
تساؤلات كثيرة كانت تناوش عقله وهو يحاول تجاهل كل شيء والتركيز في ما سيقوم به.
توقفت السيارة قرب المدخل الكبير للساحة الشاسعة التي يقع بها المستشفى الصغير الذي تتم فيه عمليات استئصال الأعضاء وتحته تتمركز السجون التي يبقي بها ذلك المقيت ضحاياه لتنتظر الموت المحتوم في كل لحظة تمر.
تمكن من المرور دون تفتيش، كان فريد هو من يقود السيارة فيما يجلس هو على الكرسي المجاور له وعيناه ترصد المنطقة.
توقفا قرب المشفى فنزل الاثنان وتجهز لؤي ليدخل: كن حذرا...
أومأ فريد بانصياع وأسرع ليبدأ المهمة... كان عليه نقل السلاح بحذر ووضعه تحت النافذة الخلفية لإحدى الغرف المعزولة. فلؤي لا يستطيع الدخول بتلك الكمية إلى هناك.
لكن قبل ذلك عليه قطع الكهرباء حتى لا ترصده الكاميرات.
ترك الكيس في المكان المتفق عليه وهمس بوجل: آمل ألا تضطر لاستخدامه.

في ذات الوقت كان لؤي يسير بالأروقة المظلمة فقد انقطعت الكهرباء مباشرة بعد تجاوزه للحارسين اللذين لم يفتشاه كالعادة. لم يكن يحمل إلا مسدسه وبعض الذخيرة، لكن في حال حدوث اشتباك عليه أن يكون أكثر استعدادا لترتفع نسبة بقائه حيا طوال المواجهة.
اهتدى إلى الطريق بواسطة هاتفه النقال وعندما أصبح عند النافذة فتحها وأدخل الكيس.
حمله سريعا وثبت بحزامه ما يستطيع حمله ثم خرج ليتوجه إلى الطابق الأرضي.
هناك وهو يسير بذلك الرواق الطويل كان يستطيع أن يشتم رائحة الدماء رغم المبيضات وخلطات التنظيف... رائحة علقت بأنفه تذكره بمصاصي الدماء... وكأن تلك الأرواح التي أزهقت هاهنا مازالت تطوف بالأرجاء وتمسح الأروقة ذهابا وإيابا تطلب القصاص... هبت عليه نسمات باردة قشعرت بدنه وجعلته يلتفت لمصدرها فيرى النافذة المفتوحة آخر الرواق.
تعجب للحظات... ليس من العادة أن يُترك المكان متسيبا هكذا!...
الهدوء يعم الأرجاء وكأنه لا أحد هنا... لم يكن يسمع سوى وقع أقدامه تكسر صمت المكان الدامس... لم يثر الأمر ارتيابه فعادة وعندما لا يكون هناك عمليات يصبح المكان خاليا...
وصل إلى الباب الحديدي الذي يؤدي إلى الطابق الأرضي فأرسل رسالة حتى يعيد فريد تشغيل الكهرباء... لكن هذا الأخير لم يتحرك من مكانه فبعض الأعوان هناك كانوا يقومون بالأمر.
عندما أومض المكان من جديد قام لؤي بتثبيت البطاقة بالباب وضغط بعض الأزرار ليفتح أوتوماتيكيا.
استطاع أن يشتم رائحة الرطوبة من تلك النقطة، قطب بعبوس واقتحم المكان يشقه وسط الإنارة الخافتة للمصابيح المتباعدة على طول الطريق بين الزنازين.

كان فريد خارجا يختبئ من العيون في إحدى الزوايا التي تسمح له بالمراقبة في انتظار أي أوامر من لؤي وهو يدعو الله في قرارة نفسه أن ينتهي الأمر على خير.
شاهد حركة غير مسبوقة ورجالا يركضون في المكان وأحدهم يقول: إنه بالداخل..
ضربت كلماته صدره بقوة وشعر بنبضات قلبه تتضاعف، ليهمس بخوف وحنق: إنه فخ!!!
أخذ هاتفه بسرعة وحاول الاتصال بلؤي لكنه كان بالطابق الأرضي حيث تنعدم التغطية تماما...
أخذ يضرب الهاتف بغضب وهو يردد: أخرج من هناك... إنه فخ!!!
••••••
خرجت مروى إلى الحديقة تجر أقدامها جرا... كلمات أمها أثارت مخاوفها... لابد وأنها جُنّت لتعلن العصيان! لطالما كانت هادئة وصبورة طوال كل تلك السنين، ما الذي تغير الآن!
المصيبة الكبرى هو ما سيفعله والدها فور أن يعرف بالخبر... من المؤكد أنه سيقلب الدنيا بحثا عنها ليرجعها تحت ظله تعلن الطاعة والخضوع كما اعتادت دوما...
ما غفلت عنه من شدة تفكيرها هو غياب ريم عن المنزل، فقد اصطحبتها أمها هي وأخوها المعاق ليكونا لها سندا في الغربة وحتى يتعالج المسكين من مرضه.

