آخر 10 مشاركات
بين أزهار الكرز (167) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          والروح اذا جرحت (2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة في الميزان (الكاتـب : um soso - )           »          [تحميل] عاشق يريد الانتقام،بقلم/ *نجاح السيد*،مصريه (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          At First Sight - Nicholas Sparks (الكاتـب : Dalyia - )           »          [تحميل] مهلاً يا قدر ،للكاتبة/ أقدار (جميع الصيغ) (الكاتـب : Topaz. - )           »          مهلاُ يا قدر / للكاتبة أقدار ، مكتملة (الكاتـب : لامارا - )           »          وكانت زلة حياتي(111)-قلوب شرقية[حصريا]للكاتبةفاطمةالزهراء عزوز*الفصل14ج1**مميزة* (الكاتـب : Fatima Zahrae Azouz - )           »          عروس دراكون الهاربة(157)للكاتبة:Tara Pammi(ج3من سلسلة آل دراكون الملكيين)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          إِفْكُ نَبْض (2) *مميزة & مكتمله* .. سلسلة عِجَافُ الهوى (الكاتـب : أمة الله - )           »          Wed for the Spaniard's Redemption by Chantelle Shaw (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما رأيكم؟
جيد 13 43.33%
متابع 3 10.00%
لا بأس به 2 6.67%
أعجبني 18 60.00%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 30. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree256Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-02-22, 11:35 PM   #61

شهر'زاد.

? العضوٌ??? » 492944
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 100
?  نُقآطِيْ » شهر'زاد. is on a distinguished road
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آلاء الليل مشاهدة المشاركة
تسجيل حضور من الآن فالانتظار 💗💗💗💗💗💗💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖
منورة حبيبتي ♥️.. تم تنزيل الفصل وفي انتظار رأيك




شهر'زاد. غير متواجد حالياً  
قديم 11-02-22, 12:29 AM   #62

آلاء الليل

? العضوٌ??? » 472405
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 477
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » آلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond reputeآلاء الليل has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

فصل رائع و أخيرا ارتحنا من كريم و لو اني عارفة انه ماراح يستسلم لكن المهم صبا كرهتو و انفصلت عنه
يبدو انه معاناة صبا من والدها لها ابعاد اخرى متشوقة لما ادهم يعرف اسرارها
فارس و رحمة علاقتهم جميلة جدا
اشتقنا لمروان و مريم اليوم
بالتوفيق الرواية جد رائعة 👏👏👏👏💖💖💖💖💖💖

شهر'زاد. likes this.

آلاء الليل غير متواجد حالياً  
التوقيع
تابعوا معنا رواية أسيرة الثلاثمئةيوم للكاتبة المتألقة ملك علي على الرابط التالي
https://www.rewity.com/forum/t471930.html
قديم 11-02-22, 03:45 AM   #63

ishqo

? العضوٌ??? » 361511
?  التسِجيلٌ » Jan 2016
? مشَارَ?اتْي » 245
?  نُقآطِيْ » ishqo is on a distinguished road
افتراضي

روعة الروايه رائعة وتستحق المتابعة استمري
شهر'زاد. likes this.

ishqo غير متواجد حالياً  
قديم 12-02-22, 11:15 PM   #64

شهر'زاد.

? العضوٌ??? » 492944
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 100
?  نُقآطِيْ » شهر'زاد. is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آلاء الليل مشاهدة المشاركة
فصل رائع و أخيرا ارتحنا من كريم و لو اني عارفة انه ماراح يستسلم لكن المهم صبا كرهتو و انفصلت عنه
يبدو انه معاناة صبا من والدها لها ابعاد اخرى متشوقة لما ادهم يعرف اسرارها
فارس و رحمة علاقتهم جميلة جدا
اشتقنا لمروان و مريم اليوم
بالتوفيق الرواية جد رائعة 👏👏👏👏💖💖💖💖💖💖
سعيدة برأيك يا قمر🥰❤️
مريم ومروان معانا في الفصل القادم إن شاء الله ❤️


شهر'زاد. غير متواجد حالياً  
قديم 12-02-22, 11:16 PM   #65

شهر'زاد.

? العضوٌ??? » 492944
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 100
?  نُقآطِيْ » شهر'زاد. is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ishqo مشاهدة المشاركة
روعة الروايه رائعة وتستحق المتابعة استمري
شكرًا ليكِ حبيبتي 💙


شهر'زاد. غير متواجد حالياً  
قديم 17-02-22, 11:06 PM   #66

زهوةفرحة

? العضوٌ??? » 484921
?  التسِجيلٌ » Feb 2021
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » زهوةفرحة is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم تسجيل حضور بارت اليوم الخميس 17فيفري
شهر'زاد. likes this.

زهوةفرحة غير متواجد حالياً  
قديم 17-02-22, 11:10 PM   #67

شهر'زاد.

? العضوٌ??? » 492944
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 100
?  نُقآطِيْ » شهر'زاد. is on a distinguished road
افتراضي على شرفات الحب

الفصل السابع عشر

أسندت رأسها للخلف تاركة نسمات الهواء تداعب بشرتها، خصلات شعرها الناعمة تتطاير على جانب وجهها، عيناها شاردتين في مياه البحر أمامها، تتشاغل بتأمله لكن نظراتها ترنو رغمًا عنها لذلك الواقف على بعض أمتار منها، بجانبه فاتنته الشقراء التي لم يحِد بعينيه عنها منذ وصولهم.. ابتلعت زهرة طعمًا صدءًا في حلقها وهي تعود لتأملها لمياه البحر
( أظن أن الأمر لا يسير كما خططنا )
كلمات صديقتها أخرجتها من شرودها لتلتفت إليها زهرة مستفهمة، فأكملت بأسف
( أقصد مروان وتلك الفتاة )
قاطعتها زهرة بحزم
( لا أريد التحدث في هذا الأمر، أنا لم أعد أهتم
وقد صرفت نظر عن الموضوع كله )
نظرت لها صديقتها بأسف.. بينما أردفت فتاة أخرى بسخرية
( طبعًا لا تهتمين.. لقد صرفتِ النظر عن فرصة رائعة لتركزي جهودك على فرصة أروع )
عقدت زهرة حاجبيها وهي تستنكر أسلوب صديقتها لتلتفت إليها قائلة ببعض الغضب
( ماذا تقصدين يا هديل؟ )
مصمصت الفتاة شفتيها وهي تجيبها في غِل، بينما نظراتها تتجه بعيدًا
( أقصد ذلك الذي لم يرفع نظراته عنكِ منذ أن وصلنا للشاطئ )
حركت زهرة نظراتها لتصطدم عيناها بلمعة رمادية مصوبة نحوها، ارتفع وجيب قلبها لتبعد عيناها عن مرمى نظراته وهي تلتفت لصديقتها قائلة بإرتباك
( ما هذا العبث الذي تقولينه؟ وهل أعرفه أنا من الأساس؟ إنه مجرد صديق لأخي )
تشدقت صديقتها هازئة
( ومروان أيضًا كان مجرد صديق لأخيكِ )
شعرت زهرة بالغضب، لكنها سيطرت على أعصابها وهي ترفع ذقنها بترفع
( لقد أغلقت صفحته وانتهى الأمر، أما بالنسبة للسيد راشد فأنا لست مغفلة كي لا أنتبه أنكِ معجبة به.. على العموم هنيئًا لك فأنا لا أهتم )
وببساطة نهضت مكانها تتحرك مبتعدة وهي تتجاهل نداء صديقتها الأخرى التي التفتت للفتاة بتوبيخ
( ماذا استفدتِ الآن من مضايقتها؟! )
لوحت هديل بيدها دون اكتراث، قالت بحقدٍ واضح
( هل انخدعتِ بحركاتها البريئة؟ هي تعلم أن راشد يكن لها إعجابًا خفيًا، وأكاد أجزم أنها تستمتع بالأمر، تريد أن تثبت لنفسها أنها مرغوبة.. لكن ليس على حسابي هذه المرة ! )

***************************
تركزت نظرات راشد على تلك التي مرت بجانبه، تتحاشى النظر إليه بينما تسرع بخطواتها وقماش فستانها الهفهاف يتتطاير حولها بثورة وكأنه يأمرها -كما يفعل هو- أن تتوقف، أن تترك له فرصة واحدة ليقتحم حصون قلعتها المنيعة
( راشد ! )
ذلك الهتاف المحتج سحبه من أفكاره ليستعيد توازنه مجيبًا بفتور
( عفوًا يا حياة.. أنا معكِ )
ردت بنبرة جامدة يتخللها غضب خفي
( لا لست معي.. وعلى الأرجح فأنت لم تنتبه لكلمة مما قلتها، فعينيك كانتا منشغلتين بمهمة خاصة )
أزعجته طريقتها المتسلطة، والتي تصر على معاملته بها، وكأنها لا تزال زوجته رغم انتهاء ذلك الزواج منذ أكثر من ثلاثة أعوام.. وضع يديه في جيبيّ بنطاله وهو يقول ببرود استفزها
( بل سمعت ما قلتِه وقد كانت كلها معلومات عديمة الفائدة بالمناسبة، فقد راجعت بنفسي تلك الأوراق من قبل )
كزت على أسنانها بغضب من طريقته الجافة معها والتي تفسد كل محاولاتها في جذبه إليها مرة أخرى.. استجلبت أقصى درجات برودها وهي تغير دفة الحوار قائلة بهدوء
( لقد حادثتني عمتي في الهاتف بالأمس، كانت تتساءل متى سنعود إلى المدينة، وأنا أخبرتها أننا سننهي ما تبقى من أعمال لنعود بعد يومين على الأكثر و... راشد هل أُحدث نفسي أم ماذا؟! )
هتفت بجملتها الأخيرة بغضب وهي تراه ينشغل عنها مجددًا، ونظراته تذهب في اتجاه آخر حيث اختفت زهرة، لينتبه هو إلى هتافها ثم قال بلا تركيز
( سأتصل بأمي الليلة، بإمكانكِ أنتِ أن تعودي للمدينة وأنا سأتولى الأمور هنا.. كما أنني ربما أبقى لعدة أيام أخرى )
- ( وما الداعي لبقاءك هنا؟ الأعمال في الشركة تحتاج لوجودك و.. )
لم يدعها راشد تكمل اعتراضها، فقد تكلم بغضب وقد نفذ منه صبره
( أنا أعرف جيدًا ماذا يحتاج العمل ولا أنتظر تذكيركِ، ومن فضلك توقفي عن أخذ القرارات بدلًا عني )
استعرت نظراتها بغضب، لكنها أطبقت شفتيها تكظم غيظها منه، بينما زفر راشد يستجلب بعضًا من صبره وهو يسترضيها ببعض الرفق
( لا تؤاخذيني حياة، رأسي مشوش قليلًا )
كتفت حياة ذراعيها تقول بتقريع غير مقتنعة بكلامه
( وماذا يشوش رأسك يا ابن عمتي؟ لعله خير إن شاء الله )
رفع عيناه للسماء يطلب بعض الصبر لتَحمُل تلك الكارثة التي أُجبِر على وجودها المستمر.. ثم غمغم بإرهاق
( يا الله أعني )
وتحرك مبتعدًا وقد قرر أن يشتري صحته، تاركًا خلفه حياة تعض شفتيها بغضب وقد أوشكت أن تُخرِج نارًا مِن أذنيها.. ثم فتحت هاتفها تطلب أحدهم وما إن أتاها الرد حتى هتفت بغيظ
( مرحبًا يا عمتي.. تصرفي مع ابنك هذا فقد نفِذَت مني الحِيَل )

