آخر 10 مشاركات
في أروقة القلب، إلى أين تسيرين؟ (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          الجرح الصامت (7) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب منكسرة (الكاتـب : هند صابر - )           »          بين الماضي والحب *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : lossil - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          كنا فمتى نعود ؟للكاتبة/ الكريستال " مميزة "(مكتملة) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          تسألينني عن المذاق ! (4) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          أرملة أخيه-قلوب زائرة(ج1 سلسلة حكايات سريه) للكاتبة : عبير محمد قائد*كاملة&الروابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          الزوجة الثانية-قلوب زائرة(ج2 سلسلة حكايات سريه) للكاتبة : عبير قائد*كاملة&الروابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree145Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-01-22, 06:27 PM   #91

سارة منصور دوار الشمس
 
الصورة الرمزية سارة منصور دوار الشمس

? العضوٌ??? » 473504
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 396
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » سارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك fox
¬» اشجع ahli
افتراضي


القبلة التاسعة والعشرون
تعالت الدهشة على أفواه الحاضرين بالسرايا وخاصةً منى تدلى فكها السفلي لأسفل بصدمة كبيرة حتي هتفت .
_ بتجولى ايه يا مجصوفة الرجبة اذا كان احنا معملناشي شهادة وفاة ..منين بنك ومنين ضمان ..
قالت موني بذهول تحت دهشة الجميع
_ يعني الكلام ده صوح ؟؟ ابويا واخد جروض من البنك ؟
توترت منى أمام الجميع وقالت بحذر
_ إيوة المحامي جالي إكده .. واتفجنا منعملوشي شهاة وفاة ، كمان ابوك وارث إكتير متخافوشي .. معانا فلوس تسد جوع البلد بحالها .
كان مالك لا تصل الى اذناه أي من تلك الكلمات فكان شاردًا في هنادي التي شلت حركاتها وبقت ترنوا اليه بغرابة فكانا في عالم اخر مليء بالصمت والذهول ولا تصل الفوضى الكلامية التي تحدث حولهما اليهما ، خطي نحوها وهو يراقب اندهاشها الكبير ، وما ان وقف قبالتها ابتلعت هنادي ريقها ولا تزال علائم الدهشة على قسماتها وهى تسمع لهجته الغريبة وعِمته وجلبابه التي تظهر بأنه من البدو، فقالت متسائلة بغرابة وصدمة هي الأخرى لكى تستعلم عما يحدث .
_ هو أنت رحيم ؟؟ صح ؟؟
هز مالك رأسه بإيجاب دون تركيز وقال
_ مالك .
ضيقت هنادي عيناها تتصفح قسماته وهى تخبر عقلها بان يهدا فمن المستحيل أن يكون رحيم ..فغمغمت بتعجب
_ يخلق من الشبه أربعين .
في تلك الأثناء كان الجميع قد أطمئن من كلمات منى التي كان القلق ينتابها من المحامي الذي استعانت به مؤخرا فهل تراه يخدعهم ويقوم بإخراج شهادة وفاة لكى يضرهم جميعا، ولأن زوجها كان لديه أعداء يمكن أن يتلاعبون بالمحامي خلسة حتى يصلوا الى مبتغاهم ، ندمت اشد ندم حين طلب منها المحامى بعض الأموال فرفضت حتي ينتهى من بعد العقود مع المزارعين .
تنهدت وهى تحاول ان تخرج الشيطان الذي يشعل توترها بالتفكير الذي يزيد من أرقها ، ففاقت من شرودها على هنادي التي تقف و تنظر الى مالك عن قرب ، فخطت نحوهما وهى تقول
_ هنادي جابلتى ولد عمك مالك ..هو جوز أمانى ..
التفتت اليها هنادي بصدمة وهى تميل بوجهها الى مالك واليها وتقول
_ بس امانى متجوزة من سلطان ..
عضت مني على شفتاها بحرج ، وقالت مغيرة للموضوع
_ ولادك في الاوضة يا بتي ..
رمي مالك بصره الى هنادي التي لم تعلق على كونها ابنة عمه وظلت صامته وتهرب بعيناها الى الجهة الأخرى ثم تعود اليه بتردد، فصمت هو الأخر معتقدًا بأنه ترك هنادي في مواجهة رياح افكارها .
صعد الى غرفته وأراح جسده على الفراش بتعب فمنذ تلك الليلة وجسده ليس بخير ابدا ، شرد فيما حدث له من أمور غريبة ،فحين استيقظ في ذلك اليوم صباحا انتابه صداعا شديدا جعله ينتفض من الفراش يصيح من الألم ، وذاكرته تعود بالكامل مندفعة بسرعة كبيرة فسقط على ركبتاه يتأوه وجبينه يتساقط منه العرق بطريقة مفرطة حتي فقد الوعي ، وعندما استعاد وعيه تجمعت ذكرياته مع حياته الجديدة التي كانت بإسم رحيم ، الاسم الذي اطلقه عليه ذلك الرجل الذي ساعده في محنته حين وجده مغشيا عليه فوق مقبرة شقيقه ليلا ، فأواه في منزله وقدم له المساعدة بل وصل الامر على أن يتعامل معه على انه من دمه ، فكان يأخذ المال الذي يجنيه من عرقه ويقدمه لذلك الرجل بالكامل عن طيب خاطر ، وكان يخبره دائما أنه قد سد فراغ موت أخيه قليلا على قلبه ..وحين حكي له أنه استعاد ذاكرته لم يتركه حتى اوصله بسيارته الاجرة الى وجهته في الصعيد .
في بادئ الامر اعتقد انها مؤامرة وان احد ما قام بالهجوم عليه ثم ألقاه في المقابر ليلا ،لكن عندنا حكي له سلطان ما حدث لم يستطع ان يصدق ان كل ذلك فعله من أفعال السحرة وان ما تعرض له كان سحرا اسود الذي يجعل الشخص يفقد وعيه ويصور له أمور غير حقيقية .
تململ على الفراش وقد تبادر الى ذهنه هنادي والى كونها ابنة عمه سيد الرجل الذي قتل والده مسموما كما اخبرته والدته قبل وفاتها ، أغمض عينيه بحزن وهو يتذكر بأنه وقف الى جانبها وقام بحمايتها من الرجل الذي تطاول عليها بالضرب في حين ان والدها قد حرمه من ابيه .
***
دلفت هنادي باشتياق الى اطفالها لتأخذهم في احضانها بقوة ، شعرت في تلك اللحظة انها قد شحنت طاقتها من جديد بعناق تلك الايادي الصغيرة ، جلست على الفراش وهى تقبلهما بحنان وظلت معهما حتي ناما على صدرها تغمرهما بحبها الكبير ، رفعت بصرها الى سقف الغرفة بشرود في امر مالك هذا وكم الشبه الكبير بينه وبين رحيم الذي جعل جسدها ينتفض بقشعريرة ..لتقول بذهول لنفسها
_ لو بس يقلع العمامة دي ويلبس كاجول هيبقي نسخة منه ..لولا لهجته دي كمان لكنت افتكرته هو ..
أصلا ايه اللى يجيبه هنا ..بطلى هبل ياهنادي .
أبعدت اطفالها من على صدرها بهدوء وعدلت من نومهما حتي تغفو هي الأخرى بجانبهما لتقع عيناها على شيء غريب تحت جسدها مثل اللعبة لكنه مهترئ بالكامل ، أمسكت بها ورفعتها أمام بصرها تحت اضاءة الكشاف الخاصة بهاتفها تتصفحها بدقة ، لترى انها دمية صغيرة مصنوعه من القماش والقطن ممزقة ومهترئة على هيئة رجلا يرتدي عِمامة وملابس تبدو مثل البدو ، في تلك اللحظة لمحت خيالا من طرف عيناها على الجانب الأخر فالتفتت نحوه فاختفى فجأة من امام عيناها فانتفض جسدها ببعض الخوف حتى سقطت منها الدمية على الأرض وحين انتبهت لها خُيل لها أن تلك الدميه تتحرك وتحدق بها، فقامت بركلها بقوة بقدمها اليسرى حتى ارتطمت بخزانه الملابس وبدأ قلبها يخفق بخوف كردة فعل مفاجئة ثم اتجهت اليها ووضعت قدماها عليها وضغطت بعنف ، بغتةً..صدر صوت صياح بوجع يملأ السرايا بالكامل ، فتوقف هنادي عن تمزيق تلك الدمية ووضعتها في كيسا بلاستيكي اسود و ألقته من شرفتها ، وذهبت خارج غرفتها تبحث عن مصدر الصوت ..
لتجد ان الجميع متجمع حول غرفة في الجناح المقابل ، وحين وصلت وجدت ان الجميع واقفا بولع حول مالك ووالدتها منى تقوم بعمل حركات دائرية بكافه يدها حول صدره برفق .
_ مخنوق .. وينه سلطان ..
يهمس بها مالك بتوجع لترد عليه مني بقلق
_ زمانه جي تلاجيه يدور على أمانى ..
جيب العوايد سليمة معرفش ايه اللى بيحصل لينا دِه .
مال مالك وجهه الى اليمين واليسار بوجع وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة وعيناه مغلقه ، فقامت منى بإزاحة عمامته وفكت ذر عباءته من على رقبته لتجحظ عين هنادي وعقلها يخبرها بأشياء أبت ان تصدقها وبقي قلبها ينتفض كلما تحدق به ،فاتجهت الى غرفتها وهى تهز رأسها بالنفى معارضة لما يتبادر بذهنها .
****
كان سلطان يبحث عن امانى بقلق فلم يعد سوي القليل ويدخل الليل ، فتفقد كل مكان بالمنطقة ولم يعد سوي منطقة الأراضي التي خلف السرايا فلم يأتي بخاطره انها يمكن ان تكون هناك ، فعاد ادراجه الى تلك الأراضي وبدأ يبحث بها حتى ارتفع القمر إلى منتصف السماء .
كان يخطو على العشب وهو يرفع جلبابه قليلا مما يصدر صوتا خشخشة تحت اقدامه متمازجة مع صوت صفير الحشرات ليلا، عاد ماء وجهه حين وجدها تجلس على مسقط البحيرة الذي يفصل بين الأراضي الزراعية ، اتجه اليها وهو يقول
_ وش تسوي ؟؟ لسه ما طبتي لحتى تكونى هنا لوحدك .
...امانى ...
يهتف بها وهو يبسط يده على كتفيها لتلتفت اليه ببرود تام وترمقه بنظرة غريبة .
فقال بنبرة حنونة
_ توافقى تعيشي معي في سيناء وننسي الماضي .
فجأة ضحكت بتدرج في نبرة صوتها من المنخفض الى المرتفع جعله يعتقد انها تسخر منه لكنه تفاجئ من كلماتها حين قالت
_ تخيل كل اللى عملته ادمر في لحظة واحدة ...الفلوس اللى حولتها لحسابي بعد معاناة طويلة من ورث ابويا عشان انسي بيها المرمطه والمر اللى شوفته معاه من صغرى ..يقوم البنك وخدها .... تعرف ليه ..
رانت اليه ورفعت هاتفها امانه لتجعله يرى رساله اتتها من البنك بأن رصيد حسابها اصبح صفر بسبب انها من ضمن الورثة .. فأردفت بحسرة
_ ...طلع واخذ قروض ..
طول حياته معذبنا حتى بعد موته ..كان بيضحك عليك أنت واخوك ..قال ياخد الورث اللى يتجوزني ..قال
بس اللى محيرني فعلا أنت ازاى قبلت تساعدني وتعاملنى بالشكل ده وانت عارف ان ابويا قتل ابوك ..
اتسعت حدقتاه بصدمة فرانت اليه بذهول وهى تردف وقد تجمعت الدموع بعيناها وأصبحت بها لمعه خفيفة يظهرها ضوء القمر
_ اوعه تقولى انك مكنتش تعرف ..
ده اوباش البلد عرفين ..
علمت أمانى من جحوظ عيناه أنه يجهل الأمر، فأردفت بسخرية
_ااه يا مسكين ..تصدق صعبت عليا .
علت ضحكاتها مرة أخرى ثم تحولت الى بكاء شديد مصاحب لنواح قاتل يظهر مدي حزنها وبؤسها ، التفت اليها سلطان وهو لا يعرف ماذا يقول وهل يصدق كلماتها ام لا ،فتابعها بعيناه وهى تقول
_..اقل حاجة فيها عشر سنين سجن ..انا بس كان نفسي اساله هو ليه بيعمل معانا كده وليه بيمثل علينا ..
أأه .ياريتني معملت شهادة وفاة ..اهو كله اتحط فوق دماخي ..
هو اكيد كان عارف ان هعمل كده ...عشان كده دخلنى في كل الحورات دي ..
رد عليها سلطان مقاطعا وهو يقول
_ لاه يا أمانى ...انت انسانه جشعة وده جزائك ..
_ طب أنا أعمل ايه دلوقتي ..أنا كده ادمرت
ابتلع ريقه وهو يحدق بها طويلا ثم قال
_ عندي فكرة ..اسمعي كلامي وما راح تندمي ..
بسط كافه يده اليها وانتظر ان تمسك بيده وهو يردف
_ اتمني تثقى فيا .
رانت اليه بتوتر وقد جاء بخاطرها ان امرها قد انتهي بالفعل ولم يعد امامها مخرج ، فمدت يدها اليه وامسكت يده بقوة وكأنها تطلب العون في محنتها ، فابتسم لها بنفس صافيه فقالت متسائلة بغرابة
_ هتساعدني برغم كل االى عملته ..وموضوع ابوك ..
_ وليش احاسبك على شيء انت ما عملتيه
تلك الكلمة جعلت أمانى تشعر ببعض الخوف من سلطان ولكن لم يعد بيدها اى شيء تفعله ومهما يحدث فناره أهون من نار السجن وظلامه .
*****
عاد حسام الى البيت وكأنه ثور هائج من الغضب متوعدا لجيهان بسبب فعلتها معه واتفاقها مع ماهر عليه ، دخل الى الشقة ليرى ان أولاده قد عادوا من المدرسة واحدهما يحمل طفل جيهان على صدره ولا يتوقف عن البكاء فخطي نحو حجرته وعيناه بها قعر الجحيم وحين دلف الى غرفته وجد جيهان كما تركها على الأرض ورأسها مجروحا وينزل منه الدماء وما جعل قلبه ينتفض ان عيناها مفتوحة شاخصه أمامها .
جذبها من ذراعها وهزها لكى تفق لكن هيهات ، بدا قلبه يتواثب ببعض القلق فسحبها الى المشفى عارضا حالتها على طبيب مخ واعصاب بالمشفى .
_ ها ..خير ..؟؟
يهتف بها حسام بعد انتهاء الطبيب من الكشف عليها ، ليرد بهدوء.
_ دي مجرد صدمة بسيطة والجرح طفيف مفيش منه قلق ودى ادوية هتساعد المدام ..بس العلاج ده لما يخلص ميتكررش عشان غلط على الجنين .. وياريت تريح المدام شوية ابعدها عن اى ضغوطات لأن اعصابها تعبانه .
يهتف بها الطبيب بعد ان شخص حالة جيهان لحسام الذي صدم من كلماته المفاجئة ليهتف بدهشة
_ ايه ؟؟ حامل ..!!
_ انت مكنتش تعرف ولا ايه ؟ ده انت دكتور نسا ..
لم يعلق حسام على الطبيب وظل مصدوما وعقله لا يتوقف عن العمل فأردف الطبيب بعد أن رأى غمته الواضحة
_يلا الف مبرووك.
عض حسام على شفتاه بضيق فقد كان شديد الحرص على عدم حدوث حمل ، فحين يحدث علاقه بينهما كان يخرج سائله بعيدا عن رحمها ومن الواضح الان انه قد فشل في منع البعض بالخطأ، فقال بنفاذ صبر بعد مرور دقائق من الصمت
_ وهتفوق امتي ..
_ لما تهدي شوية ..
زفر حسام بغضب ووضعها على كرسي متحرك وأخذها الى المنزل ، ووقف امامها يحدق داخل عيناها بتحدي ويقول
_ قومي وبطلى شغل العيال بتاعك ده ..قولتلك قبل كده سهوكة البنات مش لايقة عليك ..
واتفاقك عليا انت وطليقك مش هعديه بالساهل .
خرج صافقا الباب خلفه ويجز على اسنانه بضيق هادر ويتجه ناحية غرفته ، جلس على مكتبه متواريا العمل الذي ينتظره بالمشفى فقد أهمل كل شيء مؤخرا .
تنهد وهو يقلب فى ألبوم صوره مع والده منذ الصغر وحتي مراهقته ، فتذكر كل شيء يربطهما ببعضهما ، فأغرقت الدموع عيناه وشعر بوخزة موجعة بقلبه ، رجع بظهره على مسند الكرسي بأريحية وهو يغمض عيناه بألم ، فكم تعرض في الفترة الأخيرة من هموم تقبع على عاتقه بثقل ، رفع كفة يده يمررها على وجهه بحزن ويغمغم مع نفسه
_ هتفضل كده لحد امتي ..؟ بداية من حياتك اللى طلعت كدب لحد المنافقة جيهان ..
وضع رأسه على مكتبه يدفنها بين أذرعه المضمومة حولها وبقى يطرق برأسه أرضيه المكتب ببطء وحين شعر ببعض الصداع توقف قليلا ليغفو دون ان يشعر بما حوله .
مشي في تلك الصحراء الكبيرة التي لا يظهر لها بداية ولا نهاية حتى أحس بالعطش الشديد ، ينظر الى اليمين واليسار باحثا عن اى شيء يتناوله فقد أهلكه الجوع والعطش ، فاستمر في المشي طويلا حتي تسرب العرق من كامل جسده وعلى حين غرة لمح بجانب قدمة زهرة زرقاء بلون المريح للعين ، دهش من وجودها في ارض رملية ، فجثا على ركبته يقترب منها فلثم منها رائحة عطرة داعبت انفه حتي اشتهاها فأصدرت معدته صوتا ينبأ بالجوع ، فلم يهن عليه ان يقطفها وهى تملك ذلك المظهر الخلاب ، لكن وهنه جعله يهم بقطفها بحزن وتردد، ظل يلثم رائحتها التي أشعرته ببعض الراحة وهو يمشي في الصحراء ، ثم هم بتناولها ...
وما ان انتهى منها اختفت الشمس فجأة وارتفع قمر الليل دون نجومه ، فوثب قلبه بخوف ، ولمح اتجاه ضوء القمر المتسلسل على الشمال في ارض الصحراء خيال امرأة من بعيد ترتدي فستانا أسود طويل جدا تمشي بهدوء دون حذاء واقدامها تداعب حبات الرمال برقة وتقول بصوت وصل الى مسمعه
_ راضي ...يا حبيبي ... كبرت وبقيت راجل ..أنت وحشتني أووى ..
خد بالك من بنت خالتك ومتزعلهاش ..هى ملهاش غيرك ..
اقتربت المرأة منه فجأة ليرى بها جمالا ساحر لم يراه من قبل فتأثر بها ، رفعت احدي يديها تحتضن بها وجنتيه فنزلت الدموع من عيناه فجأة ..فاقترب منها حتي يقوم بعناقها ولكن ما ان لامسها استيقظ منتفضا من على مكتبه ، لقد كان نفس الحلم يراوده منذ فترة طويلة ولكن تلك المرة الأولى التي تحدثت المرأة معه .
استند بظهره على كرسيه وهو يتنهد ، ليأتى اليه شعورا قويا داخل جسده بالكامل ، فعلم انه يحتلم ، جز على أسنانه وملأ الغضب قسماته وهو يتجه الى غرفه جيهان التي لا تزال على وضعها ،كم شعر بانه شخص ضعيف بسبب نزواته ، اقترب منها محدقا داخل عيناها بقوة وهو يقول
_ انت يا بت ..هتفضلي كده ؟؟
خلاص برحتك .. أما نشوف هتغيري رايك ولا لاء
جلس بقربها على الفراش واقترب منها يقبل وجنتيها.. حتى تطور الامر معه فقال
_ اوعي تكوني فاكرة انى بكده سامحتك او صدقتك ..تبقي غلطانه ..انت بس مجرد وعاء جنسي ليا ..لحد ما أشوف غيرك ..
بقي يعانقها فأتي اليه شعورا بأنه هو من يحتاج الى عناق دافئ الأن ، دهش من عدم مبالاتها بتصرفاته معها والى صوت طفلها الذي يبكي في الخارج مع والدته ولا يهدا فهل حقا تمر بصدمة ولا تستطيع ان تتحدث ؟ جعل الليلة تمر بهدوء ولم يستخدم اى حركة تعنيف رغم ثورة غضبه التي لا تنتهى بسببها ، وما ان انتهي معها ظل يراقبها وهما في الفراش ليري ان كانت ستنام أم لا ، ولكن لم يستطع أن يمنع شعور النعاس الذي احتل عيناه فاستسلم لنوم بهزيمة .
فى الصباح الباكر، استيقظت بفزع على غير عهدتها فقد غلبها النوم البارحة حين تأكدت من استقرار أنفاسه وهى بين احضانه ، كانت شديدة الحرص على ألا يكتشف خطتها في اثارة شفقته، بقت على وضعها كما البارحة وقلبها يتواثب اشتياقا لطفلها ، تفعل كل ذلك حتى لا تخسره وتستعيد مكانها بجانبه ،فهى تخشي من ان يقوم بطردها من الشُقة فلا تملك اى احد حتى تذهب اليه .
انتفض قلبها حين رأته بطرف عيناها يتمغط ويضع رأسه على صدرها ويكمل نومه ، شعرت بحمل رأسه الثقيل على صدرها فثقلت أنفاسها ولم تعد تستطيع التنفس ، أغلقت عيناها بقوة بغضب وتماسك فتنهدت دون وعي ، لتجحظ عيناها فجأة ، فهمس بسخرية ..
_ تقدرى تمثلي ..بس عمرك ماهتقدرى تتحكمي في ضربات قلبك ..يا فشلة ..
رفع رأسه اليها وحدق بها لتتقابل اعينهما لبرهة فهمس مردفا بتفاخر
_ وشك رايق النهاردة ..شكل مزاجك كان حلو امبارح ..ها ؟؟
متنسيش بقي الجمايل دي ، وعلى فكرة دي اخر مرة تبقي نايمة زي الباشا كده ..عشان المرة الجاية انت اللى هتبتدي
صدمت من طريقته في تحدثه المنحرفة ، والتي تعاكس طريقته في الأمس تماما حتى شكت أنه يعاني من الانفصام ، تمالكت نفسها وحاولت ان تبقي كما هي وتكمل تمثيلها لكنه قال بنبرة دلال .
_ هتفطرينا ايه النهاردة يا ست جيهان ؟؟
مالت عيناها اليه فقد ملأتها الدهشة فهل فقد الذاكرة ..! فقالت بتوتر
_ افهم من كده انه سماح ؟؟
عدل من نومته وجلس على الفراش ورمقها بسخرية ثم قهقه ويقول
_ سماح دي تبقي امك يا بت ...
انقلبت قسماته فجأة الى الغضب حتي اصابتها القشعريرة ليردف
_ انا كنت متوقع منك أكثر من كده ..بس شكلى اديتك اكبر من حجمك ..يامو مخ تخين .
قام من الفراش وارتدي ملابسه وهو يرنوا اليها بتقزز فقالت
_ انا مش فاهمه انت ليه شايفني وحشة دايما ..أنا فعلا مش بفكر اذيك ..
ارتمست على شفتاه بسمه ساخرة بتوعد واتجه صوب الباب لتردف
_ خلينا نبدا من جديد مع أولادنا ..أرجوك ..
هو انا ايه اللى هيلزمنى لما اذيك ..
_ انت يوم ما تفكرى تعملى حاجه تانيه ..هأذيك وهعرفك يعني ايه أذيه ..أنا مش زي ماهر ... انت فاهمه ..
هتف بها ومن ثم اغلق الباب خلفه بعنف واتجه الى الحمام لكي يتحمم ، قال في نفسه وهو ينظر الى صورته المعكوسة في المرآة .
( هتعمل فيها ايه ..؟ وهى دبستك وبقت حامل ..ولو سبتها وعرفت أمك بعميلها هتروح فيها ....أف عليك وعلى اليوم الأسود اللى اتجوزتها فيه ..كنت ضارب ايه ساعتها لما اتجوزتها ...كنت بضحك على نفسي عشان اغيظ أسماء واقولها اني اتجوزت طليقه جوزك ..ولما حصل استفدت ايه ..وكمان اديت لابنها اسمك ...كان عقلك فين ..)
زفر بقوة وركل حوض الحمام بقدميه ، لتؤلمه قدمه بشدة ،وفجأة لمعت في ذهنه فكرة ، فذهب على الفور الى مكتبه و هو لا يرتدي سوي بنطاله ، جلس أمام حاسوبه لفترة وما أن انتهي بحث عنها في كامل الشقة ليجدها تقف في المطبخ تطهي اشهي الأكلات ، أشار اليها بأن تأتى الي غرفته .
_ عوزانى أصدقك وانسي كل حاجة ..امضي على العقد ده ..
يهتف بها حسام وهو يمد يده بالعقد اليها ، لتأخذه وتتصفحه بأعين متسعة ، كان العقد ينص على تنازلها عن ابنها له ان أكتشف انها فعلت أي مكيده أخرى له .وبعد دقائق رفعت بصرها اليه وقالت
_ أنا موافقة
صدم حسام على إعطائها الموافقة بتلك السهولة دون تفكير ، فهل لا تعبئ لأمر طفلها ؟
أم أنها صادقة ولا تملك نية في ايذائه كما قالت فتردد قليلا وبسطت يده لها وقال
_ ممكن اسيبك تفكرى برحتك ..!!
_ لا ..أنا عمرى ما هعمل حاجه تأذي اسرتى أبدا ..وخاصة ده ابننا .. عمرى ما هأذي ابوه ..
مط شفتاه، لا يفهم ماترمي اليه ،فاتجهت الى مكتبه وأخذت قلم ومضت باسمها عدة مرات ، ثم اعطته العقد وهى تردف
_ اوعدني ..أن لو حصلي أي حاجة أنك تهتم بيه ...؟؟
على فكرة أنا عارفه انك سجلته باسمك لما عرفت انه ابنك ومن دمك .
تفاجئ مما تقوله فرد عليها بتعجب
_ ايه ؟؟ ابني ؟؟ أنت بتقولى ايه
_ ايوة ابنك ..ماهر هو السبب ..أنت مش بتقول انك كنت بتودي احم ..احم ..السائل بتاعك للمختبر .
كان ينصت الى كلامها بذهول لتردف
_.. هو قالى انه هيرفع علينا قضية زنا ..ولما قالى انك هتتنازل عن ابنك ..يونس ..أنا خوفت ..واترددت ..بس انا رجعت واخذت الورقة ومسمعتش كلامه ..
جحظت عين حسام ليقول بغضب وهو يمسك كلتا ذراعيها ويهزها بعنف
_ وجايا تعرفيني دلوقتي ... يا مجنونة ..
في تلك اللحظة جاءت رسالة الى هاتف حسام فترك ذراعها و رفع هاتفه الى بصره لتتسع حدقة عيناه بصدمة وهو يقرأ
( إتنازل عن المستشفى والا ارفع عليك قضية زنا وادمرك .. وانت عارف ان خالى اكبر محامي في البلد ومتهبطش نفسك وتجيلي ...وتسرع في موتك )
جز على أسنانه بغضب وبدأ الخوف يملأ كيانه ، لتقول جيهان
_ أنت ممكن تبلغ انه بيتعامل بالحاجات المشبوه دي في المستشفى ..
رد عليها بعنف
_ يا تيييت ..دي المستشفى بتاعتي ..عوزاني اخسرها ..
انتفض جسدها من نبرته فصمتت فورا وطأطأت رأسها ، فارتدي حسام ملابسه مسرعا وذهب الى الخارج وقلبه يتواثب بهلع .
***
وبعد مرور أيام
كان وليد يجلس بالكافية الخاص بالمشفى وبجانبه زياد وكل منهما يتصفح هاتفه الجوال ، دخل عليهما حسام وجلس بجوارهما ولما ينتبها اليه ليقول حسام
_ انت فين يالا بقالك فترة مبتجيش ، انتبه وليد له لينتفض بدهشة وهو يقول بعتاب
_ ولا بتسأل ..ولا بتعبر وجايا تلبسها فيا ..ده انت عيل واطي ..مكنش العشم ..يجي دلوقتى ويطرح ظلط ..
رفع حسام احدي قدميه على الأخرى وهو يستنشق الدخان ويقول
_ يعني انا مسألتش انت متسألش
تنهد وليد وهو يقول بعتاب ساخر
_ كنت مستني حد يعبرني ويقولى انت فين ..
_ هتكون فين يعني ..اكيد عايش ومقضيها مع اى مزة .
ابتلع وليد ريقه بحسرة فهو دائما ما يخبر من حوله ان حياته مليئة بالعاهرات بتفاخر فقال مغيرا للموضوع
_ سمعت انك اتجوزت ..!!
ال...
رسم وليد بيديه خيالا لمنحني انثى بسخرية واردف وهو يغمز بعيناه لحسام
_ البرازيلية ..
كان زياد يتابعهما بتقزز حتى علم انه يتحدث عن شقيقته جيهان فشعر ببعض الغضب وحاول أن يتماسك بصعوبة ،فقال حسام لوليد وهو يبتسم
_ انت عرفت ..
_ عرفت ؟؟؟ ده الممرضات مش وراهم غير سيرتك انت وأسماء والبت جيجي ..
تنحنح وليد ببعض الحرج وقال
_ لمؤخزة مدام جيجي ..
شعر كل من حسام وزياد بالحنق من وليد فرد زياد بغضب مقاطعا حسام
_ ماتحترم نفسك بقي يا أخى ..
ثم وجه انظاره الى حسام
_وأنت ازاى تستحمل انه يتكلم كده على مراتك ..
رفع حسام بصره الى زياد فاهتمامه بزوجته يغضبه الى اقصي حد فقال له وليد مقاطعا لحسام ، فهما لم يعطوه أي فرصه ليتحدث ، وبقى ينظر اليهما بغضب .
_ انت مش ملاحظ انك بتغلط في اخوك الكبير ... فوق يازياد دي مش سنه ولا اتنين مينفعش تعلى صوتك على اخوك كده قدام الناس .
_ ومينفعش تشربوا سجاير في المستشفى ..
لم يعقب عليه اى احد كما ظل الاثنان على نفس الوتيرة يشربون الدخان ، فقام زياد من أمامهما وذهب الى عمله ،وبعد دقائق هتف حسام
_ اتصل بأى مطعم يجيب لينا اكل ..
_ جيب لنفسك انت ..
رمقه حسام بغرابة ليردف وليد
_ مبكلش غير من ايد ناهد ..
_ مش اختك اسمها ناديه ..
_ أنا قصدي .....اااا ..
لم يستطع وليد أن يخبره أن ناهد هي الشغاله التي تعمل لديهم فبقي يبحث عن كلمه لطيفه قليلا .
ليقول حسام بسخرية
_ انت اتجوزت ولا ايه ..
_ لا ..
_ اصلي غريبه يعني ..ااا ده ..!!
ضيق وليد حاجباه ببعض العجب فقال
_ غريبة ان اتجوز ..؟؟؟
_ اللى اعرفه عنك انك ضد الجواز ..
_ عندك ..حق ...أنا اقصد ناهد ..بنت بتيجي تساعد ناديه في شغل البيت وكده ..
_ الخدامة يعني ..
مال وليد وجهه الى العبوس من تلك الكلمه فقال ..
_ لا دي ..
رد حسام مقاطعا بنبرة ساخرة مليئة بالسوقيه ..
_ عملت كم مرة ..؟؟
_ انت مجنون ...مستحيل ابص ليها ..دي قد بنات اختي ..
_ تخينه ولا مدورة ؟؟
عض وليد على شفتاه ببعض الغضب فقال
_ بلاش الأسلوب ده يا حسام.
شعر حسام بالمتعة وهو يقوم باستفزاز فقال له بسخرية
_ ايه ده شكلك اأأ..
هي مزة لدرجادي ؟
ضيق وليد حاجباه ثم انفرد وجه ساخرا وهو يقول
_ مستحيل ..دي لوح خشب يابني .. انا ضد الجواز ..
_ وأنا قولتلك اتجوزها ..
ابتلع وليد ريقه وبدا يتحدث عن ناهد وكيف دخلت الى حياته..وكم يشفق عليها واستمر الحديث ساعه كامله عن مهاراتها في اعداد الطعام وكم هي متميزة في الطهى ليهتف حسام
_ ما خلاص بقي يا وحش..
بقولك ايه ..ماتيجي يوم الخميس نروح نظبط ..اها ..
مع اى واحدة ..؟؟
_ للأسف مش هعرف ..انا هطلع رحله مع البنات ..خليها مرة تانيه
تنهد حسام ورفع هاتفه الى بصره يتصفحه قليلا ، وفجأة علا صوت رنين هاتف وليد ليعلو صوته حين فتح الاتصال وهو يقول ..
( ايوة يا ناهد ...تمام ...الحاجات دي بس اللى عوزاها ...مش عاوزة حاجه تانيه ....)
استمر الحديث حتي قارب العشر دقائق ليراقبه حسام بصدمة شاردا به والى ذلك الجانب الذي لم يلاحظه قبلا من شخصيته ، وحين انتهي من المكالمة قال له بذهول ..
_ انت لاما منسون لاما شكلك اتهبلت بعقلك .. انشف شوية يالا ..متبقاش واقع أووى كده ..
يسخر منه حسام وبداخله يرى رجلا حنونا يهتم بكافه احتياجات البيت ؟
رد عليه وليد باحراج .
_ يا بني ده تمثيل بس ..انت فاهم غلط ..
وضع هاتفه في جيبه وازدرد ريقه بندم على فتح الاتصال وهو بجانب حسام .
_ ولاه أنا مبقتش فاهمك ...اعمل اللى عوزه ..
ران الصمت بينهما لدقائق حتى قطعه حسام وهو يردف
_بقولك ايه انا هاجي معاك الرحلة دي ..افك عن نفسي شوية ..
****
كانت منى تفكر بشرود في أمر أمانى التي أخبرتها بأمر سرقتها لبعض الأموال والتي سحبها منها البنك بسبب انها من الورثة وانها قامت بإخراج شهادة الوفاة من تلقاء نفسها ولم تعلم بأمر قروض والدها لذا الشرطة تبحث عنها بسبب تزويرها لبعض الأملاك فاختارت ان تذهب مع سلطان الى سيناء حتي تختفى لبعض الوقت.
ضربت جبينها بحسرة على ما فعله سيد نصير بهم جميعا ولم تتوقف عن الدعاء عليه بالجحيم حتي دق باب السرايا بعنف عدة مرات ففاقت من شرودها ، ليدخل عليها عشر رجال بأجساد ضخمة ، فقال أحدهم
_ الأراضي دي كلها بقت ملك للبنك ولازم تمشوا من هنا حالا ..
اغمضت عيناها بوجع على حالها وحال بناتها ف الى اين ستذهب ومن سيقوم باحتوائهم الأن .
وافق البنك على منحهم يومين حتي يجدوا مكانا ليذهبوا اليه ،فكانت مني لا تتوقف هي وحلويات وبناتها عن النواح والعويل لتقول احدي بنات حلويات ..
_ اكيد ابوي ما عمل إكده ..ده اكيد مكيدة من ناصر لحتي ينتجم مننا عشان مردناش نتجوز من عياله.
تركتهم مني فجأة وصعدت الى غرفتها ووجنتيها اغرقتا بالدموع اللاهبة ، تحت انظار موني التي كانت تتابعها بحسرة ، وحين جن عليها الليل ذهبت مونى اليها وهى تبكي بحزن بالغ ودخلت غرفة والدتها دون ان تطرق الباب لتصعق بصدمه وهى ترى والدتها بوضع مخل مع رجلا في الفراش .
****
ازدرد ريقه وقلبه يخفق بجنون وهو يقف امام طبيب التحاليل وهو يقول له
_ الاتنين دول متوافقين ، يعنى اخوات بنسبة 99%
انما الفرشة الخضرة دي مختلفة تماما..
يتبع ..