جلست على الدرج في مواجهة الحديقة الخلفية تتأمل النجوم في السماء... تشتاق إليه ولم يمض زمن طويل منذ أن أهداها آخر قبلاته وتركها تنتظر رجوعه... كانت تشعر بالخواء في قلبها... ضرباته تتسارع تعلن احتياجها إليه، وشعور مرير يتملكها مخافة فقدانه... أغمضت عيونها وطيفه يرتسم أمامها باسما يعدها الحب والأمان... وضعت يدها على بطنها حالمة... متى ستحمل له طفلا في أحشائها كما يتمناه قلبه؟.. وكيف ستُفاجئه بالخبر؟.. تعلم أنه سيُجن من الفرح...
صوت طلقات نارية من الحديقة الرئيسية وصلت مسامعها... وقفت سريعا وهي تحيط جسدها المرتجف بذراعيها... ما الذي يحصل الآن!..
ركضت في الأرجاء حتى وصلت إلى باب الفيلا ومن هناك شاهدت مجموعة رجال مسلحين يقتحمون الحديقة وهم يطلقون النار على كل من يقف في وجههم.
صرخت بفزع!... ليس في البيت أحد! لا والدها ولا أمها ولا لؤي... لا أحد!
هربت تركض باتجاه الحديقة الخلفية لتفر من هناك خارجا لكنها فوجئت بتبادل إطلاق النار هناك أيضا... أصبحت ترتجف كالورقة في مهب الريح، ودموعها تغطي كل وجهها وتجعل الرؤية أمامها ضبابية. صعدت الدرج بسرعة واختبأت تحت سريرها. كانت تستمع لصراخ الخدم وتوالي إطلاق النار وهي تغطي رأسها بكفيها وتبكي بجزع... متى ستصل الشرطة... لا بد وأن رجال الحراسة شغلوا جرس الانذار.
كانت شهقاتها تتعالى في المكان عندما فُتِح الباب فجأة بركلة قوية، كتمت كل دموعها فجأة وخبأت رأسها بين ذراعيها والخوف يعصف بها عصفا... سمعت تحركه بالغرفة وفتحه لباب الحمام. ثم سمعته يحدث رجلا آخر بالإيطالية.
عرفت حينها أن والدها قد عبث مع أناس أثقل منه وزنا... وعلى ما يبدو هي من ستدفع ثمن تلاعبه!
شعرت بزوج من الأقدام يسير باتجاه سريرها فانكمشت على نفسها أكثر فأكثر، وما لبثت أن امتدت إليها يد خشنة تسحبها من ساقها، صرخت بقوة وحاولت أن تركله... قاومت بقوة، لكن بلا فائدة. فقد ألقى بها الرجل على السرير وطوق يديها خلف ظهرها ليقتادها أمامه رهينة كما هي الأوامر.
•••••
اقترب من تلك الزنازين واحدة بعد أخرى... وكانت خاوية جميعها. أصابه الذهول ولم يفهم أين ذهب بشير بكل ذلك الكم من الأسرى... هل تخلص منهم جميعا وبهذه السرعة!.. مستحيل!!
وقف يلتفت يمينا ويسارا في شرود... أيعقل أن بشير كان يتوقع أن يقتحم المكان أحد فأسرع بإخلائه!
سمع صوت الباب الحديدي وهو يُفتح فأسرع بالاختباء داخل أحد السجون وجهز مسدسين... تحامل على آلام ذراعه الأيمن وصوبهما معا بحذر.
سمع أحدهم يصيح به: ضع السلاح أرضا وسلم نفسك... أنت محاصر...
إنه فخ نصبه له بشير... يبدو أنه كان يشك به وها هو الآن يطيح به كالفأر في المصيدة!!! بل ويريده حيا!.. هذا ما لن يناله مطلقا...
تسارعت دقات قلبه وشعر أنه على خط رفيع بين مفترقين... الموت أو الحياة..
انتظر أولئك الرجال بعض الوقت يفاوضونه على تسليم نفسه، وعندما يئسوا من خروجه بدأوا هجومهم وراحوا يطلقون النار ناحيته بشكل مكثف.. كانت رصاصاتهم تحفر الجدران الرطبة فتتطاير شظاياها بالأرجاء... صوت دوي هائل يتردد صداه من كل زنزانة فارغة... شعر وكأنه سيدفن حيا تحت الأنقاض لكنه بقي واقفا يذود عن حياته حتى آخر نفس ويطلق النار على كل رأس يطل من بعيد.

