آخر 10 مشاركات
أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          والروح اذا جرحت (2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة في الميزان (الكاتـب : um soso - )           »          كوب العدالة (الكاتـب : اسفة - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          قصر لا أنساه - مارغريت مايلز- عبير الجديدة -(عدد ممتاز ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          79 - قسوة وغفران - شريف شوقى (الكاتـب : MooNy87 - )           »          1 - من أجلك - نبيل فاروق (الكاتـب : حنا - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هو تقييمك لمستوى الرواية ؟
جيد جداً 85 88.54%
جيد 11 11.46%
سيء 0 0%
المصوتون: 96. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree9699Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-10-21, 08:13 PM   #51

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جزيرة مشاهدة المشاركة
قصة عن الكفاح و حب الوطن
من اجمل القصص
يارب تعجبك 💕
شكرا لمرورك اللطيف 🌷🌷🌷


ألحان الربيع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 12:17 AM   #52

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الرابع (( العقد الذهبي ))





"لااا...انتظــري"

دفعتُ يدها بقوة قبل أن تصل فمها صارخاً بندم ...لتسقط ساندويشة الهمبرجر ارضاً....ثم سحبتها من كتفيها ادثرها بأحضاني ...أضغط على جسدها الضئيل ...أحاول حمايتها من غدر الزمان ...من القهر والخذلان ...من شياطين الانسان ...يا ألله ماذا كنتُ فاعلاً؟!...منذ متى أجد أدنى الحلول؟!...كيف أصبحت هكذا ؟!....ليخسأ هذا الجوع البغيض الذي أراد اذلالنا ...!!! ....سنقهره ...سنقاوم ولن نسقط أمامه...سنصبر وسننول جزاء صبرنا بإذن الله......كنت جاثيا على ركبتيّ أمامها ...ادفن رأسها في صدري وأواري وجهي بين كتفها البريء وشعرها الطاهر...أبكي قلة حيلتي...أبكي مرارة عيشتي...أبكي خجلاً منها ومن قبلها نفسي!!...بكيتُ كما لم أبكِ سابقاً...

" سامحيني يا أختي...سامحيني...لا أعرف كيف سمحت لنفسي بفعل ذلك؟!"

كنتُ أهمس متوسلاً...لكنها كانت أقوى مني ....رَفعتْ رأسها عن صدري...مدتْ يُسراها تمسح دموعها وسبقتها يُمناها تمسح دموعي...تحدّق بي بشهد عينيها المحتقنة بمائها العذب هامسة بأصالتها :

" لا تبكِ يا هادي أرجوك....لا أحب أن أراك حزيناً....بل أنت سامحني لأني ضغطت عليك....أعدك سأصبر حتى نعود الى المخيم.."



أنظر لها بِتيه...شارداً بجريمتي...آسفاً لفعلتي النكراء....رسمتْ ابتسامة نقية ترائي نقاء روحها ...تدفعني بها لنمضي في سبيلنا وندفن ما حدث في هذه البقعة دون العودة لها....

حملتها على كتفيّ وسرتُ بها قاصداً البحر ...حيث يتواجد على ساحله الكثير من السيّاح آملين بنفاذ مخزوننا من أغراض لهذا اليوم....

بينما كنا نخطو خطواتنا على مهل أميل بها تارة يمنة وتارة يسرة ..أحاول بيع بضائعي....اقترب رجلاً منّا كان برفقة زوجته للسياحة...يبدو عليه الكرم والشهامة...تبسّم لنا هامساً:

" من أين أنتم؟"



رفعتُ حاجبي بتوجس من سؤاله الغريب ,مجيباً:

" نحن لاجئون"



"أعرف....لكن من أي بلد؟"



" ما يهم ذلك ان بتنا بلا وطن ؟!...ما نفع هويتنا ان لم تحمنا من اللجوء؟؟"

تابعت كلامي وهو مصغياً دون مقاطعة:

"هل ستعيدني الى بيتي اذا علمت بذلك؟!.....اعذرني يا عمّ....فبلدي الوحيد هو حضن أمي...ضحكة اختي...رائحة اخي وحنان خالتي"



ختمتُ كلامي مولّياً له ظهري لأتابع سيري ..فصاح بنا:

" توقفواا...رجاءً"



التفتّ برأسي الى الخلف...فتقدم بخطواته نحونا ليقابلنا قائلاً:

"أنا أسف يا بني لم أقصد ازعاجك...لكني أكتب عن معاناة اللاجئين.."

صمت برهةً وتابع:

" إنسَ الموضوع......أريد أن اشتري منكم"



بدأ يفتش بين الأغراض يوزع ابتساماته الصادقة وبعد أن وقع اختياره على بضع أشياء وأخرج محفظته ليدفع الثمن , قرعت طبول النصر من معركة الجوع في معدة أختي...قطب حاجبيه كأنه يريد التركيز للتأكد مما سمع...احتقنت دماء وجهي وكذلك اختي حرجاً...فقال لنا :

" أرجو الّا تردوني......أريد اعطائكم بعض المال عن روح أبي رحمه الله لتشتروا شيئاً تأكلوه "



أجبتُ بإباء شامخاً برأسي ...ناصباً ظهري:

" رحمه الله...تصدّق بذلك لغيرنا"



تحولت ملامحه للجد وقال:

" يبدو على شقيقتك الجوع...أنا لا اعلم لِمَ تعاند!!....انا احتاج حسنات لأبي ولست انت من تحتاج.....لربما في يومٍ تقف موقفي وتفهمني في حينها "



شعرتُ بالارتياح في صدري من لباقة وصدق كلامه ...اعتذرت منه على أسلوبي الفظّ وقلت:

" انا موافق...لكن بشرط"



" ما هو؟"



" لا تعطنا المال , بل اشتري لأختي ساندويشة شاورما"

قلت بحزم مشيراً لمطعم الشاورما على يميني...



اومأ برضى متبسماً ودلف الى المطعم......بعد دقائق عاد يحمل بيده كيساً فيه عدة لفائف من الشاورما وعصائر...فقلت:

" هذا كثير!!..انا طلبت واحدة "



أجاب بثقة متواضعاً يفتح الكيس يشير لما بداخله:

" انا أُطعمُ عن روح أبي ولا أقبل بواحدة....لذلك هذه لأختك وهذه لك..والباقي لأمك وخالتك وأخيك "



اتسعت عيناي متعجباً وقلت:

" كيف عرفت؟!"



غمزني مبتسما مجيباً على الفور:

" حضن امك , ضحكة اختك , رائحة اخيك وحنان خالتك...الا يكفي لمعرفة عددكم"



تبسمت لنباهته وشهامته وقلت بامتنان:

" لكن اخي رضيع لا يأكل الشاورما"



وقبل ان ينطق بكلمة هتفت (دنيا):

"اذاً لسلمى"



ضحك الرجل وقال:

" اذاً لتكن من نصيب سلمى"



وولانا ظهره مدبراً باتجاه زوجته... فهتفت بصوت مرتفع:

" شكرا يا عمي ورحم الله أباك "



أدار وجهه متبسماً ورفع يده يلوّح بها هاتفاً:

" صحة وعافية....وداعاً"

~~~~~~~~~~~~~~~~

لم يتوانَ السيد (ماجد) عن متابعة ما وُكّل به.....فمنذ أن كلّم السيد (سليم الأسمر) وهو يضع برنامجاً يمشي وفقاً له....كانت وجهته الأولى قبل أسبوع , المخيم الموجود قرب المدينة التي يقطن فيها وعاد مثلما ذهب خالي الوفاض دون أن يجد حرفا يقترب لأسمائنا ....وبدأ يخطط من جديد ليرسم وجهاته الأخرى!!

~~~~~~~~~~~~~~~~

تقف خلفها أمام طاولة الزينة لتسرّح لها شلالها الأسود الذي يصل الى منتصف ظهرها الصغير ...هامسة بحنان :

" لقد ازداد طولاً شعرك ...متى سنقصّ أطرافه ؟!"



عبست بدلال تكتّف ذراعيها تزمّ شفتيها دون ان تنطق بكلمة.....رأت انعكاس وجهها بالمرآه فتبسمت لها وهي تضم شعرها بقبضتيها قائلة:

" حسناً حسناً لا تعبسي أعلم أنك تريدين أن يصل الى تحت ظهرك كوالدتك رحمها الله "



فَرَدَت ملامح وجهها وقالت بدلال تدّعي انزعاجها :

" خالتي سهيلة بما أنكِ تعلمين هذا لمَ تصرّين على اغضابي ؟!"



ضحكت وأجابت :

" لقد شُلت يدي من طوله وكثافته بسم الله ما شاء الله ...كنت أجرب حظي ان غيرتِ رايك .....يجب ان اجد حلاً فمعظم اكسسواراتك ومشابكك الخاصة بالشعر اما تنكسر او لا تطوق لجمعه كاملاً"



" لكني أحبه منسدل على ظهري لأبدو مثل سالي في كرتوني المفضل "



" ما رأيك لأقص لك غرّة تصل حافة حاجبيك ؟؟...ستكونين مذهلة ...فهي تناسب شعرك ووجهك الجميل "



" رائع ...لأُحدِث بعض التغيير في مظهري في حفل اليوم ...كي أبهرَ زميلاتي وزملائي والمدرّسين خاصتي ..."



كان اليوم هو الواحد والعشرون من آذار الخاص في يوم الأم....الأم هي أم في كل يوم وكل ثانية ...لا ان نختصّها بيومٍ واحدٍ, نظهر اهتمامنا ونغدق عليها بالهدايا وعبارات الغزل الفارغة من غير تطبيق ..ثم في اليوم التالي ننسى كل هذا ونعود لحياتنا لا نعلم هل هي بحاجة لنا ؟! هل تشعر بالوحدة من دوننا ولا تجد من يؤنسها ؟! ...فبرّها واجب علينا في حياتها ومماتها لا بيوم خاص ابتدعه الآخرون... ....أما تلك الحفلات بالمظاهر الكاذبة هي لم تكن سوى فتح جروح لم تندمل أساساً لأيتام فقدوا نبع الحنان بتدابير القدر فيأتوا هؤلاء ليضغطوا على موضع الإصابة غير مكترثين لحالهم ليزدادوا آلاماً على آلامهم......

من يوم ِانتسابها للمدرسة لم تشارك بتاتاً بأي حفل يخص الأم ....كان والدها يحاول حمايتها بإخفائها عن الأنظار في هذا التاريخ حرصاً على مشاعرها بدلاً من المواجهة وتشجيعها لتتقبل نصيبها والايمان بالقضاء والقدر.....لكن السيدة (فاتن) وبمساعدة المربية (سهيلة) قررتا أن تكونا القوة الدافعة لها لتخرجاها من ضعفها ....كانت خالتها في الخفية تواصل طبيب نفسي ليرشدها كيف تتصرف معها ....وأخيرا مع التشجيع نجحت بإقناعها بالمشاركة لأول مرة لهذا اليوم في حفل المدرسة الخاص بالأم لترافقها هي والسيدة (سهيلة) لحضوره سوياً كما ترافق الأفعى (سوزي) ابنها (كرم).....وكذلك والدها تقبّلَ مشاركتها في النهاية بعد رؤيته حماسها....

" يا للروعة انها مذهلة "

هتفت بدلال معجبة بمظهرها الجديد في الغرّة التي تنسدل برقة تغطي جبينها لتصل حواف حاجبيها بإتقان...فالسيدة (سهيلة) معتادة على تسريح الشعر لبنات أشقائها وأصبحت ذات خبرة في هذا المجال....

" هيا يا أميرة حان الآن دور ارتداء الفستان "

هتفت خالتها (فاتن) وهي تدخل الغرفة تحمل الفستان بعد أن قامت بِكَيّه الخادمة.....

×

×

×

تتوسط خالتها والمربية في المقعد الخلفي للسيارة ومن خلف المقود السائق وجانبه حارسها الشخصي الذي الصقه والدها بها عند خروجها لأماكن عامة او تكتظ بالناس...فهكذا الظالم لا يأمن ولو كان في عقر بيته .....

وهم في طريقهم الى قاعة المدرسة .....كانت ملامحها حزينة...بالعادة تثرثر في سفرها حتى لو لم يكن الا السائق لوحده....اما الان ساكنة , صامتة.....ليس لأنها ذاهبة لاحتفال خاص بالأم ...انما تشعر بالقلق خوفاً من الّا يأتي لمشاركتها يومها الخاص مثلما وعدها....

ترجلن من السيارة ودخلن بوابة القاعة الكبيرة..... الحارس كانت مهمته الانتظار على المدخل ...كانت تنتسب لمدرسة خاصة فيها وسائل الرفاهية والفخامة بدعم من رجال الأعمال وعلى رأسهم ( عاصي رضا), ويحاوط المدرسة أمن خاص لحماية أبناء الأغنياء والطبقة الراقية...لكن(عاصي) لا يثق بهم فقط ,لذلك يرسل أفضل حرّاسه معها أينما ذهبت.....جلست كل واحدة منهن على مقعدها بعشوائية. ..فرغم نظام هذه المدرسة الا انه بهذا اليوم لا يفرّقوا الطلاب عن أهاليهم ليخلقوا جواً من الألفة الاسرية ....بعد ان امتلأت القاعة بالحضور ....صعدت المسرح عريفة الاحتفال فتاة بالصف السادس لتحيّي الضيوف ومن ثم تستدعي مديرة المدرسة لإلقاء كلمتها وبعدها تقديم البرنامج تباعاً حسب ما نظمته المدرسة .....مضت ساعة ونصف أمضتها (ألمى) بوجهٍ مستدير الى الخلف ...تراقب الحركة الساكنة عند الباب علّها تلمح طيف والدها ...لم تنصت لأي شيء مما قُدّم ...كان تحدّيها لتثبت لوالدها انها قوية ولن تتأثر ولا داعي للخوف عليها لدرجة خنقها بحمايته لها....كانت الفقرة المعروضة الآن القاء قصيدة من طالب يصغرها سنة انتبهت لها صدفةً....نهضت من مكانها فسألتها خالتها بفضول :

" أين تذهبين صغيرتي ؟"



" سأعود بعد قليل ..سأرى بنات صفي "



تبسمت لها بحنان وقالت :

" حسناً لا تتأخري "



بعد انصرافها استدارت السيدة (فاتن) للسيدة (سهيلة) هامسة بضيق :

" كانت في قمة السعادة تنتظر هذا اليوم ....لكن لا يهنأ له عيش من غير أن يفسد عليها مزاجها ....ما هو الشيء الأهم من فرحة ابنته لا اعلم....من يراه يظن انه على حافة الإفلاس وفي هذه الساعة سينقذ ثروته !!"



ردّت السيدة ( سهيلة) بهدوء مع ان داخلها تشتعل غيظاً ...فهو سيدها لا تستطيع ذمه والسيدة ( فاتن) تبقى سيدتها مهما كانت علاقتها بها قريبة وقوية:

" أتمنى أن يأتي حتى لو لحق بآخر الاحتفال فقط... ليسجل حضور على الأقل في نظر ابنته "



" لن يأ.."

قطعت جملتها بعد أن وصلها الصوت العذب.....



[[....أنتِ الأمان

أنتِ الحنان...

