آخر 10 مشاركات
خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          قصر لا أنساه - مارغريت مايلز- عبير الجديدة -(عدد ممتاز ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          79 - قسوة وغفران - شريف شوقى (الكاتـب : MooNy87 - )           »          1 - من أجلك - نبيل فاروق (الكاتـب : حنا - )           »          وَ بِكَ أَتَهَجَأْ .. أَبْجَدِيَتيِ * مميزة * (الكاتـب : حلمْ يُعآنقْ السمَآء - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          إلَى السماءِ تجلت نَظرَتِي وَرَنـت (الكاتـب : ميساء بيتي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هو تقييمك لمستوى الرواية ؟
جيد جداً 85 88.54%
جيد 11 11.46%
سيء 0 0%
المصوتون: 96. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree9699Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-10-21, 08:24 AM   #71

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,557
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جزيرة مشاهدة المشاركة
قصة عن الكفاح و حب الوطن
من اجمل القصص
مرحبا.صباح الخير غاليتي جزيرة
ما اجمل اسمك حبيبتي كما قالتها لك الغالية انجي
مرحبا بك علي شاطئ روايتنا الجميلة
ولتبحرى مع كاتبتنا الرائعة وهي تشدو بالحانها الصادقة
فلا تحرمينا من مشاركاتك القيمة
ومن حضور اسمك وشخصك الجميل
دمتي في حفظ الله ورعايته

Adella rose likes this.

shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-21, 08:51 AM   #72

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,557
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا .صباح الخير شاديتي بأعذب الألحان
"أحلام الرضيع"ليت كل ما يحتاجه المرء بحياته كان كحلم ذلك الرضيع شادي برشفات حليب
حين يتحول حلم الانسان لحضن وطن يضمه فهو قد حرم كل شئ حتي رحيق الحياة نفسه إذ تتحول الدنيا من حوله لصراع من أجل البقاء وإن استطاع خلالها أن ينجز شيئا مثل هادى والذى إجتاز امتحاناته رغم ظروفه فهذا فتح مبين ربما هو دعوة أم أو رضاء أببه الشهيد الذ ى أورثه حسن الخلق.
ربما نبدى كلنا تعاطفا وحزنا مع من صار يتيم وطن ولكنا بالأخير نهجع إلي مضاجعنا وننعم بدفء أسرتنا وننسي ..فيا لدر المعذبين والمغتربين لهم الله الذى لا تغفل عيناه ولا تنام.. أعان الله اوطاننا جميعها وأعلي راياتها.
فاتن وزبارتها للمخيم تخفف به عن قاطنيه وتعقد صداقات معهمx ولكن لم تبقي بالقصر بعد رحيل ألمي لا ادرى؟
ومع ذلك يظل هادى محتفظا بسلسال ألمي ولا يعطيه لخالتها.
ربما ليظل علي العهد ولاجئا بسماء عينيها عن طيب خاطر وليس قصرا كما هو بمخيمه فاللجوء بعيني أحد لا شروط له ..لا عنت به ..هو السعة والرحابة ..هو الأمل أن يأتي يوم اللقيا واحتضان الوطن ولو كان نظرة من عيونها ولذا يقنع والدته بأنه سيرد الأمانة بنفسه لصاحبتها.فهل يتحقق الحلم؟
سأعاود التعليق حبيبتي علي باقي الفصل إذ انني خارج المنزل ولكني لم أستطع إلا أن أقرا ولو مشهدا ليصبح يومي أجمل
أسعد الله صباحك بكل الخير

Adella rose likes this.

shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-21, 01:55 PM   #73

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موضى و راكان مشاهدة المشاركة
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 4 والزوار 4)

‏موضى و راكان, ‏ألحان الربيع, ‏Moon roro, ‏Nana96


آه منك يا ألحان قطعتى الفصل فى جزء مهم و لسوف نظل معلقين للغد حتى نعرف الحكاية من بدايتها

تسلمى يا جميلة
اهلا فيكِ اختي موضى


ههههههه الحقيقة انه تقريبا هون منتصف القسمين فاخترت انهيها بيها بالذات


الله يسلمك ونورتِ الرواية

shezo and Adella rose like this.

ألحان الربيع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-21, 02:00 PM   #74

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا.صباح الخير غاليتي جزيرة
ما اجمل اسمك حبيبتي كما قالتها لك الغالية انجي
مرحبا بك علي شاطئ روايتنا الجميلة
ولتبحرى مع كاتبتنا الرائعة وهي تشدو بالحانها الصادقة
فلا تحرمينا من مشاركاتك القيمة
ومن حضور اسمك وشخصك الجميل
دمتي في حفظ الله ورعايته


الله يسعدك دنيا وآخرة يا صاحبة الروح الجميلة

shezo and Adella rose like this.

ألحان الربيع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-21, 02:24 PM   #75

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا .صباح الخير شاديتي بأعذب الألحان
"أحلام الرضيع"ليت كل ما يحتاجه المرء بحياته كان كحلم ذلك الرضيع شادي برشفات حليب
حين يتحول حلم الانسان لحضن وطن يضمه فهو قد حرم كل شئ حتي رحيق الحياة نفسه إذ تتحول الدنيا من حوله لصراع من أجل البقاء وإن استطاع خلالها أن ينجز شيئا مثل هادى والذى إجتاز امتحاناته رغم ظروفه فهذا فتح مبين ربما هو دعوة أم أو رضاء أببه الشهيد الذ ى أورثه حسن الخلق.
ربما نبدى كلنا تعاطفا وحزنا مع من صار يتيم وطن ولكنا بالأخير نهجع إلي مضاجعنا وننعم بدفء أسرتنا وننسي ..فيا لدر المعذبين والمغتربين لهم الله الذى لا تغفل عيناه ولا تنام.. أعان الله اوطاننا جميعها وأعلي راياتها.
فاتن وزبارتها للمخيم تخفف به عن قاطنيه وتعقد صداقات معهمx ولكن لم تبقي بالقصر بعد رحيل ألمي لا ادرى؟
ومع ذلك يظل هادى محتفظا بسلسال ألمي ولا يعطيه لخالتها.
ربما ليظل علي العهد ولاجئا بسماء عينيها عن طيب خاطر وليس قصرا كما هو بمخيمه فاللجوء بعيني أحد لا شروط له ..لا عنت به ..هو السعة والرحابة ..هو الأمل أن يأتي يوم اللقيا واحتضان الوطن ولو كان نظرة من عيونها ولذا يقنع والدته بأنه سيرد الأمانة بنفسه لصاحبتها.فهل يتحقق الحلم؟
سأعاود التعليق حبيبتي علي باقي الفصل إذ انني خارج المنزل ولكني لم أستطع إلا أن أقرا ولو مشهدا ليصبح يومي أجمل
أسعد الله صباحك بكل الخير

نهارك سعيد وليلتك أسعد باذن الله .....انه ابدأ يومي بقراءة تعليق منك هاد بمثابة طاقة من التفاؤل ...شكرا جزيلا لتواجدك في روايتي


مع ان اكبر طموحات الصغير رشفات من الحليب ولاننا ننعم بوجود هذه النعمة بيننا , نظنها سهلة المنال ونبتسم لبراءته... لكن لا ننسى انها كانت بالفعل حلم كبير لهم وله اثناء رحلة الهجرة ...حلم ندفع كل ما نملك من اجل الحصول عليه في تلك اللحظة ....ولولا لطف الله ورحمته لما حصل على هذا الحلم بالفعل......

حالنا كحال هادي اول الرواية عندما قال انه يدعي للمهاجرين ثم يقلب المحطة ليستمر في حياته وسط النعم التي يغرق بها بكامل الرفاهية...

عندما تكملين باقي الفصل سترين ان شاء الله مصير العقد الذهبي والذي لم ينتهي دوره كما ذكرت سابقاً ...أي له أهمية في مراحل متقدمة باذن الله....


بتشرفيني وبتنوريني واتمنى لك قراءة ممتعة يارب

shezo and Adella rose like this.

ألحان الربيع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-21, 04:37 PM   #76

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي



الخامس ج 2


تنهد بعمق ....حكّ عنقه وهو يتأمل الصورتين أمامه...أعاد ظهره للوراء يعدّل جلسته وقال بصوت جهوري بعد ان غلبه الفضول اكثر بمعرفة خبايا وأسرار انتقامها :

" اخبريني قصتك .."

زفرت أنفاسها تطرد آهاتها حبيسة الماضي...اتكأت بمرفقيها على الطاولة....ابتلعت لعابها وهي تستحضر كل شيء أمامها ..ثم شرعت تقصّ حكايتها بنبرة متألمة :
" بعد ان ترك والدي قيادة الثورة خوفاً علينا انا وشقيقتي كريمة لتلقّيهِ تهديدات عديدة...فتح مصنعاً يسترزق منه البسطاء وكان من ضمنهم عاصي رضا...أُعجِبَ أبي بذكائه وفطنته وأدخله بيتنا ليصنع منه رجلاً من العدم , مع الأيام نشأت علاقة حب بينه وبين كريمة...طلبها من والدي فاشترط عليه الانضمام للثوار ...اولا لحاجتهم لمثل هذه العقول المدبرة وثانياً كان شجاعاً لا يهاب شيئاً ومغامراً وبدمٍ حامي ..رأى والدي به هذه الصفات وغفل عن الأخرى الأهم!!...انصاع لطلب ابي دون تردد ...تزوج شقيقتي وبدأ وضعه يتحسن بسرعة ثم مسك زمام الأمور في مصنع وشركات ابي وبفترة قصيرة فوجئنا انه أصبح وزيرا للخارجية.."

أمالَ زاوية فمه بضحكة ساخرة لأنه يعلم جيداً كيف وصل لهذا المنصب.....مدّت يدها تمسك كأس عصير الليمون , ترتشف منه رشفات تبرّد هيجان روحها المحترقة وجعاً وأكملت :
" تراكمت الأمراض على والدي وأصبح طريح الفراش ...دخل بعدها في غيبوبة وبقي في البيت مجهزاً بالمعدات الطبية التي ترافقه....كنتُ اشعرُ والاحظ انزعاجه من حالة أبي بسبب تكاليف العلاج والممرضة التي تلازمه والأهم تعلّق اختي به...فكانت دائماً ترفض السفر للبقاء بجانب والدي وهذا ما يؤجج نيران حقده....كان ممثلاً بارعاً يدّعي الاهتمام به , وفي مرة جاءه طلب نقل لهذه الدولة لا نعرف سببه وكانت زوجته حاملاً بابنتها بالشهر الأخير...حاول اقناعها لكنها أصرّت على رايها بالبقاء في الوطن لصعوبة نقل ابي في وضعه ذاك...."

ازدردت ريقها وتكدّست الدموع في عينيها تلوم نفسها وتسترجع المشهد :
" في ليلة اصابني الأرق ولم استطع النوم....توجهتُ الى المطبخ لأتناول حبة منوم...."



قاطع حديثها اتصالاً على هاتف السيد(ماجد) فاعتذر مجيباً:
" أهلاً بالهادي...عساه خيراً؟!"


قلت:
" انت اخبرتني بأن علينا الذهاب لإخراج بطاقة هوية باسمي الجديد وانا بالانتظار.."


ضرب جبينه هاتفاً:
" يا الهي.. لقد نسيت ...لا تؤاخذني...عد الى المخيم وسنتفق على موعدٍ آخر لأني مشغول.."


قلت :
" لا بأس...سأنتظرك مجدداً"


انهينا المكالمة...وضع هاتفه في جيبه وقال بلطف:
" اكملي من فضلك..."


شقت ثغرها ابتسامة ماكرة وقالت:
" سأكمل....لكن ما هي علاقتك بعائلة هادي؟"


رفع حاجبه باستغراب وقال بصوت مستنكر:
" لمَ ساخبرك؟..لست مجبراً.."


قالت بهدوء:
" بلى.... انت تحتاج قصتي!! وانا احتاج مساعدتك"


رد ببرود:
" أظن انك انت من طلبتِ المساعدة ولست انا"


قالت بثقة تسند ظهرها للخلف:
" بالطبع...لكن قصتي فيها انهيار لعاصي وهذا ما تحتاجونه "


نظر لها بفضول وقال :
" تربطني علاقة صداقة قديمة...وهم أناس يحتاجون المساعدة في الغربة"


تبسمت بمكر وقالت:
" جميع من بالمخيم يحتاجون المساعدة ثم ان علاقتك بهم رسمية وكأنك مكلّف بمهمة ولا تبدو كصداقة !!"


قال بارتياب:
" لم تشكّين بوجود امر ما ؟"


اجابت:
" لأن عائلة ام هادي مميزة عن باقي المخيم...لم يبدُ لي انهم من عامة الشعب....الرقيّ يظهر بكلامهم وحركاتهم...وابنهم هادي يدلّ انه خرج من بيت راعيه ليس أي رجل!! ..كما ان عند سؤالي السيدة عائشة عن زوجها تتهرّب وتغير الموضوع !!"


تنهد وقال :
" كيف سأثق بك؟"


مدّت له الصورتان مرةً أخرى ....خلعت خاتما من بنصرها يخص شقيقتها وهمست:
" ابقهم معك...اذا بَدَرَ مني أي شيء مشبوه , تستطيع ارسالهم لعاصي مع اخباره بما سأحدثك به وسيتأكد على الفور ولن يبقيني على قيد الحياة!!"


أعاد لها الخاتم بارتياح ومسك الصورتين وهتف بلطف رجولي :
" حسناً...فعلتك هذه تؤكد لي صدق نواياك!!...خذي الخاتم اما هاتين سآخذهما اذا سمحتِ لي للاحتفاظ بهما لإعجابي الشديد بقدوتنا السيد ياسين النجار رحمه الله..."