سبنا 33 likes this.

سارة منصور دوار الشمس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-22, 06:29 PM   #92

سارة منصور دوار الشمس
 
الصورة الرمزية سارة منصور دوار الشمس

? العضوٌ??? » 473504
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 396
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » سارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك fox
¬» اشجع ahli
افتراضي

القبلة الثلاثون
حدقت بهما بولع وصدمة كبيرة قد احتلت جسدها بالكامل مع خفقان قلبها الشديد لم تستطع أن تنطق بحرف واحد ، كل ذلك ولم تنتبه اليها والدتها ولا ذلك الرجل الذي اكتشفت انه الغفير السابق لسرايا ، بقت أنفاسها تتصارع للحياة وتهاوت اقدامها على الأرض لتنتبه اليها والدتها وتصعق بالكامل ، فنزلت من الفراش وهى تخفى جسدها بقطعه ملابس وتهرع اليها لترفع موني اليها بصرها وقد امتلأت مقلتيها بالدموع رغم ثبات قسماتها الصدمة ، تحاول الوقوف على اقدامها وتعود أدراجها الى الخارج دون ردة فعل من والدتها مني التي ظلت واقفه كتمثال جاحظ لفترة ،فلا تجد كلمه تقولها تشفع لها فى ذلك الموقف .
خرجت مونى من السرايا وجرت بعيدا بأقصى سرعتها حتي وصلت الى البحيرة وجثت على ركبتها وهى تصيح ببكاء بقوة وتجذب شعرها من موضعه بعنف حتي وصل الأمر الى صفعها لوجنتيها بحسرة وهى تخبر نفسها انها في حلم ويجب عليها ان تستيقظ مِنه .
****
كانت تجلس على اريكتها المفضلة في السرايا وتشاهد برنامجها التلفزيوني ، رأت ان الجميع يضحك حولها على افيهات البرنامج المضحكة الا هي تبكي بقوة دون سابق إنذار ، استدارت بوجهها الى الخلف حين سمعت صوت رجولي يقول
_ طول عمرك تافهة ومش هتتغيري ..
ذهلت حين وجدت ان الجميع حولها اختفى فجأة ، ومن يتحدث هو زياد حبيبها ،يقف على مقربة منها ، لمعت عينها باشتياق وانتفضت واقفة وهرعت اليه لكى تعانقه وتبقي داخل صدره الدافئ لتشعر بالأمان قليلا ولكن كلما تقترب في الخطى منه لا تصل اليه فزاد نحيبها المتواصل بعيون دامعة، فجأة تحطم باب السرايا ودلف منه فرس أبيض بشعر طويل جذاب ، سحرت عيناها وتوقفت عن البكاء حين نظرت اليه وتمعنت في جماله الخلاب ، اقترب منها الفرس وأنزل رأسه اليها واقترب منها يلامس جبهتها بحنان ، رفعت كفه يدها الى أنفه وبقت تمررها عليه فملأ قلبها بعض الراحة ، بدأ يصهل الفرس وهو ينزل برأسه الى ذراعيها وكأنه يريدها أن تقوده ، وحين عزمت على ذلك وضعت يدها على ظهره ، أنزل الفرس رأسه حتي ينحني قليلا وتستطيع ان تركبه بسهولة .
استطاعت أن تركب الفرس فخرج من السرايا وهو يجرى بأقصى قوته وشعره الطويل الأبيض يطير ويداعب وجهها لتجد بغته أنهما أمام البحر ، صوت أقدام الفرس وهى تلامس أمواج الشاطئ مع الرمال ملأ قلبها بالسعادة ، أغمضت عيناها وقطرات المياه تداعب أقدامها ومع صوت البحر جعل الحزن يهرب من جسدها بسرعة .. ظهر صوت من اللا مكان لرجل عجوز وهو يقول
_ جومي يابت ..مش خايفة تنامي فى مكان مكشوف إكده ليتلموا عليك الشباب ..بت جليلة الرباية صوح .
استدارت بوجهها يمينا ويسارا ولا تعلم من أين يأتي الصوت ، أنتفض جسدها وهى ترى ان موجه كبيرة ترتفع لأعلى حتى غطت السماء وتنزل بهجوم كبير عليها هى والفرس .
استيقظت بفزع وهى تشهق من تلك المياه التي تغطي جسدها وهذا العجوز الذي يركلها بقدميه حتي تستيقظ ..
_ جومى ..جومي ..
صاحت موني بأعلى صوتها في ذلك العجوز وهى تطلق السباب عليه ، وقفت على قدمها وهى تقول بنبرة تحذير
_ لولا انك عجوز لكنت ...
خطت الى السرايا وذاكرتها تعود الى عقلها ،شعرت انها كانت بكابوس فهل تفعل والدتها هذا الشئ حقا ؟
لم تصدق مهما تحاول حتى عقلت انها كانت بحلم مثل ذلك الفرس الجميل الذي حلمت به .
دلفت الى السرايا لترى والدتها تقف في انتظارها وهى تقول بعد أن هرعت اليها
_ بتي .....وين كنتي جلبي كان هيجف ..
بقت موني ترمقها بنظرات متسائلة فهل ما رأته حقيقي حقا؟ ،خرجت من شرودها على كلام والدتها الصاعق وهى تردف
_ اوعاك تجولى لاخواتك على الغفير ..ماتجطعي عيشه ..يا بتي ..
_ أنت واعية بتجولى ايه يامه ..انت أصلا واعيه باللى عملتيه فينا ..
أنا عمرى ما اصدق أن امي ..تكون مره رخيصة ..وليها عشيج .. وتبات معاه في أوضتها
_ عشيج ..؟؟؟
التفت كل من منى وموني بصعقة من صوت حلويات التي سمعت حوارهما ونطقت تلك اللفظة بدهشة كبيرة ، نبضات قلبهما كانت تتسارع كالطبول حتى وصلت الى حلويات بسهولة حين صدقت كلامهما من عيناهما الخائفة برعب شديد لتردف
_ والله و طلعتي عويله يا مني يا بت عمي ده الراجل ما كمل سنة على موته ..
خطت منى نحوها ووقفت قبلتها ترمقها بنظرات نارية ..
_ اسمعيني كويس جوي ..أنت واعية زين ان سيد طلجني يجي عشر مرات وكان جبرني أعيش معاه ...وده جوزي ..أأه اسمعيني واصل اللى معايا ده جوزى ..
ازدردت مونى ريقها وهى ترى انها وضعت والدتها في شبهة كبيرة فلن تصمت حلويات حتي تقدم لهما فضيحة كبيرة على طبق من ذهب .
****
لا يتوقف عن التنهد بتعب وهو ينظر الى تلك الفرشة التى تشبه نفس الصفات الوراثية الخاصة به والى الفرشة الأخرى التي لا تمد بأى صلة اليه ، هو متأكد بأن التى تشبه هي ملك لأمانى وأن الفرشة الأخرى لتلك الفتاة التي تسكن معها و انها خدعت ذلك الرجل وقالت على صديقتها أنها شقيقتها ؟
بغتةً وصل الي غرفته ذلك العطر الذي تضعه جيهان داعب انفه بنعومة حتى تسرب اليه إحساس جارف ، يعلم أنه ضعيف جدا في تلك الأمور ولا يستطيع أن يمنع اشتهائه المتواصل ،كم شعر بأنه أحمق وهى تقوم بالتحكم به بتلك الأشياء البسيطة بكل سهولة.
أمسك معصمها وسحبها برفق الى غرفته تحت ضحكاتها الخبيثة فقد فازت بجعله ملكها في تلك الليلة بعد عزمها على كسبه الى صفها مهما شرخت علاقتهما اكثر من مرة .
_ وحشتني ..
تهتف بها بتوتر تحت انظاره الصارمة التي تحولت فجأة الى ابتسامة هادئة لم يستطع أن يمنعها ، تعرف أنه يحاول جاهدا أن يكون شخص صعب وبدم بارد ولكنه ينهزم في كل مرة .
_بجد ..!!
يقوم بالرد عليها بتدلل لتتفاجأ من كلمته وحركاته التي تدل على انه شخص أحمق لدرجة كبيرة نسي ما فعلته به في الأوان الأخيرة ، هنا شعرت بالانتصار وعادت ثقتها بنفسها لترفع رأسها اليه وتحدق به ببعض الجراءة حين احست انها امرأة حقا مرغوب بها وجدا .
_ تعرفي انا نفسي في ايه يا جيهان
مالت رأسها بالنفى برقه ، ليقف ويخطو صوب خزانة ملابسه ويستدير اليها بعد أن قام بفتحها فغمز لها وهو يخرج منها بدلة راقصات شديدة اللمعان ويقول بهمس
_ لسه جيبها مخصوص امبارح ..
انتفضت بصدمة وتلجلجت وهى تقول
_ بس أنا ....
_ بس ايه ..يلا.. يلا ..البسيها
رجع الي فراشه يجلس بأريحيه ويحدث بها وينتظرها ان ترتديها أمامه ، فظلت صامته لا تتحرك
_ ايه ..مالك ..مكسوفة ..ولا خايفة ..
أوعى تكوني مبتعرفيش . ترقصي .
أزعل ..
_ أنا فعلا مبعرفش..
_ بتهزرى ..؟؟
لم تعلق بأى كلمه ، ليردف وقد انقلبت محياه الى بعض الحزن .
_ طب جربيها حتي ..
ذهبت الى الجانب المقابل وهى تشعر ببعض الحرج من ان يحدق بها وهى ترتديها ، وحين رمقته وجدته يتصفحها بجراءة ،ازدردت ريقها بإحراج وقلبها يتواثب ببعض القلق من ان تكون تلك البدلة ليست جميلة عليها ويسخر منها فهى تملك بعض الدهون في مناطق غير محبوبة ، رفعت بصرها اليه بتوتر وهي تخاف من كلمه انها ليست مناسبه عليها ، لكن... رأت في عيناه نظرة جعلتها تشرد داخله لفترة ، فقد كانت نظرة منه محبوبة تظهر أنه يريد ان يلتهما كالوجبة الشهية .
كانت تراقبه وهو يقف من الفراش ويتجه نحوها ويقوم بإمساكها من معصمها برقه ويرفعه لأعلي ويجعلها تدور حول نفسها ويقول
_ اش اش ...
لوحة فنية يا ولاد..
ابتعد عنها عدة خطوات وقام بتصويرها تحت نظراتها السعيدة وعاد اليها وجعلها ترى صورها
ليظهر بغتة على شاشه الهاتف اتصال يأتى من أسماء .
رمقها بنظرات غامضة ثم ابتعد الى الوراء وفتح الاتصال وهو يقول ..
( خير ...تمام .... اوك ..سلام ..)
وجه انظاره اليها وتصفحها قليلا ثم خرج من الغرفة وهو يقول
_ هرجع بعد يومين ...
شعرت بوخزة داخل قلبها حين رأت اسم أسماء ، فهل نست انه رجل خائن بتلك السهولة ؟؟
هل وقعت ضحية لديه ..وهى التي كانت تعتقد انها ستجعله ضحيه لها ؟؟
خلعت بدلة الرقص وذهبت الى خزانته لترى ان كان هناك شيء أخر لتقوم بارتدائه ، تصفحتها بالكامل ووجدت انها مليئة بملابس النساء منه جزء جديد والأخر يظهر انه مستعمل بسبب ان به روائح نسائية ، عبثت قليلا بها لترى في اخر الخزانة صوره تجمعه مع أسماء وأولاده ، حدقت بها قليلا ثم أغلقت الخزانة واتجهت الى غرفتها وهى تغمغم لنفسها
( .. متنسيش انك عايشة مع واحد سبقاه شهوته .. وانت معاه زي غيرك ..سواء جيهان او أسماء ..انت فعلا زي ما هو قال ..وعاء جنسي ..مش اكثر .. اثبتي مكانك .. وثبتي قلبك ..بلاش يقع المرة دي .. المهم ابنك ..مش مهم انت ..متبقيش طماعه ..)
وضعت رأسها على الوسادة بجانب طفلها النائم بجانبها وأغلقت عيناها بقوة لتسقط دمعة صغيرة هربت من مقلتيها وهى تحمل معها وجعا كبيرا
****
كلما يمر دقائق يرفع بصره الى مرآة السيارة لكى يراقبها ،فهو يشعر بالفرح حين يري ابتسامتها اليتيمة وهى تحدق بشوارع المدينة من نافذة السيارة ، يكاد يجزم أنها طفله في السابعة من عمرها فبراءة الأطفال في عيناها تحكي عما مرت به من مأساة كبيرة حرمتها من العيش كطفلة ، كلما تتقابل اعينهما لبرهة ويرى ضحكاتها البريئة له يشعر انه يعمل خيرا كبيرا، فجأة عدل من مجلسه حين رأى نظرات شقيقته المبالغ بها في مراقبتهما .
ازدرد ريقه وهو يهرب بعيناه بعيدا عن شقيقته نادية بعد أن وصل الى وجهتهما الا وهى الأهرامات ، قالت الفتيات الثلاث في نفس واحد
_ عوزين نركب الحصان يا خالو ..
قالت ناهد بطفولة
_ وأنا كمان ..أنا عمرى ما ركبت حصان ..
رد وليد ساخرا منها حتي يستعيد رباط جأشه امام شقيقته نادية
_ مش لما تفتكرى انت مين أصلا ..وجاية منين ..هتفتكرى ازاى انك عمرك ما ركبتي حصان يا مو مخ.
أخذت ناهد رده الذي سقط على رأسها كالمطرقة بضحك ولم تظهر مأساتها أمام الجميع ، أوقف وليد صاحب احد الأحصنة وركبت الفتيات الا ناهد التي ظلت تحدق بالحصان طويلا ثم قالت بحزن تحاول أن تخفيه
_ انا غيرت رأى ..مش هعرف . أر... اركبه .
علم وليد أنها تشعر بالحرج من قدميها العرجاء ولن تستطيع رفعها ، فاتجه اليها وركب الحصان ومد يده اليها بجدية لكى تصعد بقربه ،ظلت حائرة وهى تشعر ببعض الحرج ولكنه أصر على مد يده لها..
_يلا...
أمسكت يده بخوف ورجفة فقام بامساكها بقوة ورفعها بيد واحده لتركب بجانبه ، فشهقت حين لامس ظهرها صدره وهو يركب خلفها . فهتفت بخجل كبير
_ لا أنا عاوزة انزل... نزلنى بسرعه..
_ تك داء الميه.. أسكتي.. وامسكي حلو لتوقعيني.. ويبقي شورتك هباب.
طريقته فى التحدث معها تجعلها تطمئن قليلا فظلت صامته وهو يقود الحصان ،وبقت تنظر حولها وتتصفح الاهرامات بسعادة حتي نست انه يجلس خلفها وكأنه يعانقها، شعرت بسعادتها وهى تتأمل الرمال وهى تتطاير تحت أقدام الحصان ، فأبتسم براحه بال .
..كل ذلك تحت نظرات نادية النارية لأخيها والتي لم يهتم بها لتبقي ناديه في معركة بداخلها فلأول مرة ترى شقيقها يهتم بمرأة بتلك الجدية دون العبء لمن حوله ، رغم انها تعلم انه رجلا يملك علاقات نسائية كثيرة ويتعامل معهن على انهن لعبة رخيصة يستبدلها بأي وقت يريد ، فتساءلت لما تلك الفتاة بالذات يقوم بمعاملتها بلطف شديد ومن عمق قلبه ، فهل يمكن ان تكون هي من اختارها قلبه ، ردت على نفسها بأنه أمرا مستحيلا فهى لا تملك الجمال الكافي ولا أي مفاتن تذكر ، شعرت بالخوف وهى تصدق تلك المقولة بأن الحب خاطف يسرق العين والقلب معا في وهلة دون سيطرة من اصحابهما ودون شروط .
تبادر بذهنها أنها يجب ان تتحرك وتبعد تلك الفتاة عن طريقها حتى لا يتخلى عنها هى وبناتها ويتركهن ويبتعد عنهن ان طلبت منه ذلك فهى لا تعلم اي شي عن ماضي ناهد ، فبشارته بطريقته تلك لا تطمئن أبدا فقد تغير كثيرا منذ دخولها الى المنزل وهو يعود مبكرا ، ولم تعد تراه يتحدث في الهاتف في منتصف الليل مع النساء .
_ أنا لازم أخلص من البنت دي بأى طريقه .
تهمس بها وهي تجلس فى السيارة وتراقب تحركاتهما،
قامت بفرك يدها بتوتر وهى تنصت لكليهما وهما يتحدثا والى حوارهما الذي لا ينتهى والى أيضا قربها من بناتها .
_ ينفع اقولك يا خالو ..زيهم ..
تهتف بها ناهد وهى تغمرها السعادة وسط تحدثهم في السيارة وهى تجلس فى الخلف بجانب ناديه بعد أن انتهت رحلتهم ولم يتركها وليد حتى جربت كل الألعاب في نهاية اليوم حين ذهبوا الى الملاهي ، رد عليها وليد بعد أن ران الصمت لثوان .
_ اشمعنا ..
بعد ثوان من الصمت ردت ناهد وهو تبتسم بسعادة
_ عشان انت بتعملنى زيهم ... كأنى بنت أختك بالظبط .
يعرف وليد أنها عفوية لدرجه كبيرة وبعفويتها تلك قد اشعلت نار الغيرة في قلب شقيقته نادية بقوة ، فعندما لمح عيناها التي ترمقها بها وثب قلبه بقلق ، فهو لا يريد أن يجعل الغيرة تغير علاقتهما ببعضهما .
تنحنح وليد ولم تعجبه نظرات شقيقته فقال بتماسك بعد ان زفر بقوة
_ وانت مين أصلا عشان تقرني نفسك بيهم ..
لمح عين نادية تتحول اليه بانتباه شديد ، فعزم على جعل علاقة ناديه بها لا تتأثر ويستغل نقاط ضعفها برقه قلبها فأردف ..
_ انت حياله خدامة عندنا ...
رانت ناديه الى ناهد ولمحت دموعها ، فاطمئن قلبها بعض الشئ ، فقالت بسرعة
_ عيب كده يا وليد .. راعي مشاعرها برضه ..
اوعي تفهمى غلط يا ناهد ..وليد لما حد بيصعب عليه و بيعامله حلو ..
وجهت ناهد انظارها الى ناديه التي ارتسمت بسمة على شفتاها بفرح لتندهش ناهد مما تراه .
رفع وليد هاتفه الجوال الى اذناه ليكمل تمثيلية على شقيقته .. ويقول ( ايوة ياروح قلبي وليد ..خلاص هجيلك ..هو انا عندي مين يملى حياتي غيرك بس ..هوصل بس الجماعه واجيلك طوالي يا عمرى )
وما ان انتهي من الاتصال ، استدار الى شقيقته وهو يقول بغمزه
_ مش هفضالكم بقي النهارده ...
استغلت ناديه تلك النقطة لتقول وهى توجهه انظارها الى ناهد
_يووه طول عمرك كده بتاع نسوان ..مش هتتغير ابدا ..
رمقت ناهد نظرة تقليل واستحقار بعض الشئ لوليد وهى تري شخصيته الحقيقية امامها ، فقد كانت تحترمه بشدة وترى فيه حنيه اخويه ، لم يستلطف وليد تلك النظرة التي ألقتها ناهد عليه ، وشعر انه قد ضخم امر شخصيته البشعة ، مما جعله يندم بعض الشئ ، لكنه سيفعل اى شيء حتي لا تُزرع الضغينة بين الفتيات لها حتى وان اصبح امامها الجانب القبيح .
وفى الليل ذهب الى سيارته ونام بها طوال الليل حتي ألمه ظهره جدا ومرت الليلة بالطول والعرض ، وفى الصباح الباكر عاد الى المنزل وهو يتوجع من ظهره ، ليري ناهد تخرج فجأة من المطبخ وتحدق به بتقزز ،فبادلها بسخرية وتفاجئ من أمرها ، همست ناهد بضيق مع نفسها وهى تدلف الى غرفتها
_ طبعا ظهره واجعه ماهو شغال طول الليل ..فى الحرام ..
استغفر الله ..مليش دعوة ... انا ليه شاغله بالي ..هما كانو من بيت اهلى .
وفى غرفه وليد كان ينحني بظهره الى الامام حتي يقل الألم قليلا ولكنه تفاجئ من دخول شقيقته عليه وهى تقول
_ البنت دي لازم تمشي من هنا .. انا مش مرتاحة ..
عض على شفتاه فكان هذا ما كان يخشاه فالتفت اليها وقال
_ ليه ..؟؟ عملتلك حاجه كفا الله الشر
جزت نادية على اسنانها وهى ترى تمسكه بها من نبرته الغاضبة فردت بغضب
_ لو ممشيتش انا همشي ...
أشار وليد اليها بأن تخفض صوتها ، فرفعت نبرتها بعند واردفت
_ انت متمسك بيها ليه ..بتحبها ..
عض على شفتاه بتماسك ، ثم قال بهدوء
_ لا ..لا ..لا ..مش بحبها ..بس مستحيل امشيها من هنا ..
_ خلاص يبقي انا اللى همشي ..
_ أنت ليه بتعملى كده ياناديه .. بنت غلبانه دخلت بيتنا وأخدنا عليها وشافت اسرارنا كلنا واتفقنا اننا هنساعدها ..ليه تبقي غدارة ..
_ وأحنا مالنا بيها ..أنت معقول مصدقها ..دي كذابه ..كذابه..
وانا بقولك اهو ..
عضت على شفتاه بقوة وبدأ جسدها يرتعش بالكامل ، فملأ الخوف وليد وهو يري ان نوبتها تعود من جديد فقال مسرعا بهدوء وهو يجث على ركبته حتي يكون مقابلا لها
_ خلاص خلاص همشيها ..
قبل يدها وادرف
_ اهدي ...مش هخلي أي حد تكرهيه يعد في مكانك ابدا ..
عشان خاطرى اهدي بس
توقف جسدها عن الارتعاش رويدا وهى تلتقط أنفاسها بصعوبة ومالت رأسها بايجاب لتتركه حائرا في أمره .
*****
لم تتوقف هنادي عن الذهاب في المكان الذي كان يعمل به رحيم لتراه في كل مرة شاغرا ، فكرت في الذهاب الى نادين لكي تسأل عنه والى اين ذهب فلم تعد تراه معها أيضا ولا يذهب حتي الى الحديقة ، وبدافع الفضول الذي احتل كيانها بقوة ذهبت بجراءة حاولت ان تتلبسها لأيام وقالت بخبث وهى تحدق فيها بتماسك دون ان تعطي أهميه الى نظراتها الكريهة لها
_ أنا شوفت رحيم كان واقف في الحديقه اللى جنب الشركة ومعاه بنت ..
انتفضت نادين بلهفه وهى تقول ..
_ أنت متاكده ...شوفتيه أمتي
_من شوية ..
تأكدت من شكوكها حين وجدت نادين تهرع الى الحديقة فعلمت انها أيضا لا تعلم عنه شيء ، فهى ليست غبية لكى تسأل تلك الخبيثة بشكل مباشر عنه، فهى لن تقوم بالإجابة ابدا عليها فقد ستضعها في بحيرة مليئة بوحل الافكار .
تنهدت بتعب فنادين أيضا لا تعلم شيء عن رحيم فتساءلت الى اين ذهب ، جاء بخاطرها ان تسأل عنه المدير ، لكن بالتأكيد نادين سألته ولم تحصل على جواب هي الأخرى فردة فعلها تظهر ذلك .
فجلست على ماكينتها الخاصة بالتطريز وتحاول أن تنسي إنه كان هناك رجلا ظهر في حياتها وقام بحمايتها والدفاع عنها ، ولكن في كل مرة تفشل .
صدر صوت رنين هاتفها فجأة فرفعت الى بصرها تتصفح من المتصل ، فكانت والدتها مني ، قامت بفتح الاتصال وهى تقول
_ ايوة يا ..ما
ردت عليها مقاطعة ..
_ بت يا هنادي ...الشجه بتاعت أمانى .. واسعه ..وزينة ..
قامت من امام ماكينتها وخرجت الى ناحيه السلم وتذكرت أول لقاء جماعها مع رحيم فتنهدت ورفعت الهاتف الى اذناها وقالت
_ هو الكلام طلع صح ..وفى قرض فعلا ..
_ ايوة يا بتي ..ولازم نسيب السرايا اليومين دول ..بجت من حج البنك خلاص
_ لا ياماما انا سبتها بقالىي فترة ايجارها غالي اووى ..ومدفعتش حتي اخر ايجار ثلاث شهور ..
_ وااه ..اومال يابت انتى جاعده فين ..
_ في سكن الطلبة ..واخده أوضة ..
أغلق الاتصال دون ان تسمع كلمه مع السلامة ، زفرت ببؤس على معامله والدتها السيئة لها والتي لم تتغير ولو القليل ،وضعت الهاتف في جيبها لترى نادين وهى تصعد السلم أمامها وهى تقول بارهاق
_ انت متاكده انك شوفتيه
_ ااه شوفته ... امبارح ودلوقتي
_ ازاى .. واخوه بيقول انه سافر ..أوعى تكوني بتضحكي عليا ..
_ سافر فين ..؟؟
_ الصعيد ..
دهشت نادين من مجاراة هنادي في التحدث ولهفتها في استماع الإجابة فقالت بغضب
_ أنت كنت بتلعبي عليا ...؟
_ لا طبعا ..اكيد اخوه بيكذب عليك ..لانى شيفاه بعنيا ..
ضيقت نادين عيناها بفتور تحاول ان تقرا قسماتها التي كانت خاليه من أي تعبير ، فابتعدت عنها وخطت ناحيه عملها وتركت هنادي في إعصار عقلها وتتساءل بصدمة عن امر مالك هذا وعلاقته برحيم ..فهل هما شخص واحد .؟ ام مجرد تشابه..؟.
*****
خرجت جيهان من غرفتها واتجهت ناحيه المطبخ فمعدتها تقرقر من الجوع ، لم تسمع لاى حس بالشقة ،فبحثت في جميع الغرف لترى انها بمفردها مع طفلها ، وضعت اللقمة في فمها وتوقفت عن المضخ حين تذكرت اسم المتصل الذي ظهر بهاتف حسام ، فأكملت المضخ بعنف وبدأت تضع همها في الأكل ، توقفت فجأة عن تناول الطعام حين رن الجرس ، نظرت من العين السحرية لتندهش من وجود أسماء امام الباب ، رجعت الى الوراء وعزمت على عدم الإجابة عليها ، ولكن أسماء استمرت في رن الجرس .
_عارفه انك جوه ..افتحي يا جيهان..
انتفض جسدها بتوتر وبدأ الخوف يملأ عروقها ، لتفتح الباب وهى ترى إصرارها في رنه ، رمقتها بنظرة استحقار ثم دخلت الى الصالة وجلست على الأريكة وهى ترفع قدما على الأخرى ، وأشارت الى جيهان بان تغلق باب الشقة وان تأتى اليها .
_ مش هتقدميلي حاجة ولا ايه ..
ذهبت جيهان الى المطبخ بدهشة وقامت بصنع بعض العصائر واتت بها الى أسماء ..فقالت وهى ترفع احدي حاجبيها بثقه
_ من غير لف ودوران ..أنا اتطلق انا وماهر ..وحسام عاوز يرجعني ..وبيفكر انه ياخد ابنه منك ويخليني انا اربيه مع اخواته ..أنا بس حبيت اجي اعرفك نيته ..عشان تلحقى نفسك وتاخدي ابنك وتمشي من هنا انت وهو قبل ما تمشي لوحدك طبعا ...
جحظت عين جيهان من معرفه أسماء بامر طفلها ، فازدردت ريقها بتوتر وهى تحاول ان لا تتفلت اعصابها وتصدق تلك الخبيثة ..فاردفت أسماء بنبرة ثقه
_ لو انت مش مصدقاني تقدرى تقولى انا عرفت ازاى ان ابنك يبقي ابن حسام ..
تعلم انه بالتأكيد لعبه قذرة يفعلها ماهر عليها مع أسماء لكي يزج بها في السجن فقالت بنبرة مليئة بالخوف
_ انت كذابه ..حسام عمره ماهيقولك حاجه زي دي ..أنا واثقه في جوزى اووى وعمره ماهيرجعلك ..
قهقهت أسماء بسخرية ورفعت هاتفها وقامت بالاتصال أمام جيهان بحسام ليعلو صوته من الهاتف وهو يقول
_ ايوة يا حبيبتي انت فين دلوقتي ..
_ جهزت شقتنا الجديدة ..يا حسحس ..
_ طبعا اختارى كل العفش الى يعجبك ...أنت تؤمرى وانا انفذ ياقلبي ..
شل كيان جيهان من واقع كلماته ولم تستطع ان تتحدث فخطت ناحية المطبخ وتجرعت قنينة ماء كاملة حين شعرت بالإغماء فقد أصبحت صحتها ضعيفة بسبب الحمل ولم تعد تقدر على الصدمات المتوالية ولم ترى أسماء وهى تسكب مشروبا تحمله في حقيبتها داخل العصير الذي قدمته لها وهى تضحك ان جيهان أعطت لها الفرصة بأن تضعه بسهوله دون ان تقوم بحيله حتى لا تراها ، عادت جيهان الى أسماء وقالت ..
_ طب انا أعمل ايه دلوقتي ..
_ اهربي ..لانه معتش غير يوم و ..هياخد ابنك منك ..ومش هتقدرى ترجعيه ابدا .
تهتف بها أسماء وهى ترى ان جيهان تلتقط أنفاسها بتوتر ، فرفعت أسماء كوب العصير الى جيهان تقدمه لها ، جذبته جيهان وتجرعته بالكامل .. لتشعر حين انهته بأنها لا تستطيع ان تتحامل على نفسها وتقف ، فارتفع صوت طفلها يبكي بصياح مرتفع، فوقفت وخطت إليه بتعب شديد ..فأوقفتها أسماء وهو تقول
_ تعالي هنا إنت رايحه فين... وجذبتها من يدها بهدوء الى الخارج وهى تمشي معها دون أن تتحكم في نفسها.
****
استيقظت من نومها بتوجع وهى تشعر بالصداع الشديد لترى نفسها ترتدي قميصا نوم حريري ، رفعت راسها بتوتر الى الامام لتجد انها بغرفه بيضاء راقيه لم تراها من قبل ، صدر صوت همهمة بجانبها فالتفت بوجهها لتشهق بصدمة من وجود رجل نائم بجانبها فانتفضت من الفراش وبحثت عن ملابسها بالغرفة ،فلم تجد أي شيء ، خرجت من الغرفه لترى مكانا غريبا جذبت مفرش السفرة ووضعته على جسدها وهربت مسرعة من تلك الشقة وجسدها يتمايل بإرهاق ولكنها تماسكت حتى ركبت سيارة اجرة وذهبت الى الشقة وهى منحنية الظهر وتلتقط أنفاسها بصعوبة وريقها جاف لدرجة كبيرة ، وحين وصلت قامت حماتها بفتح الباب لها وهى تحمل طفلها على ذراعيها و تسألها الي اين ذهبت وتركت طفلها بمفرده ، لم تستطع جيهان ان تتحدث بأي كلمه فقط تريد أن تشرب وتبلل ريقها ، وحين انتهت من شرب الماء ، سمعت صوت باب الشقة يغلق بعنف ،رات ان حسام يتجه اليها والغضب يملأ محياه بجنون ،و يرفع هاتفه بوجهها ويمسك احدي ذراعها بقوة حتى كاد ان يتحطم بيده وهى لا تستطيع الرؤية بشكل واضح مما يحاول ان يريها إياه ، لكنها تسطيع ان تستمع جيدا وهو يقول
_ بتخونيني يابت التييييت ...بعد ما قعدتك في بيتي وامنتك على عيالي ... وابنك ..ابن الحرام كتبته باسمي ...يا ####
اخرجي بره بيتي ... مشوفش خلقتك تاني ..لأما هقتلك ...
_ لا ..لا مخنتكشي ..والله ..أنا مظلومة ..
_ اخرسيي..يا ####
ألقى بها حسام خارج الشقة بعنف ثم سحب الطفل من يد والدته بقوة ووضعه على الأرض لها وهو يبكي بصياح ويردف
_ لو شوفت خلقتك تاني هنا.. يبقي هتكون أخر مرة هتشوفى فيها ابنك ..
أغلق الباب في وجهها بقوة تحت ارتجاف جسدها من نظراته المتوعدة فسحبت ابنها وهرعت مبتعدة الى الرصيف وهى تبكي بوجع ولا تسطيع أن تتذكر أي شيء حدث معها ونست تماما انها تخطوا على الرصيف بذلك القميص الأبيض .
*****
يحاربه تفكيره على ما فعله والاشتياق الى ايامها يقتله بولع ها هو يمر بإحساس الخيانة من جديد والتخلي عنه ،ألا يكفيه ان والداه قد تخلوا عنه يوم ولادته بتلك الطريقة البشعة ؟ ، يشعر ان حياته عبارة عن خدعة يدفع هو ثمنها بالغالي ، فماهر يحاربه ولا يستطيع ان يمسك عليه شيئا رغم ان أسماء تخبره بأنها سرقت منه أوراق ان بلغت عنه يدخل السجن لعشرون عاما على الأقل لكن لا تقدم له تلك الأوراق بجحه انها لا تثق به وتنتظر الوقت المناسب مع انه قام بتقدم شقه لها، حين تنتهي من العدة تعود له كزوجه ولكنها لا تتوقف عن اللعب به وهو يمهلها بعض الوقت ، لكنه داخليا يعلم ان امره سينتهي قريبا ،ففكر بين نفسه بأن يذهب الى عائلته التي من دمه لكي يعترفوا به ولكى يرى على الأقل والدته البيولوجية التي تخلت عنه ويسألها هذا السؤال الذي يلح عليه بطلب إجابة لما تخلوا عنه ولما حاولوا قتله .
وفى يوم ما عزم على الذهاب إلى الصعيد بعد اختفاء أمانى وصديقتها من الشقه ، وحين وصل الى السرايا التي رأى بها جريمة قتل قبلا ولا يستطيع ان يصدق الى الان ان ما رأه حقيقي فتعامل على انه مجرد كابوس مخيف ، دخل الى السرايا ليرى سيدة في العقد الخامس من عمرها ترتدي ملابس سوداء ، وبجانبها فتيات ترتدي مثلها وكأنه حداد على موت أحد ما ، علم ان تلك السيدة التى صورها مخبر له منذ أيام انها زوجه سيد نصير فعلم انها والدته ، فوقف مقابلهن وقال بشكل مباشر ..
_ أنا جاي أطلب حقي ..
انتبهت اليه الفتيات والى جاذبيته المفرطة فبقي ينظرن اليه بشرود دون الانتباه الى كلماته ،اقتربت منه تلك السيدة وقالت وهى تتصفح ملامحه بعجب
_ حجك ايه ولدي ..مين انت ..وعاوز مين
_ أنا حسام .....
اقترب منها يحدق بها بقوة ولم يشعر بأي شى حين رأى عيناها سوي بالكره فهمس
_ سيد نصير .. حسام سيد نصير ..ابنك ..يا أمى .. ابنك وابن ابويا اللى اتخليتوا عنى ورمتوني في المقابر ..
مالك مصدومه اووي كده ..
مصدومه انى عايش وممتش ولا عشان رجعت أطالب بحقى في الورث .
يتبع ..


