آخر 10 مشاركات
رهين الشك _ شارلوت لامب _ روايات غادة(مكتوبة /كاملة) (الكاتـب : منة الله - )           »          زوج لا ينسى (45) للكاتبة: ميشيل ريد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          جدائلكِ في حلمي (3) .. *مميزة و مكتملة* سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          ألـمــــاســة الفــــؤاد *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          كلوب العتمةأم قنديل الليل ؟! (الكاتـب : اسفة - )           »          52 - عودة الغائب - شريف شوقي (الكاتـب : MooNy87 - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          أسيرة الكونت (136) للكاتبة: Penny Jordan (كاملة)+(الروابط) (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هو تقييمك لمستوى الرواية ؟
جيد جداً 85 88.54%
جيد 11 11.46%
سيء 0 0%
المصوتون: 96. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree9707Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-11-21, 04:37 PM   #91

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا.صباح الخير شادية ألحان الربيع
"الطريق الجديد"خطوات منظمةةيسير عليهاهادى ومن معه للعمل بالشركة بإسلوب جميل بين هادى وصديقه سامي الذى كان قد التحق بالشرطة تشوبه الدعابة والمحبة.
وألمح بالأفق ملامح لبعض الإستقرار بالوطن
وبين قلق من رجوعهم للوطن بدونه او بقائهم يأتيه الحل من سامي الذى يطلب الزواح من دنيا ليكون من اسرتهم ويحميهم بنفس اسلوب الحوار الجميل الذى كله مودة وحب فالمحن تؤلف بين القلوب.
والمهمة الأساسيةلهادى هي في المقام الاول وعليه ترتيب حياته وفقا لذلك.
"خطي ملكية"نحلم كثيرا ونتمني أشياء وتظل ذاكرتنا تلاحقنا بها ويظل الواقع وإن لم يتفق وآمالنا هو الأقوى .
ألمي تغيرت كثيرا بين قصر والدها الجاف وغربةفي البلاد الباردة في مشاعرها.. العملية في واقعها
وبين زوجة أب مادية وذلك الصديق صلاح الذى فرض عليها وعنصريته في تصنيف البشر وغياب فاتن عن الصورة اللهم إلا بضعة أيام في السنة فتتشوه ملامح الملاك البرئ إلي تلك الشخصية الملكية والتي يجب ان تخضع رغباتها كما تخضع الرعية وايضابنفس الأسلوب العنصرى هم ينتمون لفئة والآخرين البسطاء لفئة اخرى ولذا فلتنزع ذكرى هادى ودفء حضنه من ذاكرتها وقلبها خاصة وأن وضع أبيها بدأ يتحول للافضل بفوز حزبه جنبا إلي جنب مع حزب سليم الاسمر
"اللقاء نصيب" يجمع الموت والقهر والشتات بين صغيرين مثلدنيا وسلمي
يكون الفراق صعبا جدا فالآلام هي من تربط الإنسان بغيره اكثر خاصة مجابهة الموت
ولكن كما جمعهما الله في رحلة الموت ثم في المخيم وبعدها مسكنهم سنينا سيلتقيا ثانية كظن دنيا بالله وهي تضع سلسالايحمل شقي قلبيهماو لها مثله في عنق سلمي لوقت اللقيا والذى يسعي هادى له دون علمها.
تصويرك لمشهد الفراق والسفر دونه جاء صادقا وموجعاجدا علي الرغم من الفرحة للعودة لأحضان الوطن
"وما يعدهم الشيطان إلا غرورا"قوله تعالي ينطبق تماما ومن الآيات الكثير بهذا الصدد بشان الطامعين والفاسدين امثال عاصي ورائد وغيرهم ممن يبيعون شرفهم ووطنهم لقاء المال الذى لديهم منه الكثير بينما الشرفاء يدفعون أرواحهم بلا مقابل فداءا لمبادئهم وقيمهم حتي لو افترشوا الطرقات فقرا وربطوا الاحجار علي بطونهم جوعا
السبيل إلي الثراء السريع ممهد بإغواء الشيطان الذي يزين لعاصي مكسبه الذي سيجنيه من تلك الصفقةالمشبوها وعرض الزواج من رائد لإبنه صلاح فيوافق بلا تردد مع علمه برفض ألمي المسبق ولكنه يظن انه بهاتين الصفقتين ضمن الغني للنسل السابع
وكأنه يضمن عمره أو انه سيعيش أبد الدهر بتحالفه مع الشيطان
"ما أحلي الرجوع إليه"ظاهرة لا نجدها بالعالم الغربي البارد ففي العالم العربي لا نسكن الاوطان بل هي من تسكننا لذا لا يستطيع المرء ان يتنفس الحياة إلا بعبق انفاس الوطن
العربي هو الشخص الوحيد الذى يحمل وطنه بقلبه وياخذ معه الاشياء التي تنتمي للوطن في سفراته العادية فهو يغادر ليعود
عودة اسرة هادى كانت كالغريق الذى مدت له يدا يتشبث بكل قطعة بوطنه عيناه تلتهم مناظرها الجميلة ورئته تتشبع بهوائها وحتي قصرهم حافظ سامي عليه واعتني به في مشهد مجسد ابدعتي فيه حبيبتي
وهذا السامي الظريف المجاهد تنتظره معركة اخرى مع دنيا ليستحوز علي قلبها وإن تم عقد قرانهم
"بقايا من الروح الطيبة"رحلة العودة لألمي واستقبال صلاح له والذى يبدو انه يحبهاولكن مافي النفوس يعلمه الله.
يعرج بها علي المخيم علي مضض بناء علي رغبتها وأظنهابعد ان فقدت أثر هادى وأسرته ستحاول جاهدة أن تنتزعه من ذاكرتها بعد فقدان الأمل
ربما سلسالها يعيده لها يوما هادى وليس يامن وربما قلبها يعرفه قبلها فالقلوب لها اعين وآذان وعيون اكثر شفافية حدسها لا يخطئ
"عودة مرتقبة"ما أجمل الصداقة حينما تكون خالصة لاتشوبها شائبة المصالح .
هي اختيار المرء بنفسه فالأهل لا نختارهم اما الاصدقاء وهي أقوى رابطة نحن من نصنعها نضع أسرارنا وارواحنا بين ايديهم ونحن مغمضي العينبن وليس أجل واعظم من صداقة الرسول الكريم وابي بكر الصديق
وبكل الدفء والجمال تصفين مشاعر الصداقة والاخوة التي نمت بين هادى وبلال علي مر سنوات
وهو يأخذه ليري سلمي التي هي بمحل شقيقته وبلال يرغبها كزوجة قبل أن يراها وبهذا الطلب بشير عودتهم لأرض الوطن حيث يرغب بلال مع إكماله لمهمته التي وهبوا أرواحهم لها
اى أن حسن ظن دنيا بالله في قرب لقيا يتحقق سريهعا ويصدق قول الله تعالي بسورة الصافات"فما ظنكم برب العالمين"
بالفعل يتم عقد القران وتنتهي الإجراءات بعودة الطيور المهاجرة لمستقرها أخيرا
"المصالح تتصالح"لم يكن امام ألمي وهي فاقدة للأمل بلقاء هادى ان ترفض صلاح فتخسر صديقها الذى لازمها في غربته ولكنها تؤجل الزواج.
المشكلة الآن في مخطط يامن المزمع للتقرب من ألمي والزواج بها فهل سيتغير مخططهم أماذا؟
وكيف سيكون شعور هادى وهو ينتظر تلك اللحظة من أجل قلبه وليس مخططهم فقط؟
هي صدمة كبيرة له وسلسالها الذى ظل طوقا برقبته يذكره بها فماذا بعد ان صارت فتاة كبيرة جميلة
وبالفعل الصدمة له كانت كبيرة لمخططهم ولقلبه أكثر
وبعد استعادة هدوئه يخبرهم انه لا داع لتغيير المخطط وانه ليس علبهم سوى عرقلة عقد القران؟
فما الذى ينتويه وهو يامن لو كان هادى لكان الامر أسهل لرجوع المي عن قرارها؟
بانتظار ابداعك حبيبتي أجمل ألحان بالفصل القادم لنرى ما أفرزته قريحة هادى فهو ليس بالهين
سلمت يداكي علي الفصل المبدع والمرحلة الثانية من الأحداث والتي اعتقد ها ستركز علي الجوانب والمشاعر الإنسانية اكثر.
فمع وصول معظم ابطالنا لهذا العمر سيتغير الكثير
إلي لقاء دمتي بكل الخير والود والمحبة

أهلا اختي شيزو نورتِ🌹

الصديق الصالح هو رزق ينعم الله به على من يشاء من عباده ...
وصحيح اعظم قصة للصداقة هي التي كانت بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين ابو بكر الصديق رضي الله عنه...( اذ قال لصاحبه لا تحزن ان الله معنا ) ...ما أجمل من هكذا كلمة من القلب للقلب 💕....الصديق الحقيقي يظهر في الشدّة قبل الرخاء....

حسن الظن بالله يجعل الحياة اكثر يسراً ويعطينا شعور بالسكينه والطمأنينة لنواجه صعاب واوجاع الحياة....


عاصي الطمّاع ، المصاب بالجشع طبيعي ان لا يشبع مما بين يديه وكذلك هكذا هم البعيدين عن الدين يعتقدون انهم مخلدون بالحياة وان العز الذي بين ايديهم دائم لهم بقوتهم وبكل وقاحة ينسبون ذلك لفضلهم ولا يتذكرون خالقهم ويزدادوا تجبراً وطغيانا كلما غرقوا بالاموال ......


لا أجمل من رائحة الوطن مهما كانت حالته ....فعلى نطاق داخل الدولة نفسها نذهب هنا وهناك ولا نرتاح ونسعد الّا عندما نصل مدينتنا او قريتنا وكيف ان كنا بدولة اخرى لا تشبهننا بعاداتها وطباعها ونكون فيها غرباء لفترة طويلة.....ومثلما تفضلتِ الوطن يسكن في قلوبنا اينما رحنا ...❤


ككل مرة أُسعد بمشاركتك يا غالية 🌺

الله يسلمك واتمنى ان يكون الفصل حاز على اعجابك ...

نهارك سعيد..😍

shezo likes this.

ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-11-21, 10:06 PM   #92

لبنى البلسان

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية لبنى البلسان

? العضوٌ??? » 462696
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 5,543
?  نُقآطِيْ » لبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond repute
افتراضي


ترى ماخطة هادي لايقاف عقد القران
بانتظار الفصل القادم بفارغ الصبر لمعرفة ماسيحدت
يعطيك الف عافية على الفصل الجميل


shezo likes this.

لبنى البلسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-11-21, 11:11 AM   #93

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لبنى البلسان مشاهدة المشاركة

ترى ماخطة هادي لايقاف عقد القران
بانتظار الفصل القادم بفارغ الصبر لمعرفة ماسيحدت
يعطيك الف عافية على الفصل الجميل

أهلا اختي لبنى


هادي لا يرضا بالهزيمة ههههه والحرب خدعة !! وهم تعاملهم مع عاصي سيكون معظمه عن طريق الخداع اي سيعاملونه باسلوبه ومنهجه وهذا ما يستحقه امثاله

الله يعافيكِ ...كلك ذوق...شكرا لمرورك

shezo likes this.

ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-11-21, 10:07 PM   #94

نوارة البيت

? العضوٌ??? » 478893
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,845
?  نُقآطِيْ » نوارة البيت is on a distinguished road
افتراضي

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
shezo likes this.

نوارة البيت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-21, 12:55 PM   #95

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوارة البيت مشاهدة المشاركة
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين



اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

shezo likes this.

ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-21, 03:26 AM   #96

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل السابع (( امتلكتُ سمائي ))




" غداً اجازة ...أخبري خالتي لتأتوا لزيارتنا ونقضي اليوم سوياً "

قالت (دنيا) لـ (سلمى) بينما هما متجهتان من مبنى الجامعة لبوابتها الواسعة في المدينة الجبلية....لترد عليها الأخيرة:
"لا اعتقد ذلك لأن بلال سيصطحبنا وعائلته لتناول وجبة الغداء في أحد المطاعم خارج المدينة ولا اعلم بالضبط متى نعود "

تأففت قائلة بملل:
" يوم الجمعة بعد الغداء يكون ممل ولا ينتهي ...وددت ان تأتي لنتسلى "

ردت باستغراب:
"الن يأتي خطيبك ؟؟......ما ان تجهزي نفسك لاستقباله في المساء حتى تنتهي الليلة بأكملها دون ان تشعرين.."

اشاحت وجهها بحنق متمتمة:
".. ومن قال لك انني استقبله ؟"

شهقت (سلمى) بعينين متسعتين سائلة باستنكار:
" ماذا تقولين؟"

ردت بمكر:
" اترك امي لتقوم باستقباله ....فهما منسجمان بشكل رائع لا يوصف.. وانا اعتكف في غرفتي اتابع مسلسلي براحة "

" ايتها المجنونة!!!....الا تخجلين؟؟....لو فعلتها ببلال لفقدته من اول يوم فهو عزيز نفس ولن يسمح لي "

" بالضبط ...هذا ما اقوله ....من اول يوم احاول ان اوصل له اني لا اريده لكنه يأتي يوميا ويبقى ملتصقاً لا يتزحزح الاشقر الغليظ ....ولا يأبه لعزة نفس وغيرها ذاك العنيد "
صمتت برهةً ثم تابعت ترفع عينيها حائرة:
"قولكِ.. هل يا ترى وضع له اخي هادي غراءً مخفياً ليلتصق بنا؟؟"

ضحكت وقالت لها:
" أخشى ان ينقلب الشيء ضدك.......لقد رزقنا الله كما تمنينا... فهما أصبحا صديقين وهما رجلان صالحان، يكفي شهادة اخي هادي بهما ...وعلى العكس هذا اهتمام كبير منه اتجاهكم فهو يشعر بالمسؤولية نحوكم ويجب عليك ان تقدّريه وتشكريه.....لكنك ترفسين النعمة برجلك دون ان تدركي.....ولا افهم السبب..! "

قالت بعبوس:
" يعتقد انني نسيت ما كان يفعل بي بالماضي كلما جاء لزيارة هادي.....كان دائماً يستفزني ويعمل مقالباً غليظة تشبهه وينعتني بأم لسان طويل... "

اطلقت ضحكات مع صوت , انتبهت لنفسها فوضعت يدها على فمها تكتمها قبل ان يمسك بها (بلال) ويؤنبها من غيرته عليها والذي كان ينتظرها في الخارج ليقلّها للبيت ثم قالت ساخرة بخفوت:
ويحك !....تعنين حقد من زمن الطفولة!!؟....وربما لا يذكر شيئاً من افعاله تلك " "
تنهدت وأضافت:
" مسكين سامي بدل ان يمر بفترة خطوبة يمر بفترة عقوبة من حيث لا يدري "

امالت زاوية فمها مبتسمة مع لمعة شيطانية بريئة بعينيها قائلة:
" يستحق ذلك ...سأريه النجوم في عز الظهر ...لكي لا يظنني سهلة !!.......آه نسيت اخبارك.....لقد كان في الأمس عندنا ...."
تابعت ببلاهة :
"كان في الأمس؟!!....انه اربع وعشرون ساعة عندنا!!!.......وسألني متى ينتهي دوامي ليقلّني واخبرته في الثالثة عصراً "

قطبت حاجبيها باستياء:
" لمَ كذبتِ ونحن ننهي دوامنا اليوم في الواحدة ظهراً"

اجابت بدهاء:
" ليأتي وينتظر وينتظر ويتحول لمومياء وهو ينتظر .....يعني اليوم سأكون متطفلة عليكما لتوصلاني لبيتي أنت وخطيبك المؤدب "

حرّكت رأسها بابتسامة , رافضة حركات صديقتها ثم رفعت بصرها عند وصولهما البوابة وأشارت هاتفة:
" ها هو بلال ...هيا بنا "

ما ان خطتا عتبة الجامعة ليقفز (سامي) امامهما قائلا:
" حمدا لله ....جئت بالوقت المناسب ولم اتأخر..."

كبتت (سلمى) ضحكتها شامتة بصديقتها ثم استأذنت منصرفة لخطيبها , أما (دنيا) تسمرت مكانها من غير حراك بعد ان صُدمت بوجوده ...فأكمل بمكر:
“مفاجأة اليس كذلك ...؟؟"

" كـ... كيف ..عرفت ؟"

سألت بتلعثم ليجيب ساخرا , غامزاً لها وهو ينحني يقترب من اذنها:
" الّا تعلمين عروسي الجميلة ان امامك ضابط شرطة يعرف الكاذب من الصادق من نظرة عيونهما ؟؟.......وانت لم تفلحي بالكذب فاتصلت ببلال لأعلم موعد انتهاء الدوام لليوم...."
استقام بوقفته متنهداً هاتفاً بجدّية مصطنعة:
" يبدو عليّ اعطاءك بعض الدروس بفنون الكذب لربما تحتاجينها اذا وقعتِ في مصيبةٍ ما , ضحية لسانك الطويل.."
أشار بسبابته لرأسها مردفاً :
" وبعقلك الصغير هذا يا عينيّ الشهد "