حركت رأسها بإيماءة خفيفة, ترمش بعينيها مبتسمة توافق على طلبه...صمتت قليلا ثم عبست مجدداً لتكمل كلامها دون ان يطلب منها هذا او يجيبها على استفسارها:
" بعد ان تناولت حبة منوم...مررتُ على غرفة ابي لأتفقده وصعقت مما رأيت...."

صكت على اسنانها تضرب بقبضتها الطاولة وقالت بقهر وندم:
" كنتُ جبانة ...لم استطع فعل شيء واكتفيت بالمشاهدة مصدومة !!...رأيت الحقير عاصي يمسك مخدة يخنقه بها وهو يخرج أنفاسه الأخيرة ولم يكن وقتاً لإنقاذه.."

شهق جاحظاً عينيه وقال بصوت مصعوق:
" يا للهول!!....جريمة قتل بيديه مع سبق الإصرار والترصد!!"...

احنى ظهره للطاولة...اتكأ بمرفقيه وقال بصوت خفيض بعد ان استوعب ما سمع:
" دائما هو وراء الدمار والقتل والنصب لكن دون تلطيخ يديه ولهذا يصعب علينا إيجاد الأدلة الموثقة ضده!!.."

صمت يحدّج بها وقال بتساؤل:
" وانت ماذا فعلتِ؟"


اخذت نفس واجابت:
" ارتبكت..اضطربت ...لا اعلم ماذا افعل!...هو لم يرني فعدت مسرعة الى غرفتي بعد ان تسارعت نبضات قلبي ..كنت ارتجف...ابكي...احاول التقاط انفاسي...أناشد ربي ان يساعدني....لوهلة هممت بالذهاب لأختي لأخبرها لكني توقفت لأنها كانت حاملاً بخطر ...منع الطبيب أي شيء يحزنها او حركة تؤدي الى اجهاضها مما يسبب بوفاة حتمية لها!...خفت عليها وكتمت هذا بداخلي ملتزمة الصمت .."

ابتلعت ريقها تضع يدها على كف صديقتها تنظر بوفاء مردفة:
" حتى قابلت ايمان وتقاربنا كثيرا واستطعت البوح لها بسري الدفين الذي ذبحني لشهور طويلة "


سألها السيد(ماجد):
" لم اخفيتم موت والدك ونشرتم الخبر بعد أسابيع من وفاته؟"


" لأن عاصي تولى امر دفنه , لا يريد الارتباط بأمور العزاء بسبب ميعاد سفره العاجل ..فتكتم عن الخبر حتى جئنا الى هنا واستقرينا وسمح بالنشر.."


قال حانقاً:
" الخبيث ...الماكر"

ثم سأل بدهاء:
" والدك توفي وكذلك شقيقتك!! لم ما زلتِ تتسترين عليه ولم تفضحيه؟؟ او ترفعي قضية ضده؟!"


اجابت بقلة حيلة:
" ألمى السبب...انا توليت رعايتها بعد وفاة اختي ....ولا استطيع مجابهته وحدي وسيمنعني عن صغيرتي وهي ستضيع بين اب مجرم وزوجة اب حقودة....لذلك قررت الصمت حتى يشاء الله ذلك"


قال:
" ما الذي تغير الان حتى بدأتِ بالتحرك؟"

اجابت:
" لأنه ابعدها عني بإرسالها الى كندا وبتّ لا اطيق رؤيته ولا اتحمل إبقاء هذا السر على كاهلي فاردت الانتقام منه دون ان يكون لي أي صلة بالموضوع حفاظاً على ألمى فقط....لذلك قررت اللجوء اليكم لندمره باي طريقة"

سأل بفضول:
" ما هي مخططاتك ؟"

رفعت زاوية فمها بابتسامة جانبية وقالت:
" اترك المخططات وأخبرني عن عائلة ام هادي...فانا أكملت لك قبل ان تجيبني!!"

ضحك وقال مازحاً:
" كدت افرح لتخطينا هذا الموضوع , لكن الفضول خاصتك جالس لي بالمرصاد"

ضحكت وتبعتها صديقتها السيدة(ايمان) لتقول:
" حاذر من وعودك امام النساء!!..دماغهن توثّق بالصوت والصورة....هيا اخبرنا قصتهم.."

نظر لهما بابتسامة بريئة وقال:
" محيي الدين الشامي!! ماذا يعني لكما؟؟"

اجابت السيدة (فاتن) بفخر:
" من ممكن ان ينسى بطولاته وخاصة نجاحه بالقضاء على مجموعات إرهابية كادت تسيطر على حدود دولتنا!!"

تبعتها السيدة(ايمان) بانبهار:
" هو بطلي الذي تمنيت لقائه...كنت في كندا اتابع اخبار الوطن عندما كان عميداً للجيش ونجح بفترة وجيزة بحماية الحدود من الإرهابيين والمحتلين......ليته أصبح رئيساً للدولة...لا أعلم لم استقال من منصبه حينها؟؟"

أجاب:
" هو استقال من منصبه لحماية الوطن!!...انتقل من الجيش الى الثوار بعد ان رأى الفساد يعشش بحاملي اسم حامي الدولة من أصغر جندي وصعوداً الى مناصب مرموقة!!...اكتشف ان الثوار أكثر اخلاصاً لوطنهم"

قالت السيدة(فاتن) وهي تمسك كأسها العصير بيدها تنظر اليه:
" نعم, اذكر ذلك.....والدي رحمه الله كان يحدثنا عنه ولكن لم يقدّر لنا الالتقاء به"

رفعت نظرها للجالس امامها سائلة باستغراب:
" ما خصّ القائد محيي الدين بموضوعنا؟"

اجاب مبتسماً:
" عائلة ام هادي هي عائلته التي نزحت بسبب الحرب حماية لهم من الخونة!"

وضعت يدها على فمها باندهاش اما صديقتها السيدة(ايمان) كادت عيناها تخرج من مكانهما وهي تعلّق مذهولة:
" كل هذا الوقت نذهب إليهم دون ان نعلم انهم من رائحة بطلي!؟"

ضحكا على كلامها وقال السيد (ماجد):
" الم تلحظا أن هادي شبيهه؟!"

نظرتا الى بعضيهما نظرات تفهمانها, تحاولان كتم ضحكاتهما...فتابع بجديّة :
" ما المضحك بالأمر؟"

فتحت فمها لتجيب لكن السيدة(ايمان) اغلقته لها بكف يدها....انزعج من حركاتهما الطفولية , فاستسلمت هامسة بحرج:
" هيا اخبريه...لا بد من فضحي"

ضحكت وقالت بعد ان اخذت التصريح بفضحها:
" عند لقائها اول مرة بعائلة ام هادي , لما رأته قالت..."

غيرت نبرتها تقلّد صوتها واكملت:
" كم يشبه العميد محيي الدين سبحان الله....لو انه كبير لتزوجت به وجعلته هو بالصورة على الأقل...انه بطلي ناصر المظلومين , قاهر الأعداء.."

كانت تسخر منها مازحة ووجه الأخرى يضيء بالأحمر خجلاً كالمصباح المعلق فوق باب غرفة العمليات......ولما انهت كلامها , انفجر ضاحكاً وقال :
" احذري ان تسمعك السيدة عائشة.."

قالت السيدة(ايمان) بضحك ممزوج بالحياء:
" ارجوك لا تخبرها ستمنعني من زيارتهم"

أسندت ظهرها للخلف... نظرت الى السقف تصنع جواً حالماً وهمست بدلع مصطنع مازحة:
" على الأقل غير مزيف واصلي فهو من دم محيي الدين ....اذاً سأنتظره ريثما يكبر!!...اكون انا وقتها قد أُحلت على المعاش"

ضحكت لكلام صديقتها ثم نظرت له وهو يضحك لتهريجها وهمست بثقة:
" أرأيت؟..حدسي لم يخب...فأنا لمست بتصرفات هادي انه لا يمكن ان ينشأ هكذا الّا على يد رجل حقيقي.."

تابعت سائلة:
" هل سيكمل مشوار والده؟"

تفاجأ بسؤالها وأجاب :
" ربما!!"

تبسمت وقالت:
" لننتظر والأيام بيننا ان شاء الله"

ثم اردفت:
" ما هي أولى خطواتنا؟"

أجاب متنهدا مبتسماً , ينظر لساعته:
" لا تتسرعي....كل شيء في اوانه...ربما سيستغرق بضع سنين ليكون الانهيار الأصعب اذا أطال الله بأعمارنا....سنتفق لاحقا على خططنا....عليّ الذهاب الآن"

~~~~~~~~~~~~~

أقبل علينا أيار مسرعاً ليضعني بين النقلة الكبيرة المهمة في حياتي وبين الفجوة والألم من فراقي لمخيمي الحبيب....ها انا اخطو خطواتي الأولى خارج المخيم الى مصير مجهول لا يعلمه الا عالم الغيب والشهادة.......كانت ثلاث سنوات من العمر شهدنَ مواقفاً محملة بالصعاب والأوجاع , تخللتها ضحكات بريئة لقلوب نقية تغدق بالكرم والعطاء لمن يقابلها ......سأرحل تاركاً قلبي لأهل الحب والوفاء لأنغمس فاتحاً عقلي لمجتمع يتغلغل فيه الحقد والرياء!!.....تركتُ خيمتي وفراشي الدافئ من أنفاس أمي وعائلتي متوجهاً لأودع أصدقائي وجيراني بعد أن اخبرناهم بذهابي للدراسة بمنحة من أصدقاء السيد (ماجد)......
تلاقت العيون بنظرات لامست القلوب....لكل وجهٍ منهم حكاية معي احفرها في خلاياي وأعظمها التي كانت مع خالتي (أم سلمى).....أصعب لحظة كانت هي لحظة وداعي لأغلى ما أملك ...أهلي....لأول مره سوف افترق عنهم....كيف لا استيقظ على صوت امي...من سيجلس على رأسي وانا نائم غير (شادي)....من سيقفز امامي طالباً الحلويات و(دنيا) ليست موجودة!!....طعام خالتي المطهو بأنفاسها الحنونة , أين سأجده؟!
آه يا احبائي...ليت الأمر بيدي لما تركتكم....ليتنا أكملنا حياتنا ببساطتها دون معرفة الحقيقة المرّة المقدّر لنا الخوض فيها!!....لكن سأفعل هذا من أجل أبي...من أجلكم....ومن أجل الوطن!!

" لا تتأخر عنا هادي ....تعال دائماً لزيارتنا....لا طعم للحياة من دونك"

أخرجت كلماتها وهي تتشبث بي باكية , رفيقتي دنيانا ....قبّلت جبينها وهمست بأذنها مبتسماً أُداري تمزقات قلبي:
" انا ذاهب لأبني مستقبلنا بإذن الله.....انتظريني وعديني انك ستهتمين بدروسك"

ابتعدت عني تومئ برأسها , تمسح دموعها ....مسدت على شعرها وجثوت أعانق صغيرنا....حملته ....قرصته من خدّه وقلت:
" الآن انت رجل البيت....سنلحقك بالروضة أيها الشقيّ"

حاول التملّص من حضني نازلاً وقال بجدية:
" ثح(صح) أنا رجل , لماذا تحملني؟...لا تنثَ(تنسَ) ان تحضر لي ثوكلاطة(شوكلاطة) والمثدث(المسدس) الذي يضيء"

ضحكت لرجلي الصغير المشاكس ..فكم احب سماع لدغته البريئة وقلت رافعاً يدي بتحية عسكرية:
" حاضر ..انت تأمر"

اقتربت مني خالتي تحمل علبتين فيها بسكويتي المفضل لتعطيني اياهما...فقلت لها بحنان ماسكاً يديها :
" آه خالتي..كيف سأصبر دون تذوق طعامك وحلوياتك؟!"

انزلقت الدموع من عينيها وهمست بصوت متحشرج:
" خذ هذه وسأحضّر لك دائماً ما تريد ونبعثه مع السيد ماجد"

عانقتها وقبّلت جبينها أمسك دموعي متوجهاً لنبض الحياة ....صاحبة القلب الرقيق, المرهف , نبع الحنان...كانت تضع يدها على فمها تحاول كبت شهقاتها ووجهها شاحب , احترق نوره....سحبتها بخفة أضمها الى صدري ..أشد على جسدها الضعيف الذي ضاع بين ذراعيّ بعد ان ازددت طولاً وعرضاً...أُقبّل جبينها ورأسها بقبلات متلاحقة ...أريد أن أشفي غليلي , تبعتهما بقبلات على يديها طالباً برجاء :
" ارجوكِ...كوني قوية من اجل نفسك والعائلة...لا تقلقي بشأني....اريدُ فقط رضاكِ يا أماه...لا تنسيني من صالح دعائك "

طوّقتْ خصري تشدد من احتضاني وهمست باكية:
" اهتم بنفسك...لا تهمل طعامك....تغطى جيدا بالليل..ولا تنسَ مهاتفتنا يومياً"

ضحكت لحنانها الذي لا يتضاءل منه شيئاً وقلت:
" حاضر أمي...من عيوني"

ربتت على ظهري وأردفت:
" اذهب يا غالي مع رضا من ربي وثم قلبي.....وفقك الله وحماك من كل شر"

مسكتُ حقيبتي التي وضعت بها كل اغراضي المهمة...مصحف والدي , صندوق الأمانة , والعقد الذهبي ......منذ ذلك اليوم بعد معرفة حقيقة الخائن ,أصبح شعوري متضارباً بين القلب والعقل!!...لقد اعتاد قلبي سابقاً كل ليلة على اللجوء في سماءيها ..أما عقلي الآن بات ينافسه , يحاول السيطرة على كل خلية بجسدي ان يكون هذا فقط الوسيلة لدفعي للانتقام منهم...ليذكرني بالواقع المرير...لا تحلم يا قلب هادي لا أسمح لك بإضعافي حتى لو لم يبقَ مكان للجوء الّا في هاتين العينين....ستبقى يا قلبي مشرّداً بلا مأوى الى ان ننجح بالانتقام منهم أشد انتقام...!!
وضعتُ الحقيبة في صندوق السيارة ثم ركبت بجانب السيد (ماجد) ألوّح بيدي لهم , سامحاً لدمعي السقوط من مقلتيّ بعيداً عنهم , متوكلاً على الله وأنا اقلب صفحة من حياتي القديمة وأبدلها بواحدة جديدة...