*************************
( يا مريم صدقيني أنا بخير، والله كلنا بخير لم يصيبنا مكروه.. لا تقلقي )
هتفت بها صِبا بصبر وهي تحك جبهتها بيد بينما تمسك هاتفها باليد الأخرى ليأتيها صوت مريم على الجانب الآخر قائلة بقلق
( هاتفكِ مغلق منذ يومين، وكلما حادثت أمي تخبرني أنكِ نائمة.. في المكالمة الأخيرة كدت آتي بنفسي لأكسر الهاتف على رأس ملك ما إن أخبرتني أنكِ نائمة، كل هذا ولا تريدنني أن أقلق !! )
كادت صبا ترد، لكن قاطعها هتاف ملك المستنكر التي خطفت الهاتف من يد أختها تنظر لمريم من خلال الشاشة
( هل ملك هي حائطم المائل أم ماذا؟ قلنا كانت نائمة.. ماذا ألا تنامين !! )
أزاحتها صبا كي تستعيد هاتفها، وتابعت حديثها تسأل مريم
( المهم أخبريني، متى ستعودين؟ )
زمت مريم شفتيها وقد فطنت أن أختها تغير مجرى الحديث، تشعر أن شيئًا سيئًا قد حدث، وارتباك صبا الذي تحاول إخفائه يقلقها أكثر.. لكنها ردت باستسلام
( لا أعرف، العمل هنا كثير و... )
- ( مرحبًا صبا كيف حالكِ؟ )
صمتت مريم تعض على شفتيها بغيظ وهي تنظر في شاشة هاتفها دون أن تلتفت، بينما ترى صورة ذلك المتطفل بجوار صورتها الجانبية.. أما صبا فرفعت حاجبها بتحفز وهي ترى مروان الذي اقتحم المشهد فجأة ليقف خلف مريم، لم ترد عليه.. فأردف مروان متسائلًا وكأنهم أصدقاء قدامى
( كيف هي الأحوال عندكم في المدينة؟ )
قلبت صبا شفتيها وهي تغمغم بسأم
( خَرِب بَيت سماجتك )
ثم رفعت صوتها تحدثه بتهكم
( ألا تملك هاتفًا تعرف منه "الأحوال في المدينة" )
تبلدت ملامحه دهشةً من ردها الفظ، بينما تجاهلته هي وأردفت تُحدث مريم
( سأحادثكِ في وقتٍ آخر يا مريم.. يجب أن أذهب الآن فقد أصابتني الحموضة )
أغلقت مريم المكالمة ثم التفتت لمروان بعصبية، حدجته بنظرة نارية قبل أن تتحرك مبتعدة.. بينما ضرب مروان كفًا بكف قائلًا لنفسه بذهول
( ما هذه العائلة؟ سلاطة اللسان لديهم موهبة ! )

*************************
وقف على مسافة بعيدة نسبيًا يتنهد بعمق وهو يراقبها بتأنٍ، في وقفتها الهادئة على الشاطئ تداعب أمواج البحر قدميها تمامًا كما تداعب وقفتها الفاتنة قلبه، يمكنه أن يتأملها هكذا لباقي حياته دون أن يمل..
أما زهرة فكانت غير منتبهة لوجوده من الأساس،
وهي غارقة في أفكارها الحزينة، هذه الرحلة استهلكت الكثير من مشاعرها، وهي تحاول وتحاول دون فائدة، وقد ذهبت كل آمالها أدراج الرياح خاصة وقد نفِذَت طاقتها حقًا.. ليس هذا ما خططت له، هل أفسد وجود مريم مخططاتها؟ أم أن الأمر يكمن في مروان نفسه؟ ماذا ينقصها حتى يُغرم بها؟
عند خاطرها الأخير ابتسمت بمرارة تسخر من نفسها
( ينقصكِ الكثير يا معتوهة، لقد عرف نساء جميلات بعدد شعر رأسه، لماذا يلتفت لكِ !! ماذا يميزك عنهن؟ لا شيء لا شيء )
كان صوتها يعلو تدريجيًا حتى وصل حد الصراخ في كلماتها الأخيرة وقد بدأت تركل الأرض بقدميها...
ضيق عينيه وهو يرى حركاتها الثائرة وقد علا الموج قليلًا من حولها، يضرب فستانها حتى وصل إلى أعلى ركبتيها وكأنه يشاركها تمردها، تحرك خطوتين ينوي التوجه إليها، لكنه تراجع وهو يراها قد سكنت مكانها.. ظن أنها ستعود أدراجها، لكنها خالفت ظنونه وهي تتحرك تجاه البحر أكثر حتى اقترب الماء من صدرها، توترت خلاياه وجسده يتحفز تلقائيًا.. بينما كانت زهرة تحاول الاسترخاء تاركة لمياه البحر المهمة وهي تراقب الشمس التي توارى ضوئها وأوشكت على المغيب
( كم أفتقد وجودك الآن يا أمجد )
همست بها لنفسها بخفوت وهي تحرك ذراعيها بين مياه البحر، شردت للحظات نسيت فيها كل شيء حتى نفسها، لتشهق فجأة بألم وهي تشعر بوخزة مؤلمة في قدمها، أخذ وجعها يتزايد فتوقفت زهرة تتوجع وقد شُلت حركتها تمامًا والموج يتعالى حولها، حاولت أن تُحرك جسدها لكن الألم اشتد أكثر.. كانت المياه قد بدأت تسحبها، حتى شعرت بنفسها تغوص رغم إرداتها والأمواج تجذبها بعيدًا لتهمس بهلع
( يا إلهي أنقِذني )

**************************
قلبه يقصف بعنف وهو يدور بعينيه على مرمى بصره، يبحث عنها بعد أن توارت عن عينيه، الشمس قاربت على المغيب.. أين اختفت؟! حدسه أخبره أن مكروهًا قد أصابها فهمس باسمها تلقائيًا وهو يتحرك بخطوات راكضة ناحيتها، ودون أن يفكر خلع قميصه الخفيف ليلقي بجسده داخل أمواج البحر، يبحث عن تلك المجنونة ولا يزال لسانه يردد اسمها في رعب.

************************
أنزل نظارته الشمسية قليلًا لتستقر أعلى أنفه
وقد تراقصت نظراته بعبث، يجلس باسترخاء قِطٍ ناعس تحت أشعة الشمس وهو يراقب تحركاتها، يتتبع حركة كفها الذي تلوح به لزميلاتها لتشرح شيئًا ما، فيحرك الهواء خصلات شعرها الشقراء بجنون لتمتد يدها الأخرى تحاول لملمته دون فائدة.. التقت أعينهما للحظة خاطفة، لكنها كانت كافية ليعطيها غمزة عابثة جعلت وجهها يحمر بشدة وهي تدير وجهها عنه تتأكد أن أحدًا مِن زملائها لم يلحظ قلة حياءه، تعلَم أنه يستمر في خطته الوقحة للإيقاع بها، لكنها لن تنصاع له، ستردعه و بشدة، حتى وهي تراه الآن يتحرك من مكانه ليتقدم ناحيتها وقميصه المفتوح يتطاير فبرزت عضلات صدره أمام عينيها ولا يزال يضع نظارته أسفل عينيه فبدا كوحشٍ جائع يتقدم لالتهام فريسته التي تحفزت خلاياها وهي تستعد لأي حركة وقحة منه
( أين مشروبي؟ )
رمشت بعينيها وقد تشتت تركيزها بسبب نظراته الغير بريئة تحاول استيعاب سؤاله، لكن رد النادل الذي أتى من خلفها أعفاها من حيرتها
وهي تسمع الرجل يقول بأدب
(سنجهزه حالًا سيد مروان )
همهم مُعقبًا ببساطة
( أريده باردًا مُنعشًا.. فـالطقس اليوم )
بتر جملته دون أن يكملها، وحرك حدقتيه ينظر لمريم ممسكًا بطرف نظارته، ثم تابع بهمس
(حار جدًا.. وساخن )
عضت شفتيها بقوة وهي تغمض عينيها عن نظراته العابثة
" وقح .. وقح وحقييييير "
أخذت مريم نفسًا عميقًا تهدأ به نفسها لتذكرها أنها الآن أمام مديرها بالعمل، والذي صادف وكان دنيئًا عديم الحياء، لكن هذا لا يمنع أنه لو تعدى حدوده مرة أخرى فلن تتردد عن دق عنقه،
كان مروان يقف أمامها مستمتعًا قبل أن يتنهد باشتعال وقد أرهقه جفائها معه..
اقترب زميلها في المكتب الذي وجَّه حديثه لمريم
( لقد أوصيت العمال بالتعديلات التي اقترحتِها، اسمحي لي أن أُبدي إعجابي بمهارتكِ يا مريم، أنتِ حقًا سيكون لكِ مستقبلًا رائعًا )
ابتسمت له تشكره بمجاملة، متجاهلة نظرات مروان التي اشتعلت، قبل أن يتحدث ببرود مُقحمًا نفسه في الحديث
(وأنت يا.. ذكرني ماذا كان اسمك؟ )
تتطلع الشاب ليد مروان التي استقرت على كتفه تقبض عليه بقوة أشعرته أنه ينوي تحطيم عظامه، لكنه رد عليه بأدب
( أحمد )
ابتسم مروان بخطورة وهو يربت على كتفه بقوة
( وأنت يا "أبو حميد".. ما هي مهاراتك؟ )
توتر الشاب قليلًا وهو ينظر له بعدم فهم ثم سأل ببلاهة
( سيد مروان هل فعلت شيئًا خاطئًا؟! )
رفع مروان حاجبيه يتظاهر بالدهشة
( لا لا يا رجل، أنت من أكفأ موظفينا.. يكفي أنك تتأكد بنفسك من مهارات زميلاتك بل وتثني عليها أيضًا، أليس كذلك يا آنسة مريم؟ )
برمت شفتيها، وأشاحت عنه بغير رضا مِن حماقته المكشوفة.. لكنها رغمًا عنها شعرت ببعض القلق من أن يتطاول على زميلها.. صحيح أن ذلك "الأحمد" لا يكف عن تودده الساذج إليها، وصحيح أيضًا أنها لاحظت أنه يكن بعض الحقد ناحية مروان.. لكن هذا لن يجعل منها مُرحبة بفضيحة علنية أمام زملائها...
أتى النادل ببعض المشروبات فزفرت براحة حين ابتعد مروان عن الشاب أخيرًا، لكنه اقترب منها هي، فتراجعت للخلف بتلقائية، بينما تسمعه يكرر سؤاله بتهديد
( أليس كذلك؟ )
ابتسمت ابتسامة باردة وهي تجيبه بصلف
( بالتأكيد.. أحمد يُجيد الاهتمام بعمله جدًا، هو أيضًا لديه اقتراحات بخصوص المشروع )
ابتسم مروان بخطورة، واستمرا في النظر لبعضهما بتحدٍ.. حتى تكلَّم بغموض
( إذًا سيسعدني جدًا الاطلاع على تلك الاقتراحات.. وقتها سأكافئ أحمد بنفسي وأكسر له.. )
وأمام عينيها المتسعتين بتحذير، تابع مروان بسماجة
( رقمًا قياسيًا جديدًا )
زفرت مريم وهي تشعر أنه ينجح فعلًا في تفكيك أعصابها.. بينما شكره الشاب وهو ينقل نظراته المتوجسة بينهما، ثم تحرك مبتعدًا عن نظرات مروان الشرسة.. ابتعدت مريم عنه قليلًا لتمد يدها ناحية صينية المشروبات التي تركها النادل لترفع مشروبًا غازيًا تنشد أن يعيد لها دماءها التي جَفَّت بسببه، لكن يد مروان امتدت فجأة لتأخذ منها الكأس، نظرت له بذهول فقال بسماجة
( مشروبًا غازيًا؟ لا نريد أن تصابين بهشاشة عظام في الوقت الحالي )
- ( وما شأنك أنت ! )
تجاهل همسها الحانق وهو يرفع صوته موجهًا ندائه للنادل
( أحضر لها عصير برتقال يا ابني.. لا نريد أن يُصاب موظفينا بنقص فيتامين سي )
كتفت مريم ذراعيها تهمس من بين أسنانها
( يكفينا ارتفاع معدل فيتامين الوقاحة والغلاظة وثِقل الدم عندك )
أنزل نظاراته عن عينيه مرة أخرى وهو يلتفت لها قائلًا بجدية
( سمِعتكِ.. وبالمناسبة أغلقي فمك والآن تحديدًا، كي لا أضع شجرة البرتقال كلها داخله، ومعكِ ذلك الرجل الآلي مُكتشِف المهارات )
اتسعت عيناها أمام تهديده الصريح لها، لتهمس بصدمة
( كيف تجرؤ.. )
-( هيا يا ابني أين العصير )
أجفلت على صوته العالي وهو ينظر إليها بنظرة مرعبة جعلتها تبتلع باقي كلماتها.. بينما تابع مروان بنبرة أهدأ
( وأحضر مشروب الفواكه لزهرة )
ثم التفت حوله يتساءل بدهشة
( أين زهرة؟ )