كانت المفاجأة التي خبأتها (ألمى) عن عائلتها ......لقد قررت المشاركة بإحدى الفقرات لتري والدها قوتها ولتكون هدية لمن تعبتا عليها ....اختارت خصيصا اغنية (أنت الأمان الخاصة بالأم من المسلسل الكرتوني دروب ريمي ) لتنشدها بصوتها العذب الموسيقي ...لم يكن داعي لأي آلة عزف...فصوتها لوحده بعذوبته هو كسمفونية هادئة تعزف وقت الغروب على شط بحرٍ ساكن دون أي نفسٍ لبشر مع نسمات لطيفة تداعب الأجواء.....كانت تحلّق على المسرح بفستانها الوردي المصنوع من الساتان اللامع بتنورة نافشة تصل الأرض وقسمه العلوي يغطيه قطعة بيضاء من الدانتيل تصل أكمامه الطويلة ليتجانس مع الخلفية الوردية.....شعرها منسدل على جانبيها وغرّتها تحف حاجبيها ليندمج سوادها مع رموش عينيها ..يزيّن رأسها اكليل من الورد يتناسق مع لون لباسها.... بدت مثل أميرة هاربة من احد الأساطير برُقيّها وسحر جمالها .....

غردّت بكلمتين وتوقفت تنظر الى الباب ..تحاول تأخير فقرتها ربما يأتي ويسمعها ...هي تعلم كم يحب صوتها ويتغزل به...بعد ثلاث دقائق اقتربت مربيتها في المدرسة ,تشجعها على الاستمرار لا تفقه شيئاً من الصراع الناشب داخلها...

تنحنحت وانتصبت في وقفتها تمسك مكبر الصوت المنصوب امامها بأنامل يمينها الرقيقة وأسدلت أهدابها لتطوف في عالمها الذي سترسمه في عقلها رغماً عن الجميع لتخلق الحياة التي تتمناها....

ساد القاعة هدوء بعد ان حدث بعض الضجيج لتوقفها عن الغناء قبل قليل...فمنهم من كان مندهشاَ ومنهم من كان شامتاً تعددت النوايا والضجة واحدة....لكن بطلب من المربية اختفى هذا احتراما لها.....أُطفئت الأنوار القوية وبقيت الخافتة بين الحضور...وعلى المسرح ضوء أصفر يُسلّط كالشمس على تلك الزهرة الوردية لتزهر بحضورها وصوتها ....



[[...أنتِ الأمان

أنتِ الحنان

من تحت قدميك لنا الجنان

عندما تضحكين

تضحك الحياة

تزهر الآمال في طريقنا

نحس بالأمان

أمي أمي أمـــي

نبض قلبي

نبع الحنــان

...........

..........

أنتِ الأمان

أنتِ الحنان

من تحت قدميك لنا الجنان

من عطائك تخجلي

أبداً لم تتململي

يا شمعة دربي

يا بلسم الزمــان

أمي أمي أمــي

نبض قلبي

نبع الحنـــــــــــان...]]



ختمت أغنيتها تترك المسرح......تمسك فستانها ......ترفعه لتجري نحو الباب بلهفةٍ بعد أن رأت والدها يقف معتزاً بها... مبتسماً برضا ومن خلفه ترى وجه أمها يشع في نوره محبةً وحناناً وعيناها تلمع اشتياقاً لمهجة قلبها ...كانت تجري بخفة لترتمي بأحضانه الذي لم يكن سوى سراب من الحلم الذي رسمته بمخيلتها. !!!!!

عادت تنكس رأسها ...أما من في القاعة كانوا ما زالوا تحت تأثير صوتها الشجي العذب ....حتى ان معظم الأمهات لم يتمالكن انفسهن عن البكاء من كلمات الأغنية المدمجة بصوتها الرنان بالإضافة عطفاً على تلك يتيمة الأم....كانت السيدة (فاتن) منهارة تبكي لدرجة خرج صوتها بنحيب ....تبكي متأثرة من الأغنية ...وعلى حال صغيرتها وعلى تذكّرها شقيقتها (كريمة) صاحبة القلب الطيب ونبع الحنان...السيدة (سهيلة) تبكي بصمت وتحاول التخفيف عنها وهي تربت على ظهرها بعد ان دفنت وجهها على كتفها... رفعت رأسها بعد ان وصلتها رائحة صغيرتها مع صوتها الهامس الحزين :

" هيا خالتي ..انتهى الاحتفال"

مسحت دموعها تخفي الآمها كي لا تزيد ناراً على نار العيون المشتعلة امامها خيبةً وقهراً وهمست متنحنحة تحاول إعادة صوتها وهي تمسك ذراعيها وتضمها لصدرها تقبل جبينها من فوق غرتها:

" أبدعتِ صغيرتي... لم أنَل في حياتي مفاجأة كهذه ....أنا فخورة بكِ حد السماء .... "

تبعتها السيدة(سهيلة) بوصلة مديح واعتزاز وعناق ثم عدنَ ادراجهن الى المركبة في الخارج....

~~~~~~~~~~~~~

دارت الأيام بنا......وفي ليلة كنتُ افترش الأرض بالخلاء قرب المخيم...أتأمل بريق النجوم...أحلق بنظري في السماء...أفكر كيف نتقدم ؟!.....لقد سئمت من عملي كبائع متجول , تتفطّر قدماي لأجني قروش قليلة لا تكفي لقوت يومنا....

يا الله ساعدنا....

أريد إكمال دراستي ...لقد توقفتْ نهاية الفصل الأول من سنتي الأولى بالثانوية , عندما هاجرنا الى هنا....أخشى ضياع مستقبلي!!....وأختي؟!...يجب أن تدرس فهي بالمرحلة الابتدائية, ألمرحلة الأساسية بالتعليم......يا الله ارشدني....

في صباح اليوم التالي ....قررت أن اعتذر عن عملي وشرحت لأمي وخالتي أسبابي...تفهّمتا ذلك ولم تضغطا عليّ.....

أخذت أتمشى في أرجاء المخيم...اداعب من أواجه من أطفال مرةً...أقذف الحصى بحذائي الممزق مرةً أخرى....إنه الفراغ والملل!!....وبينما انا أجول بين الخِيَم...لفت انتباهي رجل في العقد الخامس...يجلس أرضا ومن حوله أولاد بمختلف الأحجام والأعمار من كلا الجنسين....هذا المشهد ذكّرني بمسلسلات كنت اشاهدها للزمن الجميل عندما كان التعليم على طريقة الكُتّاب....اقتربت منهم أبلّ شوقي من الدراسة التي طالما تفوقتُ بها....فكم أشتاق لرائحة كتبي , قرطاسيتي ولأصوات المعلمين وهم يشرحون لنا بتفاني وإخلاص.....

تقدّم احد الطلاب للأستاذ مستفسراً عن سؤال ما , صعُب عليه حلّه....لكن لسوء حظه كان تمريناً معقداً بالرياضيات وهو اختصاصه لغة عربية وتاريخ!! ويَعلم شيئاً يسيراً عن الرياضيات.....حمحمَ محاولاً التملّص من الإجابة قائلاً بصوت مرتفع:

" يا مؤيد نحن الآن في حصة التاريخ....سنجيب لاحقاً على سؤالك"

واكمل في شرحه ليحيدَ عن الموضوع!!

دقائق قليلة وأعلن عن انتهاء الدرس....



" أستاذ.. أستاذ ...ألآن أجبني"

هتف (مؤيد)...



" أنا مشغول....أعطني الدفتر وسأجيبك لاحقاً:

قالها بارتباك ينظر لساعة يده ومن ثم مدّها ليأخذ الدفتر منه....



" من فضلك يا أستاذ حسني ..لا استطيع الانتظار...فأنت تعلم أننا ندرس الرياضيات باجتهاد ذاتي لنقدّم لامتحاناتنا الصيفية وفصل كامل يعتمد على هذا النمط من الأسئلة!!"

قالها (مؤيد) برجاء....



" قلت لك أنا مشغول وسأجيبك لاحقاً"

قالها بصلابة , يتحاشى النظر اليه...



" سهّل الله عملك يا أستاذ "

لحقتُ به على الفور هاتفاً بها....



التفت نحوي ,,,يحمل كتبه بين ذراعه وإبطه ...عدّل نظارته الطبية الدائرية الكبيرة...رمقني بنظرات تساؤل دون ان ينبس ببنت شفة....فأردفت بكلامي:

"أعتذر عن تدخلي ولكني سمعت حواركما من غير قصد!!...هل تسمح لي بالإجابة عن السؤال؟!"



أمال زاوية فمه بابتسامة ساخرة وقال:

" يا ولدي هذا سؤال صعبٌ لمستوى جامعي...لا أعلم من أين أتى به وهو ما زال في منتصف الاعدادية!!"

صمت لثواني قليلة ينظر إليّ يتفحصني من الأسفل للأعلى ثم أضاف:

" وأنت توحي بأنك طالب ثانوي!!"



تبسمت مثبتاً بصري عليه في ثقة وقلت :

" اذا فعلتها ما جزائي؟؟"



أجاب ضاحكاً:

" سأعيّنك مساعداً لي....وربما مدرّساً للرياضيات حتى جيل اعدادي الى أن نحصل على معلم مختص بشكل رسمي , فنحن نفتقر لمدرّسي هذا الموضوع في المخيم"



مددتُ يدي مصافحاً له وقلت بتحدي:

" اتفقنا"



قبل مصافحتي وقال واثقاً بانهزامي وبشيء من السخرية:

" طبعاً طبعاً...لكن ايّاك أن تيأس او تحبط اذا فشلت...فالمستقبل ما زال امامك ويكفيك شرف المحاولة"



أخذت الدفتر من (مؤيد) وجلستُ جانباً على حجر من الطين المعد للبناء....الأستاذ ينظر لي منتظراً....وقبل مرور خمس دقائق , نهضت من مكاني متجهاً صوْبه...فتنحنح وخلع نظارته يضعها في جيب قميصه قائلاً:

" لم تستطع حل السؤال أليس كذلك؟"



دنوتُ منه أكثر رافعاً الدفتر أمام عينيه.... تفاجأ من رؤيته ارقام واشارات تملأ الورقة....شهق متسائلاً وهو يسحب نظارته مجدداً ليرتديها:

" متى استطعت تعبئة هذه الصفحة؟!...غير معقول!!..ما هذه السرعة؟"

استقام بوقفته يدفع وسط نظارته بسبابته لتثبت على انفه بعد انزلاقها مردفاً بجدية:

" على كل حال أريد التأكد من اجابتك!!...سأتصل بصديق لي مدرس للرياضيات في الوطن..."

وضع قبضته أمام فمه يسعل وأكمل:

" عفواً.....انتظرني عصراً في هذا المكان"

وراح كل منا في سبيله......

×

×

×

قُبيْل آذان العصر بدقائق كنت جالساً على كرسي خشبي أمام خيمتنا ,فأقبل نحوي شاباً مهرولاً , في عجلة من أمره متسائلاً:

" هل هذه خيمة هادي ؟"



" وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته"



ردّ محرجاً:

" آه أنا آسف ...السلام عليكم.......لا تؤاخذني...أنا في عجلةٍ من أمري!!...شيخنا وإمامنا أصيب بوعكة صحيّة مفاجئة ولا يستطيع إقامة الصلاة بنا"



"عافاه الله"



قلت أنا... فأردف الشاب:

"لنا جارة تدعى أم سلمى أرشدتني لهذه الخيمة بعد أن اخبرتني بوجود شاب يدعى هادي يستطيع أن يسدّ مكانه لأنه حافظ لكتاب الله مع اتقان تجويده ,لينشلنا من المأزق, فالناس يتوافدون للمصلّى"



"لقد وصلت يا أخي بإذن الله...أنا هادي هيا نذهب"



رمقني بنظرات استغراب ربما لصغر سني!!...ثم توجهنا الى المصلى معاً....



" نعمَ التربية ونعمَ الرجولة"

"ليسلم البطن الذي حملك"

" جعل الله اولادي مثلك"

"بوركت ونفع الله بك الأمة"

عبارات أطلقها المصلون لي فور انتهائنا من الصلاة.....

الكلمة الطيبة لها أثر على النفس....لا تبخلوا بها ولا تبالغوا منها....فخير الأمور اوسطها..

شعرتُ بنشوةٍ داخلية دفعتني الى الأمام ولكني حيّيتهم بتواضع شاكراً ثناءهم ثم توجهتُ حيث اتفقنا انا والأستاذ....

وصلت المكان قبله ...التفتّ خلفي بعد سماعي خطوات تتبعها أنفاس لاهثة تقترب نحوي بحماس:

" ما شاء الله...ما هذا يا ولدي؟!...أخلاق , تدّين , وفوقها ذكاء!!؟؟...حماك الله ورعاك"



كانت اطراءات من الأستاذ هتف بها ...شكرته بخجل متواضعاً وسألت:

" هل اجابتي صحيحة؟"



ضحك بفخر وقال:

" صحيحة؟! ....بل صحيحة ومميزة ومنطقية حتى قال لي صديقي ماذا تنتظر؟! اجعله مدرّس للرياضيات في المخيم ولو كان صغيراً في السن...إجابته توحي لعقل جامعي وأكبر فهذا سؤال معقد !!"



قفزتُ فرحاً وكأنني نلت شهادة التخرج من الجامعة ...عانقت الأستاذ ممتناً له واتفقنا على موعد اللقاء المقبل لأبدأ عملي الجديد.....التزمتُ مؤقتاً بالإمامة ريثما يشفى شيخنا ولكني جعلت ذلك خالصاً لوجه الله عن روح أبي ولم أقبل قرشاً واحداً.....

بدأت أعطي الدروس للطلاب دون الإعدادي بالرياضيات.... أضفنا لاحقاً حصص جانبية باللغة الإنجليزية لمعرفتي الجيدة بها.... صرتُ أربح من عملي هذا قروش لا بأس بها بفضل الله عن طريق جمعيات أدخلتني اولاً لاختبارين شاملين لهذين الموضوعين.....أول معاش رمزي قبضته ,اشترينا به أحذية ولباس لكل منا من السوق الشعبي....

أرشدني الأستاذ حفظه الله لكيفية الحصول على كتب للمرحلة الثانوية لأدرس بنفسي باجتهاد ذاتي للتقدم للامتحانات.....كان بين الحين والآخر يأتي مدرسون متطوعون عن طريق الجمعية ليقيّمونا كطلاب ,يساعدونا بما صعب علينا ويدخلوننا الامتحانات بشكل رسمي....حاولت التوفيق بين عملي ودراستي قدر المستطاع....الحقنا شقيقتي وصديقتها لمجموعة من أبناء جيلهما , تقوم بتدريسهم معلمة نازحة معنا....

أسابيع أخرى عشناها في مخيمنا ولا جديد....

في بادئ الأمر منذ مجيئنا هنا كنتُ أقضي ليلتي على فراشي...أقارن حياتي السابقة بالحاضرة....أتحسّر عليها....أشتاق لها....لم أشعر بِنِعَم الله علينا الّا من بعد افتقادي تلك الحياة....

ألم يكن يكفي استيقاظي من فراشي الدافئ بعدما ردّ الله اليّ روحي نعمة كبيرة يجب ان احمد الله عليها؟؟ ألم يكن وجودي بين أهلي وأصدقائي جميعنا بخير... نعمة تستحق الثناء؟؟؟ ألم يكن امتلاكنا ما لذّ وطاب من الطعام وحصولنا على أغلى اللباس فضلٌ عظيم وكرم من الله يجب ان نسجد شاكرين له؟؟

{{ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحْصُوهَآ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}}

الحمد لله دائماً وأبداً...

ها أنا من جديد أنعَم بعطايا الله.....فرزقنا السلامة انا وعائلتي...رزقنا الصحبة الصالحة... رزقنا عملاً نعتاش منه والكثير....لا نهاية لعطاء الكريم....

×

×

×

الجو شديد الحرارة.... أتصببُ عرقاً ....يبدو ان حزيران هذه السنة من بدايته يخبرنا بلهيبه القادم ..يحمل الأجواء الصحراوية الجافة....عدتُ الى خيمتي بعد ان كنت أراجع دروسي بعيدا عنها في الوادي القريب هروباً من بكاء (شادي) وقفزات (دنيا) البهلوانية....كنت أحيانا أطلب منهم الخروج ليتسنّى لي الدراسة...يجب ان يتحملوني فالامتحانات على الأبواب في نهاية هذا الشهر ويستحيل عليّ التركيز مع أي حركة أو صوت....لكن مع هذه الدرجات الحارقة لا يمكنني طردهم وكان عليّ إيجاد مكان أدبر أموري به....

دخلتُ الخيمة وكان الوقت بعد العصر...والشمس ترسم ظلاً خارجها لتجتمع أمي وخالتي و(ام سلمى) وجارتنا في المخيم الخالة (فاطمة) لاحتساء القهوة كعادتهن....

كنت اتسطح على فراشي الأرضي لأجدد طاقة قبل عودتي للدراسة.....وصدى صوتهن يرن في الداخل...فأخبرتهن جارتنا باقتراب موعد ما...

لم ألقِ له بالاً.....

