آخر 10 مشاركات
287 - كذبة العاشق - كاتي ويليامز (الكاتـب : عنووود - )           »          284 - أنت الثمن - هيلين بيانش _ حلوة قوى قوى (الكاتـب : سماالياقوت - )           »          275 - قصر النار - إيما دارسي (الكاتـب : عنووود - )           »          269 - قطار النسيان - آن ميثر (الكاتـب : عنووود - )           »          263 - بيني وبينك - لوسي غوردون (الكاتـب : PEPOO - )           »          التقينـا فأشــرق الفـــؤاد *سلسلة إشراقة الفؤاد* مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غيوم البعاد (2)__ سلسلة إشراقة الفؤاد (الكاتـب : سما صافية - )           »          ياسميـن الشتـاء-قلوب شرقية(26)-[حصرياً]-للكاتبة الرائعة::جود علي(مميزة)*كاملة* (الكاتـب : *جود علي* - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هو تقييمك لمستوى الرواية ؟
جيد جداً 85 88.54%
جيد 11 11.46%
سيء 0 0%
المصوتون: 96. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree9699Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-10-21, 08:23 AM   #81

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,558
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي


مرحبا.مساء الخير صاحبةألحان الفصول الأربعة
"إذا انت اكرمت اللئيم أهانك"والد فاتن قدم يد العون لعاصي والذى هو بالفعل أسم علي مسمي يتسلل كالحية من تحت أقدام من يساعدونه ويكرمونه ويثقون به ولكن الطبع الدنئ يظل لصيقا بصاحبه ويظل عاصيا أبدا ومن علي شاكلته لا صلاح لهم
بدأ بقتل محي الدين وقام بنفسه بخنق حماه والد فاتن
غير من تسبب بموتهم بخيانته
فهل يفلح السيد ماجد فعلا في تقديم يد العون لها خاصة أنها ورقة رابحة لمخططهم أيضا كونها بعقر دار عاصي
"هوية جديدة..صندوق محي..سلسال ذهبي"هذه هي الثلاث مهمات الصعبة التي يحملها هادى علي كاهله وهو يودع أسرته لأول مرة.
رغم أنه سينتقل لقصر ريان بدلا من جفاف المخيم إلا
انه يشعر بانسلاخ الروح عن الجسد
شاق جدا إختباره ففي طريقه المبهم القادم سيصطدم حتما بألمي ..إبنة من ؟عاصي القاتل الخائن
اى محنة وأى إختبار فالوفاء للاوطان هو ما ياتي بالمرتبة الاولي ولكن ماذا عن القلب والمشاعر حين تتعارض معها ألا يعيش وقتها المرء أقسي انواع الألم فالنتيجة محسومة لصالح القضية الاساسية والتي يعدون لها من سنين وما زال أمامهم سنوات أخرى حتي يستطيع التغلغل لحياة عاصي
وكما هو العمر صفحات بكتاب الحياة احيانا نكتب بعض سطورها وغالبا ما تكتب هي كل اقدارنا وبين صفحة وأخرى قد تكتب الكثير من الآمنا وتصعب خياراتنا
"روح ثائر وصداقة وليدة"هادى الوفي لاسرته ولظروف حياتهم يأبي النوم علي السرير وينام أرضا كما أعتاد مع أسرته فلايتميز عنهم.
ونفسه هادى ذو الروح الأبيةيرفض أن يقع ضيم علي احد أمامه ويوليه ظهره
عجبا لمن أعطته الحياةكل شئ من مال وثراء وشباب وأسر ذات مكانة ويستكثر أن يترك من لم تنمحهم الحياة سوى عقولهم وكد أيدبهم يصارعون الحياة وتصارعهم يبذلون أقصي ما لدبهم أن يجدوا لهم مكانا بجوار اصحابx القلوب العمياء فاقدى البصيرة
بلال هو الصديق المخلص الذى سيكون لهادى بأيامه القادمة فمثله لا ينسي الجميل والمعروف وهو بذكائه وتفوقه سيكون عونا وسندا له كما آخرين يتم إعدادهم للجهادين جنبا إلي جنب .
"إجابة التساؤلات"حبيبتي أنت ألحان الربيعx وقد أجبتي علي تساؤلى فورا وبنفس الفصل عن الجهاد وأشكاله عندما ألمحت إلي ان هادى يستطيع أن يؤدى دوره هذا تجاه قاطني المخيم
وقد كان وهو يسعي لاستخدام إرث أبيه لبناء مدرسة ومساكن اسمنتية لرفع مستوى معيشة اهل المخيم وهذا دورا كبيرا جدا لا يقل أهمبة عن الزود عن الوطن.
وايضا وكأنك تقرأين أفكارى تجاوبين علي السؤال الثاني ما وضع قلب هادى وصاحبة السماء الزرقاء في مسيرته فإذا به يجيب بأن الغلبة لعقله ولمهمته فهي الاولى وأنه لا ينسي التحولات التي طرأت عليها ولذا لن يعيد السلسال إلا لصاحبة الفطرة الطيبة وليس تلك المتغطرسة
"لا تخش في الحق لومة لائم"نصيحة قالها هادى لاياد بالمعسكر ولو تتبعها كلا منا بنصرة الحق وقولة الصدق ما دام المرء لم يخطئ بشئ لصارت الدنيا أجمل ولصار البشر أكثر نقاءا وإنسانية
هادى يتلقي تدريباته الشاقة بكل الترحاب فهو ولد ليكون مناضلا ولتحتل صاحبة السماء الزرقاء ذلك الركن بقلبه فلن تعرقله عن مسيرته
وللأسف فسمائه بحكم غربتها بكندا وصلاح رفيقها الوحيد الذى ينتمي لاسرته قولا وفعلا لمن لا يقيمون للبشر وزنا هم اعدائهم ويحقدون علبهم هذه هى مفاهيم اصحاب المنافع والمصالح فاقدى الإنسانية ولا ريب ان ألمي ستتأثر كثيرا بثقافة تلك البلاد وتلك الصحبة
"في سبيل الحق كله يهون"الأقدار المحتومة تسير كما قدرها الله وإن أخترناها بانفسنا فالسيدة مريم توافق علي الزواج من ابراهيم الهاشمي من اجل هادى ومن اجل يوما يصل فيه هادى للمكانةالتي تمكنه من الزواج من ألمي بموافقة فاتن للدخول لعرين الأسد والنيل منه عقابا له علي كل آثامه وجرائمه.
كلا يدفع من حياته وتنازله عن قناعاته من أجل الهدف الأكبر أى ان كلا في جهاد
"رشفة رضيع تساوى حياة"ام سلمى واسرتها صارت جزءا من عائلة هادى يعتنون بها أينما ذهبوا ولا يفترقون وبمرور السنوات تقوى الصلة والتي تكون أكثر ثباتا في مواحهة الشدائد فما فعلته ام سلمي بإرضاع شادى وآنقاذه من موت محقق ظل طوقا جميلا حول رقبة هادى واسرته.. فكما يقولون صنائع المعروف تقي مصارع السوء
وبالمثل العناية لالخيم وتحوله لشكل آدمي آمن إلا من خيمة هادى التي تركها كما هى لتعينه على الثبات وعدم الغرور.
وصدقتي غاليتي لا الفقر يدوم ولا الغني يدوم ولا يبقي إلا وجه الله لكنه الانسان ظلوم كفار لو يذكر قول الله تعالي"ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم اول مرة وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم انهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون"بسورة الانعام
وكذا قوله تعالي بسورة المؤمنون"فإذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون"
لعلموا ان الدنيا لا تستحق كل هذه الآثام والصراع فهي لا تساوى عند خالقها جناح بعوضة
"كيف أنسي"حتي فاتن وهي بزيارتها لالمي بكندا وبشراها لها بعودتها بعد انهاء الثانوية للدراسة بالوطن تسعدها ولكنها تحبطها بنصيحتها بنسيان هادى ومن بالمخيم فهل تنسي؟
خاصة وانها يوما ما ستلتقي به ولكن باسم آخر فهل ستعرفه بقلبها ؟اماذا؟
لنتركها للأيام التي تجرى سريعا ويقترب موعد اللقاء.
وقد انهي هادى مرحلتيه الصعبتين الجامعة بتفوق وتدريباته الشاقة
ونستطيع القول من هنا نبدا
كما أننا ننتقل إلي المرحلة الثانية من الرواية أو الفصل الثاني من مسرحية الحياة
سلمت يداكي حبيبتي علي هذا الإبداع وعلي القيم الجميلة التي تعلمناها منك في المرحلة الاولي بكل الجمال والصدق وروعة التعبير
شكرا لك علي الجهد المبذول بالفصل ليخرج بتلك الروعةو كان من الممكن ان تقسميه علي فصلين حتي لا تشقي علي نفسك
فتح الله عليكي واكرمك برضاه
دمتي بكل الخير والسعادة


shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-10-21, 08:28 AM   #82

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,558
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا.صباح الخير غاليتي صاحبة ألحان الربيع الرقيقة
عفوا علي كلمة مساء الخير فقد بدأت بكتابة مشاركتي مساء اولكني اكملتها صباحا ولم التفت لتحية المساء
اسعد الله اوقاتك صباحا ومساءا وبكل حين انت واسرتك الكريمة
وشكرا لك حبيبتي علي ردك المفصل الذى أرهقتي نفسك بكتابته
بعد ارهاق هذا الفصل الطويل ماديا ومعنويا
ادام الله المودة والمخبة


shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-10-21, 10:58 AM   #83

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا.مساء الخير صاحبةألحان الفصول الأربعة
"إذا انت اكرمت اللئيم أهانك"والد فاتن قدم يد العون لعاصي والذى هو بالفعل أسم علي مسمي يتسلل كالحية من تحت أقدام من يساعدونه ويكرمونه ويثقون به ولكن الطبع الدنئ يظل لصيقا بصاحبه ويظل عاصيا أبدا ومن علي شاكلته لا صلاح لهم
بدأ بقتل محي الدين وقام بنفسه بخنق حماه والد فاتن
غير من تسبب بموتهم بخيانته
فهل يفلح السيد ماجد فعلا في تقديم يد العون لها خاصة أنها ورقة رابحة لمخططهم أيضا كونها بعقر دار عاصي
"هوية جديدة..صندوق محي..سلسال ذهبي"هذه هي الثلاث مهمات الصعبة التي يحملها هادى علي كاهله وهو يودع أسرته لأول مرة.
رغم أنه سينتقل لقصر ريان بدلا من جفاف المخيم إلا
انه يشعر بانسلاخ الروح عن الجسد
شاق جدا إختباره ففي طريقه المبهم القادم سيصطدم حتما بألمي ..إبنة من ؟عاصي القاتل الخائن
اى محنة وأى إختبار فالوفاء للاوطان هو ما ياتي بالمرتبة الاولي ولكن ماذا عن القلب والمشاعر حين تتعارض معها ألا يعيش وقتها المرء أقسي انواع الألم فالنتيجة محسومة لصالح القضية الاساسية والتي يعدون لها من سنين وما زال أمامهم سنوات أخرى حتي يستطيع التغلغل لحياة عاصي
وكما هو العمر صفحات بكتاب الحياة احيانا نكتب بعض سطورها وغالبا ما تكتب هي كل اقدارنا وبين صفحة وأخرى قد تكتب الكثير من الآمنا وتصعب خياراتنا
"روح ثائر وصداقة وليدة"هادى الوفي لاسرته ولظروف حياتهم يأبي النوم علي السرير وينام أرضا كما أعتاد مع أسرته فلايتميز عنهم.
ونفسه هادى ذو الروح الأبيةيرفض أن يقع ضيم علي احد أمامه ويوليه ظهره
عجبا لمن أعطته الحياةكل شئ من مال وثراء وشباب وأسر ذات مكانة ويستكثر أن يترك من لم تنمحهم الحياة سوى عقولهم وكد أيدبهم يصارعون الحياة وتصارعهم يبذلون أقصي ما لدبهم أن يجدوا لهم مكانا بجوار اصحابx القلوب العمياء فاقدى البصيرة
بلال هو الصديق المخلص الذى سيكون لهادى بأيامه القادمة فمثله لا ينسي الجميل والمعروف وهو بذكائه وتفوقه سيكون عونا وسندا له كما آخرين يتم إعدادهم للجهادين جنبا إلي جنب .
"إجابة التساؤلات"حبيبتي أنت ألحان الربيعx وقد أجبتي علي تساؤلى فورا وبنفس الفصل عن الجهاد وأشكاله عندما ألمحت إلي ان هادى يستطيع أن يؤدى دوره هذا تجاه قاطني المخيم
وقد كان وهو يسعي لاستخدام إرث أبيه لبناء مدرسة ومساكن اسمنتية لرفع مستوى معيشة اهل المخيم وهذا دورا كبيرا جدا لا يقل أهمبة عن الزود عن الوطن.
وايضا وكأنك تقرأين أفكارى تجاوبين علي السؤال الثاني ما وضع قلب هادى وصاحبة السماء الزرقاء في مسيرته فإذا به يجيب بأن الغلبة لعقله ولمهمته فهي الاولى وأنه لا ينسي التحولات التي طرأت عليها ولذا لن يعيد السلسال إلا لصاحبة الفطرة الطيبة وليس تلك المتغطرسة
"لا تخش في الحق لومة لائم"نصيحة قالها هادى لاياد بالمعسكر ولو تتبعها كلا منا بنصرة الحق وقولة الصدق ما دام المرء لم يخطئ بشئ لصارت الدنيا أجمل ولصار البشر أكثر نقاءا وإنسانية
هادى يتلقي تدريباته الشاقة بكل الترحاب فهو ولد ليكون مناضلا ولتحتل صاحبة السماء الزرقاء ذلك الركن بقلبه فلن تعرقله عن مسيرته
وللأسف فسمائه بحكم غربتها بكندا وصلاح رفيقها الوحيد الذى ينتمي لاسرته قولا وفعلا لمن لا يقيمون للبشر وزنا هم اعدائهم ويحقدون علبهم هذه هى مفاهيم اصحاب المنافع والمصالح فاقدى الإنسانية ولا ريب ان ألمي ستتأثر كثيرا بثقافة تلك البلاد وتلك الصحبة
"في سبيل الحق كله يهون"الأقدار المحتومة تسير كما قدرها الله وإن أخترناها بانفسنا فالسيدة مريم توافق علي الزواج من ابراهيم الهاشمي من اجل هادى ومن اجل يوما يصل فيه هادى للمكانةالتي تمكنه من الزواج من ألمي بموافقة فاتن للدخول لعرين الأسد والنيل منه عقابا له علي كل آثامه وجرائمه.
كلا يدفع من حياته وتنازله عن قناعاته من أجل الهدف الأكبر أى ان كلا في جهاد
"رشفة رضيع تساوى حياة"ام سلمى واسرتها صارت جزءا من عائلة هادى يعتنون بها أينما ذهبوا ولا يفترقون وبمرور السنوات تقوى الصلة والتي تكون أكثر ثباتا في مواحهة الشدائد فما فعلته ام سلمي بإرضاع شادى وآنقاذه من موت محقق ظل طوقا جميلا حول رقبة هادى واسرته.. فكما يقولون صنائع المعروف تقي مصارع السوء
وبالمثل العناية لالخيم وتحوله لشكل آدمي آمن إلا من خيمة هادى التي تركها كما هى لتعينه على الثبات وعدم الغرور.
وصدقتي غاليتي لا الفقر يدوم ولا الغني يدوم ولا يبقي إلا وجه الله لكنه الانسان ظلوم كفار لو يذكر قول الله تعالي"ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم اول مرة وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم انهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون"بسورة الانعام
وكذا قوله تعالي بسورة المؤمنون"فإذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون"
لعلموا ان الدنيا لا تستحق كل هذه الآثام والصراع فهي لا تساوى عند خالقها جناح بعوضة
"كيف أنسي"حتي فاتن وهي بزيارتها لالمي بكندا وبشراها لها بعودتها بعد انهاء الثانوية للدراسة بالوطن تسعدها ولكنها تحبطها بنصيحتها بنسيان هادى ومن بالمخيم فهل تنسي؟
خاصة وانها يوما ما ستلتقي به ولكن باسم آخر فهل ستعرفه بقلبها ؟اماذا؟
لنتركها للأيام التي تجرى سريعا ويقترب موعد اللقاء.
وقد انهي هادى مرحلتيه الصعبتين الجامعة بتفوق وتدريباته الشاقة
ونستطيع القول من هنا نبدا
كما أننا ننتقل إلي المرحلة الثانية من الرواية أو الفصل الثاني من مسرحية الحياة
سلمت يداكي حبيبتي علي هذا الإبداع وعلي القيم الجميلة التي تعلمناها منك في المرحلة الاولي بكل الجمال والصدق وروعة التعبير
شكرا لك علي الجهد المبذول بالفصل ليخرج بتلك الروعةو كان من الممكن ان تقسميه علي فصلين حتي لا تشقي علي نفسك
فتح الله عليكي واكرمك برضاه
دمتي بكل الخير والسعادة

أهلا وسهلا بكِ يا غالية ..❤❤

عاصي هو معمي البصيرة ولا يمتلك الضمير الانساني بسبب جشعه وطمعه الذي لا حدود له ...