****************************
خارت قواها والألم يشتد، كان جسدها أضعف من أن يقاوم بينما الموج حولها يجذبها أكثر، لتتشوش الرؤية أمامها وتضيع أنفاسها، وكان آخر ما شعرت به قبل أن تفقد وعيها كليًا ذراعان قويان يجذبانها بقوة، يرفعاها للأعلى لتلتصق بصدرٍ ضخم ضمها فأغمضت جفنيها بضعف، وتلتقط أذناها نبضات تلك المضخة القوية تحت رأسها.. مددها على رمال الشاطئ ليلتف حولهما البعض، بينما كان هو ينظر لجسدها الضئيل الممدد أمامه، وجهها شاحب يماثل شحوب وجهه وقد عصف به القلق ..
( زهرة )
ناداها بصوتٍ ضائع وقد جف حلقه وأسوأ التخيلات تضرب برأسه بلا رحمة، لا يمكن أن يفقدها، هو لن يتحمل هذا، ليس بعد أن وجدها
( زهرة.. أفيقي، بالله عليكِ لا تفعلي هذا )
رددها بخفوت وكأنها تسمعه، مجرد فكرة فقدها جعلت عقله يعمل فجأة ويتخلص من جموده، ودون تفكير مد يديه يباعد بين شفتيها، يهبط برأسه إليها، يعطيها من أنفاسه.. لو أنها تأخذ أنفاسه كلها فتحيا ويموت هو، لن يهتم... رفع رأسه لتعمل يداه بتلقائية يضغط على صدرها ولا يزال لسانه يردد اسمها، وعيناه متعلقتان بوجهها.. مرة، مرتين.. حتى شهقت أخيرًا تبصق الماء من فمها، فأطلق زفرة مرتاحة وقد عادت بعض الدماء إلى وجهه وفمه يردد بالحمد، رفعها بذراعيه يدعم جسدها الضئيل لتستند على صدره، بينما كانت زهرة تسعل بقوة وما إن استطاعت تنظيم أنفاسها حتى رفعت وجهها لتلتقي عيناها بعينيه.. الرعب الذي رأته فيهما جعل قلبها ينبض بتسارع وهي ترى انعكاس صورتها في مرآته الرمادية، رمشت بأهدابها تبعد الماء عنهما وهي تقول بوهن
( ماذا حدث؟ البحر.. )
أحسَّت بتنهيدة صدره، تتبعها حركة كفه الخشن حين امتدت ليمسح الماء عن وجهها، بينما صوته يلهج بخفوت
( أنتِ بخير.. الحمد لله )
"لقد كان الله رحيمًا بقلبي فلم يفجعه بفقدانكِ"
همس بها لسانه في خفوت فلم تسمعه، لينتبه أنهما لا يزالا مكانهما على الأرض والناس من حولهما، وانتبه للأخطر وأنها لا تزال بين أحضانه، وهذا ليس جيدًا فَسيطرته على نفسه تكاد تتلاشى أمام إحساسه بها الآن، فاستقام
وساعدها برفق كي تقف، ترنحت زهرة ومال جسدها فكادت تسقط، لتجد ذراعيه القويين تمسكانها مجددًا، وصوته يهتف بلهفة
( انتبهي )
"انتبهي يا معذبتي فقلبي أضعف مما ظننت"
ليتها تسمع همساته المُلتاعة فترحم قلبه
( زهرة.. ماذا جرى !!! )
كان ذلك الهتاف القلق لمروان الذي أتى مسرعًا يقتحم الحشد فور سماعه بما حدث، وما إن رآها سالمة حتى اقترب منها يسحبها وهو يهزها بعنف
( لماذا ابتعدتِ؟ وتنزلين إلى الماء وحدكِ قبل الغروب بدقائق؟ هل فقدتِ عقلك )
- ( لا تصرخ بي هكذا.. وما شأنك أنت؟ )
هتفت تتحامل على وهنها وقد أغضبها صراخه.. ليصيح مروان باستنكار
( هل نسيتِ أنكِ أمانة لديّ هنا؟ لو أصابكِ مكروه ماذا سأقول لأمجد؟! )
أوشكت على الرد بأنها تبغض تحكمه عديم المعنى، وأنها تتمنى لو يتوقف عن إعطائها آمالًا زائفة.. لكن صوت رجولي غاضب منعها، فقد تكلم راشد موجهًا حديثه لمروان
( يكفي يا مروان ليس هذا وقته.. لقد مر الأمر بسلام وانتهينا )
زفر مروان وهو يجذبها من ذراعها ببعض الرفق هذه المرة قائلًا بغضب مكتوم
( هيا تحركي معي )
- ( لا )
قالتها زهرة بتمرد جعل عيناه تتسعان اندهاشًا، ثم كز على أسنانه هامسًا بحنق
( تحركي يا زهرة ليس هذا وقت العناد )
وقبل أن يجذبها غصبًا كانت يدًا قوية تمتد مانعة إياه من ذلك، وراشد يتحدث بخفوتٍ ينضح غضبًا
( دعنا ننهي الأمر بسلام حتى لا نصبح حديث المكان كله.. تحرك أنت وأنا سأتصرف )
نظر له مروان وعيناه تبرقان بالرفض بينما يسمع صوت مريم التي كانت تتابع الأمر بصمتٍ متحفز
( هيا يا مروان.. الناس تحدق بكم )
التفتت إليها فأومأت رأسها تحثه على التريث، فألقى نظرة أخيرة حانقة لزهرة وأخرى لراشد الذي هز رأسه قائلًا بخفوت خطر
( هيا )
ويداه تزيح كف مروان عن ذراع زهرة في حمائية وبنبرة حملت بعض الشراسة.. حدجها مروان بنظرة مهددة، لكنها أشاحت بنظراتها بعيدًا، كانت تخشى أن تنصاع له كما اعتادت، لم تقبل على كرامتها أن يسحبها خلفه كطفلة مشاغبة، ألا يكفي أنه يوبخها أمام الجميع ! شعرت بأصابع خشنة فوق معصمها، فانتبهت لكف راشد الذي أنهى الموقف بحسمٍ، طالعته بنظرات مشتتة، واستطاعت أن تلمح في عينيه إصرارًا ألا تذهب.. وبالفعل غادر مروان مستسلمًا وبدأ الجميع في التفرق، بينما أسندها راشد مرة أخرى ليساعدها في الجلوس على أحد الكراسي، وبجانبها وقفت صديقاتها التي هتفت إحداهن باضطراب
( تحاملي على نفسكِ يا زهرة وتعالي لترتاحي في غرفتكِ )
كان قد أتى بمنشفة كبيرة ليضعها عليها، لف بها جسدها جيدًا بينما يسألها بقلق
( هل ما زلتِ ترتجفين؟ )
رفعت نظراتها نحوه وهي تستشعر قلقه، كان يحدق بها بنظرات متلهفة وقطرات الماء تقطر من شعره وصدره العاري، يده تدعم ظهرها وكأنه يخشى عليها من السقوط رغم أنها تجلس بالفعل.. أجابته بخفوت
( أصبحت أفضل )
إلا أنه ظل ينظر إليها بتلك الطريقة التي تربكها فلم تستطع الهرب من أسر نظراته، كأنه يسألها بعينيه إن كانت فعلًا بخير، حتى أنها أومأت له برأسها وكأنها تجيبه عن سؤالٍ لم يسأله.. ثم استقامت تنهض تساعدها رفيقاتها لتبتعد أمام عينيه.. ود لو ظلت بجانبه أكثر، لكنه بصراحة لا يضمن نفسه
( أرى أنكَ أصبحت تؤدي دور حارس الشاطئ أيضًا )
صوتها الرفيع بإزعاج ضرب أذنيه كمطرقة، ليلتفت إليها قائلًا بأقصى ما استطاعه من هدوء
( صدقيني يا حياة أنا الآن على وشك قتل أحدهم.. رجاءً لا تكوني أول ضحاياي )
وسار مبتعدًا حتى لا يقذفها في مياه البحر، بينما ضربت هي فخذها بكفيها وهي تقول بغيظ
( يا خوفي مِنك يا ابن أحلام )

*******************************
وفي المساء كانت زهرة تفتح باب غرفتها لإحدى عاملات الفندق، فدخلت الفتاة لتضع لها طعامًا لم تطلبه، بجانبه ورقة مطوية بعناية، فتحتها لتقرأ ما بداخلها
"تلك الأنفاس أنقذتني اليوم قبل أن تنقذكِ"
فابتسمت عيناها قبل شفتيها، وهي تتمسك بالورقة أكثر، تُعيد قراءة كلماته.. مرة بعد مرة.