~~~~~~~~~~~~~~~~

حجز في فندق لأسبوع كامل في المدينة الساحلية بعد أن تبقى له أكبر مخيمان يتواجدان بها......قرر البدء بإحداهما وهو الواقع بين البحروالجبل....

" آه يا إلهي ..أخيراً وصلت"

تنهد السيد(ماجد) هامساً بخفوت.....

ترجل من مركبته فانغرس حذاءه بالوحل الذي يفيح منه رائحة كريهة....دنا أكثر من المخيم المكتظ....جالَ سابقاً بين المخيمات ورأى ما رأى....لكن هذا كان أسوأها وضعاً على الاطلاق....حالته مزرية بشكل لا يحتمل...فهو بلا حدود...ارضه غير مستوية....في الشتاء مياه الامطار التي تنحدر من الجبال باتجاه البحر... تمرّ منه تغرقه....تجرف معها الأخضر واليابس بما فيها خيمهم ويبقى تأثيرها للصيف......هذه المدينة الى الان لم تنشئ خطوطاً للمجاري خاصة بالمخيم.....فمن يقطنه معظمهم هاجر بالتهريب من غير تصاريح واستقروا به بعد وصولهم تلك البلاد....كانت المدينة تحتاج لميزانية مرتفعة جدا للعمل به ...وبما انه ليس بمنطقة حيوية بسبب تضاريسه الصعبة تجاهلوه لصب مالهم للمناطق ذات الأولوية......

أين أنتم يا عرب ؟؟ أين انتم يا مسلمين ؟؟ أين أصحاب المال والنفوذ؟!

تعالوا انظروا كيف يعيش أبناء أمّتكم....

تهدرون المال على التفاهات والحفلات الماجنة وهنا أرواح تفتقر لأدنى أنواع المعيشة!!

أناس رحلوا من بيوتهم الآمنة , النظيفة , مجبرون ....أناس تحولت مساكنهم الى ردم...هربوا من سيئ لأسوأ !! تفرّقوا عن احبابهم....فقدوا لذة لمة العائلة في رمضان والأعياد والمناسبات....نزحوا الى الشتات لعلّهم يجدون حياة خالية من صوت الرصاص.....جاؤوا يلتمسون الأمان...

ليتهم مكثوا فوق مخلّفات بيوتهم النظيفة ولم تلامس أجسادهم البريئة الطاهرة تلك القاذورات التي تحمل اوبئة لا علاج لها....

بعد ان سبح السيد (ماجد) في هذه المشاهد التي تحمل الفقر , البؤس والذل ....عاد بهمومٍ أكبر دون أن يجد طرف خيط يوصله الينا.....

~~~~~~~~~~~~~~~~

يرتدي نظارته الطبية.....يجلس بأريحية في مكتبه على كرسيه الهزاز المصنوع من خشب البلوط الذي يحتل الزاوية القريبة من النافذة الزجاجية المطلة على حديقة القصر, وخيوط شمس بعد العصر تتسلل منها لتضيء صفحات الجريدة التي يقلّبها بين يديه....يتنقل من خبر لآخر ....بين الأخبار السياسية وأوضاع بلاده الأم وبين الأخبار الاقتصادية والبورصا....رفع رأسه ملتفتاً نحو الباب حيث طرقات متطفلة تزعج خلوته.....

" ادخل.."



دلفت السيدة (فاتن) قائلة:

" عمت مساءً.....جئت لأذكرك بموعد زيارتي"

تنحنحت وأضافت:

"أرجو تجهيز المركبات وإعطائي بطاقة المصرف الخاصة بشقيقتي رحمها الله "



رفع يده يمسك طرف النظارة بسبابته وابهامه ....يخفضها قليلا ...يحدّج بها بنظرات تشوبها السخرية...ثم أعاد نظره للصحيفة قائلا بهدوء ساخر:

" أما زلتِ تريدين الاستمرار؟"



" بالطبع...لا يوقفني الا موتي"



" لا أعلم ماذا تجنينَ من ذلك غير العودة بأحذية ملوثة"



كتفت ذراعيها على صدرها ...تنتصب بوقفتها هاتفه بتهكّم:

" لا أعتقد أنك ستفهم هذا يوماً....يكفيني السير على درب كريمة التي عاشت عليه أجمل ثلاث سنوات من عمرها"

اقتربت أكثر نحوه ...تحرر يديها ...تومئ بإحداها ..مردفه باستنكار:

" أتستكثر عليها هذا بعد وفاتها ؟؟"



اغلق جريدته ...خلع نظارته يمسكها بقبضته ملوحا بها بلا مبالاة هاتفاً:

" لو كانت بيننا لوضعت ثروتي تحت قدميها...لكن هذا طريق لا يسمن ولا يغني من جوع"



" أنت تعلم أن الكلام بهذا الموضوع يصل دائما لطريق مسدود دون الإتيان بأي نتيجة....فلتبقَ على معتقداتك ونحن على معتقداتنا"



رسم بسمة جانبية على زاوية فمه ونهض يتجه لخزانة مكتبه ليخرج من الخزنة بطاقة الاعتماد الخاصة بالمرحومة زوجته.....لم ييأس ابدا من محاولة تنحيتها عن مشروعها الذي أكملت به بعد اختها والى الان لم ينجح بردعها.....مد يده نحوها يناولها إياها قائلاً:

"خذي ...عسى أن تعقلي يوما ما وتتركي هذه التفاهات"



أعادت له الابتسامة بتصنع....ابتلعت ريقها ثم جازفت هامسة بتردد :

" أتسمح لألمى بمرافقتي ؟؟"



تبدلت ملامح وجهه كمن صعق بالكهرباء ...طرق بكفيّ يديه على طاولة مكتبه....زفر أنفاسه المصعوقة ...زمجر قائلا:

" هل جننتِ؟؟!!"

انسحب من خلف المكتب يسحب غليونه معه ...اتجه الى الاريكة الطويلة ...جلس يرفع كتفيه بِخيلاء ..يضع ساقا فوق الاخر...أشعل ما بيده وقال بتعجرف :

"أتريدين من ابنة عاصي رضا أن تسير على القاذورات لتمرض ؟؟...هل تظنين أن أسمح لعينيها الجميلتان أن ترى المناظر المقرفة ؟؟ او لأنفها الصغير أن يشتم الروائح النتنة؟!...بالطبع مستحيـــل "

نهض من مكانه يقترب منها منفعلاً....يرفع سبابته أمام وجهها هاتفاً بحزم :

"انا لا شأن لي بكِ...أما ابنتي ايّاك ثم ايّاك غسل دماغها بمعتقداتكم اللعينة "



أدارا وجهيهما بنفس اللحظة الى الباب الذي فُتح على مصراعيه بعد ان دفعته حانقة بسبب تراكم الغصات في صدرها و تبكي بعد سماعها رفض أبيها لذهابها معها..وصرخت قائلة:

" أنتَ لا تحبني...لمَ لا تسمح لي؟...يكفي انك دائما مشغول ....لا تصطحبني الى أي مكان!! ذكرى وفاة أمي لم تهتم بها ....حفلتي المدرسية لم تحضر لها....دائماً تسجنني في البيت "

اختنقت بحلقها أخر كلمتين وانهارت بركبتيها على الأرض تغطي عينيها بيديها وتبكي بصوت مرتفع.....انفطر قلبه لمنظرها...اقترب منها يجلس القرفصاء ...يمد يديه ليزيح كفيها عن وجهها هامسا بحنان:

" لأني احبك يا اميرتي لا اريد لك الذهاب الى تلك الأماكن "

زمَّل رأسها بصدره ..يرمق الواقفة بغيظ ...يتهمها بأنها السبب بهذا وهو لا يدري أن الصغيرة بدأت تكبر وتحاول فرض رأيها بشيء من التمرد وكيف بشيء يخص والدتها؟؟!!



" ارجوك ابي...ان كنت تحبني فعلا, اسمح لي بالذهاب لمكان كانت امي تحبه "



حاول اقناعها وردعها وحتى اغرائها بأماكن أخرى تحبها لكنها صممت على طلبها...فاستسلم بالنهاية مجبراً , خائفاً من عدم تنفيذ وعوده الأخرى ....تنهد بعمق....وقال آمراً:

"حسناً...لكن بمرافقة الحرّاس فقط"



انفرجت أساريرها وقفزت الى حضنه ..تحاوط عنقه وتقبّله من خديه بلهفة جنونية بريئة , ثم هتفت مبتهجة :

" أنت أحسن أب...أحبك...أحبك "

~~~~~~~~~~~~~~~~~~

" اوف...ما هذا الضجيج؟؟"

تقلبتُ في فراشي ...أحاول دفن رأسي تحت المخدة ...لأطرد الأصوات المزعجة التي تخترق اذنيّ...ألا يكفي حر الطقس الذي ينغص عليّ نومتي!!.....تململت كثيرا دون جدوى....تأففت ورفعت جسدي جالساً على الأرض ملقياً المخدة باستياء!!....نهضت من مكاني بشعري الأشعث من اثر النوم وملابسي الفوضوية ...ازحت باب الخيمة القماشي لأطلّ برأسي للخارج افتح عين واغمض الأخرى من اشعة شمس الصباح...ابحث عن مصدر الازعاج.....وقع نظري على أمي التي تفترش الأرض ..تحيكُ شيئا ما....همست لها متثائباً بنعاس:

" صباح الخير... "



استدارت برأسها للخلف صوبي مبتسمة ...ترد بحماس :

" صباح النور حبيبي "



" ما هذه الجلبة يا أماه؟؟ أجاء العيد ؟؟"



اطلقت ضحكات حنونة وأشارت لي لأجلس بجانبها لتشرح سبب البلبلة وحملة التنظيفات المفاجئة......

كانت تضع (شادي) في سلة خاصة له...حصلنا عليها من أحد المتبرعين ...بدأ يشدو ببكائه ...فقالت:

" احمله ريثما انتهي "



قلت متسائلاً:

" اين خالتي ودنيا ؟"



اجابت وهي تمسح بكُمّها عرق جبينها من حرارة الجو :

" ذهبتا الى خيمة ام سلمى "



" هيا أيها الرجل الصغير لندخل نلعب معاً"

همست مداعباً اخي وانا احمله بين يدي ارفعه للأعلى وأهزّه ....



" يــع, ماذا فعلت ؟"

قلت مشمئزاً بعد أن استفرغ بقايا حليبه على جبيني ...من الجيد انه لم يلقها بفمي!!



ضحكت امي وقالت :

" لم هززته ؟..قبل قليل تناول زجاجة الحليب "



اجبتها بلا مبالاة وانا اعيده لها لأمسح جبيني :

" لم اظن انه مثل المشروب الغازي, سيفور بعد خضه !!"



وليتها ظهري لأعود للداخل فهتفت:

" اين تذهب؟... وشادي؟"



رفعتُ يدي رافضا هاتفاً:

" اريد ان ادرس ..سأستغل غياب المشاغبة "

×
×
×

في اليوم التالي...المخيم يرتدي أبهى حلة....نظيف...مرتب ...ومزيّن ببالونات من كافة الاحجام والألوان.....يعطي أجواء العيد ....حركة كبيرة...ضحكات أطفال...ثرثرات نسائية .....كنتُ في خيمتي فهي اليوم فارغة لانشغال عائلتي بمناسبتهم هذه....وكعادتي بالأيام الأخيرة , الدراسة تأخذ اكبر حيّز من وقتي ... ولا اكترث لشيء آخر.....لأنه معي أسبوع فقط لتهلّ علينا الاختبارات الصيفية...

وسط المخيم بالقرب من المصلّى يتجمع معظم سكانه....ينتظرون ببهجة وسرور ....من يراهم يعتقد أن تأشيرات العودة للوطن جاءت...ومن بين المحتفلين ..أمي , خالتي , الخالة (ام سلمى) وكذلك جارتنا (فاطمة)....

" هل ستعجبها حياكتي وتصميماتي للإكسسوارات ؟؟"

سألت أمي بارتباك....



" بالتأكيد...لا تقلقي إنها جميلة حقاً ..سلمت يداك"

أجابت( فاطمة)....وتبعتها خالتي(مريم) تقول :

"نأمل ان يعجبها ما صنعنا انا وام سلمى من معجنات "



" بالطبع ستعجبها ..إنها متواضعة وطيبة ...انتظرن وشاهدن بأنفسكن "

أردفت( فاطمه) تحاول طمأنتهن.....فهتفت (ام سلمى) بسخرية :

" اوه تنتسب لعائلة راقية وتكون متواضعة !!...لا اصدق"



هزت رأسها ضاحكة من سخريتها وقالت مؤكدة :

" بل صدقي..."

~~~~~~~~~~~~~

تقف أمام مرآتها ....تعدّل حجابها الوردي الذي يعكس بشاشة وجهها ببشرته السمراء بعد أن تأنقت مرتدية قميصاً أبيضاً كبياض قلبها مع تنورة طويله تماثل حجابها...حملت حقيبتها الصغيرة البيضاء ....وقبل أن تمد يدها لمقبض الباب ...فاجأتها (ألمى) تدفعه بحماس هاتفة :

" صباح الخير خالتي ...أنا مستعدة"



" أهلاً بالأميرة الجميلة...صباح الفل والياسمين"

ردت عليها ثم انحنت تقبل وجنتها ...وأضافت :

" اخبريني ما هو شعورك حبيبتي ؟!"



" أتسألين عن شعوري؟! أنا متحمسة جداً..."

قالت تطبق كفيها على بعضهما امام صدرها , تغمض عينيها باسترخاء وأكملت حالمة:

"لا أصدق أني سأذهب أخيراً الى أكثر مكان كانت تحبه أمي"

مدت يدها تزيح خصلات عن وجه صغيرتها متبسمّة بحنان ثم نزلتا سوياً للإفطار وبعدها للتوجه الى المركبات....

~~~~~~~~~~~~~

يبدو أن هناك شخصاً أخراً لا يريد تفويت احتفالهم هذا باليوم السعيد كما يزعمون...انه (شادي)...هل هذا وقته ؟!..لا اعلم لم استيقظ ...أيظن انني متفرغاً له ؟؟

" أرجوك يا عزيزي نَم .....لن يعتب احداً عليك "

حملته أربّت على ظهره بلطف علّه ينام...لكنه مصممًا على الاحتفال....

" لم تمضي نصف ساعة على طعامك ...غير معقول انك تريد المزيد!! "

زاد ببكائه....تمشيتُ به بأرجاء الخيمة ...اعتقد أنه يتألم من تراكم الغازات في بطنه !!....يا صبر ....متى سينتهي هذا اليوم؟!..لأرى ماذا سنجني منه ؟!