سارة منصور دوار الشمس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-22, 06:30 PM   #93

سارة منصور دوار الشمس
 
الصورة الرمزية سارة منصور دوار الشمس

? العضوٌ??? » 473504
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 396
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » سارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك fox
¬» اشجع ahli
افتراضي

القبلة الحادية والثلاثون
كلما تحدق به منى ترى الشبه الكبير بيه وبين سيد في هيكله وبعض ملامحه ، مرت عيناها عليه بالكامل عدة مرات ولا تصدق ما يحدث أمامها فهل هو حقا ابن زوجها ؟
_ ..أنا مش أمك!! لو كنت چاي عشان تاخدلك جرشين بالتمثيليه دي فبلاها تهزج نفسك على الفاضي .
ضيق حسام عينه وهو ينظر اليها بغضب ، فكيف لها ان تنكر وجود ابنها بعد أن رجع اليها بعد أعوام طويلة، اختفت هواجسه من عقله بأن يكون احد ما قام بخطفه من عائلته فقد تأكد من عيناها الباردة أنها هى من قامت بتخلي عنه ، فقال بنبرة مليئة بالغضب لكي يخفى ضعفه عندما علم إنه ابن غير مرغوب به
_ أنتِ معندكيش إحساس ..؟
يكون في علمك مش هرجع غير لما اخد ورثي وحقى ..
والورقة دي بتبين انى ابن سيد نصير
تطلع الجميع على الورقة الطويلة والعريضة التي بيده يحدقن بها بغرابه فكانت باللغة الإنجليزية وهن لا يستطعن حتى قراءة اللغة العربية فأضاف الى الورقة تلك السلسلة التي أعطتها لها والدته و اخبرته انها وجدته وهى موضعه على عنقه في المقابر ، وحين رأتها مني جحظت عيناها بولع لتحذو حذوه وتجذب منه السلسلة الفضية وتقول بعد ان شهقت بصدمة وهى تتذكر الماضي بحزافيره
_معجول تبجي ولد سنية بنت خالتي ؟؟
أنا جولت العين دي شوفتها فين جبل كده ؟؟
ذهل حسام من كلماتها السريعة التي ألقتها عليه ليرنوا اليها ويقول بتعجب
_ سنية ..؟
_ بس . يجولو كانت حامل بابن عشجها ... بعد ما كان سيد هيموت على العيل.
شهقت منى وهى ترفع بصرها الى حسام وتقارن ملامح سنية مع سيد لتتأكد داخلها أنه بالفعل ابن زوجها من ابنة خالتها سنية التي قالوا عنها انها هربت مع عشيقها بالسر وهى على مشارف ولادتها ، فأردفت بدون تصديق ما تراه أمامها
_ انت متأكد أنك وِلد سيد نصير ؟؟
كان يراقب كلماتها ويحاول استيعاب كل تلك الاحداث
فابتسم ساخرا بحسرة وهو يقول
_ انت بتلفى وتدورى على ايه .. عاوزة تقولي إنى إبن حرام وانى مش من حقى الورث؟
_ اسمع ياولدى أنت شكلك متربي زين .. واللى اتكفل بيك ابن ناس .. لو كنت ابن سنية بنت خالتى ..فانا هجدم ليك معروف ..وما تعرف حد انك ابن الغول عاد لحسن ياكلوا فلوسك ... اهرب من اهنه واصل القروض بتجرى ورانا ..وما حيلتنا غير التراب ...
حدق بها حسام ببعض الضيق وهو يحاول ان يلم زمام الأمور ليهتف قائلا .
_ لو مكنتيش امي زي ما بتقولي واني ابن سنية بنت خالتك ..؟؟ هي فين عاوز اقابلها ..!!
طأطأت رأسها لأسفل وهى تتذكر ما سمعته من جدتها عن سنية فى الماضي لتقول بشفقة
_ العلم علمك ياولدى ..أخر مر شوفتها كنت بنت عشر سنين أنى كل اللي اعرفه إن ابوها جَوزها لسيد وهى صغيرة وحفيظة جدمت ليها السلسلة دي لما عرفت إنها حامل بولد أخيرا بسبب بطنها الصغيرة وكانت نازله لتحت ولما بجت خلاص جربت تولد ظهر في البلد فضيحة انها هربت مع عشيجها ،
.. رفعت مني بصرها الي حسام تتفرس فى ملامحه بدقة
_يمكن انت تكون ابن عشجها مانعلموشي ..!!
تهمس بتلك الكلمه الأخيرة بتردد فهى متأكده أنه ابن سيد .
كان حسام تائها في ما يسمعه من منى من اشياء غريبة، فقال بعد أن فاض به منها
_ امانى فين ..؟؟
جحظت عيناها وهى تقول
_ انت تعرف بتي أمانى ..؟
_ أمانى تبقي اختي بالدم ..ومعايا الدليل اللى يثبت ..
ثقلت انفاسها فهى تخشي على ابنتها من دخولها فى بوابة مشاكل جديدة خاصة بسيد وهى لا تزال تعاني بسبب حياتها السوداء فقالت بتوتر
_ أتكلم على جد عجلى ماني فاهمه اى حاچة ..وكيف اخوها .؟
تهتف بها منى بخوف ثم تلتقط أنفاسها وتردف
_ انى ما نعرف فين مصلحجتك من كل دِه ؟ وانى حظرتك وانت حر ...
وبجولك ماتدخل بناتى في الكلام الغريب دِه احنا مش ناجسين هم .
علم حسام انه يقوم بتضييع الوقت مع مني فهَما بالانصراف وهو يزفر بقوة ، وخرج من باب السرايا بعد أن رمقها بغضب ، وقد تغير هدفه الأن في أن يبحث عن أهم نقطه فى محور حياته وهى سنية. فهل هى والدته حقا ؟ .
_ لا حول ولا قوة الا بالله
تهتف بها منى وهى تضرب يدها بيدها الأخرى بدهشة مما حدث وهى تراقب حسام يبتعد من أمام عيناها إلى الخارج ثم تدخل إلى السرايا وتصعد الى غرفتها ،لتجد مونى تتوسط السلم وشاخصة البصر امامها بصدمة ، لتقول منى بشماته
_ سمعتي يا ختي ..شوفتى ابوك الفجر ..طول عمره كان نفسه بحتت عيل يحمل اسمه ..ودمر بيوت كتير ... ولما اجاله ولد... اتحرم منه ..ده حتى ماشفهوشي ..
ردت مونى عليها وهى لا تزال عيناها ثابته في نفس موضعها بشرود
_ تعرفي مين ده يا ماي ...ده اخو زياد ...
رفعت والدتها بصرها اليها بدهشة بذهول وتقول بتعجب كبير
_ يعني ابن رجب ..
_ لاه الحكاية دي طويلة جوى... بس باينه اخوي مثل ما جال من ابوى ..انت ماشوفتى الشبه الكبير بينه وبين ابوي ومالك كمان ...
رفعت مني يدها على ذقنها وفكها السفلى يتدلى لاسفل بصدمة وعقلها يفكر حتى همست
_ والله يا بتي اجول نفس الكلام ..
_ يا مه لو هو فعلا اخوي يبقي حياتنا كلها هتبجي زين ... صوح مابتضيج الا مابتفرج ..وشكلها هتفرج على الاخر.
نزلت مونى إلى أسفل الدرج وجثت على ركبتها وأخذت الورقة التى تثبت انه اخ أماني وهى تحدق بها بسعادة غامرة، فقد سقطت من يده امام عيناها وهو يستمع إلى كلمات والدتها الصادمة.
***
ظل يمشي دون وعي في الطرقات الزراعية ويفكر بكلام مني داخل رأسه بأن والده توفى وترك أموال طائلة من القروض على رأس بناته وزوجته ، غمغم بشرود
_ سنية ..! ...وعشيق ...وحورات ملهاش أخر .
عاد الى وعيه فجأة ليري ان الظلام قد حل ويقف أمام بحيرة تتوسط ما بين الأراضي والمقابر ، جلس بإرهاق شديد أمام البحيرة على الكرسي مهترئ موضوعا منذ قديم الزمان فتذكر سيارته التي تركها امام السرايا بسبب صدماته المتوالية مما سمع .
لم يشعر بنفسه وجسده يتهاوى ويسقط على الأرض فجأة و رأسه ترتطم بالأرض ، انتفض واقفا وعدل من وقفته ومسح التراب من على جبهته ليلتقط أمامه فتاة في ريعان شبابها ترتدي ملابس بيضاء وتقف على الماء وتحدق به بقوة ، رأي بها جمالا يعادل جاذبية السماء في يوم صافى بنسمات باردة ، شهق حين اقتربت من موضعه ليرى انها نفس الفتاة التي تزوره في أحلامه فازدرد ريقه وهو يهمس
_ ده اكيد حلم ...
لترد عليه الفتاة وهى تبتسم بنعومة وتقول
_ كان نفسي اشيلك بين دراعي واضمك لما سمعت صوتك يا حبيبي وانت نازل من بطني ..
قلبي كان وجعني عليك أوى يا راضي ، بس لما شوفتك بتتربي وسط الناس دي اطمنت ، متسبش الست دي ابدا ..ورد جميلها ..دي تعبت معاك أووى ..
_ أنت مين ..وليه بتظهرى ليا دايما ..
لم تتغير قسمات الفتاة وظلت على ابتسامتها الناعمة برقة وهى تقوم بالرد عليه
_ أنا مامتك يا حبيبي ... ماما مش شايف عنيك صورة مني ازاى ..
_ مستحيل ...!!
دقق داخل عيناها بقوة لتجحظ عيناه وهو يري دوران وجهها وشفتاها وانفها صورة مصغرة من ابن جيهان .
اردفت الفتاة بعد أن مررت أطرافها على وجنتيه برقه .
_ ايوة صح ..هو ابنك ..!!
انتفض جسده بغتةً وقد اختفت الفتاة تماما من أمامه فالتفتت يمينا يسارا يبحث عنها فلم يجدها ، فجلس على الكرسي مرة أخرى وهو يلهث ليأتي صوتا داخل أذناه ( متدورش على أي حاجة ، مش هتاخد غير نصيبك )
لم يتوقف قلبه عن الوثب بقوة بعد أن رأى تلك الفتاة ،فسر ما حدث معه على انها اضغاث أحلام ، فعاد الى السرايا مرة أخرى واستقل سيارته وعزم على الذهاب الى القاهرة لكنه توقف فجأة حين تبادر الى ذهنه بان تلك السيدة ربما تكون كاذبة وتخبره بتلك الأمور حتى لا يقترب من الإرث ، فخطي صوب السرايا بعزم ، ليتوقف فجأة بصدمة عن الخطي حين قابل مونى امامه ، فقال باندفاع وذهول
_ انت بتعملى ايه هنا ..؟؟
ابتسمت مونى بسعادة وهى تقول
_كيفك ياخوي ؟؟ والله فرحت لما عرفت انك من لحمى ودمى ..والله الفرحة مش سيعاني ..
صدم حسام من تصريحها المفاجئ وقد فهم ما ترمي اليه ،فساد الصمت لدقائق مع الحرب التي تقوم بين نظراتهما لبعضهما ليرد بنبرة غليظة
_ يعني طلعتي بت سيد انت كمان ..
_ ياااه جد ايه الدنيا صغيرة جوووي ..تخيل انك ولد عم زياد كمان ..والله حكايتكم حكاية ..
قلبه يخفق بجنون وهو ينصت الى تلك الحقائق الصادمة وراء بعض و في ان واحد ، امسك بكتفها وقال ..
_ تعالى وريني بيت أهل أمى ..
عضت مونى على شفتاها بألم من يده التي تضغط على كتفها بقوة فردت عليه بنبرة متصنعة الود
_ بس أكده ..من عنيا الاتنين ياولد ابوى .
استنى الصبحية لان الطريج ظلمة جوى ومفيش انوار .
_لا دلوقتى وحالا .
يهتف بها وهو بجذبها من معصمها لتمسك ببوابه السرايا بيدها الأخرى داعمه لها لكى تمنعه عن سحبها ، زفر بقوة وحدق بها متوعدا فهتفت برجاء
_ هوديك الصبح الطريج مثل ماجولت ليك ضلمة مش هنشوفوا حاچة ..أنى دريانة بالطريق زين ..تعالى جوي بس.
دخل إلى السرايا خلفها وهو كافر الوجه وحين رأي شقيقاته من أبيه امتلأت قسماته إلى استحقار وحقد دفين، كن قصيرات واجسادهن ممتلئة وكل واحده منهن ترتدى الحجاب والعباءة السوداء ، ظل يحدقون ببعضهم البعض مع علائم القلق على قسماتهن فاعلت الهمهمات حتي خرجت منى مع ابنتها مونى من غرفتها ونزلت الدرج ..فقالت منى حين اقتربت منه
_ ..مستحيل توصل ليها ..لان جبروت ابوك يجيب الجشة من الخبيز ...وهو فشل إنه يلاجيها... طول السنين دي.
_متفتكريش انى هتنازل بسهولة عن حقى ..بتمثليتك التعبانة دى.
تلك النبرة والحقد داخله والذي يقبع داخل عيناه يذكرها بسيد نصير في شبابه وكم دمر حياتها ، لولا تلك العيون البرية التي ورثها من جده لأمه لقتلته .
_ ...اعمل مثل ما تريد .
رفع رجله على الاريكة ورجع بظهره الى الوراء لكي يجلس بوضعيه مريحة وهو ينتظر الصباح بفارغ الصبر ، لمح تلك الصورة المعلقة على الجدار أمامه فعرف من الوهلة الأولى انه والده سيد بهذا الجبروت فى نظرته ، فكم سمع من المخبر انه كان رجلا سفاحا لا يهمه أحدا .
تنهد وهو لا يعلم لما قام بالتخلي عنه مع انه لم يأتي بولد غيره، الفضول يأكله وتلك الامرأة لا يصدق كلامها مهما تقول فداخله يشعر انها خبيثة جدا .
لمح بطرف عيناه احدي الفتيات تجلس بمفردها على الأرض بركن خلف الدرج وعلى محياها الحزن الشديد والوهن ، فطن انها اصغرهن في العمر ، فأشار لها فلم تجيبه ،فاتجه اليها وقال بصوت ظاهر
_ مين اللى مات ..
رفعت الفتاة بصرها اليه وقد انتبهت اليه لتشد حجابها على رأسها وتقوم بتعديله وعيناها تتلألأ بالدموع فردت بصوت متحشرج
_ أمي ..
_ مش مني تبقي امك ؟؟
_ لا دي مرات ابوي ..
مال رأسه بتفهم ثم قال بتساؤل
_..ماتت بقالها قد ايه ..
_ يومين ..
_ ماتت ازاى ..؟
انهمرت الدموع بصمت من عين الفتاة وردت بصوت باكي متقطع
_ عربية داستها ...
ساد الصمت لبرهة لترفع الفتاة رأسها وتردف بخوف
_ هو انت فعلا اخونا ..؟؟
تنهد بحسرة وقال بنبرة استهزاء
_ للأسف ..
نبض بريق عيناها قليلا بالأمل بطريقه لم تعجبه ،فقالت متسائلة
_ وانت ايه اللى جابك دلوجت بعد العمر ده كله ..
معجول جاي تلمنا وتحافظ علينا ..
ارتسمت ابتسامه شماته على ثغره وهو يقول بنبرة استوطنها الغضب والحقد
_ لو بايدي ادمركم واحده واحده اعملها ، انا جاي اخذ حقكم واطردكم بره .
دهشت الفتاة من طريقته الغليظة في التحدث فردت عليه بغرابة
_ ..احنا معدناشي زي زمان
أرضنا اتكلت وكل حاجة راحت لحالها ..احنا بجينا نكح تراب ...وانت شكلك اتربيت بخلجاتك دي في عز ...يمكن مكنتش هتشوفه مع ابوي ...ابوي كان يفطر بلحم اهله ويتعشي بشرب دم الناس ...
حدق بها بغرابة فقال لها
_ انت بتحولي توصلي ليا ايه ..
_ مرات ابوي جالت ليك الحجيجة ..لو حد شم خبر بانك اخوي مثل ما تجول هينسفوا فلوسك كلياتها ..ابوي خذ قروض ..وحط ورثنا كله ضمان .. يومين بالكتير ونترمي بره .
في تلك الاثناء
صدر صوت رنين هاتفه الجوال ليرفعه الى اذناه ويجيب عليه وهو يحدق بتلك الفتاة بغرابة .
_ الو .. يادكتر انت سامعني
_خير...
_ سيد ده طلع واخد قروض كتير اووي والبنك حجر على كل الأملاك ..
جز على أسنانه ووضع هاتفه في جيب بنطاله بصدمة وقال للفتاة ..
_ انت اسمك ايه ؟
_ جيهان ..؟؟
جحظت عيناه عندما نطق هذا الاسم أمامه ليعود الى اخر ذكره تجمعه مع زوجته ،ازدرد ريقه بمرارة وقال
_ تعرفي بيت سنية اللى مرات ابوك قالت عليها ..
_ طبعا ..وممكن أخدك لهناك دلوجت ..
تهتف بها وهى تشير اليه بأن يمشي وراءها. كان قرآن الفجر يردد داخل المساجد وهو يمشي خلف الفتاة في الظلام ومندهشا من هرولتها في الظلام الدامس على جسر الرفيع الذي يفصل بين الأراضي الزراعية ،لم يسعفها في الخطى وراءها وهو ينير كشاف هاتفه فالطريق غير متساوي وبه عرج ، وقف حين توقفت الفتاة فجأة أمام شجرة عملاقه يتسلط ضوء القمر على فروعها فرفع بصره اليها بعجب ، انتبه الى الفتاة وهى تدخل الى بيت مصنوع بالطوب الني فخطي وراءها مسرعا وحين دلف كليهما قالت
_ هو ده مكان ابوها ...بس هو مات من مدة ..
عض حسام على شفتاه بضيق وهو يمر كشاف اناره هاتفه على كل جزء بهذا البيت الصغير فلم يجد به أي شئ سوي بعض المفروشات الممزقة ، فجأة لمح صورة إمامه معلقه على الجدار المتهالك فاتجه صوبها ورفع هاتفه اليها يتفرس فيها بدقة ليشهق بصدمة كبيرة ويصيح بولع متسائلا
_ مين دي ..؟
ارتجفت الفتاة من نبرته وانتفض جسدها وهى تتساءل ان كانت فعلت امر سيء ام لا ، لم يصدر منها جوابا لكي يشبع فضوله القاتل فاتجه اليها وامسكها من ذراعها يهزها حتي تجيبه بسرعة فرمقته بنظرات خائفة ، حاول ان يهدأ من روعه قليلا وقال بتماسك
_ متخافيش ..انا بس عاوز اعرف مين دي ..
أرجوك جاوبي ..
شعرت بحاجته الماسة لكي يعرف من بالصورة فقالت بصوت متحشرج .
_ دي مرت عمي رجب . .. اسأل موني كمان هى اللى تعرف جريبنا كلياتهم .
تركها حسام واتجه صوب الصورة مرة أخرى يتفرس بملامح تلك الفتاة الأخرى بقوة ويهمس
_ مش معقول حد يبقي شبه مخلوق بالمنظر ده ...
سحب الصورة من داخل البرواز القديم ووضعها فى جيبه .
انتشرت زقزقه العصافير المجمعة على فروع الشجرة الضخمة فى الخارج ولا يزال حسام يبحث بكل ركن في البيت ولم يجد شيء بعد، وبعد مرور الوقت اتجه الى سيارته أمام سرايا سيد نصير وقال للفتاة وهو يقدم لها بعض الأموال
_ اسمعي يا....
زفر بغضب من صعوبة مرور ذلك الاسم على شفتاه ولكنه تغاضى عن مشاعره وغمغم
_ مفيش الا هى اللى اسمها جيهان ولا ايه...
رفع بصره إلى الفتاة وقال بسرعه
_اسمعي ياجيهان ..
صمت قليلا وقلبه يؤلمه بضيق من لفظه لذلك لاسم الذي اصبح يكره بشده ، واردف
_ ولا كأنك شوفتيني.. فاهمة ..
بسطت الفتاة يدها اليه بتردد ليضع حسام الأموال في يدها وقاد سيارته وذهب فى طريقه.
****
قلبه يتمزق من القلق بعدما قصت عليه والدته ما حدث مع شقيقته ، وبرغم تأخره أسبوع على علمه بحث في كل مكان بالمدينة وكل ركن فلم يجدها أبدا ولم يتوقف عن البحث في المدن المجاورة .
لا يصدق ابدا ان جيهان يمكن ان تخون زوجها مع رجل أخر ولا تلك التمثيلية التي سمعها ، فهو يثق بها بالكامل ويعلم انها فتاة عفوية لدرجه كبيرة ، تريد أن تعيش وتتأقلم مع ظروفها وان كانت صعبه بالرغم من أن العيش مع حسام ليس سهلا ابدا .
خرج من السيارة بعد أن شعر بالإرهاق الشديد من البحث ، واتجه الى كشك صغير يقوم ببيع بعض المشروبات ، وقف يتجرع العصير وهو يحدق يمينا ويسارا ، فعلى صوت المسجد يردد اذان العصر فنظر الى مصعد السلم بتردد ، فاتجه اليه وقام بتأدية صلاة العصر ، دعي ربه برجاء بأن يقابل شقيقته بأسرع وقت حتي يطمئن فؤاده ، حتى انه قام بنذر ان وجدها اليوم سيقوم بذبح شاه ويفرقها على فقراء تلك البلد .
ركب سيارته وعيناه على كل ركن يمشي بجانبه ، فلمح جمعا من الناس يغلقون الطريق أمامه ، قام بركن سيارته وذهب لكي يشاهد ما يحدث ، وجد سيدة ترتدي النقاب وبيدها صغير يبكي بحرقة يظهر عليهما الفقر بسبب ملابسهما المليئة بالتراب وسيدة ذات نبرة مزعجة تقوم بإمساكها من ذراعيها وتقوم بنهرها وهى تقول
_ يا حرامية ..طلعى الفلوس اللى أخذتيها ..جايا تسرقيي بعد ما شغلتك عندي واكلتك وشربتك ..
جذبت المنتقبة يدها من تلك السيدة بقوة وكلما تبتعد عنها وتذهب في طريقها تقوم السيدة بجذبها من نقابها ، فقالت المنتقبة
_ سبيني اروح اكل ابني ..أنا قولتلك ماسرقتش حاجة ..وانت عارفه .
كان الرجال المتجمعين يتابعون ما يحدث بسعادة واعينهم تنتظر ان يظهر أي شيء من أجسادهما لكى تزيد متعة الشجار.
كان زياد يتابع من بعيد هذا الشجار حتى لمح الطفل الذي تحمله المنتقبة عن قرب لتجحظ عيناه ويتجه اليها بجنون وهو يدفع الناس بعيدا عن طريقه ،و يهمس وقلبه يدق بعنف
_ جيهان ...
وحين وصل اليها كانت السيدة قد جذبتها من النقاب ليسقط عنها منفرجا عن وجهها ، وقف زياد أمامها يتمعن فيها وفى عينها المحطمة الذابلة من كثرة الدموع والتي تحدق به بصدمة .. جثا زياد على ركبته والتقط النقاب بيديه وحين وقف تقدم بالقرب منها يحاول وضعه على وجهها لتمنعه برد فعل سريع وتأخذه وتقوم بارتداء بصعوبة بسبب حملها لطفلها ، فقام بإمساكها من يدها فجأة وجذبها من أمام الناس وحين رفضت وتوقفت عن مسايرته ، قامت السيدة بجذبها من عباءتها من تجاه ظهرها بعنف وهى تقول
_راحه فين من غير ما تجيبي فلوسي يا تيييت ...
صاحت جيهان بسبب قوة يد المرأة وكانت على وشك السقوط بسبب جذبها بقوة من قِبلها فالتقط زياد مسرعا الطفل وامسك جيهان حتي لا تسقط واتجه الى السيدة وأزاح يدها المتمسكه بعباءة جيهان حتى صاحت بألم ، أخرج حزمة من النقود من بنطاله وألقاه في وجه السيدة التي التمعت عيناها بالأموال وجلست على الأرض تلتقطها بسرعة ، واكمل خطواته وهو يجذب جيهان برقه من أكمام عباءتها الواسعة حتى تتبعه ولا تتوقف ، وحين وصل الى سيارته قالت بخفوت
_عاوز منى ايه ..؟
التفت اليها وهو يقول بصياح
_ أنا مش قولتلك لو حصل حاجة تجيلي على طول وانى زي اخوك ..ليه مشيتي من غير ما تعرفيني .
بكت جيهان بصوت متحسر ثم ارتفع صوتها حين المها قلبها من كلماته ومن قلقه المفرط فقالت بين بكائها وهى تحدق الى صغيرها وهو بين يديه .
_ أنا مش أخت حد... أنا يتيمه النسب والروح .
متحاولش تقرب مني... باي طريقة لاني عمرى ماحبك ابدا، وبعدين مش اخوك قالك انا عملت ايه.. وبقيت وحشة فى نظره.
ران الصمت قليلا حتى خرجت من فاه ضحكة وسط ضيقه وحزنه الكبير عليها فكم شعر إنها بريئة إلى درجه كبيرة حتي تعتقد ذلك. فقال بهدوء
_ مستحيل اصدق انك تعملى حاجة زي دى ..أنا هعرفه ازاى يكشحك بره .. انا اختى تعيش ملكه مش تحت رحمة حد ..
امتلأت عيناها بالدموع لتقول بصوت باكي
_ أنا مش اختك ..وملكش دعوة بيا ..
اقترب منها قليلا وهتف بثقة
_أنا شوفت الكاميرا بتاعه الشارع الجانبي وبينت ان واحدة منقبه زيك كانت سحباكي من ايدك ومكنش باين عليك انك طبيعيه فى مشيتك وزقيتك فى عربية مرسيدس .. لو كان بس وشك باين ..كان حقك رجع بسهوله ...انما مفيش دليل ..
ورقم العربية مجهول ..
تفاجئت من كلامه ومعرفته بكافه الامور فى ذلك اليوم الذي لا تتذكره ما حصل فيه مهما تحاول .، فأردف زياد وهو يري انتباهها الشديد له
_صدقيني مش هسكت غير لما امسك شوية التييت دول وارجع ليك حقك ..
ران الصمت قليلا وتوقفت دموعها عن النزول وفكرت بكلامه قليلا لتقول بغرابة
_ انت ليه بتساعدني ..لو بتفكر انى ممكن اقدم ليك حاجه فانت بتحلم ..
_ لأنك اختي ..
ردت جيهان مقاطعه بصياح
_ متقولش اختك ..انا مش اخت حد ..وانت بالنسبة ليا مش اكتر من غريب ..ولا انت لما شوفتني بتهزق واخوك مدمرني فكرت انى ممكن اعمل حاجه غلط مع اى حد يطبطب عليا ..
رد عليها بصياح مليء بالغضب
_ اسكتي انت اختى غصب عن اى حد ..أنت بنت رجب نصير ...ابويا .. امك هربت بيك انت واختك بعيد ..زي ما امى عملت ..
حدقت به بغرابة قليلا بعد أن قام بإمساك معصمها ويردف بهدوء
_ ايوة انت اختي من ابويا ..ياجيهان .. أنامش بقولك إنك إختى من فراغ انا تعبت عشان القيكم ..أنا هعوضك عن كل حاجة شوفتيها ..تعالى معايا ..عشان اخليك تصدقى ..
وتتطمني ..
لم تعلق على كلماته ظلت تائهة لا تعي ما يحدث فتركت معصمها بين اطراف يده يضمها و يجذبها الى السيارة برقه ويدخلها فيها ويعطيها صغيرها ، وعندما ركب السيارة بجانبها وبدأ فى قيادتها التفتت إليه بصدمة وقد عادت إلى وعيها بعد تفكير طويل وقالت بعدم تصديق
_ إنت أخويا....؟
انا مش مصدقة..
إنت أكيد بتضحك عليا...
نزلتي... من العربية بسرعه..
نزلني...
أغمضت عيناها بقوة وقد اصابتها نوبة غضب كبيرة لتردف
_هشوح نفسي من العربية لو موقفتش.
نظر اليها بصدمه من تصرفها ونبرتها الغاضبة فضغط على الفرامل وهو يمسك بذراعها يمنعها من فتح باب السيارة وهو يقول بصياح
_ يامجنونه ابنك...
يتبع


سارة منصور دوار الشمس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-22, 06:31 PM   #94

سارة منصور دوار الشمس
 
الصورة الرمزية سارة منصور دوار الشمس

? العضوٌ??? » 473504
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 396
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » سارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك fox
¬» اشجع ahli
افتراضي