****************************
وقفت بعيدًا تراقبه في جلسته أمام البحر، يفترش رمال الشاطئ وهو يستند بذراعيه على ركبتيه، بينما تأملته هي لا تعرف هل عليها أن تتكلم الآن أم ترحل في صمت، لا تعرف من الأساس لماذا أتت خلفه، ربما خوفها من أن يشتبك مع راشد، خاصة بعد أن رأت نظرات ذلك الضخم الغاضبة.. لكن هل تخاف عليه؟ السؤال جعلها تهز رأسها نفيًا وكأنها تُبعد الفكرة عن رأسها، استدارت تنوي العودة قبل أن يلمحها، لكنها توقفت بتردد لم يدم طويلًا فقد غيرت وجهتها، تحركت تقترب منه حتى وقفت بجواره، لم يلتفت لها فتنحنت كي تنبهه، فرفع نظراته بصمت
( اجلسي يا مريم )
قالها بهدوء وهو يدير رأسه للبحر مرة أخرى، فجلست.. فاجأته وفاجأت نفسها أن جلست دون جدال.. ما زال ينظر للبحر أمامها فهمست بتردد
( لم أرَكَ غاضبًا هكذا من قبل )
-( كنت قلقًا عليها، كدت أموت رعبًا ما إن علمت بما حدث.. وتلك الحمقاء لا تفهم ذلك )
قالها بهدوء يناقض قوة كلماته لتعقد مريم حاجبيها وهي تخطئ تفسير كلماته، هي ليست بحمقاء كي لا تنتبه أن زهرة معجبة به، لكن ماذا عنه هو.. هو يشتتها.. وهي احتارت والآن يحيرها أكثر
( لقد وبختها أمام الجميع.. هي ليست طفلة وتمردها كان متوقعًا حتى لو كانت مخطئة )
قالتها مريم بهدوء تداري به ما يدور بعقلها، ليلتفت لها مروان هاتفًا بانفعال
( أنتِ لا تفهمين شيئًا.. هي أمانتي هنا، أمجد كان رافضًا أن تسافر وحدها.. وأنا تعهدت بحمايتها، لو حدث لها مكروه ماذا أقول لصديقي؟! آسف، كنت طفلًا وانشغلت عن متابعتها !! )
استمعت إليه بصبر، كان يتحدث الجدية لم تخلو من الغضب.. ردت بتعقل
( ربما معاملتكم لها كطفلة هو ما يثير تمردها )
حك جبهته مغمغمًا بإنهاك
( لا أعرف، ولم أشغل نفسي بتحليل الأمر.. كل ما أعرفه أن أمجد يخاف على زهرة أكثر من نفسه، وكأنها ابنته.. وما حدث لها اليوم أشعرني أنني لم أكن جديرًا بالمسؤولية.. لذلك أفلتت أعصابي )
كانت مريم تستمع إليه بصمت وهي تستشعر إحساسه بالذنب، لما تره أبدًا بمثل هذه الجدية حتى في أوقات العمل.. منذ أن اشتغلت بتلك الوظيفة وهي ترى علاقته الوثيقة بأمجد،
لطالما أثارا تعجبها باختلاف شخصية كلاهما، إلا أن ذلك التعجب زاد اليوم الأكثر وهي ترى حرص مروان على مسؤوليته تجاه صديقه.. ورغم غضبها مما عرفته عنه قبل السفر، لكنها لا تستطيع أن تنكر أن حديثه هذا ترك له علامة جيدة لديها.. وأمامها كان مروان يتخلل شعره ببعض العصبية، يشعر بالقلق مما حدث، وما فعله راشد لم يمر عليه مرور الكرام.. كان بإمكانه أن يشتبك معه لكنه آثر السلامة، لقد أنقذها ويستحق الشكر، لكن بأي حق يمنعه من التعامل معها بنفسه.. هل يحاول استغلال سذاجتها ليؤثر عليها؟ لكن راشد ليس بهذه الأخلاق.. هو يعرفه منذ سنوات... عليه أن يدقق في الأمر.. الموضوع يخص زهرة وهو الآن مكان صديقه.. حانت منه نظرة بجانبه لينتبه لمريم وكأنه نسي وجودها، كان غضبه قد قلَّ، فابتسم ابتسامة عذبة وهمس لها
( شكرا لأنكِ استمعتِ إليّ )
قالها بامتنان حقيقي، ثم أردف بمرح
( أتعلمين أن هذه أول مرة تستمعين فيها إليّ؟ )
تنهدت مريم دون أن تعقب
"ماذا تحاول أن تفعل يا ابن الناس ؟"
همست بها بيأس دون صوت، بينما تستشعر بالحرارة تغزو وجنتيها إثر كلماته البسيطة،
وأمامها كان مروان يتأملها بافتتان وهي تجلس بجواره كما طلب منها، تتحدث معه بهدوء دون قنابل نارية تلقيها في وجهه كما تفعل دومًا، خصلاتها الذهبية تشكل تناغمًا مع لون الشمس التي تتوارى أشعتها بخجلٍ معلنة غروبها... هو ينجذب إليها كل يومٍ أكثر.. والأمر يعجبه.. رغم أنه لا يفهم تحديدًا لماذا هي بالذات من أثرت به هكذا.. لقد عرف مَن هُن أجمل منها، وكُن هُن مَن تركضن خلفه.. لكن افتتانه بتلك الذهبية مختلف.. هذا الانجذاب غريب عليه، شيءٌ ما بداخله يتحرك..
مال بظهره للخلف قليلّا يستند بكفيه على رمال الشاطئ، التوى ثغره بعبث الابتسامة يراقب احمرار وجنتيها، متشدقًا بجدية مصطنعة
( رغم أنني بصراحة لم أسامحكِ بعد على ما فعلته بقدمي )
ثم نظر لقدمه المصابة يهز رأسه بأسف.. لملمت مريم ابتسامتها بمهارة واستقامت تنفض ملابسها قائلة بتهكم
( الآن فقط تأكدت أنكَ أصبحت بخير )
ثم أعطته ظهرها تنوي المغادرة، لكنه ناداها بسرعة فالتفتت له باستفهام، تكلم بجدية هذه المرة
( هلا ذهبتِ للاطمئنان على زهرة؟ أخشى أن يحادثها أمجد ويشعر بشيء )
أومأت له بموافقة وقد عادت إليها حيرتها، لكنها نحتها جانبًا وتحركت لتفعل ما طلب، تحاول تجاهُل -ولو مؤقتًا- تلك التساؤلات التي تملأ رأسها..
بينما تأمل مروان مشيتها المتعثرة في رمال الشاطئ، ليميل برأسه قليلًا وعيناه تستعيدان نظراتهما العابثة، هامسًا بتمهل
( هل ازدادت حلاوة أم أنني أتوهم؟ )
ثم عض شفتيه متابعًا بعبث
( برتقالة.. برتقالة ناضجة )


انتهى الفصل

يُتبع..


شهر'زاد. غير متواجد حالياً  
قديم 17-02-22, 11:46 PM   #68

شهر'زاد.

? العضوٌ??? » 492944
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 100
?  نُقآطِيْ » شهر'زاد. is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهوةفرحة مشاهدة المشاركة
السلام عليكم تسجيل حضور بارت اليوم الخميس 17فيفري
وعليكم السلام، منوراني♥️


شهر'زاد. غير متواجد حالياً  
قديم 03-03-22, 12:21 AM   #69

شهر'زاد.

? العضوٌ??? » 492944
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 100
?  نُقآطِيْ » شهر'زاد. is on a distinguished road
افتراضي على شرفات الحب

اقتباس من الفصل القادم

( هيا بنا؟ )
رفعت صِبا حاجبًا واحدًا تقول بتحفز
( عفوًا؟ )
كان يعلم أنها سترفض، لكنه لن يترك لها الفرصة للإعتراض، فأوضح بصبر
( سأوصلكما بسيارتي فطريقنا واحد )
- ( لا شكرًا سنعود بسيارة أجرة )
قالتها بتمرد أثار غيظه، فتكلم ببرود
( سيارة أجرة في هذا الوقت !! ألا يتعلم المرء من أخطائه أبدًا؟ )
التفتت إليه بنظرة محذرة وهي تلقي نظرة سريعة لملك، فالتقط اشارتها وعلم أنها لم تخبر عائلتها بما حدث.. مالت ملك برأسها تهمس لصبا بخفوت
( تحركي يا صبا.. أريد أن أعود للمنزل،الحذاء يؤلم قدمي )
أغمضت صبا عينيها تعد للعشرة تستجلب بعض الهدوء إلا ان ملك تابعت بنفس الهمس
( هيا يا ابنتي هداكِ الله.. الرجل لن يأكلنا لا تخافي فأنتِ تأكلين مدينة بأكملها )
لكزتها صبا بخفة، تتوعدها من بين أسنانها
( اخرسي يا مقصوفة الرقبة )
ثم رفعت رأسها تنظر أمامها لتردف بصوتٍ مسموع
( تفضل أنتَ يا سيد أمجد لا نريد أن نعطلك )
تطلع لقدمها التي تهزها بعصبية وعلم أنها مُصرة، لكن إصراره هو كان أكبر، لذلك اقترب منها بخطورة، فرفعت عينيها تتطلع إليه بترقب، بينما تكلم هو أمام وجهها دون أن يعلو صوته
( سأذهب لأحضر السيارة وأنتظر أمام البوابة.. أما أنتِ فأمامك خيارين، الأول أن تتحلي ببعض الزوق وتتقبلي خدماتي شاكرة، والثاني أن تُصري على رأيكِ وتعودي بسيارة أجرة، وفي تلك الحالة فأنا لست مسؤولًا عن أي مجرم يقطع طريقكِ
ويشوه وجهكِ الجميل هذا )
وتحرك يعطيها ظهره تاركًا إياها خلفه، متسعة العينين، تبتلع ريقها بتوتر.. رمشت تستوعب ما قاله منذ لحظات..
هل غازلها للتو !!

********************
موعدنا غدًا مع الفصل الثامن عشر..
في العاشرة مساءً بتوقيت مصر ❤️


شهر'زاد. غير متواجد حالياً  
قديم 03-03-22, 11:22 PM   #70

شهر'زاد.

? العضوٌ??? » 492944
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 100
?  نُقآطِيْ » شهر'زاد. is on a distinguished road
افتراضي على شرفات الحب