~~~~~~~~~~~~~~~~

وصلنا الى قصر الأحلام...الى بيت الانتقام...الى عالمي الجديد وأبي الروحي..الى بيت السيد(إبراهيم)...استقبلنا الخدم وبعدها هو مرحّبا بنا فاتحا ذراعيه , هاتفاً بمرح:
" اهلا بابني يامن...اهلا بمن سينير حياتي ويضيء قصري"

تبسمت وتوجهت اصافحه واعانقه غامزاً له , هامساً:
" القصر مضيء بوجودك أبي"

كان متفق بيننا ان نعتاد على علاقتنا والقابنا الجديدة امام الخدم لنتقن دورنا من دون ترك هفوة وليكن حقيقي ومقنع....
أرشدني لغرفتي في الطابق العلوي من القصر...كانت بجناح خاص...تبهر النظر بأثاثها الملوكي المدمج باللونين البني والذهبي وطلاء فيه نقوش تلائم الديكور داخلها...كان فيها زرابيّ من الحرير بلون سكري مخططة بالذهبي تغطي الأرض الرخامية.....وغرفة جانبية مخصصة للملابس , تضم اشهر الماركات وافخمها التي تليق بابن رجل اعمال ثري ....من هذه الغرفة ندخل لرواق قصير المدى يربط بحمام وكأنه منتجع في أحد الفنادق الفخمة...ارضه رخامية بيضاء لامعة وعلى زاويته حوض استحمام يطلّ على الحديقة من حائط زجاجي دون ان يُكشف من في الداخل لمن في الخارج.....كان سريرٌ ضخمٌ يتوسط حائطاً عريضاً في صدر الغرفة...له أعمدة وستائر ملوكية....تأملته لدقيقة, ثم خرجت قاصداً السيد(إبراهيم) وعند رؤيته لي قال بلطف:
" أتحتاج شيئا يا ولدي؟"

قلت بخجل:
" اريد فراشاً ارضياً لأنام عليه!!"

سألني باستغراب:
" لماذا ولديك سريرٌ بعرض الحائط صحي لجسدك؟"

تبسمت واجبت :
" اشكرك على كرمك لكن لا يمكنني النوم على سرير كهذا وأمي والبقية ينامون على الأرض!!...وعهداً علي ّطالما الوغد حرٌّ طليقٌ , لا اريد ان اتذوق طعم الراحة قبل الانتقام منه"

تفاجأ من كلامي ودنا مني يربت على كتفي باعتزاز قائلاً:
" نِعمَ من أنجبَ ونِعمَ من ربّى.....لك ذلك ان شاء الله"

ثم نادى على احدى الخادمات لتلبي طلبي.....

بعد حصولي على ما اردت ...ارتميت عليه ورحت في نوم عميق..!!

×
×
×

في الصباح الباكر استيقظتُ على رنة المنبه في الغرفة...توجهتُ الى الحمام لأستحم...ارتديت من الملابس المجهّزة لي , قميصاً كحليّاً بكميّن طويلين , طويتهما للمرفقين مع بنطلون جينز بنفس اللون وحذاءً رياضياً مدمجاً باللونين الأبيض والكحلي....تعطرت ونزلت السلالم متوجهاً الى غرفة الطعام لتناول فطوري مع ابي (إبراهيم) الذي كان في انتظاري....فهمست بهدوء :
" صباح الخير أبي.."

رد مبتسماً:
" صباح النور يا ولدي....هيا اجلس لتتناول فطارك ولندردش قليلا قبل خروجك"

بعد تبادلنا الأحاديث أعطاني بطاقة ائتمان لحساب خاص بي وكذلك بطاقة الهوية وطلب مني الاستعداد للبدء بدروس تعلم القيادة في مطلع الأسبوع القادم....

انطلقت الى جامعتي مع السائق الخاص.....وصلنا بعد نصف ساعة.....دخلتها متوكلاً على الله ليشرح صدري وييسر أمري , بخطى ثابتة ورأساً مرفوعاً , واثقاً بنفسي كأن لم يتغير عليّ شيءٌ وأنني معتادٌ على هذه الأماكن الراقية.....
انتهت محاضرتي الأولى فالثانية....جاء وقت الاستراحة....قررت التجوال بين أبنية هذه الجامعة العريقة, الأكثر شهرة في المنطقة لأتعرف عليها ...توجهت بعدها الى مقهاها بعد ان استعلمت عن مكانه لتناول شيئاً بارداً في هذا الجو الحار.....
جلستُ على طاولة بكرسيين تلتصق بنافذة زجاجية كبيرة تطلُّ على حديقة الجامعة وبينما انا شاردٌ بالنظر للهندسة المميزة والتنسيق الأكثر من رائع للأشجار والازهار ونافورة الماء الكبيرة التي تتوسط الحديقة....سمعتُ من خلفي شوشرة....التفتّ أرى مصدرها وإذ ببعض الشبّان مِن مَن يسمّون بأولاد الذوات , يسخرون من شاب نحيف الجسد ببشرة تميل للسمرة ويرتدي نظارة طبية بعدسات كبيرة تغطي خضرة عيناه ....كانت ملابسه تدلّ على ماديته البسيطة!! مما جعلني اتعجب كيف لهذا الالتحاق بمثل هذه الجامعة!!.....الظلم والتنمّر موجودان في كل مكان....القوي يحاول أكل الضعيف!!....مجتمع طمّاع لا يكفيه ما بين يديه ويلاحق من هم دون مستواه للنيْلِ منهم......

تحركتُ من مكاني لأمضي في طريقي لأتجول بين اروقتها, أتعرف على باقي الأقسام.....بدأت الضحكات الساخرة منه والقهقهات بالارتفاع وكذلك تجمع الطلاب من حولهم في ازدياد....لم التفت لهم متحكماً بنفسي مُحدّثها" لا تنظر يا هادي...لا تتدخل...لا يعنيك أي شيء...اكمل في طريقك.."

ما ان انتهيت من صراعي الداخلي ليصل لأذني صوت الفتى هاتفاً بصوت مرتفع مقهور:
" حسبي الله ونعم الوكيل.....لقد كسرتم نظارتي ولا استطيع الدراسة من دونها....نظري ضعيف !!"

شددت على قبضة يدي حتى ابيضت مفاصلي..جززتُ أسناني هامساً بصوت خافت:
" متى انا قبلت بالظلم؟...متى سمح لي ابي بذلك؟!...تباً لهم ولحقارتهم وتباً لصمتي!!"

توجهت اليهم واسع الخطى مزمجراً بصوت مرتفع:
" يكفي يا انذال ....اتركوه وشأنه"

دنوتُ من الفتى ...انحنيت ارضاً الملم أغراضه المبعثرة ونظارته المكسورة...سحبته من ذراعه بلطف قاصداً المقهى......ما ان دلفنا المقهى وإذ بلكمة تدوي على ظهري...استدرتُ للخلف بسرعة والشرر يتطاير من عينيّ لرؤيتي انها كانت من احد الشبان المشاكسين....لم أتمالك نفسي وارجعتُ له اللكمة لكمتان ليحتدّ الشجار بيننا دون التدخل من الآخرين ,حتى أتى رجل الأمن وفضّه ثم سحبنا الى غرفة مدير الجامعة الذي صرخ بنا موبخاً لنا على فعلتنا بصوت غليظ:
" ماذا تظنان انكما فاعلين؟؟ ما هذا التصرف الهمجي في حرم الجامعة؟"

قاطعته ببرود مشيراً للذي بجانبي سارداً له ما حصل ..حاول الأخير التدخل يلقي عليّ التهم ليتملّص....صاح بنا غاضباً:
" اصمتا وانصرفا من امامي...لا اريد تكرار ذلك والّا سيكون لي معكما تصرفاً اخراً"

وليته ظهري للخروج وتبعني الفتى ,فهتف المدير بفضول:
"انتظرا !!"

التفتنا له باستغراب فقال مشيراً له:
" انت رامي ابن المحامي ياسر حسين"

ثم أشار لي وتابع:
" لكن من انت؟..انا اراك للمرة الأولى"

اجبته بثقة:
" أنا يامن إبراهيم الهاشمي"

عدّل جلسته مبدلاً نبرة صوته:
" ماذا؟...اذاً انت ابن السيد إبراهيم!؟..متى اتيت؟..لمَ لمْ يخبروني بذلك؟"

قاطعته قائلاً ببسمة جانبية ساخرة:
" هل يخبرونك بكل من ينضم للجامعة؟"

تنحنح وهو يرتب ياقة قميصه مبتسما برياء مضيفاً:
" تشرفنا بانضمامك لجامعتنا..أوصل سلامي الحار لوالدك وأتمنى ان تكون هذه المرة الأخيرة التي تدخل بها غرفتي من أجل مشكلة"

" ان شاء الله"

خرجتُ شامخاً بمشيتي , غير آبه لمن حولي , متجهاً الى المقهى لعلّي أجد ذاك الفتى.....
في زاوية المقهى كانت فتاتان تقفان معه...اقتربتُ منهم ملقياً السلام وسحبته من بينهما الى طاولة قريبة دون أن اعيرهما أي اهتمام...فهمست احداهما:
" ما هذا الغرور؟"

ردت الأخرى ضاحكة:
" يحق له ذلك ..فإنه وسيمٌ ويبدو فاحش الثراء"


" ما شأن اولئك معك؟!..لماذا لم تدافع عن نفسك؟"

سألت الجالس مقابلٌ لي مواسياً له فأجاب بامتنان:
" أولا اشكرك على مساعدتك لي واعتذر عمّا تلقيت بسببي"

ربتُّ على يده هامساً بتواضع:
" لا عليك..انا لم افعل شيئاً"

أكمل بكلامه:
" اسمي بلال....نجحتُ بتفوق بالثانوية..لذلك حصلت على منحة من المنح الخاصة بطلاب العائلات المستورة"

تبسّم مشيراً الى نفسه ساخراً:
" أنت ترى مظهري...ومن المؤكد انك فهمت وضعي المادي....اتيت للدراسة في هذه الجامعة لأحقق حلم أمي التي تمنت دائما لي الالتحاق بأكبر الجامعات....دخلتُ قسم هندسة وعلوم الحاسوب لشغفي بذلك منذ الصغر.."


" رائع...لكن لم سمحت لهم بفعل ذلك بك دون ان تتحرك قيد أنملة؟"

أخفض نظره للأسفل بضعف وهمس بنبرة استسلام:
" انا اتحاشى الالتقاء بهم او صدّهم عني, لان لا سند لي وسيطردونني من اول مشكلة معتمدين على مكانة ابائهم الاجتماعية"

تنهد ينفث همومه ...اتكأ بمرفقه على الطاولة وبيده الأخرى يلعب بإطار نظارته المكسورة قائلا:
"أحيانا النعمة التي تمتلكها تكون نقمة وأنت لا تدري...فبفضل تفوقي وما توفيقي الا بالله , الكثير من الزميلات يتوجهن لي لأشرح لهن بعض المواد الصعبة !!...ويبدو ان ذلك يزعج الشبان الآخرين.."

تبسمتُ هامساً:
" نار الغيرة تأكلهم...أنت أفضل منهم بلا شك...حتى لو كنت فقير المال...فبتفوقك وارادتك سيرزقك الله مالاً وفيراً بإذنه , اما هم فقراء القلوب والعقول ...فمهما بلغ ثراؤهم لا يستطيعون امتلاك هذا.."
أسندت ظهري للخلف براحة وأضفت بمرح :
" ما رأيك أن نعقد اتفاقاً بيننا؟؟"

حدّق بي ضاحكاً وهتف :
"كيف سنعقد اتفاقاً دون ان اعرف اسمك ؟"

مددت يدي اصافحه بابتسامة معرّفاً عن نفسي :
" أنا أخوك يامن "

صافحني هامساً:
" تشرفت بمعرفتك.....ما هو الاتفاق ؟"


" أنا احتاج لمساعدتك ببعض المواد وأنت ستقبل مني نظارة بالمقابل!!"

ضحكت وأضفت مازحاً:
" هذا اول يوم لي بدراسة إدارة الأعمال وسأطبق اول صفقة معك "

تبسم وأجاب بخجل ونفسٍ عزيزة :
" سأشرح لك ما تحتاج دون مقابل!"

قلت :
" هكذا لا يعد اتفاق وأنا لا أقبل بذلك.."

صمتُّ برهةً ثم أردفت :
" يبدو انك ستحرمني علمك وسأخسر من أول يوم.."

وافق (بلال) أخيراً بنيّة طيبة لمساعدتي وهو لا يعلم اني بفضل الله لا احتاج لهذا أبداً وانما هدفي اهداؤه نظارة تعويضاً عن التي خسرها دون احراج....اتفقنا ان نلتقي على مدخل الجامعة بعد انتهاء محاضراتنا لنذهب لمحل بيع النظارات ....استقلّينا سيارة أجرة ....ونحن في الطريق همس لي:
" يا لك من متواضع...تركب سيارات أجرة مع أنك ثري.."

تبسّم وأكمل :
" أنت كسرت قاعدة أثرياء ومغرورين"

بعد أن أتممنا صفقتنا , تجولنا قليلاً وبعدها عاد كل منا الى بيته ...كان يوماً مفعماً بالحركة , وُلد لي فيه أول صديق حقيقي في بلد اللجوء....

×
×
×

"نثق باختيارك لأصدقائك...لذا قربه منك اكثر لأننا سنحتاجه بتخصصه هذا بما انه متفوق"

سألت ناظراً له بتعجب:
" لمَ؟"

قال ببرود وهو يضع في فمه ملعقة من الحساء الذي أمامه:
"يمكننا الاعتماد عليه مستقبلا ان شاء الله بالقرصنة ضد الأعداء...فنحن سنُجنّد أجيالاً صاعدة في كافة المجالات.."