عدتُ الى فراشي...تربعتُ صانعا سريراً مجوّفاً بساقاي ...وضعت المخدة في حضني ومن ثم الصغير فوقها على بطنه وبدأت اهز رجليّ لربما يرتاح قليلاً.....

من حسن حظي , انه أكرمني بسكوته لأبحر في دروسي...فمراقبتي لوالدتي بطرق اسكاته أتتني بنتيجة.......بعد لحظات همست متنهدا :

" آه الحمد لله لقد نام اخيراً"

لو لم يفعلها لأرسلته لأمي لتهتم به...دراستي أولى من احتفالهم!!

دقّت الساعة تعلن انها الحادية عشر ظهراً....وصل صرير عجلات المركبات الفخمة الى مخيمنا السعيد.....لا بد انها شرّفتنا سيدة هذا اليوم ..

لم يغلبني فضولي وعدت بتركيزي مجدداً اعارك صفحات كتابي......

كان موكباً كبيراً من المركبات السوداء اصطفت خلف بعضها تباعاً في أطراف المخيم.....تجمّد سكانه في مكانهم بعد رؤيتهم رجالاً يترجلون منها بخفة رغم ضخامة أبدانهم ...يرتدون بدلات سوداء ونظارات شمسية....يقفون بثقة مرفوعين الهامة وبانتظام بكامل الأناقة...أسلحتهم في ظهورهم على أُهبة الاستعداد....التفتت خالتي (مريم) مذهولة للجارة (فاطمة) متسائلة :

" ما الأمر؟..أشعر انني في فيلم للعصابات ...أهذا هو التواضع الذي أمْطَرتنا به ؟!"



أجابت مترددة دون أن تزيح نظرها عن المشهد أمامها :

" انتظري!!....معقول أن...لا لا مستحيل!"



تعجبت امي من ردها فقالت:

" ما هو المعقول والمستحيل ؟؟"



همست بخفوت مجيبة:

"أظن أن شخصاً مهماً بصحبتهم!!...لأن السيدة تأتي منذ سنوات من دون حرس"



هتفت ( ام سلمى ) بتعجب :

" مثل من ؟!....لا تقولي لي رئيس الدولة "



" السيدة الصغيرة مثلاً!!"

أجابت على الفور...ثم أكملت نافية :

"لكني على يقين أن السيد الوزير لن يسمح بذلك....فهي لم تأتي بتاتاً في السابق حتى مع والدتها!!"



نزلت السيدة(فاتن)...وتبعتها سيدة خمسينية تبدو أنها احدى العاملات وذات شأن عندهم.....

حاولت (أم سلمى) كبت ضحكتها بكف يدها وهمست بسخرية:

" هل هذه السيدة الصغيرة؟"



ردت فاطمة وحدقتيها ما زالتا تراقبان أبطال الفيلم أمامهن:

" لا...هذه المربية خاصتهم...تدعى السيدة سهيلة...كانت تأتي سابقا مع السيدة كريمة رحمها الله"



لحظات وتدّلت قدمان صغيرتان تنتعلان حذاءً احمراً لامعاً....نزلت بحذر حتى لامست الأرض من تحتها...ترتدي فستاناً من الأحمر القاني بأكتاف عريضة ...يتوسطه حزاماً جلدياً اسودا ً.....تنورته كلوش تصل الى تحت ركبتيها بقليل وتزينها دوائر صغيرة سوداء....تضع مشبكاً بنفس اللون فوق أذنها اليمنى لتبعد عن وجهها جزء من شعرها المنسدل....سارت بحذر تلتفت يمنة ويسرة....ترمق من حولها بنظرات اندهاش....

تلك من أضجّت مخيمنا ومن فيه بحرّاسها وكأنها سمو الملكة.....ربما جاءت من كوكب اخر ولا علم لنا!!؟؟

جلست السيدة (فاتن) في المكان المُعد لها في وسط الساحة....حيث يفرشون الأرض بقطعة من الحصير وفوقها طاولة تغطى بشرشف من الساتان باللون السكري وفوقه مزهرية زجاجيه شفافة بها باقة ملوّنه من زهر التوليب...والبالونات موزعة في كل زاوية....كانت على جانبيها المربية وسمو الملكة الصغيرة....بدأ الناس بالتهافت بحرارة وحماس ..ليس فقط من اجل مناسبتهم المنتظرة...انما اليوم له رونق خاص...فابنة سيدتهم الكريمة (كريمة) تكرّمت عليهم بزيارة ليس لها سابقة....دفعهم الفضول ليتجمعوا في هذه البقعة بعد ان انتشر الخبر كالنار بالهشيم ...فمن كان له دور ومن لم يكن ...ترك كل شيء وجاء ليرى ابنة وزير بلادهم السابق الذي عُرف عنه بحرصه الدائم لإخفائها عن عامة الناس ... !!....كان هذا يرحب بالصغيرة وهذا يصافح الكبيرة.....بدأوا بعدها بعرض وتقديم ما صنعوا من منتوجات ...فعلى مدار سنوات أسست السيدة (كريمة) من مالها الخاص جمعية أطلقت عليها اسم (جبر الخواطر) هدفها مساعدة المحتاجين...ولم تجد أولى بالاهتمام, من أبناء وطنها النازحين...كانت دائما تخصص السادس من حزيران وهو يوم ميلادها ...لزيارة المخيم الأقرب لمسكنها...تقضي يوماً كاملاً به...تشجعهم على صنع أغراض مما تجود به سواعدهم لتسوّقه لهم ليربحوا بعض القروش ....بالإضافة لذلك تقوم بجلب هدايا للأطفال وتفقد من يحتاج لعلاج او دواء لتتكفل به عن طريق جمعيتها...ومن بعد وفاتها خطت على خطاها شقيقتها ليكون مشروعها هذا صدقة جارية عن روحها....

" ما شاء الله على هذا الجمال .."

همست بصوت منبهر جارتنا الخالة ( فاطمة) وأضافت توجه كلامها للسيدة (فاتن) :

" نسخة مصغرة عن السيدة كريمة رحمها الله"



اومأت لها شاكرة لطفها ...تقدمت بعدها أمي صاحبة اليد الذهبية بالحياكة وشك الخرز لتريها ابداعاتها .... ولحقتها خالتي و(ام سلمى) البارعتان بصنع المعجنات والمأكولات....

بينما ضيفة الشرف السيدة (فاتن) منشغلة بالعروض امامها , كانت أمي تراقب ابنة شقيقتها , تحدّق بها , لا ادري ان كان شعور الأمومة او عطفاً على اليتيمة , فهكذا هي نبض الحياة ,دائما تفيض بالمشاعر الجياشة من حنانها ....ولربما كان سبباً اخراً!!

انتبهت الى نظرات الجالسة ,المعلّقة بتلك الزاوية على يمينها حيث تلهو( دنيا و سلمى)...كانت نظرات بين الضجر والملل فمسائل الكبار لا تهمها!!..وبين الحسرة والألم لحرمانها من اللعب كيف تشاء ومع من تشاء ؟!

تقدمت ..تنحني قليلا بظهرها ليصلها صوتها بين ضجيج الناس وطلبت بلطف :

" هل تسمحين للسيدة الصغيرة بمرافقتي للعب مع ابنتي ؟!"



التفتت السيدة (فاتن) الى يمينها تستشف الإجابة من نظرات (ألمى) فقرأت بها الرجاء بالموافقة....أعادت عينيها مرة أخرى لأمي وقالت برقة :

" نعم لا يوجد مشكلة...لكن أرجو ان لا تبتعد كثيراً"



أخذت امي بيدها تتوجه حيث تتواجد الصغيرتان...لحقها على الفور احد الحراس الذي زجرته السيدة (فاتن) تمنعه عن ذلك فهي لا ترى ان هناك حاجة وهي في مكان آمن بين قلوب طيبة لا تحمل أي ضغينة....قدّمتها لهما بعد ان وصلت ....اوصتهما عليها وتركتهن ليلعبن بحريّة ...

" هيا لنغير اللعبة إذاً بعد ان اصبحنا ثلاثة "

هتفت (سلمى) بحماس...



شرعنَ باللعب وكأنهن صديقات منذ زمن....لكن ما لفت انتباه (دنيا)هو اهتمام ضيفتهما ( ألمى) بنظافتها....فكانت بين الفينة والأخرى...تقف تنفض فستانها ليزول عنه ما علق به من غبار...ثم تنحني تمسح حذائها بيدها بعد ان أطفأ تراب المخيم لمعانه....فقالت لها:

" هل هنالك شيء يضايقك؟؟"



ردت بملامح عابسة :

" ملابسي تتسخ...سيغضب أبي مني!!"



" لمَ؟!..ألا تملكين غيرها ؟!"

سألت (سلمى)ببراءة...



" بلى ..لكنه يخشى عليّ من كل شيء"

صمتت قليلاً وأردفت :

" هل يمكننا اللعب في غرفة احداكما ؟!"



حدّجتا الصغيرتان ببعضهما باندهاش من سؤالها لتقطع هذه النظرات (دنيا) هاتفة باستنكار :

" أي غرفة؟؟...أتظنين أنك بأحد أحياء الأغنياء ؟!.."

فردت يداها على اتساعهما تحرك رأسها في كل الاتجاهات وأكملت :

" هنا المخيمات...انظري جيداً الى بيوتنا....عائلة كاملة تعيش في خيمة!!"



رفعت (ألمى) رأسها تطوف في بصرها حيث اشارت لها ثم أخفضته تنظر لقدميها بخجل...استدارت وخطت خطواتها لتعود الى خالتها ظناً انهما غضبتا منها ولا تريدان الاستمرار باللعب معها بعد سؤالها...

" ألمــى ..توقفي..أين تذهبين ؟"

صاحت (دنيا) ولحقتها ( سلمى):

" الا تريدين اللعب معنا ؟!"



انفرجت تقاسيم وجهها وركضت نحوهما هاتفة :

" بلى بلى ..ظننت أنكما انزعجتما من سؤالي "



قالت (دنيا) بعقلها الذي متى تريد تجعله ناضجًا ..تتحكم به حسب مواقفها وما يخدم مصالحها:

" لا ذنب لكِ..لا تهتمي....هيا تعالي معنا لتتعرفي على مخيمنا ونريك اين نسكن "

أخذنَ يتجولن ثلاثتهن بين الخِيَم...يتبادلن الاحاديث البريئة ..فقالت (دنيا):

" في بيتنا في الوطن أملكُ غرفة جميلة , واسعة , مليئة بالالعاب...أنا اشتاق لها كثيراً"

صمتت برهةً تكبت دموع عينيها بعد شعورها بالحنين..تنهدت بعمق ثم استرسلت بكلامها ترسم ابتسامة صادقة...تضع يدها الصغيرة على كتفِ(سلمى):

" أما الان يكفيني وجودها بجانبي ...ربما سآخذها الى غرفتي في يومٍ ما "



" أنتما محظوظتان بصداقتكما... انا لا صديقة لي"



لمحت (دنيا) لمعة الحزن في عينيها فهمست لتطيب خاطرها:

" نحن الان صديقاتك "



كنتُ جالساً في خيمتي...بالي مشغول ...انه سؤال معقد جداً لم اصادف مثله!!...لكني انا ضد الانسحاب فإما انا او هو ....سأستغل هذا الهدوء وأفككه حتى احصل على اجابتي...

بينما انا في خضم هدوئي هذا.....وصلني صوتها :

" هااادي ...لقد جئنا "

لم اهتم لمناداتها ..انا اخوض معركتي الفكرية وأكره مقاطعتي ...هتفت مرةً أخرى:

" هاادي نحن هنا"

لم يتحرك بي شيئاً ..جلّ اهتمامي اصبّه بالمأزق الذي بين يديّ....احتقن وجهها ...هتفت بنبرة اكثر حدة وهي تسحب الكتاب مني بخفة:

" هاااادي"



" دنيااا...أعيدي لي الكتاب حالاً وإلّا قسمًا...."



رفعت رأسي حانقاً...صارخاً بها لأردعها بعد ان اضنت أعصابي ...بُتِرت آخر كلمة....

اختفى صوتي ...عيناي أطلقت صاروخاً مشتعلاً ليصطدم بالسماء وأيّ سماء ؟!

تسمّرت في مكاني ...صمتٌ رهيبٌ عمّ المكان....نظراتي مبهمة....لو أنني في الجنة لعلمت انها حورية !!.....لكني أعي انني ما زلت على الأرض....هل هذه دمية متحركة ؟!!

عينان واسعتان أسرتا السماء الزرقاء في يومٍ ربيعيٍّ لا تخدشه الغيوم....شعرٌ منسدلٌ أشبه بذيلِ حصانٍ اسودٍ أصيل...يتموج بلمعانه كليلةٍ طفت على سطح الماء....بشرة بيضاء نقية مثل الثلوج على قمم الجبال لم يدنسها بشر ولا حجر....تبارك الله احسن الخالقين....

كانت شقيقتي تلوح بيديها أمامي, دون جدوى لأني ما زلت أحلق في هذه السماء ....



" هادي ...هادي ....أين ذهبت؟ "



نفضتُ رأسي عائداً الى الأرض...تنحنحت وقلت :

" نعم دنيا انا هنا......مممم....من هذه الصغيرة ؟!"



ردت (سلمى):

" انها صديقتنا الجديدة ألمى "



" هل هي من مخيمنا ؟!"

سألت باستنكار وأنا انظر الى نظافة وأناقة ثيابها...



" لا انا أتيت مع خالتي فاتن "



يا الهي ما هذا الصوت وهذه الرقة؟!!...لم أسمع نغمات صوتية ناعمة لهذه الدرجة من قبل ...فشقيقتي تتحفنا دائما بصراخها المزعج وحتى عند قراءتها القرآن ما زالت لا تسيطر عليه لتفرض هيمنتها .....

تبسّمتُ مُرحِّباً بها وقلت :

" تفضلي الى الداخل لتلعبوا سوياً...سآخذ استراحة من مذاكرتي "



لم أرِد أن احرج اختي امام ضيفتها فقررت ترك الدراسة لأفتح المجال لهن للعب براحة وحرية.....

جلستُ متكئاً بمرفقي على وسادة بجانب الصغير النائم....اراقبهن بصمت...كانت تسألهن عن أشياء كثيرة أشعرتني انها من عالم آخر.....بعد مرور عدة دقائق , حملتُ كتابي مجدداً عسى الله ان يفتح عليّ ويلهمني الإجابة....كانت مولية ظهرها لي...ضاق صدري من تعقيده , تأففتُ فاستدارت تنظر بفضول....اقتربت ببطء ببراءتها...جلست جانبي ...تدسّ وجهها بكتابي...تحجب الرؤيا من امامي...تحملق بالصفحات....اخترقت أنفي رائحة شعرها الأناناسي....رفعتْ وجهها ...كادت تصطدم بوجهي ..عدتُ بظهري للوراء لأضع مسافة بيننا...كانت تسأل عن فحوى الكتاب بهمسات عذبة تصهر القلب برقتها...وأنا أسايرها ..اجيبها بصبر أتكبده... فتلك العينان بهما سحر خاص ...من ينظر لهما لا يستطيع النظر لشيء آخر وانا اريد ان اركّز!!...تنحنحت وقلت :

" هيا يا ألمى عودي الى اللعب...هذه مادة للمرحلة الثانوية....ستدرسينها لاحقاً"



حاولتُ إقصائها بلطف ... لكن المشاغبة (دنيا) قفزت نحوي تمسك يدي تشدّها لأنهض هاتفة :

" تعال العب معنا "

وتبعتها حليفتها (سلمى) تفعل بالمثل...