الفصل الثامن عشر

في المساء كانت صِبا تفتح باب المنزل تستقبل رحمة بترحيب.. لقد هاتفتها منذ عدة ساعات تخبرها برغبة في زيارتها، وها هي الآن تحتضنها مرحبة، بينما تتكلم الأخيرة بصدق
( أين كنتِ يا بنت؟! ما هذا الاختفاء، لقد قلقنا عليكِ حقًا والله )
ابتسمت لها صبا تشكرها على اهتمامها تداري بمهارة ارتجافة تلك الابتسامة.. منذ تلك الليلة وهي فضلت الانعزال لبعض الوقت، لم يكن اختفاءً أو هروبًا، لكن ربما استراحة، استراحة من صدمة هزتها بشدة، واستراحة من ذكرى سيئة تهاجمها بلا رحمة، تسخر منها بلا شفقة.. لكنها تتخطى الأمر، او بالأحرى تتجاهله، وما أسهل علينا من التجاهل، نتجاهل أوجاعنا كأنها لم تكن.. بينما هي تنزوى في ركن ما داخل قلوبنا...
جلستا سويًا فأخفت صبا أفكارها تجيب بهدوء
( لقد أصبت بوعكة صحية استلزمت بقائي في الفراش، لكنني الآن أصبحت بخير.. شكرًا لاهتمامك )
ابتسمت لها رحمة ترد بصدق
( نحن الآن صديقات.. وبين الأصدقاء لا يوجد شكر،كما أنني لم آتِ بمفردي، فقد أحضرت معي حبيبتكِ.. ألم تفتقديها؟)
حركت صبا نظراتها للصغيرة ليان التي تلتصق برحمة، تنظر لصبا ببراءة وعينين خجولتين.. نظرتها جعلت قلب صبا يذوب فابتسمت لها
بِحب، لقد اشتقاتها حقًا.. فتحت ذراعيها تقول بحنان
( تعالي يا صغيرتي )
اندفعت ليان تندس في أحضانها وكأنها كانت تنتظر تلك المبادرة، فملست صبا على شعرها برقة.. رن هاتف رحمة فتنحنت ببعض الارتباك وهي تطفئ صوت الجرس، الحقيقة أنها لم تكن المرة الأولى التي يرن فيها الهاتف، لقد سمعت صبا صوته قبل حتى أن تفتح باب الشقة، ولذلك قالت بتفهم
( أجيبي إن كانت المكالمة هامة.. الشرفة فارغة )
قالتها مشيرة نحو شرفة غرفة الضيوف لتمنحها بعض الخصوصية فاستئذنتها رحمة لتنهض حيث أشارت.. وما إن فعلت حتى اقتربت نادين الصغيرة التي كانت تجلس على كرسيها بأدب، ثم أشارت لصبا وكأنها ستفشي سرًا خطيرًا.. عقدت صبا حاجبيها وهي تقترب برأسها بينما همست الطفلة بشقاوة
( إنه عمي أمجد )
رمشت صبا بعينيها هامسة بعدم فهم
( ماذا به؟ )
همست نادين بنفس الطريقة الطفولية
( هو الذي يتصل بأمي.. وهو أيضًا الذي طلب منها أن تأتي عندكم في المنزل، نعم أنا سمعتهما.. لكن لا تخبري ماما فهذا سر )
أومأت لها صبا برأسها وعيناها تتجهان لرحمة التي تعطيها ظهرها تتحدث في الهاتف بخفوت.. وتلقائيًا تحركت نظراتها نحو هاتفها هي، كانت قد وصلتها رسائل تخبرها باتصالاته، العديد من الاتصالات في الحقيقة مما جعل دهشتها تتزايد، هي في الأساس لم تُرد الالتقاء به، تعلَم أنه سيسألها عما حدث وهي بالطبع لن تجيبه..
ما شأنه هو !!
***************************
وقفت رحمة في الشرفة تتحدث في هاتفها بخفوت
( ماذا؟! عشرات الاتصالات في دقيقة واحدة، لم أكد أدخل منزلهم حتى واتصلت أنت )
آتاها صوته الساخر
( لم أتصل سوى مرتين.. هل أصابتكِ عدواها فأصبحتِ تضخمين الأمور مثلها؟ )
كانت تعلم عمن يتحدث، لكنها تظاهرت بعدم الفهم لترد بابتسامة مشاكسة
( من تقصد؟ )
رد بنبرة هادئة استطاعت تبين ابتسامته فيها
( مِن برأيكِ؟ )
ضحكت باستمتاع بينما تنهد أمجد يسألها بقلق
( كيف هي؟ )
نظرت رحمة خلف كتفها تتأكد من انشغال صبا مع الصغيرتين لتجيبه
( أرى أنها بخير.. تبدو شاحبة بعض الشيء ربما بسبب تعبها )
- ( أي تعب؟ هل هي مريضة؟ آخر مرة رأيتها كانت مرهقة جدًا و.. )
قاطعت رحمة كلماته المتلاحقة وهي تقول بمناكفة
( يا سيدي قلنا أنها بخير.. كانت مجرد وعكة صحية ومرت بسلام.. لا تكن خفيفًا هكذا )
تنحنح ليقول متظاهرًا بعدم الاهتمام
( فيما تتحدثان؟ )
التمعت عينا رحمة بلؤم، ردت تشاكسه
( وما شأنك أنت بأحاديث النساء.. ألم تعرف ما اتصلت لأجله؟ هيا عد إلى اجتماعك )
ثم تلاعبت بخصلة من شعرها تردف بخبث
( هل أخبرها باتصالك؟ إن كنت تريد فأنا لا مانع لدي في ايصال سلاماتك الطيبة و... أمجد.. أين ذهبت؟ )
عقدت حاجبيها لتنظر في شاشة هاتفها وتتسع عيناها.. هل أغلق الخط في وجهها فعلًا !!
(تصدق وتؤمن بالله؟ هذه غلطتي أن استسلمت لإلحاحك )
قالتها بغيظ وهي تنظر لهاتفها وكأنه سيسمعها، قبل أن تتبدل ملامحها لتضحك بمرح وهي تعلم أنها أحرجته بمشاكستها، تحركت تعود لصبا التي كانت تداعب ليان بشرود.. تكلمت بحماس
( ما رأيكِ أن نذهب للنادي؟ أنتِ تحتاجين إلى تغيير الأجواء.. كما أن لدي الكثير لأخبرك به بخصوص عملي الجديد )
تنبهت صبا لجملتها الأخيرة فهتفت مندهشة
( عملكِ الجديد؟ هل نفذتِ ما أخبرتني به من قبل بتلك السرعة؟ يالكِ من محتالة )
أطلقت رحمة ضحكة مستمتعة لتقول ببساطة
( لقد عملت بنصيحتكِ فقط )
ابتسمت لها صبا ببعض الخبث لتضحك كلتاهما بانتصار بعد أن أثمرت جلساتهما السابقة بنتائج مُرضية..
دخلت ملك إلى الحجرة تتبعها والدتها التي ابتسمت بحنان حين وجدت صبا تضحك وقد بدأت تتخلص من صمتها في الأيام الماضية.. حيَّتها بها رحمة باحترام قبل أن تعود بحديثها لصبا
( هيا بدلي ملابسك حتى نذهب للنادي )
لم تكن تريد الخروج من المنزل، هي بالكاد تخرج من غرفتها لتجالس والدتها حتى لا تثير قلقها أكثر.. ولذلك تمتمت باعتذار
( لا أظنني سأقدر على الخروج اليوم، أجليها ليومٍ آخر )
لكن رحمة رددت بإصرار
( لا تأجيل.. سنذهب و نقضي وقتًا ممتعًا، الجلوس في المنزل سيزيدكِ تعبًا صدقيني )
كادت صبا ترد بحجة أخرى لولا والدتها التي تدخلت تحثها برفق
( السيدة رحمة معها حق.. أنتِ تحتاجين لتغيير أجواء المنزل.. هيا يا حبيبتي، وخذي ملك معكِ )
هتفت ملك بسرعة
( أنا موافقة )
حدجتها صبا بنظرة محذرة، لكن ملك أصرت على استغلال ذلك العرض الرائع، فتابعت بحماس
( سأبدل ملابسي وأستعد )
ابتسمت لها رحمة قبل أن تلتفت لصبا بنظرة وديعة مترجية، وتتنهد الأخيرة باستسلام.
****************************
بعد حوالي ساعة..
جلسن ثلاثتهم حول طاولة في النادي يتابعن الأطفال.. التفتت رحمة لصبا التي تنظر أمامها بشرود، ربتت على كفها لتنتبه إليها، فقالت بحكمة
( أعلم أنكِ لستِ بخير، وأعلم أيضًا أن المرض ليس السبب.. ربما لأنني أستطيع تخمين السبب الحقيقي )
نظرت صبا إلى حيث أشارت رحمة بعينيها تزامنًا مع جملتها الأخيرة، حيث أصابعها الخالية من الخواتم، تنهيدة خافتة خرجت من بين شفتيها، تعلم أن السؤال عن هذا الأمر سيتكرر كثيرًا في الفترة القادمة، خاصة عندما تعود للعمل، شتمت كريم دون صوت، ثم لعنت نفسها لاستمرارها في تلك الخطبة من الأساس.. طال صمتها ولم تحاول رحمة قطعه، حتى ردت صبا باقتضاب
( كل شيء قسمة ونصيب )
ربتت رحمة على يدها بابتسامة حنون وهي تقول بنفس الهدوء
( ونعم بالله، لكن ما يصيبني بالحيرة هو هذا التشتت الذي أراه في عينيكِ، وهو ما يناقض ما قصصته عليّ من قبل )
وكانت صبا قد أخبرتها مسبقًا بتفاصيل مقتضبة عن تلك الخطبة وعن المشاكل التي حدثت.. ورحمة محقة، فمن يراها هكذا يظنها مجروحة لما حدث، لا تنكر أنه بفعلته القذرة قد ضرب كبرياءها في مقتل، لكن كيف لها أن تشرح لرحمة سبب تشتتها، هي لا تكترث للخطبة نفسها بقدر ما يهمها شعورها بالفشل.. لطالما خشيت أن يفشل زواجها كما حدث ما والدتها، وكريم خدر قلقها بتصرفاته اللبقة.. لكن الآن، وبعد ما فعله، عاودها ذلك القلق من جديد، وكوابيسها القديمة عادت تفزعها في نومها، مما جعلها تواجه قسوة فشلها، وهي التي كانت قد أقسمت لنفسها ألا تفشل أبًدا... أجبرت نفسها على الابتسام كما أصبحت تفعل مؤخرًا، لترد على رحمة محاولة إنهاء الحديث عن الأمر
( أنا بخير صدقيني )
ثم رفعت رأسها تتابع بثقة
( الأمر لا يعني لي البتة، أم أنني أبدو لكِ كمن تبكي على رجل )
ضحكت رحمة رغم عدم اقتناعها بالكامل، وقبل أن ترد كانت ملك تقتحم الحديث وهي تمصمص شفتيها
( هذا إن كان ينطبق عليه لفظ رجل من الأساس.. والله أنتِ الفائزة، لقد كان همًا ثقيلا وانزاح )
لم تستطع رحمة كتم ضحكاتها لتخرج عالية، بينما هزت صبا رأسها بيأس تكتم ابتسامتها ثم تنحنحت تقول بحزم مصطنع
( كم مرة قلت لا تدخلي في أمور الكبار؟ )
هتفت ملك باعتراض
( أنا لم أعد طفلة.. توقفي عن هذا التعنت )
ردت صبا بتأفف
( بلى، طفلة.. وكلمة أخرى سآخذكِ وننصرف )
انتفضت ملك تنهض من مكانها قائلة بلهفة
( لا لا، طفلة طفلة لا يهم.. المهم أن نرى الشارع مثل باقي خلق الله )
وتحركت تجاه الأطفال تجاريهم في لعبهم وكأنها تؤكد على كلمتها، بينما ابتسمت رحمة تقول ( أختكِ لطيفة جدًا )
أوشكت صبا على الرد إلا أن همسة رحمة المندهشة قاطعتها حين قالت بتعجب
( أمجد ! )
التفتت صبا لتجده يقترب، عيناه مثبتتين عليها بلهفة، باشتياق.. وشيء آخر لم يعرف له معنى من قبل، شيء جعل أنفاسه تتسارع لتناقض خطواته التي تباطأت تدريجيًا وكأنه يخشى أن يقترب فيتهور ويجذبها لأحضانه، يخبرها أن عيناها طاردته في منامه حتى أنه يخشى أن يكون الآن في أحد أحلامه
( لم تخبرني أنك ستأتي.. وأحضرت إياد أيضًا ؟ )
انتبه أمجد على صوت رحمة المندهش، تنحنح يجلي صوته المفقود، وما إن وجده حتى قال بثباتٍ خادع
( كان يجلس وحده يشعر بالملل ففكرت أن أصطحبه إليكِ )
التفتت رحمة لصغيرها تسأله بتعجب
( ألم تفضل البقاء لكي تنتظر والدك؟ )
لم يرد الصغير مباشرة، وإنما حرك رأسه ينظر لعمه بصمتٍ، ثم التفتت لوالدته مرة أخرى يقول
( لقد غيرت رأيي )
رفعت رحمة حاجبيها في حيرة، ليتحرك إياد مسرعًا تجاه الأطفال.. بينما أطلق أمجد زفرة خافتة بعد أن اطمأن أن حجته قد مرت بسلام، لكن يبدو أنه كان مخطئًا في ظنه خاصة بعدما التقت عيناه بنظرات رحمة الخبيثة التي حركت شفتيها تقول دون صوت
( يا مُحتال )
أعطاها نظرة محذرة وهو يتحرك ليجلس على الكرسي المقابل لصبا.. لم تكن تنظر إليه، كانت تخفض نظراتها تتلاعب في الكوب أمامها مما أتاح له فرصة تأملها.. هل مر يومان على آخر مرة رآها فيها؟ لماذا يشعر إذًا أنه كان عمرًا بأكمله، وكأن الأيام دون لقاءها تمُر كالسنوات..
كانت نظراته تجري عليها تشملها كلها، يتأملها بنهمٍ عله يشبع شوقه إليها برؤيتها، ويدها الرقيقة لا تزال تتلاعب في الكوب الأمامها.. رؤيته ليدها خالية من الخواتم للمرة الثانية أكدت ظنونه، فأحس براحة غريبة تجتاحه وهو يشعر أن القيد قد زال، ذلك القيد الذي كان يخنقه كلما نبض قلبه لها، والذي نهر نفسه كثيرًا بسببه وهو يشعر بنفسه وغدًا ينظر لإمرأة ليست له، كما أوجعه أن رجلًا آخر سبقه إليها، لكن الآن قد حُلت العقدة أخيرًا.. ذابت نظراته أكثر وهو يطوف بمقلتيه في تفاصيل وجهها.. وكأن عيناه أعطتها إشارة أن انظري إليّ، فرفعت عينيها
ونسي هو كيف يتنفس.. كانت تجلس بوداعة ذكرته بجلستهما السابقة في المطبخ، أمواج عينيها هادئة، وكأنها لم تفعل الأفاعيل بنبضات قلبه، وشعرها يستقر في جديلة طويلة تنام على كتفها.. بدت كمراهقة في الثانوية، ورغم شحوب وجهها إلا أنها بدت في نظره كأجمل ما يكون، هل هذا ما يفعله الاشتياق بنا؟
( حسنًا يا أمجد.. توكل أنتَ على الله، لا نريد أن نعطلك معنا )
قالتها رحمة بجدية مصطنعة.. وحده أمجد من استشعر اللؤم بها، لينظر لها بطرف عينيه فكتمت ضحكتها مستمتعة بما يحدث.. بينما كانت صبا تجلس منكشمة على نفسها، تحاول تجاهل نظراته المحدقة بها...
أتت نادين الصغيرة بخطوات راكضة لتقترب من عمها أمجد تقول بأنفاس لاهثة
( عمي أمجد.. هل تستطيع لعب كرة القدم؟ إياد يقول أنه أمهر شخص بها )
ضحك أمجد بخفة ثم مد يده يُهذب خصلاتها المشعثة ضاحكًا بمرح
( أخوكِ هذا مغرور، أنا كنت أفوز دائمًا في المباريات )
انفرجت أسارير الصغيرة بسعادة، ثم قالت وهي تجذبه من ذراعه
( إذًا تعالى لتلقنه درسًا هذا المغرور )
هل تتفق هذه العفريتة مع والدتها لإفساد
مخططاته؟ الظروف لا تساعده أبدًا منذ فترة.. حاول التهرب منها دون أن يحزنها، فقال بهدوء
( أنا مرهَق جدًا ولم أنهي عملي إلا الآن.. غدًا سألعب معكما )
ظهر الإحباط على وجه الطفلة.. بينما هتفت رحمة باستنكارٍ زائف
( هل تكسر بخاطر ابنتي؟ أي نوع من الأعمام أنت )
أغمض عينيه بيأس، يأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يلتفت لرحمة التي لعبت حاجبيها تغيظه بحركة خاطفة.. حتى الهادئة الرزينة تتصرف بطفولية معه حرك نظراته ناحية صبا بقنوط، حتى هي لم تكن تنظر إليه.. اليوم ليس يوم حظه بالتأكيد.. نهض من مكانه يقول باستسلام
( حسنًا أمري لله )
اتجه نحو الصغير الذي يمسك بالكرة يناظره بتحدٍ طفولي مضحك، وقف أمجد متخصرًا وهو يرى نظرات الأطفال الذين أخذوا الأمر على محمل الجد وقد التفوا حولهما استعدادًا لمشاهدة المباراة الساخنة، غمغم لنفسه بسخط
( مهزلة.. قسمًا بالله ما يحدث الآن مهزلة )
وبعد دقائق كان الأمر قد تغير وقد اشتعلت المباراة بلعب إياد الصغير الذي كان يلعب بجدية لا تناسب صغر سنه، بدا مضحكًا وهو يتفاخر بلعبه يحاول تحدي عمه بينما أمجد يترك له الكرة بتسلي..
كانت صبا تتابع المباراة بشرود بدأ يخف تدريجيًا حتى تلاشى لتركز اهتمامها على المباراة التي بدت رغم عدم تكافؤها رائعة، ومُضحكة بشكلٍ جعل ابتسامة خفيفة ترتسم على شفتيها، ابتسامة حقيقية هذه المرة وهي ترى إياد يلعب بمهارة طفولية يشجعه بعض أصدقائه الذين انضموا للعرض، ونادين تصفق بيديها الصغيرتين، حتى ملك كانت تهتف مشجعة، يلتفون جميعهم حول أمجد الذي كان يتحرك بمهارة وخفة، ورغم طوله الفارع
وضخامته التي لا تناسب أحجام الأطفال حوله، لكنه بدا كمراهق لم يتجاوز السابعة عشرة
( لقد مر وقت طويل على آخر مرة رأيت فيها أمجد بهذا الانطلاق )
قالتها رحمة بإبتسامة شاردة وهي لا تزال تتابعهم بعينيها، سمعت صبا جملتها لتنتبه أن نظراتها تتركز عليه منذ مدة دون أن تنتبه، فرمشت بعينيها تبعد نظراتها عنه وتقول
( إياد يبدو ماهرًا حقًا.. ربما يبدو ما سأقوله غريبًا لكن إياد يشبه أمجد إلى حدٍ كبير )
ابتسمت رحمة مُعقبة
( ليس غريبًا على الإطلاق، وربما لو رأيتِ صور أمجد وفارس في طفولتهما ستتأكدين.. إياد يحمل نصيبًا كبيرًا من ملامح والده، لكن في الحقيقة كلاهما يحملان ملامح أمجد فهو الأكبر سنًا )
ثم تنهدت تنهيدة بدت لصبا حزينة وهي تتابع بشرود
( لست أنا الوحيدة التي ترى هذا التشابه، رغم أنهما لا يعترفان به من الأساس )
لم تفهم صبا ما قيل، ورغم فضولها لذلك إلا أنها آثرت الصمت وهي تعود بنظراتها لأمجد.. نعم هو يشبه فارس إلى حد كبير، وقد لاحظت هذا من قبل، كما لاحظت أيضًا علاقتهما الغامضة، لكن فارس هذا بدا لها عدوانيًا بطريقة تثير حفيظتها من ناحيته.. ومع أنها ليست على وفاق مع أمجد، إلا أنها بالطبع لا تنكر أن ملامحه أكثر هدوءًا و...
كان أمجد يلعب بتركيز وهو يتأهب لصد الكرة، لكن عيناه خانته، وحادت نظراته بعيدًا ناحية متبلدة الإحساس التي تجلس على مسافة منه.. توقف عن الحركة وقد تفاجأ بأنها تنظر له هو تحديدًا.. فالتقت أعينهما ليفقد الإحساس بالعالم من حوله، ولم يشعر برأسه التي مالت قليلًا وهو يتوه غرقًا في زرقاويها الآسرتين، لكنه لم يكن على استعدادٍ للضربة التي تلقاها في معدته وقد ركل إياد الكرة تجاهه... اتسعت عينا صبا بذهول سرعان ما تحول لضحكة منطلقة لم يرها أمجد وقد التفت لإياد الذي كان يقفز مع أصدقائه مصفقين بتهليل وقد حسموا نتيجة المباراة لصالحهم.. نظر أمجد بذهول للبقعة الترابية التي خلفتها الكرة على التيشرت الذي يرتديه.. هذه مؤامرة كونية إذًا.. تحرك بخطوات غاضبة متجهًا للطاولة التي تجلس عليها رحمة ضاحكة، فهتف باستنكار
( تضحكين !! لقد ضرب ابنكِ عمه بالكرة )
استمرت رحمة في الضحك بينما تقول مصححة
( تقصد هزمك في اللعب.. عار عليك يا أمجد الراوي )
طحن أسنانه يهز رأسه بتوعد قبل أن يذهب بنظراته لصبا.. ارتج قلبه بين ضلوعه بعنف وهو يراها تضحك بانطلاق وقد أشرق وجهها فأشرقت الشمس في قلبه..
تنهد بعمق يستجلب بعضًا من أنفاسه الضائعة، قبل أن يشعر بيدٍ صغيرة تربت على ركبته بإصرار فأنزل نظراته لإياد الذي قال بابتسامة متفاخرة
( لقد فزت.. أين هدية الفوز؟ )
تبلدت ملامح أمجد وهو ينظر لعينيّ الفتى اللامعتين، قبل أن يربت على شعره ويزيحه من طريقه قائلًا
( اذهب لأمك يا حبيبي )
وتحرك مبتعدًا يغمغم بكلمات ساخطة وهو ينفض ملابسه بحنق..
رن هاتف رحمة فاستأذنت مبتعدة بينما همست ملك بانبهار
( هذا الوسيم كان يلعب بيننا منذ دقائق ! لو ما رأيت بعيني لما صدقت )
عبست صبا ببلادة
( وماذا في ذلك؟ أليس إنسانًا ! )
رفعت ملك كفيها تحركهما أمام وجهها وهي تجلس على كرسيها متنهدة بهيام
( وأي إنسان.. إنه أمجد الراوي بشحمه ولحمه
ووسامته وجماله و.. )
- ( يكفي يكفي.. ماذا بك يا بنت؟ ألا تملكين ذرة حياء؟ )
هتفت بها صبا باستنكار، فمصمصت ملك شفتيها دون رد..
بعد دقائق عاد أمجد وقد هذب ملابسه فتنهدت ملك تنهيدة مفتتنة، لكنها انحبست في حلقها ما ان رأت نظرات صبا النارية نحوها.. بينما نادى أمجد على الأطفال الثلاثة ليعطي إياد قطعة من الحلوى مغلفة
( تفضل يا سيدي.. رغم أنك لم تلعب بإنصافٍ كافٍ )
لمعت عينا الصبي بفرح وهو يشكر عمه..
أعطى أمجد قطعًا أخرى من الحلوى التي اشتراها لباقي الأطفال، والتفت لملك يمد يده بقطعة شيكولاتة كبيرة مغلفة، قائلًا بابتسامة
( تفضلي )
ظلت ملك تنظر لقطعة الشيكولاتة في يده، وسألته ببلاهة
( لي أنا؟ )
رد أمجد بارتياب مِن علامات الغباء على وجهها
( نعم )
مدت يدها أخيرًا لتأخذها وهي تشكره بابتسامة ووجنتين حمراوين ونظرات الانبهار لم تختفِ من عينيها.. فتمتمت صبا بخفوت
( ماذا أصابها هذه الهبلاء ! )
وكالعادة لم تنجح في تلجيم لسانها ذو الطلقات النارية، فقالت بفظاظة
( لم يكن هناك داعيًا لذلك.. هل تراها طفلة؟ )
رمقها أمجد بطرف عينيه، في حين هتفت ملك لأختها بتعجب
( سبحان الله هل كبرت فجأة؟ )
ثم تابعت تقول لأمجد بنبرة ناعمة
( شكرًا لذوقك سيد أمجد )
رفعت صبا حاجبًا واحدًا وهي تسمع شكرها الناعم، والذي يختلف عن مكبرات الصوت التي تملأ حنجرتها في المعتاد.
**************************