اكتسى وجهها بالحمرة حرجاً ومشت خلفه تطرق رأسها كالطفلة المطيعة تشتمه ونفسها في سرها....

~~~~~~~~~~~

تفرك يديها بتوتر وتمشي ذهاباً ومجيئاً من غير هدف مرصود .....فتلك حالتها منذ أيام , بعدما حددوا موعد عقد القران !!....تكلم نفسها " هل يا ترى تسرعت في قراري ؟....لا لا.. انا فعلت ما هو صحيح ....لكن لمَ انقبض قلبي من قرار جدّي كهذا ؟...انه امر محتوم سيكون بعد يومين او بعد سنة "....
اقتربت من نافذة غرفتها العالية في قصرهم وأزاحت ستارته , تنظر الى البعيد ..تتمتم بحنق :
" هل هذا وقت ذهابك خالتي الى صديقتك ايمان ؟..الا تعلمين انني احتاجك اكثر من أي وقت !!"...
حفّزت نفسها للاتصال بها لتسألها متى عودتها فلقد تركتها منذ يومين...ألم تشتاق لها كما هي تشعر اتجاهها؟....
ردت السيدة (فاتن) من أول نغمة اطلقها هاتفها :
" نعم يا صغيرتي...هل رأيتني في حلمك؟....ما زال الوقت مبكراً على الاتصال ومنذ ساعات قليلة انهينا مكالمتنا الأخيرة..."

اجابت بنبرة اشتياق ماكرة:
" سامحك الله خالتي...أهذا جزائي لأنني اشتاق لكِ؟"

ضحكت برقة وقالت:
" وأنا كذلك عزيزتي لكني ظننتُ من الأسبوع الماضي منذ دخولك الجامعة بات لديك ما يشغلك ويملأ وقت فراغك كما أن لديك خطيباً الآن تحبينه وتمضين معظم وقتك معه .."

ساد صمت لوهلة من طرفها وهي تعيد برمجة سريعة لعقلها وقبله قلبها " هل تسخر خالتي مني بقولها تحبينه؟...لا بل انا اضحك على نفسي !..كيف أوافق دون ان أشعر اتجاهه بحب كحب أي فتاة لرجل ولم يكن سوى صديق او اخ احتاجه.."
طردت أفكارها بعد قرارها انه يستحق الفرصة لأنها لم تحصل على اهتمام احد بها مثلما يفعل هو وهتفت تبعثر كلام خالتها :
" خالتي عقد قراني بعد ثلاثة أيام واريدك ان تكوني بجانبي عند اختياري لفستاني واكسسواراتي !!....هل هذا وقت الذهاب للسيدة ايمان وأنا بحاجتك ؟"

" كنت اريد الابتعاد قليلاً وكذلك عليّ انهاء موضوع ما مع ايمان يخص العمل ...لكن سآتي بالتأكيد ان شاء الله قبل عقد القران .."

همست بشجن :
" ألهذه الدرجة خالتي موضوع خطبتي أزعجك لتقرري الابتعاد ؟؟.."
تنهدت وأضافت:
" عموماً أراكِ على خير .."

اجابتها بجدية :
" في البداية نعم....لكني مضطرة لتقبل الأمر الواقع ما دام يخدم سعادتك .."

أغلقت الهاتف بعد انتهاء مكالمتهما والقته على السرير ثم توجهت الى دولابها لتخرج ملابس الجامعة وبعد ان جهزت نفسها , سمعت صوت رنين هاتفها المخنوق بين طيّات اللحاف فاقتربت تتفحصه ولما وجدت اسمه تبسمت وفتحت الخط مجيبة:
" صباح الخير.....ما بالك مستيقظاً باكراً ؟"

رد بصوت صباحي نشط :
" صباح النور يا جميلة الجميلات.....لديّ محاضرة مبكرة واردت ان اوصلك في طريقي الى جامعتك اذا لم تمانعي...."

صمتت مفكرة ثم قالت بدلع :
" مممم....وهل لديّ اجمل من هذا العرض يا صلاح ...يكفي انقاذك لي من سائقي الممل الذي يسير على بيض "

ضحك بنضوج وهمس بثقة:
" حسناً سأنتظرك في السيارة ...اوشكتُ على الوصول "

×
×
×

بعد صعودها سيارته الحمراء ضغطت على الزر ليفتح السقف , تستنشق الهواء العليل لتستفتح صباحها , تجمع شعرها الليليّ بملقط شعر للأعلى كذيل الحصان....كان يسير في سرعة معتدلة ويختطف النظر لها بسعادة فلمحته وهتفت آمرة بمرح :
" ادعس على السرعة وانظر امامك رجاءً ...لا اريد ان اتحول الى أشلاء.."

تبسّم بحب متحمساً ومدّ يده ليسحب الملقط ليستمتع بتناثر شعرها ويتنسّم شذاه ...وقبل ان يلمسه ,ارتدّت لبابها مبتعدة , قاطبة حاجبيها بانزعاج هامسة :
" لا ....اتركه صلاح....بالكاد حتى سرّحته "

أعاد يده يشد قبضته مغلوباً محاولاً السيطرة على ملامح هادئة.....بدأ يقلل سرعته عند دنوهم من الجامعة فسألت بلهفة وكأنها لم تفشله قبل قليل :
" انت وعدتني ستأخذني الى سباق السيارات عند عودتي الى البلاد ...متى سيكون هذا ؟؟ "

زفر بضيق :
" أحرقتِ المفاجأة !! "

ردت باستغراب:
" مفاجأة ؟؟ "

قال بمكر وهو يحني ظهره ليصل درج السيارة امامها ويخرج منه ورقة يناولها اياها:
" نعم....ها هي التذكرة....بعد غد سيكون السباق "

صرخت مبتهجة وهي تقبض عليها بين يديها هاتفة :
" يا للروعـــة...أخيراً سأشاهد سباقاً حياً "
×
×
×

دخلت جامعتها بعد ان ودّعت (صلاح) ...جلست على احد المقاعد لتستظل بشجرة من فوقه , تنتظر صديقتها الجديدة التي تعرّفت عليها من اول يوم لدخولها الجامعة وسرعان ما انسجمتا معاً ويبدو أن علاقة قوية بينهما تلوح في الآفاق....

" صباح الخير ألمى...هل انتظرتني كثيراً ؟ "
اقتربت صديقتها منها تلقي التحية فور رؤيتها لها...لترد الأخرى وهي تنظر لساعتها :
" صباح النور ميار ...كدتِ تتأخرين.....هيا بسرعة الى المحاضرة "

بعد انتهاء اول محاضرتين وهما تجمعان كتبهما في حقيبتيهما تمتمت (ميار) باستياء قائلة:
" ما دهاني لأدخل تخصص الهندسة وأنا قضيتُ عمري أكره الرياضيات في المدرسة "

ضحكت (ألمى) وقالت:
" لا تعقّدي الأمور.....موضوع جميل وسنجتازه بسهولة "

ردّت (ميار) ساخرة من نفسها :
" انتِ ستجتازينه فما شاء الله دائماً مستعدة للإجابة ..أما أنا اراقب بصمت "

قالت:
" لا تقللين من شأنك وانتِ ايضاً يمكنك ذلك...فقط ركزي اكثر "

اتجهتا الى مقصف الجامعة لتناول شيئا تأكلانه وبدأتا بالدردشة بمواضيع خارج نطاق الدراسة فما زال لديهن نصف ساعة للمحاضرة التالية فأخرجت (ألمى) التذكرة من حقيبتها بحماس كالطفل الذي قبض نصيبه من القروش في صباح يوم العيد وهتفت تلوح بها :
" انظري ميار ...لا اصدق ..سأذهب بعد غد لمشاهدة سباق السيارات "

اتسعت عيناها تشعر بالغبطة هامسة ببراءة :
" يا لحظك ألمى....وأنا كذلك تستهويني هذه العروض وهذا النوع من التحدّيات ....من اين حصلتِ على التذكرة ؟ "

أجابت بحماس :
" صلاح...."
أكملت بنبرة خافتة :
"خطيبي.."

سألت (ميار):
" هل ستذهبان لمشاهدة السباق سوياً ؟"

ردت بصوت هادئ :
" بل صلاح سيشارك في السباق "

حملقت بوجهها وسألت بفضول من غير مقدمات :
" هل تحبين خطيبك ؟ "

بهتت ملامحها وردت بضيق مستنكرة , تنظر للطاولة :
" ما هذا السؤال؟ ..انه خطيبي "

لم تتراجع وأكملت بنفس النبرة:
" لو كنت مكانك وأحب خطيبي لهتفت سأذهب لمشاهدة خطيبي في سباق السيارات "

اشاحت عينيها بانزعاج تتأفف متهربة بعد ان لذعتها في الحقيقة وقالت :
" ما الفرق؟!.... في النهاية مشاهدة سباق او خطيبي يعود الجواب الى نفس الاتجاه "

لم تشأ احراجها اكثر , فهي شبه متأكدة ان لا مشاعر حب تكنّها لخطيبها فلا تتكلم عنه بشغف وحب كما تسمع المخطوبات من فتيات عائلتها وهن يقرعن رأسها بعرسانهن وحتى عند ذكرها موضوع اخر كتخصص الهندسة او عندما تأتي بسيرة خالتها ومربيتها السابقة تكون اكثر حماساً وحرارة في كلامها ...وهذا ما استطاعت تمييزه من أسبوع فقط...فيبدو لها ان خطيبها يسد فراغاً فقط لا اكثر.....

" لو كنتُ اعلم سابقا لاشتريت تذكرة لمرافقتك ....فبالتأكيد سيسمح لي والدي ما دام يوجد مرافق "

قالت( ميار ) بصوت محبط ....لكن الفكرة راقت لـ ( ألمى) فهتفت مندفعة بابتسامة واسعة تعلو ثغرها :
" انتظري ...سأبعث رسالة لصلاح ان امكنه توفير واحدة ...فأنا ايضاً لا احب الجلوس وحدي في المدرجات كالبلهاء وسط أناس لا اعرفهم لان السباق له مراحل وسيأخذ وقتاً..."

~~~~~~~~~~~~~

لم يتوقف رنين الهاتف وكأن هناك من يريد اخباري بأن القيامة قامت ....ما زال الوقت باكراً....تأففت مغتاظاً ومسكت هاتفي وانا مستلقياً على بطني ناظراً لشاشته بعينٍ واحدة لأرى من هذا المتطفل , المزعج الذي يتصل في السابعة صباحاً !..فتحته بكسل على مكبر الصوت والقيته على مخدتي جانب وجهي لأجيب بتذمر :
" نعم سيد ماجد ...بماذا اخدمك ؟"

رد بصوت متحمس وكأننا وقت الظهيرة:
" انهض أيها الكسول ...أنسيت ان لديك سباقاً بعد ساعتين ؟! "

تابعت بانزعاج من شدة النعاس :
" لم أنسَ ولم اقتنع بهذا....أكان ضرورياً مشاركتي في السباق ؟"

أجاب متأففاً:
" هل تخشى الخسارة أمامه؟َ!....بصعوبة حصلنا على تسجيل لاسمك فورَ معرفتنا بمشاركته !! "

حسناً هو يريد استفزازي بذاك المسمى (صلاح) لكني أظهرت عدم اهتمام وقلت ساخراً وانا امسك الهاتف واقلب على ظهري , اعدل نومتي :
" نعم, يجب ان أكون ممتناً منكم !..... لا داعي لأمرٍ تافهٍ كهذا.....لو تعذروني أكون بالفعل شاكراً لكم "

تابع بضيق:
" لم اعهدك احمقاً أيها الهادي....نريدك ان تهزمه شرّ انهزام فبنات اليوم ينجذبن الى الابطال الخارقين بعقلهن الصغير التافه واخبرتنا السيدة فاتن كم أن ابنة الوغد متعلّقة ومولعة بهذه الرياضة ومعجبة بعدة شخصيات اجنبية ممن يمارسون هذه العروض ...فهكذا تنزع نظرتها له وتلفت انتباهها لتتقبلك بسهولة عند التقدم لها ...."

زفرت بكبرياء وقلت بلا مبالاة:
" ومن هي لانتظر تقبلها لي ؟!.....لم تكن سوى ابنة الخسيس عاصي رضا "

تمتم بكلمات غير مفهومة واظنه يشتمني ثم قال بصوت مسموع:
" لا نريد ثقتك بنفسك توصلك للغرور فهذا وحده كافياً لإسقاطك وفشلك "

سألت بفضول:
" ماذا اذا لم انجح في السباق ؟!..."

رد بغيظ:
" اما ان تعلو بغرور واما ان تنزل بتواضعٍ احمقٍ .....هل تظننا نضعك في مكان اكبر من حجمك وانت الذي تمرنت على السرعة وقيادة السيارة بكافة الظروف في المعسكر واشتركت بنوادي للسباقات منذ استلامك الرخصة وأقرب فوز كان لك قبل سنتين على مستوى الدولة ؟"

اجبت متأففاً:
" حسناً حسناً ....اكتفيت من المحاضرة ...لقد طار نعاسي , كنت أحاول التملّص لأنااام "
×
×
×
استحممتُ بماءٍ باردٍ لأنعش دماغي وجوارحي ...ارتديت بنطالاً من الجينز الأسود وبلوزة قطنية ضيقة بيضاء نصف كم, تعطرت وأخذت قبعتي السوداء ونظارتي الشمسية وهاتفي بعد ان انتعلت حذائي الرياضي الأبيض ثم نزلت لأتناول الفطور مع عائلتي المتمثلة بأبي(إبراهيم) وخالتي(مريم) ...عندما هممتُ للخروج , دنت مني خالتي , تضع كفيّ يديها على وجنتيّ اللتين تغطيهما ذقني الكثيفة , القصيرة المهذبة ... تحاوط وجهي برقة , تنظر للأعلى لتصل عينيّ هامسة بحنان :
" وفقك الله يا بنيّ وأنار دربك بكل خير...."

قبّلت جبينها بحُبٍ شاكراً لها دعوتها الطيبة فهمس أبي الجالس على رأس الطاولة بلطف رجولي :
" اسأل الله ان ينجحك ويبعد عنك شر الأعداء..."

تبسّمتُ وقذفته بقبلة في الهواء ممتناً له ...كم اعتدت على وجوده في حياتي بعد ان ظهر لي بفضل الله عندما كنتُ بأمس الحاجة لسند أبوي اتكئ عليه !!!...
خرجتُ متجهاً الى سيارتي السوداء ذات الدفع الرباعي الضخمة ...مسكت الهاتف ولمست اسمها بإصبعي منتظراً ردها لتجيب بحنان :
" اسعد الله صباحك يا ولدي الغالي "

قلت بلهفةٍ وشوقٍ لها :
" وصباحك يا نبض الحياة يا غالية "

تابعت برقة:
" خيرٌ يا ولدي ؟!"

قلت وانا اشعر ببعض الارتباك في داخلي :
" انتِ تعلمين ان لديّ اليوم ..."

وقبل أن اكمل قاطعتني بنفس الصوت الذي يلامس خلايا قلبي يربّت على نبضاته التي تنبض توقاً لها ويشعرني انني ما زلت طفلاً صغيراً امام نبع حنانها الذي لا يجف ولا ينتهي ..
" أعلم يا ولدي ..لديك سباقاً مهماً ....يسر الله أمرك يا قرة عينيّ "

تنهدتُ لأطرد التوتر الذي فاجأني بزيارته وكأنني لم أشارك قط بمثل هذا السباق بحياتي وهمست برجاء :
" رضاكِ يا أمي "

فأجابت بنغمتها المعهودة التي تعزف بها على أوتار خافقي :
" رضا ربي ثم قلبي يكون رفيقك في حياتك واينما وليّت وجهك .....وفقك الله وأعادك لي سالماً منتصراً .."