كانت تنظر مبتسمه لنا.....نهضت مجبراً وبدأت الاعبهن العاباً شعبية مختلفة....وبالطبع كله جديد بالنسبة لها لا تفقه منه شيئاً لكنها انسجمت وتعالت ضحكاتها التي تعكس بهجة روحها....لا انكر انني ايضاً شعرت بالسعادة لرؤيتي لهن في هذا الحال...

" هادي هيا لنتنافس في القران ولتحكم بيننا "

اقترحت (دنيا) هذا التحدّي...كنت دائما اعطيها بعض الآيات من *جزء عم* لتكمل... او انقص كلمه لاختبر حفظها....وانضمت لنا صديقتها في الآونة الأخيرة لتحفظ معها..!!...بدأنا بالتحدي..اما ضيفتنا اكتفت بالصمت...سألتها بهدوء :

" ألن تشاركينا؟!"



توهجت وجنتاها حرجاً...اخفضت عيناها تنظر لأناملها في حضنها وهمست بخجل :

" أنا لا أحفظ غير سورة الفاتحة "



يبدو أن أهلها لا يعلموها القران....مشغولون بالدنيا الفانية.....

" ممم ...ما رأيك لأعلمك أنا ما تيسر من قصار السور ؟! "



عزمتُ على تعليمها ولو آية لأكسب الأجر ...كان شيخي رحمه الله يحثنا على نشر القران ويذكرنا بـ *خيركم من تعلم القرآن وعلمه*.......تهللت اساريرها من اقتراحي وكأنها كانت بضيق وجاء الفرج لأنها كانت كالأطرش في الزفة لا تفهم ما يدور حولها...



" عَلِّمها سورة النصر لينصرنا الله ونعود للوطن"

هتفت (دنيا) تعطي قرارها....



كنا في حلقات القرآن نحفظ عن طريق التلقين في البداية في سنٍ صغير وبمساعدة ايماءات دلالية لكلمات الآية....كانت هذه احدى الأساليب الناجعة للأطفال....لذلك لقنتها السورة كما تعلمت .....انها ذكية لدرجة اتقانها لها بوقت قصير بالإضافة للإرادة التي تصنع المستحيل....اما في بيتهم لم تحفظ سوى الفاتحة وسببها لتوهبها لامها....حاولت خالتها جاهدة تلقينها ما تيسر من السور القصيرة لكن محاولاتها باءت بالفشل لأنها لم تجد المفتاح الذي يفتح قفل عقلها...

بعد أن أتمت قراءتها امامي لوحدها...نظرتُ الى احدى زوايا خيمتنا ..حيث نضع رف من الخشب على الأرض وجانبه صندوق نرتب كتبنا واغراضنا ..كان على الرف حجران ملونان ..احداهما كتب عليه اسمي والأخر اسم اختي...لقد لونتهما بنفسي فتلك من احدى هواياتي النقش والرسم على الحجارة .....فكرتُ لو كان معي متسعًا من الوقت لصنعت لها واحدا كجائزة تشجيعية لحفظها....لكن يبدو ان لا نصيب لها اليوم .....وقع نظري على مقلمتي ...تناولتها أخرجت قلماً رصاصيا جديداً ...وقلت :

" سأحفر اسمك عليه ليكون جائزتك لليوم ...."

صمتّ ثواني وأضفت بتردد :

" ما رأيك ان تأتي مجدداً في العطلة الصيفية لنكمل حفظ ؟؟..."

أشرت للحجرين أمامنا وأكملت :

"سأحضّر لكِ مثلهما المرة المقبلة باسمك.."



برقت عيناها فرحاً وهمست بامتنان :

" رائع ....كم هما جميلان!!....سأخبر خالتي لتقنع أبي"

مدت يدها تسحب القلم من يدي....نظرت اليه وقالت :

" أكتب مع إسمي ,أسمائكم .."



" لا يمكنني ...لا يتسع لذلك!!.....ممكن فقط أحرف أسمائنا "



اومأت برأسها هامسة بخفوت :

" حسناً ..أفضل من لا شيء "



بعد أن انهيت عملي بالنقش على القلم بدقائق...وصلنا صوت احد الأولاد من زملاء (دنيا وسلمى) ينادي عليهما بعد ان بعثته امي ...خرجتا له فقال :

" كنتُ ابحث عنكما لتعيدا السيدة الصغيرة للسيدة فاتن "



نادت (سلمى) على ضيفتنا ..فتبعتهما للخارج ..جثوت أمامها لأوازي طولها ...مددتُ يدي مبتسماً مصافحاً لها...فلمست شيئاً من الخشونة على ظهر يدها...رفعتُ احدى حاجباي متسائلاً وانا ما زلت متمسكًا بها :

" ما هذا ألمى ؟! "



" أرني ماذا يوجد ؟"

اقتربت (سلمى) هاتفة....وتبعتها (دنيا) بفضولها....



سحبت كفها من يدي...تشد على قبضة يدها ...تعيدها للوراء.... تغرز اظافرها بباطنها ...وتجمعت الغيوم في سماء عينيها لتسمح بقطرتين بالنزول.....رفعت يدها الأخرى الممسكة بالقلم , لتمسحها ...تنهدت وقالت بصوت مخنوق :

" إنـ .....إنه حادث قديم "



شتمتُ نفسي في سري نادما...ما كان عليّ التدخل بما لا يعنيني!!..منذ متى أصبحت فضوليا ؟!...ام اصابتني العدوى من شقيقتي؟؟!!....يبدو أنني قلّبتُ عليها المواجع....تعاطفتُ معها وكذلك الصغيرتان...حاولتُ تدارك الموقف قبل ان تفتحا تحقيقًا معها لمعرفة السبب , فأنا اكثر من يفهم عقولهما وخاصةً الفضولية (دنيا)...تبسمت هامساً بلطف :

" سررنا بمعرفتك يا ألمى ....هيا في امان الله اذهبي مع دنيا وسلمى الى خالتك....ولا تنسي العودة لنتابع حفظكِ.....نتمنى أن نراكِ مجدداً "



شقت ثغرها بسمة تليق ببراءتها لتضيف نوراً فوق نورها...لوّحت بيدها الرقيقة مودّعة...اولتني ظهرها تتوسط الصغيرتان لتذهب في سبيلها....

خطوات قليلة بحجم اقدامهن الصغيرة تلاها صوت انفجار بالونات الزينة من مجموعة أطفال يلهون بالقرب منا.....لتصاب (ألمى) بالذعر ....كانت كمن مسّها الشيطان.....تتخبط مكانها .....تغلق اذنيها بأناملها ....تحني رأسها لصدرها تارةً .....وترفعه تارةً... تلتفت يمنة ويسرة......تبحث عن مكان لتختبئ.....ثبتت بحدقتيها اللتانِ أصبحتا برؤيا ضبابية نحوي ...بدأت تجري من غير ادراك لتلتمس الآمان....فما كان مني إلّا أن أجثو أمامها...أتكئ بإحدى ركبتيّ على الأرض وناصب الأخرى...فاتحاً ذراعيّ لتخترق أحضاني ...حوطتها بهما وهي تدفن وجهها في صدري ..تتشبث بقميصي بقبضتيها من الخلف... رجفات متتالية تسيطر على جسدها النحيل...تعاقبت أنفاسها ....تستصرخ بشهقاتها الطمأنينة...عصرتها بين ضلوعي لأمدها بالسكينة وهمست بحنوٍ:

" لا تخافي ألمى...إنه مجرد بالون!!....لمَ كل هذا الذعر انا لا افهم ؟!"

مع سماعها كلماتي ازدادت تعلقاً وعلا صوت بكائها ...رفعتُ يمناي أمسد على شعرها الليليّ...قربت شفتاي لأذنها وبدأت أرتل بها ما تيسر من الآيات بصوت خفيض ...دقائق وهدأت أنفاسها تبعها فتور اعصابها ...

لحظات ونحن على هذه الوضعية ولم نبتعد إلّا....

~~~~~~~~~~~~~~~

شدّ انتباه السيد(ماجد) وجود مركبات بكامل الفخامة عند دخوله المخيم الثاني ...وقف يتأملها بفضول!!....بينما هو شاردٌ بها , مرّ من امامه أحد الباعة فطلب منه ان يرشده الى مسؤول المخيم ....

" مخيمكم نظيف ومرتب....ليس كالبقية "

وجّهَ كلماته للذي يسير بجانبه وهما في طريقهما لخيمة المسؤول....



اطلق البائع ضحكات خفيفة وقال :

" يكون في كامل نظافته في هذا اليوم بالتحديد من كل سنة "



" لمَ هذا اليوم بالذات؟ "

سأل بتعجب خصوصا بعد أن رأى اصطفاف تلك المركبات بشكل مشبوه....



" كانت زوجة الوزير السابق عاصي رضا تخصص هذا اليوم لزيارة المخيم لمساعدة اللاجئين ...وبعد وفاتها استمرت شقيقتها بذلك "

كاد يبتلع لسانه....وقع الاسم في اذنيه كصبّ الرصاص داخلهما....لم يفكر ولو واحد بالمئة انه سيسمع بهذا وهو يجول بين المخيمات خاصةً...ازدرد ريقه وتنحنح يعيد صفاء صوته وهتف :

" ماذا؟!....اذاً تلك المركبات الفخمة لهم !!"



أجاب البائع :

" نعم ...ولكن اليوم بالذات كان مميزًا !! "



رفع حاجبه متسائلا :

" مميزًا؟!...لماذا؟! "



" لأن السيدة الصغيرة ابنة عاصي رضا هذه المرة الأولى التي تزورنا بها "

هتف بافتخار وكأن البركات هلّت عليهم بزيارتها .....



ضاع السيد(ماجد) في أفكاره...لا يصدق !!..الهذه الدرجة الدنيا صغيرة وضاقت بهم ليجده في هذا القرب!!....هو يعلم انه يقطن هنا وتحديداً بهذه المدينة الساحلية....لكنه على يقين ان من سابع المستحيلات ان يذكر اسمه بهذه الأماكن البسيطة الذي يشعر بالخزيّ منها من غروره وأنانيته....

" تفضل أيها السيد..لقد وصلنا"

همس بها البائع مشيرا لخيمة المسؤول الرسمي عن ما يخص المخيم وساكنيه....

~~~~~~~~~~~~~~~~~

" ابتعد يا فتى !!....لا تلمسها....سأكسر يداك ان كررتها "



حررتها من بين يداي مبتعداً عنها بعد صرخات أحد حراسها ...استقمتُ في وقفتي...قطبتُ حاجباي وقلت بجفاء :

" ما شانك يا هذا ؟ "



اندفع نحوي بغلّ وأزاح بهمجيّة من كانت تقف في طريقه ...اوقعها لترتطم بقضيب حديديّ من أعمدة الخيمة...

الى هنا جنّ جنوني ....شقيقتي ,مدللتي, دنيانا ..يدفعها هذا الهمجيّ أمامي من غير رحمة !!!

فما كان مني الا ان استلّ الكرسي الخشبيّ عن يساري بحركة واحدة ضاربا به رأسه بقوة صارخاً :

" إياك أيها اللعين أن تلمس أحداً يخصني "



دوت الصرخات من حولنا...أناس تجمعوا في المكان بعد الجلبة التي احدثناها......(سلمى) تبكي مذعورة وتحاول مساعدة (دنيا) على النهوض...(ألمى) ترتجف تبحث عن مُنْجِد....

عدتُ لاهثاً لشقيقتي...صدري يهبط ويرتفع انفعالاً....حوطت وجنتيها بكفيّ...رفعت رأسها أتفقدها بلهفة وخوفأ عليها...همست لها بارتباك :

" هل انت بخير حبيبتي؟؟ "

أومأت براسها بـ نعم ....أكملتُ غير مطمئن وانا أتحسس بلين الخدش الذي أصاب جبينها :

" هل يؤلمك؟"

حركت رأسها تجيب بـ لا وعيناها محتقنة بالدموع...ادرتُ وجهي الى يميني للجالسة بجانبنا تشهق خوفاً...سحبتها لأضمها مع اختي في حضني وهمست لها :

" لا تخافي سلمى انها بخير..."



في هذه اللحظة كان بعض رجال المخيم مشغولون بمساعدة ذلك الحقير...أما ضيفتنا الصغيرة مسكت بيدها مربيتها التي لحقت بالحارس ...تسحبها...لتعودان ادراجهما ...لكنها بدأت تقاوم باكية تحاول العودة لنا صارخة:

" اريد ان أطمئن على صديقتي دنيا..اتركيني .."



انتصبتُ بجسدي ...سرتُ خطوات قليلة نحوها وهي تبتعد رغماً عنها...توقفت مكاني بعد ان لمحت شيئاً يلمع , مُلقى على التراب....التقطته ومسحتُ ما علق به من غبار...هرولتُ بخطواتي هاتفاً:

" ألمــــــى...انتظري...ألمـــ ــى"



ولم أشعر الا بضربات تنهال على جسمي ..توقعني أرضاً وسط صرخات حاقدة :

" أيها القذر...كيف تتجرأ وتنادي سيدتك من غير احترام لا وبل تسمح لقذارتك ان تلمسها ؟؟!!"



ومن بين هذه الأصوات وصلني صوتها العذب تصرخ بهم من بعيد باكية...مكبّلة بيد مربيتها :

" اتركوه...اتركوه يا وحوش "



ثم نبض الحياة , أمي...تندفع...تحاول ابعادهم :

" اتركوا ابني يا أوغاد"



لا حياة لمن تنادي ..صُمَّت آذانهم ليستمتعوا بعملهم وينالوا رضى سيدهم......وفجأة توقفوا بعد آخر صوت نهرهم بحزم :

" توقفـــــــوا"

كانت هذه أوامر السيدة(فاتن) بعد أن أرسلتها المربية الى المكان لتفض الشجار المحتدم ....جمعت رجالها وانسحبت على الفور مُحرجة من افعالهم...لم

يكن الظرف يسمح لها بالاعتذار من والدتي هذه الساعة لأنها كانت كاللبؤة الهائجة على أشبالها لا يمكن الاقتراب منها ولا تُحاكى ....

~~~~~~~~~~~

" هل آذاك ذاك الفتى؟"

سألتها خالتها وهم يخرجون بمركباتهم من حدود المخيم....

كانت عابسة ...عاقدة حاجبيها بين الغضب والألم...تكتّف ذراعيها تنظر للأمام ...تخاصم من معها.....لم ترد بكلمة....فتابعت خالتها :

" اذاً آذاكِ.."



حررت يداها ...تستدير بجسدها ليسارها وعيناها دامعتان وأجابت بضيق:

" لا بل كان لطيفاً معي...أنا احببتهم...انهم أناس طيبون "

رفعت يدها التي بها القلم واردفت :

" حتى انظري...لقد علمني سورة النصر ولأني حفظتها أعطاني إياه وحفر اسمي عليه "

صمتت تبتلع ريقها...ضمت كفيّها الى حضنها تحتضن القلم...أسبلت جفنيها بقهر وهمست بصوت حزين :

" هل هذا جزاؤه ؟؟...لم بعث أبي هؤلاء الوحوش معنا ؟؟"

أسندت ظهرها لمقعد السيارة...شردت بالشارع من الزجاج الأمامي...تحبس دموعها واكملت هامسة تشعر بالغبطة :

" تمنيت ان أكون مثل دنيا وسلمى...لماذا لا أصدقاء لي ولا أخ يحبني ويخاف عليّ كما فعل هادي من اجل شقيقته؟؟"

التفتت نحو خالتها وتابعت بهمسها الحزين :

" لم تري خالتي كيف ضرب الحارس ووبخّه لأنه لمس اخته....لم تري لهفته وخوفه عليها !!.....هل كثير عليّ ليكون لي أحد يفعل هذا من اجلي ؟؟"



قاطعتها المربية تواسيها بحنية :

" والدك يفعل الكثير من اجلك ...."



لاذت بالصمت شاردة بعقلها ...هي لا تريد الأفعال التي ترتبط بالمال والهدايا...لا تريد ان يضع حارسا لحمايتها وهو اولى ان يكون بجانبها ويحميها بأبوته....اضافت السيدة ( سهيلة) تحاول تخفيف حنقها :

" أيضا كرم يعتبر اخوك...انتما الان لا تتفقان ..لكن غدا ستصبحان مقربان فعلا..."



صرخت رافضة مشمئزة :

" هو ليس أخي....لا احبه ولا يحبني.....انا اريد اخًا يحبني ويرعاني...اجده في أي وقت "



رفعت يمناها تحيط كتفيها.. تشدها لها بحنان ...متألمة من أجلها...هامسة :

" ليعوضك الله خير ويحبب خلقه فيكِ يا ابنة اختي الغالية "

~~~~~~~~~~~~~~

" أنا السبب !! لمَ اشفقتُ عليها ؟!..ما شأني بها "

كانت امي تجلس بجانبي تتكئ بمرفقها على ركبتها المنتصبة وتركن جبينها بكفها...تبكي...تؤنب نفسها ...بعد أن سحبتني الى فراشي بمساعدة خالتي والخالة ( ام سلمى) لأني كنت منهكاً من اثر الضرب بالكاد استطيع الحراك....