( تأتي إلى أين يا فارس؟ السائق سيأتي بعد قليل وسأعود معه بصحبة الأولاد )
- ( لا أريد مجادلة.. لقد صرفت السائق وسآتي أنا.. وحسابكِ معي عندما نعود للمنزل )
قالها بحزمٍ ثم أغلق الخط دون أن يبالي بصيحتها المعترضة.. عضت رحمة أصابعها بتوتر لا تدري كيف تتصرف، لو أتى بنفسه فلن تمر هذه الليلة بسلام.. لقد غضب ما إن علم أنها أتت للنادي دون أن تخبره.. ماذا لو علم أيضًا أن أمجد قد لحق بها.. تحركت بخطوات متعثرة تنادي لأمجد.. وقفا في ركنٍ بعيد فقالت بتوتر
( فارس قادم في الطريق.. سآخذ الأطفال وأقابله عند البوابة الرئيسية.. أنت تعلم... )
صمتت دون أن تكمل، فهز رأسه بتفهم، لتتابع بحيرة
( لكن ماذا عن صبا وملك؟ لقد أتينا جميعًا بسيارتي و.. )
قاطعها أمجد بهدوء
( سأتصرف أنا.. هيا كي لا تتأخري )
- ( عدني أولًا ألا تفسد الأمور ! )
قالتها بتحذير ليرد بنفاذ صبر
( هيا يا رحمة يكفيني ما فعلتِه بي أنتِ
وأطفالكِ الليلة )
سارت رحمة حيث تجلس لصبا، قالت بنبرة معتذرة
( عليّ أن أتحرك الآن مع الأولاد.. فارس سيقابلنا عند البوابة )
ثم ترددت قليلًا قبل تقول مستدركة
( يمكنكِ طبعًا أن ترافقينا و.. )
قاطعتها صبا بتفهم
( لا لا تفضلي أنتِ.. سنبقى أنا وملك قليلًا )
ودعتها رحمة تتحرك مسرعة مع الأولاد ناحية البوابة، بينما تحدث أمجد بهدوء
( هيا بنا؟ )
رفعت صِبا حاجبًا واحدًا بتحفز
( عفوًا ! )
كان يعلم أنها سترفض، لكنه لن يترك لها الفرصة لاعتراض فأوضح بصبر
( سأوصلكما بسيارتي فطريقنا واحد )
- ( لا شكرًا سنعود بسيارة أجرة )
قالتها بتمرد أثار غيظه، فرد ببرود
( سيارة أجرة في هذا الوقت؟ ألا يتعلم المرء من أخطائه أبدًا؟ )
التفتت إليه بنظرة محذرة وهي تلقي نظرة سريعة لملك، فالتقط إشارتها وعلم أنها لم تخبر عائلتها بما حدث.. بينما مالت ملك برأسها تهمس لصبا بخفوت
( تحركي يا صبا.. أريد أن أعود للمنزل، الحذاء يؤلم قدمي )
أغمضت صبا عينيها تعد للعشرة كي تستجلب بعض الهدوء، إلا ان ملك تابعت بنفس الهمس
( هيا يا ابنتي هداكِ الله.. الرجل لن يأكلنا لا تخافي فأنتِ تأكلين مدينة بأكملها )
لكزتها صبا بخفة، تتوعدها من بين أسنانها
( اخرسي يا مقصوفة الرقبة )
ثم رفعت رأسها تنظر أمامها لتردف بصوتٍ مسموع
( تفضل أنتَ يا سيد أمجد لا نريد أن نعطلك )
تطلع لقدمها التي تهزها بعصبية وعلم أنها مصرة، لكن إصراره هو كان أكبر لذلك اقترب منها بخطورة، فرفعت عينيها تتطلع إليه بترقب وهي تسمعه يتكلم أمام وجهها بحسمٍ دون أن يعلو صوته
( سأذهب لأحضر السيارة وأنتظر أمام البوابة.. أما أنتِ فأمامكِ خيارين، الأول أن تتحلي ببعض الزوق وتتقبلي خدماتي شاكرة، والثاني أن تُصري على رأيكِ وتعودي بسيارة أجرة.. وفي تلك الحالة فأنا لست مسؤولًا عن أي مجرمٍ يقطع طريقكِ ويُشوه وجهكِ الجميل هذا )
وتحرك يعطيها ظهره تاركًا إياها خلفه، متسعة العينين، تبتلع ريقها بتوتر، رمشت تستوعب ما قاله منذ لحظات..
هل غازلها للتو !!
******************************