وانطلقتُ براحة وسكينة متوكلاً على خالقي.....

~~~~~~~~~~~~~~~

" لا اصدق يا ألمى انني دخلت نادي السباق اخيراً....شكراً لكِ ولخطيبك الظريف "

قالت (ميار) بامتنان لـ (ألمى) ...فردت عليها :
" العفو حبيبتي...لم نفعل شيئاً وعلى العكس انا من واجبي شكرك لمرافقتك لي لتسليني.."

كانتا تسيران بأروقة النادي وتنظر (ألمى) بجميع الاتجاهات , تبحث عن قسم تبديل الملابس لتسلّم على (صلاح) قبل بدء السباق فصرخت صرخة طفولية مشيرة بإصبعها الى يمينها :
" لقد وصلنا...انتظريني قليلاً سأدخل لأراه "

سحبتها (ميار) من ذراعها شاهقة وقالت بذهول:
" هـيه... ايتها الحمقاء!!...هنا قسم تبديل الملابس ...كيف ستدخلين وهناك الكثير من الرجال ويعلم الله في أي حالة سترينهم!!؟"

تجمدت مكانها مصدومة من نفسها وهمست :
" صحيح لم افكر بهذا ......كدتُ أتهور وانفضح......اذاً سأتصل به ليخرج لنا "

خرج بلهفةٍ لها فور اتصالها وألقى التحية عليهما مصافحاً صديقتها ....دردشوا قليلاً قبل ان يستأذن منهما عائداً للداخل استعداداً للتحدّي وهو اكثر ما يعشق منذ صغره والحلم الذي كَبُر عليه لدرجة أن شغفه به انعكس عليها لتشاركه نفس الولع حتى أنها صارت تتابع أخبار نجوم هذه التحديّات المعجبة بهم دون ان يفوتها شيء......
ادبرتا للخارج حيث المدرجات المليئة بالجمهور المتابعين لهذا النوع من الرياضة بعد ان تمنتا له التوفيق .....استقرتا على مقعديهما الذين يحملان رقميّ تذكرتيهما في المدرج , تضع كل منهما قبعتها ونظارتها الشمسية وتمسك كأس العصير مع كيس المسلّيات.....
لحظات وأعلن عبر مكبر الصوت دخول المتسابقين الى الساحة ....خلعت (ألمى) نظارتها لتتضح لها الرؤية اكثر وهي تجول بنظرها بإمعان باحثة عن سيارته ثم هتفت بحماس مشيرة بسبابتها :
" انظري ميار ...تلك السيارة الحمراء التي تحمل رقم واحد وعشرون هي لصلاح....يا الهي كم هي رائعة !! "

خلعت الأخرى نظارتها تتفحصها وقالت :
" نعم انها جميلة وفاخرة ....يبدو ان خطيبك يحب الأحمر لأنها تشبه سيارته التي يقلّك بها الى الجامعة .."
صمتت برهةً لتتسع عيناها , تشير بانبهار مردفة :
" انظري انظري....يا للهول !!....ما هذا الشبح الأسود القادم الى الساحة ؟!"

ثبتت (ألمى)حدقتيها حيث اشارت صديقتها...ابتلعت لعابها هامسة بخفوت:
" يا الهي....ما هذه الفخامة السوداء؟!"

كنا اثنان وعشرون متسابقاً بسيارات مختلفة لشركات مشهورة وهذا العرض يكون بمثابة اعلان تجاري لكل شركة !!...لذا يضعون أفضل مركباتهم الرياضية لتسويقها في الساحة وتسمح الشركة للمتسابق خاصتها باختيار لون السيارة المفضل لديه ايماناً بأن هذا يزيده شغفاً وتحدّياً بسبب قيادته لشيء يحبه...!!
دخلنا ساحة السباق أو بالأصح ارض المعركة , نصطف بشكل منظم مستقيم , مركبة بجانب الأخرى....وكان ما يميز سيارتي انها باللون الأسود الحالك دون دمج أي لون آخر معه !..أما بقية المركبات فهي مدمجة بلونين أو اكثر حسب ذوق كل واحد منهم....
بدايةً يقومون بتعريف سريع لاسم ورقم كل مشترك والشركة التي يمثلها ...!!
والمرحلة الأولى ستكون سباقاً للسرعة وأول عشر سيارات تجتاز الخط المحدد , تنتقل للمرحلة التالية.....ظهر العد الآلي بشكل تنازلي حتى وصل للصفر قارعاً جرس الانطلاق لنقلع في مهب الريح بأقصى سرعة ونحن نجتاز احدنا الاخر بروح التحدي والمنافسة واثبات الذات لمسافة تمتد لحوالي ألفي وخمسمئة متراً بشكل بيضوي مغلق معد خصيصاً لهذه الرياضة....
كان جلّ تركيزي وهدفي هو اجتياز صاحب المركبة الحمراء المدمجة بخطوط بيضاء رفيعة....إما أنا وإما أنا ...لا تنازل لا استسلام لا خسارة او انهزام !!.....لم تكن المهمة هذه تروق لي وأنا مقتنع بأن لا داعي لها !!...لكن ماذا عساي أن أفعل بأفكار السيد(ماجد) وأبي (إبراهيم) اللذان اصرّا على مشاركتي؟؟!!.......
في بادئ الأمر كنت رافضاً بقناعة الّا انني مجرد وضع قدمي في النادي عادَ الشغف وروح التحدي داخلي ...!!...هذه المرحلة في التصفيات تعتبر كشربة كأس الماء عندي لذلك اجتزت بفضل الله الخط لأكون ضمن العشر الأوائل لننتقل الى ما بعدها ...كما كان بيننا المسمى (صلاح) مما جعلها تقفز, تلك المدللة هاتفة بتشجيع بحركات طفولية معتزة بإنجازاته العظيمة.....أما أنا لا اعلم ماذا انتابني بعد انتهائنا من هذه المحطة عندما ترجّلت من السيارة في الساحة وكنت قريباً من المدرجات !!...كنتُ أشعر بسريان لذيذ في عروقي ويصل قلبي ليجعله ينبض بحماقة ويحاول دفعي لقيام بشيء أقرب للتهور !!..هل هذا بسبب معرفتي بوجودها بين الحضور ؟؟!!....كنت أتساءل , يا ترى كيف أصبح شكلها ؟!....لوهلة تملكني الفضول لأبحث بين هذا الكم الهائل من الناس عن السماء الساطعة في عينيها ...لكن ما انقذني من غبائي هو احد أصدقائي المرافق لي هاتفاً باسمي للتجهيز للمرحلة الأخرى التي تكون عبارة عن عرض جنوني بقيادة السيارة بطريقة سريعة هوجاء مع انزلاقات ومحاولة التحكم بها باحترافية وهي تعد متعة لعشاق السيارات وتكون اشبه بعرض الديوك امام الدجاجات لفرد العضلات!!, وهنا يحصل كل متسابق على نقاط لأجمل عرض لينتقل اول خمسة للمرحلة الثالثة!!...ها هو دخل المتسابق الأول ليجود بأفضل ما لديه وسط هتافات الجماهير المشجعة , المتمتعة بهذا الهوَس ليليه الآخر فالآخر والآن المتسابق الثامن صاحب السيارة الحمراء يتقدم بتباهي وثقة كبيرة في سيارته ليبدأ بالحركات الجنونية والصرخات تعلو اعجاباً مع الصفير بعرضه المميز ...انهى عرضه ليتبعه التالي من المشتركين ثم الأخير الذي لم يكن سواي لأدخل بهدوء كالفهد المترصد لفريسته حتى وصلت نقطة العرض بعد التوكل على الله وبدأت عرضي تدريجياً من حركة لأخرى اقوى تجلب الأنظار وتسلب القلوب المولعة بهذا واثقاً بما أُقدّمه , إذ ان سنين تواجدي بالمعسكر علمتني تحدي الصعاب حتى بالقيادة , فكان لنا تمرينات على ايدي أمهر المدربين المختصين في هذا المجال ليعلمونا حماية انفسنا بالهروب من العدو او مطاردتهم بحركات كثيرة مختلفة في كافة الظروف والتضاريس !!...انهيتُ عرضي بحركة كبيرة مميزة حتى توقفتْ عن الدوران وشاهدت من حولي قفزات الجماهير المعجبة والهتافات المرتفعة مما جعلني اشعر بسعادة حقيقية وكأنني شاركتُ من اجل هذه الصورة...!!
بفضل الله انتقلت للمحطة الثالثة لأكون ضمن الخمسة مشتركين وكذلك (صلاح) حتى انهيناها بفوز كلينا للانتقال الى المرحلة النهائية التي تسمح باصطحاب مرافق واحد في السيارة للاستمتاع .....
دلفنا الى النادي لاستراحة قليلة لتناول شيء نشربه او قضاء الحاجة قبل خوض المنافسة الأخيرة وهي مثل الأولى... النصر للأسرع ...وكذلك لاختيار مرافقينا.....
توجهت الى الحمام لأغسل وجهي بالماء البارد لأنتعش واتنشط من جديد ثم قصدتُ المقهى لتناول زجاجة شيء بارد ...وليتني ما ولجت!!....فلحظة دخولي لمحتُ من لم تكن في الحسبان والتي تحولت من طفلة صغيرة لفتاة هيفاء تنضح انوثة , تقف موليّة ظهرها للباب تسرّح شعرها في ظفيره تصل الى خاصرتها وترتدي بنطالاً من الجينز الكحلي وبلوزة نصف كم ,حمراء ضيقة تنحت خصرها بإتقان لتبرز الجسد الجذّاب بحذافيره المرسوم في لوحة اشعلت النيران داخلي وجعلت دمي يغلي في تفاعل غريب وخاصةً وأنا اراها, تتحدث مع خطيبها منافسي بهذا القرب ولا تفصلهما عن بعضهما سوى سنتمترات ضئيلة ليستمتع بما ليس من حقه ولن يكون ابدا له ذاك البغيض....رغبت في اقتلاع عينيه وان لزم الأمر احراقه وحتى احراقها معه ليتحولا الى رماد امامي واسحقهما تحت قدمي ولا يحلما ابد الدهر بأن يكونا لبعضهما ما دام تخرج انفاسي من رئتي وقلبي الخائن ينبض بغباء وروحي تهفو لها وعيناي لا ترى سواها وأنا الهادي لاجئ في سمائها....
كانت تقف بجانبها وابعد قليلاً منهما صديقتها التي حاصرتني بنظراتها عند ظهوري على باب المقهى....كنتُ ارتدي اللباس الخاص بالسباق وهو من قطعة واحدة كاملة مع حذاء مرتفع يخترق الساق وكلاهما بالأسود كسيارتي....استدرت خارجاً من حيث أتيت بل هارباً من التقاء أرضي بسمائها ...ابتعد (صلاح) عنها ليتحدث بالهاتف فالتفتت بوجهها لصديقتها التي ظلّت على وقفتها دون أي حركة وكأن شبحاً ظهر لها فلوحت بيدها امام عينيها ثم فرقعت بإصبعيها ونظرت حيث تنظر وهزتها اخيراً من كتفها هامسة باستغراب:
" هيـه ميار....ما بالك تنظرين ببلاهة كأنك رأيتِ شبحاً؟! "

ردت وعيناها عالقتان في نفس المكان :
" لو رأيت الحلة والفخامة السوداوية !!...يا ويلي!!...ما هذه الوسامة ؟"

رفعت احد حاجبيها باستغراب ترنو نحو الباب هامسة:
" من؟...ماذا تهذين ؟"

تنهدت (ميار) بحسرة وهي تضع كفيها على صدرها وترفع بصرها للسقف قائلة:
" آه يا قلبي....لو يختارني لأكون المرافقة خاصته..."
اعادت بصرها للواقفة امامها وأكملت:
" انه المنافس لخطيبك.....يامن الهاشمي "

ضربتها بقبضة يدها مازحة ثم قالت:
" يا ليت....لكي نسحقكما انا وصلاح بجدارة ونشمت بكما "

ردت بامتعاض مصطنع:
" أرى ان تستسلما وتعودا ادراجكما بكرامة.....انت بنفسك رأيت قدراته واعترفتِ بها.."

قالت بتلعثم وكلمات مشتتة:
" ها....نعم....اقصد لا ....لا يهم تلك العروض , المهم النهاية !"
تابعت بفضول:
" كيف يبدو هذا المدعو يامن ؟"

مسكت بيدها تسحبها للخروج من المكان واجابت :
" انه كالإعصار بملابسه السوداء وجسده الرياضي والذقن المهذب والعيون المكحلة "
هتفت ساخرة:
" هل استطعتِ رؤية كل ذلك بلحظة؟....أرى انني ارافق قناصة "

عادت(ميار) الى مقعدها و (ألمى) توجهت الى خطيبها الذي ينتظرها لترافقه بالمرحلة النهائية ....
قرع الجرس يعلن عن استئناف المعركة لننطلق كلانا بتحدي وإصرار يعتبر الأصعب بسبب قدراتنا المتقاربة بهذا المجال ....يجتازني مرة واجتازه مرة والبقاء للأقوى....بدأت حبيبات عرق تنساب من جبيني رغم وجود التكييف , ربما من الوساوس التي اكتسحتني بأفكاري ..ماذا لو خسرت؟!...استعذت بالله لطرد احباطات الشيطان ومسحت جبيني بظهر كف يدي ثم زفرت انفاسي بقوة مع التوكل على الله وضغطت بعنف على السرعة لدرجة بدا لي انها ستتعطل تحت قدمي لتمر ثواني قليلة حتى تسقط البالونات والمفرقعات الورقية الملونة تهطل كالمطر على مركبتي وتنساب على الأرض بعد اجتيازي خط النهاية بفارق خمس ثواني.....
دخلنا الى النادي مجدداً ننتظر تحضير المنصة الخاصة بتسليم الكؤوس والميداليات أما رفيقانا توجها فوراً من ساحة السباق الى المدرجات......بعد خمسة عشر دقيقة رجعنا الى الساحة حيث المنصة الخشبية الصغيرة مع رئيس النادي الملياردير ( حسن عرابي) لنستلم منه جوائزنا.....
كانت هي تجلس صامتة , صاغرة بالمدرج ووجهها بلون حبة البندورة الناضجة وسماءاها غائمتان ...شدت نظر صديقتها بصورتها العابسة تلك والتي كانت تراقبها بعطف ظناً منها ان هذا سببه خسارة خطيبها ...مدت يدها تربت على كفها لتواسيها هامسة بخفوت :
" لا تحزني ألمى...انها مجرد لعبة وسيفوز بالمرات القادمة.."

أفلتت دمعة من احدى عينيها كانت تحتجزها بصعوبة وعضت شفتيها ثم قالت بصوت مهتز ,مبخوع:
" لقد وبخني!!....ويدّعي أنني السبب بخسارته..."

جحظت عينيها متفاجئة من ردة فعله وسألت بتعجب:
" كيف انت السبب؟!"

أخفضت رأسها الى الأسفل تنظر الى اصابعها المتوترة وهمست بحزن:
" أردت ان نستمع الى الموسيقى أثناء السباق وصممت على ذلك رغم اعتراضه مدّعياً ان هذا يشتت تركيزه ولكي لا يحزنني وافق مكرهاً.."
ازدردت ريقها وأكملت:
" وبعد خسارته تحول الى شخص آخر لا اعرفه ولم اره سابقاً .."

مسكت ذراعها من الأعلى قرب الكتف وأضافت بأسى:
" حتى انه شد بقبضته على ذراعي وهزني بقوة صارخاً بي * أنتِ السبب ..هذه المرة الأولى التي اخسر بها *...."

رفعت يدها تربت على كتفها تحاول تهدئتها هامسة برفق:
" لا عليكِ ألمى....يجب ان تعذريه....جميعنا لا نحب الخسارة ولكل منا ردة فعل خاصة به.....وعلى العكس يجب ان تقفي بجانبه وتعوضيه بشيء لينسى هزيمته ...مممم...........مثلا بعزومة لطيفة على الغداء لتخرجيه من مزاجه الغاضب "

رفعت رأسها وعينيها دامعتين ...فكرّت برهة وهمست بغصة:
" سأرى.."

أعادت (ميار) وجهها الى ساحة العرض وشهقت هاتفة :
" الاعصار الأسود يصعد على المنصة....انظري"

استعادت أنفاسها مكفكفة دموعها وحدّقت بتركيز بنظرة تقصّي ثم تمتمت متسائلة:
" هل هذا هو يامن الهاشمي؟....لم اسمع به من قبل !!....ويبدو لي انه مغرور من وقفته..."

أجابت (ميار) بانزعاج وكأنها تحدثت عن شخص يخصها :
" هذه الثقة بالنفس.....انه ابن رجل الأعمال الشهير إبراهيم الهاشمي والمدير العام لشركتهم رغم صغر سنه الذي لا يتعدّى الخامسة وعشرين !!.."

حدّجتها بإمعان متعجبة وقالت:
" هل ارافق ايضاً محرك البحث في الشبكة العنكبوتية؟!....من اين لكِ كل هذا ؟."

أجابت بتفاخر عن انجازاتها:
" كنت اسمع عن إبراهيم الهاشمي ...وبعد ان رأيت هذا الاعصار الأسود في مقهى النادي ....اهتممتُ بالبحث عن سيرته الذاتية في الشبكة العنكبوتية خلال انتظاري لبدء المرحلة النهائية..."
صمتت برهةً وأردفت باستسلام :
" لكن مع الأسف لا يوجد أي صورة له ولا حساب على مواقع التواصل....يبدو انه حريص على إخفاء نفسه ولا اعلم ان كان تواضعاً ام من اجل امانه.."
×
×
×

استلمنا جوائزنا وسط التصفيقات والهتافات....بدلتُ ملابسي الخاصة بالسباق للتي حضرت بها ..وضعت قبعتي على رأسي و نظارتي السوداء على عينيّ...خرجتُ بكل ثقة الى موقف السيارات لأعود الى بيتي وهناك لمحت (صلاح) يتكئ على سيارته وملامحه ناقمة وبعد ان ركبتُ سيارتي, أطلّت على الشاشة برفقة صديقتها وهي تضع نظارتها تخفي عينيها وتمنيتُ من كل قلبي الّا تخلعها لأنني بغنى عن اللجوء في سمائها هذه اللحظة...فاستجاب الله لي.... وذهب كل منا في حال سبيله....
~~~~~~~~~~~~~

" شكرا لكما على ايصالي "
نطقت بها (ميار) ونزلت تغلق باب السيارة خلفها ليضغط مجدداً على الوقود وينطلق كالعاصفة بوجهٍ مكفهرٍ لدرجة شعورها بأن العجلات لم تعد تلامس الأرض من تحتها وصمت قاتل يخيم في الأجواء ....استجمعت قواها لتكسر هذا الهدوء المثقل بالشحنات السالبة وقالت:
" لمَ أنت صامت ؟"

نظر اليها شزرا وشد قبضتيه على المقود دون الرد عليها وكانت نظرته تلك كفيلة بإخراسها لكنها جازفت مجدداً وهتفت آمرة بصوتٍ ثابت :
" انزلني هنا....سأتصل بسائقي "

" ألمــــى ...اكرميني بصمتك حتى نصل "
صرخ بها بصوت جهوري لدرجة أجفلتها وحطمت دروعها وشرعت بالبكاء مثل طفلة وبخها والدها على تصرفٍ خاطئٍ ...بدأ يخفف من انفعاله محاولاً السيطرة على اعصابه بعد أن استوعب انه تمادى ...زفر أنفاسه وسحب منديلاً ورقياً من جانبه ...ناولها إياه وهمس بصوت خفيض:
" آسف حبيبتي....لم اقصد ابكائك "

تطلّع اليها برقةٍ بينما ضميره يؤنبه على فعلته ...مدّ يده اليمنى ليمسك يدها بحنوٍ فسحبتها واعرضت وجهها عنه تنظر الى الخارج من نافذتها ...أدار المقود بحركة سريعة مغيراً وجهته الى الساحل ليرضيها وعند رؤيتها انهما اقتربا من البحر سألت بضيق:
" الى اين انت ذاهب ؟....اريد العودة الى البيت "

تبسّم لها يرمقها بنظرات رجاء هامساً بندم :
" سأعتذر لأميرتي أولاً...لا يصح ذهابها الى البيت وهي غاضبة مني "

صمتت تسرط ريقها بعد ان تكدست الدموع في عينيها وهمست بصوت متحشرج :
" لم اعهدك قاسي هكذا "

ردّ عليها وهو يجول في بصره باحثاً عن مكان ليصفّ سيارته في الموقف بعد ان وصلا الشاطئ:
" لا أحب الخسارة ابداً وكيف وانتِ بجانبي ولم احقق لكِ لهفتك بالفوز ؟!"

نزلا من السيارة وهي صامتة ثم توجها الى مطعم صغير مطل على البحر يقدم الوجبات الخفيفة...جلسا في شرفته , سارحان بالمنظر امامهما وهو يحاول مصالحتها يقدم الاعذار حتى قبلت اعتذاره....تابعا باحاديثٍ شتّى مختلفة ...أما هي عادت الى البداية لانشغالها بنجمٍ جديد يضاف الى قائمتها وسألت بفضول حاولت تظهره انه مجرد سؤال عابر:
" هل تعرف يامن الهاشمي ؟"

أجابها وعيناه تعوم في البحر :
" اعرفه بالاسم فقط واعترف انه منافساً قوياً...لقد نال جوائز عديدة بمسابقات رياضية مختلفة .."

قالت مستمرة بنفس السيرة :
" انا اول مرة اسمع به...."

أجاب :
" لم يمضِ اسبوعان على عودتك من الخارج بعد ان قضيتِ سنوات كثيرة!!...من اين ستسمعين به وهو حريص بالابتعاد عن الاعلام وعدسة التصوير ؟"

قالت وهي ترتشف من كأسها العصير :
" معك حق.....ما هي الجوائز التي حصل عليها ؟"

تنهد بعد شعوره بالملل من هذه السيرة وقال:
" هل سنقضي فسحتنا القصيرة بالسيرة الذاتية الخاصة به ؟"

طأطأت رأسها محرجة وحاولت تغيير الموضوع بأشياء أخرى وهكذا أمضيا بعض الوقت ثم اعادها الى بيتها لترتاح قليلاً قبل حلول المساء ليأخذها لشراء ما يلزمها لعقد القران في الغد.....
×
×
×
نظرت الى الساعة المعلّقة على الحائط امام سريرها تشرد بعــقاربها فلقد اوشكت على الخامسة بعد العصر وهي لم تستطع ان تقيّل بسبب انشغالها ....نعم غداً يوم عقد قرانها وفي المساء ستباشر التحضيرات لهذا....لكن مع الأسف كان انشغالها بأمرٍ آخر !!...من هو هذا يامن الهاشمي ولمَ شعرت بوميض خفيف في قلبها بعد رؤيتها له من بعيد ؟!...تتساءل محتارة علّها تجد إجابة شافية!!...تقول في سرها " ليتني شاهدته من قرب كصديقتي ...ليس لشيء ..انما فقط لمعرفة كيف يبدو يامن الهاشمي ؟! "....زجرت نفسها لشعورها بالذنب لتفكيرها بما ليس من حقها وهي مرتبطة بشخصٍ آخر بعد ان اهتز هاتفها الموجود على المنضدة بجانب سريرها دون اصدار رنين ....ولما حملته ورأت اسم خالتها فتحته مبتهجة , متلهفة هاتفة :
" خالتــــي ...كنتُ سأتصل بكِ "

" مرحبا ألمى...كيف حالك ؟"

أبعدت الهاتف عن أذنها تحملق بشاشته لتتأكد من هوية المتصل ثم اعادته ثانيةً وسألت بارتباك :
" سيدة ايمان ؟!....لمَ انتِ تتصلين من هاتف خالتي ؟..اين هي ؟!"

أجابت بلطف:
" اتصلتُ لأخبرك بأن خالتك متعبة قليلاً وتعتذر عن مرافقتك للتسوق من اجل الغد "

صرخت بانفعال:
" ما بها خالتي؟...كيف هي ؟!!....بماذا تشعر ؟!! "

تابعت بنفس اللطف تحاول طمأنتها :
" لا تخافي يا ألمى....يبدو انها أصيبت بنزلة برد وستتحسن ان شاء الله........انتظري...ها هي أفاقت ...كانت نائمة "

طلبت برجاء:
" ارجوكِ اعطني إياها ..اريد سماع صوتها "

" صـ...صغيرتي....لا تشغلي بالك ..أنا بصحة جيدة "

قالت بذعر وصوتها مرتجف:
" ما بكِ خالتي ؟!...صوتك لا يعجبني!"