سنرى ان شاء الله كيف سيصل هادي لألمى...بالطبع كونه يامن وكيف سيكون اللقاء ......هادي خلال هذه السنين ( تقريبا ٧ سنين) اي من لقائهم الاخير في المخيم حتى اللقاء القادم لقد تغير مظهره بالطبع فكان في مرحلة المراهقة بشعر كثيف طويل نسبيا وجسد في مرحلة نمو اما الآن يمتلك جسما رياضيا كامل النضوج طول وعرض وكذلك ذقن كثيف ، قصير ، مهذب وشعر حليق وهي التسريحة التي تلائم الجنود وايضا سيضاف تغيير اخر طفيف في ملامح وجهه ..سنرى سببها لاحقا ان شاء الله ....أي ان ألمى من الناحية الشكلية لن تميزه وسيكون امامها شخص اخر.....

سعدت انك وجدتِ الاجابات على تساؤلاتك في القسم الثاني 🌺❤

كما المى في صراع بين الخير والشر ...هكذا هادي في صراع بين القلب الذي يمثل الحب والعاطفة وبين العقل الذي يمثل المنطق والمهمة التي يسعى لها.......طبعا لا اقصد فقط حب المراهقة لأنه يتطور هههه😂

كم من فقير نراه قنوع راضي بما قسّم الله له وكم من حسود يمتلك الكثير وعيناه على ما بيد غيره كشباب الجامعة وموقفهم مع بلال......بوركت على الآيات التي وضعتها في مكانها🌺


يارب ان تكون بالفعل المرحلة الاولى حازت على اعجابكم ورضاكم ....انا اردت ان تبدأ الرواية من نقطة صفر اولا لان فكرتها الاساسية معاناة اللاجئين فاحببت تسليط الضوء ولو بأقل القليل على ما يعيشون وأكيد ما خفي كان اعظم وأقسى ..وكذلك لم ارغب بأن استعمل الفلاش باك ( العودة الى الوراء ) انما امشي مرحلة مرحلة كدفتر مذكرات 😊....

كلماتك دائما انت وباقي اخواتي هي اكبر داعم للاستمرارية باذن الله واتمنى ان اوفق بذلك بما يرضي ذوقكن يارب...😍❤

أسعد الله اوقاتكن في كل خير ....

shezo likes this.

ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-10-21, 11:06 AM   #84

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا.صباح الخير غاليتي صاحبة ألحان الربيع الرقيقة
عفوا علي كلمة مساء الخير فقد بدأت بكتابة مشاركتي مساء اولكني اكملتها صباحا ولم التفت لتحية المساء
اسعد الله اوقاتك صباحا ومساءا وبكل حين انت واسرتك الكريمة
وشكرا لك حبيبتي علي ردك المفصل الذى أرهقتي نفسك بكتابته
بعد ارهاق هذا الفصل الطويل ماديا ومعنويا
ادام الله المودة والمخبة
شكرا على الدعوة الطيبة ..ولكِ بالمثل باذن الله🌺

العفو واجبي ارد وعلى العكس استمتع بالرد على تعليقاتك الدسمة

اميين يارب ❤

shezo likes this.

ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-10-21, 10:18 PM   #85

لبنى البلسان

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية لبنى البلسان

? العضوٌ??? » 462696
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 5,543
?  نُقآطِيْ » لبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond repute
افتراضي



فصل جميل جداً بجزأيه
تسلمي على السرد الذي امتعتنا به يعطيك الف عافية بانتظار احداث الفصل القادم



shezo likes this.

لبنى البلسان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-21, 12:04 AM   #86

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لبنى البلسان مشاهدة المشاركة


فصل جميل جداً بجزأيه
تسلمي على السرد الذي امتعتنا به يعطيك الف عافية بانتظار احداث الفصل القادم



عيونك الجميلة هذا من لطفك...
الله يسلمك ويسعدك كما اسعدني ردك وأكثر...


shezo likes this.

ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-11-21, 06:50 AM   #87

Mini-2012

? العضوٌ??? » 456252
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,977
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Lebanon
?  نُقآطِيْ » Mini-2012 is on a distinguished road
¬» مشروبك   water
¬» اشجع ahli
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

😻😻😻😻😻😻😻😻😻💖💖💖💖💖💖💖💖💖
shezo likes this.

Mini-2012 غير متواجد حالياً  
التوقيع
ﺎﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞّ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ
رد مع اقتباس
قديم 03-11-21, 09:21 AM   #88

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mini-2012 مشاهدة المشاركة
😻😻😻😻😻😻😻😻😻💖💖💖💖💖💖💖💖💖
نورتِ يا جميلة ❤🌷😍

shezo likes this.

ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-11-21, 12:02 AM   #89

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السادس (( عودة الطيور المهاجرة ))



استيقظتُ في العاشرة صباحاً أتمطى....اللـــه على الاسترخاء!....من مدة طويلة لم افعلها وابقى لهذا الوقت بسبب دراستي وتدريباتي !! ...سأستغل هذا الأسبوع لأنام وأنام قبل البدء بالعمل في الشركة....كان هذا أول يوم لي بعد التخرج....مسكت هاتفي اتفقده ...وجدت عدة مكالمات فائتة ..تمتمت متسائلا بارتياب :
" أربعة عشر اتصال ؟!...يا رب استر ..ممن يا ترى !!"

دخلت اتفحصها ولما رأيت اسمه , القيت هاتفي على جانبي زافراً انفاسي بارتياح .....هكذا هو الغليظ يظن أن الجميع مثله مستيقظون في الثالثة فجراً وهو يلعب لعبة الحرب الالكترونية ....نهضت من فراشي الأرضي , رتبته وتوجهت الى الحمام لأغسل وجهي ...عدت مجدداً لهاتفي واتصلت به أجرب حظي فلا بد انه غارق في أحلامه ...
" غير معقول !!...تجيب على الهاتف في الحال وانا ظننتك في غيبوبة الآن "

نفث انفاس حانقة وهتف بتذمر :
" هل يتركون لأحد أن يهنأ بنومه في ذاك البيت ؟!....لقد طردتني أمي ...يوجد حملة تنظيفات لاستقبال أهل عريس شقيقتي ...الناس تخطب وأنا اتعذب "

ضحكت فغيّرَ نبرة صوته متفاخراً :
" أأستطيع الآن قول مبارك التخرج ؟"

اجبته بتهكم :
" بالتأكيد..ماذا ظننت؟!.....بفضل الله طبعا "

تابع مازحاً :
" اوه..أنا الآن اكلم رجل الأعمال الكبير السيد ها ..يامن ..يا حظي !!.....هل كنت غليظاً كعادتك بحفل مليء بالغزلان ؟! "

تأففت مجيباً :
" لم أرَ سوى قِرَدة فارّة من غابات استراليا !!...تمنيتُ لو كنت معي لتتشبث بك احداهن وتخلّصني منك "

رد شاهقاً بتصنع :
" وهل يهون عليك فراقي ؟!"

قلت بحزم :
" دعك من هذا سامي وأخبرني ماذا جرى معكم بشؤون شركة والدي ؟!"

رد بجدية:
" كما تعلم غيرنا اسمها , اعدنا فتحها وأنزلنا إعلانات لطلب موظفين بكافة المجالات...وها نحن ننتظر لقاء المتقدمين "

قلت ممتناً:
" جيد....أنا أثق بك وبأحمد.....وما بشأن زوج شقيقتك ؟"

قال:
" وافق مراد على استلام إدارة الشركة ....بل وضع تحديّا امامه لينهض بها بأقل من أربعة شهور ان شاء الله "

قلت مبتهجاً :
" أرجو ان يوفق بذلك ...لا أعلم كيف سأرد لكم كل هذا !! "

رد ساخراً:
" اطمئن !!...سأخرجه من عينيك , وهل تظن انني افعل هذا عن أرواح امواتي ؟!"

ضحكت ثم قلت بفضول :
" متى ستستلم مكانك في مركز الشرطة ؟! "

هتف بثقة يكسوها المرح:
" قريباً جداً ان شاء الله ...أنا متحمس متى سأبدأ بصفع المجرمين , اللهم زد وبارك "


" لم اقابل شخصاً يتمنى ازدياد المجرمين والجرائم...هل انت معتوه ؟! "


أجاب بحزن مصطنع :
" لا تترك لي مجالاً لأفرح !!....أرجوك عند عودتك للوطن , لا تجلب معك نكدك هذا وعقلك الصوّان!!"

رفع نبرة صوته بتحذير مسرحي وتابع :
" وإلّا سألقي لك تهمة لأزجك بالسجن وأتخلّص منك "

أفلت ضحكاته ينهي عرضه...تنحنح وسال بأدب :
" ماذا فعلت بموضوع عودة عائلتك الى الوطن؟!...هل جدّ شيءٌ ما ؟؟......أنت تعلم أنا جاهز لأي خدمة "

شردت قليلاً واجبت :
" بارك الله بك , لكن ما زال الوقت مبكراً...أريد ان تنهي شقيقتي الثانوية هنا لكي لا تختلف عليها الأجواء وسأحاول الحاقها بإحدى جامعات الوطن ..ثم انني سأرى أولا الى أين يمكنهم السيطرة على الحكومة المشتركة دون فتح باب المناوشات من جديد"

×
×
×

تعادل أكبر حزبين في الانتخابات الأخيرة من العام الماضي وهما لصاحبيهما السيد (سليم الأسمر) والمدعو ( عاصي رضا) بإشراف المندوبين عنه , فاضطروا لتشكيل حكومة مؤقتة , مشتركة , تضم أعضاء من الجهتين برعاية جهات أجنبية لإبقاء الوضع مستتباً حتى الانتخابات القادمة ...وأنا لا اريد المجازفة بعائلتي والقائهم الى مستقبل غامض , مجهول المعالم... لذا علينا التروّي , متابعة الأحداث والتفكير بحكمة لفرض قرارات صائبة وخصوصا أنني لا استطيع العودة للوطن في الوقت الحالي وبهذا لا يمكنني الاطمئنان عليهم متى شئت....

~~~~~~~~~~~~

أنهت شقيقتي (دنيا) وصديقتها (سلمى) الثانوية بنجاح...وعليهما التسجيل للجامعة خلال شهر من الآن ...كانتا قد اختارتا التخصص الذي تريدان معاً...ظننتُ انه بإمكاني اعادتهم للوطن لاستقرار الأوضاع نسبياً هناك لاتفاقهم على خوض انتخابات بنزاهة دون تلاعب بعد ثلاث سنوات تقريباً....يبدو أن التدخلات الأجنبية أثمرت هذه المرة أو أننا نحن هكذا ننتظر الغريب ليحكم بيننا ؟!!...لمست صدغيّ أضغط عليهما برؤوس أناملي , فهما يضغطان على عقلي ولم يجعلاني أن أُرجح كفتي بعد!!...أأُعيدهم أم ابقيهم هنا ؟!...إعادتهم هي استقرار لهم لكني لا يمكنني السفر بسهولة كلما رغبت لرؤيتهم , حفاظاً على مهمتي والدور الذي أقوم به ...وإبقاؤهم معي سيوترني خوفاً وقلقاً عليهم إذا كشفت لا قدّر الله مِن أن الحق بهم الأذى !!....أنا احترق بين نارين والاختيار صعب ....عليّ فعل ذلك قبل الشهر القادم....كنتُ جالساً في مكتبي بالشركة أخوض معركتي هذه وانتظر مكالمة من (سامي) ليُعْلمني بوضع شركة والدي في بلاد الأم....فهكذا منذ سنتين أي من يوم افتتاحها ونحن نتكلم بشكل اسبوعي إما هو وإما أحمد ليعطياني تقريرا عن الشركة ويشركانني بكافة التفاصيل التي تجري هناك...
" ها أبشر يا صديقي ....ما هي آخر التطورات ؟؟"

أجابني بثقة بعد انجازاتهم :
" الحمد لله...كل شيء على ما يرام....يكفي أن اسمها تلألأ في أرجاء الوطن وستخترق حدوده بعد فترة وجيزة بفضل الله ومن ثم جهود مراد زوج شقيقتي و أحمد بالإضافة للسيد سليم .....والمفاجأة ان فرع العاصمة سنقوم بتدشينه قريباً والتحضيرات له على قدمٍ وساق ان شاء الله "

سحبتُ أنفاسي وزفرتها براحة وقلت :
" الحمد والشكر لله ....مذهل يا صاحبي...وأنت أين وصلت الأمور معك بشأن وظيفتك الثابتة؟؟"

تابع بجدية:
" خلال أسبوع سأستلم منصبي كضابط شرطة في منطقة الجبل وبالذات في حي تل الصقور "

قلت متفاجئاً:
" ماذا؟..تل الصقور؟!...أي الحيّ خاصتنا ....كيف حصل هذا بسهولة وأنا الذي ظننت سيضعونك في آخر البلاد!!؟؟"

ضحك وقال :
" بفضل االله ومن ثم الحاحي على والدي لطلب مساعدة صديقه اللواء المتقاعد ( فتحي جلال) "

أضاف ساخراً باعتزاز:
" وبالطبع قدراتي واثباتي لذاتي في مكان عملي السابق"

قاطعته هاتفاً بسعادة:
"يا للروعة... مبارك لك ولنا صديقي "

ساد صمت لبرهة ثم هتف:
" الآن يمكنك ارسال عائلتك دون انتظار.."

قلت بتردد:
" لم أقرر بعد ...وعلى الاغلب أنني سألحق شقيقتي بالجامعة هنا ...فأنا حالياً لا أستطيع زيارتهم ولا يمكنني تركهم هناك لوحدهم والسيد (سليم) يقطن في مدينة بعيدة عنهم وإلّا لما ترددت..."

قال بضيق:
" أوف يا اخي...نحن هنا سنقوم بحمايتهم بإذن الله....على العكس الأفضل لك ولهم هو ابعادهم عنك لإتمام المهمة.....ثم حاول مع السيد سليم علّه يعود لبيته في مدينتنا وهكذا تجمع شملهم وتطمئن عليهم.."

اعترضت قائلا:
" لا يا سامي ...مستحيل , لأنه ترك مدينتنا قبل وفاة ابي بخمس سنوات واستقر في مدينته الحالية ونقل جميع أعماله الى هناك , وكذلك جدتي ملف علاجها الكامل في مشفى مدينتهم وأيضاً لا تتحمل كثرة التنقل.."

صرخ بحزم :
" إذاً ؟!!....ما العمل ؟؟!"

قلت :
" لا شيء مؤقتاً ...سأنتظر حتى اتأكد أنه بإمكاني الدخول والخروج من الوطن بسهولة وبعدها لكل حادثٍ حديث!!"

زفر مغتاظاً:
" هل ستنقل شقيقيك في منتصف دراستهما الى بيئة جديدة كي تشتتهما ؟!...كما أنه أنت أيضا عليك صب تركيزك بشيء واحد !"

قلت بيأس :
" لا حل لديّ....سنعيش ما كُتب لنا "

لم أسمع سوى أنفاسه ليلحقها من غير تردد قائلاً:
" زوجني شقيقتك..."


" ماذاا ؟! "

صرخت مصدوماً , فتابع بجرأة:
" نعم , زوجني إياها لأكون من عائلتكم واستطيع حمايتهم .."

قلت بنبرة حادة بعد أن صعقني بطلبه المباغت :
" ماذا تقول ؟ هل جننت ؟!...دنيا ما زالت صغيرة لم تتم الثامنة عشر بعد ؟! "

رد مستهزئاً :
" وكذلك ألمى خاصتك ابنة الوغد في سنها وأنت تخطط للزواج منها "

هنا سرت رعشة في أنحاء جسدي عند ذكره لها ولا أدري ما نوعها ..أهي رعشة حقد أم شيءٌ آخر...!؟ ..لكني أجبت غاضباً :
" هذا موضوع غير قابل للمقارنة !! "

تنهد وهمس بنغمة بين الرجاء والأمر :
" زوجني بها...أنا مصرّ...صدقني هذا الأصح ....ثق بي !!"

زمجرت وقلت بعد إلحاحه :
" كيف تخطبها دون أن تراها ؟!....أتظن أنني سأسمح لك بالتلاعب بها ؟! "

تأفف بملل وقال بمكر ساخراً :
" لا حاجة لي في رؤياها...فإذا كنت انت تمتلك كل هذه الوسامة وشقيقك شادي له مستقبل باهر ما شاء الله حسب اخر صورة بعثتها لي...ها انا أقول لك , سيسحب البساط من تحتك ويخطف الأنظار وبالطبع لا ننسَ والدك رحمه الله وأذكر خالتي عائشة وجمالها البريء وخالتك مريم ايضاً....هل على حظي ستكون شقيقتك البجعة السوداء مثلاً..؟؟"

هتفت موبخاً مازحاً:
" أصمت يا وقح...هل تتغزل بنساء عائلتي؟"

ضحك وقال ليغيظني:
" ربما عما قريب سيصبحن نساء عائلتي أيضاً!!"

لم أرد أن أشرك أي فرد من عائلتي في مهمتي!! لكني لا أنكر أن الفكرة راقت لي فـ (سامي)لن أجد مَن أفضل منه شخصاً , مقاماً , نسباً وشهامة....

هتف بعد صمت :
" ها ماذا قلت ؟!..موافق؟!"

قلت ببرود مستسلماً:
" سأفاتح أمي بالموضوع وإذا وعدتني بإقناعها بالارتباط بك دون ضغوطات وبرضا تام منها ....لا اعتراض لديّ...سأخبرك لاحقاً.."

أردف مستغرباً:
" ظننت أنك ستقنع والدتك بالأول !!؟"

أجبت ضاحكاً:
" لا حاجة لإقناعها , فلك عندها نصيب الجمل , تحبك منذ طفولتنا ولا تسأم من سؤالها عنك وعن اخبارك ....غير أنك فرصة لاستقرارها في الوطن وعودتها الى بيتها.."

هتف بسخرية:
" رائع ..هكذا ضمنت الحلقة الأقوى وأنت....بقي الحلقة الأضعف شقيقتك....ادعو لي يا صاحبي !!"

قلت بجدية:
" اشكرك على مساندتك لي دوماً , لكن لا اريدك أن تنكسر اذا رفضت , غير ألّا تحلم بإتمام الزواج في الوقت الحالي اذا وافقت.....أي سيكون عقد قران لا اكثر!!"

رد باستياء:
" لا داعي لقول ذلك ...أنا أعلم ...مهمتي الأولى هي حمايتهم بمشيئة الله اما الزواج الرسمي فأنا لا افكر به حالياً لأني اريد أن اكوّن نفسي وبعدها استقرّ.."

أكمل بخبث:
" مهمتي الأخرى هي ايقاعها في حبي .."

ضحكت رغماً عني وقلت:
" لك ذلك إذا وافقت.."