بعد ساعات من تبادل إطلاق النار شعر أن قواه قد خارت ولم يعد يقوى على استخدام يمناه التي اشتد نزيفها... تهاوى على ركبتيه وهو يصوب بيسراه دون أن يغفل... فلن يحتاج الأمر أكثر من وهلة ليردوه قتيلا...
تنفسه أصبح بطيئًا... بل ثقيلا... لم يعد يقوى على الاحتمال. وذخيرته تكاد تنفذ...
تأمل الخاتم بيده وابتسم بمرارة... كم يؤلمه أن ينكث بالوعد الذي قطعه عليها قبل أن ينتهي اليوم. قبّل ذلك الخاتم بألم وتشهد على روحه يسأل الله الغفران...
••••••
في الطائرة كانت ريم جالسة إلى جانب ريماس وقربهما أخوها صهيب. استرخت على المقعد تطلب الراحة... لكن الراحة بعيدة عن متناول يديها فالحرب التي سيدخلانها مع بشير أسوأ من كل ما عاشته في حياتها الماضية...
أغمضت عيونها بألم تتذكر ما مرت به بين جدران تلك الغرفة التي شهدت عارها... وسالت دموعها قهرا من الخزي الذي لحق بها... لقد أرادها عنوة وحصل عليها تماما مثلما أرادها وكما تسول له نفسه...وعندما انتهى منها تركها منكمشة على الأرض ترويها من دموعها الحارقة...
جلس يلبس ثيابه براحة وراح يسألها: هل أنت مغرمة بلؤي؟..
لم تجبه فهزها بقدمه مزمجرا: سألتك فأجيبي...
من بين دموعها فندّت الأمر، فسألها كرة أخرى: هل يحب امرأة غيرك؟
ما أسخفه وهو يسأل عن الحب الذي لم يتعرف إليه يوما... أو ربما لم يلتقي به من أيام ياقوتة!... رجل مثله لا يصلح لأن ينطق كلمة مرهفة كتلك، أجابته بغضب: ابنتك تحبه... ابنتك تلاحقه في كل مكان... ابنتك هي من تمنعه من أن يرى مثلي...
كانت بضع كلمات ألقت بها في وجهه وعقلها مغيب عن إدراك ما تفوهت به... لم تكن تعي خطورة ما تقول حتى شاهدت وجهه البغيض يملأ الفراغ أمامها وهو يرفعها إليه بقوة لتواجهه: ماذا قلت؟
انعقد لسانها من شدة الخوف ولم تعد تدري بما تجيبه... أحكم قبضته عليها حتى أوجعها فتألمت، بينما راح يقول من بين أسنانه: ما الذي تعرفينه عنهما؟
وهدر فيها بعنف يرجها: قولي!
أجابته بتأتأة متلعثمة: لا شيء... لا شيء... شاهدتهما مرة يتهامسان بالمطبخ...
رجها بقوة أكبر: ماذا كانا يقولان؟
ردت ببكاء: لا أعرف... أقسم لك لا أعرف... كانا يتحدثان عن الأسرى... هذا كل ما سمعته...
هنا تجهمت معالم وجهه فجأة وتحول لونه ليصبح أحمر من الغضب.
ألقى بها بعيدا عنه وقام من مكانه شاردا يفكر... يبدو أن لؤي باعه... وكشف عورته لابنته... هذا هو التفسير المنطقي لتلك النظرات الذابحة التي باتت ترمقه بها بين الفينة والأخرى... عادت به الذكريات لحفلة رأس السنة عندما انفجرت فيه كاللغم بلا سبب... واتّحدت عيونه لترسم نظرة مقطبة... حادة وقاسية...
إن كان لؤي قد أخبر مروى فمعناه أنه قد أصبح ضده... وإن أصبح ضده فمؤكد سيؤاخي عدوه...
تلك فرضيات رسمها برأسه، وكان عليه أن يدرسها على أرض الواقع... لذا قرر إخلاء السجون وانتظار الخائن ليمسكه بالجرم متلبسا...
••••••