ردت بوهن:
" نزلة برد بسيطة وستختفي ان شاء الله....اذهبي وتمتعي بتسوقك ولا تفكري بشيء فغداً يوم فرحتك "

أجابتها بعدم اهتمام لما تقول :
" أي تمتع وأي تسوق وانتِ لست معي ؟!....سآتي حالاً اليكِ.."

قاطعتها رافضة:
" لا...لا يجوز صغيرتي.....لا داعي لقدومك....انهي امورك واذا شعرت بتحسن سآتي في الغد...وان لم استطع القدوم...اعذريني "

صرخت تبكي :
" مســتحيل...لن أُقْدِم على أي خطوة من غير وجودك بجانبي وهذا شرطي !!....عقد القران ينتظر...المهم سلامتك "

أغلقت الهاتف نزلت الى مكتب والدها بقفزات سريعة وطلبت منه بإلحاح للسماح لها بزيارة خالتها بعد ان اخبرته بحالتها ..وافق على مضض وأمرها بالاتفاق مع (صلاح) لاصطحابها للتسوق من هناك...
جهّزت نفسها بسرعة وأوصلها سائقها الى شقة السيدة(ايمان) ....اندفعت بلهفة وارتمت على حضن خالتها فورَ دخولها الغرفة وهي تبكي وتشد باحتضانها بشوق وقلق عليها ....بعد أن هدأت وسكن توترها , ضيّفتها صاحبة البيت بكرم وجود وثلاثتهن يتبادلن الاحاديث حتى مرّت ساعتان من الزمن دون ادراك للوقت ليقطع انسجامهن رنين هاتفها فأجابت بحُرقة :
" صلاح.....هل يمكنني الاعتذار عن التسوق ؟!"

شرحت له أسبابها فردّ بضيق :
" لا يصح يا ألمى...عليكِ الاختيار حسب ذوقك "

قالت بتهرّب:
" انا اعتمد عليك وعلى خالتي اسراء....اذهبا واجلبا ما تريدان....لا استطيع ترك خالتي وهي مريضة وتحتاجني بجانبها "

وافق مستسلماً لينهي مكالمته هامساً بفتور :
" زال البأس عنها....أوصلي سلامي لها "

انقضت ساعة أخرى برفقة السيدة (فاتن) وصديقتها وقالت بحزن بعد ان علمت بقدوم السائق:
" كنت اود البقاء لوقت أطول....لكني بغنى عن محاضرات أبي وتقريعاته....."

سكتت لوهلة ثم اضافت :
" ما رايك خالتي بالعودة معي ؟....لقد اوشك السائق على الوصول.. "

سعلت وقالت بصوت ضعيف:
" اذهبي صغيرتي في امان الله....ايمان ترعاني جيداً....سأحاول ان آتي غدا ان امكنني ...المهم ان لا تعاندي وابقي كل شيء كما خطط له "

تنهدت بخنوع واحنت ظهرها لتقبّل جبينها وهمست مشفقة :
" أتمنى لك الشفاء العاجل خالتي...كوني بخير....اراك غداً "

عادت السيدة(ايمان) الى صديقتها بعد ان أوصلت ضيفتها للباب وقالت تعاتبها من قلقها عليها وتعاطفها بسبب حالتها :
" لم يكن من داعي لمبيت ليلة كاملة على الشرفة وأنتِ مبتلة والهواء يلفحك !!....لقد أمرضتِ نفسك حقاً....كان كلّ ما طُلب منك هو اتقان مشهد تمثيلي قصير في يوم عقد القران .....سامحك الله "

ردت بكلمات وسط سعالها :
" لا يمكنني...الكذب عليها ...لا استطيع التمثيل....أنا اشفق على حالها وتحملت المرض من اجلها فقط لأنني اريد لها الأفضل في حياتها ..."
اخذت نفس واردفت:
" انا بخير...سأنام قليلاً لا تقلقي ... "

~~~~~~~~~~~~~~~

ابتعدت عن فراشها وانتعلت خفها البيتي , تجرّ قدميها جراً بتكاسل , لقد مرّت عليها ليلة طويلة , مؤرقة وهي شاردة بأفكارها وقلقة من الغد...انها عروس ويجب ان تتدلل....لا تدري لمَ جاءت الخادمة لإيقاظها والساعة ما زالت التاسعة صباحاً....دلفت الى الحمام ..غسّلت وجهها لتنتعش ثم توجهت الى منضدتها تلتقط هاتفها لتطمئن على خالتها ....تأففت والقته على السرير لاكتشافها انه مغلق بعد ان نسيت وضعه بالشاحن.....نزلت السلالم بتباطء فاصطدمت بالصاعد مسرعاً ذا الدم البارد الذي القى تحية الصباح بخباثة :
" اووه عروستنا....صباح الخير "

رمقته باشمئزاز وتابعت نزولها بنفس الوتيرة البطيئة...فأردف:
" وُلدتِ مغرورة ...والآن بعد ان اصبحتِ عروساً لصلاح السيد ازددتِ غروراً "
رفع وجهه ويديه عاليا وهتف يستفزها:
" أعاننا الله عليكِ وعلى تغطرسك "

قالت دون ان تنظر اليه وهي شبه متوقفة على السلم :
" اصمت يا كرم...لا ينقصني صداع على صداع.....هل رأيت أبي ؟"

أجاب بمكر:
" لقد خرج باكراً.."

ادارت وجهها الى الخلف بعد ان ضاقت أنفاسها لانقباض قلبها فجأة وسألت بوَجل:
" اليوم اجازته!...لمَ خرج باكراً ؟"

رماها بنظرة ثعلبية وهمس شامتاً وهو يحرك حاجبيه بحركته المستفزّة :
" على ما يبدو ان حفل اليوم سيؤجل!!...لا تحزني ...سيعوضك صلاح ابن الملياردير بحفل آخر....لأن أحدهم دخل المشفى "

جحظت عينيها وصعدت مسرعة نحوه تسأله :
" ماذا؟..من ؟..خا....خالتي ؟"

أجاب ببرود مُهلك :
" نعم خالتك....ارتفعت درجة حرارتها ونقلوها الى المشفى ومن هناك صديقتها اتصلت بالقصر "

صعدت الى غرفتها بخطى مرتبكة وعيناها غارقة بالدموع ....وضعت هاتفها بالشاحن وفتحته تضغط على اسم خطيبها , تطلب منه ايصالها الى المشفى...
×
×
×
وصلا المشفى واستعلما عن غرفتها ..توجها اليها ولما رأتها تتكلم وتبتسم بعد ان كادت تفقد عقلها خوفاً وقلقاً عليها ...دنت منها تعانقها بحرارة وتتحسس منها لتتأكد انها بخير ...القى (صلاح) التحية وتمنى لها الشفاء وبعد لحظات هتف (عاصي رضا) بصوت جهوري ناظراً له :
" بنيّ...اعذرنا ...سنقوم بتأجيل عقد القران لان السيدة فاتن ستبقى ليومين بالمشفى ولا نستطيع الاحتفال بألمى من دونها "

نطقت السيدة(فاتن) بصوت هزيل :
" ارجوكم ابقوا على موعدكم.....لا داعي لتأجيله"

تدخلت (ألمى) قائلة :
" لا داعي لكلامك خالتي ولا ترهقي نفسك...فأنت تعرفين كما الجميع يعرف انه من المستحيل ان احتفل وانت لستِ معي .."

قال(صلاح) ليدعم قولها بثبات مغاير لما يريده ويشعر به بداخله:
" بالطبع لا يمكننا الاحتفال من غيرك سيدة فاتن...عودي سالمة وسنقوم بحفل اكبر "
هتف (عاصي) متباهياً مع ضحكات تشوبها العظمة :
" نعم سنؤجل احتفالنا ليكون احتفالين بعد نجاح صفقتنا.."

نظرت السيدة(ايمان) لصديقتها بعد جملته الأخيرة بنظرات ساخرة وابتسامة مائلة على فمها دون النطق بحرفٍ واحد....

~~~~~~~~~~~~~

اجلس في الشرفة المطلة على الحديقة في القصر , منشغلاً ببعض المعاملات الخاصة بالشركة عن طريق حاسوبي النقال وانا ارتشف من قهوتي الثقيلة , فَعَلا رنين هاتفي وأجبت في الحال بعد السلام :
" نعم اخبرني.....ماذا جرى بموضوعنا ؟"

أجاب بتوتر ملحوظ :
" لقد وافقوا على خطتك انت لتنفيذها !!....لكني أخشى عليك ولا اريد مشاركتك بهذه المهمة "

قاطعته بصلابة:
" من فضلك سيد ماجد ..انت تعلم اصراري على المشاركة بهذه المهمة بالذات...لقد سهرت اسبوعاً كاملاً بعد معرفتي بتجدد النزاعات على الحدود واستفزاز الخونة للثوار وأنا افكر بطريقة لسحقهم .."

قال:
" اعلم....لكن هناك ممكن وضع بديل مكانك اما هنا نحتاجك لمهمتنا الأخرى "

قلت بامتعاض:
" هل اترك مهمة الرجال واخواني هناك بسبب مهمة تافهة ؟"

زفر بغيظ وقال:
" انت من تقول هذا رغم معرفتك بان كل ذلك مربوط ببعضه ؟"

اجبت ببرود:
" افشال صفقتهم اعتبره بالجيب...لا مناص منه...والنصر حليفنا بإذن الله وما بعد المصيبة التي ستحلّ على الوغد عاصي رضا اتركه لي ايضاً...."

تنهد يائساً وهتف:
" مع انني غير مقتنع !!..لكن من واجبي اخبارك ان السفر للحدود غداً بعد صلاة الفجر.."

انهينا المكالمة وتابعت العمل على حاسوبي فأعاد اتصاله قبل مرور خمس دقائق فأجبت على الفور:
" لم اغير رأيي ...انا ذاهب ان شاء الله "

ضحك الذي كان منزعجاً بمكالمته الأولى وقال :
" مبارك لنا.....أُجّلَ عقد القران حتى إتمام صفقتهم ليكون احتفالين في آنٍ واحد "

اطلقتُ ضحكة شماتة وانتصار وأنا ألقي ظهري للخلف بارتياح واثقاً بخططنا محسناً الظن بالله وقلت:
" لقد فعلتها السيدة فاتن ...كل الاحترام لها "

قال بتأنيب ضمير :
" لا لم تمثل.....لقد امرضت نفسها حقاً لإنجاح دورها حتى وصل بها الحال للمشفى "

صُدمت مما سمعت !!...كيف تفعل ذلك ؟!...لم آذت نفسها ؟؟!

{وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}

همستُ شاعراً بالذنب :
" يا الهي.....شافاها الله وعافاها...كنا نفذنا خطة أخرى دون ان تصاب بأذى ...كيف الحقت الضرر بصحتها ؟...لا يجوز هذا ولا يقبل به الله !! "

ختم مكالمته قائلاً:
" هذا ما حصل...علّه خيراً...استودعك الله "

~~~~~~~~~~~~~~

مضى يومان على وصولي الحدود بانتظار اللحظة الحاسمة والمواجهة النارية مع الخونة انصار المدعو (عاصي رضا) الذين يساندونه بأعماله الغير شرعية ويبثون الفساد في ارجاء الوطن لإخلاء الطريق له للوصول لما يصبو اليه ...هؤلاء هم فئة مصغرة من جنوده الأوغاد ومهمتهم نقل الأسلحة الممنوعة وليست بقانونية.... والضارة بالشعب ومبدأهم اسحق من يقف امامك والمهم المال ورضا الأسياد!!....كانوا يتعسكرون منذ أسبوع , ينتظرون إتمام الصفقة الكبرى للوغد وشركائه لإدخالها من غير علم للدولة ..!! يقومون باستفزاز من يتواجد على الحدود كالثوار مثلاً لتشتيت الأعين عنهم اثناء تطبيق المهمة باحترافية شيطانية ..!!
القائد الأعلى للثوار وهو أحد المقربين من ابي رحمه الله ...وثق بي ولأول مرة يسلمني قيادة هذه المهمة كاملة معتمداً بعد الله على ذكائي....وجاءت هذه اللحظة للانطلاق وتنفيذ التكتيك الحربي بدهاء بعد مواجهة ليلة وضحاها مما أسفر عن محو كتيبة العصابة بأكملها والمكوّنة من ثمانية وعشرون جندي بتوفيق من الله....لنعود بعد ذلك الى مقرنا الموجود بجانب قرية هي الأقرب من الحدود والذي يقع على مساحة واسعة وأُنشئ على شكل غرف حديدية متباعدة عن بعضها البعض....رجعنا الى مكاننا نحمل من يخصنا من مصابين وجرحى.....مشاهد اعتدنا على عيشها وبلطف من الله لم نفقد أي عنصر من عناصرنا الأبطال....
كان الاتفاق بعد انجاز مهمتنا بنجاح أن نبيت هذه الليلة بالمعسكر ونغادر صباحاً الى بيوتنا...وبسبب الحماس وسلامة الجميع , قرر اخواني الثوار الاحتفال بنصرنا فيما بيننا بطرقنا الخاصة......
أقبَلَ المساء وبدأوا بالتجمع في الفناء خاصتنا فشعرتُ بانقباض في قلبي وعدم ارتياح وحدسي ساعدني على أمرِهِم بفضّ تجمهرهم , لذا طلبت منهم البقاء متفرقين خوفاً من مباغتة العدو لنا في أي وقت وخصوصا بعد سحق كتيبة كبيرة لهم....
بهذه المنطقة يكون الجو بارداً في ساعات الليل فتوجهتُ انا وبعض زملائي لجمع بقايا الأشجار من اغصان واوراق لنوقد ناراً نتدفأ بها....
بعد ابتعادي قليلاً تذكرتُ انني نسيتُ هاتفي فعدت لأخذه علّنى التقط إشارة لأتصل بأهلي وأُطمئِنَهم عن أحوالي....
اقتربتُ من الساحة وإذ بقذيفة من مدفع ارضي على الحدود تصيب غرفتين هما الأقرب لها لتفتت جدرانهما الحديدية فتقع احدى شظاياها على حاجبي الأيسر وتقسمه من طرفه الخارجي تاركة أثراً أبدياً....لم أشعر بالألم فجلّ تفكيري مرتكز على زملائي واخواني الموجودين بهاتين الغرفتين !!...ربااه...اقترب وأرى....أغراض مبعثرة...دخان كثيف متصاعد...روائح ودماء !!...ثم إصابات متفاوتة بين المتوسطة والبالغة.....هبّ الآخرون للمساعدة...بدأنا برفع الألواح الحديدية عن هذا ونسحب ذاك...أصوات أنينهم يخترق اذاننا ويدمي قلوبنا ...يارب ساعدهم وهوّن عليهم....وأخيراً وصلت الإسعافات التابعة لمشفانا الخاص بعد ما يقارب العشرون دقيقة من العذاب وصراع البقاء.....لم اكن لأتركهم لشعوري بالمسؤولية اتجاههم فلحقنا بهم انا وبعض زملائي للاطمئنان عليهم...امشي بخطى واسعة متألماً لأجلهم , اريد ان استشف أي خبر يهدئ من روعي فاصطدمت بإحدى الممرضات التي شهقت وهي ترى دمائي تنزف من حاجبي وتلطخ وجهي وانا غير مكترث لحالي فقالت بإصرار يجب تنظيفه وتعقيمه ...رافقتها مستسلماً وبعد تحريات علمتُ ان زميلنا (ايمن) صاحب أصعب إصابة يرقد في غرفة العمليات يصارع للحياة ..!!....اربع ساعات ونحن متسمرون مكاننا , نثبت أنظارنا على المصباح الصغير الموجود فوق الباب , المضاء بالأحمر....لو كان ذا روح لتوسلناه ان ينطفئ ويطمئننا عليه !!....أُطفئ الضوء بالتزامن مع فتح الباب الكبير فهرعنا جميعنا بلهفة لنتلقى أي خبر يعطينا الأمل......خرج الطبيب المسؤول يطأطئ رأسه فوصل خبره لبصرنا قبل سمعنا انه فارق الحياة ليُزف شهيد للجنة بإذن الله.....
ذهب الشاب المجتهد محب الخير...عاش على أمل العودة الى بلاده بعد استقرارها ليتزوج من ابنة عمه المرتبط بها من سنوات....كان يملأ جلساتنا في حديثه عن أحلامه التي تركها داخل هذه الغرفة ليصعد الى بارئه.....
اهتزت كتيبة بأكملها بفقدان المجاهد البطل (ايمن) صاحب القلب الطيب والابتسامة خاطفة القلب ...زفناه الى مأواه الأخير في مقبرة شهدائنا في بلاد اللجوء سائلين الله ان يلهم اهله الصبر والسلوان.....

~~~~~~~~~~~~~~



يتبع...


ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-21, 03:34 AM   #97

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي



قهقهات شيطانية وايدي تمسك الكؤوس المسكرة احتفالاً بيوم غد يوم الصفقة الكبرى !!...هكذا هم ضعفاء النفس يهربون من واقعهم بادعاء اللذة بارتشاف المشروبات المحرّمة وكأنها هي سبب المسرّة والهناء لأنهم لم يذوقوا البتّة طعم السعادة الحقيقية وهي القرب من الله ....لم تكن تلك سوى بهجة زائفة , زائلة بقشرة هشة تختفي بعودة العقل الى مساره....اما القرب ممن خلقنا سبحانه هو الانشراح والنعيم الابدي الذي يصاحبنا في أي حال كنا حتى الممات.....
في حديقة الصاحب الشريك السيد (رائد السيد)... سهرة أُنس بعد عشاء فاخر معتزين بالإنجاز العظيم الذي سيحققونه غداً.....أطلق (عاصي رضا) ضحكاته الجهورية وهو يحمل الكأس للأعلى هاتفاً:
" غداً يوم النصر ويليه عقد قران ابنينا باحتفال سيضج له الاعلام من الشرق للغرب "
ردّ عليه صديقه ضاحكاً بخيلاء , رافعاً كأسه يؤكد له صحة كلامه....(اسراء) تمسك يد صديقتها(سوزي) تشاركانهما فرحتهما تتبادلان الضحكات بحبور وكأنهما تعانيان من قحط لا تجدا قوت يومهما وغداً ستهلّ عليهما الخيرات...لكن لا ملامة !! فهكذا هي العيشة الحرام التي يغطيها الجشع ولو كان بأيدي هؤلاء البشر لامتلكوا الاوكسجين ليمنعوه عن غيرهم... يظنون أنّهم مخلّدون في هذه الحياة.....
وعلى طرف الحديقة في الزاوية الشمالية حيث نبتة الجوري بأزهارها الحمراء مع انعكاس الضوء القادم من الأرض بنفس اللون يحوطان معاً من تقف بينهما لا تستطيع تمييز من أثّر على جمال الآخر وهي ترتدي فستانها الأسود الطويل المجسّد لمعالمها بإتقان وتسبل شعرها ليمتزج معه بانسجام فاتن يذيب القلب ويبهج النظر!! ومحاذياً لها يقف ذاك (الصلاح) يهمس لها بصوت رخيم , رومانسي وهو يمدّ يده ليمسك يدها ويقبّلها :
" كدتُ أفقد عقلي وأنا أعد الأيام منتظراً يوم الخميس لتحملي اسمي أميرتي الجميلة "

حدّجته بنظرات جريئة وقالت:
" كله عقد قران لمَ انت متحمساً لهذه الدرجة انا لا افهم ؟!"