~~~~~~~~~~~~

تجلس على أرجوحتها المصنوعة من القصب في شرفتها المطلّة على حديقة البناية ...تمسك بيدها أحد أضلعها وتتكئ عليها برأسها...تتأرجح ببطء ...تنظر النظرات الأخيرة لهذا المكان بعد سنوات قضتها مبعدة عن أحضان عائلتها ...مع كل حركة للأرجوحة , تعيد شريط حياتها ...تنتقل من مشهدٍ لآخر ..كيف كانت وماذا أصبحت ؟! ماذا ربحت وماذا فقدت ؟!..ضغطت على زر الإعادة في ذاكرتها لتقف في تلك البقعة تحديداً ..عند مشهد لحضن بريء جعلها في المنفى كمن عوقب على جريمة نكراء !!...تسأل نفسها...
" أوليس الحضن مشتركاً ؟ لماذا عوقبت وحدي ؟! لمَ لم يعاقب مثلي ؟! "....
شردت في خيالها ورسمت ابتسامة مائلة على طرف شفتيها بعد أن ظهرت غيمة فوق راسها وهي تعيش اللحظة تكمل في عقلها حالمة ...
" ماذا لو!!...ماذا لو كان معي في المنفى ...يسكن في نفس بنايتي , أمرّ صباحاً ومساءً من امام شقته لأراه...كيف كان سيكون طعم الغربة يا ترى؟ !! "...
لكنها سرعان ما انتبهت لشرودها ونفضت رأسها لتتلاشى تلك الغيمة الجافة !!...
همست بخفوت تُلجم نفسها :
" عودي الى واقعك ألمى...كفاكِ ترّهات واحلام طفولة فارغة ...لقد كبرتِ ...ستكونين قوية...أنتِ ابنة عاصي رضا ولن تسمحي لشيء بكسرك ...امضي في حياتك كملكة وعيشي أوقاتها الحلوة !...فكري فقط بمستقبلك الزاهر.."

قطع لحظاتها تلك , رنين هاتفها من الداخل...توجهت له حيث تضعه على رأس الأريكة...حملته واقتربت من النافذة الكبيرة...تتأمل البحر مبتسمة لاسمه المضيء على الشاشة...فتحته بحماس لتجيب:
" صلاااح ...لا اصدق أنني سأكون في البلاد!!...هذه أجمل هدية أتلقاها في يوم مولدي غداً "

ضحك وقال مازحاً:
" لا داعي لتذكيري في يوم مولدك!!..فهديتك جاهزة من أسبوع "

تابعت بدلال:
" اوه صلاح ..تعلم كم أحب هداياك الجميلة فخشيت أن تنساني وأنت غارق في دراستك "

أردف ساخراً:
" غداً ستتمين السابعة عشر وتبدئين بالثامنة عشر وما زلتِ تتوسلين الهدايا !!...يا للعيب "

أجابته بحزن مصطنع ودلع :
" يا لقسوتك ..وأنا التي أعتبرك صديقي المفضل ...بل أكثر..."

شعر بدغدغة تسري على جسده لقولها انه اكثر من صديق فهمس :
"تابعي يا ألمى .."

تابعت ببرود:
" لطالما شعرتك أخي , أكثر من المغفل كرم ...أنت تعرف هذا "

قُصِفت جبهته وفرّت الدغدغة التي زارته قبل قليل لوضعها له بمنزلة الشقيق وهذا ما لا يتمناه !!....لقد تعرّف عليها وهو بمرحلة المراهقة ونشآ سوياً سنوات ليست بقليلة وهما متقاربان ..يبثا همومهما وسعادتهما ببراءة لبعضهما ...حتى نزاعاتهما معاً , ولم يكن يمر يوم عليه في كندا وهو يهاتف والدته إلّا وتوصيه بها وتذكره فيها وتوهمه أنها ستكون من نصيبه !!...وبالطبع لم تكن لتتفوه بهذا من غير دعم الأفعى (سوزي) التي جهدت للقائهم لحياكة علاقة زوجية مستقبليّة علّها تشفع لها ولابنها عند ( عاصي رضا) بجلبها عريس الهناء الذي بلا شك يتمناه كل أب ليكون زوجاً لابنته , ليس لوسامته ولا لعلمه فحسب ..بل الأهم ...لأنه الابن والوريث الوحيد لـ ( رائد السيد ) رجل الأعمال المخضرم الذي لم تصبه شائبة في مكانته ونفوذه وثرائه !!...
هتفت ( ألمى) بتعجب لصمته للحظات :
" صلاح هل أنت معي ؟!"

ارتدى قناع التجاهل مما سمع منها وقال بمكر:
" نعم يا ألمى ...وربما نكون أكثر من ذلك !!...من يدري؟!"

سحبت ستار النافذة لتسدل الشارة على المشهد الأخير لهذا المكان ....استدارت بكامل جسدها ليقع نظرها على الحقائب المصفوفة قرب باب الشقة وهمست بتأكيد :
" إذاً سنلتقي غداً.....يسعدني انتظارك لي في المطار لتقلّني لبيتي.."

~~~~~~~~~~~~~~~-

لا...ليس هنالك من مات !!...بل هذه لحظات موجعة خُتمت بالفراق!!....كان صوت بكائهما أقرب للنحيب...يثير عطف من يسمعهما !!

" أهكذا اتفقنا يا دنيا ؟! ألم نتفق أننا سنبقى معاً الى آخر العمر؟!"

ضربت كتف الواقفة أمامها بظهر كف يدها ...استجمعت قواها لترطب الجو المرطب أساساً بل الغارق بدموعهما وهمست وهي تكتم شهقاتها بين الحرف والكلمة :
" كيف سنبقى معاً إلى آخر العمر ايتها الغبية ؟!..الن يكون مصيرنا الزواج في النهاية ؟!"

أغمضت عينيها تشدّ عليهما ..مطت شفتيها وهي تشيح برأسها جانباً...حررت ملامحها زافرة بحنق :
" لا...حتى الزواج اتفقنا الّا يفرقنا ...اما نتزوج من اخوة او أصدقاء وإما نظلّ هكذا عزباوات باقي الدهر...وتعاهدنا على دخول نفس الجامعة ونفس التخصص...اين ذهب هذا كله ؟!"
أضافت تعاتبها بألم :
" لكنك وافقتِ على صديق أخي هادي وستدرسين هناك ...وبقيت انا وحيدة.."

اختلست بسمة من بين شفتيها مع أنها تخوض معركة ضارية في احشائها وهمست مازحة لتحاول اضحاكها :
" أنا لا أريد أن أبقى عزباء يا سلمى...لكن لا تخافي , عند زواجي سأضع شرطاً باصطحابك معي الى بيتنا رغماً عنه.."

حدّجتها بعينيّ محتقنة بالدموع دون أن ترمش ...لديها الكثير من الكلام ...لكنها أبقته عالقاً في حنجرتها لأنها لمحت الطعنات التي تشعر بها صديقتها وتحاول مداراتها بضحكتها المكلومة ...

رفعت الأخرى ذراعيها , تضغط بقبضتيها على كتفيّ الواقفة أمامها بانحناءة خفيفة أقرب للانكسار وكدّت لتخرج صوتها هامسة :
" سامحيني سلمى...الأمر ليس بيدي ..لكني أدعو ربي أن يجمعنا مجدداً كما جمعنا سابقاً من غير عناء .....سامحيني عزيزتي فالظروف أقوى منا جميعاً ...ومع هذا أُحسن ظني بربي أنه لن يخذلنا ابداً !! "

استقامت مجدداً ...تنصب ظهرها لتخرج من جيب معطفها الخفيف , علبة حمراء , صغيرة , دائرية .....كان بها سلسلتان ذهبيتان , معلّق في وسط كل منهما نصف قلب مكمل للآخر...رفعت المنحوت عليه اسم دنيا وزلفت من صديقتها اكثر لتعقده حول رقبتها هامسة بغصة مبحوحة :
" لكي لا تنسيني..."

رفعت (سلمى) بصرها لها وارتسمت بسمة أمل على شفاه كلتيهما بعد أن عادت بهما الذكرى لما قبل ما يقارب التسع سنوات في الموقف الشبيه لهذا ...
نظرات قليلة قطعها عناق شديد , قوي , يفيض بمشاعر مختلطة بين الم الفراق على أمل اللقاء , لا يخلو من البكاء الذي يصدح تحت تلك الشجرة في الحديقة العامة القريبة من بيت (أم سلمى) وبناتها....

[[ هل حان وقت الفراق؟!!
أيا قلب للوطن سبّاق؟!
اعذريني صديقتي...لتراب بلادي اشتاق !!
إذا هوت دمعة من عيونك , فعيوني في حالة احتراق !!
لو فرّقوا أجسادنا...أرواحنا تلوح في الآفاق !! ]]

×
×
×

حزمت أمي حقائبهم وجلست على الأريكة الكبيرة وسط الصالون في شقتها , تنتظر وصولنا أنا والسيد (ماجد) اليهم....وصلت قبلنا من كانت تودّع صديقتها ...دخلت خافضة رأسها بانهزام , وجهها باهت كأن جريان الدم اختفى من عروقه ...يبدو عليها الوهن بعد خوضها صراع الوداع...ألقت بجسدها بجوار الجالسة وهي تتأفف بكدر , ساخطة :
" هل ارتاح الآن ابنك الغالي؟! أكان يسعى لتفريقنا ؟! "

رمقتها بحدّة وتحدثت بنبرة صارمة :
" انتبهي لأسلوب حديثك...أنت تتحدثين عن شقيقك الكبير والذي أفنى طفولته وصباه ليكون أباً لكما .."

قالت مستاءة بملامة :
" أنا وافقت على الارتباط بذاك صديقه الغليظ الأشقر لتيقني اننا سنعود للبلاد مع الخالة أم سلمى .."

نهرتها قائلة :
" تأدبي يا بنت ...سيكون زوجك... لا تفضحينا بلسانك هذا .."

اخفضت صوتها وهمست بألم تبعد نظرها عنها بانزعاج واستأنفت بحديثها :
" لا أعلم كيف تتحملين مخاصمته شهراً كاملاً ....ألا تشتاقين لمكالمته ورميّ نفسك في أحضانه وأنت من كنتِ الأقرب له ولم تغضبيه يوماً !!"

برقت عينا المصغية لها ...ارتجفت شفتاها ...لم تعد تتحمل فأجهشت بالبكاء وهي تلحف وجهها بكفيْها....لحظات لتكشف عنه بعد أن لقطت أنفاسها وكافحت لدفع صوتها المبحوح بين عبراتها بعد أن عَبَرَ الكثير من المطبات المؤلمة في هذا اليوم :
" أتظنين أنني مرتاحة أمي ؟!....أنت أكثر من تعلمين ماذا يعني هادي لدنيا ...هو دنيتي وجنتي , هو أبي وسندي , هو فرحتي وعزوتي ....لكنه خذلني ....خذلني بشدة بعد أن اوهمني أننا سنكون معاً انا وسلمى.....وها هو أول من سعى لتفريقنا .."

مدّت يدها بحنوٍ لتمسد على رأسها من فوق حجابها هامسة:
" أعلم بنيتي ما تشعرين به....لكني على يقين أن لديه حجّته لأنه دائما يسعى لما في مصلحة الجميع ولم يفرّق عائلة خالتك ام سلمى عنا إلّا لسبب وستثبت لنا الأيام ذلك ان شاء الله ....وهو يستحق منا مساندته لا مخاصمته .."

نهضت من مكانها تجرّ أوجاعها لتتوجه الى الحمام تغسل وجهها المحتقن بصفعات انشقاقها عن توأم روحها وسألت بِلوعة:
" متى سيأتي السيد ماجد ؟...ولمَ لم يأتِ إبنـ....شقيقي لوداعنا على الأقل ؟...فلقد وكّل من يوصلنا الى المطار.."

" سيأتي لوداعنا بنيتي ..."
نظرت للساعة على الحائط وأضافت:
" حان وقت وصوله..."

اشرأب عنقها بحماس هاتفة دون السيطرة على مشاعرها الجارفة:
" حقاً....حقاً أمي سيأتي ؟!."

رمتها بنظرة ماكرة وقالت :
" يبدو أن هنالك من لم تطق صبرا..."

أرخت ملامحها العابسة وبرقت عيناها بِتوق واشتياق:
" يبدو كذلك...."

انتصبت أمي واقفة...دنت منها برقة ...مسكت كف يدها بقبضتيها ..تشدّ عليها هامسة بحنان:
" رضي الله عنكم يا ابنتي ....هكذا اريدكم ..لا تسمحوا للضغينة والبغضاء للدخول بينكم .."

تابعت تتلو عليها بصوتها المُرهف:
{ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ }

عانقتا بعضهما ..احنت (دنيا) ظهرها لتقبّل يد أمي هامسة بأسف :
" سامحيني أمي أرجوك ...أنا نادمة...أعطيت الشيطان مُراده....سأعتذر من شقيقي حين يأتي "

ربتت على كتفها برضا وهمست :
" اذهبي لتغسلي وجهك وأنا ذاهبة لإيقاظ ذاك الكسول شادي...لقد عاد للنوم بعد أن جهّز نفسه.."

×
×
×

خاصمتني صغيرتي دنيانا شهراً كاملاً بسبب قراري المفاجئ عندما علمت انهم سيعودون لوحدهم دون عائلة ( أم سلمى)....لم أُوفّق بضبط اوراقهم مع عائلتي في مدة قصيرة ...فكل جهودنا انصبّت لهم ولأمانهم ونجحنا بمشقة خصوصاً اننا احتجنا لإخراج جواز سفر لشقيقي (شادي) وكذلك لتجديد جوازيّ امي واختي ...فأنا لم أنساهم أو اتغافل عنهم قصداً ..!!..بل أجّلت موضوعهم لوقت آخر دون البوح بوعود لا أستطيع تنفيذها فأخذل شقيقتي وصديقتها مرةً أخرى....

×
×
×

بقيَ نصف ساعة ونصل المطار , فبعد اجتماعي بهم تفاجأوا انني سأرافقهم حتى الدقائق الأخيرة ...كان متفقاً توديعهم في البيت حرصاً على عدم ظهوري وإياهم في أماكن عامة....لكني لم استطع إلّا وأن أكون معهم حتى آخر لحظاتهم في بلاد اللجوء...حاولتُ ابدال مظهري بارتداء ملابس بسيطة وقبعة ونظارات ....كان لقائي بهم مزيجاً بين السعادة والقهر !!...أما شقيقتي فور رؤيتها لي ارتمت في أحضاني تعتذر عن جفائها معي...اعتصرتها وكدت أكسر ضلوعها لكي أعوضها مما فاتها وربما أكذب على نفسي وأنا الذي اريد أن أسرق منها ما فاتني! ....أمي لم ترسو على بر في مشاعرها ...كانت تارةً تريد التحليق في السماء لهفةً وشوقاً للوطن وتارةً يخبو حماسها بتذكرها بُعدي عنهم أنا وخالتي .....تغيّرت نبض الحياة وباتت تساندني في مهمتي بكل رضا وقبول...لم تعد تضغط عليّ كالسابق ووكّلت امرها لله في حمايتي.....(شادي) كان حزيناً على فراق شقيقته (سلوى) لكنه تظاهر بالقوة كرجل صغير وكذلك توقهُ وشغفه للتعرف على الوطن وبيته الحقيقي جعله صامداً....ألمنا وقهرنا هو البعد والفراق لكن لا سعادة أكبر من احتضان الوطن الذي خرجنا منه عنوةً , جوراً وظلماً....خالتي (مريم) لم تشأ القدوم لأنها لا تحتمل تلك اللحظات التي تختم في الوداع...منذ قرارنا وهي تلازم القصر حزناً ...تشعر أننا سننزع روحها عن جسدها , ففؤادها معلّق بعائلتي والوطن , لكنها الآن على ذمة رجل....
لحظة نزولنا من مركبة السيد (ماجد) كنتُ جامد الملامح لأظهِر لهم القوّة وكأن ما نمر به هو شيء طبيعي.. وداخلي مغاير لما أنا عليه ....لوّحت لهم بيدي مستودعهم الله وارتميت بجسدي للخلف على السيارة أسند ما بقي بي من حصانة , نزعت نظارتي السوداء لأسكب دموعاً لذعتني بعد اختفائهم عن مدّ بصري ...لن أنطق وداعاً احبائي إنما سأقول بإذن الله لنا لقاء ..على أرض الشهداء.. دون همٍ او عناء.. لنتذوق في وطننا أعذب ماء ...وطن البطولة والشرفاء ...وطن العزّ والإباء...لا...لن نبيعه لا بسرّاء ولا بضرّاء ... لنخبر العالم كيف يكون عشق التراب والولاء... كيف التضحية والوفاء.... ليعلموا أننا صبرنا من بعد بلاء... وأننا نلنا منزلة السعداء... ونحن من نمتلك أنقى هواء... وأن بلادنا تحتضنها أجمل سماء... فهل يوجد أعظم من هكذا الآء..؟؟!!

×
×
×

عدتُ أدراجي لبيتي ...أجهز نفسي لأنطلق الى الشركة بعد ان أصبحت مديرها العام تحت رئاسة أبي (إبراهيم) لتجهيز الصفقة التي ستجمعنا بالوغد (عاصي رضا) لتبدأ رحلة الانتقام......