القبلة الثانية والثلاثون
_اهدي.. هخليك تصدقى كلامي
يهتف بها بنبرة غضب وهو يخرج هاتفه من الجيب الداخل الخاص بجاكت بذلته ،ودخل على ملفات الصور وضغط على احدي الصور وأراها اياها وهو يراقب قسماتها الذاهلة
_دلوقتى صدقتي كلامي... دي مامتك... والراجل ده يبقي جدك..
جذبت منه الهاتف وظلت تنظر الي تلك الصورة القديمة التى بالهاتف بعجب، فملامح تلك الفتاة تشبها بطريقة غريبة فهل هى والدتها فى صباها، فكم تغيرت كثيرا حين كبرت وعجزت قبل أوانها ، هدأت قليلا ورمقت زياد عن قرب وقلبها يتواثب بجنون وظلت تتصفح ملامحه وعيناه البريئة التى تألفها، جحظت عيناها وهى تراه عن قرب فقد وجدت به ملامح كبيرة من شقيقتها إسراء.، فازدردت ريقها بعجب وعدم تصديق، فجأة مالت قسماتها إلى البكاء...
ربت عليها بحزن يريد أن يعانقها لكن يشعر ببعض الخجل ،فتنهد حتي يكتم دموعه هو الاخر.
وقف أمام والدته حسنية وطلب منها ان تقص على جيهان كامل القصة ،لتقف جيهان بذهول امامها فهل كانت طوال الوقت بجانب شقيقها الذي يعلم هوايتها وهى التي كانت تعيش بصيغه المجهول .
_ ولما انت كنت حاسس انى بتعذب مع حسام ..ليه معرفتنيش بسرعه ..
_ كنت مستني الوقت المناسب ..!!
ران الصمت بينهما ليرى حزن كبير داخل عيناها بكسرة وهى تحدق به بعتاب كبير ، فقالت بنبرة حزينة
_ انا ليا اخت اسمها اسراء ..
ظلت جيهان تحكي لهما قصة شقيقتها حتي ملأ الحزن زياد وهو يستمع اليها، فقال بصدمة ..
_ انا هطلقها منه وهتعيش معانا ...
صمتت قليلا ثم ضيقت عيناها وقالت وهى تتفرس في ملامحه
_ اسراء عندها ولدين ..انت هتقدر تصرف علينا ..
_ وعلى عشرة كمان ...انتم من لحمي ..محدش هيقدر يأذيكم طول ما أنا عايش ..وعلى فكرة مش انت الوحيده اللى عشتي مزيفة ..أنا زيك بالظبط ..عشت باسم غير اسم والدي ..
أنا عارف كويس اووى انكم شوفتوا كتير ..بس قسما بالله لكل يوم هيمر وانا معاكم ..هعوضكم فيه ...
يهتف بها وهو يربت على كتفها وهى لا تشعر باى شيء سوي البكاء .
_كان نفسي أووى بابا يكون عايش...
عض على شفتاه لكي يمنع سريان دموعه التى تلح عليه بالنزول.
_ ان شاء الله الصبح هنروح لاسراء ..
يهتف بها زياد بعد أن ترك جيهان داخل غرفة هيأها لها لكي ترتاح قليلا الليلة، مالت براسها بإيجاب وشيء ما يلمس كيانها بلطف ، تشك بأنه حلم كالذي يعاودها كل فترة بأن لها عائلة تحبها ، تخشي ان تنام رغم انهاكها وتعبها الشديد وترى ان ذلك حلما، فليست المشكله بها انما بشقيقها الصغيرة التى تعيش حياة جحيميه بالتنمر عليها من الجميع، فهي وانت كانت تم اذيتها بشكل كامل الا انها تعيش حرة فالرق على المسكينة الأخرى.. تتمني لو كان كل ذلك حقيقي حتي تنقذ إسراء.
****
وفى اليوم التالى ، ملأت شرفتها العصافير تزقزق بنشاط فداعبتها تلك الالحان بنعومة فتحت عيناها وهمت بالقيام لكنها شعرت بالاغماء فجلست على الفراش لمحت خيال رجل يقف أمامها وحين تقدم فى خطواته وظهر من هو هتفت مسرعةً
_ حسام ..أنت جيت ..؟
اقترب حسام منها وحدق بها بسعادة فجلس بجانبها وقام بمعانقتها بحنو ولتبادله الضمة وهى تغمض عيناها بأمان ، جحظت عيناها حين تذكرت أخر موقف يجمعهما وما حصل لها مع زياد لتشهق وتدفعه من صدره ليبتسم لها وهى لا تصدق ما تراه فهل صدق انها مظلومة وعاد مسرعا بتلك السرعة عندما أخبره زياد ؟
ظلت تحدق به بدون استيعاب وهو يقف امامها ويبتسم دون ابداء رد فعل على صدمتها ، تبادرت الهواجس داخلها ،وفجأة... فتح باب الغرفة ودلف زياد اليها فالتفتت اليه بتساؤل
وهى تقول
_ أنت قولت له ايه ؟؟
رمقها زياد بغرابه واتجه اليها يجلس بجانبها ويرد عليها
_ هو مين ؟ ..
كانت تقلب عينها على زياد مرة وعلى حسام مرة أخرى لتتوقف عند زياد وهى تشير الى حسام الواقف خلفه وتقول
- حسام ...
استدار بوجهه الى موضع يدها ،فلم يرى أي شيء فعاد بوجهه اليها وقد تبدلت قسماته وقال بعد ان ابتلع ريقه وهو يرفع ذراعه على كتفيها يربت بهدوء
_ انا عوزك تنسي كل حاجه شوفتيها مع حسام ؟؟ أنا لا يمكن اخليه يمس شعره منك بعد اللى عمله فيك ...أنا كنت بموت يوميا وانا عارف انه بيعاملك معامله قذرة .
لم تكن منتبه الى كلمات زياد لها فهى تبحث بعيناها عن حسام الذي تلاشي امام عيناها فجأة حتى خطف انتباها كلمات زياد الأخيرة ، فعلمت وهى تحدق بزياد بشرود انها في أحلام يقظة وتراه بسبب احتياجها اليه وعقلها الذي لا يستطيع ان ينساه ، فقالت لزياد بعتاب
_ بس ده اخوك ..وجوزي ..وانت عارف اني حامل ..مين هيربي العيال ..
انت عوزني احرم عيالي من ابوهم ..
رمقها بنظرة غريبة فرد عليها بهدوء رغم مرارة الكلمات
_ أنت معندكيش كرامة ..؟
ازاى تفكرى كده بعد اللى عمله معاك ..
أنا هربي عيالك احسن منه ..أنا بجد عاوز انسي ان اختي كانت عايشة مع البني ادم ده .. لمح منها نظرة تعجب من كلماته وكأنها لا تصدقه فصمت هينه واردف
_ هو ااه اخويا ..وعارف كل حاجة عنه ..عشان كده بقولك بلاش ..
زفرت بتعب وحزن بالغ وقالت
_ انت شايفني معنديش كرامة، وعاوزة الهم عشان افكر أعيش مع حسام تاني بعد اللى عمله ..
يمكن انت فكرت كده عشان مشوفتش اللى مريت بيه ، أنا عشت طول عمرى يتيمة مليش لا أم ولا أب ..لدرجة انى اتمنيت ان يكون ليا اب حتى لو بيعذبني او بيضربني كل يوم ..عشان الناس تشوف ان ليا اصل وعيلة ..ومحدش يطمع فيا ويستغلني ...اليتيم طول عمره مكسور يا زياد ..أنا فعلا مكسورة ...ودقت المر. ..عشان كده هعمل المستحيل عشان ولادي يعيشوا مع ابوهم وميشفوش اللى شوفته ...
لما ماهر خلاني احمل من حسام من غير ما أعرف ،رغم إنه مش بيخلف وفى الاخر طلقني... واتهمني بالغلط... انا الدنيا اسودت في وشي ..وكنت بموت الف مرة كل لما ابص لابني ..
لحد ما قبلت حسام وكتبه باسمه من غير حتي ما يعرف انه ابنه .. والجِميل ده هفضل شيلاه طول عمرى ..
توقف عقله عن الاستيعاب حين ذكرت اسم ماهر ليهتف مسرعا وقلبه يتواثب بقلق .
_ ماهر مين ده ..انت بتقولى ايه ...؟
_ ماهر ابن عم حسام ..؟
_ حسام ملهوش اعمام ..
ران الصمت للحظات لتجحظ عيناه وهو يردف
_ تقصدى ابن عم بابا يونس ..
ماهر ...
انا مش فاهم حاجة .. اتجوزك أمتي ؟
قامت جيهان بقص حياتها بالكامل لزياد ومع كل معلومة تصل الى زياد يتغير ملامحه للغضب أكثر ، ومع انتهائها جز على اسنانه وهو يقول بإيجابية بعد صمت طويل من الحزن فلم يعرف بما يقول حتى يصبرها على النار التي كانت بحياتها ...
_ اسمعي ياجيهان .. احنا مش هنكلم فى اللى فات.. لانه مات واعرفي ...انا مستحيل ارجعك لحسام لو ايه اللى حصل ..انسيه ...؟
وسيبي موضوع ماهر ده عليا.. أنا هعرف أربيه إزاى..
ودلوقتى هتقومى نجيب اسراء ..مش هخليها تعد مع الهباب اللى اسمه جبل ده وعيلته اللى واضح انهم متربوش ولا يفهموا في الأصول ،أنا وانت واسراء وامي هنعيش .وعيالكم هربيهم احسن تربية ...
قومى يلا عشان اوريك جدك ..
انتفضت جيهان وحدقت به بغرابه ، شيء ما داخلها نبض بفرحة لم تذقها لسنوات وهى تتذكر الصورة التى أراها اياها ، فقالت بصوت باكى من الفرحة
_ جدنا..!!!
_ لا جدك من امك انت ...انا مليش جدود ..بس لينا ولاد عم ..
ارتسمت ابتسامه على محياها وانتفضت من الفراش وارتدت ملابسها بسرعه وقامت بتجهيز طفلها ، وحين اتجهت الى غرفة زياد لمحت من اخر الرواق حسام يقف ويراقبها من بعيد ، علمت انها أحلام يقظة تعود اليها من جديد لكنها صدمت حين رأته يقترب منها ويشير لها بابتسام ، رأت زياد يمشي خلفه ، شلت أطرافها حين وجدت زياد يعبر من خلال جسد حسام لتشهق بخوف وصاحت وهى ترجع الى الوراء حتي كادت تسقط من الفزع ، فاسرع زياد اليها بقلق ، وهو يهتف
_ مالك ؟؟
قامت بترديد الاذكار بسرعه والخوف يسري بعروقها ،فاختفى حسام من أمامها وهو يرمقها بنظرات مخيفة .
***
دخل حسام السرايا الخاصة بجده العتابي وقرر انه سينام تلك الليلة بها فكان التعب يغزو كيانه بطريقة كبيرة ، دلف الى غرفه النوم وهو لم يعد يري امامه سقط على الفراش منهكا وهو يحاول ان يخلع حزام بنطاله ، شعر ان احد ما يحادثه فلم يستطع ان يفتح عينيه .
فجـأة علت الأضواء في مكان ما ليجد نفسه امام سرايا الغول وهو ينظر الى الشمس المرتفعة والى حرارتها الشديدة ،استدار الى الوراء ليجد سيد نصير على بعد خطوات منه يحدق به بعيون جاحظة ووجه اسود قاتم ، بغتةً رأى خيال اسود يهجم على والده وهو يحمل سوطا كبيرا ويقوم بجلده من رأسه تحت صراخه القوى واستنجاده به وهو يهرع اليه ولا يصل مهما يحاول
_ ساعدنى .. يا ولدى ....
دق الخوف في قلب حسام من رؤية هذا الخيال الأسود وهو يقوم بجلد سيد نصير بقوة حتى وصل صوت الضرب مرتفعا الى اذناه ، ليردف سيد نصير
_ حب على يدك ساعدني ..
رد عليه حسام بصوت متحشرج
_ لا ..لا ..
رأى أن العرق يتسرب من جبينه بكثرة حين اقترب منه ذلك الخيال بسوطه الكبير ، استدار حسام يهرع بقوة مبتعدا ، ليعلو صوتا داخل أذناه ..
_ أنا مش قولتلك متجيش هنا ...
رجعت ليه ..
نزل السوط بجلدة على ظهره بقوة لينتفض من الفراش وهو يصيح بألم ، ليري انه كابوس مرعب، التقط شهيقا بصعوبة وظل حتى هدا قليلا وهو يزفره بتعب ، شد عليه وجع ظهره فقام واشعل الإضاءة ووقف امام المرآة ليشهق حين رأى أثرا لضرب على جسده بالكامل والجرح القديم الذي بصدره يحرقه بشدة .
ذهب الى الحمام وقام بأخذ حماما طويلا ثم اتجه الى غرفته ، لمح في الطريق اليها أطفالا يجرون وراء بعضهم فأغمض عيناه وأعاد فتحها بصدمة ليختفوا من أمامه فجأة، بدأ الخوف يتسرب في عروقه مرة أخرى ، علم أن تلك السرايا قد سكنت بسبب تركها لمدة طويلة دون بشر ، فاتجه الى غرفته وقبل ان يضغط على ذر الإضاءة لمح طيف يمر من فوق فراشه ، عض على شفتاه بخوف وذهب مسرعا الى فراشه واخذ ملابسه وكافه اغراضه وجرى الى سيارته وصوت باكي يدوي في السرايا بالكامل .قاد سيارته مبتعدا عن السرايا بضع امتار وغفى بها دون وعي فقد أصابه الصداع من كثرة الخوف مما رأى .
****
تنهدت بتعب وهى تركب بجانب زياد في سيارته ليهتف فجأة وينتشلها من مواجهه افكارها المرهقة
_ فاكرة البنت اللى حسام جابها عندكم ..هى طويلة ورفيعة... اسمها مونى ..
ران الصمت لثوان في محاول تذكر تلك الفتاة ،لتقول هاتفه
_ أأاه مراتك..تصدق نسيت اسالك عنها .
_ لا... ..طلقتها .
_ المهم... دي تبقى بنت عمنا ...
تنهد بتعب ثم أردف
_عمنا اللى قتل ابونا ..
التفتت اليه بصدمه ليردف بوجع
_ ايوة كانت عيله كاره بعضها وبتجرى ورى الورث ..حكايات كتير هبقي احكيها ليك بعدين .. أنا طلبت من امي متعرفكيش المواضيع الحامية دي.. تسبها ليا أحسن .
لمح زياد قسماتها الحزينة بسبب حياتها البائسة فقال بمرح
_ شوفتى الدنيا صغيرة ازاى .!!
محدش بيموت من غير مايعرف كل حاجه ..والمكشوف كده كده بيبان ...
مالت جيهان راسها بإيجاب بحزن وظلت صامته تحدق في الطرقات بشرود ،وحين اقتربا من وجهتهما قامت جيهان بالإشارة الى جهة الطريق المؤدية الى السرايا التي تسكن بها اسراء ، وما ان وصل حتى هرع كليهما الى بوابة السرايا ، وبعد اخبراهما للغفير بانهما يريدا ان يقابلا رب العائلة ولم يقولا شيء عن اسراء حتي يوافق على دخولهما ، وما ان اتى الغفير بالموافقة ، ودخلا الى السرايا ، كانت والدة جبل وابيه في انتظارهما ..
جلس زياد وجيهان امامهما وقال بثقة
_ أنا اخو اسراء ..وانا عاوز اقابلها ..
صدم كلا من والدة جبل وزوجها وظلا يحدقان ببعضهما فانقلب وجههما الى الغضب ليندفع الرجل الى زياد فمنعته زوجته من الهجوم عليه وقامت بغمزه لكي يصمت ، جز الرجل على اسنانه وهو يمنع غضبه لتقول والدة جبل وعيناها متسعة بالكره والحقد الشديد ..
_ اختك جتلت ولدي ..قدام عيني ..وهربت من الشرطة ...
لو عندكم دم خلوها تيجي هنه تتحاكم ..حتي تشوف عيالها اللى مرمين ولا بياكلوا ولا يشربوا ..
رمقها والد جبل بغرابة ثم وجه انظاره الى جيهان وزياد وهما واقفان بصدمة بدون تصديق لتهتف جيهان فجأة بصياح وهى تتجه الى الدرج الموصل الى الغرف .
_ مستحيل اختى تعمل كده ...انتوا اكيد عملتوا فيها حاجة .
منعتها والدة جبل من الصعود الى الدرج بعنف ودفعتها من صدرها حتي سقطت على الأرض.
صاح بها زياد
_ انت مجنونة يا ست انت...
لولا إنك ست عجوزة لكنت كسرت أيدك.
لم يعرف ماذا يفعل زياد حين قالت والدة جبل ..
_ لو مامشيتو من اهنه عاد هتصل بالشرطة وخليكم تباتوا في السجن واصل ..الله ياخذكم وينتقم منكم مثل ماحرقتوا جلبي على ولدى ..
صدم زياد من كلامها فقام بسحب جيهان التي لا تتوقف عن النواح وهى تنادي باسم شقيقتها ، ليظهر طفلين اعلى الدرج وهما يقولا بحزن باكي حين سمعا اسم وادتهما
_ ماما ..
نظر كلا من جيهان وزياد اليهما ووالدة جبل تغلق باب السرايا الضخم في وجههما .
_ متقلقيش ..تعالى بس الأول ..مش هنسبها ..
ردت جيهان ببكاء وهى تقاوم يد زياد التي تجذبها الى سيارته ..
_ لا ..انت وعدتني انها هتيجي معانا ..
_ اسراء هربت ...الست كلمها صح ..
_ لا ..لا اختى عمرها ما تشك حد بدبوس ..يبقي هتقتل جوزها دي كانت بتحبه جدا
تنهد زياد وتوقف عن جذبها وقال متماسك القوة ،فإن ظهر ضعيفا أمامها ستتدمر.
_ لو عاوزة تدمرى مستقبل اختك اعدي زعقى عندهم ...
بعض المواقف مينفعش فيها عاطفتك دي ..لازم مخك يشتغل ...لو عاوزة مصلحه اختك تعالي معايا ..
بسط يده الى جيهان لكى تمسك بها وتثق به فتوقفت عن البكاء بصوت مرتفع وبدأت الدموع تنساب من عيناها بصمت وهى تحدق بيديه بتردد
فأردف زياد
_ هي أختى برضه ..ولا ايه ؟؟
عضت جيهان على شفتها لكى تمنع سريان دموعها المستمر وامسكت بيديه ، استقل زياد سيارته واخذ اسم والد جبل الكامل من جيهان ، ومشي عدة امتار حتي لمح رجلا يظهر انه غفيرا لدى جيرانهم ، فأخرج باقة من النقود يقدمها له وهو يسأله عن والد جبل ليخبره بأنه تاجرا كبيرا بالسوق ، فقال له
_ مين المنافس بتاعه في السوق ..
وعندما علم زياد من هو منافسه ، ذهب الى السرايا الخاصة بالعتابي جد حسام وترك بها جيهان وطفلها و اتجه سريعا الي المنافس ، يعلم أن لا أحد يستطيع أن يقول الحقيقة الا من يريد أن تنام تجارته ويفشل فلا يوجد سوي منافسيه، وحين ذهب اليه اظهر إنه مشترى ..وحين عرض احدي البائعين بضاعته على زياد أخبره أن والد جبل يبيعه بسعر منخفض فرد عليه البائع
_ مستحيل يابيه ..ده غشاش ..الحديد بتاعنا اصلي ..
هز زياد رأسه بتفهم وقال
_ تمام هاخد منك اللى هناك ده ..
ابتسم البائع وأخبره بأنه لن يندم أبدا وفرك يده بسعادة فرب العمل سيكافئه على بيعه لاشياء كثيرة فرد عليه زياد وهو يري فرحته
_ هو ابنه مات ..؟
رمقه بنظره تظهر بانه لا يفهم على من يتحدث فأشار زياد بوجه على المستودع المقابل له والذى هو ملك لوالد جبل ، ليفهم البائع ويرد عليه باهتمام
_ ايوة يابيه ..مات ..بعيد الشر عنك ..حادثة ..
_ أزاى ؟؟
_ كان مسافر هو ومرته لمصر ..وعربيه خبطتهم .لجوا العربية مدمره وجبل جواتها بس ملجوش جثه مرته ..اللى معرفهوشي ازاى بجي عياله الاثنين عيشين ...
جحظت عيناه وهو ينصت الى كلمات البائع ، وتركه وذهب مسرعا إلى سيارته دون الدفع تحت ذهول البائع الذي لم يتوقف عن سبه ، وعاد الى جيهان التي كانت تبكي بطريقة جنونية على شقيقتها الصغيرة التي لم ترى اى سعادة فى الدنيا.
اقترب منها وهو يشعر بالحزن الشديد عليها وهو يقول
_ اسراء مقتلتش حد ..اسراء عملت حادثه مع جوزها ..وهى اختفت ..يمكن اسراء تكون هربت من الخوف ..
لم يرد ان يخبرها إن جثتها مفقوده ،يريد أن يبعث الأمل داخلها وداخله فهناك فرصة بأنها هربت بنسبه كبيرة.
تلك الكلمات وضعت جيهان بالوهم القاتل حين اعتقدت ان اسراء ماتت لتبكي منهارة بصدمه كبيرة وهى تقول
_ اية... ؟.. يعني ماتت ..
..قال زياد بضيق من شخصيتها السلبية
_ متسبقيش الاحداث ...انا متاكد انها هربت ..ان شاء الله هنلقيها متوجعيش قلبي عليك ..ياجيهان ..
بغتةً سقطت جيهان مغشيا عليها على الاريكة ألتى بجانبها وهى تحمل صغيرها ليلحقها زياد ويسحب منها طفلها .
*****
في تلك الاثناء...
استيقظ حسام وهو يتمغط بتعب فظهره يؤلمه اثر نومه بالسيارة ، نظر من نافذه السيارة ليري الظلام تبادر فى ذهنه انه نام لعدة ساعات وحين رفع الهاتف الى بصره شهق بعد ان رأى تاريخ اليوم فقد نام ليوم كامل بالطول والعرض ، قاد السيارة وهو يعزم على الذهاب للمدينة ولكنه توقف حين مر امام سرايا جده ووجد إنارة الكشاف مفتوح، ملأ الخوف قلبه وعزم على عدم الدخول ، ولكنه دهش حين وجد سيارة زياد تقف امام الباب ، فابتلع ريقه وهو يتمنى الا تكون مجرد هواجس ، دلف الى السرايا بحذر وقام بفتح الباب بهدوء ليري امامه زياد يجلس على الأريكة وعلى فخذه رأس جيهان وهو يمسح على شعرها بنعومة وهى نائمة بعمق وطفلها ينام بجانبهما ، سقط الهاتف من يده بصدمه مما يراه ليهتف بصياح
_ بتعملوا ايه هنا ؟؟؟
تأكد من هواجسه الان حين رفع زياد بصره اليه بذهول ثم تحولت نظرته إلى التحدى حين قال له
_ وانت ايه اللى يهمك ..؟؟
رفع نبرته والغضب يغزو داخل عروقه.
_ بتعمل ايه يا زياد مع التيييت دى ..
_ احترم نفسك ..دى ..
دى حبيبتى . وهتبقي مراتي .
دق قلبه بعنف فقال بنبرة مندهشة وسخرية
_...ايه ؟؟ حبيبتك ...
وده من امتى ..؟
جز حسام على أسنانه يحاول أن يكتم غضبه ويهدأ قليلا، ويتساءل ان كان ما يمر به حلما ام لا ، فاقترب من زياد وقام بإمساك كتفه ليتأكد من إنه بالواقع ،فسحب شهيقا وحاول الا يتهور بسبب غضب الذي فاض به وعقله الذي يلح عليه بان يقوم بالهجوم على جيهان الخائنة ليقتلها ولكنه تماسك وأخذ طريق العقل مع شقيقه حين قال بنبرة مليئة بالغيظ ..
_ ال***فلة دى خانت اخوك ؟ ازاى تأمنها بعد كل ده ..
أللى يخون مرة يخون الف..
رفع زياد كافه يده لكى يصفع حسام على وجهه بسبب سبته التى ذبحته، فكيف له ان يهين شرف شقيقته البائس إمامه ؟ لكن يده توقفت فجأة ، ليرمقه حسام بصدمة ، فجز على اسنانه وبداخله حرب تمزق قلبه ..
_ هتتجوزها وهى على ذمتى ؟؟
رد عليه زياد وهو ينزل يده بغضب
_ لا ما انت هتطلقها ..؟
وعلي فكرة.. حملها نزل..
يتواثب قلبه فجاة وشعر إن قدميه لا تستطيع أن تحمله فقال بصوت مرتفع قبل أن يفقد توازنه ويظهر ضعفه امامه
_ على جثتى ...
اعلى ما فخيلك اركبه ، مستحيل اخليك تتجوز ..التيييت ..دى .
حاول أن يرسم بسمة استفزازية على قسماته لكنه فشل حين رأها نائمة على الأريكة رغم صياحه الذي يرج كل ركن بالسرايا وهى لا تتحرك قيد أنملة ورغم الحرب التي تقوم بسببها، فقال وهو على عتبه السرايا وبه شعورا يقتله
_ مش هسيبك غير اما ادمرك يا جيهان.. وابقي قبليني لو خليتك تضحكي على اخويا
، انت فاكرة انك بكده بتربيني... لا عاش ولا كان... أللى...
اتجه الى سيارته ولم يكمل كلمته وهو يشعر ان صخرة سقطت على رأسه بقوة حتى يخطو هكذا كالمنهزم ، ركب سيارته وقاد بسرعة جنونية الى القاهرة وجسده يغلى من الغضب .
***
مرت الأيام ،يحاول ان يجهد نفسه في العمل حتى لا يفكر بها وبأخيه الذي طعنه بتمسكه بتلك الخائنة ، فلن يهدأ له بال حتى ينتقم منها ، فكيف لها بعد ما فعلت به كل ذلك تتجه إلى شقيقه بتلك السهولة بألاعيبها الرخيصة .
وفى يوم في عز ليالي الصيف الحارة عاد بسيارته إلى مبني شقته بعد ذهابه مع وليد حتى يلعبون مع العاهرات ولكن انقلبت الأمسية الى نكد بسبب الحزن القابع بداخل وليد ومن شكواه المستمرة وحكاياته التى لا تنتهي و التي اسمها مغامرات وليد مع ناهد .
صعد الى جناح شقته ليتفاجأ بصدمة من وجود مجموعه من الفتيات يرتدون الأسود بشكل مخيف و يجلسون امام باب شقته ، جحظت عيناه عندما سقطت على مونى التي تهرع اليه وهى تقول
_ اخوى ..توحشتنا كتير ...
احنا جينا نعيشو وياك ..يا خير الرجال والسند
_ايه...؟
....
فى تلك الأثناء ،
دخل وليد إلى البيت وهو مخمورا ولا يعي ما يحدث ، فقط يفكر بأمر ناهد التى تذكره بدفء والدته بأكلها وصوتها ،فكيف يستغني عنها بتلك السهولة؟ كلما يفكر فى ذلك الأمر لا يستطيع أبدا...
وبدل ان يدخل إلى غرفته دلف إلى الغرفة الصغيرة الخاصة بناهد دون تركيز ، خلع ملابسه ورمي نفسه على الفراش، وبعد ثوان صدر صوت صراخ مرتفع من أسفله مكتوم تحت الغطاء ،فانتفض مفزعا وازاح الغطاء ليرى انه رمي نفسه فوق ناهد ولم يشعر بها بسبب جسدها النحيل ، بقت تحدق به لثوان بصدمة ،علم إنه الهدوء قبل العاصفة ،فأسرع اليها ووضع يده على فمها لكي يمنعها من الصراخ مرة أخرى، حمد الله ان علتها فى الاستيعاب قد اتي فى مصلحته.
فهمس داخل اذناها بصوت متقطع اثر سُكره
_ أنا أسف.. والله مقصدتش... أنا عمرى ما أذيك أبدا...
ده انت حبيبتي...
اقصد... زي بنت اختي..
فى تلك اللحظة دلفت نادية عليهما لتشهق بصدمة كبيرة من رؤية شقيقها بملابسه الداخلية ويتمايل بدون ثبات وقربه من ناهد المفرط فصاحت والنار تسكن عيناها
_ بتعملوا أيه يخربيتكم....
فجأة صمتت لبرهة لتأتيها فكرة فصاحت بأعلي صوتها وهى تقول
_ ... دخلت بيتنا تملية نجا*ة.. يا تيت...
كانت ناهد تحدق بها بصدمه هى ووليد الذي علم ان شقيقته بدأت برمي النار حتي تخرجها من المنزل.
شهقت الفتيات عندما تجمعن أمامهم بسبب الصياح المرتفع، فقال وليد
_ اخرسي أنا دخلت هنا غلط...
ردت نادية مقاطعه وهى تستغل ان شقيقها فاقد التركيز بسبب سُكره..
_امشي اطلعي بره يا تيييت
خرجوها يابنات.. دي عاوزة تأذي خالكم... وتعمله مصيبة ، هجمت الفتيات على ناهد وسحبوها بقوة ، تحت صراخها وهى تقول
_ معملتش حاجه والله... هو أللى هجم عليا....
دفعتها الفتيات خارج الشقه بكل حاجتها واغلقن الباب دون الاهتمام إلى بكاءها المتحسر وصدمتها...
فحبهن الكبير لخالهن جعلهن يفعلن كل ذلك رغم حبهن الشديد لناهد.
ظلت تطرق الباب طويلا بصوت باكي حتى جاء الصباح، خرجت اليها نادية خشيه من استيقظ وليد بعد اغماءه ليله البارحة بسبب سكره الشديد ، فقالت لها بخبث
_ إنت ليه مفهمتيش إن دي تمثليه عملها وليد عشان مش طايقك...
انا فضلت اترجاه يقعدك معانا بس هو صمم وطبعا ده بيته وأنا مقدرش افرض عليه حاجة
خدي الفلوس دي حق شغلك
انا بعمل كل ده عشان خايفة يعملك حاجه..
رجعت نادية بالكرسي إلى الوراء وأغلقت الباب بعنف فى وجه ناهد لتنسكب دموعها بانهيار، فقد شعرت انها بين عائلتها.
يتبع

سبنا 33 and Nora372 like this.

سارة منصور دوار الشمس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-22, 06:32 PM   #95

سارة منصور دوار الشمس
 
الصورة الرمزية سارة منصور دوار الشمس

? العضوٌ??? » 473504
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 396
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » سارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك fox
¬» اشجع ahli
افتراضي

القبلة الثالثة والثلاثون
صعق من تحدث شقيقته وهى تمسك بمعصم بذلته الزرقاء برجاء وتهتف
_ مالك مصدوم إكده ، احنا مش اغراب يخوي ،احنا اخواتك .
جز على أسنانه وبعيون متسعة مليئة بالغضب رد عليها بهجوم
_أخوكى ف عينك ... لو ممشتيش من قدامى حالا انت والعيال دي هتندمي ..على اللى هعمله فيك .
شعرت بأنه جريء جدا من لفظته لهذا الكلام وكأنه ليس اخاها بالفعل ،فضيقت عيناها بخبث ثم تغيرت قسماتها الى ثقة فابتسمت بخبث واضح فاقتربت منه تحدق بوجهه بتحدي وتقول بنبرة هادئة مليئة باستفزاز .
_انت مفكر يعني عشان دكتور مخك زين ..وهتلعب علينا ومش هنجدروا عليك ..
تؤتؤتؤ ..
تشير بسبابتها بالنفى بسخرية وتردف
_ لو ما وفجت ..يبقي تجول يارحمن يارحيم ..الورجة يلي وجعت منك هتروح للجسم وتخيل معي ياخوي لما البنك يعرف انك من الورثة ...كل أملاكك دي هتتسحب منك عاد ..فخليك زين ..عشان نحبو بعض ونبجي سند .
ازدرد ريقه وهو يتذكر انه بحث عن تلك الورقة ولم يجدها في كل مكان ، فحاول أن يهدأ قليلا ويفكر بأمر ما لكي يتخلص من هذا البلاء الذي سقط عليه بغتة ، وبرغم الغضب الكبير الذي يستوطن قلبه من تلك الفتيات حاول ان يلين قسماته وهو يقول بعد أن فطن أنه قد سقط في البئر بسبب تلك الورقة ويجب عليه ان يجدها حتى لا يتم تدمير مستقبله المرهون .
_ أنا ممكن اسبكم تباتوا لحد ما تلاقوا مكان تعيشوا فيه.
ذهلت مونى من طريقته في التحدث الهادئة بعد ان كان على وشك الانفجار في وجهها ، فهل يتلاعب بأعصابها ؟ ام ينوي بهن شرا ، فردت عليه .
_ ماتهبطش نفسك الورجة مش معايا ، ولا مع اى واحده فينا ، هى فى يد امينة لو حس انك اذيت حد فينا هيوجب معاك جوى .
_ ايه اللى خلاك تقولى كده ..؟
يهتف بها وهو يقوم بفتح باب شقته ويشير لهن بأن يدخلوا ، فترمقه موني بقلق فطريقته لا تطمئن أبدا ولكن حاولت ان تطمئن نفسها فيدها هي من تحمل الضربة الأكثر وجعا .
وحين دلف حسام داخل الشقة مع أخواته ، كانت والدته تنتظره في الصالة فقد اشتاقت له كثيرا فهو متغيب منذ فترة طويلة وهى لا تقوى على الفراق والجلوس بمفردها مع الاولاد فرمقته بغرابة وهو يدخل عليها مع الفتيات لتقول بتساؤل
_ مين دول يا حسام ؟؟
اقترب منها ورد عليها بهدوء
_ تعالى معايا أفهمك كل حاجة.