خفت حماسه وحدّق بها متسائلاً:
" هل انتِ لستِ متحمسة مثلي ؟!"

أجابته ببرود وهي تتحسس أوراق الجوري برقة بأناملها الناعمة وتنحني لتشتمّها :
" لا أدري...لا أرى فرقاً بين الخطوبة وعقد القران.....ربما لو كان زواجاً رسمياً لكان شعوراً آخراً "

ظنّ انها تواقة للزواج به فهتف بصبابة :
" هذا يعني أنّك تريدين الزواج دون انتظار؟"

رفعت راسها تنظر لعينيه ببلاهة ثم همست متهرّبة بحماقة:
" لا.....انت أسأت الظن....اقصد بلى طبعاً.....اوف صلاح لقد انسيتني ماذا سأقول !!"

نصب كتفيه ينظر للبعيد من فوق الجدار وقال بتفاخر وغرور :
" ألمى السيد....يا لجمال الاسم....هذا وحده سيكفيني حالياً لأؤمن انك تخصيني انا.."

ابتسمت مجاملة له دون أدنى إحساس وبعدها خاضا بأحاديث متفرّقة حتى انتهت هذه الليلة في انتظار اكتمال فرحتهم الكبيرة....

~~~~~~~~~~~~~

أن تذهب الى الجامعة لتجد الأستاذ متغيّباً , يكون شعوراً لا يضاهيه أي شعور...فهذا يعني الحرية , التمتع مع الأصدقاء والجلسات المليئة بالدردشات الجميلة في حديقتها او مقهاها وكيف عندما يكون له محاضرتان في يومٍ واحدٍ؟!....

" يا للروعــــة .."

هتفت (ألمى) بابتهاج وهي تضرب كفيها بكفي صديقتها (ميار) والصديقة الجديدة (لميس) فالآن سيكملن بحرية ثرثرتهن التي لا تنتهي والتي دائما يأتي ما يقطعها كدرس ممل مثلاً.....
قالت (ميار) بمرح:
" يجب ان نرسل له برقية شكر على تغيبه .."

دعمتاها مازحتان مع ضحكات ثم قصدن ثلاثتهن مقعداً اعتدن عليه وأصبح يخصهن في حديقة الجامعة بعد ان اشترين العصائر .....رنّ هاتف (لميس) فتورّدت وجنتيها وهي تنظر للاسم وكادت عيناها تخرج قلوب فأجابت بخجل :
" مرحبا...كيف حالك امير؟"
"..."
" بخير...اشكرك"
"..."
" نعم بعثت لك رسالة لأنني متفرغة ...الاستاذ غائب"
"..."
" حسناً سأكلمك فور انتهاء دوامي "
اكتسى وجهها بالكامل باللون الأحمر ..ارتبكت ثم همست بصوت يتعسّر سماعه من خجلها :
" وانا ايضاً.."

كانتا في هذه الاثناء تراقبان ملامحها وانفعالاتها اثناء حديثها مع خطيبها وعند انتهائها سألتها(ميار) ساخرة:
" لمَ كل هذا الاضطراب والاحمرار يا ابنتي ؟؟

أجابت بحياء:
" عندما تجربين ستعذرينني وخصوصاً ان كنتِ تحبينه.."

نظرت لـ( ألمى) ثم اعادت النظر اليها وهي تشير بيدها للأخرى وقالت باندهاش:
" وهذه ايضاً مخطوبة !....لكن لا أرى أي ردة فعل بملامحها وهي تكلم خطيبها ...حتى عيناها تكونا متسعتين بوقاحة وكأنها تكلم أخاها الصغير.."

انتبهت (ألمى) لكلمة (ميار) والتي اصابتها في الصميم وباتت تقرأ افكارها وتغوص في دواخلها وسبر أغوارها....كانت بالفعل مستغربة من طريقة مكالمة صديقتها مع خطيبها والتي كادت ان تذوب امامهما ...فسألت بتردد:
" ماذا تشعرين وانت تكلمينه ؟"

ردت بنبرة خافتة , خجولة وهي تستحضر شعورها :
" مجرد رؤية اسمه اشعر بشيء يتراقص داخلي...عند سماع صوته تتسارع نبضات قلبي...عند همسه لي بكلمات لطيفة أكاد ان أقع مغمىً عليّ....نحن مخطوبان منذ سنة تقريباً والى الآن لم استطع النظر بعينيه مباشرة خجلاً منه وأشعر انني اذوب من لمسته....انا أعشقه وانتظر بفارغ الصبر متى سيجمعنا بيت واحد .."

كانت (لميس) ترد على سؤالها وتلك تقف بينها وبين نفسها عند كل كلمة قالتها وتقارن بما تشعر به عند تحدثها مع (صلاح) فلم تجد أي شيء مما ذكرته لها فهتفت بثقة مزيفة :
" هذا يبدو لي ضعفاً وليس حباً....لمَ أخجل منه ما دام احبه؟!...ولمَ ليتسارع قلبي بسبب شخص ؟؟ "

اجابتها بابتسامة على ثغرها :
" اولاً هو ليس أي شخص.....ثانيا من الممكن ان كل واحدة منا لها طريقتها في الحب..الّا اذا..."

سألتها (المى) بفضول:
" الّا اذا ماذا؟؟..."

تابعت (لميس) بصوتها الهادئ وهي تخفض عينيها الى الأرض:
" لا تغضبي مني....الّا اذا كنتِ لا تحبينه اطلاقاً.....فمن المستحيل ان لا تشعري ولا بأي شيء مما ذكرت..."

آآه لقد أصابتها إصابة بالغة....الهذه الدرجة هي شفافة وتظهر بواطنها ويستطيع أيٍّ كان رؤية مشاعرها ؟؟...لمَ لا يدق قلبها له ولمَ لا تقدر على مبادلته الحب ؟...هي تحاول التقرّب لكن الشيء ليس بيدها ولا سلطة لها على أحاسيسها ...ما ذنبها ؟؟!!

~~~~~~~~~~~~~

" نعم أنا معك....اريد حركتهم بالتفصيل"

اجابني السيد(ماجد):
" حسناً هادي....نحن ننتظر والقوات تتخفى بحذر متقن "

سألت:
" والشرطة البحرية بتواصل معكم ام ماذا ؟؟"

قال:
" بالطبع وبقي عشر دقائق لوصول هذه العبّارة الضخمة للميناء "

قلت بضيق:
" لكن هذا سيستغرق وقتاً طويلاً بسبب تواجد عشرات الحاويات...لربما حتى الفجر!!"

أجاب ببرود:
" إذاً نم وسنخبرك في الصباح "

زفرتُ هاتفاً:
" مســـتحيل ..حتى لو اضطررت لإلصاق جفوني للأعلى بلاصق....لا اريد تفويت هذه اللحظة "

ساعات شاقة ونحن على تواصل مرهق , مضني للأعصاب...ارتأيتُ ان اتابع معهم كل حركة دون الانسحاب او اخذ غفوة....كنا قد التزمنا بأماكننا قبل منتصف الليل !!
كان بجانبي ابي (إبراهيم) وفي الطرف الآخر السيد(ماجد) مع المصوّر الخاص لصحيفة السيدة(ايمان) لتوثيق الفضيحة الاجرامية وفي المقدمة القوات الخاصة لشرطة مكافحة الجريمة في اعلى مستوى مع أسلحتهم المتطورة وكلابهم المدربة والتي انشطرت الى قسمين ...منهم في البحر والاخرون في البر لمحاصرتهم !!

{وَجَعَلْنَا مِنۢ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَٰهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ}

بين هذا الهدوء القاتل تسلل الى آذاننا عابراً نوافذ القصر صوت المؤذن المنادي لآذان الفجر بـ الله اكبر ...

" يااا رب اسألك ان لا تضيّع لنا تعباً وان تجعل كيدهم في نحرهم "

همستُ داعياً مع انتهاء الاذان وتوجهت الى الحمام لأتوضأ ثم شرعت بالصلاة أؤمّ بأبي (إبراهيم) وخالتي....وبينما انا على سجادة الصلاة مستغفراً , مسبحاً ...بدأت نغمات متواصلة خلف بعضها معلنة وصول الكثير من الرسائل لهاتفي...نهضتُ من مكاني متوتراً وتعاقبت أنفاسي ...حملتُ هاتفي وفتحته لأرى الكمية الهائلة من الصور التي تزيّن شاشته بمنظر لا أنساه ولا أبدله بغروب الشمس في جزر المالديف...!!...صورة تلو الأخرى...رجال ينكسون رؤوسهم , يحاولون تغطية وجوههم بملابسهم كاللصوص من الخزيّ...مكبلون بالأصفاد...حاويات مفتوحة على مصراعيها محملة بأسلحة مختلفة , قاتلة مخبأة داخل الأثاث المنزلي بصورة احترافية !! ولو أن القوات لم تستخدم الكلاب والأجهزة المتطورة لما شكّ احدٌ بوجود تلك الأغراض داخل الاخشاب والقماش...!!
زفرت أنفاساً اثقلتني لأرتاح ورفعت بصري للأعلى شاكراً ربي على إتمام مخططنا بنجاح....
~~~~~~~~~~~~~~~~

استيقظت من نومها تشهق مفزوعة بشعرٍ مبعثرٍ...تضع يدها على صدرها بأنفاسٍ لاهثةٍ وضربات قلب ثائرة....تنظر نحو النافذة ترى ضوء النهار بأول طلاته , يخترق الستار قبل شروق الشمس...احنت جسدها تلتقط هاتفها , تنظر للساعة وهمست لنفسها :
" يا الهي انها الخامسة والنصف....لا بد أنه كابـو....."
وقبل ان تكمل جملتها عادت الأصوات التي سمعتها ولكن بقوة أكبر من قبل ....تهشيم زجاج...القاء أشياء ثقيلة ترتطم في الأرض!!..و..و...نعم صرخات والدها مالم تسمعها من قبل بهذه الحدة والقسوة !!....انه ليس كابوساً ...بل واقع مُرّ...
قفزت من سريرها حافية القدمين بمنامتها الوردية القصيرة وشعرها منكوش بطوله الجذّاب , تندفع صوب الباب وتفتحه بقوة ثم تنزل السلالم مسرعة حتى وقفت على آخر درجاته متجمدة كالتمثال باب المتحف من هول ما رأت من دمار والأدهى منظر والدها بقميص منامته الممزق ووجهه مسوداً , مكفهرّاً...صدره متوغّر والعرق يتصبب من رأسه وكأنه خارجٌ من مسبح وانفاسه متهدجة وغير منتظمة !...يستشيط غضباً ويتحرك بلا هوادة مستعداً لارتكاب جريمة هذه اللحظة دون ان يرف له جفن !!....على جانب السلالم تقف زوجته الافعى (سوزي) بوجهٍ شاحبٍ مذعور , تبكي في صمت ومن خلفها (كرم) ينظر بوجوم مصدوماً....الخدم يغلقون باب المطبخ الرحب بأجسادهم وملامحهم مصعوقة.....ابتلعت (ألمى) ريقها واستدارت للأعلى بعد سماعها خطوات خالتها (فاتن) تأتي من خلفها ثم اعادت نظرها للمشهد الكارثي امامها وتقاسيم وجهها فاقدة الحياة والضباب يغشي عينيها....بدأت تنحني بجذعها وتحني ركبتيها بالصورة البطيئة من غير حول ولا قوة لها حتى لامست درجة السلم من تحتها وهي متشبثة بأحد اضلع سوره الخشبي العريض ....وصلت اليها وجلست بجانبها تهدئ من جمودها المخيف فالتفتت لها تنظر بضعف هامسة بضياع:
" ما الذي حصل خالتي ؟...لا اصدق ...ما به والدي ؟"

ربتت عليها بحنان وهي تحتضنها وتشد عليها واجابت:
" سنفهم صغيرتي حين يهدأ.."

مرّت دقائق وهم على هذا الحال حتى دخل مكتبه بخطى مترنحة , شكله يوحي انه آيل للسقوط لكنه صفع الباب بكل ما اوتي من قوة لتعود حركة من تركهم خلفه على مهل فسبب تسمرهم قد زال , صاحب الحضور المرعب والشخصية الطاغية......نزلت (ألمى) قاصدة المطبخ لتشرب الماء بعد أن جفّ حلقها.. واستقامت واقفة السيدة(فاتن) متجهة الى طرف السلالم من الجهة الأخرى حيث تقف (سوزي) وسألتها بتعجب :
" ما كل هذا؟..ماذا حصل ؟"

اجابتها بصوت مبخوع :
" لقد خسر صفقته...و...وانتهينا "

صرخت السيدة(فاتن) بتصنع وكأنها متفاجئة:
" ماذاا؟؟..كيف؟؟"

اردفت الأخرى وهي تزدرد ريقها:
" لقد رهن كل شيء ..كل شيء....القصر والشركتين !َ!....لم يبقَ لنا سوى الشقة في العاصمة وبضع قروش... !!"

انهت جملتها وانفجرت باكية وتركت جسدها يهوي على اريكة بجانبها....
×
×
×
[ القبض على عصابة من مهربي السلاح الثقيل]
كان هذا الخبر الرئيسي في جميع الصحف لهذا اليوم وعزائهم الوحيد ان أسماءهم لم تذكر مباشرة لعدم وجود أدلة تثبت ضلوعهم بها ولكن كما قال المثل < الذبابة لا تؤذي لكنها تلوث المعدة > فمهارة السيدة(ايمان) بالتلميحات الساخرة تكفي لكسر انوفهم وفضّ مضاجعهم....
×
×
×
يومان من بعد الحادثة والضعف النفسي والجسدي يسيطر على (عاصي رضا) لأنه لم يذق خسارة مثل هذه قط في حياته....كان جميع سكان قصر العنكبوت يتحايدونه من اهل وخدم ...اما ابنته انهارت وتأثرت بشدة من حال والدها وانعكس الشيء على وجهها الذي همد نوره ونفسيتها غدت في الحضيض وهي لم تعلم بعد حجم الخسائر التي تعرّض لها.....!!!
~~~~~~~~~~~~

يزفر أنفاسه بشدة ويمسح بكفيه على وجنتيه وهو يمشي بخطوات عاصفة , غاضبة هنا وهناك , ينتظر والده من انهاء مكالمته....

" لمَ نؤجل عقد قراننا بسبب صفقة فاشلة ؟"
هتف بها (صلاح) بعدما رأى والده يغلق الهاتف.....

أجاب بكل برود مع ان داخله حمماً بركانية تصهر امعاءه :
" لن نؤجله !!....بل ستفسخ الخطوبة "

" ماذاا؟؟....مســـتحيل ما هذا الهراء ؟"
صرخ وكأن تياراً صعقه ليرد بهدوء بارد دون ان يتأثر بحال ابنه :
" اولاً اخفض صوتك...لا تنسَ انك تكلّم والدك.."

اعتذر مجبراً وقال بصوت اقل حدّة :
" انا لا افهم ما علاقة خطبتنا بصفقتكم الفاشلة ؟؟"

نعم لسعه ابنه وهو يذكره بالفشل الذريع الذي المّ بهم لكنه بكل برود اسند ظهره لكرسيه الضخم خلف مكتبه وقال :
" لم تكن خسائري كخسائر عاصي رضا...فأنا لم ارهن البيت ولا الشركة ....لكنني اخذت قرض بمبلغ لو عشت عمراً كاملاً بالوضع الذي وصلنا اليه لا استطيع سداده "

قاطعه بأدب قائلاً:
" حسناً ...لكني لم افهم بعد ما علاقته بخطبتنا ؟"

وقف ثم سار نحوه ووضع يده على كتفه طالباً منه الجلوس ثم قابله جالساً على الكرسي الاخر وقال بصوت رزين :
" هل تعرف السيد صبحي خلف ؟"

أجاب بتعجب:
" نعم..مالك اكبر فندقين على ساحل مدينتنا "
صمت برهةً وتابع بنظرات متسائلة:
" ما دخل هذا بسؤالي؟؟"

أجاب محاولاً الثبات على نبرة صوته ليخفي ارتباكه الداخلي من ردة فعل الجالس امامه الذي بلا شك سيعترض ويُجرح بعمق لوضعه كسلعة تباع وتشترى :
" لديه ابنة وحيدة تدعى ميسم .."
صمت يلقط نفسه وأكمل:
" كانت متزوجة من رجل اعمال لمدة شهرين ثم انفصلا برضا لعدم الاتفاق ....مسكينة صغيرة تبلغ من العمر تسعة عشر عاماً "

اتسعت عيناه بتأهب وسأل:
" ها...ما المطلوب ؟"

مرر لسانه على شفتيه يرطبهما وأجاب مبعداً عينيه عنه:
" اريدك الارتباط بها ...لخدمة مصالحنا "

انتصب بغيظ صارخاً حتى برزت عروقه وشارفت على الانفجار:
" ماذا؟؟....مطلقة ؟؟..وهل تراني صفقة!!...كما انني احب ألمى ولن اتخلى عنها "

قال ساخراً:
" ألمى؟؟!!....وهل تظن ان عاصي رضا سيقف مكتوف اليدين ويقدمها لك على طبق من ذهب وانت على حافة الإفلاس دون ان يبحث عن عروض تخدم مصالحه هو الاخر ؟؟.....سيلقيك الى الخارج مع اول صفقة زواج رابحة تتقدم لابنته !! "

هتف بثقة:
" لن تقبل ألمى بذلك.."

أكمل بنبرته الساخرة:
" انت لم تكلمها منذ يومين ولكن والدتك كانت تكلم السيدة سوزي وتعرف وضعها.....لقد أصيبت بانهيار عصبي خوفاً على والدها....أي سترضى
بكل شيء في سبيل اسعاده والمحافظة عليه "

أسبل عينيه الى الأرض شبه مستسلماً وقال بصوت خفيض:
" عليّ ان اكلمها اولاً.."

قال:
" لك ذلك...لكن اعلم ان ارتباطك بابنة السيد صبحي خلف حتميّ لا محالة ...فهو من عرض عليّ المساعدة مقابل النسب بيننا "
×
×
×
عندما خرج من مكتب والده كان محبطاً , يائساً , مشتتاً بأفكاره...محتاراً بين قلبه الذي يحبها وبين مصلحة والده الذي أنشأه دون أي تقصير في حقه , ملبياً كل طلباته ولم يطلب يوماً المقابل لهذا كله بل لم يجبره على شيء ولم يتدخل باختياراته تاركاً له حرية اختيار كل شيء وتحمل مسؤولية قراراته وهذه هي المرة الأولى التي يحتاجه ولم يفعلها سابقاً !!.....توجه الى غرفته واضعاً هاتفه على اذنه بعد ان دق رقمها منتظراً الرد....
" مرحبا صلاح....كيف حالك ؟"

أجاب بهدوء:
" انا بخير...كيف حالك انتِ؟...لقد قلقت عليك وهاتفك كان مغلقاً "

ردت بصوت واهن , مرهق:
" اسفه....كنت منهارة واليوم بدأت بالتحسن بعد ان رأيت ابي يتحسن "

قال:
" سلامتك...هل يمكنني مقابلتك ؟"

اجابت بحرج:
" اعذرني صلاح...لا يمكنني طلب ذلك من والدي الان وايضاً لا يمكنك القدوم الى البيت حاليا فالجو ما زال مكهرباً "

قال وهو يبتلع ألمه :
" حسناً....هل يمكنك الإجابة عن سؤالي بصراحة ؟؟"

اجابت بفضول:
" بالطبع...ما هو ؟"

قال:
" انت تعلمين الحال الذي وصل اليه والدانا والخسائر التي تلقياها.. "

قاطعته هامسة:
" نعم مع الأسف ...ما هو سؤالك؟"

أجاب متردداً:
" لو تقدم لك الان من ينشل والدك من ضيقه ....هل توافقي على فسخ خطوبتنا لترتبطي به ؟"

شردت قليلاً وقالت:
" لم يخطر في بالي هذا من قبل.....وصدقاً انا مستعدة لأفعل المستحيل لإرضاء والدي وحمايته....لكن موضوع الارتباط بشخص لا اعرفه صعب ..صعب جداً....لا اظن انني استطيع "
كانت نبيهة لدرجة فهمت تلميحاته فتابعت :
" صلاح.."