~~~~~~~~~~~~

في شقتها المتواضعة...تسكبُ كل تركيزها على الأوراق المبعزقة أمامها...تدوّنُ رؤوس أقلام مما تمليه عليها صديقتها الجالسة بجانبها...عليها صياغة تقرير ناري قريباً , يخصّ الصفقة العظمى ,الغير قانونية , الجديدة, للمسمّى ( عاصي رضا )...
رفعت رأسها تحرّكه على جانبيها بعد أن أحست بتشنج عضلات عنقها ...التفتت ليمينها حيث تسترخي على الأريكة السيدة (فاتن) ثم سألت بتوجس:
" هل أنت واثقة أنك لن تتأذي بنقل هذه المعلومات الخطيرة؟!"

أحنت ظهرها لتمدّ يدها , تكمش بقبضتها من طبق المكسرات الموجود أمامها ...أعادت ظهرها للخلف بأريحية وأجابت بهدوء واثقة:
" بإذن الله لن يصبني شيءٌ , لأن هذه الصفقة تتم مع شركائه الثلاثة الآخرين ولكل واحد منهم , مجموعة من الرجال يقومون بأعمالهم لتبقى أيدي أولئك نظيفة ...فهل لكِ أن تتخيلي سيشك بمن ومن عند فشل الصفقة ؟!"

ردت متنهدة بطمأنينة :
" جـيد....لكن كيف وصلتك المعلومات عنها ؟!"

أمالت زاوية فمها ببسمة ماكرة وقالت:
" اكتشفت انه يوجد فائدة للأفعى سوزي......كانت صديقتها اسراء بضيافتنا وزوجها شريك بهذه الصفقة وكان كلامهما عنها بحماس لمعرفتهما بالمبلغ الضخم الذي سيحصل عليه كل من زوجيهما ولم تلحظا وجودي بالقرب منهما .."

رفعت حاجبها بغرور مصطنع , تفتخر بالخطوة التي أقدمت عليها واستأنفت :
" في المساء بعد خروجهما مع زوجيهما لحفل يخص احد اصدقائهم , جازفتُ ودخلتُ الى مكتبه خلسةً علّني أجد طرف خيط مما سمعت ومن حُسنِ حظي ورداءة حظهم , كان الملف ما يزال على الطاولة ولم يضعه في خزنته الخاصة!!"

وضعت كفها على صدرها جهة القلب شاهقة تعاتبها بعد الهواجس التي اجتاحتها مما نطقت به صديقتها للتو :
" هل أنتِ مجنونة ؟!...كيف تخاطرين بذلك ؟!...ألا يوجد أجهزة مراقبة في مكتبه ؟!"

ضحكت بثقة ساخرة:
" لا....لا يضع أي جهاز داخل مكتبه لكي لا يصل له أي جهة سواء من امن الدولة او قراصنة الاختراق فينقلب السحر على الساحر ....هو مُؤَمّن على القصر من الخارج ولا تستطيع ذبابة الدخول ...أما الداخل تركه بكامل الخصوصية لأنه يعلم أن لا احد يجرؤ على طعنه من عائلته ....هو حذر في هذا الموضوع ...حتى حاسوبه يعمل عليه في غرفة أخرى خارج مكتبه الملغم بالأسرار.."

نفثت أنفاسها وألقت بجسدها لظهر الأريكة ترخي أطرافها ناظرة للسقف بارتياح هاتفة:
" آه ..الحمد لله...كدت اموت خوفاً عليك لو اكتشف ذلك لا قدّر الله "

×
×
×

كانت الصفقة عبارة عن تهريب أسلحة كبيرة , ثقيلة , باهظة الثمن من دولة عظمى دون تصاريح قانونية عن طريق البحر , هي أشبه بصفقة العمر لهم لما ستدُرُّ عليهم من أموال.....لم نكن نريد إلّا معرفة التاريخ والوقت لإخبار شرطة مكافحة الجرائم في هذه البلاد ونحن نعلم أنهم لن يتضرروا إلّا ماديّاً فقط ...فلا اثباتات وأدلّة تُظهر أن لهم أضلع بها ....مثل هذه العمليات يشترون أولئك من يتبنّى التهمة مقابل مبالغ وفيرة لتسليمها لعوائلهم في حال تمّ القبض عليهم ....هذه الصفقة كفيلة بانهيار الخائن ( عاصي رضا) لأنه يقامر عليها ..أيّ يضع أموال هائلة لتغطية إجراءاتها بدقة لدرجة أنه يرهن أملاكه لأنه كفلَ عودتها له بأضعاف مضاعفة ولا يضع الفشل والخسارة نصب عينيه لأن الطمع والجشع يغلّف بصيرته...يفعلها بمنتهى الثقة ويجازف لأنه يضمن الربح....
هنا كان لترتيبات القدر النصيب الأكبر بالإضافة ليقظتنا على تحركاته وهذا ما انتظرناه ليأتي دورنا...أما السيدة (ايمان) وظيفتها فضحه اعلاميّاً بتلميحات مقصودة وأسماء مستعارة للضغط عليه ليرضخ لأي مساعدة مهما كانت لتعيد له أمجاده....!!

~~~~~~~~~~~~

موسيقى صاخبة ...حفلات مجون....دخّان السجائر يغطي المكان في الملهى الليلي وتحديداً من مركز العاصمة لهذه البلاد...يجلس على طاولة بكرسيين وسيجارة تفصلُ بين اصبعيه الوسطى والسبابة ويده الأخرى تحتضن كاساً من الخمر....ينتظر صديقه (صلاح) الذي قَدِمَ من المدينة الساحلية ليبيت الليلة معه في شقّته ليستقبل (ألمى) مع شقشقة النهار في الغد ليقلّها من مطار العاصمة...

أزاح كرسيه باشمئزاز بعد أن وصل إليه...جلس محاذيّاً له وقال بتأفف وهو يهفّ بيده الدخان يبعده عن مجال أنفاسه :
" ما هذا كرم ؟؟...لو علم السيد عاصي أنك تتسكع في النوادي بدل التزامك في الشقة للدراسة لمسحك عن الوجود أو اعادك الى البيت مع إعادة تأهيل.."

زمّ شفتيه تاركاً فرجة ينفث السموم الخارجة من فمه بخبرة صانعاً غيوماً , ضاحكاً بلا مبالاة لإنجازاته العظيمة وردّ ساخراً:
" ان لم تخبره لن يعلم....هو لا يفكر بي أساساً ولديه ما يشغله.."

أجابه بتهكّم:
" نتائجك الجامعية ستكون خير دليل.."

صمت برهةً ثم أكمل بتحذير:
" الآن انت مقبل على العشرين , ما زلت صغيراً لمثل هذه الأشياء التي تضرّ صحتك "

قتل بقايا سيجارته بالمطفأة أمامه ولوى جانب فمه مستمرّاً بسخريته هاتفاً:
" لست صغيراً ...لا تشعرني انك تكبرني بعشر سنوات ولم يفصلنا إلّا عامان فقط!!...أما نتائج الجامعة...اطمئن...المال يفعل الكثير , فانا أدفع لهذا وذاك ليدخلوا الامتحانات عني !..وإذا لَزِم الأمر أشتري أيضاً المحاضرين المتعطشين للمال !! "

أنهى تبجحه ومدّ يده الممسكة بالكأس أمام صديقه وقال :
" خذ...تذوّق...ستنسى الهموم....لن تندم "

ردّ عليه بثقة أقرب للتعالي :
" لا هموم لديّ ولن تكن لأنني استخدم عقلي ولست مثلك طائشاً بلا هدف....أعدك ان احتجت يوماً أن أنسى سأجربه حينها !!.."

فزّ عن كرسيه بعد أن شعر بالاختناق من روائح المكان المخلوطة بين الدخان والنـبيذ بأنواعه بالإضافة للمأكولات....اقترب منه يسحبه وهو يترنّح في مشيته , يريد من يدعمه لئلّا يسقط!!...غادرا الملهى متجهان الى شقة (كرم) للمبيت فيها...

~~~~~~~~~~~~~~

اضاءة خافتة ...نغمات كلاسيكية هادئة مع رائحة الفانيليا المنتشرة بالأجواء لتريح الأعصاب في أكبر مطاعم هذه المدينة الساحلية شهرة لإطلالته الساحرة على البحر ....يجلس بكل فخامة , تغطرس وأُبّهة السيد (عاصي رضا) وبجانبه حرمه المصون السيدة (سوزي) بكامل أناقتها المفتعلة وبالمقابل لهما السيد (رائد السيد) وزوجته السيدة (اسراء) اللذان لا يقلّان عن مرافقيهما تملّقاً وغروراً ....يتناولون العشاء الفاخر الذي لا نهاية لأصنافه العالمية من المطبخين الشرقي والغربي ...يجتمعون للاحتفال بتوقيع صفقتهم الجديدة التي ستغدق عليهم بالكنوز الظمآنين لها وينتظرونها باللحظة بل بالثانية بفارغ الصبر وكأنهم مسلوبو المال والعزّ ينامون على أزقة الشوارع في البرد , جياع لم يتذّوقوا لقمة وستهلّ عليهم النِعَم الآن أولئك المساكين !!!؟؟؟...يتبادلون الأحاديث العامة , لا يهكلون همّ دنيا أو آخرة , ينتقلون لأحاديث العمل التي لها النصيب الأكبر من وقتهم ...مزاحات وضحكات بمداهنة وتزلُّف ليخرج من بينها بصوته الجهوري الخشن , السيد (رائد) يبدّل الأجواء ويقلب دفّة الحديث, يحوّلها لخاصة بثقة تليق بمكانته الرفيعة فهو نشأ على الّا يرفض له طلب :
" أخي عاصي ... لم أجد وقتاً مناسباً وجميلاً أكثر من الآن لأفاتحك بالموضوع عسى ألّا تردني خائباً بعد سنواتٍ ليست بقليلة من العشرة والصداقة "

نصب قرون استشعاراته...سرت دغدغة في عروقه ...قوة حدسه تخبره بأن الموضوع الذي يتمناه آت ...تنحنح وردّ بتصنع وتغابي :
" تفضل اخي رائد ..انا في الخدمة.."

وضع السكين والشوكة من يديه...أمسك بالمنديل الموجود بداخل الكأس الزجاجي الفارغ...مسح أطراف فمه بحركة الطبقة المخمليّة وقال بصوت جدّي متزن :
" يشرفني طلب يد ابنتك ألمى لابني صلاح .."

عدّل جلسته وأضاف على الفور :
" أنا أعلم انها ما زالت صغيرة وينتظرها مشوار طويل لذا ان وافقت ستكون فقط خطوبة الآن دون زواج رسمي حتى بلوغها العشرين ..."

تنحنح وأكمل:
" صراحة لا اريد أن تضيع من بين أيدينا تلك الأميرة الجميلة...ما رأيك ؟"

ارتسمت بسمة على ثغره , حاول السيطرة عليها ومسك نفسه عن الاندفاع بلهفة وأجاب كاذباً على نفسه :
" هي ابنتك ولا تغلى عليك...فقط امهلنا بعض الوقت لتهيئتها واستشارتها بالموضوع...فأنا لا اريد اجبارها على شيء لا تريده "

همست (سوزي) بفحيحها:
" لا أظنها سترفض !!...فصلاح هو أفضل صديق عندها وألف واحدة تتمناه...لا ينقصه شيء !"