اومأت برأسي متفهماً وقلت :
" نعم , تقصد كما طلب السيد سليم من سامي وأحمد بشأن تخصصهما"

وضع الملعقة في الطبق ...تناول كأس الماء ليرتشف منه ...وقال:
" بالضبط ..."

تبسمت وقلت :
" سامي جاءه الفرج ...لطالما تمنى ان يلتحق بكلية الشرطة لشغفه بالمغامرة ....انه شجاع وعنيد ويعشق حل الالغاز وايقاع نفسه بالخطر اما والده كان يريد منه ان يصبح مدرب رياضة مثله ليمسك مكانه في النادي الذي يمتلكونه , لكن احتراما للسيد سليم لم يردّه خائباً وتنازل عن حلمه بشأن ابنه"


" اذاً ليثبت نفسه ونرى خيره..."


" ان شاء الله ..انا اثق بسامي وقدراته وكذلك احمد سينجح بالعلاقات العامة فهو شخص صبور, اجتماعي , لبق بالكلام وواثق من نفسه أيضا "

كان هذا حوارنا انا وأبي (إبراهيم) اثناء تناولنا وجبة الغداء بعد أن عدت من جامعتي وأخبرته عن يومي الأول بها وما حدث معي....

حككتُ عنقي ...تنحنحت وسألت:
" ما وضع شركات أبي وأمواله؟!..هل سطت الدولة عليهم ؟"

أجابني مبتسماً بحنان :
" لقد فتحت الموضوع قبل اوانه!....اطمئن , السيد سليم جمّد جميع املاككم حتى استلامكم لها لأنه يملك وكالة فيها من والدك وكنا سنخبرك بذلك عند اتمامك العشرين"

تنهدت بارتياح واضعاً كف يدي على صدري , رافعاً رأسي هامساً :
" الحمد لله...كنت أخشى من ضياع جهد أبي فيها وتصبح هباءً منثورا"

غمزني وهمس بخفوت:
" ماذا ستفعل بالأموال؟"

حدقت بالسقف برهةً أفكر ثم اجبت:
" اريد تطوير المخيم....فهو يحتاج الكثير من التعديلات وأريد انشاء مدرسة خاصة لهم"

اتكأ بساعديه على الطاولة شابكاً أصابعه ببعضها وقال بجدية :
" ما رأيك أن نتعاون في انشاء غرفة إسمنتية لكل عائلة؟؟"

هتفت بحماس :
" مدهش..."

ثم اردفت سائلاً بحيرة:
" لكن هل سننتظر حتى اتم العشرين؟"

" كلا....نبدأ مشروعنا في تموز المقبل علينا وسنتكفل بذلك من أموالي وعندما تأخذ اموالك يمكنك السداد لي كشريك بالنصف....ماذا قلت؟"

ضحكت ومددت يدي اصافحه قائلاً:
" حسناً اتفقنا..."

~~~~~~~~~~~~~~

بزغت شمس اليوم الأول من شهر آب....لقد انتظرته بفارغ الصبر...حزمت امتعتي لأنتقل الى حدود هذه البلاد شمالا ....الحدود التي تربطنا بالوطن , حيث يتواجد معسكر الثوار الاحرار...هذه البقعة والمقابلة لها في الوطن تُركت خالية ولا سلطة عليهما من قِبَل الدولتين بسبب الاختلاف برسم الحدود بدقة مما سهّل انشاء هذا المقر دون سائل او مسؤول....
وصلت المكان برفقة السيد(ماجد) بعد عدة ساعات ...وجهي يبدو عليه الهدوء لكني اواجه صراعا عنيفاً في داخلي ..أبطاله اللهفة والشغف لما انا مُقدم عليه ضد التوتر والرهبة من المجهول...

[[ جئتُ إليكم يا ثوّار....جئتُ بعزمٍ وإصرار
لا نركع لغير الله ....لا نرضى بالانكسار
ثابر..قاوم....اضرب..دافع....عُد ادراجك بانتصار
ارفع رأسك ..أشهِر سيفك ..أنت الفارس المغوار]]

استقبلني هناك القائد ( رافع جبري) مرحبّاً بي بحرارة , معرّفاً عن نفسه بأنه أحد تلامذة والدي...كم أنا محظوظ بانتسابي لأبي...أشعر بالفخر فأينما وليّت وجهي , أرى الإنجازات والبصمات التي وضعها في حياته....تبسّمت له بتواضع وبعدها وجهّني الى غرفة زملائي لأرتب أغراضي كوني سأستقر شهراً كاملاً هنا , أي مدة اجازتي من الجامعة...

عند دلوفي الى الداخل , لوهلة شعرت كأنني في السجن!!..فالأسرّة حديدية بطابقين والأفرشة بألوان باهتة وكذلك الجدران منقوشة بالرطوبة!!...لا أعلم ان كان ذلك لهدف أم انه مجرد اهمال!!
وهل ظننتُ أنني في زيارة لفندق بخمس نجوم لرحلة ترفيهية ؟؟!!

اقترب نحوي شابٌ..نحيف البدن , بشوش الوجه ...صافحني قائلاً:
" أنا اياد.. المسؤول عن احتياجات الغرفة...لا بد أنك هادي زميلنا الجديد؟"

أومأت برأسي متبسمًا فأردف مشيراً الى سرير جانبيّ بطابقٍ واحد:
" هذا سريرك...يمكنك استلامه من الآن , لقد بدّلت اغطيته....وفي الساعة الثانية سيكون موعد الغداء في الغرفة الخارجية"

همستُ له شاكرًا ثم دنوتُ الى سريري...كان بجانبه منضدة صغيرة لا اميز لونها من القشور والخدوش التي تغطيها!...وضعت بدرجها مصحف والدي وصورة عائلية قديمة في بيتنا الجبلي بالوطن وأخرى حديثة لصغاري..(دنيا, سلمى, سلوى) وبالطبع رجلي الصغير(شادي)...لقد اشتقت لمشاغبتهم......وكذلك وضعت الهاتف..
مهلا!!...ليس هذا فقط.....أيستطيع الانسان ان يتنفس من غير اوكسجين ؟!...هل تقبل الأرض أن تتواجد في هذا الكون من غير سماء ؟!..هل سأسمح لعيني أن تغمض من غير أن اكحلها في سمائها ؟!
أخرجت العقد الذهبي وضممته بكفيّ هامساً بخفوت مخاطباً له كالمجنون وكأنه يسمعني :
" لم استطع ابقائك بعيداً عني..فأنت الأمانة التي سأردها الى صاحبتها يوماً ما...اذا قدّر لنا ذلك "

ما هذا السحر الذي جعلني مدمناً لأتعلّق بقطعة معدنية تزينها صورة بلا روح؟!...كان قلبي من احتّل هذه اللحظة رغماً عني دون سيطرة....لكن فجأة انتفض عقلي يرسل اشعارات ليذكرني بمن تكون صاحبته!!..يخبرني الّا استسلم للمشاعر الخاطئة ...يجب أن ادعمه فأنا لا اريد كل هذا وما أمر به من صراع .....لقد أشعلتْ الفتنة بين أغلى اعضائي وذهبت وكأن شيئاً لم يكن...لمَ لا تعتقني تلك الصغيرة المغرورة!!؟؟..

أعدته في النهاية الى الحقيبة التي وضعتها كبقية زملائي على أحد الارفف المصفوفة على حائط...المُعدّة لهذا....

مرّ يومي الأول هكذا بين الغداء والعشاء ..اقامة الصلوات والتعرف على الزملاء.....ارتميت على سريري زافرًا انفاسي...فتذكرت انني لم اراسل اليوم والدتي لطمأنتها عليّ....اخرجت هاتفي من الدرج وقمت بتشغيله ليصدر صوتاً مرتفعا حتى أجفل من كان سريره قريبا مني وهو (اياد) الذي جلس على الفور بتأهّب , ملامحه مرتبكة , هاتفاً بحذر:
" هاتف!!...أيعلمون أنك تمتلك هاتف؟!"

نظرت له باستغراب وسألت بهدوء:
" لم؟...هل ممنوع ذلك ؟"

أجابني بصوت خفيض أقرب للوشوشة:
" بالطبع....هذا من اهم القوانين!! ألم تقرأ التعليمات بالورقة التي استلمتها عند دخولك ؟"


" لم أستلم أي ورقة!!"


قال مازحاً بنفس النبرة:
" يبدو ان واسطتك كبيرة!!....ورقة التعليمات هي بمثابة تذكرة دخول !!"

سألته بتعجب:
" هل تمتلك واحدة؟"

استدار الى درجه يخرجها ودنا مني يعطيني إياها ثم قال :
" ها هي اقرأها.."

اخذتها اتفحصها...كانت ورقة سميكة مغلّفة بمادة لا تتأثر بماء او حريق...وجهها الأول بالأحمر والآخر بالأخضر....تحمل اسفلها بصمة واسم ورقم هوية صاحبها...
الوجه الأخضر كان للمسموح في المعسكر...بدأت اقرأ بنوده بسرعة...كانت عديدة ومنها لا تعنيني ...قلت مشيراً على احداها بسخرية :
" هل سيجبرونني على النوم ان لم اكن اريد ذلك بغير ليلة الجمعة...أنا احب السهر !!"

قال ضاحكاً:
" من قال انك ستنتظر صلاة العشاء من شدة التعب والارهاق بسبب التدريبات الصعبة المكثفة ؟"

صمت برهةً وأشار بعينيه هامساً:
" هيا اقلب للوجه الأحمر واقرأ.."

كان الوجه الخاص بالممنوعات وما أكثرها..!!

اول ما وقع نظري عليه هو البند الأول والذي يمنع امتلاك الهاتف وان وجد يجب تسليمه في الحال....نظرت بعشوائية للوسط وكان بند يمنع الدخول بأي علاقة حب , ارتباط...وحتى الزواج في السنوات الأربع بالمعسكر!!...وكان بندٌ اخرٌ يمنع جلب الآت حادّة واي نوع من الاكسسوارات.....ها هم يصفعوني بأخرى من المحظورات ليأخذوا الاوكسجين خاصتي...!!
ضربت جبيني بكفي قائلا بضيق:
" يا الهي ..ما هذه القائمة ومن قال انني مجبر على تنفيذها !!؟؟"

وضع سبابته على فمه وهو يحرك حدقتيه يمنة ويسرة بقلق هامساً:
" ششش...من يخالف التعليمات يعاقب "

قلت قاطباً حاجبيّ باستياء:
" أي عقاب؟"

شرح لي أنواع العقاب وكان معظمها حرماننا من أشياء حيوية تخصنا....تأففت واعدت له ورقته....الصقت رؤوس اناملي اليمنى باليسرى , ناظرا الى الأرض للحظات لأحسم أمري!!.....فززتُ من مكاني حاملا الهاتف ثم توجهت لأخرج العقد من حقيبتي وهتفت باسمه طالبا منه مرافقتي لمكتب المسؤول عن كل هذا....

دخلنا غرفته بأدب والقينا التحية على رجل ضخم بشارب كثيف مرتب...يرتدي زي العسكر ..على صدره صورة مطرزة لفهد أسود وهو الرمز الخاص بإحدى كتائب الثوار...كان يجلس خلف مكتبه بملامح قاسية تنضح هيبة وقوة...لا اخفي انني ارتبكت بدايةً من مظهره !!....لكني استجمعت قواي وهمست بصوت رزين مسموع وأنا امدّ هاتفي لأضعه على الطاولة :
" تفضل سيدي...لم اكن اعلم ان الهاتف ممنوع ولم يعطني احد ورقة التعليمات.."

حدّق بي لثواني دون ان ينطق بكلمة !!...ثم قال بصوت غليظ:
" هل انت الشاب الجديد؟"

قلت:
" نعم...انا هادي الشامي"

قال:
" اعلم أنك لم تستلم ورقة التعليمات وكان بسبب ثمة اشكال بالاسم لكننا اصلحناه وفي الغد ان شاء الله ستضع بصمتك ليصدروا لك واحدة "

مدّ يده الى هاتفي واخرج كيسا بلاستيكيا من درجه كالذي يستخدمونه في السجن لأغراض القاتل او القتيل او أي دليل يخص الجريمة.....كتب اسمي عليه ووضع الهاتف به ثم رفع نظره اليّ سائلا:
" أيوجد شيءٌ آخر يجب تسليمه ؟"

ترددت في البداية ...بعدها أخرجت العقد بتأني من جيبي ...شددت قبضتي عليه قائلا بجدية:
" لا يوجد غرض اريد تسليمه...لكني سأريك شيئا سيبقى معي ولو انه من الممنوعات"

شهق الواقف بجانبي واضعا يده على فمه من جرأتي..اما الجالس امامي رفع حاجبيه باندهاش هامساً بسخرية:
" أتعي ما تقول أيها الفتى ؟"

اجبت بشجاعة:
" طبعا.....انا لم اخطئ ولا أرى من داعي لتسليمه لكم وهو لا يؤذي حتى نملة "

ضربني (اياد) من طرفي لأصمت وانتفضَ من صوت الذي قال :
" لا أعلم ان كانت جرأة او وقاحة ؟"

ثم نهض يدنو مني ..يمد يده قائلا بحزم:
" ارني إياه وأريد ان اعلم لمَ التمسك به ؟"

اجبته بثبات وهدوء :
" سأريك إياه ,وأحد أسباب تمسكي به انه امانة معي "

قال آمراً:
" ارني إياه أولا وبعدها نتحدث"

قلت:
" ستعيده لي كما اخذته وسأثق بك كما انت ستثق بي"

سأل متعجباً:
" لم سأثق بك؟"

اجبته ببرود:
" يكفيك أني جئتك بنفسي وكان يمكنني إخفاء عنك كل هذا."

رمقني بنظرة مريحة مع بسمة مُطَمْئِنة ...ارتحت له فسلمته إياه.....فتحه...تمعن بالصور وقال:
" من هؤلاء؟"

قلت:
" واحدة فقط تهمني ولا اكترث للباقي!"


" من؟"


اجبت مشيراً بسبابتي:
" هذه الصغيرة."

نظر بفضول وسأل:
" ما علاقتك بها وماذا تعني لك؟"

وددتُ ان أقول ...حبيبتي العدوّة او عدوتي الحبيبة او المغرورة ...بل ابنة قاتل ابي ...لكني قلت بإيجاز جريء:
" حبيبتي..!!"

شهقة أخرى من حنجرة الواقف على يميني .....اما الاخر استقام بوقفته ثم سار باتجاه كرسيه يقف خلفها واضعا يديه على راسها هامساً ببرود :
" يا لوقاحتك وجرأتك !!...ممنوع ثالث ترتكبه في يومك الأول وتعترف به!!...وما خفي ربما اعظم "

قلت بثقة:
" هل الحبُ وقاحة يجب ان نخجل منه ونخفيه اما الكره والحقد أدب لا مانع بالجهر به ؟؟...وهل يستأذنك قلبك عندما يحب ؟؟....أتستطيع أن تختار من ومتى تشاء ليسكن فؤادك ؟؟"

صمتّ قليلا ثم اردفت محدّقا بعينيه بتحدّي :
" لا تستطيع ان تسمّي كل ذلك أخطاء لأنني انا اتيت اليك فور معرفتي بالتعليمات ..اما الحب موجود قبل ان التحق بمعسكركم."

قال بقسوة آمراً:
" ستقطع علاقتك بها على الفور هذه الفتاة "

املت زاوية فمي ببسمة جانبية هامساً:
" لا تخف ..هي صغيرة وفي الجانب الاخر من العالم ولا يربطنا الا هذه الأمانة"

ناولني العقد قائلا:
" أرجعته لك بسبب شجاعتك وصدقك ...لكن المرة المقبلة ان شاء الله.. لا تجلبه معك.. والان لا تخرجه من الحقيبة بتاتا والّا يتغير كلامي.."

عدنا انا وزميلي(اياد) الى الغرفة بعد ان شكرته ممتنا له لثقته بي ...استلقيت على سريري اتوسد ذراعي فاقترب مني هامساً:
" ما هذا يا رجل؟ من اين لك الشجاعة للتحدث هكذا مع السيد ماهر؟..كاد يغمى عليّ وانت تكلمه "

حركت راسي باتجاهه مجيبا بهدوء:
" عندما تكون على حق وغير مخطئ لا تخشَ أي انسان كان من يكون....كذلك الصدق هو دوما النجاة مهما كانت صعوبته...سيمدك الله بالقوة دون أن تشعر ما دامك تسير على طريق صحيح...فقط توكل عليه واحسن الظن به.."

اجابني بضعف ضاحكا على نفسه :
" نعم المولى ونعم النصير ...لكنني لو كنت على حق، انا مستعد ان اعترف بأشياء لم افعلها خوفا منهم "

شعرت بقلة حيلته وضعفه فجلست مقابلا له وسألت بفضول:
"اذاً ماذا تفعل بالمعسكر وهو يحتاج للشجاعة والإرادة ونصرة الحق؟؟"

اخفض رأسه بخجل مجيباً:
" لهذا انا وظيفتي مسؤول عن الغرفة واحتياجاتكم ولأتواجد مستقبلا ان شاء الله في ساحات المعارك لخدمة الثوار ليس اكثر.."

وقفت ودنوت منه اربت على كتفه محفزاً له :
" انت تستطيع فعل الكثير وستصبح بطلا بلا شك ...لا تحصر نفسك في هذه الدائرة فقط.....ثق بي....فكل منا بطلٌ بطريقته وبالهدف الذي يسمو اليه ويحققه بإذن الله "

استأذنته وعدت الى سريري لأنام لأنني مرهق من هذا اليوم الطويل...

×
×
×

تمرُّ علينا ساعات طويلة شاقة جداً اثناء التدريبات...نبدأها من بعد صلاة الفجر بكأس ماء وحبة تمر ...نستريح دقائق قليلة للصلوات وتناول وجبات خفيفة ...كنتُ مثلما قال ( اياد) , اجاهد لانتظار صلاة العشاء من شدة التعب!!
كانت التمارين مختلفة توزع على مدار الأسبوع ومن ثم نعود لتطبيقها باقي الأسابيع خلال شهر مكوثنا , فمثلا في اليوم الأول يكون التركيز على عضلات الارجل , الذراعين والصدر وفي اليوم التالي نذهب لساحة تتوسطها بركة مائية ..ليست كبرك المنتجعات!! بل ارضها وحوافها طينية ...ماؤها ممزوج بالتراب واوراق الشجر !! الهدف منها الثبات تحت مائها لمدة معينة وحتى يجعلوا التمرن من غير ملل , حولوه لمنافسة بيننا من يستطيع الثبات اكثر ...هذا جعل بها شيئاً من المتعة !!.....كانت تدريباتنا تشق لها الأنفس من صعوبتها او حتى ما يثير الاشمئزاز من قباحتها ولكننا كنا مجبرين على تحمل كل هذا للانتقال الى مراحل أخرى أكبر وأخطر فداءً للوطن...
انتهى الشهر بالسلامة على امل العودة في السنه القادمة لمدة أطول وتدريبات أقسى وأصعب....كذلك اجبرونا على الالتحاق بنوادي اللياقة البدنية خلال السنة لبناء جسد صحي وقوي ....تعرفت على أصدقاء جدد في معسكري وأهم ما جمعنا معاً هو حب الأرض ونصرة الحق.....

تركتُ (هادي) على الحدود في المعسكر لأستمر بالتمثيلية لأجلٍ غير مسمّى بِاسم
( يامن)...

عدتُ الى بيتي ولم يتبقَ الا أسبوعٌ لتفتح الجامعات أبوابها لاستقبال السنة الدراسية الجديدة ..!!
رحّب بي ابي (إبراهيم) بمشاعر صادقة و نابعة من قلبه كنا كمن أكملنا بعضنا البعض , نحاول سد احتياجه لابنه بي واحتياجي لأبي به....همس لي بحنوٍ:
" كان القصر من دونك كئيباً وبعودتك لنا سالماً عادت له الحياة...حمدا لله على سلامتك "

عانقته بقوة وهمست له :
" وانا اشتقت لك واشتقت لأهلي كثيراً....اريد الذهاب لزيارتهم"

ربّت على ظهري مبتسما وقال:
" بالطبع كما تريد....اذهب متى شئت ......هيا استحم وانزل لتناول العشاء , لا بد انك جائع ومشتاق لطعام البيت.."

رسمت ابتسامه خفيفة وقلت بوهن :
" اعذرني ابي ..اريد ان اصلي وأنام ..لا رغبة لي بتناول أي شيء... "

اومأ برأسه برضا وهمس :
" حسنا بني....تصبح على خير "

صعدتُ الى غرفتي .... استحممت , صليت المغرب والعشاء ثم حملتُ حقيبتي أفرغها لأعيد الأغراض الى مكانها وقلبي يهفو مشتاقاً للسماء التي حُرمتُ من اللجوء فيها شهراً كاملاً لأول مرة منذ ثلاثة أعوام...!!