" نعم .."

قالت:
" اياك ان تتردد بشيء يمكنك فعله لإصلاح حال والدك والمحافظة عليه خوفاً من خسارته.....فكل شيء يعوض الّا الوالدين....لا يبدلا بكل كنوز الدنيا..."

سأل بلوعة بعد ان فهم مقصدها :
" وهل سنستمر بصداقتنا على الأقل ؟؟...ام ستفرقنا الطرقات ؟"
تنهد متابعاً بأمل:
" ربما سينصلح الحال ونجتمع مجدداً برباط مقدس متين "

ردت مبتسمة وفي داخلها تضارب بالمشاعر بين الراحة لشعورها بفك قيد كان يثقلها لأنها مرتبطة به من غير حب وبين الضيق بسبب حبها لتملك كل ما يخصها وهو كان في لائحة املاكها تحت اسم الصداقة بل الصديق الأفضل والاقرب :
" لنترك ذلك للمستقبل....كن سعيداً صلاح واراك على خير "
×
×
×
انتهت المكالمة وظلّ مكانه يجلس على سريره يشرد بالفراغ....يشعر بخناجر تطعن فؤاده من غير رحمة فهو يحبها وانتظر اللحظة التي ستربطها به بفارغ الصبر ولكن عدم موافقته على اقتراح والده يعني الخسائر ستزداد وسيصل بهم الحال الى الشارع بعد سنوات طويلة عاشوها بترف وكامل الرفاهية وهذا ما لا يستطيع تحمله هو ولا والديه وخاصة امه التي تربت على العز منذ نعومة اظافرها .....
مسح دمعة قهر سقطت رغماً عنه بعد فسخ خطوبته عن حبيبته واتجه نحو الباب ذاهباً الى حيث ترك والده ليخبره بالموافقة على قراره.....
~~~~~~~~~~~
ما زالت تجلس على اريكتها جانب النافذة والهاتف بيديها المرخيتين على ساقيها وعيناها غائمتان...تحترق داخلياً...هي لا تحبه كحبيب لكن صداقتهم اقوى من ذلك وارتباطه بأخرى يعني انشغاله وابتعاده عنها وهو من كانت تبوء له بكل شيء يخصها وأيضا فسخ الخطوبة هو وضعها على خط الخطر لاحتمالية ارتباطها بأغراب لا تريدهم !!...خسائرها تزداد يوماً بعد يوم...في صغرها فقدت والدتها ...في صباها حرمت ممن خطف قلبها بلمسة حضن دافئة...والان تخسر صديقها الوحيد.....رفعت هاتفها تتصل بصديقتها (ميار) عسى ان تخفف عنها من ضيقها وتآزرها في محنتها فهي لا تريد الان مواجهة خالتها واخبارها بفسخ الخطوبة , معتقدة انها ستشمت بها لأنها لم تتقبله من البداية وسيبدو انه هو من القاها مع اول ازمة صادفتهما ....
" مرحبا ألمى...كنت سأتصل بك لنخرج نتفسح ونروّح عن انفسنا لنشحن طاقات لبداية أسبوع حافلة بالدراسة "

ابتسمت بألم , تشعر بالغبطة من صديقتها التي تمضي حياتها ببساطة ومرح ...تعيش سنها الحقيقي من غير ارتباطات ....تعجب بهذا وتسخر من ذاك...تنام وتصحى من غير تعليمات صارمة وفق برنامج مرسوم كحالها مع والدها....لم ترد عليها بكلمة فسألتها بتعجب :
" ألمى...هل تسمعيني ؟"

هنا انهارت حصونها واجهشت بالبكاء مع شهقات لازمتها وبعد ان هدأت وسط أسئلة صديقتها القلقة عليها , اخبرتها كل ما جرى معها من الظروف التي وصل اليها والدها حتى فسخ خطوبتها فقالت لها (ميار):
" حسناً لم تبكين الان وانت اعترفتِ انك لم تحبيه كحبيب وهو يرغب بان تكملا كصديقين يعني كما تريدين بالضبط!! ...وعلى العكس يجب ان تفرحي اكثر فهذه فرصتك للارتباط بشخصٍ تحبينه "

قالت بصوت مخنوق:
" أي شخص احبه؟؟...هنا المصيبة أخاف ان يزوجني ابي بأي شخص لا اعرفه بسبب ما آل اليه من ظروف....لا اعلم كيف سأتصرف حينها !!"

كانت تصغي لها بتعاطف , مشفقة عليها فتنهدت متألمة من اجلها وهمست:
" لا تتسرعي المى....عساه خيرٌ لكِ...لا تدري "
~~~~~~~~~~~~~~
نجتمع ثلاثتنا في مكتب ابي (إبراهيم) في القصر بعد يومين من فسخ الخطوبة , ندرس الخطة القادمة بتأني....كنا قد جهزنا آنفاً الصفقة التي ستجمعنا به والان حان وقت تطبيقها ....هتفت سائلاً:
" اذاً من أي باب سندخل ؟"

أجاب السيد(ماجد):
" بعد أسبوع سننزل اعلان يتحدث عن فرص كبيره تعطيها شركة الهاشمي لصالح الشركات المشرفة على السقوط .....والتي تأتي بالصفقة الأنسب سيتم التعاقد معها لسنتين بأعمال مشتركة...."

تبسم ابي (إبراهيم) وقال :
" ممتاز....لكن سنحرص على وصول الإعلان الى مسامعه فأخبرتنا السيدة فاتن انه في حالة ضياع..."

ضحك السيد(ماجد) وهتف:
" نعم...وهذه فرصتنا لانه كالغريق المعلق بقشة.."

اردف ابي (إبراهيم):
" لم أتوقع فسخ خطوبتهما بسهولة.."
نظر اليّ وتابع معتزاً:
" يبدو ان نية ابني يامن طيبة ليسهل الله له طريقه..."

تبسمت ممتناً من اطرائه فتحدث السيد (ماجد) قائلاً:
" السيد رائد كغيره طبعاً...مصلحته فوق الجميع فهو يريد حماية ما بناه على مر السنين وابنه يعتبر مطيعاً له "

قلت بتهكم ظاهراً وباطني شعوراً لم أقيّمه :
" لكن سمعنا من السيدة فاتن انه متيماً بها...كيف تركها بسهولة ؟؟"

قال السيد (ماجد):
" اخبرتني السيدة ايمان على حسب ما فهمت من صديقتها السيدة فاتن ان ابنته قالت لربما يعودان ليرتبطا من جديد بعد اصلاح الحال "

تمتمت حانقاً والنيران تشتعل في صدري :
" لنرى ذلك.....في احلامهما "
~~~~~~~~~~~~~

على شرفة غرفته ومع نسمات الجو الصباحية اللطيفة يحتسي قهوته وبيديه صحيفة الأسبوع...بينما يقلب صفحاتها بملل شهق مرة واحدة حتى اجفلت زوجته الجالسة معه وقال بحماس :
" جاء الفرج.....اعلان عن تبني شركة الهاشمي للشركة المفلسة الفائزة بأنسب صفقة تجلبها لمدة سنتين !!...غير معقول !! "
رفع عينيه ينظر لها بعد ان خلع نظارته وهتف مبتهلاً :
" هل تعرفين السيد إبراهيم الهاشمي ؟"

قالت ببرود :
" نعم سمعت به....من اكبر رجال الاعمال حتى صيته يصل للدول المجاورة لنا.."

قال بشبه انكسار لم تره من قبل لا في ملامحه ولا نبرة صوته :
" يجب ان انجح بهذه الصفقة لأنهض من جديد واتابع مسيرتي.."

ارتسمت بسمة مزيفة على شفتيها وباطنها فائض من الشماتة لتذكرها اهانته لها بوالدها والتبجح بعجرفة وكأنه عاش وسيموت وهو فوق السحاب ومَن دونه في قعر الأرض...لكنها لا تستطيع البوح بتشفيها منه لأنها ستفقد مأواها وبالتأكيد من قبل ذلك أحد أطرافها.....فهمست كاذبة :
" أتمنى ذلك..."
×
×
×
في قاعة الاجتماعات في الطابق الأرضي لشركتنا الضخمة التابعة لـ ( إبراهيم ويامن الهاشمي ) اجتمع عشرة رجال أعمال مع محاميهم من ارجاء الدولة ومدنها المختلفة والذين وصلوا لشفا جرفٍ من الإفلاس والدمار الكبير....ومن بينهم السيد( عاصي رضا) الذي حضر متأنقاً بأبهى صورة لا ينقص من هيبته شيئاً بمرافقة محاميه الذي يحمل ملف الصفقة التي سيدلون بها.....دخل ابي (إبراهيم) بمشيته الفخمة وثقته العالية متجهاً الى كرسيه الوثير الضخم الذي يترأس هذه الطاولة الواسعة الشبيهة بحذوة الحصان وتزينها باقات جميلة من الورد وزجاجات ماء توزع عليها بشكل منظم ....بعد قليل تبعته انا والمحامي الخاص لشركتنا , كذلك مدير العلاقات العامة وطاقم من الإداريين....بدأ كل منهم بتقديم صفقته تباعاً ليأخذ كل شخص وقته....كانت الصفقات تتراوح ما بين الضعيفة والقوية ولنعترف بذلك كانت أقواها فعلا التابعة للداهية الوغد (عاصي رضا) والتي كانت عبارة عن انشاء شبكة اتصالات خاصة بنا لأهميتها في هذا العصر والتي تصب أرباح هائلة لتنافس شركات مثيلة لها وبشروط مريحة وتقنية عالية المستوى للهفة الناس لهذين الشرطين الأساسيين ....
انتظر الجميع خارجاً لما يقارب الساعة حتى نحسم الامر ونختار الشريك الصغير...وبعد اختيارنا الذي لا مفر منه حتى لو كانت ارذل صفقة هي صفقته فالمهم ما وراءها ..دخل الينا بثقة وتعالي وكأنه كان متيقن من فوزه ...اما أنا فعذرني ابي (إبراهيم) لأنني لا استطيع مواجهته حالياً بسبب بغضي الدفين الذي اكنّه له ويلزمني بعض الوقت لاعتاد واتأقلم على مقابلة ذاك البغيض النجس....فمن وقت دخولي القاعة ورؤيتي له لأول مره عن كثب عاد امامي شريط حياتي بصورة سريعة بدايةً من يوم وفاة ابي ومروراً بتشردنا ولجوئنا حتى لم انسَ ضرب حراسه لي وذراعي خير شاهد والى ان وصلنا ليومنا هذا فلم استطع كبح انفعالاتي الداخلية وشعرت بتمزق بأمعائي ولا اعدهم بتمالك نفسي ومنعها من أي تهور او تصرف عقيم أقوم به وهو خنقه بيديّ بلا شك دون ان تهتز شعرة في بدني........ابي (إبراهيم) هو رجل واعي اجتماعي من الدرجة الأولى... يستطيع ممارسة هدوء الاعصاب بإتقان فسرعان ما جذبه له وتأقلما معاً وهذا ضمن مخططنا وايضاً هو لم يكن اقل بشخصيته الماكرة والتي يلونها حسب الظروف والأشخاص المحيطين به....
×
×
×
أسبوعان آخران اشرفا على الانقضاء وهما بتواصل معاً من اجل مشروعهما الجديد....كانا في غداء عمل مع فريقيهما وبعد التفرغ منه انصرف موظفيهما وبقيا هما ليأخذهما الحوار الى أمور خارجية فبدأ ابي (إبراهيم) مستفتحاً:
" ابني يامن هو مدير الشركة ...انا اعتمد عليه بكل شيء....سأسلمه قريباً زمام الأمور واعطيه الرئاسة.."
اردف ضاحكاً بتصنع:
" يبدو انني هرمت واحتاج للراحة"

ضحك مجاملاً له وقال:
" لا تقل هذا يا رجل...ما زلت شاباً..."
صمت للحظة وسأل بفضول:
" هل ابنك وحيد؟....فانتم بعيدون عن الاعلام بحياتكم الخاصة "

أجاب بوقار:
"نعم هو ابني ووريثي الوحيد...هو اغلى ما املك...ولا نحب مشاركة المجتمع بحياتنا الخاصة لأنها من حقنا نحن فقط.."

تحفزّ متحمساً وقال مبتسماً:
" وانا كذلك لديّ ابنة وحيدة تتربع على عرش قلبي "

قال بمكر:
" انت تظهر للأعلام بشكل كبير بالطبع لأنك كنت وزيراً في السابق لكني رايتك مرة مع امرأة وشاب...اليس هذين زوجتك وابنك ؟؟"

رد على الفور:
" هي زوجتي وهو ابنها من زوجها السابق....انا ابنتي ألمى هي مدللتي.."

كان يظهر عليه جليّاً ادخال ابنته بعينيه وكأنها سلعة يحاول عرضها بمزاد وهو لم يتوقف عن مدح جمالها واخلاقها ودراستها بكل اعتزاز....وبعد حديث طويل سال بتردد:
" هل ابنك شخص انطوائي؟؟....لانه عكسك تماماً فانت شخصية مرحة متحدثة بقوة.."

أجاب مفتخراً:
" ابني أفضل مني لديه شخصية وحضور قوي لكن احتراماً منه عند وجودي يترك الكلام لي...."
أضاف بخبث:
" يا لسعادتها من ستكون من نصيبه.....ليس وسيماً فقط ..انما هيبة واخلاق وذكاء....رجل تتمناه كل فتاة "

ارتسمت بسمة على محيّاه وسال:
" لمَ لم يتزوج؟"

أجاب:
" هو في الخامسة والعشرين وبعد انهاء دراسته قرر الاعتماد على نفسه وتثبيت وجوده في عالم رجال الاعمال وبفضل الله بدأ بتحقيق مراده بجهوده دون استخدام اسمي...والان لا حجة له ونبحث له عن عروس انا وزوجتي "

هتف بمرح:
" أتمنى ان تجد له عروساً تليق به.."

رمش بعينيه واومأ براسه بامتنان ....لحظات قليلة حتى همس مبتسماً :
" بصراحة لقد شوقتني لرؤية ابنتك وانت دخلت قلبي.....انتظر منا زيارة لنتعرف على عائلتك.."

تحمس باندفاع واخرج هاتفه دون تفكير ليريه بعض من صورها متفاخراً بعنجهية....فقال ابي (إبراهيم):
" ما شاء الله حفظها الله لك.....وجعلها من نصيب ابني...ما هذا الجمال والرقة...تخطف النظر والقلب معاً "

اسند ظهره للخلف وقال بملامح جديه:
" لا تؤاخذني....كيف تقرر ذلك دون الرجوع اليه؟؟....هو شاب ومن الممكن ان يكون مرتبطاً قلبياً "

ضحك بثقة وأجاب:
" انا اعلم بكل تحركات ابني...نحن صديقان ويخبرني بكل ما يخصه فهو جريء لا يخشَ احد ويصمم على ما يريده .....اترك الامر لي وثق بي.."

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

على طاولة العشاء في قصر العنكبوت بعد ان زالت همومه الأولية بعقد صفقه تنشله من الوقوع في الهاوية وقعر جحيم الفقر والافلاس ...ها هو الان عاد الى طبيعته بخروجه تدريجياً من ازمته النفسية والمالية...يجلس على راس الطاولة البيضوية وعلى يمينه زوجته وبجانبها ابنها الذي يأتي من العاصمة لزيارتهم في عطل نهاية الأسبوع ومقابلتان لهما السيدة(فاتن) وابنته المدللة .....بعد انتهاء العشاء كانوا يحتسون الشاي في أماكنهم فتنحنح موجهاً نظره لابنته وقال بلطف بمداعبة ابوية :
" يا لحظك صغيرتي لوما ..."

شقت ثغرها ابتسامة واهية ونظرت له بروْع وقلبها بدأ يخفق بشدة تهمس في داخلها " لا بد ان اللحظة التي انتظرتها آتية"...همست بصوت مهتز خوفاً من المجهول وابتسامتها على حالها :
" لمَ يا ابي.؟.."
وقبل ان تسمع اجابته حاولت ايهام نفسها مردفة بدلال جاهدت لإظهاره :
" بالطبع يا لحظي بوجود اب رائع مثلك وعائلتي من حولي بخير وسلامة.."

تبسم وقال:
" نعم...لكن هذا لا يكفي !!...فالقادم أجمل.."

حملقت به الافعى (سوزي) بفضول وهي تجلي اذنيها استعداداً لما سيخرج من بين شفتيه ...فأكمل بصوت ثابت:
" لقد تقدم اليك اليوم عريس...وليس أي عريس !!.."

هبّت منفعلة وهي تدفع الكرسي من خلفها حتى ارتطمت بعامودٍ خلفها وصاحت وعيناها محتقنة:
" لا اريد أي عريس....سأتابع دراستي فقط !!..."

تلاشت رقته ومداعبته ثم زفر بغضب آمراً يعنفها:
" لا تقاطعيني يا فتاة واحترميني ولا تتصرفي هكذا امامي والا منعتك من دراستك...هيا عودي الى مكانك لم انهِ كلامي بعد..."

سحبت كرسيها بحنق وجلست مكرهة وهي تشد بقبضتيها تحت الطاولة وتغرز اظافرها بكفيها ووجهها صبغ بلون دمائها فأردف قائلاً وهو يوجه كلامه لزوجته والسيدة (فاتن) :
" غداً مساءً سيحضرون للتعارف....اريد عشاءً معتبراً يليق بكرم عاصي رضا.."
ثم ثبت نظره للسيدة (فاتن) يلقي عليها الأوامر من تحتها تهديد لابنته التي تسمعه :
" جهزيها ...انا اعتمد عليكِ واخبريها الا تتهور وتفضحنا والا سيكون لي تصرف آخر معها لم تره من قبل .."

صرخت وسط عبراتها متسلّحة بعنادها:
" لا اريد...لا اريد.."

هدر بصوت اكثر صرامة وقسوة بنبرة عدوانية :
" اصمتي يا وقحة ...اترفعين صوتك بحضوري ؟"

وألقى ما وجد امامه من اطباق وغيرها على الأرض بحركة واحدة ليتبعثر الزجاج في كل مكان مختلطاً مع بقايا الطعام فأجفلت مرعوبة , مذعورة وهي تضع يدها على قلبها وتبكي ...لحظات وشحب وجهه ثم وضع يده على صدره متأوهاً بشدة مصدراً أنيناً فازدادت بكاءً خوفاً وقلقاً عليه واقتربت منه تهمس بتوسل :
" ابي ارجوك اهدأ...لا تضغط على نفسك "

أجاب بصوت ضعيف يكمل تمثيليته التي ابتدعها بالحال ليضغط عليها :
" كنت اظن ان لي شأناً عندك...يبدو انك كبرتِ وبدأتِ تعصيني ولا مكان لي في قلبك "

وبدأ يسعل ليتقن الدور بشكل اكبر فاحتضنته باكية تهمس بحنان :
" ارجوك ابي اهدأ.....انا آسفة....موافقة...سأفعل ما تريد لكن لا تتعب نفسك من اجل خاطري ...لا غنى لي عنك "

×
×
×

في صباح اليوم التالي ذهبت الى جامعتها ووجهها لا حياة فيه بعد ليلة قاسية ثقيلة على سنها وقلبها ...التقت بصديقتها (ميار) التي ذهلت من مظهرها الذي بدت فيه كأنها سقيمة وأكبر من عمرها وبعد ان افضت لها ما في جعبتها من قهر وخذلان حاولت مساندتها ومواساتها واعطاءها بعد النصائح حتى استكانت وعادت النضارة لبشرتها البيضاء ...فقالت لها مازحة :
" هيا اعطني اسمه لنخترق مواقع التواصل الاجتماعي ونأتي بقراره..."

قالت بلا مبالاة:
" لا اعرفه ولست تواقة لمعرفته فكله واحد بالنسبة لي"

شهقت مصدومة:
" يا الهي هل سيخرج لكِ باليانصيب ..؟؟"

اقبلت نحوهما صديقتهما (لميس) بوجهٍ بشوش وسالت :
" ماذا يجري هنا؟؟...ما الشيء الذي فاتني ؟"

شرحت لها (ميار) قصة (ألمى) فتبسمت قائلة:
" ربما هو خير لكِ وسيعوضك الله بعريس رائع....لا تستهيني بالزواج التقليدي ...اشعر ان بارتباطك هذا ستخوضين قصة حب مذهلة ليست كعلاقتك السابقة الجافة .."
تنهدت براحة وهي تنظر للخاتم ببنصرها مردفة:
" انا وامير ارتبطنا بخطبة تقليدية وعقدنا القران والان نعيش اجمل قصة حب ويكفي انها بالحلال...واتمنى لكِ السعادة من كل قلبي "
نظرت لصديقتها الأخرى وقالت غامزة لها:
" العقبى لكِ ميار...."