هتفت خالتي بصرامة :

" أيها السيد!! كيف تسمح لنفسك بالدخول هنا ومن انت ؟؟!!"



التفتنا جميعا للرجل الذي دخل خيمتنا من غير استئذان بوجهٍ مكفهر...يحدّق بي...يصكّ على اسنانه ....

" آه انا اسف ...عذراً منكم....لم أتحكم بردود فعلي بعد معرفتي بما أصاب ابن السيد محيي الدين "



" السيد محيي الدين؟؟!!"

سألت امي بتعجب بعد ان أوقفت بكائها, تتأمل الواقف بيننا فور سماعها اسم حبيبها.....اردفت خالتي بعدها:

" من انت ؟..ماذا تريد منا ؟ وما مدى معرفتك بالقائد محيي الدين "



زفر السيد أنفاسه ...رسم ابتسامة وأجاب بلطف رجولي :

" انا ماجد جئت من طرف صديقي سليم الأسمر"



استأذن منا للجلوس ليسرد حكايته....اقترب صوبي يتفحصني بنظراته وبدأ بقصّ ما حدث معه بداية من المرفأ حتى وصوله اليوم الينا......

بعد حديث طويل وطمأنته لنا عن اقربائنا في الوطن ...طلب منا تجهيز امتعتنا لننتقل الى الشقة في اليوم التالي....وانصرف في سبيله....

~~~~~~~~~~~~~~~~

" لن تصدق لعبة القدر "

اتصل بالسيد(سليم) فور خروجه من المخيم ليخبره عن عثوره علينا بسلام....



رد بفضول :

" اخبرني بالتفصيل ماذا حصل "

بعد ان أخبره بكل الاحداث ..نهايةً بمشكلتي....ثار غاضباً... متمنياً لوكان الوغد(عاصي رضا) بين يديه لينهي له حياته....وهتف باستهجان :

" الوغد .. الجبان...الى متى ظلمه سيستمر...هل ضاقت به الأرض ليصلهم حتى بالمخيمات النائية؟!"



" على العكس علاقته بالمخيم ستخدم خطتنا بشكل أفضل "



قالها السيد(ماجد) بثقة ليتبعه الاخر بصوته الجهوري:

" لا اعلم بما تفكر ...لكني اثق بدماغك "

ثم اكمل :

" متى سينتقلون الى شقتهم ؟؟"



تنحنح وأجاب بتردد :

" هنا المشكلة!!....في البداية رفضوا الانتقال الى أي مكان اخر بعد ان اعتادوا على سكان المخيم وكوّنوا صداقات وبصراحة انا استغليت الوضع ولم أصمم على ذلك وأيضاً هادي كان حانقاً وقال انه لن يخرج منه الّا لبيته في الوطن مدّعياً انهم ليسوا بقطط ليقضوا حياتهم بالتنقل هنا وهناك....حتى انه قال انه يريد العودة بأقرب وقت حتى لو اخذه جنود الدولة "



" يبدو انه يحمل أيضا عناد والده رحمه الله....وأنت لمَ لم تصمم؟!....حاول مرة أخرى .... لا بد ان تجد طريقة لإقناعهم "



تنحنح وقال:

"لن أحاول ولن أقنعهم"

ثم اكمل :

" اعتقد ان مكوثهم هناك هو خير "



رد على الفور باستنكار:

" ماذا تهذي ؟؟ كيف يكون خير لأناس اعتادوا على الرفاهية "



" الهدف الذي تسمو اليه , افضل تطبيق حيّ له هو عيش هادي هذه الحياة ليتعلم مواجهة الصعاب...هكذا سيُنْتَج لنا رجلا لو وضعته في صحراء بين الأسود لن يهابهم وسيخرج منتصراً....ثم ان وجودهم هناك بمثابة حماية لهم...لا احد سيفكر يوماً ان عائلة محيي الدين الشامي , تقطن بالمخيمات.....وكذلك علاقة شقيقة زوجة عاصي رضا بسكان المخيم ربما سيسهل علينا الكثير من الأشياء , خصوصاً اني سمعت تربطها علاقة جيده بنسائه"



ضحك السيد(سليم) مُعلّقاً:

" يا لك من ماكر..."

ثم أضاف بتوجس :

"ربما انك محق.....لكن أنت تعي ما هي حياة المخيمات لذا لا أرتاح لهذا "



" وأنت تعلم أيضاً انه لوقت مؤقت ولن يضرهم شيء...سيأتي ذلك اليوم بلمح البصر ان شاء الله ....فقط القليل من الصبر!!"



."أنا اثق بكَ واعتمد عليك بالاهتمام بهم ...وبتوجيه هادي الى الطريق التي رسمناها.."

~~~~~~~~~~~~~~~~~

" تفضل قهوتك "

دخلت تتغندر بفحيحها ...تحمل فنجانين من القهوة لتشرب مع زوجها....هذا الاهتمام المفاجئ جاء بعد عودة ضيوف المخيم الى قصر العنكبوت ...لقد رأت تجهم الوجوه وملابس الصغيرة مبعثرة , متسخة فشعرت بوجود خطب ما ...وبينما كانت السيدة(فاتن) والمربية تتناقشان بما جرى هناك , لم تمنع فضولها وقلة اصلها باستراق السمع وكانت كمن نالت جائزة من غير جهد ....لذلك نزلت الى مكتبه تبثُ سمومها.....



" شكرا..رغم اني لم اطلبها لكنها جاءت بوقتها "

رد عليها (عاصي)...

كان يحتاج لاستراحة بعد انكباب طويل بين ملفاته ....



" صحه وعافية....اردت احتساء القهوة ولا ارغب بشربها وحدي"



اسند ظهره الى كرسيه يتمطى قائلا:

" إذا سآخذ استراحة وأكمل لاحقاً "



حملت فنجانها تضع ساقا فوق الاخر وهمست بفحيحها :

" هل اخبرك السيد رائد السيد أنه سيبعث ابنه صلاح الى كندا لإكمال دراسته بمدرسة داخلية ؟؟"



حدّج بها بفضول وقال:

" نعم اخبرني...الى اين ستصلين؟"



عدّلت جلستها ..رشفت رشفة من فنجانها ثم قالت بهدوء:

" راقت لي الفكرة بعد تحدثي مع اسراء وفكرت ان ابعث كرم ليلتزم بدروسه فهناك تعليم صارم...ما قولك؟"



أجاب ساخراً:

" اعتقد انه قرار سليم ليصبح رجلا له فائدة "



هاجت غضبا في الداخل لكنها حاولت السيطرة على ملامحها وقالت :

" وألمى؟؟!"



جلس بتأهّب رافعاً احد حاجبيه سائلا بتعجب :

" ما بها ألمى وما شأنها بالموضوع ؟"



اردفت بفحيحها :

" لم لا تبعثها معهما ؟؟...هذه فرصة لها لتقوي شخصيتها وأيضا.."



صمتت بخبث.. فسال بفضول :

" وأيضا ماذا؟"



" أيضا لتبعدها عن أجواء البسطاء وتعلقها بهم...ارى وجودها هنا سيجعلها تتأثر من نمط خالتها وتسير على دربها في مخالطة عامة الشعب...."

تنهدت واكملت ترضي غروره :

" فهذه بالنهاية ابنة عاصي رضا رجل الاعمال المعروف والوزير السابق.."



هتف بصوت أجش :

" ماذا تقصدين من كل هذا ؟"



" لقد عادت غاضبة وملابسها متسخة...اظن انه حدث معها امرا ما "



" ماذاا؟؟"

صرخ ناهضاً..دافعاً كرسيه بعنف ...قاصداً غرفة السيدة (فاتن)....فتح الباب من غير استئذان والدخان يخرج من اذنيه ...عروقه على وشك الانفجار وقال بصوت جهوري :

" الان اخبريني ماذا جرى بالمخيم اللعين؟؟...ما بها ألمى؟؟"



اجابت السيدة(فاتن) بهدوء :

" على مهلك...لا داعي لتلك الجلبة والعصبية...رجالك هم المذنبون...كادوا ان يقتلوا فتى قام بحماية ابنتك "



رد(عاصي) بغضب :

" من هذا القذر الذي يحمي ابنتي ؟؟...انا ادفع ملايين للحراس لحمايتها وتقولي لي متشرد يحماها....يا لك من ساذجة...لا بد ان له نوايا أخرى .."



تجهّم وجهها واجابت بجدية :

" ماذا تهذي ؟...ابنتك جاءتها الحالة بعد انفجار بالونات فاندفعت نحوه تحتمي به...انت اكثر من يعلم بوجود تلك العقدة وعدم السيطرة على ردود افعالها "



رد بحنق مشمئزاً:

" انت سمحتِ لتلك القاذورات بلمس اميرتي ...لو كنتِ برفقتها لما احتاجت لتعانق الاوغاد...لكن الذنب ذنبي على موافقتي لذهابها من البداية.."

كان بالنسبة له ان كل فقير او مشرد من أبناء وطنه هو وباء او مرض يجب استئصاله....يعتبرهم عالة على الدولة والمجتمع ويقنع نفسه انهم السبب بتأخر الدولة وفقرها...

استقام بوقفته رافعا ذقنه بتعجرف وهتف بنبرة حادة :

" سأمسح هذا المخيم عن وجه الأرض وكل من سمح لنفسه بالاقتراب من ابنتي"



" ارجوك ابي لا تفعل لهم شيئاً ان كنت تحبني وتحب امي...ارجوك...اعدك لن اذهب هناك مرةً أخرى"

همست برجاء متوسلة والدها بعد ان كانت تقف خلف الباب تراقب نقاشهما ....



حاول كبح غضبه ..تنهد واستدار نحوها يجثو ليعانقها ولما وقع نظره عليها ..هالَهُ مظهرها فهمس لها بحنان :

" هيا عزيزتي...اذهبي للاستحمام والقي ملابسك هذه في القمامة...سأشتري لكِ غيرها"

ثم قبّلها من جبينها وعاد الى مكتبه....