~~~~~~~~~~~~~~~

تقف من خلف النافذة الكبيرة...تكتّف ذراعيها على صدرها...تشرد بمنظر اندماج زرقة السماء مع زرقة المياه , التي ينتج منها لوحة فنية من ابداع الخالق لا يضاهيها الّا سحر عينيها ليقطع متعة شرودها هذا طرقات خفيفة على باب شقتها في البناية الشاهقة المطلة على البحر من مدينة تورونتو الكندية.....دلف الى الداخل بعد ان فتحت له الباب الخادمة الأجنبية.....استدارت نحوه تسأله بضيق واستعلاء:
" لمَ تأخرت ؟! وأين صديقك المسمّى كرم ؟"

غمزها قائلا :
" لا تنسي انه اخوك.."

مع أنه يعلم رفضها ونكرانها لهذا الا انه أراد اغاظتها لأنه يحب رؤية تلألؤ بريق الغضب في عينيها لتزدادا سحراً....

توجهت الى الاريكة تضع ساقها تحتها ...تحتضن المخدة الصغيرة وهي تتأفف هامسة بحنق:
" لو كان أخي لأهتم في شؤوني...لكنه لا يأتي لزيارتي الا اذا انت اجبرته .."

ألقت المخدة الى جانبها ..عدلت جلستها ثم تابعت تحرّك سبابتها بتهديد منفعلة :
" لو كنت اريد لأخبرت أبي ليعيده الى هناك لكني ما زلت أشفق عليه....أخبره بذلك فأنت صديقه المقرّب"

اقترب منها مبتسماً ...جلس بجانبها وقال:
" لا تهتمي له...ألا أكفيك أنا ؟!....طعامي أتناوله معك , حتى واجباتي المدرسية أقوم بحلها هنا ولا نفترق الا للنوم.."

ردت عليه عابسة بدلع :
" لأنك مجبر بوصايا والدَيك وأبي...فأنت لا تحبني كالبقية!"


" هيا يا ألمى اتركي الدلال ..أنت تعلمين مكانتك عندي ولا احد يجبرني على شيء لا اريده..."

صمت قليلاً ثم تابع بتردد:
" لدي خبر جيد وآخر سيء ...بأيهما أبدأ؟؟"

اجابت بهمس خافت وهي تنظر للأرض:
" السيء انهم رفضوا ذهابنا لزيارة البلاد...لقد اخبرتني خالتي "

قال :
" لا تحزني ...الم تخبرك انهم سيزوروننا خلال السنة مرتين او اكثر ؟؟"

لم ترد عليه وهي شاردة بوجوم ...وضع يده على كتفها يهزها وهمس :
" هيه ألمى ...هل سمعتِ ما قلت؟"

غزت نبرة صوتها نغمة حزينة :
" سمعت!!..انا الخاسرة الوحيدة"

نظر لها بتيه سائلا:
" لم تقولي هكذا؟؟...يجب ان تفرحي ..سنراهم اكثر من السابق"

اجابت بتذمر :
" لأنني لن اذهب الى المخيم ..."

اخفضت صوتها واردفت:
" ولن أرى هادي لاعتذر منه .."

استشاط غضباً في داخله ...اكثر ما يكره هو ذكرها لهذا الاسم ...حاول تمالك اعصابه ..لا يريد ان يصل معها لنتائج وخيمة....لكنها لا تنفك عن ذكر هذا حتى أصدعت رأسه ...قال بصوت جاف :
" ألمى ...أنا لا أفهم الى متى ستشغلين بالك بذاك المتشرد ؟؟!!"

ترقرقت الدموع في عينيها ...لا ذنب لها ...لا تعلم لمَ مشاعرها تنجرف الى تلك البقعة...كأن قوة الجاذبية التي تمتلكها الأرض , تجمعت في ذاك الحضن الدافئ.....وبنطقه كلمة متشرد , أثار حفيظتها فقالت حانقة:
" صلاااح لا اسمح لك ....لا تنعته بالمتشرد !! "

استقام واقفاً كأن تياراً صعقه....لقد بلغ السيل الزبى من تحمله...هتف بحنق :
" اذاً فلتشبعي به....سلام"

ولّاها ظهره عازماً على الخروج عاصفاً بمشيته....فزّت من مكانها تلحقه ...ملامحها منهزمة...تشعر انها ستفقد صديقها الوحيد...وصلته قبل ان يفتح الباب , تمسك يده ...تسمّر مكانه ناظراً ليديهما ...فهمست بدلال ونبرة رقيقة ,متوسلة:
" صلاح ارجوك لا تذهب ..."

رق قلبه لها ...لا يقاوم توسلاتها ...تنحنح وقال :
" إذاً عديني انك لن تذكري اسمه امامي ... "

أسبلت اهدابها هروباً من عينيه...ابتلعت غصة في حلقها وهمست مجبرة:
" حسنا...لن اذكر اسمه امامك.."

استجمعت قواها...رفعت رأسها تنظر اليه قائلة:
" ساعدني على نسيانه ..."

استدار مقابلاً لها ..انحنى قليلا بظهره..قبض جانبيّ كتفيها وقال مثبتاً عينيه بعينيها :
" ألمى ....صدقيني , مثل هؤلاء لا يستحقون اهتمامنا ...نواياهم خبيثة بالتقرب لنا ....يغارون منا لأننا افضل منهم ....اساسا انا متأكد انه لا يذكرك ولا تأتي في باله اطلاقاً.....لذا عليك الخروج من اوهامك والالتفات لدروسك فقط , انت ما زلت صغيرة وترهقين عقلك بأمور اكبر منكِ..."

اومأت برأسها موافقه , ترمش بعينيها ....استعاد هو رباطة جأشه ...رسم ابتسامة على وجهه ...قرر ان يبدد فكرها ويحوله الى اكثر شيء يتفقان على حبه هما الاثنين ...فهمس بمرح بعد ان انتصب بوقفته :
" خمّني ماذا يوجد الليلة ؟!!"

حدّجته بفضول تحاول اختراق دماغه ...

تبسّم وقال:
" شيئاً نحبه كلانا.."

توسعت عيناها ...تهللت أساريرها ...نصبت ظهرها باستعداد وهتفت :
" عرض لسباق السيارات !!"

رفع كفه لتضرب كفها به بعد أن اصابت بتوقعها . هامساً بحماس:
" صح....في السابعة مساءً"


" هل سيشارك بطلنا آيدين فيه ؟؟"


رد بنفس الحماس غامزاً:
" ليس هذا فقط...انما سيكون ندّاً له جاكسون "

قفزت تصفق كفيّها ببعضهما هاتفة:
" يا للروعة....سيكون تحدّياً كله إثارة"

ضحك وقال:
" اذاً انتظريني لنشاهده معاً...سأجلب معي المسلّيات..."