ثم وجه انظاره الى مونى وأردف
_ اعدوا هنا لحد ما أرجع .
ردت عليه وهى تميل برأسها بايجاب
_ خد وجتك .. إحنا في بيتنا يعني مش أغراب .
****
وبعد أن حكي حسام كل شيء لوالدته لم تبعد بصرها عنه وظلت تحدق به بغرابة لتهتف
_ قصة ولا فى الخيال ،أنا مكنتش متوقعه انك تلاقى اهلك بالسرعة دي ..
يعني زياد يبقي إبن عمك... ؟
والبت دي أختك ؟
سبحان الله!!!!
بس انت متأكد من أللى بتقوله ده ؟
_ اكيد
_دي مصيب كبيرة ..!!
أنت لازم تاخد بالك ..
تهتف بها والدته وهى تقوم والغضب يملأها وتتجه الى الفتيات ولكن حسام أوقفها وهو يعانق يدها بدفء ويقول بهدوء
_ متخافيش عليا ...أنا عارف انا بعمل ايه ..
ومتعرفش زياد باي حاجة دلوقتي خالص.
رفعت بصرها اليه وهى تفكر بشكل كبير فيما استمعت له فقلبها يدق بخوف شديد عليه ، لمح حسام خيالا يتحرك من طرف عيناه فى زاوية الغرفة فاستدار اليه فلم يجد شيئا ،
ففى تلك الاوان الاخير يشعر أن احد ما يراقبه دائما ، فالتفتت الي والدته لينتبه الى أرق شديد حول عيناها فقال
_ أنت مالك كده .؟ أنت تعبانه يا أمى ..
ارتسمت ابتسامه على محياها برقه وهى تشعر بالسعادة من سماع كلمة أمى رغم قلقها الشديد حوله ،فقالت وبعض الدموع تتجمع داخل عيناها مما تزيد بريقها
_ بس أنا ارتحت انك ملكش ام غيري في الدنيا دى .
بسمة مفاجئة علت على ثغره لم يكن يتوقعها رغم الألم بداخله ليهتف وهو يرفع يدها ويقبلها بامتنان
_ أنت امي وحبيبتي وكل حاجة .
تذكرت لبرهة جيهان من كلمة حبيبتى فقالت بلهفة .
_ أنت عرفت جيهان راحت فين ؟؟
ازدرد ريقه بتوتر وهو يتذكر غفوتها على فخذ زياد فتنهد ببعض الحنق لتردف والدته
_ انا متأكده ان فيه حاجة غلط ..مستحيل جيهان تعمل حاجة زى دى ...دى بتصلي ومش بتسيب ولا فرض وبتقرأ قران ..لا لا ياحسام قلبي بيقول ان البت دى مظلومة ..واكيد حد غصبها على حاجه .
اختار ان يصمت ولا يعقب فلا يريد أن يفتح حوار عن جيهان ،فلم يخبرها بما حدث مع زياد حتى لا يحدث لها شيء بسبب الصدمة الكبيرة ، فان كان ما تتحدث به صحيح فلما اذا اتجهت الى زياد ولم تأتى اليه وتخبره بأنها مظلومة .
زفر بغضب فجأة وقال
_ لو سمحتي يا ماما متجبليش سيرة البت دي تانى ..أنا فيا اللى مكفيني .
وبعدين مش إنت بتكرهيها وكنت بتخليني أبعد عنها.
طأطأت والدته راسها وهي تتذكر جيهان ومساعدتها لها واستماعها إلى تذمرها ولم تشتكي أبدا أو تخبر حسام باي شي، تعلم انها تغار ولكن لم تتمني أبدا أن تحدث كل تلك الامور وتخرج من المنزل.
اتجه صوب الباب تحت نظرات والدته فقالت بعد أن عزمت على تغير الحوار بسبب الضغط الذي يمر به.
_ طب واخواتك دول هتعمل معاهم ايه ؟؟
توقف عن فتح باب الغرفة ليلتفت اليها ويقول
_ يومين وهتصرف معاهم ..متتكلميش معاهم ولا تردي على اي سؤال واحده فيهم ..دول بنات مش سالكة .
قام بفتح الباب ليندهش من وجود شقيقته الملقبة بجيهان تقف امامه ، لم يريد أن ينطق بأى حرف من أسمها فقال بتبلد
_ نعم ؟؟
_ كنت عاوزة أتكلم معاك ..
تنهد وهو يري ان بحوزتها كيسا اسود صغير فأشار اليها بأن تذهب خلفه ، وحين دخلا الى غرفته تحت انظار مونى الذاهلة قال
_ خير ...؟
رفرفت اهدابها بتوتر ومن ثم قالت وهى تخرج صورة صغيرة قديمة من الكيس وتقدمه له
_ دى سنية
مامتك
دق قلبه بعنف فسحبها من يدها وحدق بها بقوة يتفرس ملامحها بصدمة كبيرة ، فكانت صورة طبق الأصل من تلك الفتاة التي تزوره في أحلامه منذ الصغر فهل كانت والدته حقا ؟
حاول ان يتمالك نفسه وقال
_ طب بصي يا جيهان ...
توقف عن لفظ ذلك الاسم فجز على اسنانه وأشار لها بالخروج من غرفته ، وبقي يحدق في الصورة بتمعن .
****
كانت منى تجلس في السرايا ولم تخرج منها مع ان اليوم هو اخر يوم في المكوث بها ويجب عليها ان تذهب لأى مكان اخر حتى لا يطردها البنك عنوة ، فتنهدت وهى تجلس على الكرسي وتراقب مالك نائما امامها والحياة تهرب من جسده فقد نزل وزنه بشكل كبير حتي أختفى بريق وجهه واصبح ضعيفا للغاية مما يظهر انه على وشك الموت .
فجأة صدر صوت لفتاة شابة تنادي من بعيد وتقول
_يا ست مني...
تبادر بذهنها انها تقف في الأسفل عند باب السرايا ، فوقفت واتجهت الى نافذة الغرفة تبحث بعيناها لتلمح ابنة الداية المسؤولة عن توليد النساء بالقرية ، فذهلت من قدومها اليها وتساءلت عن السبب بداخلها .
فاتجهت الى بوابة السرايا وحين رأتها وجدت هنادي تقف بجانبها فأشارت لها بأن تصعد الى مكان أولادها ، والتفتت إلى الفتاة وهى تقول
_ إيه اللى جابك يا بت فى الساعة دي ..
ردت عليها الفتاة بلهفه مليئة بالخوف ..
_ الحجينا يا ست منى ..امى بتودع وتريدك في حاچة مهمة جوى ، تجول انه خاص بسيدى نصير .
تفاجئت منى مما تقول ومن تعب والدتها المفاجئ وهى لم تتجاوز الأربعين عاما ، فشعرت بالفضول الشديد من هذا الأمر الذي يخص سيد نصير، فاتجهت فورا معها الى مسكنهم .
رأت أن الداية تلتقط أنفاسها بسرعة وتعب شديد وهى نائمه على الفراش، بسطت اليها الداية يدها لكى تمسكها برجاء وتقول بصوت متقطع
_ أنا لازم اجولك وصية امي اللى وصتني عليها جبل ما تموت ..كان مفروض جتلك من بدرى بس المرض دمرنى يا ست منى ..
_ على مهلك متتعبيش حالك ..؟؟
سعلت الداية بقوة وحاولت أن تلتقط انفاسها بصعوبة ،وحين هدأ السعال قالت بصعوبة شديدة وهى تستمد القوى
_ السر دِه من زمان .. سيدي سيد جاب ولد .. على يد امى ....
من سنية بت خالتك،و ماتت بعد ماولدت عاد
ستي حفيظة هددتها ما تجيب سيرة لأي مخلوج والا هتج... .
كانت منى تنصت بصدمة وعيناها على وشك الخروج من مكانهما ، وتحدق بتلك المرأة الذي غر فاه وذهب بريق عيناها فجأة وهى تفقد حياتها .
****
رجعت مني الى السرايا وقد وصل القمر الى نصل السماء فقد تأكدت الأن مئة بالمئة ان حسام هو ابن سيد نصير ، صعدت الى غرفتها وجلست بها طوال الليل مستيقظة ولم يرف لها جفن ابدا ونست وجود هنادي وأولادها كما انها نست مالك .
بدأت الشمس في الظهور صباحا بأشعتها البرتقالية المميزة مصاحبة لتلك النسمات اللطيفة .
استيقظت هنادي على صوت ابنيها فعدلت من جلستها على الفراش و تتثاءب بإرهاق اختفى مع مراقبتها لطفليها بسعادة ، نزلت من الفراش واتجهت اليهما وهى تبتسم بحب وعاطفة وتقول
_ صباح الخير يا حبايب قلبي.
هنا تصلبت قسماتها وانقلبت رويدا الى القلق حين وجدت تلك الدمية في يد طفلها الأصغر وبداخلها إبر حادة ، هرعت بسرعة الى يده وجذبته منه عنوة تحت صراخه الشديد وبقت تحدق بها بولع ، لتتأكد انها نفس الدمية التي ألقتها من الشرفة في كيس اسود قبلا، فهتفت بصياح
_ مين اللى جبلك دي ..؟؟
كان الصغير مبتدئا في لفظ بعض الكلمات فرد عليها وهو يراقب غضبها الشديد بعيون مليئة بالبراءة
_ يايا نيا نيا
لم تفهم منه شيئا مهما تدقق في الاستماع اليه ، فتبادر في ذهنها ان احد من شقيقاتها أو زوجة ابيها كما جاء بخاطرها ان احدهم يلعب بالنار مثل ما كانت تفعل جدتها حفيظة .
فجرت الى الجناح الأخر الخاص بشقيقاتها من الأب ،فلم تجد أحد مهما تبحث وتنادي بأعلى صوتها فرأت فى كل غرفة خزانة الملابس فارغة تماما ، فهرعت الى غرفة والدتها تبحث عنها بقلق كبير ف الى اين ذهب الجميع ؟!
قامت بفتح غرفة والدتها بسرعه وهى تقول
_ ماما... فين....
صعقت حين وقعت عيناها على والدتها والى هذا الرجل الذي يبدو أنه فى منتصف الخمسين يجلس على الفراش وبأسفل قدميه تجلس والدتها مني على الأرض تقوم بمسح قدميه بالمنشفة وعلى محياها السعادة .
فتدلى فكها السفلي لأسفل وقالت وشفتاها ترتعش
_ بتعملى ايه ؟
التفت اليها منى بصدمة وانتفضت واقفة وعيناها جاحظة ولم تجد ما تقوله ، لم تستطع هنادي ان تنظر اليها وهى ترتدي تلك الملابس الكاشف بعض الشئ أمام ذلك الرجل الغريب ، فسحبت اطفالها اللذان تجمعا حولها وخطت مسرعة الى غرفتها والدموع تهرب من عيناها بحسرة ، فكيف لها ان تتوقع ان والدتها سيئة الى هذه الدرجة حتي تأتى برجل غريب الى غرفتها !!
وبعد عدة دقائق
كان تجلس بغرفتها شاخصة البصر أمامها وتفكر بأمر والدتها ولما فعلت ذلك ،تعلم حق المعرفة ان والدها كان ظالما فى حقها جدا فهل لجئت إلى تلك الطريقة السيئة ولعبت من ورائه ؟ ،ام انها تزوجت فى السر بعد موته؟
فتح باب غرفتها من قبل والدتها فجأة وباد عليها الخوف والقلق الشديد فقالت لها وهى تبتلع ريقها ..
_ متفهمنيش غلط يا بتي ..
ادارت هنادي وجهها إلى الجهة الأخرى فلا تريد النظر فى وجهها حتى لا تلين قليلا وتتذكر كم قام والدها بضربها أمامهن دون رحمة، فتجد لها سببا لفعلها السيء ،قامت بفرك يديها بتوتر حتي إنها شعر انها بحلم وغير واعية بما تمر به ، ولكن الفضول قام بهزيمتها فالتفت اليها وهى تهتف بهجوم
_ مين الراجل ده ..؟؟ وعرفتيه ازاى ..؟
لم تعلق والدتها عليها بأى كلمه فقد شعرت بالحرج الشديد فصمت لدقيقة كاملة تمر بها بصراع نفسي قوى فأردفت هنادي بصياح دو العبء الى طفليها وهما يشعرا بالخوف من اجوائهما و يمسكون ملابسها بيديهما الصغيرة .
_ انطقى ميين ده ..
_ ابوك...
يهتف بها ذلك الرجل بنبرة متملكة ممزوجة بالحنين وهو يدخل الى الغرفة فجأة ، لتستدير اليه منى بصدمة وتهرع اليه وتشير بيدها بالنفى حتى لا يتكلم ، فأزاح يدها برقة وهو يحدق بها لكى تطمئن ، واتجه صوب هنادي التي ترمقه بصدمة فقد ظهر انه الغفير القديم الخاص بالسرايا والذي كان يلعب معها ويحدثها بلطف حين يلتقى بها ، تذكرت أخر ذكرى تجمعهما في الماضي حين اعطي لها حلوى واخبرها انه سيسافر الى بلاد بعيد وسيعود قريبا ولكنه لم يعد ، لم تفهم معني كلمته لتبقي تحدق به بعدم فهم ليردف
_ أنا ابوك ...يا هنادي ..
انتفضت جسدها بقوة وهتفت بصراع كبير يقوم داخلها
_ يعني ايه ...أنا بنت حرام ..
_ لاه ..متجوليش أكده ..
تنهد طويلا وأردف والدموع تلتمع داخل عيناه .
_ انت بتي ..وبت مرتي ..انت كنت اهنه امانه ...
وانى ناوي استردها ..
_ ايه ؟؟
حدقت به بصدمة كبيرة وهو يقترب منها ويفرد يديه الاثنان لكى يعانقها فأردفت بصياح ..
_ أبعد عني ..أنتوا كدابين ..
حاولت مني ان تبعده من أمامها وتمنعه من ان يتحدث بأى كلمه ، ولكنها فشلت حين قال
_ لاه هي كبرت لزمن تعرف كل حاجة ، لحد امتى هفضل بعيد عن بتي ..
اسمعيني ..ياهنادي ..
أنت بتى ...من مرتى الأولى ..ومني يلي ربتك ، مكان بتها اللى ماتت ..وانا عمرى ما هنسي ليها المعروف دِه ابدا ..
جحظت عيناها وهى توجه انظارها الى منى وتقول بعدم تصديق
_ يعني انت كنت بتخونى ابوى لما كان عايش .
_لاه ...مانتى فاهمه اى حاجه ولا راح تفهمي ابدا.
تهتف بها منى بحسرة ليقاطعها الرجل عن التحدث وهو يقول
_ اهدي يا بتي ..اني راح احكيلك كل شيء ..ما تتدخلى يا مني ..
جذب الرجل ايد هنادي لكى تجلس ولكنها لم تشعر بالأمان ابدا من يده وبها شيء يذبذب كيانها بالخوف .
****
جلست هنادي على الفراش وبجانبها اطفالها ينامون بعمق وعيناها تهيم في سقف الغرفة وهى تتذكر كلام الرجل
( انت بتى ..بت فاطمة أخت سيد يلي ماتت وهى تولدك ، خالك سيد أخدك يربيك مع أمانى .. وماحد عرف نهائي لان البت يلى ولدتها منى ماتت فربيتك مكانها ..
وانى ما كنت عارف ،منى هي اللى جالتلى لما رجعت من السفر ..والله مانى مصدج نفسي ..)
التفت بوجهها الى الجانب الاخر وقامت بهز وجهها بالنفى وهى لم تصدق بعد ما استمعت اليه من ذلك الرجل ، فجأة رأت خيال على سقف الغرفة يتحرك فنظرت الى الاتجاه المقابل ،رأت ان الدمية ملقاه على الأرض فقد نستها تماما ، اتجهت اليها قامت بإمساكها وخطت ناحيه الشرفه وما ان قدمت على رميها جحظت عيناها وهى ترى حشد من الناس في الظلام يحملون على اكتافهم مالك وكانه جسدا دون روح ، فوثب قلبها وهرعت اليه وهى تصيح ..
_ رحيم...
وحين وصلت اليه وجدته ملقى على الأرض بمفرده يلتقط أنفاسه بصعوبة .
قامت بهزة بقوة لكى يفق وهى تبكى دون وعى ، صدر صوت همسات حولها فلم تعبئ لها وظلت متمسكة بكلتا ذراع مالك وتقول
_ رحيم ...ايه اللى حصلك ؟
توقفت عن البكاء عندما رأت عيناه تفتح ببطء شديد ويحاول ان يتحدث ، لم تستطع أن تحمله من على الأرض ولم تجد حلا سوي الذهاب الى والدتها منى التي كانت بصحبه زوجها الغريب ويتحدثا بأمور جدية في غرفتهما .
_ رحيم واقع على الأرض ومش عارفه اشيله ، تعالوا ساعدوني ..
وقفت منى بفزع أثر دخول هنادى فجأة عليهما مرة أخرى وتصيح بقوة، ردت عليها منى بغرابة
_رحيم مين ؟
_مالك
جرى الرجل وراءها هو ومنى وما ان وصلا لم يجدوا اى اثر لمالك ، لم تصمت هنادى وبقت تبحث في الأراضي الزراعية معهما حتى وصلا الى المقابر ، تفرق كل واحد منهم عن الاخر يبحث عنه، لمحت هنادي على مقبره ما جسدا على الأرض يشبه هيكل مالك فجرت اليه وهى تهتف باسم رحيم ..
جحظت عيناها وهى ترى سيدة عجوز يلمع جسدها بنور ازرق حولها فارتعدت هنادي ورجعت خطوات الى الخلف بخوف ، فقالت السيدة العجوز
_ اوعي تسيبي عيالك في السرايا لوحدهم ..
انت مش خايفه عليهم ..؟
ظلت هنادي تحدق بها بخوف حتى عادت الى وعيها ورجعت الى السرايا بسرعة وقلبها يخفق بجنون .
تنهدت براحة حين وجدت اطفالها مكانهما ينامون بعمق ، دلفت عليها مني وهى تقول
_ انت شكلك كنت بتحلمى مالك في الاوضة نايم ..ومتحركش من مكانه ..
شعرت هنادي بالراحة وقالت وهى تتذكر ما حدث
_ اوعى تفتكرى انى هصدق كلامكم ..
ردت منى عليها وهى تحدق بالدمية الخارج منتصفها من جيبها بصدمة حتى انها لم تنتبه إلى كلماتها الهجومية.
_ منين جبتي العروس دى.
أنزلت هنادى بصرها إلى الموضع الذي تشير إليه منى فاخرجتها هنادى من جيبها بصدمة لترمقها منى بفزع وهى تردف
_ سحر اسود ..
سحبتها منى من يدها وبقت تحدق بها بعجب كبير وقالت تحت نظرات هنادي الصادمة
_ حلويات ..!!
انا دلوجت عرفت ايه اللى بيحصل لمالك ، والله جلبى كان حاسس .
_بس مرات أبويا ماتت
****
ينام في أحضان والدته على الفراش وتقوم بالمسح على شعره كما كانت تفعل وهو صغير .
وتقول
_ تعرف يا بني ..أبوك مكنش بيعرف ينام غير لما اهرش له شعره ..
سبحان الله كان هو برضه يعمل معاك كده لما ورثت العادة دي منه .
رفع حسام بصره الى والدته بحسرة ليراها تحدق به بنفس النظرة فربتت على ظهره واردفت
_ أنت كنت ابننا الغالى ...ولو مكنش بينا دم موروث بس كان روح وما أدراك ما الروح ..أنت خت مننا حب مش اقل من اى واحد بيحب ضناه ..
أنت ذات نفسك متقدرش تنكر حاجة زي دي ..
دفن وجهه في صدر والدته وذاد من عناقها ردا على كلماتها التي كانت كالبلسم يشفي الشروخ حين يلامسه .
فجأة علا صوت هاتفه بالاتصال فأخرجه من جيبه وقام بإغلاقه دون النظر الى من يتصل ، وبقي في أحضان والدته ليله كاملة ، ولم يزوره أي كابوس كما عهدها في نومه.
وفى الصباح الباكر ، استيقظ ليجد أنه وحيدا في الفراش فبحث عن والدته بعينه فى كامل الغرفة فوجدها تصلي صلاة الضحي بالمصحف الشريف ، فبقي يراقبها حتى مرت اليه ذكرى جيهان وهى تصلي .
وعند انتهاءها من الصلاة اتجهت اليه فرمقها بعجب وقال بسعادة
_ ايه القمر ده ..وشك منور على الاخر كانك عشرين سنه .
_ يا واد يا بكاااش ..
تنهدت وهى تجلس بجانبه وحدقت به بحب جارف ثم ربت على ظهره وهى تقول
_ مش عارفه ليه حاسه النهاردة باحساس غريب كده .. زي ما تقول قلبي مخطوف ..
_ سلامه قلبك ..
_ بقولك ايه يا بني ..
انا عارفه كلامى ده هيضايقك ...بس انا حلمت ان جيهان بتعيط جامد ... انا متأكده ان البت دي مظلومة ...اهل القرآن يا بني ميعملوش غلط .. وهى جاية فى الصور عنيها مقفولة.
إحنا بقينا فى زمن كل حاجه بتحصل.. يعنى ممكن تكون مجبورة او حد منومها..
_ مش شرط عنيها تكون مقفولة تبقي مظلومة
ماهى يمكن تكون متكيفة.
زفر حسام بشدة من كلامها ، وحاول ان يلهي نفسه بأى شيء فرفع هاتفه الى بصره ليجده مغلق فأعاد فتحه ، قالت والدته بصوت هادئ وهى تعيد التربيت على ظهره ..
_ انا وصيتي ليك ..أنك ترجعها ..وتربي عيالك معاها ..وانك تبعد عن مقصوفة الرقبه أسماء ..
رفع بصره اليها وهتف بقلق دون أن يعلق على كلامها الذي قام باستفزازه.
_ أنت بتقولى ايه ...ربنا يطول بعمرك يا ست الكل ..بعد الشر عليك ..
تنهدت وقد ملأ الحزن قلبها فهى تتمني ان يزيد عمرها حتي تطمئن عليه وتراه سعيدا مستقرا بحياته ،فقالت له
_ دي حاجه كلنا هنمر بيها ...وفى أي وقت يجي ..اوعى تزعل يا حسام لو حصلي حاجة ..
قلبي مش هيرتاح ..ابدا ...لو زعلت ..أنا عوزاك سعيد ..
ربنا يبعد عنك ولاد الحرام ..ويقرب منك الخير وأصحاب السعد يارب ..
دق الخوف في قلبه وهو يستمع الى كلماتها التي جعلته يشرد بعيدا، فاقترب منها يعانقها بقوة ، دعي الله في داخله ان يحفظها له ويزيد في عمرها وتكون بجانبه طوال حياته .
بغتة علا صوت الهاتف منبأ بإشعار رسالة فلم يعطي له بالا.
وبعد عدة ساعات ،ذهب الى الخلاء وأخذ حماما باردا واتجه الى العمل بسيارته ليعلو صوت رنين الهاتف ،رفع الهاتف الى اذناه ليأتى اليه صوت زميل له يخبره بنبرة مصدومة .
_ الحق يا حسام ماهر وقع من البلكونه وهو في الطوارئ دلوقتى.
ضغط على مكابح السيارات بهلع فجأة لتتوقف السيارة وتصدر صوت قويا مما انخلع قلب من حوله برعب .
جاءته مكاملة أخرى في تلك اللحظة من أسماء ، فقام بالضغط على الفتح ، ولكن الاتصال انقطع فجأة، تواثب دقات قلبه بعنف لا يعرف ما هذا القلق الغريب الذي ينتابه بتلك القوة .
أعاد الاتصال بأسماء ولكن هاتفها يعطي له انه مغلق ، رأى اشعار رساله صوتية قادمة منها في أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي ، قام بفتحه بسرعة فوجد انها بعثت اليه تسجيلا صوتيا ..فقام بتشغيله ودقات قلبه تخفق بجنون داخل اذناه ، فصدر صوت أسماء وهى تقول داخبها
_ انت طلبتني اجي هنا ليه ..؟ أنا مش قولتلك معتش كلام بينك وبيني ؟
ظهر صوت ماهر ولكنه كان مبهما لعدة ثوان ثم وضح في المقطع وهو يقول
_ ..فين الأوراق اللى سرقتيها يا تيت ..
علا صوته في ذلك المقطع بطريقة هجومية وهو يردف
_هو ده اتفاقنا ..
بغتة صدر صوت صياح يأتي منه داخل التسجيل وصوت أسماء تلهث بقوة ...ثم انتهي المقطع عند تلك النقطة .
هنا علا صوت رنين هاتفه باتصال قادم من أسماء ،قام بفتحه بسرعة ليأتى صوتها وهى تبكي بخوق وقلق .
_ الحقني يا حسام ..أنا قتلت ماهر ... قتلته عشان احميك منه ..انت لازم تتحمل المسؤلية ..
علا صوتها ببكاء ممزوج بتوتر كبير فقال لها بعد أن ابتلع غصة داخل حلقه .
_ جبت الورق ...
_ مش هتاخده منى الا ما تخبيني ..أنا خايف يقبضوا عليا .
_ طب أنت فين دلوقت ..؟
ادار السيارة بسرعة كبيرة وذهب في طريقه اليها .
****
كان وليد يمر بفترة ليست بجيدة عندما ذهبت ناهد ، ولم يستطع بعدها ان يتحدث مع اى أحد في المنزل ، ولا يعود من عمله الا في الليل الثقيل .
وكل ذلك ولم تشفق عليه ناديه لوهلة معتقدة أنها مجرد فترة وستمر بوجعها ،قالت احدي بنات نادية وهما متجمعين فى غرفة والدتهن .
_ معقول يا ماما كان بيحب اووى ناهد كده ..لدرجه انه ميسألش على اى حد فينا كده لكم يوم ..ده بيتهرب كل لما يشوفني ..ومش عاوز يتكلم معايا ...
أنا خايفة اووى ليكرهنا ..
ردت نادية بغيظ على ابنتها وبقلبها سكينا يذبحها بالغيرة
_ بس يابت ...كده احسن ..ده واحده من إياهم ..شيفه خالك زي القمر وعاوزة تاخده مننا وتطردنا بره ...احمدي ربنا انها مشت ..
مش شايفه كانت لابسة ازاى عشان تغريه ..وتستغله ..
رمقت كل منهن الأخرى والخوف يتسرب داخلهن من زواج خالهن بامرأة تحتكره لها فقط .
فقالت الأخرى
_ بصراحة كده يا ماما وانا راجعه من المدرسة ..شوفتها واقفه على عربية كبدة ..بتشتغل عليها ..
جحظت عينا ناديه بقوة وهمست مسرعة ..
_ وطي صوتك ..ليسمعك ...
بس انت متأكده أنها هي ..
مالت الفتاة راسها بايجاب لتقول الثالثه
_ ماهو ..خالوا كده كده هيتجوز ..يا ماما ..سواء ناهد او غيرها ..
احنا مفروض مكناش نقف قدام سعادة خالوا ..ده صعبان عليا اووى .
وهو اصلا باين عليه فاهم ..وناصح ومش اى واحده تضحك عليه ويسبنا يعني ..ده بيحبنا اووى .
لم تشعر ناديه بنفسها وهى تأخذ الكتاب الموضوع على جانب المكتب المقابل لها وتلقيه على فخذ ابنتها وتقول
_ أنت أصلك مش فاهمة حاجة ...بالرغم ان خالك باين عليه انه مقضيها الا انه أهبل وممكن أي واحده تضحك عليه ...ده لوله انه بيحكيلي على كل حاجه ..وبنصحه كان سبنا من زمان .
انا عوزاكم تقربوا منه اووى الفترة دي ..عشان ينساها بسرعة .
مالت الفتيات رأسها بايجاب والفتاة الثالثة عيناها تميل الى اتجاه غرفه خالها بقلق .
وما ان جن الليل ، اتجهت الفتاة الثالثة الى غرفة خالها بتوجس ، وجلست بجواره على الفراش تعلم انه مستيقظ ويفتح هاتفه الجوال تحت الفراش ولا يريد أن يتحدث معها فهمست بتوتر وهى لا تعرف ان ما تفعله صحيحا ام لا ..كل ما تعلمه انها لا تريد أن تخسر خالها الحبيب.
_ ناهد بتشتغل على عربية كبدة جنب المدرسة .
انتفض وليد من الفراش وبقي يحدق بها بعجب ، فقال وهو يحاول أن يخفى فرحته .
_ عرفتي منين ..
رفعت يدها على فمه لكي يخفض نبرته وأشارت اليه بان يصمت .وهمست ..
_ ده سر ..
هز برأسه بايجاب وبعيناه لمعه فسرتها على ان ما قالته والدتها حقيقيا بالكامل بأنه طفلا يتعلق بأى أحد بسهولة .
قام وليد من الفراش واخرج نقودا واعطاها الى ابنه اخته كمكافئة على اخباره وقبل رأسها بحنان ،فهمست بحزن
_ خالوا انت ممكن تسبنا ..بعد ما تتجوز ناهد ..
رمقها بغرابة تحت الإضاءة الخافتة فقال وهو يضع يده على كتفها لكى تشعر بالأمان
_ أنتو حته مني .. يبقي ازاى هسبكم ..وانا مسؤل عن كل واحده فيكم ..
وبعدين انا مش هتجوز ناهد ؟؟؟
أنا بس خايف عليها .. وعاوزها جنبنا عشان نطمن عليها.. وتفتكر أهلها
_ معقول ..يعني انت مش بتحبها ..
لم يستطع ان يجيب على هذا السؤال فهو الاخر لا يعرف ما حقيقه مايشعر به ، يعلم انها تذكره بدفء والدته لذا يريدها ان تكون مقربه منهم، فأردفت الفتاة بتعجب
_ انت مش شوفت نفسك كنت مهموم ازاى لما مشت ..
انت كنت حزين اوووى يا خالوا ..
جلس بجانبها على الفراش وبقى تائها فقال
_ انا فعلا مش حاسس بحاجه غير اني عاوز اطمن عليها ..زيكم كده .. صدقيني
_ يعني تقبل ان ناهد تتجوز حد تاني ..
استشعر كلامها فملأ قلبه بالخوف وبعض الضيق فأردفت
_ لو مش عارف حقيقه مشاعرك ..أنا ممكن اساعدك .
التفت اليها وبقي يستمع الى ما تقول
_ اللى بيحب حد مش بيقبل يشوفه مع حد غير وبيوحشه اووى .
ملأ القلق كيانه فهل حقا يملك لها حبا ؟
فقال بصوت مرتفع قليلا
_ انت ليه بتفكرى في حاجات اكبر من سنك ...أنا مش ممكن اتجوز ناهد فعلا ..!!
اشارت اليه بان يصمت فتذكر همساتها حتي لا يستيقظ احد ، فمال برأسه بايجاب وهو يرمقها بغرابه وعقله شاردا في واد أخر.
****
وصل حسام الى مكان أسماء الذي اخبرها به وارتدت ملابس أخرى حتي تخفى نفسها ،هرعت اليه تحضنه وهى تبكي بحسرة ، لمح بيدها الأوراق التي طلبها منها والتي يمكنها ان تزج ماهر بالسجن لمدة طويلة، فقد علم من مصدر انه لا يزال على قيد الحياة رغم تحطم عظامه بالكامل ،بسط يده لكي يأخذ الأوراق منها لكنها منعته وهى تقول
_ انت لازم تخبيني عشان محدش يلاقيني ..
رد عليها بجدية
_ وهتفضلي طول عمرك مستغبيه ؟؟
جحظت عيناها من رده، فقالت بصياح
_ بعد كل اللى عملته عشانك ..؟
_ وأنا ايه اللى يخليني اضمن انه عشاني ..وانت أصلا اتخليتي عني وعن ولادك عشان الفلوس .
هتفت بصياح
_ انت لا يمكن تأخد الورق ده غير لما تأمن ليا مستقبل ..أنت تقدر تعمل اى حاجه
مش ليك معارف ..!!
رمقها بغرابة فهى لا تزال تلك الفتاة الخبيثة التي تهرع الى مصلحتها فأردفت له ببكاء وهى تتلوى كالحية الماكرة.
_ لو مش عشاني ..يبقي عشان أولادنا .
أرجوك يا حبيبي .
تنهد بقلق وقال
_ ماشي يا أسماء ...بس لو عملتى اى حركه كده ولا كده ..ساعتها مش هعتبرك ام اولادي ..
زادت من عناقها له وهو يفكر الى اين سيأخذها .
****
عزم زياد على الرجوع الى القاهرة حين فشل في إيجاد أي شيء خاص بشقيقته اسراء ، لم يستطع مصارحة جيهان بذلك واكتفى باقناعها انه سيجدها في اى لحظة بحجة ان الدنيا صغيرة وليست مستعصية على إيجاد احد بسبب تطور الأجهزة الذكية .
دخل من شارع مختصر بسيارته حتي يصل إلى المدينة بشكل اسرع، فوجد عربة تقف فى جانب الطريق تبيع الطعام ويجتمعون حولها الكثير من الناس فقال وهو يحاول أن يوقف السيارة في ركن ما في الشارع .
_ بصي يا حبيبتي ..الناس دول ..متجمعين ازاى على عربية الكبدة ...اكيد طعمها يجنن ..أنا هنزل اجبلنا منها .
هزت جيهان رأسها بالنفى بتعب شديد فحالتها تدخل في الأسوء يوما عن يوم ، لم يعبئ لردها وذهب الى العربة ووقف لنصف ساعة حتى وصل الى صاحبة العربة ، حدق بها بعجب وهى ترمقه بغرابة فهو ينظر اليها بطريقة غريبة دون ان يتحدث فقالت
_ تطلب ايه ياباشا ..عندنا كبده اسكندراني ...تستاهل بوقك .
_ انا شوفتك فين قبل كده .. ؟
ظلت تحدق به وقلبها يتواثب بلهفة فهل يعرفها حقا؟
.فقالت بعد ثوان بأمل
_ أنت تعرفني ياباشا؟
ظل يحدق بها طويلا حتي اشتكي الرجل الذي وراءه من وقفه لفترة فقال وهو يميل رأسه بإيجاب
_ أيوة افتكرت لما روحت الصعيد ...وانت شاورتيلي على سرايا الغول ..
فى تلك اللحظة عادت اليها ذكري مقابلته لها وفى اذناها يردد صوت امرأة عجوز
(الغدار غدار ولو قدملك ازهار...)
هنا وقعت عيناها على عجوز طاعنه فى السن تقف بعيدا وترنوا اليها بابتسامة .
يتبع ...


سارة منصور دوار الشمس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-22, 06:33 PM   #96

سارة منصور دوار الشمس
 
الصورة الرمزية سارة منصور دوار الشمس

? العضوٌ??? » 473504
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 396
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » سارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك fox
¬» اشجع ahli
افتراضي

القبلة الرابعة والثلاثون
شردت ناهد داخل عين العجوز بغرابة فهى تملك مظهر غريب جدا وتحدق بها من بعيد بقوة ولكن التفتت الى زياد الذي كان يبتسم لها ويقول وهو يبتلع ريقه اثر رائحة الطعام الطيبة .
_ حاتي بقي ست سندوتشات كبدة وحطي في ثلاثة منهم شطة حراقة .
لم تعلق ناهد على طلبه وقالت بلهفة بعد مرور دقيقة .
_ وبعدين ؟
_ في ايه ؟
_ .....
أنت تعرف مكان أهلى ..وكده ..وانا كنت متجوزة مين .. ؟!!