تبسّمت (اسراء) بمجاملة وردت بغرور:
" بالطبع ابني كذلك...لكن ألمى ليست بأقل منه ...وكأنهما خُلقا لبعضهما ....كم أتمنى ارتباطهما اليوم قبل الغد !"

كان (عاصي) يستمع لهم وفكره شارد , يعيد حساباته ...من المحتمل أن ابنته المدللة ترفض!!..اذا رفضت سيخسر أكبر حليف له , وشخص بمكانته لا يكرر كلامه مرتين ,انه متكبّر وذا كبرياء لدرجة كبيرة!!..وها هي زوجته تتبجح بتبختُر وعجرفة وكأن لم يخلق في الكون مثله !!...فلمجرد المماطلة حتى اقناع العنيدة والتي مع قربها لـ (صلاح) إلّا انها لن تقبل لسبب وحيد وهو دراستها !!...وهذا ما هو بصدد عن مواجهته .....هو أدرى بمصلحتها فعندما يجتمع مالهما معا ستصبح اموال لا تأكلها النيران وهكذا سيضمن مستقبل ابنته وأحفاده للنسل السابع !!...ولن يضطروا للعيش مثله سابقاً بفقر مضني... فهو ورث عن أبيه الشقاء والإفلاس حتى كبر ونهض بنفسه .... صراع بين الاقناع والرفض....اذاَ كيف سيتصرف غير أن...


" موافق...أتشرّف بكم"

نطق بها على مسمع الموجودين ليعطي كلمته بالنهاية....

~~~~~~~~~~~

استقبل السيد ( سليم الأسمر) أهلي في مطار عاصمة الوطن ليستضيفهم في بيته بالمدينة القريبة منها والتي تقع على الحدود الغربية ليسلّموا على جدتي وعمتي ولتناول وجبة العشاء معهم .....
بعد وصولهم بالسلامة , رحّبت بهم عمتي (لبنى) واحتضنتهم بدموع الفرح والاشتياق ثم وجّهتهم الى غرفة جدتي التي باتت مقعدة لا تتحرّك من سريرها إلّا بمساعدات وذلك من حزنها يوم فقدانها لأبي ولم يتبقَّ من صحتها الّا العقل الذي يخونها أكثر الأحيان لدرجة تنسى من هي!!....لحسنِ حظها وحظهم كانت في حالتها الطبيعية هذه الليلة فطلبت من شقيقيّ الجلوس على جنبيها , تمسك يديهما , ترفع يد ذاك تارةً لتقبلّها مع نظرات حنونه وعينين تلمع بلهفة وحنين ثم تنقل وجهتها للجانب الآخر لترفع يد تلك وتقبّلها وهما تغمرهما السعادة برائحتها و خاصةً (شادي) الذي لم يذق يوماً نعمة وحلاوة وجود الجدّة في الحياة.....
بعد لقاء دام ساعتين مليئتين بحكايات الماضي والحاضر والذي لم يخلُ من سيرتي لجدتي وعمتي اللتينِ تتوقان لرؤيتي لانهما تران بي والدي شكلاً وروحاً.....غادروا معه وبرفقة عمتي متوجهين الى أجمل بقعة في الوجود الى مدينتنا الجبلية ....عند اقترابهم منها وعندما أصبحوا على مشارفها , رفعت أمي رأسها تستنشق هواءَها وهي تسبل جفنيها تستشعر نسماتها وكذلك شقيقتي أطلّت برأسها من النافذة تتأمل أشجارها المرتفعة الخضراء المضاءة بنور القمر وطرقاتها التي جعلت قلبيهما يتراقصان على نغمات صرير احتكاك العجلات مع الحصى من تحتهم لتُعزف ألحان العودة بكل إصرار وتحدي شاء من شاء وأبى من أبى ....أما شادي ينظر مندهشاً من طبيعة بلادنا وكأنها قطعة من السماء اختصّها بنا الله... ففي بلاد اللجوء كانت المدينة مزدحمة بالبنيان المرصوص بين الحديث والقديم ولم يكن سوى البحر بطبيعته...
أخرج نصف جسده منتصباً من النافذة , مغمض العينين وبسط يديه رافعهما كطائر يرفرف بجناحيه عائداً من الهجرة والهواء يلفح وجهه ويداعب شعره الناعم وصرخ بحماس بدمه الذي عرف بلاده :
" ما أجمل بلادنا يا أمي "

شقت ثغرها ابتسامة صاحبتها لمعة بعينيها ...لمعة حب وحنين , وهي تقبض بقميصه من خلفه حرصاً عليه هامسة :
" نعم ..هي كذلك بنيّ...لن ترَ أجمل منها في كل بقاع الأرض "

×
×
×

وصلوا القصر المُنار بمصابيحه الخارجية التي تعتلي جدرانه وفُتحت لهم البوابة الضخمة لتدخل المركبة الى ساحته ...فنظرت أمي بتوجس بعد أن توقفت و قبل ان تترجل منها ,سائلة :
" كأنه لم يتغير به شيء قط !!...كيف ذلك ؟؟ "

ضحك ضحكة خفيفة السيد (سليم) وأجاب بهدوء مفتخراً :
" سامي.....سامي صديق هادي كان في البداية يأتي ليعتني بالنباتات وينظّف الحديقة من أوراق الشجر...بعدها حصل على هاتفي وطلب مني اعطاءهُ مفتاح القصر ليهتم به من الداخل , لكني رفضت وأخبرته أن يطلب ذلك من هادي عندما نجده ونتواصل معه....وبالفعل هذا ما حصل حتى يومنا هذا لتجدونه كما تركتموه !! "

مسحت دمعه سقطت من عينها رغماً عنها , حامدة الله على الصحبة الصالحة التي أنعم الله بها علينا ....
بعد أن ترجلّوا من المركبة , اقترب من كان واقفاً جانباً ومن فتح لهم البوابة هاتفاً بأدب ونظره للأرض :
" حمداً لله على سلامتكم خالتي أم هادي "

تبسمت قائلة برضا وخجل من معروفه :
" سلّمك الله ورضي عنك بنيّ...لقد أتعبت نفسك ...ما كان داعي لكل هذا "

" لم أفعل شيئاً خالتي ...لو طلب هادي عينيّ لوهبتهما له "

قال جملته لتلوي شفتيها بازدراء الواقفة بجانب المركبة تحمل حقيبتها الصغيرة , تشيح وجهها عنهم , شاتمة في سرّها " أشقر وغليظ ".....التفتت نحوهم على صوت الهاتفة :
" هيا يا دنيا اقتربي لتشكري سامي خطيبك..."

تأففت بحنق ضاربة قدمها بالأرض قبل أن تتقدم مجبرة فهي لا تستطيع قول شيء أو العناد خاصةً أن السيد ( سليم) موجود بهيبته .... فانتبه لحركتها من كان يحاول السيطرة على الّا ينظر لها لكن الفضول سحقه فقال في نفسه متوعداً بابتسامة مائلة ماكرة " اذاً سنبدأ بترويضك يا صاحبة اللسان الطويل وعينيّ الشهد "...

×
×
×

انتهت الليلة باتفاق سريع بين السيد (سليم ) و (سامي) بتحديد يوم لطلب يدها رسمياً مع عقد القران على بركة الله ليتولّى مسؤوليتهم في غيابي....

~~~~~~~~~~~~~

ينظر مرةً الى ساعته الفخمة بعــقاربها التي لم تشأ أن تتزحزح عن الثامنة والنصف صباحاً ...ثم يرفعه مرةً أخرى نحو الباب الواسع تحت اللافتة المكتوب عليها * القادمون من كندا *....يرتدي بنطالاً من الجينز الأسود مع بلوزة نص كم شبابيه بلونها الرمادي وحذاءً رياضياً مماثلاً للبنطال...يتكئ بذراعيه مع انحناءة خفيفة بظهره على الجدار الحديدي الذي يفصل الوافدين عن المغادرين , يثبت قدماً على الأرض والآخر يدخله بين قضبان الجدار ....دقائق قليلة ولم يكن من الصعب تمييزها بين الجموع وهي تتقدم مطلّة بسحر جمالها ووجهها المشع كالبدر وشعرها المنسدل على ظهرها وقسم منه يحتل كتفها لينزل براحة على صدرها حتى يصل خاصرتها بسواده الليليّ كشلالٍ منساب من قمة الجبل الى الوادي بصفائه ...غرّتها تفرّ من تحت نظارتها السوداء , المثبتة على رأسها لتتدلّى على جبينها , تعلن تمرّدها على صاحبتها ...ترتدي بنطالاً ضيقاً من الجينز الأزرق الباهت مع بلوزة بيضاء ترسم تفاصيل جسدها الانثويّ ..تنتعل حذاءً أبيضاً, رياضياً بأرضية مرتفعة وتعلّق على ذراعها حقيبتها الصغيرة ..تخطو باتجاهه ملوّحة له بيدها التي تمسك الهاتف....انشرح صدره لملقاها ..ابتسامته تصل من أذنه الى الأخرى ...قلبه ينبض بحب متلهفاً ...
هتفت على بُعد امتار بحماس:
" صلاااح ...أنا هنا "

ما من داعي لترشده !!...فحدقتيه اجتازت الفاصل الحديدي والناس والأبواب وكادت تخترق الجدران والأجهزة الأمنية لتركب الطائرة وتعبر القارات من أجل عينيها اللتين لا يرى غيرهما وسط الحشد الكبير ..!!...لكنها ساذجة !!....لا تستطيع ترجمة نظراته لها واهتمامه بها .....دنت أكثر منه ولا يفصلهما الّا قطعة الحديد المتطفلة...صافحا بعضهما وهمس لها بلطف:
" أنيرت البلاد بالقمر القادم لنا "

ضربت كتفه وألقت شعرها للخلف وهمست بِدلال :
" ما كل هذا الغزل ؟"

تابع ينثر كلماته :
" لم يكن على أمك أن تنجبك بكل هذا الجمال "

اطلقت ضحكة خفيفة وتوجهت وهو يتبعها لإكمال باقي إجراءات الخروج....

×
×
×

استقلّا سيارته الرياضية الحمراء وانطلق بها مسرعاً الى مدينتهما الساحلية البعيدة ....مدّت يدها للمسجل تشغله فوجدت اغنية اجنبية يحبانها كلاهما ...ضغطت على زر قرب المقود ليفتح السقف من فوقها ...بدأت تتمايل مع الالحان وشعرها يتمايل مع الهواء لتتلامس أطرافه مع الجانب الأيمن من وجهه وهو يحاول أن يلتقط بأنفه ,عبيره المشبّع بنكهة الأناناس...يسترق النظر لها بين الفينة والأخرى وقلبه يتراقص بين ضلوعه فرحاً وهو يتذكر لحظة اخبار والديه له بموافقة (عاصي رضا)....
عند اقترابهم من المدينة ...بدأ يخفض سرعته ولمّا وصلا مركزها...رفّ فؤادها في نقطة معينة لا تجهلها ولن تنساها ...قانون الجاذبية بدأ يدق أبوابها ...قشعريرة جسدها ستفضحها...الفضول يقف لها بالمرصاد , يحجب عقلها عن أي تفكير منطقي ...انشطرت الى نصفين ...احدهم يقول لها " هيا ألمى ..اطلبي...لن يحصل شيء...فقط ستمرّين مر الكرام"..والآخر ينهرها " ايّاك...احذري...ستجلبين لنفسك الشبهات وتندمين.."...واحد اثنان ثلاثـ..
" صـــلاح "
نظر لها يرفع احد حاجبيه بتأهب من نبرة صوتها المرتبكة ثم قال :
" ما بكِ...ماذا تريدين ؟"

ابتلعت ريقها وهمست بتلعثم :
" خـذ....خذني ...إلى .."

قاطعها بنظرة خاطفه ليعيد تركيزه الى الشارع وقال بتوجس:
" أين اخذك ؟"

استجمعت قواها لاقطة أنفاسها هامسة :
" الى المخيم...مخيم أمي.."

تيبست ملامحه وشد قبضتيه على المقود صارخاً بصوت حاول التحكّم بنبرته :
" لـمَ ؟...ما المناسبة ؟"

احتضنت حقيبتها ناظره للأمام لتهرب بعينيها وردت كاذبة تثير عطفه بنغمة حزينة:
" هذا المخيم الخاص بوالدتي ...لو طلبت من أبي لن يقبل...اريد أن القي نظرة.."

استدارت بجسدها نحوه, تضع يدها على ذراعه وتابعت بنفس النغمة :
" ارجوك صلاح...ارجوك"

هو كان يعلم سبب طلبها !!...دمه ثائر في منابعه لكنه يحاول رسم ملامح هادئة ...حاول اقناع نفسه بنفسه "ربما تكون الأخيرة ....ربما اقابله واضع حداً له ذاك المتشرد ".....
هذا على حسب ظنه !!....فكر بدهاء ...إذا منعها سيخلق فجوة بينهما وستحقد عليه وهذا سيبعد إمكانية تقبّلها خطبته لها !...قرر الانصياع مجازفاً مظهراً لا مبالاته....
عندما وصلا المخيم ...اتسعت عيناها , تنظر للمكان باندهاش...فتحت الباب , تنزل ببطء...تتقدم خطوة خطوة...تتأمل التغييرات التي طرأت عليه...تقول في نفسها "يا الله..هل غبت عمراً طويلاً ليحصل كل هذا؟"....اجتازت بوابته وهو من خلفها يتبعها باشمئزاز وتعالي على المكان....حاولت أن تمر بين البيوت وهي تستعيد طريق الخيمة في مخيلتها وحدسها يساعدها على ذلك...لحظات وظهرت لها , مكانها شامخة من بين الغرف الاسمنتية ..جحظت عيناها وشعرت بلسعة في قلبها ...اقتربت علّها تسمع صوتاً من الماضي يستقبلها ...دنت اكثر لتجدها فاقدة الحياة لا أنفاس ولا نبضات بها...استدارت تسحب خيبتها , خافضة رأسها فاصطدمت بصبي لترفع رأسها وقبل أن تسأل او حتى تشتم , لحقت به امرأة وحدّجتها بنظرات غريبة تقيّمها لمعرفتها بانها زائرة وليست من قاطنيه ...فهتفت بفضول:
" تفضلي يا ابنتي...هل استطيع مساعدتك؟؟"

حرّكت حدقتيها تبحث عن (صلاح) ...لتقدّر المسافة التي بينهما ان امكنه سماعها وعليها المراوغة ام تستطيع سؤالها مباشرة دون ان يفهم...!!...لمّا رأته منشغلاً بهاتفه جانبا سألت على الفور:
" اين أصحاب هذه الخيمة ؟!...اقصد السيدة ام هادي وعائلتها؟؟.."

شردت لوهلة بحزن والتي لم تكن سوى جارتنا السيدة(فاطمة) وأجابت بألم الحنين تخفض عينيها:
" آه يا ابنتي كم نشتاق لهم....تركونا من سنوات ...ليسعدهم الله أينما كانوا ...لكن ابنهم هادي يزورنا بفترات متباعدة من حينٍ لآخر وحتى انه هذه المرّة أطال الغيبة ...أتمنى ان يكون بخير !!"

أعادت نظرها تحملق بها وتابعت بفضول:
" من انتِ؟...ملامحك لا تخفى عليّ وكأنني رأيتك سابقاً ؟"

امالت زاوية فمها ببسمة منكسرة وقالت:
" انا ابنة شقيقة فاتن .."

شهقت متفاجئة وردت بسرور:
" نعم ...صحيح...تذكرتك ..ابنة الوزير السابق...نعم انت تشبهين والدتك رحمها الله"

أومأت برأسها ايجاباً وعادت بجعبة فارغة كما جاءت للواقف منتظراً ليكملا في سبيلهما الى قصر العنكبوت....