في كوخ خشبي بأحد المناطق الزراعية البعيدة كان يجلس محمود مقيد اليدين إلى الخلف وإلى ظهره تستند نسرين وهو يشد على أصابع يدها المقيدة إلى يديه حتى يبثها الأمل لتتشبث بالحياة... منذ ثلاث أيام وهما على هذه الحال... وأسوأ ما في الأمر أن عيونهما معصوبة... عبثا كان يحرك جسده ورأسه ويحاول أن يتحرر.. يئس من الخلاص وظل ينتظر متى يقتادهما الرجلان المتواجدان خارجا إلى آخر محطة لهما حيث سيقابلان الشر بنفسه متجسدا في وجه يسميه الناس بشير.
تحركت بتشنج ثم همست له والعبرات تخنقها: محمود.. أنت بخير؟
أغمض عيونه بألم د وقلبه يتمزق حزنا عليها تتناسى آلامها وتفكر فيه: حبيبتي أنا بخير... هل تتألمين؟
كذبت عليه موارية لآلام بطنها التي أصبحت أكثر حدة: أنا بخير... اطمئن...
زمجر بتعب يريد الخلاص: يا إلهي يجب أن نخلص أنفسنا وننجو بحياتنا قبل أن نصل لبشير... هذه هي فرصتنا الوحيدة للنجاة.
وراح يحاول فك قيود يديه فصرخت نسرين من الألم ليتوقف هو عن شد الحبال: تؤلمك يداك؟
أجابته وهي تشارف على البكاء: الألم بمعصمي لا يطاق...
أطرق برأسه إلى الأرض وقلبه يُعصر ألما... كيف له أن يجلس هنا بلا حول ولا قوة وزوجته التي تحمل في أحشائها طفله تعاني الأمرين!..
عاد ليحرك رأسه محاولا إبعاد العصابة عن عيونه وطلب إليها أن تقرب رأسها لتحتك العصابة به ويسهل عليه رفعها أو إسقاطها. لكنها كانت عاجزة عن مساعدته...
عندما أحس بغطاء رأسها على شفاهه طلب إليها أن تمد رأسها إليه أكثر، ففعلت متألمة من انشداد الحبل حول معصميها.. شجعها يحثها على الاستمرار: مديه أكثر.
صرخت من الألم فعض على عصابة عيونها بأسنانه وشدها بقوة لتنزلق وتتحرر عيونها من السواد الذي كانت تلتف فيه منذ أيام.
عادت لوضعها تلهث بألم وهو كذلك، قال لها من بين أنفاسه: آسف حبيبتي...
راحت تتأمل المكان من حولها بإمعان: محمود... نحن في كوخ خشبي... ربما نستطيع كسر جدرانه لو أننا نتحرر.
وحركت يديها الموثقتان بإحكام لتدرك أن خلاصهما مجرد كلام.
مد إليها رأسه وهو يقول: افعلي تماما مثلما فعلت...
تألمت لبرهة ثم راحت تحاول إمساك العصابة بأسنانها وهي تصرخ به: لا أستطيع...
أصر عليها برجاء: حاولي أرجوك..
وبعد بضع محاولات فاشلة استطاعت أن ترفع العصابة عن عينيه قليلا لينفضها من فوق رأسه لاهثا بشدة: أحسنت حبيبتي... أحسنت...
هدآ بعدها يتأملان منظر الكوخ ويرهفان السمع لحديث الرجلان خارجا. قالت نسرين بخوف: ماذا لو دخلا علينا الآن!..
أجابها بهمس: لا تخافي...
كان المكان حالكا بعض الشيء إلا من بعض الضوء المتخلل لألواح الكوخ من المصباح الخارجي للمنزل القريب. راح يتأمل بعض الأدوات الزراعية المعلقة هناك... يبدو أنه كوخ للمعدات الفلاحية!
قال بعد تفكير: لو أننا نستطيع الوصول لواحدة من تلك الأدوات...
نطقت بسرعة: مقص تقليم الأشجار!..
أكمل بعد صمت: آلة جز الأعشاب الضارة... المنجل... المعول... يكفينا أن نشد الهمة ونتحرك إلى هناك...
تأملا حالتهما المزرية، إنهما مقيدان بإحكام وأمل تحركهما من هناك يُعد ضئيلا جدا... لو كان وحده لدحرج نفسه حتى يصل إلى الجدار لكن نسرين مقيدة معه ولن يتمكنا من فعل هذا معا...
زفر بانكسار وهو يأبى إلا أن يجد خطة للخلاص... إن كان يريد أن يعيش هو وزوجته وابنه القادم لأيام أخرى أكثر إشراقا، فعليه أن يحارب الآن لا أن ينتظر دخول جحر الأفعى...