ران اليها بغرابة ولم يفهم ما ترمي اليه حين أردفت له باهتمام
_ انا فقدت الذاكرة ومش عارفة حاجة ولا حتي انا منين .. انا يدوبك افتكرت انى شوفتك بس قبل كده.
مالت قسماته الى الحزن وهو يتصفحها من رأسها الى اخمص قدميها فقالت وهو يشعر ببعض القلق عليها
_ أنا للأسف معرفش حاجة عنك نهائي ..أنا بس قبلتك صدفة في السوق وسألتك عن حاجة ..صدقيني لو بأيدي أساعدك مش هتأخر .
مرت ثوان ولم تعقب عليه بأى شيء لكن قسماتها مُلئت بخيبة الأمل ، فقام بإخراج بطاقة مكتوب عليها رقم هاتفه الخلوي واردف
_ اسمعي لو احتاجتي اى شي اتوصلي معايا على الرقم ده ، يمكن اقدر اساعدك بأى حاجة .
خرجت عن صمتها المجبر بسبب علتها لتقول ببعض الأمل
_ تسمح تقولى على عنوان السوق اللى قبلتني فيه ؟
_ طبعا .
أخرج القلم من جيب بنطاله وقام بكتابة العنوان وقدمه لها ، وبدأت بصنع الشطائر وقدمتها اليه بابتسامه بسيطة لم تمحي الحزن القابع داخل كيانها .
رجع زياد الى السيارة وهو يستدير الى الوراء ينظر اليها بشفقة ، وعندما عدل من مشيته ونظر الى جيهان وهى تجلس بسيارة متطأطئة الرأس تسرب اليه القلق والخوف ان كانت شقيقته اسراء توفت حقا؟ فرؤية جيهان بتلك الطريقة لا تبشر ابدا ، تنهد وهو يركب داخل سيارته بجانبها وهو ينفض تلك الافكار السلبية، قدم بعض الشطائر الى جيهان التي رفضت رفضت ولم تريد ابدا وضع اى شيء في فمها .
وبعد عدة دقائق، التهم زياد الشطائر بدون تركيز وهو يقود سيارته شاردا بما سيمر به ،وحين تمكن منه شعور اليأس تذكر فجأة ذلك العجوز من الجن الذي ساعده بتحريره من السلسلة قبلا وأخبره إن احتاج الى اى شيء فقط يلفظ اسمه ، يعلم ان للجن طرق للوصول لبعض الأشياء بسهولة بإذن الله ،فالتمعت عيناه بأمل وما ان جاء لينطق الاسم ، اختفى من ذاكرته فجأة .
ظل طوال اليوم يحاول أن يتذكره ولكن في كل مرة يفشل ،فعزم على الذهاب الى حسام لكى يخبره بالعنوان الذي أعطاه إياه قبلا و بالرغم من كذبه عليه بالعنوان الصحيح سيسامحه إن نجح بالتواصل مع العجوز.
تنهد بحسرة فان كان اخبره قبلا بالعنوان الصحيح كان سينقذ شقيقته مما وقعت به من مشاكل عويصة ، حاول إلا يفكر فيما جارت إليه الاحوال و يفكر فقط بما سيقوم بفعله لكى يصل اليها .
وعندما وصل إلى منزله أخذ جيهان الى غرفتها ثم اتجه مسرعا الى شقة حسام بالسيارة، وما إن وصل طرق الباب عدة طرقات، فُتح الباب له ممن لم يكن ليتوقعه ابدا، فهتف بعدم تصديق.
_ أنتِ ؟؟
لم تتوقع موني ابدا أن يأتي اليها زياد بتلك السرعة حينما يخبره حسام بأمرها ، فحاولت ان تخفى فرحتها الشديدة بعيناها بالتلبس لقناع الجدية والتي فشلت ان تضعه وبقت كالحمقاء مسلوبة القلب وهى تقول باشتياق
_ معجول رجعت بالسرعة دي يا ولد عمي !.
عض على شفتاه السفلية بغضب من تلك الفتاة ومن دمائها الموروثة داخله .
_ ايه اللى جابك هنا ؟
يهتف بها بغضب لترتسم ابتسامة على محياها دون إرادة منها وتقول بمزاح
_ حساام رايدني في الحلال ..وأنى ما جدرتش ارفض ..اصلا لانى احبوه .
اتسعت حدقتاه ولم يشعر بنفسه وهو يقوم بجذبها من حجابها الذي سقط عن رأسها حتى وصل بها خارج الشقة، فتأوهت بألم فلم تتوقع منه ان يكون بتلك الهمجية، فعلمت انه لم يعلم بعد انها وحسام أشقاء ، فهتفت به بصياح
_ بتعمل ايه يا مجنون .. سبني ..
_ امشي من هنا ماشفش خلقتك ..قبل والله العظيم ما اقتلك في لحظة من غير ما أحس .
جزت على اسنانها وقالت وهى تمنع غضبها تحت لسانها وتبدله بنفحة ثعبانية
_ محدش يجدر يخرجني من هنا ال بمزاجي وانا نجول ما نمشي من اهنه واصل الا ..
اذا طلعت من هنه على بيتك ...
ودِه طبعا مستحيل ..!!
مش مستحيل جوي يعني .
الموضوع كلياته اعتذار ..
نبرت صوتها انخفضت في كلامها الأخير وكأنها تقولها برجاء ، ولا تعلم ان ما يقف امامها ذئب طائش يريد ان يحطم ما امامه حتى لا يراها مرة أخرى فقال بنبرة تهديد انتفض لها بدنها
_ اداكي كام ..؟
رمقته بصدمة وردت بتساؤل
_ ايه ؟؟
_ هو فاكر انه لما يجيبك هنا هيحرق دمي ..!!
هه .. ولا فارق معايا ..
طظ ..
أوعى من وشي .
يهتف بها بغضب وهو يدخل الى الشقة يبحث عن حسام والغضب يتوج أفكاره بفعل شيء قد يندم عليه لاحقا ، ولكن شلت حركته وتوقف فجأة حين وجد بنات عمه يجلسن بالصالة على الأرض بجانب والدة حسام .
لم يأت اليه جوابا فى عقله مهما بحث عن سبب وجودهن هنا!.
جرى فى عقله ان ربما حسام يخطط لشئ ما حتي يقوم بلوي ذراعه بهن ، فبقي ينظر الى والدة حسام حتى خرج عن شروده واتجه اليها وهو يقول بغضب ..
_ ابنك اتجنن ...؟؟ يعني عشان اخدت مراته اللى رماها في الشارع وحفظت عليها جايب بنات عمي هنا ..هو بيلعب بالنار معايا ..
دهشت والدة حسام من كلامه وخشت ان يكيد لحسام ويتشاجر معه فقالت مسرعة
_ اهدي ..يا زياد ..
لم تعرف والده حسام بما تخبره عنهن شيء وسبب وجودهن معها فى تلك اللحظة، فبقت صامته ولم تكمل كلماتها التي انتظرها زياد ، فقال لها بعصبية
_ انت ازاى سمحتي له انه يجيبهم هنا ..؟؟
ارتبكت ولم تعي ما تقول بسبب الضغط الذي وضعها به زياد لترد عليه
_ يا بني انا مسمحتش بحاجة ..هو اللى جبهم واسأله بنفسك ..أنا معرفش حاجه عنهم ...ولا فاهمة أي حاجة ..
هنا دلفت مونى عليهما وحدقت بالسيدة بغرابة من كلامها فهل ينكرون حقيقه انهم اشقاء ؟.
فهتفت بغيظ
_ احنا اخواته ....
التفت اليها زياد وهو لا يفهم ما تشير اليه بتلك الكلمة فأردفت ..
_ احنا اخواته ...ومعانا الدليل ..طبعا .
عضت والدة حسام على شفتاها من سرعة الاحداث وانكشاف السر الذي لم يبدأ حسام في اخفاءه بعد عنه ، فقال زياد بعدم فهم
_ انت بتهرجي بتقولى ايه ، أخواته ازاى يعني ؟.
قامت مونى بإخراج الورقة من جيبها المدفون داخل عباءتها وقدمتها له وهى تحدق به بغضب ، فقد تأكدت الأن انه لم يأتي لأجلها ولم يقوم حسام بالتحدث معه في هذا الشأن ، لتردف مونى بسخرية وهى ترى انقلاب قسماته الى الصدمة .
_ ويبجي وِلد عمك كُمان يا عسل..
رفع بصره اليها بعد تصفح الورقة بذهول شديد وعدم تصديق حتى شعر انه بكابوس ، جذبت مونى منه الورقة بسرعة و أعادتها الى داخل جيبها ، فرفع سبابته لها بغرابة وما ان جاء ليتحدث لم يجد كلام بجبعته ، فخرج من الشُقة والعجب يدور حوله ويجعله تائهًا داخل نسيج أفكاره المتلاحقة ، فهرعت خلفه والدة حسام وهى تمسك بأكمام ملابسه برجاء بأن يدخل غرفتها لتخبره ببعض الأشياء ،فتلك الورقة انكرت الكثير من الأشياء لديه منها انكار حسام بأنه ولد صُلب ليونس العتابي .
****
أتتها الخيبات حين لم تحصل على أي إجابة تفيد من زياد ، ففي تلك اللحظات القليلة عاد اليها الأمل بقوة ورسم اليها انها ستعود الى عائلتها من جديد عاجلا.
تنهدت وهي شاردة امامها ولم تنتبه الى الشخص الذي يقف مقابلا لها حتى همس باشتياق .
_ وحشتني القهوة بتعتك..
الفتت اليه وحدقت به دون تركيز قليلا ثم عادت بوجهها الى صنع الطائر وهى تتنهد بحسرة، ..فجأة جحظت عيناها والتفتت اليه مرة أخرى لكن بصدمة وبقت ثوان صامتة تتمعن بعيناه التى بها آلاف الكلمات فقالت بدهشة.
_ وليد ...!!!
تذكرت اخر ذكرى تجمعهما حتى قشعر بدنها وارتجفت فرجعت خطوة الى الوراء بخوف لتتغير قسماته من السعادة الى القلق ، فهتف بغرابة.
_ مالك كده ؟؟ كانك شوفتي عفريت ....
.... لسه زي ما انتِ
بتفقعى الواحد على بال لما تردي، على العموم أنا جاي اطمن عليك ، وارجعك معانا تاني .
هتف بكلمته الأخيرة بنبرة أمر، مما جعلها تنفر وتشمئز بغضب وهى تقول
_ مستحيل ... انت فكرني معنديش كرامة عشان ارجع بعد ما اتفقتوا عليا ..
فجأة ظهرت الفتاة الثالثة أحدي بنات نادية خلف وليد وهى تقول
_ خالوا ملوش ذنب يا ناهد ..أحنا السبب ...انا اسفة جدا ...سمحينا وارجعي معانا ..
مال وليد رأسه بإيجاب وهو يقول
_ ايوة ..مش احنا اتفقنا اننا هنساعدك ترجعي لاهلك ..
طأطأت رأسها ومن ثم رفعتها تنظر إليهما بهجومية وهى تهتف
_ انا فعلا صدقتكم واعتبرتكم اهلى ..بس انتم كذابين ...نادية حكتلى على كل حاجة ..
إنت أللى عملت كل ده عشان تخرجني بره البيت.
رمقها ببعض الغضب من تفكيرها ومن شقيقته التى تلاعبت بهما، فقال برجاء
_ ارجوك يا ناهد ادينا فرصة من تاني ...انا مش هقبل انك تشتغلى في المكان ده وسط الرجالة..
انت هترجعي معانا كأنك في بيتك بالظبط .
هزت رأسها بالنفى بعصبية وصاحت وهى تقول
_ لا ..لا ..لا ..مش هرجع ..أنت...
..ملكش امان ..
ردت الفتاة الثالثة مسرعةً.
_ متخافيش ياناهد ..خالوا لما يشرب بيبقي اهبل ومستحيل يأذي حد ..احنا اللى عيشين معاه وعرفينه وياما دخل علينا الاوض ..وبيقع على الأرض ينام .. وساعات بينام جنبنا وعمرنا ماشفنا منه حاجه وحشة
وبعدين انت اللى غلطانه مقفلتيش الباب عليك ليه وانت نايمة .
رمقتها ناهد ببعض الغضب ، فقد تذكرت سحبها المهين من تلك الفتاة وشقيقاتها ورميها خارج الشقة لتقول بعصبية
_انت بالذات متكلميش معايا ...ويلا امشوا من قدامي انتوا الاتنين ..
_ ماشي يا ناهد حقك برضه،....هبقي اجيلك في وقت تاني يكون هديتي فيه شوية .
يهتف بها وليد وهو يأخذ ابنة شقيقته ويسحب شطيرة من أمامها بيده، وخطي مبتعدا عنها .
ظل يراقبها من بعيد وهو داخل سيارته ويتناول الشطيرة ببطء حتى شعر بدفء داخل قلبه ،فتنهد ببعض الحزن هو لا يريد خسارتها ابدا فكلما يستيقظ صباحا يلثم رائحة الدفء بوجودها معهم وكأن والدته عادت اليه من جديد ،وحين ابتعدت عادت البرودة الى المنزل مرة اخرى مجرد التفكير فى الأمر يؤرقه بشدة بغيابها ، قالت الفتاة لخالها وهى تراقبه بشفقة.
_ هتفضل واقف كده كتير يا خالوا .
_ لا استني شوية ..أنا متأكد انها بتفكر دلوقتى ..واكيد ..
ردت الفتاة مقاطعة
_ دي مجروحة اووى ..قدامها فترة عشان تنسي ..بس تفتكر هتسامحنا يا خالوا ..
_ لازم تسامحنا ..
وحين ادار وليد السيارة مبتعدا بعد أن أقتنع بكلام ابنة شقيقته ، اتي في اذناه صوت صياح أنثوى قوى، فالتفت برأسه ليراها ناهد وبجانبها رجلا يمسكها من ذراعها بقوة وينهرها امام الناس ، فخرج من السيارة مسرعا واتجه اليها .
_ هتيجي معايا وتجبيلي الفلوس ولا اخدها منك بطريقتي ..مع إنك ما تساويش مليم ابيض ،
يهتف بها رجلا يظهر عليه بلطجيا شرسا لناهد وينوى ان يقوم باذائها .
لم يسأل وليد عن أي شيء أو يستفسر عما يحدث امامه حتى يفهم ما يدور بل قام بلكم الرجل عدة لكمات ودفعه بقوة حتى سقط على عربة الطعام وقام بتحطيمها تحت صياح ناهد، ثم جذبها وليد من معصمها بقوة تحت مقاومتها ومنعه من الإمساك بها، فرفعها بكل سهولة على كتفه وحملها الى سيارته وأدخلها بها واغلق عليها، ظهر رجل عجوزا يصيح على عربة الطعام المحطمة فهرع الي وليد بعد أن أشار اليه الناس وأخبروه انه هو من قام بدفع الرجل عليها، تحت نظرات ناهد التي ذهلت مما حدث وبقت تبكي بعصبية ، حاولت الفتاة الثالثة ان تُهدأ من ناهد ولكنها فشلت.
صمتت حين شعرت ان قلبها لم يعد يستطيع أن يتحمل عصبيتها وانفاسها ثقلت على رئتيها فسقطت عيناها على صاحب العربة من نافذة السيارة يقف امام وليد ويصيح بوجهه ، ووليد يخرج محفظته من بنطاله ويقوم برمي الأموال له. عاد وليد الى السيارة وجلس في المقعد الأمامي وهو يزفر بقوة وقاد السيارة بعصبية ..
وحين وصل الى الحي الخاص بمعيشتهم كان قلبها يدق بعنف وخوف مما سيحدث لها ، في صميم قلبها هي تريد ان تعيش معهم، فالدنيا صعبة جدا عليها حين ابتعدت عن دفئهم الاسري ، ولكنها تخشي من نادية التى ظهر بأنها تطمر لها الشر والغيرة من وجودها معهم.
فَتح لها باب السيارة وانتظر لكى تخرج منها، فخرجت عن صمتها وقالت
_ أنا موافقة انى اعيش معاكم من تانى ...بس لو اتكرر اللى حصل ..معتش هتشوف خلقتي .
مال رأسه بايجاب تحت نظراتها الصادمة والتي لا تعلم لما يقف بجانبها وما هي نواياه مع فتاة تصغره باعوام كثير .
خطت وراءه حتي وصلا إلى باب الشقة ،لم تستطع ان تدخل وظلت واقفة أمام الباب ، فدخل وليد وظل باب الشقة مفتوحا، رأى شقيقته ناديه تخرج من غرفتها وتحدق بهما بعيون جاحظة وما ان جاءت تصيح بناهد رمقها وليد بنظرة نارية لم تعهدها منه قبلا ، وقال لها مقاطعا..
_ اسمعي ..لو عدتي اللى حصل تاني ..تسنيم بنت خالتى هجيبها هنا واتجوزها ..غصب عنك وعن اللى خلفوكي ..
فاختارى بقي خروج ناهد ولا جوازي من تسنيم .
لم تستطع نادية ان تعلق على كلامه الصادم فاستدارت بالكرسي الى داخل غرفتها صافقة الباب في وجهه بقوه ، دخلت ناهد الى الشقة بعد ان جذبها وليد من يدها إلى الداخل ويقول
_ يلا اجرى اعمليلي قهوة بسرعة ..
****
كانت الأيام تجرى كسباق الخيل على أمانى في سيناء ، تشعر دائما ان أحد ما يراقبها وان الشرطة ستجدها في أي لحظة لذا لم يتركها شعورها بالخوف والتوتر لحظة حتى تسترح قليلا .
كان سلطان يأتي اليها دائما ويجلس معها ويحادثها ولكن ترفض ان يشاركها الخيمة في الليل ، فكانت تبقي طوال الليل امام الخيمة تحدق بالسماء والصحراء ، وكم أعجبها الأمر ، فهى لم تشعر ابدا انها خالية العقل الا عندما أتت هنا ورات اتساع الصحراء والسماء المليئة بالنجوم بطريقة خرافية لم تراها من قبل ، فغالبا ما كانت تحس ان عقلها ملي بالنار وهنا انطفئت تماما .
وما تحبه أكثر وتنتظره كل ليلة هو الشيخ تميم فبعد أن ينتهي من رفقته بالمجلس الخاص به يذهب الى خيمته ويبقي مدة طويلة يرتل القرآن الكريم ، برغم كل الخوف الذي يعتريها الا انها كان تجد نفسها محظوظة عند نومها على الصحراء ومراقبتها تلك النجوم مع استماع التلاوة تنغرس في نوم عميق لا تستيقظ منه الا مع سطوع الشمس في الصباح .
وفى يوم قررت ان تذهب إلى الشيخ تميم لتتحدث معه فبعد أن رأت ان قبيلته تشاركه بمشاكلهم العائلية وهو يقوم بحلها ، فكانت تتعجب حين ترى المتخاصمين يخرجون من خيمته كالمتحابين ، كما انها تريد ان تعرف سر صوته بهذا اللحن الذي يأثرها بالقرآن ويملأ قلبها بالسلام ، انتظرت ان يخرج الجميع من خيمته ودلفت اليه وهى تقول بنبرة هادئة
_ السلام عليكم .
رفع الشيخ تميم بصره اليها ورد عليها السلام بوجهه بشوش وابتسامة لطيفة أحبتها ، لذا بقت تحدق به لعدة ثوان قبل ان تقول بانتباه .
_ طبعا سلطان حكالك عنى .
لم يعلق الشيخ تميم على كلامها وبقى ينظر اليها طويلا ، ثم مال برأسه بإيجاب وقال ..
_ شى اللى خايفة منه بُنيتي ..اشوفج قلقانة وما في راحة ..
رفرفت اهدابها قليلا فقد قرأها من نظرة واحدة ، فعضت على شفتها لكي تخفى تأثرها باهتمامه و بما تشعر به فجرى اليها شعور بالبكاء في تلك اللحظة ، فهى لم تتحدث مع رجلا كبيرا في العمر ابدا وحدثها بهذه النظرة اللطيفة والاهتمام فقالت بتماسك ..
_ أرجوك ساعدني .. انا تعبانه ومش عارفه اعمل ايه ... انا حاسه انى مسجونة هنا ومش عارفه أعيش حياتي ..وشغلى ادمر ..انا مش عاوزة ابقي هنا وفى نفس الوقت عاوزة اعد ..بس انا متعودتش على كده انا عاوزة اشتغل وارجع زي زمان .
تنهد الشيخ تميم ورمقها بنظرات بها سكينة بعض الشيء ،وقال لها وهى تحدق به بقوة تنتظر منه ان يساعدها بأى شيء .
_ انت غلطتي لما جيتي وفى نيتك انى اساعدج.
رفع يده الى السماء واردف .
_ رب العالمين اللى يساعدك ..أنا مابيدي حاجة غير انى اعط لك نصيحة بنيتي ..
رفعت امانى كافة يدها على وجهها تمسح دموعها الجارفة وتقول ببكاء
_ انا غلطت كتير أوووى ربنا بيكرهني دلوقتى مش هيتقبل توبتي ..
ابتسم لها الشيخ تميم وقال
_ ..تمعني بنيتي
بسم الله الرحمن الرحيم
( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما ، يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا )
ربنا يريد لصاحب الذنب انه يتوب ويكون اهل للمغفرة عشان يقبل التوبة ، وان الشياطين تريد من صاحب الذنب انه ينحرف عن الحق، فهمتي كلامي.
_ بس انا غلطت كتير اووى ..
ابتسم بوجها بشوش بطريقة محبوبة وقال بترتيل ..
_ ( قل لعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) .
وش تستني ...توبي ..
ظلت تحدق به وهو يبتسم لها بأن الإجابة أتتها بسهولة ويسر وأن الطريق الذي ينتظرها هو القرب من رب العالمين .
فأردف ..
_ والله يابنيتي ...نشوف الأمور صعبه جدا ويكون حلها بسيط ..
مصحف وسجادة ..
ثم أشار بيديه الى السماء وقال ..
_ اتركيها لرب العالمين ..
استخيري الله فيما تريدي .. ونصيحتي
لا تتركي القرآن ..
أشوفج يوم ما قلبج اتعلق بسماع القرآن كل ليلة ..بعد عنك اللى يؤذوج ..
رجعت أمانى الى خيمتها بعد أن طلبت من الشيخ تميم ان يعلمها صلاة الاستخارة ، اغتسلت ثم توضئت ظلت تراقب السجادة لمدة طويلة ، ثم اخذتها وارتدت الحجاب ..لا يوجد أي مرآة هنا ولكن تجاد تجزم أن الحجاب زادها جمال .
قامت بفرد السجادة ولم تستطع أن تصلي مهما وقفت عليها فقط ظلت تحدق بها ، مر يومين على تلك الحالة ، وفى اليوم الثالث عزمت على الوقوف على السجادة مرة أخرى ولم تستطع أبدا أن تصلي ، لا تعلم لما بداخلها يخبرها انها لا تسطيع ، فرفعت يدها الى السماء وقالت وهي مغمضة عيناها ..
_ يارب أنا عاوزة اصلي ... ساعدني ..أنا نفسي اصلي بجد ..وأقرب منك ..
أصابها البكاء بحسرة لمدة ساعة ..عزمت على أنها لن تستلم ثم ذهبت وتوضئت للمرة الرابعة وحين وقفت على السجادة شعورا ما ملأ قلبها بالسكينة ، لم تشعر بنفسها وهى تكبر وتقم الصلاة ،ملأ قلبها سعادة كبيرة وحين سجدت شعرت انها كانت تحمل أطنان من الجبال على ظهرها وسقطت مع انحنائها على الأرض وبقت في وضعيه السجود فترة طويلة جدا وهى تقول
( يارب ..انا معرفش اعمل ايه ..
ارجع واتسجن ..ولا افضل هنا في الصحرة وانسي انى كنت محامية شاطرة ..
اللهم ان كان امر رجوعي الى القاهرة فيه خير فقدمه ليا وان كان شر اصرفه عني ..)
وبعد أن انتهت من الصلاة ، أحست انها قامت بإنجاز عظيم جدا فلم تفارقها السعادة طوال الليل .
وفى الصباح الباكر ..
دلف عليها سلطان ليجدها تنتهى من صلاة الضحي فرمقها بغرابة وسرعان ما ابتسم من الفرحة فربت على ظهرها وحين استدارت له شعر بالعجب الشديد فوجهها تغير بعض الشيء حتي خيل اليه انها ليست اماني التي اعتاد على ملامحها فقال ..
_ شي بك اليوم وجهج زين مختلف عن قبل .؟
مالت أمانى رأسها بايجاب وقالت ..
_ اكيد لازم يتغير مش بقيت اصلي ..
_ برافو عليج اماني .كان قلبي حاسس ان فيج شوية خير ...
ها ؟؟؟
توقف عن التحدث حين رأها تخلع الحجاب من رأسها، فاردف.
_ ليش تخلعي الحجاب ..!!
_ انا لسة مقررتش هلبسه ولا لاء ..
تنهد وهو يتصفحها ثم همس
_ مثل ما تريدي ...
انى رايح البلد أشوف اخبار العيلة ومالك ..مانى هتأخر عليج .
شيء ما داخلها يُحسها على الذهاب الى القاهرة معه دون العبء الى ما ينتظرها ..فقالت بلهفة
_ انا هاجي معاك ..
مالت قسمات سلطان الى الصدمة وقام بالرد عليها
_ لا ..تجننتي ..الشرطة تبحث عنج .
_ هسلم نفسي ...
_ نعم .. ؟؟
_ انا مش هفضل طول عمرى هربانه انا عاوزة ارجع لشغلى ومستقبلى ..
لم يوافق سلطان عن قرارها فنبش بينهما شجار ، حتى خرج صوتهما الى الخارج ووصل إلى الخيمة المقابلة والخاصة بالشيخ تميم ، فأتى اليهما واستمع الى إجابة الى واحد منهما فقال
_ اتركها يا بُني ...هى تعلم مصلحتها زين ..
وجودها هنا مثل السجن ما حل ابدا هروبها ..هي ليها حياة ..مثلج ..
أمانى ما اتربت وسط الصحراء هي ما هتتأقلم بينا ..ولو كان شهر اثنين.. لكن العمر كله مستحيل ،
لازم أكون صريح... أنا عملت تقدر ظروف غيرج.
ابتسمت أمانى من كلام الشيخ تميم وشعرت انه يساندها ويشجعها على الاقدام بحياتها العملية رغم العقاب الذي سينتظرها. ، فاردف لها
_ اذهبي أمانى وصلحى كل شيء ..وان اردتي تكون معنا فانت في بيتج ..
ما تتركها سلطان... ولما تشوف مالك ابعثه لي..
*****
أخذ حسام أسماء الى السرايا الخاصة به و واشترى لها الطعام والشراب وأتى اليها ببعض الملابس واخبرها ان تخفى نفسها ولا تخرج منها أين كان السبب ، وحين أراد ان يمشي استوقفته بدلال وهى تقول
_ متسبنيش يا حسام لوحدى .. انا بخاف ..
ران اليها بسخرية وقال وهو يمط شفتاه
_ انت لسه شاوحه واحد من البلكونه وبتقوليلي خايفة ..ارحمى نفسك بقي يا أسماء ...
عضت على شفتها بغيظ وحاولت ان تخفى تعبير وجهها الساخطة عليه.
_ طب اعد معايا شوية
تهمس بها وهى تعانقه وتحاول ان تيقظ فيه إحساس الاحتياج ولكنه ابعدها بهدوء وهو يتنهد ويقول ببعض الضيق
_ امى عماله ترن عليا وعوزانى ..
_ ارجوك يا حبيبي ..طب امشي لحد ما أنام بس ..
زفر حسام وهو يحدق بها وقال باستسلام وهو يرنوا إلى كامل السرايا بطرف عيناه ببعض القلق.
_ تمام .
ذهبت أسماء مسرعة تهيئ نفسها ببعض الملابس حتى تتزين له وتقوم بإغرائه لكى يعود كالسابق يطلبها دائما بين الحين والأخر .
جلس حسام على نفس الاريكة التي كانت تجلس عليها جيهان وهى برفقة زياد فاستشاط غضبا حين تذكر ، وقام من مجلسه وقام بتغيره ليجلس على الاريكة المقابلة وبقى يرنوا اليها بغضب .
فجأة رأى المشهد يعود من جديد أمام عيناه ،فنفض رأسه من تلك الأفكار ولكن كلما يفرك عيناه يرى المشهد بالصوت والصورة امامه وكأنه يرى فلما حيًا امام عيناه حتى تبادر في ذهنه ان زياد وجيهان يجلسا أمامه حقا ،فارتبك وانتفض واقفا بغضب الي زياد وهو يهتف بغضب ويمسكه من لياقة قميصه حين رأه يقترب من جيهان بطريقة جريئة
_ انت مجنون بتبوس مراتي وقدامى ..!!
ارتسمت بسمة مستفزة على شفاه زياد وبدأت عيناه تلمع بخبث ، لمح حسام دخانا يدخل من نافذة السرايا حتى اختفت اقدامه هو وزياد ، تغيرت نبرة زياد وهو يقول له
_ مراتك دي كانت معايا على طول قبل ما تتجوزها .. وانا اتفقت معاها على كده ..
_ كذااب ..
_ انت طلعت كُبري يا حسام ..طول عمرك سواء مع أسماء او جيهان ..هما خانوك عشان مش حسين إنك راجل ..
صاح حسام بأقصي قوته واقبل يطوق رقبت زياد بعنف وهو يقول.
_انا هقتلك ...
رد عليه باستفزاز دون العبء إلى يده التى توشك على تحطيم عنقه
_ هتقتل اخوك عشان واحدة ست .
أنزل حسام يده من على عنق زياد بعد أن شعر بارتخاء فى عنقه وعدم تأثره بيده ، فعلم ان ما يحدث ليس حقيقيا ،فهتف وقلبه يتواثب
_ انت مين ...وبتعمل معايا كده ليه ؟؟
هنا زاد ألم الجرح في صدره من حدة الوجع فتأوه متألما ، هنا..
تغير هيكل زياد وأصبح يعلو حتى زاد الضعف وتغيرت ملامحه واصبح جسدا ضخما بوجه صغير بشع وقال
_ انا الغضب اللى جواك ..
..ومش هسيبك غير لما تموت نفسك وتدمر ..
زاد الألم من حدته وبقى بترسم على الجرح المحفور بجسده بعلامة اكس بالنار ،فتهاوت اقدامه على الأرض وشعر بالوهن الشديد رغم الصدمة الكبيرة مما يراه ويسمع...ولكن الدخان كثر بشدة فلم يعد يرى أي شي..
في تلك الاثناء صدر صياح كبير يشبه صياح الأطفال بقوة فى كامل السرايا، ويقول بنبرات مختلطة
( ابعدوا عننا...... أنتوا بتخوفوا عيالنا... )
حاول حسام ان يلفظ باسم أسماء يستنجد بها ولكنه صدم من نفسه حين قال بصوت متحشرج
_ جيهان ...
فقد الوعي من شدة الضغط على صدره ونام على الارض خائر القوى، وبعد عدة دقائق.. استيقظ على مقدمة سلم السرايا الداخلي على صوت رنين هاتفه المحمول ، جاء بخاطره انه كان بحلم ، حاول ان يصدق ذلك ولكن لم يستطع مهما حاول .
رفع الهاتف الى اذناه بتعب يجيب على والدته التي اتصلت به ثلاثة وأربعين مرة دون توقف ، وحين قام بفتح الاتصال تم غلقه تلقائيا ، فتسرب الخوف الى اوصاله على والدته فقام من على الأرض بصعوبة بالغة وهو يتوجع ، واتجه الى باب السرايا وهو يتكئ على الجدار ، كانت أسماء قد انتهت من وضع الزينة وارتدت ملابس كاشفة فرأته يمشى صوب الباب، ف علا صوتها بدهشة وهى تقول
_ حسام ..إنت رايح فين ..
التفت اليها وهو يضع يده على صدره ويلتقط أنفاسه بصعوبة ويقول بنبرة منخفضة .
_ هاروح مشوار واجيلك ...
الصبح ..متتحركيش من هنا ..
اسرعت أسماء اليه تمنعه من الخروج برجاء وهو يحاول ان يفلت يده منها ولكنه فشل وسقط فاقدا للوعى مرة أخرى .
****
يجلس امام البحر على كرسي خشبيا وتداعبه أقدامه الرمال الناعمة، ابتسم وهو ينظر الى السماء الصافية وفجأة تذكر والدته فقال
_ ماما ..
شعر بغتة ان أحدا ما يجلس بجانبه فاستدار بوجهه الى الجانب المقابل ليراها والدته تجلس بجانبه وتضع يدها على شعره تمررها داخله برقة ، ابتسم وسحب يدها وقبلها وقال
_ ماما بصي البحر شكله حلو ازاى ..
ابتسمت بنعومة وقالت وهى تربت عليه
_ شكله حلو اووى يا حسام يا حبيبي ..
فجأة وجد يد أخرى تربت على ظهره من الجانب الاخر فاستدار ليجد انه والده يرنوا اليه بحب وما إن جاء ليتحدث إليه اختفى.. . فالتفت إلى والدته بدهشة ليرها تبتعد وتمشي فوق البحر،. فاتجه اليها مسرعا حتى وصل إلى منتصف شاطئ البحر.
_ رايحة فين يا ماما خليك معايا ..
..همست له بسعادة
_ ابوك وحشني اووي.. أنا عاوزة أروح معاه...
هربت الدموع من عيناه وهتفت بصياح باكي
_ لا.. خليك معايا... حرام عليك..
_أنا كده اطمنت عليك لازم امشي يا حبيبي .. جه وقتى خلاص ..
_ طب هترجعي تاني ..انا هستناكي ..
_ لا خلاص يا حسام ..انا معتش هرجع تاني ...خد بالك من نفسك ومن ولادك و جيهان ..
كان صوت جيهان يتردد كالصدى وهى تبتعد تدريجيا حتى اختفت تماما ..
فقال حسام وهو يهرع وراءها بتماسك
_ _ لا متمشيش انا محتاجك اووى يا ماما ...
مش هقدر أعيش من غيرك .
انتفض جسده من الفراش فجأة ونظر يمينا ويسارا يبحث عن والدته ليري انه نائم بجانب أسماء، فدق قلبه بالخرف على والدته وكلامها يتردد داخل اذناه، فهرع الى سيارته مسرعا اليها.
*****
وقف زياد أمام غرفة جيهان وهو يفكر بما أخبرته والدة حسام فتساءل هل يخبر جيهان بأمر حسام أم لا ؟
يعلم انها ستعود اليه حتى وان اخبرها ان والد حسام الحقيقي هو من قتل ابيهم ، ولكنه لن يتوقف عن غرس الكره داخلها له حتى لا تعود إليه أبدا ، فتح باب الغرفة وهو يعزم على اخبارها ، دق قلبه بعنف وهو يرى الغرفة فارغة ، فأسرع يبحث عنها في كامل الشقة.
دخل الى والدته وسألها عن جيهان ولكنها قالت مقاطعة بلهفة
_ ماهر ..وجع من البلكونة واتشل ...
_ ايه ؟ وقع ؟؟ أمتى ..
شرد لدقيقة كاملة واردف
_ انت قولتى لجيهان ..
_ ايوة ياولدى جولت ليها على طول ..عشان تفرح .
_ هى فين؟ ...
_ هي مش موجوده! ...اكيد راحت له عشان تشمت فيه ..
_ لا ..دي اكيد راحت لحسام ..جيهان مش هي اللى تشمت يا ماما ..
_ وااه تروح لحسام بعد اللى عمله فيها ..
لم يعقب على كلماتها واسرع الى شقة حسام يبحث عن جيهان .
وعندما وصل الى المبني وجد حسام يجرى على المصعد ويهرع الى شقته ..فهرول ورائه ولم يسعفه ،فاستقل المصعد الاخر .
دخل زياد خلفه إلى الشقة قبل ان تغلق مونى الباب خلف حسام فظلت تحدق به بصدمة. لم يلحقه ايضا حين دخل الى غرفة والدته ولم يقم بالرد عليه مهما قام بالنداء ، فشعر بالإحراج من ان يدخل وراءه فى غرفه والدته، فبحث في كل الغرف عن جيهان ولم يجدها ، فزفر بقوة وهو يقول..
_ روحت فين يا جيهان.. ليكون عملتى فى روحك حاجة...
خفق قلبه بولع من جريان هذا الكلام على لسانه بعفوية ،فجأة... خرج من شروده علي صوت حسام وهو يصيح بصوت مرتفع جدا ، فهرع اليه بسرعة ..ليجده يهز جسد والدته الفاقد للوعي في الفراش وعيناه مغرقتان بالدموع ويصيح بحسرة ..
_ متسبنيش يا ماما .. ..أنا لسه عيل صغير .. مش هعرف أعيش ..هضيع من غيرك ...ارجعى .
راقب زياد هذا المشهد بصدمة ،فرفع هاتفه يتصل بإحدى الأطباء وقلبه يدق بعنف وخوف كبير يعتريه، ثم اتجه الى والدة حسام وتحسس نبضها ، ليصعق من عدم وجود نبضات داخلها ، فعلم انها قد فارقت الحياة .
انهمرت الدموع من عينا زياد بصمت وحاول ان يبعد حسام عن والدته الذي لا يتوقف عن الصراخ كالطفل الصغير ويقوم بهزها بقوة تحت انظار الجميع حتى بح صوته ببكاء معتقدا بأنها ستفق.
وصل إلى مسمع حسام تحت صياحه صوت رجولي غليظ يدوى بضحكات رنانة داخل الشقة بالكامل ويقول
(ماتت اللي كانت بتحميك مني)
***
بعد مرور ثلاث أيام
نجحت منى في فك السحر الأسود المقرون بالدمية بمساعدة احدي الشيوخ الذين يعملون بالكشف عن الاثار الموجودة في المقابر التاريخية .
وكانت تتنظر مالك يفق من غفوته حتى تتفق معه بشيء خططت له مع زوجها .
وفى اليوم الرابع استيقظ مالك وكأنه لم يكن يعاني من شيء، وجهه صافى كالثلج وعيناه بها بريق الصحراء .
وعندما علمت هنادي انه استفاق من السحر حاولت ان تتجنبه وتبقى في غرفتها ، ولكنها فشلت حين جاء امر من البنك بإخلاء السرايا ،فتجمعوا امام السرايا استعدادا المغادرة.
رمقته هنادي بعجب وهو يقف بجانب منى وابيها الغريب من بعيد ،وتتساءل بما يقولون في الخفاء ،وعندما انتهوا أتت اليها منى وهى تحدق بها بسعادة على بعد خطوات وبداخلها فرحة لا تسطيع ان تخفيها عن ملامحها، تسألت هنادى وهى تحدق بها وتتذكر الماضي بحذافيره ، هل حقا شعرت انها مكان ابنتها المتوفاة فلم تحس بحنانها ابدا ولم ترى منها قسوة بل كانت علاقتهما ببعض باردة دون دفء يذكر .
اقتربت منها منى وهى تمسك احدي يديها بحب وكأن بينهما علاقه ام بابنتها و تقول بتلهف
_ افرحي يا بت ...هتتزوجي ...ومين مين ..من مالك ..
هيطلج امانى ويكتب عليك ..
رمقتها هنادي بذهول وتدلى فكها السفلى لأسفل بعلامة تعجب كبيرة من أشياء كثيرة لا تفهمها ، ولكن في تلك اللحظة ملأها شعور بالسعادة فقالت بتساؤل ودهشة ترتسم على ملامحها ..
_ رحيم يتجوزنى انا ...ليه ؟؟
اتسعت حدقتا منى وقالت بذهول
_ مين هو رحيم ..؟
أوعاك يا بت يكون داِه واحد ماشية معاه ..مالك فرصة كبيرة جوى اوعاك يضيع من يدك ..هتندمي ..
نفضت هنادي يدها من مني وابتعد عنها خطوة وقالت بهجوم بعد أن فكرت قليلا .
_ انت قولتلى له ايه عشان يوافق انه يتجوزنى ؟ .
امسكت منى بيدها وسحبتها الى داخل بوابة السرايا حتى لا يسمعهما مالك الذي يراقبها من بعيد وهمست داخل اذاها ..
_ هو اللى طلبك منى وقال هيشترى السرايا من ماله الخاص ويقدمه ليك مهر ، ابوس يدك ما تسافرى لمصر وابجي هنا واتزوجيه ..هيحافظ عليك زين ..
توقفت هنادي عن الخطى مع منى وقالت بعجب
_ من نفسه كده ..
_ إيوة من نفسه أكده ..
جذبت هنادي يدها من منى وضمت حاجبيها ثم اتجهت الى مالك ، ومنى تجرى وراءها خشية من ان تقوم برفضه ، قالت هنادي وهى تحدق بمالك بقوة ..
_ انت عاوز تتجوزنى ليه ..؟؟ ايه اللى يخليك تتجوز واحدة مطلقة ومعاها عيلين .
لمحت بعيناه تلك البسمة الخاصة برحيم فارتبكت قليلا ورد عليها بنبرة هادئة
_ انى نريدج هنادي ..حرمة ..أثقج فيك زين .. ولانج وقفتي جنبي وانا مسحور وما تركتينى .
وبعد ما علمت انج مو بت عمى ..ما اريد نبعد ..نخافو تنشبكي مع حد تاني ...
رانت هنادي الى منى بدهشة وقالت لها
_ انت قولتيله اني مش بنتك ولا بنت سيد ..
عضت مني شفتاها ببعض الغضب وأشارت اليها بأن تصمت ،فهى تعلم داخلها ان هنادي لن تمر الامر على خير فقالت مقاطعة لهنادي
_ اسمعي زين ليش تكبري الموضوع ..تزوجي واخلصى ليش توجعي جلبنا اكده .
لم تعقب هنادي على والدتها فهى تشعر انها تخفى امر ما عليها ، وقالت وهى توجه انظارها الى مالك .
_ عاوز تتجوزني كمالك ولا رحيم ..
وما إن جاء ليتحدث قالت مقاطعة
_ متجاوبنيش دلوقتى
فكر ورد عليا .. وانت اكيد عارف مكانى .
بس لازم تعرف إن الست دى ضحكت عليك وقالت انى مش بنتها وعملت تمثلية عشان تتجوزنى..
أرادت منى ان تعنفها ولكن زوجها قام بمنعها وأشار اليها ان تصمت ، هز مالك رأسه بثقه ، فالتفتت هنادي وسحبت حقيبتها واطفالها الى الطريق الزراعى لكى تصل الى القطار .

يتبع ..

duaa.jabar and Nora372 like this.