تنهدت بارتياح وهتفت:
" من حُسنِ حظنا ان غداً إجازة لكي نستمتع دون التفكير بالمدرسة..."

مدت يدها تمسك ذراعه وهمست بنعومة:
" سأنتظرك ...لا تتأخر"

كان أكبر امنيات (صلاح) امتلاك سيارة رياضية عندما يكبر وان يشارك بهذه النوعية من التحدّيات والعروض...وبسبب مكوثهما معاً يبدو ان الشغف بهذا انتقل لها وأصبحت افضل هواياتها ومتعتها هي مشاهدة عرض سباق السيارات..!!

~~~~~~~~~~~

تنتظره مهمة صعبة!!....عقله مشوش ..يفكر في نفسه , يقول.."لقد وضعني اخي سليم تحت الأمر الواقع....كيف يوكّلني لهكذا أمر؟!....ألم نتفق الّا ندخل النساء من جانبهم بتلك الخطة؟....ما الذي تغيّر الان؟؟ ...لا بل والمصيبة انه أدخل السيدة (فاتن) بالموضوع لمساعدتي!!....هل ستتقبلان هذا , خاصة عند معرفتهما بعلاقة عاصي بمقتل محيي الدين؟!...حسناً هو أكّد لي انها ستوافق من أجل هادي ....لكن الى ايّ مدى هو واثق من ذلك ؟!...ماذا اذا أتى هذا القرار بنتائج عكسية؟!...انا اعلم كما هو يعلم ان الشقيقتين مستحيل ان ترتبطا بزواج آخر من بعد زوجيهما!!....كيف سأفتح هذا الموضوع معهما ؟؟!!"
تلك التخوّفات اجتاحت عقل السيد (ماجد) وهو متوّجه الى المخيم بمركبته الخاصة مع لحاق السيدة (فاتن) له بسيارة اجرة بعد ان اخبرها الموضوع!!....استقبلتاهما بتشكك ونظرات غريبة لرؤيتهما معاً....قطع هذه النظرات السيد (ماجد) طالباً برقيّ:
" من فضلكما , نريد التحدث بأمر هام!!...لذلك علينا الابتعاد عن ازدحام المخيم.....ممم....مثلا لنذهب الى الوادي القريب!!"

وضعت امي يدها على صدرها شاهقة بذعر:
" هل حصل شيءٌ لهادي؟"

تبسم مجيباً بهدوء :
" اطمئني سيدة عائشة , هو بخير وسيزورك غداً او بعد غد"

تنهدت قائلة:
" آه الحمد لله , خشيت ان مكروهاً قد أصابه لا قدّر الله "

تابعت بكلامها:
" ما هو الأمر الهام من بعد هادي؟"

اجابت السيدة(فاتن) بابتسامة لطيفة هادئة , تعاكس ما يدور بداخلها من ارتباك استعداداً لردود الفعل:
" لنذهب الى الوادي ونتحدث هناك.....ان شاء الله كل خير اطمئنا "

وصّت امي شقيقتي(دنيا) للاعتناء بـ (شادي) ريثما تعود ثم رافقت هي وخالتي من أتيا لزيارتهما...
كانت تتسارع دقات قلبيهما وهما بانتظار القاء السيد (ماجد) لقنبلته الموقوتة....
رفع قبضته أمام فمه....يسعل ليعيد صوته بثبات....وقال موجهّاً كلامه لخالتي بنبرة آمرة وهو يتحاشى النظر لها:
" سيدة مريم....عليكِ الزواج من احدهم .."

رمقتاهُ بنظرات مبهمة...لم تستوعبا ماذا نطق للتو!!....بعد ان وصل عقليهما كلامه , ردت خالتي بجدية ونفور:
" ما هذا الهراء سيد ماجد؟!....الم تلاحظ أنك تأمر أمراً ولا تطلب بلباقة واحترام!!"

أكملت امي بحزم:
" لم أتوقع هذا الأسلوب منك سيد ماجد"

ثم التفتت بحدقتيها الى السيدة (فاتن) متسائلة :
" ولا نعلم بعد ما علاقتكما ببعض!!....هل تريدان اخبارنا ام تتركاننا نصارع دماغنا ؟!"

أجابت السيدة (فاتن) بلطف :
" اهدئي يا عائشة....سنخبركما بكل شيء....لكن على مريم الموافقة على الزواج"

ردت خالتي (مريم) بغضب:
" لا اريد معرفة علاقتكما...لا اهتم...ومن فضلكما اقفلا هذا الموضوع"


" ولا حتى من أجل هادي؟؟!!"


ألقاها السيد (ماجد) ليسمع بعدها كلمات صاروخية من أمي المنفعلة :
" ما علاقة هادي؟...ماذا جرى له ؟؟...هل هو في خطر ؟؟ اخبرنا الحقيقة!!"

اقتربت منها السيدة(فاتن) ..تضع يدها على كتفها وهمست :
" لا تخافي هو ليس بخطر!!...لكن تنتظره مهمة عظيمة ستفتخرين بها ان شاء الله "

سألت خالتي بتعجب:
" مهمه؟!..ما هذه المهمة؟...وما شأني بها ؟!"

رد السيد (ماجد):
" الا تريدان الانتقام من قاتل القائد محيي الدين !؟"

صرخت امي :
"ماذااا؟؟"

ابتلعت ريقها واردفت :
" هو استشهد بالحرب...هل سننتقم من جميع مَن كان هناك ؟!"


" لا....هو اغتيل غدراً من غير عراك على يد خائن , خسيس..بائع للوطن"

قالها ببرود لتنهار على ركبتيها , مشتتة, ضائعة ...تضع يدها على صدرها تحاول السيطرة على خفقان قلبها الذي ينبض بعنف...دون تصديق!!...ثم همست بأنفاس لاهثة وكأنها خارجة من سباق للجري:
" غـ..غـ...غدر !! ..قتل غدر؟!...من هذا النذل , اللعين , الذي فعلها ؟!"

كانت خالتي تقف مصدومة..تنظر لأمي ....بعدها حرّكت رأسها باتجاههما سائلة بفضول:
" أي نذل فعلها ؟؟...وماذا يخدم زواجي بالانتقام !! ..ومن يكون هذا الرجل الذي تتوهمون بزواجي منه؟!"

قاطعتها أمي منتفضة من مكانها صارخة :
" أخبرنا من هذا الوغد.!!"

دنت منها السيدة(فاتن) من الخلف بحذر..رفعت يدها تمسّد على رأسها من فوق الحجاب , تحاول تهدئتها!!....نظر السيد ( ماجد) لها ...رمشت بعينيها مع ايماءة خفيفة برأسها , تخبره باستعدادها لذلك...أعاد نظره لأمي وقال :
" الوزير السابق عاصي رضا"

خرج صوت واحد من كليهما بصدمة ...بعد ان تلقتا هذه الطعنة :
" مـــــن؟؟!!"

فقدت أمي السيطرة على أعصابها...قطبت حاجبيها...زفرت أنفاسها المشتعلة....استدارت بجسدها لتقابل التي كانت خلفها ...رمتها بنظرة حارقة وهتفت بنبرة جارحة :
" وهل جئتِ انت لتكملي على بقية عائلتي ؟!"

صوبت نظرها للسيد (ماجد) وتابعت بنفس النبرة:
" ما علاقتك بها ؟؟ وكيف تتكلم عن مهمة تخص ابني امام احدى افراد عائلة اللعين ؟؟...هل انت معنا ام علينا ؟!"

ازدردت ريقها وأضافت آمرة:
" أين ابني؟...لا اريد الانتقام من احد وأعيدوه لي فوراً "

اقتربت منها هذه المرة خالتي هامسة بقوة:
" انتظري اختاه...سنصغي لهما للنهاية وسنقرر سويّا انا وانت فقط , ماذا نريد رغما عن الجميع "

تبسّم السيد (ماجد) بأمل...على الأقل ستستمعان له ولم تطردانهما ...نظر للواقفة بوجهٍ محمرّ , تشعر بالإحراج من موقفها وصلتها القبيحة بـ ( عاصي رضا)....بدأ يسرد عليهما الحكاية من البداية....ساعدته السيدة( فاتن) بالقسم الخاص بمقتل والدها حتى اتصال السيد سليم الأخير وتوكيلهما بالمهمة...
تعاطفتا معها من هول ما سمعتا .....اعتذرتا منها على تسرعهما وفظاظتهما....تابع السيد ( ماجد):
" وللانتقام منه يجب ان يتزوج هادي من ابنته لدخول بيتهم براحة للبحث عن الأدلة وإتمام المهمة!!"

قاطعته امي بغيظ مشمئزة :
" مستحيــل أن اقبل بزواج ابني من ابنة النجس !!"

نزلت دمعة قهر وهوان من السيدة (فاتن) على صغيرتها التي تأخذ ذنب والدها....رأتها فهمست بهدوء :
" لا تؤاخذيني فاتن ..انا أعلم مكانتها عندك!!....صحيح لا ذنب لها ...لكن في النهاية تحمل اسم قاتل والده.."

تدخّلت خالتي سائلة باستغراب:
" فاتن كيف تجازفين بابنة اختك بهذه المهمة وهي أغلى ما لديك !! ألا تخافين عليها ؟"

جاهدت لرسم ابتسامة يتيمة, متألمة وأجابت :
" لا أخاف عليها ما دام ستكون زوجة إذا أذن الله بذلك , للشهم ابن الشهم ..أنا متأكدة أنه لن يقسَ عليها ولن يشركها بانتقامه.....وافقت لتكون تذكرة عبور للوصول للحقير دون ان تتأذى بعد ان اخذت كلمة وعد من السيد سليم والسيد ماجد والّا على جثتي لن اسمح بلمس شعرة منها ...وأعلم انكم ستحافظون عليها كابنتكم!.......على كل حال الحديث سابق لأوانه فهما ما زالا صغيرين ولا نعلم ماذا يخبئ لنا المستقبل!!"

كررت خالتي سؤالها بفضول :
" ماذا يخدم زواجي بالانتقام وما علاقة هادي ومن هذا الرجل اصلاً؟"

أجاب السيد(ماجد) على الفور :
" عاصي رضا شخص ماكر وذكي....نريد رسم لوحة عائلية سعيدة للسيد إبراهيم وابنه يامن ..أي هادي , لنصوّر له انهم يعيشون حياة عائلية مستقرّة , فعدم زواج السيد إبراهيم وهو بمكانته هذه , سيثير الشبهات حوله ولن يصدق أحد انه وفاءً لزوجته , وأنسب شخص يشاركه حياته هي أنت سيدة مريم لرابطك العائلي بهادي...فلا يكون قيود وانتم معاً....ستكونين زوجة الاب الحنونة التي لم ترزق بولد ومن ربت ابنه يامن بمشاعر صادقة.....وبهذا تحمين هادي من أي زلة من الممكن ان تودي بحياته "

أنهى كلامه وأمعن النظر والسمع , ينتظر اجابتها بفارغ الصبر....فقالت بصوت منخفض مستسلمة :
" مـ... موافقة "

تنهد بعد جهدٍ بارتياح ناظرا للسيدة (فاتن) مبتسما بعد إتمام مهمتهما بسلام من غير ضحايا.....

~~~~~~~~~~~~~~~

مضت فصولنا الأربعة وتبعتها بأربعة أخرى لأصبح في العشرين من عمري .....سنتان كاملتان حملتا بين طيّات ايامهما الكثير من الأحداث !!...لقد تم خلالهما زواج خالتي بالسيد (إبراهيم)....نقلنا عائلتي الى شقة كبيرة , قريبة من حيّنا !!...كم تمنيتُ المكوث معهم , لكن ظروفنا تتطلب غير ذلك!....لا أنسَ خالتي (أم سلمى) الأم ألثانية لشقيقي , عند استلامنا املاكنا بشكل رسمي, قمنا بشراء بيت صغير لها ولابنتيها بعد اصرارنا عليها ففي البداية رفضت بقوة...انها امرأة عزيزة النفس ! ... كنتُ انا ووالدتي أكثر عناداً منها ولم نستسلم لتعنتها.... يبعد بيتها عن شقة أهلي مسافة خمسة عشر دقيقة .....لهذه العائلة مكانة مميزة في قلبي ...أشعر أنني مسؤول عنهن وواجبي حمايتهن...هي رحمة بعثها الله اللطيف بعباده في طريقنا لتكون المنجية لشقيقي وأتمنى أن أكون انا سنداً وابناً لها على أرض الشتات.....كما لم تبرح من ذاكرتي صورة أهل المخيم وهم يرقصون ويهتفون ويسجدون الشكر لله عندما قررنا انشاء غرف اسمنتية لهم تحميهم من برد الشتاء وحر الصيف !!...لقد وُفقنا في مشروعنا هذا بمشيئة الوهّاب الرزاق, حتى اننا امددناهم بالكهرباء وتشاركنا بدفع فواتيرها للنساء الارامل اللواتي لا سند لهن... أحطنا المخيم بجدار للحفاظ عليه في بقعة مرتبة آمنة تحتوي على ما يقارب التسعين بيت لأرواح تهجّرت من ضمائر تحجّرت!!.... كان جميعه بدعم أهل النخوة والخير من أصدقاء ابي من رجال الأعمال في الوطن وخارجه...بدأنا بإنشاء مدرسة صغيرة داخله... وعلى مدخله بوابة تزيّنها صورة لوجهٍ يشع بالنور , خُطّ تحته (مخيم الشهيد القائد محيي الدين الشامي )..... كل شيء تغير فيه الّا تلك الخيمة التي تحمل رقم 86 !!...ظلّت صامدة مكانها ...أنا من أبقيتها على حالها ....نعم لن أتخلى عنها وهي من آوتني في أصعب وأحلك أيامي...هل سأنكر فضلها عليّ بعد أن لامستُ النجوم؟!...كلا...ستبقى شامخة لتُذَكرني أن لا شيء يبقى كما هو إلا هو ....لا الغني يبقى على حاله ولا الفقير !!....أبقيتها كي أصفع نفسي بها اذا حاولت التكبر والغرور ....أبقيتها لأحافظ على نار الانتقام داخلي ممن كان السبب في تشردنا !!...سأزورها لتكون ملاذي من قهر الأيام والعبء الذي وضعوه على كاهلي ....يكفيني ما تذوقت من الغربة ....تغربت من بلادي ثم غربوني من اسمي ....لتكون هي العنوان الذي أجد فيه نفسي بعيداً عن المسرحية الحمقاء!!....لأكون فقط فيها, أنا هادي....