بعد دقائق كان يقود سيارته ببعض الحنق، الكثير من الحنق في الحقيقة وهو يشعر أنه على وشك أن يضرب رأسها العنيد في نافدة السيارة التي تنظر إليها بشرود تشيح بوجهها عنه بعد أن جلست في الكرسي الخلفي بعناد، نظر ناحية ملك التي جلست في الكرسي المجاور له، تلتقط لنفسها صورًا ذاتية، ليبتسم ابتسامة خفيفة وهو يتابع تلك المشاكسة وحركاتها العفوية، والتي تناقض تمامًا تحفظ صبا، لا تشبهها في شيء حتى أن من يراهما للمرة الأولى لا يصدق أنهما شقيقتين.. حاول قطع الصمت المحيط بالسيارة فتحدث بهدوء موجهًا حديثه لملك
( إذًا حسب تقديري فأنتِ في المرحلة الثانوية يا ملك )
رفعت حاجبيها حين تنبهت أنه يقصدها بالحديث، فأجابته بخجلٍ لا سبب له
( نعم )
أومأ برأسه يسأل السؤال المنطقي التالي
( وكيف حال الدراسة؟ )
سيطرت على ملك روحها الثرثارة وأجابته كما تتحدث مع رفيقاتها
( جيدة، ليس كثيرًا بصراحة فالمواد صعبة جدًا.. خاصة الرياضيات )
همهم بفهم ثم نظر في المرآة الأمامية يلقي نظرة خاطفة نحو صبا، والتي أدرك بحدسه أنها تنصت لحديثهما، فقال ولا تزال نظراته تتابعها
( ألا تساعدكِ صبا في الدراسة؟ )
هزت ملك رأسها تقول بعفوية
( صبا أختي؟ صبا والرياضات لا يختلطان في إناء واحد.. هي ليست ماهرة فيها على الإطلاق )
احمر وجه صبا بغضب لما رأته إهانه لها، خاصة وقد لمحت أمجد يكتم ضحكة متسلية، ولم تستطع أن تلجم لسانها فهتفت بغضب
( أنتِ بالذات لا تتحدثي عن هذا الأمر بعد علاماتكِ المتدنية في الرياضيات.. كما أنني بارعة فيها جدًا.. أنتِ الغبية )
كان مستمتعًا بما يحدث وهو يراها قد خرجت أخيرًا من قوقعة صمتها، فظهرت علامات التسلي على وجهه وهو يتابع مشاكستها مع أختها فبدت كمراهقة في سنها، تحدث وقد أعجبه إغاظتها، يقول بجدية مصطنعة
( ظلمتيها يا ملك.. تقول أنها بارعة )
أطلقت ملك صيحة مستنكرة تقول باندفاع أغاظ صبا وقد نسيت تلك الحمقاء مع من تتحدث
( أتعرف؟ لو سألتها في جدول الضرب لن تعرف الإجابة )
اتسعت عينا صبا وهي تتحكم في نفسها بأعجوبة حتى لا تضرب تلك البلهاء على فمها الثرثار.. بينما تحدث أمجد يتظاهر بالدهشة
( تمزحين ! )
هتفت باندفاع
( لا لا صدقني.. حتى يمكنك أن تختبرها )
"صبرًا يا ملك.. سأقتلكِ ما إن نصل للمنزل"
همست بها في خفوت متوعد، رفعت عينين غاضبتين نحوه فوجدته ينظر إليها، و ما إن التقت نظراتهما حتى سألها بجدية
( كم حاصل ضرب سبعة في تسعة؟ )
ماذا يفعل؟ إنه يجاري ملك !! هل هذه تصرفات تخرج من رجل ناضج؟
لم ترد، فصاحت ملك بانتصار
( أرأيت؟ لا فائدة صدقني )
كزت صبا على أسنانها وقد نفد صبرها وزاد ندمها أن وافقت على الخروج من منزلها من الأساس.. بينما همهم أمجد بأسف مصطنع ثم قال
( حسنًا نحسم النتيجة لصالح ملك )
ابتهجت ملك بفرحة وكأنه أعطاها وسامًا.. في حين لم تستطع صبا أن تصمت أكثر، وصاحت بتحفز
( هل انتهت حصة الرياضيات؟ إن كانت كذلك فأقترح أن تركز في قيادتك حتى لا نصطدم في شيء وتكون ليلة سوداء على رؤوسنا جميعًا )
كان صوتها يعلو تدريجيًا حتى بدا كالصراخ في كلماتها الأخيرة، إلا أنه لم يتأثر.. بل رد ببرود يستفزها أكثر وقد راقته لعبة المشاكسة
( عفوًا لا أسمح لكِ، فقيادتي مثالية جدًا ولم أواجه سوى حادث واحد في حياتي.. تعرفينه بالطبع )
حسنًا هو يسعى لاستفزازها.. لا معنى لما يفعله الآن سوى ذلك، لكنها لن تعطيه الفرصة، كتفت ذراعيها وأشاحت بوجهها دون رد، فلم يعجبه أن ينتهي الحديث ولذلك تابع بثقة يوجه حديثه لملك لكن عيناه لا تزالا مثبتتين على صبا بإصرار
( تعلمين يا ملك.. لقد حصلت على رخصة قيادتي بعد أن اجتزت اختبارات القيادة بمهارة أحسد عليها )
كان يعلم أن جملته ستصيب الهدف، وقد كان له ما أراد.. خاصة وهو يراها تنتفض من مكانها بوجه يشتعل غضبًا، لتعلو ضحكاته التي اختلطت بضحكات ملك وقد فهمت ما يرمي إليه.. كورت صبا كفها ترفعه أمام وجهها بغيظ
( أنتَ.. أنتَ.. تبًا )
صمتت فلم تعرف بما تنعته، ثم أطلقت زفرة حانقة وهي تعود للإشاحة بوجهها دون رد.. شعر أمجد ببعض الندم على تماديه وقد أدرك أنها غضبت فعلًا فتنحنح ينظر لملك التي هزت كتفيها بقلة حيلة، حك ذقنه بتفكير ثم امتدت يده للراديو يفتحه على إحدى قنوات الأغاني علها تغير الأجواء التي توترت قليلًا.. لكن يبدو أن حتى قنوات الإذاعة تحالفت ضده وقد علا صوت إعلان عن مدرسة قيادة افتتحت حديثًا تعلن عن بدء دورتها التدريبية.. أطبق شفتيه ينظر إليها مرة أخرى عبر مرآة السيارة فوجدها تنظر للراديو بغيظ.. عم الصمت على السيارة لا يقطعه سوى صوت الإعلان، لكن ضحكة خافتة خرجت من ملك وتعالت تدريجيًا جعلته يضحك هو الآخر وهو لا يزال ينظر لصبا
- ( اللعنة عليكما أنتما ومدرسة القيادة )
قالتها صبا بصوتٍ مسموع قبل أن تبتسم لا إراديًا، حتى خرجت منها ضحكة قصيرة سرعان ما علا صوتها وقد أصابتها عدوى الضحك لتهز رأسها بيأس.. تعالت ضحكات ثلاثتهم حتى ارتجت السيارة تقريبًا وجذب صوتهم سائق السيارة المجاورة الذي نظر لأمجد بتعجب.. إلا أنه بدا وكأنه في عالمٍ آخر، عالم يخصها هي وحدها، الوحيدة التي بابتسامة واحدة منها تبهجه كطفل أهدته أمه الحلوى، فماذا إن كانت تضحك بتلك الطريقة الخلابة، ووجهها الأحمر يزيدها في عينيه حلاوة..
شهية، إن ضحكت شفتاها شهية، وإن بكت عيناها شهية.. إن هتفت بكلماتها اللاذعة، وإن همست برقتها الحنون، شهية.. وأمام معادلة فتنتها الصعبة يظل قلبه حائرًا مفتنونًا، بجمالٍ خاص تستأثره لنفسها، ورِقة عذبة تزيدها جمالًا..
فيذوب قلبه ويذوب هو كله، ليغرق فيها غرقًا هو أكثر من مُرحب به !
هدأت ضحكاتهم أخيرًا لكن نبضات القلب ظلت تحتفل، وابتسامة صافية ترتسم على الوجوه.. كان إعلان الراديو قد انتهى ليبدأ برنامجًا إذاعيًا.. ضيقت ملك عينيها بتركيزٍ تقول لصبا
( أنا أعرف هذا الاسم.. أليست هذا المذيعة هي صديقتكِ في أيام الثانوية )
أومأت صبا وقد تعرفت عليها، قالت ببسمة شاردة
( نعم هي.. كانت تطمح أن تصير مذيعة شهيرة.. ويبدو أنها حققت حلمها أخيرًا )
كان قد توقف بسيارته بسبب الزحام مما أتاح له الفرصة ليتأملها وهي تتحدث بتلك النبرة الخافتة.. كانت تنظر من نافذتها تراقب السماء فتمني أن يرى عينيها في تلك اللحظة، وكأن القدر قد بدأ يستجيب له أخيرًا.. كأن عيناه قد أعطتها نداءًا فلبته ونظرت، وغرق هو في أمواجها، يتوه في وجهها الحبيب وقد انبعث من الراديو عزفًا هادئا لألحان العود، فيتنهد بعمق والأعين تتلاقى، والقلب ينبض والكلمات تتعالى