~~~~~~~~~~~~~

" لا داعي لذهابي...."
نطقت بهذا مقتنعاً بعدم تغيير رأيي بعد إصرار ابي (إبراهيم) عليّ بمرافقتهما لبيت (عاصي رضا) اثناء تجهيز انفسهما للذهاب اليهم....

قال بملامح جديّة منزعجاً :
" لكن الخطبة لك انت ومن غير المنطق عدم تواجدك.."

اجبت ببرود:
" تدبر أي حجة....ممم...مثلا ادّعي ذهابي لرحلة عمل طارئة...او أي شيء....لا يضر ذلك..."

زفر بغضب وهو ينظر الى خالتي يومئ لها بالتدخل لإقناعي وقال لي:
" لا أعلم انك ضعيف لهذه الدرجة ولا تستطيع المواجهة..!!"

اجبته منفعلاً بصوتٍ مرتفع:
" لست بضعيف....فقط امهلوني بعض الوقت ...لا يمكنكم الضغط عليّ هكذا..."
انتبهت لنبرتي فأخفضتها معتذراً منهما لتجاوزي حدودي فتحدثت خالتي بنبرة عتاب:
" لكنك يا هادي تعلم ان هذه اللحظة آتية منذ سنين!!....لمَ تنفعل لهذه الدرجة ؟؟"

لا احد يفهمني او يشعر بما اواجه في باطني ...أيظنون ان التطبيق سهل كالكلام؟؟؟!!...كيف سأضع يدي بيديه الملطختين بدماء أبي ومئات الأبرياء...كيف؟ كيف؟....كيف سأشرب قهوته وادوس بساطه بكل أريحية وكأن شيئاً لم يكن؟!...كيف سألتقي بها والجأ لسمائها ووالدها سبب تشردي ويتمي ؟؟....تدربنا على تمالك الأعصاب وكبح النفس دون السماح للتأثيرات الخارجية بإضعافنا او استفزازنا ..لكن هنا الوضع مختلف وحساس.....احتاج بالفعل لبعض الراحة لأضع كل شيء في مكانه الصحيح ...لم اختلِ بنفسي منذ وقت بسبب ضغط العمل وصخبه !!

" فقط راحة ليومين ..لا غير.."

همست متنهداً برجاء....فرفعت يدها لكتفِ زوجها تربت عليه لتهدئ من غضبه وهمست بلطف:
" امهله يومين إبراهيم....سنتدبر أمرنا هذه الليلة.."

خضع مجبراً والتفت الى المرآه يتابع ارتداء ربطة عنقه فدنوت منه اساعده على عقدها مداعباً له وهمست مبتسماً بارتياح:
" اعدك ابي الزيارة القادمة سأتواجد بإذن الله.....لكنني حقاً احتاج للعزلة قليلاً "

تبسّم برضا وهو يربّت على وجنتي بحنوٍ....

~~~~~~~~~~~~~

" لن تصدقي ميار من هو العريس المنشود !!"
همست بخفوت متحدثة على الهاتف وهي تتجهز لاستقبالنا بعد ان علمت لتوّها هوية العريس....

ردت عليها بفضول متهكمة :
" لا تقولي انه احد نجوم هوليود..."

قالت بدفعة واحدة :
" يامن إبراهيم الهاشمي "

شهقت مندهشة:
" يا ابنة المحظوظين!!...هل ولدتِ بليلة القدر ؟؟"....اللهم لا حسد "

لأول مرة تضحك بعد فسخها الخطوبة من ذلك (الصلاح) فأردفت صديقتها بمكر :
" ها نحن نسمع ضحكاتك من بعد غياب.."

ردت بصوت هادئ:
" صدقاً شعرتُ ببعض الراحة لوهلة وبعدها انتابني بعض القلق لأنه ذو شخصية قوية ...فانت رأيتِ بنفسك الثقة الزائدة يوم السباق....يعني لا اعلم كيف سأتصرف وماذا سأتحدث معه ؟"

قالت(ميار):
" لا ترهقي نفسك بالتفكير....سيأتي الكلام لوحده....اتركي هذا واخبريني ماذا سترتدين؟؟....يجب ان تبهرينه ..مع انك لو نزلتِ بالمنامة ستكونين ساحرة "

اجابت مبتهجة:
" جهزت لي خالتي فستاناً طويلاً باللون السماوي ليتناسق مع لون عينيّ"
سكتت لبرهة شاردة ثم تابعت:
" أتصدقين أنني أرى خالتي متحمسة لهذه الخطوبة اكثر من والدي ....لم تكن هكذا يوم ارتباطي بصلاح !!"
×
×
×

نزلت السلالم تتبختر كالأميرات بعد استقبال أهل بيتها لعائلتي ودخلت غرفة الضيوف تنثر سحرها على الموجودين بفستانها المماثل لعينيها وتجمع شعرها الليلي مع غرتها تشدّه للخلف لينساب على ظهرها كالشلال ويظهر كامل وجهها الذي لم تضع عليه أي لون تاركة هذا الجمال على طبيعته فهي لا تحتاج للزينة لأنها لوحة ربانية من صنع الخالق!!....تقدمت برقة تصافح ضيفيها ثم جلست بجانب خالتي (مريم) بحياء فافتتح أبي(إبراهيم) الكلام قائلاً بخجل:
" اعتذر منكم سيد عاصي....لم يستطع يامن القدوم معنا لذهابه في رحلة اضطرارية ليومين..."

انقلبت ملامحها وتجهّم وجهها ونيران ناقمة تشتعل داخلها بعد شعورها بالإهانة الكبيرة بسبب عدم قدومي لمناسبة من المفروض انها تخص كلينا ومهمة لأي عروسين طبيعيين وهي كالساذجة تتجهز بحماس لاستقبال العريس المنتظر....
ردّ (عاصي رضا) بتملّق ظاهر:
" ظننتُ انه سيلحق بكما....لكن لا بأس فهو غنيّ عن التعريف والأيام قادمة بيننا لنتقابل كثيراً.."

رفعت وجهها , عاقدة حاجبيها , تنظر لابيها بغيظ لاندفاعه ولهفته الواضحتين للحصول على هذا النسب دون ادنى اعتبار لها وحتى لنفسه....
كانت سهرة قصيرة بعض الشيء ومما خفف من مشاعر الكره المكبوتة هو وجود السيدة(فاتن) التي رطبت الأجواء بلطافتها ورقيّها ......في هذه الجلسة تم اخبارهم ببضع تفاصيل صغيرة كادعاء ان والدتي متوفاة وان خالتي هي زوجة ابي وهي من ربتني وأيضا عن دراستي الجامعية واعمالي وأين سنقيم بعد الزواج وكذلك هو أملى شرطه ان لا يتم الزواج قبل بلوغها العشرين !!....لم تشاركهم الاحاديث بل كانت بعالم اخر بعد ان فقدت حماسها ...أما (سوزي) تدخلت بفحيحها سائلة ما كان يخطر في بالها هي وكأنها اراحتها من الصراع الداخلي:
" عفواً سيدة مريم....انت تعلمين ان اليوم طريقة الزواج والارتباط مختلفة عمّا مضى وان الوضع تغير فإما ان تكون علاقة حب تجمعهما وإما اعجاب وتقبّل او على الأقل يأتي الشاب ليتعارفا ورؤية بعضهما ...كيف تتفقون على كل شيء وهو غير متواجد ؟؟"

ضحكت خالتي مريم وردت برزانة :
" هو يثق بخياراتنا ولا يعصِ لنا أمراً.....انه شابٌ مطيع , ملتزم , شجاع وذكي ولا يهمه الأمور التافهة التي تشغل شبان هذا العصر ....ستُسعد مَن تكون مِن نصيبه.."

كانت تستمع وتسخر في سرها مني وتقول داخلها " ابن الماما...اي رجل هذا الذي لا يختار عروسه بنفسه...يبدو انه ضعيف الشخصية ولا رأي له وهذه السيدة تزيّنه بصفات لا وجود لها !!.."

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

عدتُ بنفسية جديدة الى قصرنا بعد يومين قضيتهما بفندقٍ على الساحل متقبلاً الوضع الذي سأمضي به....كنا نتناول فطورنا على الشرفة مع زقزقة العصافير التي تبني اعشاشها على شجرة الزينة الكبيرة في حديقتنا ولا تحمل همّاً من هذه الدنيا ....رفع فنجانه يرتشف من قهوته مستمتعاً بها وهمس بمكر :
" ما هذا الجمال يا يامن....لم أرَ فتاة بهذه الطلة البهية ...محظوظ يا ابني ..."

وكزته خالتي بغيرة فقهقه مردفاً بمرح:
" والعينين النجلاءتين ..لا تستطيع تمييزها هل هي بحر أو سماء !! لا تدري هل هو لونهما أم الفستان الذي كانت ترتديه هو من عكس عليهما !! "

العيون وآه من العيون ...هل يخبر المذنب عن عذابه ؟!...لمَ لا تخفي سماءها عن الجميع ....لأكون ....وحدي لاجئاً بها !!....بل لمَ لا تحجبها عني لأستطيع إتمام مهمتي من غير عراقيل....فكفاني تشرداً ولجوءاً ...اريد ان احتضن عائلتي ووطني ...لقد تعبت تعبت واستنزفت طاقتي....يا الله انا طالب رحمتك ....يارب امددني بالقوة لأستطيع المتابعة من غير الاستسلام للعنة الحب وسحره الفتّاك...
استمرّ بنفس النبرة المرحة :
" يبدو انها هي الحسنة الوحيدة التي سيخرج بها ذلك الوغد من هذه الدنيا..."
شد اوتاره بجدية سائلاً:
" هل رايتها بعدما كبرت ؟؟"

أجبت مشيحاً نظري للشجرة أمامي ويدي تحتضن كأس الشاي الدافئ:
" يوم السباق لمحتها من بعيد....ولا تعنيني شيئاً....اريد فقط احراق قلب اللعين..."

قال مبتسماً:
" ستحرق قلبه اذا أراد الله...لا تقلق.....لكن لا ضرر ان تخرج بغنيمة جميلة كتلك من أرض المعركة.."

قلت:
" انا لا اهتم بها ولا بجمالها..."

غمزني وهمس بدعابة:
" نعم لا تهتم لجمالها ..لكني سأذكرك بهذا عندما تسقط منكباً على وجهك فداءً لعينيها.."
التفت ليساره وأضاف:
" اشهدي على هذا يا مريم .."

همست برقة وحنان مدافعة عني وهي تمد يدها لتمسد على ذراعي :
" انا أتمنى ان أرى عزيزي هادي منتصراً ويعيش بهناء لأشهد فقط على سعادته هو.."
~~~~~~~~~~~~

" ما هذا يا يامن...اين ربطة العنق ؟"
سألني ابي (إبراهيم) بضيق ...

زفرت بحنق قائلاً :
" لا احبها...لا اريد وضعها .."

اردف يائساً:
" يا لكَ من عنيد...اليوم خطوبتك وترتدي بنطالاً وقميصاً فقط ؟؟"

قلت ساخراً:
" لا ...بقي ان اضع زينة الوجه لتكتمل الصورة.."

تأفف منادياً على خالتي التي تقف مستندة على اطار الباب , تراقبنا وتضحك على حالنا :
" تعالي واقنعي ابن شقيقتك ذا العقل المتحجر بدلاً من ان تضحكي .."