×
×
×

بعد انقضاء معسكري الثالث في شهر آب وعند عودتي الى قصري , زال كل تعب الطريق لرؤيتي من كانوا في استقبالي لتناول وجبة العشاء معنا !!....القيتُ حقيبتي وفتحت ذراعيّ ليقفز في حضني شقيقي المشاكس الذي اصبح في عامه الخامس...قبّلته وهمست له وانا استنشق رائحته :
" كم اشتاق لك أيها الرجل الصغير!!"

أخرج لسانه ليغيظ (دنيا) وقال لي:
" دنيا تقول انك تسخر مني بقولك عني رجل وتقول انني ما زلت صغيراً لا أفقه شيئاً"

مسدت على شعره وحككت انفي بأنفه مداعباً له ...وهمست قرب اذنه :
" لا تهتم لها...هي تغار منك فقط "


" هيا انزل يا صغير ...الآن دوري لأعانق شقيقي ..هو ليس لك وحدك "

قالتها التي اقتربت مني ترتدي حجاباً أضاء وجهها الجميل...فتحتُ لها ذراعي الأيمن وعصرتها به اقبّل جبينها و(شادي) متشبثاً بي رافضا النزول...
" ما هذه المفاجأة يا دنيا؟! متى تحجبتِ؟!..."

أجابت بخجل وهي تحت ذراعي وتحاوط بيدها خصري:
" وعدت والدتي بارتداء الحجاب عند بلوغي الثالثة عشر وانتظرت الى حين عودتك لأفاجئك....أي هذا اول يوم لي "

شددت اكثر بعناقها بحب واعتزاز هامساً بحنان :
"مبارك لك عزيزتي ...لا تتصوري فرحتي برؤيتي لك هكذا...انا فخور بكِ....جعلك الله من الصالحات !!"

حررتها من ذراعي وأنزلت (شادي) على الأرض ....توجهت لنبض الحياة , أمي ...جثوتُ أمامها حيث كانت تجلس على الأريكة...ضممت كفيْها بقبضتيّ أقبلهما.....حرَرتهما مني ومدت احداهما تمسّد على شعري....عيناها محتقنة بالدموع هامسة بحنوٍ:
" رضي الله عنك يا ولدي ...مرّت الأيام بسرعة وأصبحت رجلاً حقيقياً يُشدّ بك الظهر....حماك الله "

كانت عيناي تلمع وانا ما زلت جاثياً امامها اتكئ بيدي على ساقيها وهي تحاوط وجهي بيديها ...ثبتُّ حدقتيّ أتأملها لأبلّ شوقي منها ..

" من بعد فضل الله هو بفضل دعائك أماه...أطال الله بعمرك وأراح قلبك "

مسحت دمعة نزلت من عينها وقالت بصوت متحشرج:
" متى ستعود لنا؟؟...نشتاق لك دائما يا ولدي!"


" ارجوك تحمّلي ...ما زال مشواري طويل ...انا اشتاق لكم اكثر...صبرٌ جميل والله المستعان"


" صبرتُ كثيراً ...لا اريد الحصول على شيء غيرك "

سمعتها خالتي وقالت بحزم :
" لا تثبّطي من عزيمته يا اختي....لا تجعلي مشاعرك تتغلب عليكِ...يجب ان نعود للوطن ونعيش بسلام ,فقط ادعميه بدعائك ...ثم ها هو هادي امامك ومتى تطلبينه يكون عندك"

رفعت امي نبرة صوتها هاتفة:
" لم أعد اتحمل وحدي , شقيقته في سن حسّاس وتحتاج لرجل لحمايتها وشادي يتعبني بدلاله"

قلت وأنا أعلم ما تمرّ به من حِمل واحتياج :
" امي دعي أمر شادي لي أما دنيا فهي كبيرة وخلوقة لم تحيد لحظة عن كلمتنا وكذلك انا لم أغفل عنها يوماً...لمَ تصعبين الأمر عليّ؟!"

صمتّ برهةً وأضفت:
" أعدك انني في نهاية كل أسبوع سأتواجد معكم في بيتنا...هل هذا يرضيك؟"

انفرجت تقاسيم وجهها ...وضعت يدها على كتفي وقالت برضا:
" حلٌ مناسب وجميل...يرضيني بالطبع "

~~~~~~~~~~~~~

" ادخلي صغيرتي .."

دخلت مندفعة تزمّ شفتيها عابسة بتصنع قائلة :
" خالتي ...لم ما زلتِ تقولين عني صغيرة !؟"

دارت حول نفسها بحركة سريعة تشير لجسدها هاتفة بافتخار :
" انظري جيداً كيف أصبحتُ كبيرة...حتى أنني قاربت لطولك "

ضحكت التي كانت تجلس على سريرها ...ربتت بيدها على السرير هامسة:
" تعالي اجلسي جانبي...أشتاق لرائحة شعرك الجميل "

قفزت بخفة لجانبها تعانق خصرها بذراعيها الصغيرين وسألت بملامة ونبرة خافتة:
" لمَ لم تأتي خالتي في العامين السابقين ؟"

أجابت برقة وهي تداعب شعرها :
" اعذريني صغيرتي....انشغلت مع خالتك ايمان وشؤون اللاجئين ..لم اجد وقتاً للسفر .....لا تتذمري ولا تكوني طماعة , كنا نتحدث يومياً"

رفعت رأسها تنظر لها ...تتكئ بذقنها الصغير على صدر خالتها هامسة وهي ما زالت تحاصر خصرها :
" الهاتف ليس كاللقاء ....الآن أستطيع ان أنام في حضنك وأنت تلعبين في شعري "

قبّلت لها أنفها وقالت :
" بقي القليل حبيبتي وستعودين الى البلاد ولن نفترق إذا شاء الله "

حررت ذراعيها عنها , تجلس بتأهّب ..تنظر لها في حيرة مما سمعت .....فهمتْ الاخرى من نظراتها المبهمة فتابعت مبتسمة لتريح بالها :
" سيعيدك والدك بعد انهاء الثانوية أي بعد أربع سنوات ان شاء الله...."

جحظت عيناها وقالت بتشكك:
" كيف؟..والجامعة؟"

تبسّمت وأجابت :
" ستفتح الجامعة فرعاً ضخماً لها قريباً في بلدنا تلك وسيلحقك والدك بها ان شاء الله ..."

لم تتمالك نفسها من فرحتها بهذا الخبر ...لا تسعها الدنيا... وقفت على السرير تقفز وشلالها الأسود يتناثر حولها وخالتها تتأملها بصدرٍ منشرح بعد أن كان هذا الخبر بلسماً على فؤاد صغيرتها....

بعد مهرجان الاحتفالات الذي أقامته ...جلست تلقط أنفاسها بجانب خالتها والابتسامة لا تفارق محيّاها ...قالت لاهثة :
" هذا أجمل خبر سمعته في كندا .."

استلقت خالتها على السرير تاركة لها المجال لتستلقي بجانبها ...غدا هو يوم عطلتها ولا مانع بإخلال النظام هذه الليلة فخالتها لن تزورها كل يوم وستستغل دفء احضانها ...تبادلتا الثرثرة...دارت بين الشرق والغرب تستفسر عن كل ما خطر في بالها من أسئلة حتى وصلت للسؤال الأهم ....فهذه خالتها وليس (صلاح) الذي سيغضب منها ان تفوهّت به ...

" خالتي هل ما زلتِ تتواصلين مع أهل المخيم....و..هادي ؟"

لمعت عيناها بفائض من الحنية للتي لم تترك يوماً السؤال نفسه , فهي تفهمها جيداً , إذ ان ما يهمها من وراء السؤال هو فقط شخص واحد لا غير لكنها تحاول مداراة ذلك ببراءة ظناً انها لن تلحظ ...
أجابتها بهدوء :
" كنت اتواصل مع هادي بشأن الجمعية أما الآن هو مشغول في دراسته ونادراً ما نتحدث.."

مسّدت على وجنتها وأكملت هامسة :
" كفاكِ صغيرتي أوهام....اخرجيهم من دماغك ...كلٌّ ذهب في طريقه وعليك الاهتمام فقط بدراستك لتصبحي مهندسة كبيرة كما تحبين "

ابتلعت ريقها تسدل جفنيها باستسلام ,هاربة بنظراتها , فيبدو ان الجميع لا تروق له هذه العلاقة المستحيلة وبعيدة المنال ....شردت بعدها بالفراغ تفكر بمستقبلها حتى نامت ...