×
×
×
بعد مرور يومان اتخذ قراره النهائي ليضع حداً لكل هذه الفوضى في حياة ابنته...أجرى اتصالاً مع صديق له يستفسر عن بعض الأشياء ...فور انتهائه قام باستدعاء السيدة(فاتن) الى مكتبه ليخبرها بقراراته....

~~~~~~~~~~~~

مع رفضنا لطلب السيد(ماجد) الا اننا شعرنا ببعض الطمأنينة لوجود شخص نعتمد عليه وخاصةً بما يتعلق بأخبار بلادنا وأقاربنا هناك...

خلال هذين اليومين اشتدّ عليّ الألم بذراعي ...اجبرني السيد(ماجد) بعد زيارته لنا في المرة التالية ورؤيته حالتي , للذهاب الى طبيب يكشف عني.....اعطاني دهون للكدمات في انحاء جسمي ...ودواءً مسكنًا للآلام ثم قام بوضع جبيرة لذراعي لاكتشافه كسر عند مفصل المرفق الذي احدث اعوجاجاً صغيرًا في عظمته ليرافقني مدى الحياة....

×
×
×

كنا نجلس داخل الخيمة بعد ثلاثة أيام من الحادثة...نحتسي كأس شاي ...فوجئنا بقدوم السيدة(فاتن) ووجهها يبدو عليه الإرهاق , ممتقعًا , شاحبًا ....جاءت تسأل عن احوالي وتعتذر لأمي وخالتي عن التصرف الهمجي للحراس....دنت مني لكني صددتها بعزة نفس وخرجت اتجول في ارجاء المخيم....كنتُ حانقاً ..لا اريد ان أرى هذه الوجوه التي آذتني ....

أُحرجتْ امي من تصرفي واعتذرت لها قائلة :

" ارجو ان تتفهميه... هو شاب عزيز النفس...تربى على الشجاعة وعدم الذل ...ضرب رجالكم له امام الناس أشعره بالإهانة وترك أثرًا في نفسه ولا يسامح بسهولة.."



شقت ثغرها ابتسامة رغم وجود الحزن في عينيها وهمست :

" هو محق في تصرفه....وسيفهم يوماً ما انني لست مثلهم "



أنهت جملتها شاردة ...تقاسيم وجهها بائسة...انتبهت خالتي للمعة الحزن في عينيها وقالت :

" أراك مهمومة سيدة فاتن...هل هنالك ما يزعجك؟؟..."

عدلت جلستها متنحنحة واردفت :

" بالطبع ان كنتِ تودين اخبارنا..."



لامست بهما الطيبة والوقار ..ارتاح قلبها لهما بعد شعورها بالطمأنينة بينهما...همست بحزن :

" ألمى...تشغل تفكيري .."



" ما بها ؟ هل حصل لها شيء؟"



سألت خالتي...فردت على الفور :

" والدها سيبعثها الى كندا لتستقر هناك حتى تنهي الجامعة.....انا اقلق عليها وسأشتاق لها....لم تفترق عني يوماً"



سألت امي بتعجب:

" كيف يستطيع ابعادها عنه كل هذه المدة ؟"



اجابت بصوت مخنوق :

" هو يفعل كل شيء لأجلها.....يريد ان تنخرط بالمجتمع الراقي فقط وتدرس بأكبر المدارس والجامعات"



ردت امي بازدراء:

" وهل المجتمع هنا لا يعجبه وليس من مقامه؟"



شعرت انها تفوهت بكلمات جارحة...فأجابت محرجة :

" عذرا منكم .. لم اقصد...لكن هذا تفكيره العقيم وليس بيدي أي شيء"



همست خالتي بلطف :

" لا تهتمي فنحن لا يؤثر فينا عقول كهذه "



وضعت يدها فوق يد خالتي مبتسمة بامتنان وقالت :

" شكرا لاستماعكم لي وآسفة على ازعاجكم"



" اطمئني سيدة فاتن ... لا بد انها ستاتي كثيرا لزيارتك....وبيتنا مفتوح لك متى شئتِ.."

هتفت امي مرحّبة بها ..ضحكت واكملت بمرح لترطب الأجواء :

" اقصد خيمتنا المتواضعة "



" خيمة بسيطة بين عائلتك وتنعمين بهداة البال , خير من قصر فارغ من أنفاس الأحباب"



مكثت السيدة(فاتن) نحو ساعتين في ضيافتنا ثم انصرفت الى بيتها...

×
×
×

عدتُ الى خيمتي بعد ان تأكدت من رحيلها ....صنعت لي امي كأسا اخرا من الشاي الذي تركته دون ان اكمله ...جلست جانبي تربّت على كف يدي ..تطلب مني التصرف بشكل لائق مع السيدة( فاتن) لأن لا ذنب لها وعلى العكس هي من اوقفتهم عن فعلتهم....

انضمت خالتي لنا بعد ان انهت بعض اعمالها....تبادلنا الاحاديث فجاءت جارتنا السيدة( فاطمة) لزيارتنا....انه يوم استقبال الزوار!!..لا اعلم من سيأتي بعدها!؟؟

لم ابرح مكاني مع انه ليس من عادتي البقاء في جلساتهن النسائية هذه....سألت السيدة(فاطمة)بفضول:

" لقد رأيت السيدة فاتن!!..هل أتت للاطمئنان على هادي؟"



" نعم...وكانت حزينة بسبب قرار السيد عاصي رضا "

ردت امي عليها ثم أكملت تقصّ لها الحكاية....



" آه مسكينة السيدة فاتن...فهي لم تترك ابنة شقيقتها منذ الحادث المشؤوم "

علّقت الجارة (فاطمه) بتعاطف....



لا ادري ماذا اصابني من ذكر ابنة شقيقتها....فنطقت متسائلاً:

" حادث مشؤوم!!..ايّ حادث؟"



اجابت:

" نعم منذ خمس سنوات عندما توفت السيدة كريمة والدة ألمى "



" حقاً اخبرينا كيف توفت وكيف كانت"

تساءلت خالتي بفضول...



شردت برهةً تتذكرها ...تنهدت وقالت :

" رحمها الله كانت مثال للإنسانية والكرم...تحب فعل الخير..ساعدتنا كثيرا "



احتقنت عينيها بالدموع ..فالإحسان لا ينسى حتى الممات....ثم اردفت:

" شتان ما بينها وبين زوجها!!...هي كل الخير والتواضع...وهو متكبر , اناني, قاسي"



" كيف إذاً كان يسمح لها بمساعدة المحتاجين وزيارة المخيم؟"



سألت خالتي...لتجيبها :

" كان يحبّها ويكره رؤيتها حزينة....حاول ابعادها بالحسنى لكنها اصرّت على ذلك.."

صمتت ثم تابعت :

" هكذا اخبرتنا السيدة فاتن"



" كيف ماتت؟؟ "

سالت بعد ان انتصر عليّ الفضول ...



اخفضت عينيها بألم تنظر ليديها ...لا تنسى ذلك اليوم عندما وصلهم الخبر وزلزل المخيم بمن فيه ,ثم اجابت بصوت حزين :

" في أحد الأيام كانت تطعم صغيرتها بمطبخ القصر ...نشب حريق مفاجئ سببه تماس كهربائي لم تنتبه له في البداية لان المطبخ واسع ...ولأنه مصمم كاملٌ من الاخشاب و حتى حيطانه ...اشتدت الهبة النيران تلتهم كل شيء وكأن احدهم سكب البنزين ...همت بالخروج تحمل صغيرتها ....فسقط لوحا خشبيا من السقف يحجب الطريق ويغلق فتحة الباب...بدأ الخدم يتهافتون يحاولون اخماد النيران من خارج الباب بما لديهم من أدوات ولكن دون جدوى ....بدأت تسعل ..تشعر بالاختناق ....لمحت ضوء النهار وسط الدخان من نافذه جانبيه فاندفعت نحوها بحرارة....اصطدمت بطاولة المطبخ ...فالرؤية أصبحت ضعيفة من كثافة الدخان الذي يغطي المكان...تجاهد للصمود من اجل صغيرتها...كانت تبكي وانفاسها بدأت تنقطع ... ....وصلها صوت المربية سهيلة...وهي تشجعها على محاولة الخروج من تلك النافذة....وطفلتها تبكي ..تصرخ ..بين يديها بعد ان لمست يدها قطعة مشتعلة من غير قصد....استجمعت قواها صارخة تنادي على السيدة سهيلة لتلقي لها ألمى ونجحت بجهد....كانت النافذة صغيرة بالكاد اتسعت للطفلة ....احتضنتها سهيلة وبدأت تهرول بخطوات سريعة نحو الحديقة...وما هي الا لحظات لينفجر بالون الغاز من حرارة النيران ....لتسقط السيدة كريمة جثة هامدة في هذا القصر العريق .."



" يا الله رحمتك.."

شهقت امي ..تضع يدها على فمها ..اغرورقت عيناها بالدموع ..اما خالتي همست بحزن وشفقة :

" انا لله وانا اليه راجعون...مسكينة ألمى"



انقبض قلبي ألماً مما سمعت...تنحنحت وسالت بصوت ثابت :

" هل الآثار التي على يد ألمى هي حروق من هذا الحادث؟؟"



" نعم...خرجت من الحادثة باقل الخسائر...حروق في ظهر كف يدها...اما سهيلة عند انفجار البالون , غطتها بجسدها تحميها ...لتتلقى عنها الشظايا الحارقة بظهرها...."



قالت امي بعد استنتاجها :

" اذا لهذا يعتبر السيدة سهيلة من العائلة ولا يتكبر عليها ...فهي فعلت الكثير لابنته."



" نعم هي الوحيدة بين الخدم لها معاملة خاصة..."

وجهّت نظرها نحوي واكملت:

" وبسبب هذه الحادثة أصبحت أصوات الانفجارات عقدة لديها مهما كانت صغيرة"



"يا لها من مسكينة تلك الألمى ..لم أتوقع ان واحدة بجمالها واناقتها وغناها الفاحش ان تكون عاشت مآسي!!...ظننت انها مدللة وتعيش بسعادة..." قلت في سرّي ثم نفضت راسي وهمست بجدية قاطبا حاجباي :

" لكن بالنهاية لها اب وبيت يأويها ....لم تتشرد مثلنا....نحن أيضا عشنا انفجارات اصعب من هذه ...يلقونها علينا متعمّدين....ولم نفعل مثلها...."

صمتّ برهةً وتابعت بحنق:

" هذا دلال زائد.."

لا اعلم لمَ نطقت بهذا!! أو ان قهري من وضعي ويدي المكسورة بسببها..!!



ردت السيدة(فاطمة) تدافع عنها :

" لا تقسَ عليها يا هادي ...لا تظن من مظهرها الخارجي انها تعيش في ترف....فيكفيها فقدان والدتها بصورة اليمة....وتعيش مع زوجة اب حقودة....ومع قيود شديدة من والدها لدرجة خنقها....انها طفلة هشة , رقيقة, طيبة كوالدتها وخالتها "



اجبت بضيق:

" لن اقابلها ثانية لأقسو عليها...هي ستكون في كندا تتابع تعليمها العالي ...وانا هنا بالمخيم بيدٍ مكسورة أصيبت بشبه عاهة مستديمة "

~~~~~~~~~~~~~

في بيت (عاصي رضا) ..كانت الافعى زوجته هي الأسعد لنجاحها بإقناع زوجها بإرسال ابنته الى كندا برفقة (كرم و صلاح)....أخبرها والدها بقراره بمساعدة خالتها والمربية.....نزل عليها الخبر كالصاعقة....فهي لم تفترق قط عن خالتها وبيتها..!!..عصفت..غضبت...بكت...ا ضربت عن الطعام...حطمت العابها....لكن في النهاية حكم القوّي على الضعيف....لا اعتراض على أوامر السيد( عاصي)...

×
×
×
اسبوعان وحان موعد السفر...(ألمى ) ما زالت حانقة على والدها...لا تريد ان تكلمه...قررت مخاصمته...تعاتب خالتها بنظرات صامته لأنها لم تستطع منع سفرها....كانت السيدة(سهيلة) هي من سترافقهما في رحلتهما لتعتني بهما ريثما يعتادا على الحياة هناك وبعد الاطمئنان على مربيتهما الجديدة في الغربة...

[المسافرون الكرام الى رحلة كندا....الرجاء التوجه الى البوابة رقم 712..]

انها لحظة التوجه الى الطائرة...عانقت فاتن ابنة اختها بشدة...تعتصرها...لم تمسك دموعها...توصيها بالاعتناء بنفسها وان تسامحها على ضعفها وقلة حيلتها...ووعدتها بزيارتها كلما سنحت لها الفرصة......

قبّلتها (ألمى) من خدّها ودموع عينيها تجري على وجنتيها كوادٍ يخترق الثلوج...ثم نطقت بكلمات اخرجتها بصوتٍ متحشرج:

" منذ ايام أضعت العقد الذي اعطيتني إياه ."



تجمدت مكانها مصدومة...فهذا العقد الذي كانت تخبئه لها حتى تكبر ولكنها اعطتها إياه في النهاية لتراضيها يوم تركها للبيت بعد شجارها مع (سوزي)...

كان هذا العقد من الذهب الخالص...بسلسلة سميكة ...يتوسطه مجسم على شكل قلب...يفتح لثلاثة اقسام...في كل قسم وضعت به صورة...لألمى , خالتها , ووالدتها ....لقد قامت السيدة (كريمة) بتصميمه لتلبسها إياه في عيد ميلادها...لكن كان للقدر رأيًا آخرًا......



" ان وجدته سأبعثه لكِ في البريد "

اعادت صوتها بثبات لكي لا تؤنب الصغيرة نفسها واعطتها بعض الامل....



اقترب والدها ليودعها...كانت ترمقه بنظرات لومٍ ممزوجة بالاحتياج الشديد...أحنى جسده امامها ...وضع يده على شعرها يمسده بحنان وهمس لها :

" سامحيني يا ابنتي....هذا لصالحك "

ثم قبّلها من جبينها ودفنها بأحضانه يبلّ شوقه اليها قبل ان تغادر....وكذلك زوجة ابيها ودّعتها بتمثيل متقن بعد ان ودّعت ابنها (كرم)...

وقفوا جميعاً مكانهم يراقبون المغادرين...حتى اختفوا عن الأنظار لاستقبال حياة جديدة......

**********( انتهى الفصل الرابع ) **********




اتمنى لكم قراءة ممتعة

لا اله الا الله محمد رسول الله


ألحان الربيع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 10:03 AM   #53

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,558
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا.صباح الخير غاليتي
"لا وطن...لا هوية" بكلمات محدودة أستطعتي أن تصفي حال اللاجئ الذى لم يبق من وطنه سوي ما يتنسمه فيما بقي من أهله وأحيانا لا يبقي وقتها يعاني فقدان الوجود الي جانب فقدان الهوية
ما أجمل عزة نفس هادى وشقيقته رغم الجوع والألم وما أجمل البشر حين يسخرهم الله برحمته للهفة الضعيف فالله لا ينسي عباده
وهناك أيضا لاجئين يقطنون بالقصور يبحثون عن وطن لهم باقتقادهم الحنان والإهتمام والافتقاد لوجود الأم رمز الحنان الذى صغتيه ببراعة في اغنية ألمي باحتفال المدرسة.. أو الاب الذى لا يبالي.
وهناك من الامهات الكثيرات اللاتي بالنسبة لأبنائهن راعية منزل لا يذكرونها إلا تلبية لطلباتهم وتظل وحيدة حتي وهي بينهم
هكذا الدنيا لا تعطي من بهوى مناه ..بل كثيرا تمنح من لا يستحق وتحرم من في أشد الحاجة ويزداد بؤس الضعفاء وتزدادقسوة الطغاة و الطامعين
ما شاء الله عليكي ترسمين ملامح الحياة بالمخيم والمشاعر التي تنتاب الجميع بمنتهي الحساس والصدق
هادى علي صغر سنه متميز الخلق حامدا لله علي الرغم مما يعانيه يفكر في اكمال تعليمه هو وشقيقته وييسر الله له السبيل بمعاونة ساكني المخيم.
أشرتي حبيبتي لنقطة هامة جدا يفتقر كلنا لها وهي حمد النعم فالكل باعتياد ما يلقاه من فضل وكرم االه من صحة ورزق وسكن واهل لا يشعر بها .
بل أحيانا يتململ من كثرة النعمة فلا يؤدى زكاة صحته بالعمل باتقان او طعامه بمنح بعضه للمحتاجين في حين تزخر صناديق القمامة بما نرميه من بواقي طعامنا بل التأفف احيانا من تكرار صنف الطعام أو عدم تعددها.
هكذا الإنسان لا يشعر بالنعمة وقيمتها الا بفقدانها فالشخص لا يعرف انه كان بعافية إلا عند ا لمرضاو الجوع
رزقنا الله نعمة الحمد علي الحمد والقناعة فالرضا لمن يرضي
"جبر الخواطر"ربما تكون ابتسامة ..تربيتة علي الراس..نظرة حانية..تقديم يد العون بما نستطيع فيها الكثير والكثير مما يؤجر الله المرء عليه هو جبرا للخواطر
فكما قال رسولنا الكريم"تبسمك في وجه أخيك صدقة"
ليتنا نعود للقيم والمثل الجميلة حينما كان الناس لبعضهم علي قدر ظروفهم لا ينام احدا جائعا أو حزينا بينما الآن لا يعرف المرء أسماء جيرانه الذى يقطنون معه
تغيرت الدنيا كثيرا ويبقي حبل الله ممدودا لمن يعتصم به.
حتي قاطني المخيم بكل مظاهر الاهمال وضعف الامكانيات يتكاتف اهله مع بعضهم قدر الامكان ويرسل الله الغيث في زيارة بعض أصحاب القلوب الرحيمة والتي لو فعل الكل مثل السيدة كريمة والدة ألميx مع انتشار ما لم نكن نسمع عنه من قبل بما يسمي باللاجئين لكان حالهم افضل ولتحولت تلك المخيمات لمكان آدمي الي أن يقضي الله بامره ويعود الغائب لوطنه أو يشتد عوده فيستطيع الاستمرار بالحياة ورعاية من بقي من أهله.
ألمي في زيارتها للمخيم مع خالتها رأت عالما آخر لم تشهده من قبل وعلي الرغم من التباين الشديد في نمط الحياة الا انها تألف وتسعد مع دنيا وسلمي وتحفظ سورة من القرآن لم ينجح قصرها في أن يجعلها تحفظها وتحفر حرف اسمها كما حفرت صورتها بروح هادى
وربي أبدعتي في هذا المشهد حد أن ادمعت عيناي من تصور كيف يستطيع الانسان بعد ان كان يحيا آمنا ينام بسريره يحفه أمان اهله ووطنه يحيا بهذا الشكل يبتغي الامان واى وسيلة للمساعدة وكأنه ليس بإنسان او انه ودع إنسانيته التي كرمه الله به يوم فقد الوطن
اعتقد ان المي لن تنسي من رأتهم بالمخيم وأعتبرتهم أصدقائها حتي بعد نزعها منهمx اساءة الحراس لدنيا ودفاع هادى عنها.
"الفرج قريب"ما اتمناه الآن وانا ارى هذا العالم بعيني من صدق تصويرك له أن يجدهم السيد ماجد وأن يعين الله الباقين علي ما هم فبه الي ان يجدون مخرجا
حمدا لله أخيرا وجدهم الرجل بعد طول بحث لأشهر ...ولكن ما هذا ؟
لم ينتقلوا بعد أولا لرفض هادى ..ثانية لاقتناع سليم ببقائهم لفترة لخدمة اغراضهم الوطنية وليشب هادى علي القوة ومبادئ والده السيد محي الدين
كنت اتمني أن يرحلوا فورا ولكن لكل حادث حديث
"لجوء الرفاهية"زيارة ألمي للمخيم انتهت باصابة دائمة لهادى بيده كما الجرح بيد المي اثرا شاهدا علي وفاة والدتها وهي تزود عنها بروحها وليس لها الان إلا التهجير الراقي لكندا لابعادها عن الغوغاء.
لا ادرى كيف لمن كان وزيرا حتي لو كان فاسدا أن بتعامل مع الناس بهذا المنطق والمفروض انه بخدمتهم ولكنه كما كان فاسد النفس طامعا بالمنافع يظل كما هو بل اسوأ وهو خارخ منصبه يعتقد أن الجميع يناصبه العداء والحقد..هذه هى شياطين الانس
التي لا ترق لقلب ابنته وهي تتوسله البقاء
فهل سيقدر لها ثانية رؤية هادى وإخوته ام هو من سيحرص علي رؤيتها لبعيد لها سلسالها الذى فقدته كما فقدت حنان خالتها في غربة بلاد باردة اضافة لما عانته من غربة في قصر والدها.
سلمت يداكي حبيبتي علي هذا الابداع والرقي في السرد واللغة والاحداث الحية والمعاني الانسانية التي تتخلل عملك الادبى الرائع والذى لا تتخلله ثغرة تستأهل النقد او لفت النظر
دمتي بكل الخير والسعادة واثابك الله عنا خيرا بكل كلمة ومعني تنير بداخلنا قيما واخلاقا جميلة وتذكيرا بنعم المولى علينا
بانتظارك وبانتظار رائعتك وشدوك بأحلي الحان الربيع


shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 06:21 PM   #54

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا.صباح الخير غاليتي
"لا وطن...لا هوية" بكلمات محدودة أستطعتي أن تصفي حال اللاجئ الذى لم يبق من وطنه سوي ما يتنسمه فيما بقي من أهله وأحيانا لا يبقي وقتها يعاني فقدان الوجود الي جانب فقدان الهوية
ما أجمل عزة نفس هادى وشقيقته رغم الجوع والألم وما أجمل البشر حين يسخرهم الله برحمته للهفة الضعيف فالله لا ينسي عباده
وهناك أيضا لاجئين يقطنون بالقصور يبحثون عن وطن لهم باقتقادهم الحنان والإهتمام والافتقاد لوجود الأم رمز الحنان الذى صغتيه ببراعة في اغنية ألمي باحتفال المدرسة.. أو الاب الذى لا يبالي.
وهناك من الامهات الكثيرات اللاتي بالنسبة لأبنائهن راعية منزل لا يذكرونها إلا تلبية لطلباتهم وتظل وحيدة حتي وهي بينهم
هكذا الدنيا لا تعطي من بهوى مناه ..بل كثيرا تمنح من لا يستحق وتحرم من في أشد الحاجة ويزداد بؤس الضعفاء وتزدادقسوة الطغاة و الطامعين
ما شاء الله عليكي ترسمين ملامح الحياة بالمخيم والمشاعر التي تنتاب الجميع بمنتهي الحساس والصدق
هادى علي صغر سنه متميز الخلق حامدا لله علي الرغم مما يعانيه يفكر في اكمال تعليمه هو وشقيقته وييسر الله له السبيل بمعاونة ساكني المخيم.
أشرتي حبيبتي لنقطة هامة جدا يفتقر كلنا لها وهي حمد النعم فالكل باعتياد ما يلقاه من فضل وكرم االه من صحة ورزق وسكن واهل لا يشعر بها .
بل أحيانا يتململ من كثرة النعمة فلا يؤدى زكاة صحته بالعمل باتقان او طعامه بمنح بعضه للمحتاجين في حين تزخر صناديق القمامة بما نرميه من بواقي طعامنا بل التأفف احيانا من تكرار صنف الطعام أو عدم تعددها.
هكذا الإنسان لا يشعر بالنعمة وقيمتها الا بفقدانها فالشخص لا يعرف انه كان بعافية إلا عند ا لمرضاو الجوع
رزقنا الله نعمة الحمد علي الحمد والقناعة فالرضا لمن يرضي
"جبر الخواطر"ربما تكون ابتسامة ..تربيتة علي الراس..نظرة حانية..تقديم يد العون بما نستطيع فيها الكثير والكثير مما يؤجر الله المرء عليه هو جبرا للخواطر
فكما قال رسولنا الكريم"تبسمك في وجه أخيك صدقة"
ليتنا نعود للقيم والمثل الجميلة حينما كان الناس لبعضهم علي قدر ظروفهم لا ينام احدا جائعا أو حزينا بينما الآن لا يعرف المرء أسماء جيرانه الذى يقطنون معه
تغيرت الدنيا كثيرا ويبقي حبل الله ممدودا لمن يعتصم به.
حتي قاطني المخيم بكل مظاهر الاهمال وضعف الامكانيات يتكاتف اهله مع بعضهم قدر الامكان ويرسل الله الغيث في زيارة بعض أصحاب القلوب الرحيمة والتي لو فعل الكل مثل السيدة كريمة والدة ألميx مع انتشار ما لم نكن نسمع عنه من قبل بما يسمي باللاجئين لكان حالهم افضل ولتحولت تلك المخيمات لمكان آدمي الي أن يقضي الله بامره ويعود الغائب لوطنه أو يشتد عوده فيستطيع الاستمرار بالحياة ورعاية من بقي من أهله.
ألمي في زيارتها للمخيم مع خالتها رأت عالما آخر لم تشهده من قبل وعلي الرغم من التباين الشديد في نمط الحياة الا انها تألف وتسعد مع دنيا وسلمي وتحفظ سورة من القرآن لم ينجح قصرها في أن يجعلها تحفظها وتحفر حرف اسمها كما حفرت صورتها بروح هادى
وربي أبدعتي في هذا المشهد حد أن ادمعت عيناي من تصور كيف يستطيع الانسان بعد ان كان يحيا آمنا ينام بسريره يحفه أمان اهله ووطنه يحيا بهذا الشكل يبتغي الامان واى وسيلة للمساعدة وكأنه ليس بإنسان او انه ودع إنسانيته التي كرمه الله به يوم فقد الوطن
اعتقد ان المي لن تنسي من رأتهم بالمخيم وأعتبرتهم أصدقائها حتي بعد نزعها منهمx اساءة الحراس لدنيا ودفاع هادى عنها.
"الفرج قريب"ما اتمناه الآن وانا ارى هذا العالم بعيني من صدق تصويرك له أن يجدهم السيد ماجد وأن يعين الله الباقين علي ما هم فبه الي ان يجدون مخرجا
حمدا لله أخيرا وجدهم الرجل بعد طول بحث لأشهر ...ولكن ما هذا ؟
لم ينتقلوا بعد أولا لرفض هادى ..ثانية لاقتناع سليم ببقائهم لفترة لخدمة اغراضهم الوطنية وليشب هادى علي القوة ومبادئ والده السيد محي الدين
كنت اتمني أن يرحلوا فورا ولكن لكل حادث حديث
"لجوء الرفاهية"زيارة ألمي للمخيم انتهت باصابة دائمة لهادى بيده كما الجرح بيد المي اثرا شاهدا علي وفاة والدتها وهي تزود عنها بروحها وليس لها الان إلا التهجير الراقي لكندا لابعادها عن الغوغاء.
لا ادرى كيف لمن كان وزيرا حتي لو كان فاسدا أن بتعامل مع الناس بهذا المنطق والمفروض انه بخدمتهم ولكنه كما كان فاسد النفس طامعا بالمنافع يظل كما هو بل اسوأ وهو خارخ منصبه يعتقد أن الجميع يناصبه العداء والحقد..هذه هى شياطين الانس
التي لا ترق لقلب ابنته وهي تتوسله البقاء
فهل سيقدر لها ثانية رؤية هادى وإخوته ام هو من سيحرص علي رؤيتها لبعيد لها سلسالها الذى فقدته كما فقدت حنان خالتها في غربة بلاد باردة اضافة لما عانته من غربة في قصر والدها.
سلمت يداكي حبيبتي علي هذا الابداع والرقي في السرد واللغة والاحداث الحية والمعاني الانسانية التي تتخلل عملك الادبى الرائع والذى لا تتخلله ثغرة تستأهل النقد او لفت النظر
دمتي بكل الخير والسعادة واثابك الله عنا خيرا بكل كلمة ومعني تنير بداخلنا قيما واخلاقا جميلة وتذكيرا بنعم المولى علينا
بانتظارك وبانتظار رائعتك وشدوك بأحلي الحان الربيع

أهلا وسهلا اختي العزيزة ..كالعادة ردك ينير روايتي ..أنار الله دربك اينما سرتِ...


عزة النفس والكرامة برأيي هما أهم شيء يتشبث به الانسان مهما مر من ظروف ومهما عصفت به الحياة ....حقيقةً رفض هادي للمال وطلب ساندوتش طعام لاخته هو مشهد مستوحى من موقف حقيقي عشته اثناء سفري لاحدى البلدان التي يتواجد بها لاجئين ...كان صبيا ربما بالحادية عشر من عمره ولم يقبل المال وطلب فقط ساندوتش يسد به جوعه !! موقف ابكى قلبي قبل عيناي ...رأيت عزة النفس في كل خلية بجسده ...ومشهد آخر لصبي كان يبيع المسابح الالكترونية في احد المطاعم ..فعطف عليه بعض الشبان واعطوه مال ولم يقبلوا اخذ المسابح لكنه بعزة نفس وضعها امامهم على الطاولة وخرج شامخاً دون ان يلتفت للخلف ..حدث هذا أمامي ايضأ ....مثل هؤلاء من يستحقون ان يكون لهم وطن وليس الخونة عديمي الكرامة ومن يلهثون خلف المال والمناصب والمظاهر...

ومثلما ذكرتِ نحن نغرق بالنعم ولأن الله يمن علينا بها نعتقد ان هذا الطبيعي ولا نفكر اننا ممكن بلحظة خسارتها !! ...كان في احد التمرينات لدروس في التنمية البشرية ...هو عند استيقاظك في الصباح قبل ان تنهضي من فراشك ان تحمدي الله على 5 اشياء تمتلكينها وفي كل يوم 5 اشياء غير سابقتها وبالفعل في كل مرة ستجدين نفسك غارقة بنعم لم تلحظيها وهذا سيجعلك تشعرين بالقناعة والراحة وكم انت غنية دون ان تدري....جربيها....

هادي يفتقد الوطن نعم....لكن ألمى تفتقد الأقرب من الوطن وهو الحضن الدافئ...الحضن الذي تكون فيه مستسلمة براحة وتشعر بالأمان لدرجة تنسى نفسها ....صحيح ان خالتها لا تقصّر بهذا لكن يختلف حضن الذكر عن الانثى ...ان كانت الانثى هي الحب والحنان فالذكر هو الحب والسند والأمان والذي يمتلكه الأب او الأخ او الزوج وحتى الابن ......فمثل حالتها لا اخ لها ووالد مشغول ويعتقد ان حبه لها هو بالماديات وحصرها كنوع من الحماية ستضطر ان تسد فجوة احتياجها لهذا بالخارج وهو ما شعرت به في حضن هادي !!

هادي رفض الانتقال من المخيم لانه في تلك اللحظة كان حانقا متألما ويريد فقط العودة للوطن والا من غير المنطق ان نفضل خيمة على شقة مريحة وماجد استغل هذا الوضع لتخطيطاتهم التي ستظهر في الفصل القادم باذن الله وكذلك السلسلة الذهبية لم ينتهي دورها !! ..ايضا اصابة هادي لها دور للمستقبل وان كان شيئا بسيطا ....اما الوزير بلا شك هو مثال حي لفئات في مجتمعنا للأسف...

سيكون الفصل القادم ان شاء الله طويل لينتهي عهد الطفولة ....

أنا اعلم ان كلماتي بسيطة في السرد لأنني لست متمكنة وهذه محاولتي الاولى وسببها ايصال فكرة وتزيينها بحلم لذا سامحوني على التعبيرات التي لا تليق بمستوى خبرتكم في القراءة...

بارك الله فيكِ على كل حرف جميل تكتبه أناملك وأتمنى ان اكون على قدر هذا الكلام الذي تغرقيني فيه ومهما قلت لا استطيع شكرك كما تستحقين....

لا اله الا الله...







ألحان الربيع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 07:14 PM   #55

لبنى البلسان

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية لبنى البلسان

? العضوٌ??? » 462696
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 5,543
?  نُقآطِيْ » لبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond repute
افتراضي



فصل جميل تسلم اناملك ويعطيك الف عافية
في انتظار الفصل القادم وما سيحدث لالمى وهادي




لبنى البلسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 08:01 PM   #56

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لبنى البلسان مشاهدة المشاركة


فصل جميل تسلم اناملك ويعطيك الف عافية
في انتظار الفصل القادم وما سيحدث لالمى وهادي



عيونك ومرورك أجمل😍....الله يعافيكِ ويبارك فيكِ

ان شاء الله ..بتنوري الرواية❤❤


ألحان الربيع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 08:53 PM   #57

Moon roro
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 418427
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 852
?  نُقآطِيْ » Moon roro is on a distinguished road
افتراضي

فصل رائع ابدعتي في سرد التفاصيل و الوصف في المخيم
تسلم ايديكي ويعطيكي الف عافية على مجهودك


Moon roro غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 10:11 PM   #58

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة moon roro مشاهدة المشاركة
فصل رائع ابدعتي في سرد التفاصيل و الوصف في المخيم
تسلم ايديكي ويعطيكي الف عافية على مجهودك
الله يسعدك ويحفظك❤....هذا من ذوقك ⚘...شكرا لمرورك😍


ألحان الربيع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-10-21, 03:22 AM   #59

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 3 والزوار 1)

‏موضى و راكان, ‏ألحان الربيع, ‏noga2009



أهلا ألحان الجميلة ربنا يزيدك من فضله و عطاياه و توفيقه الدائم لك و تيسير أمورك بإذنه تعالى

جميل الفصل و ممتع رغم المعاناة التى يلقاها ساكنى المخيمات و هم لا حول لهم و لا قوة لكنها اختبارات من

رب العباد ليختبر صبرنا و رضانا بعطاياه و يمتحن أيماننا ليكن لنا جزاء الصابرين

شكرا جزيلا ألحان الربيع


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-10-21, 09:44 AM   #60

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موضى و راكان مشاهدة المشاركة
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 3 والزوار 1)

‏موضى و راكان, ‏ألحان الربيع, ‏noga2009



أهلا ألحان الجميلة ربنا يزيدك من فضله و عطاياه و توفيقه الدائم لك و تيسير أمورك بإذنه تعالى

جميل الفصل و ممتع رغم المعاناة التى يلقاها ساكنى المخيمات و هم لا حول لهم و لا قوة لكنها اختبارات من

رب العباد ليختبر صبرنا و رضانا بعطاياه و يمتحن أيماننا ليكن لنا جزاء الصابرين

شكرا جزيلا ألحان الربيع

أهلا بكِ اختي موضى😍

آمين ولكِ بالمثل باذن الله❤

الله يكون في عونهم ويردهم لبلادهم يارب سالمين....الله وحده يعلم ماذا يواجهون في عيشتهم هذه ونحن نشاهد من خلف الشاشات من غير حول ولا قوة منا ولا نمتلك غير الدعاء لهم😓
الله يفرجها عليهم ...


عفواً والشكر لك لمرورك اللطيف⚘


ألحان الربيع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:31 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.