قلت مصمماً بضيق:
" لا لزوم لإقناعي فأنا لا اريد وضعها والّا لن أذهب وسأتركك انت لتلبسها الخاتم .."
تمتم مستغفراً وألقى ربطة العنق بامتعاض على طاولة الزينة ثم خرج بعزم ينتظرنا حتى ننتهي من تجهيز انفسنا للذهاب الى بيت الكريه ( عاصي رضا)....
×
×
×
كان قد اقترح علينا السيد (ماجد) ان تكون الخطوبة مع عقد القران لأنه لا يؤتمن للخسيس ويمكن ان يغير رأيه حسب مصالحه لذا اخبرناهم بذلك مع اغرائه بصفقة دسمة ليوافق وهي فك رهنية شركتيه من أموالنا الخاصة وكذلك قصره سيبقى لهم ما دام كل شيء بيننا على ما يرام وفي حال حدث أي خلاف او طلب انفصال من جهتهم , سيصبح القصر ملكنا بأوراق قانونية لا يمكن التلاعب بها وهذا كان إضافة لمهرها الغالي....

~~~~~~~~~~~~~

شبه مستلقية على جانبها ,تتكئ بمرفق ذراعها الأيمن على فراش صديقتها التي تقف محنطة أمام مرآتها تبحث عن عيوب في زينتها المبهرجة لتسألها الأخيرة للمرة العاشرة:
" لا تخدعيني ميار...هل ابدو جميلة ؟"

تأففت بملل وعدلت جلستها ثم نهضت تدنو نحوها واجابت وهي ترتّب لها زنّارها العريض الملتف حول خصرها المنحوت :
" قلت لكِ نعم مليون مرة...تبدين غاية في الجمال "

اقتربت بوجهها تلصقه بالمرآه وهي تتأمل زينتها وتهذّب رموشها بطرف سبابتها وقالت :
" الا يبدو ان زينة وجهي مبالغٌ بها..؟؟"

اجابت بضجر:
" اوف ألمى انتِ عروس اليوم ومن البديهي ان تكون زينتك ظاهرة...."
ثم اردفت تغمزها بخباثة بريئة :
" انت مستاءة منه وتزينتِ لهذه الدرجة بعناية...كيف كان الحال لو انك ترغبين به او تحبينه ؟"

اجابت ترفع ذقنها بعنفوان وغرور:
" لي غاية بذلك..."

سالتها على الفور:
" ما هي ايتها الماكرة؟"

همست بتعجرف وهي تعيد خصلة مسرحة بشكل لولبي خلف اذنها :
" انا اعتقد انه شخص من العصر القديم ما دام انه يمشي حسب رغبات اهله ولا رأي له وطلبني دون ان يهتم برؤيتي وتلك الفئة لا يحبون زينة المرأة والعري الزائد....لذلك سوف أغيظه "

قالت ساخرة:
" انت ترتدين شبه فستان لا نعلم نسترك من اين وأين...وأخشى ان ينقلب السحر على الساحر ويفتن بك ويظن انك تتعمدين اغوائه "

اجابت بتحدي وثقة :
" سنرى ذلك المتخلف..."
×
×
×

وصلنا الى قصر الشؤم ...نزلت من سيارتنا رافعاً الهامة اسحب انفاسي استعداداً للمواجهة...ارتدي بنطالاً من القماش الأسود مع قميص بأكمام طويلة بلون الغيوم المثقلة بالأمطار في عز الشتاء مع حذاء اسود لامع...مهذّب لحيتي القصيرة وشعري نابت حديثاً بعد حلقي له اثناء تواجدي بالمعسكر....كنت اسير موازياً لأهلي احمل باقة ورد أنيقة , نتجه الى المدخل الزجاجي الرئيسي وفي النافذة العلوية المضاءة ومن خلف الستار تقف صديقتها تتلصص بخفاء منبهرة , تضع يدها على فمها وتقول :
" يا للهول....ما هذه الاناقة والفخامة التي تسير على هذا الكوكب؟؟....تعالي وانظري.."
كانت تنثر رذاذ عطرها غير آبهة لكلام صديقتها .....هكذا تبدو من الخارج لكن الحقيقة ...الفضول يقتلها ...ودّت لو قفزت تسترق بعض النظرات لتهيئ نفسها قبل المواجهة الحتمية.....استقبلنا من لا ارغب قربه ولا رؤية وجهه وصافحته مرغماً , اشعر وكأن يدي تدنست...اريد بترها من جذورها.....سلمته الباقة ثم دلفنا الى غرفة الضيوف الواسعة بأثاثها الوثير ولونه السكري وبابها رحب محاذي للسلالم العريضة الضخمة التي تحتل حيزاً كبيراً في هذا القصر.....
نزلتا من الطابق العلوي بخطى بطيئة تنزل درجة درجة بخيلاء , تظن انها سمو الملكة او أنها ابنة الملك المعظّم.....اغمضت صديقتها عينيها تستنشق الرائحة هامسة وكأنها ثملة:
" آااه....ما هذا العطر الرجولي القاتل يا المى؟؟....لا بد انه عطره فأنا لم اشمه عند قدومي..."

رمقتها بابتسامة وهمست بتهكم:
" انظري امامك قبل ان تكملي نزول الدرجات دحرجة وتغدين في حضنه ايتها المعتوهة.."

تنهدت قائلة بهيام:
" ياا ليـــــت.."

وكزتها بكتفها قائلة:
" اصمتي.."

اعادت لها وكزتها وغمزتها هامسة بخفوت:
" احم احم...ها هي الغيرة تظهر جليّاً..."

أطلت ببهاء بفستانها الكريمي الملتصق بجسدها ويصل الى اعلى ركبتيها بأكتافه العريضة وصدرٍ واسعٍ مربوع يكشف ما بين نحرها وصدرها ويلتف على خصرها النحيل شريط عريض باللون القرمزي ومن الخلف يعقد على شكل فراشة كبيرة ...حذاؤها بكعبٍ رفيعٍ مرتفع بلون الزنّار وخيطانه تلتف على ساقيها البيضاء تعانقها بمنظر مثير , فاتن ...زينة وجهها صاخبة ...شفتاها مكسوتان باللون القرمزي وعيناها مرسومتان بإتقان بالكحل الأسود العريض وكأنهما يحتاجان الى جمال على جمالهما....شعرها مجعّد مهمل بحرية دون ان يقيضه أي اكسسوار ....باختصار هي آيـــة من السحر والجمال....
اقتربت منّا تلقي التحية بصوتها الناعم العذب الذي صداه يردد في زوايا الماضي....شرعت بمصافحتنا بكل رقة ورقيّ واحداً تلو الآخر ولما وصلت عندي كان من باب الذوق ان اقف لمصافحتها ففعلت وانا مجبرٌ وهذه هي المرّة الأولى وستكون الأخيرة التي اضع بها يدي بيدِ امرأة اجنبية....كنتُ مضطراً !!!..اسأل الله ان يغفر لي ذنبي...صافحتني ويدها ترتجف في قبضتي ومع التصاق اطراف اناملي الطويلة بظهر كفها الرقيق , لامستُ الاثار الخفيفة القديمة لبقايا الحرق ليعيدني في هذه اللحظة الى ما قبل عشر سنوات متألماً لأجلها.....نهض من جانبي (كرم) بعد ان طلب منه زوج والدته بلطف ليخلي المكان لـ (ألمى )... خاصتي .....يا اللـــــــه...ما هذا الذي فعلوه؟....متى ستنتهي هذه الليلة؟....لم أعلم انها ستجلس ملتصقة بي وعطرها يخترق انفي ويزعزع خلايا مخي...كيف سأتحمل وجود هذه الفتنة جانبي ؟؟....فليرحموني...!!
تنحنح ابي(إبراهيم) ليبدأ بطلب يدها من والدها وفق العادات والتقاليد بشكل رسمي وبعد الموافقة وقراءة الفاتحة بحضور عائلتينا واثنان من أصدقائه ليشهدا على عقد القران الذي تم بعون الله على خير لنسمع المباركات لنا من الجميع وكلٌ حسب نيته ...وهذا لا يهمني ...فأنا الآن .....امتلكتُ سمائي !!

**********( انتهى الفصل السابع )**********



قراءة ممتعة...


لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم


ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-21, 09:44 AM   #98

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,559
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا.صباح الخير والرضا أختي الحان الربيع
"الحب..الوهم..السرعة"دنيا وسامي مشروع حب كبير بينهما فعندما تكون البداية هكذا تعني عشق دنيا المخفي وسيظهر جليا بوقته اما سلمي فتحيا خطبة طبيعية مع بلال
جميل جدا المشهد الاول عسل وخفيف الظل خير استهلال للفصل من ألحان الربيع فعلا
وقد استكملتها غاليتي بالشخصية الجديدة الحبوبة ميار
هي من ذلك النوع الصريح الذى يدخل القلب وتشير بمنتهي البساطة إلي أن ألمي لا تحب خطيبها إذ لا تتوهج ملامحها لرؤيته او الحديث معه كما صديقتهما لميس والتي اكدت وجهة نظر ميار
مشهد السباق بكل تفاصيله التي تهتمين بها كطبيعة لك جاء جميلا جدا ندخل به تجربة لم نشاهدها من قبل خاصة مع ابتعادنا قليلا عن اجواء المعاناة المؤلمة
ما لفت نظرى ان هادى ما زالت مشاعره تجاه ألمي كما هى ولكنه ما زال لاجئا بعينيها لم تصر وطنا له بعد.
بينما ألمي كما هي لا تكن مشاعر لصلاح خاصة وأن قلبها نبض لرؤية هادى والذى لم تتحقق حتي من ملامحه ولكنها الأرواح عندما تتلاقي ولكن ليس أمامها خيار آخر سوى صلاح.
بينما صلاح اتضحت طبيعته الكامنة بداخله شخصية أنانية متغطرسة لا يعي معني مشاعر العشق الذى يدعيه إذ يبدو ان ألمي بإعراضها عنه كانت تحديا له يسعى للحصول عليه
ذاك انك إذا أردت ان تعرف مشاعر أحد او حتي طبيعته بلا رياء فانظر إليه ساعة الغضب وستعرفه حقا وهذا ما حدث منه مع ألمي وجهه الحقيقي الذى لم يرى المي كحبيبة له بل من تسببت بخسارته في مجرد سباق.
"بفعل فاعل"بدأت الخطة بنجاح اول بند بها وهو بتأجيل عقد القران لمرض فاتن والذى أعييت نفسها بالفعل من أجل ألمي ونجاح الخطة الموضوعة
ولا ينسي هادى دوره بالجهاد وإفشال مخطط المفسدين في الأرض بائعو الوطن عبيد المال فتنجح مهمتهم ويفوز أيمن بالشهادة في سبيل مهمتهم النبيلة ويخرج هادى بوسم الشرف بشق حاجبه بشظية وكانت الخسائر لتكون أكبر لولا فطنته وتفريق المجاهدين بدلا من تجمعهم بمكان واحد.
الروح هي الضريبةالتي يدفعها الشرفاء فداءا لاوطانهم
بينما الجبناء يحتفلون بصفقات الدم برفع كؤوس الشيطان الذين هم حلفائه
ولا يعلمون أن هناك ربا إرادته فوق مكرهم وفسادهم
x﴿xوَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُx﴾.سورةxإبراهيم (46).
فيسقطون السقوك المدوى بفقدون كل ماجعلوه رهنا لصفقة الشيطان
*أبدا لم يكن حبا*لو صلاح أحب ألمي ما تخلي عنها من أجل صفقة زواج أخرى ينقذ بها والده
بل لم يأخذ الكثير من الوقت ليتخذ قراره بالموافقة بعد مهاتفة أخيرة مع ألمي أخذا بنصيحتها بفعل أى شئ لانقاذ والده
فهكذا الضباع أكلة الجيف تنهش بعضها وقت بحثها عن النجاة
أما ألمي فقد إنزاح حمل الزواج الكئيب من علي أكتافها وإن كانت حزينة لما أصاب والدها
وأظنني أستطيع تخمين باقي خطة هادى ورفاقه والتى بدأت بوادر نجاحها فهو البديل المثالي لعاصي رضا وتبدأ الخطة بإعلان شركة الهاشمي عن صفقة لإقالة الشركة المتعثرة يتلقفها عاصي كطوق نجاة له
وبالطبع يكون هو الفائز بها وما يليه من عرض ابنته بشكل غير مباشر والذى يلتقطه إبراهيم الهاشمي بشكل يبدو طبيعيا لأب يريد الفرحة بإبنه الوحيد وتتوالي الإستعدادات ويأتي يوم اللقاء الذى لا يحضره هادى
ايضا تعبيرات ميار الجميلة وحوارها هي ولميس مع ألمي حول العريس المرتقب تأتي جميلة جدا ككوب المثلجات في يوم حار تنعش النفس ببساطة تعبيرك
رغم انك تميلين لجزالة اللفظ وقوته وهذا أيضا إبداع منك أنك تستطيعين الإستخدام الأمثل للمفردات في مكانها الصحيح
*امتلاك سمائها وليس موطنها*يأتى يوم عقد القران وهادى المدعي عدم الإهتمام وأنه مكره علبها يكاد قلبه يقفز من ضلوعه ويعود لهادى العطوف الحنون وهو يلمس جرح يدها وها قد امتلك سمائها وما أظنه يستغرق طويلا حتي يملك قلبها فهو وإن تغيرت ملامحه إلا انه ما زال يملك روح وفلب ونفس هادى التي لن تخطئها روح ألميx وستسلمه مقاليد قلبها وتكون وطنا له حين تكون جديرة برد سلسالها إليها ألمي وفقط ولبست إبنة عاصي الخائن.
أسعد الله صباحك حبيبتي كما اسعدت صباحي بإبداعك الجميل وبشفافية قلبك المؤمن
أراكي تشبهيني كثيرا في نظرتك للدنيا فنحن لسنا مخلدون بها وليس لنا إلا الله والعمل بالحسني علنا ننال رضاه فبالأخير هي مجرد حياة تطوى في ثانية كما طويت حيوات كل من سبقونا والرضي لمن يرضى ويفوز برحمة الله وعفوه اختي ألحان الربيع
ادام الله عليك رضاه وروحك المؤمنة
بانتظار القادم لك كل الحب والتقدير

Adella rose likes this.

shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-21, 06:26 PM   #99

لبنى البلسان

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية لبنى البلسان

? العضوٌ??? » 462696
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 5,543
?  نُقآطِيْ » لبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond repute
افتراضي



فصل جميل جدا
اخيرا سيرتبط هادي مع المى ننتظر ماسيحدث بينهما
وهل حب هادي لالمى سيتغلب عن ذكرى ماضيه وينسيه ان والدها سبب موت ابيه وتشرده هو وعائلته ولايقسو عليها
ابدعتي بانتظار الاحداث القادمة بفارغ الصبر


shezo likes this.

لبنى البلسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-21, 10:46 AM   #100

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا.صباح الخير والرضا أختي الحان الربيع
"الحب..الوهم..السرعة"دنيا وسامي مشروع حب كبير بينهما فعندما تكون البداية هكذا تعني عشق دنيا المخفي وسيظهر جليا بوقته اما سلمي فتحيا خطبة طبيعية مع بلال
جميل جدا المشهد الاول عسل وخفيف الظل خير استهلال للفصل من ألحان الربيع فعلا
وقد استكملتها غاليتي بالشخصية الجديدة الحبوبة ميار
هي من ذلك النوع الصريح الذى يدخل القلب وتشير بمنتهي البساطة إلي أن ألمي لا تحب خطيبها إذ لا تتوهج ملامحها لرؤيته او الحديث معه كما صديقتهما لميس والتي اكدت وجهة نظر ميار
مشهد السباق بكل تفاصيله التي تهتمين بها كطبيعة لك جاء جميلا جدا ندخل به تجربة لم نشاهدها من قبل خاصة مع ابتعادنا قليلا عن اجواء المعاناة المؤلمة
ما لفت نظرى ان هادى ما زالت مشاعره تجاه ألمي كما هى ولكنه ما زال لاجئا بعينيها لم تصر وطنا له بعد.
بينما ألمي كما هي لا تكن مشاعر لصلاح خاصة وأن قلبها نبض لرؤية هادى والذى لم تتحقق حتي من ملامحه ولكنها الأرواح عندما تتلاقي ولكن ليس أمامها خيار آخر سوى صلاح.
بينما صلاح اتضحت طبيعته الكامنة بداخله شخصية أنانية متغطرسة لا يعي معني مشاعر العشق الذى يدعيه إذ يبدو ان ألمي بإعراضها عنه كانت تحديا له يسعى للحصول عليه
ذاك انك إذا أردت ان تعرف مشاعر أحد او حتي طبيعته بلا رياء فانظر إليه ساعة الغضب وستعرفه حقا وهذا ما حدث منه مع ألمي وجهه الحقيقي الذى لم يرى المي كحبيبة له بل من تسببت بخسارته في مجرد سباق.
"بفعل فاعل"بدأت الخطة بنجاح اول بند بها وهو بتأجيل عقد القران لمرض فاتن والذى أعييت نفسها بالفعل من أجل ألمي ونجاح الخطة الموضوعة
ولا ينسي هادى دوره بالجهاد وإفشال مخطط المفسدين في الأرض بائعو الوطن عبيد المال فتنجح مهمتهم ويفوز أيمن بالشهادة في سبيل مهمتهم النبيلة ويخرج هادى بوسم الشرف بشق حاجبه بشظية وكانت الخسائر لتكون أكبر لولا فطنته وتفريق المجاهدين بدلا من تجمعهم بمكان واحد.
الروح هي الضريبةالتي يدفعها الشرفاء فداءا لاوطانهم
بينما الجبناء يحتفلون بصفقات الدم برفع كؤوس الشيطان الذين هم حلفائه
ولا يعلمون أن هناك ربا إرادته فوق مكرهم وفسادهم
x﴿xوَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُx﴾.سورةxإبراهيم (46).
فيسقطون السقوك المدوى بفقدون كل ماجعلوه رهنا لصفقة الشيطان
*أبدا لم يكن حبا*لو صلاح أحب ألمي ما تخلي عنها من أجل صفقة زواج أخرى ينقذ بها والده
بل لم يأخذ الكثير من الوقت ليتخذ قراره بالموافقة بعد مهاتفة أخيرة مع ألمي أخذا بنصيحتها بفعل أى شئ لانقاذ والده
فهكذا الضباع أكلة الجيف تنهش بعضها وقت بحثها عن النجاة
أما ألمي فقد إنزاح حمل الزواج الكئيب من علي أكتافها وإن كانت حزينة لما أصاب والدها
وأظنني أستطيع تخمين باقي خطة هادى ورفاقه والتى بدأت بوادر نجاحها فهو البديل المثالي لعاصي رضا وتبدأ الخطة بإعلان شركة الهاشمي عن صفقة لإقالة الشركة المتعثرة يتلقفها عاصي كطوق نجاة له
وبالطبع يكون هو الفائز بها وما يليه من عرض ابنته بشكل غير مباشر والذى يلتقطه إبراهيم الهاشمي بشكل يبدو طبيعيا لأب يريد الفرحة بإبنه الوحيد وتتوالي الإستعدادات ويأتي يوم اللقاء الذى لا يحضره هادى
ايضا تعبيرات ميار الجميلة وحوارها هي ولميس مع ألمي حول العريس المرتقب تأتي جميلة جدا ككوب المثلجات في يوم حار تنعش النفس ببساطة تعبيرك
رغم انك تميلين لجزالة اللفظ وقوته وهذا أيضا إبداع منك أنك تستطيعين الإستخدام الأمثل للمفردات في مكانها الصحيح
*امتلاك سمائها وليس موطنها*يأتى يوم عقد القران وهادى المدعي عدم الإهتمام وأنه مكره علبها يكاد قلبه يقفز من ضلوعه ويعود لهادى العطوف الحنون وهو يلمس جرح يدها وها قد امتلك سمائها وما أظنه يستغرق طويلا حتي يملك قلبها فهو وإن تغيرت ملامحه إلا انه ما زال يملك روح وفلب ونفس هادى التي لن تخطئها روح ألميx وستسلمه مقاليد قلبها وتكون وطنا له حين تكون جديرة برد سلسالها إليها ألمي وفقط ولبست إبنة عاصي الخائن.
أسعد الله صباحك حبيبتي كما اسعدت صباحي بإبداعك الجميل وبشفافية قلبك المؤمن
أراكي تشبهيني كثيرا في نظرتك للدنيا فنحن لسنا مخلدون بها وليس لنا إلا الله والعمل بالحسني علنا ننال رضاه فبالأخير هي مجرد حياة تطوى في ثانية كما طويت حيوات كل من سبقونا والرضي لمن يرضى ويفوز برحمة الله وعفوه اختي ألحان الربيع
ادام الله عليك رضاه وروحك المؤمنة
بانتظار القادم لك كل الحب والتقدير

🌺صباح السعادة والأنوار لروحك الجميلة التي تنثر شذى الياسمين والأزهار 🌺
حيّاكِ الله اختي شيزو...😍

-----------

اسعدني رأيك بالمشهد الأول ❤
سامي هو الروح المرحة في وسط الهم والنكد ههههه وسيظهر اخر ان شاء الله ايضا صديق لهادي في بلد اللجوء لاضافة القليل من البهجة 😁

ميار هي صديقة محبة وصريحة بالفعل وسنرى الى اين ستصل علاقتهما في المستقبل ان شاء الله...هل ستستمر ام ستنتهي؟؟!!

صراحةً مشهد السباق خشيت ان يكون مملاً لكن لم يكن لي غنى عنه وانا بطبيعتي احب التفاصيل الصغيرة لذا احاول ذكرها في المشاهد لأني ارى انها تساعد في تجسيد الموقف واتمنى ان لا يزعجكم هذا ❤❤
ورأيك به هو شرف كبير لي صدقاً يا صاحبة الذوق الرفيع 🌹🌹

هادي رغم البعد الّا ان مشاعره بقيت معه وبالطبع الذي ساعد على هذا انه من صباه وهو يعلم انها ستكون له يوماً اذا اراد الله ونشأ على التفكير بها كمهمة بغض النظر عن قلبه الذي دق لها لذا لم يهتم بسواها ....

من تربى على العز والدلال والحصول على كل شيء ببساطة.. ينتهي به المطاف ان يكون أناني كصلاح وكيف ان هزم امام حبيبته ؟؟ ....وصدقتِ ساعة الغضب تكشف الكثير 👍

أيمن المجاهد هو يمثل الكثير ممن كان لهم احلام من الشباب ويأتي الموت ليخطتفهم بسهولة من اهلهم وعرائسهم ومع انه القدر الذي لا اعتراض عليه الا ان اسبابه الظلم والقهر والقتل....فنحن نرى في حياتنا كم من شاب ارتبط وبنى امال للمستقبل مع عروسه وفي لحظة يصبح سراب ويترك خلفه قلب مكلوم فاقد الحياة...سواء بحادث او مع انتشار الجرائم في هذا العصر او كشهداء على ايدي الطغاة والمحتلين ....😞


فاتن تسعى جاهدة لتدمير عاصي لكنها لا تنسى ألمى والسعي للافضل لها فهي في فطرتها السليمة كابنة مجاهد ومخلصة للوطن تتمنى لابنة شقيقتها ان تحيا وسط اناس شرفاء ابطال اصحاب مبدأ ودين وليس مع ابناء المجتمع المزيف المليء بالرياء والحقد ....واكيد كانت طريقتها خاطئة في اعياء نفسها لان الله نهانا عن هذا ....

مشهد عقد القران لم ينتهي في هذا الفصل فاعتذر لأنني سأكمله ان شاء الله في الفصل القادم لالتحاقي في الوقت رغماً عني بسبب المسؤوليات ❤

ستجمعهما ان شاء الله مشاهد قادمة وستنتقل حالياً المعركة للقلوب فسيتخبط هو بين المنتقم الحنون والعاشق المجنون وسيطبق هذا عليها هههههه😂😂 وهي مسكينة لا تدري سبب الانفصام 😭


ان تشبهيني بكِ هذا وسام على صدري يا غالية وارجو ان اكون عند حسن ظن ربي بي كما تريني يا شمس المنتدى التي لا يختفي نورها....😍😍

أعلم أنني أطلت عليكِ في تعليقي لكنني استمتع بالرد على حروفك من قلبي 💕....

ولكِ بالمثل عالدعوة الطيبة يارب...⚘

shezo likes this.

ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:05 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.