سارة منصور دوار الشمس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-22, 06:34 PM   #97

سارة منصور دوار الشمس
 
الصورة الرمزية سارة منصور دوار الشمس

? العضوٌ??? » 473504
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 396
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » سارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك fox
¬» اشجع ahli
افتراضي

........ الخاتمة......
(القطعة الأولى )
الأن فقد بريق حياته بعيناه حين ذهبت والدته في تلك الليلة وكأنها أخذت معها جميع ألوان الدنيا حتى أصبحت دنياه باللون الأسود العاتم في صباحه ومساءه ، ومنذ ذلك اليوم لم يفارق غرفتها لمدة شهر كامل يجلس على فراشها ويبحث عن كل شيء كانت تستعمله وبه رائحتها الدافئة ويأخذه لنفسه . ذهلت مونى وهى تراقبه بهذا الانكسار العجيب فبدى لها طفلا صغيرا لم يفقد والدته فحسب بل فقط دنياه ، حتى انها فكرت بأن تتواصل مع زياد وتخبره بأمره ولكنها فشلت فى الوصل إليه ..واستمرت الأيام على نهجها تمر بسلاسة على الجميع الا هو ..
حتى ظهر زياد في يوم يقف امام باب الشقة يدق الباب، وينتظر أن تفتح مونى له .
_ زياد... كيفك يا ولد عمي.. وحشتني جوى والله..
ظل صامتا يحدق بها باستهانة ،ثم دخل إلى الشقة لتقف قبالته وتمنعه من الدخول وهى تردف.
_ مش أن الاوان بجي.. الماية تمشي فى مسارها يا ولد عمي...
رمقها بحنق وهو يراها متلهفة عليه فغير مجرى أحاديثها الفارغة وقال مقاطعا
_ ..أنت عارفة انى مرتبط ..ومستحيل اسبها عشان اللى ابوها قتل ابويا ..فبطلى تناحي فيا عشان جبت أخرى .
رانت اليه ببعض الحزن فقد ألمها كلماته وخاصة نظرته لها الباردة والمقللة من شأنها ، فظلت صامتة لدقائق حتي قالت وهو يدخل الى الصالة .
_ حسام جوه أوضة الست .. من يوم ما سبته من نهار الجنازة وهو مش بيطلع ..الله يرحمها... حياته وجفت... مابياكل غير اللقمة أللى أمك بتيجي تقدمهاله بالعافية غير كده مبيكلش .
دهش زياد من كلامها ودخل الى الغرفة ليراه يتوسط الفراش وبيده ألبوم صور يقلب فيه والدموع تنساب من عيناه حتى انه لم ينتبه الى دخوله ، شعورا داخليا يعتريه غصبا بالشفقة عليه بالرغم من غضبه الكبير منه، الا انه فى تلك اللحظة تذكر طفولته حين جاء الى يونس العتابي وهو صغير وكم رحبوا بهما وكم كان كالأخ الحنون معه، قال زياد بعد ان نظر اليه طويلا
_ انا هتنازل عن الورث ..أنا مش من حقى اخد من الأملاك دي حاجة .
انتبه حسام له فمسح دموعه مسرعا من على وجهه، ثم ارتسمت ابتسامه مليئة بالحسرة والسخرية المريرة على شفتاه وقال بتماسك رغم عيناه المنهمرة وهو يقلب صفحات الالبوم .
_ لا أنت ولا وأنا لينا حق ..
عض زياد على شفتاه بألم وقال ..
_ لا إنت ليك حق...
_ لو مش هتاخد ورثك أنا كمان مش هاخد ..
ذهل زياد من طريقة تحدث حسام وصوته المبحوح فلم يتخيل انه يمكن ان يتحطم الى هذه الدرجة ويصبح شخصا ضعيفا جدا بموت والدته ، فأين جبروته وعيناه المليئة بالغضب والجراءة وروح التحدي، علم الان انه كان يشاطر والدته الحب الشديد مثل ما كانت تكن له ،اقترب منه زياد وهو يتنهد وقال.
_ تقصد ايه بكلامك ؟
أغلق حسام الألبوم ورفع بصره اليه فاندهش زياد من احمرار عيناه بتلك الطريقة المفزعة وما صدمه اكثر كلام حسام حين قال
_ احنا ولاد يونس العتابي ولو انكرت فأنا هنكر ..
عض زياد على خده من الداخل بغيظ وهتف بضيق
_ اعمل اللى عوزه ...بس انا عند رأيي .
رد حسام بغضب وبصوت مبحوح
_ ده جزاء ابويا واللى عمله عشانك ..
_ يا اخى انا مش فاهم ايه اللى مزعلك ..مفروض تفرح ان هسبلك كل حاجة ..
رد حسام عليه بغضب اكبر ..
_ وانت شايف انك كده هتعرف تعيش مراتى وابنى كويس ...
حدق به زياد بقوة ولم يجد أي كلمه فى جبهته ليردف حسام..
_ وبعدين أمك أول حاجة دورت عليها الورث بعد موت امي.
لجم لسان زياد وصعق مما قامت به والدته فغر فاه ليردف حسام .
_ على العموم متخافش على جيهان ...فى اقرب فرصه هطلقها ..انا ظلمتها كتير وياريت أنت تكون عوضها .
ضيق حاجباه بصدمة مما ينصت اليه ،ليقول بعزم ..
_ حتى لو عاوز ترجعها ،هي أصلا مش عوزاك ...والفلوس اللى امى خدتها هترجعلك ..
رفرفت اهداب زياد بذهول وهو يري تلك النظرات المنكسرة من حسام ودموعه المنهمرة التي عادت الى وضعها ردا على كلامه، فهل يريده ان يشفق عليه ام ماذا؟ .
شعر بالإحراج له فابتعد عنه وخرج من الغرفة ،ليوقفه حسام بقوله ..
_ انا معنديش مانع اخسر اى حد ..انا خلاص خسرت امى ومفيش بعدها خساره ..
ولو هتتنازل عن الفلوس فانا كمان هتنازل ..
التفت اليه زياد ورمقه بغيظ وقد ملأه الغضب وهو يراه طفلا عنيدا فلم يعهد منه كل ذلك الضعف ، بل تربي بجانبه على انه ذئبا ينهب ويقاوم باستغلال .
تركه زياد وذهب في طريقه الى بيته وهو يفكر بأمر حسام وجيهان وسرعان ما استشاط غضبا من فعل والدته، فاتجه اليها وهو يدب بكل خطوه بغضب حين وصل الى المطبخ وهو يقول .
_ انت ختي من حسام فلوس ..؟
استدارت اليه حسنية بصدمة وقالت بعد أن ابتعلت ريقها.
_ إيوة حجك واللى وصي بيه الحاج يونس ؟
_ لا انا مليش نصيب من الورث ..هو مش ابويا ..
_ لا ابوك غصب عنك ..وهتاخد الفلوس ...
ويكون فى علمك جيهان هترجع لجوزها كمان.
اتسعت عيناه بالغضب اكثر فقال بصياح ..
_ مالها جيهان بحسام ..أنا مش قولتلك انى اللى هتحمل مسؤليتها ..
_ اهدى يا ولدى ... حرام عليك ..انت لسه صغير ..وهى كمان ..خليها ترجع لجوزها حلتها صعبه جوي بسبب اختها ..والحمل مدمرها ... إنت مش خايف عليها اومال.
لو رجعت لجوزها هي كمان هترتاح ..
وانت تعيش حياتك بجى ...احنا تعبنا ..
_ ..مستحيل اخليها ترجع لتييت ده ..
_ التييت ده ..اخوك ...اللى ابوه رباك ..
_ لا ابوه اللى جتل ابويا ؟؟؟
جزت حسنية على أسنانها بغضب من عقل ابنها الصلب والذي لا يقبل اى كلمة تتعارض مع تفكيره العنيد..
_ ايه ؟؟
تهتف بها جيهان وهى تقبل عليهما الى داخل المطبخ وتنظر اليهما بصدمة ، ليهرع اليها زياد بعيون متسعة بالظلم والغضب وهو يقول بهجوم .
_ ايوة حسام ابن عمك اللى قتل ابونا ..سممه ..وحرمنا منه ...عشان كده امك هربت منه ..لولا ابوه لكنا عيشين دلوقت في خير ابونا.
لم تستطع جيهان ان تصدق ما تسمعه فاسترجعت بعض الذكريات حين راقبت حسام مع والدته بتوجس من قبل واستماعها لها وهى تخبره انه ليس ابنها الحقيقي .
****
طوال الأيام السابقة تفكر حسنية فيما ألت اليه الأمور والى تطور عصبية ابنها والحِمل الثقيل عليه بسبب البحث عن شقيقته إسراء ، فانتظرت جيهان تأتى من قبر والدتها لكى تتحدث معها .
وحين وصلت الى المنزل ، انتظرت حسنية ان تغير ملابسها ، وذهبت اليها وهى تحمل لها الطعام ، وبعد أن انتهت جيهان من تناول الطعام نظرت حسنية الى بطنها التي ظهرت قليلا وهى تقول ..
_ مش بتفكري ترجعي لجوزك يا بتي ..بجالك كتير اووى سيباه وفى وجت غلط ..يعني الست منينا لازمن تجف مع جوزها في الأيام الصعبة ..
دق الخوف في قلبها فقالت بتوتر ولهفة
_ حسام حصل له حاجة ..؟
_ لاه ..بس بعد موت الست ..اتبهدل جوى ..
انتفضت جيهان بفزع وهى تقول
_ ايه مامته ماتت ..؟
ضيقت حاجبيه بغرابة وقالت
_ انت مكنتيشي تعرفي ..
جحظت عين جيهان وهرعت ترتدي ملابسها من الخزانة وذهبت مسرعة خارج الشقة وحسنية تقول لها بقلق ..
_ انت هتروحي له ..متعرفيشي زياد ان جولت ليك حاجة .
لم تعلق جيهان على حسنية فقد هرولت بأقصي قوتها الى منزل حسام وهى تتذكر مقابلتها لوالدته وكم عطفت عليها وأوتها في بيتها لمدة ، دعت الله وهى تبكي ان ما أخبرتها به حسنية كذبة قالتها لكى تتركهم و تعود الى زوجها ..
ولكنها صدمت بقوة حين قامت أسماء بالفتح لها ، في تلك اللحظة وهى تحدق بها بصدمة عادت اليها ذكريات قدوم أسماء لها في ذلك اليوم المشؤم وسحبها للخارج،
واستيقاظها بجانب رجلا غريبا .
فجحظت عيناها وكم شعرت بالظلم الكبير، لتقول بهجوم وهى تعض شفتها بغضب.
_ أنت ...أنت السبب ...
ردت عليها أسماء مقاطعة بسخرية ..
_ سبحان مغير الأحوال ..
شوفتى انت اللى بقيتي غريبة وجايه لبيتي .
دفعتها جيهان من صدرها فجأة دون سابق انذار حتي تدخل الى الشقة بعصبية ، فرجعت أسماء الى الوراء متوجعة من يد جيهان وكأن يدها صلبة كالحديد ..فهتفت بصياح ..
_ يا تييت
أطلقت سبه صعبة قشعرت لها بدن جيهان، رفعت أسماء يدها على صدرها من الوجع اثر دفع جيهان لها فقالت والخوف يسري داخلها منها بسبب طريقتها الهمجية والتى لم تتوقعها من شخصية عفوية ببراءة. ..
_ أنت مجنونة ..
قامت جيهان برفع النقاب من على وجهها فبادت فاتنة بحمرة وجنتيها ،وبياضها الناصع مع بريق عيناها الواسعة تجعل من يراها يفتتن، فكتمت اسماء الغيظ والغل داخلها فكم تشعر بالكره الشديد اتجاهها وتريد الان تن تقتلها ،حاولت أن تجمع القوة بيدها وجبتها بقوة خارج الشقة ولكن لم تستطع فجسد جيهان ممتلئ عن أسماء بدرجات فقاومتها ووقف جيهان أمامها وهى تحدق بها بغضب فقد انتهكت عرضها وامام زوجها.. فقالت وهى تجز على أسنانها..
_ أنا هدمرك زي ما دمرتني...
ازدردت أسماء ريقها بصعوبة فهل ستقوم جيهان بالابلاغ عنها بأنها موجوده فى منزل حسام.. تساءلت ان كانت تعلم بأمر بحث الشرطة عنها.. ؟
في تلك الاثناء تجمعت شقيقات حسام ، فنظرت اليهن جيهان بصدمة وقالت بصياح ..
_ أنتوا مين ..وبتعملوا ايه هنا ..
اقتربت مونى وقالت وهى تربت على كتف جيهان
_ أنا مونى يا جيهان .. اهدي ...أنت كنت فين ..أنا دورت عليك ..
اندفعت أسماء مسرعةً الى جيهان تحاول ان تدفعها الى الخارج حتى لا يرها حسام ، ولكن مونى زجرتها وقالت ..
_ متقربيشي من مرات اخويا ..
رمقتها جيهان بغرابة، ولكن سرعان ما فهمت الأمور بسهولة وهى تتذكرها مع شقيقها زياد...
خرج حسام من غرفته اثر سماع صياحهن جميعا ووجهه مليء بالحزن البالغ والانكسار ،فلم يهتم بنفسه ولم يحلق لحيته ولا شعره منذ مدة ، دق قلبه بعنف حين استمع فجأة الى نبرتها المميزة و التى انتشلته من واقعه المظلم فى تلك اللحظة ..
بحثت عيناه عنها من بينهن بشغف ،يريد أن يصدق انها موجودة وليس وهمًا كما يظهر له أحيانا. التقطتها عيناه وهى تقف وتحدق به بطريقه أسرت قلبه باشتياق كبير مما جعلت عيناه غصبا تميل إلى نظرات العتاب... ، فبادلته نفس النظرات...
قاطعته أسماء عن شروده بها وهى تقترب منه وتقول..
_ الحق يا حسام.. دي جاية عشان تبلغ عني.
صعق حسام بوجود أسماء
.. فجحظت عيناه فجذبها من معصمها بعنف وهو يقول .
_ انت ايه اللى جابك ...مش خايفة تتمسكى ..
كما توقعت تماما عدم مبالاته بها واهتمامه الزائد بطليقته تحت نظراتها المليئة بالغيرة ، هجم على عقلها فجأة بعض الخيبات فى ذاكرتها حين قامت أسماء بالضحك بصوت مرتفع وهى تجردها من ملابسها فى ذلك اليوم ومعها رجلا وهى في حالة يرسي لها غير واعية بما يحدث وكأنها تحت تأثير مخدر ما ، فابتلعت ريقها بغصةً وقد هربت الدموع من عيناها ولم تستطع أن تحبسها ، خطت نحو حسام وقامت بامساكه من يده الأخرى وهى تقول بهجوم باكى وتمنعه من الدخول الى غرفته مع أسماء .
_ أنتو اتفقتوا عليا عشان تطردني بره البيت يا خاين ..عمرك ما هتتغير هتفضل بني ادم حقير ..
عض على شفتاه بألم وهو يحدق بها بعتاب وحزن كبير داخله فقال وهو يدفعها بتعب وكانه لا يمتلك اي قوة على التحدث بسبب عدم تناوله لطعام..
_ أخرسي ..أنا معملتش حاجة ..هى اللى ضحكت عليك عشان انت غبية ..وهطله ..
جحظت عين أسماء من معرفة حسام بأمرها فقُطع لسانها عن أي كلمة تدافع بها عن نفسها حين قالت جيهان بصياح .
_ يعني كنت عارف انها اذتني وموقفتش جنبي، لا وكمان طردتني من البيت ..أنت واطى ..
كان يحدق بها والحزن يسيطر على كيانه بالكامل لا شيء يشغله الان سوي انها لم تقوم حتي بزيارته حين ماتت والدته ،ليخرج عن صمته وهو يقول مهاجما بعتاب مؤلم..
_ واطي زيك ...لما الست اللى جابتك هنا ..ودخلتك بيتها واهتمت بيك ..ومهنش عليك حتى تيجي الدفنة ..
تنهد بتعب وهو يحاول أن يكتم دموعه وهو يتذكر والدته وهى تخبره بأن يقوم بإرجاعها وكم كانت تحمل همها وهى باردة لا تقوم حتي بالسؤال عن سبب موتها المفاجئ.. فأردف وهو ينزل بصره اليها ولا تزال عيناها رطبة
_ أنت يا بت طلعتي واطية ...
انهمرت الدموع من عيناها هى الأخرى وهى تحدق به بصمت، ردت عليه بعض لحظات دون وعي وكأن مشاعرها فاضت وهربت من ثغرها
_ انا لسه عارفه حالا ان مامتك اتوفت ..وكنت جاية ..اشوفك واطمن عليك..
علت شهقات بكاءها ثم اردفت بصعوبة وهى تكتم البكاء
_..أنا فعلا طلعت هبلة إني أفكر وأنا جاية فى الطريق انى هسامحك وابدأ من جديد معاك ...برغم كل حاجة عملتها فيا ..
حدق بها بعجب وكأن هذا ما كان يتمناه داخله في الأوان الأخيرة ، ليرد بعتاب اظهره بانه هجوم عليها ..
_ لا .. أنا مش عاوزك ..
بدي كالطفل الصغير الذي يريد منها ان تقوم بالتحايل عليه و الخضوع له حتي يظهر بأنها متمسكة به.. ولكنها قالت حاسمة أمرها وتشير بسبابتها إلى أسماء بإهانة.
_ أنا هديك فرصة أخيرة عشان أكون عملت اللي عليا لو عوزني ارجع.. متشوفش الست دي تانى...
خرجت أسماء عن صمتها واقتربت من حسام وقامت بإمساكه من ذراعه تتشبث به برجاء وقالت وهى توجه انتظارها الي جيهان ..
_ مستحيل ..أنا أم عياله ....صح يا حسام ..
ظل صامتا طويلا وبصمته قد ألمها ووصلتها الإجابة التى حطمتها ، فقالت وهى تشعر بالنار تكوى قلبها وتملأ جسدها كالورقة التى لامسها النار ولم تترك بها شيئا لكي تحرقه اكثر... فبعد موت شقيقتها إسراء لم تعد تساوي الدنيا اى شيء امام اطفالها .
_ أفهم من كده أنك رافض ..
على العموم فكر...
هستني ردك ..
رفعت يدها على عباءتها لكى يظهر حملها بكبر بطنها ثم خرجت بانكسار كبير ومونى تحاول ان توقفها تحت نظرات حسام الصادمة
*****
كانت جيهان تمشي في الطرقات وهى تبكى بشهقات مؤلمة فها هو يتخلى عنها من جديد دون محاولة فى مصالحتها ،وما ذاد الألم داخلها علمها بانه كان يعرف مكيدة أسماء لها وتمسكه بها فى النهاية . رأها زياد وهو يركن سيارته امام المبنى الخاص بوالدة حسام ، فكان يجرى وراءها حين هرعت للخارج من المنزل إلى حسام ولم يستطع ملاحقتها لأن الطريق الذي قاد فيه كان معطلا ، تنهد براحة حين لمح حزنها يتطاير خارجا من ملابسها الفضفاضة بخطيها الغير مستقر ، علم ان حسام قام بطردها فاستقرت أنفاسه قليلا من خفق قلبه المجنون ، فاقترب منها وأمسك يدها بحنو وهو يستمع الى شهقاتها ،لم يجد اى كلمة يقولها لكى يلطف الجو فبقي يحدق بها وهى تجلس بالقرب منه بداخل سيارته ..
تذكر ذلك اليوم حين اختفت وبقي يبحث عنها لمدة يومين ، وظهرت أمام الشقة فجأة ، علم فيما بعد انها كانت تزور قبر والدتها ، فاستراح كيانه حين وجد انها فاقت قليلا من بؤسها على شقيقتها ...
قال لها متسائلا بغرابة وهو يراها توقفت عن البكاء ..
_ كان عندك استعداد تعيشي معاه حتى بعد ما عرفتى ان ابوه قتل ابونا ..
ران الصمت لدقائق حتى قالت بصوت متحشرج
_ وهو ذنبه ايه ..؟
دهش من كلماتها ليقول بصدمة وهو يحاول ان يكتم عصبيته ويكون هادئا.
_ يعني عندك عادي تعيشي معاه كزوجة وتبقي حياتك طبيعية؟
فى داخلها تتمني الرجوع إليه بأسرع وقت ممكن، وترى انها ستكون سعيدة جدا ان عادت اليه فردت عليه بثقة.
_ ايوة ايه المشكلة يعني ..
رمقها بغرابة وبعض الغضب يسكن قسماته فرد عليها بعصبية...
_ انت جرى لعقلك حاجة ...أنت فاهم انت بتقولى ايه ..
_ بالعكس انا فايقة دلوقت اكتر من اى وقت فات ..
رد عليها مقاطعا ..
_ لو مكنش ابوه قتل ابونا كان زمانا عايشين في حضنه ..
_ وانت ايه اللى ضمنك ان ابوك ده كان طيب ما يمكن يكون زي ابوه ..وبعدين ايه اللى مخليك مصدق اووي ان سيد ده هو اللى قتل ابونا ...مايمكن هو مات من حاجة تانية ..
لم يستطع ان يعلق على اى من كلماتها التي كانت غريبة بالنسبة اليه ، فأردفت مقاطعة..
_ أنا معشتش مع ابويا ولا فكره شكله أصلا ..عشان ادمر حياتي وحياة ولادي بسبب الافتراض اللى بتقوله ده ..حتى ولو هو قتله، حسام ذنبه ايه من كل ده مش كفاية اهله اتخلوا عنه ورموه في المقابر ..ده حاله اسوء مننا ..
زفر زياد بشدة وظل صامتا وبداخله حرب شرسة تقتل عقله بالتفكير فيما قالت ومن دفاعها عن حسام بتلك العزيمة فعلم انها تحبه بجنون ويجب عليه أن يكون قويا مسلحًا حتي يقتل الحب الذي بقلبها ، اردفت مرة أخرى ..
_ وبعدين اللى بينسي فضل الخير اللى أتقدم له ده بيبقي ندل .. مش يونس ده اللى سجلك بإسمه ورباك لحد ما كبرت وبقي ليك مستقبل ..ليه بتحاول تكرهني في ابنه اللى احتواك ..
ركن زياد السيارة على جانب الطريق بسرعة فائقة حتى أصدرت فرامل السيارة صوتا شديدا ،ورد عليها بعصبية أظهرت بعض الندم على وجهه .
_ انت ليه بتحاولى تكرهينى في نفسي ... انا بعمل كل ده عشانك أنت ليه مابتقدريش ..
على فكرة بقي حتي لو رجعتي له ..هيسيبك في الاخر .. أنا وإنت ملناش غير بعض... أنا أخوك وهحافظ عليك ..
_ هيرجع ..أنا متأكده ..
رمقها بسخرية متحسرة وقال
_ أنت متعرفيش البني ادم ده اكثر مني ..
أين كان قولتيله ايه ..مش هيرجع ..
حدقت جيهان به بقوة وهى تقول بثقة كبيرة بالرغم من الشكوك داخلها الا انها لم تظهرها .
_ بكرة نشوف ..
جز على اسنانه وادار السيارة وذهب في طريقه الى المنزل، لايريدها ان تضع أملا فارغا يتعب قلبها فيما بعد ،ولكن أصرارها وتمسكها به جعله يصمت.
وبعد عدة دقائق.. قال مغيرا للموضوع حتي تنتهي الشحنة التى بينهما ولا تأخذ جنبا وتقوم بخصامه..
_ إيه اللي خلاكي تنسي أختك بالسهولة دي وترجعي تفكرى فى حسام..
تنهدت تنهيدة طويلا تظهر ما تشعر به من أرق ثم قالت بنبرة مليئة بالشجن..
_ من بعد ما زرت امي، قلبي اطمن كده وحاجة جوايا بتقولي ان إسراء لسه عايشة...
....
تلك الكلمات جعلت قلبه يهدأ قليلا من القلق فقال...
_ أنا فعلا مستغرب انك معكيش صورة ليها... وهى كبيرة...
مالت قسماتها للحزن وسرعان ما انهمرت الدموع من عيناها..
فتنهد وقال..
_أنا متأكد إن هنلاقيها قريب أووى..
_ قلبي وجعني عليها أووى وعلى عيالها...
ازدرد ريقه بخوف وقلق واستدار يحدق بها وقال بنبرة هادئة..
_ عوزك تثقى فيا.. أنا مش هسكت غير لما أوصل لاسراء.
مالت رأسها بإيجاب ومسحت دموعها.. و نظرت من نافذة السيارة على الطرقات وهى تتذكر الماضي..
****
رجعت أسماء الى السرايا بأمر من حسام خشية من الشرطة التي تبحث عنها فى كل مكان حين وجدوا أدلة بأنها هي الفاعلة .
..... شهر بعد شهر....
يمر وهى تجلس في السرايا ولا تتحرك الا عندما تتمشي في الأراضي الزراعية تتصفح ما بها وهى تفكر وتشتعل غضبا من حسام الذي تركها بمفردها دون ان يأتي اليها ولو لمرة .
زفرت بقوة وهى ترمي نفسها على الفراش حتى أصابها نوبة صراخ حادة وبقت تصيح حتي بح صوتها على مستقبلها الذي تدمر بسبب ماهر على وجه خاص ، فقد أراد ان ينتقم منها في ذلك اليوم ....
(عودة الى الماضي قبل إصابة ماهر )
كانت أسماء تجز على اسنانها وتريد ان تتخلص من ماهر بأسرع وقتا ممكن حتى تعود الى حسام وتعيش معه هي وابناءها ، دخلت الى الحمام قبل الذهاب الى العمل ، وقامت بفتح صنبور الماء على رأسها لكي تستحم ، كان صنبور الماء يهتز بسبب تدفق الماء الشديد منه مما يجعل جدار الزجاج الفاصل بين الخلاء والدش يهتز قليلا ، رفعت بصرها الى السقف وهى تتنهد والماء يتدفق على وجهها بسلاسة ، لمحت طرف سلك كهربائي رفيع جدا ينزل من اعلى جدار الزجاج عليها بفضل اهتزازه ببطء ويقترب من رأسها ، شهقت بفزع وقامت بالابتعاد عن الماء بسرعة ، ليسقط السلك في الماء حين ارتطمت بجدار الزجاج وهى تبتعد محدثا شرارة كهربائية .
خرجت من الخلاء والغضب يتوج رأسها ، فقد كانت خطة محكمة من ماهر تنتهى بقتلها صعقا بالكهرباء، ويظهر بأنها قضاء وقدر وليس الشروع فى قتلها ، لولا انتباهها في اللحظة الأخيرة لكانت ماتت.
دخلت الى غرفته المطلة على الرصيف وهو يشرب سيجار بالشرفة ، ويحمل معه ورقا كانت تخبأه في خزانتها بين ملابسها، فصعقت وتساءلت كيف وصل إليه.. ؟ .
قالت بصياح
_ انت بتحاول تقتلى يا واطي ..
وانا اللى لسه عايشة معاك بعد ما اكتشفت خيبتك ..
ألقى بالسيجار من الشرفة ودخل الي الغرفة ورمقها بسخرية وقال بثقة وهو يرفع أحدي حاجبيه بغرور ..
- ياخسارة ..كنت لسه هتصل بالطوارئ ...
- _ مشوفتش شيطان بالحقارة دي ..أنت ..
رد مقاطعا بسخرية ..
_ ولا هتشوفي ..
ويلا ..طلعي بقيت الورق أللى معاك بدل ما انشف دمك دلوقتى بالسلك ..
ردت عليه باستفزاز وهى تمط شفتاها
_هه مع حسام .. وابقى قابلتنى لو فلت المرة دي .
كانت تضع الهاتف فى ملابسها على وضع التسجيل، فأخرجته بتوجس من جيبها مسرعة ووضعته خلف ظهرها وقامت بفتحه بالبصمة بإصبعها وظلت تضغط على ذر الاتصال مرتين فهى تضع رقم حسام فى بداية الأرقام ،
شعرت بالرنين من خلال ذبذبات الهاتف بملمس يدها وقالت وهى تحدق به بتقزز ..
_ ده غير الفديوهات اللى سجلتهالك ..عشان تظهر قدام الكل انك مش راجل ..واخرك فديو كول ..
استشاط غضبا من سخريتها به فاتجه اليها مسرعا بهجوم وقام بالضغط على عنقها بيده بعنف تحت نظراتها الصادمة فحاولت مقاومته ودفعه ولكنها فشلت... ، همس بعيون متسعة وهو مقربا من وجهها
_ انا هقتلك ... انا جبت أخرى منك خلاص ..
قام بدفعها على الأرض بقسوة ، فسعلت بقوة ولم تستطع ان تتنفس الا بصعوبة ، فاقترب منها وانهال عليها بالضرب المبرح بقبضته بأقصى قوته دون العبء الى صياحها بتألم تحت همسه بالسب الذي لا ينتهى ..
ثم توقف عن ضربها ليحدق بها ساخرا ولكنه تفاجئ من مقاومتها له بكلتا ذراعيها ونظراتها الساخرة له وهى على الأرض وتقول و أسنانها مليئة بالدماء.
_ عاجز وايدك ضعيفة كمان....
جز على اسنانه وقام بضربها مرة أخرى بأقدامه فى بطنها دون حول أو قوة منها ثم قام بجعلها تقف ودفعها على الجدار الغرفة لتسقط على الأرض وهى تعض على شفتاها حتي تكتم صراخها ، أغلقت عيناها متحملة الألم الشديد والاستماع الى ألفاظه التى تخدش الحياء كما تخدش آدميتها كا إنسانة ، توقف عن تعنيفها وقام بالبثق عيلها بتقزز حين شعر بالتعب ...
ابتعد عنها عدة خطوات بعد ان رأى انها فقدت الوعي وقام بالخطي نحو الشرفة وهو يقوم بإشعال السيجار وهو يلهث ، قامت بفتح عيناها بتوجس ورأته يوليها ظهره، قامت بحذر والغضب يملأ كيانها... ويأتي بخاطرها ما فعله معها حتي يجعلها تبتعد عن زوجها وأولادها... وبسرعة جنونية قامت بدفعه من جدار الشرفة بأقصي قوتها ليسقط مندفعا إلى الأسفل،
تقابلت أعينهما لوهلة وهو يسقط من الشرفة، نظرات مقرونة بفزع قاتل مع الصدمة..
تردد صوت ارتطام جسده بالصيف فى اذناها عدة مرات ، فعادت الى وعيها وشهقت بولع وهى ترنوا اليه بعد سقوطه على الأرض والدماء تملأ الرصيف وحوله جمع كبير من الناس حتى توقفت السيارات بخط طولي مما عاق المرور ...
هرعت الى خارج المبنى متشجعة بانتباه الناس الى جثته .
زفرت بقوة وجذبت شعرها بعصبية وهى تجلس على الفراش على تسرعها بالانتقام منه بتلك الطريقة التي دمرت مستقبلها المهنى، فأهله لا يزالون يبحثون عنها في كل شبر حتى ينتقموا منها قبل أن تجدها الشرطة ، لا تثق بحسام الذي اخبرها ان ماهر شل ولم يمت ، ويمكنها ان توكل محامي لدفاع عنها بأنها كان ضحيته فيحكم عليها بالدفاع عن النفس .
تعلم أن ماهر لديه عائلة كبيرة يمكن ان يقتلوها في السجن او في اى مكان .. و ان حسام يلعب معها بالنار ..ولكن ان قام بفعل اى شيء وجعلها تسقط في الحفرة ستحاول جاهدة لكى تسحبه معها .
دلفت الى صالة السرايا والغضب يقتل كيانها بالندم ..فهتفت بصياح كبير اهتزت له اركان السرايا بالكامل ...
_ منك لله يا حسام ...
لو كنت قولتلى إن المستشفي بتاعتك مكنتش سبتك....
في تلك اللحظة ظهر أمامها دخان يتشكل امامها بهيكل ضخم ويخرج منه رجلا قبيح الشكل ، ويقول لها وهو يرنوا اليها ويبتسم ..
_ حسام ...هيموت قريب ..
وعلى استعداد امسكك السلطة كلها ... وفلوسه تبقي في جيبك ..
لو سمعتي كلامى ..
جحظت عيناها وهى تنظر الى هذا العفريت الضخم وتتصفح ملامحه القبيحة بفزع ، انتفض جسدها واستدارت مبتعدة عنه وهى تهرول ولكن يظهر لها فى كل مكان تذهب اليه ، فصاحت قبل ان تسقط مغشيا عليها ..
يتبع...


سارة منصور دوار الشمس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-22, 06:35 PM   #98

سارة منصور دوار الشمس
 
الصورة الرمزية سارة منصور دوار الشمس

? العضوٌ??? » 473504
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 396
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » سارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك fox
¬» اشجع ahli
افتراضي