×
×
×

جَلَبة في قصرهم...فرحة عارمة...تجهيزات آخر فخامة من زينة وغيرها ...ازهار نادرة وثمينة وشموع من بداية الحديقة الى مدخل القصر... احتفالاً بعودتها وكأنها تخرجت من الجامعة بتفوق...كانت هذه التحضيرات مشتركة من قلبين يحبانها بصدق وما هما الّا خالتها ووالدها....دخلت بانبهار وارتمت بأول حضن قابلها ...حضن خالتها المتلهفة لرؤياها...ضحكات تصاحبها دموع الفرح ليقترب والدها يفتح ذراعيه ليضمها لصدره يقبّل رأسها ويسيرا معاً وهي تحاوط خصره ملتصقة حتى وصلت للجالسة تنتظرها ولم تقوَ للسير نحوها بسبب مرض عظام أصابها أدى لضعف بساقيها...فهي تأخذ إبر بالكاد تساعدها على السير خطوات قليلة واهنة....اندفعت تجلس القرفصاء أمامها ...تمسك يديها ..فحررت الجالسة احداها ووضعتها على شعرها تمسّد عليه بحنان وعيناها اغرورقت بالدموع هامسة لها :
" اشتقت لك صغيرتنا واميرتنا ....كم اصبحتِ شابة جميلة....وكأن والدتك رحمها الله عادت الينا.."

انهمرت الدموع من سماء عينيها المحمّلة بمشاعر مكبوتة من سنين بين التوق والشوق لهم والألم على فقد والدتها...اتكأت برأسها جانبا على ساقيّ مربيتها وهمست بأسى :
" آه خالتي سهيلة لو تعلمين مدى اشتياقي لكِ واحتياجي لحضنك وكلماتك الحنونة..."

رفعت رأسها وتابعت تسال بقلق:
" كيف انت الان؟؟...هل تشعرين بالألم؟"

أجابت مبتسمة بحنوٍ:
" الحمد لله على كل حال بنيتي....هذا قضاء الله...علينا الصبر على ما اعطانا ليبشرنا بالخيرات بإذنه.."

بعد قليل تركت الجميع لتصعد لغرفتها التي اشتاقت لكل زاوية بها منذ غيابها عنها لتستريح وتنتظر احتفال المساء...

~~~~~~~~~~~~~~~

ضربتُ المنبه الصغير بجانبي ..لأنه صدع رأسي ...استمريت بالنوم لأسرق دقائق أخرى دون وعي ما الوقت الآن.....انقضت ساعة أخرى على هذا الحال وانا ما زلت اشعر باحتياج اكبر للنوم...اريد ان اشبع منه ...لقد سهرت كثيراً الليلة الفائتة...ليس بسبب دراستي فلقد انتهيت منها منذ سنتين ولا بسبب صفقة عملت عليها طوال الليل .....انما سهرتُ حاملاً سمائي بين يديّ أتوعد لها بعد معرفتنا بموعد قدومها اليوم الى هذه البلاد ...مشاعر مختلطة داهمتني ...بين انقباض القلب وانبساطه وبين رجاحة العقل وغبائه...اتساءل ما الخطوة القادمة وماذا ينتظرنا من المجهول ..!!
دخلتْ من استغربت تأخري في النزول للإفطار...دنت من فراشي بحنان تجلس القرفصاء , تمسد على شعري القصير هامسة برقة:
" انهض عزيزي هادي...الساعة اوشكت على العاشرة.."

فززت جالسا دافعاً الغطاء عني .. لا أعي شيئاً ودوار يلازمني ...التفت من حولي افرك عيني لاستوعب اين انا وبعد برهة من الزمن , همست بصوت اجش:
" اشعر بالدوار خالتي...لم انم جيداً"

قالت بنبرتها الحنونة:
" حسنا بنيّ ...يمكنك الاستمرار بالنوم ...ساتركك ترتاح قليلاً فباقي ساعتان لصلاة الجمعة .."

" لا خالتي....سأستحم واخرج ...لديّ مشوار وبعدها اذهب للصلاة.."

لوت فمها غامزة بمكر هاتفة:
" هل المشوار يخص صاحبة العقد الملقى على فراشك ام شيئاً اخراً؟"

حككت عنقي بتملص مغمضاً عيناً وفاتحاً الأخرى ببسمه مائلة محرجاً:
" لا ابداً....مشوار اخر..سأخبرك به عند عودتي....اما هذا اخرجته لأتذكر مهمتي..!!"
ثم نهضت موليها ظهري مدبراً للحمام أجهز نفسي....

×
×
×

بعد خروجي من البيت اتجهت الى شقته , أقف خلف الباب , انتظر فتحه...

" يامن..؟"

نطق اسمي متفاجئاً من وجودي وتسمّر فارغاً فاه ..جاحظ العينين للحظة وهو يرتدي بنطالاً قصيراً وقميصاً داخلياً بشعر اشعث..

هتفت ساخراً منه:
" هل ترى شبحاً امامك ا؟؟....ام انني امسكتك متلبساً يا هذا ؟....الن تدعوني الى الداخل..؟"

أرخى ملامحه عائداً الى الواقع وقال متثائباً بكسل متهكماً:
" ادخل ...ادخل....هذه لحظات تسجل بالتاريخ...السيد يامن الهاشمي بفخامته يزور بنايتنا..."

ضربته على كتفه بقبضة يدي وقلت ببرود:
" أولا نحن لوحدنا ...قل هادي....ثانياً انت من كنت تمنعني من زيارتك بحجة انها شقة اعزب وحالها يرثى له.."

ولجت الى الداخل أجلس على اريكة في وسطها وفوضى عارمة تحيط بي...بقايا اطعمة وملابسه العمل ..كل قطعة في جهة ...بيت بسيط جداً...
أقبل اتجاهي بعد ان بدّل ملابس النوم وضحك ساخراً من نفسه :
" لا تهتم للزلزال من حولك ..ستأتي غداً عاملة النظافة "

احنيت ظهري متكئاً بمرفقيّ على ساقيّ شابكاً اصابعي وقلت:
" لمَ لم تنتقل الى شقة أخرى؟...لقد قبضت مبلغاً محترماً فور التحاقك بشركتنا وتأخذ معاشاً يمكّنك الإقامة بأحد الاحياء الراقية..والقادم اكثر بإذن الله.."

أجاب :
" اريد ان اشتري الشقة في بلادنا بعد ارتباطي بابنة الحلال لنختارها معاً وندخلها سوياً...اما هذه فتليق بأعزب فوضوي مثلي.."

تنهد ناظراً للسقف فاقدا الأمل مردفاً:
" آااه ....لكن اين هي ابنة الحلال تلك ؟"

قلت مهتماً بجدية:
" الم تجد لك والدتك واحدة الى الان ؟"

أجاب محبطا:
" يبدو ان ارتداء النظارة لا يناسب ذوق الفتيات في هذه الأيام.."

قاطعته بحدة:
" ثق بنفسك بلال...اصبحت بالخامسة والعشرين وما زلت لا ترى نفسك ونجاحاتك...لربما هن الخاسرات ولربما سيرزقك الله بالأفضل لك...لا تيأس من روح الله "

أسندت ظهري الى الخلف واضعاً ساقاً على الاخر وقلت مبتسماً:
" سأعرّفك على عروس جميلة , خلوقة , ترتدي نظارة تزيدها جمالاً وبراءة .."

قفز متلهفاً لم يصدق ما سمعه وكأنه طفل صغير وعده والده باصطحابه لأكل المثلجات وهتف بسعادة وفضول :
" من ؟..اين؟...ماذا تنتظر ؟...هيا خذني اليها "

ضحكت لظرافته واردفت قائلا:
" مهلا يا هذا....اثبت مكانك...أتريد ان تفضحنا بلهفتك هذه؟......على كل حال انتظرني مساءً حتى اخذك للتعرف عليها وعلى عائلتها.."

نهضتُ من مكاني بكل ثقة ,هيبة ووقار وأشرت له بسبابتي من اعلى الى اسفل آمراً:
" تأنّق جيداً واشترِ باقة ورد تليق بها .."

اخذتُ طريقي خارجاً من الباب , تاركاً صديقي بلال ليعيش فرحته سائلاً الله ان تكتمل لانهما يستحقان الأفضل كلاهما...

×
×
×

في المساء مررت اليه مجدداً لاصطحابه الى منزل الفتاة ..كان يرتدي بنطالاً من القماش الأسود مع قميص ابيض لاق بجسده الذي تحسّن بعد اشتراكه بنادي اللياقة البدنية ...شعره الأسود مصفف بأناقة ونظارته التي لا تفارقه بزجاجها الشفاف من غير اطار التي ابرزت الخضرة في عينيه , ممسكاً بباقة كبيرة ,جميلة من الورد الملوّن وتوجهنا الى عنواننا ..
دقيقتان وفتحت لنا الباب ...فقفزت بلهفة صارخة :
" أخـــي هاادي عندنا .."

التفتت الى الداخل تنادي على القريبة منها :
" تعالي سلمى ..جاء لزيارتنا اخي هادي "

والقت بجسدها الصغير بين احضاني تسألني عن شقيقها بالرضاعة (شادي)....لحقتها الأخرى لتطلّ من الباب وهي ترتدي أسدال الصلاة الموردة بالأحمر بخلفية سوداء ونظارتها مثبتة على عينيها السوداويتين الكبيرتين الجميلتين اللتين تحفهما رموش كثيفة , فرمقها الواقف بجانبي بنظرة اعجاب بكل جسارة ...وماذا كنت أتوقع من شخص متلهف للارتباط؟؟!!....وددت لو ضربته على عنقه ليتصرف برزانة وهيبة لكني مسكت نفسي محافظاً على كرامته امامها ...اما هي نظرت لي ومن ثم له بلا مبالاة دون ان تنبس ببنت شفة...طال الصمت والانتظار على الباب فتنحنحت مستأذناً:
" هل سننتظر هنا كثيراً يا سلمى ؟"

رمشت بعينيها هامسة بحياء:
" تفضل اخي هادي انت والسيد...البيت بيتك"

بعد ان دلفنا الى الصالون رحّبت بنا الخالة (ام سلمى) ترمقنا بنظرات استغراب وفضول...قدّم لها (بلال) باقة الورد باتزان وابتسامة نقية كنقاء قلبه ...تبادلنا الاحاديث وبدا في عينيها الحزن من وحدتهم بعد عودة اهلي للوطن وكذلك انشغال خالتي بزوجها....تركتنا لتقدم القهوة فأحنى ظهره نحوي مبتسماً , هامساً بتوتر :
" ما هذه الفتاة يا اخي...وجهها كالبدر ما شاء الله.....يارب اكتب لنا النصيب..فانا اثق باختيارك "
قاطعتنا بقدومها تحمل القهوة لتضيفنا ......بعد انتهائنا من شربها , فتحت الموضوع مباشرة من غير لف ودوران , معرفاً على صديقي ...فهو عيّن المسؤول عن كل ما يخص الالكترونيات والبرامج المحوسبة والشبكة العنكبوتية بكاملها في شركتنا بالإضافة بما يخص عالم الحاسوب في المعسكر خاصتنا لتفوقه بهذا المجال الذي ابدع به بحق لشغفه له...وهو يعيل والديه البسيطين واخته الصغرى ابنة العشر سنوات وتمنى الزواج لأجلهم , لتكون له زوجة تساعده بالاعتناء والاهتمام بهم ويفكر في العودة لبلاد الأم للاستقرار بها وسيعمل في شركاتنا وهناك يملكون أراضي زراعية , تركوها ونزحوا قبلنا الى هذه البلدة هروباً من دمار الحرب وأهله يقطنون في بناية تتواجد بها عمته المقيمة هنا في مدينة مجاورة ...شرحت لها كل هذا وبعدها أدليت بطلبي بكل احترام بما في ذلك ان بارتباطهما سيعدن للوطن وتركت لهن المجال ليقررن على راحتهن وان تعلماني بذلك في اليوم التالي....

×
×
×

تحدّثتْ مع ابنتها ولم تعارض مبدئياً لربما لأن صديقتها فعلتها من قبلها وأيضا سيكون فرصة ليجتمعن بعائلتي , لكنها لم تتسرع بالإجابة ايضا وارادت الاستخارة وحسبها ستقرر...!!

~~~~~~~~~~~~~

بسط الليل رداءه وأُشعلت الأضواء في قصر العنكبوت ليستقبلوا المقربين منهم ليشاركوهم فرحتهم بعودة اميرة القصر وفي حفلة يوم ميلادها خاصة...
ارتدت (ألمى) فستاناً باللون الكموني , بسيط التصميم , ثمين السعر , طويل الهيأة بأكمام ضيقة تصل المرفقين , يلف خصرها النحيل حزام جلديّ بلون التراب مع حذاء بكعب عريض يتناسق مع لون الحزام ....شعرها مطلق على ظهرها ويطوّق رأسها اكليل ورد ناعم صغير باللونين الأبيض والاصفر تحتار مَن الورد بينهما !...
حضر الحفل الشركاء الثلاثة في صفقة العمر مع زوجاتهم الّا عائلة السيد (رائد السيد) يتقدمهما ابنهما أمير الحفل ليتوّج بجانب أميرته....كان (صلاح) يرتدي حلّة شبابية فاخرة من اشهر الماركات العالمية بلونها الكحلي ....جلسة على آخر طراز لأناس اشتركوا بسفك الدماء وتشريد أبرياء دون أن يهتز لهم جفن!!....
تقلّصت الجلسة في نهاية السهرة لتقتصر على العائلتين ....كانوا يتواجدون في غرفة الضيوف يتسامرون مع قهقهات ....يجلس السيد(رائد) على اريكة زوجية , يضع ساقاً فوق الاخر , يسند ظهره ناصباً كتفيه بتباهي فأشار الى (ألمى) بدلال أبوي هامساً :
" تعالي الى جانبي عزيزتي ألمى.."

تهافت قلبها من طلبه الذي بدا اكثر قرباً وتعمّقاً وكأنهما معتادين عليه من الماضي !!...فمنذ معرفتها بهم كان (صلاح) هو الأقرب لها... أما والديه لا يعنيان شيئاً لها وما بينهما مجرد كلام عابر برسمية .....
نهضت من مكانها بتوجس , تنظر الى (صلاح) , ترمقه بنظرات تساؤل علّه يوضح لها شيئاً لتتصرف وفقه لكن لا تلميحات تصدر منه .....دنت من الذي ناداها وجلست بحياء راسمة ابتسامة مجاملة ثم همست :
" تفضل عمي..."
مدّ يده للجيب الداخلي لجاكيته وأخرج علبة من المخمل الكحلي بكل أناقة وتفاخر...فتحها ليمسك بحذر بأنامله العريضة عقد ألماسي بثلاث سلاسل تتدلى فوق بعضها والوسطى بينهن تحمل قلب ذهبي مرصّع بالألماس ...مسك أطرافه ليقربه من عنقها فابتعدت بعفوية بظهرها شاهقة , معترضة لمعرفتها بقيمته وقالت :
" ما هذا يا عمي ؟؟...أنا لا أقبل....هذا ثمين جدا لا داعي له ..أشكرك "

فأجابها على الفور بهدوء :
" لا يغلى شيء على عروس ابني "

تسمّرت مكانها وكأن أحدهم ضغط على جهاز التحكم ليوقف صورة العرض للحظات...بدأ وجهها يكسوه الأحمر القاتم كميزان الحرارة الذي يصعد تدريجياً حتى يصل الحد الأقصى من الاشتعال وحدقتاها تهتز بمقلتيّها دون تحكّم.....بعد أن قام عقلها بترجمة ما سمعت...أعيد تشغيل الصورة لتتحرك منفعلة صارخة بصدمة:
" مـاذا؟؟ "
وانصرفت بخطى سريعة , تصعد السلالم بقفزات للأعلى لغرفة خالتها(فاتن) حيث تتواجد بها والتي لم تكن تعلم بما يدور في الأسفل من مفاجآت الّا بعد ان صدمتها ابنة شقيقتها بذلك ..!!
القت لها القنبلة وهي تجول ذهابا وإيابا في غرفتها , تحرّك قبضتيها على بعضهما بتوتر , تقترب من النافذة , تضع يدها على خصرها ومن ثم تنزلها , تدنو من الباب تتأفف حائرة , ولم يكن هذا الّا لشوقها واحتياجها لكلمة امل من الجالسة تراقبها ولم تنبس باي حرف من صدمتها!!....تنتظر بصيص رجاء صغير من بين شفتيّها لتنهاها عن الموافقة ولتخبرها بانتظار من طال الشوق إليه وغلّفته بقلبها...لكن ابداً , ما هذا الّا خيال وهمي لا يمت بصلة لواقعها... !!
ثبتت بوقفتها أخيراً مقابلة لها , استجمعت قواها , تمد يدها , هاتفة بجرأة :
" اعطيني هاتفك.."