وعينيكِ سكة سفر
في الصحرا والواحة
والليل.. دنيا السهر
لا نوم ولا راحة
ولا النجوم السود
بينادوا ع الموعود
وأنا اللي خدني الغزل
ع الجنة طوالي
وشربت نهر العسل
وغزلت موالي

كانت نسمات الليل تداعب وجهيهما، ونظرات عينيها تأسره فلا يقدر على النظر لسواهما، يستمع إلى كلمات الأغنية التي بدت وكأنها كُتبت لأجلها، لتتطوف بذهنه ليلة أن فتح شرفته فقابلته عيناها، وقتها أدرك أنه لن ينجو منهما أبدًا

وسهرت فيكِ الليل
والناس تقول يا ليل
ورجعت سكة سفر
في الصحرا والواحة
في عينيكِ

وصلوا أخيرًا لتتوقف السيارة أمام المنزل، ترجلوا جميعًا ليقف أمجد مستندًا بذراعه على باب السيارة المفتوح ونظراته تتابع صبا، بدا
وكأنه لا يريدها أن ترحل.. لماذا انتهى الحلم سريعًا هكذا؟
( شكرًا لك سيد أمجد )
صوت ملك جعله ينتبه فنظر إليها مبتسمًا بعذوبة
( العفو أنا لم أفعل شيئًا.. بالمناسبة إن احتجتِ لمساعدة في الرياضيات فلا تتردي في طلبها )
قال اقتراحه وهو ينظر لصبا التي نظرت له نظرة جانبية تبرم شفتيها فابتسم، ظل واقفًا مكانه حتى تأكد من دخولهما إلى المنزل ثم تحرك يتجه لمنزله.. دخل إلى المنزل مباشرة فلم يلمح ذلك الظل الأسود الذي يقبع في مكانٍ مظلم، يرفع هاتفه على أذنه يقول بخفوت

- نعم يا سيدي لقد وصلوا للمنزل
... =
- لا لا هو لم يدخل معهما
...=
- أوامر سيادتك مُجابة

***********************

تعالت طرقات ذات إيقاعٍ راقص على باب غرفتها فأغمضت عينيها وهي تهتف بملل
( ليس وقتكِ الآن يا ملك.. لا تدخلي )
حكت جبهتها حين سمعت الباب يفتح بينما ملك تقول بسماجة
( مساء الخير.. رأيت ضوء غرفتكِ مُضاء.. فقولت لنفسي أن آتي لنثرثر سويًا )
تابعت صبا تمشيط شعرها المبلل وهي ترد بتهكم
( ألم تكتفي من الثرثرة اليوم؟ )
جلست ملك على السرير تنظر لأختها من خلال المرآه وتتكلم بحماس
( الصراحة كانت ثرثرة رائعة.. ولذلك جئت لكي نثرثر حول تلك الثرثرة )
نظرت لها صبا نظرة متبلدة دون أن ترد، بينما أكملت ملك
( قلت ربما تريدين أن تتذوقيها )
قالتها وهي تخرج الشيكولاتة المغلفة التي أعطاها لها أمجد.. زمت صبا شفتيها قائلة
( لا أريد شيئًا )
هزت ملك كتفيها وهي تقول بلا مبالاة
( حسنًا آكلها أنا.. فلن أحظى كل يومٍ على هدية من وسيم كالسيد أمجد )
لم تكد تكمل جملتها حتى هتفت فجأة بصوتٍ أجفل صبا
( وجدته.. وجدته )
ردت صبا بتعجب
( وجدتِ ماذا؟ أنتِ تتلاعبين بهاتفكِ منذ أن دخلتِ.. ماذا تفعلين يا بنت؟ )
تراقص حاجبيها وهي تقول بخبث
( وجدت حساب السيد أمجد.. يضع صورة رائعة )
عبست صبا تسألها بغلاظة
( ولماذا تبحثين عن حسابه من الأساس؟!! )
لم تمنحها ملك اهتمامًا وقد انكبت على هاتفها تدقق في شاشته وهي تغمغم لنفسها
( لماذا لا يضع لنفسه صورًا كثيرة؟ دعنا نشاهد يا أخي )
كزت صبا على أسنانها، بينما هتفت ملك بحماس
( سأرسل له طلب صداقة )
- ( إياكِ .. هل تسمعيـ .. )
لم تكد صبا تكمل توعدها حتى تكلمت ملك ببساطة وكأنها لم تسمعها
( أرسلته )
برقت عينا صبا بحنق من تلك المستفزة، لكن يبدو أن ملك أرادت أن تكتب نهايتها بيدها عندما هتفت بعد دقيقتين بانتصار
( لقد قبله، نعم نعم.. أستاذة يا ملك والله )
كانت صبا قد استشاطت بما فيه الكفاية، فألقت بفرشاة شعرها أرضًا وهي تنهض بعنف، اندفعت نحو ملك تنقض عليها وتخطف منها الهاتف، ثم زمجرت بخطورة
( لن ترين هذا الهاتف مجددًا و.. )
قطعت توعدها وهي تغمغم بتوتر
( يا إلهي.. لقد ضغطت على زر الإعجاب على صورته.. أزيليها بسرعة )
قهقهت ملك حتى انقطعت أنفاسها وانقلبت على ظهرها بشكلٍ مغيظ.. لتلقي صبا الهاتف على السرير وتجلس بجانبها هاتفه بسخط
( أرأيتِ نتيجة حماقاتِك؟ )
هدأت ضحكات ملك واعتدلت لتمسك بهاتفها مجددًا تقول ببساطة
( وماذا في ذلك؟ كنت سأضغظ زر الإعجاب على أي حال.. الرجل وسيم ويستحق )
ردت صبا بتحذير
( لا تتمادي في الأمر يا ملك.. أنتِ لستِ طفلة لتتعاملي معه وكأنه صديقكِ )
ابتسمت ملك تقول ببساطة
( لا تقلقي أختي.. كما أن السيد أمجد يبدو محترمًا، لا يشبه ذلك الأحمق خطيبكِ )
تبدلت ملامح وجه صبا دون أن تعقب.. لتردف ملك مستدركة
( أقصد السابق.. فضل ونعمة من الله )
تنهدت صبا دون أن ترد.. لا فائدة.. كلما أغلقت الموضوع كلما طاردها أكثر، وكأن القدر يصر على تذكيرها بخيبتها، لتدرك أي حماقة ارتكبتها في حق نفسها يوم أن ارتبطت بشخص لا يشبهها ولا تشبهه
( صبا.. لماذا انفصلتِ عن كريم؟ )
سؤال ملك المتردد أعادها من شردوها، تهكمت تداري غضبها
( لماذا تسألين؟ هل تأسفين للأمر؟ )
هزت ملك كتفيها بلا اكتراث
( بالطبع لا.. أنا لم أرتاح لهذا اللذج يومًا )
ثم أردفت بإقدام
( قصدت بما أن الغُمة قد زالت أخيرًا.. لماذا لا تفكرين في الشخص المناسب هذه المرة )
ردت صبا ببرود
( مثل من؟ )
تنحنحت ملك تقول بحذر
( مثل السيد أمجد مثلًا؟ لا تقولي أنكِ لم تلحظي إعجابه بكِ.. الرجل لم يبعد نظراته عنكِ )
اتسعت عيناها وقد احمر وجهها لسببٍ لا تعلمه..
هي تتظاهر أمامه بالامبالاة لكنها ليست عمياء كي لا تلاحظ، وهذا ما يجعلها تتجنبه.. صحيح أن الأمر لم يتخطَ النظرات، لكنها تخشى أن تترك لنفسها العنان فتنجذب، وهذا خطر..
( فيما شردتِ؟ )
رمشت بعينيها ترد على سؤال ملك
( لا شيء.. هيا اذهبي لغرفتكِ أريد أن أنام )
نهضت ملك لكنها لم ترحل، بل وقفت على ركبتيها لتعطي لأختها قطعة شيكولاتة في يدها.. ثم أمسكت بشعرها تصففه لها وهي تقول بتلقائية
( سأصنع لكِ جديلتكِ وأذهب )
أصدر هاتف ملك صوت إشعار فأمسكته لتهمس بخبث
( لقد قام السيد أمجد بمشاركة أغنية.. تلك التي استمعنا لها في السيارة )
قامت بتشغيلها ثم تركت الهاتف لتبدأ في عمل الجديلة وهما يستمعان للأغنية، وكلٌ شارد في أفكاره.
******************************
أسند ظهره للخلف باسترخاء، يستمع لكلمات الأغنية وابتسامة شاردة تزين شفتيه، تطوف صورتها بعقله فيتذكر كل تفاصيلها التي رسمها اليوم بعينيه، ضحكتها التي رآها الليلة كان لها وقع الألحان على قلبه قبل أذنيه.. تفاصيلها، تفاصيل تشع نعومة مغلفة بالعنفوان في مزيج عجيب لكنه يروقه وبشدة.. تحركت أصابعه ليتحسس شالها المستقر في يده بنعومة، والذي يبدو وكأنه أصبح رفيق لياليه، رفعه لأنفه يتشمم رائحته ليتنهد بعمق ورائحتها تتغلغل فى رئتيه، رائحة بعيدة عن العطور بل رائحة خاصة بها تحمل إحساسًا بالدفء.. انتبه لنفسه وقد أطال وضع الشال على أنفه ليضحك ضحكة خشنة وهو يرى نفسه كمراهق يتلمس كل ما يخصها.. لكن وما المشكلة؟ هو يكاد لا يعرف نفسه منذ أن رآها، يترك لنفسه العنان ليختبر في نفسه تلك المشاعر التي يجربها ولأول مرة.. وكأنه قد تذكر لتوه أنه قد وصل للثلاثين دون قصة حب واحدة.. حب ! عند الخاطر الأخير التفت لهاتفه الذي تتصاعد منه كلمات الأغنية، لتخدعه أصابعه وتعاود التسلل إلى حسابها فتقابله صورتها التي ظل يتأملها حتى غفا..

وأنا بقول يا ليل
ولكل عاشق ليل
يا جنة الملتقى
مين فات سأل عنا
ومين عطف بعدنا
ع الورد يا جنة
****************************
و في غرفتها كانت لا تزال مستسلمة لأصابع ملك الي تصفف لها خصلاتها، داعب النوم جفنيها مع آخر كلمات الأغنية.. لتتحرك يدها بشرود وتضع قطعة الشيكولاتة في فمها.

مِن لحظة كُنا سوا
والعشق كان تباريح
ورجعت سكة سفر
في الصحرا والواحة
في عينيكِ


انتهى الفصل

يُتبع...


شهر'زاد. غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:59 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.