اية رأيكم فى المفاجأة دي ♥️ لايك بقي وإنت معدي
الخاتمة (القطعة الثانية )
تتوسط قاع المحكمة بتوتر شديد ورجفة تجرى في كامل جسدها وهى تنظر الى القاضي الذي يرمقها بلا مبالاة ليخرج عن صمته وهو يقول
( حكمت المحكمة حضوريا على المتهمة أمانى سيد نصير بالسجن ثمان سنوات ، مع غرامة تقدر بخمسمئة ألف جنية ...ترفع الجلسة )
في تلك اللحظة لم تشعر بأى شيء سوي انها بحلم الأن وتنتظر ان تستيقظ منه، فلا يمكن أن تسجن لتلك المدة الكبيرة لأجل تلك الأموال التى لم تقم بالنفقة منها سوي القليل . تبادر فى ذهنها بحسرة ان شبابها سيضيع وهى لا تزال في السادسة والعشرون وعند إضافة ثمانية ستكون في الرابعة والثلاثون .
دق قلبها بعنف حين رأت الشرطة تسحبها بقوة الى سيارتهم لكى ينقلوها الى السجن الخاص بالنساء ،قاومتهم بتعب وهى تبتعد عنهم، فسحبوها بقوة ولم تستطع ان تمنعهم ، تساقطت الدموع من عيناها حين رأت سلطان يقف ويراقبها من بعيد بخوف كبير ولا يعلم ما حدث معها منذ أن قامت بتسليم نفسها بسبب انه ممنوع من دخول المحكمة و السجن حتى يقوم بإخراج بطاقته الشخصية .
جلست في السيارة وهى مطأطأة الرأس بانكسار كبير وتتذكر ما ألت اليه حتي وصل بها الأمر الى كل ذلك ،فها هي تضحى بسنوات عمرها من أجل طمعها بالمال. كان لها أن تشي بسلطان او مالك بأنهما من ضمن الورثة وانه احتال عليها لتقوم بتلك الأشياء فيمكن ان تخفف العقوبة قليلا وتنتقم منهما، أو تقوم بالتبليع عن شقيقتها حسام بأنه أخوها.. ، ولكن ..لم تستطع ..، شيء ما داخلها يحسها على عدم فعل اى شيء خاطئ حتى تعاقب على الماضي وتبدأ من جديد دون تأنيب الضمير .
انهمرت الدموع من عيناها بقوة حين وصلت الى السجن وبقت تحدق به وتتذكر بما وصلت اليه بسبب خطة ابيها المحكمة حين بحث عن أبناء شقيقه حتى يتحملا مسؤولية القروض ، ولكن هي من سقطت وعوقبت بكل افعاله ، بكث اكثر وهى ترى انها كبرت لتشبه اباها فى افعاله .
دخلت الى زنزانتها وهى تتصفح زميلاتها بحزن بالغ ، سقطت جالسة في احد الأركان الزنزانة وهى تحدث نفسها بألم .
( ااااه ياباه ..طول عمرك أذينا حتى بعد موتك ..مفكرتش فينا وانت بتاخد قروض عشان مرضك بالطمع ، ههههه ، ومن امتى انت حسيت .. دلوقتى بدفع التمن عشان طلعت ملوثة بدمك جوايا ..كان ذنبي ايه انى بنتك ....ااستغفر الله العظيم ...يارب قدملى الخير ..انا خلاص انهرت ومستقبلى ضاع ..).
بقت تحدق بزملائها بالسجن فعلمت ما ينتظرها من تلك النظرات العدوانية .
****
......بعد مرور بضعة أشهر ...
كان الحال دائما على ماهو عليه لم يتغير اى شيء سوي معاملة زملائها لها ، فالحال دائما ما يتغير ولا يستمر ، ابتسمت وهى تنظر الى حجابها في مرآة السجن المتحطم نصفها وكم كانت تجد صعوبة في ارتدائه قبلا ، في الواقع لم تعلم انها على هذا القدر من الجمال الا بعد ارتدائه الان .
قامت تلك الفتاة التي قامت بمصاحبتها بالتربيت على ظهرها وهى تقول لها ..
_ عسل اووى يا أمانى ..
تعرفى لما اخرج من السجن وارجع لجوزى هحط في دماخى اخلف عشان اجيب بنت واسميها أمانى ..
رددت الفتاة اسمها ببطء وهى تتمعن حروفها وكم هي ثقيلة من شدة الأمنيات التي يحملها الاسم لترد عليها امانى بغرابة ..
_ اشمعنا يعنى اسمي بالذات .
_ اسمك جميل اووى زيك .. وعشان فيك حاجات كتير اووى نقصاني ..بتصلي في معاد الفرض بتقرأى قران ، ومحترمة عمرك ما عليتي صوتك على اى حد برغم الزل اللى شوفتيه ..والكل عاوز يصاحبك عشان انت نضيفة وبالذات من جوه ..أنا نفسي ابقي زيك .
رانت اليها بسخرية مريرة، تألمت اكثر وهى تنظر الي جمال الفتاة والى صغر سنها وهى تقول ..
_ بالعكس ..انت متعرفيش حاجة ..انا عمرى مكنت نضيفة من جوه ..انا قلبي اسود ..
وبغير منك ..
ابتسمت الفتاة متعجبة وقالت..
_ ده انا اللى بغير منك ...هاهاها ..ايوه بكلمك بجد ..
_ بتغيرى من حول عيني ..
_ انا شيفاها حاجة لطيفة ..بتبقي كيوت اووى .
عضت أمانى على شفتاها بألم، فأخذت كلام الفتاة على إنه شفقة ،فتنهدت بحزن لترف الفتاة وهى تضع يدها على ذراعها ..
_ كل واحد وله نظرة مختلفة عن التاني .
_ حتى ولو ، انا حقيقي معتش يهمني ..
ابتسمت الفتاة برقه وهى تقول بعيون لامعة وتحدق في احد جوانب السجن .
_ كانت امي الله يرحمها تقول طول ما انت شايفه نفسك جميلة غيرك هيشوف كده ..احنا بنشوف حلاوة غيرنا في عنيهم وثقتهم بنفسهم ..لا تقوليلي بيضة ولا سمرة ولا دى فيها عيب ودي معرفش أيه.. القمر كله عيوب ..بس منور مع انه سارق نور الشمس ..
... فهمتي حاجة ..؟
_ لا ..
_ ولا انا ..
علت صوت الفتاة بالضحك مع ابتسامه أماني الحزينة، لتقول امانى ..
_بيعجبنى فيك ..انك بتضحك على طول رغم اللى إحنا فيه ..
_ نموت يعني... كده كده الواحد مش هياخد غير نصيبه ..الحمد لله .
شردت اماني في تلك الكلمة طويلا وبقت تهمس بها وترددها متمعنة في معناها حتى همست بإعجاب ..
_ فعلا كل واحد هياخد نصيبه ..
خرجت ابتسامه لأول مرة ترتسم على وجهها بالرضي حتى شعرت انها من اطمئنان قلبها ..
*****
تمشي ناهد في السوق تبحث عن الخضروات الجيدة لكن كلما تمر على بائع لا ترى عنده سوي الثمار الفاسد ذو الرائحة السيئة .
تنهدت وهى تفكر في أمر وليد وبما ستقوم بالطهى له ولا يوجد اي شيء جيد فى السوق ، فاقت من شرودها لترى انها تخطوا في طريق فارغ لا يوجد به اى ماره ..انتفض جسدها حين وجدت يد تلامسها من الخلف فالتفتت بذعر لترى سيدة عجوز حسنة المظهر كانت قد رأتها من قبل تحدق بها حين كانت تعمل على عربة الشطائر .
رانت اليها بغرابة وهى تراها تنظر اليها ببتسامة على وجهها البشوش .
_ خير يا حجة ..
شعرت ببعض القلق من تلك العجوز ولكن قسماتها توحي بأنها شديدة الطيبة ، تذكرت في تلك اللحظة انها كم كانت تتمني لو لديها جدة حنونة تملك مثل تلك القسمات .
قالت العجوز فجأة بنبرة بها بحة مميزة يمتلكونها كبار السن .
( لسه بتحبي اليوسفى يا اسراء ..أنا جبتلك واحدة مخصوص ..)
ردت عليها اسراء وهى تتصفح اليوسفى بإعجاب كبير وشهية.
_ يوسفى...!! شكرا .
قامت العجوز بإزالة القشرة وقدمتها الى اسراء جزء بجزء ، كانت اسراء تلتهمها بشهية كبيرة فلأول مرة تتذوق فاكهة بتلك اللذة .
قالت العجوز ..
_ دي هدية عشانك ..عشان انت قلبك طيب ..وتستهالى كل خير ..
فى تلك اللحظة استيقظت ناهد من نومها وهى تشعر بنفس طعم اليوسفى في فمها ، همست بغرابة ..
_ اسراء مين ..؟؟ اللى العجوز نادتني باسمها ..طب وانا ليه مأنكرتش ..
تنهدت وقامت بالنوم مرة أخرى على الفراش وبين اللا وعي والغرق فى النوم العميق سمعت صوت أطفال يقولون بترديد ..
( اسراء ...ماما ..اسراء ..)
قامت بالتململ على الفراش ووضع رأسها تحت الوسادة وهى تشعر بالنعاس الشديد ولم تعطي بالا لتلك الأصوات.
( ب ط 988)
فاقت إسراء و انتفضت جالسة حين عاد صوت العجوز في أذناها وهى تقول تلك الأرقام والحروف ، بحثت بعيناها في كامل الغرفة فلم تجد أحد .
اعتقدت انها مجرد تهيأت تأتى اليها.. بسبب إصابة دماخها من تلك الحادثة التى أخبروها بها ، لم تستطع النوم فذهبت إلى الحمام، وعندما انتهت من الاستحمام وجدت على المرآة تلك الحروف والارقام ، شهقت بصدمة وبقت تلتف حولها كالمجنونة ، خرجت من الحمام وبحثت عن احد ما بالشقة ،فلم تجد سوي نادية تجلس بغرفتها المغلقة ويظهر انها تعبث داخل الخزانة ..
فالتفتت تعود ادراجها ولكنها استمعت الى صوت خربطة، تعلم أن نادية لا تتحرك على اقدامها ، مرت ثوان حتى عادت الى الغرفة وطرقاتها عدة طرقات فعم الصمت من جديد ، وبسبب علتها في التحرك ببطء رأت من باب الغرفة الزجاجى خيالا لرجل ضخم يتحرك بالداخل الغرفة.
اتجهت بتوجس ناحية الهاتف الأرضي وجلست خلف الاريكة وقامت بالاتصال بوليد لكنه لم يرد مهما تتصل .
استمعت الى صوت فتح باب الغرفة فدق قلبها بعنف شديد ، وضعت السماعة في مكانها ، ليعلو صوت الهاتف بالرن ، شعرت بأقدام تخطوا في الشقة رأت خيالا متجسدا على الجدار لرجل طويل القامة تفوح منه رائحة الدخان، كتمت خوفها داخل صدرها حين ظهر صوت الرجل وهو يقول
_ ورحمة امي يا نادية لاخل اخوك ميبتش في البيت من الليلة دى .
أختار الرجل ان يخرج من الشرفة بدل الباب فعلمت انه دخل منها ، هدأت أنفاسها حين تأكدت من ذهابه ولم ينتبه الى وجود أحد برغم انها طرقت الغرفة عدة مرات، قامت بالرد على الهاتف الذي لم يتوقف عن الرنين .
_ أيوة يا ناهد كنت بترني ليه..
بعد عدة ثواني ردت ناهد بنبرة مليئة بالخوف .
_ كان في حرامي هنا ..
جحظت عين ناهد حين تذكرت نادية فهتفت بعد عدة ثوان أخرى
_ استني اطمن على نادية ..
علا صوت وليد وهو يقول .
_ استخبي عندك في أي حتي أنا جاي حالا ..
لم تسمعه ناهد لانها ذهبت تتفقد نادية والتي لم تجدها فى كامل الشقة، جرى الخوف داخل عروقها بفزع ، عادت الى الهاتف لتراه مغلقا ، لتتصل مرة أخرى بوليد .
_ نادية معايا ..خدي بالك من نفسك .. ورحي لجارتنا اعدي عندها، انا قدامي 3 دقايق واكون قدامك .
ذهبت ناهد تختبئ تحت السرير ، وبالفعل عاد وليد بعد ثلاث دقائق ونادي باسمها بصوت عالي ، وكالعادة انتظرت دقيقة كاملة حتى تستوعب انه أتى ، خرجت من تحت السرير ببطء بسبب اقدامها ..بغتة ظهر صوت وليد يصيح بألم ، وعندما وصلت رأت ناهد أنه ساقط على الأرض وبجانبه نادية تصيح ورجلا ممسكا بكرسي خشبيا ويقوم بضرب وليد على رأسه حتى تحطم الكرسي ..
جحظت عيناها ولم يتوقف الصراخ على الرنين داخل أذناها لتشعر بدوار شديد كاد ان يحطم رأسها وهى تتذكر سيدة كبيرة وفتاة في العشرين يقوما بضربها بخشبة على ظهرها وهى تصيح بألم ، تنفست بصعوبة وهى ترى وليد يصيح بألم والرجل يضربه على جسده ويجز على اسنانه وعلى قسماته الغل ، لم تشعر بنفسها وهى تقوم بأخذ فازة زجاجية وخطت ناحية الرجل بحذر وقامت بضربه بأقصي قوتها على رأسه ليسقط مغشيا علية بعد ان اطلق صيحة مخيفة .
****
...بعد مرور يوم كامل ..
_ ايه يا تيت خضتنا عليك ..وانت زي الحصان اهو ..
يهتف بها حسام لوليد وهو ينام بفراش المشفى وعلى رأسه شاش ويظهر انه أخذ غرز في منتصف راسه ، اغمض وليد عيناه بألم شديد وهو يتصفح الموجودين ليقول لنادية ..
_ ناه..
ردت مقاطعة..
_ متتكلمش يا وليد وتهبط نفسك ..ارتاح ..
تعلم انه ينادي على ناهد ولكنها حقا لا تريدها ان تكون معه ، فقد ابعدتها وقام بإعطائها الكثير من المهمات بالمنزل حتى لا تجلس معه ويتعلق بها أكثر ، فيكفى انه متيما بها ...الى درجة كبير فهو لا يهتم بوجودهم جميعا حوله أكثر من وجود ناهد .
حاول رفع يده ويتحدث ببطء بكلمات مبهمة متألما لتهتف احدي بنات نادية بفرح ..
_ ناهد ايجت اهى يا خالو ..
هز حسام رأسه بشفقة وهو يرى هذا الشبل الذي كان يهتم بالنساء ويسفك مشاعرهن بإشارة من يده قد تم سرق قلبه من قبل خادمة ، التفت بسخرية ليرى ناهد وهى تدخل عليهم ..ليرمقها بغرابة ، رفع سبابته مقابلا لوجهها وهو يقول
_ أنت بقي ناهد!! ...أنا حاسس انى شوفتك قبل كده ..
كانت ناهد تنظر الى وليد بحزن بالغ حتي تقابلت اعينهما ، لم تعرف حقيقة تلك النظرات التي يلقيها اليها وليد الا الان، الشي الوحيد الذي تفهمه هو وجع قلبها الشديد عليه .
_ أنت يا انسة ..
يهتف بها حسام بجدية وهو يرى إنها لا تهتم إلى كلامه الجدي، ولكن التفت الى وليد ليقول ملطفا للجو بعد أن تنحنح ..
_ ولا نقول يا مدام دلوقت .
استدارت اليه ناهد ورفعت بصرها اليه فكانت قامته خياليه بالنسبة لها ، طويلا جدا فضيقت عيناها بغرابة لتهتف بعد ثوان ..
_ انا حاسة انى شوفتك قبل كده ..
انتبهت نادية لناهد الى نظراتها وتصفحها الشديد بحسام ، فملأ قلبها الغضب ، هتف حسام باهتمام ...ردا على ناهد
_ أنت شكلك برضه مش غريب عليا ..بس مش فاكر شوفك في بالظبط .
خطت ناهد ناحية فراش وليد لكي تكون بقربه ، ثم مالت برأسها بدهشة لحسام و بقت تحدق به بغرابة ..
فأردف حسام ..
_ متخافيش عليه ده رأسه زي الحجر ..كل الضرب اللى خده مأثرش على نفوخه ..
هتفت نادية بحنق .
_ الله اكبر في عنيك ..
لم يعقب حسام على نادية وقال لوليد وهو يلقى اليه غمزة خبيثة .
_ ماشي يا كبير هجيلك بعدين ..هاه .
خرج حسام وهو شاردا فى امر ناهد، ويفكر بتساؤل.. فتاة عرجاء تملك مظهر عادي جدا ويظهر ان بعقلها علة ما، تخطف عقل وليد إلى هذه الدرجة؟ ، قام بالتصفيق بيديه بعجب على الحال الذي وصل إليه وليد وهو يخرج من المشفي.
لم تستطع نادية ان تبقى وهى ترى شقيقها ينظر بهيام حب عاشق لناهد التي كانت شاردة به هي الأخرى ، فخرجت هي وبناتها الى الحمام ولم ينتبها اليهن وهم يخرجن.
خرج وليد عن صمته وهو يهمس بتعب شديد..
_ عنيك فيها طيبة بتدفيني أووى يا ناهد .
_ متتكلمش عشان غلط عليك ..
لم ينتبه الى كلامها فوحده القلق الذي يسكن عيناها عليه يطمئنه ، فقال بصعوبة ..
_ بتحبيبني يا ناهد .؟
استدارت الى الجهة الأخرى ولم تعلق عليه بأى كلمة ..
ومع مرور الأيام ..
رجع وليد الى المنزل بعد ان تأكد من حبس الجاني ومحاكمته وهو زوج شقيقته الذي كان يدخل الى الشقة بتوجس لأجل سرقة المال الخاص بعمليه قدم نادية والتى تدخرها منذ سنوات طويلة ، ولكن تم الإمساك به بفضل ناهد التي قامت بضربه على رأسه ..وانقذت وليد ...
_ عينك فيها حكاية غريبة وانا عاوزة أكون فيها مهما كانت الظروف ...
اوعديني ..لو ايه اللى حصل انك متسبنيش ..
يهمس بها وليد بحب الى ناهد وهى تطهي الطعام ، لتلتفت اليه بعد دقيقة وتحدق به طويلا بدهشة وابتسامة اختفت بعدها بثوان وهى تقول .
_ اللى بتقوله ده مينفعش يا بيه ..أنا واحدة معرفش حياتي كانت عامله ازاى ..افرد انا متجوزة وجوزي بيدور عليا وعيالى مستنيني ..أنا مش عاوزة اشغل دماخي بحلم مستحيل يتحقق .
_طب وافرضي انك مش متجوزة ..
رانت اليه بغرابة ليردف مسرعا ..
_ يعني ارملة أو مطلقة .. وحسام ماكدلى انه شافك قبل كده بس مش قادر يفتكر فين ..
ساد الصمت لدقيقة ليردف..
_ ..تعرفي ده معناه ايه ..أنك كنت عايشة قريب مننا ..
صمت قليلا وهو يرى بعض الامل في عيناها ليردف مشجعا ..
_ يعني لو مكنتيش متجوزة ..تواقفى تقبلى الفقر لله ده كزوج ..
كانت تلك اللحظات التي تمر عليه تقتله بالانتظار حتى مالت رأسها بايجاب بحماس طفلة ، فلم يستطع ان يتمالك نفسه ليأخذها داخل احضانه ، حمد الله انها لا تستوعب اى شي يحدث حولها بسرعة فبقي للحظات ليست كثيرة بجانب قلبها حتى استمع الى دقاته التي أتت اليه بالإجابة على سؤاله والذي انتظره طويلا .
ابتعد قبل ان تقوم بدفعه وتعنيفه ببعض الكلمات فقال مسرعا .
_ مفيش حاجة بتحلمى بيها ..او اسم حد بعينه بيجى فى بالك ..
ران اليها طويلا حتى اتتها الصدمة من عناقه لها لتقوم بضرب يده برقة وجنتيها على وشك ان تغرق وجهها بالحمرة، ثم ازدردت ريقها بخجل وهو تقول
_ ايوة في رقم غريب بيجي في بالي ديما
رد عليها بلهفة ..
_ قوليه بسرعة ..
_ ب ط 988
تفاجئ وقام بكتابته داخل هاتفه ثم قال لها ..
_ ده رقم لوحة عربية ..
دق قلبها بقوة ونظر كلا منهما الى الاخر ومشاعرهما تتضربان باللهفة والخوف في آن واحد .
****
يضحك ويعيش حياته العملية على اكمل وجه ولكن هذا ما يراه الآخرون ،ولا يعلموا التغير الكبير الذي حدث له ، لا يتحدث كثيرا منشغلا دائما لا يتواصل مع أحد ،ودائما ما يشعر بأنه مات من الداخل بعد فقدانه لوالدته ، فحين يصل الى الشقة يقف امام الباب ويتذكر حياته في الماضي فتسقط دمعة واحده بها وجعه بالكامل، وكم ينحرق قلبه ان فاضت عيناه ، يتمني لو يفتح الباب فتخرج والدته امامه وتعانقه وتخبره كم اشتاقت اليه وان كل ذلك كان كبوسا ..ولكنه يتألم في كل مرة وهو يري المنزل خاليا بذهابها، لا ينكر ابدا أن وجود شقيقاته قد ساعده شخصيا وساعد ابناءه في الاهتمام بهم وتربيتهم على اكمل وجه ، وخاصة تلك المزعجة كما اسماها مونى تحضر له الطعام وتهتم به جيدا وتدخل عليه في كل الأوقات وتتحدث معه ولا تتركه مهما قام بافتعال مشكله معها لا تتركه ابدا ، فاستسلم حين دخلت اليه في احدي الليالي وهى تنقل اليه اخبار جيهان بالكامل حتى اصبح كل ليلة ينتظرها ان تاتى اليه لكى تخبره بالجديد ..
ولكن مر يومين من دون ان تحكي له اى شيء فبدا القلق ينشب حربا داخله .
وبعد تفكير طويل في ان يذهب اليها ويستفسر وجدها تدخل بهجوم الى غرفته وتقول وهى تلهث
_ مراتك ولدت وجابت بنتين ..
انتفض بصدمة كبيرة وهرول الى باب الشقة دون العبء إلى ذلك الكرسي الذي ارتطم به وجعله يسقط مندفعا على الارض، لكنه.. توقف في اخر لحظة بعد ان تذكر ما فعله مع جيهان وانه لم يذهب اليها ابدا طوال تلك الفترة بسبب الاستثناء الذي وضعته شرطا لرجوع اليها فجعلها معلقة ولم يذهب اليها ، يخشي ان ذهب الان تطلب منه الطلاق ويتزوجها زياد، فرجع بخيبة أمل الى الداخل وهو بين نارين ، ام أولاده الذي يريد حمايتها بسبب مستقبل أبنائهم وحبه الذي يتمناه ويشتاق اليه بولع ..هتفت مونى بعد أن رأته يعود مطأطا الرأس بحزن.
_ ايه اللى رجعك يا خوي ..روح شوف بناتك دول زي الجمر ..
لم يعلق عليها ودخل الى غرفته صافقا الباب خلفه بعنف
لتقول مونى وهى تقوم بفتح الباب عليه ..
_ انت خايف من زياد ..هو ميقدرش يجولك حاجة يعني اخته خلاص ولدت وهو عاوز مصلحتها ..انا حسيت أكده متخافشي ..
زفر حسام بقوة وجلس على مكتبه وقام بفتح حاسوبه يتصفح جدول العمليات القيصرية هذا الأسبوع ،لم تجد موني اي رد ففكرت فى شي وتركته ودلفت الى غرفتها.
جحظت عيناه فجأة وكلام مونى يتردد داخل أذناه .. وهو يعيد تصفح هاتفه...
دلف الى غرفة مونى مسرعا وعيناه متسعة ليهرع اليها وهى جالسة على الفراش فقام بجذبها وامسك كلتا ذراعيها ويقول متسائلا فقد توصل إلى اشياء بتفكيره ويريد التأكد منها.
_ تقصدي بايه اخته ..هو من امتي زياد له اخت ..
تأوهت مونى بألم وحاولت دفعه بعيدا عنها من شدة ضغطه على ذراعيها بسبب فضوله الزائد وعيناه التى تحدق بها وعلى وشك إن تخرج من مكانها ،فابتعد حين استمع الى صياحها المزعج ، ثم نظرت اليها بغرابة وهى تعيد اليه القول ..
_ جيهان يا خوي ..اقصد ان زياد عاوز مصلحتها عشان هي اخته ..
_ أخته ..؟ أزاى يعني ؟
صمت حسام لثوان ثم أعاد النظر الي مونى وهو يردف بتلاعب حتى يفهم ما ترمي اليه ..
_..هو قرر انه ما يتجوزهاش وتبقي في مكان اخته ..عشان رفضته يعني .. ؟
_ انت بتجول ايه ..يا خوي انا مش فاهمة حاجة ..
كل اللى اعرفه ان جيهان تبجي اخت زياد اخته من الاب بت عمك رجب.. ..
اتعست عيناه بذهول وهو يستمع الى مونى ، فلم يصدق ابدا ماتقوله...
_ معجول...؟؟؟
شهقت موني وهى تراه متفاجئا من عدم معرفته بهذا الأمر فقامت بالحكي له...
ومن تأكيد كلامها.. بعده أدلة...
لتنهي الحكي وهى تهتف
_ والله حكاية اغرب من الخيال... مين كان يصدق انك أخوى وبعدين مرتك تبجي بت عمي واخت زياد..
ازدرد ريقه بصعوبة وهو يفكر بما استمع اليه، وبعد عدة دقائق التفت الي موني وهو يقول بتعجب
_ إنت متأكده من الكلام ده..
_ أومال بخرف... خد بجي اللى أعجب من أكده.. تعرف إن أمك سنية تبجي أخت أمها..
رمقها بغرابة ولم يستوعب ما تقوله لتردف..
_ يعني البت جيهان دي بت خالتك وكمان بت عمك... حكاية سيما...علي رأي حسنية..
.. خطي إلى خارج الشقة دون أن يعلق عليها وموني تجرى وراءه وتقول ..
_ خليك لبكرة احسن اكيد هيجيلك عشان تسجل البنات ..
توقف عن الخطي واستدارت اليها ويقول بدون وعي والفرحة بدأت تغمره، فحياته بدأت فى نسج بعض خيوط الأمان حتي تصل به إلى الاستقرار وكل ذلك بسبب تلك الشقية موني، فإن لم تكن معه ووقفت بجانبه فى أصعب أوقاته كان سيضيع حقا ..
_تعرفي.. طول عمرى كان نفسي يبقي عندي أخت...
ابتسمت موني وقد بدأت الدموع تملأ مقلتيها وعلى وشك إن تهرب.
_ وأنا والله يا خوى.. كلياتنا كان نفسنا والحمد لله ربنا عوضنا بيك.. واتلمينا فى حضن بعض..
رمقها حسام بغرابة وظل شاردا بعض الوقت بها وبعض المشاعر تنتابه بدفء العائلة ،فقالت موني بتعجب وهى تراقب صمته
_ مالك ياخوى...؟
هنا رفع حسام يده فجأة ونزل صافعا رقبتها والسعادة تغمره وهو يقول
_ طب خدي دي بقي.. عشان تحسي آكتر إن ليك أخ... وبيحتوكي..
علا صوت صياحها به وهى تبحث عن شئ لتقوم بإلقائه عليه، وهو يبتعد عنها ويرمقها باستفزاز كالطفل.. فهتفت به بغضب
_ يا اهبل... والله بس إما ترجع لأوريك...
عاد اليها بعد أن ابتعد وقام بإمساكها من عباءتها من الخلف بسخرية وهى ترمقه بخوف ويقول
_هاه وريني هتعملى إيه..
_ ياخوى انت كبرت الموضوع... أحنا نهزرو وياك... تعيش وتديني غيرها..
_ أيوة كده اتظبطي...
يتبع...


سارة منصور دوار الشمس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-22, 06:36 PM   #99

سارة منصور دوار الشمس
 
الصورة الرمزية سارة منصور دوار الشمس

? العضوٌ??? » 473504
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 396
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » سارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond reputeسارة منصور دوار الشمس has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك fox
¬» اشجع ahli
افتراضي

الخاتمة (القطعة الثالثة ) والاخيرة
كلما يدخل عليها الغرفة يلثم حزنها داخل الظلام العاتم ، فقط تجلس صامتة دون أن تتحدث مع أحد ، كان شديد القلق على التوأم من أن يضرهم شيء من حزنها حتى أتى موعد ولادتها وزاد عليها الطلق في تلك الليلة ،كانت ليلة صعبة للغاية كارثية بمعنى الكلمة .
حدق بالفتاتان ،كلا منهما تملك جمالا خاصا بها ولا يشبها والدتهما ولا ابيهما مطلقا ، ابتلع ريقه بتعب وهو يتصفحهما ،علم الان ان كلام جيهان كان صحيحا بأنها مسؤولية كبيرة ،فهو يذهب الى عمله طوال اليوم ،ووالدته قد انهكها التعب بكبر سنها ، فكر بأن يتحدث مع حسام بعد ان ارهقه التفكير ..خيفة من ان يكبر الأطفال ويبحثوا عن أبيهم ولن يقتنعوا بتلك الأسباب التي سيقولها مهما كانت .
اخبر نفسه انه سيتصل به لكى يسجلهما بأسمائهم ويخرج لهما شهادة ميلاد، ثم سيترك الوضع يمر كما هو ، فإن طلب زوجته وأولاده سيرحب ولن يمانع.
الشيء الذي يشجعه ان حسام قد تغير كثيرا بعد وفات والدته ، أيضا موقفه بالتمسك به كشقيق واعطائه ميراثه المستحق جعله يعلم انه رجلا متكافئ ،كما انه يجب عليه الان ان يتحمل مسؤولية أبناءه .
تنهد وهو يرفع الهاتف ويحدق برقم حسام والقلق ينتابه بعض الشيء من ان يقوم بإحراجه .
_ اكيد امي او مونى عرفوه انها اختي ..
يهمس بها زياد وهو يتنهد ويضغط على ذر الاتصال ، بغتةً صدر صوت رنين جرس المنزل ، فخرج من غرفته لكى يرى من، قامت الفتاة التي تعمل لديهم بفتح الباب ، شيء ما داخله اشعره بالراحة والسكينة حين رأى حسام امامه ،فقال وهو يلين قسماته ويقابله بهدوء مختلف عن اخر مرة رأه فيها .
_ مين اللى عرفك ..؟
مشفتش اختك يعني بقالها يومين ..
تأفف حسام من مقابلته ولم يعطي له وجها ورد عليه باقتضاب
_ انا عاوز مراتي وعيالي ..
اتسعت حدقتاه بفرحة حاول ان يكتمها داخل ملامح جدية ، فابتلع ريقه وقال له ملطفا للجو.
_ هتسميهم ايه ؟؟
الفتت حسام اليه وحدق به بقوة، علم انه يرحب به ، فقال حسام بعتاب هجومى .
_ حتت انك متعرفنيش انها اختك دي هحاسبك عليها بعدين .
ارتسمت ابتسامة على ثغره بعض الشئ وقال ..
_ انا اعتمدت على مونى وامي ...
في تلك الاثناء علا صوت الفتاتان بالبكاء بصوت رن داخل اذناه بالفرحة فلم يعلق عليه زياد ودخل بخطوات واسعة الى الغرفة التي يأتي منها الصوت وعلى وجهه بسمة لم يستطع ان يخفيها تحت وجهه الجدي .
أسرع زياد واوقفه قبل ان يدخل الغرفة مردفًا.
_ استني ما اعرفها انك جيت ..
ابتسم بسخرية وقد ألمه كلماته فقال بحنق .
_ اختك دي مراتي يلا ..يعني شوفتها بكل الأوضاع ..
زفر زياد بغضب من تلك الكلمات فهو يعلم انه يقوم باستفزازه ، هو يريد ان تعود المياه الى مصارها ولا يتم قطع صلة رحم ..فهو الان ابن عمه وزوج شقيقته ، فلم يمنعه حين ازاح يده ودخل الى الغرفة.
رأها جالسة على الفراش بتعب تحمل الفتاتانعلى اقدامها ، رغم اشتياقه الكبير لها الا انه قد نساها تماما حين وقعت عيناه على الفتاتين فخطي مسرعا وأخذ منها طفلة وبقي ينظر اليهما بحب وسعادة وهو يقول متناسيا وجودها ..
_ انا بقي عندي بنتين .. معقولة ..والناس هتقولى يابو البنات ..
تمعن فيهما اكثر ليردف بغرابة..
_ايه ده محدش خاد عيني ليه ؟
التفت اليها ليرنوا اليها بغرابة ليراها شاخصة البصر تحدق به بغضب كبير فلم يؤثر به مطلقا فسعادته تسع العالم باكمله بوجود البنتان، فأردف بسخرية..
_ ولا حتى عنيك ..!!
بس يلا مش مشكلة ..
نسي تماما امر حزنه من زياد والتفت بسعادة له يهتف..
_ طول عمرى كان نفسي في بنت اووى ..
ياختي عليهم...زي القمر ..
_ بقي عندك بنتين دلوقتي وثلاث ولاد..
_تقصد اربع اولاد..
قام بتقبيل احدي الفتاتان فبكت بقوة اثر كثافة شارب والدها الذي قام بغز وجنتيها الرقيقة ، قامت جيهان بسحبها بغيظ منه ولكنه منعها ورمقها بحنق وجذب الفتاة منها فتركتها له خوفا عليها من تمسكه الكبير بها ..فأردف ..
_ دي ريهام على اسم الغالية امى ..والتانية دى حمراء الوجنة ...عشان فيها شبه من البت الصغيرة اللى كنت معجب بيها وانا صغير ..
_ ايه الاسم الوحش ده لا طبعا ..
تهتف بها جيهان بضيق كبير وكأنها تخرج الغضب الموجود بجبعتها في تلك الكلمات ، ليرد عليها بسخرية
_ وانت حد خاد رأيك أصلا ..إنت مالك...
نظر الي طفلته وقال لها
_ أمك دي بجحة أووى..
لم يتوقف حسام عن تقبيل الفتاتين تحت بكاءهم اللطيف ،كان زياد ينظر الى تلك العائلة اللطيفة ويبتسم بشرود فقد شعر بالاطمئنان علي جيهان الان .. حتى تذكر شقيقته إسراء. .
_ اسمع انا عمرى ما هرجع ليك طول ما انت مع أسماء ..انا عمرى ما هكون زوجة تانية ابدا ؟؟
التفت اليها وقال بسخرية محبوبة ولكنها استفزتها .
_ ومين قالك انك التانية ...انت الأولى طبعا ياروحي ..
*****
_ انت تعرف حسام منين ؟ ومين الساحر اللى ربطك بيه ..
تهتف بها أسماء وهى تحدق بهذا العفريت بعجب وبعض الرهبة من هيكلة الضخم والقبيح .
رد عليها العفريت ..
_ حبيبتي ....
_نعم ؟؟ بس انا اعرف ان السحر بيبقي عن طريق ساحر من البشر ..يبقي ازاى ..؟؟
حجظت عيناها بصدمة واردفت
_ حبيبتك كانت انسيه ؟
_ عاوزة تعرفي كل حاجة ليه يا أسماء ..؟ دي اسرار يا حبيبتي ..؟
ازدردت ريقها بصعوبة وقالت
_ فضول ..
_ ولو عرفتك ايه المقابل ..
ساد الصمت قليلا وتلكأت وهى تقول
_ هجبلك اللى انت عاوزه ..بس تعرفني على كل حاجة وتنفذ وعدك انك تخرج الدهب ليا وتنتقم من حسام وجيهان .
نجح العفريت في الاستلاء على فكر أسماء من خلال الوصول الى نقطة ضعفها، ولم يعلم إنها تجاريه لتعرف بقدرته.. فقال ..
_ خلاص انا هحكي ليك كل حاجة
..حفيظة ..جدة حسام ..دي كانت حبيبتي وقربت منها جدا وكنت بجيب ليها اخبار اى حد وبسمع كلامها في كل حاجة واتفقنا اننا نتجوز ..لحد ما قابلت اللى اقوى مني ..واتفقوا انهم يحبسونى جوه حسام تحت الأرض ، بس واحدة من أعوان سناء خرجتني من تحت الأرض ...بس كنت مربوط بحسام ومش هينفع أبعد عنه.... نفس الجنية دي ساعدت ان حسام يوصل لحفيظة عن طريق بنت اسمها أماني بنت مني ..واتفك السحر.. لما أخواتي شافوني جنب السرايا حاكولي على كل حاجة واتفقنا نقتل الملعونة حفيظة .. لكن للأسف حفيظة اتقتلت.. فقتلت مرجانة..
بس بعد ايه ..بعد ما قتلت القبيلة بتاعتي كلها ..
كانت تتابعه بفضول وهى تعرف لأول مرة تلك الأسرار الغريبة فقالت
_ مين هى سناء ؟.. دي ساحرة برضه.. ؟
ومين أماني...؟
زفر العفريت بقوة وقال
_مش هقدر أجيب سيرة سناء بأي حاجة عشان متأذاش لأن حبايبها كتير.
إنت اسألتك كترت أووى وكده انا هطمع...
المهم بعد ما عرفتك كل ده هتجبيلي ايه ؟؟؟ هاه العقل ولا القلب ..!
_ ايه ؟؟
_مالك مستغربة كده ..
تعلم اسماء ان الجن نوياهم خبيثة ، هي تريد ان تقوم باستغلاله حتى تصل الى مرادها فقالت تراوده بخبث .
_ مفيش اختيارات تانية ..
_ فيه طبعا..أنت تقدرى تقدمي ايه ..؟
في تلك اللحظة تغير شكل العفريت ليظهر بجسد رجلا وسيما للغاية حتى تلكأت أسماء وشعرت بالتوتر ..فأردف
_ انا اخدت قلب ناس كتير ..وخانونى في الاخر فالمرة دي هاخد عقلك ..
جحظت عين أسماء وهى ترى هذا العفريت يحتال عليها ، فسري الخوف داخل عروقها بجنون وخفق قلبها بولع ، لتقول بخبث.
_ انا كنت قرأت قبل كده انكم بتعيشوا في جسم الإنسان لسنين طويلة وبتتحكموا فيه
_ ايوة بس صعب جدا ..
_ انا هساعدك ..
_ وجسم مين اللى ناوية عليه .
ازدردت ريقها بتوتر ورفعت بصرها اليه وهمست.
_ حسام ..
علا صوت العفريت بضحكات رنانة وهو يرمقها باتساع عيناه الحمراء ، فظهر لها ان خطتها قد اعجبته فبادلته الضحكات ..
ولكنه توقف فجأة وهو يقول
_ أنا عشت 30 سنة جواه بس مقدرتش أتحكم فيه...
_ متقلقش سيب ده عليا... خليك إنت بس على اتفاقك..
*****
تقف هنادى في نفس المنطقة التي قابلته فيها في المرة الأولى حين كان مع نادين ، شعورا ما يملأها بالغيرة والاشتياق في آن واحد.
زفرت بقوة ثم عادت الى العمل ،وعندما تنتهى تصعد الى الدور العلو (السطح ) حين أخذها اليه من قبل حتى يقوم بحمايتها من ذلك العجوز الذي تطاول عليها قبلا، فيغمرها الحنين بالشوق إليه ، تنهدت بعد ان ألمها قلبها فقد مرت شهور كثيرة ولم يأت بعد ..ندمت اشد الندم على كلامها له ، ليتها استمعت لكلام والدتها ووافقت على الزواج منه ، كان الحنين ليرحمها قليلا ، وكيف تقوم بنسيانه وهى معه تشعر بالأمان في حضرته ، قالت بعد أن تنهدت بألم
_ ياريتني ما كنت قابلتك يا رحيم .
ظهر صوتا رجولي فجأة يقول خلفها..
_ رحيم ولا مالك ...؟
التفتت خلفها لترى صاحب النبرة التي تنتشلها من آلمها وتأخذها الى عالم شديد اللذة بمره وحلاوته .
نظرة واحده من عيناه جعلت اوجاع الليالي المُرة تتلاشي رويدا ..وراحة تعتريها بشعور غنى بالاشتياق يملأها حتى شهدت لأول مرة دمعة هاربة من مقلتيها بسعادة.
****
وبعد عدة ايام
تمشي جيهان بجانب حسام بعد ان رجعا من عند طبيب الأطفال ومع كل واحد منهما طفلة ، تنهدت وهى تخطوا بجانبه على الرصيف بعد ان اصر على المشي قليلا وترك سيارته أمام عيادة الطبيب متحججا بانها معطلة ، تعلم انه قال ذلك حتى يبقي معها لمدة أطول .
كلما تمر فتاة بجانبهم تلتفت تنظر اليه بطريقة اوتوماتيكية غير إرادية تراقبه ان كان ينظر إليهم ام لا ، وفى كل مرة تراه يحدق بجراءة بهن، فصاحت بغضب وهى تقول ، متناسية تماما انها منتقبة وتمشي على الرصيف بجانب الناس.
_ فعلا ديل الهوهو عمره ما يتعدل ..
التفت اليها بغرابة ، حتى فهم ما ترمي اليه ، لينفجر ضاحكا حتى هدا قليلا وقال
_ يا بت جوزك مز .. طبيعي انهم لما يشوفوا واحد زيي يبصولى ..وانا ببص ومش في دماخي حاجة ..بشوفهم بس بيبصوا على ايه ..فضول يعني ..
ابتسم ساخرا وهو يرى نفسه يقوم بالتبرير لها حتى لا تحزن ، فأردف بسخرية محبوبة ..
_ إنت اللي فى القلب والله
لم تستطع ان تخفى ابتسامتها ، حمدت الله انها ترتدي النقاب حتى لا تتبخر كرامتها امامه ويظهر حبها الشديد له بعدم استطاعتها على كتم فرحتها باهتمامه وتبريره ، أسرعت بالخطي وسبقته عدة خطوات ...فقال
_ استني يابت ..خلينا نمشي مع بعض شوية ..
لم تعطي له اهتماما وظلت على خطواتها السريعة وهو خلفها يراقبها بنظرات حب واشتياق ، وحين رأت جيهان فتاة تمشي بجانبها ملفتة لنظر بارتدائها لملابس كاشفة، استدارت تعود اليه وتمشي بجانبه وتراقبه بين الحين والاخر ليضحك بسعادة من غيرتها الشديدة ، فقال ساخرا .
_ والله..العظيم ..انتوا نساوين غريبة ..

تمت بحمد الله
هذه الرواية كتبت بواسطة سارة منصور دوار الشمس...

نلقاكم على خير في الجزء الثاني من رواية مئة قبلة مع عدوي تحت عنوان ( عشق من نار )
اتمني من كل شخص قرأها ميبخلش بتعليق برأيه بدون تجريح ❤️😘
شكرا على المتابعة ❤️😘


سارة منصور دوار الشمس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-22, 11:14 PM   #100

ان اليزن

? العضوٌ??? » 471205
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 77
?  نُقآطِيْ » ان اليزن is on a distinguished road
افتراضي

رواياتك حلوه بجد نشوفك ان شاء الله في الجزء الثاني🌷🌷

ان اليزن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:01 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.