بريق أمل غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 08-09-21, 02:35 PM   #66

تيلينجانا

? العضوٌ??? » 471660
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 43
?  نُقآطِيْ » تيلينجانا is on a distinguished road
افتراضي

روايتك شيقة ..بشير اتمنى له نهاية سوداء بقدر اعماله.. يافوته الى اين هربت وهل محمود ونسرين يستطيعوا الهرب.. لؤي اتمنى مايصيبه شي كله بغباء ريم سلمته لبشير.. مروى مامصيرها ياترى وهل محسن يستطيع التدخل لانقاذ لؤي.. فادي الحقير اتمنى يمسكوه ويتسجن.. الرواية مشوقة سلمت يداك

تيلينجانا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-21, 02:41 PM   #67

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

ااحداث سخنت الله يستر بس بالله لاتعملي شي في لؤي ومروة. كرهت غباء وحقد ريم على مروة هي السبب في فشل تحرير الاسرى وفضح لؤي كرهتها.. ياقوته راحت فبن ..ريماس قررت تفضح بشير وان شاءالله نهايته قربت..
محسن وسهام مع اني ضد فرق السن بس هي محتاجة لمحسن وحاسة معاه بالامان.

محمود ونسرين ازاذ حيقدروا يهربوا يارب محسن يقدر يوصل لهم.. ومروة المافيا خذتها مسكينةياحرام مالها ذنب.

منتظرين الاحدات الجاية بشوق


زهرورة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-09-21, 08:51 PM   #68

سوووما العسولة
 
الصورة الرمزية سوووما العسولة

? العضوٌ??? » 313266
?  التسِجيلٌ » Feb 2014
? مشَارَ?اتْي » 928
?  نُقآطِيْ » سوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond reputeسوووما العسولة has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخير والابداع والجمال... قرأت روايتك بالصدفة وحبيت جدا اسلوبك وطريقة سردك وشفت نفسي فجأة في اخر فصل... مبدددعة مبدعة فعلا. انسجمت مع الأحداث لدرجة اخويا ينادي وانا اقولو استنى لؤي يمكن يموت😂😂لاتتاخري علينا بليز وحبيت اعرف متى ينزل الفصل الجاي سلمتي وسلمت يمناكي.. بانتظارك..

سوووما العسولة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-09-21, 01:04 AM   #69

ABDELRAHMAN WAHEED

? العضوٌ??? » 292687
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 703
?  نُقآطِيْ » ABDELRAHMAN WAHEED has a reputation beyond reputeABDELRAHMAN WAHEED has a reputation beyond reputeABDELRAHMAN WAHEED has a reputation beyond reputeABDELRAHMAN WAHEED has a reputation beyond reputeABDELRAHMAN WAHEED has a reputation beyond reputeABDELRAHMAN WAHEED has a reputation beyond reputeABDELRAHMAN WAHEED has a reputation beyond reputeABDELRAHMAN WAHEED has a reputation beyond reputeABDELRAHMAN WAHEED has a reputation beyond reputeABDELRAHMAN WAHEED has a reputation beyond reputeABDELRAHMAN WAHEED has a reputation beyond repute
افتراضي

https://www.rewity.com/forum/images/...smail/a555.gif

ABDELRAHMAN WAHEED غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-09-21, 02:05 AM   #70

بريق أمل

كاتبة في قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية بريق أمل

? العضوٌ??? » 381251
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 515
?  نُقآطِيْ » بريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تيلينجانا مشاهدة المشاركة
روايتك شيقة ..بشير اتمنى له نهاية سوداء بقدر اعماله.. يافوته الى اين هربت وهل محمود ونسرين يستطيعوا الهرب.. لؤي اتمنى مايصيبه شي كله بغباء ريم سلمته لبشير.. مروى مامصيرها ياترى وهل محسن يستطيع التدخل لانقاذ لؤي.. فادي الحقير اتمنى يمسكوه ويتسجن.. الرواية مشوقة سلمت يداك

يسلمك حبيبتي
سعيدة بوجودك
أسئلة كثيرة تدور بذهن كل قارئ والأحداث محتدمة جدا.
النهاية قريبة وسنعرف ما سيحل بأبطالنا
يا رب تكون النهاية عند حسن ظنك


بريق أمل غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:40 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.