رمقتها بملامح مبهمة وقالت :
" لم تحتاجينه ؟؟!!"

اجابت :
" أنت ما زلتِ تتواصلين باهل المخيّم وهادي ..أليس كذلك؟"

ردت:
" ما دخل هذا بموضوعنا ؟؟"

قالت في الحال :
" اريد أن اسمع صوته لمرة ..لأستطيع أخذ قراري!!"

هبّت واقفة باستهجان ترميها بكلام لاذع :
" أأنت مجنونة ؟؟...ما هذا الذي تهذيه ؟..الا تخجلين ... هل ما زلتِ عالقة هناك بعقلك الصغير هذا ؟؟....غير معقول ما تفعلينه ....ثم انك لا تحتاجين لسبب للرفض سوى دراستك الجامعية ويكفي!!.."

كانت تشعر نفسها كالدائرة المعلّقة على الحائط بلعبة الأسهم الحادة وخالتها تلقيها عليها بعشوائية لتصيب ما تصيب...بدأت تنزف من الداخل قهراً.... لا احد يفهمها... لا احد يشعر بها ... لا تريد شيئا من الحياة الّا الحضن الآمن والاحتواء ...لمَ يستكثرون عليها هذا ؟!...لكنها قررت قبل عودتها الى هنا ان تكون قوية لا تسمح لاحد بكسرها ولا ان يشمت بضعفها واوجاعها ...فاستعادت رباطة جأشها باحترافية وسمائها تغطيها السُحب التي لم تستطع طردها , كتّفت ذراعيها على صدرها مرفوعة الهامة , تشيح وجهها جانبا بارتفاع رأسها بعنفوان :
" دراستي لا تعيق ارتباطي بأي شخصٍ كان ...أعلم عن فتيات في سني ومَن اصغر مني وهن مرتبطات دون زواج حتى انهاء دراستهن .."

اطلقت ضحكة خذلان مبتورة وقالت :
" اذاً انت موافقة..؟"

اجابت بثقة:
" لم أقرر بعد ...سأذهب لغرفتي واتخذ قراري "

ولّتها ظهرها وخرجت بثبات حتى اجتازت بابها في غرفتها تغلقه وتلقي نفسها على فراشها لترخي عضلاتها وتطلق العنان لكل خلية في جسدها ان تنهار بعيداً عنهم..!!
بعد دقائق عدّلت جلستها وشردت بالأرض!!...بدأت الأفكار المبعثرة تطرق عقلها ...لا تعلم ماذا تقرر!!...كيف ترفض؟..لا تريد خسارة صديقها المقرّب ولكنها لا تشعر اتجاهه سوى بالأخوة والصداقة...تقول في سرها " برفضي أخسره والأكيد انني لن أفوز بالآخر وسيبقى ذكرى جميلة من اعجاب الطفولة البريئة ...لكن!!..لمَ ما البث ان ازيحه من بالي الّا ويعود ليسيطر بقوة على مشاعري ؟!! "....

هي لا تعلم ان كان هذا اعجاب لتعطّش طفلة لأحضان واهتمام وشعور بالأمان من روح ذكورية التي افتقدتها من والدها أم انه شيء أكبر يخفيه لها المستقبل ...كان حواراً , طويلاً وسريعاً في داخلها ....

كانوا في الأسفل كمن سكب عليهم الماء البارد بعد ان تفوّه بهذا من غير مقدمات فقاطع صدمتهم مستغرباً بسؤال:
" ألم تخبروها بالموضوع ؟"

رمقه (عاصي) بنظرات فارغة وتمتم محرجاً من تصرف ابنته :
" لم يكن وقت لإخبارها ...انت ترى التحضيرات التي انشغلنا بها....لكن لا تهتم هي تفاجأت فقط. .."

قاطعهم من كان يجلس يراقب الوضع بصمت ..هاتفاً:
" اسمح لي يا عمي بمحادثتها لوحدنا في هذا الموضوع.."

قال:
" حاول واذا لم تفلح ..لا تضغط عليها واترك الامر لي .."

في الأعلى بعد ان انتهت من حوارها ...اتجهت لتبدّل ملابسها فالتفتت فجأة الى الباب بعد سماعها طرقات خفيفة ..أذِنت لمن خلفه بالدخول وابتسمت مجبرة فهمس لها بصوت متماسك:
" اسمحي لي بالحديث معك .."

اومأت له ايجاباً وخطت نحو سريرها , تجلس على طرفه ثم أشارت له بيدها ليجلس على الأريكة القريبة من النافذة...استجاب لها في الحال ثم تنحنح قائلاً:
" لم اشأ ان تكون معرفتك بهذا بتلك الطريقة من أبي...لكني التمس له العذر بسبب حماسه الكبير...وكذلك.."

رفعت كفها تقاطعه في منتصف حديثه مغمضة العينين وقالت ببرود:
" ليست مشكلتي بأسلوب والدك وحماسه.."

علا صوتها ليصبح اكثر حدّة وتابعت:
" مشكلتي هي انت...كيف اخفيت ذلك ونحن في طريقنا الى هنا معاً وانا اجزم بمعرفتك السابقة لهذا!!...ثم...ثم ماهي المشاعر التي تشعر بها اتجاهي؟...ألسنا أصدقاء وأخــ...."

زفرَ صارخاً بصوت معتدل :
" يكفي.... لا تقولي اخوة...انت من اقنعتِ نفسك بهذا وأنا غير مضطر لأبادلك نفس المشاعر...أفيقي من سباتك...ألم يدلك اهتمامي المفرط بكِ على شيء أقوى وأسمى ؟؟"

أجفلت من صوته وردت بتوتر:
" أ..أنت ....أنت تعلم كم احبك وماذا تعني لي...لكني لم افكر يوماً ان نكون زوجين.."

تابع صارخاً:
" وهل تفكرين في آخر ليكون زوجاً لك؟؟...انت لم تخالطي شاباً غيري لأعلم أين تميلين ...الّا ....الّا اذا ما زلتِ بعقلك الصغير..."

جحظت عيناها واضطربت أنفاسها وسألت بتوجس:
" ما زلت ماذا؟"

حدّق بنظرة نارية بعينيها وقال :
" انت تعلمين جيداً ماذا اقصد ...كفاكِ تلاعب!!..وهل ظننتني مغفلاً بطلبك للذهاب الى تلك البقعة النجسة ؟؟"

لم تتمالك نفسها وأجهشت بالبكاء وهي تحجب وجهها بيديها فاعتصر الألم قلبه لكنه لم يشأ تهدئتها فوراً لعلّها تفوق من سباتها الوهمي وتعيش الواقع بحلوه ومرّه ...نهض بعزم من مكانه ودنا منها آسفاً وقال بنبرة جدّية:
" سأنزل إليهم وأخبرهم ان ينسـ..."

رفعت رأسها بذعر وامسكت كف يده قبل ان يكمل وقالت برجاء:
" انتظر ارجوك....انا تائهة لا اعرف ماذا اقرر...انا اريد ان اعيش حياة جميلة وأريد ان انسى الماضي بآلامه ....لو كنت شخصا اخرا لما ترددت لأنني اعلم اذا ارتبطت يمكنني الانفصال بسهولة ان لم نتفق...اما انت فلا...علاقتنا اكبر من ذلك...نحن متفقون كأصدقاء...وأخشى الّا يدوم هذا بارتباطنا كزوجين ونخسر بعضنا البعض للأبد.."

شقت ثغره بسمة أمل وجلس القرفصاء محاذياً لها , يمسك يدها وهمس بِوله ضائعاً في عينيها :
" اعدك انني سأحاول اسعادك قدر استطاعتي...وان لم نتفق واردتِ الانفصال فسيكون لكِ هذا من غير خسارة لصداقتنا....فقط اعطني فرصة..!!

كفكفت دموعها التي كانت تملأ محجريها وقالت بابتسامة واهنة:
" لكن لن يكون زواج قبل وصولي سن العشرين ..!!"

اومأ بابتسامة محب , عاشق وربّت على كتفها قائلا:
" طبعاً.....انا أيضا هذه اخر سنة لي في الجامعة ومشوار طويل امامي لأثبت نفسي.."

نزلوا يزفّون الخبر لمن كان ينتظرهم على أحر من الجمر تاركين خلفهم التي تعتكف في غرفتها شاردة , مشتتة , مكسورة , لا تعلم اطلاقاً كيف ومتى ستخبر حلفائها بإحباط وفشل مخططهم بالتقرب للمدعو (عاصي رضا).....؟؟!!

~~~~~~~~~~~~~~

هي راحة وطمأنينة يضعها الله في قلب من التجأ إليه في حاجة احتار بأمرها وكانت خيرٌ له....
نهضت من فراشها بخفة لم تعهدها وكأنها تريد ان تحلق بعيداً الى أرض السعادة ...أتاها هذا الشعور بعد ان صلّت ركعتيّ الاستخارة ونامت ....لم تمهل والدتها فرصة لتسالها... بل كانت أول من بادرت في فتح الموضوع من نهايته هاتفة بحماس:
" أمـــي أنا موافقة .."

ابتهجت (ام سلمى) وانشرح صدرها من ردّ ابنتها ..انقضّت عليها تلحفها بجسدها من فرط سعادتها بها...انضمت (سلوى) اليهما تقفز وتحتضنهما دون ان تفهم سر الاحتفال وبعد ان فرّغت طاقتها , هتفت ببلاهة:
" بماذا نحتفل يا ترى؟؟"

نظرتا الى بعضهما وتعالت ضحكاتهما على الصغيرة...ردّت (سلمى) وهي تقرصها من خدّيها الشبيهتين بحبتيّ التفاح :
" سوف تجتمعين مجدداً بأخيك شادي....سنستقر اخيراً بارض الوطن ان شاء الله .."
عادت الصغيرة للقفز مجدداً بنكهة أخرى وحماس أكبر ...وجاء رنين الهاتف ليقطع عليهم احتفالهم هذا...كان الوقت مبكراً للسؤال عن القرار ..حتى كنت انا انتظر اتصالهم ...لكن ما ذنبي وصديقي الأبله يتصل بي من السابعة صباحاً , يلّح عليّ مصمماً لمعرفة ردّهم ؟!...لم ينفك عني الّا بعد وعدي له بالاتصال بهم في العاشرة ....وبعد مكالمتي لهم لم أتوانَ عن مكالمته لأريح باله واخبره بجلب عائلته لطلب يدها وعقد القران....

~~~~~~~~~~~~~~

تتقلّب في فراشها ...بدأت تعود الى واقعها رويداً رويداً لتتأكد انها فعلاً في قصرهم وتحديداً بغرفتها , تحتضن مخدتها في بلادها ....رفعت القسم العلوي من جسدها , اخذت تتحسس غطاءَها , تنظر هنا وهناك بعينين ناعستين ...تنهدت ورفعت يديها تتمطى , ازاحت شعرها المبسوط على كتفيها الى الوراء ....مدت يمناها لتغلق المنبه الموجود على المنضدة جانب سريرها قبل ان يصدح برنينه المزعج !!...وفي هذه اللحظة كأن شخصاً غير مرئي صفعها بقوة بعد انتباهها للخاتم ببنصرها متذكرة ما حدث بالأمس....!!
ألقت الغطاء عنها جانباً...اندفعت خارجة من غرفتها وهي ترتدي فستاناً بيتياً , قطنياً , قصيراً باللون الرمادي الفاتح عليه رسومات كرتونية ...اسرعت بخطاها حافية القدمين ..طرقت طرقتان على باب غرفة خالتها ثم دفعته لتجدها جالسة على كرسيها الخشبيّ جانب النافذة , ترتدي نظارة القراءة والصحيفة بيديها ...دلفت للداخل وتوقفت فجأة فور التفافها نحوها ترمقها بنظرات لا تفهمها ولم ترها سابقا في عينيها !! لتهمس بنبرة منفرة :
" هل هنالك شيء ؟؟"

زلفت ببطء تخفي يدها اليمنى خلف ظهرها وهمست ببراءة :
" صباح الخير خالتي...هل يمكنـ..؟؟"

بترت سؤالها عند رؤيتها النظرات الحانقة , الحارقة اتجاهها ....استدارت بجسدها تخطو الى الخارج منهزمة , فنادتها خالتها بجمود:
" ألمى.."

وقفت ناكسه رأسها تستمع لها دون ان تستدير للوراء...فأردفت:
" اكيد لم تأتي مندفعة لتلقي التحية الصباحية فقط.!!"

التفتت اليها محطمة وهمست متألمة بصوت متحشرج:
" لمَ لم تفرحي لخطبتي خالتي ؟؟"

أجابتها بجفاء :
" وهل يهمك فرحتي كثيراً؟؟...قررتِ ونفذتِ وأنا أتمنى لك السعادة أينما كنتِ وبما اخترتِ...نقطة وانتهى "

خطت اتجاهها تجثو على ركبتيها امامها تمسك يديها وترجوها بضعف:
" انا احتاجك خالتي....ارجوك لا تعامليني بجفاء...لم اعتد على ذلك منكِ."

لم تصبر ولم تتحمل الاستمرار بقسوتها ..رقّ فؤادها لها ...هي صغيرتها التي تحملت الكثير من اجلها ..انسابت دموعها رغماً عنها ألماً على حالها وعلى مصيرها في حياتها البائسة التي تسحبها من مكان وتقذفها بمكان آخر , دون هدف , طائشة , خاوية بمستقبل مكنون المعالم !! فهمست بخفوت بعد تنهيدة هربت من اعماقها :
" آااه صغيرتي...ليرزقك الله راحة البال والسعادة.."

صامتة ودموعها تتكلم عنها , غصّات تختلج صدرها ...لا تعلم ماذا تقول وبمَ تعبّر او ماذا تفعل وكيف تتصرف ...تحدّق وسماءيها غائمتين حزناً عليها وهي لا تعرف الطريق الى الخلاص....

رأفت لرؤية الانكسار بوجه صغيرتها فمدت يدها لتخفض لها رأسها في حضنها وبدأت تمسّد على شعرها , تداعبه بحنان فنطقت الصامتة بكلمات بالكاد تُسمع:
" هذا ما احتاجه خالتي...كأنك تفهمينني من غير كلام!!....كنتُ احتاج لهذه اللحظة بالفعل.."

بعد دقائق قليلة , استقامت واقفة وخطت الى الوراء لتصل فراش خالتها القريب منها ....جلست مقابلة لها وقبل ان تنطق حرفاً , علا رنين الهاتف الموجود خلفها مباشرةً فأجفلت من صوته والتفتت لتتشنج يدها قبل ان تلتقطه بعد رؤيتها اسم يسطع على الشاشة لم يكن في البال ولا في الخاطر هذه اللحظة فسألتها خالتها :
" من ألمى..؟"
نظرت لها ومن ثم الى الهاتف ثم مرةً أخرى لها واجابت متلعثمة وملامحها مندهشة :
" هـ..ها.....هادي يـ.. يتصل بكِ "

نهضت من كرسيها بهدوء مع توقف رنينه وقالت ببرود:
" لم تستغربين؟...انت تعلمين فيما بيننا ....لا بد انه سيخبرني بالجمعية الجديدة الخاصة بالمخيم !!..."

التقطت الهاتف من خلفها لتعيد الاتصال..
" أُسعدت صباحاً هادي......نعم ..هل سوّيت الأمر؟؟

قلت:
" صباح النور...كل شيء جاهز , فقط تواصلي مع السيد ماجد وهو سيعلمك بباقي التفاصيل..."