~~~~~~~~~~~~

في بلادنا الأم ..بدأ الشعب يثور ضد حكومته التي تشكّلت منذ حوالي الأربعة أعوام بشكل مستعجل وكانت أسوأ من ما قبلها ,أي بعد سنة من هجرتنا!!....أثيرت ضجة بين المؤيد والمعارض والمحايد....كثّف السيد ( سليم الأسمر) جهوده لثبات الثوّار لأنها كانت نقطة انتقالية, فخشي الفتنة لاعتماد داعمي هذه الحكومة على شراء ضمائر الناس واغراء الشباب بمبالغ كبيرة للانضمام لحزبهم ....عادت تشتعل الحرب فاضطر القادة من جانبنا في هذه البلاد لبعث نخبة من الثوّار المتخرجين لمساندة البقية في الوطن...أما (عاصي رضا) طعنته هذه الحكومة بعد ان انفق الكثير من الأموال عليها ليحقق ما يسمو اليه وهو منصب رئيس الوزراء وربما أعلى من ذلك!!...فقرر انشاء حزب خاص به لمحاربتهم ونجح بسبب نفوذه المادي ومكانته الاجتماعية المزيّفة وداعميه من بلادنا في الداخل فغدا يمتلك حزباً ضخماً ينافس الحكومة الموجودة وعيّن مندوبِين عنه لترأس هذا الحزب حتى يأتي الوقت المناسب لعودته لهناك.....كذلك السيد (سليم) لم يجلس ساكناً , بل دأبَ لتشكيل حزباً كبيراً للثوار بجهودٍ جبّارة , تضم كباراً من رجال الأعمال الشرفاء , المخلصين للوطن .....أعلنت الهدنة بعد شهور قليلة بتدخل وسطاء أجانب الى حين الانتخابات القادمة في العام المقبل ليثبت كل حزب مكانته ومن أحق بكسبها....

~~~~~~~~~~~~~

تمرّ السنه كالشهر والشهر كالأسبوع ..هكذا هي الأيام تنقضي مسرعةً وما ان تضع كل شخص في مكانه إلا وتحمله على جناح سرعتها لتنقله الى مكانٍ آخر ....أشعر أني ما زلت بالأمس !! ...ولكن التاريخ يُقرُّ بيومٍ مختلف!!...نعم .. أنا الآن استعد لحفل تخرجي من السنة الرابعة لأستلم شهادة تفوقي في إدارة الأعمال من أكبر جامعات هذا التخصص.....مكتبي في شركة أبي (إبراهيم) ينتظرني لأخوض معركتي بين أكبر رجال الأعمال...لا استسلام !....فقط تحدي !!...صفقات وصفقات يجب كسبها ...إما أكون او لا أكون ....اكتساب المال هو شيء يريده الجميع ولكنه ما هو الّا وسيلة وليس غاية...يجب أن تكون أهدافنا أسمى من هذا ولا تقدّر بثمن !!.....كان أصدقائي وزملائي يمطروني بأهدافهم المستقبليّة في الصباح , ومع حلول المساء يتغير مسارهم إلى هدف آخر , التحقوا بهذه الجامعة وبدأوا بالبحث عن هدفهم ..إلّا أنا هدفي واحد ووحيد , هو من بحث عني ووضعني فيها!! ...يتربع في قرص الشمس ووسط القمر لأراه أمامي ليلاً ونهاراً ....هدف ترعرتُ عليه ..لا يغادر عقلي وينبض حقداً بين غُرف قلبي...هدف لا تراجع عنه , اسمه الانتقام من (عاصي رضا ومعاونيه) فداءً للوطن وأبي....
انتهت مراسم توزيع الشهادات الذي حضره ابي (إبراهيم) وخالتي (مريم) لنوثق لوحة عائلية مزيفة بمشاعر حقيقية بيننا ...لوحة حُرمت منها أمي الغالية ....لكن لا بأس يا ( ام هادي) ,هذه خاصة بـ (يامن) وبإذن الله سنوثق لاحقا واحدة أرقى وأصدق من هذه ...لوحة حقيقية قلباً وقالباً نلتقطها في حفل انتصارنا على الخونة وتخرجنا من جامعة اللجوء الى ارض الوطن , تكون في عُقر بيتنا الجبليّ ونحن نحمل صورة قائدنا الغالي رحمه الله...
نعم...أتممتُ اثنان وعشرون عاماً ممسكاً بيميني شهادة الجامعة وأخرى بيساري خاصة بالمعسكر بعد أربع سنوات علمتني الصمود , القوة , التحدي , الشجاعة , الأمانة , حب الوطن ومواجهة الموت من أجله....كنتُ أتميز دائما في تدريباتي وأسمع المديح من خلفي, ولا يطربني منه سوى ...
هكذا يكون (ابن محيي الدين ).....

**********( انتهى الفصل الخامس )**********



قراءة ممتعة


استغفر الله العظيم واتوب اليه



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 30-10-21 الساعة 11:38 PM
ألحان الربيع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-21, 09:00 PM   #77

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 2 والزوار 1)

‏موضى و راكان, ‏ألحان الربيع


يا جمال الفصل يا ألحان و يا جمال رحلة هادى مع الأيام ليكون هكذا ( ابن محى الدين )

تسلمى يا جميلة على الأبداع


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-21, 09:38 PM   #78

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,557
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا ثانية غاليتي."الصبر الجميل"حبال الصبر لو مدت لطالت عنان السماء ومع ذلك لا يستطيع الكثيرون التشبث بأهدابها.
لكي يصل المرء إلي هدفه خاصة وإن كان نبيلا فعليه اخذ العدةله حتي وأن كان أولها الصبر
وصية الشهيد محي .. المغدور بمعني أصح ..أن يكون هادى مثله لذا عليه أن يستعيد ما علمه والده له من لياقة ورماية وشجاعة وليصبر قليلا حتي يبلغ العمر المطلوب وقتها يكون لكل حادث حديث.
"فقدان الهوية"ألمي الجميلة لم يفلح والدها في تغيير طبيعتها بينما بإرسالها لكندا بدأت تتعلم الفوقية وأن الناس صنفين علية القوم الذين يجب الا يتلوثوا وعامةx الشعب الغوغاء ولو استمرت علي ذلك ستتحول دون أن تشعر إلي كائن شبيه بزوجة أبيها التي كانت ترفض اسلوبها
وإن كانت فطرتها الطيبة ما زالت معها فتذكر المخيم وتحتضن قلم هادىالرصاص.
وللأسف علي الرغم من اشتياقها لهادى إلا انها تحولت لشخص آخر يستعلي علي طفلة صغيرة وطأت ثوبها وبدلا من تفكر في سوء تصرفها ترى انها ستسير علي درب أبيها مادام ليس هناك خيار وينجح الغرب في تحويل الملاك البرئ إلي كيان عنصرى ويظل السلسال بحوزة هادى فمن فقدته ليست هي من زارت المخيم وعندما تعود ألمي لسابق عهدها سيعيده لها .
"حملا ثقيلا"ذلك الصندوق والوصية وما أشاربه السيد ماجد علي هادى حتي لو كان سيرا علي درب أبيه إلا إنه حملا ثقيلا علي فتي بالثامنة عشر يعتبر نسبيا مسئول عن أسرته.
لست ضد الهدف النبيل ولكن حتي الحلم تغير مساره
ومحي الدين إختار طريقه بنفسه بينما لهادى هو إرث ثقيل عليه ان يقدم قرابين كثيرة مقابله
الجهاد له أشكال كثيرة منها ما يقوم به هادى مع أطفال المخيم ولو استطاع أن يقوم بدوره علي أحسن وجه سيخرج أجيالا تشرف وطنها من هذا المخيم
قد لا يعجبك رأى ولكن هادى بنظرى بعد طفل ليس له حمل هذه الامانة الثقيلة الأن فمن بعمره ما زالوا يلهون ويتنعمون بأحضان أسرهم
ومن ضمن القرابينx أيضا تخليه عن أسمه وحلمه بكلية الهندسة وأيضا صاحبة السماء الزرقاء وقد صارت ابن عدوه الأساسي فهل عليه أن يهجر سمائه وايضا الوصية من والده بأسرته وتعارضها مع الخط الذى عليه ان يسير به ..أشفق عليه
كمن عليه أن يتسلق جبل شاهق باظافره فقط دون حبال تحيط خصره تمنعه السقوط
وهل عائشة لتوافق علي الغرض النبيل وتضحي بكبير أسرتها لو علمت؟
"ليس ثأرا شخصيا"احيانا ما تتشوه بعض المعاني النبيلةنتاجا لبشاعة تصرف بعض الأشخاص.
عاصي نفعي انتهازى لا يبيع نفسه فقط لمن يدفع بل يبيع وطنه كله مقابل مصلحته الشخصية وزيادة رصيده ولو علي حساب ملايين اللاجئين ويسعي لجعل ابنته تنظر لأمثالهم علي أنهم حثالة لا يرقون لوطأ فستانها النظيف شكلا والملوث باطنا ببشاعة انتمائها لعاصي
لكن القضية هنا توشك ان تتحول لثأر شخصي حيث أن ابيه قتل علي يد عاصي وعندما يخص الامر الأوطان لا يشخصن المرء قضيته فيحصرهابشخص او أشخاص هي أكبر من ذلك بكثير وكتير أيضا علي هادى الذى ليس بعمر يتسم بالحكمة بل بفورة الشباب
"الأب الروحي"القصة التي اوردتها للسيد ابراهيم وإبنه مؤلمة وموقف والد هادىx غير غريب علي شخص بأخلاقه
ولكن الأقدار لا تتغير فيامن وإن نجا من موت محقق لم ينج من انقضاء أجله هو مكتوب علي صفحةالموت
وها هو يمنح اسمه لهادى ليصير يامن إبراهيم الهاشمي في مخططهم الكبير
ولغرائب القدر تتقاطع الخطوط معا بفاتن التي ترغب باداء دورها بالاستعانة بالسيد ماجد لأخذ ثأرها من عاصي فهي ايضا إبنة مناضل سابق
ولكن ما السبب وما هي المفاجأةالتي تحدثت عنها السيدة إيمان؟
بمتابعة باقي الفصل نتعرف علي مفاجأتك الكثيرة حبيبتي والتي استطعت بمهارة ربط الكثير من الأحداث والأشخاص ببعض بمنتهي المهارة والقدرة علي نقل صزرة واضحة المعالم
فإلي لقاء لك كل الحب والتقدير

سهام زيد likes this.

shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-21, 11:10 PM   #79

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موضى و راكان مشاهدة المشاركة
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 2 والزوار 1)

‏موضى و راكان, ‏ألحان الربيع


يا جمال الفصل يا ألحان و يا جمال رحلة هادى مع الأيام ليكون هكذا ( ابن محى الدين )

تسلمى يا جميلة على الأبداع



الجمال في عينيك وروحك ...اسعدني رأيك ومشاركتك ...بارك الله فيكِ على التشجيع ..كلك ذوق


shezo likes this.

ألحان الربيع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-21, 11:38 PM   #80

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا ثانية غاليتي."الصبر الجميل"حبال الصبر لو مدت لطالت عنان السماء ومع ذلك لا يستطيع الكثيرون التشبث بأهدابها.
لكي يصل المرء إلي هدفه خاصة وإن كان نبيلا فعليه اخذ العدةله حتي وأن كان أولها الصبر
وصية الشهيد محي .. المغدور بمعني أصح ..أن يكون هادى مثله لذا عليه أن يستعيد ما علمه والده له من لياقة ورماية وشجاعة وليصبر قليلا حتي يبلغ العمر المطلوب وقتها يكون لكل حادث حديث.
"فقدان الهوية"ألمي الجميلة لم يفلح والدها في تغيير طبيعتها بينما بإرسالها لكندا بدأت تتعلم الفوقية وأن الناس صنفين علية القوم الذين يجب الا يتلوثوا وعامةx الشعب الغوغاء ولو استمرت علي ذلك ستتحول دون أن تشعر إلي كائن شبيه بزوجة أبيها التي كانت ترفض اسلوبها
وإن كانت فطرتها الطيبة ما زالت معها فتذكر المخيم وتحتضن قلم هادىالرصاص.
وللأسف علي الرغم من اشتياقها لهادى إلا انها تحولت لشخص آخر يستعلي علي طفلة صغيرة وطأت ثوبها وبدلا من تفكر في سوء تصرفها ترى انها ستسير علي درب أبيها مادام ليس هناك خيار وينجح الغرب في تحويل الملاك البرئ إلي كيان عنصرى ويظل السلسال بحوزة هادى فمن فقدته ليست هي من زارت المخيم وعندما تعود ألمي لسابق عهدها سيعيده لها .
"حملا ثقيلا"ذلك الصندوق والوصية وما أشاربه السيد ماجد علي هادى حتي لو كان سيرا علي درب أبيه إلا إنه حملا ثقيلا علي فتي بالثامنة عشر يعتبر نسبيا مسئول عن أسرته.
لست ضد الهدف النبيل ولكن حتي الحلم تغير مساره
ومحي الدين إختار طريقه بنفسه بينما لهادى هو إرث ثقيل عليه ان يقدم قرابين كثيرة مقابله
الجهاد له أشكال كثيرة منها ما يقوم به هادى مع أطفال المخيم ولو استطاع أن يقوم بدوره علي أحسن وجه سيخرج أجيالا تشرف وطنها من هذا المخيم
قد لا يعجبك رأى ولكن هادى بنظرى بعد طفل ليس له حمل هذه الامانة الثقيلة الأن فمن بعمره ما زالوا يلهون ويتنعمون بأحضان أسرهم
ومن ضمن القرابينx أيضا تخليه عن أسمه وحلمه بكلية الهندسة وأيضا صاحبة السماء الزرقاء وقد صارت ابن عدوه الأساسي فهل عليه أن يهجر سمائه وايضا الوصية من والده بأسرته وتعارضها مع الخط الذى عليه ان يسير به ..أشفق عليه
كمن عليه أن يتسلق جبل شاهق باظافره فقط دون حبال تحيط خصره تمنعه السقوط
وهل عائشة لتوافق علي الغرض النبيل وتضحي بكبير أسرتها لو علمت؟
"ليس ثأرا شخصيا"احيانا ما تتشوه بعض المعاني النبيلةنتاجا لبشاعة تصرف بعض الأشخاص.
عاصي نفعي انتهازى لا يبيع نفسه فقط لمن يدفع بل يبيع وطنه كله مقابل مصلحته الشخصية وزيادة رصيده ولو علي حساب ملايين اللاجئين ويسعي لجعل ابنته تنظر لأمثالهم علي أنهم حثالة لا يرقون لوطأ فستانها النظيف شكلا والملوث باطنا ببشاعة انتمائها لعاصي
لكن القضية هنا توشك ان تتحول لثأر شخصي حيث أن ابيه قتل علي يد عاصي وعندما يخص الامر الأوطان لا يشخصن المرء قضيته فيحصرهابشخص او أشخاص هي أكبر من ذلك بكثير وكتير أيضا علي هادى الذى ليس بعمر يتسم بالحكمة بل بفورة الشباب
"الأب الروحي"القصة التي اوردتها للسيد ابراهيم وإبنه مؤلمة وموقف والد هادىx غير غريب علي شخص بأخلاقه
ولكن الأقدار لا تتغير فيامن وإن نجا من موت محقق لم ينج من انقضاء أجله هو مكتوب علي صفحةالموت
وها هو يمنح اسمه لهادى ليصير يامن إبراهيم الهاشمي في مخططهم الكبير
ولغرائب القدر تتقاطع الخطوط معا بفاتن التي ترغب باداء دورها بالاستعانة بالسيد ماجد لأخذ ثأرها من عاصي فهي ايضا إبنة مناضل سابق
ولكن ما السبب وما هي المفاجأةالتي تحدثت عنها السيدة إيمان؟
بمتابعة باقي الفصل نتعرف علي مفاجأتك الكثيرة حبيبتي والتي استطعت بمهارة ربط الكثير من الأحداث والأشخاص ببعض بمنتهي المهارة والقدرة علي نقل صزرة واضحة المعالم
فإلي لقاء لك كل الحب والتقدير

يا هلا ومرحب اختي شيزو


ألمى تتواجد في بيئة تعصف بها ...فهي تتمرجح بين الخير والشر ...تتخبط بين الفطرة الطيبة وبين التأقلم مع الظروف المحاطة بها .....سنرى ان شاء الله الى اين ستصل مستقبلاً....اما قلم الرصاص تربطه بشخص اعطاها الأمان عندما كانت بأمس الحاجه له فحالها كحال الكثير من الاطفال الذين يتعلقون بغرض لسبب ما ...مثلا نجد منهم من يتعلق بمخدته او حجاب امه او لعبة تخصه........تصرفها مع الطفلة هو ردة فعل لفتاة تبرمجت من غير ادراك على هذه القوانين العنصرية....

هادي كفتى مراهق رغم لهفته لصاحبة العينين الّا انه لن يقبل بالذل والاهانة لأحد وكيف ان كانت لأقرب الناس الى قلبه وهن صغيراته .....

الصندوق هو حمل نعم ..وأعطوه مسؤولية اكبر من عمره ...هذا ما نراه نحن في زمننا هذا وعلى العكس رأيك يحترم لأنه هو القائم في حياتنا الآن ولا يختلف عليه احد تقريبا أي ان ابن الخمسة عشر والثمانية عشر عاما هو ما زال صغير متأثر بالطفولة , مدلل , ليّن لا يستطيع تولّي مسؤولية .....لكن لو نظرنا لمجتمعاتنا لربما نجد رجل ابن الاربعين بعقلٍ فارغ لا يستطيع فتح بيت وان يرعى اسرة وبالمقابل نجد فتى ابن سبعة عشر بعقل رجل....فاذا عدنا لزمن الرسول صلى الله عليه وسلم بلا تشبيه , لوجدنا أشبال الاسلام من الصحابة وهم كثر , كانوا بمقدمة المعارك في مثل هذا العمر وعلى العكس كانوا يشغلوهم بها لانها تناسبهم بدمهم الحامي , الثائر مما يعطيهم القوة والتحدي وبالطبع مع القلوب العامرة في الايمان والعقل الذي يعلم ما يريد .....

وصية محيي الدين لابنه كانت في سبيل الدين والوطن , لكن بمقتله اضيف الانتقام مِن قِبل اصدقائه المخلصين .....

اطلت في كلماتي ..سامحيني

أتمنى لك قراءة شيقة وأن اكون عند حسن ظنك.....

shezo likes this.

ألحان الربيع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:14 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.