ظلّت جالسة مكانها دون حراك اثناء مكالمتنا , تحاول الثبات على ملامحها المنبسطة وكأن لا شيء يهزّها...تمد ذراعها أمامها تتأمل خاتمها الملتف ببنصرها لتظهر لخالتها عدم اهتمامها وانها راضية باختيارها ...لكن...داخلها براكين تفور تكاد تنفجر , لتصهر العالم من حولها ... نيران تتأجج لا يمكن السيطرة عليها تحرق الأخضر واليابس...لو ألقت نفسها بالبحر ..لا بل بالمحيط الهادي والهندي والاطلسي والذي لم يكتشفوه بعد لما انطفأت هذه الحرائق المشتعلة في احشائها !!...ترغب بشدة لو تحصل معجزة الآن وتسمع خالتها تقول لها " هادي يسأل عنك...يريد ان يكلمك ويراكِ "...لكن هيهات هيهات ..الحلم شيء والواقع شيء آخر...!!

بعد انتهاء مكالمتنا التي لم تتعدّى الثلاث دقائق , خانها لسانها دون ذنب لها فهذا بفعل الدخان المتصاعد داخلها فقالت بحماقة وبثبات مصطنع وعيناها ما زالتا على خاتمها الثمين:
" صحيح خالتي...لم تجيبيني في الماضي...ماذا يعمل ذلك الهادي...؟"

اجابتها ببرود ولا مبالاة :
" يعمل محاسب...ويلتفت لحياته التي اختارها مثلك تماماً "

اخذت نصف الكلام الأخير ولم تستوعب النصف الذي اهتمت بمعرفته...ولم تعد تتحكم بثباتها المزيّف كاشفة دواخلها هاتفة بصدمة:
" ماذا؟؟...يعني هل خطب ؟؟....لا مستحيل...غير ممكن !.."

ردت بمكر ناظرة لعينيها:
" لا يوجد شيء مستحيل ...ربما سيفعلها قريباً ان شاء الله "

جرّت أقدامها خارجة من غير تعليق مستسلمة رغماً عنها لنصيبها.....

×
×
×

خلال هذا اليوم , اتفقت مع (صلاح) ليرافقها الى احد المجمعات الكبيرة لتشتري ما يلزمها من ملابس وغيرها استعداداً للجامعة ....

~~~~~~~~~~~~~

تم عقد قرانهما وحزموا امتعتهم وما يحتاجون للرحيل دون تضييع للوقت ...قمت انا و(بلال) بكافة الإجراءات الرسمية بما يخص العائلتين وجاءت اللحظة التي يغلقون بها شققهم ويضعون حداً لشتاتهم ولجوئهم بعد عشر سنوات مضت بلمح البصر وكأن الهجرة كانت في الخريف الفائت وأقبل الربيع علينا لتعود الطيور المهاجرة إلى أعشاشها....!!

~~~~~~~~~~~~~~

دخلتُ مكتبه بتوجس ورهبة , وجهي بملامح مبهمة وداخلي تجول الهواجس بعد أن اتصل بي بنبرة مقلقة تضني الاعصاب , يطلب مني العودة الى المنزل في الحال لأمرٍ هام بينما انا كنت في عشاء عمل مع مدراء الأقسام في الشركة....اقتربت من مكتبه حيث يجلس على كرسيه الوثير الضخم , يسحب من سيجارته بنهم ثم ينفث الدخان بغيظ في حالة بتّ اعرفها ..فهو لا يستخدم السجائر الّا اذا كان في حالة توتر شديد..!!....همست بخفوت رجولي بعد السلام :
" خيرٌ ان شاء الله يا ابي ؟!..لقد اقلقتني.."

ألقى ما بيده في مطفأة السجائر الموجودة امامه..يضغط عليها بشدة علّه يحرر من ضغطه الداخلي ثم رفع رأسه متحدثاً بصوت أجش :
" متى موعد صفقة الوغد عاصي رضا بالضبط ؟؟"

رمقته بنظرات استغراب وانا جالساً ناصباً ظهري واثقاً باجابتي:
" بعد اسبوعين...!! لمَ تسأل؟!,,,,هل هنالك خطب ما ؟"

نهض بتثاقل من مكانه بجسده الضخم الذي لم يتأثر من تقدم العمر واتجه للنافذة , يبعد طرف الستار لينظر الى الخارج ثم نطق بصوت جهوري:
" ها هو أتى..."


" من ؟"


" السيد ماجد.."

دلف الينا بوجه شاحب يعتريه الوجوم , معتذراً عن لقائه المفاجئ من غير ميعاد وبعد التحية جلس مقابلاً لي بريبة , نظراته وجلة ليقطعها من كان شديد التوتر هاتفاً:
" نعم ...اخبرنا ما عندك....لمْ تقل لي الّا *يبدو ان مخططنا لا داعي له وسنجد مخططاً آخراً*.....ماذا حصل ؟"

فززتُ منتصباً ,عاصفاً , زافراً انفاسي بسخط , احدّجه بنظرة قاتلة صارخاً:
" مســتحيل...ما هذا الهراء الذي تقوله ؟.....ننتظر أسابيع واشهر دون فعل شيء لتأتوا بهذه البساطة وتقولوا لا داعي له وسنجد مخططاً اخراً لا اعلم كم سيستمر تنفيذه ! ...هل هو ايام او ربما سنوات وسنموت وسيموت الكلب دون اخذ حقنا منه .؟؟!!"

كان يستمع لي بهدوء تام لدرجة انني ظننت انه بارد المشاعر او لم يصغِ لي من الأساس !!.وبعد انتهاء كلامي نفخ اوداجه ضارباً بقوة ذراعيّ الاريكة الجالس عليها بقبضتيه ووجهه محمراً رغم سمرة بشرته وصرخ غاضباً :
" ما بوسعنا ان نفعل وابنته ألمى ستتزوج !! ؟"

نسختنان متشابهتان في ردة الفعل بعد ان اتسعت عيوننا وسكنت حركتنا بأفواه فاغرة من هول ما سمعنا انا وابي (ابراهيم) مما نطق به للتو...لكن تمهّلوا !!....هذه الصورة الظاهرة لكلينا ...أما باطني دقت طبول الحرب لتبدأ معركة عنيفة , دامية , لا قوانين لها , لا ترحم بشراً ولا حجراً بعد قصف قلبي بقنبلة نووية شلّت نبضاته ومشاعره ...أبهذه السرعة سيزوجها؟!...هل سيسلمها لغيري بكل بساطة؟!...لا يمكنه الانتصار علينا!!!...كان هذا تساؤل قلبي المحتضر ليطرق بعدها عقلي بمطرقة المحكمة معلناً..." إياك والاستسلام لمشاعرك الخائنة...هي لا تعني لك شيئا غير صفقة انتقام ..ما بالك انتفضت هكذا كمن صعق بالكهرباء ؟..فلتتزوج وتذهب للجحيم ..يمكننا وضع خططاً أخرى ..تريّث واهدأ أيها الهادي ".....
انتشلني من معركتي صوت الذي قال بصدمة:
" كيف ومتى ومِن مَن ؟..لم يمر أسبوع على قدومها للبلاد !!.....والسيدة فاتن....هل وقفت صامتة , تتفرج او ربما تصفق لها وتهنئها !!؟؟"

أجاب بضيق:
" خطبها ابن رائد السيد فور عودتها والسيدة فاتن لم تكن تعلم بهذا ...حتى ابنته تفاجأت رغم قربها منه وقضائها معظم الأوقات معه "

القيتُ مفاتيح سيارتي بعنف على الأرض وخانني لساني بعد سماعي ما قال وصرخت منفعلاً:
" مســـتحيل ...لن يتم الزواج...سأفعل ما بوسعي ....كلبة ...كلاب.."

نظرا لي ثم لبعضهما دون ان يفهما شيئا من ردود فعلي الغبية فاستأنف بكلامه :
" سيعقدون القران بعد أسبوع ونصف ولن يكون زواج رسمي الا بعد بلوغها العشرين ..اي ستبقى في بيت والدها حالياً.."

ها هو الأمل يزورني مرةً أخرى ولا يتركني.....جيد ....ما زال لدينا متسع من الوقت وفي هذه الأيام القليلة تُبنى بلاد وتُهدم بلاد !!....يجب ان اتصرف بأسرع ما يمكن قبل ان يداهمني الحظ السيء...

رسمت ابتسامة ماكرة وقلت لهما :
" الأمل موجود...هوّنوا عليكما "

سحب السيد(ماجد) نفساً عميقاً وقال:
" الى اين ستصل يا هادي ...ماذا تخطط ؟!"

اخبرتهما بفكرتي التي لاقت استحساناً وتأييداً من كلاهما , سائلين الله النجاح بمهمتنا.....

×
×
×

كان علينا توقيف عقد القران ومنع الارتباط الرسمي قبل الصفقة التي ستقلب لهم الموازين بإذن الله.....


**********( انتهى الفصل السادس )**********


قراءة ممتعه


سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-11-21, 09:31 AM   #90

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,558
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا.صباح الخير شادية ألحان الربيع
"الطريق الجديد"خطوات منظمةةيسير عليهاهادى ومن معه للعمل بالشركة بإسلوب جميل بين هادى وصديقه سامي الذى كان قد التحق بالشرطة تشوبه الدعابة والمحبة.
وألمح بالأفق ملامح لبعض الإستقرار بالوطن
وبين قلق من رجوعهم للوطن بدونه او بقائهم يأتيه الحل من سامي الذى يطلب الزواح من دنيا ليكون من اسرتهم ويحميهم بنفس اسلوب الحوار الجميل الذى كله مودة وحب فالمحن تؤلف بين القلوب.
والمهمة الأساسيةلهادى هي في المقام الاول وعليه ترتيب حياته وفقا لذلك.
"خطي ملكية"نحلم كثيرا ونتمني أشياء وتظل ذاكرتنا تلاحقنا بها ويظل الواقع وإن لم يتفق وآمالنا هو الأقوى .
ألمي تغيرت كثيرا بين قصر والدها الجاف وغربةفي البلاد الباردة في مشاعرها.. العملية في واقعها
وبين زوجة أب مادية وذلك الصديق صلاح الذى فرض عليها وعنصريته في تصنيف البشر وغياب فاتن عن الصورة اللهم إلا بضعة أيام في السنة فتتشوه ملامح الملاك البرئ إلي تلك الشخصية الملكية والتي يجب ان تخضع رغباتها كما تخضع الرعية وايضابنفس الأسلوب العنصرى هم ينتمون لفئة والآخرين البسطاء لفئة اخرى ولذا فلتنزع ذكرى هادى ودفء حضنه من ذاكرتها وقلبها خاصة وأن وضع أبيها بدأ يتحول للافضل بفوز حزبه جنبا إلي جنب مع حزب سليم الاسمر
"اللقاء نصيب" يجمع الموت والقهر والشتات بين صغيرين مثلدنيا وسلمي
يكون الفراق صعبا جدا فالآلام هي من تربط الإنسان بغيره اكثر خاصة مجابهة الموت
ولكن كما جمعهما الله في رحلة الموت ثم في المخيم وبعدها مسكنهم سنينا سيلتقيا ثانية كظن دنيا بالله وهي تضع سلسالايحمل شقي قلبيهماو لها مثله في عنق سلمي لوقت اللقيا والذى يسعي هادى له دون علمها.
تصويرك لمشهد الفراق والسفر دونه جاء صادقا وموجعاجدا علي الرغم من الفرحة للعودة لأحضان الوطن
"وما يعدهم الشيطان إلا غرورا"قوله تعالي ينطبق تماما ومن الآيات الكثير بهذا الصدد بشان الطامعين والفاسدين امثال عاصي ورائد وغيرهم ممن يبيعون شرفهم ووطنهم لقاء المال الذى لديهم منه الكثير بينما الشرفاء يدفعون أرواحهم بلا مقابل فداءا لمبادئهم وقيمهم حتي لو افترشوا الطرقات فقرا وربطوا الاحجار علي بطونهم جوعا
السبيل إلي الثراء السريع ممهد بإغواء الشيطان الذي يزين لعاصي مكسبه الذي سيجنيه من تلك الصفقةالمشبوها وعرض الزواج من رائد لإبنه صلاح فيوافق بلا تردد مع علمه برفض ألمي المسبق ولكنه يظن انه بهاتين الصفقتين ضمن الغني للنسل السابع
وكأنه يضمن عمره أو انه سيعيش أبد الدهر بتحالفه مع الشيطان
"ما أحلي الرجوع إليه"ظاهرة لا نجدها بالعالم الغربي البارد ففي العالم العربي لا نسكن الاوطان بل هي من تسكننا لذا لا يستطيع المرء ان يتنفس الحياة إلا بعبق انفاس الوطن
العربي هو الشخص الوحيد الذى يحمل وطنه بقلبه وياخذ معه الاشياء التي تنتمي للوطن في سفراته العادية فهو يغادر ليعود
عودة اسرة هادى كانت كالغريق الذى مدت له يدا يتشبث بكل قطعة بوطنه عيناه تلتهم مناظرها الجميلة ورئته تتشبع بهوائها وحتي قصرهم حافظ سامي عليه واعتني به في مشهد مجسد ابدعتي فيه حبيبتي
وهذا السامي الظريف المجاهد تنتظره معركة اخرى مع دنيا ليستحوز علي قلبها وإن تم عقد قرانهم
"بقايا من الروح الطيبة"رحلة العودة لألمي واستقبال صلاح له والذى يبدو انه يحبهاولكن مافي النفوس يعلمه الله.
يعرج بها علي المخيم علي مضض بناء علي رغبتها وأظنهابعد ان فقدت أثر هادى وأسرته ستحاول جاهدة أن تنتزعه من ذاكرتها بعد فقدان الأمل
ربما سلسالها يعيده لها يوما هادى وليس يامن وربما قلبها يعرفه قبلها فالقلوب لها اعين وآذان وعيون اكثر شفافية حدسها لا يخطئ
"عودة مرتقبة"ما أجمل الصداقة حينما تكون خالصة لاتشوبها شائبة المصالح .
هي اختيار المرء بنفسه فالأهل لا نختارهم اما الاصدقاء وهي أقوى رابطة نحن من نصنعها نضع أسرارنا وارواحنا بين ايديهم ونحن مغمضي العينبن وليس أجل واعظم من صداقة الرسول الكريم وابي بكر الصديق
وبكل الدفء والجمال تصفين مشاعر الصداقة والاخوة التي نمت بين هادى وبلال علي مر سنوات
وهو يأخذه ليري سلمي التي هي بمحل شقيقته وبلال يرغبها كزوجة قبل أن يراها وبهذا الطلب بشير عودتهم لأرض الوطن حيث يرغب بلال مع إكماله لمهمته التي وهبوا أرواحهم لها
اى أن حسن ظن دنيا بالله في قرب لقيا يتحقق سريهعا ويصدق قول الله تعالي بسورة الصافات"فما ظنكم برب العالمين"
بالفعل يتم عقد القران وتنتهي الإجراءات بعودة الطيور المهاجرة لمستقرها أخيرا
"المصالح تتصالح"لم يكن امام ألمي وهي فاقدة للأمل بلقاء هادى ان ترفض صلاح فتخسر صديقها الذى لازمها في غربته ولكنها تؤجل الزواج.
المشكلة الآن في مخطط يامن المزمع للتقرب من ألمي والزواج بها فهل سيتغير مخططهم أماذا؟
وكيف سيكون شعور هادى وهو ينتظر تلك اللحظة من أجل قلبه وليس مخططهم فقط؟
هي صدمة كبيرة له وسلسالها الذى ظل طوقا برقبته يذكره بها فماذا بعد ان صارت فتاة كبيرة جميلة
وبالفعل الصدمة له كانت كبيرة لمخططهم ولقلبه أكثر
وبعد استعادة هدوئه يخبرهم انه لا داع لتغيير المخطط وانه ليس علبهم سوى عرقلة عقد القران؟
فما الذى ينتويه وهو يامن لو كان هادى لكان الامر أسهل لرجوع المي عن قرارها؟
بانتظار ابداعك حبيبتي أجمل ألحان بالفصل القادم لنرى ما أفرزته قريحة هادى فهو ليس بالهين
سلمت يداكي علي الفصل المبدع والمرحلة الثانية من الأحداث والتي اعتقد ها ستركز علي الجوانب والمشاعر الإنسانية اكثر.
فمع وصول معظم ابطالنا لهذا العمر سيتغير الكثير
إلي لقاء دمتي بكل الخير والود والمحبة

سهام زيد likes this.

shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:14 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.